الآيات الحج يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ الطور وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ الزلزال إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها. تفسير وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً أي قطعة مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ المركوم الموضوع بعضه على بعض يعني إن عذبناهم بسقوط بعض من السماء عليهم لم يتنبهوا عن كفرهم و قالوا هو قطعة من السحاب فيدل على ذم من لم يتنبه من الآيات السماوية و لم يتب بعدها و لم يقلع عن المعاصي و لم يتضرع إلى الله تعالى لكشفها
كما روى البرقي و المفيد بسنديهما عن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه عن أبي جعفر ع قال قلت له هل يكره الجماع في وقت من الأوقات و إن كان حلالا قال نعم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس و من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق و في اليوم الذي تنكسف فيه الشمس و في الليلة التي ينكسف فيها القمر و في اليوم و الليلة التي تكون فيها الريح السوداء و الريح الحمراء و الريح الصفراء و في اليوم و الليلة التي تكون فيها الزلزلة و لقد بات رسول الله ص عند بعض نسائه في ليلة انكسف فيها القمر فلم يكن في تلك الليلة ما يكون منه في غيرها حتى أصبح فقالت له يا رسول الله أ لبغض هذا منك في هذه الليلة قال لا و لكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة فكرهت أن أتلذذ و ألهو فيها و قد عير الله تعالى أقواما في كتابه فقال وَ إِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ فَذَرْهُمْ يخوضوا و يلعبوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ثم قال أبو جعفر ع و ايم الله لا يجامع أحد فيرزق ولدا فيرى في ولده ذلك ما يحب
و قد مر تفسير سائر الآيات و الغرض من إيرادها بيان أنها من آيات الساعة فلذا وجبت الصلاة فيها كما سيأتي
1- كتاب المسائل، و قرب الإسناد، بسنديهما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن صلاة الكسوف ما حده قال متى أحب و يقرأ ما أحب غير أنه يقرأ و يركع أربع ركعات ثم يسجد في الخامسة ثم يقوم فيفعل مثل ذلك قال و سألته عن القراءة في صلاة الكسوف قال تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب فإذا ختمت سورة و قرأت في أخرى فاقرأ بفاتحة الكتاب و إن قرأت سورة في ركعتين أو ثلاثة فلا تقرأ بفاتحة الكتاب حتى تختم السورة و لا تقول سمع الله لمن حمده في شيء من ركوعك إلا الركعة التي تسجد فيها قال و سألته عن صلاة الكسوف هل على من تركها قضاء قال إذا فاتتك فليس عليك فيها قضاء
السرائر، نقلا من جامع البزنطي عن الرضا ع مثل الأسئلة و الأجوبة الثلاثة سواء إلا أن فيه إذا ختمت سورة و بدأت في أخرى و في كتاب المسائل بعد قوله و يقرأ و يركع و يقرأ و يركع و يقرأ و يركع
بيان لا خلاف بين علمائنا في أن صلاة الآيات ركعتان و كل ركعة مشتملة على خمس ركوعات و سجدتين و المشهور أنه يجب في كل ركعة قراءة الفاتحة مع سورة كاملة و أنه يجوز أن يقرأ قبل كل ركوع الحمد و سورة كاملة و أن يبعض السورة على الركوعات الخمس أو أقل و إن الفاتحة لا بد أن تقرأ في ابتداء كل ركعة و بعد تمام السورة في الركوع الذي بعده و عند افتتاح سورة و قال ابن إدريس لا يجب تكرار الحمد مع إكمال السورة بل يستحب كما هو ظاهر خبر ابن سنان لكنه مؤول للأخبار الصحيحة الدالة على وجوب تكرار الحمد عند ختم السورة و المشهور جواز التفريق في ركعة و التكرار في أخرى و الجمع في الركعة الواحدة بين الإتمام و التبعيض و احتمل في الذكرى انحصار المجزي في سورة واحدة أو خمس سور و كأنه لا وجه له و هل يجب إكمال سورة في الخمس قال العلامة في النهاية الأقرب ذلك و ما قربه أشهر و أقرب و لو جمع في ركعة بين الإتمام و التبعيض فهل يجوز له أن يسجد قبل إتمام السورة فيه وجهان و لعل الجواز أقرب و في جواز إتمامها بعد القيام من السجود وجهان لكن لا بد حينئذ من قراءة الحمد. قال العلامة و الأقرب أنه يجوز أن يقرأ في الخمس سورة و بعض أخرى فإذا قام إلى الثانية فالأقرب وجوب الابتداء بالحمد لأنه قيام عن سجود فوجب فيه الفاتحة ثم يبتدئ بسورة من أولها ثم إما يكملها أو يقرأ بعضها و يحتمل ضعيفا أن يقرأ من الموضع الذي انتهى إليه أولا من غير أن يقرأ الفاتحة لكن يجب أن يقرأ الحمد في الثانية إذ لا يجوز الاكتفاء بالحمد مرة في الركعتين انتهى. و ذكر الشهيد أنه متى ركع عن بعض سورة تخير في القيام بعده بين القراءة من موضع القطع و بين القراءة من أي موضع شاء من السورة و بين رفضها و قراءة غيرها و احتمل أيضا ما قربه العلامة من جواز إعادة البعض الذي قرأ من السورة أولا قال فحينئذ هل تجب قراءة الحمد يحتمل ذلك لابتدائه بسورة و يحتمل عدمه لأن قراءة بعضها مجز فقراءة جميعها أولى هذا إن قرأ جميعها و إن قرأ بعضها فأشد إشكالا. و تردد العلامة في وجوب قراءة الحمد لو رفض السورة التي قرأ بعضها من أن وجوب الحمد مشروط بإكمال السورة قبلها و من أنه في حكم الإكمال قال الشهيد و يجيء ذلك في العدول عن الموالاة في السورة الواحدة و لا يخفى أن في أكثر هذه الصور إشكالا لأنه ورد في الخبر فإن نقصت من السورة شيئا فاقرأ من حيث نقصت و هذا يدل على وجوب القراءة من موضع القطع فيشكل العدول إلى غيره من السورة و غيرها و المتجه الاقتصار على موارد الرواية. و أما القضاء فالمشهور أنه إن علم بحصول الآية المخوفة و ترك الصلاة يجب عليه القضاء و إن احترق بعض القرص سواء كان عامدا في الترك أو ناسيا و قال الشيخ في النهاية و المبسوط لا يقضي الناسي ما لم يستوعب الاحتراق و هو اختيار ابن حمزة و ابن البراج و ظاهر المرتضى في المصباح و الشيخ في الجمل إيجاب القضاء مع احتراق جميع القرص و عدمه عند احتراق البعض و إن تعمد الترك
