1- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن رميلة أن عليا ع مر برجل يخبط هو هو فقال يا شاب لو قرأت القرآن لكان خيرا لك فقال إني لا أحسنه و لوددت أن أحسن منه شيئا فقال ادن مني فدنا منه فتكلم في أذنه بشيء خفي فصور الله القرآن كله في قلبه فحفظ كله
2- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ع قال قرأت عند أمير المؤمنين ع إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها إلى أن بلغ قوله وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها قال أنا الإنسان و إياي تحدث أخبارها فقال له ابن الكواء يا أمير المؤمنين وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ قال نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم و نحن أصحاب الأعراف نوقف بين الجنة و النار و لا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه و كان علي ع يخاطبه بويحك و كان يتشيع فلما كان يوم النهروان قاتل عليا ع ابن الكواء و جاءه ع رجل فقال إني أحبك فقال أمير المؤمنين ع كذبت فقال الرجل سبحان الله كأنك تعلم ما في قلبي و جاءه آخر فقال إني أحبكم أهل البيت و كان فيه لين فأثنى عليه عنده فقال أمير المؤمنين ع كذبتم لا يحبنا مخنث و لا ديوث و لا ولد زناء و لا من حملته أمه في حيضها فذهب الرجل فلما كان يوم صفين قتل مع معاوية
3- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أنه صعب على المسلمين قلعة فيها كفار و يئسوا من فتحها فقعد في المنجنيق و رماه الناس إليها و في يده ذو الفقار فنزل عليهم و فتح القلعة
4- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن محمد بن سنان قال دخلت على الصادق ع فقال لي من بالباب قلت رجل من الصين قال فأدخله فلما دخل قال له أبو عبد الله ع هل تعرفونا بالصين قال نعم يا سيدي قال و بما ذا تعرفوننا قال يا ابن رسول الله ص إن عندنا شجرة تحمل كل سنة وردا يتلون كل يوم مرتين فإذا كان أول النهار نجد مكتوبا عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله و إذا كان آخر النهار فإنا نجد مكتوبا عليه لا إله إلا الله علي خليفة رسول الله
5- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن أبا طالب قال لفاطمة بنت أسد و كان علي ع صبيا رأيته يكسر الأصنام فخفت أن يعلم كبار قريش فقالت يا عجبا أخبرك بأعجب من هذا إني اجتزت بالموضع الذي كانت أصنامهم فيه منصوبة و علي في بطني فوضع رجليه في جوفي شديدا لا يتركني أن أقرب من ذلك الموضع الذي فيه و إنما كنت أطوف بالبيت لعبادة الله لا للأصنام
6- شا، ]الإرشاد[ و من آيات أمير المؤمنين صلوات الله عليه و بيناته التي انفرد بها ممن عداه ظهور مناقبه في الخاصة و العامة و تسخير الجمهور لنقل فضائله و ما خصه الله من كرائمه و تسليم العدو من ذلك بما فيه الحجة عليه هذا مع كثرة المنحرفين عنه و الأعداء له و توافر أسباب دواعيهم إلى كتمان فضله و جحد حقه و كون الدنيا في يد خصومه و انحرافها عن أوليائه و ما اتفق لأضداده من سلطان الدنيا و حمل الجمهور على إطفاء نوره و دحض أمره فخرق الله العادة بنشر فضائله و ظهور مناقبه و تسخير الكل للاعتراف بذلك و الإقرار بصحته و اندحاض ما احتال به أعداؤه في كتمان مناقبه و جحد حقوقه حتى تمت الحجة له و ظهر البرهان بحقه و لما كانت العادة جارية بخلاف ما ذكرناه فيمن اتفق له من أسباب خمول أمره ما اتفق لأمير المؤمنين ع فانخرقت العادة فيه دل ذلك على بينونته من الكافة بباهر الآية على ما وصفناه و قد شاع الخبر و استفاض عن الشعبي أنه كان يقول لقد كنت أسمع خطباء بني أمية يسبون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع على منابرهم و كأنما يشال بضبعه إلى السماء و كنت أسمعهم يمدحون أسلافهم على منابرهم و كأنهم يكشفون عن جيفة و قال الوليد بن عبد الملك لبنيه يوما يا بني عليكم بالدين فإني لم أر الدين بنى شيئا فهدمته الدنيا و رأيت الدنيا قد بنت بنيانا فهدمته الدين ما زالت أصحابنا و أهلنا يسبون علي بن أبي طالب ع و يدفنون فضائله و يحملون الناس على شنئانه و لا يزيده ذلك من القلوب إلا قربا و يجهدون في تقريبهم من نفوس الخلق و لا يزيدهم ذلك إلا بعدا و فيما انتهى إليه الأمر من دفن فضائل أمير المؤمنين و الحيلولة بين العلماء و نشرها ما لا شبهة فيه على عاقل حتى كان الرجل إذا أراد أن يروي عن أمير المؤمنين ع رواية لن يستطيع أن يصفها بذكر اسمه و نسبه و يدعوه الضرورة إلى أن يقول حدثني رجل من أصحاب رسول الله و يقول حدثني رجل من قريش و منهم من يقول حدثني أبو زينب و روى عكرمة عن عائشة في حديثها له بمرض رسول الله ص و وفاته فقالت في جملة ذلك فخرج رسول الله ص متوكئا على رجلين من أهل بيته أحدهما الفضل بن العباس فلما حكي عنها ذلك لعبد الله بن العباس قال له أ تعرف الرجل الآخر قال لا لم تسمه لي قال ذلك علي بن أبي طالب و ما كانت أمنا تذكره بخير و هي تستطيع و كانت الولاة الجورة تضرب بالسياط من ذكره بخير بل تضرب الرقاب على ذلك و تعرض للناس بالبراءة منه و العادة جارية فيمن اتفق له ذلك أن لا يذكر على وجه بخير فضلا عن أن يذكر له فضائل أو يروى له مناقب أو يثبت له حجة لحق و إذا كان ظهور فضائله ع و انتشار مناقبه على ما قدمنا ذكره من شياع ذلك في الخاصة و العامة و تسخير العدو و الولي لنقله ثبت خرق العادة فيه و بان وجه البرهان فيه بالآية الباهرة على ما قدمناه و من آيات الله تعالى فيه أنه لم يمن أحد في ولده و ذريته بما مني ع في ذريته و ذلك أنه لم يعرف خوف شمل جماعة من ولد نبي و لا إمام و لا ملك زمان و لا بر و لا فاجر كالخوف الذي شمل ذرية أمير المؤمنين ع و لا لحق أحدا من القتل و الطرد عن الديار و الأوطان و الإخافة و الإرهاب ما لحق ذرية أمير المؤمنين ع و ولده و لم يجر على طائفة من الناس من صروف النكال ما جرى عليهم من ذلك فقتلوا بالفتك و الغيلة و الاحتيال و بني على كثير منهم و هم أحياء البنيان و عذبوا بالجوع و العطش حتى ذهبت أنفسهم على الهلاك و أحوجهم ذلك إلى التمزق في ذلك و مفارقة الديار و الأهل و الأوطان و كتمان نسبهم عن أكثر الناس
و بلغ بهم الخوف إلى الاستخفاء عن أحبائهم فضلا عن الأعداء و بلغ هربهم من أعدائهم إلى أقصى الشرق و الغرب و المواضع النائية عن العمارة و زهد في معرفتهم أكثر الناس و رغبوا عن تقريبهم و الاختلاط بهم مخافة على أنفسهم و ذراريهم من جبابرة الزمان و هذه كلها أسباب يقتضي انقطاع نظامهم و اجتثاث أصولهم و قلة عددهم و هم مع ما وصفناه أكثر ذرية أحد من الأنبياء و الصالحين و الأولياء بل أكثر من ذراري أحد من الناس قد طبقوا الأرض بكثرتهم البلاد و غلبوا في الكثرة على ذراري أكثر العباد هذا مع اختصاص مناكحهم في أنفسهم دون البعداء و حصرها في ذوي أنسابهم دنية من الأقرباء و في ذلك خرق العادة على ما بيناه و هو دليل الآية الباهرة في أمير المؤمنين ع كما وصفناه و بيناه و هذا ما لا شبهة فيه و الحمد لله
7- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال الصادق ع إن رسول الله ص لما أظهر لليهود و لجماعة من المنافقين المعجزات فقابلوها بالكفر أخبر الله عز و جل عنهم بأنه جل ذكره ختم على قلوبهم و على سمعهم ختما يكون علامة لملائكته المقربين القراء لما في اللوح المحفوظ من أخبار هؤلاء المكذبين المذكورين فيه أحوالهم حتى إذا نظروا إلى أحوالهم و قلوبهم و أسماعهم و أبصارهم و شاهدوا ما هناك من ختم الله عز و جل عليها ازدادوا بالله معرفة و بعلمه بما يكون قبل أن يكون يقينا حتى إذا شاهدوا هؤلاء المختوم عليهم و على جوارحهم يخبرون على ما قرءوا من اللوح المحفوظ و شاهدوه في قلوبهم و أسماعهم و أبصارهم ازدادوا بعلم الله عز و جل بالغائبات يقينا قال فقالوا يا رسول الله فهل في عباد الله من يشاهد هذا الختم كما تشاهده الملائكة فقال رسول الله ص بلى محمد رسول الله شاهده بإشهاد الله تعالى له و يشاهده من أمته أطوعهم لله عز و جل و أشدهم جدا في طاعة الله عز و جل و أفضلهم في دين الله عز و جل فقالوا بينه يا رسول الله و كل منهم يتمنى أن يكون هو فقال رسول الله ص دعوه يكن ممن شاء الله فليس الجلالة في المراتب عند الله عز و جل بالتمني و لا بالتظني و لا بالاقتراح و لكنه فضل من الله عز و جل على من يشاء يوفقه للأعمال الصالحة يكرمه بها فيبلغه أفضل الدرجات و أفضل المراتب إن الله تعالى سيكرم بذلك من يريكموه في غد فجدوا في الأعمال الصالحة فمن وفقه الله لما يوجب عظيم كرامته عليه فلله عليه في ذلك الفضل العظيم قال ع فلما أصبح رسول الله ص و غص مجلسه بأهله و قد جد بالأمس كل من خيارهم في خيار عمله و إحسانه إلى ربه قدمه يرجو أن يكون هو ذلك الخير الأفضل فقالوا يا رسول الله ص من هذا عرفناه بصفته إن لم تنص لنا على اسمه فقال رسول الله ص هذا الجامع للمكارم الحاوي للفضائل المشتمل على الجميل قاض عن أخيه دينا مجحفا إلى غريم سغب غاضب لله تعالى قاتل لغضبه ذاك عدو الله مستحي من مؤمن معرضا عنه بخجلة مكايدا في ذلك الشيطان الرجيم حتى أخزاه الله عنه و وقى بنفسه نفس عبد الله مؤمن حتى أنقذه من الهلكة ثم قال رسول الله ص أيكم قضى البارحة ألف درهم و سبعمائة درهم فقال علي بن أبي طالب ع أنا يا رسول الله فقال رسول الله ص يا علي فحدث إخوانك المؤمنين كيف كانت قصته أصدقك لتصديق الله إياك فهذا الروح الأمين أخبرني عن الله تعالى أنه قد هذبك عن القبيح كله و نزهك عن المساوي بأجمعها و خصك بالفضائل من أشرفها و أفضلها لا يتهمك إلا من كفر به و أخطأ حظ نفسه
فقال علي ع مررت البارحة بفلان بن فلان المؤمن فوجدت فلانا و أنا أتهمه بالنفاق و قد لازمه و ضيق عليه فناداني المؤمن يا أخا رسول الله و كشاف الكرب عن وجه رسول الله و قامع أعدائه عن حبيبه أغثني و اكشف كربتي و نجني من غمي سل غريمي هذا لعله يجيبك و يؤجلني فإني معسر فقلت له الله إنك لمعسر فقال يا أخا رسول الله ص لئن كنت أستحل الكذب فلا تأمنني على يميني أيضا فإني معسر و في قولي هذا صادق و أوقر الله و أجله أن أحلف به صادقا أو كاذبا فأقبلت على الرجل فقلت إني لأجل نفسي عن أن يكون لهذا علي يد و أجلك أيضا عن أن يكون له عليك يد أو منة و أسأل مالك الملك الذي لا يؤنف من سؤاله و لا يستحيي من التعرض لثوابه ثم قلت اللهم بحق محمد و آله الطيبين لما قضيت عن عبدك هذا هذا الدين فرأيت أبواب السماء تنادي أملاكها يا أبا الحسن مر هذا العبد يضرب بيده إلى ما شاء مما بين يديه من حجر و مدر و حصاة و تراب يستحيل في يده ذهبا ثم يقضي منه دينه و يجعل ما يبقى نفقته و بضاعته التي يسد بها فاقته و يمون بها عياله فقلت يا عبد الله قد أذن الله بقضاء دينك و إيسارك بعد فقرك اضرب بيدك إلى ما تشاء مما أمامك فتناوله فإن الله يحوله في يدك ذهبا إبريزا فتناول أحجارا ثم مدرا فانقلبت له ذهبا أحمر ثم قلت له افصل له منها قدر دينه فأعطه ففعل قلت فالباقي لك رزق ساقه الله تعالى إليك فكان الذي قضاه من دينه ألفا و سبعمائة درهم و كان الذي بقي أكثر من مائة ألف درهم فهو من أيسر أهل المدينة ثم قال رسول الله ص إن الله يعلم من الحساب ما لا يبلغه عقول الخلق إنه يضرب ألفا و سبعمائة في ألف و سبعمائة ثم ما ارتفع من ذلك في مثله إلى أن يفعل ذلك ألف مرة ثم آخر ما يرتفع من ذلك عدد ما يهبه الله لك في الجنة من القصور قصر من ذهب و قصر من فضة و قصر من لؤلؤ و قصر من زبرجد و قصر من جوهر و قصر من نور رب العزة و أضعاف ذلك من العبيد و الخدم و الخيل و النجب تطير بين سماء الجنة و أرضها فقال علي ع حمدا لربي و شكرا قال رسول الله ص و هذا العدد فهو عدد من يدخلهم الجنة و يرضى عنهم لمحبتهم لك و أضعاف هذا العدد من يدخلهم النار من الشياطين من الجن و الإنس ببغضهم لك و وقيعتهم فيك و تنقيصهم إياك ثم قال رسول الله ص أيكم قتل البارحة رجلا غضبا لله و لرسوله فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنا و سيأتيكم الخصوم الآن فقال رسول الله ص حدث إخوانك المؤمنين القصة فقال علي ع كنت في منزلي إذ سمعت رجلين خارج داري يتدارءان فدخلا إلي فإذا فلان اليهودي و فلان رجل معروف في الأنصار فقال اليهودي يا أبا الحسن اعلم أنه قد بدت لي مع هذا حكومة فاحتكمنا إلى محمد صاحبكم فقضى لي عليه فهو يقول لست أرضى بقضائه فقد حاف و مال و ليكن بيني و بينك كعب بن الأشرف فأبيت عليه فقال أ فترضى بعلي فقلت نعم فها هو قد جاء بي إليك فقلت لصاحبه أ كما يقول قال نعم ثم قلت أعد علي الحديث فأعاد كما قال اليهودي ثم قال لي يا علي فاقض بيننا بالحق فقمت أدخل منزلي فقال الرجل إلى أين قلت أدخل آتيك بما به أحكم بالحكم العدل فدخلت و اشتملت على سيفي و ضربته على حبل عاتقه فلو كان جبلا لقددته فوقع رأسه بين يديه فلما فرغ علي ع من حديثه جاء أهل ذلك الرجل بالرجل المقتول و قالوا هذا ابن عمك قتل صاحبنا فاقتص منه فقال رسول الله ص لا قصاص فقالوا أو دية فقال رسول الله و لا دية لكم هذا و الله قتيل الله لا يؤدى إن عليا قد شهد على صاحبكم بشهادة و الله يلعنه بشهادة علي و لو شهد علي على الثقلين لقبل الله شهادته عليهم إنه الصادق الأمين ارفعوا صاحبكم هذا و ادفنوه مع اليهود
