1- كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع قال بني الإسلام على خمس على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الولاية و لم يناد بشيء كما نودي بالولاية
2- كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن عباس بن عامر عن أبان عن الفضيل عنه ع مثله و زاد في آخره فأخذ الناس بأربع و تركوا هذه يعني الولاية
3- سن، ]المحاسن[ عن ابن محبوب عن أبي حمزة مثله بتقديم الحج على الصوم إلى قوله ما نودي بالولاية ثم قال و زاد فيها عباس بن عامر و أخذ الناس بأربع إلى آخره
بيان بني الإسلام على خمس يحتمل أن يكون المراد بالإسلام الشهادتين و كأنهما موضوعتان على هذه الخمسة لا تقومان إلا بها أو يكون المراد بالإسلام الإيمان و بالبناء عليها كونها أجزاءه و أركانه فحينئذ يمكن أن يكون المراد بالولاية ما يشمل الشهادتين أيضا أو يكون عدم ذكرهما للظهور و أما ذكر الولاية التي هي من العقائد الإيمانية مع العبادات الفرعية مع تأخيرها عنها إما للمماشاة مع العامة أو المراد بها فرط المودة و المتابعة اللتان هما من مكملات الإيمان أو المراد بالأربع الاعتقاد بها و الانقياد لها فتكون من أصول الدين لأنها من ضرورياته و إنكارها كفر و الأول أظهر كما نودي بالولاية أي في يوم الغدير أو في الميثاق و هو بعيد و الولاية بالكسر الإمارة و كونه أولى بالحكم و التدبير و بالفتح المحبة و النصرة و هنا يحتملهما
4- كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عجلان أبي صالح قال قلت لأبي عبد الله ع أوقفني على حدود الإيمان فقال شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و الإقرار بما جاء من عند الله و صلاة الخمس و أداء الزكاة و صوم شهر رمضان و حج البيت و ولاية ولينا و عداوة عدونا و الدخول مع الصادقين
توضيح حدود الإيمان هنا أعم من أجزائه و شرائطه و مكملاته و الإقرار بما جاء من عند الله المرفوع في جاء راجع إلى الموصول و في بعض النسخ جاء به فالمرفوع للنبي ص و المراد الإقرار إجمالا قبل العلم و تفصيلا بعده كما سيأتي إن شاء الله و الدخول مع الصادقين متابعة الأئمة الصادقين في جميع الأقوال و الأفعال أي المعصومين كما قال سبحانه وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ و قد مر الكلام فيه في كتاب الإمامة
5- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن ابن العرزمي عن أبيه عن الصادق ع قال أثافي الإسلام ثلاثة الصلاة و الزكاة و الولاية لا تصح واحدة منهن إلا بصاحبتيها
بيان الأثافي جمع الأثفية بالضم و الكسر و هي الأحجار التي عليها القدر و أقلها ثلاثة و إنما اقتصر عليها لأنها أهم الأجزاء و يدل على اشتراط قبول كل منها بالأخريين و لا ريب في كون الولاية شرطا لصحة الأخريين
6- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن أبي جعفر ع قال أ لا أخبرك بأصل الإسلام و فرعه و ذروة سنامه قلت بلى جعلت فداك قال أما أصله فالصلاة و فرعه الزكاة و ذروة سنامه الجهاد ثم قال إن شئت أخبرتك بأبواب الخير قلت نعم جعلت فداك قال الصوم جنة من النار و الصدقة تذهب بالخطيئة و قيام الرجل في جوف الليل يذكر الله ثم قرأ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ
ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ عن علي بن النعمان مثله إلى قوله الجهاد و في الموضعين و سنامه
توضيح و ذروة سنامه الإضافة بيانية أو لامية إذ للسنام الذي هو ذروة البعير ذروة أيضا هي أرفع أجزائه و إنما صارت الصلاة أصل الإسلام لأنه بدونها لا يثبت على ساق و الزكاة فرعه لأنه بدونها لا تتم و الجهاد ذروة سنامه لأنه سبب لعلوه و ارتفاعه و قيل لأنه فوق كل بر كما ورد في الخبر. و ذكر من الأبواب التي تفتح الخيرات الجليلة على صاحبها ثلاثة أحدها الصوم أي الواجب أو الأعم لأنه جنة من النار و مما يؤدي إليها من الشهوات و ثانيها الصدقة الواجبة أو الأعم فإنها تكفر الخطايا و تذهبها و ثالثها صلاة الليل لمدحه سبحانه فاعلها بقوله تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ حيث حصر الإيمان فيهم أولا ثم مدحهم بما مدحهم به ثم عظم و أبهم جزاءهم حيث قال إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَ سَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ و قيل المراد بأبواب الخير الصوم فقط و ذكر ما بعده استطرادا و لا يخفى بعده
7- كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل عن مثنى الحناط عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر ع قال بني الإسلام على خمس دعائم الولاية و الصلاة و الزكاة و صوم شهر رمضان و الحج
-8 كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن أبان عن الفضيل عن أبي جعفر ع قال بني الإسلام على خمس الولاية و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و لم يناد بشيء ما نودي بالولاية يوم الغدير
9- كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن فضالة بن أيوب عن أبي زيد الحلال عن عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله عز و جل فرض على خلقه خمسا فرخص في أربع و لم يرخص في واحدة
بيان قوله ع فرخص في أربع كالتقصير في الصلاة في السفر و تأخيرها عن وقت الفضيلة مع العذر و ترك كثير من واجباتها في بعض الأحيان أو سقوط الصلاة عن الحائض و النفساء و عن فاقد الطهورين أيضا إن قيل به و الزكاة عمن لم يبلغ ماله النصاب أو مع فقد سائر الشرائط و الحج مع فقد الاستطاعة أو غيرها من الشرائط و الصوم عن المسافر و الكبير و ذوي العطاش و أمثالهم بخلاف الولاية فإنها مع بقاء التكليف لا يسقط وجوبها في حال من الأحوال و يحتمل أن يراد بالرخصة أنه لا ينتهي تركها إلى حد الكفر و الخلود في النار بخلاف الولاية فإن تركها كفر و الأول أظهر
10- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه و عبد الله بن الصلت جميعا عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة عن أبي جعفر ع قال بني الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الولاية قال زرارة فقلت و أي شيء من ذلك أفضل قال الولاية أفضل لأنها مفتاحهن و الوالي هو الدليل عليهن قلت ثم الذي يلي ذلك في الفضل فقال الصلاة أن رسول الله ص قال الصلاة عمود دينكم قال قلت ثم الذي يليها في الفضل قال الزكاة لأنها قرنها بها و بدأ بالصلاة قبلها و قال رسول الله ص الزكاة تذهب الذنوب قلت و الذي يليها في الفضل قال الحج قال الله عز و جل وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ و قال رسول الله ص لحجة مقبولة خير من عشرين صلاة نافلة و من طاف بهذا البيت طوافا أحصى فيه أسبوعه و أحسن ركعتيه غفر له و قال في يوم عرفة و يوم المزدلفة ما قال قلت فما ذا يتبعه قال الصوم قلت و ما بال الصوم صار آخر ذلك أجمع قال قال رسول الله الصوم جنة من النار قال ثم قال إن أفضل الأشياء ما إذا فاتك لم تكن منه توبة دون أن ترجع إليه فتؤديه بعينه إن الصلاة و الزكاة و الحج و الولاية ليس ينفع شيء مكانها دون أدائها و إن الصوم إذا فاتك أو قصرت أو سافرت فيه أديت مكانه أياما غيرها و جزيت ذلك الذنب بصدقة و لا قضاء عليك و ليس من تلك الأربعة شيء يجزيك مكانه غيره قال ثم قال ذروة الأمر و سنامه و مفتاحه و باب الأشياء و رضى الرحمن الطاعة للإمام بعد معرفته إن الله عز و جل يقول مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً أما لو أن رجلا قام ليله و صام نهاره و تصدق بجميع ماله و حج جميع دهره و لم يعرف ولاية ولي الله فيواليه و يكون جميع أعماله بدلالته إليه ما كان له على الله حق في ثوابه و لا كان من أهل الإيمان ثم قال أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته
سن، ]المحاسن[ عن أبي طالب عبد الله بن الصلت مثله
شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة مثله إلى قوله يجزيك مكانه غيره
بيان الولاية أفضل لا ريب في أن الولاية و الاعتقاد بإمامة الأئمة ع و الإذعان بها من جملة أصول الدين و أفضل من جميع الأعمال البدنية لأنها مفتاحهن أي بها تفتح أبواب معرفة تلك الأمور و حقائقها و شرائطها و آدابها أو مفتاح قبولهن و الوالي أي الإمام المنصوب من قبل الله هو الدليل عليهن يدل الناس من قبل الله على وجوبها و آدابها و أحكامها و العمود الخشبة التي يقوم عليها البيت و يمكن أن يكون ع شبه الدين بالفسطاط و أثبت العمود له على المكنية و التخييلية فإذا زال العمود لا ينتفع بالفسطاط لا بغشائه و لا بطنبه و لا بوتده فكذلك مع ترك الصلاة لا ينتفع بشيء من أجزاء الدين كما صرح به في أخبار أخر و المراد بالصلاة المفروضة أو الخمس كما في بعض الأخبار صرح بها لأنه قرنها بها استدل على أن فضل الزكاة بعد الصلاة و قبل غيرها بمجموع مقارنتهما في الذكر مع البداءة بذكر الصلاة ثم أكد الجزء الأخير بذكر الحديث و ليس هو دليلا تاما على الأفضلية لأن الحج أيضا يذهب الذنوب إلا أن يقال أنه ع علم أن الإذهاب الذي يحصل في الزكاة أقوى مما يحصل في الحج. ثم استدل ع على فضل الحج بتسميته سبحانه تركه كفرا و ترك ذكر العقاب المترتب عليه و ذكر الاستغناء الدال على غاية السخط من عشرين صلاة نافلة فيه دلالة على أن المراد بالصلاة المفضلة في أول الخبر الفريضة و هذا أحد وجوه الجمع بين الأخبار المختلفة الواردة في تفضيل الصلاة على الحج و العكس و سيأتي تفصيله في كتاب الصلاة إن شاء الله أحصى فيه أسبوعه أي حفظ طوافه من غير زيادة و لا نقصان و لا سهو و لا شك و أحسن ركعتيه أي بفعلهما في وقتهما و مكانهما مع رعاية الشرائط و الكيفيات و الآداب المرعية فيهما و قال في يوم عرفة و يوم المزدلفة أي قال في اليومين في فضل الحج و أعماله أو في فضل اليومين و أعمالهما ما قال قوله فما ذا يتبعه و في بعض النسخ بما ذا يتبعه أي الرب أو المكلف و في المحاسن ثم ما ذا و لا يخفى أن هذا السؤال لا فائدة فيه ظاهرا لأنه مع ذكر الصوم أولا في الأعمال المعدودة و تفضيل ما سواه علم أن الصوم بعدها إلا أن يكون ذلك تمهيدا للسؤال الثاني أو يقال لما لم يكن كلامه ع أولا صريحا في كون تلك الأعمال أفضل من غيرها فهذا السؤال لاستعلام أنه هل بين الصوم و الحج عمل يكون أفضل منه. قوله قال قال رسول الله ص في بعض النسخ و قال رسول الله فيكون من كلام الراوي أي كيف يكون مؤخرا عنها و قد قال رسول الله ص فيه ذلك و على النسخة الأخرى لعله إنما ذكر ع حديثا في فضل الصوم دفعا لما عسى أن يتوهم السائل أنه مما لا فضل فيه أو أنه قليل الأجر و كونه جنة من النار لأن أعظم أسباب النار الشهوات و الصوم يكسرها و الظرف متعلق بجنة لتضمنه معنى الوقاية أو الستر أو التبعيد. ثم ذكر ع للفضل قاعدة كلية و هو أن الأفضل ما لم يقم شيء آخر مقامه و كأن المراد بالتوبة هنا المعنى اللغوي بمعنى الرجوع أو أطلقت على ما ينوب مناب الشيء مجازا أو أنه ع لما أطلق الذنب على الترك و إن كان لعذر أطلق على ما يتداركه التوبة قوله أو قصرت يعني في شيء من شرائطه أو أركانه و في المحاسن أو قصرت و سافرت أي قصرت بسبب السفر. و الحاصل أنه ع أشار إلى أقسام الفوات و أحكامه إجمالا لأن الفوات إما للعذر مثل المرض و غيره أو التقصير أو التعمد في تركه أو السفر و شبهه و اللازم إما القضاء فقط أو الكفارة فقط أو هما معا أو لا هذا و لا ذاك و تفصيله في كتب الفروع و الغرض بيان الفرق بين الصوم و الأربعة الباقية بأن الأربعة لا تسقط مع الاستطاعة و الصوم يسقط في السفر مع القدرة عليه و ذكر السفر على المثال و يمكن أن يكون عدم ذكر المرض لأنه قد ينتهي إلى حال لا يقدر على الصوم فيه و مع السقوط في السفر يؤدي مكانه أياما و قد يسقط القضاء أيضا كما إذا استمر مرضه إلى رمضان آخر و كان فيه دلالة على بطلان قول من قال إن فاقد الطهورين تسقط عنه الصلاة أداء و قضاء. و يحتمل أن يكون ذكر الشق الأول استطرادا و يكون الغرض أن الصوم
إذا فات قد يجب قضاؤه و قد لا يجب و يسقط أصلا بخلاف الأربعة فإنها لا تسقط بحيث لا يجب قضاؤها فقوله و جزيت مقابل لقوله أديت أي و قد يكون كذلك فإن قلت صلاة الحائض أيضا ليس لها قضاء قلت هناك لم يتعلق الوجوب بها أصلا لا أداء و لا قضاء و لا بدلا و هاهنا عوض عن الصوم بشيء فيدل على أن للصوم عوضا يقوم مقامه. و ذروة الشيء بالضم و الكسر أعلاه و سنام البعير كسحاب معروف و يستعار لأرفع الأشياء و المراد بالأمر الدين و بطاعة الإمام انقياده في كل ما أمر و نهى و لما كان معرفة الإمام مع طاعته مستلزمة لمعرفة سائر أصول الدين و فروعه فهي كأنها أرفع أجزائه و كالسنام بالنسبة إلى سائر أجزاء البعير و كالمفتاح الذي يفتح به جميع الأمور المغلقة و المسائل المشكلة و كالباب لقرب الحق سبحانه و للوصول إلى مدينة علم الرسول ص و توجب رضى الرحمن و لا يحصل إلا بها و الضمير في قوله بعد معرفته راجع إلى الإمام و يحتمل رجوعه إلى الله و الاستشهاد بالآية لجميع ما ذكر أو للأخير إما مبني على أن الآية إنما نزلت في ولاية الأئمة ع أو على أن طاعة الإمام هي بعينها طاعة الرسول إما لأنه أمر بطاعته أو أنه نائب منابه فحكمه حكم المنوب عنه و قيل لأن الرسول في الآية شامل للإمام و هو بعيد. قوله ع ما كان له على الله حق لأنه لا تشمله آيات الوعد لأنه إنما وعد المؤمنين الثواب بالجنة و هو ليس من المؤمنين فلا يستحق الثواب بمقتضى الوعد أيضا و إن كان المؤمنون المحسنون أيضا لا يستحقون الثواب بمحض أعمالهم لكن يجب على الله إثابتهم بمقتضى وعده أولئك المحسن منهم الظاهر أنه إشارة إلى المخالفين و المراد بهم المستضعفون فإنهم مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ و لذا قال بفضل رحمته في مقابلة قوله ما كان له على الله حق و الحاصل أن المؤمنين لهم على الله حق لوعده و المستضعفون ليس لهم على الله حق لأنه لم يعدهم الثواب بل قال إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ فإن أدخلهم الجنة فبمحض فضله و يحتمل أن يكون
إشارة إلى المؤمنين العارفين أي إنما يدخل المؤمنين الجنة و إدخالهم أيضا بفضله لا باستحقاقهم و الأول أظهر
11- كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن صفوان بن يحيى عن عيسى بن السري أبي اليسع قال قلت لأبي عبد الله ع أخبرني بدعائم الإسلام التي لا يسع أحدا التقصير عن معرفة شيء منها التي من قصر عن معرفة شيء منها فسد عليه دينه و لم يقبل منه عمله و من عرفها و عمل بها صلح له دينه و قبل منه عمله و لم يضق به مما هو فيه لجهل شيء من الأمور جهله قال فقال شهادة أن لا إله إلا الله و الإيمان بأن محمدا رسول الله ص و الإقرار بما جاء به من عند الله و حق في الأموال الزكاة و الولاية التي أمر الله عز و جل بها ولاية آل محمد ص قال فقلت له هل في الولاية شيء دون شيء فضل يعرف لمن أخذ به قال نعم قال الله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و قال رسول الله من مات و لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية و كان رسول الله ص و كان عليا ع و قال الآخرون و كان معاوية ثم كان الحسن ع ثم كان الحسين ع و قال الآخرون يزيد بن معاوية و حسين بن علي و لا سواء و لا سواء و لا سواء قال ثم سكت ثم قال أزيدك فقال له حكم الأعور نعم جعلت فداك قال ثم كان علي بن الحسين ثم كان محمد بن علي أبا جعفر و كانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر و هم لا يعرفون مناسك حجهم و حلالهم و حرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح لهم و بين لهم مناسك حجهم و حلالهم و حرامهم حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس و هكذا يكون الأمر و الأرض لا تكون إلا بإمام و من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية و أحوج ما تكون إلى ما أنت عليه إذا بلغت نفسك هذه و أهوى بيده إلى حلقه و انقطعت عنك الدنيا تقول لقد كنت على أمر حسن
كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن عيسى بن السري أبي اليسع عن أبي عبد الله ع مثله بيان قوله ع و لم يضق به الباء للتعدية و من في قوله مما هو فيه للتبعيض و هو مع مدخوله فاعل لم يضق أي لم يضيق عليه الأمر شيء مما هو فيه و يمكن أن يقرأ لجهل بالتنوين و شيء بالرفع فشيء فاعل لم يضق و في بعض النسخ فيما مكان مما فلعل إلا خير فيه متعين و في بعض النسخ و لم يضر به فيمكن أن يقرأ على بناء المجهول و جهله فعل ماض و من في مما صلة الضرر أو على بناء الفاعل و جهله على المصدر فاعله و من ابتدائية يقال ضره و ضر به و في رواية العياشي الآتية و لم يضره ما هو فيه بجهل شيء من الأمور إن جهله و هو أصوب. و قيل يعني لم يضق أو لم يضر به من أجل ما هو فيه من معرفة دعائم الإسلام و العمل بها جهل شيء جهله من الأمور التي ليست هي من الدعائم فقوله مما هو فيه تعليل لعدم الضيق أو الضرر و قوله لجهل شيء تعليل للضيق أو الضرر و قوله جهله صفة لشيء و قوله من الأمور عبارة من غير الدعائم من شعائر الإسلام انتهى و لا يخفى ما فيه و حق في الأموال إما مجرور بالعطف على ما جاء و الزكاة بدله و يكون تخصيصا بعد التعميم و ربما يخص ما جاء بالصلاة بقرينة ذكر الزكاة و سائر الأخبار المتقدمة و هو بعيد و إما مرفوع بالخبرية للزكاة و الزكاة مبتدأ و يمكن أن يقرأ حق على بناء الماضي المجهول و على التقديرين الجملة معترضة للتأكيد و التبيين و إنما لم يذكر الصلاة لظهور أمرها فاكتفي عنها بما جاء به و أما رفعه بالعطف على الشهادة كما قيل فهو بعيد لأنه ع لم يتعرض فيه لسائر العبادات بل اقتصر فيه على الاعتقادات و قيل أراد ع بالولاية المأمور بها من الله بالكسر الإمارة و أولوية التصرف و بالأمر بها ما ورد فيها من الكتاب و السنة كالآية المذكورة في هذا الحديث و كآية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ و حديث الغدير و غير ذلك أقول بل الولاية بالفتح بمعنى المحبة و النصرة و الطاعة و اعتقاد الإمامة هنا أنسب كما لا يخفى. قوله هل في الولاية شيء دون شيء إلخ أقول هذا الكلام يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد هل في الإمامة شرط مخصوص و فضل معلوم يكون في رجل خاص من آل محمد بعينه يقتضي أن يكون هو ولي الأمر دون غيره يعرف هذا الفضل لمن أخذ به أي بذلك الفضل و ادعاه و ادعى الإمامة فيكون من أخذ به الإمام أو يكون معروفا لمن أخذ و تمسك به و تابع إماما بسببه و يكون حجته على ذلك فالمراد بالموصول الموالي للإمام الثاني أن يكون المراد به هل في الولاية دليل خاص يدل على وجوبها و لزومها فضل أي فضل بيان و حجة و ربما يقرأ بالصاد المهملة أي برهان فاصل قاطع يعرف هذا البرهان لمن أخذ به أي بذلك البرهان و الأخذ يحتمل الوجهين و لكل من الوجهين شاهد فيما سيأتي. و يمكن الجمع بين الوجهين بأن يكون قوله شيء دون شيء إشارة إلى الدليل و قوله فضل إشارة إلى شرائط الإمامة و إن كان بعيدا و حاصل جوابه ع أنه لما أمر الله تعالى بطاعة أولي الأمر مقرونة بطاعة الرسول و بطاعته فيجب طاعتهم و لا بد من معرفتهم و قال الرسول ص من مات و لم يعرف إمام زمانه أي من يجب أن يقتدى به في زمانه مات ميتة جاهلية و الميتة بالكسر مصدر للنوع أي كموت أهل الجاهلية على الكفر و الضلال فدل على أن لكل زمان إماما لا بد من معرفته و متابعته. و كان رسول الله ص أي من كان تجب طاعته في زمن الرسول هو صلى الله عليه و آله و كان بعده صلى الله عليه و آله عليا و قال آخرون مكانه معاوية و إنما لم يذكر الغاصبين الثلاثة تقية و إشعارا بأن القول بخلافتهم بالبيعة يستلزم القول بخلافة مثل معاوية فاسق جاهل كافر و بالجملة لما كان هذا أشنع خصه بالذكر
مع أن بطلان خلافته يستلزم بطلان خلافتهم. ثم كان الحسن أي في زمن معاوية أيضا ثم كان الإمام الحسين في بعض زمن معاوية و بعض زمن يزيد عليه اللعنة و حسين بن علي ثانيا كأنه زيد من الرواة أو النساخ و يؤيده عدم التكرار في رواية الكشي و يحتمل أن يكون جملة حالية بحذف الخبر أي و حسين بن علي حي و قد يقرأ حسين بالتنوين فيكون ابن علي خبرا أو يكون ذكره أولا لمقابلته ع بمعاوية و ثانيا لمقابلته بيزيد فالمعنى و قال آخرون يزيد بن معاوية و الحسين معارضان أو الواو بمعنى مع و لا سواء خبر مبتدأ محذوف و في بعض النسخ مكرر ثلاث مرات أي علي و معاوية لا سواء و حسن و معاوية لا سواء و حسين و يزيد لا سواء. و الحاصل أن الأمر أوضح من أن يشتبه على أحد فإنه لا يريب عاقل في أنه إذا كان لا بد من إمام و تردد الأمر بين علي و معاوية فعلي ع أولى بالإمامة و كان في الكل ناقصة لقوله عليا و أبا جعفر و من قال نصب أبا جعفر بتقدير أعني غفل عن ذلك و لكن في قوله كانت الشيعة و قوله أن يكون أبو جعفر و قوله حتى كان أبو جعفر تامة و المراد بالكون في الأخيرين ظهور أمره و رجوع الناس إليه و قيل كان ناقصة و الظرف خبره و المراد بالناس في الموضعين علماء المخالفين و رواتهم و هكذا يكون الأمر أي هكذا يكون أمر الإمامة دائما مرددا بين عالم معصوم من أهل البيت بين فضله و ورعه و عصمته و جاهل فاسق بين الجهالة و الفسق من خلفاء الجور و الأرض لا تكون إلا بإمام معصوم عالم بجميع ما تحتاج إليه الأمة و من لم يعرفه مات ميتة جاهلية و أحوج مبتدأ مضاف إلى ما و هي مصدرية و تكون تامة و نسبة الحاجة إلى المصدر مجاز و المقصود نسبة الحاجة إلى فاعل المصدر باعتبار بعض أحوال وجوده و إلى متعلق بأحوج و ما موصولة و عبارة عن التصديق بالولاية و إذا ظرف و هو خبر أحوج و أهوى كلام الراوي وقع بين كلامه ع
12- كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه ع قال قال أمير المؤمنين ع الإيمان له أركان أربعة التوكل على الله و تفويض الأمر إلى الله و الرضا بقضاء الله و التسليم لأمر الله عز و جل
بيان له أركان أربعة لعدم استقرار الإيمان و ثباته إلا بها التوكل على الله أي الاعتماد عليه في جميع الأمور و المهمات و قطع النظر عن الأسباب الظاهرة و إن كان يجب التوسل بها ظاهرا لكن من كمل يقينه بالله و أنه القادر على كل شيء و أنه المسبب للأسباب لا يعتمد عليها بل على مسببها و تفويض الأمر إلى الله أي في دفع الأعادي الظاهرة و الباطنة كما فوض مؤمن آل فرعون أمره إلى الله فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا و لا ريب أن هذا و ما قبله متفرعان على قوة الإيمان بالله و يصيران سببا لشدة اليقين أيضا و الرضا بقضاء الله في الشدة و الرخاء و العافية و البلاء و هذا أيضا يحصل من الإيمان بكونه سبحانه مالكا لنفع العباد و ضرهم و لا يفعل بهم إلا ما هو الأصلح لهم و يصير أيضا سببا لكمال اليقين و التسليم لأمر الله أي الانقياد له في كل ما أمر به و نهى عنه و لنبيه و أوصيائه فيما صدر عنهم من الأقوال و الأفعال كما قال سبحانه فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً و مدخلية هذه الخصلة في الإيمان و كماله أظهر من أن يحتاج إلى البيان وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ
13- كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن محمد عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جده ع قال قال أمير المؤمنين ع قال رسول الله ص إن الله خلق الإسلام فجعل له عرصة و جعل له نورا و جعل له حصنا و جعل له ناصرا فأما عرصته فالقرآن و أما نوره فالحكمة و أما حصنه فالمعروف و أما أنصاره فأنا و أهل بيتي و شيعتنا فأحبوا أهل بيتي و شيعتهم و أنصارهم فإنه لما أسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل ع لأهل السماء استودع الله حبي و حب أهل بيتي و شيعتهم في قلوب الملائكة فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة ثم هبط بي إلى أهل الأرض فنسبني إلى أهل الأرض فاستودع الله حبي و حب أهل بيتي و شيعتهم في قلوب مؤمني أمتي فمؤمنو أمتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم القيامة ألا فلو أن الرجل من أمتي عبد الله عز و جل عمره أيام الدنيا ثم لقي الله عز و جل مبغضا لأهل بيتي و شيعتي ما فرج الله صدره إلا عن نفاق
14- بشا، ]بشارة المصطفى[ عن محمد بن علي بن عبد الصمد عن أبيه عن جده عن أحمد بن محمد بن عباد الرازي عن عبد العظيم مثله إلا أن فيه فهبط بي إلى الأرض و نسبني لأهل الأرض إلى قوله في قلوب أهل الأرض إلى قوله عدة أيام الدنيا إلى قوله ما فرج الله قلبه إلا عن النفاق
توضيح فجعل له عرصة العرصة كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء و الظاهر أنه ع شبه الإسلام برجل لا بدار كما زعم و شبه القرآن بعرصة يجول الإسلام فيه و شبه الحكمة و العلوم الحقة بسراج و نور يستنير به الإسلام أو يبصر به صاحبه فإن بالعلم يظهر حقائق الإسلام و أوامره و نواهيه و أحكامه و أما حصنه فالمعروف أي الإحسان أو ما عرف بالعقل و الشرع حسنه كما هو المراد في الأمر بالمعروف فإنه بكل من المعنيين يكون سببا لحفظ الإسلام و بقائه و عدم تطرق شياطين الإنس و الجن للخلل فيه أو المراد به الأمر بالمعروف فالتشبيه أظهر. و أما كونهم ع و شيعتهم أنصار الإسلام فهو ظاهر و غيرهم يخربون الإسلام و يضيعونه فنسبني أي ذكر نسبي أو وصفني و ذكر نبوتي و مناقبي و أما ذكر نسبه لأهل الأرض فبالآيات التي أنزلها فيه و في أهل بيته و يقرؤها الناس إلى يوم القيامة أو ذكر فضله و نادى به بحيث سمع من في أصلاب الرجال و أرحام النساء كنداء إبراهيم ع بالحج و قيل لما وجبت الصلوات الخمس في المعراج فلما هبط ص علمها الناس و كان من أفعالها الصلاة على محمد و آله في التشهد فدلهم بذلك على أنهم أفضل الخلق لأنه لو كان غيرهم أفضل لكانت الصلاة عليهم أوجب و الأول أظهر. ثم لقي الله أي عند الموت أو في القيامة و تفريج الصدر كناية عن إظهار ما كان كامنا فيه على الناس في القيامة أو عن علمه تعالى به و الأول أظهر
15- كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن مدرك بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص الإسلام عريان فلباسه الحياء و زينته الوفاء و مروته العمل الصالح و عماده الورع و لكل شيء أساس و أساس الإسلام حبنا أهل البيت
كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن عبد الله بن القاسم مثله سن، ]المحاسن[ عن أبيه مثله لي، ]الأمالي للصدوق[ عن العطار عن سعد عن ابن يزيد عن زياد القندي عن علي بن معبد عن عبد الله بن القاسم عن مبارك بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عن آبائه ع مثله بيان الإسلام عريان شبه ع الإسلام برجل و الحياء بلباسه فكما أن اللباس يستر العورات و القبائح الظاهرة فكذلك الحياء يستر القبائح و المساوي الباطنة و لا يبعد أن يكون المراد بالإسلام المسلم من حيث إنه مسلم أو يكون إسناد العرى و اللباس إليه على المجاز أي لباس صاحبه و كذا الفقرات الآتية تحتملهما فتفطن و زينته الوفاء أي بعهود الله و رسوله و حججه و بعهود الخلق و وعودهم و قيل إيفاء كل ذي حق حقه وافيا و مروته العمل الصالح المروءة بالضم مهموزا و قد يخفف الهمزة فيشد الواو الإنسانية أي العمل بمقتضاها قال في القاموس مرو ككرم مروءة فهو مريء أي ذو مروءة و إنسانية. و في المصباح المروءة آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق و جميل العادات يقال مرؤ الإنسان فهو مريء مثل قرب فهو قريب أي صار ذا مروءة و قال الجوهري و قد يشدد فيقال مروة انتهى و الحاصل أن العمل الصالح من لوازم الإسلام و مما يجعل الإسلام حقيقا بأن يسمى إسلاما كما أن المروءة من لوازم الإنسان و مما يصير به الإنسان حقيقا بأن يسمى إنسانا أو المسلم من حيث إنه مسلم مروته العمل الصالح فلا يسمى مرءا حقيقة أو مسلما إلا به. و عماده الورع العماد بالكسر ما يسند به و عماد الخيمة و السقف ما يقام به و الحاصل أن ثبات الإسلام و بقاءه و استقراره بالورع أي ترك المحرمات بل الشبهات أيضا كما أن بالمعاصي يتزلزل بل يزول و الأس بالضم و الأساس بالفتح أصل البناء و أصل كل شيء و الأساس بالكسر جمع أس و الحاصل أنه كما يستقر البناء و لا يستقيم بغير أساس فكذلك الإسلام لا يتحقق و لا يستقر إلا بحبهم الملزوم للقول بولايتهم و إمامتهم فإن من أنكر حقهم فهو أعدى عدوهم و قوله ص حبنا أي حبي و حب أهل بيتي و يحتمل كون الفقرة الأخيرة كلام الصادق ع لكنه بعيد
16- نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع في بعض خطبه ثم إن هذا الإسلام دين الله الذي اصطفاه لنفسه و اصطنعه على عينه و أصفاه خيرة خلقه و أقام دعائمه على محبته أذل الأديان بعزه و وضع الملل برفعه و أهان أعداءه بكرامته و خذل محاديه بنصره و هدم أركان الضلالة بركنه و سقى من عطش من حياضه و أتاق الحياض بمواتحه ثم جعله لا انفصام لعروته و لا فك لحلقته و لا انهدام لأساسه و لا زوال لدعائمه و لا انقلاع لشجرته و لا انقطاع لمدته و لا عفاء لشرائعه و لا جذ لفروعه و لا ضنك لطرقه و لا وعوثة لسهولته و لا سواد لوضحه و لا عوج لانتصابه و لا عصل في عوده و لا وعث لفجه و لا انطفاء لمصابيحه و لا مرارة لحلاوته فهو دعائم أساخ في الحق أسناخها و ثبت لها أساسها و ينابيع غزرت عيونها و مصابيح شبت نيرانها و منار اقتدى بها سفارها و أعلام قصد بها فجاجها و مناهل روي بها ورادها جعل الله فيه منتهى رضوانه و ذروة دعائمه و سنام طاعته فهو عند الله وثيق الأركان رفيع البنيان منير البرهان مضيء النيران عزيز السلطان مشرف المنار معوز المثار فشرفوه و اتبعوه و أدوا إليه حقه و ضعوه مواضعه
بيان الاصطفاء الاختيار أي اختاره لأن يكون طريقا إلى طاعته و سبيلا إلى جنته و الاصطناع افتعال من الصنيعة و هي العطية و الكرامة و الإحسان و اصطنعه أي اختاره و اتخذه صنيعة و اصطنع خاتما أي أمر أن يصنع له و قال بعض شراح النهج تقول اصنع لي كذا على عيني أي اصنعه صنعة كالتي تصنعها و أنا حاضر أشاهدها بعيني فالمعنى أمر بأن يصنع الإسلام كالمصنوع المشاهد للأمر أي أسس قواعده على ما ينبغي و على علم منه بدقائقه و قيل أي على علم منه بشرفه و فضله و قيل أي اختاره أو أمر بأن يصنع حافظا له كما يقال في الدعاء بالحفظ و الحياطة عين الله عليك و على يفيد الحال على الوجوه و اصطفيت الشيء أي آثرته و اصطفيته الود أي أخلصته. و أصفاه خيرة خلقه أي آثر و اختار للبعثة به خيرة خلقه أو جعل خيرة خلقه خالصا لتبليغه دون غيره و الخيرة بالكسر و كعنبة الاسم من الاختيار و الدعامة بالكسر عماد البيت و الضمير في محبته للإسلام أو لله و ذلة الأديان نسخها أو المراد ذلة أهلها و كذا وضع الملل و هو الحط ضد الرفع يحتملهما و خذله كنصره ترك نصرته و المحادة المخالفة و منع ما يجب عليك من الحد بمعنى المنع و ركن الشيء جانبه الذي يستند إليه و يقوم به و أركان الضلالة العقائد المضلة أو رؤساء أهل الضلال أو الأصنام و ركنه أصوله و قواعده أو النبي ص أو كلمة التوحيد و حياضه قوانينه أو النبي و الأئمة ص أو العلماء أيضا و ماؤها العلم و الهداية و تئق الحوض كفرح أي امتلأ و أتاقه أملأه و الماتح المستقي الذي يستخرج الدلو و الحياض هنا المستفيدون و مواتحه الأئمة الآخذون شرائعه عن النبي ص أو المستنبطون من القرآن أو العلماء المستنبطون معالم الكتاب و السنة بأفكارهم أو الآخذون عن النبي و الأئمة ع و يحتمل أن يراد بالحياض القواعد و بالمواتح المؤسسون لها بأمر الله المبينون لها للمستضيئين بأنوارهم أو يراد بالحياض أولي العلم ع الذين ملأ الله صدورهم من زلال المعرفة و الهداية و بالمواتح المبلغون عن الله من الملائكة و روح القدس و الإلهامات الربانية. و الانفصام الانكسار أو من غير إبانة و العروة من الدلو و الكوز المقبض و الفك الفصل و العفاء الدروس و ذهاب الأثر و الشريعة ما شرع الله لعباده أي سن و أوضح و الجذ بالجيم و الذال المعجمة القطع أو القطع المستأصل و في بعض النسخ بالحاء المهملة و هو القطع و في بعضها بالجيم و الدال المهملة و هو القطع أيضا و الفعل في الجميع كمد و الضنك الضيق و وعوثة الطريق تعسر سلوكه و أصله من الوعث و هو الرمل و المشي فيه يشتد و يشق و منه وعثاء السفر لشدته و مشقته و عن النبي ص بعثت إليكم بالحنيفية السمحة السهلة البيضاء و الوضح بالتحريك البياض و بياض الإسلام صفاؤه عن كدر الباطل و نصبت الشيء أي أقمته و رفعته فانتصب و العصل بالتحريك الاستواء و الاعوجاج أو الاعوجاج في صلابة و الفج الطريق الواسع بين الجبلين و طفئت النار كفرح و انطفأت أي ذهب لهبها. و حلاوة الدين لذة القرب من الله و النعيم الدائم و ساخ الشيء في الأرض أي غاب و غار و السنخ بالكسر الأصل و الأساس كسحاب أصل البناء و الينبوع العين ينبع منه الماء أي يخرج و قيل الجدول الكثير الماء و هو أنسب و غزر العين ككرم أي كثر ماؤه و شبت النار على المعلوم و المجهول توقدت لازم متعد و لا يقال شابة بل مشبوبة و في النسخ على المجهول و النيران جمع نار و المنار جمع منارة و هو العلم يهتدى به و قيل المنار و المنارة موضع النور و سفر الرجل كنصر أي خرج للارتحال فهو سافر و الفج الطريق الواسع الواضح
