الآيات المائدة وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
1- فس، ]تفسير القمي[ وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ فلفظ الآية ماض و معناه مستقبل و لم يقله بعد و سيقوله و ذلك أن النصارى زعموا أن عيسى ع قال لهم إني و أمي إلهين من دون الله فإذا كان يوم القيامة يجمع الله بين النصارى و بين عيسى فيقول له أ أنت قلت لهم ما يدعون عليك فيقول عيسى سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ الآية و الدليل على أن عيسى لم يقل لهم ذلك قوله هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ
2- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و محمد بن القاسم عن محمد بن سليمان عن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله ع قال قال النبي ص أنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان
3- و عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الجوهري عن البطائني عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال نزل الإنجيل في اثنتي عشرة ليلة مضت من شهر رمضان
بيان لعل الخبر الأول محمول على نزوله إلى بيت المعمور كما يشعر به صدره الذي تركناه و الثاني على نزوله إلى الأرض
4- ع، ]علل الشرائع[ بإسناده عن يزيد بن سلام أنه سأل رسول الله ص لم سمي الفرقان فرقانا قال لأنه متفرق الآيات و السور أنزلت في غير الألواح و غير الصحف و التوراة و الإنجيل و الزبور أنزلت كلها جملة في الألواح و الورق
5- لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن البرقي عن أبيه عن جده عن محمد بن علي القرشي عن محمد بن سنان عن عبد الله بن طلحة و إسماعيل بن جابر و عمار بن مروان عن الصادق جعفر بن محمد ع أن عيسى ابن مريم ع توجه في بعض حوائجه و معه ثلاثة نفر من أصحابه فمر بلبنات ثلاث من ذهب على ظهر الطريق فقال عيسى ع لأصحابه إن هذا يقتل الناس ثم مضى فقال أحدهم إن لي حاجة قال فانصرف ثم قال الآخر إن لي حاجة فانصرف ثم قال الآخر لي حاجة فانصرف فوافوا عند الذهب ثلاثتهم فقال اثنان لواحد اشتر لنا طعاما فذهب يشتري لهما طعاما فجعل فيه سما ليقتلهما كيلا يشاركاه في الذهب و قال الاثنان إذا جاء قتلناه كي لا يشاركنا فلما جاء قاما إليه فقتلاه ثم تغذيا فماتا فرجع إليهم عيسى ع و هم موتى حوله فأحياهم بإذن الله تعالى ذكره ثم قال أ لم أقل لكم إن هذا يقتل الناس
6- لي، ]الأمالي للصدوق[ الطالقاني عن الجلودي عن هشام بن جعفر عن حماد عن عبد الله بن سليمان و كان قارئا للكتب قال قرأت في الإنجيل يا عيسى جد في أمري و لا تهزل و اسمع و أطع يا ابن الطاهرة الطهر البكر البتول أنت من غير فحل أنا خلقتك آية للعالمين فإياي فاعبد و علي فتوكل خذ الكتاب بقوة فسر لأهل سوريا بالسريانية بلغ من بين يديك إني أنا الله الدائم الذي لا أزول صدقوا النبي الأمي صاحب الجمل و المدرعة و التاج و هي العمامة و النعلين و الهراوة و هي القضيب الأنجل العينين الصلت الجبين الواضح الخدين الأقنى الأنف مفلج الثنايا كان عنقه إبريق فضة كان الذهب يجري في تراقيه له شعرات من صدره إلى سرته ليس على بطنه و لا على صدره شعر أسمر اللون دقيق المسربة شثن الكف و القدم إذا التفت التفت جميعا و إذا مشى كأنما يتقلع من الصخرة و ينحدر من صبب و إذا جاء مع القوم بذهم عرقه في وجهه كاللؤلؤ و ريح المسك ينفخ منه لم ير قبله مثله و لا بعده طيب الريح نكاح النساء ذو النسل القليل إنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة لا صخب فيه و لا نصب يكفلها في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك لها فرخان مستشهدان كلامه القرآن و دينه الإسلام و أنا السلام طوبى لمن أدرك زمانه و شهد أيامه و سمع كلامه قال عيسى يا رب و ما طوبى قال شجرة في الجنة أنا غرستها تظل الجنان أصلها من رضوان ماؤها من تسنيم برده برد الكافور و طعمه طعم الزنجبيل من يشرب من تلك العين شربة لا يظمأ بعدها أبدا فقال عيسى اللهم اسقني منها قال حرام يا عيسى على البشر أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي و حرام على الأمم أن يشربوا منها حتى يشرب أمة ذلك النبي أرفعك إلي ثم أهبطك في آخر الزمان لترى من أمة ذلك النبي العجائب و لتعينهم على اللعين الدجال أهبطك في وقت الصلاة لتصلي معهم إنهم أمة مرحومة
أقول سيأتي شرحه في باب شمائل النبي ص
7- لي، ]الأمالي للصدوق[ الوراق عن سعد عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عن الحسين بن سعيد عن الأحول عن جميل بن صالح عن الصادق ع قال قام عيسى ابن مريم ع في بني إسرائيل فقال يا بني إسرائيل لا تحدثوا بالحكمة الجهال فتظلموها و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم و لا تعينوا الظالم على ظلمه فيبطل فضلكم الخبر
8- يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ لي، ]الأمالي للصدوق[ الطالقاني عن أحمد الهمداني عن جعفر بن عبد الله بن جعفر العلوي عن كثير بن عياش القطان عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال لما ولد عيسى ابن مريم ع كان ابن يوم كأنه ابن شهرين فلما كان ابن سبعة أشهر أخذت والدته بيده و جاءت به إلى الكتاب و أقعدته بين يدي المؤدب فقال له المؤدب قل بسم الله الرحمن الرحيم فقال عيسى ع بسم الله الرحمن الرحيم فقال له المؤدب قل أبجد فرفع عيسى رأسه فقال و هل تدري ما أبجد فعلاه بالدرة ليضربه فقال يا مؤدب لا تضربني إن كنت تدري و إلا فاسألني حتى أفسر لك فقال فسر لي فقال عيسى أما الألف آلاء الله و الباء بهجة الله و الجيم جمال الله و الدال دين الله هوز الهاء هول جهنم و الواو ويل لأهل النار و الزاء زفير جهنم حطي حطت الخطايا عن المستغفرين كلمن كلام الله لا مبدل لكلماته سعفص صاع بصاع و الجزاء بالجزاء قرشت قرشهم فحشرهم فقال المؤدب أيتها المرأة خذي بيد ابنك فقد علم و لا حاجة له في المؤدب
9- ل، ]الخصال[ بإسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال الحواريون لعيسى ابن مريم ع يا معلم الخير علمنا أي الأشياء أشد فقال أشد الأشياء غضب الله عز و جل قالوا فبم يتقى غضب الله قال بأن لا تغضبوا قالوا و ما بدء الغضب قال الكبر و التجبر و محقرة الناس
10- لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن مسرور عن محمد الحميري عن أبيه عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن عمه عن الصادق ع قال قال عيسى ابن مريم ع لبعض أصحابه ما لا تحب أن يفعل بك فلا تفعله بأحد و إن لطم أحد خدك الأيمن فأعط الأيسر
11- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن البرقي عن محمد بن علي الكوفي عن شريف بن سابق التفليسي عن إبراهيم بن محمد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص مر عيسى ابن مريم ع بقبر يعذب صاحبه ثم مر به من قابل فإذا هو ليس يعذب فقال يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان صاحبه يعذب ثم مررت به العام فإذا هو ليس يعذب فأوحى الله عز و جل إليه يا روح الله إنه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا و آوى يتيما فغفرت له بما عمل ابنه قال و قال عيسى ابن مريم ع ليحيى بن زكريا ع إذا قيل فيك ما فيك فاعلم أنه ذنب ذكرته فاستغفر الله منه و إن قيل فيك ما ليس فيك فاعلم أنها حسنة كتبت لك لم تتعب فيها
-12 لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن إدريس عن أبيه عن محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله الصادق ع قال كان عيسى ابن مريم ع يقول لأصحابه يا بني آدم اهربوا من الدنيا إلى الله و أخرجوا قلوبكم عنها فإنكم لا تصلحون لها و لا تصلح لكم و لا تبقون فيها و لا تبقى لكم هي الخداعة الفجاعة المغرور من اغتر بها المغبون من اطمأن إليها الهالك من أحبها و أرادها فتوبوا إلى بارئكم و اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً أين آباؤكم أين أمهاتكم أين إخوتكم أين أخواتكم أين أولادكم دعوا فأجابوا و استودعوا الثرى و جاوروا الموتى و صاروا في الهلكى خرجوا عن الدنيا و فارقوا الأحبة و احتاجوا إلى ما قدموا و استغنوا عما خلفوا فكم توعظون و كم تزجرون و أنتم لاهون ساهون مثلكم في الدنيا مثل البهائم همتكم بطونكم و فروجكم أ ما تستحيون ممن خلقكم و قد أوعد من عصاه النار و لستم ممن يقوى على النار و وعد من أطاعه الجنة و مجاورته في الفردوس الأعلى فتنافسوا فيه و كونوا من أهله و أنصفوا من أنفسكم و تعطفوا على ضعفائكم و أهل الحاجة منكم و تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً و كونوا عبيدا أبرارا و لا تكونوا ملوكا جبابرة و لا من العتاة الفراعنة المتمردين على من قهرهم بالموت جبار الجبابرة رب السماوات و رب الأرضين و إله الأولين و الآخرين مالك يوم الدين شديد العقاب أليم العذاب لا ينجو منه ظالم و لا يفوته شيء و لا يعزب عنه شيء و لا يتوارى منه شيء أحصى كل شيء علمه و أنزله منزلته في جنة أو نار ابن آدم الضعيف أين تهرب ممن يطلبك في سواد ليلك و بياض نهارك و في كل حال من حالاتك قد أبلغ من وعظ و أفلح من اتعظ
13- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن أسباط عنهم ع لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن المتوكل عن الحميري عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد ع قال كان فيما وعظ الله تبارك و تعالى به عيسى ابن مريم ع أن قال له يا عيسى أنا ربك و رب آبائك اسمي واحد و أنا الأحد المتفرد بخلق كل شيء و كل شيء من صنعي و كل خلقي إلي راجعون يا عيسى أنت المسيح بأمري و أنت تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني و أنت تحيي الموتى بكلامي فكن إلي راغبا و مني راهبا فإنك لن تجد مني ملجأ إلا إلي يا عيسى أوصيك وصية المتحنن عليك بالرحمة حين حقت لك مني الولاية بتحريك مني المسرة فبوركت كبيرا و بوركت صغيرا حيثما كنت أشهد أنك عبدي ابن أمتي يا عيسى أنزلني من نفسك كهمك و اجعل ذكري لمعادك و تقرب إلي بالنوافل و توكل علي أكفك و لا تول غيري فأخذلك يا عيسى اصبر على البلاء و ارض بالقضاء و كن كمسرتي فيك فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى يا عيسى أحي ذكري بلسانك و ليكن ودي في قلبك يا عيسى تيقظ في ساعات الغفلة و احكم لي بلطيف الحكمة يا عيسى كن راغبا و راهبا و أمت قلبك بالخشية يا عيسى راع الليل لتحري مسرتي و اظمأ نهارك ليوم حاجتك عندي يا عيسى نافس في الخير جهدك لتعرف بالخير حيثما توجهت يا عيسى احكم في عبادي بنصحي و قم فيهم بعدلي فقد أنزلت عليك شفاء لما في الصدور من مرض الشيطان
كا، ]الكافي[ يا عيسى لا تكن جليسا لكل مفتون
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ يا عيسى حقا أقول ما آمنت بي خليقة إلا خشعت لي و ما خشعت لي إلا رجت ثوابي فأشهدك أنها آمنة من عقابي ما لم تغير أو تبدل سنتي يا عيسى ابن البكر البتول ابك على نفسك بكاء من قد ودع الأهل و قلى الدنيا و تركها لأهلها و صارت رغبته فيما عند الله يا عيسى كن مع ذلك تلين الكلام و تفشي السلام يقظان إذا نامت عيون الأبرار حذارا للمعاد و الزلازل الشداد و أهوال يوم القيامة حيث لا ينفع أهل و لا ولد و لا مال يا عيسى اكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطالون يا عيسى كن خاشعا صابرا فطوبى لك إن نالك ما وعد الصابرون يا عيسى رح من الدنيا يوما فيوما و ذق ما قد ذهب طعمه فحقا أقول ما أنت إلا بساعتك و يومك فرح من الدنيا بالبلغة و ليكفك الخشن الجشب فقد رأيت إلى ما تصير و مكتوب ما أخذت و كيف أتلفت يا عيسى إنك مسئول فارحم الضعيف كرحمتي إياك و لا تقهر اليتيم يا عيسى ابك على نفسك في الصلاة و انقل قدميك إلى مواضع الصلوات و أسمعني لذاذة نطقك بذكري فإن صنيعي إليك حسن يا عيسى كم من أمة قد أهلكتها بسالف ذنب قد عصمتك منه يا عيسى ارفق بالضعيف و ارفع طرفك الكليل إلى السماء و ادعني فإني منك قريب و لا تدعني إلا متضرعا إلي و همك هم واحد فإنك متى تدعني كذلك أجبك يا عيسى إني لم أرض بالدنيا ثوابا لمن كان قبلك و لا عقابا لمن انتقمت منه يا عيسى إنك تفنى و أنا أبقى و مني رزقك و عندي ميقات أجلك و إلي إيابك و علي حسابك فاسألني و لا تسأل غيري فيحسن منك الدعاء و مني الإجابة يا عيسى ما أكثر البشر و أقل عدد من صبر الأشجار كثيرة و طيبها قليل فلا يغرنك حسن شجرة حتى تذوق ثمرتها يا عيسى لا يغرنك المتمرد علي بالعصيان يأكل رزقي و يعبد غيري ثم يدعوني عند الكرب فأجيبه ثم يرجع إلى ما كان أ فعلي يتمرد أم لسخطي يتعرض فبي حلفت لآخذنه أخذة ليس له منها منجى و لا دوني ملتجأ أين يهرب من سمائي و أرضي يا عيسى قل لظلمة بني إسرائيل لا تدعوني و السحت تحت أحضانكم و الأصنام في بيوتكم فإني وأيت أن أجيب من دعاني و أن أجعل إجابتي إياهم لعنا عليهم حتى يتفرقوا يا عيسى كم أجمل النظر و أحسن الطلب و القوم في غفلة لا يرجعون تخرج الكلمة من أفواههم لا تعيها قلوبهم يتعرضون لمقتي و يتحببون بي إلى المؤمنين يا عيسى ليكن لسانك في السر و العلانية واحدا و كذلك فليكن قلبك و بصرك و اطو قلبك و لسانك عن المحارم و غض طرفك عما لا خير فيه فكم ناظر نظرة زرعت في قلبه شهوة و وردت به موارد الهلكة يا عيسى كن رحيما مترحما و كن للعباد كما تشاء أن يكون العباد لك و أكثر ذكر الموت و مفارقة الأهلين و لا تله فإن اللهو يفسد صاحبه و لا تغفل فإن الغافل مني بعيد و اذكرني بالصالحات حتى أذكرك يا عيسى تب إلي بعد الذنب و ذكر بي الأوابين و آمن بي و تقرب إلي
المؤمنين و مرهم يدعوني معك و إياك و دعوة المظلوم فإني وأيت على نفسي أن أفتح لها بابا من السماء و أن أجيبه و لو بعد حين يا عيسى اعلم أن صاحب السوء يغوي و أن قرين السوء يردي فاعلم من تقارن و اختر لنفسك إخوانا من المؤمنين يا عيسى تب إلي فإنه لا يتعاظمني ذنب أن أغفره و أنا أرحم الراحمين يا عيسى اعمل لنفسك في مهلة من أجلك قبل أن لا يعمل لها غيرك و اعبدني ليوم كألف سنة مما تعدون فإني أجزي بالحسنة أضعافها و إن السيئة توبق صاحبها و تنافس في العمل الصالح فكم من مجلس قد نهض أهله و هم مجارون من النار يا عيسى ازهد في الفاني المنقطع و طئ رسوم منازل من كان قبلك فادعهم و ناجهم هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ فخذ موعظتك منهم و اعلم أنك ستلحقهم في اللاحقين يا عيسى قل لمن تمرد بالعصيان و عمل بالإدهان يستوقع عقوبتي و ينتظر إهلاكي إياه سيصطلم مع الهالكين طوبى لك يا ابن مريم ثم طوبى لك إن أخذت بأدب إلهك الذي يتحنن عليك ترحما و بدأك بالنعم منه تكرما و كان لك في الشدائد لا تعصه يا عيسى فإنه لا يحل لك عصيانه قد عهدت إليك كما عهدت إلى من كان قلبك و أنا على ذلك من الشاهدين يا عيسى ما أكرمت خليقة بمثل ديني و لا أنعمت عليها بمثل رحمتي يا عيسى اغسل بالماء منك ما ظهر و داو بالحسنات منك ما بطن فإنك إلي راجع
كا، ]الكافي[ يا عيسى أعطيتك ما أنعمت به عليك فيضا من غير تكدير و طلبت منك قرضا لنفسك فبخلت به عليها لتكون من الهالكين يا عيسى تزين بالدين و حب المساكين و امش على الأرض هونا و صل على البقاع فكلها طاهر
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ يا عيسى شمر فكل ما هو آت قريب و اقرأ كتابي و أنت طاهر و أسمعني منك صوتا حزينا
كا، ]الكافي[ يا عيسى لا خير في لذاذة لا تدوم و عيش من صاحبه يزول يا ابن مريم لو رأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك و زهقت نفسك شوقا إليه فليس كدار الآخرة دار تجاور فيها الطيبون و يدخل عليهم فيها الملائكة المقربون و هم مما يأتي يوم القيامة من أهوالها آمنون دار لا يتغير فيها النعيم و لا يزول عن أهلها يا ابن مريم نافس فيها مع المتنافسين فإنها أمنية المتمنين حسنة المنظر طوبى لك يا ابن مريم إن كنت لها من العاملين مع آبائك آدم و إبراهيم في جنات و نعيم لا تبغي لها بدلا و لا تحويلا كذلك أفعل بالمتقين يا عيسى اهرب إلي مع من يهرب من نار ذات لهب و نار ذات أغلال و أنكال لا يدخلها روح و لا يخرج منها غم أبدا قطع كقطع الليل المظلم من ينج منها يفز و لن ينجو منها من كان من الهالكين هي دار الجبارين و العتاة الظالمين و كل فظ غليظ و كل مختال فخور يا عيسى بئست الدار لمن ركن إليها و بئس القرار دار الظالمين إني أحذرك نفسك فكن بي خبيرا يا عيسى كن حيثما كنت مراقبا لي و اشهد علي أني خلقتك و أنت عبدي و أني صورتك و إلى الأرض أهبطتك يا عيسى لا يصلح لسانان في فم واحد و لا قلبان في صدر واحد و كذلك الأذهان يا عيسى لا تستيقظن عاصيا و لا تستنبهن لاهيا و افطم نفسك عن الشهوات الموبقات و كل شهوة تباعدك مني فاهجرها و اعلم أنك مني بمكان الرسول الأمين فكن مني على حذر و اعلم أن دنياك مؤديتك إلي و أني آخذك بعلمي و كن ذليل النفس عند ذكري خاشع القلب حين تذكرني يقظان عند نوم الغافلين يا عيسى هذه نصيحتي إياك و موعظتي لك فخذها مني فإني رب العالمين يا عيسى إذا صبر عبدي في جنبي كان ثواب عمله علي و كنت عنده حين يدعوني و كفى بي منتقما ممن عصاني أين يهرب مني الظالمون يا عيسى أطب الكلام و كن حيثما كنت عالما متعلما يا عيسى أفضبالحسنات إلي حتى يكون لك ذكرها عندي و تمسك بوصيتي فإن فيها شفاء للقلوب
لي، ]الأمالي للصدوق[ قال و كان فيما وعظ الله عز و جل به عيسى ابن مريم ع أيضا أن قال له
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ يا عيسى لا تأمن إذا مكرت مكري و لا تنس عند خلوتك بالذنب ذكري
كا، ]الكافي[ يا عيسى حاسب نفسك بالرجوع إلي حتى تتنجز ثواب ما عمله العاملون أولئك يؤتون أجرهم و أنا خير المؤتين يا عيسى كنت خلقا بكلامي ولدتك مريم بأمري المرسل إليها روحي جبرئيل الأمين من ملائكتي حتى قمت على الأرض حيا تمشي كل ذلك في سابق علمي يا عيسى زكريا بمنزلة أبيك و كفيل أمك إذ يدخل عليها المحراب فيجد عندها رزقا و نظيرك يحيى من خلقي وهبته لأمه بعد الكبر من غير قوة بها أردت بذلك أن يظهر لها سلطاني و تظهر فيك قدرتي أحبكم إلي أطوعكم لي و أشدكم خوفا مني
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ يا عيسى تيقظ و لا تيأس من روحي و سبحني مع من يسبحني و بطيب الكلام فقدسني
كا، ]الكافي[ يا عيسى كيف يكفر العباد بي و نواصيهم في قبضتي و تقلبهم في أرضي يجهلون نعمتي و يتولون عدوي و كذلك يهلك الكافرون
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ يا عيسى إن الدنيا سجن منتن الريح وحش و فيها ما قد ترى مما قد ألح عليه الجبارون و إياك و الدنيا فكل نعيمها يزول و ما نعيمها إلا قليل