فقد كان منهم فرفع و إذا أوداجه تشخب دما و بدنه قد كسي شعرا فقال علي ع يا رسول الله ما أشبهه إلا بالخنزير في شعره فقال رسول الله ص يا علي أ و ليس لو جئت بعدد كل شعرة منه عدد رمال الدنيا حسنات لكان كثيرا قال بلى يا رسول الله قال رسول الله ص يا أبا الحسن إن هذا القتل الذي قتلت به هذا الرجل قد أوجب الله لك به من الثواب كأنما أعتقت رقابا بعدد رمل عالج الدنيا و بعدد كل شعرة على هذا المنافق و إن أقل ما يعطي الله بعتق رقبة لمن يهب له بعدد كل شعرة من تلك الرقبة ألف حسنة و يمحو عنه ألف سيئة فإن لم يكن له فلأبيه فإن لم يكن لأبيه فلأمه فإن لم يكن لها فلأخيه فإن لم يكن له فلذويه و جيرانه و قراباته ثم قال رسول الله ص أيكم استحيا البارحة من أخ له في الله لما رأى به خلة ثم كايد الشيطان في ذلك الأخ و لم يزل به حتى غلبه فقال علي ع أنا يا رسول الله فقال رسول الله ص حدث به يا علي إخوانك المؤمنين ليتأسوا بحسن صنيعك فيما يمكنهم و إن كان أحد منهم لم يلحق شأنك و لم يسبق عبادتك و لا يرمقك في سابقة لك إلى الفضائل إلا كما يرمق الشمس إلى الأرض و أقصى المشرق من أقصى المغرب فقال علي ع مررت بمزبلة بني فلان فرأيت رجلا من الأنصار مؤمنا قد أخذ من تلك المزبلة قشور البطيخ و القثاء و التين فهو يأكلها من شدة الجوع فلما رأيته استحييت من أن يراني فيخجل و أعرضت عنه و مررت إلى منزلي و كنت أعددت لفطوري و سحوري قرصين من شعير فجئت بهما إلى الرجل فناولته إياهما و قلت أصب من هذا كلما جعت فإن الله عز و جل يجعل البركة فيهما فقال يا أبا الحسن أنا أريد أن أمتحن هذه البركة لعلمي بصدقك في قيلك إني أشتهي لحم فراخ و اشتهاه علي أهل منزلي فقلت اكسر منه لقما بعدد ما تريده من فراخ فإن الله تعالى يقلبها فراخا بمسألتي إياه بجاه محمد و آله الطيبين الطاهرين فأخطر الشيطان ببالي فقال يا أبا الحسن تفعل هذا به و لعله منافق فرددت عليه و قلت إن يكن مؤمنا فهو أهل لما أفعل معه و إن يكن منافقا فأنا للإحسان أهل فليس كل معروف يلحق مستحقه و قلت أنا أدعو الله بمحمد و آله الطيبين ليوفقه للإخلاص و النزوع عن الكفر إن كان منافقا فإن تصدقي عليه بهذا أفضل من تصدقي عليه بالطعام الشريف الموجب للثروة و الغناء و كابدت الشيطان و دعوت الله سرا من الرجل بالإخلاص بجاه محمد و آله الطيبين فارتعدت فرائص الرجل و سقط لوجهه فأقمته و قلت ما ذا شأنك قال كنت منافقا شاكا فيما يقوله محمد و فيما تقوله أنت فكشف لي الله عن السماوات و الأرض فأبصرت كل ما تواعدان من العقوبات فذلك حين وقر الإيمان في قلبي و أخلص به جناني و زال عني الشك الذي كان يعتورني فأخذ الرجل القرصين و قلت له كل شيء تشتهيه فاكسر من القرص قليلا فإن الله يحوله ما تشتهيه و تتمناه و تريده فما زال ذلك يتقلب شحما و لحما و حلوا و رطبا و بطيخا و فواكه الشتاء و فواكه الصيف حتى أظهره الله تعالى من الرغيفين عجبا و صار الرجل من عتقاء الله من النار و من عبيده المصطفين الأخيار فذلك حين رأيت جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و ملك الموت قد قصد الشيطان كل واحد منهم بمثل جبل أبي قبيس فوضع أحدهم عليه يبنيها بعضهم على بعض فيهشم و جعل إبليس يقول يا رب وعدك وعدك أ لم تنظرني إلى يوم يبعثون فإذا نداء بعض الملائكة أنظرتك لئلا تموت ما أنظرتك لئلا تهشم و ترضض فقال رسول الله ص يا أبا الحسن كما عاندت الشيطان فأعطيت في الله حين نهاك عنه و غلبته فإن الله يخزي عنك الشيطان و عن محبيك و يعطيك في الآخرة بعدد كل حبة مما أعطيت صاحبك و فيما تتمناه الله منه درجة في الجنة أكبر من الدنيا من الأرض إلى السماء و بعدد كل حبة منها جبلا من فضة كذلك و
جبلا من لؤلؤ و جبلا من ياقوت و جبلا من جوهر و جبلا من نور رب العزة كذلك و جبلا من زمرد و جبلا من زبرجد كذلك و جبلا من مسك و جبلا من عنبر كذلك و إن عدد خدمك في الجنة أكثر من عدد قطر المطر و النبات و شعور الحيوانات بك يتم الله الخيرات و يمحو عن محبيك السيئات و بك يميز الله المؤمنين من الكافرين و المخلصين من المنافقين و أولاد الرشد من أولاد الغي ثم قال رسول الله ص و أيكم وقى بنفسه نفس رجل مؤمن البارحة فقال علي ع أنا يا رسول الله وقيت بنفسي نفس ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري فقال رسول الله ص حدث بالقصة إخوانك المؤمنين و لا تكشف عن اسم المنافقين المكايدين لنا فقد كفاكما الله شرهم و أخرهم للتوبة لعلهم يتذكرون أو يخشون فقال علي ع إني بينا أسير في بني فلان بظاهر المدينة و بين يدي بعيدا مني ثابت بن قيس إذ بلغ بئرا عادية عميقة بعيدة القعر و هناك رجال من المنافقين فدفعوه ليرموه في البئر فتماسك ثابت ثم عاد فدفعه و الرجل لا يشعر بي حتى وصلت إليه و قد اندفع ثابت في البئر فكرهت أن أشغل بطلب المنافقين خوفا على ثابت فوقعت في البئر لعلي آخذه فنظرت فإذا أنا سبقته إلى قعر البئر فقال رسول الله ص و كيف لا تسبقه و أنت أرزن منه و لو لم يكن من رزانتك إلا ما في جوفك من علم الأولين و الآخرين الذي أودع الله رسوله و أودعك رسوله لكان من حقك أن تكون أرزن من كل شيء فكيف كان حالك و حال ثابت قال يا رسول الله صرت إلى قرار البئر و استقررت قائما و كان ذلك أسهل علي و أخف على رجلي من خطاي التي كنت أخطوها رويدا رويدا ثم جاء ثابت فانحدر فوقع على يدي و قد بسطتها له فخشيت أن يضرني سقوطه علي أو يضره فما كان إلا كباقة ريحان تناولتها بيدي ثم نظرت فإذا ذاك المنافق و معه آخران على شفير البئر و هو يقول أردنا واحدا فصار اثنين فجاءوا بصخرة فيها مائتا من فأرسلوها علينا فخشيت أن تصيب ثابتا فاحتضنته و جعلت رأسه إلى صدري و انحنيت عليه فوقعت الصخرة على مؤخر رأسي فما كانت إلا كترويحة بمروحة روحت بها في حمارة القيظ ثم جاءوا بصخرة أخرى فيها قدر ثلاثمائة من فأرسلوها علينا فانحنيت على ثابت فأصابت مؤخر رأسي فكانت كماء صببت على رأسي و بدني في يوم شديد الحر ثم جاءوا بصخرة ثالثة فيها قدر خمسمائة من يديرونها على الأرض لا يمكنهم أن يقلبوها فأرسلوها علينا فانحنيت على ثابت فأصابت مؤخر رأسي و ظهري فكانت كثوب ناعم صببته على بدني و لبسته و تنعمت به ثم سمعتهم يقولون لو أن لابن أبي طالب و ابن قيس مائة ألف روح ما نجت واحدة منها من بلاء هذه الصخور ثم انصرفوا و قد دفع الله عنا شرهم فأذن الله لشفير البئر فانحط و لقرار البئر فارتفع فاستوى القرار و الشفير بعد بالأرض فخطونا و خرجنا فقال رسول الله ص يا أبا الحسن إن الله عز و جل قد أوجب لك بذلك من الفضائل و الثواب ما لا يعرفه غيره ينادي مناد يوم القيامة أين محبو علي بن أبي طالب فيقوم قوم من الصالحين فيقال لهم خذوا بأيدي من شئتم من عرصات القيامة فأدخلوهم الجنة فأقل رجل منهم ينجو بشفاعته من أهل تلك العرصات ألف ألف رجل ثم ينادي مناد أين البقية من محبي علي بن أبي طالب فيقومون مقتصدون فيقال لهم تمنوا على الله عز و جل ما شئتم فيتمنون فيفعل بكل واحد منهم ما تمنى ثم يضعف له مائة ألف ضعف ثم ينادي مناد أين البقية من محبي علي بن أبي طالب فيقوم قوم ظالمون لأنفسهم معتدون عليها فيقال أين المبغضون لعلي بن أبي طالب فيؤتى بهم جم غفير و عدد عظيم كثير فيقال ألا نجعل كل ألف من هؤلاء فداء لواحد من محبي علي بن أبي طالب ع ليدخلوا الجنة
فينجي الله عز و جل محبيك و يجعل أعداءهم فداءهم ثم قال رسول الله ص هذا الأفضل الأكرم محبه محب الله و محب رسوله و مبغضه مبغض الله و مبغض رسوله هم خيار خلق الله من أمة محمد ص ثم قال رسول الله ص لعلي ع انظر فنظر إلى عبد الله بن أبي و إلى سبعة نفر من اليهود فقال قد شاهدت ختم الله على قلوبهم و على سمعهم و على أبصارهم فقال رسول الله ص أنت يا علي أفضل شهداء الله في الأرض بعد محمد رسول الله قال فذلك قوله خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ تبصرها الملائكة فيعرفونهم بها و يبصرها رسول الله ص و يبصرها خير خلق الله بعده علي بن أبي طالب ع ثم قال وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ في الآخرة بما كان من كفرهم بالله و كفرهم بمحمد رسول الله ص