بين جبلين و المنهل المشرب و الموضع الذي فيه المشرب و روي كرضي ضد العطش و الوراد الذين يردون الماء ضد الصادرين و ذروة الشيء بالضم و الكسر أعلاه و كذلك السنام كسحاب مأخوذ من سنام البعير و الوثيق المحكم الثابت و ركن الشيء بالضم جانبه و البنيان ما يبنى و مصدر بنيت الدار و غيره و البرهان الحجة و العزة القوة و الغلبة و ضد الذلة و السلطان يحتمل الحجة و السلطنة و أشرف الموضع أي ارتفع و أعوزه الشيء أي احتاج إليه فلم يقدر عليه و أعوز فلان إذا افتقر و أعوزه الدهر أي أحوجه. و ثار الغبار هاج و سطع و ثار به الناس وثبوا عليه و ثار فلان إلى الشر أي نهض و المثار الموضع و المصدر قيل أي يعجز الناس إثارته و إزعاجه لقوته و ثباته و قال بعضهم أي يعجز الخلق إثارة دفائنه و ما فيه من كنوز الحكمة و لا يمكنهم استقصاؤها و روى بعض معوز المثال باللام أي يعجز الخلق عن الإتيان بمثله. فشرفوه أي عدوه شريفا و اعتقدوه كذلك و كذلك عظموه و أداء حقه الاتباع الكامل و وضعه مواضعه الكف عن تغيير أحكامه و العلم بمرتبته و مقداره الذي جعله الله له أو العمل بجميع ما تضمنه من الأوامر و النواهي
17- نهج، ]نهج البلاغة[ الحمد لله الذي شرع الإسلام فسهل شرائعه لمن ورده و أعز أركانه على من غالبه فجعله أمنا لمن علقه و سلما لمن دخله و برهانا لمن تكلم به و شاهدا لمن خاصم به و نورا لمن استضاء به و فهما لمن عقل و لبا لمن تدبر و آية لمن توسم و تبصرة لمن عزم و عبرة لمن اتعظ و نجاة لمن صدق و ثقة لمن توكل و راحة لمن فوض و جنة لمن صبر فهو أبلج المناهج واضح الولائج مشرف المنار مشرق الجوار مضيء المصابيح كريم المضمار رفيع الغاية جامع الحبلة متنافس السبقة شريف الفرسان التصديق منهاجه و الصالحات مناره و الموت غايته و الدنيا مضماره و القيامة حلبته و الجنة سبقته
و قال رضي الله عنه في موضع آخر و سئل ع عن الإيمان فقال الإيمان على أربع دعائم على الصبر و اليقين و العدل و الجهاد فالصبر منها على أربع شعب على الشوق و الشفق و الزهد و الترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات و من أشفق من النار اجتنب المحرمات و من زهد في الدنيا استهان بالمصيبات و من ارتقب الموت سارع في الخيرات و اليقين منها على أربع شعب على تبصرة الفطنة و تأول الحكمة و موعظة العبرة و سنة الأولين فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة و من تبينت له الحكمة عرف العبرة و من عرف العبرة فكأنما كان في الأولين و العدل منها على أربع شعب على غائص الفهم و غور العلم و زهرة الحكم و رساخة الحلم فمن فهم علم غور العلم و من علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم و من حلم لم يفرط في أمره و عاش في الناس حميدا و الجهاد منها على أربع شعب على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الصدق في المواطن و شنآن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهور المؤمنين و من نهى عن المنكر أرغم أنوف المنافقين و من صدق في المواطن قضى ما عليه و من شنئ الفاسقين و غضب لله غضب الله له و أرضاه يوم القيامة و الكفر على أربع دعائم على التعمق و التنازع و الزيغ و الشقاق فمن تعمق لم ينب إلى الحق و من كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق و من زاغ ساءت عنده الحسنة و حسنت عنده السيئة و سكر سكر الضلالة و من شاق وعرت عليه طرقه و أعضل عليه أمره و ضاق مخرجه و الشك على أربع شعب على التماري و الهول و التردد و الاستسلام فمن جعل المراء ديدنا لم يصبح ليله و من هاله ما بين يديه نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ و من تردد في الريب وطئته سنابك الشياطين و من استسلم لهلكة الدنيا و الآخرة هلك فيهما
ثم قال رضي الله عنه و بعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الإطالة و الخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب و قال رحمه الله في موضع آخر و سأله ع رجل أن يعرفه ما الإيمان فقال إذا كان غد فأتني حتى أخبرك على أسماع الناس فإن نسيت مقالتي حفظها عليك غيرك فإن الكلام كالشاردة يثقفها هذا و يخطئها هذا
و قد ذكرنا ما أجابه به فيما تقدم من هذا الباب و هو قوله ع الإيمان على أربع شعب. بيان أقول إنما أوردنا هذه الفصول متصلة لما يظهر من سائر الروايات اتصالها و إنما فرقها و حذف أكثرها على عادته قدس سره و أخرنا شرح ما أورده منها إلى ذكر سائر الروايات لكونها أجمع و أفيد و سنشير إلى الاختلاف بينها و بينها قوله فإذا كان غد كان هاهنا تامة أي إذا حدث غد و وجد و تقول إذا كان غدا فأتني بالنصب باعتبار آخر أي إذا كان الزمان غدا أي موصوفا بأنه الغد و من النحويين من يقدره إذا كان الكون غدا لأن الفعل يدل على المصدر و الكون هو التجدد و الحدوث و الشاردة النافرة و ثقفه كعلمه أي صادفه أو أخذه أو ظفر به و يخطئها أي لا يدركها و لا يفهمها أو لا يحفظها و ينساها
18- كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن أبيه و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى و عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب عن يعقوب السراج عن جابر عن أبي جعفر ع و بأسانيد مختلفة عن الأصبغ بن نباتة قال خطبنا أمير المؤمنين ع في داره أو قال في القصر و نحن مجتمعون ثم أمر صلوات الله عليه فكتب في كتاب و قرئ على الناس
و روى غيره أن ابن الكواء سأل أمير المؤمنين ع عن صفة الإسلام و الإيمان و الكفر و النفاق فقال أما بعد فإن الله تبارك و تعالى شرع الإسلام و سهل شرائعه لمن ورده و أعز أركانه لمن جار به و جعله عزا لمن تولاه و سلما لمن دخله و هدى لمن ائتم به و زينة لمن تجلله و عذرا لمن انتحله و عروة لمن اعتصم به و حبلا لمن استمسك به و برهانا لمن تكلم به و نورا لمن استضاء به و شاهدا لمن خاصم به و فلجا لمن حاج به و علما لمن وعاه و حديثا لمن روى و حكما لمن قضى و حلما لمن جرب و لباسا لمن تدبر و فهما لمن تفطن و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و آية لمن توسم و عبرة لمن اتعظ و نجاة لمن صدق و تؤدة لمن أصلح و زلفى لمن اقترب و ثقة لمن توكل و رجاء لمن فوض و سبقة لمن أحسن و خيرا لمن سارع و جنة لمن صبر و لباسا لمن اتقى و ظهيرا لمن رشد و كهفا لمن آمن و أمنة لمن أسلم و رجاء لمن صدق و غنى لمن قنع فذلك الحق سبيله الهدى و مأثرته المجد و صفته الحسنى فهو أبلج المنهاج مشرق المنار ذاكي المصباح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة سريع السبقة أليم النقمة كامل العدة كريم الفرسان فالإيمان منهاجه و الصالحات مناره و الفقه مصابيحه و الدنيا مضماره و الموت غايته و القيامة حلبته و الجنة سبقته و النار نقمته و التقوى عدته و المحسنون فرسانه فبالإيمان يستدل على الصالحات و بالصالحات يعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت يختم الدنيا و بالدنيا تجوز القيامة و بالقيامة تزلف الجنة و الجنة حسرة أهل النار و النار موعظة للمتقين و التقوى سنخ الإيمان
19- كا، ]الكافي[ بالإسناد المتقدم عن أبي جعفر ع قال سئل أمير المؤمنين ع عن الإيمان فقال إن الله عز و جل جعل الإيمان على أربع دعائم على الصبر و اليقين و العدل و الجهاد فالصبر من ذلك على أربع شعب على الشوق و الإشفاق و الزهد و الترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات و من أشفق عن النار رجع عن المحرمات و من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات و من راقب الموت سارع إلى الخيرات و اليقين على أربع شعب تبصرة الفطنة و تأول الحكمة و معرفة العبرة و سنة الأولين فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة و من تأول الحكمة عرف العبرة و من عرف العبرة عرف السنة و من عرف السنة فكأنما كان مع الأولين و اهتدى إلى التي هي أقوم و نظر إلى من نجا بما نجا و من هلك بما هلك و إنما أهلك الله من هلك بمعصيته و أنجى من أنجى بطاعته و العدل على أربع شعب غامض الفهم و غمر العلم و زهرة الحكم و روضة الحلم فمن فهم فسر جميع العلم و من علم عرف شرائع الحكم و من حلم لم يفرط في أمره و عاش في الناس حميدا و الجهاد على أربع شعب على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الصدق في المواطن و شنآن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن و من نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق و أمن كيده و من صدق في المواطن قضى الذي عليه و من شنئ الفاسقين غضب لله و من غضب لله غضب الله له فذلك الإيمان و دعائمه و شعبه
جا، ]المجالس للمفيد[ ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن المفيد عن المرزباني عن أحمد بن سليمان الطوسي عن الزبير بن بكار عن عبد الله بن وهب عن السدي عن عبد خير عن جابر الأسدي قال قام رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فسأله عن الإيمان فقام ع خطيبا فقال الحمد لله الذي شرع الإسلام و ساق نحوه إلى قوله غضب لله و من غضب لله تعالى فهو مؤمن حقا فهذه صفة الإيمان و دعائمه فقال له السائل لقد هديت يا أمير المؤمنين و أرشدت فجزاك الله عن الدين خيرا
و لنوضح هذه الرواية الشريفة مشيرا إلى اختلاف النسخ في الكتب أما بعد أي بعد الحمد و الصلاة فسهل شرائعه لمن ورده الشرع و الشريعة بفتحهما ما شرع الله لعباده من الدين أي سنه و افترضه عليهم و شرع الله لنا كذا أي أظهره و أوضحه و الشريعة مورد الإبل على الماء الجاري و كذلك المشرعة قال الأزهري و لا تسميها العرب مشرعة إلا إذا كان الماء غير منقطع كماء الأنهار و يكون ظاهرا معينا و لا يستقى منه برشاء فإن كان من ماء الأمطار فهو الكرع بفتحتين و وردت الماء كوعدت إذا حضرته لتشرب و قيل الشريعة مورد الشاربة و يقال لما شرع الله تعالى لعباده إذ به حياة الأرواح كما بالماء حياة الأبدان و أعز أركانه لمن حاربه ركن الشيء جانبه أو الجانب الأقوى منه و العز و المنعة و ما يتقوى به من ملك و جند و غيره كما يستند إلى الركن من الحائط عند الضعف و العز القوة و الشدة و الغلبة و أعزه أي جعله عزيزا أي جعل أصوله و قواعده أو دلائله و براهينه قاهرة غالبة منيعة قوية لمن أراد محاربته أي هدمه و تضييعه و قيل محاربته كناية عن محاربة أهله و في بعض النسخ جار به كسال بالجيم و الهمز أي استغاث به و لجأ إليه و في النهج على من غالبه أي حاول أن يغلبه و لعله أظهر و في تحف العقول على من جانبه. و جعله عزا لمن تولاه أي جعله سببا للعزة و الرفعة و الغلبة لمن أحبه و جعله وليه في الدنيا من القتل و الأسر و النهب و الذل و في الآخرة من العذاب و الخزي و في مجالس الشيخ لمن والاه و في النهج مكانه فجعله أمنا لمن علقه أي نشب و استمسك به و سلما لمن دخله و السلم بالكسر كما في النهج و بالفتح أيضا الصلح و يطلق على المسالم أيضا و بالتحريك الاستسلام إذ من دخله يؤمن من المحاربة و القتل و الأسر لمن تجلله كأنه على الحذف و الإيصال أي تجلل به أو علاه الإسلام و ظهر عليه أو أخذ جلاله و عمدته قال الجوهري تجليل الفرس أن تلبسه الجل و تجلله أي علاه و تجلله أي أخذ جلاله انتهى و ربما يقرأ بالحاء المهملة و يفسر بأن جعله حلة على نفسه و لا يخفى ما فيه و في المجالس و التحف لمن تحلي به و هو أظهر. و عذرا لمن انتحله الانتحال أخذه نحلة و دينا و يطلق غالبا على ادعاء أمر لم يتصف به فعلى الثاني المراد أنه عذر ظاهرا في الدنيا و يجري به عليه أحكام المسلمين و إن لم ينفعه في الآخرة و العروة من الدلو و الكوز المقبض و كل ما يتمسك به شبه الإسلام تارة بالعروة التي في الجبل يتمسك بها في الارتقاء إلى مدارج الكمال و النجاة من مهاوي الحيرة و الضلال كما قال تعالى فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها و تارة بالحبل المتين يصعد بالتمسك به إلى درجات المقربين و الحبل يطلق على الرسن و على العهد و على الذمة و على الأمان و الكل مناسب و قيل شبهه بالعروة لأن من أخذ بعروة الشيء كالكوز مثلا ملك كله و كذلك من تمسك بالإسلام استولى على جميع الخيرات. و برهانا لمن تكلم به البرهان الحجة و الدليل أي الإسلام إذا أحاط الإنسان بأصوله و فروعه يحصل منه براهين ساطعة على من أنكرها إذ لا تحصل الإحاطة التامة إلا بالعلم بالكتاب و السنة و فيهما برهان كل شيء و نورا لمن استضاء به شبهه بالنور للاهتداء به إلى طرق النجاة و رشحه بذكر الاستضاءة
