1- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن الطيالسي عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لم يزل الله جل اسمه عالما بذاته و لا معلوم و لم يزل قادرا بذاته و لا مقدور قلت جعلت فداك فلم يزل متكلما قال الكلام محدث كان الله عز و جل و ليس بمتكلم ثم أحدث الكلام
بيان اعلم أنه لا خلاف بين أهل الملل في كونه تعالى متكلما لكن اختلفوا في تحقيق كلامه و حدوثه و قدمه فالإمامية قالوا بحدوث كلامه تعالى و أنه مؤلف من أصوات و حروف و هو قائم بغيره و معنى كونه تعالى متكلما عندهم أنه موجد تلك الحروف و الأصوات في الجسم كاللوح المحفوظ أو جبرئيل أو النبي ص أو غيرهم كشجرة موسى و به قالت المعتزلة أيضا و الحنابلة ذهبوا إلى أن كلامه تعالى حروف و أصوات و هي قديمة بل قال بعضهم بقدم الجلد و الغلاف أيضا و الكرامية ذهبوا إلى أن كلامه تعالى صفة له مؤلفة من الحروف و الأصوات الحادثة القائمة بذاته تعالى و الأشاعرة أثبتوا الكلام النفسي و قالوا كلامه معنى واحد بسيط قائم بذاته تعالى قديم و قد قامت البراهين على إبطال ما سوى المذهب الأول و تشهد البديهة ببطلان بعضها و قد دلت الأخبار الكثيرة على بطلان كل منها و قد تقدم بعضها و سيأتي بعضها في كتاب القرآن نعم القدرة على إيجاد الكلام قديمة غير زائدة على الذات و كذا العلم بمدلولاتها و ظاهر أن الكلام غيرهما
2- فس، ]تفسير القمي[ جعفر بن أحمد عن عبيد الله بن موسى عن ابن البطائني عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قوله خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا قال خالِدِينَ فِيها لا يخرجون منها و لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا قال لا يريدون بها بدلا قلت قوله قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً قال قد أخبرك أن كلام الله ليس له آخر و لا غاية و لا ينقطع أبدا قلت قوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا قال هذه نزلت في أبي ذر و المقداد و سلمان الفارسي و عمار بن ياسر جعل الله لهم جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا مأوى و منزلا قال ثم قال قُلْ يا محمد إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً فهذا الشرك شرك رياء
3- ج، ]الإحتجاج[ سأل يحيى بن أكثم أبا الحسن ع عن قوله تعالى سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ ما هي فقال هي عين الكبريت و عين اليمن و عين البرهوت و عين الطبرية و حمة ماسيدان و حمة إفريقية و عين باجوران و نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلها و لا تستقصى
-4 ج، ]الإحتجاج[ عن صفوان بن يحيى قال سأل أبو قرة المحدث عن الرضا ع فقال أخبرني جعلني الله فداك عن كلام الله لموسى فقال الله أعلم بأي لسان كلمه بالسريانية أم بالعبرانية فأخذ أبو قرة بلسانه فقال إنما أسألك عن هذا اللسان فقال أبو الحسن ع سبحان الله مما تقول و معاذ الله أن يشبه خلقه أو يتكلم بمثل ما هم متكلمون و لكنه تبارك و تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و لا كمثله قائل فاعل قال كيف ذلك قال كلام الخالق لمخلوق ليس ككلام المخلوق لمخلوق و لا يلفظ بشق فم و لسان و لكن يقول له كن فكان بمشيئته ما خاطب به موسى من الأمر و النهي من غير تردد في نفس الخبر
أقول قد أثبتنا بعض أخبار هذا الباب في باب صفات الذات و الأفعال و باب نفي الجسم و الصورة و باب نفي الزمان و المكان
أبواب أسمائه تعالى و حقائقها و صفاتها و معانيها
باب 1- المغايرة بين الاسم و المعنى و أن المعبود هو المعنى و الاسم حادث
1- ج، ]الإحتجاج[ عن أبي هاشم الجعفري قال كنت عند أبي جعفر الثاني ع فسأله رجل فقال أخبرني عن الرب تبارك و تعالى أ له أسماء و صفات في كتابه و هل أسماؤه و صفاته هي هو فقال أبو جعفر ع إن لهذا الكلام وجهين إن كنت تقول هي هو أنه ذو عدد و كثرة فتعالى الله عن ذلك و إن كنت تقول هذه الأسماء و الصفات لم تزل فإنما لم تزل محتمل معنيين فإن قلت لم تزل عنده في علمه و هو يستحقها فنعم و إن كنت تقول لم يزل صورها و هجاؤها و تقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره بل كان الله تعالى ذكره و لا خلق ثم خلقها وسيلة بينه و بين خلقه يتضرعون بها إليه و يعبدونه و هي ذكره و كان الله سبحانه و لا ذكر و المذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل و الأسماء و الصفات مخلوقات و المعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف و لا الايتلاف و إنما يختلف و يأتلف المتجزي و لا يقال له قليل و لا كثير و لكنه القديم في ذاته لأن ما سوى الواحد متجزئ و الله واحد لا متجزئ و لا متوهم بالقلة و الكثرة و كل متجزئ أو متوهم بالقلة و الكثرة فهو مخلوق دال على خالق له فقولك إن الله قدير خبرت أنه لا يعجزه شيء فنفيت بالكلمة العجز و جعلت العجز سواه و كذلك قولك عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل و جعلت الجهل سواه فإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصورة و الهجاء و التقطيع فلا يزال من لم يزل عالما فقال الرجل فكف سمينا ربنا سميعا فقال لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع و لم نصفه بالسمع المعقول في الرأس و كذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون أو شخص أو غير ذلك و لم نصفه ببصر طرفة العين و كذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة و ما هو أخفى من ذلك و موضع المشي منها و العقل و الشهوة للسفاد و الحدب على أولادها و إقامة بعضها على بعض و نقلها الطعام و الشراب إلى أولادها في الجبال و المفاوز و الأودية و القفار فعلمنا بذلك أن خالقها لطيف بلا كيف إذ الكيفية للمخلوق المكيف و كذلك سمينا ربنا قويا بلا قوة البطش المعروف من الخلق و لو كان قوته قوة البطش المعروف من الخلق لوقع التشبيه و احتمل الزيادة و ما احتمل الزيادة احتمل النقصان و ما كان ناقصا كان غير قديم و ما كان غير قديم كان عاجزا فربنا تبارك و تعالى لا شبه له و لا ضد و لا ند و لا كيفية و لا نهاية و لا تصاريف محرم على القلوب أن تحتمله و على الأوهام أن تحده و على الضمائر أن تصوره جل و عز عن أداة خلقه و سمات بريته و تعالى عن ذلك علوا كبيرا
يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الأسدي عن محمد بن بشر عن الجعفري مثله إيضاح اعلم أن المتكلمين اختلفوا في أن الاسم هل هو عين المسمى أو غيره فذهب أكثر الأشاعرة إلى الأول و الإمامية و المعتزلة إلى الثاني و قد وردت هذه الأخبار ردا على القائلين بالعينية و أول بعض المتأخرين كلامهم لسخافته و إن كانت كلماتهم صريحة فيما نسب إليهم قال شارح المقاصد الاسم هو اللفظ المفرد الموضوع للمعنى على ما يعم أنواع الكلمة و قد يقيد بالاستقبال و التجرد عن الزمان فيقابل الفعل و الحروف على ما هو مصطلح النحاة و المسمى هو المعنى الذي وضع الاسم بإزائه و التسمية هو وضع الاسم للمعنى و قد يراد بها ذكر الشيء باسمه كما يقال يسمى زيدا و لم يسم عمروا فلا خفاء في تغاير الأمور الثلاثة و إنما الخفاء فيما ذهب إليه بعض أصحابنا من أن الاسم نفس المسمى و فيما ذكره الشيخ الأشعري من أن أسماء الله تعالى ثلاثة أقسام ما هو نفس المسمى مثل الله الدال على الوجود أي الذات و ما هو غيره كالخالق و الرازق و نحو ذلك مما يدل على فعل و ما لا يقال إنه هو و لا غيره كالعالم و القادر و كل ما يدل على الصفات و أما التسمية فغير الاسم و المسمى و توضيحه أنهم يريدون بالتسمية اللفظ و بالاسم مدلوله كما يريدون بالوصف قول الواصف و بالصفة مدلوله و كما يقولون إن القراءة حادثة و المقرو قديم إلا أن الأصحاب اعتبروا المدلول المطابق فأطلقوا القول بأن الاسم نفس المسمى للقطع بأن مدلول الخالق شيء ما له الخلق لا نفس الخلق و مدلول العالم شيء ما له العلم لا نفس العلم و الشيخ أخذ المدلول أعم و اعتبر في أسماء الصفات المعاني المقصودة فزعم أن مدلول الخالق الخلق و هو غير الذات و مدلول العالم العلم و هو لا عين و لا غير انتهى. فإذا عرفت هذا فاعلم أن الظاهر أن المراد بالأسماء الأسماء الدالة على الذات من غير ملاحظة صفة و بالصفات ما يدل على الذات متصفا بصفة و استفسر ع مراد السائل و ذكر محتملاته و هي ثلاثة و ينقسم بالتقسيم الأول إلى احتمالين لأن المراد إما معناه الظاهر أو مؤول بمعنى مجازي لكون معناه الظاهر في غاية السخافة. الأول أن يكون المراد كون كل من تلك الأسماء و الحروف المؤلفة المركبة عين ذاته تعالى و حكم بأنه تعالى منزه عن ذلك لاستلزامه تركيبه و حدوثه و تعدده كما سيأتي تعالى الله عن ذلك. الثاني أن يكون قوله هي هو كناية عن كونها دائما معه في الأزل فكأنها عينه و هذا يحتمل معنيين الأول أن يكون المراد أنه تعالى كان في الأزل مستحقا لإطلاق تلك الأسماء عليه و كون تلك الأسماء في علمه تعالى من غير تعدد في ذاته تعالى و صفاته و من غير أن يكون معه شيء في الأزل فهذا حق و الثاني أن يكون المراد كون تلك الأصوات و الحروف المؤلفة دائما معه في الأزل فمعاذ الله أن يكون معه غيره في الأزل و هذا صريح في نفي تعدد القدماء و لا يقبل التأويل ثم أشار ع إلى حكمة خلق الأسماء و الصفات بأنها وسيلة بينه و بين خلقه يتضرعون بها إليه و يعبدونه و هي ذكره بالضمير أي يذكر بها و المذكور بالذكر قديم و الذكر حادث و منهم من قرأ بالتاء قال الجوهري الذكر و الذكرى نقيض النسيان و كذلك الذكرة انتهى. قوله ع و الأسماء و الصفات مخلوقات هاهنا النسخ مختلفة ففي التوحيد مخلوقات المعاني أي معانيها اللغوية و مفهوماتها الكلية مخلوقة و في الإحتجاج ليس لفظ المعاني أصلا و في الكافي و المعاني بالعطف فالمراد بها إما مصداق مدلولاتها و يكون قوله و المعني بها عطف تفسير له أو هي معطوفة على الأسماء أي و المعاني و هي حقائق مفهومات الصفات مخلوقة أو المراد بالأسماء الألفاظ و بالصفات ما وضع ألفاظها له و قوله مخلوقات و المعاني خبران لقوله الأسماء و الصفات أي الأسماء مخلوقات و الصفات هي المعاني. و قوله و المعني بها هو الله أي المقصود بها المذكور بالذكر و مصداق تلك المعاني المطلوب بها هو ذات الله و المراد بالاختلاف تكثر الأفراد أو تكثر الصفات أو الأحوال المتغيرة أو اختلاف الأجزاء و تباينها بحسب الحقيقة أو الانفكاك و التحلل و بالايتلاف التركب من الأجزاء أو الأجزاء المتفقة الحقائق. قوله ع فإذا أفنى الله الأشياء استدلال على مغايرته تعالى للأسماء و هجائها و تقطيعها و المعاني الحاصلة منها في الأذهان من جهة النهاية كما أن المذكور سابقا كان
من جهة البداية و الحاصل أن علمه تعالى ليس عين قولنا عالم و ليس اتصافه تعالى به متوقفا على التكلم بذلك و كذا الصور الذهنية ليست عين حقيقة ذاته و صفاته تعالى و ليس اتصافه تعالى بالصفات متوقفا على حصول تلك الصور إذ بعد فناء الأشياء تفنى تلك الأمور مع بقائه تعالى متصفا بجميع الصفات الكمالية كما أن قبل حدوثها كان متصفا بها. ثم اعلم أن المقصود مما ذكر في هذا الخبر و غيره من أخبار البابين هو نفي تعقل كنه ذاته و صفاته تعالى و بيان أن صفات المخلوقات مشوبة بأنواع العجز و الله تعالى متصف بها معرى من جهات النقص و العجز كالسمع فإنه فينا هو العلم بالمسموعات بالحاسة المخصوصة و لما كان توقف علمنا على الحاسة لعجزنا و كان حصولها لنا من جهة تجسمنا و إمكاننا و نقصنا و أيضا ليس علمنا من ذاتنا لعجزنا و علمنا حادث لحدوثنا و ليس علمنا محيطا بحقائق ما نسمعه كما هي لقصورنا عن الإحاطة و كل هذه نقائص شابت ذلك الكمال فقد أثبتنا له تعالى ما هو الكمال و هو أصل العلم و نفينا عنه جميع تلك الجهات التي هي من سمات النقص و العجز و لما كان علمه تعالى غير متصور لنا بالكنه و إنا لما رأينا الجهل فينا نقصا نفيناه عنه فكأنما لم نتصور من علمه تعالى إلا عدم الجهل فإثباتنا العلم له تعالى إنما يرجع إلى نفي الجهل لأنا لم نتصور علمه تعالى إلا بهذا الوجه و إذا تدبرت في ذلك حق التدبر وجدته نافيا لما يدعيه جماعة عن الاشتراك اللفظي في الوجود و سائر الصفات لا مثبتا له و قد عرفت أن الأخبار الدالة على نفي التعطيل ينفي هذا القول و قد سبق تفسير بعض أجزاء الخبر فيما سبق فلا نعيده
2- ج، ]الإحتجاج[ عن هشام بن الحكم قال سألت أبا عبد الله ع عن أسماء الله عز ذكره و اشتقاقها فقلت الله مما هو مشتق قال يا هشام الله مشتق من أله و أله يقتضي مألوها و الاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر و لم يعبد شيئا و من عبد الاسم و المعنى فقد كفر و عبد اثنين و من عبد المعنى دون الاسم فذلك التوحيد أ فهمت يا هشام قال فقلت زدني فقال إن لله تبارك و تعالى تسعة و تسعين اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها و لكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء و كلها غيره يا هشام الخبز اسم للمأكول و الماء اسم للمشروب و الثوب اسم للملبوس و النار اسم للمحرق أ فهمت يا هشام فهما تدفع به و تناضل أعداءنا و المتخذين مع الله عز و جل غيره قلت نعم قال فقال نفعك الله به و ثبتك قال هشام فو الله ما قهرني أحد في علم التوحيد حتى قمت مقامي هذا
يد، ]التوحيد[ ابن عصام و الدقاق عن الكليني عن علي عن أبيه عن النضر عن هشام مثله بيان هذا الخبر يدل على أن لفظ الجلالة مشتق و قد سبق الكلام فيه في باب التوحيد و قوله الله مشتق من أله إما اسم على فعال بمعنى المفعول أي المعبود أو غيره من المعاني التي تقدم ذكرها أو فعل بمعنى عبد أو نحوه و الظاهر أنه ليس المقصود أولا الاستدلال على المغايرة بين الاسم و المسمى بل المعنى أن هذا اللفظ بجوهره يدل على وجود معبود يعبد ثم بين أنه لا يجوز عبادة اللفظ بوجه ثم استدل على المغايرة بين الاسم و المسمى و يحتمل أن يكون استدلالا بأن هذا اللفظ يدل على معنى و الدال غير المدلول بديهة و على هذا يحتمل أن يكون ما يذكر بعد ذلك تحقيقا آخر لبيان ما يجب أن يقصد بالعبادة و أن يكون تتمة لهذا الدليل تكثيرا للإيراد و إيضاحا لما يلزمهم من الفساد بأن يكون المعنى أن العقل لما حكم بالمغايرة فمن توهم الاتحاد أن جعل هذه الحروف معبودا بتوهم أن الذات عينها فلم يعبد شيئا أصيلا إذ ليس لهذه الأسماء بقاء و استمرار وجود إلا بتبعية النقوش في الألواح أو الأذهان و إن جعل المعبود مجموع الاسم و المسمى فقد أشرك و عبد مع الله غيره و إن عبد الذات الخالص فهو التوحيد و بطل الاتحاد بين الاسم و المسمى و الأول أظهر و يحتمل أن يكون المراد بالمألوه من له الإله كما يظهر من بعض الأخبار أنه يستعمل بهذا المعنى كقوله ع كان إلها إذ لا مألوه و عالما إذ لا معلوم فالمعنى أن الإله يقتضي نسبة إلى غيره و لا يتحقق بدون الغير و المسمى لا حاجة له إلى غيره فالاسم غير المسمى. ثم استدل ع على المغايرة بوجهين آخرين الأول أن لله تعالى أسماء متعددة فلو كان الاسم عين المسمى لزم تعدد الآلهة لبداهة مغايرة تلك الأسماء بعضها لبعض قوله و لكن الله أي ذاته تعالى لا هذا الاسم الثاني أن الخبز اسم لشيء يحكم عليه بأنه مأكول و معلوم أن هذا اللفظ غير مأكول و كذا البواقي. و قيل إن المقصود من أول الخبر إلى آخره بيان المغايرة بين المفهومات العرضية التي هي موضوعات تلك الأسماء و ذاته تعالى الذي هو مصداق تلك المفهومات فقوله ع و الإله يقتضي مألوها معناه أن هذا المعنى المصدري يقتضي أن يكون في الخارج موجود هو ذات المعبود الحقيقي ليدل على أن مفهوم الاسم غير المسمى و الحق تعالى ذاته نفس الوجود الصرف بلا مهية أخرى فجميع مفهومات الأسماء و الصفات خارجة عنه فصدقها و حملها عليه ليس كصدق الذاتيات على الماهية إذ الماهية له كلية و لا كصدق العرضيات إذ لا قيام لأفرادها بذاته تعالى و لكن ذاته تعالى بذاته الأحدية البسيطة مما ينتزع منه هذه المفهومات و تحمل عليه فالمفهومات كثيرة و الجميع غيره فيلزم من عينية تلك المفهومات تعدد الآلهة و قوله ع الخبز اسم للمأكول حجة أخرى على ذلك فإن مفهوم المأكول اسم لما يصدق عليه كالخبز و مفهوم المشروب يصدق على الماء و مفهوم الملبوس على الثوب و المحرق على النار ثم إذا نظرت إلى كل من هذه المعاني في أنفسها وجدتها غير محكوم عليها بأحكامها فإن معنى المأكول غير مأكول إنما المأكول شيء آخر كالخبز و كذا البواقي و لا يخفى ما فيه
3- يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيد الله عن محمد بن عبد الله و موسى بن عمرو و الحسن بن أبي عثمان عن محمد بن سنان قال سألت الرضا ع عن الاسم ما هو قال صفة لموصوف
بيان أي سمة و علامة تدل على ذات فهي غير الذات أو المعنى أن أسماء الله تعالى تدل على صفات تصدق عليه و يحتمل أن يكون المراد بالاسم هنا ما أشرنا إليه سابقا أي المفهوم الكلي الذي هو موضوع اللفظ
4- ج، ]الإحتجاج[ سئل أبو الحسن علي بن محمد ع عن التوحيد فقيل له لم يزل الله وحده لا شيء معه ثم خلق الأشياء بديعا و اختار لنفسه أحسن الأسماء أو لم تزل الأسماء و الحروف معه قديمة فكتب لم يزل الله موجودا ثم كون ما أراد لا راد لقضائه و لا معقب لحكمه تاهت أوهام المتوهمين و قصر طرف الطارفين و تلاشت أوصاف الواصفين و اضمحلت أقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنه و الوقوع بالبلوغ على علو مكانه فهو بالموضع الذي لا يتناهى و بالمكان الذي لم تقع عليه الناعتون بإشارة و لا عبارة هيهات هيهات
5- يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن علي بن العباس عن يزيد بن عبد الله عن الحسن بن سعيد الخزاز عن رجاله عن أبي عبد الله ع قال الله غاية من غياه فالمغيا غير الغاية توحد بالربوبية و وصف نفسه بغير محدودية فالذاكر الله غير الله و الله غير أسماء و كل شيء وقع عليه اسم شيء سواه فهو مخلوق أ لا ترى قوله العزة لله العظمة لله و قال وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها و قال قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فالأسماء مضافة إليه و هو التوحيد الخالص
بيان استدل ع على المغايرة بين الاسم و المسمى بما أضيف إليه من الأسماء فإن الإضافة تدل على المغايرة بين الاسم و المسمى يقال المال لزيد و لا يقال زيد لنفسه و قوله العزة لله العظمة لله يومئ إلى أن المراد بالاسم المفهوم كما مر