بيان قد مضى تمام الخبر في باب هداية الله و إضلاله و باب نوادر معجزات الرسول ص و الذهب الإبريز بالكسر الخالص و الباقة الحزمة من بقل و الحمارة بتخفيف و تشديد الراء شدة الحر
8- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال علي بن محمد ع لما رجع أمير المؤمنين من صفين و سقي القوم من الماء التي تحت الصخرة التي قلبها ليقعد لحاجته فقال بعض منافقي عسكره سوف أنظر إلى سوأته و إلى ما يخرج منه فإنه يدعي مرتبة النبي ص لأخبر أصحابي بكذبه فقال علي ع لقنبر يا قنبر اذهب إلى تلك الشجرة و إلى التي تقابلها و قد كان بينهما أكثر من فرسخ فنادهما إن وصي محمد يأمركما أن تتلاصقا فقال قنبر يا أمير المؤمنين أ و يبلغهما صوتي قال علي ع إن الذي يبلغ بصر عينك السماء و بينك و بينها مسيرة خمسمائة عام سيبلغهما صوتك فذهب قنبر فنادى فسعت إحداهما إلى الأخرى سعي المتحابين طالت غيبة أحدهما عن الآخر و اشتد شوقه و انضما فقال قوم من منافقي العسكر إن عليا يضاهي في سحره رسول الله ابن عمه ما ذاك رسول الله و لا هذا إمام و إنما هما ساحران لكنا سندور من خلفه فننظر إلى عورته و ما يخرج منه فأوصل الله عز و جل ذلك إلى أذن علي من قبلهم فقال جهرا يا قنبر إن المنافقين أرادوا مكايدة وصي رسول الله ص و ظنوا أنه لا يمتنع منهم إلا بالشجرتين فارجع إليهما يعني الشجرتين فقل لهما إن وصي رسول الله ص يأمركما أن تعودا إلى مكانكما ففعل ما أمره به فانقلعتا و عدت كل واحدة تفارق الأخرى كهزيمة الجبان من الشجاع البطل ثم ذهب علي ع و رفع صوبه ليقعد و قد مضى من المنافقين جماعة لينظروا إليه فلما رفع ثوبه أعمى الله تعالى أبصارهم فلم يبصروا شيئا فولوا عنه وجوههم فأبصروا كما كانوا يبصرون فنظروا إلى جهته فعموا فما زالوا ينظرون إلى جهته و يعمون و يصرفون عنه وجوههم و يبصرون إلى أن فرغ علي ع و قام و رجع و ذلك ثمانون مرة من كل واحدة ثم ذهبوا ينظرون ما خرج عنه فاعتقلوا في مواضعهم فلم يقدروا أن يروها فإذا انصرفوا أمكنهم الانصراف أصابهم ذلك مائة مرة حتى نودي فيهم بالرحيل فرحلوا و ما وصلوا إلى ما أرادوا من ذلك و لم يزدهم ذلك إلا عتوا و طغيانا و تماديا في كفرهم و عنادهم فقال بعضهم لبعض انظروا إلى هذا العجب من هذه آياته و معجزاته و يعجز عن معاوية و عمرو و يزيد فنظروا فأوصل الله عز و جل ذلك من قبلهم إلى أذنه فقال علي ع يا ملائكة ايتوني بمعاوية و عمرو و يزيد فنظروا في الهواء فإذا ملائكة كأنهم السودان قد علق كل واحد منهم بواحد فأنزلوهم إلى حضرته فإذا أحدهم معاوية و الآخر عمرو و الآخر يزيد فقال علي ع تعالوا فانظروا إليهم أما لو شئت لقتلهم و لكني أنظرهم كما أنظر الله عز و جل إبليس إلى الوقت المعلوم إن الذي ترونه بصاحبكم ليس لعجز و لا ذل و لكنه محنة من الله عز و جل لينظر كيف تعملون و لئن طعنتم على علي فلقد طعن الكافرون المنافقون قبلكم على رسول رب العالمين فقالوا إن من طاف ملكوت السماوات و الجنان في ليلة و رجع كيف يحتاج إلى أن يهرب و يدخل الغار و يأتي إلى المدينة من مكة في أحد عشر يوما و إنما هو من الله إذا شاء أراكم القدرة لتعرفوا صدق أنبياء الله و إذا شاء امتحنكم بما تكرهون لينظر كيف تعملون و ليظهر حجته عليكم
9- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال علي بن الحسين صلوات الله عليه كان جد بن قيس تالي عبد الله في النفاق كما أن عليا ع كان تالي رسول الله ص في الكمال و الجلال و الجمال و تفرد جد مع عبد الله بن أبي بعد ما سم الرسول ص و لم يؤثر فيه فقال له إن محمدا ص ماهر في السحر و ليس علي كمثله فاتخذ أنت يا جد لعلي دعوة بعد أن تتقدم في تنبيش أصل حائط بستانك ثم توقف رجالا خلف الحائط بخشب يعتمدون بها على الحائط و يدفعونه على علي و من معه ليموتوا تحته فجلس علي ع تحت الحائط فتلقاه بيساره و أوقفه و كان الطعام بين أيديهم فقال ع كلوا بسم الله و جعل يأكل معهم حتى أكلوا فرغوا و هو يمسك الحائط بشماله و الحائط ثلاثون ذراعا طوله في خمس عشرة سمكة في ذراعين غلظة فجعل أصحاب علي ع يأكلون و هم يقولون يا أخا رسول الله ص أ فتحامي هذا و أنت تأكل فإنك تتعب في حبسك هذا الحائط عنا فقال علي ع إني لست أجد له من المس بيساري إلا أقل مما أجد من ثقل هذه اللقمة بيميني و هرب جد بن قيس و خشي أن يكون علي قد مات و صحبه و أن محمدا يطلبه لينتقم منه و اختفى عند عبد الله بن أبي فبلغهم أن عليا ع قد أمسك الحائط بيساره و هو يأكل بيمينه و أصحابه تحت الحائط لم يموتوا فقال أبو الشرور و أبو الدواهي اللذان أصل التدبير في ذلك إن عليا قد مهر بسحر محمد فلا سبيل لنا عليه فلما فرغ القوم أقام علي ع الحائط بيساره فأقامه و سواه و أرأب صدعه و ألم شعبه و خرج هو و القوم من تحته فلما رآه رسول الله ص قال يا أبا الحسن ضاهيت اليوم أخي الخضر لما أقام الجدار و ما سهل الله ذلك له إلا بدعائه بنا أهل البيت
10- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ صالح بن كيسان و ابن رومان رفعاه إلى جابر الأنصاري قال جاء العباس إلى علي ع يطالبه بميراث النبي ص فقال له ما كان لرسول الله ص شيء يورث إلا بغلته دلدل و سيفه ذو الفقار و درعه و عمامته السحاب و أنا أربأ بك أن تطالب بما ليس لك فقال لا بد من ذلك و أنا أحق عمه و وارثه دون الناس كلهم فنهض أمير المؤمنين ع و معه الناس حتى دخل المسجد ثم أمر بإحضار الدرع و العمامة و السيف و البغلة فأحضر فقال للعباس يا عم إن أطقت النهوض بشيء منها فجميعه لك فإن ميراث الأنبياء لأوصيائهم دون العالم و لأولادهم فإن لم تطق النهوض فلا حق لك فيه قال نعم فألبسه أمير المؤمنين ع الدرع بيده و ألقى عليه العمامة و السيف ثم قال انهض بالسيف و العمامة يا عم فلم يطق النهوض فأخذ السيف منه و قال له انهض بالعمامة فإنها آية من نبينا ص فأراد النهوض فلم يقدر على ذلك و بقي متحيرا ثم قال له يا عم و هذه البغلة بالباب لي خاصة و لولدي فإن أطقت ركوبها فاركبها فخرج و معه عدوي فقال له يا عم رسول الله خدعك علي فيما كنت فيه فلا تخدع نفسك في البغلة إذا وضعت رجلك في الركاب فاذكر الله و سم و اقرأ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا قال فلما نظرت البغلة إليه مقبلا مع العباس نفرت و صاحت صياحا ما سمعناه منها قط فوقع العباس مغشيا عليه و اجتمع الناس و أمر بإمساكها فلم يقدر عليها ثم إن عليا ع دعا البغلة باسم ما سمعناه فجاءت خاضعة ذليلة فوضع رجله في الركاب و وثب عليها فاستوى عليها راكبا فاستدعا أن يركب الحسن و الحسين ع فأمرهما بذلك ثم لبس علي الدرع و العمامة و السيف و ركبها و سار عليها إلى منزله و هو يقول هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أنا و هما أم تكفر أنت يا فلان
11- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ من عجائبه ع طول ما لقي من الحروب لم ينهزم قط و لم ينله فيها شين و لا جراح سوء و لم يبارز أحد إلا ظفر به و لا نجا من ضربته أحد فصلح منها و لم يفلت منه قرن و لم يخرج في حروبه إلا و هو ماش يهرول طول الدهر بغير جند إلى العدو و ما قدمت راية قوتل تحتها علي إلا انقلبوا صاغرين و يروى وثبته أربعون ذراعا إلى عمرو و رجوعه إلى خلف عشرون ذراعا و ذلك خارج عن العادة و روي ضربته على رجليه و قطعهما بضربة واحدة مع ما كان عليه من الثياب و السلاح و روي أنه ضرب مرحب الكافر يوم خيبر على رأسه فقطع العمامة و الخوذة و الرأس و الحلق و ما عليه من الجوشن من قدام و خلف إلى أن قده بنصفين ثم حمل على سبعين فارس فبددهم و تحير الفريقان من فعله فانهزموا إلى الحصن و أصل مشهد البوق عند رحبة الشام أنه ع أخبر أن الساعة خرج معاوية في خيله من دمشق و ضرب البوق و سمع ذلك من مسيرة ثمانية عشر يوما و هو خرق العادة و منه الدكة المشهورة في الكوفة التي يقال أنه رأى منها مكة و سلم عليها و ذلك مثل قولكم يا سارية الجبل و مسجد المجذاف في الرقة و هو أنه لما طلب الزواريق لحمل الشهداء قالوا الزواريق ترعى فقال ع كلامكم غث و قمصانكم رث لا شد الله بكم صفا و لا أشبعكم إلا على قتب و عمل جائزة عظيمة بمنزلة المجذاف و حمل الشهداء عليها فخربت الرقة و عمرت الرافقة و لا يزالون في ضنك العيش و روت الغلاة أنه ع صعد إلى السماء على فرس و ينظر إليه أصحابه و قال لو أردت لحملت إليكم ابن أبي سفيان و ذلك نحو قوله وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا و خرج عن أبي زهرة و قطع مسيرة ثلاثة أيام بليلة واحدة و أصبح عند الكفار و فتح عليه فنزل وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً و روي أنه رمي إلى حصن ذات السلاسل في المنجنيق و نزل على حائط الحصن و كان الحصن قد شد على حيطانه سلاسل فيها غرائر من نبن أو قطن حتى لا يعمل فيها المنجنيق إذا رمي الحجر فقالت الغلاة فمر في الهواء و الترس تحت قدميه و نزل على الحائط و ضرب السلاسل ضربة واحدة فقطعها و سقطت الغرائر و فتح الحصن و روت الغلاة أنه نزلت فيه وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا و ذلك إن صح مثل صعود الملائكة و نزولهم و إسراء النبي ص
تفسير أبي محمد العسكري ع أنه أرادت الفجرة ليلة العقبة قتل النبي ص و من بقي في المدينة قتل علي ع فلما تبعه و قص عليه بغضاءهم فقال أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الخبر فحفروا له حفيرة طويلة و غطوها فلما انصرف و بلغها أنطق الله فرسه فقال سر بإذن الله فطفرت ثم أمر بكشفه فرآه عجيبا
مسند أحمد و فضائله و سنن ابن ماجة قال عبد الرحمن بن أبي ليلى كان أمير المؤمنين ع يلبس في البرد الشديد الثوب الرقيق و في الحر الشديد القباء و الثوب الثقيل و كان لا يجد الحر و البرد فكان النبي ص دعا له يوم خيبر فقال كفاك الله الحر و البرد و في رواية اللهم قه الحر و البرد و في رواية اللهم اكفه الحر و البرد
سهل بن حنيف في حديثه أنه لما أخذ معاوية مورد الفرات أمر أمير المؤمنين ع لمالك الأشتر أن يقول لمن على جانب الفرات يقول لكم علي اعدلوا عن الماء فلما قال ذلك عدلوا عنه فورد قوم أمير المؤمنين الماء و أخذوا منه فبلغ ذلك معاوية فأحضرهم و قال لهم في ذلك فقال إن عمرو بن العاص جاء و قال إن معاوية يأمركم أن تفرجوا عن الماء فقال معاوية لعمرو إنك لتأتي أمرا ثم تقول ما فعلته فلما كان من غد وكل معاوية حجل بن العتاب النخعي في خمسة آلاف فأنفذ أمير المؤمنين ع مالكا فنادى مثل الأول فمال حجل عن الشريعة فورد أصحاب علي ع و أخذوا منه فبلغ ذلك معاوية فأحضر حجلا و قال له في ذلك فقال إن ابنك يزيد أتاني فقال إنك أمرت بالتنحي عنه فقال ليزيد في ذلك فأنكر فقال معاوية فإذا كان غدا فلا تقبل من أحد و لو أتيتك حتى تأخذ خاتمي فلما كان اليوم الثالث أمر أمير المؤمنين ع لمالك مثل ذلك فرأى حجل معاوية و أخذ منه خاتمه و انصرف عن الماء و بلغ معاوية فدعاه و قال له في ذلك فأراه خاتمه فضرب معاوية يده على يده فقال نعم و إن هذا من دواهي علي
و حدثني محمد الشوهاني بإسناده أنه قدم أبو الصمصام العبسي إلى النبي ع و قال متى يجيء المطر و أي شيء في بطن ناقتي هذه و أي شيء يكون غدا و متى أموت فنزل إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآيات فأسلم الرجل و وعد النبي ص أن يأتي بأهله فقال اكتب يا أبا الحسن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أقر محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف و أشهد على نفسه في صحة عقله و بدنه و جواز أمره أن لأبي الصمصام العبسي عليه و عنده و في ذمته ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق عليها من طرائف اليمن و نقط الحجاز و خرج أبو الصمصام ثم جاء في قومه بني عبس كلهم مسلمين و سأل عن النبي ص فقالوا قبض قال فمن الخليفة من بعده فقالوا أبو بكر فدخل أبو الصمصام المسجد و قال يا خليفة رسول الله ص إن لي على رسول الله ص ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق عليها من طرائف اليمن و نقط الحجاز فقال يا أخا العرب سألت ما فوق العقل و الله ما خلف رسول الله إلا بغلته الدلدل و حماره اليعفور و سيفه ذا الفقار و درعه الفاضل أخذها كلها علي بن أبي طالب ع و خلف فينا فدك فأخذناها بحق و نبينا ص لا يورث فصاح سلمان كردى و نكردى و حق ازمير ببردى ردوا العمل إلى أهله ثم ضرب بيده إلى أبي الصمصام فأقامه إلى منزل علي بن أبي طالب ع فقرع الباب فنادى علي ادخل يا سلمان ادخل أنت و أبو الصمصام فقال أبو الصمصام هذه أعجوبة من هذا الذي سماني باسمي و لم يعرفني فعد سلمان فضائل علي ع فلما دخل و سلم عليه قال يا أبا الحسن إن لي على رسول الله ص ثمانين ناقة و وصفها فقال علي أ معك حجة فدفع إليه الوثيقة فقال علي ع يا سلمان ناد في الناس ألا من أراد أن ينظر إلى دين رسول الله ص فليخرج غدا إلى خارج المدينة فلما كان الغد خرج الناس و خرج علي ع و أسر إلى ابنه الحسن سرا و قال امض يا أبا الصمصام مع ابني الحسن إلى الكثيب من الرمل فمضى ع و معه أبو الصمصام فصلى الحسن ع ركعتين عند الكثيب و كلم الأرض بكلمات لا ندري ما هي و ضرب الكثيب بقضيب رسول الله ص فانفجر الكثيب عن صخرة ململمة مكتوب عليها سطران من نور السطر الأول بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و الثاني لا إله إلا الله محمد رسول الله ص فضرب الحسن ع الصخرة بالقضيب فانفجرت عن خطام ناقة فقال الحسن ع اقتد يا أبا الصمصام فاقتاد أبو الصمصام ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق عليها من طرائف اليمن و نقط الحجاز و رجع إلى علي بن أبي طالب فقال ع استوفيت يا أبا الصمصام قال نعم قال فسلم الوثيقة فسلمها إلى علي بن أبي طالب ع فأخذها و خرقها ثم قال هكذا أخبرني أخي و ابن عمي رسول الله ص إن الله خلق هذه النوق من هذه الصخرة قبل أن يخلق ناقة صالح بألفي عام فقال المنافقون هذا من سحر علي قليل
بيان قوله نقط الحجاز أقول الظاهر أنه تصحيف لقط باللام قال الفيروزآبادي اللقط محركة ما يلتقط من السنابل و قطع ذهب توجد في المعدن
12- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ من معجزاته ع تسخيره الجماعة اضطرارا لنقل فضائله مع ما فيها من الحجة عليهم حتى إن أنكره واحد رد عليه صاحبه و قال هذا في التواريخ و الصحاح و السنن و الجوامع و السير و التفاسير مما أجمعوا على صحته فإن لم يكن في واحد يكن في آخر و من جملة ذلك ما أجمعوا عليه و روى مناقبه خلق كثير منهم حتى صار علما ضروريا كما صنف ابن جرير الطبري كتاب الغدير و ابن الشاهين كتاب المناقب و كتاب فضائل فاطمة ع و يعقوب بن شيبة تفضيل الحسن و الحسين ع و مسند أمير المؤمنين ع و أخباره و فضائله و الجاحظ كتاب العلوية و كتاب فضل بني هاشم على بني أمية و أبو نعيم الأصفهاني منقبة المطهرين في فضائل أمير المؤمنين ع و ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين ع و أبو المحاسن الروياني الجعفريات و الموفق المكي كتاب قضايا أمير المؤمنين ع و كتاب رد الشمس لأمير المؤمنين ع و أبو بكر محمد بن مؤمن الشيرازي كتاب نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين ع و أبو صالح عبد الملك المؤذن كتاب الأربعين في فضائل الزهراء ع و أحمد بن حنبل مسند أهل البيت و فضائل الصحابة و أبو عبد الله محمد بن أحمد النطنزي الخصائص العلوية على سائر البرية و ابن المغازلي كتاب المناقب و أبو القاسم البستي كتاب الدرجات و الخطيب أبو تراب كتاب الحدائق مع الكتمان و الميل و ذلك خرق العادة شهد بفضائله معادوه و أقر بمناقبه جاحدوه و من جملة ذلك كثرة مناقبه مع ما كانوا يدفنونها و يتوعدون على روايتها روى مسلم و البخاري و ابن بطة و النطنزي عن عائشة في حديثها بمرض النبي ص فقالت في جملة ذلك فخرج النبي ص بين رجلين من أهل بيته أحدهما الفضل و رجل آخر يخط قدماه عاصبا رأسه يعني عليا ع و قال معاوية لابن عباس أنا كتبنا في الآفاق ننهي عن ذكر مناقب علي ع فكف لسانك قال أ فتنهانا عن قراءة القرآن قال لا قال أ فتنهانا عن تأويله قال نعم قال أ فنقرؤه و لا نسأل قال سل عن غير أهل بيتك قال إنه منزل علينا أ فنسأل غيرنا أ تنهانا أن نعبد الله فإذا تهلك الأمة قال اقرءوا و لا ترووا ما أنزل الله فيكم يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ ثم نادى معاوية أن برئت الذمة ممن روى حديثا من مناقب علي حتى قال عبد الله بن شداد الليثي وددت أني أترك أن أحدث بفضائل علي بن أبي طالب ع يوما إلى الليل و إن عنقي ضربت فكان المحدث يحدث بحديث في الفقه أو يأتي بحديث المبارزة فيقول قال رجل من قريش و كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول حدثني رجل من أصحاب رسول الله ص و كان الحسن البصري يقول قال أبو زينب و سئل ابن جبير عن حامل اللواء فقال كأنك رخي البال و رأى رجل أعرابية في مسجد تقول يا مشهورا في السماوات و يا مشهورا في الأرضين و يا مشهورا في الدنيا و يا مشهورا في الآخرة جهدت الجبابرة و الملوك على إطفاء نورك و إخماد ذكرك فأبى الله لذكرك إلا علوا و لنورك إلا ضياء و نماء و لو كره المشركون فقيل لمن تصفين قالت ذاك أمير المؤمنين ع فالتفت فلم ير أحدا و من ذلك ما طبقت الأرض بالمشاهد لأولاده و فشت المنامات من مناقبه فيبرئ الزمنى و يفرج المبتلى و ما سمع هذا لغيره ع
13- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال الإمام ع إن رجلا من محبي علي بن أبي طالب ع كتب إليه من الشام يا أمير المؤمنين أنا بعيالي مثقل و عليهم إن خرجت خائف و بأموالي التي أخلفها إن خرجت ظنين و أخر اللحاق بك و الكون في جملتك و الخفوق في خدمتك فجد لي يا أمير المؤمنين فبعث إليه علي ع اجمع أهلك و عيالك و حصل عندهم مالك و صل على ذلك كله على محمد و آله الطاهرين ثم قل اللهم هذه كلها ودائعي عندك بأمر عبدك و وليك علي بن أبي طالب ثم قم و انهض إلي ففعل الرجل ذلك و أخبر معاوية بهربه إلى علي بن أبي طالب ع فأمر معاوية أن تسبى عياله و يسترقوا و أن تنهب أمواله فذهبوا فألقى الله عليهم شبه عيال معاوية و حاشيته و أخص حاشيته كيزيد بن معاوية يقولون نحن أخذنا هذا المال و هو لنا و أما عياله فقد استرققناهم و بعثناهم إلى السوق فكفوا لما رأوا ذلك و عرف الله عياله أنه قد ألقى عليهم شبه عيال معاوية و عيال خاصة يزيد فأشفقوا من أموالهم أن تسرقها اللصوص فمسخ المال عقارب و حيات كلما قصد اللصوص ليأخذوا منه لذعوا و لسعوا فمات منهم قوم و ضني آخرون و دفع الله عن ماله بذلك إلى أن قال علي ع يوما للرجل أ تحب أن يأتيك عيالك و مالك قال بلى قال علي ع ايت بهم فإذا هم بحضرة الرجل لا يفقد من عياله و ماله شيئا فأخبروه بما ألقى الله تعالى من شبه عيال معاوية و خاصته و حاشية يزيد عليهم و بما مسخه من أمواله عقارب و حيات تلسع اللص الذي يريد أخذ شيء منه و قال علي ع إن الله تعالى ربما أظهر آية لبعض المؤمنين ليزيد في بصيرته و لبعض الكافرين ليبالغ في الإعذار إليه
بيان الخفوق التحرك و الاضطراب و في بعض النسخ بالفاءين بمعنى الإحاطة و ضني كرضي مرض مرضا مخامرا كلما ظن برؤه نكس
14- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ إن رسول الله ص لما نص على علي ع بالفضيلة و الإمامة و سكن إلى ذلك قلوب المؤمنين و عاند فيه أصناف الجاحدين من المعاندين و شك في ذلك ضعفاء من الشاكين و غاض في صدور المنافقين العداوة و البغضاء و الحسد و الشحناء حتى قال قائل من المنافقين لقد أسرف محمد ص في مدح نفسه ثم أسرف في مدح أخيه علي ع و ما ذلك من عند رب العالمين و لكنه في ذلك من المقبولين يريد أن يثبت لنفسه الرئاسة علينا و لعلي بعد موته قال الله تعالى يا محمد قل لهم و أي شيء أنكرتم من ذلك هو عظيم كريم حكيم ارتضى عبادا من عباده و اختصهم بكرامات لما علم من حسن طاعتهم و انقيادهم لأمره ففوض إليهم أمور عباده و جعل عليهم سياسة خلقه بالتدبير الحكيم الذي وفقهم له أ و لا ترون ملوك الأرض إذا ارتضى أحدهم خدمة بعض عبيده و وثق بحسن إطاعته فيما يندبه له من أمور ممالكه جعل ما وراء بابه إليه و اعتمد في سياسة جيوشه و رعاياه عليه كذلك محمد في التدبير الذي رفعه له ربه و علي من بعده الذي جعله وصيه و خليفته في أهله و قاضي دينه و منجز عداته و المؤازر لأوليائه و المناصب لأعدائه فلم يقنعوا بذلك و لم يسلموا و قالوا ليس الذي يسنده إلى ابن أبي طالب بأمر صغير إنما هو دماء الخلق و نساؤهم و أولادهم و أموالهم و حقوقهم و أنسابهم و دنياهم و آخرتهم فليأتنا بآية يليق بجلالة هذه الولاية فقال رسول الله ص أ ما كفاكم نور على المشرق في الظلمات الذي رأيتموه ليلة خروجه من عند رسول الله إلى منزله أ ما كفاكم أن عليا جاز و الحيطان بين يديه ففتحت له و طرقت ثم عادت و التأمت أ ما كفاكم يوم غدير خم أن عليا لما أقامه رسول الله رأيتم أبواب السماء مفتحة و الملائكة منها مطلعين تناديكم هذا ولي الله فاتبعوه و إلا حل بكم عذاب الله فاحذروه أ ما كفاكم رؤيتكم علي بن أبي طالب و هو يمشي و الجبال يسير بين يديه لئلا يحتاج إلى الانحراف عنها فلما جاز رجعت الجبال إلى أماكنها ثم قال اللهم زدهم آيات فإنها عليك سهلات يسيرات لتزيد حجتك عليهم تأكيدا قال فرجع القوم إلى بيوتهم فأرادوا دخولها فاعتقلتهم الأرض و منعتهم و نادتهم حرام عليكم