الآيات البقرة وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ النساء يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً الرحمن خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ تفسير إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قال البيضاوي الخليفة من يخلف غيره و ينوب منابه و التاء للمبالغة قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها تعجب من أن يستخلف لعمارة الأرض و إصلاحها مَنْ يُفْسِدُ فِيها أو يستخلف مكان أهل الطاعة أهل المعصية و استكشاف عما خفي عليهم من الحكمة التي بهرت تلك المفاسد و استخبار عما يرشدهم و يزيح شبهتهم و ليس باعتراض على الله و لا طعن في بني آدم على وجه الغيبة فإنهم أعلى من أن يظن بهم ذلك و إنما عرفوا ذلك بإخبار من الله أو تلق من اللوح المحفوظ أو استنباط عما ركز في عقولهم أن العصمة من خواصهم أو قياس لأحد الثقلين على الآخر وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ حال مقررة لجهة الإشكال و كأنهم علموا أن المجعول خليفة ذو ثلاث قوى عليها مدار أمره شهوية و غضبية تؤديان به إلى الفساد و سفك الدماء و عقلية تدعوه إلى المعرفة و الطاعة و انظروا إليها مفردة و قالوا ما الحكمة في استخلافه و هو باعتبار تينك القوتين لا تقتضي الحكمة إيجاده فضلا عن استخلافه و أما باعتبار القوة العقلية فنحن نقيم بما يتوقع منها سليما عن معارضة تلك المفاسد و غفلوا عن فضيلة كل واحدة من القوتين إذا صارت مهذبة مطواعة للعقل متمرنة على الخير كالعفة و الشجاعة و مجاهدة الهوى و الإنصاف و لم يعلموا أن التركيب يفيد ما يقصر عنه الآحاد كالإحاطة بالجزئيات و استنباط الصناعات و استخراج منافع الكائنات من القوة إلى الفعل الذي هو المقصود من الاستخلاف و إليه أشار تعالى إجمالا بقوله قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ و التسبيح تبعيد الله عن السوء و كذلك التقديس و بِحَمْدِكَ في موضع الحال أي متلبسين بحمدك على ما ألهمتنا معرفتك و وفقتنا لتسبيحك وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها إما بخلق علم ضروري بها فيه أو إلقاء في روحه و لا يفتقر إلى سابقة اصطلاح ليتسلسل و الاسم ما يكون علامة للشيء و دليلا يرفعه إلى الذهن من الألفاظ و الصفات و الأفعال و استعماله عرفا في اللفظ الموضوع لمعنى سواء كان مركبا أو مفردا مخبرا عنه أو خبرا أو رابطة بينهما و اصطلاحا في المعنى المعروف و المراد في الآية إما الأول أو الثاني و هو يستلزم الأول لأن العلم بالألفاظ من حيث الدلالة متوقف على العلم بالمعاني و المعنى أنه تعالى خلقه من أجزاء مختلفة و قوى متباينة مستعدا لإدراك أنواع المدركات من المعقولات و المحسوسات و المتخيلات و الموهومات و ألهمه معرفة ذوات الأشياء و خواصها و أسمائها و أصول العلم و قوانين الصناعات و كيفية آلاتها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ الضمير للمسميات المدلول عليها ضمنا فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ تبكيت لهم و تنبيه على عجزهم عن أمر الخلافة فإن التصرف و التدبير و إقامة المعدلة قبل تحقق المعرفة و الوقوف على مراتب الاستعدادات و قدر الحقوق محال و ليس بتكليف ليكون من باب التكليف بالمحال إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في زعمكم أنكم أحقاء بالخلافة لعصمتكم أو أن خلقهم و استخلافهم و هذه صفتهم لا يليق
بالحكيم قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا اعتراف بالعجز و القصور و إشعار بأن سؤالهم كان استفسارا قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ استحضار لقوله أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ لكنه جاء به على وجه أبسط ليكون كالحجة عليه فإنه تعالى لما علم ما خفي عليهم من أمور السماوات و الأرض و ما ظهر لهم من الأحول الظاهرة و الباطنة علم ما لا يعلمون و فيه تعريض بمعاتبتهم على ترك الأولى و هو أن يتوقفوا مترصدين لأن يبين لهم و قيل ما تُبْدُونَ قولهم أَ تَجْعَلُ فِيها و ما تكتمون استيطانهم أحقاء بالخلافة و إنه تعالى لا يخلق خلقا أفضل منهم و قيل ما أظهروا من الطاعة و أسر منهم إبليس من المعصية. أقول سيأتي تمام الكلام في تفسير تلك الآيات و سائر الآيات الواردة في ذلك و دفع الشبه الواردة عليها في كتاب السماء و العالم. قوله مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ قال الطبرسي رحمه الله المراد بالنفس هنا آدم وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها ذهب أكثر المفسرين إلى أنها خلقت من ضلع من أضلاع آدم
و رووا عن النبي ص أنه قال خلقت المرأة من ضلع إن أقمتها كسرتها و إن تركتها و فيها عوج استمتعت بها
و روي عن أبي جعفر الباقر ع أن الله خلق حواء من فضل الطينة التي خلق منها آدم
و في تفسير علي بن إبراهيم أنها خلقت من أسفل أضلاعه. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ قال البيضاوي الصلصال الطين اليابس الذي له صلصلة و الفخار الخزف و قد خلق الله آدم من تراب جعله طينا ثم حمأ مسنونا ثم صلصالا فلا يخالف ذلك قوله خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ و نحوه
1- فس، ]تفسير القمي[ فقال الله يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فأقبل آدم يخبرهم فقال الله أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ الآية فجعل آدم حجة عليهم
-2 فس، ]تفسير القمي[ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ يعني آدم وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها يعني حواء برأها من أسفل أضلاعه
3- ج، ]الإحتجاج[ عن أبي بصير قال سأل طاوس اليماني أبا جعفر ع لم سمي آدم آدم قال لأنه رفعت طينته من أديم الأرض السفلى قال فلم سميت حواء حواء قال لأنها خلقت من ضلع حي يعني ضلع آدم
4- ع، ]علل الشرائع[ أبي عن الحميري عن ابن عيسى عن البزنطي عن أبان عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع قال إنما سمي آدم آدم لأنه خلق من أديم الأرض
قال الصدوق رحمه الله اسم الأرض الرابعة أديم و خلق آدم منها فلذلك قيل خلق من أديم الأرض
5- ع، ]علل الشرائع[ الدقاق عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سميت حواء حواء لأنها خلقت من حي قال الله عز و جل خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها
بيان اختلف في اشتقاق اسم آدم فقيل اسم أعجمي لا اشتقاق له كآذر و قيل اشتق من الأدمة بمعنى السمرة لأنه ع كان أسمر اللون و قيل من الأدمة بالفتح بمعنى الأسوة و قيل من أديم الأرض أي وجهها و قد روي هذا في أخبار العامة أيضا و قيل من الإدام بمعنى ما يؤتدم به و قيل من الأدم بمعنى الألفة و الاتفاق و ما ورد في الخبر هو المتبع و أما ما ذكره الصدوق رحمه الله من كون الأديم اسما للأرض الرابعة فلم نجد له أثرا في كتب اللغة و لعله وصل إليه بذلك خبر. و أما اشتقاق حواء من الحي أو الحيوان لكون الأولى واويا و الأخريان من اليائي يخالف القياس و يمكن أن يكون مبنيا على قياس لغة آدم ع أو يكون مشتقا من لفظ يكون في لغتهم بمعنى الحياة مع أنه كثيرا ما يرد الاشتقاق في لغة العرب على خلاف قياسهم فيسمونه سماعيا و شاذا فليكن هذا منها
