الآيات الكهف وَ عَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً الحج وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ التنزيل يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ المعارج سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَ نَراهُ قَرِيباً الفجر كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَ جِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَ أَنَّى لَهُ الذِّكْرى يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ تفسير قال الشيخ أمين الدين الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ عَرَضْنا جَهَنَّمَ أي أظهرناها و أبرزناها لهم حتى شاهدوها و رأوا ألوان عذابها قبل دخولها و في قوله تعالى وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ فيه وجوه أحدها أن يوما من أيام الآخرة يكون كألف سنة من أيام الدنيا عن ابن عباس و غيره و في رواية أخرى عنه إن يوما من الأيام التي خلق الله فيها السماوات و الأرض كألف سنة و يدل عليه ما روي أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم خمسمائة عام. و ثانيها أن يوما عند ربك و ألف سنة في قدرته واحد. و ثالثها أن يوما واحدا كألف سنة في مقدار العذاب لشدته كما يقال في المثل أيام السرور قصار و أيام الهموم طوال. و في قوله تعالى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ أي يدبر الأمور كلها و يقدرها على حسب إرادته فيما بين السماء و الأرض و ينزله مع الملك إلى الأرض ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ أي يصعد الملك إلى المكان الذي أمره الله تعالى أن يصعد إليه فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ أي يوم يكون مقداره لو سار غير الملك ألف سنة مما يعده البشر خمسمائة عام نزول و خمسمائة عام صعود و الحاصل أنه ينزل الملك بالتدبير أو الوحي و يصعد إلى السماء فيقطع في يوم واحد من أيام الدنيا مسافة ألف سنة مما تعدونه أنتم لأن ما بين السماء و الأرض مسيرة خمسمائة عام لابن آدم و قيل معناه أنه يدبر الله سبحانه و يقضي أمر كل شيء لألف سنة في يوم واحد ثم يلقيه إلى ملائكته فإذا مضى الألف سنة قضى لألف سنة أخرى ثم كذلك أبدا و قيل معناه يدبر أمر الدنيا فينزل القضاء و التدبير من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا ثم يرجع الأمر و يعود التدبير إليه بعد انقضاء الدنيا و فنائها حتى ينقطع أمر الأمراء و حكم الحكام و ينفرد الله بالتدبير في يوم كان مقداره ألف سنة و هو يوم القيامة فالمدة المذكورة مدة يوم القيامة إلى أن يستقر الخلق في الدارين فأما قوله فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فإن المقامات في يوم القيامة مختلفة و قيل إن المراد بالأول أن مسافة الصعود و النزول إلى سماء الدنيا في يوم واحد للملك مقدار مسيرة ألف سنة لغير الملك من بني آدم و إلى السماء السابعة مقدار خمسين ألف سنة و قيل إن الألف سنة للنزول و العروج و الخمسين ألف سنة لمدة القيامة. و في قوله سبحانه تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ الآية اختلف في معناه فقيل تعرج الملائكة إلى الموضع الذي يأمرهم الله به في يوم كان مقداره من عروج غيرهم خمسين ألف سنة و ذلك من أسفل الأرضين إلى فوق السماوات السبع و قوله أَلْفَ سَنَةٍ هو لما بين السماء و الأرض في الصعود و النزول و قيل إنه يعني يوم القيامة و إنه يفعل فيه من الأمور و يقضي فيه من الأحكام بين العباد ما لو فعل في الدنيا لكان مقدار خمسين ألف سنة
و روى أبو سعيد الخدري قال قيل يا رسول الله ما أطول هذا اليوم فقال و الذي نفس محمد بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا
و روي عن أبي عبد الله ع أنه قال لو ولي الحساب غير الله لمكثوا فيه خمسين ألف سنة من قبل أن يفرغوا و الله سبحانه يفرغ من ذلك في ساعة
و عنه ع أيضا قال لا ينتصف ذلك اليوم حتى يقيل أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار
و قيل معناه أن أول نزول الملائكة في الدنيا بأمره و نهيه و قضائه بين الخلائق إلى آخر عروجهم إلى السماء و هو يوم القيامة هذه المدة فيكون مقدار الدنيا خمسين ألف سنة لا يدرى كم مضى و كم بقي و إنما يعلمها الله عز و جل فَاصْبِرْ يا محمد على تكذيبهم إياك صَبْراً جَمِيلًا لا جزع فيه و لا شكوى إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَ نَراهُ قَرِيباً أخبر سبحانه أنه يعلم مجيء يوم القيامة و حلول العقاب بالكفار قريبا و يظنه الكفار بعيدا لأنهم لا يعتقدون صحته و كل ما هو آت فهو قريب دان. و في قوله سبحانه كَلَّا زجر تقديره لا تفعلوا هكذا ثم خوفهم فقال إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا أي