الآيات الأنفال وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ النحل وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً ص إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ. تفسير وَ أَعِدُّوا لَهُمْ أي لناقضي العهد أو للكفار مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ قيل أي كل ما يتقوى به في الحرب و في تفسير علي بن إبراهيم قال السلاح
و في الفقيه قال ع منه الخضاب بالسواد
و في تفسير العياشي عن أبي عبد الله ع قال سيف و ترس
و في الكافي مرفوعا قال قال رسول الله ص هو الرمي
وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ قيل اسم للخيل التي تربط في سبيل الله فعال بمعنى مفعول أو مصدر سمي به يقال ربطه ربطا و رابطه مرابطة و رباطا أو جمع ربيط كفصيل و فصال و في مجمع البيان عن النبي ص و ارتبطوا الخيل فإن ظهورها لكم عز و أجوافها كنز تُرْهِبُونَ أي تخوفون بِهِ الضمير لما استطعتم أو للإعداد عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ قيل يعني كفار مكة و أقول خصوص السبب لا يدل على خصوص الحكم و يدل على رجحان رباط الخيل للجهاد و لإرهاب أعداء الله و إن كان في زمن غيبة الإمام ع توقعا لظهوره كما ورد في الأخبار و قد مر تفسير الآية الثانية و كذا الثالثة في باب أحوال داود ع و قالوا الصافن من الخيل الذي يقوم على طرف سنبك يد أو رجل و هو من الصفات المحمودة في الخيل لا تكاد تكون إلا في العراب الخلص و الجياد جمع جواد أو جود و هو الذي يسرع في جريه و قيل الذي يجود بالركض و قيل جمع جيد و الخير المال الكثير و المراد هنا الخيل
كما قال النبي ص الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة
و في قراءة ابن مسعود حب الخيل حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ أي الخيل أو الشمس فَطَفِقَ مَسْحاً قيل أي فأخذ يمسح السيف مسحا بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ يقطعها لأنها كانت سبب فوت صلاتها و قيل جعل يمسح بيده أعناقها و سوقها و حبالها و في الخبر أن الضمير للشمس و المراد بالمسح بالسوق و الأعناق الوضوء بطريق شرع لهم
1- الفقيه، قال قال رسول الله ص الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة و المنفق عليها في سبيل الله كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها فإذا أعددت شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلاثة طلق اليمين كميتا ثم أغر تسلم و تغنم
توضيح قال في النهاية فيه خير الخيل الأرثم الأقرح المحجل الأرثم الذي أنفه أبيض و شفته العليا و الأقرح ما كان في جبهته قرحة بالضم و هي بياض يسير في وجه الفرس دون الغرة. و المحجل هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد و يجاوز الأرساغ و لا يجاوز الركبتين لأنها مواضع الأحجال و هي الخلاخيل و القيود و لا يكون التحجيل باليد و اليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان. قال و فيه خير الخيل الأقرح طلق اليد اليمنى أي مطلقها ليس فيها تحجيل
2- الكافي، عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عمن أخبره عن ابن طيفور المتطبب قال سألني أبو الحسن ع أي شيء تركب قلت حمارا فقال بكم ابتعته قلت بثلاثة عشر دينارا قال إن هذا لهو السرف أن تشتري حمارا بثلاثة عشر دينارا و تدع برذونا قلت يا سيدي إن مئونة البرذون أكثر من مئونة الحمار قال فقال إن الذي يمون الحمار يمون البرذون أ ما علمت أن من ارتبط دابة متوقعا به أمرنا و يغيظ به عدونا و هو منسوب إلينا أدر الله رزقه و شرح صدره و بلغه أمله و كان عونا على حوائجه
بيان في القاموس مأن القوم احتمل مئونتهم أي قوتهم و قد لا يهمز فالفعل مانهم
3- الكافي، عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عبد الله بن جندب قال حدثني رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال تسعة أعشار الرزق مع صاحب الدابة
4- و منه، عن عدة من أصحابه عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن عن جعفر بن بشير عن داود الرقي قال قال أبو عبد الله ع من اشترى دابة كان له ظهرها و عَلَى اللَّهِ رِزْقُها
5- و منه، عن العدة عن سهل عن محمد بن الوليد عن يونس بن يعقوب قال قال أبو عبد الله ع اتخذ حمارا يحمل رحلك فإن رزقه على الله قال فاتخذت حمارا و كنت أنا و يوسف أخي إذا تمت السنة حسبنا نفقاتنا فنعلم مقدارها فحسبنا بعد شراء الحمار نفقاتنا فإذا هي كما كانت في كل عام لم تزد شيئا
6- و منه، عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن بعض أصحابه عن إبراهيم بن أبي البلاد عن علي بن أبي المغيرة عن أبي جعفر ع قال من شقاء العيش المركب السوء
7- معاني الأخبار، عن محمد بن علي بن بشار القزويني عن المظفر بن أحمد عن محمد بن جعفر الكوفي عن البرمكي عن عبد الله بن أحمد الأحمري عن جعفر بن سليمان عن ثابت بن دينار عن علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه علي ع قال قال رسول الله ص خير المال سكة مأبورة و مهرة مأمورة
8- و منه، عن محمد بن الحسين الديلمي عن محمد بن يعقوب الأصم عن محمد بن عبد الله المنادي عن روح بن عبادة عن أبي نعامة العدوي عن مسلم بن زيد عن أناس بن زهير عن سويد بن هبيرة عن النبي ص قال خير مال المرء مهرة مأمورة أو سكة مأبورة
قوله سكة مأبورة يقال هي الطريقة المستقيمة المستوية المصطفة من النخل و يقال إنما سميت الأزقة سككا لاصطفاف الدور فيها كطرائق النخل هذا في اللغة
و قد روي عن النبي ص أنه قال لا تسموا الطريق السكة فإنه لا سكة إلا سكك الجنة
و أما المأبورة فهي التي قد لقحت قال أبو عبيدة لقحت للواحدة خفيفة و للجمع بالتثقيل لقحت يقال أبرت النخل آبرها أبرا و هي نخلة مأبورة و يقال ائتبرت غيري إذا سألته أن يأبر لك نخلك و كذلك الزرع و الآبر العامل و المؤبر رب الزرع و المأبور الزرع و النخل الذي قد لقح و أما المهرة المأمورة فإنها الكثيرة النتاج و فيها لغتان يقال قد أمرها الله فهي مأمورة و آمرها ممدودة فهي مؤمرة و قد قرأ بعضهم أَمَرْنا مُتْرَفِيها غير ممدودة يكون من الأمر و روي عن الحسن أنه فسرها فقال أمرناهم بالطاعة فعصوا و قد يكون أمرنا بمعنى أكثرنا على قوله مهرة مأمورة و فرس مأمورة و من قرأها آمرنا فمدها فليس معناه إلا أكثرنا و من قرأها مشددة فقال أمرنا فهذا من التسليط و يقال في الكلام قد أمر القوم يأمرون إذا كثروا و هو من قوله مهرة مأمورة. تأييد قال في القاموس المهر بالضم ولد الفرس أو أول ما ينتج منه و من غيره و الأنثى مهرة و الأم ممهر. و في النهاية فيه خير المال مهرة مأمورة و سكة مأبورة المأمورة الكثيرة النسل و النتاج يقال أمرهم الله فأمروا أي كثروا و فيه لغتان أمرها فهي مأمورة و آمرها فهي مؤمرة و السكة الطريقة المصطفة من النخل و منها قيل للأزقة سكك لاصطفاف الدور فيها. و المأبورة الملقحة يقال أبرت النخلة و أبرتها فهي مأبورة و مؤبرة و الاسم الآبار و قيل السكة سكة الحرث و المأبورة المصلحة له أراد خير المال نتاج أو زرع انتهى. و أقول روي في شهاب الأخبار و فرس مأمورة و قال في ضوء الشهاب و روي و مهرة مأمورة و هو من أمر القوم إذا كثروا و أمرنا له أي كثر و أمرتهم أي أكثرتهم على فعلتهم لغتان فإن كانت الكلمة من أمر على فعل فهي على موجبها و بابها و إن كان من آمر فإنما صار مأمورة لازدواج الكلام و ملاءمته كما قالوا الغدايا و العشايا و كان حقها الغداوات و كما قالوا هنأني الطعام و مرأني فإذا أفردوا قالوا أمرأني
و كقوله ع ارجعن مأزورات غير مأجورات
و هو من الوزر و كان حقه موزورات
و كقوله ع أعوذ بالله من الهامة و اللامة
و إذا أفردت كانت الملمة لأنه من ألم بالشيء فكأنه يقول ص خير المال النخل و النتاج و قال بعد تفسير السكة بالنخل و فسر الأصمعي هذه الكلمة على وجه آخر فقال السكة الحديدة التي تثار بها الأرض للزرع و مأبورة على هذا أي مصلحة محددة و لا بأس بهذا الوجه و يكون المعنى خير المال الزرع و النتاج و في الحديث ما دخلت السكة دار قوم يعني الزراعة و اتباع أذناب البقر و ترك الغزو و إنما كان النخل أو الزرع و النتاج خير المال لاشتمال النخل و الزرع على الزكوات و العشور فتتوفر على المساكين و المحتاجين و المستحقين و على النتاج لتتوفر على الغزاة و المجاهدين في سبيل الله و فائدة الحديث تفضيل النخل و الزرع على سائر وجوه المعاش انتهى
9- مجالس ابن الشيخ، عن أبيه عن محمد بن محمد بن مخلد عن عمر بن الحسن الشيباني عن محمد بن إسماعيل الترمذي عن سعد بن عنبسة عن منصور بن وردان العطار عن يوسف بن أبي إسحاق عن الحارث عن علي ع أن رسول الله ص قال الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة و من ارتبط فرسا في سبيل الله كان علفه و روثه و شرابه في ميزانه يوم القيامة
10- ثواب الأعمال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن يعقوب بن جعفر عن أبي الحسن موسى ع قال من ارتبط فرسا عتيقا محيت عنه ثلاث سيئات في كل يوم و كتبت له إحدى و عشرون حسنة و من ارتبط هجينا محيت عنه في كل يوم سيئتان و كتبت له سبع حسنات و من ارتبط برذونا يريد به جمالا أو قضاء حوائج أو دفع عدو عنه محيت عنه في كل يوم سيئة و كتبت له ست حسنات
المحاسن، عن القاسم عن جده عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم بن محمد الجعفري مثله إلا أن فيه إحدى عشرة سنة في الأول كما في الفقيه
الكافي، عن العدة عن البرقي مثل المحاسن.