6- ع، ]علل الشرائع[ في خبر ابن سلام أنه سأل النبي ص عن آدم لم سمي آدم قال لأنه خلق من طين الأرض و أديمها قال فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد قال بل من الطين كله و لو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا و كانوا على صورة واحدة قال فلهم في الدنيا مثل قال التراب فيه أبيض و فيه أخضر و فيه أشقر و فيه أغبر و فيه أحمر و فيه أزرق و فيه عذب و فيه ملح و فيه خشن و فيه لين و فيه أصهب فلذلك صار الناس فيهم لين و فيهم خشن و فيهم أبيض و فيهم أصفر و أحمر و أصهب و أسود على ألوان التراب قال فأخبرني عن آدم خلق من حواء أو خلقت حواء من آدم قال بل حواء خلقت من آدم و لو كان آدم خلق من حواء لكان الطلاق بيد النساء و لم يكن بيد الرجال قال فمن كله خلقت أم من بعضه قال بل من بعضه و لو خلقت من كله لجاز القصاص في النساء كما يجوز في الرجال قال فمن ظاهره أو باطنه قال بل من باطنه و لو خلقت من ظاهره لأنكشفن النساء كما ينكشف الرجال فلذلك صار النساء مستترات قال فمن يمينه أو من شماله قال بل من شماله و لو خلقت من يمينه لكان للأنثى كحظ الذكر من الميراث فلذلك صار للأنثى سهم و للذكر سهمان و شهادة امرأتين مثل شهادة رجل واحد قال فمن أين خلقت قال من الطينة التي فضلت من ضلعه الأيسر
بيان الأشقر الشديدة الحمرة و قال الفيروزآبادي الصهب محركة حمرة أو شقرة في الشعر كالصهبة و الأصهب بعير ليس بشديد البياض و الصيهب كصيقل الصخرة الصلبة و الموضع الشديد و الأرض المستوية و الحجارة
-7 ع، ]علل الشرائع[ الدقاق عن الكليني عن علان رفعه قال أتى أمير المؤمنين يهودي فقال لم سمي آدم آدم و حواء حواء قال إنما سمي آدم آدم لأنه خلق من أديم الأرض و ذلك أن الله تبارك و تعالى بعث جبرءيل ع و أمره أن يأتيه من أديم الأرض بأربع طينات طينة بيضاء و طينة حمراء و طينة غبراء و طينة سوداء و ذلك من سهلها و حزنها ثم أمره أن يأتيه بأربع مياه ماء عذب و ماء ملح و ماء مر و ماء منتن ثم أمره أن يفرغ الماء في الطين و أدمه الله بيده فلم يفضل شيء من الطين يحتاج إلى الماء و لا من الماء شيء يحتاج إلى الطين فجعل الماء العذب في حلقه و جعل الماء المالح في عينيه و جعل الماء المر في أذنيه و جعل الماء المنتن في أنفه و إنما سميت حواء حواء لأنها خلقت من الحيوان الخبر
بيان قال الجوهري الأدم الألفة و الاتفاق يقال آدم الله بينهما أي أصلح و ألف و كذلك أدم الله بينهما فعل و أفعل بمعنى انتهى و اليد هنا بمعنى القدرة
8- ختص، ]الإختصاص[ المعلى بن محمد عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله ع قال إن أول من قاس إبليس فقال خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ و لو علم إبليس ما جعل الله في آدم لم يفتخر عليه ثم قال إن الله عز و جل خلق الملائكة من نور و خلق الجان من النار و خلق الجن صنفا من الجان من الريح و خلق الجن صنفا من الجن من الماء و خلق آدم من صفحة الطين ثم أجرى في آدم النور و النار و الريح و الماء فبالنور أبصر و عقل و فهم و بالنار أكل و شرب و لو لا أن النار في المعدة لم يطحن المعدة الطعام و لو لا أن الريح في جوف ابن آدم تلهب النار المعدة لم تلتهب و لو لا أن الماء في جوف ابن آدم يطفئ حر نار المعدة لأحرقت النار جوف ابن آدم فجمع الله ذلك في آدم الخمس خصال و كانت في إبليس خصلة فافتخر بها
-9 ع، ]علل الشرائع[ أبي عن الحميري عن أحمد بن محمد عن البزنطي عن أبان عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع قال إن القبضة التي قبضها الله عز و جل من الطين الذي خلق منه آدم ع أرسل إليها جبرءيل ع أن يقبضها فقالت الأرض أعوذ بالله أن تأخذ مني شيئا فرجع إلى ربه فقال يا رب تعوذت بك مني فأرسل إليها إسرافيل فقالت مثل ذلك فأرسل إليها ميكاءيل فقالت مثل ذلك فأرسل إليها ملك الموت فتعوذت بالله أن يأخذ منها شيئا فقال ملك الموت و أنا أعوذ بالله أن أرجع إليه حتى أقبض منك قال و إنما سمي آدم آدم لأنه خلق من أديم الأرض
10- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن ثابت الحذاء عن جابر الجعفي عن أبي جعفر الباقر عن آبائه عن علي ع قال إن الله تبارك و تعالى أراد أن يخلق خلقا بيده و ذلك بعد ما مضى من الجن و النسناس في الأرض سبعة آلاف سنة و كان من شأنه خلق آدم كشط عن أطباق السماوات و قال للملائكة انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن و النسناس فلما رأوا ما يعملون من المعاصي و سفك الدماء و الفساد في الأرض بغير الحق عظم ذلك عليهم و غضبوا لله و تأسفوا على أهل الأرض و لم يملكوا غضبهم فقالوا ربنا أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن و هذا خلقك الضعيف الذليل يتقلبون في قبضتك و يعيشون برزقك و يستمتعون بعافيتك و هم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام لا تأسف عليهم و لا تغضب و لا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم و ترى و قد عظم ذلك علينا و أكبرناه فيك قال فلما سمع ذلك من الملائكة قال إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً يكون حجة في أرضي على خلقي فقالت الملائكة سبحانك أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها كما أفسد بنو الجان و يسفكون الدماء كما سفكت بنو الجان و يتحاسدون و يتباغضون فاجعل ذلك الخليفة منا فإنا لا نتحاسد و لا نتباغض و لا نسفك الدماء و نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ فقال جل و عز إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ إني أريد أن أخلق خلقا بيدي و أجعل من ذريته أنبياء و مرسلين و عبادا صالحين و أئمة مهتدين أجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي ينهونهم عن معصيتي و ينذرونهن من عذابي و يهدونهم إلى طاعتي و يسلكون بهم سبيلي و أجعلهم لي حجة عليهم و عذرا و نذرا و أبين النسناس عن أرضي و أطهرها منهم و أنقل مردة الجن العصاة عن بريتي و خلقي و خيرتي و أسكنهم في الهواء و في أقطار الأرض فلا يجاورون نسل خلقي و أجعل بين الجن و بين خلقي حجابا فلا يرى نسل خلقي الجن و لا يجالسونهم و لا يخالطونهم فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم أسكنهم مساكن العصاة و أوردتهم مواردهم و لا أبالي قال فقالت الملائكة يا ربنا افعل ما شئت لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قال فباعدهم الله من العرش مسيرة خمسمائة عام قال فلاذوا بالعرش فأشاروا بالأصابع فنظر الرب جل جلاله إليهم و نزلت الرحمة فوضع لهم البيت المعمور فقال طوفوا به و دعوا العرش فإنه لي رضا فطافوا به و هو البيت الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا فوضع الله البيت المعمور توبة لأهل السماء و وضع الكعبة توبة لأهل الأرض فقال الله تبارك و تعالى إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ قال و كان ذلك من الله تقدمة في آدم قبل أن يخلقه و احتجاجا منه عليهم قال فاغترف ربنا تبارك و تعالى غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات و كلتا يديه يمين فصلصلها في كفه حتى جمدت فقال لها منك أخلق النبيين و المرسلين و عبادي الصالحين و الأئمة المهتدين
