الآيات الأعراف وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزانَ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَ لا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَ اذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ وَ إِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَ طائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَ وَ لَوْ كُنَّا كارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها وَ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ وَ قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَ قالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ هود وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ وَ يا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ قالُوا يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ قالَ يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَ رَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَ ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ وَ يا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَ ما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ وَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَ إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَ ما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ قالَ يا قَوْمِ أَ رَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وَ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَ مَنْ هُوَ كاذِبٌ وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ وَ لَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَ أَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ الحجر وَ إِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ الشعراء 176- كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَ لا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَ لا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ وَ اتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَ ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَ إِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
القصص وَ ما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَ لكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ العنكبوت وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ ارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ ق وَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ إِلى مَدْيَنَ أي أهل مدين أو هو اسم القبيلة قيل إن مدين ابن إبراهيم الخليل فنسبت القبيلة إليه قال عطا هو شعيب بن توبة بن مدين بن إبراهيم و قال قتادة هو شعيب بن نويب و قال ابن إسحاق هو شعيب بن ميكيل بن يشجب بن مدين بن إبراهيم و أم ميكيل بنت لوط و كان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه و هم أَصْحابُ الْأَيْكَةِ و قال قتادة أرسل شعيب مرتين إلى مدين مرة و إلى أصحاب الأيكة مرة فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزانَ أي أدوا حقوق الناس على التمام في المعاملات وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ أي لا تنقصوهم حقوقهم وَ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها أي لا تعملوا في الأرض بالمعاصي و استحلال المحارم بعد أن أصلحها الله بالأمر و النهي و بعثة الأنبياء و قيل لا تفسدوا بأن لا تؤمنوا فيهلك الله الحرث و النسل وَ لا تَقْعُدُوا فيه أقوال أحدها أنهم كانوا يقعدون على طريق من قصد شعيبا للإيمان به فيخوفونه بالقتل و ثانيها أنهم كانوا يقطعون الطريق فنهاهم عنه و ثالثها أن المراد لا تقعدوا بكل طريق من طرق الدين فتطلبون له العوج بإيراد الشبهة وَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي تمنعون عن دين الله مَنْ آمَنَ بِهِ أي من أراد الإيمان وَ تَبْغُونَها أي السبيل عِوَجاً بأن تقولوا هو باطل فَكَثَّرَكُمْ أي كثر عددكم قال ابن عباس و ذلك أن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط فولدت حتى كثر أولادها و قيل جعلكم أغنياء بعد أن كنتم فقراء عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ أي فكروا في عواقب أمر عاد و ثمود و قوم لوط أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا لأنه كان عندهم أنه كان قبل ذلك على دينهم فلذلك أطلقوا لفظ العود و قد كان يخفي دينه فيهم و يحتمل أنهم أرادوا به قومه فأدخلوه معهم في الخطاب أو يراد بالعود الابتداء مجازا قال أي شعيب أَ وَ لَوْ كُنَّا كارِهِينَ أي أ يعبدوننا في مثلكم و لو كنا كارهين للدخول فيها قَدِ افْتَرَيْنا أي إن عدنا في ملتكم بأن نحل ما تحلونه و نحرم ما تحرمونه و ننسبه إلى الله تعالى بعد إذ نجانا الله منها بأن أقام الدليل و أوضح الحق لنا فقد اختلقنا على الله كذبا فيما دعوناكم إليه وَ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا فيه وجوه أحدها أن المراد بالملة الشريعة لا ما يرجع إلى الاعتقاد في الله سبحانه و صفاته و في شريعتهم أشياء يجوز أن
يتعبد الله بها فكأنه قال ليس لنا أن نعود في ملتكم إلا أن يشاء الله أن يتعبدنا بها و ينسخ ما نحن فيه من الشريعة. و ثانيها أنه علق ما لا يكون بما علم أنه لا يكون على وجه التبعيد كما قال وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ. و ثالثها إلا أن يشاء الله أن يمكنكم من إكراهنا و يخلي بينكم و بينه فنعود إلى إظهارها مكرهين. و رابعها أن تعود الهاء إلى القرية أي سنخرج من قريتكم و لا نعود فيها إلا أن يشاء الله بما ينجزه لنا من الوعد في الإظهار عليكم و الظفر بكم فنعود فيها. و خامسها أن يكون المعنى إلا أن يشاء الله أن يردكم إلى الحق فنكون جميعا على ملة واحدة لأنه لما قال حاكيا عنهم أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا كأن معناه أو لنكونن على ملة واحدة فحسن أن يقول من بعد إلا أن يشاء الله أن يجمعكم معنا على ملة واحدة عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا في الانتصار منكم و في كل أمورنا رَبَّنَا افْتَحْ سؤال من شعيب و رغبة منه إلى الله تعالى في أن يحكم بينه و بين قومه بالحق على سبيل الانقطاع إليه و إن كان من المعلوم أن الله سيفعله لا محالة و قيل أي اكشف بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا و بين أننا على حق و هذه استعجال منه للنصر وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ أي الحاكمين و الفاصلين إِذاً لَخاسِرُونَ أي بمنزلة من ذهب رأس ماله و قيل مغبونون و قيل هالكون جاثِمِينَ أي ميتين ملقين على وجوههم كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أي كأن لم يقيموا بها قط لأن المهلك يصير كأن لم يكن فَتَوَلَّى عَنْهُمْ أي أعرض عنهم لما رأى إقبال العذاب عليهم إعراض الآيس منهم فَكَيْفَ آسى أي أحزن عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ حل العذاب بهم مع استحقاقهم له. إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ أي برخص السعر و الحصب و قيل أراد بالخير المال و زينةالدنيا فحذرهم الغلاء و زيادة السعر و زوال النعمة أو المعنى أراكم في كثرة الأموال و سعة الرزق فلا حاجة لكم إلى نقصان الكيل و الوزن يَوْمٍ مُحِيطٍ أي يوم القيامة يحيط عذابه بجميع الكفار بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ أي ما أبقى الله لكم من الحلال بعد إتمام الكيل و الوزن خير من البخس و التطفيف و شرط الإيمان لأنهم إن كانوا مؤمنين بالله عرفوا صحة هذا القول و قيل معناه إبقاء الله النعيم عليكم خير لكم مما يحصل من النفع بالتطفيف و قيل طاعة الله و قيل رزق الله وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ أي و ما أنا بحافظ نعم الله عليكم إن أراد أن يزيلها عنكم أو ما أنا بحافظ لأعمالكم إن علي إلا البلاغ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ إنما قالوا ذلك لأن شعيبا كان كثير الصلاة و كان يقول إذا صلى إن الصلاة رادعة عن الشر ناهية عن الفحشاء و المنكر فقالوا أ صلاتك التي تزعم أنها تأمر بالخير و تنهى عن الشر أمرتك بهذا عن ابن عباس و قيل معناه أ دينك يأمرك بترك دين السلف كني عن الدين بالصلاة لأنها من أجل أمور الدين و إنما قالوا ذلك على وجه الاستهزاء أَوْ أَنْ نَفْعَلَ قال البيضاوي عطف على ما أي و أن نترك فعلنا ما نشاء في أموالنا و هو جواب النهي عن التطفيف و الأمر بالإيفاء و قيل كان ينهاهم عن تقطيع الدراهم و الدنانير فأرادوا به ذلك عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي إشارة إلى ما آتاه الله من العلم و النبوة وَ رَزَقَنِي إشارة إلى ما آتاه الله من المال الحلال و جواب الشرط محذوف تقديره فهل يسع لي مع هذا الإنعام أن أخون في وحيه و أخالفه في أمره و نهيه وَ ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ أي و ما أريد أن آتي ما أنهاكم عنه لأستبد به فلو كان صوابا لآثرته و لم أعرض عنه فضلا أن أنهاكم عنه يقال خالفت زيدا إلى كذا إذا قصدته و هو مول عنه و خالفته عنه إذا كان الأمر بالعكس إن أريد أي ما أريد إلا أن أصلحكم بأمري بالمعروف و نهيي عن المنكر ما دمت أستطيع الإصلاح فلو وجدت الإصلاح فيما أنتم عليه لما نهيتكم وَ ما تَوْفِيقِي لإصابة الحق و الرشاد إلا بهدايته و معونته.
وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ قال الطبرسي أي إليه أرجع في المعاد أو إليه أرجع بعملي و نيتي أي أعمالي كلها لوجه الله لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أي لا يكسبنكم خلافي و معاداتي أَنْ يُصِيبَكُمْ من عذاب العاجلة وَ ما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ أي هم قريب منكم في الزمان أو دارهم قريبة من داركم فيجب أن تتعظوا بهم اسْتَغْفِرُوا أي اطلبوا المغفرة من الله ثم توصلوا إليها بالتوبة أو استغفروا للماضي و اعزموا في المستقبل أو استغفروا ثم دوموا على التوبة أو استغفروا علانية و أضمروا الندامة في القلب وَدُودٌ أي محب لهم مريد لمنافعهم أو متودد إليهم بكثرة إنعامه عليهم ما نَفْقَهُ أي ما نفهم عنك معنى كثير من كلامك أو لا نقبل كثيرا منه و لا نعمل به ضَعِيفاً أي ضعيف البدن أو ضعيف البصر أو مهينا و قيل كان ع أعمى. و اختلف في أن النبي هل يجوز أن يكون أعمى فقيل لا يجوز لأن ذلك ينفر و قيل يجوز أن لا يكون فيه تنفير و يكون بمنزلة سائر العلل و الأمراض. وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ أي و لو لا حرمة عشيرتك لقتلناك بالحجارة و قيل معناه لشتمناك و سببناك وَ ما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ أي لم ندع قتلك لعزتك علينا و لكن لأجل قومك ظِهْرِيًّا أي اتخذتم الله وراء ظهوركم يعني نسيتموه و قيل الهاء عائدة إلى ما جاء به شعيب عَلى مَكانَتِكُمْ أي على حالتكم هذه و هذا تهديد في صورة الأمر إِنِّي عامِلٌ على ما أمرني ربي و قيل إني عامل على ما أنا عليه من الإنذار وَ ارْتَقِبُوا أي انتظروا ما وعدكم ربكم من العذاب إني معكم منتظر لذلك أو انتظروا مواعيد الشيطان و أنا أنتظر مواعيد الرحمن.
و روي عن الرضا ع أنه قال ما أحسن الصبر و انتظار الفرج أ ما سمعت قول العبد الصالح وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ
الصَّيْحَةُ صاح بهم جبرئيل صيحة فماتوا قال البلخي يجوز أن تكون الصيحة صيحة على الحقيقة كما روي و يجوز أن يكون ضربا من العذاب تقول العرب صاح الزمان بهم إذا هلكوا أَلا بُعْداً أي بعدوا من رحمة الله بعدا و قيل أي هلاكا لهم كما هلكت ثمود. أَصْحابُ الْأَيْكَةِ هم أهل الشجر الذين أرسل إليهم شعيب و أرسل إلى أهل مدين فأهلكوا بالصيحة و أما أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة التي احترقوا بنارها و كانوا أصحاب غياض فعاقبهم الله بالحر سبعة أيام ثم أنشأ سحابة فاستظلوا بها يلتمسون الروح فيها فلما اجتمعوا تحتها أرسل منها صاعقة فاحترقوا جميعا فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ أي من قوم شعيب و قوم لوط وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ أي إن مدينتي قوم لوط و أصحاب الأيكة بطريق يؤم و يتبع و يهتدى به أو إن حديث مدينتهما لمكتوب في اللوح المحفوظ. مِنَ الْمُخْسِرِينَ أي من الناقصين للكيل و الوزن بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ أي بالميزان السوي و الجبلة الخليقة كِسَفاً أي قطعا و الظلة السحابة التي أظلتهم. وَ ما كُنْتَ ثاوِياً أي مقيما في قوم شعيب فتقرأ على أهل مكة خبرهم و لكنا أرسلنا و أنزلنا عليك هذه الأخبار و لو لا ذلك لما علمتها أو أنك لم تشاهد قصص الأنبياء و لا تليت عليك و لكنا أوحيناها إليك فيدل ذلك على صحة نبوتك
1- ع، ]علل الشرائع[ الطالقاني عن عمر بن يوسف بن سليمان عن القاسم بن إبراهيم الرقي عن محمد بن أحمد بن مهدي الرقي عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله ص بكى شعيب ع من حب الله عز و جل حتى عمي فرد الله عز و جل عليه بصره ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره فلما كانت الرابعة أوحى الله إليه يا شعيب إلى متى يكون هذا أبدا منك إن يكن هذا خوفا من النار فقد آجرتك و إن يكن شوقا إلى الجنة فقد أبحتك فقال إلهي و سيدي أنت تعلم أني ما بكيت خوفا من نارك و لا شوقا إلى جنتك و لكن عقد حبك على قلبي فلست أصبر أو أراك فأوحى الله جل جلاله إليه أما إذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران قال الصدوق رضي الله عنه يعني بذلك لا أزال أبكي أو أراك قد قبلتني حبيبا
بيان كلمة أو بمعنى إلى أن أو إلا أن أي إلى أن يحصل لي غاية العرفان و الإيقان المعبر عنها بالرؤية و هي رؤية القلب لا البصر و الحاصل طلب كمال المعرفة بحسب الاستعداد و القابلية و الوسع و الطاقة و قد مضى توضيح ذلك في كتاب التوحيد
2- فس، ]تفسير القمي[ بعث الله شعيبا إلى مدين و هي قرية على طريق الشام فلم يؤمنوا به و حكى الله قولهم قالُوا يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا إلى قوله الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ قال قالوا إنك لأنت السفيه الجاهل فحكى الله عز و جل قولهم إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ و إنما أهلكهم الله تعالى بنقص المكيال و الميزان
بيان قال البيضاوي في قوله تعالى إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ تحكموا به و قصدوا وصفه بضد ذلك أو عللوا إنكار ما سمعوا منه و استبعادهم بأنه موسوم بالحلم و الرشد المانعين عن المبادرة إلى أمثال ذلك انتهى. أقول ما ذكر في تفسير علي بن إبراهيم غير الوجهين و حاصله أنه تعالى عبر عما قالوه بضد قولهم إيماء إلى أن ما قالوه مما لا يمكن ذكره لاستهجانه و ركاكته
3- فس، ]تفسير القمي[ وَ إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً و قد كان ضعف بصره وَ ارْتَقِبُوا أي انتظروا فبعث الله عليهم صيحة فماتوا وَ ما كُنْتَ ثاوِياً أي باقيا
4- فس، ]تفسير القمي[ فَكَذَّبُوهُ قال قوم شعيب فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ قال يوم حر و سمائم قوله أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الأيكة الغيضة من الشجر
بيان قال البيضاوي أَصْحابُ الْأَيْكَةِ هم قوم شعيب كانوا يسكنون الغيضة فبعثه الله إليهم فكذبوه فأهلكوا بالظلة و الأيكة الشجر المتكاثفة
5- مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن سلمة بن الخطاب عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن إبراهيم بن ميمون عن مصعب بن سعد عن الأصبغ عن علي ع في قول الله عز و جل وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ قال نصيبهم من العذاب
إيضاح قال البيضاوي أي قسطنا من العذاب الذي توعدنا به أو الجنة التي تعد المؤمنين و هو من قطه إذا قطعه و يقال للصحيفة الجائزة قط لأنها قطعة من القرطاس و قد فسر بها أي عجل لنا صحيفة أعمالنا ننظر فيها
6- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن ابن محبوب عن هشام عن سعد الإسكاف عن علي بن الحسين ع قال إن أول من عمل المكيال و الميزان شعيب النبي ع عمله بيده فكانوا يكيلون و يوفون ثم إنهم بعد طففوا في المكيال و بخسوا في الميزان فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فعذبوا بها فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ
بيان قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ أي فأخذ قوم شعيب الزلزلة عن الكلبي و قيل أرسل الله عليهم وقدة و حرا شديدا فأخذ بأنفاسهم فدخلوا أجواف البيوت فدخل عليهم البيوت فلم ينفعهم ظل و لا ماء و أنضجهم الحر فبعث الله تعالى سحابة فيها ريح طيبة فوجدوا برد الريح و طيبها و ظل السحابة فتنادوا عليكم بها فخرجوا إلى البرية فلما اجتمعوا تحت السحابة ألهبها الله عليهم نارا و رجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلي و صاروا رمادا و هو عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ عن ابن عباس و غيره من المفسرين. و قيل بعث الله عليهم صيحة واحدة فماتوا بها عن أبي عبد الله ع و قيل إنه كان لشعيب قومان قوم أهلكوا بالرجفة و قوم هم أصحاب الظلة
7- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بهذا الإسناد عن ابن محبوب عن يحيى بن زكريا عن سهل بن سعيد قال بعثني هشام بن عبد الملك أستخرج له بئرا في رصافة عبد الملك فحفرنا منها مائتي قامة ثم بدت لنا جمجمة رجل طويل فحفرنا ما حولها فإذا رجل قائم على صخرة عليه ثياب بيض و إذا كفه اليمنى على رأسه على موضع ضربة برأسه فكنا إذا نحينا يده عن رأسه سالت الدماء و إذا تركناها عادت فسدت الجرح و إذا في ثوبه مكتوب أنا شعيب بن صالح رسول رسول الله إلى قومه فضربوني و أضروا بي و طرحوني في هذا الجب و هالوا علي التراب فكتبنا إلى هشام بما رأيناه فكتب أعيدوا عليه التراب كما كان و احتفروا في مكان آخر
يج، ]الخرائج و الجرائح[ ذكر ابن بابويه في كتاب النبوة بإسناده عن سهل بن سعيد و ذكر مثله
8- كنز الفوائد للكراجكي، عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي قال خرجت بإفريقية مع عم لي إلى مزروع لنا قال فحفرنا موضعا فأصبنا ترابا هشا فحفرنا عامة يومنا حتى انتهينا إلى بيت كهيئة الأزج فإذا فيه شيخ مسجى و إذا عند رأسه كتابة فقرأتها فإذا أنا حسان بن سنان الأوزاعي رسول شعيب النبي ص إلى أهل هذه البلاد دعوتهم إلى الإيمان بالله فكذبوني و حبسوني في هذا الحفير إلى أن يبعثني الله و أخاصمهم يوم القيامة و ذكروا أن سليمان بن عبد الملك مر بوادي القرى فأمر ببئر يحفر فيه ففعلوا فانتهى إلى صخرة فاستخرجت فإذا تحتها رجل عليه قميصان واضع يده على رأسه فجذبت يده فمج مكانها بدم ثم تركت فرجعت إلى مكانها فرقأ الدم فإذا معه كتاب فيه أنا الحارث بن شعيب الغساني رسول شعيب إلى أهل مدين فكذبوني و قتلوني
9- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب قال إن شعيبا النبي و أيوب صلوات الله عليهما و بلعم بن باعوراء كانوا من ولد رهط آمنوا لإبراهيم يوم أحرق فنجا و هاجروا معه إلى الشام فزوجهم بنات لوط فكل نبي كان قبل بني إسرائيل و بعد إبراهيم ع من نسل أولئك الرهط فبعث الله شعيبا إلى أهل مدين و لم يكونوا فصيلة شعيب و لا قبيلته التي كان منها و لكنهم كانوا أمة من الأمم بعث إليهم شعيب و كان عليهم ملك جبار و لا يطيقه أحد من ملوك عصره و كانوا ينقصون المكيال و الميزان و يبخسون الناس أشياءهم مع كفرهم بالله و تكذيبهم لنبيه و عتوهم و كانوا يستوفون إذا اكتالوا لأنفسهم أو وزنوا له فكانوا في سعة من العيش فأمرهم الملك باحتكار الطعام و نقص مكاييلهم و موازينهم و وعظهم شعيب فأرسل إليه الملك ما تقول فيما صنعت أ راض أنت أم ساخط فقال شعيب أوحى الله تعالى إلي أن الملك إذا صنع مثل ما صنعت يقال له ملك فاجر فكذبه الملك و أخرجه و قومه من مدينته قال الله تعالى حكاية عنهم لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا فزادهم شعيب في الوعظ فقالوا يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا فآذوه بالنفي من بلادهم فسلط الله عليهم الحر و الغيم حتى أنضجهم الله فلبثوا فيه تسعة أيام و صار ماؤهم حميما لا يستطيعون شربه فانطلقوا إلى غيضة لهم و هو قوله تعالى أَصْحابُ الْأَيْكَةِ فرفع الله لهم سحابة سوداء فاجتمعوا في ظلها فأرسل الله عليهم نارا منها فأحرقتهم فلم ينج منهم أحد و ذلك قوله تعالى فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ و إن رسول الله ص إذا ذكر عنده شعيب قال ذلك خطيب الأنبياء يوم القيامة فلما أصاب قومه ما أصابهم لحق شعيب و الذين آمنوا معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا و الرواية الصحيحة أن شعيبا ع صار منها إلى مدين فأقام بها و بها لقيه موسى بن عمران صلوات الله عليهما
توضيح فصيلة الرجل عشيرته و رهطه الأدنون
10- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ماجيلويه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن بعض أصحابنا عن سعيد بن جناح عن أيوب بن راشد رفعه إلى علي ع قال قيل يا أمير المؤمنين حدثنا قال إن شعيبا النبي ع دعا قومه إلى الله حتى كبر سنه و دق عظمه ثم غاب عنهم ما شاء الله ثم عاد إليهم شابا فدعاهم إلى الله تعالى فقالوا ما صدقناك شيخا فكيف نصدقك شابا و كان علي ع يكرر عليهم الحديث مرارا كثيرة
11- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بهذا الإسناد عن ابن أورمة عمن ذكره عن العلاء عن الفضيل قال قال أبو عبد الله ع لم يبعث الله عز و جل من العرب إلا خمسة هودا و صالحا و إسماعيل و شعيبا و محمدا خاتم النبيين صلوات الله عليهم و كان شعيب بكاء
-12 كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن بشير بن عبد الله عن أبي عصمة قاضي مرو عن جابر عن أبي جعفر ع قال أوحى الله إلى شعيب النبي أني معذب من قومك مائة ألف أربعين ألفا من شرارهم و ستين ألفا من خيارهم فقال ع يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار فأوحى الله عز و جل إليه داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا لغضبي
13- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق عن الطالقاني عن أحمد بن عمران عن يحيى بن عبد الحميد عن عيسى بن راشد عن علي بن خزيمة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال إن الله تعالى بعث شعيبا إلى قومه و كان لهم ملك فأصابه منهم بلاء فلما رأى الملك أن القوم قد خصبوا أرسل إلى عماله فحبسوا على الناس الطعام و أغلوا أسعارهم و نقصوا مكاييلهم و موازينهم و بخسوا الناس أشياءهم و عتوا عن أمر ربهم فكانوا مفسدين في الأرض فلما رأى ذلك شعيب ع قال لهم لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ فأرسل الملك إليه بالإنكار فقال شعيب إنه منهي في كتاب الله تعالى و الوحي الذي أوحى الله إلي به أن الملك إذا كان بمنزلتك التي نزلتها ينزل الله بساحته نقمته فلما سمع الملك ذلك أخرجه من القرية فأرسل الله إليهم سحابة فأظلتهم فأرسل عليهم في بيوتهم السموم و في طريقهم الشمس الحارة و في القرية فجعلوا يخرجون من بيوتهم و ينظرون إلى السحابة التي قد أظلتهم من أسفلها فانطلقوا سريعا كلهم إلى أهل بيت كانوا يوفون المكيال و الميزان و لا يبخسون الناس أشياءهم فنصحهم الله و أخرجهم من بين العصاة ثم أرسل على أهل القرية من تلك السحابة عذابا و نارا فأهلكتهم و عاش شعيب ع مائتين و اثنتين و أربعين سنة
14- شي، ]تفسير العياشي[ عن أحمد بن محمد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع في قول الله إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ قال كان سعرهم رخيصا
تتميم قال صاحب الكامل قيل إن اسم شعيب يثرون بن صيفون بن عنقا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم و قيل هو شعيب بن ميكيل من ولد مدين و قيل لم يكن شعيب من ولد إبراهيم و إنما هو من ولد بعض من آمن بإبراهيم و هاجر معه إلى الشام و لكنه ابن بنت لوط فجدة شعيب ابنة لوط و كان ضرير البصر و هو معنى قوله وَ إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً أي ضرير البصر و كان النبي ص إذا ذكره قال ذاك خطيب الأنبياء بحسن مراجعته قومه و إن الله عز و جل أرسله إلى أهل مدين و هم أَصْحابُ الْأَيْكَةِ و الأيكة الشجر الملتف و كانوا أهل كفر بالله تعالى و بخس للناس في المكاييل و الموازين و إفساد لأموالهم و كان الله وسع عليهم في الرزق و بسط لهم في العيش استدراجا لهم منه مع كفرهم بالله فقال لهم شعيب يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ فلما طال تماديهم في غيهم و ضلالتهم لم يزدهم تذكير شعيب إياهم و تحذيره عذاب الله إياهم إلا تماديا و لما أراد الله إهلاكهم سلط عليهم عذاب يوم الظلة و هو ما ذكره ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ فقال بعث الله عليهم وقدة و حرا شديدا فأخذ بأنفاسهم فخرجوا من البيوت هرابا إلى البرية فبعث الله سبحانه عليهم سحابا فأظلتهم من الشمس فوجدوا لها بردا و لذة فنادى بعضهم بعضا حتى اجتمعوا تحتها فأرسل الله عليهم نارا قال عبد الله بن عباس فذاك عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ و قال قتادة بعث الله شعيبا إلى أمتين إلى قومه أهل مدين و إلى أصحاب الأيكة و كانت الأيكة من شجر ملتف فلما أراد الله أن يعذبهم بعث عليهم حرا شديدا و رفع لهم العذاب كأنه سحابة فلما دنت منهم خرجوا إليها و جاءوها فلما كانوا تحتها أمطرت عليهم نارا قال فكذلك قوله فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ و أما أهل مدين فهم من ولد مدين بن إبراهيم الخليل فعذبهم الله بالرجفة و هي الزلزلة فأهلكوا. قال بعض العلماء كانت قوم شعيب عطلوا حدا فوسع الله عليهم في الرزق حتى إذا أراد إهلاكهم سلط عليهم حرا لا يستطيعون أن يتقاروا و لا ينفعهم ظل و لا ماء حتى ذهب ذاهب منهم فاستظل تحت ظلة فوجد روحا فنادى أصحابه هلموا إلى الروح فذهبوا إليه سراعا حتى إذا اجتمعوا ألهبها الله عليهم نارا فذلك عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ و قد روى عامر عن ابن عباس أنه قال من حدثك ما عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ فكذبه و قال مجاهد عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ هو إظلال العذاب على قوم شعيب و قال بريد بن أسلم في قوله تعالى يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا قال مما كان نهاهم عنه قطع الدراهم