و شاهدا لمن خاصم به إذ باشتماله على البراهين الحقة يشهد بحقيته من خاصم به و فلجا لمن حاج به الفلج بالفتح الظفر و الفوز كالإفلاج و الاسم بالضم و المحاجة المغالبة بالحجة و علما لمن وعاه أي سببا لحصول العلم و إن كان مسببا عنه أيضا في الجملة إذ العلم به يزداد و يتكامل و حديثا لمن روى أي يتضمن الإحاطة بالإسلام أحاديث و أخبارا لمن أراد روايتها ففي الفقرة السابقة حث على الدراية و في هذه الفقرة حث على الرواية. و حكما لمن قضى أي يتضمن ما به يحكم بين المتخاصمين لمن قضى بينهما و في المجالس رواه و قضى به و حلما لمن جرب الحلم بمعنى العقل أو بمعنى الأناة و ترك السفه و كلاهما يحصلان باختيار الإسلام و تجربة ما ورد فيه من المواعظ و الأحكام و اختصاص التجربة بالإسلام لأن من سفه و بادر بسبب غضب عرض له يلزمه في دين الإسلام أحكام من الحد و التعزير و القصاص من جربها و اعتبر بها تحمله التجربة على العفو و الصفح و عدم الانتقام لا سيما مع تذكر العقوبات الأخروية على فعلها و المثوبات الجليلة على تركها و كل ذلك يظهر من دين الإسلام. و لباسا لمن تدبر أي لباس عافية لمن تدبر في العواقب أو في أوامره و نواهيه بتقريب ما مر أو لباس زينة و الأول أظهر و قد يقرأ تدثر بالثاء المثلثة أي لبسه و جعله مشتملا على نفسه كالدثار و هو تصحيف لطيف و في النهج و الكتابين و لبا لمن تدبر و اللب بالضم العقل و هو أصوب و فهما لمن تفطن الفهم العلم و جودة تهيؤ الذهن لقبول ما يرد عليه و الفطنة الحذق و التفطن طلب الفطانة أو إعماله و ظاهر أن الإسلام و الانقياد للرسول و الأئمة ع يصير سببا للعلم و جودة الذهن لمن أعمل الفطنة فيما يصدر عنهم من المعارف و الحكم و في المجالس لمن فطن. و يقينا لمن عقل أي يصير سببا لحصول اليقين لمن تفكر و تدبر يقال عقلت الشيء عقلا كضربت أي تدبرته و عقل كعلم لغة فيه و يمكن أن يراد بمن عقل من كان من أهل العقل و هو قوة بها يكون التمييز بين الحسن و القبيح و قيل غريزة يتهيأ بها الإنسان لفهم الخطاب و بصيرة لمن عزم و في النهج و المجالس و تبصرة قال الراغب يقال لقوة القلب المدركة بصيرة و بصر و منه أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أي على معرفة و تحقق و قوله تبصرة أي تبصيرا و تبيينا يقال بصرته تبصيرا و تبصرة كما يقال ذكرته تذكيرا و تذكرة و قال العزم و العزيمة عقد القلب على إمضاء الأمر يقال عزمت الأمر و عزمت عليه و اعتزمت انتهى أي تبصرة لمن عزم على الطاعة كيف يؤديها أو في جميع الأمور فإن في الدين كيفية المخرج في جميع أمور الدين و الدنيا و أيضا من كان ذا دين لا يعزم على أمر إلا على وجه البصيرة. و آية لمن توسم أي الإسلام مشتمل على علامات لمن تفرس و نظر بنور العلم و اليقين إشارة إلى قوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ قال الراغب الوسم التأثير و السمة الأثر قال تعالى سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ و قال تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ و قوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ أي للمعتبرين العارفين المتفطنين و هذا التوسم هو الذي سماه قوم الذكاء و قوم الفطنة و قوم الفراسة
و قال ص اتقوا فراسة المؤمن و قال المؤمن ينظر بنور الله
و توسمت تعرفت السمة. و عبرة لمن اتعظ العبرة بالكسر ما يتعظ به الإنسان و يعتبره ليستدل به على غيره و الاتعاظ قبول الوعظ و نجاة لمن صدق بالتشديد و يحتمل التخفيف كما ورد في الخبر من صدق نجا و الأول هو المضبوط في نسخ النهج و تؤدة كهمزة بالهمز لمن أصلح و في القاموس التؤدة بفتح الهمزة و سكونها الرزانة و التأني و قد اتأد و توأد و في المصباح اتأد في مشيه على افتعل اتئادا ترفق و لم يعجل و هو يمشي على تؤدة وزان رطبة و فيه تؤدة أي تثبت و أصل التاء فيها واو انتهى أي يصير الإسلام سبب وقار و رزانة لمن أصلح نفسه بشرائعه و قوانينه أو أصلح أموره بالتأني أو يتأنى في الإصلاح بين الناس أو بينه و بين الناس و في بعض النسخ و مودة و هو بالأخير أنسب توضيح و في المجالس و مودة من الله لمن أصلح و في التحف و مودة من الله لمن صلح أي يوده الله أو يلقي حبه في قلوب العباد كما قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا و زلفى لمن اقترب الزلفى كحبلى القرب و المنزلة و الحظوة و الاقتراب الدنو و طلب القرب و كأن المعنى الإسلام سبب قرب من الله تعالى لمن طلب ذلك بالأعمال الصالحة التي دل عليها دين الإسلام و شرائعه و في بعض النسخ لمن اقترن أي معه و لم يفارقه و كأنه تصحيف و في المجالس و التحف لمن ارتقب أي انتظر الموت أو رحمة الله أو حفظ شرائع الدين و ترصد مواقيتها في القاموس الرقيب الحافظ و المنتظر و الحارس و رقبة انتظره كترقبه و ارتقبه و الشيء حرسه كراقبه مراقبة و ارتقب أشرف و علا. و ثقة لمن توكل الثقة من يؤتمن و يعتمد عليه يقال وثقت به أثق بكسرهما ثقة و وثوقا أي ائتمنته و وثق الشيء بالضم وثاقة فهو وثيق أي ثابت محكم و توكل عليه أي فوض أمره إليه أي الإسلام ثقة مأمون لمن وكل أموره إليه أي راعى في جميع الأمور قوانينه فلا يخدعه أو يصير الإسلام سببا لوثوق المرء على الله إذا توكل عليه و يعلم به أن الله حسبه وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ. و رجاء لمن فوض أي الإسلام سبب رجاء لمن فوض أموره إليه أو إلى الله على الوجهين السابقين و في بعض النسخ بالخاء المعجمة أي سعة عيش و في النهج و الكتابين و راحة و هو أظهر و سبقه لمن أحسن في القاموس سبقه يسبقه و يسبقه تقدمه و الفرس في الحلبة جلي و السبق محركة و السبقة بالضم الخطر يوضع بين أهل السباق و هما سبقان بالكسر أي يستبقان انتهى و الظاهر هنا سبقة بالضم أي الإسلام متضمن لسبقة لمن أحسن المسابقة أو لمن أحسن إلى الناس فإنه من الأمور التي تحسن المسابقة فيه أو لمن أحسن صحبته أو لمن أتى بأمر حسن فيشمل جميع الطاعات و لا يبعد أن يكون إشارة إلى قوله تعالى وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ بأن يكون المعنى اتبعوهم في الإحسان و خيرا لمن سارع على الوجوه المتقدمة إشارة إلى قوله سبحانه في مواضع يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ. و جنة لمن صبر الجنة بالضم الترس و كل ما وقى من سلاح و غيره فالإسلام يحث على الصبر و هو جنة لمخاوف الدنيا و الآخرة و قيل استعار لفظ الجنة للإسلام لأنه يحفظ من صبر على العمل بقواعده و أركانه من العقوبة الدنيوية و الأخروية و قيل جنة لمن صبر في المناظرة مع أعادي الدين و لباسا لمن اتقى كأنه إشارة إلى قوله تعالى وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ بناء على أن المراد بلباس التقوى خشية الله أو الإيمان أو العمل الصالح أو الحياء الذي يكسب التقوى أو السمت الحسن و قد قيل كل ذلك أو اللباس الذي هو التقوى فإنه يستر الفضائح و القبائح و يذهبها لا لباس الحرب كالدرع و المغفر و الآلات التي تتقي بها عن العدو كما قيل فالإسلام سبب للبس لباس الإيمان و التقوى و الأعمال الصالحة و الحياء و هيئة أهل الخير لمن اتقى و عمل بشرائعه.
و ظهيرا لمن رشد أي معينا لمن اختار الرشد و الصلاح في القاموس رشد كنصر و فرح رشدا و رشدا و رشادا اهتدى و الرشد الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه و كهفا لمن آمن الكهف كالغار في الجبل و الملجأ أي محل أمن من مخاوف الدنيا و العقبى لمن آمن بقلبه لا لمن أظهر بلسانه و نافق بقلبه و أمنة لمن أسلم الأمنة بالتحريك الأمن و قيل في الآية جمع كالكتبة و الظاهر أن المراد بالإسلام هنا الانقياد التام لله و لرسوله و لأئمة المؤمنين فإن من كان كذلك فهو آمن في الدنيا و الآخرة من مضارهما و رجاء لمن صدق أي الإسلام باعتبار اشتماله على الوعد بالمثوبات الأخروية و الدرجات العالية سبب لرجاء من صدق به و يمكن أن يقرأ بالتخفيف و يؤيده أن في التحف و روحا للصادقين و في بعض نسخ الكتاب أيضا روحا و منهم من فسر الفقرتين بأن الإسلام أمنة في الدنيا لمن أسلم ظاهرا و روح في الآخرة لمن صدق باطنا أقول و كأنه يؤيده قوله تعالى فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ. و غنى لمن قنع أي الإسلام لاشتماله على مدح القناعة و فوائدها فهو يصير سببا لرضا من قنع بالقليل و غناه عن الناس و قيل لأن التمسك بقواعده يوجب وصول ذلك القدر إليه كما قال عز شأنه وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ و يحتمل أن يراد به أن الإسلام باعتبار اشتماله على ما لا بد للإنسان منه من العلوم الحقة و المعارف الإلهية و الأحكام الدينية يغني من قنع به عن الرجوع إلى العلوم الحكمية و القوانين الكلامية و الاستحسانات العقلية و القياسات الفقهية و إن كان بعيدا. فذلك الحق أي ما وصفت لك من صفة الإسلام حق أو ذلك إشارة إلى الإسلام أي فلما كان الإسلام متصفا بتلك الصفات فهو الحق الثابت الذي لا يتغير أو لا يشوبه باطل أو ذلك هو الحق الذي قال الله تعالى أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ و قوله سبيله الهدى استئناف بياني أو الحق صفة لاسم الإشارة و سبيله الهدى خبره أي هذا الدين الحق الذي عرفت فوائده و صفاته سبيله الهدى كما قيل في قوله سبحانه أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ و كأنه إشارة إليه أيضا و المراد بالهدى الهداية الربانية الموصلة إلى المطلوب. و مأثرته المجد المأثرة بفتح الميم و سكون الهمزة و ضم الثاء و فتحها و فتح الراء واحدة المآثر و هي المكارم من الأثر و هو النقل و الرواية لأنها تؤثر و تروى و في القاموس المكرمة المتوارثة و المجد نيل الكرم و الشرف و رجل ماجد أي كريم شريف و يطلق غالبا على ما يكون بالآباء فكان المعنى أنه يصير سببا لمجد صاحبه حتى يسري في أعقابه أيضا و صفته الحسنى أي موصوف بأنه أحسن الأخلاق و الأحوال و الأعمال و في المجالس بعد قوله و جنة لمن صبر الحق سبيله و الهدى صفته و الحسنى مأثرته. فهو أبلج المنهاج في القاموس بلج الصبح أضاء و أشرق كابتلج و تبلج و أبلج و كل متضح أبلج و النهج و المنهج و المنهاج الطريق الواضح و أنهج وضح و أوضح و في النهج بعده أوضح الولائج أي المداخل مشرق المنار المنار جمع منارة و هي العلامة توضع في الطريق و كأنها سميت بذلك لأنهم كانوا يضعون عليها النار لاهتداء الضال في الليل و في القاموس المنارة و الأصل منورة موضع النور كالمنار و المسرجة و المأذنة و الجمع مناور و منائر و المنار العلم انتهى و في النهج مشرف بالفاء أي العالي و بعده مشرق الجواد جمع الجادة و ذاكي المصباح و في النهج و الكتابين مضيء المصابيح و في القاموس ذكت النار و استذكت اشتد لهبها و هي ذكية و أذكاها و ذكاها أوقدها رفيع الغاية الغاية منتهى السباق أو الراية المنصوبة في آخر المسافة و هي خرقة تجعل على قصبة و تنصب في آخر
المدى يأخذها السابق من الفرسان و كأن الرفعة كناية عن الظهور كما ستعرف و قيل هو من قولهم رفع البعير في مسيره بالغ أي يرفع إليها. يسير المضمار في النهاية تضمير الخيل هو أن تضامر عليها بالعلف حتى يسمن ثم لا تعلف إلا قوتا لتخف و قيل تشد عليها سروجها و تجلل بالآجلة حتى تعرق فيذهب رهلها و يشتد لحمها و في حديث حذيفة اليوم مضمار و غدا السباق أي اليوم العمل في الدنيا للاستباق في الجنة و المضمار الموضع الذي تضمر فيه الخيل و يكون وقتا للأيام التي تضمر فيها و في القاموس المضمار الموضع الذي يضمر فيه الخيل و غاية الفرس في السباق انتهى و الحاصل أن المضمار يطلق على موضع تضمير الفرس للسباق و زمانه و على الميدان الذي يسابق فيه شبه ع أهل الإسلام بالخيل التي تجمر للسباق و مدة عمر الدنيا بالميدان الذي يسابق فيه و الموت بالعلم المنصوب في نهاية الميدان فإن ما يتسابق فيه من الأعمال الصالحة إنما هو قبل الموت و القيامة موضع تجمع فيه الخيل بعد السباق ليأخذ السبقة من سبق بقدر سبقه و يظهر خسران من تأخر و الجنة بالسبقة و النار بما يلحق المتأخر من الحرمان و الخسران أو شبه ع الدنيا بزمان تضمير الخيل أو مكانه و القيامة بميدان المسابقة فمن كان تضميره في الدنيا أحسن كانت سبقته في الآخرة أكثر كما ورد التشبيه كذلك في قوله ع في خطبة أخرى ألا و إن اليوم المضمار و غدا السباق و السبقة الجنة و الغاية النار و لكن ينافيه ظاهرا قوله و الموت غايته إلا أن يقال المراد بالموت ما يلزمه من دخول الجنة أو النار إشارة إلى أن آثار السعادة و الشقاوة الأخروية تظهر عند الموت كما ورد ليس بين أحدكم و بين الجنة و النار إلا الموت و على التقديرين المراد بقوله يسير المضمار قلة مدته و سرعة ظهور السبق و عدمه أو سهولة قطعه و عدم وعورته أو سهولة التضمير فيه و عدم صعوبته لقصر المدة و تهيئي الأسباب من الله تعالى. و في النهج كريم المضمار فكان كرمه لكونه جامعا لجهات المصلحة التي خلق لأجله و هي اختبار العباد بالطاعات و فوز الفائزين بأرفع الدرجات و لا ينافي ذلك ما ورد في ذم الدنيا لأنه يرجع إلى ذم من ركن إليها و قصر النظر عليها كما بين ع ذلك في خطبة نوردها في باب ذم الدنيا إن شاء الله. جامع الحلبة الحلبة بالفتح خيل تجمع للسباق من كل أوب أي ناحية لا تخرج من إصطبل واحد و يقال للقوم إذا جاءوا من كل أوب للنصرة قد أحلبوا و كون الحلبة جامعة عدم خروج أحد منها أو المراد بالحلبة محلها و هو القيامة كما سيأتي فالمراد أنه يجمع الجميع للحساب كما قال تعالى ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ. سريع السبقة السبقة بالفتح كما في النهج أي يحصل السبق سريعا في الدنيا للعاملين أو في القيامة إلى الجنة أو بالضم أي يصل إلى السابقين عوض السباق و هو الجنة سريعا لأن مدة الدنيا قليلة و هو أظهر و في النهج و المجالس و التحف متنافس السبقة فالضم أصوب و إن كان المضبوط في نسخ النهج بالفتح و التنافس الرغبة في الشيء النفيس الجيد في نوعه أليم النقمة أي مولم انتقام من تأخر في المضمار لأنه النار. كامل العدة العدة بالضم و الشد ما أعددته و هيأته من مال أو سلاح أو غير ذلك مما ينفعك يوما ما و المراد هنا التقوى و كماله ظاهر كريم الفرسان و في النهج و شريف الفرسان و الفرسان جمع فارس كالفوارس. ثم فسر صلوات الله عليه ما أبهم من الأمور المذكورة فقال فالإيمان منهاجه هذا ناظر إلى قوله أبلج المنهاج أي المنهاج الواضح للإسلام هو التصديق القلبي بالله و برسوله و بما جاء به و البراهين القاطعة الدالة عليه و في النهج و غيره فالتصديق منهاجه و هو أظهر و الصالحات مناره ناظر إلى قوله مشرق
المنار شبه الأعمال الصالحة و العبادات الموظفة بالأعلام و المنائر التي تنصب على طريق السالكين لئلا يضلوا فمن اتبع الشريعة النبوية و أتى بالفرائض و النوافل يهديه الله للسلوك إليه و بالعمل يقوى إيمانه و بقوة الإيمان يزداد عمله و كلما وصل إلى علم يظهر له علم آخر و يزداد يقينه بحقية الطريق إلى أن يقطع عمره و يصل إلى أعلى درجات كماله بحسب قابليته التي جعلها الله له أو شبه الإيمان بالطريق و الأعمال بالأعلام فكما أن بسلوك الطريق تظهر الأعلام فكذلك بالتصديق بالله و رسله و حججه ع تعرف الأعمال الصالحة و قيل الأعمال الصالحة علامات لإسلام المسلم و بها يستدل على إيمانه و لا يتم حينئذ التشبيه. و الفقه مصابيحه الفقه العلم بالمسائل الشرعية أو الأعم و به يرى طريق السلوك إلى الله و أعلامه و هو ناظر إلى قوله ذاكي المصباح إذ علوم الدين و شرائعه ظاهرة واضحة للناس بالأنبياء و الأوصياء ع و بما أفاضوا عليهم من العلوم الربانية. و الدنيا مضماره قال ابن أبي الحديد كان الإنسان يجري في الدنيا إلى غاية الموت و إنما جعلها مضمار الإسلام لأن المسلم يقطع دنياه لا لدنياه بل لآخرته فالدنيا كالمضمار للفرس إلى الغاية المعينة و الموت غايته قد عرفت وجه تشبيه الموت بالغاية و قال ابن أبي الحديد أي إن الدنيا سجن المؤمن و بالموت يخلص من ذلك السجن. و قال ابن ميثم إنما جعل الموت غاية أي الغاية القريبة التي هي باب الوصول إلى الله تعالى و يحتمل أن يريد بالموت موت الشهوات فإنها غاية قريبة للإسلام أيضا و هذا ناظر إلى قوله رفيع الغاية و في سائر الكتب هذه الفقرة مقدمة على السابقة فالنشر على ترتيب اللف و على ما في الكتاب يمكن أن يقال لعل التأخير هنا لأجل أن ذكر الغاية بعد ذكر المضمار أنسب بحسب الواقع و التقديم سابقا باعتبار الرفعة و الشرف و أنها الفائدة المقصودة فأشير إلى الجهتين الواقعيتين بتغيير الترتيب. و القيامة حلبته أي محل اجتماع الحلبة إما للسباق أو لحيازة السبقة كما مر و إطلاق الحلبة عليها من قبيل تسمية المحل باسم الحال و قال ابن أبي الحديد حلبته أي ذات حلبته فحذف المضاف كقوله تعالى هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ أي ذوو درجات و الجنة سبقته في أكثر نسخ النهج سبقته بالفتح فلذا قال الشراح أي جزاء سبقته فحذف المضاف و الظاهر سبقته بالضم فلا حاجة إلى تقدير كما عرفت و النار نقمته أي نصيب من تأخر و لم يحصل له استحقاق للسبقة أصلا النار زائدا عن الحسرة و الحرمان و التقوى عدته ناظر إلى قوله كامل العدة لأن التقوى تنفع في أشد الأهوال و أعظمها و هو القيامة كما أن العدة من المال و غيره تنفع صاحبها عند الحاجة إليها و المحسنون فرسانه لأنهم بالإحسان و الطاعات يتسابقون في هذا المضمار. فبالإيمان يستدل على الصالحات إذ تصديق الله و رسوله و حججه يوجب العلم بحسن الأعمال الصالحة و كيفيتها من واجبها و ندبها و قيل لأن الإيمان منهج الإسلام و طريقه و لا بد للطريق من زاد يناسبه و زاد طريق الإسلام هو الأخلاق و الأعمال الصالحة فيدل الإيمان عليها كدلالة السبب على المسبب و قيل أي يستدل بوجوده في قلب العبد على ملازمته لها انتهى و كأنه حمل الكلام على القلب و إلا فلا معنى للاستدلال بالأمر المخفي في القلب على الأمر الظاهر نعم يمكن أن يكون المعنى أن بالإيمان يستدل على صحة الأعمال و قبولها فإنه لا تقبل أعمال غير المؤمن و هذا معنى حسن لكن الأول أحسن. و بالصالحات تعمر الفقه لأن العمل يصير سببا لزيادة العلم كما أن من بيده سراجا إذا وقف لا يرى إلا ما حوله و كلما مشى ينتفع بالضوء و يرى ما لم يره كما ورد من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم و قد مر أن العلم يهتف بالعمل فإن أجاب و إلا ارتحل عنه و قيل الفقرتان مبنيتان على أن المراد
