1- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ حدثني أبي عن آبائه ع أن رسول الله ص كان من خيار أصحابه عنده أبو ذر الغفاري فجاءه ذات يوم فقال يا رسول الله إن لي غنيمات قدر ستين شاة فأكره أن أبدو فيها و أفارق حضرتك و خدمتك و أكره أن أكلها إلى راع فيظلمها و يسيء رعايتها فكيف أصنع فقال رسول الله ص ابد فيها فبدا فيها فلما كان في اليوم السابع جاء إلى رسول الله ص فقال رسول الله ص يا با ذر قال لبيك يا رسول الله قال ما فعلت غنيماتك قال يا رسول الله إن لها قصة عجيبة قال و ما هي قال يا رسول الله بينا أنا في صلاتي إذ عدا الذئب على غنمي فقلت يا رب صلاتي و يا رب غنمي فآثرت صلاتي على غنمي و أخطر الشيطان ببالي يا با ذر أين أنت إن عدت الذئاب على غنمك و أنت تصلي فأهلكتها و ما يبقى لك في الدنيا ما تتعيش به فقلت للشيطان يبقى لي توحيد الله تعالى و الإيمان برسول الله ص و موالاة أخيه سيد الخلق بعده علي بن أبي طالب ع و موالاة الأئمة الهادين الطاهرين من ولده و معاداة أعدائهم و كل ما فات بعد ذلك جلل فأقبلت على صلاتي فجاء ذئب فأخذ حملا فذهب به و أنا أحس به إذ أقبل على الذئب أسد فقطعه نصفين و استنقذ الحمل و رده إلى القطيع ثم ناداني يا با ذر أقبل على صلاتك فإن الله قد وكلني بغنمك إلى أن تصلي فأقبلت على صلاتي و قد غشيني من التعجب ما لا يعلمه إلا الله تعالى حتى فرغت منها فجاءني الأسد و قال لي امض إلى محمد فأخبره أن الله تعالى قد أكرم صاحبك الحافظ لشريعتك و وكل أسدا بغنمه يحفظها فعجب من حول رسول الله ص فقال رسول الله ص صدقت يا أبا ذر و لقد آمنت به أنا و علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال بعض المنافقين هذا لمواطاة بين محمد و أبي ذر يريد أن يخدعنا بغروره و اتفق منهم عشرون رجلا و قالوا نذهب إلى غنمه و ننظر إليها و ننظر إليه إذا صلى هل يأتي الأسد فيحفظ غنمه فيتبين بذلك كذبه فذهبوا و نظروا و أبو ذر قائم يصلي و الأسد يطوف حول غنمه و يرعاها و يرد إلى القطيع ما شذ عنه منها حتى إذا فرغ من صلاته ناداه الأسد هاك قطيعك مسلما وافر العدد سالما ثم ناداهم الأسد معاشر المنافقين أنكرتم لولي محمد و علي و آلهما الطيبين و المتوسل إلى الله بهم أن يسخرني الله ربي لحفظ غنمه و الذي أكرم محمدا و آله الطيبين الطاهرين لقد جعلني الله طوع يد أبي ذر حتى لو أمرني بافتراسكم و هلاككم لأهلكتكم و الذي لا يحلف بأعظم منه لو سأل الله بمحمد و آله الطيبين أن يحول البحار دهن زنبق و بان و الجبال مسكا و عنبرا و كافورا و قضبان الأشجار قضب الزمرد و الزبرجد لما منعه الله ذلك فلما جاء أبو ذر إلى رسول الله ص قال له رسول الله ص يا با ذر إنك أحسنت طاعة الله فسخر الله لك من يطيعك في كف العوادي عنك فأنت من أفاضل من مدحه الله عز و جل بأنه يقيم الصلاة
بيان الجلل محركة العظيم و الصغير ضد و العوادي جمع العادية من العدوان أو من عدا على الشيء إذا اختلسه و في الحديث من كف عن مؤمن عادية ماء و نار
2- جا، ]المجالس للمفيد[ علي بن بلال عن علي بن عبد الله الأصبهاني عن الثقفي عن محمد بن علي عن الحسين بن سفيان عن أبيه عن أبي جهضم الأزدي عن أبيه و كان من أهل الشام قال لما سير عثمان أبا ذر من المدينة إلى الشام كان يقص علينا فيحمد الله فيشهد شهادة الحق و يصلي على النبي ص و يقول أما بعد فإنا كنا في جاهليتنا قبل أن ينزل علينا الكتاب و يبعث فينا الرسول و نحن نوفي بالعهد و نصدق الحديث و نحسن الجوار و نقري الضيف و نواسي الفقير فلما بعث الله تعالى فينا رسول الله و أنزل علينا كتابه كانت تلك الأخلاق يرضاها الله و رسوله و كان أحق بها أهل الإسلام و أولى أن يحفظوها فلبثوا بذلك ما شاء الله أن يلبثوا ثم إن الولاة قد أحدثوا أعمالا قباحا ما نعرفها من سنة تطفى و بدعة تحيا و قائل بحق مكذب و أثرة لغير تقي و أمين مستأثر عليه من الصالحين اللهم إن كان ما عندك خيرا لي فاقبضني إليك غير مبدل و لا مغير و كان يعيد هذا الكلام و يبديه فأتى حبيب بن مسلمة معاوية بن أبي سفيان فقال إن أبا ذر يفسد عليك الناس بقوله كيت و كيت فكتب معاوية إلى عثمان بذلك فكتب عثمان أخرجه إلي فلما صار إلى المدينة نفاه إلى الربذة.
3- جا، ]المجالس للمفيد[ بهذا الإسناد عن أبي جهضم عن أبيه قال لما أخرج عثمان أبا ذر الغفاري رحمه الله من المدينة إلى الشام كان يقوم في كل يوم فيعظ الناس و يأمرهم بالتمسك بطاعة الله و يحذرهم من ارتكاب معاصيه و يروي عن رسول الله ص ما سمعه منه في فضائل أهل بيته عليه و عليهم السلام و يحضهم على التمسك بعترته فكتب معاوية إلى عثمان أما بعد فإن أبا ذر يصبح إذا أصبح و يمسي إذا أمسى و جماعة من الناس كثيرة عنده فيقول كيت و كيت فإن كان لك حاجة في الناس قبلي فأقدم أبا ذر إليك فإني أخاف أن يفسد الناس عليك و السلام. فكتب إليه عثمان أما بعد فأشخص إلي أبا ذر حين تنظر في كتابي هذا و السلام. فبعث معاوية إلى أبي ذر فدعاه و أقرأه كتاب عثمان و قال له النجاء الساعة فخرج أبو ذر إلى راحلته فشدها بكورها و أنساعها فاجتمع إليه الناس فقالوا له يا با ذر رحمك الله أين تريد قال أخرجوني إليكم غضبا علي و أخرجوني منكم إليهم الآن عبثا بي و لا يزال هذا الأمر فيما أرى شأنهم فيما بيني و بينهم حتى يستريح برا و يستراح من فاجر و مضى و سمع الناس بمخرجه فاتبعوه حتى خرج من دمشق فساروا معه حتى انتهى إلى دير المران فنزل و نزل معه الناس فاستقدم فصلى بهم ثم قال أيها الناس إني موصيكم بما ينفعكم و تارك الخطب و التشقيق احمدوا الله عز و جل قالوا الحمد لله قال أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله فأجابوه بمثل ما قال فقال أشهد أن البعث حق و أن الجنة حق و أن النار حق و أقر بما جاء من عند الله و اشهدوا علي بذلك قالوا نحن على ذلك من الشاهدين قال ليبشر من مات منكم على هذه الخصال برحمة الله و كرامته ما لم يكن للمجرمين ظهيرا و لا لأعمال الظلمة مصلحا و لا لهم معينا أيها الناس اجمعوا مع صلاتكم و صومكم غضبا لله عز و جل إذا عصي في الأرض و لا ترضوا أئمتكم بسخط الله و إن أحدثوا ما لا تعرفون فجانبوهم و ازرءوا عليهم و إن عذبتم و حرمتم و سيرتم حتى يرضى الله عز و جل فإن الله أعلى و أجل لا ينبغي أن يسخط برضا المخلوقين غفر الله لي و لكم أستودعكم الله و أقرأ عليكم السلام و رحمة الله فناداه الناس أن سلم الله عليك و رحمك يا با ذر يا صاحب رسول الله أ لا نردك إن كان هؤلاء القوم أخرجوك أ لا نمنعك فقال لهم ارجعوا رحمكم الله فإني أصبر منكم على البلوى و إياكم و الفرقة و الاختلاف فمضى حتى قدم على عثمان فلما دخل عليه قال له لا قرب الله بعمرو عينا فقال أبو ذر و الله ما سماني أبواي عمرا و لكن لا قرب الله من عصاه و خالف أمره و ارتكب هواه فقام إليه كعب الأحبار فقال له أ لا تتقي الله يا شيخ تجبه أمير المؤمنين بهذا الكلام فرفع أبو ذر عصا كانت في يده فضرب بها رأس كعب ثم قال له يا ابن اليهوديين ما كلامك مع المسلمين فو الله ما خرجت اليهودية من قلبك بعد فقال عثمان و الله لا جمعتني و إياك دار قد خرفت و ذهب عقلك أخرجوه من بين يدي حتى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء ثم انجوا به الناقة و تعتعوه حتى توصلوه الربذة فنزلوه بها من غير أنيس حتى يقضي الله فيه ما هو قاض فأخرجوه متعتعا ملهوزا بالعصي و تقدم ألا يشيعه أحد من الناس فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فبكى حتى بل لحيته بدموعه ثم قال أ هكذا يصنع بصاحب رسول الله ص إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ثم نهض و معه الحسن و الحسين ع و عبد الله بن العباس و الفضل و قثم و عبيد الله حتى لحقوا أبا ذر فشيعوه فلما بصر بهم أبو ذر رحمه الله حن إليهم و بكى عليهم و قال بأبي وجوه إذا رأيتها ذكرت بها رسول الله ص و شملتني البركة برؤيتها ثم رفع يديه إلى السماء و قال اللهم إني أحبهم و لو قطعت إربا إربا في محبتهم ما زلت عنها ابتغاء وجهك و الدار الآخرة فارجعوا رحمكم الله و الله أسأل أن يخلفني فيكم أحسن الخلافة فودعه القوم و رجعوا و هم يبكون على فراقه.
