1- يف، ]الطرائف[ روى أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل قال أول من قال جعلت فداك علي ع لما دعا عمرو بن عبد ود إلى البراز يوم الخندق و لم يجبه أحد قال علي ع جعلت فداك يا رسول الله أ تأذن لي قال إنه عمرو بن عبد ود قال و أنا علي بن أبي طالب فخرج إليه فقتله و أخذ الناس منه
و من غير كتاب الأوائل أن النبي ص لما أذن لعلي ع في لقاء عمرو بن عبد ود و خرج إليه قال النبي ص برز الإيمان كله إلى الكفر كله
و من كتاب صدر الأئمة عندهم موفق بن أحمد المكي أخطب خوارزم بإسناده أن النبي ص قال لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة
أقول روى ابن شيرويه في الفردوس عن معاوية بن حيدة عن النبي ص مثله و فيه من عمل أمتي
و روى صاحب كتاب الأربعين عن الأربعين عن إسحاق بن بشير القرشي عن وهب بن الحكم عن أبيه عن جده عن النبي ص مثله
و قال العلامة في شرحه على التجريد قال حذيفة لما دعا عمرو إلى المبارزة أحجم المسلمون كافة ما خلا عليا فإنه برز إليه فقتله الله على يديه و الذي نفس حذيفة بيده لعمله في ذلك اليوم أعظم أجرا من عمل أصحاب محمد إلى يوم القيامة و كان الفتح في ذلك اليوم على يد علي ع و قال النبي ص لضربة علي خير من عبادة الثقلين
و ذكره القوشجي أيضا في شرحه من غير تفاوت
و روى الشيخ أمين الدين الطبرسي في مجمع البيان عند سياق هذه القصة برواية محمد بن إسحاق فجز علي ع رأسه و أقبل نحو رسول الله ص و وجهه يتهلل قال حذيفة فقال النبي ص أبشر يا علي فلو وزن اليوم عملك بعمل أمة محمد ص لرجح عملك بعملهم و ذلك أنه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلا و قد دخله وهن بقتل عمرو و لم يبق بيت من بيوت المسلمين إلا و قد دخله عز بقتل عمرو
و روى السيد أبو محمد الحسيني عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بإسناده عن سفيان الثوري عن زبيد الشامي عن مرة عن عبد الله بن مسعود قال و كان يقرأ و كفى الله المؤمنين القتال بعلي
أقول و قال السيد ابن طاوس في كتاب سعد السعود
قول النبي ص لضربة علي لعمرو بن عبد ود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة
رواه موفق بن أحمد المكي أخطب خطباء خوارزم في كتاب المناقب و أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل. و قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة فأما الجراحة التي جرحها يوم الخندق إلى عمرو بن عبد ود فإنها أجل من أن يقال جليلة و أعظم من أن يقال عظيمة و ما هي إلا كما قال شيخنا أبو الهذيل و قد سأله سائل أيما أعظم منزلة عند الله علي أم أبو بكر فقال يا ابن أخي و الله لمبارزة علي عمرا يوم الخندق يعدل أعمال المهاجرين و الأنصار و طاعاتهم كلها و تربي عليها فضلا عن أبي بكر وحده.
