الآيات الأعراف وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَ اذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَ بَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَ تَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَ قالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَ قالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَ نَصَحْتُ لَكُمْ وَ لكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ هود وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَ تَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَ إِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ قالَ يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ آتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ وَ يا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَ مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ وَ أَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ الحجر وَ لَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ وَ آتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ وَ كانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ الشعراء كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَ لا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أَ تُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ وَ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ وَ لا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ النمل وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَ أَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ
السجدة وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ وَ نَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ الذاريات وَ فِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَ ما كانُوا مُنْتَصِرِينَ القمر كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَ اصْطَبِرْ وَ نَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ الحاقة كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَ عادٌ بِالْقارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ الفجر وَ ثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ الشمس كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَ سُقْياها فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها وَ لا يَخافُ عُقْباها. تفسير قال الطبرسي رحمه الله بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ أي دلالة معجزة شاهدة على صدقي هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ أنه إشارة إلى ناقة بعينها أضافها إلى الله سبحانه تفضيلا و تخصيصا نحو بيت الله و قيل إنه أضافها إليه لأنه خلقها بلا واسطة و جعلها دلالة على توحيده و صدق رسوله لأنها خرجت من صخرة ملساء تمخضت بها كما تتمخض المرأة ثم انفلقت عنها على الصفة التي طلبوها و كان لها شرب يوم تشرب فيه ماء الوادي كله و تسقيهم اللبن بدله و لهم شرب يوم يخصهم لا تقرب فيه ماءهم و قيل إنما أضافها إلى الله لأنه لم يكن لها مالك سواه تعالى قال الحسن كانت ناقة من النوق و كان وجه الإعجاز فيها أنها كانت تشرب ماء الوادي كله في يوم تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها السهل خلاف الجبل و هو ما ليس فيه مشقة على النفس أي تبنون في سهولها الدور و القصور و إنما اتخذوها في السهول ليصيفوا فيها وَ تَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً قال ابن عباس كانوا يبنون القصور بكل موضع و ينحتون من الجبال بيوتا يسكنونها شتاء لتكون مساكنهم في الشتاء أحصن و أدفأ و يروى أنهم لطول أعمارهم يحتاجون إلى أن ينحتوا بيوتا في الجبال لأن السقوف و الأبنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ أي لا تضطربوا بالفساد في الأرض و لا تبالغوا فيه لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أي للذين استضعفوهم من المؤمنين لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بدل من قوله لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فَعَقَرُوا النَّاقَةَ قال الأزهري العقر عند العرب قطع عرقوب البعير ثم جعل النحر عقرا لأن ناحر البعير يعقره ثم ينحره وَ عَتَوْا أي تجاوزوا الحد في الفساد. و كانت ثمود بوادي القرى بين المدينة و الشام و كانت عاد باليمن. وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيها أي جعلكم عمار الأرض أو عمرها لكم مدة أعماركم من العمري أو أطال فيها أعماركم قال الضحاك و كانت أعمارهم من ألف سنة إلى ثلاث مائة سنة أو أمركم من عماراتها بما تحتاجون إليه من المساكن و الزراعات و غرس الأشجار قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا أي كنا نرجو منك الخير فالآن يئسنا منك بإبداعك ما أبدعت أو نظنك عونا لنا على ديننا مُرِيبٍ موجب للريبة و التهمة رَحْمَةً أي النبوة غَيْرَ تَخْسِيرٍ