بيان العتيق هو الذي أبواه عربيان قال الجوهري العتيق الكرم و الجمال و العتيق الكريم من كل شيء و الخيار من كل شيء و قال الهجنة في الناس و الخيل إنما تكون من قبل الأم فإذا كان الأب عتيقا و الأم ليست كذلك كان الولد هجينا و الإقراف من قبل الأب انتهى. و البرذون بالكسر ما لم يكن شيء من أبويه عربيا قال الدميري الخيل نوعان عتيق و هجين و الفرق بينهما أن عظم البرذون أعظم من عظم الفرس و عظم الفرس أصلب و أثقل من عظم البرذون و البرذون أحمل من الفرس و الفرس أسرع من البرذون و العتيق بمنزلة الغزال و البرذون بمنزلة الشاة فالعتيق من الخيل ما أبواه عربيان سمي بذلك لعتقه من العيوب و سلامته من الطعن فيه من الأمور المنقصة
-11 ثواب الأعمال، عن أبيه عن علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن علي بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة
12- و منه، عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن رئاب عن أبي عبد الله ع قال إذا اشتريت دابة فإن منفعتها لك و رزقها على الله
المحاسن، عن أبيه مثله إلا أن فيه اشتر دابة
13- ثواب الأعمال، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن بكر بن صالح عن سليمان الجعفري قال سمعت أبا الحسن ع يقول من ارتبط فرسا أشقر أغر أو أقرح فإن كان أغر سائل الغرة به وضح في قوائمه فهو أحب إلي لم يدخل بيته فقر ما دام ذلك الفرس فيه و ما دام أيضا في ملكه لا يدخل بيته حنق
قال و سمعته يقول من ارتبط فرسا ليرهب به عدوا أو يستعين به على جماله لم يزل معانا عليه أبدا ما دام في ملكه و لا يدخل بيته خصاصة ما دام في ملكه
المحاسن، عن بكر بن صالح مثله.
بيان في القاموس الأشقر من الدواب الأحمر في مغرة حمرة يحمر منها العرف و الذنب. و قال في المصباح الشقرة حمرة صافية في الخيل و قال الغرة في الجبهة بياض فوق الدرهم و فرس أغر و مهرة غراء و نحوه قال الجوهري و قال القرحة في وجه الفرس ما دون الغرة و الفرس أقرح و قال الوضح الضوء و البياض يقال بالفرس وضح إذا كانت به وشية انتهى و الخنق الغيظ و في بعض نسخ ثواب الأعمال و الفقيه حيق بالياء و في القاموس الحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله و في أكثر نسخ المحاسن و الفقيه حيف أي ظلم و الخصاصة بالفتح الفقر و في المحاسن و لا يزال بيته مخصبا ما دام في ملكه
14- المحاسن، عن أبيه عن فضالة عن أبان عن زرارة عن أبي جعفر ع و عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص الخيل في نواصيها الخير
15- و منه، عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن معمر عن أبي جعفر ع قال سمعته يقول إن الخير كل الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة
-16 و منه، عن علي بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
17- و منه، عن بكر بن صالح عن سليمان الجعفري قال سمعت أبا الحسن ع يقول أهدى أمير المؤمنين إلى رسول الله ص أربعة أفراس من اليمن فقال سمها لي فقال هي ألوان مختلفة فقال أ فيها وضح فقال نعم أشقر به وضح قال فأمسكه علي قال و فيها كميتان أوضحان قال أعطهما ابنيك قال و الرابع أدهم بهيم قال بعه و استخلف ثمنه نفقة لعيالك إنما يمن الخيل في ذوات الأوضاح
قال و سمعت أبا الحسن ع يقول كرهنا البهيم من الدواب كلها إلا الجمل و البغل و كرهت شية أوضاح في الحمار و البغل الألوان و كرهت القرح في البغل إلا أن يكون به غرة سائلة و لا أستثنيها على حال و قال إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها تعست تقول تعس و انتكس أعصانا لربه
الكافي، عن العدة عن سهل بن زياد و أحمد بن محمد جميعا عن بكر بن صالح مثله إلى قوله و لا أشتهيها على حال الفقيه، بإسناده عن بكر مثله إلى قوله و في ذوات الأوضاح
بيان فقال سمها لي بالتشديد أي صفها أو بالتخفيف من الوسم أي اذكر سمتها و علامتها و في الفقيه من اليمن فأتاه فقال يا رسول الله أهديت لك أربعة أفراس قال صفها و في القاموس الوضح محركة الغرة و التحجيل في القوائم. و قال الجوهري الكميت من الفرس يستوي فيه المذكر و المؤنث و لونه الكمتة و هي حمرة يدخلها قنوء قال سيبويه سألت الخليل عن كميت فقال إنما صغر لأنه بين السواد و الحمرة كأنه لم يخلص له واحد منهما فأرادوا بالتصغير أنه قريب منهما و الفرق بين الكميت و الأشقر بالعرف و الذنب فإن كانا أحمرين فهو أشقر و إن كانا أسودين فهو كميت و قال هذا فرس بهيم و هذه فرس بهيم أي مصمت و هو الذي لا يخلط لونه شيء سوى لونه و الجمع بهم مثل رغيف و رغف و قال الدهمة السواد و قال الشية كل لون يخالف معظم لون الفرس و غيره و الهاء عوض من الواو الذاهبة من أوله. قوله ع الألوان أي في جميع الألوان و في الكافي إلا لون واحد و هو أظهر قوله ع و لا أستثنيها أي لا أستثني الغرة و حسنها على حال و في الكافي و لا أشتهيها أي و لا أشتهي الغرة و الشيات فيهما على حال
18- المحاسن، عن بكر بن صالح عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن ع قال من خرج من منزله أو منزل غيره في أول الغداة فلقي فرسا أشقر به أوضاح و إن كانت به غرة سائلة فهو العيش كل العيش لم يلق في يومه ذلك إلا سرورا و إن توجه في حاجة فلقي الفرس قضى الله حاجته
ثواب الأعمال، عن محمد بن موسى المتوكل عن علي بن الحسين السعدآبادي عن البرقي عن بكر مثله و ليس فيه في أول الغداة
19- المحاسن، عن أبيه مرسلا قال قال أبو عبد الله ع قال رسول الله ص من سعادة الرجل المسلم المركب الهنيء
و منه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه ع عن النبي ص مثله الكافي، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي مثله. بيان الهنيء ما أتى من غير مشقة و كأن المراد هنا السريع السير الموافق
20- المحاسن، عن علي بن محمد عن سماعة عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله ع قال من سعادة المرء دابة يركبها في حوائجه و يقضي عليها حقوق إخوانه
الكافي، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن عيسى عن محمد بن سماعة عن محمد بن مروان مثله و فيه من سعادة المؤمن
21- المحاسن، عن النهيكي و محمد بن عيسى عن العبدي عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله ع اتخذوا الدواب فإنها زين و تقضى عليها الحوائج و رزقها على الله
قال محمد بن عيسى و حدثني به عمار بن المبارك و زاد فيه و تلقى عليها إخوانك
الكافي، عن علي بن إبراهيم و عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن محمد بن عيسى عن زياد القندي عن عبد الله بن سنان مثله
22- قال و روي أنه قال عجبت لصاحب الدابة كيف تفوته الحاجة