بالعمل الصالح ولاية أهل البيت ع كما ورد في تأويل كثير من الآيات و ظاهر أن بالإيمان يستدل على الولاية و بها يعمر الفقه لأخذه عنهم. و بالفقه يرهب الموت أي كثرة العلم و اليقين سبب لزيادة الخشية كما قال تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ فالمراد بخشية الموت خشية ما بعد الموت أو يخشى نزول الموت قبل الاستعداد له و لما بعده فقوله و بالموت تختم الدنيا كالتعليل لذلك لأن الدنيا التي هي مضمار العمل تختم بالموت فلذا يرهبه لحيلولته بينه و بين العمل و الاستعداد للقاء الله لا لحب الحياة و اللذات الدنيوية و المألوفات الفانية و بالدنيا تجوز القيامة هذه الفقرة أيضا كالتعليل لما سبق أي إنما ترهب الموت لأن بالدنيا و الأعمال الصالحة المكتسبة فيها تجوز من أهوال القيامة و تخرج عنها إلى نعيم الأبد بأن يكون على صيغة الخطاب من الجواز و في بعض النسخ بصيغة الغيبة أي يجوز المؤمن أو الإنسان و في بعضها يجاز على بناء المجهول و هو أظهر و في بعضها يحاز بالحاء المهملة من الحيازة أي تحاز مثوبات القيامة و على التقادير فالوجه فيه أن كل ما يلقاه العبد في القيامة فإنها هو نتائج عقائده و أعماله و أخلاقه المكتسبة في الدنيا فبالدنيا تجاز القيامة أو تحاز و منهم من قرأ تحوز بالحاء المهملة أي سبب الدنيا و أعمالها تجمع القيامة الناس للحساب و الجزاء فإن القيامة جامع الحلبة كما مر و في التحف تحذر القيامة و كأنه أظهر. و بالقيامة تزلف الجنة أي تقرب للمتقين كما قال تعالى وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ و في المجالس و تزلف الجنة للمتقين و تبرز الجحيم للغاوين و قال البيضاوي وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ بحيث يرونها من الموقف فيتبجحون بأنهم المحشورون إليها بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ فيرونها مكشوفة و يتحسرون على أنهم المسوقون إليها و في اختلاف الفعلين ترجيح لجانب الوعد انتهى. و الجنة حسرة أهل النار في القيامة حيث لا تنفع الحسرة و الندامة و تلك علاوة لعذابهم العظيم و النار موعظة للمتقين في الدنيا حيث ينفعهم فيتركون ما يوجبها و يأتون بما يوجب البعد عنها و التقوى سنخ الإيمان أي أصله و أساسه في القاموس السنخ بالكسر الأصل على أربع دعائم الدعامة بالكسر عماد البيت و دعائم الإيمان ما يستقر عليه و يوجب ثباته و استمراره و قوته على الصبر و اليقين و العدل و الجهاد قال ابن ميثم فاعلم أنه ع أراد الإيمان الكامل و ذلك له أصل و له كمالات بها يتم أصله فأصله هو التصديق بوجود الصانع و ما له من صفات الكمال و نعوت الجلال و بما تنزلت به كتبه و بلغته رسله و كمالاته المتممة هي الأقوال المطابقة و مكارم الأخلاق و العبادات ثم إن هذا الأصل و متمماته هو كمال النفس الإنسانية لأنها ذات قوتين علمية و عملية و كمالها بكمال هاتين القوتين فأصل الإيمان هو كمال القوة العلمية منها و متمماته و هي مكارم الأخلاق و العبادات هي كمال القوة العملية. إذا عرفت هذا فنقول لما كانت أصول الفضائل الخلقية التي هي كمال الإيمان أربعا هي الحكمة و العفة و الشجاعة و العدل أشار إليها و استعار لها لفظ الدعائم باعتبار أن الإيمان الكامل لا يقوم في الوجود إلا بها كدعائم البيت فعبر عن الحكمة باليقين و الحكمة منها علمية و هي استكمال القوة النظرية بتصور الأمور و التصديق بالحقائق النظرية و العلمية بقدر الطاقة و لا تسمى حكمة حتى يصير هذا الكمال حاصلا لها باليقين و البرهان و منها عملية و هي استكمال النفس بملكة العلم بوجوه الفضائل النفسانية الخلقية و كيفية اكتسابها و وجوه الرذائل النفسانية و كيفية الاحتراز عنها و اجتنابها و ظاهر أن العلم الذي صار ملكة هو اليقين و عبر عن العفة بالصبر و العفة هي الإمساك عن الشره في فنون الشهوات المحسوسة و عدم الانقياد للشهوة و قهرها و تصريفها بحسب الرأي
الصحيح و مقتضى الحكمة المذكورة. و إنما عبر عنها بالصبر لأنها لازم من لوازمه إذ رسمه أنه ضبط النفس و قهرها عن الانقياد لقبائح اللذات و قيل هو ضبط النفس عن أن يقهرها ألم مكروه ينزل بها و يلزم في العقل احتماله أو يلزمها حب مشتهى يتوق الإنسان إليه و يلزمه في حكم العقل اجتنابه حتى لا يتناوله على غير وجهه و ظاهر أن ذلك يلازم العفة و كذلك عبر عن الشجاعة بالجهاد لاستلزامه إياها إطلاقا لاسم الملزوم على لازمه و الشجاعة هي ملكة الإقدام الواجب على الأمور التي يحتاج الإنسان أن يعرض نفسه لاحتمال المكروه و الآلام الواصلة إليه منها و أما العدل فهو ملكة فاضلة ينشأ عن الفضائل الثلاث المذكورة و تلزمها إذ كل واحدة من هذه الفضائل محتوشة برذيلتين هما طرفا الإفراط و التفريط منها و مقابلة برذيلة هي ضدها انتهى. على أربع شعب الشعبة من الشجرة بالضم الغصن المتفرع منها و قيل الشعبة ما بين الغصنين و القرنين و الطائفة من الشيء و طرف الغصن و المراد هنا فروع الصبر و أنواعه أو أسباب حصوله على الشوق و الإشفاق و في سائر الكتب و الشفق و الزهد و في المجالس و الزهادة و الترقب الشوق إلى الشيء بنزوع النفس إليه و حركة الهوى و الشفق بالتحريك الحذر و الخوف كالإشفاق و الزهد ضد الرغبة و الترقب الانتظار أي انتظار الموت و مداومة ذكره و عدم الغفلة عنه. و لما كان للصبر أنواع ثلاثة كما سيأتي في بابه الصبر عند البلية و الصبر على مشقة الطاعة و الصبر على ترك الشهوات المحرمة و كان ترك الشهوات قد يكون للشوق إلى اللذات الأخروية و قد يكون للخوف من عقوباتها جعل بناء الصبر على أربع على الشوق إلى الجنة ثم بين ذلك بقوله فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات أي نسيها و صبر على تركها يقال سلا عن الشيء أي نسيه و سلوت عنه سلوا كقعدت قعودا أي صبرت و على الإشفاق عن النار و بينها بقوله و من أشفق من النار رجع عن المحرمات و في المجالس و التحف عن الحرمات و يمكن أن تكون الشهوات المذكورة سابقا شاملة للمكروهات أيضا و على الزهد و عدم الرغبة في الدنيا و ما فيها من الأموال و الأزواج و الأولاد و غيرها من ملاذها و مألوفاتها و بينها بقوله و من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب و في بعض النسخ و الكتابين المصيبات و في النهج استهان بالمصيبات أي عدها سهلا هينا و استخف بها لأن المصيبة حينئذ بفقد شيء من الأمور التي زهد عنها و لم يستقر في قلبه حبها و على ارتقاب الموت و كثرة تذكره و بينها بقوله و من راقب الموت سارع إلى الخيرات و في الكتابين و من ارتقب و في النهج في الخيرات. ثم إن تخصيص الشوق إلى الجنة و الإشفاق من النار بترك المشتهيات و المحرمات مع أنهما يصيران سببين لفعل الطاعات أيضا إما لشدة الاهتمام بترك المحرمات و كون الصبر عليها أشق و أفضل كما سيأتي في الخبر أو لأن فعل الطاعات أيضا داخلة فيهما فإن المانع من الطاعات غالبا الاشتغال بالشهوات النفسانية فالسلو عنها يستلزم فعلها بل لا يبعد أن يكون الغرض الأصلي من الفقرة الأولى ذلك بل يمكن إدخال فعل الواجبات في الفقرة الثانية لأن ترك كل واجب محرم و يدخل ترك المكروهات و فعل المندوبات في الفقرة الأولى. و اليقين على أربع شعب تبصرة الفطنة التبصرة مصدر باب التفعيل و الفطنة الحذق و جودة الفهم و قال ابن ميثم هي سرعة هجوم النفس على حقائق ما تورده الحواس عليها و قال تبصرة الفطنة إعمالها أقول يمكن أن تكون الإضافة إلى الفاعل أي جعل الفطنة الإنسان بصيرا أو إلى المفعول أي جعل الإنسان الفطنة بصيرة و يحتمل أن تكون التبصرة بمعنى الإبصار و الرؤية فرؤيتها كناية عن التوجه و التأمل فيها و في مقتضاها فالإضافة إلى المفعول و حمله على الإضافة إلى الفاعل محوج إلى تكلف في قوله فمن أبصر
الفطنة. و تأول الحكمة التأول و التأويل تفسير ما يئول إليه الشيء و قيل أول الكلام و تأوله أي دبره و قدره و فسره و الحكمة العلم بالأشياء على ما هي عليه فتأول الحكمة التأول الناشي من العلم و المعرفة و هو الاستدلال على الأشياء بالبراهين الحقة و قال ابن ميثم هو تفسير الحكمة و اكتساب الحقائق براهينها و استخراج وجوه الفضائل و مكارم الأخلاق من مظانها ككلام يؤثر أو عبرة يعتبر و قال الكيدري تأول الحكمة هو العلم بمراد الحكماء فيما قالوا و أول الحكمة بأن يعلم قول الله و رسوله قال تعالى وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ و معرفة العبرة و في سائر الكتب و موعظة العبرة و العبرة ما يتعظ به الإنسان و يعتبره ليستدل به على غيره و الموعظة تذكير ما يلين القلب و موعظة العبرة أن تعظ العبرة الإنسان فيتعظ بها و سنة الأولين السنة السيرة محمودة كانت أو مذمومة أي معرفة سنة الماضين و ما آل أمرهم إليه من سعادة أو شقاوة فيتبع أعمال السعداء و يجتنب قبائح الأشقياء. ثم بين ع فوائد هذه الشعب و كيفية ترتب اليقين عليها فقال فمن أبصر الفطنة أي جعلها بصيرة أو نظر إليها و أعملها كأن من لم يعلمها و لم يعمل بمقتضاها لم يبصرها و في سائر الكتب تبصر في الفطنة و هو أظهر عرف الحكمة و في النهج تبينت له الحكمة و في التحف تأول الحكمة و في المجالس تبين الحكمة و الكل حسن و قال الكيدري تبصر أي نظر و تفكر و صار ذا بصيرة و قال الحكمة العلم الذي يدفع الإنسان عن فعل القبيح مستعار من حكمة اللجام و من تأول الحكمة و عرفها كما هي عرف العبرة بأحوال السماء و الأرض و الدنيا و أهلها فتحصل له الحكمة النظرية و العملية و في النهج و من تبينت له الحكمة و في المجالس و من تبين الحكمة. و من عرف العبرة عرف السنة أي سنة الأولين و سنة الله فيهم فإنها من أعظم العبر و من عرف السنة فكأنما كان مع الأولين في حياتهم أو بعد موتهم أيضا فإن المعرفة الكاملة تفيد فائدة المعاينة لأهلها و اهتدى أي بذلك إلى التي هي أقوم أي إلى الطريقة التي هي أقوم الطرائق ثم بين ع كيفية العبرة فقال و نظر إلى من نجا أي من الأولين بما نجا من متابعة الأنبياء و المرسلين و الأوصياء المرضيين و الاقتداء بهم علما و عملا و من هلك بما هلك من مخالفة أئمة الدين و متابعة الأهواء المضلة و الشهوات المزلة و ليست هذه الفقرات من قوله و اهتدى إلى قوله بطاعته في سائر الكتب. و العدل على أربع شعب كأن المراد بالعدل هنا ترك الظلم و الحكم بالحق بين الناس و إنصاف الناس من نفسه لا ما هو مصطلح الحكماء من التوسط في الأمور فإنه يرجع إلى سائر الأخلاق الحسنة غامض الفهم الغامض خلاف الواضح من الكلام و نسبته إلى الفهم مجاز و كأن المعنى فهم الغوامض أو هو من قولهم أغمض حد السيف أي رققه و في النهج و التحف غائص من الغوص و هو الدخول تحت الماء لإخراج اللؤلؤ و غيره و قال الكيدري و هو من إضافة الصفة إلى الموصوف للتأكيد و الفهم الغائص ما يهجم على الشيء فيطلع على ما هو عليه كمن يغوص على الدر و اللؤلؤ و غمر العلم أي كثرته في القاموس الغمر الماء الكثير و غمر الماء غمارة و غمورة كثر و غمره الماء غمرا و اغتمره غطاه و في النهج و غور العلم و غور كل شيء قعره و الغور الدخول في الشيء و تدقيق النظر في الأمر و زهرة الحكم الزهرة بالفتح البهجة و النضارة و الحسن و البياض و نور النبات و الحكم بالضم القضاء و العلم و الفقه و روضة الحلم الإضافة فيها و في الفقرة السابقة من قبيل لجين الماء و فيهما مكنية و تخييلية حيث شبه الحكم الواقعي بالزهرة لكونه معجبا و مثمرا لأنواع الثمرات الدنيوية و الأخروية و الحلم بالروضة لكونه رائقا و نافعا في الدارين و في النهج و رساخة الحلم يقال رسخ كمنع رسوخا بالضم و رساخة بالفتح أي ثبت و الحلم الأناة و التثبت و قيل هو الإمساك عن المبادرة
إلى قضاء وطر الغضب و رساخة الحلم قوته و كماله. فمن فهم فسر جميع العلم و من علم عرف شرائع الحكم أي من فهم غوامض العلوم فسر ما اشتبه على الناس منها و من كان كذلك عرف شرائع الحكم بين الناس فلا يشتبه عليه الأمر و لا يظلم و لا يجور و بعده في المجالس و من عرف شرائع الحكم لم يضل و من حلم لم يفرط في أمره و لم يغضب على الناس و تثبت في الأمر و في النهج فمن فهم علم غور العلم و من علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم و من حلم إلخ و الصدر الرجوع عن الماء و الشريعة و مورد الناس للاستقاء و الصدور عن شرائع الحكم كناية عن الإصابة فيه و عدم الوقوع في الخطاء و لم يفرط على بناء التفعيل أي لم يقصر فيما يتعلق به من أمور القضاء و الحكم أو مطلقا و في بعض نسخ النهج على بناء الإفعال أي لم يجاوز الحد و عاش في الناس حميدا و العيش الحياة و الحميد المحمود المرضي. و الجهاد على أربع شعب تلك الشعب إما أسباب الجهاد أو أنواعه الخفية ذكرها لئلا يتوهم أنه منحصر في الجهاد في السيف مع أنه أحد أفراد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بل الجهاد استفراغ الوسع في إعلاء كلمة الله و اتباع مرضاته و ترويج شرائعه باليد و اللسان و القلب قال الراغب الجهاد و المجاهدة استفراغ الوسع في مدافعة العدو و الجهاد ثلاثة أضرب مجاهدة العدو الظاهر و مجاهدة الشيطان و مجاهدة النفس و تدخل ثلاثتها في قوله وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
و قال ص جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم
و المجاهدة تكون باليد و اللسان
قال ع جاهدوا الكفار بأيديكم و ألسنتكم