و قد روي عن حذيفة بن اليمان ما يناسب هذا بل ما هو أبلغ منه روى قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن ربيعة بن مالك السعدي قال أتيت حذيفة بن اليمان فقلت يا أبا عبد الله إن الناس ليتحدثون عن علي بن أبي طالب و مناقبه فيقول لهم أهل البصيرة إنكم لتفرطون في تقريظ هذا الرجل فهل أنت محدثي بحديث عنه أذكره للناس فقال يا ربيعة و ما الذي تسألني عن علي ع و ما الذي أحدثك به عنه و الذي نفس حذيفة بيده لو وضع جميع أعمال أمة محمد في كفة الميزان منذ بعث الله تعالى محمدا إلى يوم الناس هذا و وضع عمل واحد من أعمال علي في الكفة الأخرى لرجح على أعمالهم كلها فقال ربيعة هذا المدح الذي لا يقام له و لا يعقد و لا يحمل إني لأظنه إسرافا يا أبا عبد الله فقال حذيفة يا لكع و كيف لا يحمل و أين كان المسلمون يوم الخندق و قد عبر إليهم عمرو و أصحابه فملكهم الهلع و الجزع و دعا إلى المبارزة فأحجموا عنه حتى برز إليه علي ع فقتله و الذي نفس حذيفة بيده لعمله ذلك اليوم أعظم أجرا من أعمال أمة محمد إلى هذا اليوم و إلى أن تقوم القيامة
و جاء في الحديث المرفوع أن رسول الله ص قال ذلك اليوم حين برز إليه برز الإيمان كله إلى الشرك كله
و قال أبو بكر بن عياش لقد ضرب علي بن أبي طالب ع ضربة ما كان في الإسلام أيمن منها ضربته عمرا يوم الخندق و لقد ضرب علي ضربة ما كان أشأم منها يعني ضربة ابن ملجم لعنه الله
و في الحديث المرفوع أن رسول الله ص لما بارز علي عمرا ما زال رافعا يديه مقمحا رأسه قبل السماء داعيا ربه قائلا اللهم إنك أخذت مني عبيدة يوم بدر و حمزة يوم أحد فاحفظ علي اليوم عليا رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ
و قال جابر بن عبد الله الأنصاري و الله ما شبهت يوم الأحزاب قتل علي عمرا و تخاذل المشركين بعده إلا بما قصه تعالى قصة داود و جالوت في قوله فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ
و روى عمر بن عزهر عن عمرو بن عبيد عن الحسن أن عليا ع لما قتل عمرا جز رأسه و حمله فألقاه بين يدي رسول الله ص فقام أبو بكر و عمر فقبلا رأسه و وجه رسول الله ص يهلل فقال هذا النصر أو قال هذا أول النصر
و في الحديث المرفوع أن رسول الله ص قال يوم قتل عمرو ذهب ريحهم و لا يغزوننا بعد اليوم و نحن نغزوهم إن شاء الله
و ينبغي أن يذكر ملخص هذه القصة من مغازي الواقدي و ابن إسحاق قالا خرج عمرو بن عبد ود يوم الخندق و قد كان شهد بدرا فارتث جريحا و لم يشهد أحدا فحضر الخندق شاهرا نفسه معلما مدلا بشجاعته و بأسه و خرج معه ضرار بن الخطاب الفهري و عكرمة بن أبي جهل و هبيرة بن أبي وهب و نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزوميون فطافوا بخيولهم على الخندق إصعادا و انحدارا يطلبون موضعا ضيقا يعبرونه حتى وقفوا على أضيق موضع فيه فأكرهوا خيلهم على العبور فعبرت و صاروا مع المسلمين على أرض واحدة و رسول الله ص جالس و أصحابه قيام على رأسه فتقدم عمرو بن عبد ود فدعا إلى البراز مرارا فلم يقم إليه أحد فلما أكثر قام علي ع فقال أنا أبارزه يا رسول الله فأمر بالجلوس و أعاد عمرو النداء و الناس سكوت على رءوسهم الطير فقال عمرو أيها الناس إنكم تزعمون أن قتلاكم في الجنة و قتلانا في النار أ فما يحب أحدكم أن يقدم على الجنة أو يقدم عدوا له إلى النار فلم يقم إليه أحد فقام علي ع دفعة ثانية و قال أنا له يا رسول الله فأمره بالجلوس فجال عمرو بفرسه مقبلا و مدبرا إذ جاءت عظماء الأحزاب فوقفت من وراء الخندق و مدت أعناقها تنظر فلما رأى عمرو أن أحدا لا يجيبه قال
و لقد بححت من النداء بجمعهم هل من مبارزو وقفت إذ جبن الشجاع موقف القرن المناجزإني كذلك لم أزل متسرعا قبل الهزاهزإن الشجاعة في الفتى و الجود من خير الغرائز.