23- المحاسن، عن عبد الله بن محمد عن محمد بن القاسم بن الفضل قال حضرت أبا جعفر ع بصريا و هو يعرض خيلا قال و فيها واحد شديد القوة شديد الصهيل قال فقال لي يا محمد ليس هذا من دواب أبي
بيان صريا اسم قرية و هذا إشارة إلى صاحب الصهيل ففيه ذم مثله أو الجميع و الغرض أنها ليست مما لسائر الورثة فيه نصيب و ليس في بعض النسخ ليس
24- المكارم، قال رسول الله ص الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة و المنفق عليها في سبيل الله كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها
25- روي عن رسول الله ص أنه قال لا تجزوا نواصي الخيل و لا أعرافها و لا أذنابها فإن الخير في نواصيها و إن أعرافها دفؤها و إن أذنابها مذابها
26- و قال ص يمن الخيل في كل أحوى أحمر و في كل أدهم أغر مطلق اليمين
27- و عن الباقر ع قال إن أحب المطايا إلي الحمر كان رسول الله ص يركب حمارا اسمه يعفور
بيان قال في النهاية فيه ولدت جديا أسفع أحوى أي أسود ليس شديد البياض و فيه خير الخيل الحو الحو جمع أحوى و هو الكميت الذي يعلوه سواد و الحوة الكمتة و قد حوى فهو أحوى. و في الصحاح الحوة لون يخالط الكمتة مثل صدأ الحديد و قال الأصمعي الحوة حمرة تضرب إلى السواد و قد احووى الفرس يحووي احوواء و قال بعض العرب يقول حوي يحوى حوة حكاه في كتاب الفرس و في النهاية فيه خير الخيل الأقرح طلق اليد اليمنى أي مطلقها ليس فيه تحجيل
28- نوادر الراوندي، عن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني عن محمد بن الحسن التميمي عن سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن جعفر بن محمد عن آبائه ع عن أمير المؤمنين ع أن رسول الله ص بعث مع علي ع ثلاثين فرسا في غزوة ذات السلاسل و قال يا علي أتلو عليك آية في نفقة الخيل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فهي النفقة على الخيل سرا و علانية
29- و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص إن الله و ملائكته يصلون على أصحاب الخيل من اتخذها لمارق في دينه أو مشرك
30- و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص إن صهيل الخيل يفزع قلوب الأعداء و رأيت جبرئيل ع تبسم عند صهيلها فقلت يا جبرئيل لم تتبسم فقال و ما يمنعني و الكفار ترجف قلوبهم في أجوافهم عند صهيلها
31- و بهذا الإسناد قال غزا رسول الله ص غزاة فعطش الناس عطشا شديدا فقال النبي ص هل من ينبعث للماء فضرب الناس يمينا و شمالا فجاء رجل على فرس أشقر بين يديه قربة من ماء فقال النبي ص اللهم و بارك في الأشقر ثم قال رسول الله ص شقرها خيارها و كمتها صلابها و دهمها ملوكها فلعن الله من جز أعرافها و أذنابها مذابها
-32 و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص الخيل معقود في نواصيها الخير إلى أن تقوم القيامة و أهلها معانون عليها أعرافها وقارها و نواصيها جمالها و أذنابها مذابها
تبيان الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ قال الطبرسي رحمه الله قال ابن عباس نزلت الآية في علي ع كانت معه أربعة دراهم فتصدق بواحد نهارا و تصدق بواحد ليلا و بواحد سرا و بواحد علانية و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع و روي عن أبي ذر و الأوزاعي أنها نزلت في النفقة على الخيل في سبيل الله و قيل هي عامة في كل من أنفق ماله في طاعة الله على هذه الصفة و على هذا فأقول الآية نزلت في علي ع و حكمها سائر في كل من فعل مثل فعله و له فضل السبق على ذلك انتهى. قوله و أذنابها بالنصب عطفا على أعرافها و مذابها عطف بيان لها و يحتمل رفعهما ليكون جملة و ظاهره حرمة الجز و يمكن حمله على شدة الكراهة أو على ما إذا كان الغرض التدليس كما هو الشائع
33- أعلام أعلام الدين، قيل حج الرشيد فلقيه موسى ع على بغلة له فقال له الرشيد من مثلك في حسبك و نسبك و تقدمك تلقاني على بغلة فقال تطأطأت عن خيلاء الخيل و ارتفعت عن ذلة الحمير
-34 كتاب الإمامة و التبصرة، عن هارون بن موسى عن محمد بن علي عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن ابن فضال عن الصادق عن أبيه عن آبائه ع عن النبي ص قال شقرها خيارها و كمتها صلابها و دهمها ملوكها فلعن الله من جز أعرافها و أذنابها مذابها
35- الفقيه، قال رسول الله ص في قول الله عز و جل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ قال نزلت في النفقة على الخيل
قال الصدوق رضي الله عنه هذه الآية روي أنها نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع و كان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدرهم منها بالليل و بدرهم بالنهار و بدرهم في السر و بدرهم في العلانية فنزلت فيه هذه الآية و الآية إذا نزلت في شيء فهي منزلة في كل ما يجري فيه فالاعتقاد في تفسيرها أنها نزلت في أمير المؤمنين ع و جرت في النفقة على الخيل و أشباه ذلك
36- الشهاب، قال رسول الله ص الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة
37- و قال ص يمن الخيل في شقرها
الضوء الخير هو النفع الحسن المرغوب فيه و بالعكس منه الشر و الخيل اسم تقع على الفرسان و الأفراس فالأول كقوله ص يا خيل الله اركبي و الثاني كقوله ص عفوت لك عن صدقة الخيل يعني الأفراس و اشتقاق الخيل من الخيلاء لأن الفرس كان له خيلاء في نفسه و كذلك الفارس و لذلك يقال ما ركب أحد فرسا إلا وجد في نفسه نخوة و في كلام للعجم أن الرستاقي إذا ركب الفرس نسي الله و الحديث مقصور على مدح الأفراس للغناء الذي جعله الله فيها و لو لا الخيل ما فتحت مدينة و لا يغلب على بلد من بلاد الكفار و بها استنجد النبي ص و صحابته من بعده فيما تيسر لهم من الاستيلاء و فتح البلاد و نشر دعوه الإسلام فيها و لو لا تقويهم بها لما تيسر لهم ذلك و لا تمشي لهم أمر ثم إنها من أخص آلات الجهاد و أمر العدد لأعداء الإسلام. و ذكر النواصي مجاز و إنما اختصها بالذكر لأنها من أول ما يستقبلك منها و يقال أرى في ناصية فلان خيرا و بالعكس و روي عن وهب بن منبه قال في بعض الكتب لما أراد الله أن يخلق الخيل قال للريح الجنوب إني خالق منك خلقا أجعله عزا لأوليائي و إجلالا لأهل طاعتي فقبض قبضة من ريح الجنوب فخلق منها فرسا و قال سميتك فرسا و جعلتك عربيا الخير معقود بناصيتك و الغنم محوز على ظهرك و جعلتك تطير بلا جناح فأنت للطلب و أنت للهرب. و روي أن تميما الداري كان ينقي شعيرا لفرسه و هو أمير على بيت المقدس فقيل له لو كلفت هذا غيرك فقال
سمعت رسول الله ص من نقي شعيرا لفرسه ثم قام به حتى يعلفه عليه كتب الله له بكل شعيرة حسنة
و عن أنس بن مالك رفعه رباط يوم في سبيل الله خير من عبادة الرجل في أهله ثلاثمائة و ستين يوما كل يوم ألف سنة
و لم تزل العرب مكرمة لخيولها على ما تنطق به أشعارهم كما قال
تجاع لها العيال و لا تجاع
. و كما قال.