أي نسبتي إلى الخسارة أو بصيرة في خسارتكم أو إن أجبتكم كنت بمنزلة من يزداد الخسران فَعَقَرُوها أي عقرها بعضهم و رضي البعض و إنما عقرها أحمر ثمود وَ مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ معطوف على محذوف أي من العذاب و من الخزي الذي لزمهم ذلك اليوم و الحجر اسم البلد الذي كان فيه ثمود و قيل اسم لواد كانوا يسكنونها وَ آتَيْناهُمْ آياتِنا أي الحجج و المعجزات. أَ تُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا أي تظنون أنكم تتركون فيما أعطاكم الله من الخير في هذه الدنيا آمِنِينَ من الموت و العذاب ثم عدد نعمهم فقال فِي جَنَّاتٍ إلى قوله طَلْعُها هَضِيمٌ الطلع الكفر و الهضيم اليافع النضيج أو الرطب اللين أو الذي إذا مس تفتت أو الذي ليس في نوى فارِهِينَ أي حاذقين بنحتها أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ يعني الرؤساء منهم و هم تسعة من ثمود الذين عقروا الناقة مِنَ الْمُسَحَّرِينَ أي أصبت بسحر ففسد عقلك أو من المخدوعين و قيل معناه أنت مجوف مثلنا لك سحر أي رئة تأكل و تشرب فلم صرت أولى بالنبوة منا. فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ أي مؤمنون و كافرون بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ أي بالعذاب قبل الرحمة أي لم قلتم إن كان ما آتينا به حقا فأتنا بالعذاب قالُوا اطَّيَّرْنا أي تشأمنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ و ذلك لأنهم قحط عنهم المطر و جاعوا فقالوا أصابنا هذا من شؤمك قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي الشؤم أتاكم من عند الله بكفركم تُفْتَنُونَ أي تختبرون بالخير و الشر أو تعذبون بسوء أعمالكم أو تمتحنون بطاعة الله و معصيته تِسْعَةُ رَهْطٍ هم أشرافهم و هم الذين سعوا في عقر الناقة قال ابن عباس هم قدار بن سالف و مصدع و دهمى و دهيم و دعمي و دعيم و أسلم و قبال و صداق قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أي احلفوا بالله لَنُبَيِّتَنَّهُ لنقتلن صالحا و أهله بياتا ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ أي لذي رحم صالح إن سألنا عنه ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ أي ما قتلناه و لا ندري من قتله وَ إِنَّا لَصادِقُونَ في هذا القول و إنهم دخلوا على صالح ليقتلوه فأنزل الله سبحانه الملائكة فرموا كل واحد منهم بحجر حتى قتلوهم و سلم صالح من مكرهم عن ابن عباس و قيل نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم بعضا ليأتوا صالحا فهجم عليهم الجبل خاوِيَةً أي خالية. صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ أي ذي الهون و هو الذي يهينهم و يخزيهم و قد قيل إن كل عذاب صاعقة لأن من يسمعها يصعق لها. وَ فِي ثَمُودَ أي آية إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا و ذلك أنهم لما عقروا الناقة قال لهم صالح تمتعوا ثلاثة أيام فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ و هي الموت أو العذاب و الصاعقة كل عذاب مهلك. فَارْتَقِبْهُمْ أي انتظر أمر الله فيهم أو ما يصنعون وَ اصْطَبِرْ على ما يصيبك من الأذى قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ يوم للناقة و يوم لهم كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ أي كل نصيب من الماء يحضره أهله فَنادَوْا صاحِبَهُمْ و هو قدار فَتَعاطى أي تناول الناقة بالعقر صَيْحَةً واحِدَةً يريد صيحة جبرئيل و قيل الصيحة العذاب كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ أي فصاروا كهشيم و هو حطام الشجر المنقطع بالكسر و الرض الذي يجمعه صاحب الحظيرة الذي يتخذ لغنمه حظيرة يمنعها من برد الريح و قيل أي صاروا كالتراب الذي يتناثر من الحائط و تصيبه الرياح فيتحظر مستديرا. بِالطَّاغِيَةِ أي أهلكوا بطغيانهم و كفرهم أو بالصيحة الطاغية و هي التي جاوزت المقدار جابُوا الصَّخْرَ أي قطعوها و نقبوها بالوادي الذي كانوا ينزلونه و هو وادي القرى. بِطَغْواها أي بطغيانها إِذِ انْبَعَثَ أي انتدب و قام و الأشقى عاقر الناقة و كان أشقر أزرق قصيرا ملتزق الخلق.
و قد صحت الرواية بالإسناد عن عثمان بن صهيب عن أبيه قال قال رسول الله ص لعلي بن أبي طالب ع من أشقى الأولين قال عاقر الناقة قال صدقت فمن أشقى الآخرين قال قلت لا أعلم يا رسول الله قال الذي يضربك على هذه و أشار إلى يافوخه
و عن عمار بن ياسر قال كنت أنا و علي بن أبي طالب ع في غزوة العشيرة نائمين في صور من النخل و دقعاء من التراب فو الله ما أهبنا إلا رسول الله ص يحركنا برجله و قد تتربنا من تلك الدقعاء فقال أ لا أحدثكما بأشقى الناس رجلين قلنا بلى يا رسول الله قال أحمر ثمود الذي عقر الناقة و الذي يضربك يا علي على هذه و وضع يده على قرنه حتى يبل منها هذه و أخذ بلحيته ناقَةَ اللَّهِ أي احذروها فلا تعقروها وَ سُقْياها فلا تزاحموا فيه فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ أي فدمر عليهم أو أطبق عليهم بالعذاب و أهلكهم فَسَوَّاها أي فسوى الدمدمة عليهم و عمهم بها و لم يفلت منها أحدا و سوى الأمة أي أنزل العذاب بصغيرها و كبيرها أو جعل بعضها على مقدار بعض في الاندكاك و اللصوق بالأرض و قيل سوى أرضهم عليهم وَ لا يَخافُ عُقْباها أي لا يخاف الله من أحد تبعة في إهلاكهم أو لا يخاف الذي عقرها عقباها
-1 فس، ]تفسير القمي[ هَضِيمٌ أي ممتلئ فارِهِينَ أي حاذقين و يقرأ فرهين أي بطرين تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ قال الحين هاهنا ثلاثة أيام فِتْنَةً لَهُمْ أي اختبارا فَنادَوْا صاحِبَهُمْ قدار الذي عقر الناقة كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ قال الحشيش و النبات كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَ عادٌ بِالْقارِعَةِ قال قرعهم العذاب جابُوا الصَّخْرَ حفروا الجوبة في الجبال
2- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ هو صالح بن ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح
3- شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي ع قال إن رسول الله ص سأل جبرئيل كيف كان مهلك قوم صالح فقال يا محمد إن صالحا بعث إلى قومه و هو ابن ست عشرة سنة فلبث فيهم حتى بلغ عشرين و مائة سنة لا يجيبونه إلى خير قال و كان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله فلما رأى ذلك منهم قال يا قوم إني قد بعثت إليكم و أنا ابن ست عشرة سنة و قد بلغت عشرين و مائة سنة و أنا أعرض عليكم أمرين إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما تسألوني و إن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابتني بالذي أسألها خرجت عنكم فقد شنأتكم و شنأتموني فقالوا قد أنصفت يا صالح فاتعدوا اليوم يخرجون فيه قال فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم ثم قربوا طعامهم و شرابهم فأكلوا و شربوا فلما أن فرغوا دعوه فقالوا يا صالح سل فدعا صالح كبير أصنامهم فقال ما اسم هذا فأخبروه باسمه فناداه باسمه فلم يجب فقال صالح ما له لا يجيب فقالوا له ادع غيره فدعاها كلها بأسمائها فلم يجبه واحد منهم فقال يا قوم قد ترون قد دعوت أصنامكم فلم يجبني واحد منهم فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة فأقبلوا على أصنامهم فقالوا لها ما بالكن لا تجبن صالحا فلم تجب فقالوا يا صالح تنح عنا و دعنا و أصنامنا قليلا قال فرموا بتلك البسط التي بسطوها و بتلك الآنية و تمرغوا في التراب و قالوا لها لئن لم تجبن صالحا اليوم لنفضحن ثم دعوه فقالوا يا صالح تعال فسلها فعاد فسألها فلم تجبه فقالوا إنما أراد صالح أن تجيبه و تكلمه بالجواب قال فقال يا قوم هو ذا ترون قد ذهب النهار و لا أرى آلهتكم تجيبني فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة قال فانتدب له سبعون رجلا من كبرائهم و عظمائهم و المنظور إليهم منهم فقالوا يا صالح نحن نسألك قال فكل هؤلاء يرضون بكم قالوا نعم فإن أجابوك هؤلاء أجبناك قالوا يا صالح نحن نسألك فإن أجابك ربك اتبعناك و اجتباك و تابعك جميع أهل قريتنا فقال لهم صالح سلوني ما شئتم فقالوا انطلق بنا إلى هذا الجبل و جبل قريب منه حتى نسألك عنده قال فانطلق و انطلقوا معه فلما انتهوا إلى الجبل قالوا يا صالح اسأل ربك أن يخرج لنا الساعة من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء وبراء عشراء و في رواية محمد بن نصر حمراء شعراء بين جنبيها ميل قال قد سألتموني شيئا يعظم علي و يهون على ربي فسأل الله ذلك فانصدع الجبل صدعا كادت تطير منه العقول لما سمعوا صوته قال و اضطرب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاض ثم لم يفجأهم إلا و رأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع فما استتمت رقبتها حتى اجترت ثم خرج سائر جسدها ثم استوت على الأرض قائمة فلما رأوا ذلك قالوا يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك فسله أن يخرج لنا فصيلها قال فسأل الله تعالى ذلك فرمت به فدب حولها فقال يا قوم أ بقي شيء قالوا لا انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم ما رأينا و يؤمنوا بك قال فرجعوا فلم يبلغ السبعون الرجل إليهم حتى ارتد منهم أربعة و ستون رجلا و قالوا سحر و ثبت الستة و قالوا الحق ما رأينا قال فكثر كلام القوم و رجعوا مكذبين إلا الستة ثم ارتاب من الستة واحد فكان فيمن عقرها و زاد محمد بن نصر في حديثه قال سعيد بن يزيد فأخبرني أنه رأى الجبل الذي خرجت منه بالشام فرأى جنبها قد حك الجبل فأثر جنبها فيه و جبل آخر بينه و بين هذا ميل
كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن الثمالي مثله بيان شنأتكم أي أبغضتكم و في بعض النسخ سئمتكم من السأمة بمعنى الملال إلى ظهرهم أي خارج بلدهم و يقال ندبه لأمر فانتدب له أي دعاه له فأجاب و الشقراء الشديدة الحمرة و الوبراء الكثيرة الوبر و العشراء هي التي أتى على حملها عشرة أشهر و قد تطلق على كل حامل و أكثر ما يطلق على الإبل و الخيل لم يفجأهم أي لم يظهر لهم شيء من أعضائه فجأة إلا رأسها
4- يب، ]تهذيب الأحكام[ عن أبي مطر قال لما ضرب ابن ملجم الفاسق لعنه الله أمير المؤمنين ع قال له الحسن أقتله قال لا و لكن احبسه فإذا مت فاقتلوه و إذا مت فادفنوني في هذا الظهر في قبر أخوي هود و صالح
5- نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع أيها الناس إنما يجمع الناس الرضى و السخط و إنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضى فقال سبحانه فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ فما كان إلا أن خارت أرضهم بالخسفة خوار السكة المحماة في الأرض الخوارة
بيان الخوار صوت البقر و السكة هي التي يحرث بها و المحماة أقوى صوتا و أسرع غوصا
-6 ل، ]الخصال[ العطار عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن عبد الله الأصم عن عبد الله البطل عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال خرج رسول الله ص ذات يوم و هو آخذ بيد علي ع و هو يقول يا معشر الأنصار يا معشر بني هاشم يا معشر بني عبد المطلب أنا محمد أنا رسول الله إلا أني خلقت من طينة مرحومة في أربعة من أهل بيتي أنا و علي و حمزة و جعفر فقال قائل يا رسول الله هؤلاء معك ركبان يوم القيامة فقال ثكلتك أمك إنه لن يركب يومئذ إلا أربعة أنا و علي و فاطمة و صالح نبي الله فأما أنا فعلى البراق و أما فاطمة ابنتي فعلى ناقتي العضباء و أما صالح فعلى ناقة الله التي عقرت و أما علي فعلى ناقة من نوق الجنة زمامها من ياقوت عليه حلتان خضراوان فيقف بين الجنة و النار و قد ألجم الناس العرق يومئذ فتهب ريح من قبل العرش فتنشف عنهم عرقهم فتقول الملائكة و الأنبياء و الصديقون ما هذا إلا ملك مقرب أو نبي مرسل فينادي مناد ما هذا ملك مقرب و لا نبي مرسل و لكنه علي بن أبي طالب أخو رسول الله في الدنيا و الآخرة
