الآيات البقرة أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الإسراء وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَ لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً تفسير قال البيضاوي وَ قَضَيْنا أي أوحينا إليهم قضاء مقضيا في التوراة مَرَّتَيْنِ إفسادتين أولاهما مخالفة أحكام التوراة و قتل شعياء و قتل إرميا و ثانيتهما قتل زكريا و يحيى و قصد قتل عيسى ع وَعْدُ أُولاهُما أي وعد عقاب أولاهما عِباداً لَنا بختنصر عامل لهراسف إلى بابل و جنوده و قيل جالوت و قيل سخاريب من أهل نينوى فَجاسُوا ترددوا لطلبكم خِلالَ الدِّيارِ وسطها للقتل و الغارة الْكَرَّةَ أي الدولة و الغلبة عَلَيْهِمْ على الذين بعثوا عليكم و ذلك بأن ألقى الله في قلب بهمن بن إسفنديار لما ورث الملك من جده كشتاسف بن لهراسف شفقة عليهم فرد أسراءهم إلى الشام و ملك دانيال عليهم فاستولوا على من كان فيها من أتباع بختنصر أو بأن سلط داود على جالوت فقتله و النفير من ينفر مع الرجل من قومه فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ وعد عقوبة المرة الآخرة لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ أي بعثناهم ليسوءوا وجوهكم ليجعلوها بادية آثار المساءة فيها وَ لِيُتَبِّرُوا ليهلكوا ما عَلَوْا ما غلبوه و استولوا عليه أو مدة علوهم و ذلك بأن سلط الله عليهم الفرس مرة أخرى فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف اسمه جوذر و قيل خردوس قيل دخل صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دما يغلي فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال ما صدقوني فقتل عليه ألوفا منهم فلم يهدأ الدم ثم قال إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدا فقالوا إنه دم يحيى فقال لمثل هذا ينتقم منكم ربكم ثم قال يا يحيى قد علم ربي و ربك ما أصاب قومك من أجلك فاهدأ بإذن الله قبل أن لا أبقي منكم أحدا فسكن. و قال الطبرسي رحمه الله اختلف المفسرون في الكرتين قالوا لما عتا بنو إسرائيل في المرة الأولى سلط الله عليهم ملك فارس و قيل بختنصر و قيل ملكا من ملوك بابل فخرج إليهم و حاصرهم و فتح بيت المقدس و قيل إن بختنصر ملك بابل بعد سخاريب و كان من جيش نمرود و كان لزنية لا أب له فظهر على بيت المقدس و خرب المسجد و أحرقت التوراة و ألقى الجيف في المسجد و قتل على دم يحيى ع سبعين ألفا و سبى ذراريهم و أغار عليهم و أخرج أحوالهم و سبى سبعين ألفا و ذهب بهم إلى بابل و بقوا في مدة مائة سنة تستعبدهم المجوس و أولادهم ثم تفضل الله عليهم بالرحمة و أمر ملكا من ملوك فارس عارفا بالله سبحانه فردهم إلى بيت المقدس فأقامهم به مائة سنة على الطريقة المستقيمة و الطاعة ثم عادوا إلى الفساد و المعاصي فجاءهم ملك من ملوك الروم اسمه أنطياخيوس فخرب بيت المقدس و سبى أهله و قيل غزاهم ملك الرومية و سباهم عن حذيفة و قال محمد بن إسحاق كانت بنو إسرائيل يعصون الله تعالى و فيهم الأحداث و الله يتجاوز عنهم و كان أول ما نزل بهم بسبب ذنوبهم أن الله بعث إليهم شعيا قبل مبعث زكريا و كان لبني إسرائيل ملك كان شعيا يرشده و يسدده فمرض الملك و جاء
سخاريب إلى باب بيت المقدس بستمائة ألف راية فدعا الله شعيا فبرأ الملك و مات جمع سخاريب و لم ينج منهم إلا خمسة نفر منهم سخاريب فهرب و أرسلوا خلفه من أخذه ثم أمر الله بإطلاقه ليخبر قومه بما نزل بهم فأطلقوه و ملك سخاريب بعد ذلك سبع سنين و استخلف بختنصر ابن ابنه فلبث سبع عشرة سنة و هلك ملك بني إسرائيل و مرج أمرهم و تنافسوا في الملك و قتل بعضهم بعضا فقام شعيا فيهم خطيبا فوعظهم فهموا بقتله فهرب و دخل شجرة فقطعوا الشجرة بالمنشار فبعث الله إليهم إرميا من سبط هارون ثم خرج من بينهم لما رأى من أمرهم و دخل بختنصر و جنوده بيت المقدس و فعل ما فعل ثم رجع إلى بابل بسبايا بني إسرائيل فكانت هذه الدفعة الأولى و قيل أيضا إن سبب ذلك كان قتل يحيى بن زكريا ع و إنه دم يحيى لم يزل يغلي حتى قتل بختنصر منهم سبعين ألفا أو اثنين و سبعين ألفا ثم سكن الدم و ذكر الجميع أن يحيى بن زكريا ع هو المقتول في الفساد الثاني قال مقاتل و كان بين الفساد الثاني و الأول مائتا سنة و عشر سنين و قيل إنما غزا بني إسرائيل في المرة الأولى بختنصر و المرة الثانية ملوك فارس و الروم و ذلك حين قتلوا يحيى ع فقتلوا منهم مائة ألف و ثمانين ألفا و خرب بيت المقدس فلم يزل بعد ذلك خرابا حتى بناه عمر بن الخطاب فلم يدخله بعد ذلك رومي إلا خائفا و قيل إنما غزاهم في المرة الأولى جالوت و في الثانية بختنصر انتهى. و قال صاحب الكامل ما روي من أن بختنصر هو الذي خرب بيت المقدس و قتل بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا ع باطل عند أهل السير و التواريخ و أهل العلم بأمور الماضين و ذلك بأنهم مجمعون على أن بختنصر غزا بني إسرائيل عند قتل نبيهم شعيا في عهد إرميا و بين عهد إرميا و قتل يحيى أربعمائة سنة و إحدى و ستون سنة عند اليهود و النصارى و يذكرون أن ذلك في كتبهم و أسفارهم و يوافقهم المجوس في مدة غزو بختنصر بني إسرائيل إلى موت الإسكندر و يخالفهم في مدة ما بين موت الإسكندر و مولد يحيى فيزعمون أن مدة ذلك إحدى و خمسون سنة انتهى. أقول ستعرف أن أخبارنا أيضا مختلفة في ذلك لأنه يظهر من خبر ابن عمارة و خبر ملاقاة داود دانيال و غيرهما كون بختنصر متصلا بزمان سليمان ع و يظهر من خبر هارون بن خارجة و أبي بصير و غيرهما كون خروج بختنصر بعد قتل يحيى ع و لا يبعد كون بختنصر معمرا و كذا دانيال فيكونا قد أدركا الوقتين معا و يمكن أن يكون إحداهما محمولة على التقية و الأخبار الدالة على كون خروجه بعد قتل يحيى ع أقوى سندا و قد سبق بعضها في قصة يحيى و الله يعلم