كا، ]الكافي[ يا عيسى ابغني عند وسادك تجدني و ادعني و أنت لي محب فإني أسمع السامعين أستجيب للداعين إذا دعوني يا عيسى خفني و خوف بي عبادي لعل المذنبين أن يمسكوا عما هم عاملون به فلا يهلكوا إلا و هم يعلمون يا عيسى ارهبني رهبتك من السبع و الموت الذي أنت لاقيه فكل هذا أنا خلقته فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ يا عيسى إن الملك لي و بيدي و أنا الملك فإن تطعني أدخلتك جنتي في جوار الصالحين
كا، ]الكافي[ يا عيسى إني إن غضبت عليك لم ينفعك رضا من رضي عنك و إن رضيت عنك لم يضرك غضب المغضبين يا عيسى اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي و اذكرني في ملئك أذكرك في ملإ خير ملإ الآدميين
كا، ]الكافي[ يا عيسى ادعني دعاء الغريق الذي ليس له مغيث يا عيسى لا تحلف باسمي كاذبا فيهتز عرشي غضبا يا عيسى الدنيا قصيرة العمر طويلة الأمل و عندي دار خير مما يجمعون يا عيسى قل لظلمة بني إسرائيل كيف أنتم صانعون إذا أخرجت لكم كتابا ينطق بالحق فتنكشف سرائر قد كتمتموها
كا، ]الكافي[ و أعمال كنتم بها عاملين
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ يا عيسى قل لظلمة بني إسرائيل غسلتم وجوهكم و دنستم قلوبكم أ بي تغترون أم علي تجترءون تتطيبون بالطيب لأهل الدنيا و أجوافكم عندي بمنزلة الجيف المنتنة كأنكم أقوام ميتون يا عيسى قل لهم قلموا أظفاركم من كسب الحرام و أصموا أسماعكم عن ذكر الخناء و اقلبوا علي بقلوبكم فإني لست أريد صوركم يا عيسى افرح بالحسنة فإنها لي رضا و ابك على السيئة فإنها لي سخط و ما لا تحب أن يصنع بك فلا تصنعه بغيرك و إن لطم خدك الأيمن فأعط الأيسر و تقرب إلي بالمودة جهدك و أعرض عن الجاهلين
كا، ]الكافي[ يا عيسى ذل لأهل الحسنة و شاركهم فيها و كن عليهم شهيدا و قل لظلمة بني إسرائيل يا أخدان السوء و الجلساء عليه إن لم تنتهوا أمسخكم قردة و خنازير
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ يا عيسى قل لظلمة بني إسرائيل الحكمة تبكي فرقا مني و أنتم بالضحك تهجرون أتتكم براءتي أم لديكم أمان من عذابي أم تتعرضون لعقوبتي فبي حلفت لأتركنكم مثلا للغابرين ثم إني أوصيك يا ابن مريم البكر البتول بسيد المرسلين و حبيبي منهم أحمد صاحب الجمل الأحمر و الوجه الأقمر المشرق بالنور الطاهر القلب الشديد البأس الحيي المتكرم فإنه رحمة للعالمين و سيد ولد آدم عندي يوم يلقاني أكرم السابقين علي و أقرب المرسلين مني العربي الأمي الديان بديني الصابر في ذاتي المجاهد للمشركين ببدنه عن ديني يا عيسى آمرك أن تخبر به بني إسرائيل و تأمرهم أن يصدقوا به و يؤمنوا به و يتبعوه و ينصروه قال عيسى إلهي من هو قال يا عيسى ارضه فلك الرضا قال اللهم رضيت فمن هو قال محمد رسول الله إلى الناس كافة أقربهم مني منزلة و أوجبهم عندي شفاعة طوباه من نبي و طوباه لأمته إن هم لقوني على سبيله يحمده أهل الأرض و يستغفر له أهل السماء أمين ميمون مطيب خير الماضين و الباقين عندي يكون في آخر الزمان إذا خرج أرخت السماء عزاليها و أخرجت الأرض زهرتها
كا، ]الكافي[ حتى يروا البركة
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ و أبارك فيما وضع يده عليه كثير الأزواج قليل الأولاد يسكن بكة موضع أساس إبراهيم يا عيسى دينه الحنفية و قبلته مكية و هو من حزبي و أنا معه فطوباه طوباه له الكوثر و المقام الأكبر من جنات عدن يعيش أكرم معاش و يقبض شهيدا له حوض أبعد من مكة إلى مطلع الشمس مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ فيه آنية مثل نجوم السماء
كا، ]الكافي[ و أكواب مثل مدر الأرض
لي، ]الأمالي للصدوق[ ماؤه كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ عذب فيه من كل شراب و طعم كل ثمار في الجنة من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا أبعثه على فترة بينك و بينه يوافق سره علانيته و قوله فعله لا يأمر الناس إلا بما يبدؤهم به دينه الجهاد في عسر و يسر تنقاد له البلاد و يخضع له صاحب الروم على دينه و دين أبيه إبراهيم و يسمي عند الطعام و يفشي السلام و يصلي و الناس نيام له كل يوم خمس صلوات متواليات
كا، ]الكافي[ ينادي إلى الصلاة كنداء الجيش بالشعار و
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ يفتتح بالتكبير و يختتم بالتسليم و يصف قدميه في الصلاة كما تصف الملائكة أقدامها و يخشع لي قلبه
كا، ]الكافي[ و رأسه كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ النور في صدره و الحق في لسانه و هو مع الحق حيثما كان
كا، ]الكافي[ أصله يتيم ضال برهة من زمانه عما يراد به
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ تنام عيناه و لا ينام قلبه له الشفاعة و على أمته تقوم الساعة و يدي فوق أيديهم إذا بايعوه فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى
كا، ]الكافي[ بِما عاهَدَ عَلَيْهُ
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ وفيت له بالجنة فمر ظلمة بني إسرائيل لا يدرسوا كتبه و لا يحرفوا سنته و أن يقرءوه السلام فإن له في المقام شأنا من الشأن يا عيسى كل ما يقربك مني فقد دللتك عليه و كل ما يباعدك مني قد نهيتك عنه فارتد لنفسك يا عيسى إن الدنيا حلوة و إنما استعملتك فيها لتطيعني فجانب منها ما حذرتك و خذ منها ما أعطيتك عفوا
كا، ]الكافي[ يا عيسى كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ انظر في عملك نظر العبد المذنب الخاطئ و لا تنظر في عمل غيرك نظر الرب و كن فيها زاهدا و لا ترغب فيها فتعطب يا عيسى اعقل و تفكر و انظر في نواحي الأرض كيف كان عاقبة الظالمين يا عيسى كل وصيتي نصيحة لك و كل قولي
كا، ]الكافي[ لك كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ حق و أنا الحق المبين و حقا أقول لئن أنت عصيتني بعد أن أنبأتك ما لك من دوني ولي و لا نصير يا عيسى ذلل قلبك بالخشية و انظر إلى من هو أسفل منك و لا تنظر إلى من هو فوقك و اعلم أن رأس كل خطيئة و ذنب حب الدنيا فلا تحبها فإني لا أحبها يا عيسى أطب بي قلبك و أكثر ذكري في الخلوات و اعلم أن سروري أن تبصبص إلي و كن في ذلك حيا و لا تكن ميتا يا عيسى لا تشرك بي شيئا و كن مني على حذر و لا تغتر بالصحة و لا تغبط نفسك فإن الدنيا كفيئ زائل و ما أقبل منها كما أدبر فنافس في الصالحات جهدك و كن مع الحق حيثما كان و إن قطعت و أحرقت بالنار فلا تكفر بي بعد المعرفة و لا تكن مع الجاهلين
كا، ]الكافي[ فإن الشيء يكون مع الشيء
كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ يا عيسى صب
كا، ]الكافي[ إلي كا، ]الكافي[ لي، ]الأمالي للصدوق[ الدموع من عينيك و اخشع لي بقلبك يا عيسى استغفرني في حالات الشدة فإني أغيث المكروبين و أجيب المضطرين و أنا أرحم الراحمين
بيان قال الجزري قد تكرر فيه ذكر المسيح ع فسمي به لأنه كان لا يمسح بيده ذا عاهة إلا برئ و قيل لأنه كان أمسح الرجل لا أخمص له و قيل لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن و قيل لأنه كان يمسح الأرض أي يقطعها و قيل المسيح الصديق و قيل هو بالعبرانية مشيحا فعربت. قوله تعالى وصية المتحنن أي أوصيك و قد أحسنت إليك برحمتي و ربيتك في درجات الكمال بلطفي حين حقت و في الكافي حتى حقت أي ثبتت و وجبت لك ولايتي و محبتي بسبب أنك تطلب مسرتي و لا تفعل إلا ما يوجب رضاي. قوله فبوركت البركة النمو و الزيادة أي زيد في علمك و قربك و كمالك في صغرك و كبرك أو جعلتك ذا بركة في اليد و اللسان بإحياء الموتى و إبراء ذوي العاهات و تكثير القليل من الطعام و الشراب قوله كهمك أي اجعلني و اتخذني قريبا منك كقرب همك و ما يخطر ببالك منك أو اهتم بأوامري كما تهتم بأمور نفسك قوله و لا تول غيري أي لا تتخذ غيري ولي أمرك أو لا تجعل حبك لغيري قوله و احكم أي اقض بين الناس بما علمتك من لطائف الحكمة قوله نافس المنافسة الرغبة في الشيء و الانفراد به قوله بنصحي أي بما علمتك للحكم بينهم لنصحي لهم أو كما أني لك ناصح فكن أنت ناصحا لهم. و قال الفيروزآبادي البتول المنقطعة عن الرجال و مريم العذراء و فاطمة بنت سيد المرسلين عليهما الصلاة و السلام لانقطاعها عن نساء زمانها و نساء الأمة فضلا و دينا و حسبا و المنقطعة عن الدنيا إلى الله. قوله و قلى الدنيا أي أبغضها قوله رح من الدنيا أي اقطع عنك كل يوم شيئا من علائق الدنيا لكيلا يصعب عليك مفارقتها عند حلول أجلك قوله ما أنت إلا بساعتك أي لا تعلم بقاءك بعد تلك الساعة و هذا اليوم فاغتنمها. قوله فرح من الدنيا أي اترك الدنيا و اكتف منها بالبلاغ و الكفاف أو كن بحيث إذا فارقت الدنيا لم تكن أخذت منها سوى البلغة و يحتمل أن يكون المراد بالبلغة ما يبلغ الإنسان من زاد الآخرة إلى درجاتها الرفيعة. قوله و ليكفك الخشن أي من الثياب الجشب أي من الطعام و الظاهر كونهما إما صفة للثياب أو لهما و الجشب الغليظ قوله إلى ما يصير أي الثوب و الطعام فإن مصير الأول إلى البلى و الثاني إلى ما ترى. قوله كرحمتي الكاف إما للتشبيه في أصل الرحمة لا في كيفيتها و قدرها أو للتعليل أي لرحمتي إياك قوله لذاذة نطقك أي نطقك اللذيذ أو التذاذك بذكري قوله طرفك الكليل قال الجزري طرف كليل إذا لم يحقق المنظور به أي لا تحدق النظر إلى السماء حياء بل انظر بتخشع و يحتمل أن يكون وصف الطرف بالكلال لبيان عجز قوى المخلوقين. قوله تحت أحضانكم جمع الحضن و هو ما دون الإبط إلى الكشح و هو كناية عن ضبط الحرام بحفظه و عدم رده إلى أهله و لعل المراد بالأصنام الدراهم و الدنانير و الذخائر التي كانوا يحرزونها في بيوتهم و لا يؤدون حق الله منها