و الدعاة إلى الجنة و أتباعهم إلى يوم القيامة و لا أبالي و لا أسأل عما أفعل و هم يسألون ثم اغترف غرفة أخرى من الماء المالح الأجاج فصلصلها في كفه فجمدت ثم قال لها منك أخلق الجبارين و الفراعنة و العتاة و إخوان الشياطين و الدعاة إلى النار إلى يوم القيامة و أشياعهم و لا أبالي و لا أسأل عما أفعل وَ هُمْ يُسْئَلُونَ قال و شرط في ذلك البداء فيهم و لم يشترط في أصحاب اليمين البداء ثم خلط الماءين جميعا في كفه فصلصلهما ثم كفاهما قدام عرشه و هما سلالة من طين ثم أمرا الملائكة الأربعة الشمال و الجنوب و الصبا و الدبور أن يجولوا على هذه السلالة الطين فأبدوها و أنشئوها ثم أبروها و جزوها و فصلوها و أجروا فيها الطبائع الأربعة الريح و الدم و المرة و البلغم فجالت الملائكة عليها و هي الشمال و الجنوب و الصبا و الدبور و أجروا فيها الطبائع الأربعة فالريح من الطبائع الأربعة من البدن من ناحية الشمال و البلغم في الطبائع الأربعة من ناحية الصبا و المرة في الطبائع الأربعة من ناحية الدبور و الدم في الطبائع الأربعة من ناحية الجنوب قال فاستقلت النسمة و كمل البدن فلزمه من ناحية الريح حب النساء و طول الأمل و الحرص و لزمه من ناحية البلغم حب الطعام و الشراب و البر و الحلم و الرفق و لزمه من ناحية المرة الغضب و السفه و الشيطنة و التجبر و التمرد و العجلة و لزمه من ناحية الدم حب النساء و اللذات و ركوب المحارم و الشهوات قال أبو جعفر ع وجدنا هذا في كتاب أمير المؤمنين ع
ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر مثله و قد أوردناه بلفظه في باب قوام بدن الإنسان
11- فس، ]تفسير القمي[ ذكر بعد الخبر المتقدم فخلق الله آدم فبقي أربعين سنة مصورا و كان يمر به إبليس اللعين فيقول لأمر ما خلقت فقال العالم ع فقال إبليس لئن أمرني الله بالسجود لهذا لعصيته قال ثم نفخ فيه فلما بلغت فيه الروح إلى دماغه عطس فقال الحمد لله فقال الله له يرحمك الله قال الصادق ع فسبقت له من الله الرحمة
بيان سيأتي تمام الخبر في الباب الآتي و يقال كشطت الغطاء عن الشيء أي كشفته عنه و النسناس حيوان شبيه بالإنسان يقال إنه يوجد في بعض بلاد الهند و قال الجوهري جنس من الخلق يثب أحدهم على رجل واحدة و أسف غضب وزنا و معنى و الصلصال قيل إنه المتغير و قيل الطين الحر خلط بالرمل و قيل و الطين اليابس يصلصل أي يصوت إذا نقر أو لأنه كانت الريح إذا مرت به سمعت له صلاصة و صوت و الحمأ الطين الأسود و المسنون المتغير المنتن. قوله ع و كلتا يديه يمين قال الجزري أي إن يديه تبارك و تعالى بصفة الكمال لا نقص في واحدة منهما لأن الشمال تنقص عن اليمن و إطلاق هذه الأسماء أنما هو على سبيل المجاز و الاستعارة و الله منزه عن التشبه و التجسم انتهى أقول يمكن توجيهه بوجوه ثلاثة. الأول أن يكون المراد باليد القدرة و اليمين كناية عن قدرته على اللطف و الإحسان و الرحمة و الشمال كناية عن قدرته على القهر و البلايا و النقمات و المراد بكون كل منهما يمينا كون قهره و نقمته و بلائه أيضا لطفا و خيرا و رحمة. و الثاني أن يكون المراد على هذا التأويل أيضا أن كلا منهما كامل في ذاته لا نقص في شيء منهما. و الثالث أن يكون المراد بيمينه يمين الملك الذي أمره بذلك و بكون كلتا يديه يمينا مساواة قوة يديه و كمالهما. و سلالة الشيء ما انسل منه و استخرج بجذب و نزع قوله ع فأبروها يمكن أن يكون مهموزا من برأه الله أي خلقه و جاء غير المهموز أيضا بهذا المعنى فيكون مجازا أي اجعلوها مستعدة للخلق كما في قوله أنشئوها و يحتمل أن يكون من البري بمعنى النحت كناية عن التفريق أو من التأبير من قولهم أبر النخل أي أصلحه و المراد بالريح السوداء و بالمرة الصفراء أو بالعكس أو المراد بالريح الروح الحيواني و بالمرة الصفراء و السوداء معا إذ تطلق عليها و تكرار حب النساء لمدخليتهما معا فيه و ليس في بعض النسخ الأخير و في بعضها حب الفساد و هو أصوب و قد مر بيان الطينة و معناها في كتاب العدل و سيأتي توضيح سائر ما يستشكل منه عن قريب إن شاء الله تعالى
12- ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ سأل الشامي أمير المؤمنين ع لم سمي آدم آدم قال لأنه خلق من أديم الأرض
13- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ لي، ]الأمالي للصدوق[ قد مر في خبر الحسين بن خالد عن الرضا ع قال كان نقش خاتم آدم ع لا إله إلا الله محمد رسول الله هبط به معه من الجنة
14- نوادر الراوندي، بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال قال رسول الله ص أهل الجنة ليست لهم كنى إلا آدم ع فإنه يكنى بأبي محمد توقيرا و تعظيما
-15 ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن زياد عن جعفر عن أبيه ع أن روح آدم ع لما أمرت أن تدخل فيه فكرهته فأمرها أن تدخل كرها و تخرج كرها
16- ع، ]علل الشرائع[ الدقاق عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع لأي علة خلق الله عز و جل آدم من غير أب و أم و خلق عيسى من غير أب و خلق سائر الناس من الآباء و الأمهات فقال ليعلم الناس تمام قدرته و كمالها و يعلموا أنه قادر على أن يخلق خلقا من أنثى من غير ذكر كما هو قادر على أن يخلقه من غير ذكر و لا أنثى و إنه عز و جل فعل ذلك ليعلم أنه على كل شيء قدير
17- ع، ]علل الشرائع[ علي بن حبشي بن قوني عن حميد بن زياد عن القاسم بن إسماعيل عن محمد بن سلمة عن يحيى بن أبي العلاء الرازي أن رجلا دخل على أبي عبد الله ع فقال جعلت فداك أخبرني عن قول الله عز و جل ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ و أخبرني عن قول الله عز و جل لإبليس فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ و أخبرني عن هذا البيت كيف صار فريضة على الخلق أن يأتوه قال فالتفت أبو عبد الله ع إليه و قال ما سألني عن مسألتك أحد قط قبلك إن الله عز و جل لما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ضجت الملائكة من ذلك و قالوا يا رب إن كنت لا بد جاعلا في أرضك خليفة فاجعله منا من يعمل في خلقك بطاعتك فرد عليهم إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ فظنت الملائكة أن ذلك سخط من الله عز و جل عليهم فلاذوا بالعرش يطوفون به فأمر الله عز و جل لهم ببيت من مرمر سقفه ياقوتة حمراء و أساطينه الزبرجد يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يدخلونه بعد ذلك إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قال و يوم الوقت المعلوم يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ فيموت إبليس ما بين النفخة الأولى و الثانية و أما نون فكان نهرا في الجنة أشد بياضا من الثلج و أحلى من العسل قال الله عز و جل له كن مدادا فكان مدادا ثم أخذ شجرة فغرسها بيده ثم قال و اليد القوة و ليس بحيث تذهب إليه المشبهة ثم قال لها كوني قلما ثم قال له اكتب فقال يا رب و ما أكتب قال ما هو كائن إلى يوم القيامة ففعل ذلك ثم ختم عليه و قال لا تنطقن إلى يوم الوقت المعلوم
18- فس، ]تفسير القمي[ خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ قال لما أجرى الله الروح من قدميه فبلغت إلى ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر فقال الله عز و جل خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ
19- ع، ]علل الشرائع[ الدقاق عن الأسدي عن النخعي عن عمه النوفلي عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء يعني خلقت حواء من آدم
20- ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر و عبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله ع في حديث طويل قال سمي النساء نساء لأنه لم يكن لآدم أنس غير حواء
بيان كأنه مبني على القلب أو على الاشتقاق الكبير
21- ل، ]الخصال[ عن أبي لبابة عن النبي ص قال خلق الله آدم في يوم الجمعة
أقول سيجيء الخبر بتمامه في فضائل الجمعة
22- ع، ]علل الشرائع[ الدقاق عن الأسدي عن سهل عن عبد العظيم الحسني قال كتبت إلى أبي جعفر الثاني ع أسأله عن علة الغائط و نتنه قال إن الله عز و جل خلق آدم ع و كان جسده طيبا و بقي أربعين سنة ملقى تمر به الملائكة فتقول لأمر ما خلقت و كان إبليس يدخل في فيه و يخرج من دبره فلذلك صار ما في جوف آدم ع منتنا خبيثا غير طيب
23- ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن علي بن حديد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أحدهما ع أنه سئل عن ابتداء الطواف فقال إن الله تبارك و تعالى لما أراد خلق آدم ع قال لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فقال ملكان من الملائكة أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ فوقعت الحجب فيما بينهما و بين الله عز و جل و كان تبارك و تعالى نوره ظاهرا للملائكة فلما وقعت الحجب بينه و بينهما علما أنه سخط قولهما فقالا للملائكة ما حيلتنا و ما وجه توبتنا فقالوا ما نعرف لكما من التوبة إلا أن تلوذا بالعرش قال فلاذا بالعرش حتى أنزل الله عز و جل توبتهما و رفعت الحجب فيما بينه و بينهما و أحب الله تبارك و تعالى أن يعبد بتلك العبادة فخلق الله البيت في الأرض و جعل على العباد الطواف حوله و خلق البيت المعمور في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة
بيان المراد بنوره تعالى إما الأنوار المخلوقة في عرشه أو أنوار الأئمة صلوات الله عليهم أو أنوار معرفته و فيضه و فضله فالمراد بالحجب على الأخير الحجب المعنوية
24- ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ في علل محمد بن سنان قال كتب الرضا ع إليه علة الطواف بالبيت أن الله تبارك و تعالى قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ فردوا على الله تبارك و تعالى هذا الجواب فعلموا أنهم أذنبوا فندموا فلاذوا بالعرش و استغفروا فأحب الله عز و جل أن يتعبد بمثل ذلك العباد فوضع في السماء الرابعة بيتا بحذاء العرش يسمى الضراح ثم وضع في السماء الدنيا بيتا يسمى المعمور بحذاء الضراح ثم وضع البيت بحذاء البيت المعمور ثم أمر آدم ع فطاف به فتاب الله عليه و جرى ذلك في ولده إلى يوم القيامة
25- ع، ]علل الشرائع[ علي بن حاتم عن القاسم بن محمد عن حمدان بن الحسين عن الحسين بن الوليد عن حنان بن سدير عن الثمالي عن علي بن الحسين ع قال قلت لأبي لم صار الطواف سبعة أشواط قال لأن الله تبارك و تعالى قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فردوا على الله تبارك و تعالى و قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ قال الله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ و كان لا يحجبهم عن نوره فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام فلاذوا بالعرش سبعة آلاف سنة فرحمهم و تاب عليهم و جعل لهم البيت المعمور الذي في السماء الرابعة فجعله مثابة و أمنا و وضع البيت الحرام تحت البيت المعمور فجعله مثابة للناس و أمنا فصار الطواف سبعة أشواط واجبا على العباد لكل ألف سنة شوطا واحدا
بيان مثابة أي مرجعا أو محلا لحصول الثواب. أقول سيأتي بعض الأخبار المناسبة لهذا الباب في باب قوام بدن الإنسان و قد مر معنى قوله تعالى نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي و
قول النبي ص خلق الله آدم على صورته
في كتاب التوحيد لأنها كانت أنسب بتلك الأبواب و كذا أوردنا بعض الأخبار المناسبة لهذا الباب في باب العوالم و ما خلق الله قبل آدم
26- ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن الحسن بن ظريف عن أبي عبد الرحمن عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال الآباء ثلاثة آدم ولد مؤمنا و الجان ولد كافرا و إبليس ولد كافرا و ليس فيهم نتاج إنما يبيض و يفرخ و ولده ذكور ليس فيهم إناث
27- ل، ]الخصال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن الحسن بن زياد عن داود الرقي عن أبي عبد الله ع قال الصرد كان دليل آدم ع من بلاد سرانديب إلى بلاد جدة شهرا الخبر
28- ع، ]علل الشرائع[ بإسناد العلوي عن أمير المؤمنين ع أن النبي ص سئل كيف صارت الأشجار بعضها مع أحمال و بعضها بغير أحمال فقال كلما سبح الله آدم تسبيحة صارت له في الدنيا شجرة مع حمل و كلما سبحت حواء تسبيحة صارت في الدنيا شجرة من غير حمل
29- و سئل مما خلق الله الشعير فقال إن الله تبارك و تعالى أمر آدم ع أن ازرع مما اخترت لنفسك و جاءه جبرءيل بقبضة من الحنطة فقبض آدم على قبضة و قبضت حواء على أخرى فقال آدم لحواء لا تزرعي أنت فلم تقبل أمر آدم فكل ما زرع آدم جاء حنطة و كل ما زرعت حواء جاء شعيرا
30- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن المفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفر ع في قول الله وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً قال عهد إليه في محمد ص و الأئمة من بعده فترك و لم يكن له عزم فيهم أنهم هكذا و إنما سموا أولو العزم لأنه عهد إليهم في محمد ص و أوصيائه ع من بعده و القائم ع و سيرته فأجمع عزمهم أن ذلك كذلك و الإقرار به
ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن علي بن الحكم مثله
31- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد العجلي عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله تبارك و تعالى وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً قال إن الله تبارك و تعالى خلق آدم من الماء العذب و خلق زوجته من سنخه فبرأها من أسفل أضلاعه فجرى بذلك الضلع بينهما سبب نسب ثم زوجها إياه فجرى بسبب ذلك بينهما صهر فذلك قولك نَسَباً وَ صِهْراً فالنسب يا أخا بني عجل ما كان من نسب الرجال و الصهر ما كان من سبب النساء
32- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن ابن المتوكل و ماجيلويه معا عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن عمرو بن عثمان عن العبقري عن عمر بن ثابت عن أبيه عن حبة العرني عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع قال إن الله تعالى خلق آدم ع من أديم الأرض فمنه السباخ و المالح و الطيب و من ذريته الصالح و الطالح و قال إن الله تعالى لما خلق آدم و نفخ فيه من روحه نهض ليقوم فقال الله و خلق الإنسان عجولا
و هذا علامة للملائكة أن من أولاد آدم ع يكون من يصير بفعله صالحا و منهم من يكون طالحا بفعله لا أن من خلق من الطيب لا يقدر على القبيح و لا أن من خلق من السبخة لا يقدر على الفعل الحسن. بيان قوله و هذا علامة كلام الراوندي ذكره لتأويل الخبر
33- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال كانت الملائكة تمر بآدم ع أي بصورته و هو ملقى في الجنة من طين فتقول لأمر ما خلقت
34- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن ابن أبي عمير عن أبان عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع قال إن القبضة التي قبضها الله تعالى من الطين الذي خلق آدم ع منه أرسل الله إليها جبرءيل أن يأخذ منها إن شاء فقالت الأرض أعوذ بالله أن تأخذ مني شيئا فرجع فقال يا رب تعوذت بك فأرسل الله تعالى إليها إسرافيل و خيره فقالت مثل ذلك فرجع فأرسل الله إليها ميكاءيل و خيره أيضا فقالت مثل ذلك فرجع فأرسل الله إليها ملك الموت فأمره على الحتم فتعوذت بالله أن يأخذ منها فقال ملك الموت و أنا أعوذ بالله أن أرجع إليه حتى آخذ منك قبضة و إنما سمي آدم لأنه أخذ من أديم الأرض
35- و قال إن الله تعالى خلق آدم من الطين و خلق حواء من آدم فهمة الرجال الأرض و همة النساء الرجال
و قيل أديم الأرض أدنى الرابعة إلى اعتدال لأنه خلق وسط بين الملائكة و البهائم
36- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله الصادق ع قال لما بكى آدم ع على الجنة و كان رأسه في باب من أبواب السماء و كان يتأذى بالشمس فحط من قامته
-37 و قال إن آدم ع لما أهبط من الجنة و أكل من الطعام وجد في بطنه ثقلا فشكا ذلك إلى جبرءيل ع فقال يا آدم فتنح فنحاه فأحدث و خرج منه الثقل
38- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق عن ابن المتوكل عن الحميري عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن عبد الرحمن بن الحجاج عن القاسم بن محمد عن أبي جعفر ع قال أتى آدم هذا البيت ألف أتية على قدمين منها سبعمائة حجة و ثلاثمائة عمرة
39- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ المرتضى بن الداعي عن جعفر الدوريستي عن أبيه عن الصدوق عن الحسين بن محمد بن سعيد عن فرات بن إبراهيم عن الحسن بن الحسين عن إبراهيم بن الفضل عن الحسن بن علي الزعفراني عن سهل بن سنان عن أبي جعفر بن محمد الطائفي عن محمد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق عن الواقدي عن الهذيل عن مكحول عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله ص لما أن خلق الله تعالى آدم وقفه بين يديه فعطس فألهمه الله أن حمده فقال يا آدم أ حمدتني فو عزتي و جلالي لو لا عبدان أريد أن أخلقهما في آخر الزمان ما خلقتك قال آدم يا رب بقدرهم عندك ما اسمهم فقال تعالى يا آدم انظر نحو العرش فإذا بسطرين من نور أول السطر لا إله إلا الله محمد نبي الرحمة و علي مفتاح الجنة و السطر الثاني آليت على نفسي أن أرحم من والاهما و أعذب من عاداهما
40- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن الفزاري عن محمد بن عمران عن اللؤلؤي عن ابن بزيع عن ابن ظبيان قال قال أبو عبد الله ع اجتمع ولد آدم في بيت فتشاجروا فقال بعضهم خير خلق الله أبونا آدم و قال بعضهم الملائكة المقربون و قال بعضهم حملة العرش إذ دخل عليهم هبة الله فقال بعضهم لقد جاءكم من يفرج عنكم فسلم ثم جلس فقال في أي شيء كنتم فقالوا كنا نفكر في خير خلق الله فأخبروه فقال اصبروا لي قليلا حتى أرجع إليكم فأتى أباه فقال يا أبت إني دخلت على إخوتي و هم يتشاجرون في خير خلق الله فسألوني فلم يكن عندي ما أخبرهم فقلت اصبروا حتى أرجع إليكم فقال آدم ع يا بني وقفت بين يدي الله جل جلاله فنظرت إلى سطر على وجه العرش مكتوب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ محمد و آل محمد خير من برأ الله
41- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن علي بن عبد الله الأسواري عن علي بن أحمد عن محمد عن محمد بن ميمون عن الحسن عن أبي بن كعب قال قال رسول الله ص إن أباكم كان طوالا كالنخلة السحوق ستين ذراعا
بيان قال الجوهري الطوال بالضم الطويل فإذا أفرط في الطول قيل طوال بالتشديد و قال السحوق من النخل الطويلة انتهى. أقول هذا الخبر عامي و على تقدير صحته يمكن الجمع بينه و بين ما سيأتي باختلاف الأذرع و سيظهر لك عند إيراد ذلك الخبر بعض الوجوه و أما ما قيل إن ستين ذراعا صفة للنخلة و التشبيه في أصل الطول لا في مقداره فلا يخفى بعده
42- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب قال إن الله تعالى خلق حواء من فضل طينة آدم على صورته و كان ألقى عليه النعاس و أراه ذلك في منامه و هي أول رؤيا كانت في الأرض فانتبه و هي جالسة عند رأسه فقال عز و جل يا آدم ما هذه الجالسة قال الرؤيا التي أريتني في منامي فأنس و حمد الله فأوحى الله تعالى إلى آدم أني أجمع لك العلم كله في أربع كلمات واحدة لي و واحدة لك و واحدة فيما بيني و بينك و واحدة فيما بينك و بين الناس فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا و أما التي لك فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه و أما التي فيما بيني و بينك فعليك الدعاء و علي الإجابة و أما التي فيما بينك و بين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك
43- شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن عيسى العلوي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين ع قال خلقت حواء من قصيرا جنب آدم و القصيرا هو الضلع الأصغر و أبدل الله مكانه لحما
44- و بإسناده عن أبيه عن آبائه ع قال خلقت حواء من جنب آدم و هو راقد
45- شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي علي الواسطي قال قال أبو عبد الله ع إن الله خلق آدم من الماء و الطين فهمه آدم في الماء و الطين و إن الله خلق حواء من آدم فهمه النساء في الرجال فحصنوهن في البيوت
46- شي، ]تفسير العياشي[ عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال سألت أبا جعفر ع من أي شيء خلق الله حواء فقال أي شيء يقول هذا الخلق قلت يقولون إن الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم فقال كذبوا كان يعجزه أن يخلقها من غير ضلعه فقلت جعلت فداك يا ابن رسول الله من أي شيء خلقها فقال أخبرني أبي عن آبائه ع قال قال رسول الله إن الله تبارك و تعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه و كلتا يديه يمين فخلق منها آدم و فضلت فضلة من الطين فخلق منها حواء
بيان فالأخبار السابقة إما محمولة على التقية أو على أنها خلقت من طينة ضلع من أضلاعه و قال بعض أصحاب الأرثماطيق إن عدد التسعة بمنزلة آدم فإن للآحاد نسبة الأبوة إلى سائر الأعداد و الخمسة بمنزلة حواء فإنها التي يتولد منها فإن كل عدد فيه خمسة إذا ضرب فيما فيه الخمسة فلا بد من وجود الخمسة بنفسها في حال الضرب البتة و قالوا في قوله تعالى طه إشارة إلى آدم و حواء و كل من هذين العددين إذا جمع من الواحد إليه على النظم الطبيعي اجتمع ما يساوي عدد الاسم المختص له فإذا جمعنا من الواحد إلى التسعة كان خمسة و أربعين و هو عدد آدم و إذا جمعنا من الواحد إلى الخمسة كان خمسة عشر و هي عدد حواء و قد تقرر في الحساب أنه إذا ضرب عدد في عدد يقال لكل من المضروبين ضلعا و للحاصل مربعا و إذا ضربنا الخمسة و التسعة حصل خمسة و أربعون و هي عدد آدم و ضلعاه الخمسة و التسعة قالوا و ما ورد في لسان الشارع ص من قوله خلقت من الضلع الأيسر لآدم أنما ينكشف سره بما ذكرناه فإن الخمسة هي الضلع الأيسر للخمسة و الأربعين و التسعة الضلع الأكبر و الأيسر من اليسر و هو القليل لا من اليسار
47- شي، ]تفسير العياشي[ عن هشام بن سالم قال قال أبو عبد الله ع و ما علم الملائكة بقولهم أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ لو لا أنهم قد كانوا رأوا من يفسد فيها و يسفك الدماء
48- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ قال الإمام لما قيل لهم هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً الآية قالوا متى كان هذا فقال الله عز و جل وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ ابتدائي هذا الخلق أي ما في الأرض جميعا لكم حين قال ربك لِلْمَلائِكَةِ الذين كانوا في الأرض مع إبليس و قد طردوا عنها الجن بني الجان و حقت العبادة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً بدلا منكم و رافعكم منها فاشتد ذلك عليهم لأن العبادة عند رجوعهم إلى السماء تكون أثقل عليهم ف قالُوا ربنا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ كما فعلته الجن بنو الجان الذين قد طردناهم عن هذه الأرض وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ننزهك عما لا يليق بك من الصفات وَ نُقَدِّسُ لَكَ نطهر أرضك ممن يعصيك قالَ الله تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ إني أعلم من الصلاح الكائن فيمن أجعلهم بدلا منكم ما لا تعلمون و أعلم أيضا أن فيكم من هو كافر في باطنه ما لا تعلمونه و هو إبليس لعنه الله ثم قال وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها أسماء أنبياء الله و أسماء محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الطيبين