6- يد، ]التوحيد[ ابن المتوكل عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن علي بن الحسين بن محمد عن خالد بن يزيد عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله ع قال اسم الله غير الله و كل شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ما خلا الله فأما ما عبرت الألسن عنه أو عملت الأيدي فيه فهو مخلوق و الله غاية من غاياه و المغيا غير الغاية و الغاية موصوفة و كل موصوف مصنوع و صانع الأشياء غير موصوف بحد مسمى لم يتكون فتعرف كينونته بصنع غيره و لم يتناه إلى غاية إلا كانت غيره لا يزل من فهم هذا الحكم أبدا و هو التوحيد الخالص فاعتقدوه و صدقوه و تفهموه بإذن الله عز و جل و من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك لأن الحجاب و المثال و الصورة غيره و إنما هو واحد موحد فكيف يوحد من زعم أنه عرفه بغيره إنما عرف الله من عرفه بالله فمن لم يعرفه به فليس يعرفه إنما يعرف غيره ليس بين الخالق و المخلوق شيء و الله خالق الأشياء لا من شيء يسمى بأسمائه فهو غير أسمائه و الأسماء غيره و الموصوف غير الواصف فمن زعم أنه يؤمن بما لا يعرف فهو ضال عن المعرفة لا يدرك مخلوق شيئا إلا بالله و لا تدرك معرفة الله إلا بالله و الله خلو من خلقه و خلقه خلو منه و إذا أراد شيئا كان كما أراد بأمره من غير نطق لا ملجأ لعباده مما قضى و لا حجة لهم فيما ارتضى لم يقدروا على عمل و لا معالجة مما أحدث في أبدانهم المخلوقة إلا بربهم فمن زعم أنه يقوى على عمل لم يرده الله عز و جل فقد زعم أن إرادته تغلب إرادة الله تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ
يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن بعض أصحابه عن بكر بن صالح عن علي بن الحسن بن محمد عن خالد عن عبد الأعلى مثله إلى قوله و الأسماء غيره
قال الصدوق رحمه الله معنى ذلك أن من زعم أنه يقوى على عمل لم يرد الله أن يقويه عليه فقد زعم أن إرادته تغلب إرادة الله تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ. بيان قوله اسم شيء أي لفظ الشيء أو هذا المفهوم المركب و الأول أظهر ثم بين المغايرة بأن اللفظ الذي يعبر به الألسن و الخط الذي تعمله الأيدي فظاهر أنه مخلوق قوله و الله غاية من غاياه اعلم أن الغاية تطلق على المدى و النهاية و على امتداد المسافة و على الغرض و المقصود من الشيء و على الراية و العلامة و هذه العبارة تحتمل وجوها الأول أن تكون الغاية بمعنى الغرض و المقصود أي كلمة الجلالة مقصود من جعله مقصودا و ذريعة من جعله ذريعة أي كل من كان له مطلب و عجز عن تحصيله بسعيه يتوسل إليه باسم الله و المغيا بالغين المعجمة و الياء المثناة المفتوحة أي المتوسل إليه بتلك الغاية غير الغاية أو بالياء المكسورة أي الذي جعل لنا الغاية غاية هو غيرها و في بعض النسخ و المعنى بالعين المهملة و النون أي المقصود بذلك التوسل أو المعنى المصطلح غير تلك الغاية التي هي الوسيلة إليه. الثاني أن يكون المراد بالغاية النهاية و بالله الذات لا الاسم أي الرب تعالى غاية آمال الخلق يدعونه عند الشدائد بأسمائه العظام و المغيا بفتح الياء المشددة المسافة ذات الغاية و المراد هنا الأسماء فكأنها طرق و مسالك توصل الخلق إلى الله في حوائجهم و المعنى أن العقل يحكم بأن الوسيلة غير المقصود بالحاجة و هذا لا يلائمه قوله و الغاية موصوفة إلا بتكلف تام. الثالث أن يكون المراد بالغاية العلامة و صحفت غاياه بغاياته أي علامة من علاماته و المعنى أي المقصود أو المغيا أي ذو العلامة غيرها. الرابع أن يكون المقصود أن الحق تعالى غاية أفكار من جعله غاية و تفكر فيه و المعنى المقصود أعني ذات الحق غير ما هو غاية أفكارهم و مصنوع عقولهم إذ غاية ما يصل إليه أفكارهم و يحصل في أذهانهم موصوف بالصفات الزائدة الإمكانية و كل موصوف كذلك مصنوع. الخامس ما صحفه بعض الأفاضل حيث قرأ عانه من عاناه أي الاسم ملابس من لابسه قال في النهاية معاناة الشيء ملابسته و مباشرته أو مهم من اهتم به من قولهم عنيت به فأنا عان أي اهتممت به و اشتغلت أو أسير من أسره و في النهاية العاني الأسير و كل من ذل و استكان و خضع فقد عنا يعنو فهو عان أو محبوس من حبسه و في النهاية و عنوا بالأصوات أي احبسوها و المعنى أي المقصود بالاسم غير العانة أي غير ما نتصوره و نعقله ثم اعلم أنه على بعض التقادير يمكن أن يقرأ و الله بالكسر بأن يكون الواو للقسم. قوله غير موصوف بحد أي من الحدود الجسمانية أو الصفات الإمكانية أو الحدود العقلية و قوله مسمى صفة لحد للتعميم كقوله تعالى لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً و يحتمل أن يكون المراد أنه غير موصوف بالصفات التي هي مدلولات تلك الأسماء و قيل هو خبر بعد خبر أو خبر مبتدإ محذوف. قوله لم يتكون فيعرف كينونته بصنع غيره قيل المراد أنه لم يتكون فيكون محدثا بفعل غيره فتعرف كينونته و صفات حدوثه بصنع صانعه كما تعرف المعلولات بالعلل. أقول لعل المراد أنه غير مصنوع حتى يعرف بالمقايسة إلى مصنوع آخر كما تعرف المصنوعات بمقايسة بعضها إلى بعض فيكون الصنع بمعنى المصنوع و غيره صفة له أو أنه لا يعرف بحصول صورة هي مصنوعة لغيره إذ كل صورة ذهنية مصنوعة للمدرك معلولة له. قوله و لم يتناه أي هو تعالى في المعرفة أو عرفانه أو العارف في عرفانه إلى نهاية إلا كانت تلك النهاية غيره تعالى و مباينة له غير محمولة عليه. قوله ع لا يزل في بعض النسخ بالذال أي ذل الجهل و الضلال من فهم هذا الحكم و عرف سلب جميع ما يغايره عنه و علم أن كل ما يصل إليه أفهام الخلق فهو غيره تعالى. قوله ع و من زعم أنه يعرف الله بحجاب أي بالأسماء التي هي حجب بين الله و بين خلقه و وسائل بها يتوسلون إليه بأن زعم أنه تعالى عين تلك الأسماء أو الأنبياء و الأئمة ع بأن زعم أن الله تعالى اتحد بهم أو بالصفات الزائدة فإنها حجب عن الوصول إلى حقيقة الذات الأحدية أو بصورة أي بأنه ذو صورة كما قالت المشبهة أو بصورة عقلية زعم أنها كنه ذاته و صفاته تعالى أو بمثال أي خيالي أو
بأن جعل له مماثلا و مشابها من خلقه فهو مشرك لما عرفت مرارا من لزوم تركبه تعالى و كونه ذا حقائق مختلفة و ذا أجزاء تعالى الله عن ذلك و يحتمل أن يكون إشارة إلى أنه لا يمكن الوصول إلى حقيقته تعالى بوجه من الوجوه لا بحجاب و رسول يبين ذلك و لا بصورة عقلية و لا خيالية إذ لا بد بين المعرف و المعرف من مماثلة و جهة اتحاد و إلا فليس ذلك الشيء معرفا أصلا و الله تعالى مجرد الذات عن كل ما سواه فحجابه و مثاله و صورته غيره من كل وجه إذ لا مشاركة بينه و بين غيره في جنس أو فصل أو مادة أو موضوع أو عارض و إنما هو واحد موحد فرد عما سواه فإنما يعرف الله بالله إذا نفى عنه جميع ما سواه و كل ما وصل إليه عقله كما مر أنه التوحيد الخالص. و قال بعض المحققين من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال أي بحقيقة من الحقائق الإمكانية كالجسم و النور أو بصفة من صفاتها التي هي عليها كما أسند إلى القائلين بالصورة أو بصفة من صفاتها عند حصولها في العقل كما في قول الفلاسفة في رؤية العقول المفارقة فهو مشرك لأن الحجاب و الصورة و المثال كلها مغايرة له غير محمولة عليه فمن عبد الموصوف بها عبد غيره فكيف يكون موحدا له عارفا به إنما عرف الله من عرفه بذاته و حقيقته المسلوب عنه جميع ما يغايره فمن لم يعرفه به فليس يعرفه إنما يكون يعرف غيره. أقول لا يخفى أن هذا الوجه و ما أوردته سابقا من الاحتمالات التي سمحت بها قريحتي القاصرة لا يخلو كل منها من تكلف و قد قيل فيه وجوه أخر أعرضت عنها صفحا لعدم موافقتها لأصولنا. و الأظهر عندي أن هذا الخبر موافق لما مر و سيأتي في كتاب العدل أيضا من أن المعرفة من صنعه تعالى و ليس للعباد فيها صنع و أنه تعالى يهبها لمن طلبها و لم يقصر فيما يوجب استحقاق إفاضتها و القول بأن غيره تعالى يقدر على ذلك نوع من الشرك في ربوبيته و إلهيته فإن التوحيد الخالص هو أن يعلم أنه تعالى مفيض جميع العلوم و الخيرات و المعارف و السعادات كما قال تعالى ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ فالمراد بالحجاب إما أئمة الضلال و علماء السوء الذين يدعون أنهم يعرفونه تعالى بعقولهم و لا يرجعون في ذلك إلى حجج الله تعالى فإنهم حجب يحجبون الخلق عن معرفته و عبادته تعالى فالمعنى أنه تعالى إنما يعرف بما عرف به نفسه للناس لا بأفكار و عقولهم أو أئمة الحق للناس فأما إفاضة المعرفة و الإيصال إلى البغية فليس إلا من الحق تعالى كما قال سبحانه إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ و يجري في الصورة و المثال ما مر من الاحتمالات. فقوله ع ليس بين الخالق و المخلوق شيء أي ليس بينه تعالى و بين خلقه حقيقة أو مادة مشتركة حتى يمكنهم معرفته من تلك الجهة بل أوجدهم لا من شيء كان قوله ع غير الواصف يحتمل أن يكون المراد بالواصف الاسم الذي يصف الذات بمدلوله قوله ع فمن زعم أنه يؤمن بما لا يعرف أي لا يؤمن أحد بالله إلا بعد معرفته و المعرفة لا يكون إلا منه تعالى فالتعريف من الله و الإيمان و الإذعان و عدم الإنكار من الخلق و يحتمل أن يكون المراد على بعض الوجوه السابقة بيان أنه و إن لم يعرف بالكنه لكن لا يمكن الإيمان به إلا بعد معرفته بوجه من الوجوه فيكون المقصود نفي التعطيل و الأول أظهر و هذه الفقرات كلها مؤيدة للمعنى الأخير كما لا يخفى لمن تأمل فيها ثم بين ع كون الأشياء إنما يحصل بمشيئته تعالى و أن إرادة الخلق لا يغلب إرادته تعالى كما سيأتي تحقيقه في كتاب العدل و الله الموفق
7- يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن الصفار عن اليقطيني عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن غير واحد عن أبي عبد الله ع قال من عبد الله بالتوهم فقد كفر و من عبد الاسم و لم يعبد المعنى فقد كفر و من عبد الاسم و المعنى فقد أشرك و من عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي يصف بها نفسه فعقد عليه قلبه و نطق به لسانه في سر أمره و علانيته فأولئك أصحاب أمير المؤمنين ع و في حديث آخر أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا
إيضاح قوله من عبد الله بالتوهم أي من غير أن يكون على يقين في وجوده تعالى و صفاته أو بأن يتوهمه محدودا مدركا بالوهم فقد كفر لأن الشك كفر و لأن كل محدود و مدرك بالوهم غيره سبحانه فمن عبده كان عابدا لغيره فهو كافر و قوله ع و من عبد الاسم أي الحروف أو المفهوم الوصفي له دون المعنى أي المعبر عنه بالاسم فقد كفر لأن الحروف و المفهوم غير الواجب الخالق للكل تعالى شأنه
8- يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الكليني عن علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن يزيد عن ابن البطائني عن إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى خلق اسما بالحروف غير منعوت و باللفظ غير منطق و بالشخص غير مجسد و بالتشبيه غير موصوف و باللون غير مصبوغ منفي عنه الأقطار مبعد عنه الحدود محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل الآخر فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها و حجب واحدا منها و هو الاسم المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة التي أظهرت فالظاهر هو الله و تبارك و سبحان لكل اسم من هذه أربعة أركان فذلك اثنا عشر ركنا ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها فهو الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْحَكِيمُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ المقتدر الْقادِرُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْبارِئُ المنشئ البديع الرفيع الجليل الكريم الرازق المحيي المميت الباعث الوارث فهذه الأسماء و ما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاثمائة و ستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة و هذه الأسماء الثلاثة أركان و حجب للاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة و ذلك قوله عز و جل قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى
بيان اعلم أن هذا الخبر من متشابهات الأخبار و غوامض الأسرار التي لا يعلم تأويلها إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ و السكوت عن تفسيره و الإقرار بالعجز عن فهمه أصوب و أولى و أحوط و أحرى و لنذكر وجها تبعا لمن تكلم فيه على سبيل الاحتمال فنقول أسماء في بعض النسخ بصيغة الجمع و في بعضها بصورة المفرد و الأخير أظهر و الأول لعله مبني على أنه مجزى بأربعة أجزاء كل منها اسم فلذا أطلق عليه صيغة الجمع و قوله بالحروف غير منعوت و في بعض النسخ كما في الكافي غير متصوت و كذا ما بعده من الفقرات تحتمل كونها حالا عن فاعل خلق و عن قوله اسما و يؤيد الأول ما في أكثر نسخ التوحيد خلق اسما بالحروف و هو عز و جل بالحروف غير منعوت فيكون المقصود بيان المغايرة بين الاسم و المسمى بعدم جريان صفات الاسم بحسب ظهوراته النطقية و الكتبية فيه تعالى و أما على الثاني فلعله إشارة إلى حصوله في علمه تعالى فيكون الخلق بمعنى التقدير و العلم و هذا الاسم عند حصوله في العلم الأقدس لم يكن ذا صوت و لا ذا صورة و لا ذا شكل و لا ذا صبغ و يحتمل أن يكون إشارة إلى أن أول خلقه كان بالإفاضة على روح النبي ص و أرواح الأئمة ع بغير نطق و صبغ و لون و خط بقلم. و لنرجع إلى تفصيل كل من الفقرات و توضيحها فعلى الأول قوله غير متصوت إما على البناء للفاعل أي لم يكن خلقها بإيجاد حرف و صوت أو على البناء للمفعول أي هو تعالى ليس من قبيل الأصوات و الحروف حتى يصلح كون الاسم عينه تعالى لكن الظاهر من كلام اللغويين أن تصوت لازم فيكون على البناء للفاعل بالمعنى الثاني فيؤيد الوجه الأول. و قوله ع و باللفظ غير منطق بفتح الطاء أي ناطق أو أنه غير منطوق باللفظ كالحروف ليكون من جنسها أو بالكسر أي لم يجعل الحروف ناطقة على الإسناد المجازي كقوله تعالى هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ و هذا التوجيه يجري في الثاني من احتمالي الفتح و تطبيق تلك الفقرات على الاحتمال الثاني و هو كونها حالا عن الاسم بعد ما ذكرنا ظاهر و كذا تطبيق الفقرات الآتية على الاحتمالين. قوله ع مستتر غير مستور أي كنه حقيقته مستور عن الخلق مع أنه من حيث الآثار أظهر من كل شيء أو مستتر بكمال ذاته من غير ستر و حاجب أو أنه غير مستور عن الخلق بل هو في غاية الظهور و النقص إنما هو من قبلنا و يجري نظير الاحتمالات في الثاني و يحتمل على الثاني أن يكون المراد أنه مستور عن الخلق غير مستور عنه تعالى. و أما تفصيل الأجزاء و تشعب الأسماء فيمكن أن يقال إنه لما كان كنه ذاته تعالى مستورا عن عقول جميع الخلق فالاسم الدال عليه ينبغي أن يكون مستورا عنهم فالاسم الجامع هو الاسم الذي يدل على كنه الذات مع جميع الصفات الكمالية و لما
كانت أسماؤه تعالى ترجع إلى أربعة لأنها إما أن تدل على الذات أو الصفات الثبوتية الكمالية أو السلبية التنزيهية أو صفات الأفعال فجزأ ذلك الاسم الجامع إلى أربعة أسماء جامعة واحدة منها للذات فقط فلما ذكرنا سابقا استبد تعالى به و لم يعطه خلقه و ثلاثة منها تتعلق بالأنواع الثلاثة من الصفات فأعطاها خلقه ليعرفوه بها بوجه من الوجوه فهذه الثلاثة حجب و وسائط بين الخلق و بين هذا الاسم المكنون إذ بها يتوسلون إلى الذات و إلى الاسم المختص بها و لما كانت تلك الأسماء الأربعة مطوية في الاسم الجامع على الإجمال لم يكن بينها تقدم و تأخر و لذا قال ليس منها واحد قبل الآخر و يمكن أن يقال على بعض المحتملات السابقة أنه لما كان تحققها في العلم الأقدس لم يكن بينها تقدم و تأخر في الوجود كما يكون في تكلم الخلق و الأول أظهر. ثم بين الأسماء الثلاثة فأولها الله و هو الدال على النوع الأول لكونه موضوعا للذات المستجمع للصفات الذاتية الكمالية و الثاني تبارك لأنه من البركة و النمو و هو إشارة إلى أنه معدن الفيوض و منبع الخيرات التي لا تتناهى و هو رئيس جميع الصفات الفعلية من الخالقية و الرازقية و المنعمية و سائر ما هو منسوب إلى الفعل كما أن الأول رئيس الصفات الوجودية من العلم و القدرة و غيرهما و لما كان المراد بالاسم كل ما يدل على ذاته و صفاته تعالى أعم من أن يكون اسما أو فعلا أو جملة لا محذور في عد تبارك من الأسماء و الثالث هو سبحان الدال على تنزيهه تعالى عن جميع النقائص فيندرج فيه و يتبعه جميع الصفات السلبية و التنزيهية هذا على نسخه التوحيد و في الكافي هو الله تبارك و تعالى و سخر لكل اسم فلعل المراد أن الظاهر بهذه الأسماء هو الله تعالى و هذه الأسماء إنما جعلها ليظهر بها على الخلق فالمظهر هو الاسم و الظاهر به هو الرب سبحانه. ثم لما كان لكل من تلك الأسماء الثلاثة الجامعة شعب أربع ترجع إليها جعل لكل منها أربعة أركان هي بمنزلة دعائمه فأما الله فلدلالته على الصفات الكمالية الوجودية له أربع دعائم و هي وجوب الوجود المعبر عنه بالصمدية و القيومية و العلم و القدرة و الحياة أو مكان الحياة اللطف أو الرحمة أو العزة و إنما جعلت هذه الأربعة أركان لأن سائر الصفات الكمالية إنما ترجع إليها كالسميع و البصير و الخبير مثلا فإنها راجعة إلى العلم و العلم يشملها و هكذا. و أما تبارك فله أركان أربعة هي الإيجاد و التربية في الدارين و الهداية في الدنيا و المجازاة في الآخرة أي الموجد أو الخالق و الرب و الهادي و الديان و يمكن إدخال الهداية في التربية و جعل المجازاة ركنين الإثابة و الانتقام و لكل منها شعب من أسماء الله الحسنى كما لا يخفى بعد التأمل و التتبع. و أما سبحانه فله أربعة أركان لأنه إما تنزيه الذات عن مشابهة الممكنات أو تنزيهه عن إدراك الحواس و الأوهام و العقول أو تنزيه صفاته عما يوجب النقص أو تنزيه أفعاله عما يوجب الظلم و العجز و النقص و يحتمل وجها آخر و هو تنزيهه عن الشريك و الأضداد و الأنداد و تنزيهه عن المشاكلة و المشابهة و تنزيهه عن إدراك العقول و الأوهام و تنزيهه عما يوجب النقص و العجز من التركب و الصاحبة و الولد و التغيرات و العوارض و الظلم و الجور و الجهل و غير ذلك و ظاهر أن لكل منها شعبا كثيرة فجعل ع شعب كل منها ثلاثين و ذكر بعض أسمائه الحسنى على التمثيل و أجمل الباقي و يحتمل على ما في الكافي أن تكون الأسماء الثلاثة ما يدل على وجوب الوجود و العلم و القدرة و الاثنا عشر ما يدل على الصفات الكمالية و التنزيهية التي تتبع تلك الصفات و المراد بالثلاثين صفات الأفعال التي هي آثار تلك الصفات الكمالية و يؤيده قوله فعلا منسوبا إليها و على الأول يكون المعنى أنها من توابع تلك الصفات فكأنها من فعلها هذا ما خطر ببالي في حل هذا الخبر و إنما أوردته على سبيل الاحتمال من غير تعيين لمراد المعصوم ع و لعله أظهر الاحتمالات التي أوردها أقوام على وفق مذاهبهم المختلفة و طرائقهم المتشتتة و إنما هداني إلى ذلك ما أورده ذريعتي إلى الدرجات العلى و وسيلتي إلى مسالك الهدى بعد أئمة الورى ع أعني والدي العلامة قدس الله روحه في شرح هذا الخبر على ما في الكافي حيث قال الذي يخطر