-1 فس، ]تفسير القمي[ أبي عن النظر عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله ع قال لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي و عتوا عن أمر ربهم أراد الله أن يسلط عليهم من يذلهم و يقتلهم فأوحى الله إلى إرميا يا إرميا ما بلد انتخبته من بين البلدان و غرست فيه من كرائهم الشجر فأخلف فأنبت خرنوبا فأخبر إرميا أحبار بني إسرائيل فقالوا له راجع ربك ليخبرنا ما معنى هذا المثل فصام إرميا سبعا فأوحى الله إليه يا إرميا أما البلد فبيت المقدس و أما ما أنبت فيه فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها فعملوا بالمعاصي و غيروا ديني و بدلوا نعمتي كفرا فبي حلفت لأمتحننهم بفتنة يظل الحكيم فيها حيران و لأسلطن عليهم شر عبادي ولادة و شرهم طعاما فليتسلطن عليهم بالجبرية فيقتل مقاتليهم و يسبي حريمهم و يخرب بيتهم الذي يعتزون به و يلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة فأخبر إرميا أحبار بني إسرائيل فقالوا له راجع ربك فقل له ما ذنب الفقراء و المساكين و الضعفاء فصام إرميا سبعا ثم أكل أكلة فلم يوح إليه شيء ثم صام سبعا و أكل أكلة و لم يوح إليه شيء ثم صام سبعا فأوحى الله إليه يا إرميا لتكفن عن هذا أو لأردن وجهك إلى قفاك قال ثم أوحى الله إليه قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه فقال إرميا رب أعلمني من هو حتى آتيه و آخذ لنفسي و أهل بيتي منه أمانا قال ايت موضع كذا و كذا فانظر إلى غلام أشدهم زمانة و أخبثهم ولادة و أضعفهم جسما و أشرهم غذاء فهو ذاك فأتى إرميا ذلك البلد فإذا هو بغلام في خان زمن ملقى على مزبلة وسط الخان و إذا له أم تزبي بالكسر و تفت الكسر في القصعة و تحلب عليه خنزيرة لها ثم تدنيه من ذلك الغلام فيأكله فقال إرميا إن كان في الدنيا الذي وصفه الله فهو هذا فدنا منه فقال له ما اسمك فقال بختنصر فعرف أنه هو فعالجه حتى برئ ثم قال له أ تعرفني
قال لا أنت رجل صالح قال أنا إرميا نبي بني إسرائيل أخبرني الله أنه سيسلطك على بني إسرائيل فتقتل رجالهم و تفعل بهم كذا و كذا قال فتاه في نفسي في ذلك الوقت ثم قال إرميا اكتب لي كتابا بأمان منك فكتب له كتابا و كان يخرج في الجبل و يحتطب و يدخله المدينة و يبيعه فدعا إلى حرب بني إسرائيل و كان مسكنهم في بيت المقدس و بختنصر فيمن أجابه نحو بيت المقدس و قد اجتمع إليه بشر كثير فلما بلغ إرميا إقباله نحو بيت المقدس استقبله على حمار له و معه الأمان الذي كتبه له بختنصر فلم يصل إليه إرميا من كثرة جنوده و أصحابه فصير الأمان على قصبة أو خشبة و رفعها فقال من أنت فقال أنا إرميا النبي الذي بشرتك بأنك سيسلطك الله على بني إسرائيل و هذا أمانك لي قال أما أنت فقد آمنتك و أما أهل بيتك فإني أرمي من هاهنا إلى بيت المقدس فإن وصلت رميتي إلى بيت المقدس فلا أمان لهم عندي و إن لم تصل فهم آمنون و انتزع قوسه و رمى نحو بيت المقدس فحملت الريح النشابة حتى علقتها في بيت المقدس فقال لا أمان لهم عندي فلما وافى نظر إلى جبل من تراب وسط المدينة و إذا دم يغلي وسطه كلما ألقي عليه التراب خرج و هو يغلي فقال ما هذا فقالوا هذا نبي كان لله فقتله ملوك بني إسرائيل و دمه يغلي و كلما ألقينا عليه التراب خرج يغلي فقال بختنصر لأقتلن بني إسرائيل أبدا حتى يسكن هذا الدم و كان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا ع و كان في زمانه ملك جبار يزني بنساء بني إسرائيل و كان يمر بيحيى بن زكريا ع فقال له يحيى اتق الله أيها الملك لا يحل لك هذا فقالت له مرأة من اللواتي كان يزني بهن حين سكر أيها الملك اقتل يحيى فأمر أن يؤتى برأسه فأتوا برأس يحيى ع في الطست و كان الرأس يكلمه و يقول له يا هذا اتق الله لا يحل لك هذا ثم غلى الدم في الطست حتى فاض إلى الأرض فخرج يغلي و لا يسكن و كان بين قتل يحيى و خروج بختنصر مائة سنة و لم يزل بختنصر يقتلهم و كان يدخل قرية قرية فيقتل الرجال و النساء و الصبيان و كل حيوان و الدم يغلي حتى أفنى من ثم فقال بقي أحد في هذه البلاد قالوا عجوز في موضع كذا و كذا فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن و كانت آخر من بقي ثم أتى بابل فبنى بها مدينة و أقام و حفر بئرا فألقى فيها دانيال و ألقى معه اللبوة فجعلت اللبوة تأكل طين البئر و يشرب دانيال لبنها فلبث بذلك زمانا فأوحى الله إلى النبي الذي كان ببيت المقدس أن اذهب بهذا الطعام و الشراب إلى دانيال و أقرئه مني السلام قال و أين دانيال يا رب فقال في بئر بابل في موضع كذا و كذا قال فأتاه فأطلع في البئر فقال يا دانيال قال لبيك صوت غريب قال إن ربك يقرؤك السلام و قد بعث إليك بالطعام و الشراب فدلاه إليه قال فقال دانيال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا الحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة الحمد لله الذي يكشف ضرنا عند كربتنا و الحمد لله الذي هو ثقتنا حين ينقطع الحيل منا و الحمد لله الذي هو رجاؤنا حين ساء ظننا بأعمالنا قال فأري بختنصر في نومه كان رأسه من حديد و رجليه من نحاس و صدره من ذهب قال فدعا المنجمين فقال لهم ما رأيت فقالوا ما ندري و لكن قص علينا ما
رأيت في المنام فقال و أنا أجري عليكم الأرزاق منذ كذا و كذا و لا تدرون ما رأيت في المنام فأمر بهم فقتلوا قال فقال له بعض من كان عنده إن كان عند أحد شيء فعند صاحب الجب فإن اللبوة لم تتعرض له و هي تأكل الطين و ترضعه فبعث إلى دانيال فقال ما رأيت في المنام فقال رأيت كان رأسك من حديد و رجليك من نحاس و صدرك من ذهب قال هكذا رأيت فما ذاك قال قد ذهب ملكك و أنت مقتول إلى ثلاثة أيام يقتلك رجل من ولد فارس قال فقال له إن علي لسبع مدائن على باب كل مدينة حرس و ما رضيت بذلك حتى وضعت بطة من نحاس على باب كل مدينة لا يدخل غريب إلا صاحت عليه حتى يؤخذ قال فقال له إن الأمر كما قلت لك قال فبث الخيل و قال لا تلقون أحدا من الخلق إلا قتلتموه كائنا من كان و كان دانيال جالسا عنده و قال لا تفارقني هذه الثلاثة الأيام فإن مضت قتلتك فلما كان في اليوم الثالث ممسيا أخذه الغم فخرج فتلقاه غلام كان اتخذه ابنا له من أهل فارس و هو لا يعلم أنه من أهل فارس فدفع إليه سيفه و قال له يا غلام لا تلقى أحدا من الخلق إلا و قتلته و إن لقيتني أنا فاقتلني فأخذ الغلام سيفه فضرب به بختنصر ضربة فقتله فخرج إرميا على حماره و معه تين قد تزوده و شيء من عصير فنظر إلى سباع البر و سباع البحر و سباع الجو تأكل تلك الجيف ففكر في نفسه ساعة ثم قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها و قد أكلتهم السباع فأماته الله مكانه و هو قول الله تبارك و تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أي أحياه فلما رحم الله بني إسرائيل و أهلك بختنصر رد بني إسرائيل إلى الدنيا و كان عزير لما سلط الله بختنصر على بني إسرائيل هرب و دخل في عين و غاب فيها و بقي إرميا ميتا مائة سنة ثم أحياه الله فأول ما أحيا منه عينيه في مثل غرقئ البيض فنظر فأوحى الله تعالى إليه كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً ثم نظر إلى الشمس و قد ارتفعت فقال أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فقال الله تبارك و تعالى بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ أي لم يتغير وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فجعل ينظر إلى العظام البالية المنفطرة تجتمع إليه و إلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من هاهنا و هاهنا و يلتزق بها حتى قام و قام حماره فقال أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