و الأخبار مختلفة و هذا الخبر مع صحته في سائر الكتب يدل على عدم وجوب القضاء مطلقا فيمكن حمل الأخبار الدالة على القضاء على الاستحباب و يمكن حمل هذا الخبر على عدم العلم و لا ريب أن العمل بالمشهور أحوط. و اعلم أن أكثر أدلة الطرفين مختصة بالكسوفين فلا تجري في غيرهما من الأخاويف فالقول بوجوب القضاء فيها أقوى لعمومات القضاء و إن كان في عمومها بالنسبة إلى غير اليومية كلام أما لو جهلها و علم بها بعد خروج وقتها فالمشهور بين الأصحاب أنه لا قضاء في الكسوفين إلا مع استيعاب القرص بل قال في التذكرة إنه مذهب الأصحاب عدا المفيد و قال المفيد في المقنعة إذا احترق القرص كله و لم تكن علمت به حتى أصبحت صليت صلاة الكسوف جماعة و إن احترق بعضه و لم تعلم به حتى أصبحت صليت القضاء فرادى و لم يعلم مستنده و ظاهر المرتضى في الانتصار و علي بن بابويه و ابنه في المقنع و ابن الجنيد و أبي الصلاح وجوب القضاء مطلقا و الأول أقوى للأخبار الصحيحة الدالة عليه و في غير الكسوفين لا يجب القضاء على المشهور و احتمل الشهيد في الذكرى انسحاب الخلاف هاهنا و احتمل الشهيد الثاني وجوب القضاء هنا لعموم قوله ع من فاتته فريضة و لعله أحوط. و أما الزلزلة فقد صرح في التذكرة بسقوطها في صورة الجهل عملا بالأصل السالم عن المعارض و فيه نظر لأن عموم ما دل على وجوب الصلاة للزلزلة من غير توقيت و لا تقييد بالعلم المقارن لحصولها معارض و لذا قال في النهاية و يحتمل في الزلزلة قويا الإتيان بها لأن وقتها العمر و قوله ع متى أحب لعل المراد به عدم كراهة إيقاعها في الأوقات المكروهة كما قطع به الأصحاب و دلت عليه الأخبار و يحتمل أن يكون محمولا على سعة الوقت و لا يبعد أن يكون تصحيف متى وجب. و اعلم أنه لا خلاف في وجوب الصلاة للكسوفين و أما الزلزلة فنقل في التذكرة اتفاق الأصحاب عليه و نسبه في المعتبر إلى الأصحاب و قال في الذكرى و ابن الجنيد لم يصرح به لكن ظاهر كلامه ذلك و كذا ابن زهرة و أما أبو الصلاح فلم يتعرض لغير الكسوفين و كذا سائر الآيات المخوفة المشهور وجوب الصلاة لها بل نقل في الخلاف إجماع الفرقة عليه و في النهاية و المبسوط ضم إلى الكسوفين و الزلازل الرياح المخوفة و الظلمة الشديدة و قال في الجمل صلاة الكسوف فريضة في أربعة مواضع عند كسوف الشمس و خسوف القمر و الزلازل و الرياح السوداء المظلمة و نحوه قال ابن حمزة و قد عرفت أن أبا الصلاح لم يتعرض لذكر غير الكسوفين و الأظهر وجوبها للزلزلة و جميع الأخاويف. و لو انكسفت سائر الكواكب غير النيرين أو كسفهما بعضها فالذي استقربه العلامة في التذكرة و الشهيد في البيان عدم الوجوب و احتمل في الذكرى الوجوب و الأول أقوى لعدم فزع عامة الناس منها
2- المقنع، إذا احترق القرص كله فصلها في جماعة و إن احترق بعضه فصلها فرادى
بيان يستحب في صلاة الكسوف الجماعة عند علمائنا أجمع على ما حكاه في التذكرة و تتأكد مع استيعاب القرص و نسب إلى الصدوق و أبيه هذا القول و لعله وصل إليهما بذلك رواية نعم
روى الشيخ عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال إذا انكسفت الشمس و القمر فإنه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى إمام ليصلي بهم و أيهما كسف بعضه فإنه يجزي الرجل أن يصلي وحده
و هذا لا يدل إلا على ما قلنا من تأكد الاستحباب عند الاحتراق قال في الذكرى إن أرادا نفي تأكد الاستحباب مع احتراق بعض القرص فمرحبا بالوفاق و إن أرادا نفي استحباب الجماعة و ترجيح الفرادى طولبا بدليل المنع. فائدة لو أدرك المأموم الإمام قبل الركوع الأول فالظاهر أنه مدرك للركعة و لو لم يدركه حتى رفع رأسه فالظاهر فوات تلك الركعة كما صرح به المحقق في المعتبر و العلامة في عدة من كتبه اقتصارا في الاكتفاء بفعل الغير في تأدية الواجب على ما دل عليه الدليل و يؤيده أن الدخول معه في هذه الحالة يستلزم تخلف المأموم عن الإمام إن تدارك الركوع بعد سجود الإمام أو تحمل الإمام الركوع إن رفض الركوعات و سجد بسجود الإمام. قال العلامة في النهاية لو أدرك المأموم الإمام راكعا في الأولى أدرك الركعة و لو أدركه في الركوع الثاني أو الثالث ففي إدراك تلك الركعة إشكال فإن منعناه استحبت المتابعة حتى يقوم من السجود في الثانية فليستأنف الصلاة معه فإذا قضى صلاته أتم هو الثانية و يحتمل الصبر حتى يبتدئ بالثانية و يحتمل المتابعة بنية صحيحة فإذا سجد الإمام لم يسجد هو بل ينتظر الإمام إلى أن يقوم فإذا ركع الإمام أول الثانية ركع معه عن ركعات الأولى فإذا انتهى إلى الخامس بالنسبة إليه سجد ثم لحق الإمام و يتم الركعات قبل سجود الثانية انتهى. و الاحتمال الأخير و إن ورد نظيره فيمن زوحم في الجمعة لكن في القول به هنا إشكال و الأحوط ما ذكرنا أولا
3- العلل، و المجالس للصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد الأشعري عن عيسى بن محمد عن علي بن مهزيار عن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن حماد عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ع قال إن ذا القرنين لما انتهى إلى السد جاوزه فدخل في الظلمات فإذا هو بملك قائم على جبل طوله خمس مائة ذراع فقال له الملك يا ذا القرنين أ ما كان خلفك مسلك فقال له ذو القرنين من أنت قال أنا ملك من ملائكة الرحمن موكل بهذا الجبل فليس من جبل خلقه الله عز و جل إلا و له عرق إلى هذا الجبل فإذا أراد الله عز و جل أن يزلزل مدينة أوحي إلي فزلزلتها
بيان ما كان خلفك مسلك تعجب من مسيره إلى هذا المكان مع سعة الدنيا خلفه أو تنبيه له على ترك الحرص في ملك الدنيا و يدل على أن الجبال متصلة بعضها ببعض تحت الأرض و لذا صارت للأرض بمنزلة الأوتاد و يؤيد هذا الوجه ما هو المشاهد عند الزلازل من ابتدائها من الجبال و كل ما كان أقرب إليها فالزلزلة أشد فيها
4- المجالس، بالإسناد المتقدم قال قال الصادق ع إن الصاعقة لا تصيب ذاكرا لله عز و جل