كما ورد في الخبر ملعون من عبد الدينار و الدرهم
قوله لعنا عليهم أي إجابتي للظالمين فيما يطلبون من دنياهم موجب لبعدهم عن رحمتي و استدراج مني لهم و التفرق إما عن الدعاء أو بالموت. قوله مترحما الرحم رقة القلب و الترحم إعمالها و إظهارها قوله و اذكرني بالصالحات أي بفعل الأعمال الصالحة فإنها مسببة عن ذكره تعالى و ذكره تعالى له إثابته أو ذكره في الملإ الأعلى بخير قوله يغوي و في الكافي يعدي أي يؤثر أخلاقه الذميمة فيمن يصاحبه يقال أعداه الداء و هو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء. قوله يردي أي يهلك من يقارنه قوله تعالى هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أي هل تشعر بأحد منهم و تراه أو تسمع صوته و الاصطلام الاستيصال قوله بأدب إلهك أي بالآداب التي أمرك بها إلهك أو المراد التخلق بأخلاق الله قوله بمثل رحمتي أي الجنة أو المغفرة قوله فيضا أي كثيرا واسعا و الظاهر أن المقصود بهذا الخطاب أمته ع كقوله تعالى لنبينا ص لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ. و الهون السكينة و الوقار قوله و صل على البقاع هذا خلاف ما هو المشهور من أن جواز الصلاة في كل البقاع من خصائص نبينا ص بل كان يلزمهم الصلاة في معابدهم فيمكن أن يكون هذا الحكم فيهم مختصا بالفرائض أو بغيره من أمته. قوله شمر أي جد في العبادة فإن الموت آت و كل ما هو آت قريب قوله و زهقت أي هلكت و اضمحلت قوله مع آبائك أي تكون معهم أو طوبى لك معهم و الأنكال جمع النكل بالكسر و هو القيد الشديد قوله فكن بي أي بمعونتي خبيرا بعيوب نفسك أو كن عالما بي و برحمتي و نعمتي و عقوبتي حتى لا تغلبك نفسك قوله مراقبا لي أي تنتظر فضلي و إحساني و تخاف عذابي و تعلم أني مطلع على سرائر أمرك قوله تعالى لا يصلح لسانان في فم واحد أي بأن تقول في حضور القوم شيئا و في غيبتهم غيره أو تمزج الحق بالباطل و لا قلبان في صدر واحد أي لا يجتمع حبه تعالى و حب غيره في قلب واحد فلا يجتمعان إلا بأن يكون لك قلبان و هو محال كما قال تعالى ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ. قوله تعالى و كذلك الأذهان أي لا يجتمع شيئان متضادان في ذهن واحد
كالتوجه إلى الله و إلى الدنيا و التوكل على الله و على غيره و يحتمل أن يكون ذكر اللسان و القلب تمهيدا لبيان الأخير أي كما لا يمكن أن يكون في فم لسانان و في صدر قلبان فكذلك لا يجوز أن يكون في ذهن واحد أمران متضادان يصيران منشأين لأمور مختلفة متباينة قوله تعالى لا تستيقظن عاصيا أي لا تنبه غيرك و الحال أنك عاص بل ابدأ بإصلاح نفسك قبل إصلاح غيرك و كذا الفقرة الثانية و يشكل بأن الاستيقاظ لم يرد متعديا فيحتمل أن يكون المراد لا يكن تيقظك تيقظا ناقصا مخلوطا بالعصيان أو لا يكن تيقظك عند الموت بعد العصيان فتكون الفقرة الثانية تأسيسا و هو أولى من التأكيد قوله مؤديتك إلي أي تردك إلي بالموت و أعاقبك بما عملت من معاصيك قوله في جنبي أي في قربي أو طاعتي قوله تعالى و أفض من الإفضاء بمعنى الإيصال أو من الإفاضة بمعنى الاندفاع و الإسراع في السير أي أقبل إلي بسبب حسناتك أو معها. قوله تعالى بالرجوع إلي أي بسبب أن مرجعك إلي قوله بكلامي أي بلفظ كن من غير والد قوله و نظيرك يحيى أي في الزهد و العبادة و سائر الكمالات أو في الولادة فإنه من حيث تولده من شيخ كبير يئس من الولد فكأنه أيضا خلق من غير والد قوله من غير قوة بها أي كانت يائسة لا تستعد بحسب القوى البشرية عادة لتولده منها. قوله قد ألح في الكافي قد تذابح قال الفيروزآبادي تذابحوا ذبح بعضهم بعضا قوله ابغني عند وسادك أي اطلبني و تقرب إلي عند ما تتكئ على وسادك للنوم بذكري تجدني لك حافظا في نومك أو قريبا منك مجيبا في تلك الحال أيضا أو اطلبني بالعبادة عند إرادة التوسد أو في الوقت الذي يتوسد فيه الناس تجدني مفيضا عليك مترحما قوله أذكرك في نفسي أي أفيض عليك من رحماتي الخاصة من غير أن يطلع عليها غيري قوله عن ذكر الخناء أي الفحش في القول و الأخدان جمع الخدن بالكسر و هو الصديق قوله تعالى الحكمة تبكي إسناد البكاء إلى الحكمة مجازي لأنها سببه و يمكن أن يقدر مضاف أي أهل الحكمة و يحتمل على بعد أن يقرأ على باب الإفعال قوله تهجرون من الهجر و هو الهزء و قبيح الكلام. قوله للغابرين أي للباقين قوله يوم يلقاني أي تظهر سيادته في ذلك اليوم و يحتمل تعلقه بما بعده الديان بديني الديان القهار و الحاكم و القاضي أي يقهرهم على الدخول في دين الله أو يحكم بينهم بحكم الله أو يتعبد الله بدين الحق من دان بمعنى عبد و العزلاء فم المزادة الأسفل و الجمع العزالي بكسر اللام و فتحها و إرخاؤها كناية عن كثرة الأمطار و الخصب و السعة قوله من رحيق مختوم أي من جنسه قال الجزري الرحيق من أسماء الخمر يريد به خمر الجنة و المختوم المصون الذي لم يبتذل لأجل ختامه. و قال الفيروزآبادي الكوب بالضم كوز لا عروة له أو لا خرطوم و الجمع أكواب و قال الجزري في الحديث إن شعار أصحاب النبي ص في الغزو يا منصور أمت أمت أي علامتهم التي كانوا يتعارفون بها في الحرب قوله يتيم أي بلا أب أو بلا نظير أو منفرد عن الخلق ضال برهة أي طائفة من زمانه عما يراد به أي الوحي و البعثة أو ضال من بين قومه لا يعرفونه بالنبوة فكأنه ضل عنهم ثم وجدوه و سيأتي شرحه في كتاب أحوال النبي ص قوله فارتد لنفسك الارتياد الطلب أي اطلب لنفسك ما هو خير لك قوله عفوا أي فضلا و إحسانا أو حلالا طيبا. قال الفيروزآبادي العفو أحل المال و أطيبه و خيار الشيء و أجوده و الفضل و المعروف قوله نظر الرب أي النظر في أعمال الغير و محاسبتها شأن الرب لا شأن العبد قوله و كن فيها أي في تلك النظرة أو في الدنيا قوله أطب بي قلبك أي كن محبا لي راضيا عني يقال طابت نفسه بكذا أي رضيها و أحبها قوله أن تبصبص إلي قال الجزري يقال بصبص الكلب بذنبه إذا حركه و إنما يفعل ذلك من خوف أو طمع قوله و لا تغبط نفسك الظاهر أنه على بناء التفعيل يقال غبطهم أي حملهم على الغبطة أي لا تجعل نفسك في أمور الدنيا بحيث يغبطها الناس أو لا تجعل نفسك بحيث تغبط الناس على ما في أيديهم و الأول أظهر قوله فإن الشيء يكون مع الشيء أي لكل عمل جزاء أو كل شيء يكون مع مجانسه فلا تكن مع الجاهلين تكن مثلهم
14- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن المغيرة عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد ع قال مر عيسى ابن مريم ع على قوم يبكون فقال على ما يبكي هؤلاء فقيل يبكون على ذنوبهم قال فليدعوها يغفر لهم
15- لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن ابن أبان عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن علي الخزاز قال سمعت أبا الحسن الرضا ع يقول قال عيسى ابن مريم ع للحواريين يا بني إسرائيل لا تأسوا على ما فاتكم من دنياكم إذا سلم دينكم كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا سلمت دنياهم
ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ الحسن بن علي مثله
16- ف، ]تحف العقول[ مواعظ المسيح ع في الإنجيل و غيره و من حكمه طوبى للمتراحمين أولئك هم المرحومون يوم القيامة طوبى للمصلحين بين الناس أولئك هم المقربون يوم القيامة طوبى للمطهرة قلوبهم أولئك يزورون الله يوم القيامة طوبى للمتواضعين في الدنيا أولئك يرثون منابر الملك يوم القيامة طوبى للمساكين لهم ملكوت السماء طوبى للمحزونين هم الذين يسرون طوبى للذين يجوعون و يظمئون خشوعا هم الذين يسبقون طوبى للمسبوبين من أجل الطهارة فإن لهم ملكوت السماء طوباكم إذا حسدتم و شتمتم و قيل فيكم كل كلمة قبيحة كاذبة حينئذ فافرحوا و ابتهجوا فإن أجركم قد كثر في السماء و قال يا عبيد السوء تلومون الناس على الظن و لا تلومون أنفسكم على اليقين يا عبيد الدنيا تحلقون رءوسكم تقصرون قمصكم و تنكسون رءوسكم و لا تنزعون الغل من قلوبكم يا عبيد الدنيا مثلكم كمثل القبور المشيدة يعجب الناظر ظهرها و داخلها عظام الموتى مملوءة خطايا يا عبيد الدنيا إنما مثلكم كمثل السراج يضيء للناس و يحرق نفسه يا بني إسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم و لو جثوا على الركب فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر يا بني إسرائيل قلة المنطق حكم عظيم فعليكم بالصمت فإنه دعة حسنة و قلة وزر و خفة من الذنوب فحصنوا باب العلم فإن بابه الصبر و إن الله يبغض الضحاك من غير عجب و المشاء إلى غير أرب و يحب الوالي الذي يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته فاستحيوا الله في سرائركم كما تستحيون الناس في علانيتكم و اعلموا أن كلمة الحكمة ضالة المؤمن فعليكم قبل أن يرفع و رفعه أن يذهب رواته يا صاحب العلم عظم العلماء لعلمهم و دع منازعتهم و صغر الجهال لجهلهم و لا تطردهم و لكن قربهم و علمهم يا صاحب العلم اعلم أن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ عليها يا صاحب العلم اعلم أن كل معصية عجزت عن توبتها بمنزلة عقوبة تعاقب بها يا صاحب العلم كرب لا تدري متى تغشاك فاستعد لها قبل أن تفجأك و قال لأصحابه أ رأيتم لو أن أحدا مر بأخيه فرأى ثوبه قد انكشف عن عورته أ كان كاشفا عنها أم يرد على ما انكشف منها قالوا بل يرد على ما انكشف منها قال كلا بل تكشفون عنها فعرفوا أنه مثل ضربه