و ما تستوي و الورد ساعة تفزع
. إلى غير ذلك مما يطول تعداده و كان من سنتهم في الجاهلية أن يتمشى القبيلة إلى القبيلة في ثلاثة أشياء إذا ولد لهم غلام شريف أو نتج مهر جواد أو نبغ لهم شاعر مفلق. و فائدة الحديث التنبيه على شرف منزلة الخيل و الأمر بإكرامها و راوي الحديث ابن عمر رحمه الله و قال في الحديث الثاني اليمن البركة و النماء و قد يمن فلان فهو ميمون إذا كان مباركا و يمن هو فهو يأمن و بالعكس منه شئم و شأم و تيمنت بذلك تبركت به و الشقرة في الإنسان حمرة صافية مع ميل البشرة إلى البياض و هي في الخيل حمرة صافية يحمر معها العرف و الذنب فإذا اسود فهو الكميت و الشقرة في الجمال حمرة شديدة يقال بعير أشقر و الشقر شقائق النعمان الواحدة الشقرة قال طرفة
و تساقى القوم كأسا مرة و على الخيل دماء كالشقر
. و شقرة لقب للحارث بن تميم بن مر و النسب إليه شقري بفتح القاف و الأصل في الكلمة الحمرة. و روي في حديث آخر يمن الخيل في الشقر و عليكم بكل كميت أغر محجل أو أشقر و لا تقصوا أعرافها و أذنابها.
و عن أبي قتادة الأنصاري أن رجلا قال يا رسول الله أريد أن أشتري فرسا فأيها أشتري قال اشتر أدهم أرثم محجلا مطلق اليمين أو من الكمت على هذه الشية
و قال ص لو جمعت خيل العرب في صعيد واحد ما سبقها إلا الأشقر
و قال إن النبي ص بعث سرية فكان أول من جاء بالفتح صاحب أشقر. و لا ريب أن أقوى الخيل الشقر و الكميت و لا كثير فرق بينهما إلا بالأعراف و الأذناب و فائدة الحديث تفضيل الشقر و بيان أنها أيمن و أبرك من غيرها و راوي الحديث عيسى بن علي الهاشمي عن أبيه عن جده
-38 الشهاب، قال رسول الله ص الشوم في المرأة و الفرس و الدار
الضوء الشوم نقيض اليمن و روي هذا الحديث على وجه آخر أن النبي ص قال لا عدوى و لا هامة و لا صفر و إن تكن الطيرة في شيء ففي المرأة و الفرس و الدار. و العدوى اسم من أعداه الجرب و غيره يعديه إذا تجاوز منه إليه و في حديث آخر فما أعدى الأول و لا يعني به أن بعض الأمراض لا يعدي فقد رئي مشاهدة أن الجرب يعدي و الرمد يعدي و غير ذلك من الأمراض و لكن المعنى و الله أعلم أنه لا ينبغي للإنسان أن يعتقد أن هذه الأمراض لا تكاد تحصل إلا من العدوى فحسب بل قد تعدي و قد يبتدئها الله ابتداء من غير عدوى فلا عدوى مطلقة بحيث لا يكون ابتداء بالمرض و الأولى أن يقال إن الله تعالى قد أجرى العادة بأن تجرب الصحيحة إذا ماست الجربة في بعض الأحوال و لذلك قال لا يوردن ذو عاهة على مصح و تكون العدوى محمولة على هذا ثم ذكر رحمه الله الهامة و الصفر نحو ما ذكرنا سابقا في باب العدوى و الطيرة ثم قال قيل إن شوم المرأة كثرة مهرها و سوء خلقها و أن لا تلد و شوم الدار ضيقها و سوء جوارها و شوم الفرس أن لا يغزى عليها و قيل إن الشوم في هذه الثلاثة لكثرة الإنفاق عليها.
و عن أنس قال قال رجل يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا كثير فيها أموالنا فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا و قلت فيها أموالنا فقال رسول الله ص ذروها ذميمة و لا تأثير للدار
بل لعله ص قال ذلك حتى لا يتأذوا بهذا الاعتقاد و فائدة الحديث إعلام أن هذه الثلاثة الأشياء يكثر الخرج عليها و تذهب البركة من المال بسببها و راوي الحديث عبد الله بن عمر
-39 المجازات النبوية، قال ص خير الخيل الأدهم الأقرح المحجل ثلاثا طلق اليد اليمنى
قال السيد هذه من محاسن الاستعارات لأنه ع شبه الثلاث من قوائمه لالتفاف التحجيل عليها بالثلاث المعقولة من قوائم البعير و المشكولة من قوائم الفرس و شبه اليمنى منها لخلوها من التحجيل بالمطلقة من العقال أو العاطلة من الشكال يقال ناقة طلق إذا لم تكن معقولة و ناقة عطل إذا لم تكن مزمومة
40- حياة الحيوان، في الصحيح عن حرير بن عبد الله قال رأيت رسول الله ص يلوي ناصية فرس بإصبعه و هو يقول الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر و الغنيمة
و معنى عقد الخير بنواصيها أنه ملازم لها كأنه معقود فيها و المراد بالناصية هنا الشعر المسترسل على الجبهة قاله الخطابي و غيره قال و كني بالناصية عن جميع ذات الفرس كما يقال فلان مبارك الناصية و ميمون الغرة أي الذات
و روى مسلم أنه ص كان يكره الشكال من الخيل
و الشكال أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض أو في يده اليسرى أو في يده اليمنى و رجله اليسرى بياض كذا وقع في تفسير صحيح مسلم و هذا أحد الأقوال في الشكال و قال أبو عبيدة و جمهور أهل اللغة و العرب أن يكون منه ثلاث قوائم محجلة و واحدة مطلقة تشبيها بالشكال الذي يشكل به الخيل فإنه يكون في ثلاث قوائم غالبا و قال ابن دريد هو أن يكون محجلا في شق واحد في يده و رجله فإن كان مخالفا قيل شكال مخالف و قيل الشكال بياض الرجلين و قيل بياض اليدين. قال العلماء و إنما كرهه لأنه على صورة المشكول و قيل يحتمل أن يكون جرب ذلك الجنس فلم تكن فيه نجابة و قال بعض العلماء فإذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة له بزوال شبه الشكال.
و روى النسائي عن أنس أن النبي ص لم يكن شيء أحب إليه بعد النساء من الخيل
إسناده جيد. و روى الثعلبي بإسناده عن النبي ص أنه قال ما من فرس إلا و يؤذن له عند كل فجر اللهم من خولتني من بني آدم و جعلتني له فاجعلني أحب ماله و أهله إليه
و في طبقات ابن سعد بسنده عن غريب المليكي أن النبي ص سئل عن قوله تعالى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ من هم فقال ص أصحاب الخيل ثم قال المنفق على الخيل كالباسط يديه بالصدقة لا يقبضها و أبوالها و أرواثها يوم القيامة كذكي المسك
و قال الفرس واحد الخيل و الجمع أفراس الذكر و الأنثى في ذلك سواء و أصله التأنيث و حكى ابن جني و الفراء فرسة و تصغير الفرس فريس و إن أردت الأنثى خاصة لم تقل إلا فريسة بالهاء و لفظها مشتق من الافتراس كأنها تفترس الأرض لسرعة مشيها و راكب الفرس فارس و هو مثل لابن و تامر و روى أبو داود و الحاكم عن أبي هريرة أن النبي ص كان يسمي الأنثى من الخيل فرسا. قال ابن السكيت يقال لراكب ذي الحافر من فرس أو بغل أو حمار فارس. و الفرس أشبه الحيوان بالإنسان لما يوجد فيه من الكرم و شرف النفس و علو الهمة و تزعم العرب أنه كان وحشيا و أول من ذلله و ركبه إسماعيل ع و من الخيل ما لا يبول و لا يروث ما دام عليه راكبه و منها ما يعرف صاحبه و لا يمكن غيره من ركوبه و كان لسليمان ع خيل ذوات أجنحة و الخيل جنسان عتيق و هجين فالعتيق ما أبواه عربيان و العتيق الكريم من كل شيء و الخيار من كل شيء.