بالبال في تفسير هذا الخبر على الإجمال هو أن الاسم الأول كان اسما جامعا للدلالة على الذات و الصفات و لما كان معرفة الذات محجوبة عن غيره تعالى جزأ ذلك الاسم على أربعة أجزاء و جعل الاسم الدال على الذات محجوبا عن الخلق و هو الاسم الأعظم باعتبار و الدال على المجموع اسم أعظم باعتبار آخر و يشبه أن يكون الجامع هو الله و الدال على الذات فقط هو و تكون المحجوبية باعتبار عدم التعيين كما قيل إن الاسم الأعظم داخل في جملة الأسماء المعروفة و لكنها غير معينة لنا و يمكن أن يكون غيرها و الأسماء التي أظهرها الله للخلق على ثلاثة أقسام. منها ما يدل على التقديس مثل العلي العظيم العزيز الجبار المتكبر و منها ما يدل على علمه تعالى و منها ما يدل على قدرته تعالى و انقسامه كل واحد منها إلى أربعة أقسام بأن يكون التنزيه إما مطلقا أو للذات أو الصفات أو الأفعال و يكون ما يدل على العلم إما لمطلق العلم أو للعلم بالجزئيات كالسميع و البصير أو الظاهر أو الباطن و ما يدل على القدرة إما للرحمة الظاهرة أو الباطنة أو الغضب ظاهرا أو باطنا أو ما يقرب من ذلك التقسيم و الأسماء المفردة على ما ورد في القرآن و الأخبار يقرب من ثلاثمائة و ستين اسما ذكرها الكفعمي في مصباحه فعليك جمعها و التدبر في ربط كل منها بركن من تلك الأركان انتهى كلامه رفع الله مقامه. أقول بعض الناظرين في هذا الخبر جعل الاثني عشر كناية عن البروج الفلكية و الثلاثمائة و الستين عن درجاتها و لعمري لقد تكلف بأبعد مما بين السماء و الأرض و منهم من جعل الاسم كناية عن مخلوقاته تعالى و الاسم الأول الجامع عن أول مخلوقاته و بزعم القائل هو العقل و جعل ما بعد ذلك كناية عن كيفية تشعب المخلوقات و تعدد العوالم و كفى ما أومأنا إليه للاستغراب و ذكرها بطولها يوجب الإطناب. قوله و ذلك قوله عز و جل استشهاد بأن له تعالى أسماء حسنى و أنه إنما وضعها ليدعوه الخلق بها فقال تعالى قل ادعوه تعالى بالله أو بالرحمن أو بغيرهما فالمقصود واحد و هو الرب و له أسماء حسنى كل منها يدل على صفة من صفاته المقدسة فأيا ما تدعو فهو حسن قيل نزلت الآية حين سمع المشركون رسول الله ص يقول
يا الله يا رحمان فقالوا إنه ينهانا أن نعبد إلهين و هو يدعو إلها آخر و قالت اليهود إنك لتقل ذكر الرحمن و قد أكثره الله في التوراة فنزلت الآية ردا لما توهموا من التعدد أو عدم الإتيان بذكر الرحمن
باب 2- معاني الأسماء و اشتقاقها و ما يجوز إطلاقه عليه تعالى و ما لا يجوز
1- ل، ]الخصال[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبي عن سعد عن إبراهيم بن هاشم عن أحمد بن سليمان قال سأل رجل أبا الحسن ع و هو في الطواف فقال له أخبرني عن الجواد فقال إن لكلامك وجهين فإن كنت تسأل عن المخلوق فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عز و جل عليه و البخيل من بخل بما افترض الله عليه و إن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى و هو الجواد إن منع لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له و إن منع منع ما ليس له
مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن البرقي عن أبيه عن أبي الجهم عن موسى بن بكر عن أحمد بن سلمة مثله إلا أن فيه ما افترض الله عليه و إن كنت تسأل عن الخالق لأنه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك و إن منعك منعك ما ليس لك
بيان لعل المراد أن المخلوق إنما يوصف بالبخل إن منع لأنه لا يؤدي ما فرض الله عليه من حقوق الخلق و أما الله سبحانه فلا يوصف بالبخل إن منع لأنه ليس لأحد حق على الله فالمراد بقوله إنه جواد أن مع أنه ليس ببخيل أو أنه جواد من حيث عطاياه الغير المتناهية الأخر و هذا المنع لا ينافي جوده لعدم لزومه عليه و يحتمل أن يكون المراد بقوله ما ليس له أخيرا غير ما هو المراد به أولا أي ما لا يستحق التفضل عليه به و ليس صلاحه في إعطائه فجوده من جهة هذا المنع أيضا ثابت لأن إعطاء ما يضر السائل ليس بجود بل منعه عنه عين الجود
2- يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ماجيلويه عن علي بن إبراهيم عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن ع قال سمعته يقول في الله عز و جل هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الواحد الأحد الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ منشئ الأشياء و مجسم الأجسام و مصور الصور لو كان كما يقولون لم يعرف الخالق من المخلوق و لا المنشئ من المنشإ فرق بين من جسمه و صوره و أنشأه إذ كان لا يشبهه شيء و لا يشبه هو شيئا قلت أجل جعلني الله فداك لكنك قلت الأحد الصمد و قلت لا يشبه شيئا و الله واحد و الإنسان واحد أ ليس قد تشابهت الوحدانية قال يا فتح أحلت ثبتك الله إنما التشبيه في المعاني فأما في الأسماء فهي واحدة و هي دلالة على المسمى و ذلك أن الإنسان و إن قيل واحد فإنما يخبر أنه جثة واحدة و ليس باثنين فالإنسان نفسه ليس بواحد لأن أعضاءه مختلفة و ألوانه مختلفة كثيرة غير واحدة و هو أجزاء مجزأ ليست بسواء دمه غير لحمه و لحمه غير دمه و عصبه غير عروقه و شعره غير بشره و سواده غير بياضه و كذلك سائر الخلق فالإنسان واحد في الاسم لا واحد في المعنى و الله جل جلاله واحد لا واحد غيره لا اختلاف فيه و لا تفاوت و لا زيادة و نقصان فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة و جواهر شتى غير أنه بالاجتماع شيء واحد قلت جعلت فداك فرجت عني فرج الله عنك فقولك اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فسره لي كما فسرت الواحد فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل غير أني أحب أن تشرح ذلك لي فقال يا فتح إنما قلنا اللطيف للخلق اللطيف و لعلمه بالشيء اللطيف و غير اللطيف و في الخلق اللطيف من الحيوان الصغار من البعوض و الجرجس و ما هو أصغر منهما ما لا يكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى و الحدث المولود من القديم فلما رأينا صغر ذلك في لطفه و اهتدائه للسفاد و الهرب و من الموت و الجمع لما يصلحه مما في لجج البحار و ما في لحاء الأشجار و المفاوز و القفار و فهم بعضها عن بعض منطقها و ما يفهم به أولادها عنها و نقلها الغذاء إليها ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة و بياضا مع خضرة و ما لا تكاد عيوننا تستبينه بتمام خلقها و لا تراه عيوننا و لا تلمسه أيدينا علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف لطف في خلق ما سميناه بلا علاج و لا أداة و لا آلة و أن كل صانع شيء فمن شيء صنع و الله الخالق اللطيف الجليل خلق و صنع لا من شيء
يد، ]التوحيد[ الدقاق عن محمد الأسدي عن البرمكي عن الحسين بن الحسن بن بردة عن العباس بن عمرو الفقيمي عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد العلوي عن الفتح بن يزيد الجرجاني مثله مع زيادات و تغييرات أوردناه في باب جوامع التوحيد توضيح أبو الحسن هو الرضا ع كما يظهر من الكليني و يحتمل الهادي ع حيث عد الشيخ رحمه الله الفتح من أصحابه و الأول أظهر قوله ع مجسم الأجسام أي خالقها أو معطي ماهياتها على القول بجعلها قوله فرق إما فعل أو اسم أي الفرق حاصل بينه و بين من جسمه قوله ع أحلت أي أتيت بالمحال قوله ع إنما التشبيه في المعاني أي التشبيه الممنوع منه إنما هو تشبيه معنى حاصل فيه تعالى بمعنى حاصل للخلق لا محض إطلاق لفظ واحد عليه تعالى و على الخلق بمعنيين متغايرين أو المعنى أنه ليس لتشبيه في كنه الحقيقة و الذات و إنما التشبيه في المفهومات الكلية التي هي مدلولات الألفاظ و تصدق عليه تعالى كما مر تحقيقه. قوله ع فأما في الأسماء فهي واحدة أي الأسماء التي تطلق عليه تعالى و على الخلق واحدة لكنها لا توجب التشابه إذ الأسماء دالة على المسميات و ليست عينها حتى يلزم الاشتراك في حقيقة الذات و الصفات ثم بين ع عدم كون التشابه في المعنى في اشتراك لفظ الواحد بأن الوحدة في المخلوق هي الوحدة الشخصية التي تجتمع مع أنواع التكثرات و ليست إلا تألف أجزاء و اجتماع أمور متكثرة و وحدته سبحانه هي نفي الكثرة و التجزؤ و التعدد عنه مطلقا. قوله ع فأما الإنسان يحتمل أن يكون كل من المخلوق و المصنوع و المؤلف و الظرف خبرا و إن كان الأول أظهر قوله للفصل أي للفرق الظاهر بينه و بين خلقه قوله في لطفه أي مع لطف ذلك المخلوق أو بسبب لطفه تعالى قوله بتمام في بعض النسخ لدمامة بالمهملة و هي الحقارة
3- يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيد الله عن محمد بن عبد الله و موسى بن عمرو و الحسن بن علي بن أبي عثمان عن محمد بن سنان قال سألت أبا الحسن الرضا ع هل كان الله عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق قال نعم قلت يراها و يسمعها قال ما كان محتاجا إلى ذلك لأنه لم يكن يسألها و لا يطلب منها هو نفسه و نفسه هو قدرته نافذة فليس يحتاج إلى أن يسمي نفسه و لكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف فأول ما اختار لنفسه العلي العظيم لأنه أعلى الأسماء كلها فمعناه الله و اسمه الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ و هو أول أسمائه لأنه علي علا كل شيء
ج، ]الإحتجاج[ مرسلا مثله
4- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ماجيلويه عن عمه عن أبي سمينة عن محمد بن عبد الله الخراساني قال دخل رجل من الزنادقة على الرضا ع فقال في جملة ما سأل فأخبرني عن قولكم إنه لطيف و سميع و بصير و عليم و حكيم أ يكون السميع إلا بالأذن و البصير إلا بالعين و اللطيف إلا بعمل اليدين و الحكيم إلا بالصنعة فقال أبو الحسن ع إن اللطيف منا على حد اتخاذ الصنعة أ و ما رأيت الرجل يتخذ شيئا يلطف في اتخاذه فيقال ما ألطف فلانا فكيف لا يقال للخالق الجليل لطيف إذ خلق خلقا لطيفا و جليلا و ركب في الحيوان منه أرواحها و خلق كل جنس متبائنا من جنسه في الصورة و لا يشبه بعضه بعضا فكل له لطف من الخالق اللطيف الخبير في تركيب صورته ثم نظرنا إلى الأشجار و حملها أطايبها المأكولة منها و غير المأكولة فقلنا عند ذلك أن خالقنا لطيف لا كلطف خلقه في صنعتهم و قلنا إنه سميع لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش إلى الثرى من الذرة إلى أكبر منها في برها و بحرها و لا تشتبه عليه لغاتها فقلنا عند ذلك إنه سميع لا بأذن و قلنا إنه بصير لا ببصر لأنه يرى أثر الذرة السحماء في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء و يرى دبيب النمل في الليلة الدجنة و يرى مضارها و منافعها و أثر سفادها و فراخها و نسلها فقلنا عند ذلك إنه بصير لا كبصر خلقه قال فما برح حتى أسلم
ج، ]الإحتجاج[ مرسلا مثله
5- يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الدقاق عن الكليني عن علان عن محمد بن عيسى عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا ع أنه قال اعلم علمك الله الخير أن الله تبارك و تعالى قديم و القدم صفة دلت العاقل على أنه لا شيء قبله و لا شيء معه في ديموميته فقد بان لنا بإقرار العامة معجزة الصفة أنه لا شيء قبل الله و لا شيء مع الله في بقائه و بطل قول من زعم أنه كان قبله شيء أو كان معه شيء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنه لم يزل معه فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه و لو كان قبله شيء كان الأول ذلك الشيء لا هذا و كان الأول أولى بأن يكون خالقا للأول الثاني ثم وصف نفسه تبارك و تعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم و تعبدهم و ابتلاهم إلى أن يدعوه بها فسمى نفسه سميعا بصيرا قادرا قاهرا حيا قيوما ظاهرا باطنا لطيفا خبيرا قويا عزيزا حكيما عليما و ما أشبه هذه الأسماء فلما رأى ذلك من أسمائه الغالون المكذبون و قد سمعونا نحدث عن الله أنه لا شيء مثله و لا شيء من الخلق في حاله قالوا أخبرونا إذ زعمتم أنه لا مثل لله و لا شبه له كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها فإن في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دون بعض إذ قد جمعتكم الأسماء الطيبة قيل لهم إن الله تبارك و تعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني و ذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين و الدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم السائغ و هو الذي خاطب الله عز و جل به الخلق فكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوا و قد يقال للرجل كلب و حمار و ثور و سكرة و علقمة و أسد كل ذلك على خلافه لأنه لم تقع الأسماء على معانيها التي كانت بنيت عليها لأن الإنسان ليس بأسد و لا كلب فافهم ذلك رحمك الله و إنما تسمى الله بالعالم لغير علم حادث علم به الأشياء و استعان به على حفظ ما يستقبل من أمره و الروية فيما يخلق من خلقه و يفنيه مما مضى مما أفنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم و يغيبه كان جاهلا ضعيفا كما أنا رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا قبله جهلة و ربما فارقهم العلم بالأشياء فصاروا إلى الجهل و إنما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا فقد جمع الخالق و المخلوق اسم العلم و اختلف المعنى على ما رأيت و سمي ربنا سميعا لا بجزء فيه يسمع به الصوت لا يبصر به
كما أن جزءنا الذي نسمع به لا نقوى على النظر به و لكنه عز و جل أخبر أنه لا تخفى عليه الأصوات ليس على حد ما سمينا به نحن فقد جمعنا الاسم بالسميع و اختلف المعنى و هكذا البصير لا بجزء به أبصر كما أنا نبصر بجزء منا لا ننتفع به في غيره و لكن الله بصير لا يجهل شخصا منظورا إليه فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و هو قائم ليس على معنى انتصاب و قيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء و لكنه أخبر أنه قائم يخبر أنه حافظ كقول الرجل القائم بأمرنا فلان و هو عز و جل القائم عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ و القائم أيضا في كلام الناس الباقي و القائم أيضا يخبر عن الكفاية كقولك للرجل قم بأمر فلان أي اكفه و القائم منا قائم على ساق فقد جمعنا الاسم و لم يجمعنا المعنى و أما اللطيف فليس على قلة و قضافة و صغر و لكن ذلك على النفاذ في الأشياء و الامتناع من أن يدرك كقولك لطف عني هذا الأمر و لطف فلان في مذهبه و قوله يخبرك أنه غمض فبهر العقل و فات الطلب و عاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم فهكذا لطف الله تبارك و تعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف و اللطافة منا الصغر و القلة فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و أما الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء و لا يفوته ليس للتجربة و لا للاعتبار بالأشياء فتفيده التجربة و الاعتبار علما لولاهما ما علم لأن من كان كذلك كان جاهلا و الله لم يزل خبيرا بما يخلق و الخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم و قد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و أما الظاهر فليس من أجل أنه علا الأشياء بركوب فوقها و قعود عليها و تسنم لذراها و لكن ذلك لقهره و لغلبته الأشياء و قدرته عليها كقول الرجل ظهرت على أعدائي و أظهرني الله على خصمي يخبر عن الفلج و الغلبة فهكذا ظهور الله على الأشياء و وجه آخر أنه الظاهر لمن أراده لا يخفى عليه شيء و أنه مدبر لكل ما يرى فأي ظاهر أظهر و أوضح أمرا من الله تبارك و تعالى فإنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت و فيك من آثاره ما يغنيك و الظاهر منا البارز بنفسه و المعلوم بحده فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و أما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها و لكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما و حفظا و تدبيرا كقول القائل أبطنته يعني خبرته و علمت مكتوم سره و الباطن منا بمعنى الغائر في الشيء المستتر فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و أما القاهر فإنه ليس على علاج و نصب و احتيال و مداراة و مكر كما يقهر العباد بعضهم بعضا فالمقهور منهم يعود قاهرا و القاهر يعود مقهورا و لكن ذلك من الله تبارك و تعالى على أن جميع ما خلق متلبس به الذل لفاعله و قلة الامتناع لما أراد به لم يخرج منه طرفة عين غير أنه يقول له كن فيكون فالقاهر منا على ما ذكرت و وصفت فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و هكذا جميع الأسماء و إن كنا لم نسمها كلها فقد تكتفي للاعتبار بما ألقينا إليك و الله عوننا و عونك في إرشادنا و توفيقنا
ج، ]الإحتجاج[ مرسلا من قوله إنما نسمي الله تعالى بالعالم إلى قوله و الباطن منا الغائر في الشيء المستتر فيه فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى قال و هكذا جميع الأسماء و إن كنا لم نسمها كلها
توضيح الإقرار إما من أقر بالحق إذا اعترف به أو من أقر الحق في مكانه فاستقر هو فقوله ع معجزة الصفة على الأول منصوب بنزع الخافض و على الثاني منصوب على المفعولية و المعجزة اسم فاعل من أعجزته بمعنى وجدته عاجزا أو جعلته عاجزا أو من أعجزه الشيء بمعنى فاته و إضافتها إلى الصفة و المراد بها القدم من إضافة الصفة إلى الموصوف و إنما وصفها بالإعجاز لأنها تجدهم أو تجعلهم لنباهة شأنها عاجزين عن إدراكهم كنهها أو عن اتصافهم بها أو عن إنكارهم لها أو لأنها تفوتهم و هم فاقدون لها و يحتمل أن تكون المعجزة مصدر عجز عن الشيء عجزا أو معجزة بفتح الميم و كسر الجيم و فتحها أي إقرارهم بعجزهم عن الاتصاف بتلك الصفة و يمكن أن يقرأ على بناء المفعول بأن يكون حالا عن العامة أو صفة لها أي بإقرارهم موصوفين بالعجز عن ترك الإقرار أو الحال أن صفة القدم أعجزتهم و ألجأتهم إلى الإقرار فالمقر به و المبين شيء واحد و هو قوله إنه لا شيء قبل الله قال بعض الأفاضل المراد بقوله إقرار العامة إذعانهم أو الإثبات و على الأول متعلق الإذعان إما معجزة الصفة بحذف الصلة أو محذوف أي إقرار العامة بأنه خالق كل شيء و معجزة الصفة صفة للإقرار أو بدل عنه أي إقرار العامة بأنه خالق كل شيء معجزة الصفة أي صفة الخالقية لكل شيء أو صفة القدم لا يسع أحدا أن ينكره و أما على الثاني فمعجزة الصفة مفعول الإقرار أو صفة للإقرار أو بدل عنه و المفعول محذوف و على تقدير كونه مفعولا فمعجزة الصفة من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الصفة التي هي معجزة لهم عن أن لا يثبتوا له خالقية كل شيء أو المعجزة بمعناه المتعارف و الإضافة لامية أي إثباتهم الخالقية للكل معجزة هذه الصفة حيث لا يسعهم أن ينكروها و إن أرادوا الإنكار و يحتمل أن يكون معجزة الصفة فاعل بأن و يكون قوله إنه لا شيء قبل الله بيانا أو بدلا لمعجزة الصفة انتهى. أقول لا يخفى أنه يدل على أنه لا قديم سوى الله و على أن التأثير لا يعقل إلا في الحادث و أن القدم مستلزم لوجوب الوجود. قوله ع ثم وصف أي سمى نفسه بأسماء بالتنوين دعاء الخلق بالنصب أي لدعائهم و يحتمل إضافة الأسماء إلى الدعاء و الأظهر أنه على صيغة الفعل و قوله إلى أن يدعوه متعلق به أو بالابتلاء أيضا على التنازع لكن في أكثر نسخ الكليني مهموز قوله ع و ابتلاهم أي بالمصائب و الحوائج و ألجأهم إلى أن يدعوه بتلك الأسماء قوله ع و الدليل على ذلك أي على إطلاق اللفظ الواحد على المعنيين المختلفين و القول السائغ هو ما فسره ع بقوله و قد يقال و العلقم شجر مر و يقال للحنظل و لكل شيء مر علقم قوله ع على خلافه أي على خلاف موضوعه الأصلي قوله ع و يفنيه مما مضى كذا في بعض نسخ الكتابين فهو عطف على يخلق و في بعض نسخ ن تفيته ما مضى أي إفناؤها و في بعض نسخ يد تقفيه ما مضى مما أفنى أي جعل بعض ما يفنى في قفاء ما مضى أي يكون مستحضرا لما مضى مما أعدمه سابقا حتى يفنى ما يفنى بعده على طريقته و على التقديرين معطوف على الموصول قوله ع لا بجزء في في لا بخرت في المواضع
