1- مع، ]معاني الأخبار[ ع، ]علل الشرائع[ أحمد بن يحيى المكتب عن أحمد بن محمد الوراق عن علي بن هارون الحميري عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي عن أبيه عن علي بن يقطين قال قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر ع أ يجوز أن يكون نبي الله عز و جل بخيلا فقال لا فقلت له فقول سليمان رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ما وجهه و معناه فقال الملك ملكان ملك مأخوذ بالغلبة و الجور و إجبار الناس و ملك مأخوذ من قبل الله تعالى ذكره كملك آل إبراهيم و ملك طالوت و ملك ذي القرنين فقال سليمان ع هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي أن يقول إنه مأخوذ بالغلبة و الجور و إجبار الناس فسخر الله عز و جل له الريح تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ و جعل غدوها شهرا و رواحها شهرا و سخر الله عز و جل له الشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ و علم منطق الطير و مكن في الأرض فعلم الناس في وقته و بعده إن ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس و المالكين بالغلبة و الجور قال فقلت له فقول رسول الله ص رحم الله أخي سليمان بن داود ما كان أبخله فقال لقوله ع وجهان أحدهما ما كان أبخله بعرضه و سوء القول فيه و الوجه الآخر يقول ما كان أبخله إن كان أراد ما يذهب إليه الجهال ثم قال ع قد و الله أوتينا ما أوتي سليمان و ما لم يؤت سليمان و ما لم يؤت أحد من الأنبياء قال الله عز و جل في قصة سليمان هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ و قال عز و جل في قصة محمد ص ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا
بيان تأويله ع للآية الكريمة يحتمل وجهين الأول أن يكون ع قدر في الآية شيئا و هو قوله أن يقول أي هَبْ لِي مُلْكاً يكون لعظمته بحيث لا يقدر أحد على أن يقول إنه كملك سائر الملوك مأخوذ بالجور و الغلبة و يؤيده الوجه الأول من وجهي تأويل الخبر حيث بخل بعرضه في هذا الدعاء و سأل الله أن يرفع عنه ألسن الناس بأن ملكه مأخوذ بالجور و لا يكون عرضه عرضة لملام لئام الخلق. الثاني أن يكون المعنى أنه ع سأل ربه ملكا لا يتهيأ للملوك الجائرين تحصيله بالجور و الغلبة ليكون معجزا له على نبوته و آية على خلافته فلا يمنع هذا الكلام أن يعطي الله من بعده من الأنبياء و الأوصياء أضعاف ما أعطاه فيكون قوله لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي أن يقول بيانا لحاصل المعنى و لازمه لا تقديرا في الكلام أي طلب ملكا لم يقدر أحد على تحصيله بقوته لئلا يقال إن ملكه مأخوذ بالغلبة فلا يكون معجزا له فعلى هذا يكون قوله ع ما أبخله بعرضه لأنه كان ذلك أيضا مقصودا له ضمنا و إن كان المقصود بالذات كونه معجزا و الظاهر أنه ع كان يعلم أن الخبر موضوع و إنما أوله تحرزا عن طرح الخبر المشهور بينهم تقية و لذا ردد ع بين الوجهين و لو كان صادرا عنه ص لكان عالما بما أراده به و أما كون ما أعطاه الرسول أفضل فلأنه تعالى أعطى سليمان ما أعطى و فوض الأمر إليه في بذله و منعه و لم يفوض إليه تعيين أمر بخلاف نبينا ص فإنه فوض إليه الأمر و أمر الناس باتباعه في كل ما يقول و هذا مبني على التفويض و سيأتي تحقيقه في كتاب الإمامة. و يحتمل أن يكون الفضل بسبب أنه فوض إليه إعطاء الأمور الدنيوية و منعها و أعطي النبي ص الرئاسة العامة في الدين و الدنيا لجميع الخلق و فيه شيء. و قال الطبرسي في قوله تعالى رُخاءً أي لينة سهلة و قيل طيبة سريعة و قيل أي مطيعة حَيْثُ أَصابَ أي حيث أراد سليمان من النواحي