و منه عن أحمد بن الحسن القطان عن الحسن بن علي السكري عن محمد بن زكريا الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن الصادق عن أبيه ع قال إن الزلازل و الكسوفين و الرياح الهائلة من علامات الساعة فإذا رأيتم شيئا من ذلك فتذكروا قيام القيامة و افزعوا إلى مساجدكم
5- الخصال، عن جعفر بن علي عن جده الحسن بن علي عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن عن أبي عبد الله ع قال إذا فشت أربعة ظهرت أربعة إذا فشى الزنا ظهرت الزلازل فإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية و إذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء و إذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين
و منه عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة قال قال أبو جعفر ع أربعة صلوات يصليها الرجل في كل ساعة صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أديتها و صلاة ركعتي طواف الفريضة و صلاة الكسوف و الصلاة على الميت هؤلاء يصليهن الرجل في الساعات كلها
و منه عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب و هشام بن سالم معا عن أبي بصير قال سألت أبا جعفر ع عن الرياح الأربع الشمال و الجنوب و الدبور و الصبا و قلت له إن الناس يذكرون أن الشمال من الجنة و الجنوب من النار فقال إن لله عز و جل جنودا من رياح يعذب بها من يشاء ممن عصاه و لكل ريح منها ملك موكل بها فإذا أراد الله عز و جل أن يعذب قوما بنوع من العذاب أوحى إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح التي يريد أن يعذبهم بها قال فيأمرها الملك فتهيج كما يهيج الأسف المغصب و لكل ريح منها اسم أ ما تسمع قوله عز و جل كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ و ذكر رياحا في العذاب ثم قال فالريح الشمال و ريح الصبا و ريح الجنوب و ريح الدبور أيضا تضاف إلى الملائكة الموكلين بها
و منه عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال الغسل في سبعة عشر موطنا إلى أن قال و غسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت و لم تصل فاغتسل و اقض الصلاة
بيان اختلف الأصحاب في غسل قاضي الكسوف فقال الشيخ في الجمل باستحبابه إذا احترق القرص كله و ترك الصلاة متعمدا و اقتصر المفيد في المقنعة و المرتضى في المصباح على الترك متعمدا و لم يذكر استيعاب الاحتراق و قال سلار بوجوب الغسل و الحال هذه و قد مر الكلام فيه في أبواب الأغسال
6- العلل، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن بعض أصحابه عن محمد بن سنان عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل خلق الأرض فأمر الحوت فحملتها فقالت حملتها بقوتي فبعث الله عز و جل حوتا قدر شبر فدخلت في منخرها فاضطربت أربعين صباحا فإذا أراد الله عز و جل أن يزلزل أرضا تراءت لها تلك الحوت الصغيرة فزلزلت الأرض فرقا
بيان الحوت مذكر كما صرح به اللغويون فتأنيثه في هذا الخبر بتأويل الحوتة أو السمكة و في الفقيه قدر فتر و هو بالكسر ما بين طرف الإبهام و السبابة و الفرق بالتحريك الخوف
7- العلل، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار رفعه إلى أحدهم ع أن الله تبارك و تعالى أمر الحوت بحمل الأرض و كل بلدة من البلدان على فلس من فلوسه فإذا أراد الله عز و جل أن يزلزل أرضا أمر الحوت أن يحرك ذلك الفلس فيحركه و لو رفع الفلس لانقلبت الأرض بإذن الله
بيان يمكن الجمع بين تلك الأخبار باجتماع تلك العلل عند الزلزلة أو بأنها تكون على هذه الوجوه مرة لعلة و مرة لأخرى كما ذكره في الفقيه و يمكن أن يكون ترائي الحوت للزلزلة الشاملة لجميع الأرض و رفع الفلس للزلزلة الشديدة الخاصة ببعض البلاد و تحريك العرق للخاصة غير الشديدة
8- العلل، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن بعض أصحابنا رفعه قال كان أمير المؤمنين ع يقرأ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً يقولها عند الزلزلة و يقول وَ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ
و منه بالإسناد المتقدم عن الأشعري عن محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار قال كتبت إلى أبي جعفر ع و شكوت إليه كثرة الزلازل في الأهواز و قلت ترى لنا التحول عنها فكتب لا تتحول عنها و صوموا الأربعاء و الخميس و الجمعة و اغتسلوا و طهروا ثيابكم و أبرزوا يوم الجمعة و ادعوا الله فإنه يرفع عنكم قال ففعلنا فأمسكت الزلازل قال و من كان منكم مذنب فيتوب إلى الله عز و جل و دعا لهم بخير
و منه بالإسناد عن الأشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن سليمان الديلمي قال سألت أبا عبد الله ع عن الزلزلة ما هي قال آية قلت و ما سببها قال إن الله تبارك و تعالى وكل بعروق الأرض ملكا فإذا أراد أن يزلزل أرضا أوحى إلى ذلك الملك أن حرك عروق كذا و كذا قال فيحرك ذلك الملك عروق تلك الأرض التي أمره الله فتتحرك بأهلها قال قلت فإذا كان ذلك فما أصنع قال صل صلاة الكسوف فإذا فرغت خررت ساجدا و تقول في سجودك يا من يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً أمسك عنا السوء إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
بيان في الفقيه بعد قوله غَفُوراً يا من يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ أمسك عنا إلخ قوله أَنْ تَزُولا أي كراهة أن تزولا فإن الباقي في بقائه يحتاج إلى مؤثر و حافظ أو يمنعهما أن تزولا لأن الإمساك منع إِنْ أَمْسَكَهُما أي ما أمسكهما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد الله أو من بعد الزوال و من الأولى زائدة و الثانية للابتداء إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً حيث أمسكهما و كانتا جديرتين بأن تهدا هدا لأعمال العباد كما قال سبحانه تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً أن تقع أي من أن تقع أو كراهة أن تقع بأن خلقها على صورة متداعية إلى الاستمساك إِلَّا بِإِذْنِهِ أي إلا بمشيته و ذلك يوم القيامة تتمة الآية إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ كما مر و من رأفته و رحمته أن هيأ لهم أسباب الاستدلال و فتح عليهم أبواب المنافع و دفع عنهم أنواع المضار