و هو بالفتح و الضم الثقب في الأذن و غيرها و الكبد بالتحريك المشقة و التعب و القضافة بالقاف و الضاد المعجمة ثم الفاء الدقة و النحافة. قوله ع فبهر العقل أي غلبه فلا يصل العقل إليه و يمكن أن يقرأ على البناء المجهول و في في فيه العقل و فات الطلب أي و فات ذلك الشيء عن الطلب فلا يدركه الطلب أو فات عن العقل الطلب فلا يمكنه طلبه و يحتمل على هذا أن يكون الطلب بمعنى المطلوب و عاد أي العقل أو الوهم على التنازع أو ذلك الشيء فالمراد أنه صار ذا عمق و لطافة و دقة لا يدركه الوهم لبعد عمقه و غاية دقته و سنام كل شيء أعلاه و منه تسنمه أي علاه و الذري بضم الذال المعجمة و كسرها جمع الذروة بهما و هي أيضا أعلى الشيء. قوله ع لا يخفى عليه شيء يحتمل إرجاع الضمير المجرور إلى الموصول أي لا يخفى على من أراد معرفة شيء من أموره من وجوده و علمه و قدرته و حكمته و على تقدير إرجاعه إليه تعالى لعله ذكر استطرادا أو إنما ذكر لأنه مؤيد لكونه مدبرا لكل شيء أو لأنه مسبب عن عليه كل شيء أو لأن ظهوره لكل شيء و ظهور كل شيء له مسببان عن تجرده تعالى و يحتمل أن يكون وجها آخر لإطلاق الظاهر عليه تعالى لأن في المخلوقين لما كان المطلع على شيء حاضرا عنده ظاهرا له جاز أن يعبر عن هذا المعنى بالظهور و العلاج العمل و المزاولة بالجوارح
6- يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن ابن عيسى و سلمة بن الخطاب عن القاسم عن جده عن أبي الحسن موسى ع قال سئل عن معنى الله عز و جل فقال استولى على ما دق و جل
بيان لعله من باب تفسير الشيء بلازمه فإن معنى الإلهية يلزمه الاستيلاء على جميع الأشياء دقيقها و جليلها و قيل السؤال إنما كان عن مفهوم الاسم و مناطه فأجاب ع بأن الاستيلاء على جميع الأشياء مناط المعبودية بالحق لكل شيء
7- يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ المفسر بإسناده إلى أبي محمد ع قال الله هو الذي يتأله إليه عند الحوائج و الشدائد كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من كل من دونه و تقطع الأسباب من جميع من سواه
أقول تمامه في كتاب القرآن في تفسير سورة الفاتحة
8- يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن محمد بن حكيم عن ميمون البان قال سمعت أبا عبد الله ع و قد سئل عن قوله جل و عز هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ فقال الأول لا عن أول قبله و لا عن بدء سبقه و آخر لا عن نهاية كما يعقل من صفات المخلوقين و لكن قديم أول آخر لم يزل و لا يزال بلا بدء و لا نهاية لا يقع عليه الحدوث و لا يحول من حال إلى حال خالق كل شيء
9- يد، ]التوحيد[ ابن إدريس عن أبيه عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن فضيل بن عثمان عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ و قلت أما الأول فقد عرفناه و أما الآخر فبين لنا تفسيره فقال إنه ليس شيء إلا يبيد أو يتغير أو يدخله التغير و الزوال أو ينتقل من لون إلى لون و من هيئة إلى هيئة و من صفة إلى صفة و من زيادة إلى نقصان و من نقصان إلى زيادة إلا رب العالمين فإنه لم يزل و لا يزال واحدا هو الأول قبل كل شيء و هو الآخر على ما لم يزل لا تختلف عليه الصفات و الأسماء كما تختلف على غيره مثل الإنسان الذي يكون ترابا مرة و مرة لحما و مرة دما و مرة رفاتا و رميما و كالتمر الذي يكون مرة بلحا و مرة بسرا و مرة رطبا و مرة تمرا فيتبدل عليه الأسماء و الصفات و الله عز و جل بخلاف ذلك
بيان يبيد أي يهلك و الرفات المتكسر من الأشياء اليابسة و الرميم ما بلي من العظام و البلح محركة ما بين الخلال و البسر قال الجوهري البلح قبل البسر لأن أول التمر طلع ثم خلال ثم بلح ثم رطب. أقول الغرض أن دوام الجنة و النار و أهلهما و غيرها لا ينافي آخريته تعالى و اختصاصها به فإن هذه الأشياء دائما في التغير و التبدل و في معرض الفناء و الزوال و هو تعالى باق من حيث الذات و الصفات أزلا و أبدا من حيث لا يلحقه تغير أصلا فكل شيء هالك و فان إلا وجهه تعالى
10- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ الرَّحْمنُ قال الإمام ع الرحمن العاطف على خلقه بالرزق لا يقطع عنهم مواد رزقه و إن انقطعوا عن إطاعته الرحيم بعباده المؤمنين في تخفيفه عليهم طاعاته و بعباده الكافرين في الرزق لهم و في دعائهم إلى موافقته و قال أمير المؤمنين ع رحيم بعباده المؤمنين و من رحمته أنه خلق مائة رحمة جعل منها رحمة واحدة في الخلق كلهم فبها يتراحم الناس و ترحم الوالدة ولدها و تحنو الأمهات من الحيوانات على أولادها فإذا كان يوم القيامة أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسع و تسعين رحمة فيرحم بها أمة محمد ص ثم يشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل الملة تمام الخبر
11- فس، ]تفسير القمي[ قوله وَ أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا قال هو شيء قالته الجن بجهالة فلم يرضه الله تعالى منهم و معنى جد ربنا أي بخت ربنا
12- ل، ]الخصال[ في خبر الأعمش عن الصادق ع يقال في افتتاح الصلاة تعالى عرشك و لا يقال تعالى جدك
أقول قد مضى بعض الأخبار المناسبة للباب في باب إثبات الصانع و سيأتي بعضها في باب الجوامع
باب 3- عدد أسماء الله تعالى و فضل إحصائها و شرحها
الآيات الفاتحة إلى مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ البقرة وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ و قال تعالى إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال وَ اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ و قال تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ و قال تعالى وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ و قال تعالى فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ و قال تعالى فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ و قال تعالى وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال تعالى إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ و قال تعالى وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و قال تعالى وَ اللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ و قال تعالى فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال تعالى فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و قال تعالى وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ و قال تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ و قال وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ و قال تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ و قال وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و قال وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ في مواضع و قال وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ و قال رَبَّنا في مواضع و قال تعالى اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ و قال وَ اللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ و قال وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ و قال وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آل عمران إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ النساء إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً و قال وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً و قال إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً و قال إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً و قال إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً و قال وَ كَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَ كَفى بِاللَّهِ نَصِيراً و قال وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً و قال وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا و قال وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً و قال إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً و قال وَ كانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً و قال وَ كانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً الأعراف وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ و قال وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ و قال تعالى وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ الأنفال فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ و قال إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ يونس وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ هود مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ يوسف الْواحِدُ الْقَهَّارُ و قال فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ الرعد وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ الأسرى 110- قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى طه فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الحج إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ النور وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ و قال تعالى وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ الأحزاب إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً فاطر إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ الفتح وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً الحجرات إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ الذاريات إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ الرحمن ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ المجادلة وَ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ الحشر هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
الجمعة وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
1- يد، ]التوحيد[ القطان عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبيه عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب ع قال قال رسول الله ص إن لله تبارك و تعالى تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة و هي الله الإله الواحد الأحد الصمد الأول الآخر السميع البصير القدير القاهر العلي الأعلى الباقي البديع البارئ الأكرم الظاهر الباطن الحي الحكيم العليم الحليم الحفيظ الحق الحسيب الحميد الحفي الرب الرحمن الرحيم الذارئ الرازق الرقيب الرءوف الرائي السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ السيد السبوح الشهيد الصادق الصانع الطاهر العدل العفو الغفور الغني الغياث الفاطر الفرد الفتاح الفالق القديم الملك القدوس القوي القريب القيوم القابض الباسط قاضي الحاجات المجيد المولى المنان المحيط المبين المقيت المصور الكريم الكبير الكافي كاشف الضر الوتر النور الوهاب الناصر الواسع الودود الهادي الوفي الوكيل الوارث البر الباعث التواب الجليل الجواد الخبير الخالق خير الناصرين الديان الشكور العظيم اللطيف الشافي
ل، ]الخصال[ بالإسناد المذكور مثله و قال فيه و قد رويت هذا الخبر من طرق مختلفة و ألفاظ مختلفة
2- يد، ]التوحيد[ الهمداني عن علي عن أبيه عن الهروي عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي ع قال قال رسول الله ص إن لله عز و جل تسعة و تسعين اسما من دعا الله بها استجاب له و من أحصاها دخل الجنة
قال الصدوق رحمه الله معنى قول النبي ص لله تبارك و تعالى تسعة و تسعون اسما من أحصاها دخل الجنة إحصاؤها هو الإحاطة بها و الوقوف على معانيها و ليس معنى الإحصاء عدها و بالله التوفيق. الله و الإله الله و الإله المستحق للعبادة و لا تحق العبادة إلا له و تقول لم يزل إلها بمعنى أنه يحق له العبادة و لهذا لما ضل المشركون فقدروا أن العبادة تجب للأصنام سموها آلهة و أصله الألهة و هي العبادة و يقال أصله الإله يقال أله الرجل يأله إليه أي فزع إليه من أمر نزل به و ألهه أي أجاره و مثاله من الكلام الإمام فاجتمعت همزتان في كلمة كثر استعمالهم لها فاستثقلوهما فحذفوا الأصلية لأنهم وجدوا فيما بقي دلالة عليها فاجتمعت لأمان أولهما ساكنة فأدغموها في الأخرى فصارت لاما مثقلة في قولك الله. الأحد الواحد الأحد معناه أنه واحد في ذاته ليس بذي أبعاض و لا أجزاء و لا أعضاء و لا يجوز عليه الإعداد و الاختلاف لأن اختلاف الأشياء من آيات وحدانيته مما دل به على نفسه و يقال لم يزل الله واحدا و معنى ثان أنه واحد لا نظير له و لا يشاركه في معنى الوحدانية غيره لأن كل من كان له نظراء أو أشباه لم يكن واحدا في الحقيقة و يقال فلان واحد الناس أي لا نظير له فيما يوصف به و الله واحد لا من عدد لأنه عز و جل لا يعد في الأجناس و لكنه واحد ليس له نظير و قال بعض الحكماء في الواحد و الأحد إنما قيل الواحد لأنه متوحد و الأول لا ثاني له ثم ابتدع الخلق كلهم محتاجا بعضهم إلى بعض و الواحد من العدد في الحساب ليس قبله شيء بل هو قبل كل عدد و الواحد كيف ما أردته أو جزأته لم يزد فيه شيء و لم ينقص منه شيء تقول واحد في واحد فلم يزد عليه شيء و لم يتغير اللفظ عن الواحد فدل أنه لا شيء قبله و إذا دل أنه لا شيء قبله دل أنه محدث الشيء و إذا كان هو مفني الشيء دل أنه لا شيء بعده فإذا لم يكن قبله شيء و لا بعده شيء فهو المتوحد بالأزل فلذلك قيل واحد أحد و في الأحد خصوصية ليست في الواحد تقول ليس في الدار واحد يجوز أن واحدا من الدواب أو الطير أو الوحوش أو الإنس لا يكون في الدار و كان الواحد بعض الناس و غير الناس و إذا قلت ليس في الدار أحد فهو مخصوص للآدميين دون سائرهم و الأحد ممتنع من الدخول في الضرب و العدد و القسمة و في شيء من الحساب و هو متفرد بالأحدية و الواحد منقاد للعدد و القسمة و غيرهما داخل في الحساب تقول واحد و اثنان و ثلاثة فهذا العدد و القسمة و الواحد علة العدد و هو خارج من العدد و ليس بعدد و تقول واحد في اثنين أو ثلاثة فما فوقها و تقول في القسمة واحد بين اثنين أو ثلاثة لكل واحد من الاثنين واحد و نصف و من الثلاثة ثلث فهذه القسمة و الأحد ممتنع في هذه كلها لا يقال أحد و اثنان و لا أحد في أحد و لا يقال أحد بين اثنين و الأحد و الواحد و غيرهما من هذه الألفاظ كلها مشتقة من الوحدة. الصمد معناه السيد و من ذهب إلى هذا المعنى جاز له أن يقول له لم يزل صمدا و يقال للسيد المطاع في قومه الذي لا يقضون أمرا دونه صمد و قد قال الشاعر علوته بحسام ثم قلت له. خذها حذيف فأنت السيد الصمد. و للصمد معنى ثان و هو أنه المصمود إليه في الحوائج يقال صمدت صمد هذا الأمر أي قصدت قصده و من ذهب إلى هذا المعنى لم يجز له أن يقول لم يزل صمدا
لأنه قد وصفه عز و جل بصفة من صفات فعله و هو مصيب أيضا و الصمد الذي ليس بجسم و لا جوف له. أقول و قد أخرجت في معنى الصمد في تفسير قل هو الله أحد في هذا الكتاب معاني أخرى لم أحب إعادتها في هذا الباب الأول و الآخر الأول و الآخر معناهما أنه الأول بغير ابتداء و الآخر بغير انتهاء. السميع السميع معناه إذا وجد المسموع كان له سامعا و معنى ثان أنه سميع الدعاء أي مجيب الدعاء و أما السامع فإنه يتعدى إلى مسموع و يوجب وجوده و لا يجوز فيه بهذا المعنى لم يزل و البارئ عز و جل سميع لذاته. البصير البصير معناه إذا كانت المبصرات كان لها مبصرا فلذلك جاز أن يقال لم يزل بصيرا و لم يجز أن يقال لم يزل مبصرا لأنه يتعدى إلى مبصر و يوجب وجوده و البصارة في اللغة مصدر البصيرة و بصر بصارة و الله عز و جل بصير لذاته و ليس وصفنا له تبارك و تعالى بأنه سميع بصير وصفا بأنه عالم بل معناه ما قدمناه من كونه مدركا و هذه الصفة صفة كل حي لا آفة به. بيان أي ليس السمع و البصر مطلق العلم بل العلم بالجزئيات المخصوصة أو نوع خاص من العلم و قد مر تحقيقه القدير و القاهر القدير و القاهر معناهما أن الأشياء لا تطيق الامتناع منه و مما يريد الإنفاذ فيها و قد قيل إن القادر من يصح منه الفعل إذا لم يكن في حكم الممنوع و القهر الغلبة و القدرة مصدر قولك قدر قدرة أي ملك فهو قدير قادر مقتدر و قدرته على ما لم يوجد و اقتداره على إيجاده هو قهره و ملكه لها و قد قال عز ذكره مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ و يوم الدين لم يوجد بعد و يقال إنه عز و جل قاهر لم يزل و معناه أن الأشياء لا تطيق الامتناع منه و مما يريد إنفاذه فيها و لم يزل مقتدرا عليها و لم تكن موجودة كما يقال مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ و يوم الدين لم يوجد. العلي العلي معناه القاهر فالله العلي ذو العلا و التعالي أي ذو القدرة و القهر و الاقتدار يقال علا الملك علوا و يقال لكل شيء علا قد علا علوا و علا يعلى علاء و المعلاة مكسب الشرف و هي من المعالي و علو كل شيء أعلاه برفع العين و خفضها و فلان من عليه الناس و هو اسم و معنى الارتفاع و الصعود و الهبوط عن الله تبارك و تعالى منفي و معنى ثان أنه على تعالى عن الأشباه و الأنداد و عما خاضت فيه وساوس الجهال و ترامت إليه فكر الضلال فهو علي متعال عما يقول الظالمون علوا كبيرا. و أما الأعلى فمعناه العلي القاهر و يؤيده قوله عز و جل لموسى على نبينا و آله و عليه السلام لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى أي الغالب و قوله عز و جل في تحريص المؤمنين على القتال وَ لا تَهِنُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ و قوله عز و جل إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ أي غلبهم و استولى عليهم و قد قال الشاعر في هذا المعنى
فلما علونا و استوينا عليهم . تركناهم صرعى لنسر و كاسر.