بيان قوله فأخلف أي فسد من قولهم أخلف الطعام إذا تغير طعمه و رائحته و أخلف فلان أي فسد أو لم يأت بما هو عادته من قولهم أخلف الوعد أو من قولهم أخلفت النجوم أمحلت فلم يكن فيها مطر و يحتمل أن يكون المراد تغير أهل القرية و فسادهم و الكسر كعنب جمع الكسرة أي الخبز المتكسر اليابس قوله فتاه أي تكبر أو تحير و النشاب النبل و اللبوة الأنثى من الأسد. قوله و كان عزير هذا إنكار لما ذكره الأكثر من أن القائل كان عزيرا و الغرقئ كزبرج القشرة الملتزقة ببياض البيض أو البياض الذي يؤكل. و قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ و هو عزير عن قتادة و عكرمة و السدي و هو المروي عن أبي عبد الله ع و قيل هو إرميا عن وهب و هو المروي عن أبي جعفر ع و قيل هو الخضر عن ابن إسحاق و القرية التي مر عليها هي بيت المقدس لما خربه بختنصر عن وهب و قتادة و الربيع و عكرمة و قيل هي الأرض المقدسة عن الضحاك و قيل هي القرية التي خرج منها الألوف حذر الموت عن أبي زيد وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أي خالية و قيل خراب و قيل ساقطة على أبنيتها و سقوفها كأن السقوف سقطت و وقع البنيان عليها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها أي كيف يعمر الله هذه القرية بعد خرابها و قيل كيف يحيي الله أهلها بعد ما ماتوا و لم يقل ذلك إنكارا و لا تعجبا و لا ارتيابا و لكنه أحب أن يريه الله إحياءها مشاهدة ليحصل له العلم به ضرورة فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أحياه قالَ كَمْ لَبِثْتَ في التفسير أنه سمع نداء من السماء كم لبثت يعني في منامك و قيل إن القائل له نبي و قيل ملك و قيل بعض المعمرين ممن شاهده عند موته و إحيائه قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ لأن الله تعالى أماته في أول النهار و أحياه بعد مائة سنة في آخر النهار فقال يَوْماً ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ثم قال بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ معناه بل لبثت في مكانك مائة سنة فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ أي لم تغيره السنون و إنما قال لَمْ يَتَسَنَّهْ على الواحد لأنه أراد جنس الطعام و الشراب و قيل أراد به الشراب لأنه أقرب المذكورين إليه و قيل أراد عصيرا و تينا و عنبا و هذه الثلاثة أسرع الأشياء تغيرا و فسادا فوجد العصير حلوا و التين و الغضب كما جنيا لم يتغيرا وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ كيف تفرقت أجزاؤه و تبددت عظامه ثم انظر كيف يحييه الله و إنما قال ذلك ليستدل بذلك على طول مماته وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ فعلنا ذلك و قيل معناه فعلنا ذلك إجابة لك إلى ما أردت وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ أي حجة للناس في البعث وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها كيف نحييها و بالزاي كيف نرفعها من الأرض فنردها إلى أماكنها من الجسد و نركب بعضها على بعض ثُمَّ نَكْسُوها أي نلبسها لَحْماً و اختلف فيه فقيل أراد عظام حماره و قيل أراد عظامه قالوا أول ما أحيا الله منه عينه و هو في مثل غرقئ البيض فجعل ينظر إلى العظام البالية المتفرقة تجتمع إليه و إلى اللحم الذي قد أكلته السباع تأتلف إلى العظام من هاهنا و من هاهنا و تلتزق بها حتى قام و قام حماره فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ يعني ظهر و علم و قيل إنه رجع و قد أحرق بختنصر التوراة فأملاها من ظهر قلبه فقال رجل منهم حدثني أبي عن جدي أنه دفن التوراة في كرم فإن أريتموني كرم جدي أخرجتها لكم فأروه فأخرجها فعارضوا ذلك بما أملى فما اختلفا في حرف فقالوا فما جعل الله التوراة في قلبه إلا و هو ابنه فقالوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ فقال أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي لم أقل ما قلت عن شك و ارتياب أو أنه ازداد لما عاين و شاهد يقينا و علما إذ كان قبل ذلك علم استدلال فصار علم ضرورة و معاينة
2- ل، ]الخصال[ ابن البرقي عن أبيه عن جده رفعه إلى أبي عبد الله ع قال ملك الأرض كلها أربعة مؤمنان و كافران فأما المؤمنان فسليمان بن داود و ذو القرنين ع و الكافران نمرود و بختنصر
3- ج، ]الإحتجاج[ هشام بن الحكم في خبر الزنديق قال الصادق ع أمات الله إرميا النبي الذي نظر إلى خراب بيت المقدس و ما حوله حين غزاهم بختنصر و قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثم أحياه و نظر إلى أعضائه كيف تلتئم و كيف تلبس اللحم و إلى مفاصله و عروقه كيف توصل فلما استوى قاعدا قال أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
4- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الفحام عن محمد بن عيسى بن هارون عن إبراهيم بن عبد الصمد عن أبيه عن جده قال قال سيدنا الصادق ع من اهتم لرزقه كتب عليه خطيئة إن دانيال كان في زمن ملك جبار عات أخذه فطرحه في جب و طرح معه السباع فلم تدنو منه و لم يخرجه فأوحى الله إلى نبي من أنبيائه أن ائت دانيال بطعام قال يا رب و أين دانيال قال تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فاتبعه فإنه يدلك إليه فأتت به الضبع إلى ذلك الجب فإذا فيه دانيال فأدلى إليه الطعام فقال دانيال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره و الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا و بالصبر نجاة ثم قال الصادق ع إن الله أبى إلا أن يجعل أرزاق المتقين من حيث لا يحتسبون و أن لا يقبل لأوليائه شهادة في دولة الظالمين
ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن ابن الوليد عن الصفار عن القاساني عن الأصبهاني عن المنقري عن حفص عن أبي عبد الله ع مثله