9- العلل، بالإسناد المتقدم عن الأشعري عن أبي عبد الله الرازي عن البزنطي عن روح بن صالح عن هارون بن خارجة رفعه عن فاطمة ع قالت أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر و فزع الناس إلى أبي بكر و عمر فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي ع فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى باب علي ع فخرج إليهم علي ع غير مكترث لما هم فيه فمضى و اتبعه الناس حتى انتهى إلى تلعة فقعد عليها و قعدوا حوله و هم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية و ذاهبة فقال لهم علي ع كأنكم قد هالكم ما ترون قالوا و كيف لا يهولنا و لم نر مثلها قط قالت فحرك شفتيه ثم ضرب الأرض بيده ثم قال ما لك اسكني فسكنت فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم قال لهم فإنكم قد عجبتم من صنعي قالوا نعم فقال أنا الرجل الذي قال الله إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها فأنا الإنسان الذي يقول لها ما لك يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها إياي تحدث
كتاب الدلائل، لمحمد بن جرير الطبري عن محمد بن هارون التلعكبري عن الصدوق مثله
-10 العلل، و العيون، عن عبد الواحد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان فيما رواه من العلل عن الرضا ع فإن قال لم جعلت للكسوف صلاة قيل لأنه آية من آيات الله عز و جل لا يدرى أ لرحمة ظهرت أم لعذاب فأحب النبي ص أن يفزع أمته إلى خالقا و راحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها و يقيهم مكروهها كما صرف عن قوم يونس حين تضرعوا إلى الله عز و جل فإن قال فلم جعلت عشر ركعات قيل لأن الصلاة التي نزل فرضها من السماء إلى الأرض و ما في اليوم و الليلة فإنما هي عشر ركعات فجمعت تلك الركعات هاهنا و إنما جعل فيها السجود لأنه لا يكون صلاة فيها ركوع إلا و فيها سجود و لأن يختموا صلاتهم أيضا بالسجود و الخضوع و إنما جعلت أربع سجدات لأن كل صلاة نقص سجودها من أربع سجدات لا تكون صلاة لأن أقل الفرض من السجود في الصلاة لا يكون إلا على أربع سجدات فإن قال فلم لم يجعل بدل الركوع سجودا قيل لأن الصلاة قائما أفضل من الصلاة قاعدا و لأن القائم يرى الكسوف و الانجلاء و الساجد لا يرى فإن قال فلم غيرت عن أصل الصلاة التي افترضها الله قيل لأنه صلى لعلة تغير أمر من الأمور و هو الكسوف فلما تغيرت العلة تغير المعلول
بيان أ لرحمة ظهرت لما كان الكسوف و أمثاله من آثار غضب الله تعالى فكونها لرحمة بعيد و يمكن أن يقال يحتمل أن يكون للغضب على الكافرين و المخالفين فيكون رحمة لنا كما أن المنجمين بحسب البروج و الأوضاع قد ينسبون آثارها إلى قوم دون قوم قوله لا يكون صلاة فيها ركوع إنما قيد بذلك لئلا ينتقض بصلاة الجنازة قوله ع فلما تغيرت العلة الحاصل أن هذا الصلاة إنما تفعل عند ترقب نزول البلاء فيناسبه مزيد تخشع و تذلل ليرحم الله سبحانه عليهم فزيد في الركوع لذلك بخلاف سائر الأوقات فإنه ليس فيها تلك العلة
11- تفسير علي بن إبراهيم، عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن يسار عن معروف بن خربوذ عن الحكم بن المستنير عن علي بن الحسين ع قال إن من الأوقات التي قدرها الله للناس مما يحتاجون إليه البحر الذي خلقها الله بين السماء و الأرض و إن الله قدر فيه مجاري الشمس و القمر و النجوم و الكواكب ثم قدر ذلك كله على الفلك ثم وكل بالفلك ملكا معه سبعون ألف ملك يديرون الفلك فإذا دارت الشمس و القمر و النجوم و الكواكب معه فنزلت في منازلها التي قدرها الله فيها ليومها و ليلتها و إذا كثرت ذنوب العباد و أراد الله أن يستعتبهم بآية من آياته أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك الذي عليه مجاري الشمس و القمر و النجوم و الكواكب فيأمر الملك أولئك السبعين الألف ملك أن يزيلوا الفلك عن مجاريه قال فيزيلونه فتصير الشمس في ذلك البحر الذي يجري الفلك فيه فيطمس حرها و يغير لونها فإذا أراد الله أن يعظم الآية طمست الشمس في البحر على ما يحب الله أن يخوف خلقه بالآية فذلك عنده شدة انكساف الشمس و كذلك يفعل بالقمر فإذا أراد الله أن يخرجهما و يردهما إلى مجراهما أمر الملك الموكل بالفلك أن يرد الشمس إلى مجراها فيرد الملك الفلك إلى مجراه فيخرج من الماء و هي كدرة و القمر مثل ذلك ثم قال علي بن الحسين ع إنه لا يفزع لهما و لا يرهب إلا من كان من شيعتنا فإذا كان ذلك فافزعوا إلى الله تعالى و راجعوا
بيان قد قدر فيه أي في البحر و لعل المراد بحذائه مجازا أو قدر فيه مجرى يجري فيه عند الحاجة و في الفقيه قد قدر منها أي مجاوزا منها و منحرفا عنها أو قريبا منها و التأنيث باعتبار الآية أو من بمعنى في بالمعنيين السابقين و يحتمل إرجاع الضمير إلى الآيات أو إلى السماء ثم قدر ذلك كله أي الجريان و الحركة فإذا دارت في الفقيه فإذا أداروه دارت و هو أصوب. أن يستعتبهم أي يطلب عتباهم و رجوعهم عن المعاصي إلى التوبة و الطاعة قال الله تعالى وَ إِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ أي إن يسألوا العتبى و هي الرجوع إلى ما يحبون فلا يجابون إليها و قرئ على المجهول أي إن سألوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون و العتبى الاسم من أعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي راجعا عن الإساءة و استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني. فيطمس حرها في الفقيه ضوؤها