أقول قد مرت الأخبار في كون صالح ع من الركبان يوم القيامة في أبواب الحشر و ستجيء في أبواب فضائل أمير المؤمنين أيضا
7- فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ يقول مصدق و مكذب قال الكافرون منهم أ تشهدون أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قال المؤمنون إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ فقال الكافرون إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ و قالوا يا صالح ائتنا بآية إن كنت من الصادقين فجاءهم بناقة فعقروها و كان الذي عقرها أزرق أحمر ولد الزنا و أما قوله لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ فإنهم سألوه قبل أن تأتيهم الناقة أن يأتيهم بعذاب أليم فقال يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ يقول بالعذاب قبل الرحمة قوله اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ فإنهم أصابهم جوع شديدفقالوا هذا من شؤمك و شؤم من معك أصابنا هذا و هي الطيرة قالَ إنما طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ يقول خيركم و شركم من عند الله بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ أي تبتلون قوله وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ كانوا يعملون في الأرض بالمعاصي قوله تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أي تحالفوا لَنُبَيِّتَنَّهُ وَ أَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لنحلفن لِوَلِيِّهِ منهم ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ يقول لنفعلن فأتوا صالحا ليلا ليقتلوه و عند صالح ملائكة يحرسونه فلما أتوه قاتلتهم الملائكة في دار صالح رجما بالحجارة فأصبحوا في داره مقتلين و أخذت قومه الرجفة فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ
بيان قال البيضاوي في قوله تعالى وَ إِنَّا لَصادِقُونَ و نحلف إنا لصادقون فيما ذكر لأن الشاهد للشيء غير المباشر له عرفا أو لأنا ما شهدنا مهلكهم وحده بل مهلكه و مهلكهم كقولك ما رأيت ثم رجلا بل رجلين انتهى. أقول الظاهر أن المراد بقوله يقول لنفعلن أنهم أرادوا بقولهم إِنَّا لَصادِقُونَ أنا عازمون على هذا الأمر و صادقون في إظهار هذه الإرادة على الحتم و هذا تأويل آخر غير ما ذكر من الوجهين. قال صاحب الكامل أوحى الله إلى صالح أن قومك سيعقرون الناقة فقال لهم ذلك فقالوا ما كنا لنفعل قال إن لا تعقروها أنتم يوشك أن يولد منكم مولود يعقرها قالوا فما علامته فو الله لا نجده إلا قتلناه قال إنه غلام أشقر أزرق أصهب أحمر قال فكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان لأحدهما ابن رغب له عن المناكح و للآخر ابنة لا يجد لها كفوا فزوج أحدهما ابنته بابن الآخر فولد بينهما المولود فلما قال لهم صالح إنما يعقرها مولود فيكم اختاروا قوابل من القرية و جعلوا معهن شرطا يطوفون في القرية فإذا وجدوا امرأة تلد نظروا ولدها ما هو فلما وجدوا ذلك المولود صرخت النسوة و قلن هذا الذي يريد نبي الله صالح فأراد الشرط أن يأخذوه فحال جداه بينه و بينهم و قالوا لو أراد صالح هذا لقتلناه فكان شر مولود و كان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة فاجتمع تِسْعَةُ رَهْطٍ منهم يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ كانوا قتلوا أولادهم خوفا من أن يكون عاقر الناقة منهم ثم ندموا فأقسموا ليقتلن صالحا و أهله و قالوا نخرج فنرى الناس أننا نريد السفر فنأتي الغار الذي على طريق صالح فنكون فيه فإذا جاء الليل و خرج صالح إلى مسجده قتلناه ثم رجعنا إلى الغار ثم انصرفنا إلى رحالنا و قلنا ما شهدنا قتله فيصدقنا قومه و كان صالح لا ينام معهم كان يخرج إلى مسجد له يعرف بمسجد صالح فيبيت فيه فلما دخلوا الغار سقط عليهم صخرة فقتلتهم فانطلق رجال ممن عرف الحال إلى الغار فرأوهم هلكى فعادوا يصيحون أن صالحا أمرهم بقتل أولادهم ثم قتلهم و قيل إنما كان تقاسم التسعة على قتل صالح بعد عقر الناقة و إنذار صالح إياهم بالعذاب و ذلك أن التسعة الذين عقروا الناقة قالوا تعالوا فلنقتل صالحا فإن كان صادقا عجلنا قتله و إن كان كاذبا ألحقناه بالناقة فأتوه ليلا في أهله فدفعتهم الملائكة بالحجارة فهلكوا فأتى أصحابهم فرأوهم هلكى فقالوا لصالح أنت قتلتهم فأرادوا قتله فمنعهم عشيرته و قالوا إنه قد وعدكم العذاب فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم غضبا و إن كان كاذبا فنحن نسلمه إليكم فعادوا عنه فعلى القول الأول يكون التسعة الذين تقاسموا غير الذين عقروا الناقة و الثاني أصح انتهى