2- ب، ]قرب الإسناد[ محمد بن عبد الحميد عن أبي جميلة عن أبي عبد الله ع في قول سليمان هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ قلت فأعطي الذي دعا به قال نعم و لم يعط بعده إنسان ما أعطي نبي الله ع من غلبة الشيطان فخنقه إلى أسطوانة حتى أصاب بلسانه يد رسول الله ص فقال رسول الله لو لا ما دعا به سليمان لأريتكموه
تذييل قال الطبرسي قدس الله روحه يسأل عن هذا فيقال إن هذا القول من سليمان يقتضي الضنة و المنافسة لأنه لم يرض بأن يسأل الملك حتى أضاف إلى ذلك أن يمنع غيره منه و أجيب عنه بأجوبة أحدها أن الأنبياء لا يسألون إلا ما يؤذن لهم في مسألته و جائز أن يكون الله أعلم سليمان أنه إن سأل ملكا لا يكون لغيره كان أصلح له في الدين و أعلمه أنه لا صلاح لغيره في ذلك و لو أن أحدنا صرح في دعائه بهذا الشرط حتى يقول اللهم اجعلني أكثر أهل زماني مالا إذا علمت أن ذلك أصلح لي لكان ذلك منه حسنا جائزا اختاره الجبائي. و ثانيها أنه يجوز أن يكون ع التمس من الله آية لنبوته يبين بها من غيره و أراد لا ينبغي لأحد غيري ممن أنا مبعوث إليه و لم يرد من بعده إلى يوم القيامة من النبيين كما يقال أنا لا أطيع أحدا بعدك أي لا أطيع أحدا سواك. و ثالثها ما قاله المرتضى قدس الله سره إنه يجوز أن يكون إنما سأل ملك الآخرة و ثواب الجنة و يكون معنى قوله لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي لا يستحقه بعد وصولي إليه أحد من حيث لا يصلح أن يعمل ما يستحق به ذلك لانقطاع التكليف. و رابعها أنه التمس معجزة تختص به كما أن موسى ع اختص بالعصا و اليد و اختص صالح بالناقة و محمد ص بالقرآن و المعراج
و يدل عليه ما روي مرفوعا عن النبي ص أنه صلى صلاة فقال إن الشيطان عرض لي ليفسد علي الصلاة فأمكنني الله منه فودعته و لقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا و تنظروا إليه أجمعين فذكرت قول سليمان رب هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فرده الله خاسئا خائبا أورده البخاري و مسلم في الصحيحين انتهى
و قال الرازي أجاب القائلون بأن الشيطان استولى على مملكته معناه أن يعطيه الله ملكا لا يقدر الشياطين أن يقوموا مقامه و يسلبونه منه ثم قال بعد ما ذكر بعض الأجوبة السابقة الثالث أن الاحتراز عن طيبات الدنيا مع القدرة عليها أشق من الاحتراز عنها حال عدم القدرة عليها فكأنه قال يا إلهي أعطني مملكة فائقة على ممالك البشر بالكلية حتى أحترز عنها مع القدرة عليها ليصير ثوابي أكمل و أفضل. الرابع من الناس من يقول الاحتراز عن لذات الدنيا عسر صعب لأن هذه اللذات حاضرة و سعادات الآخرة نسيئة و النقد يصعب بيعه بالنسيئة فقال سليمان أعطني يا رب مملكة تكون أعظم الممالك الممكنة للبشر حتى أني أبقى مع تلك القدرة الكاملة في غاية الاحتراز ليظهر للخلق أن حصول الدنيا لا يمنع من خدمة المولى انتهى. و ذكر البيضاوي وجها آخر و هو أن المعنى لا ينبغي لأحد من بعدي لعظمته كقولك لفلان ما ليس لأحد من الفضل و المال على إرادة وصف الملك بالعظمة لا أن لا يعطى أحد مثله. أقول بعد ثبوت عصمة الأنبياء و جلالتهم لا بد من حمل ما صدر عنهم على محمل صحيح مجملا و إن لم يتعين في نظرنا و ما ذكر من الوجوه محتملة و إن كان بعضها لا يخلو من بعد و ما ذكره الطبرسي أولا أظهر الوجوه و يمكن أن يقال المنع عن غيره لم يكن على وجه الضنة بل على وجه الشفقة لأن ملك الدنيا في نظرهم خسيس دني لا يليق بالمقربين قربه و لما رأى صلاح زمانه في ذلك سأله اضطرارا و منعه عن غيره إشفاقا عليهم أو يقال إن كلامه مخصوص بمن عدا الأنبياء و الأوصياء و هو قريب من الثاني و يحتمل وجوها أخر تركناها مخافة الإطناب