الآيات البقرة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ آل عمران فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ التوبة وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الفتح مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً الحشر لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ تفسير قال الطبرسي نور الله ضريحه في قوله تعالى فَالَّذِينَ هاجَرُوا أي إلى المدينة و فارقوا قومهم من أهل الكفر وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ أخرجهم المشركون من مكة وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا في سبيل الله ثَواباً أي جزاء لهم مِنْ عِنْدِ اللَّهِ على أعمالهم وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ أي عنده من حسن الجزاء على الأعمال ما لا يبلغه وصف واصف وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ أي السابقون إلى الإيمان و إلى الطاعات مِنَ الْمُهاجِرِينَ الذين هاجروا من مكة إلى المدينة و إلى الحبشة وَ الْأَنْصارِ أي و من الأنصار الذين سبقوا نظراءهم من أهل المدينة إلى الإسلام وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ أي بأفعال الخير و الدخول في الإسلام بعدهم و سلوك مناهجهم و يدخل في ذلك من يجيء بعدهم إلى يوم القيامة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أي رضي أفعالهم وَ رَضُوا عَنْهُ لما أجزل لهم من الثواب و فيها دلالة على فضل السابقين و مزيتهم على غيرهم لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدين فمنها مفارقة العشائر و الأقربين و منها مباينة المألوف من الدين و منها نصرة الإسلام مع قلة العدد و كثرة العدو و منها السبق إلى الإسلام و الدعاء إليه.
و في مسند السيد أبي طالب الهروي مرفوعا إلى أبي أيوب عن النبي ص قال صلت الملائكة علي و على علي سبع سنين و ذلك أنه لم يصل فيها أحد غيري و غيره
و روى الحاكم الحسكاني مرفوعا إلى عبد الرحمن بن عوف في قوله سبحانه وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ قال هم عشرة من قريش أولهم إسلاما علي بن أبي طالب ع
أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ قال الحسن بلغ من شدتهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثياب المشركين حتى لا تلتزق بثيابهم و عن أبدانهم حتى لا تمس أبدانهم و بلغ تراحمهم فيما بينهم أن كانوا لا يرى مؤمن مؤمنا إلا صافحه و عانقه. و مثله قوله أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً هذا إخبار عن كثرة صلاتهم و مداومتهم عليها يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً أي يلتمسون بذلك زيادة نعمهم من الله و يطلبون مرضاته سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ أي علامتهم يوم القيامة أن يكون مواضع سجودهم أشد بياضا عن ابن عباس و عطية قال شهر بن حوشب تكون مواضع سجودهم كالقمر ليلة البدر و قيل هو التراب على الجباه لأنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب عن عكرمة و ابن جبير و أبي العالية. و قيل هو الصفرة و النحول قال الحسن إذا رأيتهم حسبتهم مرضى و ما هم بمرضى ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ يعني أن ما ذكر من وصفهم هو ما وصفوا به في التوراة أيضا ثم ذكر نعتهم في الإنجيل فقال وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ أي فراخه و قيل ليس بينهما وقف و المعنى ذلك مثلهم في التوراة و الإنجيل جميعا. فَآزَرَهُ أي شده و أعانه و قواه قال المبرد يعني أن هذه الأفراخ لحقت الأمهات حتى صارت مثلها فَاسْتَغْلَظَ أي غلظ ذلك الزرع فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ أي قام على قصبه و أصوله فاستوى الصغار مع الكبار و السوق جمع الساق و المعنى أنه تناهى و بلغ الغاية يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ أي يروق ذلك الزرع الأكرة الذين زرعوه قال الواحدي هذا مثل ضربه الله تعالى لمحمد ص و أصحابه فالزرع محمد و الشطأ أصحابه و المؤمنون حوله و كانوا في ضعف و قلة كما