من آلهما و أسماء رجال من خيار شيعتهم و عصاة أعدائهم ثُمَّ عَرَضَهُمْ عرض محمدا و عليا و الأئمة عَلَى الْمَلائِكَةِ أي عرض أشباحهم و هم أنوار في الأظلة فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أن جميعكم تسبحون و تقدسون و أن ترككم هاهنا أصلح من إيراد من بعدكم أي فكما لم تعرفوا غيب من في خلالكم فبالحري أن لا تعرفوا الغيب الذي لم يكن كما لا تعرفون أسماء أشخاص ترونها قالت الملائكة سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ العليم بكل شيء الحكيم المصيب في كل فعل فقال الله تعالى يا آدَمُ أنبئ هؤلاء الملائكة بِأَسْمائِهِمْ أسماء الأنبياء و الأئمة ع فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ عرفوها أخذ عليهم العهد و الميثاق بالإيمان بهم و التفضيل لهم قالَ الله تعالى عند ذلك أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ سرهما وَ أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ما كان يعتقده إبليس من الإباء على آدم إذ أمر بطاعته و إهلاكه إن سلط عليه و من اعتقادكم أنه لا أحد يأتي بعدكم إلا و أنتم أفضل منه بل محمد و آله الطيبون أفضل منكم الذين أنبأكم آدم بأسمائهم
بيان قوله ع ابتدائي هذا الخلق يدل على أن هذا غير ما خلقه الله في بدء الخلق عند خلق السماء و الأرض و ينافيه ظاهرا قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ و توجيهه أنه يمكن أن يكون هذا المراد بتسوية السماوات تعميرها و تدبيرها و إسكان الملائكة فيها بعد رفعهم عن الأرض و به يظهر وجه لرفع ما يتوهم من التنافي بين هذه الآية و بين قوله تعالى وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها و سيأتي تحقيقه في كتاب السماء و العالم
49- شي، ]تفسير العياشي[ عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال إن الله لما خلق آدم فكان أول ما خلق عيناه فجعل ينظر إلى جسده كيف يخلق فلما حانت و لم يتبالغ الخلق في رجليه أراد القيام فلم يقدر و هو قول الله خلق الإنسان عجولا و إن الله لما خلق آدم و نفخ فيه لم يلبث أن تناول عنقودا فأكله
50- شي، ]تفسير العياشي[ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال لما خلق الله آدم نفخ فيه من روحه وثب ليقوم قبل أن يستتم خلقه فسقط فقال الله عز و جل خلق الإنسان عجولا
ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي الزعفراني عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام مثله إلا أن فيه قبل أن تستتم فيه الروح
51- شي، ]تفسير العياشي[ عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله ع قال سألته عن إبليس أ كان من الملائكة و هل كان يلي من أمر السماء شيئا قال لم يكن من الملائكة و لم يكن يلي من السماء شيئا كان من الجن و كان مع الملائكة و كانت الملائكة تراه أنه منها و كان الله يعلم أنه ليس منها فلما أمر بالسجود كان منه الذي كان
52- شي، ]تفسير العياشي[ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال أمر الله إبليس بالسجود لآدم مشافهة فقال و عزتك لئن أعفيتني من السجود لآدم لأعبدنك عبادة ما عبدها خلق من خلقك
53- و في رواية أخرى عن هشام عنه ع و لما خلق الله آدم قبل أن ينفخ فيه الروح كان إبليس يمر به فيضربه برجله فيدب فيقول إبليس لأمر ما خلقت
54- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبي عباد عمران بن عطية عن أبي عبد الله ع قال بينا أبي ع و أنا في الطواف إذ أقبل رجل سرحب من الرجال فقلت و ما السرحب أصلحك الله فقال الطويل فقال السلام عليكم و أدخل رأسه بيني و بين أبي قال فالتفت إليه أبي و أنا فرددنا عليه السلام ثم قال أسألك رحمك الله فقال له أبي نقضي طوافنا ثم تسألني فلما قضى أبي الطواف دخلنا الحجر فصلينا الركعات ثم التفت فقال أين الرجل يا بني فإذا هو وراءه قد صلى فقال ممن الرجل فقال من أهل الشام فقال و من أي أهل الشام فقال ممن يسكن بيت المقدس فقال قرأت الكتابين قال نعم قال سل عما بدا لك فقال أسألك عن بدء هذا البيت و عن قوله ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ و عن قوله وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ فقال يا أخا أهل الشام اسمع حديثنا و لا تكذب علينا فإن من كذب علينا في شيء فإنه كذب على رسول الله ص و من كذب على رسول الله فقد كذب على الله و من كذب على الله عذبه الله عز و جل أما بدء هذا البيت فإن الله تبارك و تعالى قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فردت الملائكة على الله عز و جل فقالت أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ فأعرض عنها فرات أن ذلك من سخطه فلاذت بعرشه فأمر الله ملكا من الملائكة أن يجعل له بيتا في السماء السادسة يسمى الضراح بإزاء عرشه فصيره لأهل السماء يطوفون به يطوف به سبعون ألف ملك في كل يوم لا يعودون و يستغفرون فلما أن هبط آدم إلى الدنيا أمره بمرمة هذا البيت و هو بإزاء ذلك فصيره لآدم و ذريته كما صير ذلك لأهل السماء قال صدقت يا ابن رسول الله
55- أقول قال السيد بن طاوس في كتاب سعد السعود، من صحائف إدريس النبي ع قال في صفة خلق آدم إن الأرض عرفها الله جل جلاله أنه يخلق منها خلقا فمنهم من يطيعه و من يعصيه فاقشعرت الأرض و استعطفت الله و سألته لا يأخذ عنها من يعصيه و يدخل النار و إن جبرئيل أتاها ليأخذ منها طينة آدم ع فسألته بعزة الله أن لا يأخذ منها شيئا حتى تتضرع إلى الله تعالى و تضرعت فأمره الله تعالى بالانصراف عنها فأمر الله ميكائيل فاقشعرت و تضرعت و سألت فأمره الله تعالى بالانصراف عنها فأمر الله تعالى إسرافيل بذلك فاقشعرت و سألت و تضرعت فأمره الله بالانصراف عنها فأمر عزرائيل فاقشعرت و تضرعت فقال قد أمرني ربي بأمر أنا ماض له سرك ذاك أم ساءك فقبض منها كما أمر الله ثم صعد بها إلى موقفه فقال الله له كما وليت قبضها من الأرض و هي كارهة كذلك تلي قبض أرواح كل من عليها و كل ما قضيت عليه الموت من اليوم إلى يوم القيامة فلما كان صباح يوم الأحد الثاني اليوم الثامن من خلق الدنيا فأمر الله ملكا فعجن طينة آدم فخلط بعضها ببعض ثم خمرها أربعين سنة ثم جعلها لازبا ثم جعلها حمأ مسنونا أربعين سنة ثم جعلها صلصالا كالفخار أربعين سنة ثم قال للملائكة بعد عشرين و مائة سنة مذ خمر طينة آدم إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ فقالوا نعم فقال في الصحف ما هذا لفظه فخلق الله آدم على صورته التي صورها في اللوح المحفوظ
يقول علي بن طاوس فأسقط بعض المسلمين بعض هذا الكلام و قال إن الله خلق آدم على صورته فاعتقد الجسم فاحتاج المسلمون إلى تأويلات الحديث
و قال في الصحف ثم جعلها جسدا ملقى على طريق الملائكة التي الذي خ ل تصعد فيه إلى السماء أربعين سنة ثم ذكر تناسل الجن و فسادهم و هرب إبليس منهم إلى الله و سؤاله أن يكون مع الملائكة و إجابة سؤاله و ما وقع من الجن حتى أمر الله إبليس أن ينزل مع الملائكة لطرد الجن فنزل و طردهم عن الأرض التي أفسدوا فيها و شرح كيفية خلق الروح في أعضاء آدم و استوائه جالسا و أمر الله الملائكة بالسجود فسجدوا له إلا إبليس كان من الجن فلم يسجد له فعطس آدم فقال الله يا آدم قل الحمد لله رب العالمين فقال الحمد لله رب العالمين قال الله رحمك الله لهذا خلقتك لتوحدني و تعبدني و تحمدني و تؤمن بي و لا تكفر بي و لا تشرك بي شيئا
أقول تمامه في كتاب السماء و العالم