-8 فس، ]تفسير القمي[ قوله وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ إلى قوله وَ إِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ فإن الله تبارك و تعالى بعث صالحا إلى ثمود و هو ابن ست عشرة سنة لا يجيبونه إلى خير و كان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله فلما رأى ذلك منهم قال لهم يا قوم بعثت إليكم و أنا ابن ست عشرة سنة و قد بلغت عشرين و مائة سنة و أنا أعرض عليكم أمرين إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم و إن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابتني خرجت عنكم فقالوا أنصفت فأمهلنا فأقبلوا يتعبدون ثلاثة أيام و يتمسحون الأصنام و يذبحون لها و أخرجوها إلى سفح الجبل و أقبلوا يتضرعون إليها فلما كان يوم الثالث قال لهم صالح ع قد طال هذا الأمر فقالوا له سل ما شئت فدنا إلى أكبر صنم لهم فقال له ما اسمك فلم يجبه فقال لهم خ ما له لا يجيبني قالوا له تنح عنه فتنحى عنه فأقبلوا إليه يتضرعون و وضعوا على رءوسهم التراب و ضجوا و قالوا فضحتنا و نكست رءوسنا فقال صالح قد ذهب النهار فقالوا سله فدنا منه فكلمه فلم يجبه فبكوا و تضرعوا حتى فعلوا ذلك ثلاث مرات فلم يجبه بشيء فقالوا إن هذا لا يجيبك و لكنا نسأل إلهك فقال لهم سلوا ما شئتم فقالوا سله أن يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء عشراء أي حاملة تضرب منكبيها طرفي الجبلين و تلقي فصيلها من ساعتها و تدر لبنها فقال صالح إن الذي سألتموني عندي عظيم و عند الله هين فقام فصلى ركعتين ثم سجد و تضرع إلى الله فما رفع رأسه حتى تصدع الجبل و سمعوا له دويا شديدا فزعوا منه و كادوا أن يموتوا منه فطلع رأسالناقة و هي تجتر فلما خرجت ألقت فصيلها و درت بلبنها فبهتوا و قالوا قد علمنا يا صالح إن ربك أعز و أقدر من آلهتنا التي نعبدها و كان لقريتهم ماء و هي الحجر التي ذكرها الله تعالى في كتابه و هو قوله كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ فقال لهم صالح لهذه الناقة شرب أي تشرب ماءكم يوما و تدر لبنها عليكم يوما و هو قوله عز و جل لَها شِرْبٌ وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ فكانت تشرب ماءهم يوما و إذا كان من الغد وقفت وسط قريتهم فلا يبقى في القرية أحد إلا حلب منها حاجته و كان فيهم تسعة من رؤسائهم كما ذكر الله في سورة النمل وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ فعقروا الناقة و رموها حتى قتلوها و قتلوا الفصيل فلما عقروا الناقة قالوا لصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال صالح تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ثم قال لهم و علامة هلاككم أنه تبيض وجوهكم غدا و تحمر بعد غد و تسود يوم الثالث فلما كان من الغد نظروا إلى وجوههم قد ابيضت مثل القطن فلما كان يوم الثاني احمرت مثل الدم فلما كان يوم الثالث اسودت وجوههم فبعث الله عليهم صيحة و زلزلة فهلكوا و هو قوله تعالى فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ فما تخلص منهم غير صالح و قوم مستضعفين مؤمنين و هو قوله فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَ مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ وَ أَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ
بيان قال الله تعالى في سورة الأعراف فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قال الطبرسي رحمه الله أي الصيحة عن مجاهد و السدي و قيل الصاعقة و قيل الزلزلة أهلكوا بها عن أبي مسلم و قيل كانت صيحة زلزلت به الأرض و أصل الرجفة الحركة المزعجة بشدة الزعزعة قوله تعالى جاثِمِينَ أي صرعى ميتين لا حركة بهم و قيل كالرماد الجاثم لأنهم احترقوا بها كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أي كأن لم يكونوا في منازلهم قط لانقطاع آثارهم بالهلاك إلا ما بقي من أجسادهم الدالة على الخزي الذي نزل بهم
9- ل، ]الخصال[ ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ سأل الشامي أمير المؤمنين ع عن ستة لم يركضوا في رحم فقال آدم و حواء و كبش إبراهيم و عصا موسى و ناقة صالح و الخفاش الذي عمله عيسى ابن مريم فطار بإذن الله عز و جل
10- ع، ]علل الشرائع[ ماجيلويه عن علي بن إبراهيم عن اليشكري عن محمد بن زياد الأزدي عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب عن سفيان بن ليلى قال سأل ملك الروم الحسن بن علي ع عن سبعة أشياء خلقها الله عز و جل لم تخرج من رحم فقال آدم و حواء و كبش إبراهيم و ناقة صالح و حية الجنة و الغراب الذي بعثه الله عز و جل يبحث في الأرض و إبليس لعنه الله
11- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن علي بن محمد الخياط عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فقال هذا لما كذبوا صالحا ع و ما أهلك الله قوما قط حتى يبعث إليهم الرسل قبل ذلك فيحتجوا عليهم فإذا لم يجيبوهم أهلكوا و قد كان بعث الله صالحا ع فدعاهم إلى الله تعالى فلم يجيبوه و عتوا عليه فقالوا لن نؤمن حتى تخرج لنا من هذه الصخرة ناقة عشراء و كانت صخرة يعظمونها و يذبحون عندها في رأس كل سنة و يجتمعون عندها فقالوا له إن كنت كما تزعم نبيا رسولا فادع الله يخرج لنا ناقة منها فأخرجها لهم كما طلبوا منه و أوحى الله تعالى إلى صالح أن قل لهم إن الله جعل لهذه الناقة شرب يوم وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ فكانت الناقة إذا شربت يومها شربت الماء كله فيكون شرابهم ذلك اليوم من لبنها فيحلبونها فلا يبقى صغير و لا كبير إلا شرب من لبنها يومه ذلك فإذا كان الليل و أصبحوا غدوا إلى مائهم فشربوا هم ذلك اليوم و لا تشرب الناقة فمكثوا بذلك ما شاء الله حتى عتوا و دبروا في قتلها فبعثوا رجلا أحمر أشقر أزرق لا يعرف له أب ولد الزنا يقال له قدار ليقتلها فلما توجهت الناقة إلى الماء ضربها ضربة ثم ضربها أخرى فقتلها و مر فصيلها حتى صعد إلى جبل فلم يبق منهم صغير و لا كبير إلا أكل منها فقال لهم صالح ع أ عصيتم ربكم إن الله تعالى يقول إن تبتم قبلت توبتكم و إن لم ترجعوا بعثت إليكم العذاب في اليوم الثالث فقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنكم تصبحون غدا وجوهكم مصفرة و اليوم الثاني محمرة و اليوم الثالث مسودة فاصفرت وجوههم فقال بعضهم يا قوم قد جاءكم ما قال صالح فقال العتاة لا نسمع ما يقول صالح و لو هلكنا و كذلك في اليوم الثاني و الثالث فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل ع فصرخ صرخة خرقت أسماعهم و قلقلت قلوبهم فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم و كبيرهم ثم أرسل الله عليهم نارا من السماء فأحرقتهم