كسر كل شيء على ظهرها من جبل أو بناء أو شجر حتى زلزلت فلم يبق عليها شيء يفعل ذلك مرة بعد مرة و قيل دُكَّتِ الْأَرْضُ أي مدت يوم القيامة مد الأديم عن ابن عباس و قيل دقت جبالها و أنشازها حتى استوت عن ابن قتيبة و المعنى استوت في انفراشها فذهب دورها و قصورها و سائر أبنيتها حتى تصير كالصحراء الملساء وَ جاءَ رَبُّكَ أي أمر ربك و قضاؤه و محاسبته و قيل جاء أمره الذي لا أمر معه بخلاف حال الدنيا و قيل جاء جلائل آياته فجعل مجيئها مجيئه تفخيما لأمرها و قال بعض المحققين المعنى و جاء ظهور ربك لضرورة المعرفة به لأن ظهور المعرفة بالشيء يقوم مقام ظهوره و رؤيته و لما صارت المعارف بالله في ذلك اليوم ضرورية صار ذلك كظهوره و تجليه للخلق فقيل وَ جاءَ رَبُّكَ أي زالت الشبهة و ارتفع الشك كما ترتفع عند مجيء الشيء الذي كان يشك فيه جل و تقدس عن المجيء و الذهاب وَ الْمَلَكُ أي و تجيء الملائكة صَفًّا صَفًّا يريد صفوف الملائكة و أهل كل سماء صف على حدة عن عطاء و قال الضحاك أهل كل سماء إذا زلزلوا يوم القيامة كانوا صفا محيطين بالأرض و بمن فيها فيكونون سبع صفوف و قيل معناه مصطفين كصفوف الناس في الصلاة يأتي الصف الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم على هذا الترتيب لأن ذلك أشبه بحال الاستواء من التشويش فالتعديل و التقويم أولى في الأمور وَ جِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ أي و أحضرت في ذلك اليوم جهنم ليعاقب بها المستحقون لها و يرى أهل الموقف هولها و عظم منظرها.
و روي مرفوعا عن أبي سعيد الخدري قال لما نزلت هذه الآية تغير لون رسول الله ص و عرف في وجهه حتى اشتد على أصحابه ما رأوا من حاله و انطلق بعضهم إلى علي بن أبي طالب ع فقال يا علي لقد حدث أمر قد رأيناه في نبي الله فجاء علي ع فاحتضنه من خلفه و قبل بين عاتقيه ثم قال يا نبي الله بأبي أنت و أمي ما الذي حدث اليوم قال جاء جبرئيل فأقرأني وَ جِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ فقال قلت كيف يجاء بها قال يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ثم أتعرض لجهنم فتقول ما لي و لك يا محمد فقد حرم الله لحمك علي فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي و إن محمدا يقول أمتي أمتي
ثم قال سبحانه يَوْمَئِذٍ يعني يوما يجاء بجهنم يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ أي يتعظ و يتوب الكافر وَ أَنَّى لَهُ الذِّكْرى أي و من أين له التوبة عن الزجاج و قيل معناه يتذكر الإنسان ما قصر و فرط إذ قد علم يقينا ما توعد به و كيف ينفعه التذكر أثبت له التذكر ثم نفاه بمعنى أنه لا ينتفع به فكأنه لم يكن و كان ينبغي له أن يتذكر في وقت ينفعه ذلك فيه يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي أي يتمنى أن يكون قد كان عمل الطاعات و الحسنات لحياته بعد موته أو للحياة التي تدوم له فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ أي لا يعذب عذاب الله أحد من الخلق وَ لا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ أي وثاق الله أحد من الخلق فالمعنى لا يعذب أحد في الدنيا مثل عذاب الله الكافر يومئذ و لا يوثق أحد في الدنيا مثل وثاق الله الكافر يومئذ
1- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن علي عن أبيه عن علي بن الحكم عن المفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفر ع قال لما نزلت هذه الآية وَ جِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ سئل عن ذلك رسول الله ص فقال أخبرني الروح الأمين أن الله لا إله غيره إذا جمع الأولين و الآخرين أتى بجهنم تقاد بألف زمام أخذ بكل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد لها هدة و تغيظ و زفير و إنها لتزفر الزفرة فلو لا أن الله عز و جل أخرهم إلى الحساب لأهلكت الجمع ثم يخرج منها عنق يحيط بالخلائق البر منهم و الفاجر فما خلق الله عز و جل عبدا من عباده ملكا و لا نبيا إلا نادى رب نفسي نفسي و أنت يا نبي الله تنادي أمتي أمتي ثم يوضع عليها صراط أدق من حد السيف عليه ثلاث قناطر أما واحدة فعليها الأمانة و الرحم و أما الأخرى فعليها الصلاة و أما الأخرى فعليها عدل رب العالمين لا إله غيره فيكلفون الممر عليه فتحبسهم الرحم و الأمانة فإن نجوا منها حبستهم الصلاة فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين جل و عز و هو قوله تبارك و تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ و الناس على الصراط فمتعلق و قدم تزل و قدم تستمسك و الملائكة حولهم ينادون يا حليم اغفر و اصفح و عد بفضلك و سلم سلم و الناس يتهافتون فيها كالفراش و إذا نجا ناج برحمة الله عز و جل نظر إليها فقال الحمد لله الذي نجاني منك بعد إياس بمنه و فضله إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ
فس، ]تفسير القمي[ أبي عن عمرو بن عثمان عن جابر عن أبي جعفر ع مثله و اللفظ للصدوق و قد أثبتناه في باب النار و اللفظ لعلي بن إبراهيم. إيضاح الهدة صوت وقع الحائط و نحوه و قال الجزري فيه يخرج عنق من النار أي طائفة منها
2- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن الصلت عن ابن عقدة عن علي بن محمد عن داود بن سليمان عن الرضا ع عن آبائه عن أمير المؤمنين ع قال قال رسول الله ص هل تدرون ما تفسير هذه الآية كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا قال إذا كان يوم القيامة تقاد جهنم بسبعين ألف زمام بيد سبعين ألف ملك فتشرد شردة لو لا أن الله تعالى حبسها لأحرقت السماوات و الأرض
صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عنه عن آبائه ع مثله
3- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن القاشاني عن المنقري عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد الله جعفر بن محمد ع ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فإن في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل ألف سنة مِمَّا تَعُدُّونَ ثم تلا هذه الآية فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و القاساني جميعا عن الأصبهاني عن المنقري مثله
4- فس، ]تفسير القمي[ وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى قال أحضرت
-5 فس، ]تفسير القمي[ قال علي بن إبراهيم في قوله فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال إن القيامة خمسين موقفا لكل موقف ألف سنة
6- ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن المتوكل عن محمد العطار عن محمد بن أحمد عن ابن يزيد عن محمد بن منصور عن رجل عن شريك يرفعه قال قال رسول الله ص إذا كان يوم القيامة جاءت فاطمة في لمة من نسائها فيقال لها ادخلي الجنة فتقول لا أدخل حتى أعلم ما صنع بولدي من بعدي فيقال لها انظري في قلب القيامة فتنظر إلى الحسين صلوات الله عليه قائما ليس عليه رأس فتصرخ صرخة فأصرخ لصراخها و تصرخ الملائكة لصراخنا فيغضب الله عز و جل لنا عند ذلك فيأمر نارا يقال لها هبهب قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودت لا يدخلها روح أبدا و لا يخرج منها غم أبدا فيقال التقطي قتلة الحسين ع فتلتقطهم فإذا صاروا في حوصلتها صهلت و صهلوا بها و شهقت و شهقوا بها و زفرت و زفروا بها فينطقون بألسنة ذلقة طلقة يا ربنا لم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان فيأتيهم الجواب عن الله عز و جل أن من علم ليس كمن لم يعلم
7- لي، ]الأمالي للصدوق[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن علي بن الحسين عن عبد الله بن جبلة عن معاوية بن عمار عن الحسن بن عبد الله عن أبيه عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب ع قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ص و ساق الحديث في أجوبته عن مسائل اليهودي إلى أن قال ص إن الشمس إذا طلعت عند الزوال لها حلقة تدخل فيها فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شيء دون العرش لوجه ربي و هي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة فما من مؤمن يوفق تلك الساعة أن يكون ساجدا أو راكعا أو قائما إلا حرم الله جسده على النار
-8 فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ بإسناده عن أبي الدرداء عن النبي ص قال الظالم لنفسه يحبس فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حتى يدخل الحزن في جوفه ثم يرحمه فيدخل الجنة فقال رسول الله ص الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ الذي أدخل أجوافهم الحزن في طول المحشر الحديث
9- يه، ]من لا يحضر الفقيه[ عن النبي ص قال و أما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله عز و جل على آدم و كان بين ما أكل من الشجرة و بين ما تاب الله عليه عز و جل ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا و في أيام الآخرة يوم كألف سنة مما بين العصر إلى العشاء الحديث
10- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أسباط عنهم ع قال فيما وعظ الله عز و جل به عيسى ع يا عيسى اعمل لنفسك في مهلة من أجلك قبل أن لا تعمل لها و اعبدني ليوم كألف سنة مما تعدون و فيه أجزي بالحسنة و أضاعفها الخبر
بيان لا يبعد أن يكون مكث أكثر الكفار في القيامة ألف سنة فيكون اليوم بالنظر إليهم كذلك و يكون مكث جماعة من الكفار خمسين ألف سنة فهو منتهى زمان هذا اليوم و يكون مكث بعض المؤمنين ساعة فهو كذلك بالنسبة إليهم و هكذا بحسب اختلاف أحوال الأبرار و الفجار و يحتمل أيضا كون الألف زمان مكثهم في بعض مواقف القيامة كالحساب مثلا.