قال الزمخشري في الحديث إن الشيطان لا يقرب صاحب فرس عتيق و لا دارا فيها فرس عتيق
و في كتاب الخيل، أن النبي ص قال إن الشيطان لا يخبل أحدا في دار فيها فرس عتيق
و عن سليمان بن موسى أن النبي ص قال في هذه الآية وَ آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ قال هم الجن لا يدخلون بيتا فيها فرس عتيق
قال ابن عبد البر في التمهيد الفرس العتيق هو الفاره عندنا. و قال صاحب العين هو السابق. و في المستدرك من حديث معاوية بن حديج بالحاء المهملة المضمومة و الدال المهملة المفتوحة و بالجيم في آخره و هو الذي أحرق محمد بن أبي بكر بمصر
عن أبي ذر عن النبي ص أنه قال ما من فرس عربي إلا يؤذن له كل يوم بدعوتين يقول اللهم كما خولتني من خولتني فاجعلني من أحب أهله و ماله إليه
ثم قال صحيح الإسناد. و لهذا الحديث قصة ذكرها النسائي في كتاب الخيل من سننه فقال قال أبو عبيدة قال معاوية بن حديج لما افتتحت مصر كان لكل قوم مراغة يمرغون فيها دوابهم فمر معاوية بأبي ذر و هو يمرغ فرسا له فسلم عليه ثم قال يا أبا ذر ما هذا الفرس. قال هذا فرس لا أراه إلا مستجاب الدعاء قال و هل تدعو الخيل و تجاب قال نعم ليس من ليلة إلا و الفرس يدعو فيها ربه فيقول رب إنك سخرتني لابن آدم و جعلت رزقي في يده فاجعلني أحب إليه من أهله و ولده فمنها المستجاب و منها غير المستجاب و لا أرى فرسي هذا إلا مستجابا. و روى الحاكم عن عقبة بن عامر مرفوعا قال إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أدهم محجلا طلق اليمنى فإنك تغنم و تسلم ثم قال صحيح على شرط مسلم. و الهجين الذي أبوه عربي و أمه عجمية و المقرف بضم الميم و إسكان القاف و بالراء المهملة و بالفاء في آخره عكسه و كذلك في بني آدم.
و في كتب الغريب أن النبي ص قال إن الله يحب الرجل القوي المبدئ المعيد على الفرس المبدئ المعيد
أي الذي أبدأ في غزوة و أعاد فغزا مرة أخرى بعد مرة أي جرب الأمور طورا بعد طور و الفرس المبدئ المعيد الذي غزا عليه صاحبه مرة بعد أخرى و قيل هو الذي قد ريض و أدب فصار طوع راكبه.
و في الصحيح أن النبي ص ركب فرسا معرورا لأبي طلحة و قال إن وجدناه لبحرا
و في الفائق أن أهل المدينة فزعوا مرة فركب ص فرسا عريا و ركض في آثارهم فلما رجع ص قال إن وجدناه لبحرا
قال حماد بن سلمة كان هذا الفرس بطيئا فلما قال ص هذا القول صار سابقا لا يلحق.
و روى النسائي و الطبراني من حديث عبد الله بن أبي الجعد أخي سالم بن أبي الجعد عن جعيل الأشجعي قال خرجت مع النبي ص في بعض غزواته و أنا على فرس عجفاء فكنت في آخر الناس فلحقني النبي ص فقال سر يا صاحب الفرس فقلت يا رسول الله إنها فرس عجفاء ضعيفة فرفع ص بمخصرة كانت معه فضربها بها و قال اللهم بارك له فيها فلقد رأيتني ما أملك رأسها حتى صرت من قدام القوم و لقد بعت من بطنها باثني عشر ألفا
و روي عن خالد بن الوليد أنه كان لا يركب في القتال إلا الإناث لقلة صهيلها
و قال ابن محيريز كان الصحابة يستحبون ذكور الخيل عند الصفوف و إناث الخيل عند البيات و الغارات.
و قال ابن حبان في صحيحه عن ابن عامر الهوزني عن أبي كبشة الأنماري و اسمه أصرم بن سعد أنه أتاه فقال أطرقني فرسك فإني سمعت رسول الله ص يقول من أطرق فرسا فعقب له كان له كأجر سبعين فرسا حمل عليها في سبيل الله و إن لم يعقب له كان له كأجر فرس حمل عليها في سبيل الله
و في طبع الفرس الزهو و الخيلاء و السرور بنفسه و المحبة لصاحبه و من أخلاقه الدالة على شرف نفسه و كرمه أنه لا يأكل بقية علف غيره و من علو همته أن أشقر مروان كان سائسه لا يدخل عليه إلا بإذن و هو أن يحرك له المخلاة فإن حمحم دخل و إن دخل و لم يحمحم شد عليه و الأنثى من الخيل ذات شبق شديد و لذلك تطيع الفحل من غير نوعها و جنسها. قال الجاحظ و الحيض يعرض للإناث منهن و لكنه قليل و الذكر ينزو إلى تمام أربع سنين و ربما عمر إلى التسعين و الفرس يرى المنامات كبني آدم و في طبعه أنه لا يشرب الماء إلا كدرا فإذا أراه صافيا كدرة و يوصف بحدة البصر و إذا وطئ على أثر الذئب خدرت قوائمه حتى لا يكاد يتحرك و يخرج الدخان من جلده. قال الجوهري و يقال إن الفرس لا طحال له و هو مثل لسرعته و حركته كما يقال البعير لا مرارة له أي لا جسارة له و عن أبي عبيدة و أبي زيد قالا الفرس لا طحال له و لا مرارة للبعير و الظليم لا مخ له قال أبو زيد و كذلك طير الماء و حيتان البحر لا ألسنة لها و لا أدمغة و السمك لا رئة له و لذلك لا يتنفس و كل ذي رئة يتنفس.
و رووا أن النبي ص قال إن يكن الخير في شيء ففي ثلاث المرأة و الدار و الفرس
و في رواية الشوم في ثلاث المرأة و الدار و الفرس
و في رواية الشوم في الربع و الخادم و الفرس
و اختلف العلماء فيه فقيل معناه على اعتقاد الناس في ذلك و روي ذلك عن عائشة قالت لم يحفظ أبو هريرة لأنه دخل و الرسول ص يقول قاتل الله اليهود يقولون الشوم في ثلاث إلخ فسمع آخر الحديث و لم يسمع أوله. و قال طائفة هي على ظاهرها فإن الدار قد يجعل الله سكناها سببا للضرر و الهلاك و كذلك الفرس و الخادم قد يجعل الله الهلاك عندهما بقضاء الله و قدره. و قال الخطابي و كثيرون هو في معنى الاستثناء من الطيرة أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع و نحوه و طلاق المرأة. و قال آخرون شوم الدار ضيقها و سوء جيرانها و شوم المرأة عدم ولادتها و سلاطة لسانها و تعرضها للريب و شوم الفرس أن لا يغزى عليها. و قيل حرانها و غلاء ثمنها و شوم الخادم سوء خلقه و قلة تعهده لما فوض إليه و قيل المراد بالشوم هنا عدم الموافقة و اعترض بعض الملحدة بحديث لا طيرة على هذا و أجاب ابن قتيبة و غيره بأن هذا مخصوص من حديث طيرة أي لا طيرة إلا في هذه الثلاثة
قال الدمياطي روينا بالإسناد الصحيح عن يوسف بن موسى القطان عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي ص قال البركة في ثلاث في الفرس و المرأة و الدار
قال يوسف سألت ابن عيينة عن معنى هذا الحديث فقال سفيان سألت عنه الزهري فقال الزهري سألت عنه سالما فقال سالم سألت عنه عبد الله بن عمر فقال سألت عنه النبي ص فقال إذا كان الفرس ضروبا فهو مشوم و إذا كانت المرأة قد عرفت زوجا غير زوجها فحنت إلى الزوج الأول فهي مشومة و إذا كانت الدار بعيدة عن المسجد لا يسمع فيها الأذان و الإقامة فهي مشومة و إذا كن بغير هذا الوصف فهن مباركات
و قال البغل مركب من الفرس و الحمار و لذلك صار له صلابة الحمار و عظم آلات الخيل و كذلك شحيجه أي صوته تولد من صهيل الفرس و نهيق الحمار و هو عقيم لا يولد لكن في تاريخ ابن البطريق في حوادث سنة أربع و أربعين و أربعمائة أن بغلة بنابلس ولدت. و شر الطباع ما تجاذبته الأعراق المتضادة و الأخلاق المتباينة و العناصر المتباعدة و إذا كان الذكر حمارا يكون شديد الشبه بالفرس و إذا كان الذكر فرسا يكون شديد الشبه بالحمار و من العجب أن كل عضو فرضته منه يكون بين الفرس و الحمار و كذلك أخلاقه ليس له ذكاء الفرس و بلاده الحمار. و يقال إن أول من أنتجها قارون. و له صبر الحمار و قوة الفرس و يوصف برداءة الأخلاق و التلون لأجل التركيب لكنه يوصف مع ذلك بالهداية في كل طريق يسلكه مرة واحدة و هو مع ذلك مركب الملوك في أسفارها و قعيدة الصعاليك في قضاء أوطارها مع احتماله الأثقال و صبره على طول الأنقال و لذلك يقال
مركب قاض و إمام عدل و سيد و عالم و كهل
. يصلح للرجل و غير الرجل.