بيان قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ و إنما قال فَأَصْبَحُوا لأن العذاب أخذهم عند الصباح و قيل أتتهم الصيحة ليلا فأصبحوا على هذه الصفة و العرب تقول عند الأمر العظيم و أسوأ صباحاه انتهى. أقول ما ذكر في هذا الخبر من اصفرار وجوههم في اليوم الأول هو الموافق لسائر الأخبار و كلام المفسرين و المؤرخين و الابيضاض الذي ذكره علي بن إبراهيم مؤول
12- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن ابن أبي عمير عن الشحام عن أبي عبد الله ع قال إن صالحا ع غاب عن قومه زمانا و كان يوم غاب كهلا حسن الجسم وافر اللحية ربعة من الرجال فلما رجع إلى قومه لم يعرفوه و كانوا على ثلاث طبقات طبقة جاحدة لا ترجع أبدا و أخرى شاكة و أخرى على يقين فبدأ حين رجع بالطبقة الشاكة فقال لهم أنا صالح فكذبوه و شتموه و زجروه و قالوا إن صالحا كان على غير صورتك و شكلك ثم أتى إلى الجاحدة فلم يسمعوا منه و نفروا منه أشد النفور ثم انطلق إلى الطبقة الثالثة و هم أهل اليقين فقال لهم أنا صالح فقالوا أخبرنا خبرا لا نشك أنك صالح إنا نعلم أن الله تعالى لخالق يحول في أي صورة شاء و قد أخبرنا و تدارسنا بعلامات صالح ع إذا جاء فقال أنا الذي أتيتكم بالناقة فقالوا صدقت و هي التي نتدارس فما علامتها قال لها شرب يوم و لكم شرب يوم معلوم فقالوا آمنا بالله و بما جئتنا به قال عند ذلك الذين استكبروا و هم الشكاك و الجحاد إنا بالذي آمنتم به كافرون قال زيد الشحام قلت يا ابن رسول الله هل كان ذلك اليوم عالم قال الله أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم فلما ظهر صالح ع اجتمعوا عليه و إنما مثل علي و القائم صلوات الله عليهما في هذه الأمة مثل صالح ع
أقول سيأتي منقولا عن ك في أبواب الغيبة مع زيادات و فيه كهلا مبدح البطن حسن الجسم وافر اللحية خميص البطن خفيف العارضين مجتمعا ربعة من الرجال. المبدح لعل المراد به الواسع العظيم و لا ينافيه خميص البطن أي ضامره إذا المراد به ما تحت البطن حيث يشد المنطقة و الربعة المتوسط بين الطول و القصر و غيبته ع كان بعد هلاك كفار قومه و كان رجوعه إلى من آمن به و نجا معه من العذاب
13- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه و ماجيلويه عن محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي عن علي بن العباس عن جعفر بن محمد البلخي عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن إبراهيم قال سأل رجل أبا الحسن موسى ع عن أصحاب الرس الذين ذكرهم الله من هم و ممن هم و أي قوم كانوا فقال كانا رسين أما أحدهما فليس الذي ذكره الله في كتابه كان أهله أهل بدو أصحاب شاء و غنم فبعث الله تعالى إليهم صالح النبي رسولا فقتلوه و بعث إليهم رسولا آخر فقتلوه ثم بعث إليهم رسولا آخر و عضده بولي فقتل الرسول و جاهد الولي حتى أفحمهم و كانوا يقولون إلهنا في البحر و كانوا على شفيره و كان لهم عيد في السنة يخرج حوت عظيم من البحر في ذلك اليوم فيسجدون له فقال ولي صالح لهم لا أريد أن تجعلوني ربا و لكن هل تجيبوني إلى ما دعوتكم إن أطاعني ذلك الحوت فقالوا نعم و أعطوه عهودا و مواثيق فخرج حوت راكب على أربعة أحوات فلما نظروا إليه خروا سجدا فخرج ولي صالح النبي إليه و قال له ائتني طوعا أو كرها بسم الله الكريم فنزل عن أحواته فقال الولي ائتني عليهن لئلا يكون من القوم في أمري شك فأتى الحوت إلى البر يجرها و تجره إلى عند ولي صالح فكذبوه بعد ذلك فأرسل الله إليهم ريحا فقذفهم في اليم أي البحر و مواشيهم فأتى الوحي إلى ولي صالح بموضع ذلك البئر و فيها الذهب و الفضة فانطلق فأخذه ففضه على أصحابه بالسوية على الصغير و الكبير
أقول تمام الخبر في قصة أصحاب الرس
14- كا، ]الكافي[ في الروضة علي بن محمد عن علي بن عباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال قلت له كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ قال هذا كان بما كذبوا صالحا و ما أهلك الله عز و جل قوما حتى يبعث إليهم قبل ذلك الرسل فيحتجوا عليهم فبعث الله إليهم صالحا فدعاهم إلى الله فلم يجيبوه و عتوا عليه عتوا و قالوا لن نؤمن لك حتى تخرج إلينا من هذه الصخرة ناقة عشراء و كانت الصخرة يعظمونها و يعبدونها و يذبحون عندها في رأس كل سنة و يجتمعون عندها فقالوا له إن كنت كما تزعم نبيا رسولا فادع لنا إلهك حتى يخرج لنا من هذه الصخرة الصماء ناقة عشراء فأخرجها الله كما طلبوا منه ثم أوحى الله تبارك و تعالى إليه أن يا صالح قل لهم إن الله قد جعل لهذه الناقة شرب يوم وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ فكانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم فيحلبونها فلا يبقى صغير و لا كبير إلا شرب من لبنها يومهم ذلك فإذا كان الليل و أصبحوا غدوا إلى مائهم فشربوا منه ذلك اليوم و لم تشرب الناقة ذلك اليوم فمكثوا بذلك ما شاء الله ثم إنهم عتوا على الله و مشى بعضهم إلى بعض و قالوا اعقروا هذه الناقة و استريحوا منها لا نرضى أن يكون لنا شرب يوم و لها شرب يوم ثم قالوا من الذي يلي قتلها و نجعل له جعلا ما أحب فجاءهم رجل أحمر أشقر أزرق ولد زنا لا يعرف له أب يقال له