لهم فقالوا يا روح الله و كيف ذاك قال ذاك الرجل منكم يطلع على العورة من أخيه فلا يسترها بحق أقول لكم أعلمكم لتعلموا و لا أعلمكم لتعجبوا بأنفسكم إنكم لن تنالوا ما تريدون إلا بترك ما تشتهون و لن تظفروا بما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون إياكم و النظرة فإنها تزرع في القلوب الشهوة و كفى بها لصاحبها فتنة طوبى لمن جعل بصره في قلبه و لم يجعل بصره في نظر عينه لا تنظروا في عيوب الناس كالأرباب و انظروا في عيوبهم كهيئة عبيد الناس إنما الناس رجلان مبتلى و معافى فارحموا المبتلى و احمدوا الله على العافية يا بني إسرائيل أ ما تستحيون من الله إن أحدكم لا يسوغ له شرابه حتى يصفيه من القذى و لا يبالي أن يبلغ أمثال الغيلة أ لم تسمعوا أنه قيل لكم في التوراة صلوا أرحامكم و كافوا أرحامكم و أنا أقول لكم صلوا من قطعكم و أعطوا من منعكم و أحسنوا إلى من أساء إليكم و سلموا على من سبكم و أنصفوا من خاصمكم و اعفوا عمن ظلمكم كما أنكم تحبون أن يعفى عن إساءتكم فاعتبروا بعفو الله عنكم أ لا ترون أن شمسه أشرقت على الأبرار و الفجار منكم و أن مطره ينزل على الصالحين و الخاطئين منكم فإن كنتم لا تحبون إلا من أحبكم و لا تحسنون إلا إلى من أحسن إليكم و لا تكافئون إلا من أعطاكم فما فضلكم إذا على غيركم قد يصنع هذا السفهاء الذين ليست عندهم فضول و لا لهم أحلام و لكن إن أردتم أن تكونوا أحباء الله و أصفياء الله فأحسنوا إلى من أساء إليكم و اعفوا عمن ظلمكم و سلموا على من أعرض عنكم اسمعوا قولي و احفظوا وصيتي و ارعوا عهدي كيما تكونوا علماء فقهاء بحق أقول لكم إن قلوبكم بحيث تكون كنوزكم و كذلك الناس يحبون
أموالهم و تتوق إليها أنفسهم فضعوا كنوزكم في السماء حيث لا يأكلها السوس و لا ينالها اللصوص بحق أقول لكم إن العبد لا يقدر على أن يخدم ربين و لا محالة أن يؤثر أحدهما على الآخر و إن جهد كذلك لا يجتمع لكم حب الله و حب الدنيا بحق أقول لكم إن شر الناس لرجل عالم آثر دنياه على علمه فأحبها و طلبها و جهد عليها حتى لو استطاع أن يجعل الناس في حيرة لفعل و ما ذا يغني عن الأعمى سعة نور الشمس و هو لا يبصرها كذلك لا يغني عن العالم علمه إذا هو لم يعمل به ما أكثر ثمار الشجر و ليس كلها ينفع و لا يؤكل و ما أكثر العلماء و ليس كلهم ينتفع بما علم و ما أوسع الأرض و ليس كلها تسكن و ما أكثر المتكلمين و ليس كل كلامهم يصدق فاحتفظوا من العلماء الكذبة الذين عليهم ثياب الصوف منكسو رءوسهم إلى الأرض يزورون به الخطايا يطرفون من تحت حواجبهم كما ترمق الذئاب و قولهم يخالف فعلهم و هل يجتنى من العوسج العنب و من الحنظل التين و كذلك لا يؤثر قول العالم الكاذب إلا زورا و ليس كل من يقول يصدق بحق أقول لكم إن الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا و كذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع و لا تعمر في قلب المتكبر الجبار أ لم تعلموا أنه من شمخ برأسه إلى السقف شجه و من خفض برأسه عنه استظل تحته و أكنه و كذلك من لم يتواضع لله خفضه و من تواضع لله رفعه إنه ليس على كل حال يصلح العسل في الزقاق و كذلك القلوب ليس على كل حال تعمر الحكمة فيها إن الزق ما لم ينخرق أو يقحل أو يتفل فسوف يكون للعسل وعاء و كذلك القلوب ما لم تخرقها الشهوات و يدنسها الطمع و يقسيها النعيم فسوف تكون أوعية للحكمة بحق أقول لكم إن الحريق ليقع في البيت الواحد فلا يزال ينتقل من بيت إلى بيت حتى تحترق بيوت كثيرة إلا أن يستدرك البيت الأول فيهدم من قواعده فلا تجد فيه النار محلا و كذلك الظالم الأول لو أخذ على يديه لم يوجد من بعده إمام ظالم فيأتمون به كما لو لم تجد النار في البيت الأول خشبا و ألواحا لم تحرق شيئا بحق أقول لكم من نظر إلى الحية تؤم أخاه لتلدغه و لم يحذره حتى قتلته فلا يأمن أن يكون قد شرك في دمه و كذلك من نظر إلى أخيه يعمل الخطيئة و لم يحذره عاقبتها حتى أحاطت به فلا يأمن أن يكون قد شرك في إثمه و من قدر على أن يغير الظالم ثم لم يغيره فهو كفاعله و كيف يهاب الظالم و قد أمن بين أظهركم لا ينهى و لا يغير عليه و لا يؤخذ على يديه فمن أين يقصر الظالمون أم كيف لا يغترون فحسب أحدكم أن يقول لا أظلم و من شاء فليظلم و يرى الظلم فلا يغيره فلو كان الأمر على ما تقولون لم تعاقبوا مع الظالمين الذين لم تعملوا بأعمالهم حين تنزل بهم العثرة في الدنيا ويلكم يا عبيد السوء كيف ترجون أن يؤمنكم الله من فزع يوم القيامة و أنتم تخافون الناس في طاعة الله و تطيعونهم في معصيته و تفون لهم بالعهود الناقضة لعهده بحق أقول لكم لا يؤمن الله من فزع ذلك اليوم من اتخذ العباد أربابا من دونه ويلكم يا عبيد السوء من أجل دنيا دنية و شهوة رديئة تفرطون في ملك الجنة و تنسون هول يوم القيامة ويلكم يا عبيد الدنيا من أجل نعمة زائلة و حياة منقطعة تفرون من الله و تكرهون لقاءه فكيف يحب الله لقاءكم و أنتم تكرهون لقاءه و إنما يحب الله لقاء من يحب لقاءه و يكره لقاء من يكره لقاءه و كيف تزعمون أنكم أولياء الله من دون الناس و أنتم تفرون من الموت و تعتصمون بالدنيا فما ذا يغني عن الميت طيب ريح حنوطه و بياض أكفانه و كل ذلك يكون في التراب كذلك لا يغني عنكم بهجة دنياكم التي زينت لكم و كل ذلك إلى سلب و زوال ما ذا يغني عنكم نقاء أجسادكم و صفاء ألوانكم و إلى الموت تصيرون و في التراب تنسون و في ظلمة القبر تغمرون ويلكم يا عبيد الدنيا
تحملون السراج في ضوء الشمس و ضوؤها كان يكفيكم و تدعون أن تستضيئوا بها في الظلم و من أجل ذلك سخرت لكم كذلك استضأتم بنور العلم لأمر الدنيا و قد كفيتموه و تركتم أن تستضيئوا به لأمر الآخرة و من أجل ذلك أعطيتموه تقولون إن الآخرة حق و أنتم تمهدون الدنيا و تقولون إن الموت حق و أنتم تفرون منه و تقولون إن الله يسمع و يرى و لا تخافون إحصاءه عليكم فكيف يصدقكم من سمعكم فإن من كذب من غير علم أعذر ممن كذب على علم و إن كان لا عذر في شيء من الكذب بحق أقول لكم إن الدابة إذا لم تركب و لم تمتهن و تستعمل لتصعب و يتغير خلقها و كذلك القلوب إذا لم ترقق بذكر الموت و يتبعها دءوب العبادة تقسو و تغلظ ما ذا يغني عن البيت المظلم أن يوضع السراج فوق ظهره و جوفه وحش مظلم كذلك لا يغني عنكم أن يكون نور العلم بأفواهكم و أجوافكم منه وحشة معطلة فأسرعوا إلى بيوتكم المظلمة فأنيروا فيها كذلك فأسرعوا إلى قلوبكم القاسية بالحكمة قبل أن ترين عليها الخطايا فتكون أقسى من الحجارة كيف يطيق حمل الأثقال من لا يستعين على حملها أم كيف تحط أوزار من لا يستغفر الله منها أم كيف تنقي ثياب من لا يغسلها و كيف يبرأ من الخطايا من لا يكفرها أم كيف ينجو من غرق البحر من يعبر بغير سفينة و كيف ينجو من فتن الدنيا من لم يداوها بالجد و الاجتهاد و كيف يبلغ من يسافر بغير دليل و كيف يصير إلى الجنة من لا يبصر معالم الدين و كيف ينال مرضاة الله من لا يطيعه و كيف يبصر عيب وجهه من لا ينظر في المرآة و كيف يستكمل حب خليله من لا يبذل له بعض ما عنده و كيف يستكمل حب ربه من لا يقرضه بعض ما رزقه بحق أقول لكم إنه كما لا ينقص البحر أن تغرق فيه السفينة و لا يضره ذلك شيئا كذلك لا تنقصون الله بمعاصيكم شيئا و لا تضرونه بل أنفسكم تضرون و إياها تنقصون و كما لا ينقص نور الشمس كثرة من يتقلب فيها بل به يعيش و يحيا كذلك لا ينقص الله كثرة ما يعطيكم و يرزقكم بل برزقه تعيشون و به تحيون يزيد من شكره إنه شاكر عليم ويلكم يا أجراء السوء الأجر تستوفون و الرزق تأكلون و الكسوة تلبسون المنازل تبنون و عمل من استأجركم تفسدون يوشك رب هذا العمل أن يطالعكم فينظر في عمله الذي أفسدتم فينزل بكم ما يخزيكم و يأمر برقابكم فتجذ من أصولها و يأمر بأيديكم فتقطع من مفاصلها ثم يأمر بجثتكم فتجر على بطونها حتى توضع على قوارع الطريق حتى تكونوا عظة للمتقين و نكالا للظالمين ويلكم يا علماء السوء لا تحدثوا أنفسكم أن آجالكم تستأخر من أجل أن الموت لم ينزل بكم فكأنه قد حل بكم فأظعنكم فمن الآن فاجعلوا الدعوة في آذانكم و من الآن فنوحوا على أنفسكم و من الآن فابكوا على خطاياكم و من الآن فتجهزوا و خذوا أهبتكم و بادروا التوبة إلى ربكم بحق أقول لكم إنه كما ينظر المريض إلى طيب الطعام فلا يلتذه مع ما يجده من شدة الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ بالعبادة و لا يجد حلاوتها مع ما يجد من حب المال و كما يلتذ المريض نعت الطبيب العالم بما يرجو فيه من الشفاء فإذا ذكر مرارة الدواء و طعمه كدر عليه الشفاء كذلك أهل الدنيا يلتذون ببهجتها و أنواع ما فيها فإذا ذكروا فجأة الموت كدرها عليهم و أفسدها بحق أقول لكم إن كل الناس يبصر النجوم و لكن لا يهتدي بها إلا من يعرف مجاريها و منازلها و كذلك تدرسون الحكمة و لكن لا يهتدي لها منكم إلا من عمل بها ويلكم يا عبيد الدنيا نقوا القمح و طيبوه و أدقوا طحنه تجدوا طعمه و يهنئكم أكله