و روى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن علي بن أبي طالب ع أن البغال كانت تتناسل و كانت أسرع الدواب في نقل الحطب لنار إبراهيم خليل الرحمن فدعا عليها فقطع الله نسلها
و عن إسحاق بن حماد بن أبي حنيفة أنه قال كان عندنا طحان رافضي له بغلان سمى أحدهما أبا بكر و الآخر عمر فرمحه أحدهما فقتله فأخبر جدي أبو حنيفة بذلك فقال انظروا الذي رمحه فهو الذي سماه عمر فوجدوه كذلك.
و في كامل ابن عدي عن أنس أن النبي ص ركب بغلة فحادت به فحسبها و أمر رجلا أن يقرأ عليها قل أعوذ برب الفلق فسكنت
و روى أبو داود و النسائي عن عبد الله بن زفير النافعي المصري عن علي ع قال أهديت لرسول الله ص بغلة فركبها فقال علي ع لو حملنا الحمير على الخيل لكانت لنا مثل هذه فقال رسول الله ص إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون
قال ابن حبان معناه الذين لا يعلمون النهي عنه قال الخطابي يشبه أن يكون المعنى في ذلك و الله أعلم أن الحمير إذا حملت على الخيل تعطلت منافع الخيل و قل عددها و انقطع نماؤها و الخيل يحتاج إليها للركوب و الركض و الطلب و عليها يجاهد العدو و بها تحرز الغنائم و لحمها مأكول و يسهم للفرس كما يسهم للفارس و ليس للبغل شيء من هذه الفضائل فأحب النبي ص أن ينمو عدد الخيل و يكثر نسلها لما فيها من النفع و الصلاح فإذا كانت الفحول خيلا و الأمهات حميرا فيحتمل أن لا يكون داخلا في النهي إلا أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة الخيل عن مزاوجة الحمير و كراهة اختلاط مائها بمائها لئلا يكون منها الحيوان المركب من نوعين مختلفين فإن أكثر الحيوان المركب من جنسين من الحيوان أخبث طبعا من أصولها التي تتولد منها و أشد شراسة كالسمع و نحوه. ثم إن البغل حيوان عقيم ليس لها نسل و لا نماء و لا يذكى و لا يزكى ثم قال و لا أرى هذا الرأي طائلا فإن الله تعالى قال وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً فذكر البغال و امتن علينا بها كامتنانه بالخيل و الحمير و أفرد ذكرها بالاسم الخاص الموضوع لها و نبه على ما فيها من الإرب و المنفعة و المكروه من الأشياء مذموم لا يستحق المدح و لا يقع الامتنان به و قد استعمل ص البغل و اقتناه و ركبه حضرا و سفرا و لو كان مكروها لم يقتنه و لم يستعمله انتهى.
و روى مسلم عن زيد بن ثابت قال بينما النبي ص في حائط لبني النجار على بغلة له و نحن معه إذ حادت به و كادت أن تلقيه و إذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال من يعرف أصحاب هذه الأقبر قال رجل أنا فقال ص متى مات هؤلاء قال ماتوا على الإشراك فقال ص إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلو لا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ثم أقبل ص بوجهه الكريم إلينا فقال تعوذوا بالله من عذاب القبر فقالوا نعوذ بالله من عذاب القبر فقال ص تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها و ما بطن فقالوا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها و ما بطن فقال ص تعوذوا بالله من فتنة الدجال فقالوا نعوذ بالله من فتنة الدجال
و في مجمع الطبراني الأوسط من حديث أنس قال انهزم المسلمون يوم حنين و رسول الله ص على بغلته الشهباء التي يقال لها دلدل فقال لها رسول الله ص دلدل اسدي فألصقت بطنها بالأرض حتى أخذ النبي حفنة من تراب فرمى بها وجوههم قال حم لا ينصرون قال فانهزم القوم و ما رميناهم بسهم و لا طعناهم برمح و لا ضربناهم بسيف
و فيه من حديث شيبة بن عثمان أن النبي ص قال لعمه عباس يوم حنين ناولني من البطحاء فأفقه الله البغلة كلامه فانخفضت به حتى كاد بطنها يمس الأرض فتناول رسول الله ص من الحصباء فنفخ في وجوههم و قال شاهت الوجوه حم لا ينصرون
و روى الطبراني و أبو نعيم من طرق صحيحة عن خزيمة بن أوس قال هاجرت إلى النبي ص و قدمت عليه عند منصرفه من تبوك فأسلمت فسمعته يقول هذه الحيرة قد رفعت إلي و إنكم ستفتحونها و هذه الشيماء بنت نفيلة الأسدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فقلت يا رسول الله إن نحن دخلنا الحيرة فوجدناها على هذه الصفة فهي لي قال هي لك فأقبلنا مع خالد بن الوليد نريد الحيرة فلما دخلناها كان أول من تلقانا الشيماء بنت نفيلة كما قال رسول الله ص على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فتعلقت بها فقلت هذه وهبها لي رسول الله ص و طلب مني خالد عليها البينة فأتيته بها فسلمها إلي و نزل إلينا أخوها عبد المسيح فقال لي أ تبيعنيها قلت نعم قال فاحتكم بما شئت فقلت و الله لا أنقصها عن ألف درهم فدفع إلي ألف درهم فقال لي لو قلت مائة ألف درهم دفعتها إليك فقلت لا أحب مالا فوق ألف درهم
قال الطبراني و بلغني أن الشاهدين كانا محمد بن مسلمة و عبد الله بن عمر. و قال في الحمار و ليس في الحيوان ما ينزو على غير جنسه و يلقح إلا الحمار و الفرس و هو ينزو إذا تم له ثلاثون شهرا و منه نوع يصلح لحمل الأثقال و نوع لين الأعطاف سريع العدو يسبق براذين الخيل. و من عجيب أمره إذا شم رائحة الأسد رمى نفسه عليه من شدة الخوف منه يريد بذلك الفرار و يوصف بالهداية إلى سلوك الطرقات التي مشى فيها و لو مرة واحدة و بحدة السمع. و للناس في مدحه و ذمه أقوال متباينة بحسب الأغراض فمن ذلك أن خالد بن صفوان و الفضل بن عيسى الرقاشي كانا يختاران ركوب الحمير على ركوب البراذين فأما خالد فلقيه بعض الأشراف بالبصرة على حمار فقال ما هذا يا با صفوان فقال هذا عير من نسل الكداد يحمل الرجلة و يبلغني العقبة و يقل داؤه و يخف دواؤه و يمنعني من أن أكون جبارا في الأرض و أن أكون من المفسدين. و أما الفضل فإنه سئل عن ركوبه فقال إنه أقل الدواب مئونة و أكثرها معونة و أخفضها مهوى و أقربها مرتقى فسمع أعرابي كلامه فعارضه بقوله الحمار شنار و العير عار منكر الصوت لا ترقأ به الدماء و لا تمهر به النساء و صوته أنكر الأصوات. قال الزمخشري الحمار مثل في الذم الشنيع و الشتمة و من استيحاشهم لذكر اسمه أنهم يكنون عنه و يرغبون عن التصريح به فيقولون الطويل الأذنين كما يكنى عن الشيء المستقذر و قد عد من مساوئ الآداب أن تجري ذكر الحمار في مجلس قوم أولي المروة. و من العرب من لا يركب الحمار استنكافا و إن بلغت به الرجلة الجهد. و المروءة بالهمز و تركه قال الجوهري هي الإنسانية و قال ابن فارس الرجولية و قيل إن ذا المروءة من يصون نفسه عن الأدناس و لا يشينها عند الناس و قيل من يسير بسيرة أمثاله في زمانه و مكانه قال الدارمي قيل المروءة في الحرفة و قيل في آداب الدين كالأكل و الصياح في الجم الغفير و انتهار الشائل و قلة فعل الخير مع القدرة عليه و كثرة الاستهزاء و الضحك و نحو ذلك انتهى.