قدار شقي من الأشقياء مشئوم عليهم فجعلوا له جعلا فلما توجهت الناقة إلى الماء الذي كانت ترده تركها حتى شربت الماء و أقبلت راجعة فقعد لها في طريقها فضربها بالسيف ضربة فلم تعمل شيئا فضربها ضربة أخرى فقتلها و خرت إلى الأرض على جنبها و هرب فصيلها حتى صعد على الجبل فرغا ثلاث مرات إلى السماء و أقبل قوم صالح فلم يبق أحد إلا شركه في ضربته و اقتسموا لحمها فيها بينهم فلم يبق منهم صغير و لا كبير إلا أكل منها فلما رأى ذلك صالح أقبل إليهم فقال يا قوم ما دعاكم إلى ما صنعتم أ عصيتم ربكم فأوحى الله تبارك و تعالى إلى صالح ع إن قومك قد طغوا و بغوا و قتلوا ناقة بعثتها إليهم حجة عليهم و لم يكن عليهم فيها ضرر و كان لهم أعظم المنفعة فقل لهم إني مرسل عليكم عذابي إلى ثلاثة أيام فإن هم تابوا و رجعوا قبلت توبتهم و صددت عنهم و إن هم لم يتوبوا و لم يرجعوا بعثت عليهم عذابي في اليوم الثالث فأتاهم صالح ع فقال لهم يا قوم إني رسول ربكم إليكم و هو يقول لكم إن أنتم تبتم و رجعتم و استغفرتم غفرت لكم و تبت عليكم فلما قال لهم ذلك كانوا أعتى ما كانوا و أخبث و قالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال يا قوم إنكم تصبحون غدا و وجوهكم مصفرة و اليوم الثاني وجوهكم محمرة و اليوم الثالث وجوهكم مسودة فلما أن كان أول يوم أصبحوا و وجوههم مصفرة فمشى بعضهم إلى بعض و قالوا قد جاءكم ما قال لكم صالح فقال العتاة منهم لا نسمع قول صالح و لا نقبل قوله و إن كان عظيما فلما كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرة فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا يا قوم قد جاءكم ما قال لكم صالح فقال العتاة منهم لو أهلكنا جميعا ما سمعنا قول صالح و لا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها و لم يتوبوا و لم يرجعوا فلما كان اليوم الثالث أصبحوا و وجوههم مسودة يمشي بعضهم إلى بعض فقالوا يا قوم أتاكم ما قال لكم صالح فقال العتاة منهم قد أتانا ما قال لنا صالح فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل ع فصرخ بهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم و فلقت قلوبهم و صدعت أكبادهم و قد كانوا في تلك الثلاثة أيام قد تحنطوا و تكفنوا و علموا أن العذاب نازل بهم فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم و كبيرهم فلم يبق لهم ثاغية و لا راغية و لا شيء إلا أهلكه الله فأصبحوا في ديارهم و مضاجعهم موتى أجمعين ثم أرسل الله عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين و كانت هذه قصتهم
إيضاح كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ بالإنذارات أو المواعظ أو الرسل فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا من جنسنا و جملتنا لا فضل له علينا و انتصابه بفعل يفسره ما بعده واحِداً منفردا لا تبع له أو من آحادهم دون أشرافهم نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ كأنهم عكسوا عليه فرتبوا على اتباعهم إياه ما رتبه على ترك اتباعهم له و قيل السعر الجنون و منه ناقة مسعورة أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ الكتاب و الوحي عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا و فينا من هو أحق منه بذلك بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ حمله بطره على الترفع علينا بادعائه و الشرب بالكسر النصيب من الماء و الأشقر من الناس من تعلو بياضه حمرة لا يعرف له أب أي كان ولد زنا و إنما كان ينسب إلى سالف لأنه كان ولد على فراشه قال الجوهري قدار بضم القاف و تخفيف الدال يقال له أحمر ثمود و عاقر ناقة صالح انتهى. و رغا البعير صوت و ضج و قال الجوهري الثغاء صوت الشاة و المعز و ما شاكلها و الثاغية الشاة و الراغية البعير و ما بالدار ثاغ و لا راغ أي أحد و قال قولهم ما له ثاغية و لا راغية أي ما له شاة و لا ناقة و في بعض النسخ ناعقة و لا راعية و النعيق صوت الراعي بغنمه أي لم تبق جماعة يتأتى منهم النعيق و الرعي و الأول أظهر و هو الموجود في روايات العامة أيضا في تلك القصة. تذنيب قال الشيخ الطبرسي رحمه الله فإذا كان يوم الناقة وضعت رأسها في مائهم فما ترفعه حتى تشرب كل ما فيه ثم ترفع رأسها فتفحج لهم فيحتلبون ما شاءوا من لبن فيشربون و يدخرون حتى يملئوا أوانيهم كلها قال الحسن بن محبوب حدثني رجل من أصحابنا يقال له سعيد بن يزيد قال أتيت أرض ثمود فذرعت مصدر الناقة بين الجبلين و رأيت أثر جنبيها فوجدته ثمانين ذراعا و كانت تصدر من غير الفج الذي منه وردت لا تقدر على أن تصدر من حيث ترد يضيق عنها فكانوا في سعة و دعة منها و كانوا يشربون الماء يوم الناقة من الجبال و المغارات فشق ذلك عليهم و كانت مواشيهم تنفر منها لعظمها فهموا بقتلها قالوا و كانت امرأته جميلة يقال لها صدوف ذات مال من إبل و بقر و غنم و كانت أشد الناس عداوة لصالح فدعت رجلا من ثمود يقال له مصدع بن مهرج و جعلت له نفسها على أن يعقر الناقة و امرأة أخرى يقال لها غنيرة دعت قدار بن سالف و كان أحمر أزرق قصيرا و كان ولد زنا و لم يكن لسالف الذي يدعى إليه و لكنه ولد على فراشه و قالت أعطيك أي بناتي شئت على أن تعقر الناقة و كان قدار عزيزا منيعا في قومه فانطلق قدار بن سالف و مصدع فاستغويا غواة ثمود فأتبعهما سبعة نفر و أجمعوا على عقر الناقة. قال السدي و لما ولد قدار و كبر جلس مع أناس يصيبون من الشراب فأرادوا ماء يمزجون به شرابهم و كان ذلك اليوم شرب الناقة فوجدوا الماء قد شربته الناقة فاشتد ذلك عليهم فقال قدار هل لكم في أن أعقرها لكم قالوا نعم.