قوله ع أن يخرجهما في الفقيه أن يجليها و يردها إلى مجراها أن يرد الشمس في الفقيه أن يرد الفلك إلى مجراه و فيه راجعوه. و قال الصدوق رحمه الله بعد إيراد هذا الخبر أن الذي يخبر به المنجمون من الكسوف فيتفق على ما يذكرونه ليس من هذا الكسوف في شيء و إنما يجب الفزع إلى المساجد و الصلاة عند رؤيته لأنه مثله في المنظر و شبيه له في المشاهدة كما أن الكسوف الواقع مما ذكره سيد العابدين ع إنما وجب الفزع فيه إلى المساجد و الصلاة لأنه آية تشبه آيات الساعة و كذلك الزلازل و الرياح و الظلم و هي آيات تشبه آيات الساعة فأمرنا بتذكر القيامة عند مشاهدتها و الرجوع إلى الله تبارك و تعالى بالتوبة و الإنابة و الفزع إلى المساجد التي هي بيوته في الأرض و المستجير بها محفوظ في ذمة الله تعالى ذكره انتهى. و ما ذكره متين إذ روي وقوع الكسوفين في غير الوقت الذي يمكن وقوعهما عند المنجمين كالكسوف و الخسوف في يوم شهادة الحسين ع و ليلته و ما روي أنه يقع عند قرب ظهور القائم ع من الكسوفين في غير أوانهما و يحتمل أيضا أن يتفق عند ما يخبره المنجمون ما ورد في الخبر و ربما يؤول البحر بظل الأرض و
القمر و الأحوط في أمثاله ترك الخوض فيها و عدم إنكارها و رد علمها إليهم ع كما روي ذلك في أخبار كثيرة
12- المحاسن، عن أبي سمينة عن محمد بن أسلم عن الحسين بن خالد قال سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر ع يقول لما قبض إبراهيم بن رسول الله ص جرت في موته ثلاث سنن أما واحدة فإنه لما قبض انكسفت الشمس فقال الناس إنما انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله ص فصعد رسول الله ص المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إن كسوف الشمس و القمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته فإذا انكسفا أو أحدهما صلوا ثم نزل من المنبر فصلى بالناس صلاة الكسوف
بيان لموت أحد أي لمحض الموت لأنه من فعله سبحانه فلا يغضب به على عباده إلا أن يكون بسبب فعلهم فيغضب عليهم لذلك كواقعة الحسين ع
13- فقه الرضا، قال ع اعلم يرحمك الله أن صلاة الكسوف في عشر ركعات بأربع سجدات تفتتح الصلاة بتكبيرة واحدة ثم تقرأ فاتحة و سورا طوالا و طول في القراءة و الركوع و السجود ما قدرت فإذا فرغت من القراءة ركعت ثم رفعت رأسك بتكبير و لا تقول سمع الله لمن حمده تفعل ذلك خمس مرات ثم تسجد سجدتين ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الركعة الأولى و لا تقرأ سورة الحمد إلا إذا انقضت السورة فإذا بدأت بالسورة بدأت بالحمد و تقنت بين كل ركعتين و تقول في القنوت أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ اللهم صل على محمد و على آل محمد اللهم لا تعذبنا بعذابك و لا تسخط بسخطك علينا و لا تهلكنا بغضبك و لا تأخذنا بما فعل السفهاء منا و اعف عنا و اغفر لنا و اصرف عنا البلاء يا ذا المن و الطول و لا تقول سمع الله لمن حمده إلا في الركعة التي تريد أن تسجد فيها و تطول الصلاة حتى تنجلي و إن انجلى و أنت في الصلاة فخفف و إن صليت و بعد لم ينجل فعليك الإعادة أو الدعاء و الثناء على الله و أنت مستقبل القبلة و إن علمت بالكسوف فلم يتيسر لك الصلاة فاقض متى ما شئت فإن أنت لم تعلم بالكسوف في وقته ثم علمت بعد فلا شيء عليك و لا قضاء و صلاة كسوف الشمس و القمر واحد فافزع إلى الله تعالى عند الكسوف فإنها من علامات البلاء و لا تصليها في وقت الفريضة حتى تصلي الفريضة فإذا كنت فيها و دخل عليك وقت الفريضة فاقطعها و صل الفريضة ثم ابن على ما صليت من صلاة الكسوف فإذا انكسف القمر و لم يبق عليك من الليل قدر ما تصلي فيه صلاة الليل و صلاة الكسوف فصل صلاة الكسوف و أخر صلاة الليل ثم اقضها بعد ذلك و إذا احترق القرص كله فاغتسل و إن انكسفت الشمس أو القمر و لم تعلم به فعليك أن تصليهما إذا علمت فإن تركتها متعمدا حتى تصبح فاغتسل و صل و إن لم تحترق القرص فاقضها و لا تغتسل و إذا هبت ريح صفراء أو سوداء أو حمراء فصل لها صلاة الكسوف و كذلك إذا زلزلت الأرض فصل صلاة الكسوف فإذا فرغت فاسجد و قل يا من يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً يا من يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ أمسك عنا السقم و المرض و جميع أنواع البلاء و إذا كثرت الزلازل فصم الأربعاء و الخميس و الجمعة و تب إلى الله و راجع و أشر على إخوانك بذلك فإنها تسكن بإذن الله تعالى
بيان فإذا بدأت بالسورة ظاهره أنه إنما يقرأ الفاتحة إذا افتتح بسورة أخرى و قوله إلا إذا انقضت السورة يدل على أن انقضاء السورة علة لقراءتها فيحتمل أن يكون كلاهما على الاجتماع علة و أن يكون كل منهما علة كما ذهب إليه جماعة بين كل ركعتين أي ركوعين إن الله بكسرة همزة إن و في الآية بالفتح لكونه فيها مفعول الرؤية أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ قيل أي يتسخر لقدرته و لا يتأبى عن تدبيره أو يدل بذله على عظمة مدبره و من يجوز أن يعم أولي العقل و غيرهم على التغليب فيكون قوله وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ إلخ إفرادا لها بالذكر لشهرتها و استبعاد ذلك منها. وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عطف عليها إن جوز إعمال اللفظ الواحد في كل واحد من مفهوميه باعتبار أحدهما إلى أمر و باعتبار الآخر إلى آخر فإن تخصيص الكثير يدل على خصوص المعنى المسند إليهم أو مبتدأ خبره محذوف دل عليه خبر قسيمه نحو حق له الثواب أو فاعل فعل مضمر أي يسجد له كثير من الناس وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ بكفره و إبائه عن الطاعة و يجوز أن يجعل و كثير تكريرا للأول مبالغة في تكثير المحقوقين بالعذاب و أن يعطف على الساجدين بالمعنى العام موصوفا بما بعده. أقول هذا ما ذكره البيضاوي و غيره من المفسرين و يخطر بالبال معنى آخر و هو أن السجود