و روي عن جعفر بن محمد الصادق ع أنه كان في بني إسرائيل رجل صالح و كان له مع الله معاملة حسنة و كان له زوجة و كان ضنينا بها و كانت من أجمل أهل زمانها مفرطة في الجمال و الحسن و كان يقفل عليها الباب فنظرت يوم شابا فهوته و هواها فعمل لها مفتاحا على باب دارها و كان يخرج و يدخل ليلا و نهارا متى شاء و زوجها لم يشعر بذلك فبقيا على ذلك زمانا طويلا فقال لها زوجها يوما و كان أعبد بني إسرائيل و أزهدهم إنك قد تغيرت علي و لم أعلم ما سببه و قد توسوس قلبي علي و كان قد أخذها بكرا ثم قال و أشتهي منك أنك تحلفي لي أنك لم تعرفي رجلا غيري و كان لبني إسرائيل جبل يقسمون به و يتحاكمون عنده و كان الجبل خارج المدينة عنده نهر جار و كان لا يحلف عنده أحد كاذبا إلا هلك فقالت له و يطيب قلبك إذا حلفت لك عند الجبل قال نعم قالت متى شئت فعلت فلما خرج العابد لقضاء حاجته دخل عليها الشاب فأخبرته بما جرى لها مع زوجها و أنها تريد أن تحلف له عند الجبل و قالت ما يمكنني أن أحلف كاذبة و لا أقول لزوجي فبهت الشاب و تحير و قال فما تصنعين فقالت بكر غدا و البس ثوب مكار و خذ حمارا و اجلس على باب المدينة فإذا خرجنا فأنا أدعه يكتري منك الحمار فإذا اكتراه منك بادر و احملني و ارفعني فوق الحمار حتى أحلف له و أنا صادقة أنه ما مسني أحد غيرك و غير هذا المكاري فقال حبا و كرامة و إنه لما جاء زوجها قال لها قومي إلى الجبل لتحلفي به قالت ما لي طاقة بالمشي فقال اخرجي فإن وجدت مكاريا اكتريت لك فقامت و لم تلبس لباسها فلما خرج العابد و زوجته رأت الشاب ينتظرها فصاحت به يا مكاري أكتري حمارك بنصف درهم إلى الجبل قال نعم ثم تقدم و رفعها على الحمار و ساروا حتى وصلوا إلى الجبل فقالت للشاب أنزلني عن الحمار حتى أصعد الجبل فلما تقدم الشاب إليها ألقت بنفسها إلى الأرض فانكشفت عورتها فشتمت الشاب فقال و الله ما لي ذنب ثم مدت يدها إلى الجبل فمسكته و حلفت له أنه لم يمسها أحد و لا نظر إنسان مثل نظرك إلي مذ عرفتك غيرك و هذا المكاري فاضطرب الجبل اضطرابا شديدا و زال عن مكانه و أنكرت بنو إسرائيل فذلك قوله تعالى وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ
و روى البيهقي في الشعب عن ابن مسعود أنه قال كانت الأنبياء يركبون الحمر و يلبسون الصوف و يحلبون الشاة و كان للنبي ص حمار اسمه عفير بضم العين المهملة و ضبطه القاضي عياض بالغين المعجمة و اتفقوا على تغليطه أهداه له المقوقس و كان فورة بن عمر الجذامي أهدى له حمارا يقال له يعفور مأخوذ من العفرة و هو لون التراب فنفق يعفور في منصرف النبي ص من حجة الوداع و ذكر السهيلي أن يعفورا طرح نفسه في بئر لما مات رسول الله ص.
و ذكر ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى منصور و قال لما فتح رسول الله ص خيبر أصاب حمارا أسود فكلم الحمار رسول الله ص فقال له ما اسمك قال يزيد بن شهاب أخرج الله تعالى من نسل جدي ستين حمارا لا يركبها إلا نبي و قد كنت أتوقعك لتركبني و لم يبق من نسل جدي غيري و لا من الأنبياء غيرك و قد كنت قبلك لتركبني عند رجل يهودي و كنت أتعثر به و كان يجيع بطني و يضرب ظهري فقال النبي ص فأنت يعفور يا يعفور تشتهي الإناث قال لا فكان رسول الله ص يركبه في حاجته و كان يبعث به خلف من شاء من أصحابه فيأتي الباب فيقرعه برأسه فإذا خرج صاحب الدار أومأ إليه فيعلم أن رسول الله ص أرسله إليه فيأتي النبي ص فلما قبض النبي ص جاء إلى بئر و كانت لأبي الهيثم بن التيهان فتردى فيها جزعا على رسول الله ص فصارت قبره
و في كامل ابن عدي في ترجمة أحمد بن بشير و في شعب الإيمان للبيهقي عن الأعمش عن سلمة عن عطا عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ص تعبد رجل في صومعة فمطرت السماء و أعشبت الأرض فرأى حمارا يرعى فقال يا رب لو كان لك حمار لرعيته مع حماري فبلغ ذلك نبيا من بني إسرائيل فأراد أن يدعو عليه فأوحى الله تعالى إليه إنما أجازي العباد على قدر عقولهم
و هو كذلك في الحلية في ترجمة زيد بن أسلم.