-56 نهج، ]نهج البلاغة[ في صفة خلق آدم ثم جمع سبحانه من حزن الأرض و سهلها و عذبها و سبخها تربة سنها بالماء حتى خلصت و لاطها بالبلة حتى لزبت فجبل منها صورة ذات أحناء و وصول و أعضاء و فضول أجمدها حتى استمسكت و أصلدها حتى صلصلت لوقت معدود و أجل معلوم ثم نفخ فيها من روحه فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها و فكر يتصرف بها و جوارح يختدمها و أدوات يقلبها و معرفة يفرق بها بين الحق و الباطل و الأذواق و المشام و الألوان و الأجناس معجونا بطينة الألوان المختلفة و الأشباه المؤتلفة و الأضداد المتعادية و الأخلاط المتباينة من الحر و البرد و البلة و الجمود و المساءة و السرور و استأدى الله سبحانه و تعالى الملائكة وديعته لديهم و عهد وصيته إليهم في الإذعان بالسجود له و الخنوع لتكرمته فقال سبحانه و تعالى اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس و قبيله اعترتهم الحمية و غلبت عليهم الشقوة و تعززوا بخلقة النار و استوهنوا خلق الصلصال فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة و استتماما للبلية و إنجازا للعدة فقال فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ثم أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشه و آمن فيها محلته و حذره إبليس و عداوته فاغتره عدوه نفاسة عليه بدار المقام و مرافقة الأبرار فباع اليقين بشكه و العزيمة بوهنه و استبدل بالجدل وجلا و بالاغترار ندما ثم بسط الله سبحانه له في توبته و لقاه كلمة رحمته و وعده المرد إلى جنته فأهبطه إلى دار البلية و تناسل الذرية إلى آخر الخطبة
بيان الحزن بالفتح المكان الغليظ الخشن و السهل ضده و سن الماء صبه من غير تفريق و خلصت أي صارت طينة خالصة و في بعض النسخ خضلت بالخاء المعجمة و الضاد المعجمة المكسورة أي ابتلت و لاطها بالبلة أي جعلها ملتصقا بعضها ببعض بسبب البلة و لزبت بالفتح أي لصقت كما قال تعالى إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ و جبل بالفتح أي خلق و الأحناء الأطراف جمع حنو بالكسر و الوصول هي الفصول و الاعتبار مختلف و أجمدها أي جعلها جامدة و أصلدها أي صيرها صلبة و صلصلت أي صارت صلصالا و اللام في قوله ع لوقت إما متعلق بجبل أي خلقها لوقت نفخ الصور أو ليوم القيامة أو بمحذوف أي كائنة لوقت فينفخ حينئذ روحه فيه و يحتمل أن يكون الوقت مدة الحياة و الأجل منتهاها أو يوم القيامة و مثلت بضم الثاء و فتحها أي قامت منتصبا و إنسانا منصوب بالحالية و يختدمها أي يستخدمها و قوله ع معجونا صفة لقوله إنسانا أو حال عنه و طينة الإنسان خلقته و جبلته و لعل المراد بالألوان الأنواع و استأدى وديعته أي طلب أداءها و الخنوع الذل و الخضوع و المراد بقوله ع و قبيله إما ذريته بأن يكون له في السماء نسل و ذرية و هو خلاف ظواهر الآثار أو طائفة خلقها الله في السماء غير الملائكة أو يكون الإسناد إلى القبيل مجازيا لرضاهم بعد ذلك بفعله و اعترتهم أي غشيتهم و الشقوة بالكسر نقيض السعادة و التعزز التكبر و النظرة بكسر الظاء التأخير و الإمهال و البلية الابتلاء و إنجاز عدته إعطاؤه ما وعده من الثواب على عبادته و قيل قد وعده الله الإبقاء و أرغد عيشته أي جعلها رغدا و الرغد من العيش الواسع الطيب و المحلة مصدر قولك حل بالمكان و الإسناد مجازي و اغتره أي طلب غفلته و أتاه على غرة و غفلة منه و نفست عليه الشيء و بالشيء بالكسر نفاسة إذا لم تره له أهلا و نفست به بالكسر أيضا أي بخلت به و المقام بالضم الإقامة و قيل في بيع اليقين بالشك وجوه. الأول أن معيشة آدم في الجنة كانت على حال يعلمها يقينا و ما كان يعلم كيف يكون معاشه بعد مفارقتها. الثاني أن ما أخبره الله من عداوة إبليس بقوله إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ كان يقينا فباعه بالشك في نصح إبليس إذ قال إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ. الثالث أن هذا مثل قديم للعرب لمن عمل عملا لا ينفعه و ترك ما ينبغي له أن يفعله. الرابع أن كونه في الجنة كان يقينا فباعه بأن أكل من الشجرة فأهبط إلى دار التكليف التي من شأنها الشك في أن المصير منها إلى الجنة أو إلى النار. و جذل كفرح لفظا و معنى و سيتضح لك ما تضمنته الخطبة في الأبواب الآتية. بسط مقال لرفع شبهة و إشكال. اعلم أنه أجمعت الفرقة المحقة و أكثر المخالفين على عصمة الملائكة صلوات الله عليهم أجمعين من صغائر الذنوب و كبائرها و سيأتي الكلام في ذلك في كتاب السماء و العالم و طعن فيهم بعض الحشوية بأنهم قالوا أَ تَجْعَلُ و الاعتراض على الله من أعظم الذنوب و أيضا نسبوا بني آدم إلى القتل و الفساد و هذا غيبة و هي من الكبائر و مدحوا أنفسهم بقولهم وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ و هو عجب و أيضا قولهم لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا اعتذار و العذر دليل الذنب و أيضا قوله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ دل على أنهم كانوا كاذبين فيما قالوه و أيضا قوله أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ يدل على أنهم كانوا مرتابين في علمه تعالى بكل المعلومات و أيضا علمهم بالإفساد و سفك الدماء إما بالوحي و هو بعيد و إلا لم يكن لإعادة الكلام فائدة و إما بالاستنباط و الظن و هو منهي عنه. و أجيب عن اعتراضهم على الله بأن غرضهم من ذلك السؤال لم يكن هو الإنكار و لا تنبيه الله على شيء لا يعلمه و إنما المقصود من ذلك أمور. منها أن الإنسان إذا كان قاطعا بحكمة غيره ثم رآه يفعل فعلا لا يهتدي ذلك الإنسان إلى وجه الحكمة فيه استفهم عن ذلك متعجبا فكأنهم قالوا إعطاء هذا النعم
العظام من يفسد و يسفك لا تفعله إلا لوجه دقيق و سر غامض فما أبلغ حكمتك. و منها أن إبداء الإشكال طلبا للجواب غير محظور فكأنه قيل إلهنا أنت الحكيم الذي لا تفعل السفه البتة و تمكين السفيه من السفه قبيح من الحكيم فكيف يمكن الجمع بين الأمرين أو أن الخيرات في هذا العالم غالبة على شرورها و ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر كثير فالملائكة نظروا إلى الشرور فأجابهم الله تعالى بقوله إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ أي من الخيرات الكثيرة التي لا يتركها الحكيم لأجل الشرور القليلة. و منها أن سؤالهم كان على وجه المبالغة في إعظام الله تعالى فإن العبد المخلص لشدة حبه لمولاه يكره أن يكون له عبد يعصيه. و منها أن قولهم أَ تَجْعَلُ مسألة منهم أن يجعل الأرض أو بعضها لهم إن كان ذلك صلاحا نحو قول موسى أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا أي لا تهلك فقال تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ من صلاحكم و صلاح هؤلاء فبين أنه اختار لهم السماء و لهؤلاء الأرض ليرضى كل فريق بما اختار الله له. و منها أن هذا الاستفهام خارج مخرج الإيجاب كقول جرير
أ لستم خير من ركب المطايا