كذلك فأخلصوا الإيمان و أكملوه تجدوا حلاوته و ينفعكم غبه بحق أقول لكم لو وجدتم سراجا يتوقد بالقطران في ليلة مظلمة لاستضأتم به فلم يمنعكم منه ريح قطرانه كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه و لا يمنعكم منه سوء رغبته فيها ويلكم يا عبيد الدنيا لا كحكماء تعقلون و لا كحلماء تفقهون و لا كعلماء تعلمون و لا كعبيد أتقياء و لا كأحرار كرام توشك الدنيا أن تقتلعكم من أصولكم فتقلبكم على وجوهكم ثم تكبكم على مناخركم ثم تأخذ خطاياكم بنواصيكم و يدفعكم العلم من خلفكم حتى يسلماكم إلى الملك الديان عراة فرادى فيجزيكم بسوء أعمالكم ويلكم يا عبيد الدنيا أ ليس بالعلم أعطيتم السلطان على جميع الخلائق فنبذتموه فلم تعملوا به و أقبلتم على الدنيا فبها تحكمون و لها تمهدون و إياها تؤثرون و تعمرون فحتى متى أنتم للدنيا ليس لله فيكم نصيب بحق أقول لكم لا تدركون شرف الآخرة إلا بترك ما تحبون فلا تنتظروا بالتوبة غدا فإن دون غد يوما و ليلة قضاء الله فيهما يغدو و يروح بحق أقول لكم إن صغار الخطايا و محقراتها لمن مكايد إبليس يحقرها لكم و يصغرها في أعينكم و تجتمع فتكثر و تحيط بكم بحق أقول لكم إن المدحة بالكذب و التزكية في الدين لمن رأس الشرور المعلومة و إن حب الدنيا لرأس كل خطيئة بحق أقول لكم ليس شيء أبلغ في شرف الآخرة و أعون على حوادث الدنيا من الصلاة الدائمة و ليس شيء أقرب إلى الرحمن منها فدوموا عليها و استكثروا منها و كل عمل صالح يقرب إلى الله فالصلاة أقرب إليه و آثر عنده بحق أقول لكم إن كل عمل المظلوم الذي لم ينتصر بقول و لا فعل و لا حقد هو في ملكوت السماء عظيم أيكم رأى نورا اسمه ظلمة أو ظلمة اسمها نور كذلك لا يجتمع للعبد أن يكون مؤمنا كافرا و لا مؤثرا للدنيا راغبا في الآخرة و هل زراع شعير يحصد قمحا
أو زراع قمح يحصد شعيرا كذلك يحصد كل عبد في الآخرة ما زرع و يجزى بما عمل بحق أقول لكم إن الناس في الحكمة رجلان فرجل أتقنها بقوله و ضيعها بسوء فعله و رجل أتقنها بقوله و صدقها بفعله و شتان بينهما فطوبى للعلماء بالفعل و ويل للعلماء بالقول بحق أقول لكم من لا ينقي من زرعه الحشيش يكثر فيه حتى يغمره فيفسده و كذلك من لا يخرج من قلبه حب الدنيا يغمره حتى لا يجد لحب الآخرة طعما ويلكم يا عبيد الدنيا اتخذوا مساجد ربكم سجونا لأجسادكم و اجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى و لا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات بحق أقول لكم أجزعكم على البلاء لأشدكم حبا للدنيا و إن أصبركم على البلاء لأزهدكم في الدنيا ويلكم يا علماء السوء أ لم تكونوا أمواتا فأحياكم فلما أحياكم متم ويلكم أ لم تكونوا أميين فعلمكم فلما علمكم نسيتم ويلكم أ لم تكونوا جفاة ففقهكم الله فلما فقهكم جهلتم ويلكم أ لم تكونوا ضلالا فهداكم فلما هداكم ضللتم ويلكم أ لم تكونوا عميا فبصركم فلما بصركم عميتم ويلكم أ لم تكونوا صما فأسمعكم فلما أسمعكم صممتم ويلكم أ لم تكونوا بكما فأنطقكم فلما أنطقكم بكمتم ويلكم أ لم تستفتحوا فلما فتح لكم نكصتم على أعقابكم ويلكم أ لم تكونوا أذلة فأعزكم فلما عززتم قهرتم و اعتديتم و عصيتم ويلكم أ لم تكونوا مستضعفين فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فنصركم و أيدكم فلما نصركم استكبرتم و تجبرتم فيا ويلكم من ذل يوم القيامة كيف يهينكم و يصغركم و يا ويلكم يا علماء السوء إنكم لتعملون عمل الملحدين و تأملون أمل الوارثين و تطمئنون بطمأنينة الآمنين و ليس أمر الله على ما تتمنون و تتخيرون بل للموت تتوالدون و للخراب تبنون و تعمرون و للوارثين تمهدون بحق أقول لكم إن موسى كان يأمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين و أنا أقول لا تحلفوا بالله صادقين و لا كاذبين و لكن قولوا لا و نعم يا بني إسرائيل عليكم بالبقل البري و خبز الشعير و إياكم و خبز البر فإني أخاف عليكم أن لا تقوموا بشكره بحق أقول لكم إن الناس معافى و مبتلى فاحمدوا الله على العافية و ارحموا أهل البلاء بحق أقول لكم إن كل كلمة سيئة تقولون بها تعطون جوابها يوم القيامة يا عبيد السوء إذا قرب أحدكم قربانه ليذبحه فذكر أن أخاه واجد عليه فليترك قربانه و ليذهب إلى أخيه فليرضه ثم ليرجع إلى قربانه فليذبحه يا عبيد السوء إذا أخذ قميص أحدكم فليعط رداءه معه و من لطم خده منكم فليمكن من خده الآخر و من سخر منكم ميلا فليذهب ميلا آخر معه بحق أقول لكم ما ذا يغني عن الجسد إذا كان ظاهره صحيحا و باطنه فاسدا و ما يغني عنكم أجسادكم إذا أعجبتكم و قد فسدت قلوبكم و ما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم و قلوبكم دنسة بحق أقول لكم لا تكونوا كالمنخل يخرج الدقيق الطيب و يمسك النخالة كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم و يبقى الغل في صدوركم بحق أقول لكم ابدءوا بالشر فاتركوه ثم اطلبوا الخير ينفعكم فإنكم إذا جمعتم الخير مع الشر لم ينفعكم الخير بحق أقول لكم إن الذي يخوض النهر لا بد أن يصيب ثوبه الماء و إن جهد أن لا يصيبه كذلك من يحب الدنيا لا ينجو من الخطايا بحق أقول لكم طوبى للذين يتهجدون من الليل أولئك الذين يرثون النور الدائم من أجل أنهم قاموا في ظلمة الليل على أرجلهم في مساجدهم يتضرعون إلى ربهم رجاء أن ينجيهم في الشدة غدا بحق أقول لكم إن الدنيا خلقت مزرعة يزرع فيها العباد الحلو و المر و الشر
و الخير الخير له مغبة نافعة يوم الحساب و الشر له عناء و شقاء يوم الحصاد بحق أقول لكم إن الحكيم يعتبر بالجاهل و الجاهل يعتبر بهواه أوصيكم أن تختموا على أفواهكم بالصمت حتى لا يخرج منها ما لا يحل لكم بحق أقول لكم إنكم لا تدركون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون و لا تبلغون ما تريدون إلا بترك ما تشتهون بحق أقول لكم يا عبيد الدنيا كيف يدرك الآخرة من لا تنقص شهوته من الدنيا و لا تنقطع منها رغبته بحق أقول لكم يا عبيد الدنيا ما الدنيا تحبون و لا الآخرة ترجون لو كنتم تحبون الدنيا أكرمتم العمل الذي به أدركتموها و لو كنتم تريدون الآخرة عملتم عمل من يرجوها بحق أقول لكم يا عبيد الدنيا إن أحدكم يبغض صاحبه على الظن و لا يبغض نفسه على اليقين و أقول لكم إن أحدكم ليغضب إذا ذكر له بعض عيوبه و هي حق و يفرح إذا مدح بما ليس فيه بحق أقول لكم إن أرواح الشياطين ما عمرت في شيء ما عمرت في قلوبكم و إنما أعطاكم الله الدنيا لتعملوا فيها للآخرة و لم يعطكموها لتشغلكم عن الآخرة و إنما بسطها لكم لتعلموا أنه أعانكم بها على العبادة و لم يعنكم بها على الخطايا و إنما أمركم فيها بطاعته و لم يأمركم فيها بمعصيته و إنما أعانكم بها على الحلال و لم يحل لكم بها الحرام و إنما وسعها لكم لتواصلوا فيها و لم يوسعها لكم لتقاطعوا فيها بحق أقول لكم إن الأجر محروص عليه و لا يدركه إلا من عمل له بحق أقول لكم إن الشجرة لا تكمل إلا بثمرة طيبة كذلك لا يكمل الدين إلا بالتحرج عن المحارم بحق أقول لكم إن الزرع لا يصلح إلا بالماء و التراب كذلك الإيمان لا يصلح إلا بالعلم و العمل بحق أقول لكم إن الماء يطفئ النار كذلك الحلم يطفئ الغضب بحق أقول لكم إنه لا يجتمع الماء و النار في إناء واحد كذا لا يجتمع الفقه و الغي في قلب واحد بحق أقول لكم إنه لا يكون مطر بغير سحاب كذلك لا يكون عمل في مرضاة الرب إلا بقلب تقي بحق أقول لكم إن النفس نور كل شيء و إن الحكمة نور كل قلب و التقوى رأس كل حكمة و الحق باب كل خير و رحمة الله باب كل حق و مفاتيح ذلك الدعاء و التضرع و العمل و كيف يفتح باب بغير مفتاح بحق أقول لكم إن الرجل الحكيم لا يغرس شجرة إلا شجرة يرضاها و لا يحمل على خيله إلا فرسا يرضاه كذلك المؤمن العالم لا يعمل إلا عملا يرضاه ربه بحق أقول لكم إن الصقالة تصلح السيف و تجلوه كذلك الحكمة للقلب تصقله و تجلوه و هي في قلب الحكيم مثل الماء في الأرض الميتة تحيي قلبه كما يحيي الماء الأرض الميتة و هي في قلب الحكيم مثل النور في الظلمة يمشي بها في الناس بحق أقول لكم إن نقل الحجارة من رءوس الجبال أفضل من أن تحدث من لا يعقل عنك حديثك كمثل الذي ينقع الحجارة لتلين و كمثل الذي يصنع الطعام لأهل القبور طوبى لمن حبس الفضل من قوله الذي يخاف عليه المقت من ربه و لا يحدث حديثا لا يفهمه و لا يغبط امرأ في قوله حتى يستبين له فعله طوبى لمن تعلم من العلماء ما جهل و علم الجاهل مما علم طوبى لمن عظم العلماء لعلمهم و ترك منازعتهم و صغر الجهال لجهلهم و لا يطردهم و لكن يقربهم و يعلمهم بحق أقول لكم يا معشر الحواريين إنكم اليوم في الناس كالأحياء من الموتى فلا تموتوا بموت الأحياء
و قال المسيح يقول الله تبارك و تعالى يحزن عبدي المؤمن أن أصرف عنه الدنيا و ذلك أحب ما يكون إلي و أقرب ما يكون مني و يفرح أن أوسع عليه في الدنيا و ذلك أبغض ما يكون إلي و أبعد ما يكون مني وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و صلى الله على محمد و آله و سلم تسليما
بيان قوله فضول أي فضل علم و كمال و قوله إن قلوبكم بحيث تكون كنوزكم أي قلب كل أحد يكون دائما متعلقا بكنزه الذي يدخره فإن كان كنزكم الأعمال الصالحة التي تكنزونها في السماء تكون قلوبكم سماوية و الغرض أن تعلق القلب بكنوز الدنيا و زخارفها لا يجتمع مع حبه تعالى قوله يطرفون أي ينظرون و رمقته أرمقه أي نظرت إليه قوله أو يقحل بالقاف و الحاء المهملة أي ييبس و تفل كفرح تغيرت رائحته قوله أمل الوارثين أي الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ قوله و من سخر على بناء المجهول من باب التفعيل و التسخير هو التكليف و الحمل على العمل بغير أجرة قوله و الجاهل يعتبر لعله على بناء المجهول و يحتمل المعلوم أيضا أي بعد ما يتبع هواه و يجد سوء عاقبته يعتبر به و قال الجزري فيه تحرجوا أن يأكلوا معهم أي ضيقوا على أنفسهم و تحرج فلان إذا فعل فعلا يخرج به من الحرج أي الإثم و الضيق.