على الأمر بالمعروف هو الذي عرفه الشارع و عده حسنا فإن كان واجبا فالأمر واجب و إن كان مندوبا فالأمر مندوب و النهي عن المنكر أي ما أنكره الشارع و عده قبيحا و هما مشروطان بالعلم بكونه معروفا أو منكرا و تجويز التأثير و عدم المفسدة و هما يجبان باليد و اللسان و القلب و الصدق في المواطن أي ترك الكذب على كل حال إلا مع خوف الضرر فيوري فلا يكون كذبا و المواطن مواضع جهاد النفس و جهاد العدو و جهاد الفاسق بالأمر النهي و مواطن الرضا و السخط و الضر و النفع ما لم يصل إلى حد تجويز التقية و أصل الصدق و الكذب أن يكونا في القول ثم في الخبر من أصناف الكلام كما قال تعالى وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً و قد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام كقول القائل أ زيد في الدار لتضمنه كونه جاهلا بحال زيد و كما إذا قال واسني لتضمنه أنه محتاج إلى المواساة و يستعملان في أفعال الجوارح فيقال صدق في القتال إذا وفى حقه و صدق في الإيمان إذا فعل ما يقتضيه من الطاعة فالصادق الكامل من يكون لسانه موافقا لضميره و فعله مطابقا لقوله و منه الصديق حيث يطلق على المعصوم فيحتمل أن يكون الصدق هنا شاملا لجميع ذلك. و شنآن الفاسقين الشنآن بالتحريك و السكون و قد صحح بهما في النهج البغض يقال شنئه كسمعه و منعه شنئا مثلثة و شناءة و شنآنا و هذا أولى مراتب النهي عن المنكر و قيل هو مقتضى الإيمان و يجب على كل حال و ليس داخلا في النهي عن المنكر شد ظهر المؤمن و في النهج ظهور المؤمنين و شد الظهر كناية عن التقوية كما أن قصم الظهر كناية عن ضدها و الأمر بالمعروف يقوى المؤمن لأنه يريد ترويج شرائع الإيمان و عسى أن لا يتمكن منه. أرغم أنف المنافق إرغام الأنف كناية عن الإذلال و أصله إلصاق الأنف بالرغام و هو التراب و يطلق على الإكراه على الأمر و يقال فعلته على رغم أنفه أي على كره منه و الرغم مثلثة الكره و المنكر مطلوب للمنافقين و الفساق الذين هم صنف منهم حقيقة و النهي عن المنكر يرغم أنوفهم. و من صدق في المواطن قضى الذي عليه و في سائر الكتب سوى الخصال قضى ما عليه أي من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إذا لم يقدر على أكثر من ذلك أو من جميع التكاليف فإن الصدق في الإيمان و العقائد يقتضي العمل بجميع التكاليف فعلا و تركا أو لأنه يأتي بها لئلا يكون كاذبا إذا سئل عنها و من شنئ الفاسقين المضبوط في النهج بكسر النون. و لنتمم كلام المحقق البحراني و إن لم يكن فيه كثير فائدة بعد ما ذكرنا قال بعد ما مر و أما شعب هذه الدعائم فاعلم أنه جعل لكل دعامة منها أربع شعب من الفضائل تتشعب منها و تتفرع عليها فهي كالفروع لها و الأغصان أما شعب الصبر الذي هو عبارة عن ملكة العفة فأحدها الشوق إلى الجنة و محبة الخيرات الباقية الثاني الشفق و هو الخوف من النار و ما يؤدي إليها الثالث الزهد في الدنيا و هو الإعراض بالقلب عن متاعها و طيباتها الرابع ترقب الموت و هذه الأربع فضائل منبعثة عن ملكة العفة لأن كلا منها يستلزمها. و أما شعب اليقين فأحدها تبصرة الفطنة و إعمالها الثاني تأول الحكمة و هو تفسيرها الثالث موعظة العبرة الرابع أن يلحظ سنة الأولين حتى يصير كأنه فيهم و هذه الأربع هي فضائل تحت الحكمة كالفروع لها و بعضها كالفرع للبعض. و أما شعب العدل فأحدها غوص الفهم أي الفهم الغائص فأضاف الصفة إلى الموصوف و قدمها للاهتمام بها و رسم هذه الفضيلة أنها قوة إدراك المعنى المشار إليه بلفظ أو كناية أو إشارة و نحوها الثاني غور العلم و أقصاه و هو العلم بالشيء كما هو تحقيقه و كنهه الثالث نور الحكم أي تكون الأحكام الصادرة عنه نيرة واضحة لا لبس فيها و لا شبهة الرابع ملكة الحلم و عبر عنها بالرسوخ لأن شأن الملكة ذلك و الحلم هو الإمساك عن المبادرة إلى قضاء وطر الغضب فيمن يجني عليه
جناية يصل مكروهها إليه. و اعلم أن فضيلتي جودة الفهم و غور العلم و إن كانتا داخلتين تحت الحكمة و كذلك فضيلة الحلم داخلة تحت ملكة الشجاعة إلا أن العدل لما كان فضيلة موجودة في الأصول الثلاثة كانت في الحقيقة هي و فروعها شعبا للعدل بيانه أن الفضائل كلها ملكات متوسطة بين طرفي إفراط و تفريط و توسطها ذلك هو معنى كونها عدلا فهي بأسرها شعب له و جزئيات تحته. و أما شعب الشجاعة المعبر عنها بالجهاد فأحدها الأمر بالمعروف و الثاني النهي عن المنكر و الثالث الصدق في المواطن المكروهة و وجود الشجاعة في هذه الشعب الثلاث ظاهر و الرابع شنآن الفاسقين و ظاهر أن بغضهم مستلزم لعداوتهم في الله و ثوران القوة الغضبية في سبيله لجهادهم و هو مستلزم للشجاعة. و أما ثمرات هذه الفضائل فأشار إليها للترغيب في مثمراتها فثمرات شعب العفة أربع أحدها ثمرة الشوق إلى الجنة و هو السلو عن الشهوات و ظاهر كونه ثمرة له إذ السالك إلى الله ما لم يشتق إلى ما وعد المتقون لم يكن له صارف عن الشهوات الحاضرة مع توفر الدواعي إليها فلم يسل عنها الثانية ثمرة الخوف من النار و هو اجتناب المحرمات الثالثة ثمرة الزهد و هي الاستهانة بالمصيبات لأن غالبها و عامها إنما يلحق بسبب فقد المحبوب من الأمور الدنيوية فمن أعرض عنها بقلبه كانت المصيبة بها هينة عنده الرابعة ثمرة ترقب الموت و هي المسارعة في الخيرات و العمل له و لما بعده و أما ثمرات اليقين فإن بعض شعبه ثمرة لبعض فإن تبين الحكمة و تعلمها ثمرات لإعمال الفطنة و الفكرة و معرفة العبر و مواقع الاعتبار بالماضين و الاستدلال بذلك على صانع حكيم ثمرة لتبين وجوه الحكمة و كيفية الاعتبار. و أما ثمرات العدل فبعضها كذلك أيضا و ذلك أن جودة الفهم و غوصه مستلزم للوقوف على غور العلم و غامضه و الوقوف على غامض العلم مستلزم للوقوف على شرائع الحكم العادل و الصدور عنها بين الخلق من القضاء الحق و أما ثمرة الحلم
فعدم وقوع الحليم في طرف التفريط و التقصير عن هذه الفضيلة و هي رذيلة الجبن و أن يعيش في الناس محمودا بفضيلته و أما ثمرات الجهاد فأحدها ثمرة الأمر بالمعروف و هو شد ظهور المؤمنين و معاونتهم على إقامة الفضيلة الثانية ثمرة النهي عن المنكر و هي إرغام أنوف المنافقين و إذلالهم بالقهر عن ارتكاب المنكرات و إظهار الرذيلة الثالثة ثمرة الصدق في المواطن المكروهة و هي قضاء الواجب من أمر الله تعالى في دفع أعدائه و الذب عن الحريم و الرابعة ثمرة بغض الفاسقين و الغضب لله و هي غضب الله لمن أبغضهم و إرضاؤه يوم القيامة في دار كرامته. و أقول فرق الكليني قدس الله روحه الخبر على أربعة أبواب فجمعنا ما أورده في بابي الإسلام و الإيمان هنا و سنورد ما أورده في بابي الكفر و النفاق في بابيهما مع شرح تتمة ما أورده السيد و صاحب التحف و غيرهما إن شاء الله تعالى
20- نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع في خطبة إن الله تعالى خصكم بالإسلام و استخلصكم له و ذلك لأنه اسم سلامة و جماع كرامة اصطفى الله تعالى منهجه و بين حججه من ظاهر علم و باطن حكم لا تفنى غرائبه و لا تنقضي عجائبه مرابيع النعم و مصابيح الظلم لا تفتح الخيرات إلا بمفاتحه و لا تكشف الظلمات إلا بمصابحه قد أحمى حماه و أرعى مرعاه فيه شفاء المشتفي و كفاية المكتفي
بيان ظاهره أن الإسلام مشتق من السلامة أي من آفات الدنيا و مهالك الآخرة إذا أدى حقه فليس بمعنى الانقياد و الدخول في السلم و جماع الشيء ككتاب جمعه و في الحديث الخمر جماع الإثم أي مظنته و مجمعه و المنهج و المنهاج الطريق الواضح و حججه الأدلة على صحته و كلمة من للتفسير و تفصيل الحجج و ظاهر العلم الأحكام الواضحة المبينة للناس من محكمات القرآن و ما اتضح من السنة و باطن الحكم الأحكام المخزونة عند أهلها كتأويل المتشابهات و أسرار الشريعة و قيل يعني بظاهر علم و باطن حكم القرآن أ لا تراه كيف أتى بعده بصفات و نعوت لا يكون إلا للقرآن و لا ريب في اتحاد حجج الإسلام و القرآن و لا يبعد أن يكون القرآن في جملة كلام حذف السيد رضي الله عنه على عادته في الالتقاط و الاختصار و في بعض النسخ عزائمه مكان غرائبه أي آياته المحكمة و براهينه العازمة أي القاطعة و عدم فناء العزائم أو الغرائب إما ثباتها و استقرارها على طول المدة و تغير الأعصار أو كثرتها عند البحث و التفتيش عنها و عدم انقضاء العجائب هو أنه كلما تأمل فيه الإنسان استخرج لطائف معجبة و المرابيع أمطار أول الربيع تحيا بها الأرض و تنبت الكلاء و في بعض النسخ بمفاتيحه و بمصابيحه مع الياء و في بعضها بدونها. و حميت المكان من الناس كرميت أي منعته منهم و الحماية اسم منه و كلاء حمي كرضي أي محمي و أحميت المكان جعلته حمى لا يقرب منه و لا يجترئ عليه و الرعي بالكسر الكلاء و بالفتح المصدر و المرعى الرعي و المصدر و الموضع قيل أحمى حماه أي جعله الله عرضة لأن يحمى كما تقول أ قتلت الرجل أي جعلته عرضة لأن يقتل أي قد عرض الله حمى القرآن و محارمه لأن يجتنب و عرض مرعاه لأن يرعى أي مكن من الانتفاع بمواعظه و زواجره لأنه خاطبنا بلسان عربي مبين و لم يقنع ببيان ما لم يعلم إلا بالشرع حتى نبه في أكثره على أدلة العقل. و قيل استعار لفظ الحمى لحفظه و تدبره و العمل بقوانينه و وجه الاستعارة أن بذلك يكون حفظ الشخص و حراسته أما في الدنيا فمن أيدي كثير من الظالمين لاحترامهم حملة القرآن و مفسريه و من يتعلق به و أما في الآخرة فلحمايته حفظته و متدبريه و العامل به من عذاب الله كما يحمي الحمى من يلوذ به و قيل أراد بحماه محارمه أي منع بنواهيه و زواجره أن يستباح محارمه. و أرعى مرعاه أي هيأه لأن يرعى و استعار لفظ المرعى للعلوم و الحكم و الآداب التي يشتمل عليها القرآن و وجه المشابهة أن هذه مراعي النفوس و غذاؤها الذي به يكون نشوها العقلي و تمامها الفعلي كما أن النبات و العشب غذاء للأبدان الحيوانية الذي يقوم بها وجودها. و أقول يحتمل أن يكون المراد به أنه جعل له حدودا و حرمات و نهى عن انتهاكها و ارتكاب نواهيه و تعدي حدوده و رخصا أباح للناس الانتفاع بها و التمتع منها و يمكن أن يقال أحمى حماه أي منع المغيرين من تغيير قواعده و أرعى مرعاه أي مكن المطيعين من طاعته و هي الغذاء الروحاني الذي به حياتهم الباقية في النشأة الآخرة و المشتفي طالب الشفاء كالمستشفي كما في بعض النسخ أي فيه شفاء من الأمراض المعنوية كالجهل و الضلال كما قال تعالى شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ أو منها و من الأمراض البدنية أيضا بالتعوذ و نحوه كما قال سبحانه وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ و الكفاية بالكسر ما به يحصل الاستغناء عن غيره و هذه الكفاية لأهله و من أخذ غوامضه منهم و رجع في تأويل المتشابهات و نحوه إليهم
21- ل، ]الخصال[ عن ابن الوليد عن سعد عن ابن عيسى عن القاسم بن الحسن بن علي بن يقطين عن ابن أبي نجران و جعفر بن سليمان عن علا بن رزين عن أبي حمزة الثمالي قال قال أبو جعفر ع بني الإسلام على خمس إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و حج البيت و صوم شهر رمضان و الولاية لنا أهل البيت فجعل في أربع منها رخصة و لم يجعل في الولاية رخصة من لم يكن له مال لم تكن عليه الزكاة و من لم يكن عنده مال فليس عليه حج و من كان مريضا صلى قاعدا و أفطر شهر رمضان و الولاية صحيحا كان أو مريضا و ذا مال أو لا مال له فهي لازمة
22- لي، ]الأمالي للصدوق[ عن ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن المفضل عن الصادق ع قال بني الإسلام على خمس دعائم على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و ولاية أمير المؤمنين و الأئمة من ولده صلوات الله عليهم
23- ل، ]الخصال[ عن أبيه عن محمد العطار عن الأشعري عن سهل عن محمد بن سنان عن المفضل عن ابن ظبيان قال قال أبو عبد الله ع المحمدية السمحة إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صيام شهر رمضان و حج البيت و الطاعة للإمام و أداء حقوق المؤمن فإن من حبس حق المؤمن أقامه الله يوم القيامة خمس مائة عام على رجليه حتى يسيل من عرقه أودية ثم ينادي مناد من عند الله جل جلاله هذا الظالم الذي حبس عن الله حقه قال فيوبخ أربعين عاما ثم يؤمر به إلى نار جهنم
24- ثو، ]ثواب الأعمال[ ل، ]الخصال[ عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن سعدان بن مسلم عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر ع قال عشر من لقي الله عز و جل بهن دخل الجنة شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ص و الإقرار بما جاء به من عند الله عز و جل و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم شهر رمضان و حج البيت و الولاية لأولياء الله و البراءة من أعداء الله و اجتناب كل مسكر
سن، ]المحاسن[ عن أبيه عن سعدان مثله
ل، ]الخصال[ عن الطالقاني عن الحسن بن علي العدوي عن صهيب بن عباد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ع مثله بتقديم حج البيت على صوم شهر رمضان
25- ل، ]الخصال[ عن أبيه عن محمد العطار عن الأشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن محمد البرقي عن ابن أبي عمير عن ابن بكير عن زرارة قال قال أبو جعفر ع قال قال رسول الله ص بني الإسلام على عشرة أسهم على شهادة أن لا إله إلا الله و هي الملة و الصلاة و هي الفريضة و الصوم و هو الجنة و الزكاة و هي الطهارة و الحج و هو الشريعة و الجهاد و هو العز و الأمر بالمعروف و هو الوفاء و النهي عن المنكر و هي المحجة و الجماعة و هي الألفة و العصمة و هي الطاعة
ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير مثله بيان و هي الملة أي عمدتها و أساسها و هي الفريضة أي أعظم الفرائض و أسبقها و هي الطهارة أي مطهرة للمال و هو الشريعة أي هو من معظم الشرائع و هو العز أي يصير سببا لعز الإسلام و غلبته على الأديان و هو الوفاء أي بعهد الله تعالى و في بعض النسخ الوقار أي موجب لوقار الدين و تمكينه و هو المحجة أي طريقة الأنبياء أو يصير سببا لظهور طرق الدين و في بعض النسخ الحجة و هو أظهر أي يصير سببا للزوم الحجة على العاصي و الجماعة أي في الصلاة أو الاجتماع على الحق و عدم التفرق في المذاهب و العصمة أي عن المعاصي أو الاعتصام بحبل أئمة الدين كما قال تعالى وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا و يؤيده الخبر الآتي حيث عد العاشرة الطاعة و قال و هي العصمة أي يصير سببا لعصمة الدماء أو العصمة عن الذنوب
26- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن المفيد عن المراغي عن القاسم بن محمد بن حماد عن عبيد بن قيس عن يونس بن بكير عن يحيى بن أبي حية عن أبي العالية قال سمعت أبا أمامة يقول قال رسول الله ص ست من عمل بواحدة منهن جادلت عنه يوم القيامة حتى تدخله الجنة تقول أي رب قد كان يعمل بي في الدنيا الصلاة و الزكاة و الحج و الصيام و أداء الأمانة و صلة الرحم
27- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن المفيد عن محمد بن الحسين البصير عن أحمد بن نصر بن سعيد عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبد الله بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده ع قال لما قضى رسول الله ص مناسكه من حجة الوداع ركب راحلته و أنشأ يقول لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما فقام إليه أبو ذر الغفاري رحمه الله فقال يا رسول الله و ما الإسلام فقال ص الإسلام عريان و لباسه التقوى و زينته الحياء و ملاكه الورع و كماله الدين و ثمرته العمل و لكل شيء أساس و أساس الإسلام حبنا أهل البيت
بيان قال في النهاية فيه ملاك الدين الورع الملاك بالكسر و الفتح قوام الشيء و نظامه و ما يعتمد عليه فيه
28- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن المفيد عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن الثمالي عن أبي جعفر ع قال بني الإسلام على خمس دعائم إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم شهر رمضان و حج البيت الحرام و الولاية لنا أهل البيت
29- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن جماعة عن أبي المفضل عن الفضل بن محمد بن المسيب عن هارون بن عمرو بن عبد العزيز المجاشعي عن محمد بن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال المجاشعي و حدثنا الرضا علي بن موسى ع عن أبيه موسى ع عن أبيه جعفر بن محمد و قالا جميعا عن آبائه عن علي أمير المؤمنين ع قال سمعت رسول الله ص يقول بني الإسلام على خمس خصال على الشهادتين و القرينتين قيل له أما الشهادتان فقد عرفناهما فما القرينتان قال الصلاة و الزكاة فإنه لا يقبل أحدهما إلا بالأخرى و الصيام و حج بيت الله مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا و ختم ذلك بالولاية فأنزل الله عز و جل الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً
30- العلل، عن علي بن حاتم عن أحمد بن علي العبدي عن الحسن بن إبراهيم الهاشمي عن إسحاق بن إبراهيم الديري عن عبد الرزاق بن حاتم عن معمر بن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ص جاءني جبرئيل فقال لي يا أحمد الإسلام عشرة أسهم و قد خاب من لا سهم له فيها أولها شهادة أن لا إله إلا الله و هي الكلمة و الثانية الصلاة و هي الطهر و الثالثة الزكاة و هي الفطرة و الرابعة الصوم و هي الجنة و الخامسة الحج و هي الشريعة و السادسة الجهاد و هو العز و السابعة الأمر بالمعروف و هو الوفاء و الثامنة النهي عن المنكر و هو الحجة و التاسعة الجماعة و هي الألفة و العاشرة الطاعة و هي العصمة قال حبيبي جبرئيل إن مثل هذا الدين كمثل شجرة ثابتة الإيمان أصلها و الصلاة عروقها و الزكاة ماؤها و الصوم سعفها و حسن الخلق ورقها و الكف عن المحارم ثمرها فلا تكمل شجرة إلا بالثمر كذلك الإيمان لا يكمل إلا بالكف عن المحارم
بيان و هي الكلمة أي كلمة التقوى التي قال الله تعالى وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى أو هي الكلام التام الذي هي أصدق الكلم و أنفعها فكأنها تستحق هذا الاسم دون سائر الكلم أو كلمة التوحيد و هي الفطرة أي فطرة الله التي فطر الناس عليها أي هي من أجزاء الدين و لا يتم إلا بها أو هي سبب لحفظ خلقة الإنسان فإن أكثر آيات الزكاة إنما وردت في زكاة الفطرة إذ لم يكن للمسلمين يومئذ مال تجب فيه الزكاة كما ورد في الخبر و المعنى أن الإنسان مفطور على تصديق حسنه فإن إعانة المحتاجين و بذل الأموال في الصدقات مما يحكم بحسنه كل عقل و كل من أقر بشرع في القاموس الفطرة صدقة الفطر و الخلقة التي خلق عليها المولود في رحم أمه و الدين و السعف محركة جريد النخل أو ورقه و المراد هنا الأول
31- ف، ]تحف العقول[ قال كميل بن زياد سألت أمير المؤمنين ع عن قواعد الإسلام ما هي فقال قواعد الإسلام سبعة فأولها العقل و عليه بني الصبر و الثاني صون العرض و صدق اللهجة و الثالثة تلاوة القرآن على جهته و الرابعة الحب في الله و البغض في الله و الخامسة حق آل محمد و معرفة ولايتهم و السادسة حق الإخوان و المحاماة عليهم و السابعة مجاورة الناس بالحسنى قلت يا أمير المؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه فما حد الاستغفار قال يا ابن زياد التوبة قلت بس قال لا قلت فكيف قال إن العبد إذا أصاب ذنبا يقول أستغفر الله بالتحريك قلت و ما التحريك قال الشفتان و اللسان يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة قلت و ما الحقيقة قال تصديق في القلب و إضمار أن لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه قال كميل فإذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين قال لا قال كميل فكيف ذاك قال لأنك لم تبلغ إلى الأصل بعد قال كميل فأصل الاستغفار ما هو قال الرجوع إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه و هي أول درجة العابدين و ترك الذنب و الاستغفار اسم واقع لمعاني ست أولها الندم على ما مضى و الثاني العزم على ترك العود أبدا و الثالث أن تؤدي حقوق المخلوقين التي بينك و بينهم و الرابع أن تؤدي حق الله في كل فرض و الخامس أن تذيب اللحم الذي نبت على السحت و الحرام حتى يرجع الجلد إلى عظمه ثم تنشئ فيما بينهما لحما جديدا و السادس أن تذيق البدن ألم الطاعات كما أذقته لذات المعاصي
بيان إنما عد ع صون العرض و صدق اللهجة خصلة واحدة لأن أعظم أسباب صون العرض صدق اللهجة كما أن عمدة أسباب هتك العرض كذبها على جهته أي بالترتيل و التدبر و سائر شرائط التلاوة و في القاموس بس بمعنى حسب أو هو مسترذل
32- ف، ]تحف العقول[ عن أمير المؤمنين ع قال إن الله ابتدأ الأمور فاصطفى لنفسه منها ما شاء و استخلص منها ما أحب فكان مما أحب أنه ارتضى الإيمان فاشتقه من اسمه فنحله من أحب من خلقه ثم بينه فسهل شرائعه لمن ورده و أعز أركانه على من جانبه و جعله عزا لمن والاه و أمنا لمن دخله و هدى لمن ائتم به و زينة لمن تحلى به و دينا لمن انتحله و عصمة لمن اعتصم به و حبلا لمن استمسك به و برهانا لمن تكلم به و شرفا لمن عرفه و حكمة لمن نطق به و نورا لمن استضاء به و حجة لمن خاصم به و فلجا لمن حاج به و علما لمن وعى و حديثا لمن روي و حكما لمن قضى و حلما لمن حدث و لبا لمن تدبر و فهما لمن تفكر و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و آية لمن توسم و عبرة لمن اتعظ و نجاتا لمن آمن به و مودة من الله لمن صلح و زلفى لمن ارتقب و ثقة لمن توكل و راحة لمن فوض و سبقة لمن أحسن و خيرا لمن سارع و جنة لمن صبر و لباسا لمن اتقى و تطهيرا لمن رشد و أمنة لمن أسلم و روحا للصادقين فالإيمان أصل الحق و أصل الحق سبيله الهدى و صفته الحسنى و مأثرته المجد فهو أبلج المنهاج مشرق المنار مضيء المصابيح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة متنافس السبقة قديم العدة كريم الفرسان الصالحات مناره و العفة مصابيحه و الموت غايته و الدنيا مضماره و القيامة حلبته و الجنة سبقته و النار نقمته و التقوى عدته و المحسنون فرسانه فبالإيمان يستدل على الصالحات و بالصالحات يعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدنيا و بالدنيا تحذر الآخرة و بالقيامة تزلف الجنة و الجنة حسرة أهل النار و النار موعظة التقوى و التقوى سنخ الإحسان و التقوى غاية لا يهلك من تبعها و لا يندم من يعمل بها لأن بالتقوى فاز الفائزون و بالمعصية خسر الخاسرون فليزدجر أولو النهى و ليتذكر أهل التقوى فالإيمان على أربع دعائم على الصبر و اليقين و العدل و الجهاد فالصبر على أربع شعب على الشوق و الشفق و الزهد و الترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات و من أشفق من النار رجع عن المحرمات و من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات و من ارتقب الموت سارع إلى الخيرات و اليقين على أربع شعب على تبصرة الفطنة و تأول الحكمة و موعظة العبرة و سنة الأولين فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة و من تأول الحكمة عرف العبرة و من عرف العبرة عرف السنة و من عرف السنة فكأنما عاش في الأولين و العدل على أربع شعب على غائص الفهم و غمرة العلم و زهرة الحكم و روضة الحلم فمن فهم فسر جميع العلم و من عرف الحكم لم يضل و من حلم لم يفرط في أمره و عاش به في الناس حميدا و الجهاد على أربع شعب على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الصدق عند المواطن و شنآن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمنين و من نهى عن المنكر أرغم أنف الكافرين و من صدق في المواطن قضى ما عليه و من شنئ الفاسقين غضب لله و من غضب لله غضب الله له فذلك الإيمان و دعائمه و شعبه و الكفر على أربع دعائم على الفسق و الغلو و الشك و الشبهة فالفسق من ذلك على أربع شعب الجفا و العمى و الغفلة و العتو فمن جفا حقر المؤمن و مقت الفقهاء و أصر على الحنث و من عمي نسي الذكر و بدأ خلقه و ألح عليه الشيطان و من غفل وثب على ظهره و حسب غيه رشدا و غرته الأماني و أخذته الحسرة إذا انقضى الأمر و انكشف عنه الغطاء و بدا له من الله
ما لم يكن يحتسب و من عتا عن أمر الله تعالى الله عليه ثم أذله بسلطانه و صغره بجلاله كما فرط في جنابه و اغتر بربه الكريم و الغلو على أربع شعب على التعمق و التنازع و الزيغ و الشقاق فمن تعمق لم ينته إلى الحق و لم يزدد إلا غرقا في الغمرات لا تنحبس عنه فتنة إلا غشيته أخرى فهو يهوي في أمر مريج و من نازع و خاصم قطع بينهم الفشل و بلى أمرهم من طول اللجاج و من زاغ ساءت عنده الحسنة و حسنت عنده السيئة و سكر سكر الضلال و من شاق اعورت عليه طريقه و اعترض أمره و ضاق مخرجه و حري أن ينزع من دينه من اتبع غير سبيل المؤمنين و الشك على أربع شعب على المرية و الهول و التردد و الاستسلام فبأي ءالاء ربك يتمارى الممترون و من هاله ما بين يديه نكص على عقبيه و من تردد في ريبة سبقه الأولون و أدركه الآخرون و وطئته سنابك الشياطين و من استسلم لهلكة الدنيا و الآخرة هلك فيهما و من نجا من ذلك فبفضل اليقين و الشبهة على أربع شعب على إعجاب بالزينة و تسويل النفس و تأول العوج و لبس الحق بالباطل و ذلك أن الزينة تئول عن البينة و تسويل النفس تقحم إلى الشهوة و العوج يميل ميلا عظيما و اللبس ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ فذلك الكفر و دعائمه و شعبه و النفاق على أربع دعائم على الهوى و الهوينا و الحفيظة و الطمع فالهوى من ذلك على أربع شعب على البغي و العدوان و الشهوة و العصيان فمن بغى كثرت غوائله و تخلى منه و نصر عليه و من اعتدى لم تؤمن بوائقه و لم يسلم قلبه و من لم يعدل نفسه عن الشهوات خاض في الحسرات و سبح فيها و من عصى ضل عمدا بلا عذر و لا حجة و أما شعب الهوينا فالهيبة و الغرة و المماطلة و الأمل و ذلك أن الهيبة ترد عن الحق و الاغترار بالعاجل تفريط الآجل و تفريط المماطلة مورط في العمى و لو لا الأمل علم الإنسان حساب ما هو فيه و لو علم حساب ما هو فيه مات خفاتا من الهول و الوجل و أما شعب الحفيظة فالكبر و الفخر و الحمية و العصبية فمن استكبر أدبر و من فخر فجر و من حمي أصر و من أخذته العصبية جار فبئس الأمر أمر بين إدبار و فجور و إصرار و جور عن الصراط و شعب الطمع الفرح و المرح و اللجاجة و التكبر فالفرح مكروه عند الله و المرح خيلاء و اللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حمله الآثام و التكبر لهو و لعب و شغل و استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير فذلك النفاق و دعائمه و شعبه و الله قاهر فوق عباده تعالى ذكره و استوت به مرته و اشتدت قوته و فاضت بركته و استضاءت حكمته و فلجت حجته و خلص دينه و حقت كلمته و سبقت حسناته و صفت نسبته و أقسطت موازينه و بلغت رسالاته و حضرت حفظته ثم جعل السيئة ذنبا و الذنب فتنة و الفتنة دنسا و جعل الحسنى غنما و العتبى توبة و التوبة طهورا فمن تاب اهتدى و من افتتن غوى ما لم يتب إلى الله و يعترف بذنبه و يصدق بالحسنى و لا يهلك على الله إلا هالك فالله الله ما أوسع ما لديه من التوبة و الرحمة و البشرى و الحلم العظيم و ما أنكر ما لديه من الأنكال و الجحيم و العزة و القدرة و البطش الشديد فمن ظفر بطاعة الله اختار كرامته و من لم يزل في معصية الله ذاق وبيل نقمته هنالك عقبى الدار
33- كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي بأسانيد عنه ع قال قال علي ع أما بعد فإن الله شرع الإسلام فسهل شرائعه لمن ورده و ساق الحديث نحو ما مر إلى قوله هنالك عقبى الدار لا يخشى أهلها غيرها و هنالك خيبة ليس لأهلها اختيار نسأل الله ذا السلطان العظيم و الوجه الكريم الخير و الخير عافية للمتقين و الخير مرد يوم الدين
34- سن، ]المحاسن[ عن محمد بن علي و أبي الخزرج معا عن سفيان بن إبراهيم الجويري عن أبيه عن أبي صادق قال سمعت عليا ع يقول أثافي الإسلام ثلاث لا تنفع واحدة منهن دون صاحبتيها الصلاة و الزكاة و الولاية
35- سن، ]المحاسن[ عن ابن فضال عن ثعلبة عن علي بن عبد العزيز قال قال أبو عبد الله ع أ لا أخبرك بأصل الإسلام و فرعه و ذروته و سنامه قال قلت بلى جعلت فداك قال أصله الصلاة و فرعه الزكاة و ذروته و سنامه الجهاد في سبيل الله أ لا أخبرك بأبواب الخير الصوم جنة و الصدقة تحط الخطيئة و قيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه ثم تلا تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ
ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن الغضائري عن أحمد العطار عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال مثله إلى قوله الصوم جنة من النار
36- سن، ]المحاسن[ عن أبيه عن النضر عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك أخبرني عن الفرائض التي افترض الله على العباد ما هي فقال شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إقام الصلاة و الخمس و الزكاة و حج البيت و صوم شهر رمضان و الولاية فمن أقامهن و سدد و قارب و اجتنب كل منكر دخل الجنة
بيان قال في النهاية فيه سددوا و قاربوا أي اطلبوا بأعمالكم السداد و الاستقامة و هو القصد في الأمر و العدل فيه و قال أي اقتصدوا في الأمور كلها و اتركوا الغلو فيها و التقصير يقال قارب فلان في أموره إذا اقتصد
و منه الحديث ما من مؤمن يؤمن بالله ثم يسدد
أي يقتصد فلا يغلو و لا يسرف
و منه و سئل عن الإزار فقال سدد و قارب
أي أعمل به شيئا لا تعاب على فعله فلا تفرط في إرساله و لا تشميره انتهى و في بعض النسخ كل مسكر مكان كل منكر
37- شي، ]تفسير العياشي[ عن عيسى بن السري قال قلت لأبي عبد الله ع أخبرني بدعائم الإسلام الذي بنى الله عليه الدين لا يسع أحدا التقصير في شيء منها الذي من قصر عن معرفة شيء منها فسد عليه دينه و لم يقبل منه عمله و من عرفها و عمل بها صلح له دينه و قبل منه عمله و لم يضره ما هو فيه بجهل شيء من الأمور إن جهله فقال نعم شهادة أن لا إله إلا الله و الإيمان برسوله ص و الإقرار بما جاء من عند الله و حق من الأموال الزكاة و الولاية التي أمر الله بها ولاية آل محمد قال و قال رسول الله ص من مات و لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية فكان الإمام علي ثم كان الحسن بن علي ثم كان الحسين بن علي ثم كان علي بن الحسين و كان محمد بن علي أبو جعفر و كانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر و هم لا يعرفون مناسك حجهم و لا حلالهم و لا حرامهم حتى كان أبو جعفر فنهج لهم و بين مناسك حجهم و حلالهم و حرامهم حتى استغنوا عن الناس و صار الناس يتعلمون منهم بعد ما كانوا يتعلمون من الناس و هكذا يكون الأمر و الأرض لا يكون إلا بإمام
38- فض، ]كتاب الروضة[ يل، ]الفضائل لابن شاذان[ بالإسناد يرفعه إلى أبي سعيد الخدري أنه قال قال رسول الله ص بني الإسلام على شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم شهر رمضان و الحج إلى البيت و الجهاد و ولاية علي بن أبي طالب قال أبو سعيد ما أظن القوم إلا هلكوا بترك الولاية قال ص ما تصنع يا با سعيد إذا هلكوا
