الآيات البروج وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ وَ هُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ تفسير قال البيضاوي الْأُخْدُودِ الشق في الأرض النَّارِ بدل من الأخدود بدل اشتمال ذاتِ الْوَقُودِ صفة لها بالعظمة و كثرة ما يرتفع به لهبها إِذْ هُمْ عَلَيْها على حافة النار قاعدون شُهُودٌ يشهد بعضهم لبعضهم عند الملك بأنه لم يقصر فيما أمره به أو يشهدون على ما يفعلون يوم القيامة حين تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ و ما أنكروا منهم
1- فس، ]تفسير القمي[ وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ أي يوم القيامة وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قال الشاهد يوم الجمعة و المشهود يوم القيامة قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ قال كان سببهم أن الذي هيج الحبشة على غزوة اليمن ذا نواس و هو آخر من ملك من حمير تهود و اجتمعت معه حمير على اليهودية و سمى نفسه يوسف و أقام على ذلك حينا من الدهر ثم أخبر أن بنجران بقايا قوم على دين النصرانية و كانوا على دين عيسى ع و على حكم الإنجيل و رأس ذلك الدين عبد الله بن بريامن حمله أهل دينه على أن يسير إليهم و يحملهم على اليهودية و يدخلهم فيها فسار حتى قدم نجران فجمع من كان بها على دين النصرانية ثم عرض عليهم دين اليهودية و الدخول فيها فأبوا عليه فجادلهم و عرض عليهم و حرص الحرص كله فأبوا عليه و امتنعوا من اليهودية و الدخول فيها و اختاروا القتل فخد لهم خدودا و جمع فيها الحطب و أشعل فيه النار فمنهم من أحرق بالنار و منهم من قتل بالسيف و مثل بهم كل مثلة فبلغ عدد من قتل و أحرق بالنار عشرين ألفا و أفلت رجل منهم يدعى دوس على فرس له و ركضه و اتبعوه حتى أعجزهم في الرمل و رجع ذو نواس إلى ضيعة في جنوده فقال الله قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ إلى قوله الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ قوله إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ أي أحرقوهم ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ
2- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ماجيلويه عن عمه عن الكوفي عن أبي جميلة عن جابر عن أبي جعفر ع قال إن أسقف نجران دخل على أمير المؤمنين ع فجرى ذكر أصحاب الأخدود فقال ع بعث الله تعالى نبيا حبشيا إلى قومه و هم حبشية فدعاهم إلى الله تعالى فكذبوه و حاربوه و ظفروا به و خدروا الخدود و جعلوا فيها الحطب و النار فلما كان حرا قالوا لمن كان على دين ذلك النبي اعتزلوا و إلا طرحناكم فيها فاعتزل قوم كثير و قذف فيها خلق كثير حتى وقعت امرأة و معها ابن لها من شهرين فقيل لها إما أن ترجعي و إما أن تقذفي في النار فهمت تطرح نفسها فلما رأت ابنها رحمته فأنطق الله تعالى الصبي و قال يا أماه ألقي نفسك و إياي في النار فإن هذا في الله قليل و تلا عند الصادق ع رجل قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ فقال قتل أصحاب الأخدود و سئل أمير المؤمنين ع عن المجوس أي أحكام تجري فيهم قال هم أهل الكتاب كان لهم كتاب و كان لهم ملك سكر يوما فوقع على أخته و أمه فلما أفاق ندم و شق ذلك عليه فقال للناس هذا حلال فامتنعوا عليه فجعل يقتلهم و حفر لهم الأخدود و يلقيهم فيها
بيان لعل الصادق ع قرأ قتل على بناء المعلوم فالمراد بأصحاب الأخدود الكفار كما هو أحد احتمالي القراءة المشهورة و لم ينقل في الشواذ
3- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن ماجيلويه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن علي بن هلال الصيقل عن شريك بن عبد الله عن جابر بن يزيد الجعفي عن الباقر ع قال ولى عمر رجلا كورة من الشام فافتتحها و إذا أهلها أسلموا فبنى لهم مسجدا فسقط ثم بنى فسقط ثم بناه فسقط فكتب إلى عمر بذلك فلما قرأ الكتاب سأل أصحاب محمد ص هل عندكم في هذا علم قالوا لا فبعث إلى علي بن أبي طالب ع فأقرأه الكتاب فقال هذا نبي كذبه قومه فقتلوه و دفنوه في هذا المسجد و هو متشحط في دمه فاكتب إلى صاحبك فلينبشه فإنه سيجده طريا ليصل عليه و ليدفنه في موضع كذا ثم ليبن مسجدا فإنه سيقوم ففعل ذلك ثم بنى المسجد فثبت
4- و في رواية، اكتب إلى صاحبك أن يحفر ميمنة أساس المسجد فإنه سيصيب فيها رجلا قاعدا يده على أنفه و وجهه فقال عمر من هو قال علي فاكتب إلى صاحبك فليعمل ما أمرته فإن وجده كما وصفت لك أعلمتك إن شاء الله فلم يلبث إذ كتب العامل أصبت الرجل على ما وصفت فصنعت الذي أمرت فثبت البناء فقال عمر لعلي ع ما حال هذا الرجل فقال هذا نبي أصحاب الأخدود و قصتهم معروفة في تفسير القرآن
5- سن، ]المحاسن[ أبي عن هارون بن الجهم عن المفضل بن صالح عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ع قال بعث الله نبيا حبشيا إلى قومه فقاتلهم فقتل أصحابه و أسروا و خدوا لهم أخدودا من نار ثم نادوا من كان من أهل ملتنا فليعتزل و من كان على دين هذا النبي فليقتحم النار فجعلوا يقتحمون و أقبلت امرأة معها صبي لها فهابت النار فقال لها اقتحمي قال فاقتحمت النار و هم أَصْحابُ الْأُخْدُودِ
أقول قال الطبرسي رحمه الله روى مسلم في الصحيح عن هدية بن خالد عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن رسول الله ص قال كان ملك فيمن كان قبلكم له ساحر فلما مرض الساحر قال إني قد حضر أجلي فادفع إلي غلاما أعلمه السحر فدفع إليه غلاما و كان يختلف إليه و بين الساحر و الملك راهب فمر الغلام بالراهب فأعجبه كلامه و أمره فكان يطيل عنده القعود فإذا أبطأ عن الساحر ضربه و إذا أبطأ عن أهله ضربوه فشكا ذلك إلى الراهب فقال يا بني إذا استبطأك الساحر فقل حبسني أهلي و إذا استبطأك أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو ذات يوم إذا بالناس قد غشيتهم دابة عظيمة فظيعة فقال اليوم أعلم أمر الساحر أفضل أم أمر الراهب فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك فاقتل هذه الدابة فرمى فقتلها و مضى الناس فأخبر بذلك الراهب فقال أي بني إنك ستبتلى فإذا ابتليت فلا تدل علي قال و جعل يداوي الناس فيبرئ الأكمه و الأبرص فبينما هو كذلك إذ عمى جليس للملك فأتاه و حمل إليه مالا كثيرا فقال اشفني و لك ما هاهنا فقال إني لا أشفي أحدا و لكن يشفي الله فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك قال فآمن فدعا الله له فشفاه فذهب فجلس إلى الملك فقال يا فلان من شفاك قال ربي قال أنا قال لا ربي و ربك الله قال أ و إن لك ربا غيري قال نعم ربي و ربك الله فأخذه فلم يزل به حتى دله على الغلام فبعث إلى الغلام فقال لقد بلغ من أمرك أن تشفي الأكمه و الأبرص قال ما أشفي أحدا و لكن ربي يشفي قال أ و إن لك ربا غيري قال نعم ربي و ربك الله فأخذه فلم يزل به حتى دله على الراهب فوضع المنشار عليه فنشره حتى وقع شقين و قال للغلام ارجع عن دينك فأبى فأرسل معه نفرا فقال اصعدوا به جبل كذا و كذا فإن رجع عن دينه و إلا فدهدهوه منه قال فعلوا به الجبل فقال اللهم اكفنيهم بم شئت قال فرجف بهم الجبل فتدهدهوا أجمعون و جاء إلى الملك فقال ما صنع أصحابك قال كفانيهم الله فأرسل به مرة أخرى قال انطلقوا به فلججوه في البحر فإن رجع و إلا فغرقوه فانطلقوا به في قرقور فلما توسطوا به البحر قال اللهم اكفنيهم بما شئت قال فانكفأت بهم السفينة و جاء حتى قام بين يدي الملك فقال ما صنع أصحابك قال كفانيهم الله ثم قال إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به اجمع الناس ثم اصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضعه على كبد القوس ثم قل باسم رب الغلام فإنك ستقتلني قال فجمع الناس و صلبه ثم أخذ سهما من كنانته فوضعه على كبد القوس و قال باسم رب الغلام و رمى فوقع السهم في صدغه و مات فقال الناس آمنا برب الغلام فقيل له أ رأيت ما كنت تخاف قد نزل و الله بك آمن الناس فأمر بالأخدود فخددت على أفواه السكك ثم أضرمها نارا فقال من رجع عن دينه فدعوه و من أبى فأقحموه فيها فجعلوا يقتحمونها و جاءت امرأة بابن لها فقال لها يا أمة اصبري فإنك على الحق
و قال ابن المسيب كنا عند عمر بن الخطاب إذ ورد عليه أنهم احتفروا فوجدوا ذلك الغلام و هو واضع يده على صدغه فكلما مدت يده عادت إلى صدغه فكتب عمر واروه حيث وجدتموه
و روى سعيد بن جبير قال لما انهزم أهل اسفندهان قال عمر بن الخطاب ما هم بيهود و لا نصارى و لا لهم كتاب و كانوا مجوسا فقال علي بن أبي طالب ع بلى قد كان لهم كتاب و لكنه رفع و ذلك أن ملكا لهم سكر فوقع على ابنته أو قال على أخته فلما أفاق قال لها كيف المخرج مما وقعت فيه قالت تجمع أهل مملكتك و تخبرهم أنك ترى نكاح البنات و تأمرهم أن يحلوه فجمعهم فأخبرهم فأبوا أن يتابعوه فخد لهم أخدودا في الأرض و أوقد فيه النيران و عرضهم عليها فمن أبى قبول ذلك قذفه في النار و من أجاب خلى سبيله
و قال الحسن كان النبي ص إذا ذكر عنده أصحاب الأخدود تعوذ بالله من جهد البلاء
و روى العياشي بإسناده عن جابر عن أبي جعفر ع قال أرسل علي ع إلى أسقف نجران يسأله عن أصحاب الأخدود فأخبره بشيء فقال علي ع ليس كما ذكرت و لكن سأخبرك عنهم إن الله بعث رجلا حبشيا نبيا و هم حبشية فكذبوه فقاتلهم فقتلوا أصحابه و أسروه و أسروا أصحابه ثم بنوا له حيرا ثم ملئوه نارا ثم جمعوا الناس فقالوا من كان على ديننا و أمرنا فليعتزل و من كان على دين هؤلاء فليرم نفسه في النار معه فجعل أصحابه يتهافتون في النار فجاءت امرأة معها صبي لها ابن شهر فلما هجمت على النار هابت و رقت على ابنها فناداها الصبي لا تهابي و ارمي بي و نفسك في النار فإن هذا و الله في الله قليل فرمت بنفسها في النار و صبيها و كان ممن تكلم في المهد
و بإسناده عن ميثم التمار قال سمعت أمير المؤمنين ع و ذكر أصحاب الأخدود فقال كانوا عشرة و على مثالهم عشرة يقتلون في هذا السوق
و قال مقاتل كان أصحاب الأخدود ثلاثة واحد منهم بنجران و الآخر بالشام و الآخر بفارس حرقوا بالنار أما الذي بالشام فهو أنطياخوس الرومي و أما الذي بفارس فهو بختنصر و أما الذي بأرض العرب فهو يوسف بن ذي نواس فأما ما كان بفارس و الشام فلم ينزل الله تعالى فيهما قرآنا و أنزل في الذي كان بنجران و ذلك أن رجلين مسلمين ممن يقرءون الإنجيل أحدهما بأرض تهامة و الآخر بنجران اليمن آجر أحدهما نفسه في عمل يعلمه و جعل يقرأ الإنجيل فرأت ابنة المستأجر النور يضيء من قراءة الإنجيل فذكرت ذلك لأبيها فرمق حتى رآه فسأله فلم يخبره فلم يزل به حتى أخبره بالدين و الإسلام فتابعه مع سبعة و ثمانين إنسانا من رجل و امرأة و هذا بعد ما رفع عيسى ع إلى السماء فسمع يوسف بن ذي نواس بن سراحيل بن تبع الحميري فخد لهم في الأرض و أوقد فيها فعرضهم على الكفر فمن أبى قذفه في النار و من رجع عن دين عيسى ع لم يقذف فيها و إذا امرأة جاءت و معها ولد صغير لا يتكلم فلما قامت على شفير الخندق نظرت إلى ابنها فرجعت فقال لها يا أماه إني أرى أمامك نارا لا تطفأ فلما سمعت من ابنها ذلك قذفا في النار فجعلها الله و ابنها في الجنة و قذف في النار سبعة و سبعون. قال ابن عباس من أبى أن يقع في النار ضرب بالسياط فأدخل أرواحهم إلى الجنة قبل أن تصل أجسامهم إلى النار