5- ك، ]إكمال الدين[ القطان عن السكري عن الجوهري عن ابن عمارة عن أبيه عن الصادق ع قال إن سليمان ع لما حضرته الوفاة أوصى إلى آصف بن برخيا بإذن الله تعالى ذكره فلم يزل بينهم تختلف إليه الشيعة و يأخذون عنه معالم دينهم ثم غيب الله عز و جل آصف غيبة طال أمدها ثم ظهر لهم فبقي بين قومه ما شاء الله ثم إنه ودعهم فقالوا له أين الملتقى قال على الصراط و غاب عنهم ما شاء الله و اشتدت البلوى على بني إسرائيل بغيبته و تسلط عليهم بختنصر فجعل يقتل من يظفر به منهم و يطلب من يهرب و يسبي ذراريهم فاصطفى من السبي من أهل بيت يهودا أربعة نفر فيهم دانيال و اصطفى من ولد هارون عزيرا و هم حينئذ صبية صغار فمكثوا في يده و بنو إسرائيل في العذاب المهين و الحجة دانيال أسير في يد بختنصر تسعين سنة فلما عرف فضله و سمع أن بني إسرائيل ينتظرون خروجه و يرجون الفرج في ظهوره و على يده أمر أن يجعل في جب عظيم واسع و يجعل معه الأسد ليأكله فلم يقربه و أمر أن لا يطعم فكان الله تعالى يأتيه بطعامه و شرابه على يد نبي من أنبياء بني إسرائيل فكان يصوم دانيال النهار و يفطر الليل على ما يدلى إليه من الطعام و اشتدت البلوى على شيعته و قومه المنتظرين لظهوره و شك أكثرهم في الدين لطول الأمد فلما تناهى البلاء بدانيال و بقومه رأى بختنصر في المنام كأن ملائكة من السماء قد هبطت إلى الأرض أفواجا إلى الجب الذي فيه دانيال مسلمين عليه يبشرونه بالفرج فلما أصبح ندم على ما أتى إلى دانيال فأمر أن يخرج من الجب فلما أخرج اعتذر إليه مما ارتكب منه من التعذيب ثم فوض إليه النظر في أمور ممالكه و القضاء بين الناس فظهر من كان مستترا من بني إسرائيل و رفعوا رءوسهم و اجتمعوا إلى دانيال ع موقنين بالفرج فلم يلبث إلا القليل عن تلك الحال حتى مضى لسبيله و أفضى الأمر بعده إلى عزير و كانوا يجتمعون إليه و يأنسون به و يأخذون عنه معالم دينهم فغيب الله عنهم شخصه مائة عام ثم بعثه و غابت الحجج بعده و اشتدت البلوى على بني إسرائيل حتى ظهر يحيى ع
أقول تمام الخبر في باب قصة طالوت
6- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب بن منبه قال كان بختنصر منذ ملك يتوقع فساد بني إسرائيل و يعلم أنه لا يطيقهم إلا بمعصيتهم فلم يزل يأتيه العيون بأخبارهم حتى تغيرت حالهم و فشت فيهم المعاصي و قتلوا أنبياءهم و ذلك قوله تعالى جل ذكره وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ إلى قوله فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما يعني بختنصر و جنوده أقبلوا فنزلوا بساحتهم فلما رأوا ذلك فزعوا إلى ربهم و تابوا و ثابروا على الخير و أخذوا على أيدي سفهائهم و أنكروا المنكر و أظهروا المعروف فرد الله لهم الكرة على بختنصر و انصرفوا بعد ما فتحوا المدينة و كان سبب انصرافهم أن سهما وقع في جبين فرس بختنصر فجمح به حتى أخرجه من باب المدينة ثم إن بني إسرائيل تغيروا فما برحوا حتى كر عليهم و ذلك قوله تعالى فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ فأخبرهم إرميا ع أن بختنصر يتهيأ للمسير إليكم و قد غضب الله عليكم و أن الله تعالى جلت عظمته يستتيبكم لصلاح آبائكم و يقول هل وجدتم أحدا عصاني فسعد بمعصيتي أم هل علمتم أحدا أطاعني فشقي بطاعتي و أما أحباركم و رهبانكم فاتخذوا عبادي خولا يحكمون فيهم بغير كتابي حتى أنسوهم ذكري و أما ملوككم و أمراؤكم فبطروا نعمتي و غرتهم الحياة الدنيا و أما قراؤكم و فقهاؤكم فهم منقادون للملوك يبايعونهم على البدع و يطيعونهم في معصيتي و أما الأولاد فيخوضون مع الخائضين و في كل ذلك ألبسهم العافية فلأبدلنهم بالعز ذلا و بالأمن خوفا إن دعوني لم أجبهم و إن بكوا لم أرحمهم. فلما بلغهم ذلك نبيهم كذبوه و قالوا لقد أعظمت الفرية على الله تزعم أن الله معطل مساجده من عبادته فقيدوه و سجنوه فأقبل بختنصر و حاصرهم سبعة أشهر حتى أكلوا خلاهم و شربوا أبوالهم ثم بطش بهم بطش الجبارين بالقتل و الصلب و الإحراق و جذع الأنوف و نزع الألسن و الأنياب و وقف النساء فقيل له إن لهم صاحبا كان يحذرهم بما أصابهم فاتهموه و سجنوه فأمر بختنصر فأخرج من السجن فقال له أ كنت تحذر هؤلاء قال نعم قال و أنى علمت ذلك قال أرسلني الله به إليهم قال فكذبوك و ضربوك قال نعم قال لبئس القوم قوم ضربوا نبيهم و كذبوا رسالة ربهم فهل لك أن تلحق بي فأكرمك و إن أحببت أن تقيم في بلادك آمنتك قال إرميا ع إني لم أزل في أمان الله منذ كنت لم أخرج منه و لو أن بني إسرائيل لم يخرجوا من أمانه لم يخافوك فأقام إرميا ع مكانه بأرض إيليا و هي حينئذ خراب قد هدم بعضها فلما سمع به من بقي من بني إسرائيل اجتمعوا إليه فقالوا عرفنا أنك نبينا فانصح لنا فأمرهم أن يقيموا معه فقالوا ننطلق إلى ملك مصر نستجير فقال إرميا ع إن ذمة الله أوفى الذمم فانطلقوا إلى مصر و تركوا إرميا فقال لهم الملك أنتم في ذمتي
فسمع ذلك بختنصر فأرسل إلى ملك مصر ابعث بهم إلي مصفدين و إلا آذنتك بالحرب. فلما سمع إرميا ع بذلك أدركته الرحمة لهم فبادر إليهم لينقذهم فورد عليهم و قال إن الله تعالى جل ذكره أوحى إلي أني مظهر بختنصر على هذا الملك و آية ذلك أنه تعالى أراني موضع سرير بختنصر الذي يجلس عليه بعد ما يظفر بمصر ثم عمد فدفن أربعة أحجار في ناحية من الأرض فصار إليهم بختنصر فظفر بهم و أسرهم فلما أراد أن يقسم الفيء و يقتل الأسارى و يعتق منهم كان منهم إرميا فقال له بختنصر أراك مع أعدائي بعد ما عرضتك له من الكرامة فقال له إرميا ع إني جئتهم مخوفا أخبرهم خبرك و قد وضعت لهم علامة تحت سريرك هذا و أنت بأرض بابل ارفع سريرك فإن تحت كل قائمة من قوائمه حجرا دفنته بيدي و هم ينظرون فلما رفع بختنصر سريره وجد مصداق ما قال فقال لإرميا ع إني لأقتلنهم إذ كذبوك و لم يصدقوك فقتلهم و لحق بأرض بابل فأقام إرميا بمصر مدة فأوحى الله تعالى إليه الحق بإيليا فانطلق حتى إذا رفع له شخص بيت المقدس و رأى خرابا عظيما قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ فنزل في ناحية و اتخذ مضجعا ثم نزع الله روحه و أخفى مكانه على جميع الخلائق مائة عام و كان قد وعده الله أن سيعيد فيها الملك و العمران فلما مضى سبعون عاما أذن الله في عمارة إيليا فأرسل الله ملكا إلى ملك من ملوك فارس يقال له كوشك فقال إن الله يأمرك أن تنفر بقوتك و رجالك حتى تنزل إيليا فتعمرها فندب الفارسي لذلك ثلاثين ألف قهرمان و دفع إلى كل قهرمان ألف عامل بما يصلح لذلك من الآلة و النفقة فسار بهم فلما تمت عمارتها بعد ثلاثين سنة أمر عظام إرميا أن يحيا فقام حيا كما ذكره الله في كتابه.