لما كان عبارة عن غاية الخضوع و التذلل فغير ذوي العقول سجودهم ليس بتام إلا أن ما يريد منهم اضطرارا و تكوينا لا يتأبون منه و أما ذوو العقول فهم ذوو جهتين لأن لهم إرادة و اختيارا فالمعصومون منهم سجودهم و خضوعهم تام لأنهم لا يأبون عما يريد منهم اختيارا و لا اضطرارا و غير المعصومين من جهة الاضطرار ساجدون و من جهة الاختيار عاصون فلا يكمل سجودهم و خضوعهم فلذا أخرجهم. و قال وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ و بين المخرجين بقوله سبحانه وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ فلا يلزم في هذا الوجه تكلف و لا استعمال المشترك في معنييه فخذ و كن من الشاكرين. و لا تقول سمع الله هذا مقطوع به في كلام الأصحاب و وارد في أكثر الروايات و اتفق الأصحاب على استحباب إطالتها بقدره قالوا و هذا إنما يتم مع العلم بقدره أو الظن الحاصل من إخبار الرصدي مثلا و أما بدونه فلا يبعد كون التخفيف ثم الإعادة مع عدم الانجلاء أولى لما في التطويل من خوف خروج الوقت قبل الإتمام. و اعلم أنه لا خلاف في أن أول وقت الكسوفين الشروع فيه و إنما اختلف في آخره فالمشهور أن آخره ابتداء الانجلاء و ذهب المحقق في المعتبر و العلامة في المنتهى إلى أن آخره تمام الانجلاء و اختاره الشهيد و بعض المتأخرين و هو المحكي عن ظاهر المرتضى و ابن أبي عقيل و سلار و عندي هو المختار و يدل عليه أكثر الأخبار و بهذا يسهل الخطب في التطويل و عدمه إذ بعد الشروع في الانجلاء يعلم طول الزمان و قصره. و أما الرجوع إلى الرصدي و التعويل عليه في ذلك و في أصل تحقق الكسوف فلا وجه له و لا يظهر من الأخبار بل الظاهر منها المنع من عملهم و الرجوع إليهم. و قوله حتى تنجلي و إن انجلى يحتمل الشروع في الانجلاء و تمامه و لو قصر الوقت عن أقل الصلاة فذهب الأكثر إلى سقوطها و قال في المنتهى لو خرج الوقت قبل إتمام الصلاة يتمها و يدل عليه حسنة زرارة و هذا الخبر أيضا إن حملنا الانجلاء على تمامه و تردد الفاضلان في وجوب الصلاة لو قصر الوقت عن أخف الصلاة مع حكمهما بعدم الوجوب في صورة عدم إدراك الركعة نظرا إلى أن إدراك الركعة بمنزلة إدراك الصلاة و لا يخفى أن انسحابه في غير اليومية غير معلوم و لا يبعد القول بالوجوب مطلقا لإطلاق الأخبار. و كذا المشهور في أخاويف السماء سوى الزلزلة عدم الوجوب مع قصور الوقت عنها و ذهب في الدروس إلى عدم اعتبار سعة وقتها كالزلزلة و اختاره العلامة في بعض كتبه و احتمل في بعضها وجوب الإتمام على من أكمل ركعة فخرج الوقت
و في حسنة زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن
و استدل بعض المتأخرين به على عدم الوجوب مع ضيق الوقت لأن حتى إما أن يكون لانتهاء الغاية أو التعليل و على الأول ثبت التوقيت صريحا و على الثاني يلزم التوقيت أيضا لاستلزام انتفاء العلة انتفاء المعلول. أقول و يمكن المناقشة في الوجهين أما الأول فبأنه يحتمل أن يكون توقيتا لتكرار الصلاة كما في الكسوف لا لأصلها بل هو فيها أظهر لأن الشيء إذا كان غاية لفعل لا بد من تكررها قبل الغاية فيصح أن يقال ضربته حتى قتلته و لا يقال ضربت عنقه حتى قتلته ذكره ابن هشام في المغني فحقيقة الكلام كونه غاية للتكرير لا لأصل الفعل. و أما الثاني فبأنه يمكن أن يكون علة للشروع في الصلاة لا لأصلها و أيضا العلة الغائية لا يلزم مصاحبتها للمعلول في الزمان فلعله يكون إتمام الصلاة علة لزوال الآية قبل إتمامها كما إذا قيل صل الصلاة الفلانية حتى يغفر الله لك عند الشروع فيها و مثله كثير في الأخبار مع أن قوله صل صلاة الكسوف حقيقة في الجميع فلو سكن في أثناء الصلاة و تركها لا يطلق عليها صلاة الكسوف. و أيضا علل الشرع معرفات و حكم لا يلزم اطرادها و قد ورد في صلاة الاستسقاء أن علتها نزول المطر فلو نزل المطر في أثناء الصلاة لا يلزم قطعها فظهر أن ما أبداه السيد صاحب المدارك و ارتضاه من تأخر عنه ليس بمرضي و الأحوط إيقاع الصلاة لها مطلقا. و أما الزلزلة فذهب أكثر الأصحاب إلى أن وقت صلاتها مدة العمر و يصليها أداء و إن سكنت لإطلاق الأمر الخالي من التقييد بالتوقيت و حكى في البيان قولا بأنها تصلى بنية القضاء و قال العلامة في النهاية الزلزلة وقتها مدة العمر تصلى أداء و إن سكنت و كذا الصيحة لأنها من قبيل الأسباب لا الأوقات لتعذر الصلاة فيه لقصوره جدا و يحتمل أن يكون سببا للفورية فيجب الابتداء بالصلاة حين وقوعه و يمتد الوقت بامتداد الصلاة ثم يخرج و يصير قضاء لكن الأول أولى. و يحتمل في البلاد التي تستمر فيها الزلزلة زمانا طويلا كون الوقت منوطا بها و الضابط أن كل آية يقصر زمانها عن فعل العبادة فإنها سبب و ما لا يقصر وقت و لو قصر في بعض الأوقات سقطت انتهى و ما ذكره من الضابط لا يستنبط من دليل و الظاهر أن زمان الزلزلة مدة العمر مطلقا لعدم التوقيت في النصوص و ما احتمله من الفورية لا حجة عليه. قال في الذكرى و حكم الأصحاب بأن الزلزلة تصلى أداء طول العمر لا بمعنى التوسعة فإن الظاهر وجوب الأمر هنا على الفور بل على معنى نية الأداء و إن أخل بالفورية لعذر و غيره و ما ذكره مقتضى الاحتياط لكن دون إثباته خرط القتاد و ربما يقال لا معنى للأداء فيما لا قضاء له و لا وقت له إلا العمر و لا يخلو من وجه و الأظهر عدم لزوم التعرض للأداء و القضاء فيها و ألحق العلامة ره في التذكرة بالزلزلة الصيحة و كل ما يقصر غالبا زمانه عن فعل الصلاة و لا بأس به و أما إعادة الصلاة إن فرغ منها قبل الانجلاء فالمشهور استحبابها و نقل عن ظاهر المرتضى و أبي الصلاح و سلار وجوبها قال في الذكرى و هؤلاء كالمصرحين بأن آخر وقتها تمام الانجلاء و منع ابن إدريس الإعادة وجوبا و استحبابا و الأول أقرب و هذا الخبر يدل على التخيير بين الصلاة و الدعاء مستقبل القبلة و هو وجه جمع بين الأخبار و لم أر قائلا بالوجوب التخييري بينهما و إن كان الأحوط ذلك.