و معنى ثان أنه متعال عن الأشباه و الأنداد أي متنزه كما قال تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ. بيان الكاسر العقاب الباقي الباقي معناه الكائن بغير حدوث و لا فناء و البقاء ضد الفناء بقي الشيء بقاء و يقال ما بقيت منهم باقية و لا وقتهم من الله واقية و الدائم في صفاته هو الباقي أيضا الذي لا يبيد و لا يفنى. البديع البديع مبدع البدائع و محدث الأشياء على غير مثال و احتذاء و هو فعيل بمعنى مفعل كقوله عز و جل عَذابٌ أَلِيمٌ و المعنى مؤلم و تقول العرب ضرب وجيع و المعنى موجع و قال الشاعر في هذا المعنى
أ من ريحانة الداعي السميع. يؤرقني و أصحابي هجوع.
فالمعنى الداعي المسمع و البدع الشيء الذي يكون أولا في كل أمر و منه قوله عز و جل قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ أي لست بأول مرسل و البدعة اسم ما ابتدع من الدين و غيره و قال الشاعر في هذا المعنى
و كفاك لم تخلقا للندى. و لم يك بخلهما بدعة.فكف عن الخير مقبوضة. كما حط عن مائة سبعة.و أخرى ثلاثة آلافها. و تسع مائيها لها شرعة.
و يقال لقد جئت بأمر بديع أي مبدع عجيب. بيان ريحانة اسم المعشوقة و الأرق بالتحريك السهر و أرقني كذا تأريقا أي أسهرني أي أذهب عني النوم الداعي المسمع من قبل ريحانة و الحال أن أصحابي نيام و الأبيات الأخر هجو لرجل يوصفه بغاية البخل و الذي خطر بالبال أن هذا مبني على حساب العقود و غرضه أن كفيه مقبوضتان و قوله فكف يريد بها اليمنى و إذا حط عن مائة سبعة كان ثلاثة و تسعين و علامة الثلاثة في العقود عقد الخنصر و البنصر و الوسطى من اليمنى و علامة التسعين وضع ظفر السبابة على مفصل العقدة الثانية من الإبهام منها فبهذا وصف كون جميع أصابع كفه اليمنى معقودة و قوله و أخرى إشارة إلى كفه اليسرى و عقد الثلاثة المذكورة أولا من اليسرى موضوعة لثلاثة آلاف و ما كان للتسعين في اليمنى فهي بعينها لتسعمائة في اليسرى فبهذا بين كون أصابع كفه اليسرى أيضا كلها معقودة و قوله لها شرعة أي طريقة و عادة فافهم و كن من الشاكرين. البارئ البارئ معناه أنه بارئ البرايا أي خالق الخلائق برأهم يبرؤهم أي خلقهم يخلقهم و البريئة الخليقة و أكثر العرب على ترك همزها و هي فعيلة بمعنى مفعولة و قال بعضهم بل هي مأخوذة من بريت العود و منهم من يزعم أنه من البرى و هو التراب أي خلقهم من التراب و قالوا لذلك لا يهمز. الأكرم الأكرم معناه الكريم و قد يجيء أفعل في معنى الفعيل مثل قوله عز و جل وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أي هين عليه و مثل قوله تعالى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى و قوله وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى يعني بالأشقى و الأتقى الشقي و التقي و قد قال الشاعر في هذا المعنى
أن الذي سمك السماء بنا لنا. بيتا دعائمه أعز و أطول.
الظاهر الظاهر معناه أنه الظاهر بآياته التي أظهرها من شواهد قدرته و آثار حكمته و بينات حجته التي عجز الخلق عن إبداع أصغرها و إنشاء أيسرها و أحقرها عندهم كما قال الله عز و جل إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ فليس شيء من خلقه إلا و هو شاهد له على وحدانيته من جميع جهاته و أعرض تبارك و تعالى عن وصف ذاته فهو ظاهر بآياته محتجب بذاته و معنى ثان أنه ظاهر غالب قادر على ما يشاء و منه قوله عز و جل فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ أي غالبين لهم. الباطن الباطن معناه أنه قد بطن عن الأوهام فهو باطن بلا إحاطة لا يحيط به محيط لأنه قدم الفكر فخبت عنه و سبق العلوم فلم تحط به و فات الأوهام فلم تكتنهه و حارت عنه الأبصار فلم تدركه فهو باطن كل باطن و محتجب كل محتجب بطن بالذات و ظهر و علا بالآيات فهو الباطن بلا حجاب و الظاهر بلا اقتراب و معنى ثان أنه باطن كل شيء أي خبير بصير بما يسرون و ما يعلنون و بكل ما ذرأ و بطانة الرجل وليجته من القوم الذين يداخلهم و يداخلونه في دخلة أمره و المعنى أنه عز و جل عالم بسرائرهم لا أنه عز و جل يبطن في شيء يواريه. الحي الحي معناه أنه الفعال المدبر و هو حي لنفسه لا يجوز عليه الموت و الفناء و ليس يحتاج إلى حياة بها يحيا. الحكيم الحكيم معناه أنه عالم و الحكمة في اللغة العلم و منه قوله عز و جل يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ و معنى ثان أنه محكم و أفعاله محكمة متقنة من الفساد و قد حكمته و أحكمته لغتان و حكمة اللجام سميت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد و هو ما أحاطت بحنكه. العليم العليم معناه أنه عليم بنفسه عالم بالسرائر مطلع على الضمائر لا تخفى عليه خافية و لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ علم الأشياء قبل حدوثها و بعد ما أحدثها سرها و علانيتها ظاهرها و باطنها و في علمه عز و جل بالأشياء على خلاف علم الخلق دليل على أنه تبارك و تعالى بخلافهم في جميع معانيهم و الله عالم لذاته و العالم من يصح منه الفعل المحكم المتقن فلا يقال إنه يعلم الأشياء بعلم كما لا يثبت معه قديم غيره بل يقال إنه ذات عالمة و هكذا يقال في جميع صفات ذاته. الحليم الحليم معناه أنه حليم عمن عصاه لا يعجل عليهم بعقوبة. الحفيظ الحفيظ معناه الحافظ و هو فعيل بمعنى فاعل و معناه أنه يحفظ الأشياء و يصرف عنها البلاء و لا يوصف بالحفظ على معنى العلم لأنا نوصف بحفظ القرآن و العلوم على المجاز و المراد بذلك أنا إذا علمناه لم يذهب عنا كما إذا حفظنا الشيء لم يذهب عنا. الحق الحق معناه المحق و يوصف به توسعا لأنه مصدر و هو كقولهم غياث المستغيثين و معنى ثان يراد به أن عبادة الله هي الحق و عبادة غيره هي الباطل و يؤيد ذلك قوله عز و جل ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ أي يبطل و يذهب و لا يملك لأحد ثوابا و لا عقابا. الحسيب الحسيب معناه المحصي لكل شيء العالم به لا يخفى عليه شيء و
معنى ثان أنه المحاسب لعباده يحاسبهم بأعمالهم و يجازيهم عليها و هو فعيل على معنى مفاعل مثل جليس و مجالس و معنى ثالث أنه الكافي و الله حسبي و حسبك أي كافينا و أحسبني هذا الشيء أي كفاني و أحسبته أي أعطيته حتى قال حسبي و منه قوله عز و جل جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً أي كافيا. الحميد الحميد معناه المحمود و هو فعيل في معنى مفعول و الحمد نقيض الذم و يقال حمدت فلانا إذا رضيت فعله و نشرته في الناس. الحفي الحفي معناه العالم و منه قوله عز و جل يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها أي يسألونك عن الساعة كأنك عالم بوقت مجيئها و معنى ثان أنه اللطيف و الحفاية مصدر الحفي اللطيف المحتفي بك ببرك و بلطفك. الرب الرب المالك و كل من ملك شيئا فهو ربه و منه قوله عز و جل ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ أي إلى سيدك و مليكك و قال قائل يوم حنين لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن يريد أن يملكني و يصير لي ربا و مالكا و لا يقال لمخلوق الرب بالألف و اللام لأن الألف و اللام دالتان على العموم و إنما يقال للمخلوق رب كذا فيعرف بالإضافة لأنه لا يملك غيره فينسب إلى ملكيته و الربانيون نسبوا إلى التأله و العبادة للرب في معنى الربوبية له و الربيون الذين صبروا مع الأنبياء عليهم الصلاة و السلام. الرحمن الرحمن معناه الواسع الرحمة على عباده يعمهم بالرزق و الإنعام عليهم و يقال هو اسم من أسماء الله تبارك و تعالى في الكتب لا سمي له فيه و يقال للرجل رحيم القلب و لا يقال رحمان لأن الرحمن يقدر على كشف البلوى و لا يقدر الرحيم من خلقه على ذلك و قد جوز قوم أن يقال للرجل رحمان و أرادوا به الغاية في الرحمة و هذا خطأ و الرحمن هو لجميع العالم و الرحيم هو للمؤمنين خاصة. الرحيم الرحيم معناه أنه رحيم بالمؤمنين يخصهم برحمته في عاقبة أمرهم كما قال الله عز و جل وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً و الرحمن و الرحيم اسمان مشتقان من الرحمة على وزن ندمان و نديم و معنى الرحمة النعمة و الراحم المنعم كما قال عز و جل لرسوله وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ يعني نعمة عليهم و يقال للقرآن هدى و رحمة و للغيث رحمة يعني نعمة و ليس معنى الرحمة الرقة لأن الرقة عن الله عز و جل منفية و إنما سمي رقيق القلب من الناس رحيما لكثرة ما يوجد الرحمة منه و يقال ما أقرب رحم فلان إذا كان ذا مرحمة و بر و المرحمة الرحمة و يقال رحمته مرحمة و رحمة. الذارئ الذارئ معناه الخالق يقال ذرأ الله الخلق و برأهم أي خلقهم و قد قيل إن الذرية منه اشتق اسمها كأنهم ذهبوا إلى أنها خلق الله عز و جل خلقها من الرجل و أكثر العرب على ترك همزها و إنما تركوا الهمز في هذا المذهب لكثرة ترددها في أفواههم كما تركوا همزة البرية و همزة بريء و أشباه ذلك و منهم من يزعم أنها من ذروت أو ذريت معا يريد أنه قد كثرهم و بثهم في الأرض بثا كما قال عز و جل وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً. بيان ذرو الرياح يكون بالواو و الياء معا. الرازق الرازق معناه أنه عز و جل يرزق عباده برهم و فاجرهم رزقا بفتح الراء رواية من العرب و لو أرادوا المصدر لقالوا رزقا بكسر الراء و يقال ارتزق الجند رزقة واحدة أي أخذوه مرة واحدة. الرقيب الرقيب معناه الحافظ و هو فعيل بمعنى فاعل و رقيب القوم حارسهم. الرءوف الرءوف معناه الرحيم و الرأفة الرحمة. الرائي الرائي معناه العالم و الرؤية العلم و معنى ثان أنه المبصر و معنى الرؤية الأبصار و يجوز في معنى العلم لم يزل رائيا و لا يجوز ذلك في معنى الأبصار.
السلام السلام معناه المسلم و هو توسع لأن السلام مصدر و المراد به أن السلامة تنال من قبله و السلام و السلامة مثل الرضاع و الرضاعة و اللذاذ و اللذاذة و معنى ثان أنه يوصف بهذه الصفة لسلامته مما يلحق الخلق من العيب و النقص و الزوال و الانتقال و الفناء و الموت و قوله عز و جل لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ و السلام هو الله عز و جل و داره الجنة و يجوز أن يكون سماها سلاما لأن الصائر إليها يسلم فيها من كل ما يكون في الدنيا من مرض و وصب و موت و هرم و أشباه ذلك فهي دار السلامة من الآفات و العاهات و قوله عز و جل فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ يقول فسلامة لك منهم أي تخبرك عنهم سلامة و السلامة في اللغة الصواب و السداد أيضا و منه قوله عز و جل وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً أي سدادا و صوابا و يقال سمي الصواب من القول سلاما لأنه يسلم من العيب و الإثم. المؤمن المؤمن معناه المصدق و الإيمان التصديق في اللغة يدل على ذلك قوله عز و جل حكاية عن إخوة يوسف على نبينا و آله و عليه السلام وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنَّا صادِقِينَ فالعبد مؤمن مصدق بتوحيد الله و آياته و الله مؤمن مصدق لما وعده و محققه و معنى ثان أنه محقق حقق وحدانيته بآياته عند خلقهم و عرفهم حقيقته لما أبدى من علاماته و أبان من بيناته و عجائب تدبيره و لطائف تقديره و معنى ثالث أنه آمنهم من الظلم و الجور
و قال الصادق ع سمي البارئ عز و جل مؤمنا لأنه يؤمن من عذابه من أطاعه و سمي العبد مؤمنا لأنه يؤمن على الله فيجيز الله أمانه
و قال ع المؤمن من آمن جاره بوائقه
و قال ع المؤمن الذي يأتمنه المسلمون على أموالهم و دمائهم
المهيمن المهيمن معناه الشاهد و هو كقوله عز و جل وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ أي شاهدا عليه و معنى ثان أنه اسم مبني من الأمين و الأمين اسم من أسماء الله عز و جل كما بني المبيطر من البيطر و البيطار و كان الأصل فيه مؤيمنا فقلبت الهمزة هاء كما قلبت همزة أرقت و أيهات فقيل هرقت و هيهات و أمين اسم من أسماء الله عز و جل و من طول الألف أراد يا أمين فأخرجه مخرج قولهم أ زيد على معنى يا زيد و يقال المهيمن من أسماء الله عز و جل في الكتب السابقة. العزيز العزيز معناه أنه لا يعجزه شيء و لا يمتنع عليه شيء أراده فهو قاهر للأشياء غالب غير مغلوب و قد يقال في مثل من عز بز أي من غلب سلب و قوله عز و جل حكاية عن الخصمين وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ أي غلبني في مجاوبة الكلام و معنى ثان أنه الملك و يقال للملك العزيز كما قال إخوة يوسف ليوسف على نبينا و آله و عليه السلام يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ و المراد به يا أيها الملك. الجبار الجبار معناه القاهر الذي لا ينال و له التجبر و الجبروت أي التعظم و العظمة و يقال للنخلة التي لا تنال جبارة و الجبر أن تجبر إنسانا على ما يكرهه قهرا تقول جبرته على ما ليس كذا و كذا
و قال الصادق ع لا جبر و لا تفويض بل أمر بين أمرين
عنى بذلك أن الله تبارك و تعالى لم يجبر عباده على المعاصي و لم يفوض إليهم أمر الدين حتى يقولوا بآرائهم و مقاييسهم فإنه عز و جل قد حد و وظف و شرع و فرض و سن و أكمل لهم الدين فلا تفويض مع التحديد و التوظيف و الشرع و الفرض و السنة و إكمال الدين. المتكبر المتكبر مأخوذ من الكبرياء و هو اسم للتكبر و التعظم. السيد السيد معناه الملك و يقال لملك القوم و عظيمهم سيد و قد سادهم يسودهم و قيل لقيس بن عاصم بم سدت قومك قال ببذل الندى و كف الأذى و نصر المولى
و قال النبي ص علي سيد العرب فقالت عائشة يا رسول الله أ لست سيد العرب قال أنا سيد ولد آدم و علي سيد العرب فقالت عائشة يا رسول الله و ما السيد قال من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي
و قد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب معاني الأخبار فعلى معنى هذا الحديث السيد هو الملك الواجب الطاعة. سبوح سبوح هو حرف مبني على فعول و ليس في كلام العرب فعول إلا سبوح قدوس و معناهما واحد و سبحان الله تنزيها له عن كل ما لا ينبغي أن يوصف به و نصبه لأنه في موضع فعل على معنى تسبيحا لله يريد سبحت تسبيحا و يجوز أن يكون نصبا على الظرف و معناه نسبح لله و سبحوا لله. بيان الواو في قوله و سبحوا لله للحال و هو بيان لحاصل معنى الظرفية أي أسبح الله عند تسبيح كل مسبح لله. الشهيد الشهيد معناه الشاهد بكل مكان صانعا و مدبرا على أن المكان مكان لصنعه و تدبيره لا على أن المكان مكان له لأنه عز و جل كان و لا مكان. الصادق الصادق معناه أنه صادق في وعده و لا يبخس ثواب من يفي بعهده. الصانع الصانع معناه أنه صانع كل مصنوع أي خالق كل مخلوق و مبدع جميع البدائع و كل ذلك دال على أنه لا يشبه شيئا من خلقه لأنا لم نجد فيما شاهدنا فعلا يشبه فاعله لأنهم أجسام و أفعالهم غير أجسام و الله تعالى عن أن يشبه أفعاله و أفعاله لحم و دم و عظم و شعر و عصب و عروق و أعضاء و جوارح و أجزاء و نور و ظلمة و أرض و سماء و شجر و حجر و غير ذلك من صنوف الخلق و كل ذلك فعله و صنعه عز و جل و جميع ذلك دليل على وحدانيته شاهد على انفراده و على أنه بخلاف خلقه و أنه لا شريك له و قال بعض الحكماء في هذا المعنى و هو يصف النرجس
عيون في جفون في فنون. بدت فأجاد صنعتها المليك.بأبصار التغنج طامحات. كان حداقها ذهب سبيك.على غصن الزمرد مخبرات. بأن الله ليس له شريك.