دخولها حتى تؤمنوا بولاية علي ع قالوا آمنا و دخلوا ثم ذهبوا ينزعون ثيابهم ليلبسوا غيرها فثقلت عليهم و لم يقلوها و نادتهم حرام عليكم سهولة نزعها حتى تقروا بولاية علي ع فأقروا و نزعوها ثم ذهبوا ليلبسوا ثياب الليل فثقلت عليهم و نادتهم حرام عليكم لبسنا حتى تعترفوا بولاية علي ع فاعترفوا فذهبوا يأكلون فثقلت عليهم اللقم و ما لم يثقل منها استحجر في أفواههم و نادتهم حرام عليكم أكلنا حتى تعترفوا بولاية علي ع فاعترفوا ثم ذهبوا يبولون و يتغوطون فتعذر عليهم و نادتهم بطونهم و مذاكيرهم حرام عليكم السلامة منا حتى تعترفوا بولاية علي بن أبي طالب ع فاعترفوا ثم ضجر بعضهم و قال اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ قال الله تعالى وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ فإن عذاب الاصطلام العام إذا نزل نزل بعد خروج النبي ص من بين أظهرهم ثم قال الله عز و جل وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ يظهرون التوبة و الإنابة فإن من حكمه في الدنيا أن يأمرك بقبول الظاهر و ترك التفتيش عن الباطن لأن الدنيا دار إمهال و إنظار و الآخرة دار الجزاء بلا بعد قال وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ و فيهم من يستغفر لأن هؤلاء لو لا أن فيهم من علم الله أنه سيؤمن أو أنه سيخرج من نسله ذرية طيبة يجود ربك على هؤلاء بالإيمان و ثوابه و لا يقتطعهم باخترام آبائهم الكفار و لو لا ذلك لأهلكهم فذلك قول رسول الله كذلك اقترح الناصبون آيات في علي ع حتى اقترحوا ما لا يجوز في حكمته جهلا بأحكام الله و اقتراحا للأباطيل على الله
15- يل، ]الفضائل لابن شاذان[ روي عن الصادق ع أن أمير المؤمنين ع بلغه عن عمر بن الخطاب أمر فأرسل إليه سلمان رضي الله عنه و قال قل له قد بلغني عنك كيت و كيت و كرهت أن أعتب عليك في وجهك فينبغي أن لا يقال في إلا الحق فقد غصبت حقي على القذى و صبرت حتى تبلغ الكتاب أجله فنهض سلمان رضي الله عنه و بلغه ذلك و عاتبه و ذكر مناقب أمير المؤمنين ع و ذكر فضائله و براهينه فقال عمر عندي الكثير من فضائل علي ع و لست بمنكر فضله إلا أنه يتنفس الصعداء و يظهر البغضاء فقال له سلمان رضي الله عنه حدثني بشيء مما رأيته منه فقال عمر يا أبا عبد الله نعم خلوت به ذات يوم في شيء من أمر الجيش فقطع حديثي و قام من عندي و قال مكانك حتى أعود إليك فقد عرضت لي حاجة فما كان أسرع أن رجع علي ثانية و على ثيابه و عمامته غبار كثير فقلت له ما شأنك فقال أقبل نفر من الملائكة و فيهم رسول الله ص يريدون مدينة بالمشرق يريدون مدينة جيحون فخرجت لأسلم عليه و هذه الغبرة ركبتني من سرعة المشي فقال عمر فضحكت متعجبا حتى استلقيت على قفائي و قلت له النبي ص قد مات و بلي و تزعم أنك لقيته الساعة و سلمت عليه فهذا من العجائب و مما لا يكون فغضب علي ع و نظر إلي و قال تكذبني يا ابن الخطاب فقلت لا تغضب و عد إلى ما كنا فيه فإن هذا مما لا يكون أبدا قال فإن أنت رأيته حتى لا تنكر منه شيئا استغفرت الله مما قلت و أضمرت و أحدثت توبة مما أنت فيه و تركت حقا لي فقلت نعم فقال قم فقمت معه فخرجنا إلى طرف المدينة و قال لي غمض عينيك فغمضتهما فقال افتحهما ففعلت ذلك فإذا أنا برسول الله ص معه نفر من الملائكة فلما أطلت النظر قال لي هل رأيته فقلت نعم قال غمض عينيك فغمضتهما ثم قال افتحهما فإذا لا عين و لا أثر فقلت له هل رأيت من علي ع غير ذلك قال نعم إنه استقبلني يوما و أخذ بيدي و مضى بي إلى الجبانة و كنا نتحدث في الطريق و كان بيده قوس فلما صرنا في الجبانة رمى بقوسه من يده فصار ثعبانا عظيما مثل ثعبان موسى ع و فتح فاه و أقبل ليبتلعني فلما رأيت ذلك طار قلبي من الخوف و تنحيت و ضحكت في وجه علي ع و قلت الأمان يا علي بن أبي طالب و أذكر ما بيني و بينك من الجميل فلما سمع هذا القول افتر ضاحكا و قال لطفت في الكلام و نحن أهل بيت نشكر القليل فضرب بيده إلى الثعبان و أخذه بيده فإذا هو قوسه الذي كان بيده ثم قال عمر يا سلمان إني كتمت ذلك عن كل أحد و أخبرتك به يا أبا عبد الله فإنهم أهل بيت يتوارثون هذه الأعجوبة كابر عن كابر و لقد كان إبراهيم يأتي بمثل ذلك و كان أبو طالب و عبد الله يأتيان بمثل ذلك في الجاهلية و أنا لا أنكر فضل علي ع و سابقته و نجدته و كثرة علمه فارجع إليه و اعتذر عني إليه و أثن عني عليه بالجميل
16- يل، ]الفضائل لابن شاذان[ روى عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال كان أمير المؤمنين ع جالسا في دكة القضاء إذ نهض إليه رجل يقال له صفوان الأكحل و قال له أنا رجل من شيعتك و علي ذنوب فأريد أن تطهرني منها في الدنيا لأصل إلى الآخرة و ما معي ذنب فقام الإمام ع ما أعظم ذنوبك و ما هي فقال أنا ألوط الصبيان فقال ع أيما أحب إليك ضربة بذي الفقار أو أقلب عليك جدارا أو أرمي عليك نارا فإن ذلك جزاء من ارتكب تلك المعصية فقال يا مولاي أحرقني بالنار لأنجو من نار الآخرة فقال ع يا عمار اجمع ألف حزمة قصب لنضرمه غداة غد بالنار ثم قال للرجل انهض و أوص بما لك و بما عليك قال فنهض الرجل و أوصى بما له و ما عليه و قسم أمواله على أولاده و أعطى كل ذي حق حقه ثم بات على حجرة أمير المؤمنين ع في بيت نوح شرقي جامع الكوفة فلما صلى أمير المؤمنين ع قال يا عمار ناد بالكوفة أخرجوا و انظروا حكم أمير المؤمنين ع فقال جماعة منهم كيف يحرق رجلا من شيعته و محبيه و هو الساعة يريد يحرقه بالنار فبطلت إمامته فسمع بذلك أمير المؤمنين ع قال عمار فأخذ الإمام الرجل و رمى عليه ألف حزمة من القصب فأعطاه مقدحة و كبريتا و قال اقدح و أحرق نفسك فإن كنت من شيعتي و محبي و عارفي فإنك لا تحترق بالنار و إن كنت من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك و تكسر عظمك فأوقد الرجل على نفسه و احترق القصب و كان على الرجل ثياب بيض فلم تعلق بها النار و لم تقربها الدخان فاستفتح الإمام ع و قال كذب العادلون بالله و ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً ثم قال إن شيعتنا منا و أنا قسيم الجنة و النار و أشهد لي بذلك رسول الله ص في مواطن كثيرة
17- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ علي بن محمد بن مخلد الجعفي معنعنا عن الأعمش قال خرجت حاجا إلى مكة فلما انصرفت بعيدا رأيت عمياء على ظهر الطريق تقول بحق محمد و آله رد علي بصري قال فتعجبت من قولها و قلت لها أي حق لمحمد و آله على الله إنما الحق له عليهم فقالت مه يا لكع و الله ما ارتضى هو حتى حلف بحقهم فلو لم يكن لهم عليه حقا ما حلف به قال قلت و أي موضع حلف قالت قوله لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ و العمر في كلام العرب الحياة قال فقضيت حجتي ثم رجعت فإذا بها مبصرة في موضعها و هي تقول أيها الناس أحبوا عليا فحبه ينجيكم من النار قال فسلمت عليها و قلت أ لست العمياء بالأمس تقولين بحق محمد و آله رد علي بصري قالت بلى قلت حدثيني بقصتك قالت و الله ما جزتني حتى وقف على رجل فقال لي إن رأيت محمدا و آله تعرفينه قلت لا و لكن بالدلالة التي جاءتنا قالت فبينا هو يخاطبني إذ أتاني رجل آخر متوكئا على رجلين فقال ما قيامك معها قال إنها تسأل ربها بحق محمد و آله أن يرد عليها بصرها فادع الله لها قال فدعا ربه و مسح على عيني بيده فأبصرت فقلت من أنتم فقال أنا محمد و هذا علي قد رد الله عليك بصرك اقعدي في موضعك هذا حتى يرجع الناس و أعلميهم أن حب علي ينجيهم من النار