أقول قال السيد ابن طاوس رحمه الله في سعد السعود قرأت في الإنجيل قال عيسى ع سمعتم ما قيل للأولين لا تزنوا و أنا أقول لكم إن من نظر إلى امرأة فاشتهاها فقد زنى بها في قلبه إن خانتك عينك اليمنى فاقلعها و ألقها عنك لأنه خير لك أن تهلك أحد أعضائك و لا تلقي جسدك كله في نار جهنم و إن شككتك يدك اليمنى فاقطعها و ألقها عنك فإنه خير لك أن تهلك أحد أعضائك من أن يذهب كل جسدك في جهنم. و في موضع آخر قال ع أقول لكم لا تهتموا ما ذا تأكلون و لا ما ذا تشربون و لا لأجسادكم ما تلبس أ ليس النفس أفضل من المأكل و الجسد أفضل من اللباس انظروا إلى طيور السماء التي لا تزرع و لا تحصد و لا تحزن و ربكم السماوي يقوتها أ ليس أنتم أفضل منهم من منكم يهتم فيقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحدة فلما ذا تهتمون باللباس و قال ع في موضع آخر أي إنسان منكم يسأله ابنه خبزا فيعطيه حجرا أو يسأله شملة فيعطيه حية فإذا كنتم أنتم الأشرار تعرفون تعطون العطايا الصالحة لأبنائكم فكان بالأحرى ربكم أن يعطيكم الخيرات لمن يسأله و في موضع آخر قال واحد من تلاميذه ائذن لي أولا يا سيدي أن أمضي فأواري أبي فقال له عيسى ع دع الموتى يدفنون موتاهم و اتبعني
17- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن سعد عن ابن هاشم عن الدهقان عن درست عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال كان المسيح ع يقول من كثر همه سقم بدنه و من ساء خلقه عذب نفسه و من كثر كلامه كثر سقطه و ممن كثر كذبه ذهب بهاؤه و من لاحى الرجال ذهبت مروءته
18- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن سعد عن ابن هاشم عن ابن مرار عن يونس عن ابن أسباط عن البطائني عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل أوحى إلى عيسى ابن مريم ع يا عيسى ما أكرمت خليقة بمثل ديني و لا أنعمت عليها بمثل رحمتي اغسل بالماء منك ما ظهر و داو بالحسنات ما بطن فإنك إلي راجع فشمر فكل ما هو آت قريب و أسمعني منك صوتا حزينا
19- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود رفعه إلى علي بن الحسين ع قال مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم ما لا تعلمون و لما عملتم بما علمتم فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد من الله إلا بعدا الخبر
20- ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن الأصبهاني عن المنقري عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسين ع قال قال المسيح ع للحواريين إنما الدنيا قنطرة فاعبروها و لا تعمروها
21- ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن زياد بن المنذر عن ابن طريف عن ابن نباتة عن أمير المؤمنين ع قال قال عيسى ابن مريم ع الدينار داء الدين و العالم طبيب الدين فإذا رأيتم الطبيب يجر الداء إلى نفسه فاتهموه و اعلموا أنه غير ناصح لغيره
22- ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن الحميري عن ابن هاشم عن ابن ميمون عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي ع قال قال عيسى ابن مريم ع طوبى لمن كان صمته فكرا و نظره عبرا و وسعه بيته و بكى على خطيئته و سلم الناس من يده و لسانه
23- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الصدوق عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن البطائني عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال أوحى الله إلى عيسى ابن مريم ع يا عيسى هب لي من عينيك الدموع و من قلبك الخشوع و اكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطالون و قم على قبور الأموات فنادهم بالصوت الرفيع لعلك تأخذ موعظتك منهم و قل إني لاحق في اللاحقين
24- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن القاساني عن الأصبهاني عن المنقري عن حفص قال سمعت أبا عبد الله ع يقول قال عيسى ابن مريم ع لأصحابه تعملون للدنيا و أنتم ترزقون فيها بغير عمل و لا تعملون للآخرة و لا ترزقون فيها إلا بالعمل ويلكم علماء السوء الأجرة تأخذون و العمل لا تصنعون يوشك رب العمل أن يطلب عمله و توشكوا أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى آخرته و هو مقبل على دنياه و ما يضره أشهى إليه مما ينفعه
25- ع، ]علل الشرائع[ بإسناد العمري عن آبائه عن علي ع أن النبي ص قال مر أخي عيسى ع بمدينة و فيها رجل و امرأة يتصايحان فقال ما شأنكما قال يا نبي الله هذه امرأتي و ليس بها بأس صالحة و لكني أحب فراقها قال فأخبرني على كل حال ما شأنها قال هي خلقة الوجه من غير كبر قال لها يا امرأة أ تحبين أن يعود ماء وجهك طريا قالت نعم قال لها إذا أكلت فإياك أن تشبعي لأن الطعام إذا تكاثر على الصدر فزاد في القدر ذهب ماء الوجه ففعلت ذلك فعاد وجهها طريا
26- و قال ص مر أخي عيسى ع بمدينة و إذا في ثمارها الدود فشكوا إليه ما بهم فقال دواء هذا معكم و ليس تعلمون أنتم قوم إذا غرستم الأشجار صببتم التراب ثم صببتم الماء و ليس هكذا يجب بل ينبغي أن تصبوا الماء في أصول الشجر ثم تصبوا التراب لكيلا يقع فيه الدود فاستأنفوا كما وصف فذهب ذلك عنهم
27- و قال ص مر أخي عيسى ع بمدينة و إذا وجوههم صفر و عيونهم زرق فصاحوا إليه و شكوا ما بهم من العلل فقال دواؤه معكم أنتم إذا أكلتم اللحم طبختموه غير مغسول و ليس يخرج شيء من الدنيا إلا بجنابة فغسلوا بعد ذلك لحومهم فذهبت أمراضهم
28- و قال مر أخي عيسى ع بمدينة و إذا أهلها أسنانهم منتثرة و وجوههم منتفخة فشكوا إليه فقال أنتم إذا نمتم تطبقون أفواهكم فتغلى الريح في الصدور حتى تبلغ إلى الفم فلا يكون لها مخرج فترد إلى أصول الأسنان فيفسد الوجه فإذا نمتم فافتحوا شفاهكم و صيروه لكم خلقا ففعلوا فذهب ذلك عنهم
29- مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن البرقي عن علي بن حديد عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال قال عيسى ابن مريم ع في خطبته قام لها في بني إسرائيل أصبحت فيكم و إدامي الجوع و طعامي ما تنبت الأرض للوحوش و الأنعام و سراجي القمر و فراشي التراب و وسادتي الحجر ليس لي بيت يخرب و لا مال يتلف و لا ولد يموت و لا امرأة تحزن أصبحت و ليس لي شيء و أمسيت و ليس لي شيء و أنا أغنى ولد آدم
30- مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن محمد العطار عن محمد بن الحسين عن أحمد بن سهل الأزدي العابد قال سمعت أبا فروة الأنصاري و كان من السائحين يقول قال عيسى ابن مريم ع يا معشر الحواريين بحق أقول لكم إن الناس يقولون إن البناء بأساسه و أنا لا أقول لكم كذلك قالوا فما ذا تقول يا روح الله قال بحق أقول لكم إن آخر حجر يضعه العامل هو الأساس قال أبو فروة إنما أراد خاتمة الأمر
31- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل بإسناده عن شقيق البلخي عمن أخبره من أهل العلم قال قيل لعيسى ابن مريم ع كيف أصبحت يا روح الله قال أصبحت و ربي تبارك و تعالى من فوقي و النار أمامي و الموت في طلبي لا أملك ما أرجو و لا أطيق دفع ما أكره فأي فقير أفقر مني الخبر
32- مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن محمد العطار عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن عمرو عن صالح بن سعيد عن أخيه سهل الحلواني عن أبي عبد الله ع قال بينا عيسى ابن مريم في سياحته إذ مر بقرية فوجد أهلها موتى في الطريق و الدور قال فقال إن هؤلاء ماتوا بسخطة و لو ماتوا بغيرها تدافنوا قال فقال أصحابه وددنا أنا عرفنا قصتهم فقيل له نادهم يا روح الله قال فقال يا أهل القرية قال فأجابه مجيب منهم لبيك يا روح الله قال ما حالكم و ما قصتكم قال أصبحنا في عافية و بتنا في الهاوية قال فقال و ما الهاوية فقال بحار من نار فيها جبال من النار قال و ما بلغ بكم ما أرى قال حب الدنيا و عبادة الطاغوت قال و ما بلغ من حبكم الدنيا قال كحب الصبي لأمه إذا أقبلت فرح و إذا أدبرت حزن قال و ما بلغ من عبادتكم الطواغيت قال كانوا إذا أمرونا أطعناهم قال فكيف أنت أجبتني من بينهم قال لأنهم ملجمون بلجم من نار عليهم ملائكة غلاظ شداد و إني كنت فيهم و لم أكن منهم فلما أصابهم العذاب أصابني معهم فأنا متعلق بشعرة على شفير جهنم أخاف أن أكبكب في النار قال فقال عيسى ع لأصحابه إن النوم على المزابل و أكل خبز الشعير خير كثير مع سلامة الدين
33- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى ابن أورمة عن عيسى بن العباس عن محمد بن عبد الكريم التفليسي عن عبد المؤمن بن محمد رفعه قال قال رسول الله ص أوحى الله تعالى جلت عظمته إلى عيسى ع جد في أمري و لا تترك إني خلقتك من غير فحل آية للعالمين أخبرهم آمنوا بي و برسولي النبي الأمي نسله من مباركة و هي مع أمك في الجنة طوبى لمن سمع كلامه و أدرك زمانه و شهد أيامه قال عيسى يا رب و ما طوبى قال شجرة في الجنة تحتها عين من شرب منها شربة لم يظمأ بعدها أبدا قال عيسى يا رب اسقني منها شربة قال كلا يا عيسى إن تلك العين محرمة على الأنبياء حتى يشربها ذلك النبي و تلك الجنة محرمة على الأمم حتى يدخلها أمة ذلك النبي
34- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق بإسناده عن ابن سنان قال قال الصادق ع قال عيسى ابن مريم ع لجبرئيل متى قيام الساعة فانتفض جبرئيل انتفاضة أغمي عليه منها فلما أفاق قال يا روح الله ما المسئول أعلم بها من السائل و له من السماوات و الأرض لا تأتيكم إلا بغتة و قال الحواريون لعيسى يا معلم الخير علمنا أي الأشياء أشد قال أشد الأشياء غضب الله قالوا فبما يتقى غضب الله قال بأن لا تغضبوا قالوا و ما بدء الغضب قال الكبر و التجبر و محقرة الناس
35- ختص، ]الإختصاص[ الصدوق عن ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن البزنطي عن عبد الكريم بن عمرو عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله ع قال إن عيسى ابن مريم ع قال داويت المرضى فشفيتهم بإذن الله و أبرأت الأكمه و الأبرص بإذن الله و عالجت الموتى فأحييتهم بإذن الله و عالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه فقيل يا روح الله و ما الأحمق قال المعجب برأيه و نفسه الذي يرى الفضل كله له لا عليه و يوجب الحق كله لنفسه و لا يوجب عليها حقا فذلك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته
36- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده عن ابن سنان عن البزنطي عن أبي بصير عن الصادق ع قال إن عيسى ع مر بقوم مجلبين فسأل عنهم فقيل بنت فلان تهدى إلى بيت فلان فقال صاحبتهم ميتة من ليلتهم فلما كان من الغد قيل إنها حية فذهب مع الناس إلى دارها فخرج زوجها فقال له سل زوجتك ما فعلت البارحة من الخير فقالت ما فعلت شيئا إلا أن سائلا كان يأتيني كل ليلة جمعة فيما مضى و إنه جاءنا ليلتنا فهتفت فلم يجب فقال عز علي أنها لا تسمع صوتي و عيالي يبقون الليلة جياعا فقمت متنكرة فأنلته مقدار ما كنت أنيله فيما مضى قال عيسى ع تنحي عن مجلسك فتنحت فإذا تحت ثيابها أفعى عاض على ذنبه فقال بما تصدقت صرف عنك هذا
37- جا، ]المجالس للمفيد[ أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن رجل عن واصل بن سليمان عن ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كان المسيح ع يقول لأصحابه إن كنتم أحبائي و إخواني فوطنوا أنفسكم على العداوة و البغضاء من الناس فإن لم تفعلوا فلستم بإخواني إنما أعلمكم لتعلموا و لا أعلمكم لتعجبوا إنكم لن تنالوا ما تريدون إلا بترك ما تشتهون و بصبركم على ما تكرهون و إياكم و النظرة فإنها تزرع في قلب صاحبها الشهوة و كفى بها لصاحبها فتنة يا طوبى لمن يرى بعينيه الشهوات و لم يعمل بقلبه المعاصي ما أبعد ما قد فات و أدنى ما هو آت ويل للمغترين لو قد آزفهم ما يكرهون و فارقهم ما يحبون و جاءهم ما يوعدون في خلق هذا الليل و النهار معتبر ويل لمن كانت الدنيا همه و الخطايا عمله كيف يفتضح غدا عند ربه و لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فإن الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم و لكن لا يعلمون لا تنظروا إلى عيوب الناس كأنكم رئايا عليهم و لكن انظروا في خلاص أنفسكم فإنما أنتم عبيد مملوكون إلى كم يسيل الماء على الجبل لا يلين إلى كم تدرسون الحكمة لا يلين عليها قلوبكم عبيد السوء فلا عبيد أتقياء و لا أحرار كرام إنما مثلكم كمثل الدفلى يعجب بزهرها من يراها و يقتل من طعمها و السلام
