الآيات آل عمران إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ جاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ وَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ النساء وَ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَ ما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً
1- لي، ]الأمالي للصدوق[ بإسناده عن حبيب بن عمرو قال لما توفي أمير المؤمنين ع قام الحسن ع خطيبا فقال أيها الناس في هذه الليلة رفع عيسى ابن مريم الخبر
2- د، ]العدد القوية[ في ليلة إحدى و عشرين من رمضان رفع عيسى ابن مريم ع
3- ك، ]إكمال الدين[ بإسناده عن أبي رافع عن النبي ص قال لما ملك أسيخ بن أشكان و ملك مائتين و ستا و ستين سنة ففي سنة إحدى و خمسين من ملكه بعث الله عز و جل عيسى ابن مريم ع و استودعه النور و العلم و الحكمة و جميع علوم الأنبياء قبله و زاده الإنجيل و بعثه إلى بيت المقدس إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى كتابه و حكمته و إلى الإيمان بالله و رسوله فأبى أكثرهم إلا طغيانا و كفرا و أتى بيت المقدس فمكث يدعوهم و يرغبهم فيما عند الله ثلاثا و ثلاثين سنة حتى طلبته اليهود و ادعت أنها عذبته و دفنته في الأرض حيا و ادعى بعضهم أنهم قتلوه و صلبوه و ما كان الله ليجعل لهم سلطانا عليه و إنما شبه لهم و ما قدروا على عذابه و دفنه و لا على قتله و صلبه لقوله تعالى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا فلم يقدروا على قتله و صلبه لأنهم لو قدروا على ذلك كان تكذيبا لقوله بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ بعد أن توفاه فلما أراد أن يرفعه أوحى إليه أن استودع نور الله و حكمته و علم كتابه شمعون بن حمون الصفا إلى آخر ما سيأتي في باب أحوال ملوك الأرض
4- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال قال أبو جعفر ع لما كانت الليلة التي قتل فيها علي ع لم يرفع عن وجه الأرض حجر إلا وجد تحته دم عبيط حتى طلع الفجر و كذلك كانت الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون ع و كذلك كانت الليلة التي رفع فيها عيسى ابن مريم ع و كذلك الليلة التي قتل فيها الحسين ع
5- فس، ]تفسير القمي[ قوله بُهْتاناً عَظِيماً أي قولهم إنها فجرت قوله وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ لما رفعه الله إليه وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ
6- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عن حمران بن أعين عن أبي جعفر ع قال إن عيسى ع وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا إليه عند المساء و هم اثنا عشر رجلا فأدخلهم بيتا ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت و ينفض رأسه من الماء فقال إن الله أوحى إلي أنه رافعي إليه الساعة و مطهري من اليهود فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل و يصلب و يكون معي في درجتي فقال شاب منهم أنا يا روح الله قال فأنت هو ذا فقال لهم عيسى أما إن منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة فقال له رجل منهم أنا هو يا نبي الله فقال له عيسى أ تحس بذلك في نفسك فلتكن هو ثم قال لهم عيسى ع أما إنكم ستفترقون بعدي على ثلاث فرق فرقتين مفتريتين على الله في النار و فرقة تتبع شمعون صادقة على الله في الجنة ثم رفع الله عيسى إليه من زاوية البيت و هم ينظرون إليه ثم قال أبو جعفر ع إن اليهود جاءت في طلب عيسى من ليلتهم فأخذوا الرجل الذي قال له عيسى ع إن منكم لمن يكفر بي قبل أن يصبح اثنتي عشرة كفرة و أخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى فقتل و صلب و كفر الذي قال له عيسى تكفر قبل أن تصبح اثنتي عشرة كفرة
7- فس، ]تفسير القمي[ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ قال التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسى و صلبته و التي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى حتى يقتل فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا هي التي لم تقتل شبيه عيسى على الأخرى فقتلوهم عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ
8- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن حمزة العلوي عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي بن يوشع عن علي بن محمد الجزيري عن حمزة بن يزيد عن عمر عن جعفر عن آبائه عن النبي ص قال لما اجتمعت اليهود على عيسى ع ليقتلوه بزعمهم أتاه جبرئيل ع فغشاه بجناحه و طمح عيسى ببصره فإذا هو بكتاب في جناح جبرئيل اللهم إني أدعوك باسمك الواحد الأعز و أدعوك اللهم باسمك الصمد و أدعوك اللهم باسمك العظيم الوتر و أدعوك اللهم باسمك الكبير المتعال الذي ثبت أركانك كلها أن تكشف عني ما أصبحت و أمسيت فيه فلما دعا به عيسى ع أوحى الله تعالى إلى جبرئيل ارفعه إلى عندي ثم قال رسول الله ص يا بني عبد المطلب سلوا ربكم بهؤلاء الكلمات فو الذي نفسي بيده ما دعا بهن عبد بإخلاص دينه إلا اهتز له العرش و إلا قال الله لملائكته اشهدوا أني قد استجبت له بهن و أعطيته سؤله في عاجل دنياه و آجل آخرته ثم قال لأصحابه سلوا بها و لا تستبطئوا الإجابة
9- شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن عمر عن بعض أصحابنا عن رجل حدثه عن أبي عبد الله ع قال رفع عيسى ابن مريم ع بمدرعة صوف من غزل مريم و من نسج مريم و من خياطة مريم فلما انتهى إلى السماء نودي يا عيسى ألق عنك زينة الدنيا
10- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ هو جبرئيل و ذلك حين رفعه من روزنة بيته إلى السماء و ألقي شبهه على من رام قتله فقتل بدلا منه
11- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الطالقاني عن الكوفي عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن الرضا ع أنه قال في حديث طويل في وصف الأئمة ع و أنهم يقتلون بالسيف أو بالسم و ساق الحديث إلى أن قال ع ما شبهه أمر أحد من أنبياء الله و حججه عليهم السلام للناس إلا أمر عيسى ابن مريم وحده لأنه رفع من الأرض حيا و قبض روحه بين السماء و الأرض ثم رفع إلى السماء و رد عليه روحه و ذلك قوله عز و جل إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا و قال عز و جل حكاية لقول عيسى ع وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ الخبر
12- ك، ]إكمال الدين[ بإسناده عن سدير الصيرفي عن أبي عبد الله ع قال و أما غيبة عيسى فإن اليهود و النصارى اتفقت على أنه قتل فكذبهم الله عز و جل بقوله وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ
13- و بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إن في القائم من أهل بيت محمد ص شبها من خمسة من الرسل و ساق الحديث إلى أن قال و أما شبهه من عيسى ع فاختلاف من اختلف فيه قالت طائفة منهم ما ولد و قالت طائفة مات و طائفة قالت قتل و صلب
14- و بإسناده عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء و ساق الحديث إلى أن قال و أما من عيسى فيقال إنه مات و لم يمت
أقول سيأتي الأخبار الكثيرة في ذلك في كتاب الغيبة و قد مر في باب جوامع أحوالهم ع عن الرضا ع أن عيسى لما أراد اليهود قتله دعا الله بحقنا فنجاه من القتل و رفعه إليه
15- و عن أبي عبد الله ع أنه قال ينزل على القائم ع تسعة آلاف ملك و ثلاثمائة و ثلاثة عشر ملكا و هم الذين كانوا مع عيسى لما رفعه الله إليه
بيان قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ بِكُفْرِهِمْ أي بجحود هؤلاء بعيسى وَ قَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً أي أعظم كذب و أشنعه و هو رميهم إياها بالفاحشة عن ابن عباس و السدي قال الكلبي مر عيسى ع برهط فقال بعضهم لبعض قد جاءكم الساحر ابن الساحرة و الفاعل ابن الفاعلة فقذفوه بأمه فسمع ذلك عيسى ع فقال اللهم أنت ربي خلقتني و لم أتهم من تلقاء نفسي اللهم العن من سبني و سب والدتي فاستجاب الله دعوته فمسخهم خنازير وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ يعني و قول اليهود إنا قتلنا عيسى ابن مريم رسول الله حكاه الله سبحانه عنهم أي رسول الله في زعمه و قيل إنه من قول الله سبحانه لا على وجه الحكاية لهم و تقديره الذي هو رسولي وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ اختلفوا