39- بيان أنواع القرآن برواية ابن قولويه عن سعد بن عبد الله بإسناده عن أمير المؤمنين ع قال حدود الفروض التي فرضها الله على خلقه هي خمسة من كبار الفرائض الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم و الولاية الحافظة لهذه الفرائض الأربعة و هي فلكل الفرائض و السنن و جميع أمور الدين و الشرائع فكبار حدود الصلاة أربعة و هي معرفة الوقت و معرفة القبلة و التوجه إليها و الركوع و السجود و لها خامسة لا تتم الصلاة و تثبت إلا بها و هي الوضوء على حدوده التي فرضها الله و بينها في كتابه و إنما صارت هذه كبار حدود الصلاة لأنها عوام في جميع العالم معروفة مشهورة بكل لسان في الشرق و الغرب فجميع الناس العاقل و العالم و غير العالم يقدر على أن يتعلم هذه الحدود الكبار ساعة تجب عليه لأنها تتعلم بالرؤية و الإشارة من ضبط الوضوء و الوقت و القبلة و الركوع و السجود لا عذر لأحد في تأخير تعليم ذلك و سائر حدود الصلاة و ما فيها من السنن فليس كل أحد يحسن و يتهيأ له أن يتعلم ما فيها من السنن من القراءة و الدعاء و التسبيح و التشهد و الأذان و الإقامة فجعل الله تبارك و تعالى هذه كبار حدود الصلاة لعلمه عز و جل أن الناس كلهم يستطيعون أن يؤدوا جميع هذه الأشياء في حالة وجوبها عليهم و جعلها فريضة و جعل سائر ما فيها سنة واجبة على من أحسنها و وسع لمن لم يحسنها في إقامتها حتى يتعلمها لأنها تصعب على الأعاجم خاصة لقلة ضبطهم العربية و لاختلاف ألسنتهم و لا عذر لهم في ترك التعليم و مجاهدته و لهم العذر في إقامته حتى يتعلموه و كبار حدود الزكاة أربعة معرفة القدر الذي يجب عليه فيه الزكاة و ما الذي يجب الزكاة عليه من الأموال و معرفة الوقت الذي يجب فيه الزكاة و معرفة العدد و القيمة و معرفة الموضع الذي توضع فيه فأما معرفة العدد و القيمة فهو أنه يجب أن يعلم الإنسان كم الأشياء التي تجب الزكاة عليها من الأموال التي فرض الله عليهم فيه الزكاة و هو الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الإبل و البقر و الغنم فهذه تسعة أشياء و ليس عليهم فيما سوى ذلك من أموالهم زكاة و يجب أن يعرفوا من ذلك ما يجب من العدد و قد بين الله ذلك و وضع لمعرفة ما يحتاجون إليه مما فرض عليهم أربعة أشياء و هي الكيل و الوزن و المساحة و العدد فالعدد في الإبل و البقر و الغنم و الكيل في الحنطة و الشعير و الزبيب و التمر و الوزن في الذهب و الفضة فإذا عرف الإنسان هذه الأشياء كان مؤديا للزكاة على ما فرض الله تبارك و تعالى عليه فإن لم يعرف ذلك لم يحسن أن يؤدي هذه الفرائض ثم يحتاج بعد ذلك أن يعرف الموضع الذي يجب أن يضع فيه زكاته فيضعها فيه و إلا لم يكن مؤديا لما أمر الله و لم يقبل منه فهذه كبار حدود الزكاة و كبار حدود الحج أربعة فأول ذلك الإحرام من الوقت الموقت لا يتقدم على ذلك و لا يتأخر عنه إلا لعلة و الطوف بالبيت و السعي بين الصفا و المروة و الوقوف بالموقفين عرفة و المزدلفة و هي المشعر الحرام فهذه كبار حدود الحج و عليه بعد أن يتعلم ما يحتاج إليه في عمرته و حجة و ما يلزم من ذبح و حلق و تقصير و رمي الجمار حتى يؤدي ذلك كما يجب و كما سنه رسول الله ص و كبار حدود الصوم أربعة و هي اجتناب الأكل و الشرب و النكاح و الارتماس في الماء فهذه كبار حدود الصوم و عليه بعد ذلك أن يجتنب القيء متعمدا و الكذب و قول الزور و إنشاد الشعر و غير ذلك مما قد نهي عنه و جاء به الخبر مما سنه رسول الله ص و أمر به و كبار حدود الوضوء للصلاة أربعة و هي غسل الوجه و اليدين إلى المرافق و المسح على الرأس و المسح على الرجلين إلى الكعبين كما أمر الله و سائر ذلك سنة و كبار حدود ولاية الإمام المفروض الطاعة أن يعلم أنه معصوم من الخطاء و الزلل و العمد و من الذنوب كلها صغيرها و كبيرها لا يزل و لا يخطأ و لا يلهو بشيء من الأمور الموبقة للدين و لا بشيء من الملاهي و أنه أعلم الناس بحلال الله
و حرامه و فرائضه و سننه و أحكامه مستغن عن جميع العالم و غيره محتاج إليه و أنه أسخى الناس و أشجع الناس و العلة في وجوب العصمة أنه إن لم يكن معصوما لم يؤمن منه أن يدخل في بعض ما يدخل فيه الناس من ارتكاب المحارم بغلبة الشهوات فإذا دخل في شيء من الذنوب احتاج إلى من يقيم عليه الحدود التي فرضها الله و لا يجوز أن يكون إماما على الناس مؤديا لهم من يكون بهذه الصفة من ارتكاب الذنوب و العلة في أن يكون أعلم الناس أنه إن لم يكن عالما بجميع الحلال و الحرام و فنون العلوم التي يحتاج الناس إليها في أمور دينهم و دنياهم لم يؤمن منه أن يقلب شرائع الله و أحكامه و حدوده فيقطع من لا يجب عليه القطع و يقتل و يصلب السارق و يحد و يضرب المحارب و العلة في أنه يجب أن يكون أسخى الناس أنه خازن المسلمين و المؤتمن على أموالهم و فيئهم و إن لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم فأخذها و العلة في أنه يجب أن يكون أشجع الناس لأنه فئة المسلمين إليه يرجعون في الحروب و إن لم يكن أشجعهم لم يؤمن منه أن يهرب و يفر من الزحف و يسلمهم للقتل و العطب فيبوء بغضب من الله كما قال عز و جل وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ فلا يجوز أن يفر من الحرب و يبوء بغضب من الله و جعل الله جل و عز لهذه الفرائض الأربع دلالتين و هما أعظم الدلائل في السماء الشمس و القمر فدلالة الصلاة التي هي أعظم هذه الأربعة و هي عمود الدين و هي أشرفها و أجلها الشمس يقول الله جل و عز أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً فلا تعرف مواقيت الصلاة إلا بالشمس أولها الزوال عن كبد السماء و هو وقت الظهر ثم العصر بعدها و دليلها ما تقدم من الزوال و المغرب إذا سقط القرص و هو من الشمس و العشاء الآخرة إذا ذهب الشفق و هو من الشمس و صلاة الفجر إذا طلع الفجر و هو من الشمس و جعل عز و جل دلالة الزكاة مشتركة بين الشمس و القمر فإذا حال الحول وجبت الزكاة و جعل دلالة الحج و الصوم القمر لا تعرف هاتان الفريضتان إلا بالقمر لقول الله تبارك و تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّ و قوله جل و عز شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ففرض الحج و الصوم لا يعرف إلا بالشهور و الشهور لا تعرف إلا بالقمر دون الشمس
40- تفسير النعماني، بإسناده عن الصادق ع عن أمير المؤمنين ص قال أما ما فرضه الله سبحانه في كتابه فدعائم الإسلام و هي خمس دعائم و على هذه الفرائض الخمس بني الإسلام فجعل سبحانه لكل فريضة من هذه الفرائض أربعة حدود لا يسع أحدا جهلها أولها الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام ثم الحج ثم الولاية و هي خاتمتها و الجامعة لجميع الفرائض و السنن فحدود الصلاة أربعة معرفة الوقت ثم ذكر نحوا مما مر بتغيير ما إلى آخر الخبر
بيان كان في نسختي الروايتين سقم و تشويش لا سيما في حدود الزكاة و في النعماني بعد قوله و البقر و الغنم فأما المساحة فمن باب الأرضين و المياه و كأن ذكر القيمة لأنه قد يجوز أداء القيمة بدل العين و ذكر المساحة لأنه قد يضمن العامل حصة الفقراء بعد الخرص قبل الحصاد فيحتاج إلى المساحة و سنبين جميع ذلك في أبوابها إن شاء الله تعالى و كأن مدخلية الشمس في الزكاة لأن الغلات حولها إدراكها و هي تابعة للفصول التابعة لحركة الشمس و في النعماني مكان قوله و جعل الله جل و عز لهذه الفرائض الأربع إلى آخره هكذا و قد جعل الله لهذه الفرائض الأربع دليلين أبان لنا بهما المشكلات و هما الشمس و القمر أي النبي و وصيه بلا فصل
-41 كتاب الطرف، للسيد علي بن طاوس رضي الله عنه بإسناده إلى عيسى بن المستفاد مما رواه في كتاب الوصية قال حدثني موسى بن جعفر ع قال سألت أبي جعفر بن محمد ع عن بدء الإسلام كيف أسلم علي و كيف أسلمت خديجة فقال لي أبي إنهما لما دعاهما رسول الله ص فقال يا علي و يا خديجة إن جبرئيل عندي يدعوكما إلى بيعة الإسلام فأسلما تسلما و أطيعا تهديا فقالا فعلنا و أطعنا يا رسول الله فقال إن جبرئيل عندي يقول لكما إن للإسلام شروطا و عهودا و مواثيق فابتدياه بما شرط الله عليكما لنفسه و لرسوله أن تقولا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه و لم يلده والد و لم يتخذ صاحبة إلها واحدا مخلصا و أن محمدا عبده و رسوله أرسله إلى الناس كافة بين يدي الساعة و نشهد أن الله يحيي و يميت و يرفع و يضع و يغني و يفقر و يَفْعَلُ ما يَشاءُ و يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ قالا شهدنا قال و إسباغ الوضوء على المكاره غسل الوجه و اليدين و الذراعين و مسح الرأس و الرجلين إلى الكعبين و غسل الجنابة في الحر و البرد و إقام الصلاة و أخذ الزكاة من حلها و وضعها في أهلها و حج البيت و صوم شهر رمضان و الجهاد في سبيل الله و بر الوالدين و صلة الرحم و العدل في الرعية و القسم بالسوية و الوقوف عند الشبهة إلى الوصول إلى الإمام فإنه لا شبهة عنده و طاعة ولي الأمر بعدي و معرفته في حياتي و بعد موتي و الأئمة من بعده واحدا واحدا و موالاة أولياء الله و معاداة أعداء الله و البراءة من الشيطان الرجيم و حزبه و أشياعه و البراءة من الأحزاب تيم و عدي و أمية و أشياعهم و أتباعهم و الحياة على ديني و سنتي و دين وصيي و سنته إلى يوم القيامة و الموت على مثل ذلك و ترك شرب الخمر و ملاحاة الناس يا خديجة فهمت ما شرط ربك عليك قالت نعم و آمنت و صدقت و رضيت و سلمت قال علي ع و أنا على ذلك فقال يا علي تبايعه على ما شرطت عليك قال نعم قال فبسط رسول الله كفه فوضع كف علي ع في كفه فقال بايعني يا علي على ما شرطت عليك و أن تمنعني مما تمنع منه نفسك فبكى علي ع فقال بأبي و أمي لا حول و لا قوة إلا بالله فقال رسول الله ص اهتديت و رب الكعبة و رشدت و وفقت و أرشدك الله يا خديجة ضعي يدك فوق يد علي فبايعي له فبايعت على مثل ما بايع عليه علي بن أبي طالب ع على أنه لا جهاد عليه ثم قال يا خديجة هذا علي مولاك و مولى المؤمنين و إمامهم بعدي قالت صدقت يا رسول الله قد بايعته على ما قلت أشهد الله و أشهدك و كفى بالله شهيدا عليما
و عنه عن أبيه قال دعا رسول الله ص أبا ذر و سلمان و المقداد فقال لهم تعرفون شرائع الإسلام و شروطه قالوا نعرف ما عرفنا الله و رسوله فقال هي و الله أكثر من أن تحصى أشهدوني على أنفسكم وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً و ملائكته عليكم بشهادة أن لا إله إلا الله مخلصا لا شريك له في سلطانه و لا نظير له في ملكه و أني رسول الله بعثني بالحق و أن القرآن إمام من الله و حكم عدل و أن القبلة قبلتي شطر المسجد الحرام لكم قبلة و أن علي بن أبي طالب وصي محمد أمير المؤمنين و مولاهم و أن حقه من الله مفروض واجب و طاعته طاعة الله و رسوله و الأئمة من ولده و أن مودة أهل بيته مفروضة واجبة على كل مؤمن و مؤمنة مع إقامة الصلاة لوقتها و إخراج الزكاة من حلها و وضعها في أهلها و إخراج الخمس من كل ما يملكه أحد من الناس حتى يرفعه إلى ولي المؤمنين و أميرهم و بعده ولده فمن عجز و لم يقدر إلا على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعيفين من أهل بيتي من ولد الأئمة فإن لم يقدر فلشيعتهم ممن لا يأكل بهم الناس و لا يريد بهم إلا الله و ما وجب عليهم من حقي و العدل في الرعية و القسم بالسوية و القول بالحق و إن حكم الكتاب على ما عمل عليه أمير المؤمنين و الفرائض على كتاب الله و أحكامه و إطعام الطعام على حبه و حج البيت و الجهاد في سبيل الله و صوم شهر رمضان و غسل الجنابة و الوضوء الكامل على الوجه و اليدين و الذراعين إلى المرافق و المسح على الرأس و القدمين إلى الكعبين لا على خف و لا على خمار و لا على عمامة و الحب لأهل بيتي في الله و حب شيعتهم لهم و البغض لأعدائهم و بغض من والاهم و العداوة في الله و له و الإيمان بالقدر خيره و شره و حلوه و مره و على أن تحللوا حلال القرآن و تحرموا حرامه و تعملوا بالأحكام و تردوا المتشابه إلى أهله فمن عمي عليه من عمله شيء لم يكن علمه مني و لا سمعه فعليه بعلي بن أبي طالب فإنه قد علم كما قد علمته و ظاهره و باطنه و محكمه و متشابهه و هو يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله و موالاة أولياء الله محمد و ذريته و الأئمة خاصة موالاة من والاهم و شايعهم و البراءة و العداوة لمن عاداهم و شاقهم كعداوة الشيطان الرجيم و البراءة ممن شايعهم و تابعهم و الاستقامة على طريق الإمام و اعلموا أني لا أقدم على علي أحدا فمن تقدمه فهو ظالم و البيعة بعدي لغيره ضلالة و فلتة و زلة الأول ثم الثاني ثم الثالث و ويل للرابع ثم الويل له ويل له و لأبيه مع ويل لمن كان قبله ويل لهما و لصاحبيهما لا غفر الله لهم فهذه شروط الإسلام و ما بقي أكثر قالوا سمعنا و أطعنا و قبلنا و صدقنا و نقول مثل ذلك و نشهد لك على أنفسنا بالرضا به أبدا حتى نقدم عليك آمنا بسرهم و علانيتهم و رضينا بهم أئمة و هداة و موالي قال و أنا معكم شهيد ثم قال نعم و تشهدون أن الجنة حق و هي محرمة على الخلائق حتى أدخلها قالوا نعم قال تشهدون أن النار حق و هي محرمة على الكافرين حتى يدخلها أعداء أهل بيتي و الناصبون لهم حربا و عداوة و لا عنهم و مبغضهم و قاتلهم كمن لعنني أو أبغضني أو قاتلني هم في النار قالوا شهدنا و على ذلك أقررنا قال و تشهدون أن عليا صاحب حوضي و الذائد عنه و هو قسيم النار يقول ذلك لك فاقبضيه ذميما و هذا لي فلا تقربيه فينجو سليما قالوا شهدنا على ذلك و نؤمن به قال و أنا على ذلك شهيد
و بهذا الإسناد عن موسى بن جعفر عن أبيه ع قال لما هاجر النبي ص إلى المدينة و حضر خروجه إلى بدر دعا الناس إلى البيعة فبايع كلهم على السمع و الطاعة و كان رسول الله ص إذا خلا دعا عليا فأخبره بمن يفي منهم و من لا يفي و يسأله كتمان ذلك ثم دعا رسول الله ص عليا و حمزة و فاطمة ع فقال لهم بايعوني بيعة الرضا فقال حمزة بأبي أنت و أمي على ما نبايع أ ليس قد بايعنا فقال يا أسد الله و أسد رسوله تبايع لله و لرسوله بالوفاء و الاستقامة لابن أخيك إذن تستكمل الإيمان قال نعم سمعا و طاعة و بسط يده فقال لهم يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ علي أمير المؤمنين و حمزة سيد الشهداء و جعفر الطيار في الجنة و فاطمة سيدة نساء العالمين و السبطان الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة هذا شرط من الله على جميع المسلمين من الجن و الإنس أجمعين فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ثم قرأ إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ قال و لما كانت الليلة التي أصيب حمزة في يومها دعاه رسول الله فقال يا حمزة يا عم رسول الله يوشك أن تغيب غيبة بعيدة فما تقول لو وردت على الله تبارك و تعالى و سألك عن شرائع الإسلام و شروط الإيمان فبكى حمزة فقال بأبي أنت و أمي أرشدني و فهمني فقال يا حمزة تشهد أن لا إله إلا الله مخلصا و أني رسول الله بعثني بالحق قال حمزة شهدت قال و أن الجنة حق و أن النار حق وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها و أن الصراط حق و الميزان حق و من يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ و فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ و أن عليا أمير المؤمنين قال حمزة شهدت و أقررت و آمنت و صدقت و قال الأئمة من ذريته الحسن و الحسين و الإمامة في ذريته قال حمزة آمنت و صدقت و قال و فاطمة سيدة نساء العالمين قال نعم صدقت قال و حمزة سيد الشهداء و أسد الله و أسد رسوله و عم نبيه فبكى حمزة حتى سقط على وجهه و جعل يقبل عيني رسول الله ص و قال جعفر ابن أخيك طيار في الجنة مع الملائكة و إن محمدا و آله خير البرية تؤمن يا حمزة بسرهم و علانيتهم و ظاهرهم و باطنهم و تحيا على ذلك و تموت و توالي من والاهم و تعادي من عاداهم قال نعم يا رسول الله أشهد الله و أشهدك وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً فقال رسول الله ص سددك الله و وفقك
و بهذا الإسناد عن الكاظم عن أبيه ع قال دعا رسول الله ص العباس عند موته فخلا به و قال له يا أبا الفضل اعلم أن من احتجاج ربي على تبليغي الناس عامة و أهل بيتي خاصة ولاية علي ع فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ يا أبا الفضل جدد للإسلام عهدا و ميثاقا و سلم لولي الأمر إمرته و لا تكن كمن يعطي بلسانه و يكفر بقلبه يشاقني في أهل بيتي و يتقدمهم و يستأمر عليهم و يتسلط عليهم ليذل قوما أعزهم الله و يعز قوما لم يبلغوا و لا يبلغون ما مدوا إليه أعينهم يا أبا الفضل إن ربي عهد إلي عهدا أمرني أن أبلغه الشاهد من الإنس و الجن و أن آمر شاهدهم أن يبلغوا غائبهم فمن صدق عليا و وازره و أطاعه و نصره و قبله و أدى ما عليه من الفرائض لله فقد بلغ حقيقة الإيمان و من أبى الفرائض فقد أحبط الله عمله حتى يلقى الله و لا حجة له عنده يا أبا الفضل فما أنت قائل قال قبلت منك يا رسول الله و آمنت بما جئت به و صدقت و سلمت فاشهد علي