الطاهر الطاهر معناه أنه متنزه عن الأشباه و الأنداد و الأضداد و الأمثال و الحدود و الزوال و الانتقال و معاني الخلق من العرض و الطول و الأقطار و الثقل و الخفة و الدقة و الغلظ و الدخول و الخروج و الملازقة و المباينة و الرائحة و الطعم و اللون و المجسة و الخشونة و اللين و الحرارة و البرودة و الحركة و السكون و الاجتماع و الافتراق و التمكن في مكان دون مكان لأن جميع ذلك محدث مخلوق و عاجز ضعيف من جميع الجهات دليل على محدث أحدثه و صانع صنعه قادر قوي طاهر عن معانيها لا يشبه شيئا منها لأنها دلت من جميع جهاتها على صانع صنعها و محدث أحدثها و أوجبت على جميع ما غاب عنها من أشباهها و أمثالها أن يكون دالة على صانع صنعها تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. العدل العدل معناه الحكم بالعدل و الحق و سمي به توسعا لأنه مصدر و المراد به العادل و العدل من الناس المرضي قوله و فعله و حكمه. العفو العفو اسم مشتق من العفو على وزن فعول و العفو المحو يقال عفا الشيء إذا امتحى و ذهب و درس و عفوته أنا إذا محوته و منه قوله عز و جل عَفَا اللَّهُ عَنْكَ أي محا الله عنك إذنك لهم. الغفور الغفور اسم مشتق من المغفرة و هو الغافر الغفار و أصله في اللغة التغطية و الستر تقول غفرت الشيء إذا غطيته و يقال هذا أغفر من هذا أي أستر و غفر الخز و الصوف ما علا فوق الثوب منهما كالزئبر يسمى غفرا لأنه ستر الثوب و يقال لجنة الرأس مغفر لأنها تستر الرأس و الغفور الساتر لعبده برحمته. بيان الغفر بالتحريك الزئبر بكسر الزاء فالهمزة الساكنة فالباء الموحدة المكسورة و هو ما يعلو الثوب الجديد مثل ما يعلو الخز. الغني الغني معناه أنه الغني بنفسه عن غيره و عن الاستعانة بالآلات و الأدوات و غيرها و الأشياء كلها سوى الله عز و جل متشابهة في الضعف و الحاجة فلا يقوم بعضها إلا ببعض و لا يستغني بعضها عن بعض. الغياث الغياث معناه المغيث سمي به توسعا لأنه مصدر. الفاطر الفاطر معناه الخالق فطر الخلق أي خلقهم و ابتدأ صنعة الأشياء و ابتدعها فهو فاطرها أي خالقها و مبدعها. الفرد الفرد معناه أنه المتفرد بالربوبية و الأمر دون الخلق و معنى ثان أنه موجود وحده لا موجود معه. الفتاح الفتاح معناه أنه الحاكم و منه قوله عز و جل وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ و قوله عز و جل وَ هُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ. الفالق الفالق اسم مشتق من الفلق و معناه في أصل اللغة الشق يقال سمعت هذا من فلق فيه و فلقت الفستقة فانفلقت و خلق الله تبارك و تعالى كل شيء فانفلق عن جميع ما خلق فلق الأرحام فانفلقت عن الحيوان و فلق الحب و النوى فانفلقا عن النبات و فلق الأرض فانفلقت عن كل ما أخرج منها هو كقوله عز و جل وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ صدعها فانصدعت و فلق الظلام فانفلق عن الإصباح و فلق السماء فانفلقت عن القطر و فلق البحر لموسى على نبينا و آله و عليه السلام فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ منه كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ. القديم القديم معناه المتقدم للأشياء كلها و كل متقدم لشيء يسمى قديما إذا بولغ في الوصف و لكنه سبحانه قديم لنفسه بلا أول و لا نهاية و سائر الأشياء لها أول و نهاية و لم يكن لها هذا الاسم في بدئها فهي قديمة من وجه و محدثة من وجه و قد قيل إن القديم معناه أنه الموجود لم يزل و إذا قيل لغيره إنه قديم كان على المجاز لأن غيره محدث ليس بقديم. الملك الملك هو مالك الملك قد ملك كل شيء و الملكوت ملك الله عز و جل زيدت فيه التاء كما زيدت في رهبوت و رحموت تقول العرب رهبوت خير من رحموت أي لأن ترهب خير من أن ترحم. القدوس القدوس معناه الطاهر و التقديس التطهير و التنزيه و قوله عز و جل حكاية عن الملائكة وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ أي ننسبك إلى
الطهارة و نسبحك و نسبح بحمدك و نقدس لك بمعنى واحد و حظيرة القدس موضع القدس من الأدناس التي تكون في الدنيا و الأوصاب و الأوجاع و أشباه ذلك و قد قيل إن القدوس من أسماء الله عز و جل في الكتب. القوي القوي معناه معروف و هو القوي بلا معاناة و لا استعانة القريب القريب معناه المجيب و يؤيد ذلك قوله عز و جل فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ و معنى ثان أنه عالم بوساوس القلوب لا حجاب بينه و بينها و لا مسافة و يؤيد هذا المعنى قوله عز و جل وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فهو قريب من غير مماسة بائن من خلقه بغير طريق و لا مسافة بل هو على المفارقة لهم في المخالطة و المخالفة لهم في المشابهة و كذلك التقريب إلى الله ليس من جهة الطرق و المسايف إنما هو من جهة الطاعة و حسن العبادة فالله تبارك و تعالى قريب دان دنوة من غير تنقل لأنه ليس باقتطاع المسايف يدنو و لا باجتياز الهواء يعلو كيف و قد كان قبل السفل و العلو و قبل أن يوصف بالعلو و الدنو. القيوم القيوم و القيام هما فيعول و فيعال من قمت بالشيء إذا وليته بنفسك و توليت حفظه و إصلاحه و تقديره قولهم ما فيها من ديور و لا ديار. القابض اسم مشتق من القبض و للقبض معان منها الملك يقال فلان في قبضي و هذا الضيعة في قبضي و منه قوله عز و جل وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ و هذا كقول الله عز و جل وَ لَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ و قوله الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ و قوله مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ و منها إفناء الشيء و من ذلك قولهم للميت قبضه الله إليه و منه قوله عز و جل ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً فالشمس لا يقبض بالبراجم و الله تبارك و تعالى قابضها و مطلقها و من هذا قوله عز و جل وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فهو باسط على عباده فضله و قابض ما يشاء من عائدته و أياديه و القبض قبض البراجم أيضا و هو عن الله تعالى ذكره منفي و لو كان القبض و البسط الذي ذكره الله عز و جل من قبل البراجم لما جاز أن يكون في وقت واحد قابضا و باسطا لاستحالة ذلك و الله تعالى ذكره في كل ساعة يقبض الأنفس و يبسط الرزق و يفعل ما يريد. بيان البراجم مفاصل الأصابع التي بين الأشاجع و الرواجب و هي رءوس السلاميات من ظهر الكف إذا قبض القابض كفه ارتفعت. الباسط الباسط معناه المنعم المفضل قد بسط على عباده فضله و إحسانه و أسبغ عليهم نعمه. القاضي القاضي اسم مشتق من القضاء و معنى القضاء من الله عز و جل ثلاثة أوجه فوجه منها هو الحكم و الإلزام يقال قضى القاضي على فلان بكذا أي حكم عليه به و ألزمه إياه و منه قوله عز و جل وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ و وجه منها هو الخبر و منه قوله عز و جل وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ أي أخبرناهم بذلك على لسان النبي و وجه منها هو الإتمام و منه قوله عز و جل فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ و منه قول الناس قضى فلان حاجتي يريد أنه أتم حاجتي على ما سألته.
المجيد المجيد معناه الكريم العزيز و منه قوله عز و جل بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ أي كريم عزيز و المجد في اللغة نيل الشرف و المجد الرجل و أمجد لغتان و أمجده كرم فعاله و معنى ثان أنه مجيد ممجد مجده خلقه أي عظموه. المولى المولى معناه الناصر ينصر المؤمنين و يتولى نصرهم على عدوهم و يتولى ثوابهم و كرامتهم و ولي الطفل هو الذي يتولى إصلاح شأنه وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ و هو مولاهم و ناصرهم و المولى في وجه آخر هو الأولى و منه قول النبي ص من كنت مولاه فعلي مولاه و ذلك على أثر كلام قد تقدمه و هو أن قال أولى بكم من أنفسكم قالوا بلى يا رسول الله قال فمن كنت مولاه إلى من كنت أولى به منه بنفسه فعلي مولاه أي أولى به منه بنفسه. المنان المنان معناه المعطي المنعم و منه قوله عز و جل فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ و قوله عز و جل وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ. المحيط المحيط معناه أنه محيط بالأشياء عالم بها كلها و كل من أخذ شيئا كله أو بلغ علمه أقصاه فقد أحاط به و هذا على التوسع لأن الإحاطة في الحقيقة إحاطة الجسم الكبير بالجسم الصغير من جوانبه كإحاطة البيت بما فيه و إحاطة السور بالمدن و لهذا المعنى سمي الحائط حائطا و معنى ثان يحتمل أن يكون نصبا على الظرف معناه مستوليا مقتدرا كقوله عز و جل وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ فسماه إحاطة لهم لأن القوم إذا أحاطوا بعدوهم لم يقدر العدو على التخلص منهم. المبين المبين معناه الظاهر البين حكمته المظهر لها بما أبان من بيناته و آثار قدرته و يقال بان الشيء و أبان و استبان بمعنى واحد. المقيت المقيت معناه الحافظ الرقيب و يقال بل هو القدير. المصور المصور هو اسم مشتق من التصوير يصور الصور في الأرحام كيف يشاء فهو مصور كل صورة و خالق كل مصور في رحم و مدرك ببصر و متمثل في نفس و ليس الله تبارك و تعالى بالصورة و الجوارح يوصف و لا بالحدود و الأبعاض يعرف و لا في سعة الهواء بالأوهام يطلب و لكن بالآيات يعرف و بالعلامات و الدلالات يحقق و بها يوقن و بالقدرة و العظمة و الجلال و الكبرياء يوصف لأنه ليس له في خلقه شبيه و لا في بريته عديل. الكريم الكريم معناه العزيز يقال فلان أكرم علي من فلان أي أعز منه و منه قوله عز و جل إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ و كذلك قوله عز و جل ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ و معنى ثان أنه الجواد المفضل يقال رجل كريم أي جواد و قوم كرام أي أجواد و كريم و كرم مثل أديم و أدم. الكبير الكبير السيد يقال لسيد القوم كبيرهم و الكبرياء اسم للتكبر و التعظم. الكافي الكافي اسم مشتق من الكفاية و كل من توكل عليه كفاه و لا يلجئه إلى غيره. الكاشف الكاشف معناه المفرج يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ و الكشف في اللغة رفعك شيئا عما يواريه و يغطيه. الوتر الوتر معناه الفرد و كل شيء كان فردا قيل وتر. النور النور معناه المنير و منه قوله عز و جل اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أي منير لهم و آمرهم و هاديهم فهم يهتدون به في مصالحهم كما يهتدون في النور و الضياء و هذا توسع و النور الضياء و الله عز و جل متعال عن ذلك علوا كبيرا لأن الأنوار محدثة و محدثها قديم لا يشبهه شيء و على سبيل التوسع قيل إن القرآن نور لأن الناس يهتدون به في دينهم كما يهتدون بالضياء في مسالكهم و لهذا المعنى كان النبي ص منيرا. الوهاب الوهاب معروف و هو من الهبة يهب لعباده ما يشاء و يمن عليهم بما يشاء و منه قوله عز و جل يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ.
الناصر الناصر و النصير بمعنى واحد و النصرة حسن المعونة. الواسع الواسع الغني و السعة الغنى يقال فلان يعطي من سعة أي من غنى و الوسع جدة الرجل و قدرة ذات يده و يقال أنفق على قدر وسعك. الودود الودود فعول بمعنى مفعول كما يقال هيوب بمعنى مهيب يراد به أنه مودود محبوب و يقال بل فعول بمعنى فاعل كقولك غفور بمعنى غافر أي يود عباده الصالحين و يحبهم و الود و الوداد مصدر المودة و فلان ودك و وديدك أي حبك و حبيبك. الهادي الهادي معناه أنه عز اسمه يهديهم للحق و الهدى من الله عز و جل على ثلاثة أوجه فوجه هو الدلالة قد دلهم جميعا على الدين و الثاني هو الإيمان و الإيمان هدى من الله عز و جل كما أنه نعمة من الله و الثالث هو النجاة و قد بين الله عز و جل أنه سيهدي المؤمنين بعد وفاتهم فقال وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ و لا يكون الهدى بعد الموت و القتل إلا الثواب و النجاة و كذلك قوله عز و جل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ و هو ضد الضلال الذي هو عقوبة الكافر و قال الله عز و جل وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ أي يهلكهم و يعاقبهم و هو كقوله عز و جل أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أي أهلك أعمالهم و أحبطها بكفرهم. الوفي الوفي معناه يفي بعهدهم و يوفي بعهده و يقال رجل وفي و موف و قد وفيت بعهدك و أوفيت لغتان. الوكيل الوكيل معناه المتولي أي القائم بحفظنا و هذا هو معنى الوكيل على المال منا و معنى ثان أنه المعتمد و الملجأ و التوكل الاعتماد عليه و الالتجاء إليه. الوارث الوارث معناه أن كل من ملكه الله شيئا يموت و يبقى ما كان في ملكه و لا يملكه إلا الله تبارك و تعالى. البر البر معناه الصادق يقال صدق فلان و بر و يقال برت يمين فلان إذا صدقت و أبرها الله أي أمضاها على الصدق. الباعث الباعث معناه أنه يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ و يحييهم و ينشرهم للجزاء و البقاء. التواب التواب معناه أنه يَقْبَلُ التَّوْبَةَ و يعفو عن الحوبة إذا تاب منها العبد يقال تاب العبد إلى الله عز و جل فهو تائب تواب إليه و تاب الله عليه أي قبل توبته فهو تواب عليه و التوب التوبة و يقال أتأب فلان من كذا مهموزا إذا استحيا منه و يقال ما طعامك بطعام تؤبة أي لا يحتشم منه و لا يستحيا منه. بيان لعل مراده بقوله مهموز الهمز الأول أي بوزن باب الإفعال و لم أعثر على ما ذكره من المعنى الأخير فيما عندنا من كتب اللغة. الجليل الجليل معناه السيد يقال لسيد القوم جليلهم و عظيمهم و جل جلال الله فهو الجليل ذو الجلال و الإكرام و يقال جل فلان في عيني أي عظم و أجللته أي عظمته. الجواد الجواد معناه المحسن المنعم الكثير الإنعام و الإحسان يقال جاد السخي من الناس يجود جودا و رجل جواد و قوم أجواد و جود أي أسخياء و لا يقال لله عز و جل سخي لأن الأصل السخاوة راجع إلى اللين يقال أرض سخاوية و قرطاس سخاوي إذا كان لينا و سمي السخي سخيا للينة عند الحوائج إليه. الخبير الخبير معناه العالم و الخبر و الخبير في اللغة واحد و الخبر علمك بالشيء يقال لي به خبر أي علم. بيان قال الفيروزآبادي رجل خابر و خبير و خبر ككتف و حجر عالم به.
الخالق الخالق معناه الخلاق خلق الخلائق خلقا و خليقة و الخليقة الخلق و الجمع الخلائق و الخلق في اللغة تقديرك الشيء يقال في مثل إني إذا خلقت فريت لا كمن يخلق و لا يفري و في قول أئمتنا ع إن أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين و خلق عيسى على نبينا و آله و عليه السلام من الطين كهيئة الطير هو خلق تقدير أيضا و مكون الطير و خالقه في الحقيقة الله عز و جل. بيان قال الجوهري الخلق التقدير يقال خلقت الأديم إذا قدرته قبل القطع و قال الحجاج ما خلقت إلا فريت و لا وعدت إلا وفيت انتهى و الفري القطع. خَيْرُ النَّاصِرِينَ خير الناصرين و خَيْرُ الرَّاحِمِينَ معناه أنه فاعل الخير إذا أكثر ذلك منه سمي خيرا توسعا. بيان الظاهر أن الخير بمعنى التفضيل أي الأخير و هو صفة و لا حاجة إلى ما تكلفه. الديان الديان هو الذي يدين العباد و يجزيهم بأعمالهم و الدين الجزاء و لا تجمع لأنه مصدر يقال دان يدين دينا و يقال في مثل كما تدين تدان أي كما تجزي تجزى قال الشاعر
كما يدين الفتى يوما يدان به. من يزرع الثوم لا يقلعه ريحانا.