أي أنتم كذلك و إلا لم يكن مدحا فكأنهم قالوا إنك تفعل ذلك و نحن مع هذا نسبح بحمدك لأنا نعلم في الجملة أنك لا تفعل إلا الصواب و الحكمة فقال تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ فأنتم علمتم ظاهرهم و هو الفساد و القتل و أنا أعلم ظاهرهم و ما في باطنهم من الأسرار الخفية التي يقتضي اتخاذهم. و الجواب عن الغيبة أن من أراد إيراد السؤال وجب أن يتعرض لمحل الإشكال فلذلك ذكروا الفساد و السفك مع أن المراد أن مثل تلك الأفعال يصدر عن بعضهم و مثل هذا لا يعد غيبة و لو سلم فلا نسلم ذلك في حق من لم يوجد بعد و لو سلم فيكون غيبة للفساق و هي مجوزة و لو سلم فلا نسلم أن ذكر مثل ذلك لعلام الغيوب يكون محرما لا سيما من الملائكة الذين جماعة منهم مأمورون بتفتيش أحوال الخلائق و إثباتها في الصحف و عرضها على البارئ جل اسمه. و عن العجب بأن مدح النفس غير ممنوع منه مطلقا كما قال تعالى وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ على أنهم إنما ذكروه لتتمة تقرير الشبهة. و عن الاعتذار بأنه لا يستلزم الذنب بل قد يكون لترك الأولى. ثم إن العلماء ذكروا في أخبار الملائكة عن الفساد و السفك وجوها. منها أنهم قالوا ذلك ظنا لما رأوا من حال الجن الذين كانوا قبل آدم عليه السلام في الأرض و هو المروي عن ابن عباس و الكلبي و يؤيده ما رويناه عن تفسير الإمام ع سابقا أو أنهم عرفوا خلقته و علموا أنه مركب من الأركان المتخالفة و الأخلاط المتنافية الموجبة للشهوة التي منها الفساد و الغضب الذي منه سفك الدماء. و منها أنهم قالوا ذلك على اليقين لما يروى عن ابن مسعود و غيره أنه تعالى لما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالوا ربنا و ما يكون الخليفة قال تكون له ذرية يفسدون في الأرض و يتحاسدون و يقتل بعضهم بعضا فعند ذلك قالوا ربنا أ تجعل فيها أو أنه تعالى كان قد أعلم الملائكة أنه إذا كان في الأرض خلق عظيم أفسدوا فيها و يسفك الدماء أو أنه لما كتب القلم في اللوح ما هو كائن إلى يوم القيامة فلعلهم طالعوا اللوح فعرفوا ذلك أو لأن معنى الخليفة إذا كان النائب عن الله في الحكم و القضاء و الاحتياج أنما يكون عند التنازع و التظالم كأن الإخبار عن وجود الخليفة إخبار عن وقوع الفساد و الشر بطريق الالتزام و قيل لما خلق الله النار خافت الملائكة خوفا شديدا فقالوا لم خلقت هذه النار قال لمن عصاني من خلقي و لم يكن يومئذ لله خلق إلا الملائكة فلما قال إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً عرفوا أن المعصية منهم و جملة القول في ذلك أنه لما ثبت بالنصوص و إجماع الفرقة المحقة عصمة الملائكة لا بد من تأويل ما يوهم صدور المعصية منهم على نحو ما مر في عصمة الأنبياء ع
57- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده عن ابن محبوب عن مقاتل بن سليمان قال سألت أبا عبد الله ع كم كان طول آدم على نبينا و آله و عليه السلام حين هبط به إلى الأرض و كم كانت طول حواء قال وجدنا في كتاب علي ع إن الله عز و جل لما أهبط آدم و زوجته حواء على الأرض كانت رجلاه على ثنية الصفا و رأسه دون أفق السماء و إنه شكا إلى الله ما يصيبه من حر الشمس فصير طوله سبعين ذراعا بذراعه و جعل طول حواء خمسة و ثلاثين ذراعا بذراعها
كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب مثله إلى قوله من حر الشمس فأوحى الله عز و جل إلى جبرءيل ع أن آدم قد شكا ما يصيبه من حر الشمس فأغمزه غمزة و صير طوله سبعين ذراعا بذراعه و أغمز حواء غمزة فصير طولها خمسة و ثلاثين ذراعا بذراعها
إيضاح اعلم أن هذا الخبر من مشكلات الأخبار و معضلات الآثار و الإعضال فيه من وجهين. أحدهما أن طول القامة كيف يصير سببا للتأذي بحر الشمس و الثاني أن كونه ع سبعين ذراعا بذراعه يستلزم عدم استواء خلقته على نبينا و آله و عليه السلام و أن يتعسر بل يتعذر عليه كثير من الأعمال الضرورية. و الجواب عن الأول بوجهين الأول أنه يمكن أن يكون للشمس حرارة من غير جهة الانعكاس أيضا و يكون قامته طويلة جدا بحيث تتجاوز الطبقة الزمهريرية و يتأذى من تلك الحرارة و يؤيده ما اشتهر من قصة عوج بن عناق أنه كان يرفع السمك إلى عين الشمس ليشويه بحرارتها. و الثاني أنه لطول قامته كان لا يمكنه الاستظلال ببناء و لا جبل و لا شجر فكان يتأذى من حرارة الشمس لذلك. و أما الثاني فقد أجيب عنه بوجوه الأول ما ذكره بعض الأفاضل أن استواء الخلقة ليس منحصرا فيما هو معهود الآن فإن الله تعالى قادر على خلق الإنسان على هيئات أخر كل منها فيه استواء الخلقة و ذراع آدم على نبينا و آله و عليه السلام يمكن أن يكون قصيرا مع طول العضد و جعله ذا مفاصل أو لينا بحيث يحصل الارتفاق به و الحركة كيف شاء. الثاني ما ذكره أيضا و هو أن يكون المراد بالسبعين سبعين قدما أو شبرا و ترك ذكرهما لشيوعهما و المراد الأقدام و الأشبار المعهودة في ذلك الزمان فيكون قوله ذراعا بدلا من السبعين بمعنى أن طوله الآن و هو السبعون بقدر ذراعه قبل ذلك و فائدته معرفة طوله أولا فيصير أشد مطابقة للسؤال كما لا يخفى و أما ما ورد في حواء ع فالمعنى أنه جعل طولها خمسة و ثلاثين قدما بالأقدام المعهودة و هي ذراع بذراعها الأول فيظهر أنها كانت على النصف من آدم. الثالث ما ذكره أيضا و هو أن يكون سبعين بضم السين تثنية سبع أي صير طوله بحيث صار سبعي الطول الأول و السبعان ذراع فيكون الذراع بدلا أو مفعولا بتقدير أعني و كذا في حواء جعل طولها خمسه بضم الخاء أي خمس ذلك الطول و ثلثين تثنية ثلث أي ثلثي الخمس فصارت خمسا و ثلثي خمس و حينئذ التفاوت بينهما قليل إن كان الطولان الأولان متساويين و إلا فقد لا يحصل تفاوت و يحتمل بعيدا عود ضمير خمسه و ثلثيه إلى آدم و المعنى أنها صارت خمس آدم الأول و ثلثيه فتكون أطول منه أو بعد القصر فتكون أقصر و فيه أن الخمس و ثلثي الخمس يرجع إلى الثلث و نسبة التعبير عن الثلث بتلك العبارة إلى أفصح الفصحاء بعيد عن العلماء. الرابع ما يروى عن شيخنا البهائي قدس الله روحه من أن في الكلام استخداما بأن يكون المراد بآدم حين إرجاع الضمير إليه آدم ذلك الزمان من أولاده و لا يخفى بعده عن استعمالات العرب و محاوراتهم مع أنه لا يجري في حواء إلا بتكلف ركيك و لعل الرواية غير صحيحة. الخامس ما خطر بالبال بأن تكون إضافة الذراع إليهما على التوسعة و المجاز بأن نسب ذراع صنف آدم ع إليه و صنف حواء إليها أو يكون الضميران راجعين إلى الرجل و المرأة بقرينة المقام.
السادس ما حل ببالي أيضا و هو أن يكون المراد الذراع الذي وضعه ع لمساحة الأشياء و هذا يحتمل وجهين أحدهما أن يكون الذراع الذي عمله آدم على نبينا و آله و عليه السلام للرجال غير الذي وضعته حواء للنساء و ثانيهما أن يكون الذراع واحدا لكن نسب في بيان طول كل منهما إليه لقرب المرجع. السابع ما سمحت به قريحتي أيضا و إن أتت ببعيد عن الأفهام و هو أن يكون المعنى اجعل طول قامته بحيث يكون بعد تناسب الأعضاء طوله الأول سبعين ذراعا بالذراع الذي حصل له بعد الغمز فيكون المراد بطوله طوله الأول و نسبة التسيير إليه باعتبار أن كونه سبعين ذراعا أنما يكون بعد حصول ذلك الذراع فيكون في الكلام شبه قلب أي اجعل ذراعه بحيث يصير جزء من سبعين جزء من قامته قبل الغمز و مثل هذا قد يكون في المحاورات و ليس تكلفه أكثر من بعض الوجوه التي تقدم ذكرها و به تظهر النسبة بين القامتين إذ طول قامة مستوي الخلقة ثلاثة أذرع و نصف تقريبا فإذا كان طول قامته الأولى سبعين بذلك الذراع تكون النسبة بينهما نصف العشر و ينطبق الجواب على السؤال إذ الظاهر منه أن غرض السائل استعلام قامته الأولى فلعله كان يعرف طول القامة الثانية بما اشتهر بين أهل الكتاب أو بما روت العامة من ستين ذراعا. الثامن أن يكون الباء في قوله بذراعه للملابسة أي كما قصر من طوله قصر من ذراعه لتناسب أعضائه و إنما خص بذراعه لأن جميع الأعضاء داخلة في الطول بخلاف الذراع و المراد حينئذ بالذراع في قوله ع سبعين ذراعا إما ذراع من كان في زمن آدم على نبينا و آله عليه السلام أو من كان في زمان من صدر عنه الخبر و هذا وجه قريب. التاسع أن يكون الضمير في قوله بذراعه راجعا إلى جبرءيل ع و لا يخفى بعده و ركاكته من وجوه شتى لا سيما بالنظر إلى ما في الكافي ثم اعلم أن الغمز يمكن أن يكون باندماج الأجزاء و تكاثفها أو بالزيادة في العرض أو بتحلل بعض الأجزاء بإذنه تعالى أو بالجميع و قد بسطنا الكلام في ذلك في المجلد الآخر من كتاب مرآة العقول