أقول قد مر و سيأتي في خبر المدعي للتناقض في القرآن عن أمير المؤمنين ع أنه وصف في مواضع في ذلك الخبر القيامة بأن مقداره خمسون ألف سنة
11- عد، ]العقائد[ اعتقادنا في العقبات التي على طريق المحشر أن كل عقبة منها اسمها اسم فرض و أمر و نهي فمتى انتهى الإنسان إلى عقبة اسمها فرض و كان قد قصر في ذلك الفرض حبس عندها و طولب بحق الله فيها فإن خرج منها بعمل صالح قدمه أو برحمة تداركه نجا منها إلى عقبة أخرى فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة و يحبس عند كل عقبة فيسأل عما قصر فيه من معنى اسمها فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء فيحيا حياة لا موت فيها أبدا و سعد سعادة لا شقاوة معها أبدا و سكن في جوار الله مع أنبيائه و حججه و الصديقين و الشهداء و الصالحين من عباده و إن حبس على عقبة فطولب بحق قصر فيه فلم ينجه عمل صالح قدمه و لا أدركته من الله عز و جل رحمة زلت به قدمه عن العقبة فهوى في جهنم نعوذ بالله منها و هذه العقبات كلها على الصراط اسم عقبة منها الولاية يوقف جميع الخلائق عندها فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين و الأئمة من بعده ع فمن أتى بها نجا و جاز و من لم يأت بها بقي فهوى و ذلك قول الله عز و جل وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ و أهم عقبة منها المرصاد و هو قول الله عز و جل إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ و يقول عز و جل و عزتي و جلالي لا يجوزني ظلم ظالم و اسم عقبة منها الرحم و اسم عقبة منها الأمانة و اسم عقبة منها الصلاة و باسم كل فرض أو أمر أو نهي عقبة يحبس عندها العبد فيسأل
أقول قال الشيخ المفيد رحمه الله في شرحه العقبات عبارة عن الأعمال الواجبة و المساءلة عنها و المواقفة عليها و ليس المراد به جبال في الأرض تقطع و إنما هي الأعمال شبهت بالعقبات و جعل الوصف لما يلحق الإنسان في تخلصه من تقصيره في طاعة الله تعالى كالعقبة التي تجهده صعودها و قطعها قال الله تعالى فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ فسمى سبحانه الأعمال التي كلفها العبد عقبات تشبيها بالعقبات و الجبال لما يلحق الإنسان في أدائها من المشاق كما يلحقه في صعود العقبات و قطعها
و قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه إن أمامكم عقبة كئودا و منازل مهولة لا بد من الممر بها و الوقوف عليها فإما برحمة الله نجوتم و إما بهلكة ليس بعدها انجبار
أراد ع بالعقبة تخلص الإنسان من العقبات التي عليه و ليس كما ظنه الحشوية من أن في الآخرة جبالا و عقبات يحتاج الإنسان إلى قطعها ماشيا و راكبا و ذلك لا معنى له فيما توجبه الحكمة من الجزاء و لا وجه لخلق عقبات تسمى بالصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و غيرها من الفرائض يلزم الإنسان أن يصعدها فإن كان مقصرا في طاعة الله حال ذلك بينه و بين صعودها إذ كان الغرض في القيامة المواقفة على الأعمال و الجزاء عليها بالثواب و العقاب و ذلك غير مفتقر إلى تسمية عقبات و خلق جبال و تكليف قطع ذلك و تصعيبه أو تسهيله مع أنه لم يرد خبر صحيح بذلك على التفصيل فيعتمد عليه و تخرج له الوجوه و إذا لم يثبت بذلك خبر كان الأمر فيه ما ذكرناه. بيان أقول تأويل ظواهر الأخبار بمحض الاستبعاد بعيد عن الرشاد و لله الخيرة في معاقبة العاصين من عباده بأي وجه أراد و قد مضى بعض الأخبار في ذلك و سيأتي بعضها و الله الموفق للخير و السداد