بيان الكور بالضم الرحل و الأنساع جمع النسع بالكسر و هو سير ينسج عريضا على هيئة أعنة البغال تشد به الرحال و شقق الكلام أخرجه أحسن مخرج و زرى عليه عابه كأزرى قوله ثم انجوا أي أسرعوا و تعتعه أقلقه و أزعجه و لهزه بالرمح طعنه في صدره و اللهز الضرب بجميع اليد في الصدر
4- كش، ]رجال الكشي[ محمد بن سعد بن مزيد و محمد بن أبي عوف معا عن محمد بن أحمد بن حماد رفعه قال أبو ذر الذي قال رسول الله ص في شأنه ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر يعيش وحده و يموت وحده و يبعث وحده و يدخل الجنة وحده و هو الهاتف بفضائل أمير المؤمنين ع و وصي رسول الله ص و استخلافه إياه فنفاه القوم عن حرم الله و حرم رسوله بعد حملهم إياه من الشام على قتب بلا وطاء و هو يصيح فيهم قد خاب القطار بحمل النار سمعت رسول الله ص يقول إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله دخلا و عباد الله خولا و مال الله دولا فقتلوه فقرا و جوعا و ضرا و صبرا
5- كش، ]رجال الكشي[ جعفر بن معروف عن الحسن بن علي بن النعمان عن أبيه عن البطائني عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول أرسل عثمان إلى أبي ذر موليين له و معهما مائتا دينار فقال لهما انطلقا إلى أبي ذر فقولا له إن عثمان يقرئك السلام و يقول لك هذه مائتا دينار فاستعن بها على ما نابك فقال أبو ذر هل أعطى أحدا من المسلمين مثل ما أعطاني قالا لا قال إنما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسع المسلمين قالا له إنه يقول هذا من صلب مالي و بالله الذي لا إله إلا هو ما خالطها حرام و لا بعث بها إليك إلا من حلال فقال لا حاجة لي فيها و قد أصبحت يومي هذا و أنا من أغنى الناس فقالا له عافاك الله و أصلحك ما نرى في بيتك قليلا و لا كثيرا مما يستمتع به فقال بلى تحت هذا الإكاف الذي ترون رغيفا شعير قد أتى عليهما أيام فما أصنع بهذه الدنانير لا و الله حتى يعلم الله أني لا أقدر على قليل و لا كثير و قد أصبحت غنيا بولاية علي بن أبي طالب ع و عترته الهادين المهديين الراضين المرضيين الذين يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ و كذلك سمعت رسول الله ص يقول فإنه لقبيح بالشيخ أن يكون كذابا فرداها عليه و أعلماه أني لا حاجة لي فيها و لا فيما عنده حتى ألقى الله ربي فيكون هو الحاكم فيما بيني و بينه
6- كش، ]رجال الكشي[ عبيد بن محمد النخعي عن أبي أحمد الطرسوسي عن خالد بن طفيل الغفاري عن أبيه عن حلام بن دل الغفاري و كانت له صحبة قال مكث أبو ذر رحمه الله بالربذة حتى مات فلما حضرته الوفاة قال لامرأته اذبحي شاة من غنمك و اصنعيها فإذا نضجت فاقعدي على قارعة الطريق فأول ركب ترينهم قولي يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله ص قد قضى نحبه و لقي ربه فأعينوني عليه و أجيبوه فإن رسول الله ص أخبرني أني أموت في أرض غربة و أنه يلي غسلي و دفني و الصلاة علي رجال من أمتي صالحون
7- كش، ]رجال الكشي[ محمد بن علقمة بن الأسود النخعي قال خرجت في رهط أريد الحج منهم مالك بن الحارث الأشتر حتى قدمنا الربذة فإذا امرأة على قارعة الطريق تقول يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله ص قد هلك غريبا ليس لي أحد يعينني عليه قال فنظر بعضنا إلى بعض و حمدنا الله على ما ساق إلينا و استرجعنا على عظم المصيبة ثم أقبلنا معها فجهزناه و تنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء ثم تعاونا على غسله حتى فرغنا منه ثم قدمنا مالك الأشتر فصلى بنا عليه ثم دفناه فقام الأشتر على قبره ثم قال اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله ص عبدك في العابدين و جاهد فيك المشركين لم يغير و لم يبدل لكنه رأى منكرا فغيره بلسانه و قلبه حتى جفي و نفي و حرم و احتقر ثم مات وحيدا غريبا اللهم فاقصم من حرمه و نفاه من مهاجره و حرم رسولك ص قال فرفعنا أيدينا جميعا و قلنا آمين ثم قدمت الشاة التي صنعت فقالت إنه قد أقسم عليكم ألا تبرحوا حتى تتغدوا فتغدينا و ارتحلنا
8- ضه، ]روضة الواعظين[ قيل له عند الموت يا با ذر ما مالك قال عملي قالوا إنما نسألك عن الذهب و الفضة قال ما أصبح و لا أمسي و ما أمسي و لا أصبح لنا كندوج فيه حر متاعنا سمعت خليلي رسول الله ص يقول كندوج المرء قبره
ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بإسناده عن موسى بن بكر عن أبي إبراهيم مثله كش، ]رجال الكشي[ علي بن محمد القتيبي عن الفضل بن شاذان عن أبيه عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر مثله. بيان الكندوج بالكسر شبه المخزن معرب كندو و الحر بالضم خيار كل شيء
9- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله ع قال إن أبا ذر أتى رسول الله ص و معه جبرئيل في صورة دحية الكلبي و قد استخلاه رسول الله ص فلما رآهما انصرف عنهما و لم يقطع كلامهما فقال جبرئيل يا محمد هذا أبو ذر قد مر بنا و لم يسلم علينا أما لو سلم لرددنا عليه يا محمد إن له دعاء يدعو به معروفا عند أهل السماء فاسأله عنه إذا عرجت إلى السماء فلما ارتفع جبرئيل ع جاء أبو ذر إلى النبي ص فقال له رسول الله ص ما منعك يا أبا ذر أن تكون سلمت علينا حين مررت بنا فقال ظننت يا رسول الله أن الذي معك دحية الكلبي قد استخليته لبعض شأنك فقال ذاك جبرئيل ع و قد قال أما لو سلم علينا لرددنا عليه فلما علم أبو ذر أنه كان جبرئيل ع دخله من الندامة حيث لم يسلم عليه ما شاء الله فقال له رسول الله ص ما هذا الدعاء الذي تدعو به فقد أخبرني جبرئيل ع أن لك دعاء تدعو به معروفا في السماء فقال نعم يا رسول الله أقول اللهم إني أسألك الأمن و الإيمان و التصديق بنبيك و العافية من جميع البلاء و الشكر على العافية و الغنى عن شرار الناس
لي، ]الأمالي للصدوق[ أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه مثله إلا أن فيه أسألك الإيمان بك و التصديق
10- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن أبي إبراهيم ع قال قال أبو ذر رحمه الله جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من الشعير أتغدى بأحدهما و أتعشى بالآخر و بعد شملتي الصوف أتزر بإحداهما و أرتدي بالأخرى
كش، ]رجال الكشي[ علي بن محمد القتيبي عن الفضل بن شاذان عن أبيه عن علي بن الحكم مثله ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بإسناده عن موسى بن بكر مثله
11- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن المثنى عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال كان أبو ذر رضي الله عنه يقول في خطبته يا مبتغي العلم كأن شيئا من الدنيا لم يكن شيئا إلا ما ينفع خيره و يضر شره إلا من رحم الله يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل و لا مال عن نفسك أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم و الدنيا و الآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره و ما بين الموت و البعث إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها يا مبتغي العلم قدم لمقامك بين يدي الله عز و جل فإنك مثاب بعملك كما تدين تدان يا مبتغي العلم
بيان قوله كأن شيئا من الدنيا لعل المراد أن ما يتصور في هذه الدنيا إما شيء ينفع خيره أو شيء يضر شره فاختر ما ينفع دون ما يضر أو كل شيء في الدنيا له جهة نفع و جهة شر فاحترز عن جهة شره و يمكن أن يقرأ ألا بالتخفيف بأن تكون ما نافية و فيه بعد
12- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن بعض أصحابه عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن واصل عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال جاء رجل إلى أبي ذر فقال يا با ذر ما لنا نكره الموت فقال لأنكم عمرتم الدنيا و أخربتم الآخرة فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب فقال له فكيف ترى قدومنا على الله فقال أما المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله و أما المسيء فكالآبق يرد على مولاه قال فكيف ترى حالنا عند الله قال اعرضوا أعمالكم على الكتاب إن الله يقول إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ قال فقال الرجل فأين رحمة الله قال رحمة الله قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قال أبو عبد الله ع و كتب رجل إلى أبي ذر رضي الله عنه يا با ذر أطرفني بشيء من العلم فكتب إليه أن العلم كثير و لكن إن قدرت على أن لا تسيء إلى من تحبه فافعل فقال له الرجل و هل رأيت أحدا يسيء إلى من يحبه فقال نعم نفسك أحب الأنفس إليك فإذا أنت عصيت الله فقد أسأت إليها
13- كا، ]الكافي[ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن أيوب و علي عن أبيه جميعا عن البزنطي عن أبان بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال أتى أبو ذر رسول الله ص فقال يا رسول الله إني قد اجتويت المدينة أ فتأذن لي أن أخرج أنا و ابن أخي إلى مزينة فنكون بها فقال إني أخشى أن تغير عليك خيل من العرب فيقتل ابن أخيك فتأتيني شعثا فتقوم بين يدي متكئا على عصاك فتقول قتل ابن أخي و أخذ السرح فقال يا رسول الله بل لا يكون إلا خيرا إن شاء الله فأذن له رسول الله ص فخرج هو و ابن أخيه و امرأته فلم يلبث هناك إلا يسيرا حتى غارت خيل لبني فزارة فيها عيينة بن حصن فأخذ السرح و قتل ابن أخيه و أخذت امرأته من بني غفار و أقبل أبو ذر يشتد حتى وقف بين يدي رسول الله ص و به طعنة جائفة فاعتمد على عصاه و قال صدق الله و رسوله أخذ السرح و قتل ابن أخي و قمت بين يديك على عصاي فصاح رسول الله ص في المسلمين فخرجوا في الطلب فردوا السرح و قتلوا نفرا من المشركين
يج، ]الخرائج و الجرائح[ مرسلا مثله. بيان اجتوى البلد كره المقام فيه و الجائفة الطعنة التي تنفذ إلى الجوف و لعل هذا كان قبل كمال أبي ذر رحمه الله في الإيمان أو فهم من كلامه ص أنه راض بخروجه و إنما أخبره بذلك ليقوى إيمانه أو كان يحتمل أن يكون هذا من الأخبار البدائية
14- كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط عن سعدان بن مسلم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال كان رجل بالمدينة يدخل مسجد الرسول ص فقال اللهم آنس وحشتي و صل وحدتي و ارزقني جليسا صالحا فإذا هو برجل في أقصى المسجد فسلم عليه و قال له من أنت يا عبد الله فقال أنا أبو ذر فقال الرجل الله أكبر الله أكبر فقال أبو ذر و لم تكبر يا عبد الله فقال إني دخلت المسجد فدعوت الله عز و جل أن يؤنس وحشتي و أن يصل وحدتي و أن يرزقني جليسا صالحا فقال له أبو ذر أنا أحق بالتكبير منك إذ كنت ذلك الجليس فإني سمعت رسول الله ص يقول أنا و أنتم على ترعة يوم القيامة حتى يفرغ الناس من الحساب قم يا با عبد الله فقد نهى السلطان عن مجالستي
15- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بإسناده عن أسعد بن زرارة عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري قال لما قدم أبو ذر على عثمان قال أخبرني أي البلاد أحب إليك قال مهاجري قال لست بمجاوري قال فألحق بحرم الله فأكون فيه قال لا قال فالكوفة أرض بها أصحاب رسول الله ص قال لا قال فلست بمختار غيرهن فأمره بالمسير إلى الربذة فقال إن رسول الله ص قال لي اسمع و المع و انفذ حيث قادوك و لو لعبد حبشي مجدع فخرج إلى الربذة و أقام مدة ثم أتى المدينة فدخل على عثمان و الناس عنده سماطين فقال يا أمير المؤمنين إنك أخرجتني من أرضي إلى أرض ليس بها زرع و لا ضرع إلا شويهات و ليس لي خادم إلا محررة و لا ظل يظلني إلا ظل شجرة فأعطني خادما و غنيمات أعيش فيها فحول وجهه عنه فتحول إلى السماط الآخر فقال مثل ذلك فقال له حبيب بن سلمة لك عندي يا أبا ذر ألف درهم و خادم و خمسمائة شاة قال أبو ذر أعط خادمك و ألفك و شويهاتك من هو أحوج إلى ذلك مني فإني إنما أسأل حقي في كتاب الله فجاء علي ع فقال له عثمان أ لا تغني عنا سفيهك هذا قال أي سفيه قال أبو ذر قال علي ع ليس بسفيه سمعت رسول الله ص يقول ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر أنزله بمنزلة مؤمن آل فرعون إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ
بيان أقول سيأتي الخبر بتمامه في كتاب الفتن و قال الفيروزآبادي لمع البرق أضاء و بالشيء ذهب و بيده أشار و الطائر بجناحيه خفق و فلان الباب برز منه و النفاذ جواز الشيء عن الشيء و الخلوص منه و أنفذ الأمر قضاه و نفذ القوم جازهم و تخلفهم و الجدع قطع الأنف أو الأذن أو اليد أو الشفة و حمار مجدع كمعظم مقطوع الأذنين و الشويهة تصغير الشاة
16- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل بإسناده عن شقيق البلخي عمن أخبره من أهل العلم قال قيل لأبي ذر رضي الله عنه كيف أصبحت يا صاحب رسول الله قال أصبحت بين نعمتين بين ذنب مستور و ثناء من اغتر به فهو مغرور
17- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بإسناد التميمي عن الرضا ع عن آبائه عن علي صلوات الله عليهم قال قال رسول الله ص أبو ذر صديق هذه الأمة
18- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الحسين بن علي التمار عن عبد الله بن محمد عن أبي نصر التمار عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي الدرداء عن أبيه قال قال رسول الله ص ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر
19- مع، ]معاني الأخبار[ ع، ]علل الشرائع[ محمد بن عمر بن علي البصري عن عبد السلام بن محمد الهاشمي عن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني عن الخضر بن أبان عن أبي هدية إبراهيم بن هدية عن النبي ص في حديث طويل مثله
بيان قال الجزري في النهاية في الحديث ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر الخضراء السماء و الغبراء الأرض
20- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن مخلد عن محمد بن عبد الواحد النحوي عن بشر بن موسى بن صالح الأسدي عن أبي عبد الرحمن المقري عن سعيد بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر القرشي عن سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذر أن النبي ص قال يا با ذر إني أحب لك ما أحب لنفسي إني أراك ضعيفا فلا تأمرن على اثنين و لا تولين مال يتيم
21- ع، ]علل الشرائع[ القطان عن السكري عن الجوهري عن عثمان بن عمران عن عباد بن صهيب قال قلت للصادق جعفر بن محمد ع أخبرني عن أبي ذر أ هو أفضل أم أنتم أهل البيت فقال يا ابن صهيب كم شهور السنة فقلت اثنا عشر شهرا فقال و كم الحرم منها قلت أربعة أشهر قال فشهر رمضان منها قلت لا قال فشهر رمضان أفضل أم الأشهر الحرم فقلت بل شهر رمضان قال فكذلك نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد و إن أبا ذر كان في قوم من أصحاب رسول الله ص فتذاكروا فضائل هذه الأمة فقال أبو ذر أفضل هذه الأمة علي بن أبي طالب و هو قسيم الجنة و النار و هو صديق هذه الأمة و فاروقها و حجة الله عليها فما بقي من القوم أحد إلا أعرض عنه بوجهه و أنكر عليه قوله و كذبه فذهب أبو أمامة الباهلي من بينهم إلى رسول الله ص فأخبره بقول أبي ذر و إعراضهم عنه و تكذيبهم له فقال رسول الله ص ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء يعني منكم يا أبا أمامة من ذي لهجة أصدق من أبي ذر
22- مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن حمدان بن سليمان عن أيوب بن نوح عن إسماعيل الفراء عن رجل قال قلت لأبي عبد الله ع أ ليس قال رسول الله ص في أبي ذر رحمة الله عليه ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر قال بلى قال قلت فأين رسول الله ص و أمير المؤمنين و أين الحسن و الحسين قال فقال لي كم السنة شهرا قال قلت اثنا عشر شهرا قال كم منها حرم قال قلت أربعة أشهر قال فشهر رمضان منها قال قلت لا قال إن في شهر رمضان ليلة أفضل من ألف شهر إنا أهل البيت لا يقاس بنا أحد
ختص، ]الإختصاص[ جعفر بن الحسين عن ابن الوليد عن سعد عن أيوب بن نوح مثله
23- كش، ]رجال الكشي[ أحمد بن علي الشلولي عن الحسن بن حماد عن أبي عبد الله البرقي عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي حكيم عن أبي خديجة الجمال عن أبي عبد الله ع قال دخل أبو ذر على رسول الله ص و معه جبرئيل فقال جبرئيل من هذا يا رسول الله قال أبو ذر قال أما إنه في السماء أعرف منه في الأرض و سله عن كلمات يقولهن إذا أصبح قال فقال يا أبا ذر كلمات تقولهن إذا أصبحت فما هن قال أقول يا رسول الله اللهم إني أسألك الإيمان بك و التصديق بنبيك و العافية من جميع البلاء و الشكر على العافية و الغنى عن الناس
24- كش، ]رجال الكشي[ حمدويه و إبراهيم ابنا نصير عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن عمرو بن سعيد عن عبد الملك بن أبي ذر الغفاري قال بعثني أمير المؤمنين ع يوم مزق عثمان المصاحف فقال لي ادع أباك فجاء أبي إليه مسرعا فقال يا با ذر أتى اليوم في الإسلام أمر عظيم مزق كتاب الله و وضع فيه الحديد و حق على الله أن يسلط الحديد على من مزق كتابه بالحديد فقال أبو ذر سمعت رسول الله ص يقول إن أهل الجبرية من بعد موسى قاتلوا أهل النبوة فظهروا عليهم فقتلوهم زمانا طويلا ثم إن الله بعث فتية فهاجروا إلى غير آبائهم فقاتلتهم فقتلوهم و أنت بمنزلتهم يا علي فقال علي ع قتلتني يا با ذر فقال أبو ذر أما و الله لقد علمت أنه سيبدأ بك
25- كش، ]رجال الكشي[ بالإسناد المتقدم عن عاصم بن حميد عن فضيل الرسان عن أبي عمر عن حذيفة بن أسيد قال سمعت أبا ذر يقول و هو متعلق بحلقة باب الكعبة أنا جندب لمن عرفني و أنا أبو ذر بن جنادة لمن لم يعرفني إني سمعت رسول الله ص و هو يقول من قاتلني في الأولى و في الثانية فهو في الثالثة من شيعة الدجال إنما مثل أهل بيتي في هذه الأمة مثل سفينة نوح في لجة البحر من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق ألا هل بلغت
بيان لعل المراد بالثانية الخروج على أمير المؤمنين ع
26- أقول قال السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب الفصول قال الشيخ رحمه الله قال أبو مخنف و أخبرني عبد الملك بن نوفل عن أبي سعيد المغيري قال لما انصرف علي ع من تشييع أبي ذر استقبله الناس فقالوا يا أبا الحسن غضب عليك عثمان لتشييعك أبا ذر فقال علي ع غضب الخيل على صم اللجم
قال و حدثني الصلت عن زيد بن كثير عن أبي أمامة قال كتب أبو ذر إلى حذيفة بن اليمان يشكو إليه ما صنع به عثمان بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أما بعد يا أخي فخف الله مخافة يكثر منها بكاء عينيك و حرر قلبك و سهر ليلك و انصب بدنك في طاعة ربك فحق لمن علم أن النار مثوى من سخط الله عليه أن يطول بكاؤه و نصبه و سهر ليله حتى يعلم أنه قد رضي الله عنه و حق لمن علم أن الجنة مثوى من رضي الله عنه أن يستقبل الحق كي يفوز بها و يستصغر في ذات الله الخروج من أهله و ماله و قيام ليله و صيام نهاره و جهاد الظالمين الملحدين بيده و لسانه حتى يعلم أن الله أوجبها له و ليس بعالم ذلك دون لقاء ربه و كذلك ينبغي لكل من رغب في جوار الله و مرافقة أنبيائه أن يكون يا أخي أنت ممن أستريح إلى الضريح إليه بثي و حزني و أشكو إليه تظاهر الظالمين علي إني رأيت الجور يعمل به بعيني و سمعته يقال فرددته فحرمت العطاء و سيرت إلى البلاد و غربت عن العشيرة و الإخوان و حرم الرسول ص و أعوذ بربي العظيم أن يكون هذا مني له شكوى إن ركب مني ما ركب بل أنبأتك أني قد رضيت ما أحب لي ربي و قضاه علي و أفضيت ذلك إليك لتدعو الله لي و لعامة المسلمين بالروح و الفرج و بما هو أعم نفعا و خير مغبة و عقبى و السلام. فكتب إليه حذيفة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أما بعد يا أخي فقد بلغني كتابك تخوفني به و تحذرني فيه منقلبي و تحثني فيه على حظ نفسي فقديما يا أخي كنت بي و بالمؤمنين حفيا لطيفا و عليهم حدبا