فقام علي ع فقال يا رسول الله ائذن لي في مبارزته فقال ادن فدنا فقلده سيفه و عممه بعمامته و قال امض لشأنك فلما انصرف قال اللهم أعنه عليه فلما قرب منه قال له مجيبا إياه من شعره.
لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجزذو نية و بصيرة يرجو بذاك نجاة فائزإني لآمل أن أقيم عليك نائحة الجنائزمن ضربة فوهاء يبقى ذكرها عند الهزاهز
. فقال عمرو من أنت و كان عمرو شيخا كبيرا قد جاوز الثمانين و كان نديم أبي طالب في الجاهلية فانتسب علي ع له و قال أنا ابن أبي طالب فقال أجل لقد كان أبوك نديما لي و صديقا فارجع فإني لا أحب أن أقتلك كان شيخنا أبو الخير مصدق بن شبيب النحوي يقول إذا مررنا في القراءة عليه بهذا الموضع و الله ما أمره بالرجوع إبقاء عليه بل خوفا منه فقد عرف قتلاه ببدر و أحد و علم أنه إن ناهضه قتله فاستحيا أن يظهر الفشل فأظهر الإبقاء و الإرعاء و إنه لكاذب فيها قالوا فقال له علي ع لكني أحب أن أقتلك فقال يا ابن أخي إني لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك فارجع وراءك خيرا لك فقال علي ع إن قريشا يتحدث عنك أنك قلت لا يدعوني أحد إلى ثلاث إلا أجيب و لو إلى واحدة منها قال أجل قال فإني أدعوك إلى الإسلام قال دع هذه قال فإني أدعوك إلى أن ترجع بمن يتبعك من قريش إلى مكة قال إذا تتحدث نساء قريش عني أن غلاما خدعني قال فإني أدعوك إلى البراز راجلا فحمي عمرو و قال ما كنت أظن أحدا من العرب يرومها مني ثم نزل فعقر فرسه و قيل ضرب وجهه ففر و تجاولا فثارت لهما غبرة وارتهما عن العيون إلى أن سمع الناس التكبير عاليا من تحت الغبرة فعلموا أن عليا قتله و انجلت الغبرة عنهما و علي راكب صدره يجز رأسه و فر أصحابه ليعبروا الخندق فظفرت بهم خيلهم إلا نوفل بن عبد الله فإنه قصر فرسه فوقع في الخندق فرماه المسلمون بالحجارة فقال يا معشر الناس أكرموا من هذه فنزل إليه علي ع فقتله و أدرك الزبير هبيرة بن أبي وهب فضربه فقطع قربوسه و سقطت درع كان حملها من وارئه فأخذه الزبير و ألقى عكرمة رمحه و ناوش عمر بن الخطاب ضرار بن عمرو فحمل عليه ضرار حتى إذا وجد عمر مس الرمح رفعه عنه و قال إنها لنعمة مشكورة فاحفظها يا ابن الخطاب إني كنت آليت أن لا يمتلئ يداي من قتل قرشي فأقتله فانصرف ضرار راجعا إلى أصحابه
و قد كان جرى له معه مثل هذه في يوم أحد و قد ذكرناها ذكر القصتين معا محمد بن عمرو الواقدي في كتاب المغازي. توضيح التقريظ مدح الحي و وصفه و ارتث فلان على بناء المجهول حمل من المعركة جريحا و قد مر مرارا أن كون الطير على رءوسهم كناية عن سكونهم و عدم تحركهم للخوف فإن الطير لا يقع إلا على شيء ساكن ثم اعلم أن تفصيل القصة و شرحها و سائر ما يتعلق بها مذكورة في كتاب النبوة و إنما ذكرنا هاهنا قليلا منها لمناسبتها لأبواب المناقب و لا يخفى على أحد أن من كان عمل من أعماله معادلا لأعمال الثقلين إلى يوم القيامة و بضربة منه تشيد أركان الدين لا ينبغي أن يكون رعية لمن امتن عليه ضرار فأعتقه و أمثاله من المنافقين