و قال كعب كان سبب عقرهم الناقة أن امرأة يقال لها ملكاء كانت قد ملكت ثمودا فلما أقبل الناس على صالح و صارت الرئاسة إليه حسدته فقالت لامرأة يقال لها قطام و كانت معشوقة قدار بن سالف و لامرأة أخرى يقال لها قبال كانت معشوقة مصدع و كان قدار و مصدع يجتمعان معهما كل ليلة و يشربون الخمر فقالت لهما ملكاء إن أتاكما الليلة قدار و مصدع فلا تطيعاهما و قولا لهما إن الملكة حزينة لأجل الناقة و لأجل صالح فنحن لا نطيعكما حتى تعقرا الناقة فلما أتياهما قالتا لهما هذه المقالة فقالا نحن نكون من وراء عقرها قال فانطلق قدار و مصدع و أصحابهما السبعة فرصدوا الناقة حين صدرت عن الماء و قد كمن لها قدار في أصل صخرة على طريقها و كمن لها مصدع في أصل أخرى فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها و خرجت عنيزة و أمرت ابنتها و كانت من أحسن الناس فاسفرت لقدار ثم زمرته فشد على الناقة بالسيف فكشف عرقوبها فخرت و رغت رغاة واحدة تحذر سقبها ثم طعن في لبتها فنحرها و خرج أهل البلدة و اقتسموا لحمها و طبخوه فلما رأى الفصيل ما فعل بأمة ولى هاربا حتى صعد جبلا ثم رغا رغاء تقطع منه قلوب القوم و أقبل صالح فخرجوا يعتذرون إليه إنما عقرها فلان و لا ذنب لنا فقال صالح انظروا هل تدركون فصيلها فإن أدركتموه فعسى أن يرفع عنكم العذاب فخرجوا يطلبونه في الجبل فلم يجدوه و كانوا عقروا الناقة ليلة الأربعاء فقال لهم صالح تمتعوا في داركم يعني في محلتكم في الدنيا ثلاثة أيام فإن العذاب نازل بكم ثم قال يا قوم إنكم تصبحون غدا و وجوهكم مصفرة و اليوم الثاني تصبحون و وجوهكم محمرة و اليوم الثالث وجوهكم مسودة فلما كان أول يوم أصبحت وجوههم مصفرة فقالوا جاءكم ما قال لكم صالح و لما كان اليوم الثاني احمرت وجوههم و اليوم الثالث اسودت وجوههم فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل فصرخ بهم صرخة خرقت أسماعهم و فلقت قلوبهم و صدعت أكبادهم و كانوا قد تحنطوا و تكفنوا و علموا أن العذاب نازل بهم فماتوا أجمعين في طرفة عين كبيرهم و صغيرهم فلم يبق الله منهم ثاغية و لا راغية و لا شيئا يتنفس إلا أهلكها فأصبحوا في ديارهم موتى ثم أرسل الله عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين فهذه قصتهم.
و روى الثعلبي بإسناده مرفوعا عن النبي ص قال يا علي أ تدري من أشقى الأولين قال قلت الله و رسوله أعلم قال عاقر الناقة قال أ تدري من أشقى الآخرين قال قلت الله و رسوله أعلم قال قاتلك
و في رواية أخرى أشقى الآخرين من يخضب هذه من هذه و أشار إلى لحيته و رأسه
و روى أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال لما مر النبي ص بالحجر في غزوة تبوك قال لأصحابه لا يدخلن أحد منكم القرية و لا تشربوا من مائهم و لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم الذي أصابهم ثم قال أما بعد فلا تسألوا رسولكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الآية فبعث الله لهم الناقة و كانت ترد من هذا الفج و تصدر من هذا الفج تشرب ماءهم يوم وردها و أراهم مرتقى الفصيل حين ارتقى في المغارة و عتوا عن أمر ربهم فعقروها فأهلك الله من تحت أديم السماء منهم في مشارق الأرض و مغاربها إلا رجلا واحدا يقال له أبو رغال و هو أبو ثقيف كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن و دفن معه غصن من ذهب و أراهم قبر أبي رغال فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم و حثوا عنه فاستخرجوا ذلك الغصن ثم قنع رسول الله ص و أسرع السير حتى جاز الوادي
توضيح قال الجوهري التفحج هو أن يفرج بين رجليه إذا جلس و كذلك التفحيج و قد أفحج الرجل حلوبته إذا فرج ما بين رجليها ليحلبها و قال الثعلبي ثم زمرته يعني حضته على عقر الناقة و قال الجوهري السقب الذكر من ولد الناقة
-15 فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها يقول الطغيان حملها على التكذيب قال علي بن إبراهيم في قوله أَشْقاها قال الذي عقر الناقة و قوله فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ قال أخذهم بغتة و غفلة بالليل وَ لا يَخافُ عُقْباها قال من بعد هؤلاء الذين أهلكناهم لا يخافون
بيان لعله على هذا التأويل قوله عُقْباها فاعل لا يَخافُ و المراد بالعقبى الأمة المتأخرة أو فاعله الضمير الراجع إلى الإنسان
16- ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ل، ]الخصال[ في أسئلة الشامي قال أخبرني عن يوم الأربعاء و التطير منه فقال أمير المؤمنين ع هو آخر أربعاء من الشهر و ساق الحديث إلى أن قال و يوم الأربعاء قال الله أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ و يوم الأربعاء أخذتهم الصيحة و يوم الأربعاء عقروا الناقة
بيان الظاهر من الخبر أن هذه الصيحة هي التي وقعت على قوم عاد وقوعها بين التدمير و العقر المتعلقين بهم لكن لا يوافق ما مر من الأخبار الدالة على أن بعد العقر لم يهلكوا أكثر من ثلاثة أيام فلا يتصور كون العقر و الصيحة معا في الأربعاء فينبغي حمل الصيحة على ما وقعت على قوم هود أو على قوم شعيب أو على قوم لوط و لعل الأوسط أظهر