في كيفية التشبيه فروي عن ابن عباس أنه قال لما مسخ الله الذين سبوا عيسى و أمه بدعائه بلغ ذلك يهودا و هو رأس اليهود فخاف أن يدعو عليه فجمع اليهود و اتفقوا على قتله فبعث الله جبرئيل يمنعه منهم و يعينه عليهم و ذلك معنى قوله وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ فاجتمع اليهود حول عيسى ع فجعلوا يسألونه فيقول لهم يا معشر اليهود إن الله تعالى يبغضكم فثاروا إليه ليقتلوه فأدخله جبرئيل ع خوخة البيت الداخل لها روزنة في سقفها فرفعه جبرئيل إلى السماء فبعث يهودا رأس اليهود رجلا من أصحابه اسمه ططيانوس ليدخل عليه الخوخة فيقتله فدخل فلم يره فأبطأ عليهم فظنوا أنه يقاتله في الخوخة فألقى الله عليه شبه عيسى ع فلما خرج على أصحابه قتلوه و صلبوه و قيل ألقي عليه شبه وجه عيسى و لم يلق عليه شبه جسده فقال بعض القوم إن الوجه وجه عيسى و الجسد جسد ططيانوس و قال بعضهم إن كان هذا ططيانوس فأين عيسىو إن كان هذا عيسى فأين ططيانوس فاشتبه الأمر عليهم و قال وهب بن منبه أتى عيسى ع و معه سبعة عشر من الحواريين في بيت فأحاطوا بهم فلما دخلوا عليهم صيرهم الله كلهم على صورة عيسى فقالوا لهم سحرتمونا لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعا فقال عيسى ع لأصحابه من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة فقال رجل منهم اسمه سرجس أنا فخرج إليهم فقال أنا عيسى فأخذوه و قتلوه و صلبوه و رفع الله عيسى من يومه ذلك و به قال قتادة و مجاهد و ابن إسحاق و إن اختلفوا في عدد الحواريين و لم يذكر أحد غير وهب أن شبهه ألقي على جميعهم بل قالوا ألقي شبهه على واحد و رفع الله عيسى من بينهم قال الطبري و قول وهب أقوى لأنه لو ألقي شبهه على واحد منهم مع قول عيسى أيكم يلقى عليه شبهي فله الجنة ثم رأوا عيسى رفع من بينهم لما اشتبه عليهم و لما اختلفوا و إن جاز أن يشتبه على أعدائهم من اليهود الذين ما عرفوه لكن ألقي شبهه على جميعهم و كانوا يرون كل واحد منهم بصورة عيسى فلما قتل أحدهم اشتبه الحال عليهم. و قال أبو علي الجبائي إن رؤساء اليهود أخذوا إنسانا فقتلوه و صلبوه على موضع عال و لم يمكنوا أحدا من الدنو إليه فتغيرت حليته و قالوا قد قتلنا عيسى ليوهموا بذلك على عوامهم لأنهم كانوا أحاطوا بالبيت الذي فيه عيسى فلما دخلوه كان عيسى قد رفع من بينهم فخافوا أن يكون ذلك سببا لإيمان اليهود به ففعلوا ذلك و الذين اختلفوا فيه هم غير الذين صلبوا من صلبوه و إنما هم باقي اليهود و قيل إن الذي دلهم عليه و قال هذا عيسى أحد الحواريين أخذ على ذلك ثلاثين درهما و كان منافقا ثم إنه ندم على ذلك و اختنق حتى قتل نفسه و كان اسمه بورس زكريا نوطا و هو ملعون في النصارى و بعض النصارى يقول إن بورس زكريا نوطا هو الذي شبه لهم فصلبوه و هو يقول لست بصاحبكم أنا الذي دللتكم عليه و قيل إنهم حبسوا المسيح مع عشرة من أصحابه في بيت فدخل عليهم رجل من اليهود فألقى الله عليه شبه عيسى و رفع عيسى فقتلوا الرجل عن السدي.
وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ قيل إنه يعني بذلك عامتهم لأن علماءهم علموا أنه غير مقتول عن الجبائي و قيل أراد بذلك جماعتهم اختلفوا فقال بعضهم قتلناه و قال بعضهم لم نقتله ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ أي لم يكن لهم بمن قتلوه علم لكنهم اتبعوا ظنهم فقتلوه ظنا منهم أنه عيسى و لم يكن به و إنما شكوا في ذلك لأنهم عرفوا عدة من في البيت فلما دخلوا عليهم و فقدوا واحدا منهم التبس عليهم أمر عيسى و قتلوا من قتلوه على شك منهم في أمر عيسى هذا على قول من قال لم يتفرق أصحابه حتى دخل عليهم اليهود و أما من قال تفرق أصحابه عنه فإنه يقول كان اختلافهم في أن عيسى ع هل كان فيمن بقي أو فيمن خرج اشتبه الأمر عليهم. و قال الحسن معناه اختلفوا في عيسى ع فقالوا مرة هو عبد الله و مرة هو ابن الله و مرة هو الله و قال الزجاج معنى اختلاف النصارى فيه أن منهم من ادعى أنه إله لم يقتل و منهم من قال قتل. وَ ما قَتَلُوهُ يَقِيناً اختلف في الهاء في قتلوه فقيل إنه يعود إلى الظن أي ما قتلوا ظنهم يقينا كما يقال قتلته علما عن ابن عباس و جويبر و معناه