بيان ثابر واظب
7- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد المذكور عن وهب بن منبه أنه لما انطلق بختنصر بالسبي و الأسارى من بني إسرائيل و فيهم دانيال و عزير ع و ورد أرض بابل اتخذ بني إسرائيل خولا و لبث سبع سنين ثم إنه رأى رؤيا عظيما امتلأ منها رعبا و نسيها فجمع قومه و قال تخبرون بتأويل رؤياي المنسية إلى ثلاثة أيام و إلا صلبتكم و بلغ دانيال ذلك من شأن الرؤيا و كان في السجن فقال لصاحب السجن إنك أحسنت صحبتي فهل لك أن تخبر الملك أن عندي علم رؤياه و تأويله فخرج صاحب السجن و ذكر لبختنصر فدعا به و كان لا يقف بين يديه أحد إلا سجد له فلما طال قيام دانيال و هو لا يسجد له قال للحرس أخرجوا و اتركوه فخرجوا فقال يا دانيال ما منعك أن تسجد لي فقال إن لي ربا آتاني هذا العلم على أني لا أسجد لغيره فلو سجدت لك انسلخ عني العلم فلم تنتفع بي فتركت السجود نظرا إلى ذلك قال بختنصر وفيت لإلهك فصرت آمنا مني فهل لك علم بهذه الرؤيا قال نعم رأيت صنما عظيما رجلاه في الأرض و رأسه في السماء أعلاه من ذهب و وسطه من فضة و أسفله من نحاس و ساقاه من حديد و رجلاه من فخار فبينا أنت تنظر إليه و قد أعجبك حسنه و عظمه و إحكام صنعته و الأصناف التي ركبت فيه إذ قذفه ملك بحجر من السماء فوقع على رأسه فدقه حتى طحنه فاختلط ذهبه و فضته و نحاسه و حديده و فخاره حتى خيل لك أنه لو اجتمع الجن و الإنس على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا و حتى خيل لك أنه لو هبت أدنى ريح لذرته لشدة ما انطحن ثم نظرت إلى الحجر الذي قذف به يعظم فينتثر حتى ملأ الأرض كلها فصرت لا ترى إلا السماء و الحجر قال بختنصر صدقت هذه الرؤيا التي رأيتها فما تأويلها قال دانيال ع أما الصنم الذي رأيت فإنها أمم تكون في أول الزمان و أوسطه و آخره و أما الذهب فهو هذا الزمان و هذه الأمة التي أنت فيها و أنت ملكها و أما الفضةفإنه يكون ابنك يليها من بعدك و أما النحاس فأمة الروم و أما الحديد فأمة فارس و أما الفخار فأمتان تملكهما امرأتان إحداهما في شرقي اليمن و أخرى في غربي الشام أما الحجر الذي قذف به الصنم فدين يفقده الله به هذه في الأمة آخر الزمان ليظهره عليها يبعث الله نبيا أميا من العرب فيذل الله له الأمم و الأديان كما رأيت الحجر ظهر على الأرض فانتثر فيها. فقال بختنصر ما لأحد عندي يد أعظم من يدك و أنا أريد أن أجزيك إن أحببت أن أردك إلى بلادك و أعمرها لك و إن أحببت أن تقيم معي فأكرمك فقال دانيال ع أما بلادي أرض كتب الله عليها الخراب إلى وقت و الإقامة معك أوثق لي فجمع بختنصر ولده و أهل بيته و خدمه و قال لهم هذا رجل حكيم قد فرج الله به عني كربة قد عجزتم عنها و قد وليته أمركم و أمري يا بني خذوا من علمه و إن جاءكم رسولان أحدهما لي و الآخر له فأجيبوا دانيال قبلي فكان لا يقطع أمرا دونه و لما رأوا قوم بختنصر ذلك حسدوا دانيال ثم اجتمعوا إليه و قالوا كانت لك الأرض و يزعم عدونا أنك أنكرت عقلك قال إني أستعين برأي هذا الإسرائيلي لإصلاح أمركم فإن ربه يطلعه عليه قالوا نتخذ إلها يكفيك ما أهمك و تستغني عن دانيال فقال أنتم و ذاك فعملوا صنما عظيما و صنعوا عيدا و ذبحوا له و أوقدوا نارا عظيمة كنار نمرود و دعوا الناس بالسجود لذلك الصنم فمن لم يسجد له ألقي فيها. و كان مع دانيال ع أربعة فتية من بني إسرائيل يوشال و يوحين و غيصوا و مريوس و كانوا مخلصين موحدين فأتي بهم ليسجدوا للصنم فقالت الفتية هذا ليس بإله و لكن خشبة صماء عملها الرجال فإن شئتم أن نسجد للذي خلقها فعلنا فكتفوهم ثم رموا بهم في النار فلما أصبحوا طلع عليهم بختنصر فوق قصر فإذا معهم خامس و إذا بالنار قد عادت جليدا فامتلأ رعبا فدعا دانيال ع فسأله عنهم فقال أما الفتية فعلى ديني يعبدون إلهي و لذلك أجارهم و الخامس بحر البرد أرسله الله تعالى جلت عظمته إلى هؤلاء نصرة لهم فأمر بختنصر فأخرجوا فقال لهم كيف بتم قالوا بتنا بأفضل ليلة منذ خلقنا فألحقهم بدانيال و أكرمهم بكرامته حتى مرت بهم ثلاثون سنة
8- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد المتقدم عن وهب قال ثم إن بختنصر رأى رؤيا أهول من الرؤيا الأولى و نسيها أيضا فدعا علماء قومه قال رأيت رؤيا أخشى أن يكون فيها هلاككم و هلاكي فما تأويلها فعجزوا و جعلوا علة عجزهم دانيال فأخرجهم و دعا دانيال ع فسأله فقال رأيت شجرة عظيمة شديدة الخضرة فرعها في السماء عليها طير السماء و في ظلها وحوش الأرض و سباعها فبينما أنت تنظر إليها قد أعجبتك بهجتها إذ أقبل ملك يحمل حديدة كالفأس على عنقه و صرخ بملك آخر في باب من أبواب السماء يقول له كيف أمرك الله أن تفعل بالشجرة أمرك أن تجتثها من أصلها أم أمرك أن تأخذ بعضها فناداه الملك الأعلى أن الله تعالى يقول خذ منها و أبق فنظرت إلى الملك حتى ضرب رأسها بفأسه فانقطع و تفرق ما كان عليها من الطير و ما كان تحتها من السباع و الوحوش و بقي الجذع لا هيئة له و لا حسن فقال بختنصر فهذه الرؤيا رأيتها فما تأويلها قال أنت الشجرة و ما رأيت في رأسها من الطيور فولدك و أهلك و أما ما رأيت في ظلها من السباع و الوحوش فخولك و رعيتك و كنت قد أغضبت الله فيما تابعت قومك من عمل الصنم فقال بختنصر كيف يفعل ربك بي قال يبتليك ببدنك فيمسخك سبع سنين فإذا مضت رجعت إنسانا كما كنت أول مرة فقعد بختنصر يبكي سبعة أيام فلما فرغ من البكاء ظهر فوق بيته فمسخه الله عقابا فطار و كان دانيال ع يأمر ولده و أهل مملكته أن لا يغيروا من أمره شيئا حتى يرجع إليهم ثم مسخه الله في آخر عمره بعوضة فأقبل يطير حتى دخل بيته فحوله الله إنسانا فاغتسل بالماء و لبس المسوح ثم أمر بالناس فجمعوا فقال إني و إياكم كنا نعبد من دون الله ما لا ينفعنا و لا يضرنا و إنه قد تبين لي من قدرة الله تعالى جل و علا في نفسي أنه لا إله إلا الله إله بني إسرائيل فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي و أنا و هو في الحق سواء و من خالفني ضربته بسيفي حتى يحكم الله بيني و بينكم و إني قد أجلتكم إلى الليلة فإذا أصبحتم فأجيبوني ثم انصرف و دخل بيته و قعد على فراشه فقبض الله تعالى روحه و قص وهب قصته هذه عن ابن عباس ثم قال ما أشبه إيمانه بإيمان السحرة
9- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ لما توفي بختنصر تابع الناس ابنه و كانت الأواني التي عملت الشياطين لسليمان بن داود ع من اللؤلؤ و الياقوت غاص عليها الشياطين حتى استخرجوها من قعور الأبحر الصم التي لا تعبر فيها السفن و كان بختنصر غنم كل ذلك من بيت المقدس و أوردها أرض بابل و استعمر فيه دانيال ع فقال إن هذه الآنية طاهرة مقدسة صنعها النبي ابن النبي ليسجد ربه عز و علا فلا تدنسها بلحم الخنازير و غيرها فإن لها ربا سيعيدها حيث كانت فلم يطعه و اعتزل دانيال و أقصاه و جفاه و كانت له امرأة حكيمة نشأت في تأديب دانيال تعظه و تقول إن أباك كان يستغيث بدانيال فأبى ذلك فعمل في كل عمل سوء حتى عجت الأرض منه إلى الله تعالى جلت عظمته فبينا هو في عيد إذا بكف ملك يكتب على الجدار ثلاثة أحرف ثم غابت الكف و القلم و بهتوا فسألوا دانيال بحق تأويل ذلك المكتوب و كان كتب وزن فخف و وعد فأنجز و جمع فتفرق فقال أما الأول فإنه عقلك وزن فخف فكان خفيفا في الميزان و الثاني وعد أن يملك فأنجزه اليوم و الثالث فإن الله كان قد جمع لك و لوالدك من قبلك ملكا عظيما ثم تفرق اليوم فلا يجتمع إلى يوم القيامة فقال له ثم ما ذا قال يعذبك الله فأقبلت بعوضة تطير حتى دخلت في إحدى منخريه فوصلت إلى دماغه و تؤذيه فأحب الناس عنده من حمل مرزبة يضرب بها رأسه و يزداد كل يوم ألما إلى أربعين ليلة حتى مات و صار إلى النار
بيان هذه القصص المنقولة عن وهب ليست مما يعتمد عليه و إيمان بختنصر مخالف لظواهر الأخبار المعتبرة و أما مسخه فقد
ورد في توحيد المفضل بن عمر المروي عن الصادق ع ما يومئ إليه حيث قال ع و ترى كثيرا من الفساق يعاجلون بالعقوبة إذا تفاقم طغيانهم و عظم ضررهم على الناس و على أنفسهم كما عوجل فرعون بالغرق و بختنصر بالتيه و بلبيس بالقتل
10- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن السكري عن الجوهري عن ابن عمارة عن جابر الجعفي عن الباقر صلوات الله عليه قال سألته عن تعبير الرؤيا عن دانيال ع أ هو صحيح قال نعم كان يوحى إليه و كان نبيا و كان ممن علمه الله تأويل الأحاديث و كان صديقا حكيما و كان و الله يدين بمحبتنا أهل البيت قال جابر بمحبتكم أهل البيت قال إي و الله و ما من نبي و لا ملك إلا و كان يدين بمحبتنا
11- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن الأشعري عن السياري عن إسحاق بن إبراهيم عن الرضا ع قال إن الملك قال لدانيال أشتهي أن يكون لي ابن مثلك فقال ما محلي من قلبك قال أجل محل و أعظمه قال دانيال فإذا جامعت فاجعل همتك في قال ففعل الملك ذلك فولد له ابن أشبه خلق الله بدانيال
12- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن جعفر بن محمد بن شاذان عن أبيه عن الفضل عن محمد بن زياد عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس قال عزير يا رب إني نظرت في جميع أمورك و أحكامها فعرفت عدلك بعقلي و بقي باب لم أعرفه إنك تسخط على أهل البرية فتعمهم بعذابك و فيهم الأطفال فأمره الله تعالى أن يخرج إلى البرية و كان الحر شديدا فرأى شجرة فاستظل بها و نام فجاءت نملة فقرصتها فدلك الأرض برجله فقتل من النمل كثيرا فعرف أنه مثل ضرب فقيل له يا عزير إن القوم إذا استحقوا عذابي قدرت نزوله عند انقضاء آجال الأطفال فماتوا أولئك بآجالهم و هلك هؤلاء بعذابي
بيان قال الفيروزآبادي القرص أخذك لحم إنسان بإصبعك حتى تؤلمه و لسع البراغيث و القبض و القطع
13- ك، ]إكمال الدين[ أبي و ابن الوليد معا عن سعد عن ابن عيسى عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن محمد بن إسماعيل القرشي عمن حدثه عن إسماعيل بن أبي رافع عن أبيه عن النبي ص قال ملك بختنصر مائة سنة و سبعا و ثمانين سنة و قتل من اليهود سبعين ألف مقاتل على دم يحيى بن زكريا ع و خرب بيت المقدس و تفرقت اليهود في البلدان و في سبع و أربعين سنة من ملكه بعث الله العزير نبيا إلى أهل القرى التي أمات الله أهلها ثم بعثهم له و كان من قرى شتى فهربوا فرقا من الموت فنزلوا في جوار عزير و كانوا مؤمنين و كان عزير يختلف إليهم و يسمع كلامهم و إيمانهم و أحبهم على ذلك و آخاهم عليه فغاب عنهم يوما واحدا ثم أتاهم فوجدهم موتى صرعى فحزن عليهم و قال أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها تعجبا منه حيث أصابهم و قد ماتوا أجمعين في يوم واحد فَأَماتَهُ اللَّهُ عند ذلك مِائَةَ عامٍ و هي مائة سنة ثُمَّ بَعَثَهُ الله و إياهم و كانوا مائة ألف مقاتل ثم قتلهم الله أجمعين لم يفلت منهم واحد على يدي بختنصر ثم ملك مهرويه بن بختنصر ست عشرة سنة و عشرين يوما فأخذ عند ذلك دانيال ع و خد له خدا في الأرض و طرح فيه دانيال و أصحابه و شيعته من المؤمنين و ألقى عليهم النيران فلما رأى أن النار لا تقربهم و لا تحرقهم استودعهم الجب و فيه الأسد و السباع و عذبهم بكل نوع من العذاب حتى خلصهم الله منه و هم الذين ذكرهم الله في كتابه فقال قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ فلما أراد الله أن يقبض دانيال ع أمره أن يستودع نور الله و حكمته مكيخا بن دانيال ففعل