شفيقا و لهم بالمعروف آمرا و عن المنكرات ناهيا و ليس يهدي إلى رضوان الله إلا هو لا إله إلا هو و لا يتناهى من سخطه إلا بفضل رحمته و عظيم منه فنسأل الله ربنا لأنفسنا و خاصتنا و عامتنا و جماعة أمتنا مغفرة عامة و رحمة واسعة و قد فهمت ما ذكرت من تسييرك يا أخي و تغريبك و تطريدك فعز و الله علي يا أخي ما وصل إليك من مكروه و لو كان يفتدى ذلك بمال لأعطيت فيه مالي طيبة بذلك نفسي يصرف الله عنك بذلك المكروه و الله لو سألت لك المواساة ثم أعطيتها لأحببت احتمال شطر ما نزل بك و مواساتك في الفقر و الأذى و الضرر لكنه ليس لأنفسنا إلا ما شاء ربنا يا أخي فافزع بنا إلى ربنا و لنجعل إليه رغبتنا فإنا قد استحصدنا و اقترب الصرام فكأني و إياك قد دعينا فأجبنا و عرضنا على أعمالنا فاحتجنا إلى ما أسلفنا يا أخي و لا تأس على ما فاتك و لا تحزن على ما أصابك و احتسب فيه الخير و ارتقب فيه من الله أسنى الثواب يا أخي لا أرى الموت لي و لك إلا خيرا من البقاء فإنه قد أظلتنا فتن يتلو بعضها بعضا كقطع الليل المظلم قد ابتعثت من مركبها و وطئت في حطامها تشهر فيها السيوف و ينزل فيها الحتوف فيها يقتل من اطلع لها و التبس بها و ركض فيها و لا تبقى قبيلة من قبائل العرب من الوبر و المدر إلا دخلت عليهم فأعز أهل ذلك الزمان أشدهم عتوا و أذلهم أتقاهم فأعاذنا الله و إياك من زمان هذه حال أهله فيه لن أدع الدعاء لك في القيام و القعود و الليل و النهار و قد قال الله و لا خلف لموعوده ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ فنستجير بالله من التكبر عن عبادته و الاستنكاف عن طاعته جعل الله لنا و لك فرجا و مخرجا عاجلا برحمته و السلام عليك. بيان قوله على صم اللجم الصم جمع الأصم و يقال حجر أصم أي صلب مصمت و المراد هنا الحديدة الصلبة التي تكون في اللجام تدخل في فم الفرس قوله و حرر قلبك أي من رق الشهوات و مغبة الأمر بالفتح عاقبته و يقال هو حفي بفلان أي يسر به و يكثر السؤال عن حاله و الحدب المتعطف و استحصد الزرع حان أن يحصد و الصرام قطع الثمرة
27- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر ع قال قال أتى أبا ذر رجل يبشره بغنم له قد ولدت فقال يا با ذر أبشر فقد ولدت غنمك و كثرت فقال ما يسرني كثرتها و ما أحب ذلك فما قل و كفى أحب إلي مما كثر و ألهى إني سمعت رسول الله ص يقول على حافتي الصراط يوم القيامة الرحم و الأمانة فإذا مر عليه الوصول للرحم المؤدي للأمانة لم يتكفأ به في النار
-28 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن محبوب عن الثمالي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قال إن أبا ذر عير رجلا على عهد النبي ص بأمه فقال له يا ابن السوداء و كانت أمه سوداء فقال له رسول الله ص تعيره بأمه يا با ذر قال فلم يزل أبو ذر يمرغ وجهه في التراب و رأسه حتى رضي رسول الله ص عنه
29- كش، ]رجال الكشي[ محمد بن مسعود و محمد بن الحسن البرياني عن إبراهيم بن محمد بن فارس عن ابن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن الحسين بن المختار عن زيد الشحام قال سمعت أبا عبد الله ع يقول طلب أبو ذر رسول الله ص فقيل إنه في حائط كذا و كذا فتوجه في طلبه فوجده نائما فأعظمه أن ينبهه فأراد أن يستبرئ نومه من يقظته فتناول عسيبا يابسا فكسره ليسمعه صوته ليستبرئ نومه فسمعه رسول الله ص فرفع رأسه فقال يا با ذر تخدعني أ ما علمت أني أرى أعمالكم في منامي كما أراكم في يقظتي إن عيني تنامان و لا ينام قلبي
30- نهج، ]نهج البلاغة[ و من كلامه ع لأبي ذر لما أخرج إلى الربذة يا با ذر إنك غضبت لله فارج من غضبت له إن القوم خافوك على دنياهم و خفتهم على دينك فاترك في أيديهم ما خافوك عليه و اهرب منهم بما خفتهم عليه فما أحوجهم إلى ما منعتهم و أغناك عما منعوك و ستعلم من الرابح غدا و الأكثر حسدا و لو أن السماوات و الأرض كانتا على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا لا يؤنسنك إلا الحق و لا يوحشنك إلا الباطل فلو قبلت دنياهم لأحبوك و لو قرضت منها لآمنوك
بيان قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح هذا الكلام قد روى هذا الكلام أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة عن عبد الرزاق عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال لما أخرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس أن لا يكلم أحد أبا ذر و لا يشيعه و أمر مروان بن الحكم أن يخرج به فتحاماه الناس إلا علي بن أبي طالب ع و عقيلا أخاه و حسنا و حسينا ع و عمار بن ياسر فإنهم خرجوا معه يشيعونه فجعل الحسن ع يكلم أبا ذر فقال له مروان إيها يا حسن أ لا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام ذلك الرجل فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك فحمل علي ع على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته و قال تنح لحاك الله إلى النار فرجع مروان مغضبا إلى عثمان فأخبره الخبر فتلظى على علي ع و وقف أبو ذر فودعه القوم و معه ذكوان مولى أم هانئ بنت أبي طالب قال ذكوان فحفظت كلام القوم و كان حافظا
فقال علي ع يا با ذر إنك غضبت لله إن القوم خافوك على دنياهم و خفتهم على دينك فامتحنوك بالقلا و نفوك إلى الفلا و الله لو كانت السماوات و الأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل له منهما مخرجا يا با ذر لا يؤنسنك إلا الحق و لا يوحشنك إلا الباطل ثم قال لأصحابه ودعوا عمكم و قال لعقيل ودع أخاك
فتكلم عقيل فقال ما عسى أن نقول يا با ذر أنت تعلم أنا نحبك و أنت تحبنا فاتق الله فإن التقوى نجاة و اصبر فإن الصبر كرم و اعلم أن استثقالك الصبر من الجزع و استبطاءك العافية من اليأس فدع اليأس و الجزع
ثم تكلم الحسن ع فقال يا عماه لو لا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت و للمشيع أن ينصرف لقصر الكلام و إن طال الأسف و قد أتى القوم إليك ما ترى فضع عنك الدنيا بتذكر فراقها و شدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها و اصبر حتى تلقى نبيك ص و هو عنك راض
ثم تكلم الحسين ع فقال يا عماه إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى و الله كل يوم في شأن و قد منعك القوم دنياهم و منعتهم دينك فما أغناك عما منعوك و أحوجهم إلى ما منعتهم فاسأل الله الصبر و النصر و استعذ به من الجشع و الجزع فإن الصبر من الدين و الكرم و إن الجشع لا يقدم رزقا و الجزع لا يؤخر أجلا
ثم تكلم عمار رحمه الله مغضبا فقال لا آنس الله من أوحشك و لا آمن من أخافك أما و الله لو أردت دنياهم لآمنوك و لو رضيت أعمالهم لأحبوك و ما منع الناس أن يقولوا بقولك إلا الرضا بالدنيا و الجزع من الموت و مالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه و الملك لمن غلب فوهبوا لهم دينهم و منحهم القوم دنياهم فخسروا الدنيا و الآخرة أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ. فبكى أبو ذر رحمه الله و كان شيخا كبيرا و قال رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله ص ما لي بالمدينة سكن و لا شجن غيركم إني ثقلت على عثمان بالحجاز كما ثقلت على معاوية بالشام و كره أن أجاور أخاه و ابن خاله بالمصرين فأفسد الناس عليهما فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر و لا دافع إلا الله و الله ما أريد إلا الله صاحبا و ما أخشى مع الله وحشة. و رجع القوم إلى المدينة
فجاء علي ع إلى عثمان فقال له ما حملك على رد رسولي و تصغير أمري فقال علي ع أما رسولك فأراد أن يرد وجهي فرددته و أما أمرك فلم أصغره قال أ ما بلغك نهيي عن كلام أبي ذر قال أ و كل ما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه قال عثمان أقد مروان من نفسك قال مم ذا قال من شتمه و جذب راحلته قال أما الراحلة فراحلتي بها و أما شتمه إياي فو الله لا يشتمني شتمة إلا شتمتك لا أكذب عليك فغضب عثمان و قال لم لا يشتمك كأنك خير منه قال علي ع إي و الله و منك ثم قام فخرج فأرسل عثمان إلى وجوه المهاجرين و الأنصار و إلى بني أمية يشكو إليهم عليا ع فقال القوم أنت الوالي عليه و إصلاحه أجمل قال وددت ذاك فأتوا عليا ع و قالوا لو اعتذرت إلى مروان و أتيته فقال كلا أما مروان فلا آتيه و لا أعتذر إليه و لكن إن أحب عثمان أتيته فرجعوا إلى عثمان فأخبروه فأرسل إليه فأتاه و معه بنو هاشم فتكلم علي ع فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أما ما وجدت علي فيه من كلام أبي ذر و وداعه فو الله ما أردت مناواتك و لا الخلاف عليك و لكن أردت به قضاء حقه و أما مروان فإنه اعترض يريد ردي عن قضاء حق الله عز و جل فرددته رد مثلي مثله و أما ما كان مني إليك فإنك أغضبتني فأخرج الغضب مني ما لم أرده
