الآيات البقرة أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ
تفسير أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ في تفسير الإمام ع أي بالصدقات و أداء الأمانات وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ أي تتركونها وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أي التوراة الآمرة لكم بالخيرات الناهية عن المنكرات أَ فَلا تَعْقِلُونَ ما عليكم من العقاب في أمركم بما به لا تأخذون و في نهيكم عما أنتم فيه منهمكون. نزلت في علماء اليهود و رؤسائهم المردة المنافقين المحتجنين أموال الفقراء المستأكلين للأغنياء الذين كانوا يأمرون بالخير و يتركونه و ينهون عن الشر و يرتكبونه. أقول في القاموس احتجن المال ضمه و احتواه. و قال علي بن إبراهيم نزلت في الخطباء و القصاص و هو قول أمير المؤمنين ع و على كل منبر خطيب مصقع يكذب على الله و على رسوله و على كتابه.
و في المجمع عن أنس قال قال رسول الله ص مررت ليلة أسري بي على أناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هؤلاء خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر و ينسون أنفسهم
و في مصباح الشريعة عن الصادق ع قال من لم ينسلخ من هواجسه و لم يتخلص من آفات نفسه و شهواتها و لم يهزم الشيطان و لم يدخل في كنف الله و أمان عصمته لا يصلح للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لأنه إذا لم يكن بهذه الصفة فكلما أظهر يكون حجة عليه و لا ينتفع الناس به قال الله تعالى أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ و يقال له يا خائن أ تطالب خلقي بما خنت به نفسك و أرخيت عنه عنانك
1- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن يوسف البزاز عن المعلى عن أبي عبد الله ع قال إن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم عمل بغيره
بيان من وصف عدلا أي بين للناس أمرا حقا موافقا لقانون العدل أو أمرا وسطا غير مائل إلى إفراط أو تفريط و لم يعمل به أو وصف دينا حقا و لم يعمل بمقتضاه كما إذا ادعى القول بإمامة الأئمة ع و لم يتابعهم قولا و فعلا و يؤيد الأول قوله ع أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ. و قوله سبحانه لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ
و ما روي عن النبي ص أنه قال مررت ليلة أسري بي بقوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت من أنتم قالوا كنا نأمر بالخير و لا نأتيه و ننهى عن الشر و نأتيه
و مثله كثير
2- كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن ابن عيسى عن ابن سنان عن قتيبة الأعشى عن أبي عبد الله ع أنه قال من أشد الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدلا و عمل بغيره
3- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال إن من أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا و خالفه إلى غيره
بيان و إنما كانت حسرته أشد لوقوعه في الهلكة مع العلم و هو أشد من الوقوع فيها بدونه و لمشاهدته نجاة الغير بقوله و عدم نجاته به و كأن أشدية العذاب و الحسرة بالنسبة إلى من لم يعلم و لم يعمل و لم يأمر لا بالنسبة إلى من علم و لم يفعل و لم يأمر لأن الهداية و بيان الأحكام و تعليم الجهال و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كلها واجبة كما أن العمل واجب فإذا تركهما ترك واجبين و إذا ترك أحدهما ترك واجبا واحدا. لكن الظاهر من أكثر الأخبار بل الآيات اشتراط الوعظ و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالعمل و يشكل التوفيق بينها و بين سائر الآيات و الأخبار الدالة على وجوب الهداية و التعليم و النهي عن كتمان العلم و على أي حال الظاهر أنها لا تشمل ما إذا كان له مانع من الإتيان بالنوافل مثلا و يبين للناس فضلها و أمثال ذلك
4- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحاق عن علي بن مهزيار عن عبد الله بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال في قول الله عز و جل فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ قال يا با بصير هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره
بيان فَكُبْكِبُوا أقول قبلها في الشعراء وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ وَ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ و فسر المفسرون ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ بآلهتهم فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ قالوا أي الآلهة و عبدتهم و الكبكبة تكرير الكب لتكرير معناه كأن من ألقي في النار ينكب مرة بعد أخرى حتى يستقر في قعرها. قوله ع هم قوم أي ضمير هم المذكور في الآية راجع إلى قوم أو هم ضمير راجع إلى مدلول هم في الآية و المعنى أن المراد بالمعبودين في بطن الآية المطاعون في الباطل كقوله تعالى أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ و هم قوم وصفوا الإسلام و لم يعملوا بمقتضاه كالغاصبين للخلافة حيث ادعوا الإسلام و خالفوا الله و رسوله في نصب الوصي و تبعهم جماعة و هم الغاوون أو وصفوا الإيمان و ادعوا اتصافهم به و خالفوا الأئمة الذين ادعوا الإيمان بهم و غيروا دين الله و أظهروا البدع فيه و تبعهم الغاوون. و يحتمل أن يكون هم راجعا إلى الغاوين فهم في الآية راجع إلى عبدة الأوثان أو معبوديهم أيضا لكنه بعيد عن سياق الآيات السابقة و قال علي بن إبراهيم بعد نقل هذه الرواية مرسلا عن الصادق ع و في خبر آخر قال هم بنو أمية وَ الْغاوُونَ بنو فلان أي بنو العباس
5- كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن علي بن عطية عن خيثمة قال قال لي أبو جعفر ع أبلغ شيعتنا أنه لن ينال ما عند الله إلا بعمل و أبلغ شيعتنا أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم يخالفه إلى غيره
بيان ما عند الله أي من المثوبات و الدرجات و القربات