-14 شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قول الله أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فقال إن الله بعث على بني إسرائيل نبيا يقال له إرميا فقال قل لهم ما بلد تنقيته من كرائم البلدان و غرست فيه من كرائم الغرس و نقيته من كل غريبة فأخلف فأنبت خرنوبا قال فضحكوا و استهزءوا به فشكاهم إلى الله قال فأوحى الله إليه أن قل لهم إن البلد بيت المقدس و الغرس بنو إسرائيل تنقيته من كل غريبة و نحيت عنهم كل جبار فأخلفوا فعملوا بمعاصي الله فلأسلطن عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم و يأخذ أموالهم فإن بكوا إلي فلم أرحم بكاءهم و إن دعوا لم أستجب دعاءهم ثم لأخربنها مائة عام ثم لأعمرنها فلما حدثهم جزعت العلماء فقالوا يا رسول الله ما ذنبنا نحن و لم نكن نعمل بعملهم فعاود لنا ربك فصام سبعا فلم يوح إليه شيء فأكل أكلة ثم صام سبعا فلم يوح إليه شيء فأكل أكلة ثم صام سبعا فلما أن كان يوم الواحد و العشرين أوحى الله إليه لترجعن عما تصنع أ تراجعني في أمر قضيته أو لأردن وجهك على دبرك ثم أوحى إليه قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه فسلط الله عليهم بختنصر فصنع بهم ما قد بلغك ثم بعث بختنصر إلى النبي فقال إنك قد نبئت عن ربك و حدثتهم بما أصنع بهم فإن شئت فأقم عندي فيمن شئت و إن شئت فاخرج فقال لا بل أخرج فتزود عصيرا و تينا و خرج فلما أن كان مد البصر التفت إليها فقال أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ أماته غدوة و بعثه عشية قبل أن تغيب الشمس و كان أول شيء خلق منه عيناه في مثل غرقئ البيض ثم قيل له كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً فلما نظر إلى الشمس لم تغب قال أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً قال فجعل ينظر إلى عظامه كيف يصل بعضها إلى بعض و يرى العروق كيف يجري فلما استوى قائما قال أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ و في رواية هارون فتزود عصيرا و لبنا
-15 ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن اليقطيني عن النضر عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع مثله و فيه فسلط الله عليهم بختنصر و سمي به لأنه رضع بلبن كلبة و كان اسم الكلب بخت و اسم صاحبه نصر و كان مجوسيا أغلف أغار على بيت المقدس و دخله في ستمائة ألف عام ثم بعث بختنصر إلى النبي فقال إنك نبئت عن ربك و خبرتهم بما أصنع بهم فإن شئت فأقم عندي و إن شئت فاخرج قال بل أخرج فتزود عصيرا و لبنا و خرج
ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ النضر مثله إلى قوله فصنع بهم ما قد بلغك
16- شي، ]تفسير العياشي[ أبو طاهر العلوي عن علي بن محمد العلوي عن علي بن مرزوق عن إبراهيم بن محمد قال ذكر جماعة من أهل العلم أن ابن الكواء قال لعلي ع يا أمير المؤمنين ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا قال نعم أولئك ولد عزير حيث مر على قرية خربة و قد جاء من ضيعة له تحته حمار و معه شنة فيها قتر و كوز فيه عصير فمر على قرية خربة فقال أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ فتوالد ولده و تناسلوا ثم بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فيه فأولئك ولده أكبر من أبيهم
17- خص، ]منتخب البصائر[ ابن عيسى عن الحسن عن الحسين بن علوان عن محمد بن داود العبدي عن الأصبغ بن نباتة أن عبد الله بن الكواء اليشكري قام إلى أمير المؤمنين ع فقال يا أمير المؤمنين إن أبا المعتمر تكلم آنفا بكلام لا يحتمله قلبي فقال و ما ذاك قال يزعم أنك حدثته أنك سمعت رسول الله ص يقول إنا قد رأينا أو سمعنا برجل أكبر سنا من أبيه فقال أمير المؤمنين ع فهذا الذي كبر عليك قال نعم فهل تؤمن أنت بهذا و تعرفه فقال نعم ويلك يا ابن الكواء افقه عني أخبرك عن ذلك إن عزيرا خرج من أهله و امرأته في شهرها و له يومئذ خمسون سنة فلما ابتلاه الله عز و جل بذنبه و أماته مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ فرجع إلى أهله و هو ابن خمسين سنة فاستقبله ابنه و هو ابن مائة سنة و ورد الله عزيرا في السن الذي كان به فقال ما يريد
18- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله ع قال قال علي ع إن دانيال ع كان يتيما لا أم له و لا أب و إن امرأة من بني إسرائيل عجوزا كبيرة ضمته فربته و إن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان و كان لهما صديق و كان رجلا صالحا و كان له امرأة بهية جميلة و كان يأتي الملك فيحدثه و احتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض أموره فقال للقاضيين اختارا رجلا أرسله في بعض أموري فقالا فلان فوجهه الملك فقال الرجل للقاضيين أوصيكما بامرأتي خيرا فقالا نعم فخرج الرجل فكان القاضيان يأتيان باب الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت فقالا لها و الله لئن لم تفعل لنشهدن عليك عند الملك بالزنا ثم لنرجمنك فقالت افعلا ما أحببتما فأتيا الملك فأخبراه و شهدا عنده أنها بغت فدخل الملك من ذلك أمر عظيم و اشتد بها غمه و كان بها معجبا فقال لهما إن قولكما مقبول و لكن ارجموها بعد ثلاثة أيام و نادى في البلد الذي هو فيه احضروا قتل فلانة العابدة فإنها قد بغت فإن القاضيين قد شهدا عليها بذلك فأكثر الناس في ذلك و قال الملك لوزيره ما عندك في هذا من حيلة فقال ما عندي في ذلك من شيء فخرج الوزير يوم الثالث و هو آخر أيامها فإذا هو بغلمان عراة يلعبون و فيهم دانيال لا يعرفه فقال دانيال يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك و تكون أنت يا فلان العابدة و يكون فلان و فلان القاضيين شاهدين عليها ثم جمع ترابا و جعل سيفا من قصب و قال للصبيان خذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا و كذا و خذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا و كذا ثم دعا بأحدهما و قال له قل حقا فإنك إن لم تقل حقا قتلتك و الوزير قائم ينظر و يسمع فقال إنها بغت فقال متى فقال يوم كذا و كذا قال مع من قال مع فلان بن فلان قال و أين قال موضع كذا و كذا قال ردوه إلى مكانه و هاتوا الآخر فردوه إلى مكانه و جاءوا بالآخر فقال له بما تشهد فقال أشهد أنها بغت قال متى قال يوم كذا و كذا قال مع من قال مع فلان بن فلان قال و أين قال موضع كذا و كذا فخالف أحدهما صاحبه فقال دانيال الله أكبر شهدا بزور يا فلان ناد في الناس أنهما شهدا على فلانة بزور فاحضروا قتلهما فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر فبعث الملك إلى القاضيين فاختلفا كما اختلف الغلامان فنادى الملك في الناس و أمر بقتلهما
19- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه و عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع قال إن الله عز و جل أوحى إلى داود ع أن ائت عبدي دانيال فقل له إنك عصيتني فغفرت لك و عصيتني فغفرت لك و عصيتني فغفرت لك فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك فأتاه داود ع فقال يا دانيال إني رسول الله إليك و هو يقول لك إنك عصيتني فغفرت لك و عصيتني فغفرت لك و عصيتني فغفرت لك فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك فقال له دانيال قد أبلغت يا نبي الله فلما كان في السحر قام دانيال فناجى ربه فقال يا رب إن داود نبيك أخبرني عنك أنني قد عصيتك فغفرت لي و عصيتك فغفرت لي و عصيتك فغفرت لي و أخبرني عنك أني إن عصيتك الرابعة لم تغفر لي فو عزتك و جلالك لئن لم تعصمني لأعصينك ثم لأعصينك ثم لأعصينك
ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن محبوب مثله
20- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله ع قال قال النبي ص أكرموا الخبز فإنه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض و ما فيها من كثير من خلقه ثم قال لمن حوله أ لا أحدثكم قالوا بلى يا رسول الله فداك الآباء و الأمهات فقال إنه كان نبي فيما كان قبلكم يقال له دانيال و إنه أعطى صاحب معبر رغيفا لكي يعبر به فرمى صاحب المعبر بالرغيف و قال ما أصنع بالخبز هذا الخبز عندنا قد يداس بالأرجل فلما رأى دانيال ذلك منه رفع يده إلى السماء و قال اللهم أكرم الخبز فقد رأيت يا رب ما صنع هذا العبد و ما قال فأوحى الله عز و جل إلى السماء أن تحبس الغيث و أوحى إلى الأرض أن كوني طبقا كالفخار قال فلم يمطر شيء حتى أنه بلغ من أمرهم أن بعضهم أكل بعضا فلما بلغ منهم ما أراد الله عز و جل من ذلك قالت امرأة لأخرى و لهما ولدان فلانة تعالي حتى نأكل أنا و أنت اليوم ولدي فإذا جعنا غدا أكلنا ولدك قالت لها نعم فأكلتاه فلما أن جاعتا من بعد راودت الأخرى على أكل ولدها فامتنعت عليها فقالت لها بيني و بينك نبي الله فاختصما إلى دانيال فقال لهما و قد بلغ الأمر إلى ما أرى قالتا له نعم يا نبي الله و أشر فرفع يده إلى السماء فقال اللهم عد علينا بفضلك و فضل رحمتك و لا تعاقب الأطفال و من فيه خير بذنب صاحب المعبر و أضرابه لنعمتك قال فأمر الله تبارك و تعالى السماء أن أمطري على الأرض و أمر الأرض أن انبتي لخلقي ما قد فاتهم من خيرك فإني قد رحمتهم بالطفل الصغير
21- كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن ابن جمهور عن أبيه عن محمد بن سنان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذا لقيت السبع فقل أعوذ برب دانيال و الجب من شر كل أسد مستأسد
22- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن إسماعيل بن أبان عن عمر بن عبد الله الثقفي قال لما أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر ع إلى الشام سأله عالم النصارى عن مسائل فكان فيما سأله أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت بابنين جميعا حملتهما في ساعة واحدة و ولدتهما في ساعة واحدة و ماتا في ساعة واحدة و دفنا في ساعة واحدة في قبر واحد فعاش أحدهما خمسين و مائة سنة و عاش الآخر خمسين سنة من هما فقال أبو جعفر ع هما عزير و عزرة كان حمل أمهما على ما وصفت و وضعتهما على ما وصفت و عاش عزرة مع عزير ثلاثين سنة ثم أمات الله عزيرا مائة سنة و بقي عزرة يحيا ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزرة عشرين سنة الخبر
بيان قد عرفت اختلاف القوم في أن الذي أماته الله مائة عام هل هو إرميا أو عزير و قد دلت الروايات على كل منهما أيضا و لعل الأخبار الدالة على كونه عزيرا محمولة على التقية أو على ما يوافق روايات أهل الكتاب بأن يكونوا أجابوهم على معتقدهم و يمكن القول بوقوعه على كل منهما و إن كانت الآية وردت في أحدهما
23- كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن علي بن محمد بن سعد رفعه عن أبي حمزة عن علي بن الحسين ع قال إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى دانيال ع أن أمقت عبيدي إلي الجاهل المستخف بحق أهل العلم التارك للاقتداء بهم و إن أحب عبيدي إلي التقي الطالب للثواب الجزيل اللازم للعلماء التابع للحلماء القابل عن الحكماء
24- ل، ]الخصال[ ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ سأل الشامي أمير المؤمنين ع عن الأربعاء و ما يتطير منه فقال ع آخر أربعاء من الشهر إلى أن قال و يوم الأربعاء خرب بيت المقدس و يوم الأربعاء أحرق مسجد سليمان بن داود بإصطخر من كورة فارس
25- دعوات الراوندي، قال أوحى الله إلى عزير ع يا عزير إذا وقعت في معصية فلا تنظر إلى صغرها و لكن انظر من عصيت و إذا أوتيت رزقا مني فلا تنظر إلى قلته و لكن انظر من أهداه و إذا نزلت بك بلية فلا تشك إلى خلقي كما لا أشكوك إلى ملائكتي عند صعود مساويك و فضائحك