فتكلم عثمان فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أما ما كان منك إلي فقد وهبته لك و أما ما كان منك إلى مروان فقد عفا الله عنك و أما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق فأدن يدك فأخذ يده فضمها إلى صدره فلما نهض قالت قريش و بنو أمية لمروان أنت رجل جبهك علي فضرب راحلتك و قد تفانت وائل في ضرع ناقة و ربيان و عبس في لطمة فرس و الأوس و الخزرج في نسعة أ فتحمل لعلي ع ما أتى إليك فقال مروان و الله لو أردت ذلك لما قدرت عليه. و اعلم أن الذي عليه أكثر أرباب السير و علماء الأخبار و النقل أن عثمان نفى أبا ذر أولا إلى الشام ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام و أصل هذه الواقعة أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم و غيره بيوت الأموال و اختص زيد بن ثابت بشيء منها جعل أبو ذر يقول بين الناس و في الطرقات و الشوارع بشر الكافرين بِعَذابٍ أَلِيمٍ و يرفع بذلك صوته و يتلو قوله تعالى وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ فرفع ذلك إلى عثمان مرارا و هو ساكت ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه أن انته عما بلغني عنك فقال أبو ذر أ ينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله تعالى و عيب من ترك أمر الله فو الله لأن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي و خير لي من أن أسخط الله برضى عثمان فأغضب عثمان ذلك و أحفظه فتصابر و تماسك إلى أن قال عثمان يوما و الناس حوله أ يجوز للإمام أن يأخذ من بيت المال شيئا قرضا فإذا أيسر قضى فقال كعب الأحبار لا بأس بذلك فقال أبو ذر يا ابن اليهوديين أ تعلمنا ديننا فقال عثمان قد كثر أذاك لي و تولعك بأصحابي الحق بالشام فأخرجه إليها فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها فبعث إليهمعاوية يوما ثلاثمائة دينار فقال أبو ذر لرسوله إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا قبلتها و إن كانت صلة فلا حاجة لي فيها و ردها عليه ثم بنى معاوية الخضراء بدمشق فقال أبو ذر يا معاوية إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة و إن كانت من مالك فهي الإسراف و كان أبو ذر يقول بالشام و الله لقد حدثت أعمال ما أعرفها و الله ما هي في كتاب الله و لا سنة نبيه إني لأرى حقا يطفأ و باطلا يحيا و صادقا مكذبا و أثرة بغير تقى و صالحا مستأثرا عليه فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله إن كان لك فيه حاجة. و روى أبو عثمان الجاحظ عن جلام بن جندل الغفاري قال كنت عاملا لمعاوية على قنسرين و العواصم في خلافة عثمان فجئت إليه يوما أسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخا على باب داره يقول أتتكم القطار بحمل النار اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له فازبأر معاوية و تغير لونه و قال يا جلام أ تعرف الصارخ فقلت اللهم لا قال من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ثم قال أدخلوه فجيء بأبي ذر بين قوم يقودونه حتى وقف بين يديه فقال له معاوية يا عدو الله و عدو رسوله تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع أما إني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك و لكني أستأذن فيك قال جلام و كنت أحب أن أرى أبا ذر لأنه رجل من قومي فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره حناء فأقبل على معاوية و قال ما أنا بعدو لله و لا لرسوله بل أنت و أبوك عدوان لله و لرسوله أظهرتما الإسلام و أبطنتما الكفر و لقد لعنك رسول الله ص و دعا عليك مرات أن لا تشبع
سمعت رسول الله ص يقول إذا ولي الأمة الأعين الواسع البلعوم الذي يأكل و لا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه
فقال معاوية ما أنا ذلك الرجل قال أبو ذر بل أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله ص
و سمعته يقول و قد مررت به اللهم العنه و لا تشبعه إلا بالتراب
و سمعته يقول أسيت معاوية في النار
فضحك معاوية و أمر بحبسه و كتب إلى عثمان فيه فكتب عثمان إلى معاوية أن احمل جنيدبا إلي على أغلظ مركب و أوعره فوجه به من سار به الليل و النهار و حمله على شارف ليس عليها إلا قتب حتى قدم به المدينة و قد سقط لحم فخذيه من الجهد فلما قدم بعث إليه عثمان أن الحق بأي أرض شئت قال بمكة قال لا قال ببيت المقدس قال لا قال بأحد المصرين قال لا قال و لكني مسيرك إلى الربذة فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات. و في رواية الواقدي أن أبا ذر لما دخل على عثمان قال له
لا أنعم الله بقين عينا نعم و لا لقاه يوما زيناتحية السخط إذا التقينا
. فقال أبو ذر ما عرفت اسمي قينا. و في رواية أخرى لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب فقال أبو ذر أنا جندب و سماني رسول الله ص عبد الله فاخترت اسم رسول الله ص الذي سماني به على اسمي فقال له عثمان أنت الذي تزعم أنا نقول يد الله مغلولة و أن الله فقير و نحن أغنياء فقال أبو ذر لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال الله على عباده
و لكني أشهد لسمعت رسول الله ص يقول إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا و عباده خولا
فقال عثمان لمن حضر أ سمعتموها من رسول الله ص قالوا لا قال عثمان ويلك يا أبا ذر أ تكذب على رسول الله ص فقال أبو ذر لمن حضر ما تدرون أني صدقت قالوا لا و الله ما ندري فقال عثمان ادعوا لي عليا فلما جاء قال عثمان لأبي ذر اقصص عليه حديثك في بني أبي العاص فأعاده فقال عثمان لعلي ع أ سمعت هذا من رسول الله ص قال لا و صدق أبو ذر فقال كيف عرفت صدقه
قال لأني سمعت رسول الله ص يقول ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر
فقال من حضر أما هذا فسمعناه كلنا من رسول الله ص فقال أبو ذر أحدثكم أني سمعت هذا من رسول الله ص فتتهموني ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد ص. و في خبر آخر بإسناده عن صهبان مولى الأسلميين قال رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان فقال له أنت الذي فعلت و فعلت فقال أبو ذر نصحتك فاستغششتني و نصحت صاحبك فاستغشني قال عثمان كذبت و لكنك تريد الفتنة و تحبها قد أنغلت الشام علينا فقال له أبو ذر اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام فقال عثمان ما لك و ذلك لا أم لك قال أبو ذر ما وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فغضب عثمان و قال أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله فإنه قد فرق جماعة المسلمين أو أنفيه من أرض الإسلام
فتكلم علي ع و كان حاضرا فقال أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون وَ إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ
فأجابه عثمان بجواب غليظ و أجابه علي ع بمثله و لم يذكر الجوابين تذمما منهما. قال الواقدي ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر أو يكلموه فمكث كذلك أياما ثم أتى به فوقف بين يديه فقال أبو ذر ويحك يا عثمان أ ما رأيت رسول الله ص و رأيت أبا بكر و عمر هل هديك كهديهم أما إنك لتبطش بي بطش جبار فقال عثمان اخرج عنا من بلادنا فقال أبو ذر ما أبغض إلي جوارك فإلى أين أخرج قال حيث شئت قال أخرج إلى الشام أرض الجهاد قال إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها أ فأردك إليها قال أ فأخرج إلى العراق قال لا إنك إن تخرج إليها تقدم على قوم أولي شبه و طعن على الأئمة و الولاة قال أ فأخرج إلى مصر قال لا قال فإلى أين أخرج قال إلى البادية قال أبو ذر أصير بعد الهجرة أعرابيا قال نعم قال أبو ذر فأخرج إلى بادية نجد قال عثمان بل إلى الشرف الأبعد فأقصى امض على وجهك هذا فلا تعدون فخرج إليها. و روى الواقدي أيضا عن مالك بن أبي الرجا عن موسى بن ميسرة أن أبا الأسود الدؤلي قال كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه إلى الربذة فجئته فقلت له أ لا تخبرني أ خرجت من المدينة طائعا أم أخرجت فقال كنت في ثغر من ثغور المسلمين أغني عنهم فأخرجت إلى المدينة فقلت دار هجرتي فأخرجت من المدينة إلى ما ترى ثم قال بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد على عهد رسول الله ص إذ مر بي ص فضربني برجله و قال لا أراك نائما في المسجد فقلت بأبي أنت و أمي غلبتني عيني فنمت فيه قال فكيف تصنع إذا أخرجوك منه قلت آخذ سيفي فأضربهم به فقال أ لا أدلك على خير من ذلك انسق معهم حيث ساقوك و تسمع و تطيع فسمعت و أطعت و أنا أسمع و أطيع و الله ليلقين الله عثمان و هو آثم في جنبي انتهى كلامه و إنما أوردته بطوله لتعلم أن قبائح أعمال عثمان و طغيانه على أبي ذر و غيره متواتر بين الفريقين. بيان يقال لحاه الله أي قبحه و لعنه و ازبأر الكلب تنفش و الرجل للشر تهيأ و الضرب بالفتح الرجل الخفيف اللحم و البلعوم بالضم مجرى الطعام في الحلق و أسيت كأنه تصغير الاست و الشارف من النوق المسنة الهرمة و أنغله أفسده و في القاموس الشرف المكان العالي و جبل قرب جبل شريف و الربذة و الشرف الأعلى جبل قرب زبيد. أقول قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة روى أبو عمرو بن عبد البر في كتاب الإستيعاب لما حضر أبا ذر الوفاة و هو بالربذة بكت زوجته أم ذر قالت فقال لي ما يبكيك فقلت ما لي لا أبكي و أنت تموت بفلاة من الأرض و ليس عندي ثوب يسعك كفنا و لا بد لي من القيام بجهازك فقال أبشري و لا تبكي
فإني سمعت رسول الله ص يقول لا يموت بين امرءين مسلمين ولدان أو ثلاث فيصبران و يحتسبان فيريان النار أبدا
و قد مات لنا ثلاثة من الولد
و سمعت أيضا رسول الله ص يقول لنفر أنا فيهم ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين
و ليس من أولئك النفر أحد إلا و قد مات في قرية و جماعة فأنا لا أشك أني ذلك الرجل و الله ما كذبت و لا كذبت فانظري الطريق قالت أم ذر فقلت أنى و قد ذهب الحاج و تقطعت الطرق فقال اذهبي فتبصري قالت فكنت أشتد إلى الكثيب فأصعد فأنظر ثم أرجع إليه فأمرضه فبينا أنا و هو على هذه الحال إذا أنا برجال على ركابهم كأنهم الرحم تخب بهم رواحلهم فأسرعوا إلي حتى وقفوا علي و قالوا يا أمة الله ما لك فقلت امرؤ من المسلمين يموت تكفنونه قالوا و من هو قلت أبو ذر قالوا صاحب رسول الله ص قلت نعم ففدوه بآبائهم و أمهاتهم و أسرعوا إليه حتى دخلوا عليه فقال لهم أبشروا
فإني سمعت رسول الله ص يقول لنفر أنا فيهم ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين
و ليس من أولئك النفر أحد إلا و قد هلك في قرية و جماعة و الله ما كذبت و لا كذبت و لو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي لم أكفن إلا في ثوب لي أو لها و إني أنشدكم الله أن يكفني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا قالت و ليس في أولئك النفر أحد إلا و قد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار قال له أنا أكفنك يا عم في ردائي هذا و ثوبين معي في عيبتي من غزل أمي فقال أبو ذر أنت تكفنني فمات فكفنه الأنصاري و غسله في النفر الذين حضروه و قاموا عليه و دفنوه في نفر كلهم يمان. قال أبو عمرو بن عبد البر قبل أن يروي هذا الحديث كان النفر الذين حضروا موت أبي ذر الربذة مصادفة جماعة منهم حجر بن عدي الذي قتله معاوية و هو من أعلام الشيعة و عظمائها و أما الأشتر فهو أشهر في الشيعة من أبي الهذيل في المعتزلة و قرئ كتاب الإستيعاب على شيخنا عبد الوهاب بن سكينة المحدث و أنا حاضر فلما انتهى القارئ إلى هذا الخبر قال أستادي عمرو بن عبد الله الدباس و كنت أحضر معه سماع الحديث لتقل الشيعة بعد هذا ما شاءت فما قال المرتضى و المفيد إلا بعض ما كان حجر و الأشتر يعتقدانه في عثمان و من تقدمه فأشار الشيخ إليه بالسكوت فسكت انتهى كلامه بلفظه. فانظر فيه ببصيرة تزدد يقينا. أقول و قال ابن عبد البر بعد نقل الرواية الطويلة روى عنه جماعة من الصحابة و كان من أوعية العلم المبرزين في الزهد و الورع و القول بالحق
سئل علي ع عن أبي ذر فقال ذلك رجل وعى علما عجز عنه الناس ثم أوكأ عليه و لم يخرج شيئا منه
و روي عن النبي ص أنه قال أبو ذر في أمتي شبيه عيسى ابن مريم في زهده
و بعضهم يرويه من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذر
و عن أبي ذر قال كان قوتي على عهد رسول الله ص صاعا من تمر فلست بزائد عليه حتى ألقى الله
31- نوادر الراوندي، بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه ع أن أبا ذر الغفاري رضي الله عنه تمعك فرسه ذات يوم فحمحم في تمعكه فقال أبو ذر هي حسبك الآن فقد استجيب لك فاسترجع القوم و قالوا خولط أبو ذر فقال للقوم ما لكم قالوا تكلم بهيمة من البهائم فقال أبو ذر رضي الله عنه سمعت رسول الله ص يقول إذا تمعك الفرس دعا بدعوتين فيستجاب له يقول اللهم اجعلني أحب ماله إليه و الدعوة الثانية اللهم ارزقه على ظهري الشهادة و دعوتاه مستجابتان
32- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي و ابن الوليد و ابن مسرور جميعا عن ابن عامر عن عمه عن ابن أبي عمير عن مرازم بن حكيم عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع لرجل من أصحابه أ لا أخبرك كيف كان سبب إسلام سلمان و أبي ذر رحمة الله عليهما فقال الرجل و أخطأ أما إسلام سلمان فقد علمت فأخبرني كيف كان سبب إسلام أبي ذر فقال أبو عبد الله الصادق ع إن أبا ذر رحمة الله عليه كان في بطن مر يرعى غنما له إذ جاء ذئب عن يمين غنمه فهش أبو ذر بعصاه عليه فجاء الذئب عن يسار غنمه فهش أبو ذر بعصاه عليه ثم قال و الله ما رأيت ذئبا أخبث منك و لا شرا فقال الذئب شر و الله مني أهل مكة بعث الله إليهم نبيا فكذبوه و شتموه فوقع كلام الذئب في أذن أبي ذر فقال لأخته هلمي مزودي و إداوتي و عصاي ثم خرج يركض حتى دخل مكة فإذا هو بحلقة مجتمعين فجلس إليهم فإذا هم يشتمون النبي ص و يسبونه كما قال الذئب فقال أبو ذر هذا و الله ما أخبرني به الذئب فما زالت هذه حالتهم حتى إذا كان آخر النهار و أقبل أبو طالب قال بعضهم لبعض كفوا فقد جاء عمه فلما دنا منهم أكرموه و عظموه فلم يزل أبو طالب متكلمهم و خطيبهم إلى أن تفرقوا فلما قام أبو طالب تبعته فالتفت إلي فقال ما حاجتك فقلت هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه فقال له أبو ذر أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشيء إلا أطعته فقال أبو طالب تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال فقلت نعم أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ص قال فقال إذا كان غدا في هذه الساعة فأتني قال فلما كان من الغد جاء أبو ذر فإذا الحلقة مجتمعون و إذا هم يسبون النبي ص و يشتمونه كما قال الذئب فجلس معهم حتى أقبل أبو طالب فقال بعضهم لبعض كفوا فقد جاء عمه فكفوا فجاء أبو طالب فجلس فما زال متكلمهم و خطيبهم إلى أن قام فلما قام تبعه أبو ذر فالتفت إليه أبو طالب فقال ما حاجتك فقال هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه قال فقال له أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشيء إلا أطعته فقال أبو طالب تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فقال نعم أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال فرفعني إلى بيت فيه جعفر بن أبي طالب قال فلما دخلت سلمت فرد علي السلام ثم قال ما حاجتك قال فقلت هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه قلت أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشيء إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال قلت أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فرفعني إلى بيت فيه حمزة بن عبد المطلب فلما دخلت سلمت فرد علي السلام ثم قال ما حاجتك فقلت هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه قلت أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشيء إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال قلت أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال فرفعني إلى بيت فيه علي بن أبي طالب ع فلما دخلت سلمت فرد علي السلام ثم قال ما حاجتك قلت هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه قلت أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشيء إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال قلت أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال فرفعني إلى بيت فيه رسول الله ص و إذا هو نور في نور فلما دخلت سلمت فرد علي السلام ثم قال
ما حاجتك قلت هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه فقلت أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشيء إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا رسول الله قلت أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا رسول الله فقال ص أنا رسول الله يا با ذر انطلق إلى بلادك فإنك تجد ابن عم لك قد مات فخذ ماله و كن بها حتى يظهر أمري قال أبو ذر فانطلقت إلى بلادي فإذا ابن عم لي قد مات و خلف مالا كثيرا في ذلك الوقت الذي أخبرني فيه رسول الله ص فاحتويت على ماله و بقيت ببلادي حتى ظهر أمر رسول الله ص فأتيته
كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن عبد الله بن محمد عن سلمة اللؤلؤي عن رجل عن أبي عبد الله ع مثله إلى قوله هلمي مزودي و إداوتي و عصاي ثم خرج على رجليه يريد مكة ليعلم خبر الذئب و ما أتاه به فمشى حتى بلغ مكة فدخلها في ساعة حارة و قد تعب و نصب فأتى زمزم و قد عطش فاغترف دلوا فخرج له لبن فقال في نفسه هذا و الله يدلني على أن ما خبرني به الذئب و ما جئت له حق فشرب و جاء إلى جانب من جوانب المسجد فإذا حلقة من قريش فجلس إليهم فرآهم يشتمون النبي ص كما قال الذئب
أقول و ساق الحديث نحوا مما مر إلى آخره إلا أنه قدم ذكر حمزة على جعفر رضي الله عنهما. بيان بطن مر بفتح الميم موضع إلى مرحلة من مكة و هش الورق خبطه بعصا ليتحات فاستعمل هنا مجازا لأنه ضربه بآلة الهش و المزود كمنبر وعاء الزاد و الإداوة بالكسر المطهرة
33- مع، ]معاني الأخبار[ ع، ]علل الشرائع[ السناني و القطان و المكتب و الوراق و الدقاق جميعا عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبيه عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان النبي ص ذات يوم في مسجد قباء و عنده نفر من أصحابه فقال أول من يدخل عليكم الساعة رجل من أهل الجنة فلما سمعوا ذلك قام نفر منهم فخرجوا و كل واحد منهم يحب أن يعود ليكون هو أول داخل فيستوجب الجنة فعلم النبي ص ذلك منهم فقال لمن بقي عنده من أصحابه سيدخل عليكم جماعة يستبقوني فمن بشرني بخروج آزار فله الجنة فعاد القوم و دخلوا و معهم أبو ذر فقال لهم في أي شهر نحن من الشهور الرومية فقال أبو ذر قد خرج آزار يا رسول الله فقال قد علمت ذلك يا با ذر و لكن أحببت أن يعلم قومي أنك رجل من الجنة و كيف لا تكون كذلك و أنت المطرود عن حرمي بعدي لمحبتك لأهل بيتي فتعيش وحدك و تموت وحدك و يسعد بك قوم يتولون تجهيزك و دفنك أولئك رفقائي في جنة الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ
34- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الجعابي عن ابن عقدة عن أبي عوانة موسى بن يوسف عن محمد بن يحيى الأودي عن إسماعيل بن أبان عن فضيل بن الزبير عن أبي عبد الله مولى بني هاشم عن أبي سحيلة قال حججت أنا و سلمان الفارسي رحمه الله فمررنا بالربذة و جلسنا إلى أبي ذر الغفاري رحمه الله فقال لنا إنه سيكون بعدي فتنة فلا بد منها فعليكم بكتاب الله و الشيخ علي بن أبي طالب فالزموهما فأشهد على رسول الله ص أني سمعته و هو يقول علي أول من آمن بي و أول من صدقني و أول من يصافحني يوم القيامة و هو الصديق الأكبر و هو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق و الباطل و هو يعسوب المؤمنين و المال يعسوب المنافقين
كش، ]رجال الكشي[ حمدويه و إبراهيم ابنا نصير عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد عن فضيل الرسان عن أبي عبد الله عن أبي سحيلة مثله إلا أن فيه أنا و سلمان بن ربيعة
و لعله أظهر إذ عود سلمان الفارسي إلى المدينة بعد خروج أبي ذر إلى الربذة بعيد
35- مع، ]معاني الأخبار[ محمد بن أحمد بن تميم عن محمد بن إدريس الشامي عن هاشم بن عبد العزيز عن عبد الرزاق عن معمر عن الحريري عن أبي العلاء بن سحير عن نعيم بن قعنب قال أتيت الربذة ألتمس أبا ذر فقالت لي امرأة ذهب يمتهن قال فإذا أبو ذر قد أقبل يقود بعيرين قد قطر أحدهما بذنب الآخر قد علق في عنق كل واحد منهما قربة قال فقمت فسلمت عليه ثم جلست فدخل منزله و كلم امرأته بشيء فقال أ و ما تزيدين على ما قال رسول الله ص إنما المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها و فيها بلغة ثم جاء بصحفة فيها مثل القطاة فقال كل فإني صائم ثم قام فصلى ركعتين ثم جاء فأكل قال فقلت سبحان الله ما ظننت أن يكذبني من الناس فلم أظن أنك تكذبني قال و ما ذاك قلت إنك قلت لي أنا صائم ثم جئت فأكلت قال و أنا الآن أقوله إني صمت من هذا الشهر ثلاثا فوجب لي صومه و حل لي فطره