قوله ع و لا تصليها في وقت الفريضة جملة القول فيه أنه إذا حصل الكسوف في وقت فريضة حاضرة فإن تضيق وقت إحداهما تعينت للأداء و نقلوا عليه الإجماع ثم يصلي بعدها ما اتسع وقتها و إن تضيقتا قدمت الحاضرة بلا خلاف أيضا كما حكي في الذكرى و إن اتسع الوقتان فالمشهور التخيير بينهما. و قال الصدوق لا يجوز أن يصليها في وقت فريضة حتى يصلي الفريضة كما هو ظاهر هذا الخبر و هو قول الشيخ في النهاية و الأول أقرب و إن كان اتباعهما أحوط. و لو دخل في الكسوف قبل تضيق الحاضرة ثم خشي فوات الحاضرة على تقدير الإتمام قطعها بلا خلاف و صلى الحاضرة ثم المشهور البناء على ما أتى به من صلاة الكسوف و إتمامها ذهب إليه الشيخان و المرتضى و الصدوق و من تبعهم و ذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه يجب عليه استئنافها من رأس و اختاره الشهيد في الذكرى و الأول أقوى للأخبار الكثيرة الدالة عليه مع صحة أكثرها و عدم المعارض. و قال الصدوق في الفقيه و إذا كان في صلاة الكسوف فدخل عليه وقت الفريضة فليقطعها و ليصل الفريضة ثم يبني على ما مضى من صلاة الكسوف و هكذا ذكره في المقنع. و كأنه أخذه من الفقه و مقتضاه رجحان القطع إذا دخل وقت الفريضة إما وجوبا أو استحبابا
مع أنه روي في الصحيح عن محمد بن مسلم و بريد بن معاوية عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قال إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صليتها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة فإن تخوفت فابدأ بالفريضة و اقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت و احتسب بما مضى
و هذا الخبر أقوى و يدل على رجحان الإتيان بصلاة الكسوف ما لم يتضيق وقت الفريضة فكيف يترجح قطعها بدخول وقت الفريضة و يمكن حمل عبارة الفقه على هذا الخبر بأن يكون المراد بالوقت الوقت المضيق. قال العلامة في النهاية لو اتسع وقت الحاضرة و شرع القرص في الكسوف أو حدث الرياح المظلمة فالوجه تقديم الكسوف و الآيات لاحتمال قصور الزمان فتفوت لو اشتغل بالحاضرة و لا يخلو من وجه و يؤيده الخبر و لو ضاق وقت الحاضرة و اشتغل بها فانجلى الكسوف فإن لم يكن فرط فيها و لا في تأخير الحاضرة فلا قضاء و إن فرط فيها إلى أن ضاق وقت الحاضرة وجب قضاء صلاة الكسوف إما مع استيعاب الاحتراق أو مطلقا على الخلاف و إن فرط في فعل الحاضرة أول الوقت فقيل يجب قضاء الكسوف و قيل لا و هو ظاهر المحقق في المعتبر و لعله أقوى و إن كان الأول أحوط. و أما تقديم صلاة الكسوف على صلاة الليل و غيرها من النوافل فقال في المنتهى هو قول علمائنا أجمع. و يدل الخبر على استحباب الغسل لأداء الكسوفين مع احتراق القرص كما ذكره جماعة و يدل عليه صحيحة محمد بن مسلم و قد مر القول فيه و في سائر أجزاء الخبر
14- نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال علي ع إن رسول الله ص صلى صلاة الكسوف بالناس فقرأ سورة الحج ثم ركع قدر القراءة ثم رفع صلبه فقرأ قدر الركوع ثم ركع مرة أخرى ثم رفع رأسه ثم سجد قدر الركوع ثم رفع رأسه فدعا بين السجدتين على قدر السجود ثم سجد الأخرى ثم قام فقرأ سورة الروم ثم ركع قدر القراءة ثم رفع صلبه فقرأ قدر الركوع ثم ركع قدر القراءة ثم رفع رأسه ثم سجد سجدتين فكان فراغه حيث تجلت الشمس فمضت السنة أن صلاة الكسوف ركعتان فيهما أربع ركعات و أربع سجدات
بيان روى الشيخ مثله عن أبي البختري عن الصادق ع و حمله على التقية لاشتهاره بين العامة و معارضة الأخبار الكثيرة الصحيحة
15- مسكن الفؤاد، عن محمد بن لبيد قال انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم بن رسول الله ص فقال الناس انكسفت لموت إبراهيم بن النبي ص فخرج رسول الله ص حين سمع ذلك فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس إن الشمس و القمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى المساجد الخبر
16- الهداية، إذا انكسف القمر أو الشمس أو زلزلت الأرض أو هبت ريح صفراء أو سوداء أو حمراء فصلوا عشر ركعات و أربع سجدات بتسليمة واحدة و اقرءوا في كل ركعة فإن بعضتم السورة في ركعة فلا تقرءوا في ثانيها الحمد و اقرءوا السورة من الموضع الذي بلغتم و متى أتممتم سورة في ركعة فاقرءوا في الركعة الأخرى الحمد و من فاتته فعليه أن يقضيها لأنها من صغار الفرائض و لا يقال فيها سمع الله لمن حمده إلا في الركعة الخامسة و العاشرة و لا تسجد إلا في الخامسة و العاشرة و القنوت في كل ركعتين بعد القراءة و قبل الركوع و روي أن القنوت فيها في الخامسة و العاشرة
بيان ذكر جميع ذلك في المقنع إلا الرواية الأخيرة فإنه لم يوردها فيه و إنما أوردها في الفقيه مرسلا أيضا حيث أورد صحيحة ابن أذينة في القنوت على وفق المشهور ثم قال و إن لم يقنت إلا في الخامسة و العاشرة فهو جائز لورود الخبر به و قال الشهيد في البيان و يجزي على الخامس و العاشر و المشهور أقوى و أصح لورود الأخبار الصحيحة به و هذه الرواية رواه الصدوق مرسلا و هي لا تقاوم تلك الأخبار
-17 المقنعة، روي عن الصادقين ع أن الله إذا أراد تخويف عباده و تجديد الزجر لخلقه كسف الشمس و خسف القمر فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الله تعالى بالصلاة
قال و روي عن رسول الله ص أنه قال صلاة الكسوف فريضة
و قال قال رسول الله ص إن الشمس و القمر لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياة أحد و لكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتم ذلك فبادروا إلى مساجدكم للصلاة
18- قرب الإسناد، بالإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن النساء هل على من عرف منهن صلاة النافلة و صلاة الليل و الزوال و الكسوف ما على الرجال قال نعم
و منه عن علي بن الفضل الواسطي قال كتبت إلى الرضا ع كسفت الشمس أو القمر و أنا راكب لا أقدر على النزول قال فكتب إلي صل على مركبك الذي أنت عليه