الشكور الشكور و الشاكر معناهما أنه يشكر للعبد عمله و هو توسع لأن الشكر في اللغة عرفان الإحسان و هو المحسن إلى عباده المنعم عليهم لكنه سبحانه لما كان مجازيا للمطيعين على طاعتهم جعل مجازاته شكرا لهم على المجاز كما سميت مكافاة المنعم شكرا. العظيم العظيم معناه السيد و سيد القوم عظيمهم و جليلهم و معنى ثان أنه يوصف بالعظمة لغلبته على الأشياء و قدرته عليها و لذلك كان الواصف بذلك معظما و معنى ثالث أنه عظيم لأن ما سواه كله ذليل خاضع فهو عظيم السلطان عظيم الشأن و معنى رابع أنه المجيد يقال عظم فلان في المجد عظامة و العظامة مصدر الأمر العظيم و العظمة من التجبر و ليس معنى العظيم ضخيم طويل عريض ثقيل لأن هذه المعاني معاني الخلق و آيات الصنع و الحدث و هي عن الله تبارك و تعالى منفية و قد روي في الخبر أنه سمي العظيم لأنه خالق الخلق العظيم و رب العرش العظيم و خالقه. اللطيف اللطيف معناه أنه لَطِيفٌ بِعِبادِهِ فهو لطيف بهم بار بهم منعم عليهم و اللطف البر و التكرمة يقال فلان لطيف بالناس بار بهم يبرهم و يلطفهم ألطافا و معنى ثان أنه لطيف في تدبيره و فعله يقال فلان لطيف العمل و قد روي أن معنى اللطيف هو أنه الخالق للخلق اللطيف كما أنه سمي العظيم لأنه الخالق للخلق العظيم. الشافي الشافي معناه معروف و هو من الشفاء كما قال الله عز و جل حكاية عن إبراهيم ع وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ. فجملة هذه الأسماء الحسنى تسعة و تسعون اسما و أما تبارك فهو من البركة و هو عز و جل ذو بركة و هو فاعل البركة و خالقها و جاعلها في خلقه و تبارك و تعالى عن الولد و الصاحبة و الشريك و عما يقول الظالمون علوا كبيرا و قد قيل إن معنى قول الله عز و جل تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً إنما عنى به أن الله الذي يدوم بقاؤه و يبقى نعمه و يصير ذكره بركة على عباده و استدامة لنعم الله عندهم هو الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا و الفرقان هو القرآن و إنما سماه فرقانا لأن الله عز و جل فرق به بين الحق و الباطل و عبده الذي نزل عليه بذلك هو محمد صلى الله عليه و آله و سماه عبدا لئلا يتخذ ربا معبودا و هذا رد على من يغلو فيه و بين عز و جل أنه نزل عليه ذلك لينذر به العالمين و ليخوفهم به من معاصي الله و أليم عقابه و العالمون الناس الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً كما قالت النصارى إذ
أضافوا إليه الولد كذبا عليه و خروجا من توحيده وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً يعني أنه خلق الأشياء كلها على مقدار يعرفه و أنه لم يخلق شيئا من ذلك على سبيل سهو و لا على غفلة و لا على تنحيب و لا على مجازفة بل على المقدار الذي يعلم أنه صواب من تدبيره و أنه استصلاح لعباده في أمر دينهم و أنه عدل منه على خلقه لأنه لو لم يخلق ذلك على مقدار يعرفه على سبيل ما وصفنا لوجد ذلك التفاوت و الظلم و الخروج عن الحكم و صواب التدبير إلى العبث و إلى الظلم و الفساد كما يوجد مثل ذلك في فعل خلقه الذين ينحبون في أفعالهم و يفعلون في ذلك ما لا يعرفون مقداره و لم يعن بذلك أنه خلق لذلك تقديرا فعرف به مقدار ما يفعله ثم فعل أفعاله بعد ذلك لأن ذلك إنما يوجد في فعل من لا يعلم مقدار ما يفعله إلا بهذا التقدير و هذا التدبير و الله سبحانه لم يزل عالما بكل شيء و إنما عنى بقوله فقدره تقديرا أي فعل ذلك على مقدار يعرفه على ما بيناه و على أن يقدر أفعاله لعباده بأن يعرفهم مقدارها و وقت كونها و مكانها الذي يحدث فيه ليعرفوا ذلك و هذا التقدير من الله عز و جل كتاب و خبر كتبه لملائكته و أخبرهم به ليعرفوه فلما كان كلامه لم يوجد إلا على مقدار يعرفه لئلا يخرج عن حد الصدق إلى الكذب و عن حد الصواب إلى الخطاء و عن حد البيان إلى التلبيس كان ذلك دلالة على أن الله قد قدره على ما هو به و أحكمه و أحدثه فلهذا صار محكما لا خلل فيه و لا تفاوت و لا فساد. بيان يقال نحبوا تنحيبا أي جدوا في عملهم و لعله كناية عن عدم رعاية الحكم فيها لأن من يجد في عمله لا يقع على ما ينبغي و لا يمكنه رعاية الدقائق فيه. أقول إنما اقتصرنا هاهنا في شرح الأسماء على ما ذكره الصدوق رحمه الله و لم نزد عليه شيئا و لم نتعرض لما ذكره أيضا إلا بما يوضح كلامه لئلا يطول الكلام في هذا المقام و سنشرحها في كتاب الدعاء إن شاء الله تعالى
3- يد، ]التوحيد[ علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري عن مكي بن أحمد عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن موسى بن عامر عن الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ص قال إن لله تبارك و تعالى تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحدا إنه وتر يحب الوتر من أحصاها دخل الجنة فبلغنا أن غير واحد من أهل العلم قال إن أولها يفتتح ب لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وحده لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ بيده الخير وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى اللَّهُ الْواحِدُ الصَّمَدُ الْأَوَّلُ الْآخِرُ الظَّاهِرُ الْباطِنُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ البار المتعالي الجليل الجميل الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْقادِرُ الْقاهِرُ الْحَكِيمُ و القريب المجيب الْغَنِيُّ الْوَهَّابُ الْوَدُودُ الشَّكُورُ الماجد الأحد الولي الرشيد الْغَفُورُ الكريم الحليم التَّوَّابُ الرب الْمَجِيدُ الْحَمِيدُ الوفي الشهيد الْمُبِينُ البرهان الرءوف المبدئ المعيد الباعث الوارث الْقَوِيُّ الشديد الضار النافع الوافي الحافظ الرافع القابض الباسط المعز المذل الرازق ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ القائم الوكيل العادل الجامع المعطي المجتبي المحيي المميت الكافي الهادي الأبد الصادق النور القديم الحق الفرد الوتر الواسع المحصي المقتدر المقدم المؤخر المنتقم البديع
4- ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن محمد بن الفضيل عن ضريس الوابشي عن جابر عن أبي جعفر ع قال إن اسم الله الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا و إنما عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه و بين سرير بلقيس ثم تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين و عندنا نحن من الاسم اثنين و سبعين حرفا و حرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
-5 ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن أبي عبد الله البرقي يرفعه إلى أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل جعل اسمه الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا فأعطى آدم منها خمسة و عشرين حرفا و أعطى نوحا منها خمسة و عشرين حرفا و أعطى منها إبراهيم ثمانية أحرف و أعطى موسى منها أربعة أحرف و أعطى عيسى منها حرفين و كان يحيي بهما الموتى و يبرئ بهما الأكمه و الأبرص و أعطى محمدا اثنين و سبعين حرفا و احتجب حرفا لئلا يعلم ما في نفسه و يعلم ما في نفس العباد
أقول قد أوردنا كثيرا من تلك الأخبار في أبواب الإمامة و باب قصة بلقيس
6- غو، ]غوالي اللئالي[ روي عن النبي ص أنه قال إن لله أربعة آلاف اسم ألف لا يعلمها إلا الله و ألف لا يعلمها إلا الله و الملائكة و ألف لا يعلمها إلا الله و الملائكة و النبيون أما الألف الرابع فالمؤمنون يعلمونه ثلاثمائة منها في التوراة و ثلاثمائة في الإنجيل و ثلاثمائة في الزبور و مائة في القرآن تسعة و تسعون ظاهرة و واحد منها مكتوم من أحصاها دخل الجنة
باب 4- جوامع التوحيد
الآيات البقرة اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ إلى آخر الآيات و قال تعالى وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ و قال وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ و قال وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ آل عمران الم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ أَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و قال تعالى شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و قال تعالى قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ تُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَ تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ تُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَ تَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ و قال وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و قال وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ و قال تعالى وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ و قال وَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ و قال وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ و قال وَ اللَّهُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ و قال وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ النساء وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ و قال وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً و قال وَ اللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَ أَشَدُّ تَنْكِيلًا و قال اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً و قال إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً و قال وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً و قال وَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً
و قال وَ ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً و قال وَ كانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيداً المائدة إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ و قال إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ و قال إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ و قال وَ اللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ و قال اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما فِيهِنَّ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الأنعام الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ وَ هُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ وَ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ و قال تعالى قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَ لَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ قُلْ أَ غَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ يُطْعِمُ وَ لا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ و قال تعالى وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَ إِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ و قال تعالى وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ يَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَ لَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ و قال تعالى إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فالِقُ الْإِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَ مِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَ جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَ الزَّيْتُونَ وَ الرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَ غَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَ يَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَ بَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يَصِفُونَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَ هُوَعَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
و قال تعالى وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ و قال وَ رَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ و قال تعالى أَ غَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَ هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ و قال وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَ رَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ الأعراف إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ إلى قوله تعالى إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ الأنفال وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ وَ أَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ و قال وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ و قال وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ التوبة إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ و قال حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ يونس إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ و قال تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ و قال تعالى قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ مَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَ مَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ و قال لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ و قال إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ و قال هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ و قال تعالى وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَ إِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ هود وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا و قال وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ و قال ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و قال إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ يوسف فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ الرعد إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ وَ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَ الْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَ يُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَ هُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ و قال وَ اللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ إبراهيم إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ النحل أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَ الشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَ هُمْ داخِرُونَ وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ و قال تعالى وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و قال تعالى وَ لِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الإسراء وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً
مريم وَ ما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَ ما خَلْفَنا وَ ما بَيْنَ ذلِكَ وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَ اصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا طه تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَ السَّماواتِ الْعُلى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى و قال إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً و قال تعالى وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَ قَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً الأنبياء وَ رَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ الحج أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَ مَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ و قال تعالى وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ و قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ وَ هُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ و قال تعالى يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ النور أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَ يَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ الفرقان تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً و قال تعالى وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَ كَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً الشعراء وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ و قال تعالى وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ القصص وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَ رَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَ ما يُعْلِنُونَ وَ هُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و قال تعالى وَ لا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ العنكبوت إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ و قال يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَ إِلَيْهِ تُقْلَبُونَ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ الروم يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ و قال تعالى فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ عَشِيًّا وَ حِينَ تُظْهِرُونَ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ و قال عز و جل وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ و قال تعالى وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لقمان لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ التنزيل اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا شَفِيعٍ أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ و قال سبحانه ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ الأحزاب وَ اللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ و قال تعالى وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً
و قال وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً و قال وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً و قال وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا و قال وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا سبأ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ و قال تعالى وَ رَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ فاطر مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ و قال تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ و قال تعالى فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا يس فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ الصافات سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ الزمر أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَ لَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ المؤمن تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ السجدة تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ و قال تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَ ذُو عِقابٍ أَلِيمٍ حمعسق كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَ الْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ و قال تعالى اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ و قال عز و جل فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَ يَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ وَ يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَ الْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ لَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ وَ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَ يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَ هُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ
و قال سبحانه لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً وَ يَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ و قال تعالى صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ الزخرف وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ وَ تَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ الدخان رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَ يُمِيتُ رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ الجاثية فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَ رَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ لَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الأحقاف حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى و قال سبحانه قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ الفتح وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً و قال تعالى وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً و قال سبحانه وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً النجم وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى وَ أَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَ أَحْيا وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى وَ أَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى الرحمن يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ و قال تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ الحديد سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ و قال تعالى لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ أَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الحشر و الصف سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الجمعة يُسَبِّحُ لِلَّهِ مافِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ المنافقين وَ لِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و قال تعالى وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ التغابن يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَ ما تُعْلِنُونَ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ و قال تعالى وَ اللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ و قال عز و جل إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الطلاق إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً التحريم وَ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ الملك تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ البروج وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ و قال تعالى إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَ يُعِيدُ وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ و قال تعالى وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ الأعلى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى وَ الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى الناس قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ
1- يد، ]التوحيد[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن عصام عن الكليني عن محمد بن علي بن معن عن محمد بن علي بن عاتكة عن الحسين بن النضر الفهري عن عمرو الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده ع قال قال أمير المؤمنين ع في خطبة خطبها بعد موت النبي ص بتسعة أيام و ذلك حين فرغ من جمع القرآن فقال الحمد لله الذي أعجز الأوهام أن تنال إلا وجوده و حجب العقول عن أن تتخيل ذاته في امتناعها من الشبه و الشكل بل هو الذي لم يتفاوت في ذاته و لم يتبعض بتجزية العدد في كماله فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن و تمكن منها لا على الممازجة و علمها لا بأداة لا يكون العلم إلا بها و ليس بينه و بين معلومه علم غيره إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود و إن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم فسبحانه و تعالى عن قول من عبد سواه و اتخذ إلها غيره علوا كبيرا
ف، ]تحف العقول[ خطبة المعروفة بالوسيلة الحمد لله الذي أعدم الأوهام أن تنال إلى وجوده إلى آخر ما مر أقول سيأتي الخطبة بتمامها في أبواب المواعظ مع شرحها
2- يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضوان الله عليه قال حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي قال حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني قال حدثني علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي ع قال خطب أمير المؤمنين ع الناس في مسجد الكوفة فقال الحمد لله الذي لا من شيء كان و لا من شيء كون ما قد كان المستشهد بحدوث الأشياء على أزليته و بما وسمها به من العجز على قدرته و بما اضطرها إليه من الفناء على دوامه لم يخل منه مكان فيدرك بأينية و لا له شبح مثال فيوصف بكيفية و لم يغب عن شيء فيعلم بحيثية مباين لجميع ما أحدث في الصفات و ممتنع عن الإدراك بما ابتدع من تصريف الذوات و خارج بالكبرياء و العظمة من جميع تصرف الحالات محرم على بوارع ناقبات الفطن تحديده و على عوامق ثاقبات الفكر تكييفه و على غوائص سابحات النظر تصويره لا تحويه الأماكن لعظمته و لا تذرعه المقادير لجلاله و لا تقطعه المقاييس لكبريائه ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه و عن الأفهام أن تستغرقه و عن الأذهان أن تمتثله قد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول و نضبت عن الإشارة إليه بالاكتناه بحار العلوم و رجعت بالصغر عن السمو إلى وصف قدرته لطائف الخصوم واحد لا من عدد و دائم لا بأمد و قائم لا بعمد و ليس بجنس فتعاد له الأجناس و لا بشبح فتضارعه الأشباح و لا كالأشياء فتقع عليه الصفات قد ضلت العقول في أمواج تيار إدراكه و تحيرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليته و حصرت الأفهام عن استشعار وصف قدرته و غرقت الأذهان في لجج أفلاك ملكوته مقتدر بالآلاء و ممتنع بالكبرياء و متملك على الأشياء فلا دهر يخلقه و لا وصف يحيط به قد خضعت له رواتب الصعاب في محل تخوم قرارها و أذعنت له رواصن الأسباب في منتهى شواهق أقطارها مستشهد بكلية الأجناس على ربوبيته و بعجزها على قدرته و بفطورها على قدمته و بزوالها على بقائه فلا لها محيص عن إدراكه إياها و لا خروج من إحاطته بها و لا احتجاب عن إحصائه لها و لا امتناع من قدرته عليها كفى بإتقان الصنع لها آية و بمركب الطبع عليها دلالة و بحدوث الفطر عليها قدمة و بأحكام الصنعة لها عبرة فلا إليه حد منسوب و لا له مثل مضروب و لا شيء عنه بمحجوب تعالى عن ضرب الأمثال و الصفات المخلوقة علوا كبيرا و أشهد أن لا إله إلا هو إيمانا بربوبيته و خلافا على من أنكره و أشهد أن محمدا عبده و رسوله المقر في خير مستقر المتناسخ من أكارم الأصلاب و مطهرات الأرحام المخرج من أكرم المعادن محتدا و أفضل المنابت منبتا من أمنع ذروة و أعز أرومة من الشجرة التي صاغ الله منها أنبياءه و انتجب منها أمناءه الطيبة العود المعتدلة العمود الباسقة الفروع الناضرة الغصون اليانعة الثمار الكريمة الحشا في كرم غرست و في حرم أنبتت و فيه تشعبت و أثمرت و عزت و امتنعت فسمت به و شمخت حتى أكرمه الله عز و جل بالروح الأمين و النور المنير و الكتاب المستبين و سخر له البراق و صافحته الملائكة و أرعب به الأبالس و هدم به الأصنام و الآلهة المعبودة دونه سنته الرشد و سيرته العدل و حكمه الحق صدع بما أمره ربه و بلغ ما حمله حتى أفصح بالتوحيد دعوته و أظهر في الخلق أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حتى خلصت الوحدانية و صفت الربوبية و أظهر الله بالتوحيد حجته و أعلى بالإسلام درجته و اختار الله عز و جل لنبيه ما عنده من الروح و الدرجة و الوسيلة صلى الله عليه و على آله الطاهرين
بيان قوله ع و لا من شيء كون ما قد كان رد على من يقول بأن كل حادث مسبوق بالمادة المستشهد بحدوث الأشياء على أزليته الاستشهاد طلب الشهادة أي طلب من العقول بما بين لها من حدوث الأشياء الشهادة على أزليته أو من الأشياء أنفسها بأن جعلها حادثة فهي بلسان حدوثها تشهد على أزليته و المعنى على التقديرين أن العقل يحكم بأن كل حادث يحتاج إلى موجد و أنه لا بد من أن تنتهي سلسلة الاحتياج إلى من لا يحتاج إلى موجد فيحكم بأن علة العلل لا بد أن يكون أزليا و إلا لكان محتاجا إلى موجد آخر بحكم المقدمة الأولى. و بما وسمها به من العجز على قدرته الوسم الكي شبه ع ما أظهر عليها من آثار العجز و الإمكان و الاحتياج بالسمة التي تكون على العبيد و النعم و تدل على كونها مقهورة مملوكة و بما اضطرها إليه من الفناء على دوامه إذ فناؤها يدل على إمكانها و حدوثها فيدل على احتياجها إلى صانع ليس كذلك. لم يخل منه مكان فيدرك بأينية أي ليس ذا مكان حتى يكون في مكان دون مكان كما هو من لوازم المتمكنات فيدرك بأنه ذو أين و مكان بل نسبة المجرد إلى جميع الأمكنة على السواء و لم يخل منه مكان من حيث الإحاطة العلمية و العلية و الحفظ و التربية أو أنه لم يخل منه مكان حتى يكون إدراكه بالوصول إلى مكانه بل آثاره ظاهرة في كل شيء و لا له شبح مثال فيوصف بكيفية إضافة الشبح بيانية أي ليس له شبح مماثل له لا في الخارج و لا في الأذهان فيوصف بأنه ذو كيفية من الكيفيات الجسمانية أو الإمكانية و يحتمل أن يكون المراد بالكيفية الصورة العلمية. و لم يغب عن شيء فيعلم بحيثية أي لم يغب عن شيء من حيث العلم حتى يعلم أنه ذو حيث و مكان إذ شأن المكانيات أن يغيبوا عن شيء فلا يحيطوا به علما فيكون كالتأكيد للفقرة السابقة و يحتمل أن يكون حيث هنا للزمان قال ابن هشام قال الأخفش و قد ترد حيث للزمان أي لم يغب عن شيء بالعدم ليكون وجوده مخصوصا بزمان دون زمان و يحتمل على هذا أن يكون إشارة إلى ما قيل من أنه تعالى لما كان خارجا عن الزمان فجميع الأزمنة حاضرة عنده كخيط مع ما فيه من الزمانيات و إنما يغيب شيء عما لم يأت إذا كان داخلا في الزمان و يحتمل أن تكون الحيثية تعليلية أي لم يجهل شيئا فيكون علمه به معللا بعلة و على هذا يمكن أن يقرأ يعلم على بناء المعلوم و في التوحيد لم يغب عن علمه شيء. و ممتنع عن الإدراك بما ابتدع من تصريف الذوات أي أظهر بما أبدع من الذوات
المتغيرة المنتقلة من حال إلى حال أنه يمتنع إدراكه إما لوجوب وجود المانع من حصول حقيقته في الأذهان لما مر أو لأن حصوله فيها يستلزم كونه كسائر الذوات الممكنة محلا للصفات المتغيرة فيحتاج إلى صانع أو لأن العقل يحكم بمباينة الصانع للمصنوع في الصفات فلا يدرك كما تدرك تلك الذوات و يحتمل أن يكون الظرف متعلقا بالإدراك أي يمتنع عن أن يدرك بخلقه أي بمشابهتها أو بالصور العلمية التي هي مخلوقة له. من جميع تصرف الحالات أي الصفات الحادثة المتغيرة محرم على بوارع ناقبات الفطن تحديده البوارع جمع البارعة و هي الفائقة و النقب الثقب و لعل المراد بالتحديد العقلي و يحتمل الأعم و الثاقبات النافذات أو المضيئات و التكييف إثبات الكيف له أو الإحاطة بكيفية ذاته و صفاته أي كنهها و كذا التصوير إثبات الصورة أو تصوره بالكنه و الأخير فيهما أظهر. قوله لعظمته أي لكونه أعظم شأنا من أن يكون محتاجا إلى المكان قوله ع لجلاله أي لكونه أجل قدرا عن أن يكون ذا مقدار قوله ع و لا تقطعه من قطعه كسمعه أي أبانه أو من قطع الوادي و قطع المسافة و المقاييس أعم من المقاييس الجسمانية و العقلانية و الكنه بالضم جوهر الشيء و غايته و قدره و وقته و وجهه و اكتنهه و أكنهه بلغ كنهه ذكره الفيروزآبادي. قوله ع أن تستغرقه قال الفيروزآبادي استغرق استوعب و في التوحيد أن تستعرفه أي تطلب معرفته قوله ع أن تمتثله قال الفيروزآبادي امتثله تصوره و في التوحيد تمثله قوله من استنباط أي استخراج الإحاطة به و بكنهه طوامح العقول أي العقول الطامحة الرفيعة و كل مرتفع طامح. قوله ع و نضبت يقال نضب الماء نضوبا أي غار أي يبست بحار العلوم قبل أن تشير إلى كنه ذاته أو تبين غاية صفاته قوله بالصغر بالضم أي مع الذل و السمو الارتفاع و العلو و لعل إضافة اللطائف إلى الخصوم ليست من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف بل المراد المناظرات اللطيفة بينهم أو فكرهم الدقيقة أو عقولهم و نفوسهم اللطيفة.