بيان المهنة الخدمة و مهنت الإبل حلبتها عند الصدر و امتهنت الشيء ابتذلته قوله أ و ما تزيدين أي لزمت ما أخبر به النبي ص فيكن من الاعوجاج لا تفارقينه و في بعض النسخ بالراء المهملة و لعله على هذا كلمة علي بتشديد الياء و في بعض النسخ أف أما تزيدين و في بعضها أف ما تزيدين و لعله أظهر أي كل ما فعلت بي لا تزيدين على ما أخبر ص فيكن قوله و فيها من تتمة كلام النبي ص أي و في المرأة بلغة و انتفاع إذا صبر الرجل على سوء خلقها و يحتمل أن يكون من كلام أبي ذر فالضمير راجع إلى الكلمة أي في تلك الكلمة بلغة و كفاية لمن عمل بالمقصود منها قوله ما ظننت كان ما بمعنى من أي كل من أظن كذبه من جملة الناس فلا أظن كذبك و يحتمل أن يكون بمعنى ما دام أي كل وقت أظن كذب أحد من الناس فلا أظن كذبك و الأول أظهر قوله فوجب لي صومه أي ثبت و لزم لي ثواب صومه
36- فس، ]تفسير القمي[ وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ الآية فإنها نزلت في أبي ذر و عثمان بن عفان و كان سبب ذلك لما أمر عثمان بنفي أبي ذر رحمه الله إلى الربذة دخل عليه أبو ذر و كان عليلا متوكيا على عصاه و بين يدي عثمان مائة ألف درهم قد حملت إليه من بعض النواحي و أصحابه حوله ينظرون إليه و يطمعون أن يقسمها فيهم فقال أبو ذر لعثمان ما هذا المال فقال عثمان مائة ألف درهم حملت إلي من بعض النواحي أريد أن أضم إليها مثلها ثم أرى فيها رأيي فقال أبو ذر يا عثمان أيما أكثر مائة ألف درهم أو أربعة دنانير فقال عثمان بل مائة ألف درهم فقال أ ما تذكر أنا و أنت و قد دخلنا على رسول الله ص عشيا فرأيناه كئيبا حزينا فسلمنا عليه فلم يرد علينا السلام فلما أصبحنا أتيناه فرأيناه ضاحكا مستبشرا فقلنا له بآبائنا و أمهاتنا دخلنا عليك البارحة فرأيناك كئيبا حزينا و عدنا إليك اليوم فرأيناك فرحا مستبشرا فقال نعم كان قد بقي عندي من فيء المسلمين أربعة دنانير لم أكن قسمتها و خفت أن يدركني الموت و هي عندي و قد قسمتها اليوم فاسترحت منها فنظر عثمان إلى كعب الأحبار فقال له يا أبا إسحاق ما تقول في رجل أدى زكاة ماله المفروضة هل يجب عليه فيما بعد ذلك فيها شيء قال لا و لو اتخذ لبنة من ذهب و لبنة من فضة ما وجب عليه شيء فرفع أبو ذر عصاه فضرب به رأس كعب ثم قال له يا ابن اليهودية الكافرة ما أنت و النظر في أحكام المسلمين قول الله أصدق من قولك حيث قال الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ فقال عثمان يا با ذر إنك شيخ خرفت و ذهب عقلك و لو لا صحبتك لرسول الله ص لقتلتك فقال كذبت يا عثمان أخبرني حبيبي رسول الله ص فقال لا يفتنونك يا أبا ذر و لا يقتلونك و أما عقلي فقد بقي منه ما أحفظ حديثا سمعته من رسول الله ص فيك و في قومك قال و ما سمعت من رسول الله ص في و في قومي قال سمعته يقول ص إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين رجلا صيروا مال الله دولا و كتاب الله دغلا و عباده خولا و الفاسقين حزبا و الصالحين حربا فقال عثمان يا معشر أصحاب محمد هل سمع أحد منكم هذا من رسول الله فقالوا لا ما سمعنا هذا فقال عثمان ادع عليا فجاء أمير المؤمنين فقال له عثمان يا أبا الحسن انظر ما يقول هذا الشيخ الكذاب فقال أمير المؤمنين ع مه يا عثمان لا تقل كذاب فإني سمعت رسول الله ص يقول ما أظلت الخضراء و ما أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر فقال أصحاب رسول الله ص صدق علي ع فقد سمعنا هذا من رسول الله ص فبكى أبو ذر عند ذلك فقال ويلكم كلكم قد مد عنقه إلى هذا المال ظننتم أني أكذب على رسول الله ص ثم نظر إليهم فقال من خيركم فقال أنت تقول إنك خيرنا قال نعم خلفت حبيبي رسول الله ص في هذه الجبة و هي علي بعد و أنتم قد أحدثتم أحداثا كثيرة و الله سائلكم عن ذلك و لا يسألني فقال عثمان يا أبا ذر أسألك بحق رسول الله ص إلا ما أخبرتني عن شيء أسألك عنه فقال أبو ذر و الله لو لم تسألني
بحق رسول الله ص أيضا لأخبرتك فقال أي البلاد أحب إليك أن تكون فيها فقال مكة حرم الله و حرم رسوله أعبد الله فيها حتى يأتيني الموت فقال لا و لا كرامة لك فقال المدينة حرم رسول الله قال لا و لا كرامة لك قال فسكت أبو ذر فقال عثمان أي البلاد أبغض إليك أن تكون فيها قال الربذة التي كنت فيها على غير دين الإسلام فقال عثمان سر إليها فقال أبو ذر قد سألتني فصدقتك و أنا أسألك فأصدقني قال نعم فقال أخبرني لو بعثتني في بعث من أصحابك إلى المشركين فأسروني فقالوا لا نفديه إلا بثلث ما تملك قال كنت أفديك قال فإن قالوا لا نفديه إلا بنصف ما تملك قال كنت أفديك قال فإن قالوا لا نفديه إلا بكل ما تملك قال كنت أفديك قال أبو ذر الله أكبر قال لي حبيبي رسول الله ص يوما يا با ذر كيف أنت إذا قيل لك أي البلاد أحب إليك أن تكون فيها فتقول مكة حرم الله و حرم رسوله أعبد الله فيها حتى يأتيني الموت فيقال لك لا و لا كرامة لك فتقول المدينة حرم رسول الله فيقال لك لا و لا كرامة لك ثم يقال لك فأي البلاد أبغض إليك أن تكون فيها فتقول الربذة التي كنت فيها على غير دين الإسلام فيقال لك سر إليها فقلت و إن هذا لكائن يا رسول الله فقال إي و الذي نفسي بيده إنه لكائن فقلت يا رسول الله أ فلا أضع سيفي هذا على عاتقي فأضرب به قدما قدما قال لا اسمع و اسكت و لو لعبد حبشي و قد أنزل الله فيك و في عثمان آية فقلت و ما هي يا رسول الله فقال قوله تبارك تعالى وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَ تُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
بيان قوله فلم يرد علينا لعل المعنى كما يرد قبل ذلك على جهة البشاشة و البشر و قال في النهاية في أشراط الساعة إذا كان المغنم دولا جمع دولة بالضم و هو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم و قال الدخل بالتحريك العيب و الغش و الفساد و منه حديث أبي هريرة إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان دين الله دخلا و حقيقته أن يدخلوا في الدين أمورا لم تجر بها السنة و فيه أيضا كان عباد الله خولا أي خدما و عبيدا يعني أنهم يستخدمونهم و يستعبدونهم و قال مضى قدما بضمتين أي لم يعرج و لم ينثن
37- فس، ]تفسير القمي[ كان أبو ذر تخلف عن رسول الله ص في غزوة تبوك ثلاثة أيام و ذلك أن جمله كان أعجف فلحق بعد ثلاثة أيام و وقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه و حمل ثيابه على ظهره فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل فقال رسول الله ص كأن أبا ذر فقالوا هو أبو ذر فقال رسول الله ص أدركوه بالماء فإنه عطشان فأدركوه بالماء و وافى أبو ذر رسول الله ص و معه إداوة فيها ماء فقال رسول الله ص يا با ذر معك ماء و عطشت فقال نعم يا رسول الله بأبي أنت و أمي انتهيت إلى صخرة و عليها ماء السماء فذقته فإذا هو عذب بارد فقلت لا أشربه حتى يشربه حبيبي رسول الله ص فقال رسول الله ص يا أبا ذر رحمك الله تعيش وحدك و تموت وحدك و تبعث وحدك و تدخل الجنة وحدك يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك و تجهيزك و الصلاة عليك و دفنك فلما سير به عثمان إلى الربذة فمات بها ابنه ذر وقف على قبره فقال رحمك الله يا ذر لقد كنت كريم الخلق بارا بالوالدين و ما علي في موتك من غضاضة و ما لي إلى غير الله من حاجة و قد شغلني الاهتمام لك عن الاغتمام بك و لو لا هول المطلع لأحببت أن أكون مكانك فليت شعري ما قالوا لك و ما قلت لهم ثم قال اللهم إنك فرضت لك عليه حقوقا و فرضت لي عليه حقوقا فإني قد وهبت له ما فرضت عليه من حقوقي فهب له ما فرضت عليه من حقوقك فإنك أولى بالحق و أكرم مني و كانت لأبي ذر غنيمات يعيش هو و عياله منها فأصابها داء يقال لها النقاب فماتت كلها فأصاب أبا ذر و ابنته الجوع و ماتت أهله فقالت ابنته أصابنا الجوع و بقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا فقال لي أبي يا بنية قومي بنا إلى الرمل نطلب القت و هو نبت له حب فصرنا إلى الرمل فلم نجد شيئا فجمع أبي رملا و وضع رأسه عليه و رأيت عينيه قد انقلبت فبكيت فقلت له يا أبة كيف أصنع بك و أنا وحيدة فقال يا بنتي لا تخافي فإني إذا مت جاءك من أهل العراق من يكفيك أمري فإني أخبرني حبيبي رسول الله ص في غزوة تبوك فقال لي يا با ذر تعيش وحدك و تموت وحدك و تبعث وحدك و تدخل الجنة وحدك يسعد بك أقوام من أهل العراق يتولون غسلك و تجهيزك و دفنك فإذا أنا مت فمدي الكساء على وجهي ثم اقعدي على طريق العراق فإذا أقبل ركب فقومي إليهم و قولي هذا أبو ذر صاحب رسول الله ص قد توفي قالت فدخل إليه قوم من أهل الربذة فقالوا يا أبا ذر ما تشتكي قال ذنوبي قالوا فما تشتهي قال رحمة ربي قالوا هل لك بطبيب قال الطبيب أمرضني قالت ابنته فلما عاين سمعته يقول مرحبا بحبيب أتى على فاقة لا أفلح من ندم اللهم خنقني خناقك فو حقك إنك لتعلم أني أحب لقاءك قالت ابنته فلما مات مددت الكساء على وجهه ثم قعدت على طريق العراق فجاء نفر فقلت لهم يا معشر المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله ص قد توفي فنزلوا و مشوا يبكون فجاءوا فغسلوه و كفنوه و دفنوه و كان فيهم الأشتر فروي أنه قال كفنته في حلة كانت معي قيمتها أربعة آلاف درهم فقالت ابنته فكنت أصلي بصلاته و أصوم بصيامه فبينا أنا ذات ليلة نائمة عند قبره إذ سمعته يتهجد بالقرآن في نومي كما كان يتهجد به في حياته فقلت يا أبة ما ذا فعل بك ربك قال يا بنتي قدمت على رب كريم رضي عني و رضيت عنه و أكرمني و حياني فاعملي و لا تغتري
بيان العجف الهزال و الغضاضة الذلة و المنقصة قوله يقال لها النقاب قال الفيروزآبادي النقب قرحة تخرج في الجنب و في بعض النسخ بالزاء المعجمة قال الفيروزآبادي النقاز كغراب داء للماشية شبيه بالطاعون قوله خنقني هو طلب للموت
38- فس، ]تفسير القمي[ لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين و الأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة قال الصادق ع هكذا نزلت و هم أبو ذر و أبو خيثمة و عمرو بن وهب الذين تخلفوا ثم لحقوا برسول الله ص
39- ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن هاشم عن يحيى بن أبي عمران عن يونس عمن رواه عن أبي عبد الله ع قال كان أكثر عبادة أبي ذر رحمة الله عليه التفكر و الاعتبار
40- ل، ]الخصال[ أبي عن محمد العطار عن الحسين بن إسحاق التاجر عن علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه ع قال بكى أبو ذر رحمة الله عليه من خشية الله عز و جل حتى اشتكى بصره فقيل له يا أبا ذر لو دعوت الله أن يشفي بصرك فقال إني عنه لمشغول و ما هو من أكبر همي قالوا و ما يشغلك عنه قال العظيمتان الجنة و النار
-41 ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن موسى بن بكر عن العبد الصالح ع مثله
كش، ]رجال الكشي[ علي بن محمد القتيبي عن الفضل بن شاذان عن أبيه عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر مثله
42- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن أحمد الهمداني عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ دخل أبو ذر عليلا متوكيا على عصاه على عثمان و عنده مائة ألف درهم حملت إليه من بعض النواحي فقال إني أريد أن أضم إليها مثلها ثم أرى فيها رأيي فقال أبو ذر أ تذكر إذ رأينا رسول الله ص حزينا عشاء فقال بقي عندي من فيء المسلمين أربعة دراهم لم أكن قسمتها ثم قسمها فقال الآن استرحت فقال عثمان لكعب الأحبار ما تقول في رجل أدى زكاة ماله هل يجب بعد ذلك شيء قال لا لو اتخذ لبنة من ذهب و لبنة من فضة فقال أبو ذر رضي الله عنه يا ابن اليهودية ما أنت و النظر في أحكام المسلمين فقال عثمان لو لا صحبتك لقتلتك ثم سيره إلى الزبدة
43- شف، ]كشف اليقين[ أحمد بن مردويه عن محمد بن علي بن رحيم عن الحسن بن الحكم الخيري عن سعد بن عثمان الخزاز عن أبي مريم عن داود بن أبي عوف عن معاوية بن ثعلبة الليثي قال أ لا أحدثك بحديث لم يختلط قلت بلى قال مرض أبو ذر فأوصى إلى علي ع فقال بعض من يعوده لو أوصيت إلى أمير المؤمنين عمر كان أجمل لوصيتك من علي قال و الله لقد أوصيت إلى أمير المؤمنين حق أمير المؤمنين و الله إنه للربيع الذي يسكن إليه و لو قد فارقكم لقد أنكرتم الناس و أنكرتم الأرض قال قلت يا أبا ذر إنا لنعلم أن أحبهم إلى رسول الله ص أحبهم إليك قال أجل قلنا فأيهم أحب إليك قال هذا الشيخ المظلوم المضطهد حقه يعني علي بن أبي طالب
44- شف، ]كشف اليقين[ ابن مردويه عن أحمد بن محمد بن عاصم عن عمران بن عبد الرحيم عن أبي الصلت الهروي عن يحيى بن يمان عن سفيان الثوري عن داود بن أبي عوف عن معاوية بن ثعلبة قال دخلنا على أبي ذر رضي الله عنه نعوده في مرضه الذي مات فيه فقلنا أوص يا أبا ذر قال قد أوصيت قلنا إلى من قال إلى أمير المؤمنين قال قلنا عثمان قال لا و لكن إلى أمير المؤمنين حقا أمير المؤمنين و الله إنه لربي الأرض و إنه لرباني هذه الأمة و لو قد فقدتموه لأنكرتم الأرض و من عليها
بيان الربي و الرباني كلاهما منسوبان إلى الرب أي العالم الراسخ في العلم و الدين و سيأتي في أكثر الروايات أنه لزر الأرض بالزاء المكسورة المعجمة ثم الراء المشددة المهملة قال في النهاية في حديث أبي ذر قال يصف عليا إنه لعالم الأرض و زرها الذي تسكن إليه أي قوامها و قد مر في باب سلمان أيضا
45- يج، ]الخرائج و الجرائح[ عن أبي عبد الله ع قال قال الناس في غزاة تبوك تخلف أبو ذر فنزل النبي ص فلم يبرح مكانه حتى أصبح ثم جعل يرمق الطريق حتى طلع أبو ذر يحمل أشياءه على عاتقه قال و قد تخلف عنه بعيره فتلوم عليه فلما أبطأ عليه أخذ متاعه و مضى قال هذا أبو ذر ثم قال النبي ص أبو ذر يمشي وحده و يحيا وحده و يموت وحده و يبعث وحده اسقوه فإنه عطشان فقلنا يا رسول الله هذه إداوة معلقة معه بعصا مملوة ماء قال فالتفت و قال و إياكم أن تقتلوه عطشا اسقوه فإنه عطشان قال أبو قتادة فأخذت قدحي فملأته ثم سعيت به نحوه حتى لقيته فبرك على ركبتيه ثم شرب حتى أتى عليه فقلت رحمك الله أ بلغ منك العطش ما أرى و هذه إداوة معك مملوة ماء قال إني مررت على نضحة من السماء فأودعتها إداوتي و قلت أسقيها رسول الله ص
بيان تلوم في الأمر تمكث و انتظر
46- سن، ]المحاسن[ ابن فضال عن أبي المعزى عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد فيما أظن عن أبي عبد الله ع قال رئي أبو ذر رضي الله عنه يسقي حمارا له بالربذة فقال له بعض الناس أ ما لك يا با ذر من يسقي لك هذا الحمار فقال سمعت رسول الله ص يقول ما من دابة إلا و هي تسأل كل صباح اللهم ارزقني مليكا صالحا يشبعني من العلف و يرويني من الماء و لا يكلفني فوق طاقتي فأنا أحب أن أسقيه بنفسي
47- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن أبي ذر أنه قال كنت و عثمان نمشي و رسول الله ص متكئ في المسجد فجلسنا إليه ثم قام عثمان و أبو ذر جالس فقال ص له بأي شيء كنت تناجي عثمان قال كنت أقرأ سورة من القرآن قال أما إنه سيبغضك و تبغضه و الظالم منكما في النار قلت إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ الظالم مني و منه في النار فأينا الظالم فقال يا أبا ذر قل الحق و إن وجدته مرا تلقني على العهد
48- دعوات الراوندي، عن أمير المؤمنين ع قال وعك أبو ذر رضي الله عنه فأتيت رسول الله ص فقلت يا رسول الله إن أبا ذر قد وعك فقال امض بنا إليه نعوده فمضينا إليه جميعا فلما جلسنا قال رسول الله ص كيف أصبحت يا أبا ذر قال أصبحت وعكا يا رسول الله فقال أصبحت في روضة من رياض الجنة قد انغمست في ماء الحيوان و قد غفر الله لك ما يقدح في دينك فأبشر يا أبا ذر
-49 شف، ]كشف اليقين[ من كتاب عتيق في المناقب قال أخبرني مخول بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن أبي رافع عن أبيه عن أبي ذر قال لما سير عثمان أبا ذر إلى الربذة أتيته أسلم عليه فقال أبو ذر أن أصبر لي و لأناس معي عدة إنها ستكون فتنة و لست أدركها و لعلكم تدركونها فاتقوا الله و عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فإني سمعت رسول الله ص و هو يقول أنت أول من آمن بي و أول من يصافحني يوم القيامة و أنت الصديق الأكبر و أنت الفاروق الذي يفرق بين الحق و الباطل و أنت يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الكفرة
50- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم رفعه قال لما مات ذر بن أبي ذر مسح أبو ذر القبر بيده ثم قال رحمك الله يا ذر و الله إن كنت بي بارا و لقد قبضت و إني عنك لراض أما و الله ما بي فقدك و ما علي من غضاضة و ما لي إلى أحد سوى الله من حاجة و لو لا هول المطلع لسرني أن أكون مكانك و لقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك و الله ما بكيت لك و لكن بكيت عليك فليت شعري ما ذا قلت و ما ذا قيل لك ثم قال اللهم إني قد وهبت له ما افترضت عليه من حقي فهب له ما افترضت عليه من حقك فأنت أحق بالجود مني
51- كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن محمد بن الحسن عن محمد بن حفص التميمي عن أبي الجعفر الخثعمي قال قال لما سير عثمان أبا ذر إلى الربذة شيعه أمير المؤمنين ع و عقيل و الحسن و الحسين ع و عمار بن ياسر رضي الله عنه فلما كان عند الوداع قال أمير المؤمنين ع يا با ذر إنما غضبت لله عز و جل فارج من غضبت له إن القوم خافوك على دنياهم و خفتهم على دينك فأرحلوك عن الفناء و امتحنوك بالبلاء و و الله لو كانت السماوات و الأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله جعل له منها مخرجا فلا يؤنسك إلا الحق و لا يوحشك إلا الباطل ثم تكلم عقيل فقال يا با ذر أنت تعلم أنا نحبك و نحن نعلم أنك تحبنا و أنت قد حفظت فينا ما ضيع الناس إلا القليل فثوابك على الله عز و جل و لذلك أخرجك المخرجون و سيرك المسيرون فثوابك على الله عز و جل فاتق الله و اعلم أن استعفاءك البلاء من الجزع و استبطاءك العافية من اليأس فدع اليأس و الجزع و قل حسبي الله و نعم الوكيل ثم تكلم الحسن ع فقال يا عماه إن القوم قد أتوا إليك ما قد ترى و إن الله عز و جل بالمنظر الأعلى فدع عنك ذكر الدنيا بذكر فراقها و شدة ما يرد عليك لرجاء ما بعدها و اصبر حتى تلقى نبيك ص و هو عنك راض إن شاء الله ثم تكلم الحسين ع فقال يا عماه إن الله تبارك و تعالى قادر أن يغير ما ترى و هو كل يوم في شأن إن القوم منعوك دنياهم و منعتهم دينك فما أغناك عما منعوك و أحوجهم إلى ما منعتهم فعليك بالصبر و إن الخير في الصبر و الصبر من الكرم و دع الجزع فإن الجزع لا يغنيك
ثم تكلم عمار رضي الله عنه فقال يا با ذر أوحش الله من أوحشك و أخاف من أخافك إنه و الله ما منع الناس أن يقولوا الحق إلا الركون إلى الدنيا و الحب لها ألا إنما الطاعة مع الجماعة و الملك لمن غلب عليه و إن هؤلاء القوم دعوا الناس إلى دنياهم فأجابوهم إليها و وهبوا لهم دينهم فخسروا الدنيا و الآخرة و ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ثم تكلم أبو ذر رضي الله عنه فقال عليكم السلام و رحمة الله و بركاته بأبي و أمي هذه الوجوه فإني إذا رأيتكم ذكرت رسول الله ص بكم و ما لي بالمدينة شجن و لا سكن غيركم و إنه ثقل على عثمان جواري بالمدينة كما ثقل على معاوية بالشام فآلى أن يسيرني إلى بلدة فطلبت إليه أن يكون ذلك إلى الكوفة فزعم أنه يخاف أن أفسد على أخيه الناس بالكوفة و آلى بالله ليسيرني إلى بلدة لا أرى فيها أنيسا و لا أسمع بها حسيسا و إني و الله ما أريد إلا الله عز و جل صاحبا و ما لي مع الله وحشة حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ و صلى الله على محمد سيدنا و آله الطيبين
بيان الشجن بالتحريك الحاجة و الحسيس الصوت الخفي