بيان لا خلاف في وجوب صلاة الآيات على النساء كما على الرجال و المشهور بين الأصحاب أنه لا يجوز أن يصلي صلاة الكسوف ماشيا و على الراحلة اختيارا و ذهب ابن الجنيد إلى الجواز كما هو مذهب العامة و لا خلاف في جوازه في حال الضرورة كما يدل عليه هذا الخبر
19- المقنعة، روي عن أمير المؤمنين ع أنه صلى بالكوفة صلاة الكسوف فقرأ فيها بالكهف و الأنبياء و رددها خمس مرات و أطال في ركوعها حتى سال العرق على أقدام من كان معه و غشي على كثير منهم
بيان و رددها أي الصلاة استحبابا أو كلا من السورتين في الركعتين و المشهور استحباب إطالة الركوع و السجود بقدر القراءة كما ورد في الأخبار و يحتمل الأخبار أن يكون المراد بها إطالتهما بنسبة القراءة لا بقدرها لكنه بعيد و مقتضى حسنة زرارة و محمد بن مسلم أن قراءة السور الطوال إنما يستحب إذا لم يكن إمام يشق على من خلفه حيث قال فيها و كان يستحب أن يقرأ فيها بالكهف و الحجر إلا أن يكون إماما يشق على من خلفه و يعارضه هذا الخبر و حمله على أنه لم يكن يشق عليهم بعيد لأنه غشي على كثير منهم و يمكن تخصيص ذلك بإمام الأصل أو خصوص تلك الواقعة لعلمه ع بشدة السخط
20- العيون، عن أبيه عن سعد بن عبد الله و محمد بن يحيى جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحجال عن سليمان الجعفري قال قال الرضا ع جاءت ريح و أنا ساجد فجعل كل إنسان يطلب موضعا و أنا ساجد ملح في الدعاء لربي عز و جل حتى سكنت
بيان يدل على استحباب التضرع و الدعاء عند الرياح الشديدة و يحتمل أن يكون السجود بعد صلاة الآيات أو لم تصل حدا توجب الصلاة
21- دعائم الإسلام، روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي ع أنه قال انكسف القمر على عهد رسول الله ص و عنده جبرئيل فقال له رسول الله ص يا جبرئيل ما هذا فقال جبرئيل أما إنه أطوع لله منكم إنه لم يعص ربه قط مذ خلقه و هذه آية و عبرة فقال رسول الله ص فما ذا ينبغي عندها و ما أفضل ما يكون من العمل إذا كانت قال الصلاة و قراءة القرآن
قال أبو عبد الله جعفر بن محمد ع كان رسول الله ص إذا انكسفت الشمس أو القمر قال للناس اسعوا إلى مسجدكم
و عنه ع أنه قال صلاة الكسوف في الشمس و القمر و عند الآيات واحدة و هي عشر ركعات و أربع سجدات يفتتح الصلاة بتكبيرة و يقرأ بفاتحة الكتاب و سورة طويلة و يجهر فيها بالقراءة ثم يركع فيلبث راكعا مثل ما قرأ ثم يرفع رأسه و يقول عند رفعه الله أكبر ثم يقرأ كذلك بفاتحة الكتاب و سورة طويلة فإذا فرغ منها قنت ثم كبر و ركع الثانية فأقام راكعا بقدر ما قرأ ثم رفع رأسه و قال الله أكبر ثم قرأ بفاتحة الكتاب و سورة طويلة ثم كبر و ركع الثالثة فأقام راكعا مثل ما قرأ ثم رفع رأسه و قال الله أكبر ثم قرأ فاتحة الكتاب و سورة طويلة فإذا فرغ منها قنت و ركع الرابعة فأقام راكعا بقدر ما قرأ ثم رفع رأسه و قال الله أكبر ثم قرأ بفاتحة الكتاب و سورة طويلة فإذا فرغ منها كبر و ركع الخامسة فأقام مثل ما قرأ فإذا رفع رأسه منها قال سمع الله لمن حمده ثم يكبر و يسجد فيقيم ساجدا مثل ما ركع ثم يرفع رأسه و يكبر فيجلس شيئا بين السجدتين يدعو ثم يكبر و يسجد سجدة ثانية يقيم فيها ساجدا مثل ما أقام في الأولى ثم ينهض قائما و يكبر و يصلي أخرى على نحو الأولى يركع فيها خمس ركعات و يسجد سجدتين و يتشهد تشهدا طويلا و يسلم و القنوت بعد كل ركعتين كما ذكرنا في الثانية و الرابعة و السادسة و الثامنة و العاشرة و لا يقول سمع الله لمن حمده إلا في الركعتين اللتين يسجد منهما و ما سوى ذلك يكبر كما ذكرنا فهذا معنى قول أبي عبد الله جعفر بن محمد ع في صلوات الكسوف في روايات شتى عنه ع حذفنا ذكرها اختصارا و إن قرأ في صلاة الكسوف بطوال المفصل و رتل القراءة فذلك أحسن و إن قرأ بغير ذلك فليس فيه توقيت لا يجزي غيره
و قد روينا عن علي ع أنه قرأ في الكسوف بسورة من المثاني و سورة الكهف و سورة الروم و سورة يس و سورة و الشمس و ضحيها
و عن جعفر بن محمد ع أنه رخص في تبعيض السورة في صلاة الكسوف و ذلك أن يقرأ ببعض السورة ثم يركع ثم يرجع إلى الموضع الذي وقف عليه فيقرأ منه و قال ع إن بعض السورة لم يقرأ بفاتحة الكتاب إلا في أولها و لأن يقرأ بسورة في كل ركعة أفضل
و روينا عن علي ع أنه صلى صلاة الكسوف فانصرف قبل أن ينجلي فجلس في مصلاه يدعو و يذكر الله و جلس الناس كذلك يدعون و يذكرون حتى انجلت
و عن جعفر بن محمد ع أنه قال فيمن وقف في صلاة الكسوف حتى دخل عليه وقت الصلاة قال يؤخرها و يمضي في صلاة الكسوف حتى تصير إلى آخر الوقت فإن خاف فوات الوقت قطعها و صلى الفريضة و كذلك إذا انكسفت الشمس أو انكسف القمر في وقت صلاة فريضة بدأ بصلاة الفريضة قبل صلاة الكسوف
و عنه ع أنه سئل عن الكسوف يحدث بعد العصر أو في وقت يكره فيه الصلاة قال يصلي في أي وقت كان الكسوف
و عنه ع أنه سئل عن كسوف أصاب قوما و هم في سفر فلم يصلوا له قال كان ينبغي لهم أن يصلوا
و عنه ع أنه قال يصلي في الرجفة و الزلزلة و الريح العظيمة و الآية تحدث و ما كان مثل ذلك كما يصلي في صلاة كسوف الشمس و القمر سواء
و عنه ع أنه قال الصلاة في كسوف الشمس و القمر واحدة إلا أن الصلاة في كسوف الشمس أطول
و عنه ع أنه سئل عن الكسوف و الرجل نائم أو لم يدر به أو اشتغل عن الصلاة في وقته هل عليه أن يقضيها قال لا قضاء في ذلك و إنما الصلاة في وقته فإذا انجلى لم تكن صلاة
و عنه ع أنه سئل عن صلاة الكسوف أين تكون قال ما أحب إلا أن تصلى في البراز ليطيل المصلي الصلاة على قدر طول الكسوف و السنة أن يصلى في المسجد إذا صلوا في جماعة
بيان التكبير بعد القيام إلى الثانية غير مذكور في سائر الأخبار و كلام الأصحاب و في القاموس رجف حرك و تحرك و اضطرب شديدا و الأرض زلزلت و الرعد ترددت انتهى. أقول يمكن أن يكون المراد بالرجفة هنا الزلزلة فيكون ذكرها بعدها عطف تفسير لها أو المراد بالرجفة نوعا منها فيكون ذكرها بعدها تعميما بعد تخصيص أو المراد بها الصاعقة أو كل ما ترجف و تضطرب منه النفوس و قال في النهاية البراز بالفتح الفضاء الواسع