و في كتاب ابتلاء الأخيار أن عيسى ع لقي إبليس و هو يسوق خمسة أحمرة عليها أحمال فسأله عن الأحمال فقال تجارة أطلب لها مشترين فقال و ما هي التجارة قال أحدها الجور قال و من يشتريه قال السلاطين و الثاني الكبر قال و من يشتريه قال الدهاقين و الثالث الحسد قال و من يشتريه قال العلماء و الرابع الخيانة قال و من يشتريها قال عمال التجار و الخامس الكيد قال و من يشتريه قال النساء
انتهى. و روى النسائي و الحاكم عن جابر بن عبد الله أن النبي ص قال إذا سمعتم نباح الكلاب و نهيق الحمير من الليل فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فإنها ترى ما لا ترون و أقل الخروج إذا جدت فإن الله يبث في الليل من خلقه ما شاء
توضيح فرسا معرورا كذا في أكثر النسخ و المعرور الأجرب في النهاية فيه أنه ركب فرسا لأبي طلحة مقرفا المقرف من الخيل الهجين و هو الذي أمه برذونة و أبوه عربي و قيل بالعكس و قيل هو الذي دانى الهجنة و قاربها و قال إن وجدناه لبحرا أي واسع الجري و سمي البحر بحرا لسعته و قال إطراق الفحل إعارته للضراب
41- الكافي، عن علي بن إبراهيم أو غيره رفعه قال خرج عبد الصمد بن علي و معه جماعة فبصر بأبي الحسن ع مقبلا راكبا بغلا فقال لمن معه مكانكم حتى أضحككم من موسى بن جعفر فلما دنا منه قال ما هذه الدابة التي لا تدرك عليها الثأر و لا تصلح عند النزال فقال له أبو الحسن تطأطأت عن سمو الخيل و تجاوزت قمؤ العير و خير الأمور أوسطها فأفحم عبد الصمد فما أحار جوابا
إرشاد المفيد، مرسلا مثله. بيان قال الجوهري قال أبو زيد قمأت الماشية تقمأ قموءا و قموءة إذا سمنت و قمؤ الرجل بالضم قماء و قماءة صار قميئا و هو الصغير الذليل و أقمأته صغرته و ذللته و في القاموس قمأ كجمع و كرم قماءة و قماء بالضم و الكسر ذل و صغر و الماشية قموءا و قموءة و قماءة سمنت. أقول لو صحت النسخة و ما ذكراه كان إطلاق القموء على العير من جهة الاستعارة و العير بالفتح الحمار و غلب على الوحشي و عبد الصمد كأنه ابن علي بن عبد الله بن العباس و قد عد من أصحاب الصادق ع
42- معاني الأخبار، عن محمد بن هارون الزنجاني عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد القاسم بن سلام بأسانيد متصلة إلى النبي ص أنه ع كره الشكال في الخيل
يعني أن يكون ثلاث قوائم منه محجلة و واحدة مطلقة و إنما أخذ هذا من الشكال الذي يشكل به الخيل شبه به لأن الشكال إنما يكون في ثلاث قوائم أو أن تكون الثلاثة مطلقة و رجل محجلة و ليس يكون الشكال إلا في الرجل و لا يكون في اليد. بيان قد مر كلام في ذلك من الدميري و قال في النهاية فيه أنه كره الشكال في الخيل و هو أن تكون ثلاثة قوائم منه محجلة و واحدة مطلقة تشبيها بالشكال الذي يشكل به الخيل لأنه يكون في ثلاث قوائم غالبا و قيل هو أن تكون الواحدة محجلة و الثلاث مطلقة و قيل هو أن تكون إحدى يديه و إحدى رجليه من خلاف محجلتين و إنما كرهه لأنه كالمشكول صورة تفؤلا و يمكن أن يكون جرب ذلك الجنس فلم يكن فيه نجابة و قيل إذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة لزوال شبه الشكال و الله أعلم. و في القاموس شكل الدابة شد قوائمها بحبل كشكلها و اسم الحبل الشكال ككتاب و الشكال وثاق بين الحقب و البطان و بين اليد و الرجل و في الخيل أن يكون ثلاث قوائم منه محجلة و الواحدة مطلقة و عكسه أيضا
43- المعاني، و المجالس للصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن سهل بن زياد عن عثمان بن عيسى عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله ع قال تذاكرنا الشوم فقال الشوم في ثلاثة في المرأة و الدابة و الدار فأما شوم المرأة فكثرة مهرها و عقوق زوجها و أما الدابة فسوء خلقها و منعها ظهرها و أما الدار فضيق ساحتها و شر جيرانها و كثرة عيوبها
44- المعاني، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص الشوم في ثلاثة أشياء في الدابة و المرأة و الدار فأما المرأة فشؤمها غلاء مهرها و عسر ولادتها و أما الدابة فشؤمها كثرة عللها و سوء خلقها و أما الدار فشؤمها ضيقها و خبث جيرانها
بيان قال في النهاية فيه إن كان الشوم في شيء ففي ثلاث المرأة و الدار و الفرس أي إن كان ما يكره و يخاف عاقبته ففي هذه الثلاث و تخصيصه لها لأنه لما أبطل مذهب العرب في التطير بالسوانح و البوارح من الطير و الظباء و نحوهما قال فإن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره ارتباطها فليفارقها بأن ينتقل عن الدار و يطلق المرأة و يبيع الفرس و قيل إن شوم الدار ضيقها و سوء جارها و شوم المرأة أن لا تلد و شوم الفرس أن لا يغزى عليها و الواو في الشوم همزة و لكنها خففت فصارت واوا و غلب عليها التخفيف حتى لم ينطق بها مهموزة
45- الكشي عن حمدويه و إبراهيم ابني نصير عن محمد بن عيسى عن الحسن الوشاء عن بشر بن طرحان قال لما قدم أبو عبد الله ع الحيرة أتيته فسألني عن صناعتي فقلت نخاس فقال نخاس الدواب فقلت نعم و كنت رث الحال فقال اطلب لي بغلة فضحاء بيضاء الأعفاج بيضاء البطن فقلت ما رأيت هذه الصفة قط فقال بلى فخرجت من عنده فلقيت غلاما تحته بغلة بهذه الصفة فسألته عنها فدلني على مولاه فأتيته فلم أبرح حتى اشتريتها ثم أتيت أبا عبد الله ع فقال نعم هذه الصفة طلبت ثم دعا لي فقال أنمى الله ولدك و كثر مالك فرزقت من ذلك ببركة دعائه و قنيت من الأولاد ما قصرت عنه الأمنية
46- الكافي، عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن طرخان النخاس قال مررت بأبي عبد الله ع و قد نزل الحيرة فقال لي ما علاجك قلت نخاس فقال أصب لي بغلة فضحاء قلت جعلت فداك و ما الفضحاء قال دهماء بيضاء البطن بيضاء الأفجاج بيضاء الجحفلة قال فقلت و الله ما رأيت مثل هذه الصفة فرجعت من عنده فساعة دخلت الخندق فإذا غلام قد أسقى بغلة على هذه الصفة فسألت الغلام لمن هذه البغلة فقال لمولاي فقلت يبيعها فقال لا أدري فتبعته حتى أتيت مولاه فاشتريتها منه و أتيته بها فقال هذه الصفة التي أردتها قلت جعلت فداك ادع الله لي فقال أكثر الله مالك و ولدك قال فصرت أكثر أهل الكوفة مالا و ولدا
توضيح النخاس في القاموس بياع الدواب و الرقيق و قال الحيرة بالكسر بلد قرب الكوفة و قال الأفضح الأبيض لا شديدا فضح كفرح و الاسم الفضحة بالضم و قال العفج و بالكسر و بالتحريك و ككتف ما ينتقل الطعام إليه بعد المعدة و الجمع أعفاج و الأعفج العظيمها. و أقول ما في الكافي كأنه تصحيف و يرجع بتكلف إلى ما في الكشي قال في القاموس فحج في مشيته تدانى صدور قدميه و تباعد عقباه كفحج و هو أفحج بين الفحج محركة و التفحج التفريج بين الرجلين و في بعض النسخ بالجيمين كناية عن المضيق بين الرجلين و في القاموس الفج الطريق الواسع بين جبلين و فججت ما بين رجلي فتحت كأفججت و هو يمشي مفاجا و قد تفاج و أفج أسرع و رجل أفج بين الفجج و هو أقبح من الفحج و في النهاية التفاج المبالغة في تفريج ما بين الرجلين و هو من الفج الطريق و الجحفلة للحافر كالشفة للإنسان و قنى المال كرمى اكتسبه و في بعض النسخ و كسبت
47- الكشي، عن حمدويه بن نصير عن محمد بن عيسى عن إبراهيم بن عبد الحميد عن هارون بن خارجة عن زيد الشحام عن عبد الله بن عطا قال أرسل إلي أبو عبد الله ع و قد أسرج له بغل و حمار فقال لي هل لك أن تركب معنا إلى ما لنا قلت نعم قال أيهما أحب إليك قلت الحمار فقال الحمار أرفقهما بي قال فركبت البغل و ركب الحمار ثم سرنا فبينما هو يحدثنا إذ انكب على السرج مليا ثم رفع رأسه فقلت ما أرى السرج إلا و قد ضاق عنك فلو تحولت على البغل فقال كلا و لكن الحمار اختال فصنعت كما صنع رسول الله ص ركب حمارا يقال له عفير فاختال فوضع رأسه على القربوس ما شاء الله ثم رفع رأسه فقال يا رب هذا عمل غفير ليس هو من عملي
48- الكافي، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن ابن فضال عن عبيس بن هشام عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي عن الحكم بن محمد بن أبي القاسم أنه سمع عبد الله بن عطا يقول قال أبو جعفر ع قم فأسرج دابتين حمارا و بغلا فأسرجت حمارا و بغلا و قدمت إليه البغل فرأيت أنه أحبهما إليه فقال من أمرك أن تقدم إلي هذا البغل قلت اخترته لك قال فأمرتك أن تختار لي ثم قال لي إن أحب المطايا إلي الحمر قال فقدمت إليه الحمار فركب و ركبت الحديث
المحاسن، عن أبي فضالة مثله