18- ج، ]الإحتجاج[ م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال علي بن الحسين ع كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه قاعدا ذات يوم فأقبل إليه رجل من اليونانيين المدعين للفلسفة و الطب فقال يا با حسن بلغني خبر صاحبك و أن به جنونا و جئت لأعالجه فلحقته قد مضى لسبيله و فاتني ما أردت من ذلك و قد قيل لي إنك ابن عمه و صهره و أرى صفارا قد علاك و ساقين دقيقتين ما أراهما ثقلانك فأما الصفار فعندي دواؤه و أما الساقان الدقيقان فلا حيلة لتغليظهما و الوجه أن ترفق بنفسك في المشي تقلله و لا تكثره و فيما تحمله على ظهرك و تحضنه بصدرك أن تقللهما و لا تكثرهما فإن ساقيك دقيقان لا يؤمن عند حمل ثقيل انقصافهما و أما الصفار فدواؤك عندي و هو هذا و أخرج دواء و قال هذا لا يؤذيك و لا يخيسك و لكنه يلزمك حمية من اللحم أربعين صباحا ثم يزيل صفارك فقال علي ع قد ذكرت نفع هذا الدواء الصفاري فهل تعرف شيئا يزيد فيه و يضره فقال الرجل بلى حبة من هذا و أشار إلى دواء معه و قال إن تناوله الإنسان و به صفار أماته من ساعته و إن كان لا صفار به صار به صفار حتى يموت في يومه فقال علي ع فأرني هذا الضار فأعطاه فقال كم قدر هذا فقال قدر مثقالين سم ناقع و قدر كل حبة منه يقتل رجلا فتناوله علي ع فقمحه و عرق عرقا خفيفا و جعل الرجل يرتعد و يقول في نفسه الآن أؤخذ بابن أبي طالب و يقال قتلته و لا يقبل مني قولي إنه لهو ألجأني على نفسي فتبسم علي ع و قال يا عبد الله أصح ما كنت بدنا الآن لم يضرني ما زعمت أنه سم فغمض عينيك فغمض ثم قال افتح عينيك ففتح فنظر إلى وجه علي ع فإذا هو أبيض أحمر مشرب حمرة فارتعد الرجل مما رآه و تبسم علي ع و قال أين الصفار الذي زعمت أنه بي فقال و الله لكأنك لست من رأيت قبل كنت مصفارا فأنت الآن مورد قال علي بن أبي طالب ع فزال عني الصفار بسمك الذي زعمت أنه قاتلي و أما ساقاي هاتان و مد رجليه و كشف عن ساقيه فإنك زعمت أني أحتاج أن أرفق ببدني في حمل ما أحمل عليه لئلا ينقصف الساقان و أنا أدلك أن طب الله عز و جل خلاف طبك و ضرب بيده إلى أسطوانة خشب غليظة على رأسها سطح مجلسه الذي هو فيه و في فوقه حجرتان إحداهما فوق الآخر و حركها أو احتملها فارتفع السطح و الحيطان و فوقهما الغرفتان فغشي على اليوناني فقال أمير المؤمنين ع صبوا عليه ماء فأفاق و هو يقول و الله ما رأيت كاليوم عجبا فقال له علي ع هذه قوة الساقين الدقيقين و احتمالهما في طبك هذا يا يوناني فقال اليوناني أ مثلك كان محمدا ص فقال علي ع فهل علمي إلا من علمه و عقلي إلا من عقله و قوتي إلا من قوته لقد أتاه ثقفي كان أطب العرب فقال له إن كان بك جنون داويتك فقال له محمد ص أ تحب أن أريك آية تعلم بها غناي عن طبك و حاجتك إلى طبي قال نعم قال أي آية تريد قال تدعو ذلك العذق و أشار إلى نخلة سحوق فدعاها فانقلع أصلها من الأرض و هي تخد في الأرض خدا حتى وقفت بين يديه فقال له أ كفاك قال لا قال فتريد ما ذا قال تأمرها أن ترجع إلى حيث جاءت و تستقر في مقرها الذي انقلعت منه فأمرها فرجعت و استقرت في مقرها فقال اليوناني لأمير المؤمنين ع هذا الذي تذكره عن محمد ص غائب عني و أنا أقتصر منك على أقل من ذلك أنا أتباعد عنك فادعني و أنا لا أختار الإجابة فإن جئت بي إليك فهي آية فقال أمير المؤمنين ع هذا إنما يكون
آية لك وحدك لأنك تعلم من نفسك أنك لم ترد و أني أزلت اختيارك من غير أن باشرت مني شيئا أو ممن أمرته بأن يباشرك أو ممن قصد إلى ذلك و إن لم آمره إلا ما يكون من قدرة الله القاهر و أنت يوناني يمكنك أن تدعي و يمكن غيرك أن يقول إني قد واطأتك على ذلك فاقترح إن كنت مقترحا ما هو آية لجميع العالمين قال له اليوناني إذا جعلت الاقتراح إلي فأنا أقترح أن تفصل أجزاء تلك النخلة و تفرقها و تباعد ما بينها ثم تجمعها و تعيدها كما كانت فقال علي ع هذه آية و أنت رسولي إليها يعني إلى النخلة فقل لها إن وصي محمد رسول الله ص يأمر أجزاءك أن تتفرق و تتباعد فذهب فقال لها فتفاصلت و تهافتت و تبترت و تصاغرت أجزاؤها حتى لم تر عين و لا أثر حتى كأن لم يكن هناك نخلة قط فارتعدت فرائص اليوناني و قال يا وصي محمد قد أعطيتني اقتراحي الأول فأعطني الآخر فأمرها أن تجتمع و تعود كما كانت فقال أنت رسولي إليها بعد فقل لها يا أجزاء النخلة إن وصي محمد رسول الله ص يأمرك أن تجتمعي و كما كنت تعودي فنادى اليوناني فقال ذلك فارتفعت في الهواء كهيئة الهباء المنثور ثم جعلت تجتمع جزء جزء منها حتى تصور لها القضبان و الأوراق و الأصول و السعف و الشماريخ و الأعذاق ثم تألفت و تجمعت و استطالت و عرضت و استقل أصلها في مقرها و تمكن عليها ساقها و تركب على الساق قضبانها و على القضبان أوراقها و في أمكنتها أعذاقها و قد كانت في الابتداء شماريخها متجردة لبعدها من أوان الرطب و البسر و الخلال فقال اليوناني و أخرى أحبها أن تخرج شماريخها خلالها و تقلبها من خضرة إلى صفرة و حمرة و ترطيب و بلوغ أناه ليؤكل و تطعمني و من حضر منها فقال ع أنت رسولي إليها بذلك فمرها به فقال له اليوناني ما أمره أمير المؤمنين ع فأخلت و أبسرت و اصفرت و احمرت و ترطبت و ثقلت أعذاقها برطبها فقال اليوناني و أخرى أحبها يقرب من يدي أعذاقها أو تطول يدي لتنالها و أحب شيء إلي أن تنزل إلي أحدها و تطول يدي إلى الأخرى التي هي أختها فقال أمير المؤمنين ع مد اليد التي تريد أن تنالها و قل يا مقرب البعيد قرب يدي منها و اقبض الأخرى التي تريد أن يترك إليك العذق منها و قل يا مسهل العسير سهل لي تناول ما يبعد عني منها ففعل ذلك و قاله فطالت يمناه فوصلت إلى العذق و انحطت الأعذاق الأخر فسقطت على الأرض و قد طالت عراجينها ثم قال أمير المؤمنين ع إنك إن أكلت منها ثم لم تؤمن بمن أظهر لك عجائبها عجل الله عز و جل من العقوبة التي يبتليك بها ما يعتبر به عقلاء خلقه و جهالهم فقال اليوناني إني إن كفرت بعد ما رأيت فقد بالغت في العناد و تناهيت في التعرض للهلاك أشهد أنك من خاصة الله صادق في جميع أقاويلك عن الله فأمرني بما تشاء أطعك
أقول تمام الخبر في أبواب احتجاجاته ع و قد مضى كثير من معجزاته و مناقبه صلوات الله عليه في أبواب معجزات الرسول ص
-19 ختص، ]الإختصاص[ محمد بن علي عن أبيه عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان الأحمر قال قال الصادق ع يا أبان كيف تنكر الناس قول أمير المؤمنين ع لما قال لو شئت لرفعت رجلي هذه فضربت بها صدر ابن أبي سفيان بالشام فنكسته عن سريره و لا ينكرون تناول آصف وصي سليمان عرش بلقيس و إتيانه سليمان به قبل أن يرتد إليه طرفه أ ليس نبينا ص أفضل الأنبياء و وصيه أفضل الأوصياء أ فلا جعلوه كوصي سليمان حكم الله بيننا و بين من جحد حقنا و أنكر فضلنا