يكون أول الزرع دقيقا ثم غلظ و قوي و تلاحق فكذلك المؤمنون قوى بعضهم بعضا حتى استغلظوا و استووا على أثرهم لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ أي إنما كثرهم الله و قواهم ليكونوا غيظا للكافرين بتوافرهم و تظاهرهم و اتفاقهم على الطاعة وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ أي من أقام على الإيمان و الطاعة منهم. لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الذين هاجروا من مكة إلى المدينة و من دار الحرب إلى دار الإسلام وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ أي دينه أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ في الحقيقة عند الله قال الزجاج بين سبحانه من المساكين الذين لهم الحق فقال لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ ثم ثنى سبحانه بوصف الأنصار و مدحهم حتى طابت أنفسهم عن الفيء فقال وَ الَّذِينَ مبتدأ خبره يحبون أو في موضع جر عطفا على الفقراء فقوله يحبون حال تَبَوَّؤُا الدَّارَ يعني المدينة و هي دار الهجرة تبوأها الأنصار قبل المهاجرين و تقدير الآية و الذين تبوؤا الدار من قبلهم وَ الْإِيمانَ لأن الأنصار لم يؤمنوا قبل المهاجرين و عطف الإيمان على الدار في الظاهر لا في المعنى لأن الإيمان ليس بمكان يتبوأ و التقدير و آثروا الإيمان و قيل مِنْ قَبْلِهِمْ أي من قبل قدوم المهاجرين عليهم و قيل قبل إيمان المهاجرين و المراد بهم أصحاب العقبة و هم سبعون رجلا بايعوا النبي ص على حرب الأحمر و الأبيض يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ لأنهم أحسنوا إلى المهاجرين و أسكنوهم دورهم و أشركوهم في أموالهم وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا أي لا يجدون في قلوبهم حسدا و غيظا مما أعطي المهاجرون دونهم من مال بني النضير وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ أي يقدمون المهاجرين على أنفسهم بأموالهم و منازلهم وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ أي فقر و حاجة و الشح البخل ثم ثلث سبحانه بوصف التابعين فقال وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ أي بعد المهاجرين و الأنصار و هم جميع التابعين لهم إلى يوم القيامة غِلًّا أي حقدا و عداوة
-1 ل، ]الخصال[ ابن بندار عن أبي العباس الحمادي عن أبي جعفر الحضرمي عن هدبة بن خالد عن همام بن يحيى عن قتادة عن أيمن عن أبي أمامة قال قال رسول الله ص طوبى لمن رآني و آمن بي و طوبى ثم طوبى يقولها سبع مرات لمن لم يرني و آمن بي
2- ل، ]الخصال[ الهمداني عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال كان أصحاب رسول الله ص اثني عشر ألفا ثمانية آلاف من المدينة و ألفان من أهل مكة و ألفان من الطلقاء لم ير فيهم قدري و لا مرجئ و لا حروري و لا معتزلي و لا صاحب رأي كانوا يبكون الليل و النهار و يقولون اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير
بيان الخمير هو ما يجعل في العجين ليجود و كأنهم كانوا لا يفعلون ذلك لعدم اعتنائهم بجودة الغذاء و يؤيده ما رواه العامة عن النبي ص لا آكل الخمير قال الكرماني أي خبزا جعل في عجينه الخمير
3- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي و ابن المتوكل و ماجيلويه و ابن ناتانة جميعا عن علي بن إبراهيم عن أبي هدبة عن أنس قال قال النبي ص طوبى لمن رآني و طوبى لمن رأى من رآني و طوبى لمن رأى من رأى من رآني
و قد أخرج علي بن إبراهيم هذا الحديث و حديث الطير بهذا الإسناد في كتاب قرب الإسناد ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الغضائري عن الصدوق مثله
4- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بإسناد المجاشعي عن الصادق عن آبائه عن علي ع قال أوصيكم بأصحاب نبيكم لا تسبوهم الذين لم يحدثوا بعده حدثا و لم يؤووا محدثا فإن رسول الله ص أوصى بهم الخبر
5- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن معروف بن خربوذ عن أبي جعفر الباقر ع قال صلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع بالناس الصبح بالعراق فلما انصرف وعظهم فبكى و أبكاهم من خوف الله تعالى ثم قال أم و الله لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول الله ص و إنهم ليصبحون و يمسون شعثا غبرا خمصا بين أعينهم كركب المعزى يبيتون لربهم سجدا و قياما يراوحون بين أقدامهم و جباههم يناجون ربهم و يسألونه فكاك رقابهم من النار و الله لقد رأيتهم و هم جميع مشفقون منه خائفون
بيان جميع أي مجتمعون على الحق لم يتفرقوا كتفرقكم
6- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبو عمرو عن ابن عقدة عن أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن عن أبيه عن محمد بن إسحاق قال و حدثنا ابن عقدة عن محمد بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الجهني قال بينما نحن عند رسول الله ص إذ طلع راكبان فلما رآهما نبي الله قال كنديان مذحجيان فإذا رجلان من مذحج فأتى أحدهما إليه ليبايعه فلما أخذ رسول الله ص بيده ليبايعه قال يا رسول الله أ رأيت من رآك فآمن بك و صدقك و اتبعك ما ذا له قال طوبى له قال فمسح على يده و انصرف قال و أقبل الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه قال يا رسول الله أ رأيت من آمن بك فصدقك و اتبعك و لم يرك ما ذا له قال طوبى له ثم طوبى له قال ثم مسح على يده ثم انصرف
-7 ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن مخلد عن محمد بن عمرو بن البختري عن سعدان بن نصر عن محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن أسيد بن خالد عن عبد الله بن محيريز قال قلت لرجل من أصحاب النبي ص قال الأوزاعي حسبت أنا أنه يكنى أبا جمعة حدثنا حديثا سمعته من رسول الله ص قال لأحدثنك حديثا جيدا تغدينا مع رسول الله ص و معنا أبو عبيدة بن الجراح فقلنا يا رسول الله هل أحد خير منا أسلمنا معك و جاهدنا معك قال بلى قوم من أمتي يأتون بعدي يؤمنون بي
8- مع، ]معاني الأخبار[ ابن الوليد عن الصفار عن الخشاب عن ابن كلوب عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص ما وجدتم في كتاب الله عز و جل فالعمل لكم به لا عذر لكم في تركه و ما لم يكن في كتاب الله عز و جل و كانت فيه سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي و ما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا به فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيها أخذ اهتدي و بأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم و اختلاف أصحابي لكم رحمة فقيل يا رسول الله و من أصحابك قال أهل بيتي
قال الصدوق رحمه الله إن أهل البيت ع لا يختلفون و لكن يفتون الشيعة بمر الحق و ربما أفتوهم بالتقية فما يختلف من قولهم فهو للتقية و التقية رحمة للشيعة
-9 كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ع قال قلت له إن للإيمان درجات و منازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله قال نعم قلت صفه لي رحمك الله حتى أفهمه قال إن الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان ثم فضلهم على درجاتهم في السبق إليه فجعل كل امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقه و لا يتقدم مسبوق سابقا و لا مفضول فاضلا تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة أواخرها و لو لم يكن للسابق إلى الإيمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه الأمة أولها نعم و لتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه و لكن بدرجات الإيمان قدم الله السابقين و بالإبطاء عن الإيمان أخر الله المقصرين لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين و أكثرهم صلاة و صوما و حجا و زكاة و جهادا و إنفاقا و لو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الأولين و لكن أبى الله عز و جل أن يدرك آخر درجات الإيمان أولها و يقدم فيها من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله قلت أخبرني عما ندب الله المؤمنين إليه من الاستباق إلى الإيمان فقال قول الله عز و جل سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ و قال السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ و قال السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم ثم ثنى بالأنصار ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان فوضع كل قوم على قدر درجاتهم و منازلهم عنده ثم ذكر ما فضل الله عز و جل به أولياءه بعضهم على بعض فقال تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ فوق بعض دَرَجاتٍ إلى آخر الآية و قال وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ و قال انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلًا و قال هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ و قال وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ و قال الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ و قال وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً و قال لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا و قال يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ و قال ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ إلى قوله إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ و قال وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ و قال فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فهذا ذكر درجات الإيمان و منازله عند الله جل و عز
10- نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص القرون أربعة أنا في أفضلها قرنا ثم الثاني ثم الثالث فإذا كان الرابع التقى الرجال بالرجال و النساء بالنساء فقبض الله كتابه من صدور بني آدم فيبعث الله ريحا سوداء ثم لا يبقى أحد سوى الله تعالى إلا قبضه الله إليه
11- و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص أنا أمنة لأصحابي فإذا قبضت دنا من أصحابي ما يوعدون و أصحابي أمنة لأمتي فإذا قبض أصحابي دنا من أمتي ما يوعدون و لا يزال هذا الدين ظاهرا على الأديان كلها ما دام فيكم من قد رآني
12- و بهذا الإسناد عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال كان رسول الله ص يأتي أهل الصفة و كانوا ضيفان رسول الله ص كانوا هاجروا من أهاليهم و أموالهم إلى المدينة فأسكنهم رسول الله ص صفة المسجد و هم أربعمائة رجل فكان يسلم عليهم بالغداة و العشي فأتاهم ذات يوم فمنهم من يخصف نعله و منهم من يرقع ثوبه و منهم من يتفلى و كان رسول الله ص يرزقهم مدا مدا من تمر في كل يوم فقام رجل منهم فقال يا رسول الله التمر الذي ترزقنا قد أحرق بطوننا فقال رسول الله ص أما إني لو استطعت أن أطعمكم الدنيا لأطعمتكم و لكن من عاش منكم من بعدي يغدى عليه بالجفان و يراح عليه بالجفان و يغدو أحدكم في خميصة و يروح في أخرى و تنجدون بيوتكم كما تنجد الكعبة فقام رجل فقال يا رسول الله إنا إلى ذلك الزمان بالأشواق فمتى هو قال ص زمانكم هذا خير من ذلك الزمان إنكم إن ملأتم بطونكم من الحلال توشكون أن تملئوها من الحرام فقام سعد بن أشج فقال يا رسول الله ما يفعل بنا بعد الموت قال الحساب و القبر ثم ضيقه بعد ذلك أو سعته فقال يا رسول الله هل تخاف أنت ذلك فقال لا و لكن أستحيي من النعم المتظاهرة التي لا أجازيها و لا جزءا من سبعة فقال سعد بن أشج إني أشهد الله و أشهد رسوله و من حضرني أن نوم الليل علي حرام و الأكل بالنهار علي حرام و لباس الليل علي حرام و مخالطة الناس علي حرام و إتيان النساء علي حرام فقال رسول الله ص يا سعد لم تصنع شيئا كيف تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر إذا لم تخالط الناس و سكون البرية بعد الحضر كفر للنعمة نم بالليل و كل بالنهار و البس ما لم يكن ذهبا أو حريرا أو معصفرا و أت النساء يا سعد اذهب إلى بني المصطلق فإنهم قد ردوا رسولي فذهب إليهم فجاء بصدقة فقال رسول الله ص كيف رأيتهم قال خير قوم ما رأيت قوما قط أحسن أخلاقا فيما بينهم من قوم بعثتني إليهم فقال رسول الله ص إنه لا ينبغي لأولياء الله تعالى من أهل دار الخلود الذين كان لها سعيهم و فيها رغبتهم أن يكونوا أولياء الشيطان من أهل دار الغرور الذين لها سعيهم و فيها رغبتهم ثم قال بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف و لا ينهون عن المنكر بئس القوم قوم يقذفون الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر بئس القوم قوم لا يقومون لله تعالى بالقسط بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون الناس بالقسط في الناس بئس القوم قوم يكون الطلاق عندهم أوثق من عهد الله تعالى بئس القوم قوم جعلوا طاعة إمامهم دون طاعة الله بئس القوم قوم يختارون الدنيا على الدين بئس القوم قوم يستحلون المحارم و الشهوات و الشبهات قيل يا رسول الله فأي المؤمنين أكيس قال أكثرهم للموت ذكرا و أحسنهم له استعدادا أولئك هم الأكياس
13- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبو عمرو عن ابن عقدة عن أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن عن أبيه عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن جرير بن عبد الله عن النبي ص قال المهاجرون و الأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا و الآخرة و الطلقاء من قريش و العتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض في الدنيا و الآخرة
ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بالإسناد عن عبد الرحمن عن أبيه عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير عن النبي ص مثله
14- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبو عمرو عن ابن عقدة عن عبد الله بن أحمد عن إسماعيل بن صبيح عن سفيان عن عبد المؤمن عن الحسن بن عطية عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله ص يقول إني تارك فيكم الثقلين إلا أن أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض و قال ألا إن أهل بيتي عيني التي آوي إليها ألا و إن الأنصار ترسي فاعفوا عن مسيئهم و أعينوا محسنهم
15- ع، ]علل الشرائع[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن محمد بن حسان عن محمد بن يزيد عن أبي البختري عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لما دخل الناس في الدين أفواجا أتتهم الأزد أرقها قلوبا و أعذبها أفواها قيل يا رسول الله هذه أرقها قلوبا عرفناه فلم صارت أعذبها أفواها قال لأنها كانت تستاك في الجاهلية
قال و قال جعفر ع لكل شيء طهور و طهور الفم السواك
16- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ حلية الأولياء في خبر عن كعب بن عجرة أن المهاجرين و الأنصار و بني هاشم اختصموا في رسول الله ص أينا أولى به و أحب إليه فقال ص أما أنتم يا معشر الأنصار فإنما أنا أخوكم فقالوا الله أكبر ذهبنا به و رب الكعبة و أما أنتم معشر المهاجرين فإنما أنا منكم فقالوا الله أكبر ذهبنا به و رب الكعبة و أما أنتم يا بني هاشم فأنتم مني و إلي فقمنا و كلنا راض مغتبط برسول الله ص
17- أقول قال الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان روى زرارة عن أبي جعفر ع أنه قال ما سلت السيوف و لا أقيمت الصفوف في صلاة و لا زحوف و لا جهر بأذان و لا أنزل الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا حتى أسلم أبناء القيلة الأوس و الخزرج
18- نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع في مدح الأنصار هم و الله ربوا الإسلام كما يربى الفلو مع غنائهم بأيديهم السياط و ألسنتهم السلاط
بيان الفلو المهر الصغير و رجل سبط اليدين سخي و رجل سليط أي فصيح حديد اللسان
19- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور عن أبي بكر المفيد الجرجرائي عن المعمر أبي الدنيا عن أمير المؤمنين ع قال سمعت رسول الله ص يقول طوبى لمن رآني أو رأى من رآني أو رأى من رأى من رآني
أقول قد مر بعض أحوال الأنصار في باب غزوة حنين و غيره و قد ذكر سيد الساجدين ع في الدعاء الرابع من الصحيفة الكاملة في فضل الصحابة و التابعين ما يغني اشتهاره عن إيراده و ينبغي أن تعلم أن هذه الفضائل إنما هي لمن كان مؤمنا منهم لا للمنافقين كغاصبي الخلافة و أضرابهم و أتباعهم و لمن ثبت منهم على الإيمان و أتباع الأئمة الراشدين لا للناكثين الذين ارتدوا عن الدين و سيأتي تمام الكلام في ذلك في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى