الآيات الفجر أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ. تفسير قال الطبرسي رحمه الله اختلفوا في إرم على أقوال. أحدهما أنه اسم قبيلة قال أبو عبيدة هما عادان فالأولى هي إرم و هي التي قال الله تعالى فيهم وَ أَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى و قيل هو جد عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عن محمد بن إسحاق و قيل هو سام بن نوح نسب عاد إليه عن الكلبي و قيل إرم عاد قبيلة من قوم عاد كان فيهم الملك و كانوا بمهرة و كان عاد أباهم. و ثانيها أن إرم اسم بلد ثم قيل هو دمشق و قيل مدينة الإسكندرية و قيل هو مدينة بناها شداد بن عاد فلما أتمها و أراد أن يدخلها أهلكه الله بصيحة نزلت من السماء. و ثالثها أنه ليس بقبيلة و لا بلد بل هو لقب لعاد و كان عاد يعرف به و روي عن الحسن أنه قرأ بعاد إرم على الإضافة و قال هو اسم آخر لعاد و كان له اسمان و من جعله بلدا فالتقدير بعاد صاحب إرم و قوله ذاتِ الْعِمادِ يعني أنهم كانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج البيت رجعوا إلى منازلهم و قيل معناه ذات الطول و الشدة من قولهم رجل معمد طويل و رجل طويل العماد أي القامة الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها أي مثل تلك القبيلة في الطول و القوة و عظم الأجسام و هم الذين قالوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً و روي أن الرجل منهم كان يأتي بالصخرة فيحملها على الحي فيهلكهم و قيل ذاتِ الْعِمادِ أي ذات الأبنية العظام المرتفعة و قال ابن زيد ذاتِ الْعِمادِ في إحكام البنيان الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها أي مثل أبنيتها في البلاد
-1 فس، ]تفسير القمي[ أَ لَمْ تَرَ أ لم تعلم كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ كما قال الله للنبي ص لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ ثم مات عاد و أهلك الله قومه بالريح الصرصر
2- ك، ]إكمال الدين[ حدثنا محمد بن هارون فيما كتب إلي قال حدثنا معاذ بن المثنى قال حدثنا عبد الله بن أسماء قال حدثنا جويرية عن سفيان عن منصور عن أبي وائل قال إن رجلا يقال له عبد الله بن قلابة خرج في طلب إبل له قد شردت فبينا هو في صحاري عدن في تلك الفلوات إذ هو قد وقع على مدينة عليها حصن حول ذلك الحصن قصور كثيرة و أعلام طوال فلما دنا منها ظن أن فيها من يسأله عن إبله فلم ير داخلا و لا خارجا فنزل عن ناقته و عقلها و سل سيفه و دخل من باب الحصن فإذا هو ببابين عظيمين لم ير في الدنيا أعظم منهما و لا أطول و إذا خشبها من أطيب عود و عليها نجوم من ياقوت أصفر و ياقوت أحمر ضوؤها قد ملأ المكان فلما رأى ذلك أعجبه ففتح أحد البابين و دخل فإذا هو بمدينة لم ير الراءون مثلها قط و إذا هو بقصور كل قصر منها معلق تحته أعمدة من زبرجد و ياقوت و فوق كل قصر منها غرف و فوق الغرف غرف مبنية بالذهب و الفضة و اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد و على كل باب من أبواب تلك القصور مصاريع مثل مصاريع باب المدينة من عود طيب قد نضدت عليه اليواقيت و قد فرشت تلك القصور باللؤلؤ و بنادق المسك و الزعفران فلما رأى ذلك و لم ير هناك أحدا أفزعه ذلك و نظر إلى الأزقة و إذا في كل زقاق منها أشجار قد أثمرت تحتها أنهار تجري فقال هذه الجنة التي وصف الله عز و جل لعباده في الدنيا فالحمد لله الذي أدخلني الجنة فحمل من لؤلؤها و بنادقها بنادق المسك و الزعفران و لم يستطع أن يقلع من زبرجدها و لا من ياقوتها لأنه كان مثبتا في أبوابها و جدرانها و كان اللؤلؤ و بنادق المسك و الزعفران بمنزلة الرمل في تلك القصور و الغرف كلها فأخذ منها ما أراد و خرج حتى أتى ناقته و ركبها ثم سار يقفو أثره حتى رجع إلى اليمن و أظهر ما كان معه و أعلم الناس أمره و باع بعض ذلك اللؤلؤ و كان قد اصفار و تغير من طول ما مر عليه من الليالي و الأيام فشاع خبره و بلغ معاوية بن أبي سفيان فأرسل رسولا إلى صاحب صنعاء و كتب بإشخاصه فشخص حتى قدم على معاوية فخلا به و سأله عما عاين فقص عليه أمر المدينة و ما رأى فيها و عرض عليه ما حمله منها من اللؤلؤ و بنادق المسك و الزعفران فقال و الله ما أعطي سليمان بن داود مثل هذه المدينة فبعث معاوية إلى كعب الأحبار فدعاه فقال له يا أبا إسحاق هل بلغك أن في الدنيا مدينة مبنية بالذهب و الفضة و عمدها زبرجد و ياقوت و حصى قصورها و غرفها اللؤلؤ و أنهارها في الأزقة تجري تحت الأشجار قال كعب أما هذه المدينة صاحبها شداد بن عاد الذي بناها و أما المدينة فهي إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ و هي التي وصفها الله عز و جل في كتابه المنزل على نبيه محمد ص و ذكر أنه لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ قال معاوية حدثنا بحديثها فقال إن عاد الأولى و ليس بعاد قوم هود كان له ابنان سمى أحدهما شديدا و الآخر شدادا فهلك عاد و بقيا و ملكا و تجبرا و أطاعهما الناس في الشرق و الغرب فمات شديد و بقي شداد فملك وحده لم ينازعه أحد و كان مولعا بقراءة الكتب و كان كلما سمع يذكر الجنة و ما فيها من البنيان و الياقوت و الزبرجد و اللؤلؤ رغب أن يفعل مثل ذلك في الدنيا عتوا على الله عز و جل فجعل على صنعتها مائة رجل تحت كل واحد منهم ألف من الأعوان فقال انطلقوا إلى أطيب فلاة في الأرض و أوسعها فاعملوا لي فيها مدينة من ذهب و فضة و ياقوت و زبرجد و لؤلؤ و اصنعوا تحت تلك المدينة أعمدة من زبرجد و على المدينة قصورا و على القصور غرقا و فوق الغرف غرفا و اغرسوا تحت القصور في أزقتها أصناف الثمار كلها و أجروا فيها الأنهار حتى تكون تحت أشجارها فإني أرى في الكتاب صفة الجنة و أنا أحب أن أجعل مثلها في الدنيا قالوا له كيف نقدر على ما وصفت لنا من الجواهر و الذهب و الفضة حتى يمكننا أن نبني مدينة كما وصفت قال شداد أ لا تعلمون أن ملك الدنيا
بيدي قالوا بلى قال فانطلقوا إلى كل معدن من معادن الجواهر و الذهب و الفضة فوكلوا بها حتى تجمعوا ما تحتاجون إليه و خذوا جميع ما تجدونه في أيدي الناس من الذهب و الفضة فكتبوا إلى كل ملك في الشرق و الغرب فجعلوا يجمعون أنواع الجواهر عشر سنين فبنوا له هذه المدينة في مدة ثلاث مائة سنة و عمر شداد تسعمائة سنة فلما أتوه و أخبروه بفراغهم منها قال فانطلقوا فاجعلوا عليها حصنا و اجعلوا حول الحصن ألف قصر عند كل قصر ألف علم يكون في كل قصر من تلك القصور وزير من وزرائي فرجعوا و عملوا ذلك كله ثم أتوه فأخبروه بالفراغ منها كما أمرهم فأمر الناس بالتجهيز إلى إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ فأقاموا في جهازهم إليها عشر سنين ثم سار الملك يريد إرم فلما كان من المدينة على مسيرة يوم و ليلة بعث الله عز و جل عليه و على جميع من كان معه صيحة من السماء فأهلكتهم و لا دخل إرم و لا أحد ممن كان معه فهذه صفة إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ و إني لأجد في الكتب أن رجلا يدخلها و يرى ما فيها ثم يخرج فيحدث الناس بما يرى فلا يصدق و سيدخلها أهل الدين في آخر الزمان ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق مثله أقول روى في مجمع البيان نحوا من ذلك عن وهب بن منبه و ذكر في آخره أنه قال و سيدخلها في زمانك رجل من المسلمين أحمر أشقر قصير على حاجبه خال و على عنقه خال يخرج في تلك الصحاري في طلب إبل له و الرجل عند معاوية فالتفت إليه كعب و قال هذا و الله ذلك الرجل 3- ك، ]إكمال الدين[ وجدت في كتاب المعمرين أنه حكى عن هشام بن السعد الرحال قال وجدنا بالإسكندرية مكتوب فيه أنا شداد بن عاد أنا الذي شيدت العماد الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ و جندت الأجناد و سددت بساعدي الواد فبنيتهن إذ لا شيب و لا موت و إذ الحجارة في اللين مثل الطين و كنزت كنزا في البحر على اثني عشر منزلا لن يخرجه أحد حتى تخرجه أمة محمد ص