ما قتلوا ظنهم الذين اتبعوا في المقتول الذي قتلوه و هم يحسبونه عيسى يقينا أنه عيسى و لا أنه غيره لكنهم كانوا منه على شبهة و قيل إن الهاء عائد إلى عيسى ع يعني ما قتلوه يقينا أي حقا فهو من تأكيد الخبر عن الحسن أراد أن الله سبحانه نفى عن عيسى القتل على وجه التحقيق و اليقين بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ يعني بل رفع الله عيسى إليه و لم يصلبوه و لم يقتلوه وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً معناه لم يزل الله منتقما من أعدائه حكيما في أفعاله و تقديراته فاحذروا أيها السائلون محمدا أن ينزل عليكم كتابا من السماء حلول عقوبة بكم كما حل بأوائلكم في تكذيبهم رسله عن ابن عباس و ما مر في تفسير هذه الآية من أن الله ألقى شبه عيسى ع على غيره فإن ذلك من
مقدور الله سبحانه بلا خلاف بين المسلمين فيه و يجوز أن يفعله الله سبحانه على وجه التغليظ للمحنة و التشديد في التكليف و إن كان ذلك خارقا للعادة فإنه يكون معجزا للمسيح ع كما روي أن جبرئيل ع كان يأتي نبينا ص في صورة دحية الكلبي. و مما يسأل على هذه الآية أن يقال قد تواترت اليهود و النصارى مع كثرتهم و اجتمعت على أن المسيح قتل و صلب فكيف يجوز عليهم أن يخبروا عن الشيء بخلاف ما هو به و لو جاز ذلك فكيف يوثق بشيء من الأخبار. و الجواب أن هؤلاء دخلت عليهم الشبهة كما أخبر الله سبحانه عنهم بذلك فلم يكن اليهود يعرفون عيسى ع بعينه و إنما أخبروا أنهم قتلوا رجلا قيل لهم إنه عيسى فهم في خبرهم صادقون و إن لم يكن المقتول عيسى و إنما اشتبه الأمر على النصارى لأن شبه عيسى ألقي على غيره فرأوا من هو على صورته مقتولا مصلوبا فلم يخبر أحد من الفريقين إلا عما رآه و ظن أن الأمر على ما أخبر به فلا يؤدي ذلك إلى بطلان الأخبار بحال. و قال رحمه الله في قوله تعالى إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ قيل في معناه أقوال. أحدها أن المراد به أني قابضك برفعك من الأرض إلى السماء من غير وفاة بموت عن الحسن و كعب و ابن جريح و ابن زيد و الكلبي و غيرهم و على هذا القول يكون للمتوفي تأويلان. أحدهما إني رافعك إلي وافيا لم ينالوا منك شيئا من قولهم توفيت كذا و استوفيته أي أخذته تاما و الآخر إني متسلمك من قولهم توفيت منك كذا أي تسلمته. و ثانيها إني متوفيك وفاة نوم و رافعك إلي في النوم عن الربيع قال رفعه نائما و يدل عليه قوله وَ هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ أي ينيمكم إن النوم أخو الموت و قوله اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها. و ثالثها إني متوفيك وفاة موت عن ابن عباس و وهب قالا أماته الله ثلاث ساعات. و أما النحويون فيقولون هو على التقديم و التأخير أي إني رافعك و متوفيك لأن الواو لا توجب الترتيب بدلالة قوله فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ و النذر قبل العذاب و هذا مروي عن الضحاك.
و يدل عليه ما روي عن النبي ص أنه قال عيسى ع لم يمت و إنه راجع إليكم قبل يوم القيامة و قد صح عنه ع أنه قال كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم و إمامكم منكم رواه البخاري و مسلم في الصحيحين
فعلى هذا يكون تقديره إني قابضك بالموت بعد نزولك من السماء. و قوله وَ رافِعُكَ إِلَيَّ فيه قولان أحدهما إني رافعك إلى سمائي. و الآخر أن معناه رافعك إلى كرامتي وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بإخراجك من بينهم فإنهم أرجاس و قيل تطهيره منعه من كفر يفعلونه بالقتل الذي كانوا هموا به لأن ذلك رجس طهره الله منه وَ جاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ بالظفر و النصرة أو بالحجة و البرهان قال ابن زيد و لهذا لا ترى اليهود حيث كانوا إلا أذل من النصارى و لهذا أزال الله الملك عنهم و إن كان ثابتا في النصارى و قيل المعني به أمة محمد ص و إنما سماهم تبعا و إن كانت لهم شريعة على حدة لأنه وجد فيهم التبعية صورة و معنى أما الصورة فلأنه يقال فلان يتبع فلانا إذا جاء بعده و أما المعنى فلأن نبينا ص كان مصدقا لعيسى و كتابه و على أن شريعة نبينا و سائر الأنبياء متحدة في أبواب التوحيد