بيان قال الفيروزآبادي الدفل بالكسر و كذكرى نبت مر فارسيته خرزهره قتال زهره كالورد الأحمر و حمله كالخرنوب
38- عدة، ]عدة الداعي[ قال عيسى ع بحق أقول لكم كما نظر المريض إلى الطعام فلا يلتذ به من شدة الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ بالعبادة و لا يجد حلاوتها مع ما يجده من حلاوة الدنيا بحق أقول لكم كما أن الدابة إذا لم تركب و تمتهن تصعبت و تغير خلقها كذلك القلوب إذا لم ترقق بذكر الموت و بنصب العبادة تقسو و تغلظ و بحق أقول لكم إن الزق إذا لم ينخرق يوشك أن يكون وعاء العسل كذلك القلوب إذا لم تخرقها الشهوات أو يدنسها الطمع أو يقسها النعيم فسوف تكون أوعية الحكمة
39- و عن الصادق ع قال في الإنجيل أن عيسى ع قال اللهم ارزقني غدوة رغيفا من شعير و عشية رغيفا من شعير و لا ترزقني فوق ذلك فأطغى
40- نبه، ]تنبيه الخاطر[ أوحى الله إلى عيسى ع أن كن للناس في الحلم كالأرض تحتهم و في السخاء كالماء الجاري و في الرحمة كالشمس و القمر فإنهما يطلعان على البر و الفاجر
41- و قال ع من ذا الذي يبني على موج البحر دارا تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا
42- و صنع عيسى ع للحواريين طعاما فلما أكلوا وضأهم بنفسه قالوا يا روح الله نحن أولى أن نفعله منك قال إنما فعلت هذا لتفعلوه بمن تعلمون
43- و قال ع هول لا تدري متى يغشاك لم لا تستعد له قبل أن يفجأك
44- و قيل له ع من أدبك قال ما أدبني أحد رأيت قبح الجهل فجانبته
-45 و قال ع طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره
46- و روي أنه ع مر مع الحواريين على جيفة فقال الحواريون ما أنتن ريح هذا الكلب فقال عيسى ع ما أشد بياض أسنانه
47- و قال ع لا تتخذوا الدنيا ربا فتتخذكم عبيدا اكنزوا كنزكم عند من لا يضيعه فإن صاحب كنز الدنيا يخاف عليه الآفة و صاحب كنز الله لا يخاف عليه الآفة
48- و قال ع يا معشر الحواريين إني قد أكببت لكم الدنيا على وجهها فلا تنعشوها بعدي فإن من خبث الدنيا أن عصي الله فيها و إن من خبث الدنيا أن الآخرة لا تدرك إلا بتركها فاعبروا الدنيا و لا تعمروها و اعلموا أن أصل كل خطيئة حب الدنيا و رب شهوة أورثت أهلها حزنا طويلا
49- و قال ع إني بطحت لكم الدنيا و جلستم على ظهرها فلا ينازعنكم فيها إلا الملوك و النساء فأما الملوك فلا تنازعوهم الدنيا فإنهم لم يتعرضوا لكم ما تركتم دنياهم و أما النساء فاتقوهن بالصوم و الصلاة
50- و قال ع لا يستقيم حب الدنيا و الآخرة في قلب مؤمن كما لا يستقيم الماء و النار في إناء واحد
51- و قيل له ع لو اتخذت بيتا قال يكفينا خلقان من كان قبلنا
-52 و روي أن عيسى ع اشتد به المطر و الرعد يوما فجعل يطلب شيئا يلجأ إليه فرفعت له خيمة من بعيد فأتاها فإذا فيها امرأة فحاد عنها فإذا هو بكهف في جبل فأتاه فإذا فيه أسد فوضع يده عليه و قال إلهي لكل شيء مأوى و لم تجعل لي مأوى فأوحى الله تعالى إليه مأواك في مستقر رحمتي و عزتي لأزوجنك يوم القيامة مائة حورية خلقتها بيدي و لأطعمن في عرسك أربعة آلاف عام يوم منها كعمر الدنيا و لآمرن مناديا ينادي أين الزهاد في الدنيا احضروا عرس الزاهد عيسى ابن مريم
53- و قال عيسى ويل لصاحب الدنيا كيف يموت و يتركها و يأمنها و تغره و يثق بها و تخذله ويل للمغترين كيف رهقهم ما يكرهون و فارقهم ما يحبون و جاءهم ما يوعدون و ويل لمن الدنيا همه و الخطايا أمله كيف يفتضح غدا عند الله
54- و قيل لعيسى ع علمنا عملا واحدا يحبنا الله عليه قال أبغضوا الدنيا يحببكم الله
55- و روي أن عيسى ع كوشف بالدنيا فرآها في صورة عجوز هتماء عليها من كل زينة فقال لها كم تزوجت فقالت لا أحصيهم قال و كلهم مات عنك أو كلهم طلقك قالت بل كلهم قتلت فقال عيسى ع بؤسا لأزواجك الباقين كيف تهلكهم واحدا واحدا و لم يكونوا منك على حذر
بيان قال الفيروزآبادي هتم كفرح انكسرت ثناياه من أصولها فهو أهتم
56- نبه، ]تنبيه الخاطر[ أوحى الله تعالى إلى عيسى إذا أنعمت عليك بنعمة فاستقبلها بالاستكانة أتممها عليك
-57 و قيل بينما عيسى ابن مريم ع جالس و شيخ يعمل بمسحاة و يثير الأرض فقال عيسى ع اللهم انزع منه الأمل فوضع الشيخ المسحاة و اضطجع فلبث ساعة فقال عيسى اللهم اردد إليه الأمل فقام فجعل يعمل فسأله عيسى عن ذلك فقال بينما أنا أعمل إذ قالت لي نفسي إلى متى تعمل و أنت شيخ كبير فألقيت المسحاة و اضطجعت ثم قالت لي نفسي و الله لا بد لك من عيش ما بقيت فقمت إلى مسحاتي
58- و قال ع بما ذا نفع امرؤ نفسه باعها بجميع ما في الدنيا ثم ترك ما باعها به ميراثا لغيره و أهلك نفسه و لكن طوبى لامرئ خلص نفسه و اختارها على جميع الدنيا
59- و روي أنه ع ذم المال و قال فيه ثلاث خصال فقيل و ما هن يا روح الله قال يكسبه المرء من غير حله و إن هو كسبه من حله منعه من حقه و إن هو وضعه في حقه شغله إصلاحه عن عبادة ربه
60- و كان ع إذا مر بدار قد مات أهلها و خلف فيها غيرهم يقول ويحا لأربابك الذين ورثوك كيف لم يعتبروا بإخوانهم الماضين
61- و كان يقول يا دار تخربين و تفنى سكانك و يا نفس اعملي ترزقي و يا جسد انصب تسترح
62- و كان ع يقول يا ابن آدم الضعيف اتق ربك و ألق طمعك و كن في الدنيا ضعيفا و عن شهوتك عفيفا عود جسمك الصبر و قلبك الفكر و لا تحبس لغد رزقا فإنها خطيئة عليك و أكثر حمد الله على الفقر فإن من العصمة أن لا تقدر على ما تريد
-63 و قال ع النوم على المزابل و أكل كسر خبز الشعير في طلب الفردوس يسير
64- و كان ع يقول يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي و تقربوا إلى الله بالتباعد منهم و التمسوا رضاه بسخطهم
65- و قال ع لأصحابه استكثروا من الشيء الذي لا تأكله النار قالوا و ما هو قال المعروف
66- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن المغيرة عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله ع قال تمثلت الدنيا لعيسى ع في صورة امرأة زرقاء فقال لها كم تزوجت قالت كثيرا قال فكل طلقك قالت بل كلا قتلت قال فويح أزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين
67- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ فضالة عن السكوني عن الصادق عن أبيه ع قال كان عيسى ع يقول هول لا تدري متى يلقاك ما يمنعك أن تستعد له قبل أن يفجأك
68- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و علي بن محمد جميعا عن الأصفهاني عن المنقري عن حفص عن أبي عبد الله ع قال قال عيسى ع اشتدت مئونة الدنيا و مئونة الآخرة أما مئونة الدنيا فإنك لا تمد يدك إلى شيء منها إلا وجدت فاجرا قد سبقك إليها و أما مئونة الآخرة فإنك لا تجد أعوانا يعينونك عليها
69- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن طريف عن أبيه عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال قال عيسى ابن مريم ع من كثر كذبه ذهب بهاؤه
70- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه و عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أبي العباس الكوفي جميعا عن عمرو بن عثمان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال اجتمع الحواريون إلى عيسى ع فقالوا له يا معلم الخير أرشدنا فقال لهم إن موسى كليم الله ع أمركم أن لا تحلفوا بالله تبارك و تعالى كاذبين و أنا آمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين و لا صادقين قالوا يا روح الله زدنا فقال إن موسى نبي الله ع أمركم أن لا تزنوا و أنا آمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا فضلا عن أن تزنوا فإن من حدث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوق فأفسد التزاويق الدخان و إن لم يحترق البيت
71- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص قالت الحواريون لعيسى يا روح الله من نجالس قال من يذكركم الله رؤيته و يزيد في علمكم منطقه و يرغبكم في الآخرة عمله
72- كا، ]الكافي[ حميد بن زياد عن الخشاب عن ابن بقاح عن معاذ بن ثابت عن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله ع قال كان المسيح ع يقول لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فإن الذين يكثرون الكلام قاسية قلوبهم و لكن لا يعلمون
73- ج، ]الإحتجاج[ يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ عن الحسن بن محمد النوفلي في خبر طويل يذكر فيه احتجاج الرضا ع على أرباب الملل قال قال الرضا ع للجاثليق يا نصراني هل تعرف في الإنجيل قول عيسى ع إني ذاهب إلى ربكم و ربي و البارقليطا جائي هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدت له و هو الذي يفسر لكم كل شيء و هو الذي يبدي فضائح الأمم و هو الذي يكسر عمود الكفر فقال الجاثليق ما ذكرت شيئا في الإنجيل إلا و نحن مقرون به فقال أ تجد هذا في الإنجيل ثابتا قال نعم قال الرضا ع يا جاثليق أ لا تخبرني عن الإنجيل الأول حين افتقدتموه عند من وجدتموه و من وضع لكم هذا الإنجيل قال له ما افتقدنا الإنجيل إلا يوما واحدا حتى وجدناه غضا طريا فأخرجه إلينا يوحنا و متى فقال له الرضا ع ما أقل معرفتك بسر الإنجيل و علمائه فإن كان هذا كما تزعم فلم اختلفتم في الإنجيل و إنما وقع الاختلاف في هذا الإنجيل الذي في أيديكم اليوم فلو كان على العهد الأول لم تختلفوا فيه و لكني مفيدك علم ذلك اعلم أنه لما افتقد الإنجيل الأول اجتمعت النصارى إلى علمائهم فقالوا لهم قتل عيسى ابن مريم و افتقدنا الإنجيل و أنتم العلماء فما عندكم فقال لهم ألوقا و مرقابوس إن الإنجيل في صدورنا و نحن نخرجه إليكم سفرا سفرا في كل أحد فلا تحزنوا عليه و لا تخلوا الكنائس فإنا سنتلوه عليكم في كل أحد سفرا سفرا حتى نجمعه كله فقعد ألوقا و مرقابوس و يوحنا و متى فوضعوا لكم هذا الإنجيل بعد ما افتقدتم الإنجيل الأول و إنما كان هؤلاء الأربعة تلاميذا لتلاميذ الأولين أ علمت ذلك قال الجاثليق أما هذا فلم أعلمه و قد علمته الآن و قد بان لي من فضل علمك بالإنجيل و سمعت أشياء مما علمته شهد قلبي أنها حق فاستزدت كثيرا من الفهم فقال له الرضا ع فكيف شهادة هؤلاء عندك قال جائزة هؤلاء علماء الإنجيل و كل ما شهدوا به فهو حق فقال الرضا ع للمأمون و من حضره من أهل بيته اشهدوا عليه قالوا قد شهدنا ثم قال للجاثليق بحق الابن و أمه هل تعلم أن متى قال إن المسيح هو داود بن إبراهيم بن إسحاق بن يعقوب بن يهوذا بن خضرون و قال مرقابوس في نسبة عيسى ابن مريم أنه كلمة الله أحلها في الجسد الآدمي فصارت إنسانا و قال ألوقا إن عيسى ابن مريم و أمه كانا إنسانين من لحم و دم فدخل فيهما روح القدس ثم إنك تقول من شهادة عيسى ع على نفسه حقا أقول لكم إنه لا يصعد إلى السماء إلا من نزل منها إلا راكب البعير خاتم الأنبياء فإنه يصعد إلى السماء و ينزل فما تقول في هذا القول قال الجاثليق هذا قول عيسى لا ننكره قال الرضا ع فما تقول في شهادة ألوقا و مرقابوس و متى على عيسى و ما نسبوه إليه قال الجاثليق كذبوا على عيسى قال الرضا ع يا قوم أ ليس قد زكاهم و شهد أنهم علماء الإنجيل و قولهم حق فقال الجاثليق يا عالم المسلمين أحب أن تعفيني من أمر هؤلاء و ساق الحديث إلى أن قال ع لرأس الجالوت في الإنجيل مكتوب أن ابن البرة ذاهب و البارقليطا جائي من بعده و هو يخفف الآصار و يفسر لكم كل شيء و يشهد لي كما شهدت لكم أنا جئتكم بالأمثال و هو يأتيكم بالتأويل أ تؤمن بهذا في الإنجيل قال نعم