قوله ع واحد لا من عدد أي من غير أن يكون فيه تعدد أو من غير أن يكون معه ثان من جنسه و الأمد الغاية و العمد بالتحريك جمع العمود أي ليس قيامه قياما جسمانيا يكون بالعمد البدنية أو بالاعتماد على الساقين أو أنه قائم باق من غير استناد إلى سبب يعتمد عليه و يقيمه كسائر الموجودات الممكنة قوله ع ليس بجنس أي ذا جنس فيكون ممكنا معادلا لسائر الممكنات الداخلة تحت جنسه أو أجناسها و الشبح بالتحريك الشخص و جمعه أشباح و المضارعة المشابهة و قال الجزري التيار موج البحر و لجته انتهى و حصر الرجل كعلم تعب و حصرت صدورهم ضاقت و كل من امتنع من شيء لم يقدر عليه فقد حصر عنه ذكرها الجوهري و الاستشعار لبس الشعار و الثوب الذي يلي الجسد كناية عن ملازمة الوصف و يحتمل أن يكون المراد به هنا طلب العلم و الشعور و الملكوت الملك و العزة و السلطان قوله ع بالآلاء أي عليها و التملك الملك قهرا و ضمن معنى التسلط و الاستيلاء و في بعض نسخ التوحيد مستملك. قوله يخلقه من باب الإفعال من الخلق ضد الجديد و الراتب الثابت و الصعب نقيض الذلول و التخم منتهى الشيء و الجمع التخوم بالضم و الرصين المحكم الثابت و أسباب السماء مراقيها أو نواحيها أو أبوابها و الشاهق المرتفع من الجبال و الأبنية و غيرها فرواتب الصعاب إشارة إلى الجبال الشاهقة التي تشبه الإبل الصعاب حيث أثبتها بعروقها إلى منتهى الأرض و يحتمل أن تكون إشارة إلى جميع الأسباب الأرضية من الأرض و الجبال و الماء و الثور و السمكة و الصخرة و غيرها حيث أثبت كلا منها في مقرها بحيث لا يزول عنه و لا يتزلزل و لا يضطرب و إنما عبر عنها بالصعاب إشارة إلى أن من شأنها أن تضطرب و تزلزل لو لا أن الله أثبتها بقدرته و رواصن الأسباب إشارة إلى الأسباب السماوية من الأفلاك و الكواكب حيث رتبها على نظام لا يختل و لا يتبدل و لا يختلف و لذا أورد ع في الأول التخوم و في الثاني الشواهق و ما بعد ذلك من الفقرات مؤكدة لما مر و الإدراك و الإحاطة و الإحصاء كل منها يحتمل أن يكون بالعلم أو بالقدرة و العلية و القهر و الغلبة أو بالمعنى الأعم أو بالتوزيع. قوله ع كفى بإتقان الصنع الباء زائدة أي كفى إحكام صنعه تعالى للأشياء لكونها آية لوجوده و صفاته الكمالية و المركب مصدر ميمي بمعنى الركوب أي كفى ركوب الطبائع و غلبتها على الأشياء للدلالة على من جعل الطبائع فيها و جعلها مسخرة لها و يحتمل أن يكون اسم مفعول من التركيب كما يقال ركبت الفص في الخاتم أو عليه أي كفى الطبع الذي ركب على الأشياء دلالة على مركبها و على التقديرين رد على الطبيعيين المنكرين للصانع بإسناد الأشياء إلى الطبائع و الفطر الخلق و الابتداء و الاختراع و يحتمل أن يكون هنا الفطر بكسر الفاء و فتح الطاء على صيغة الجمع أي كفى حدوث الخلق على الأشياء دلالة على قدمه. قوله ع فلا إليه حد أي ليس له حد ينسب إليه قوله إيمانا حال أو مفعول لأجله و كذا قوله خلافا قوله ع المقر على صيغة المفعول و خير مستقر المراد به إما عالم الأرواح أو الأصلاب الطاهرة أو أعلى عليين بعد الوفاة. قوله المتناسخ أي المتزايل و المنتقل و المحتد بكسر التاء الأصل يقال فلان في محتد صدق ذكره الجوهري و المنبت بكسر الباء موضع النبات و الأرومة بفتح الهمزة و ضم الراء أصل الشجرة و بسق النخل بسوقا طال و منه قوله تعالى وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ و اليانع النضيج و الحشا واحد أحشاء البطن و المراد هنا داخل الشجرة و يحتمل أن يكون من قولهم أنا في حشاه أي في كنفه و ناحيته و سمت و شمخت كلاهما بمعنى ارتفعت و الباء في قوله به لتعديتهما و المراد بالشجرة الإبراهيمية ثم القرشية ثم الهاشمية و صدع بالحق تكلم به جهارا و الإفصاح البيان بفصاحة أي أظهر دعوته متلبسا بالتوحيد و يمكن أن تقرأ دعوته بالرفع ليكون فاعل الإفصاح و الضمير في قوله حجته و درجته راجع إلى الرسول
3- يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن عمرو الكاتب عن محمد بن أبي زياد القلزمي عن محمد بن أبي زياد الجدي صاحب الصلاة بجدة قال حدثني محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن أبي طالب قال سمعت أبا الحسن الرضا ع يتكلم بهذا الكلام عند المأمون في التوحيد قال ابن أبي زياد و رواه لي أيضا أحمد بن عبد الله العلوي مولى لهم و خالا لبعضهم عن القاسم بن أيوب العلوي أن المأمون لما أراد أن يستعمل الرضا ع جمع بني هاشم فقال إني أريد أن أستعمل الرضا على هذا الأمر من بعدي فحسده بنو هاشم و قالوا تولى رجلا جاهلا ليس له بصر بتدبير الخلافة فابعث إليه يأتنا فترى من جهله ما تستدل به عليه فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم يا أبا الحسن اصعد المنبر و انصب لنا علما نعبد الله عليه فصعد ع المنبر فقعد مليا لا يتكلم مطرقا ثم انتفض انتفاضة و استوى قائما و حمد الله و أثنى عليه و صلى على نبيه و أهل بيته ثم قال أول عبادة الله معرفته و أصل معرفة الله توحيده و نظام توحيد الله نفي الصفات عنه لشهادة العقول أن كل صفة و موصوف مخلوق و شهادة كل موصوف أن له خالقا ليس بصفة و لا موصوف و شهادة كل صفة و موصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث و شهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدث فليس الله من عرف بالتشبيه ذاته و لا إياه وحد من اكتنهه و لا حقيقته أصاب من مثله و لا به صدق من نهاه و لا صمد صمده من أشار إليه و لا إياه عنى من شبهه و لا له تذلل من بعضه و لا إياه أراد من توهمه كل معروف بنفسه مصنوع و كل قائم في سواه معلول بصنع الله يستدل عليه و بالعقول تعتقد معرفته و بالفطرة تثبت حجته خلقه الله الخلق حجاب بينه و بينهم و مباينته إياهم مفارقته أينيتهم و ابتداؤه إياهم دليلهم على أن لا ابتداء له لعجز كل مبتدإ عن ابتداء غيره و أدوه إياهم دليل على أن لا أداة فيه لشهادة الأدوات بفاقة المادين فأسماؤه تعبير و أفعاله تفهيم و ذاته حقيقة و كنهه تفريق بينه و بين خلقه و غيوره تحديد لما سواه فقد جهل الله من
استوصفه و قد تعداه من اشتمله و قد أخطأه من اكتنهه و من قال كيف فقد شبهه و من قال لم فقد عله و من قال متى فقد وقته و من قال فيم فقد ضمنه و من قال إلام فقد نهاه و من قال حتام فقد غياه و من غياه فقد غاياه و من غاياه فقد جزاه و من جزاه فقد وصفه و من وصفه فقد ألحد فيه لا يتغير الله بانغيار المخلوق كما لا ينحد بتحديد المحدود أحد لا بتأويل عدد ظاهر لا بتأويل المباشرة متجل لا باستهلال رؤية باطن لا بمزايلة مباين لا بمسافة قريب لا بمداناة لطيف لا بتجسم موجود لا بعد عدم فاعل لا باضطرار مقدر لا بجول فكرة مدبر لا بحركة مريد لا بهمامة شاء لا بهمة مدرك لا بمجسة سميع لا بآلة بصير لا بأداة لا تصحبه الأوقات و لا تضمنه الأماكن و لا تأخذه السنات و لا تحده الصفات و لا تفيده الأدوات سبق الأوقات كونه و العدم وجوده و الابتداء أزله بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له و بتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له و بمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له و بمقارنته بين الأمور عرف أن لا قرين له ضاد النور بالظلمة و الجلاية بالبهم و الجسوء بالبلل و الصرد بالحرور مؤلف بين متعادياتها مفرق بين متدانياتها دالة بتفريقها على مفرقها و بتأليفها على مؤلفها ذلك قوله جل و عز وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ففرق بها بين قبل و بعد ليعلم ألا قبل له و لا بعد شاهده بغرائزها إلا غريزة لمغرزها دالة بتفاوتها إلا تفاوت لمفاوتها مخبرة بتوقيتها إلا وقت لموقتها حجب بعضها عن بعض ليعلم ألا حجاب بينه و بينها من غيرها له معنى الربوبية إذ لا مربوب و حقيقة الإلهية إذ لا مألوه و معنى العالم و لا معلوم و معنى الخالق و لا مخلوق و تأويل السمع و لا مسموع ليس مذ خلق استحق معنى الخالق و لا بإحداثه البرايا استفاد معنى البارئية كيفو لا تغيبه مذ و لا تدنيه قد و لا يحجبه لعل و لا يوقته متى و لا يشتمله حين و لا تقارنه مع إنما تحد الأدوات أنفسها و تشير الآلة إلى نظائرها و في الأشياء يوجد أفعالها منعتها مذ القدمة و حمتها قد الأزلية و جنبتها لو لا التكملة افترقت فدلت على مفرقها و تباينت فأعربت عن مباينها بها تجلى صانعها للعقول و بها احتجب عن الرؤية و إليها تحاكم الأوهام و فيها أثبت غيره و منها أنيط الدليل و بها عرفها الإقرار بالعقول يعتقد التصديق بالله و بالإقرار يكمل الإيمان به لا ديانة إلا بعد معرفة و لا معرفة إلا بإخلاص و لا إخلاص مع التشبيه و لا نفي مع إثبات الصفات للتشبيه فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه و كل ما يمكن فيه يمتنع في صانعه لا تجري عليه الحركة و السكون و كيف يجري عليه ما هو أجراه أو يعود فيه ما هو ابتدأه إذا لتفاوتت ذاته و لتجزأ كنهه و لامتنع من الأزل معناه و لما كان للبارئ معنى غير المبروء و لوحد له وراء إذا حد له إمام و لو التمس له التمام إذا لزمه النقصان كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث و كيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الإنشاء إذا لقامت فيه آية المصنوع و لتحول دليلا بعد ما كان مدلولا عليه ليس في محال القول حجة و لا في المسألة عنه جواب و لا في معناه له تعظيم و لا في إبانته عن الخلق ضيم إلا بامتناع الأزلي أن يثنى و ما لا بدأ له أن يبدأ لا إله إلا الله العلي العظيم كذب العادلون بالله و ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً و خسروا خسرانا مبينا و صلى الله على محمد و آله الطاهرين
ج، ]الإحتجاج[ رواه مرسلا من قوله و كان المأمون لما أراد أن يستعمل الرضا ع إلى آخر الخبر
4- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الحسن بن حمزة العلوي عن محمد بن الحميري عن أبيه عن ابن عيسى عن مروك بن عبيد عن محمد بن زيد الطوسي قال سمعت الرضا ع يتكلم في توحيد الله فقال أول عبادة الله معرفته إلى آخر الخطبة
جا، ]المجالس للمفيد[ عن الحسن بن حمزة مثله بتغيير ما بيان مليا أي طويلا و الانتفاض شبه الارتعاد و الاقشعرار قوله ع أول عبادة الله أي أشرفها و أقدمها زمانا و رتبة لاشتراط قبول سائر الطاعات بها و أصل المعرفة التوحيد إذ مع إثبات الشريك أو القول بتركب الذات أو زيادة الصفات يلزم القول بالإمكان فلم يعرف المشرك الواجب و لم يثبته و نظام التوحيد و تمامه نفي الصفات الزائدة الموجودة عنه إذ أول التوحيد نفي الشريك ثم نفي التركب ثم نفي الصفات الزائدة فهذا كماله و نظامه ثم استدل ع على نفي زيادة الصفات و يمكن تقريره بوجوه الأول أن يكون إشارة إلى دليلين الأول أن كل صفة و موصوف لا بد من أن يكونا مخلوقين إذ الصفة محتاجة إلى الموصوف لقيامها به و هو ظاهر و الموصوف محتاج إلى الصفة في كماله و الصفة غيره و كل محتاج إلى الغير ممكن فلا يكون شيء منهما واجبا و لا المركب منهما فثبت احتياجهما إلى علة ثالثة ليس بموصوف و لا صفة و إلا لعاد المحذور. الثاني أن الصانع لا بد أن يكون كاملا أزلا و أبدا لشهادة جميع العقول به فلا بد من أن تكون الصفات الزائدة مقارنة له غير منفكة عنه و يجوز قدم الجميع لبطلان تعدد القدماء فيلزم حدوث الذات و الصفات معا فلا يكون شيء منها واجبا فالمراد بقوله شهادة كل موصوف و صفة شهادة كل موصوف فرض كونه صانعا و صفته أو الصفات اللازمة للذوات. الوجه الثاني أن يكون إشارة إلى دليلين على وجه آخر الأول أنه لو كانت له تعالى صفات زائدة لكانت ممكنة لامتناع تعدد الواجب و لا يجوز أن يكون الواجب موجدا لها إما لامتناع كون الشيء قابلا و فاعلا لشيء واحد أو لأن تأثير الواجب فيها يتوقف على اتصافه بتلك الصفات إذ لو لم يتوقف التأثير في تلك الصفات التي هي منشأ صدور جميع الممكنات عليها لم يتوقف التأثير في شيء عليها فلا يثبت له تعالى شيء من الصفات فتكون معلولة لغيره تعالى و من كانت جميع صفاته الكمالية من غيره لا يكون واجبا صانعا لجميع الموجودات بالضرورة. الثاني أن التوصيف اقتران خاص يوجب الاحتياج من الجانبين كما مر و الاحتياج موجب للحدوث المنافي للأزلية. الوجه الثالث أن يكون راجعا إلى دليل واحد و تقريره أنه لو كانت الصفات زائدة لكانت الذات و الصفات مخلوقة و هذا خلف و بين الملازمة بقوله و شهادة كل صفة و موصوف بالاقتران بنحو ما مر من الاحتياج المستلزم للإمكان. قوله ع فليس الله من عرف بالتشبيه ذاته أي ليس من عرف ذاته بالتشبيه بالممكنات واجبا لأنه يكون ممكنا مثلها و يمكن أن يقرأ الله بالرفع و النصب و الأول أظهر قوله من اكتنهه أي بين كنه ذاته أو طلب الوصول إلى كنهه إذ لو كان يعرف كنهه لكان شريكا مع الممكنات في التركب و الصفات الإمكانية فهو ينافي التوحيد أو لأن حصول الكنه في الذهن يستلزم تعدد أفراد الواجب كما قيل. قوله ع من مثله أي جعل له شخصا و مثالا أو مثله في ذهنه و جعل الصورة الذهنية مثالا له أو المراد أثبت له مثلا و شبهه بغيره قال الفيروزآبادي مثله له تمثيلا صوره له حتى كأنه ينظر إليه و مثل فلانا فلانا و به شبهه به انتهى و على ما ذكره يمكن أن يقرأ بالتخفيف أيضا قوله ع من نهاه بالتشديد أي جعل له حدا و نهاية من النهايات الجسمانية و من جعله كذلك فلم يصدق بوجوده بل بممكن غيره و يحتمل أن يكون المعنى جعله نهاية لفكره و زعم أنه وصل إلى كنهه قوله ع و لا صمد صمده أي لا قصد نحوه من أشار إليه إشارة حسية أو الأعم منها و من الوهمية و العقلية و في جا من أشار إليه بشيء من الحواس قوله ع من بعضه أي حكم بأن له أجزاء و أبعاضا فهو في عبادته لم يتذلل لله بل لمن عرفه و هو غيره تعالى قوله ع من توهمه أي من تخيل له في نفسه صورة أو هيئة و شكلا أو المعنى أن كل ما يصل إليه عقول العارفين فهو غير كنهه تعالى.
قوله ع كل معروف بنفسه مصنوع أي كل ما يعلم وجوده ضرورة بالحواس من غير أن يستدل عليه بالآثار فهو مصنوع أو كل ما هو معلوم بكنه الحقيقة إما بالحواس أو الأوهام أو العقول فهو مصنوع مخلوق إما لما ذكر أن كنه الشيء إنما يعلم من جهة أجزائه و كل ذي جزء فهو مركب ممكن أو لما مر من أن الصورة العقلية تكون فردا لتلك الحقيقة فيلزم التعدد و هو يستلزم التركب و يحتمل أن يكون المعنى أن الأشياء إنما تعلم بصورها الذهنية و المعروف بنفسه هو نفس تلك الصورة و هو حال في محل حادث ممكن محتاج فكيف يكون كنه حقيقة البارئ تعالى شأنه فيكون قوله ع و كل قائم في سواه معلول كالدليل عليها و على الأولين يكون نفيا لحلوله تعالى في الأشياء و قيامه بها و يؤيد المعنى الأول قوله ع بصنع الله يستدل عليه. قوله ع بالفطرة تثبت حجته أي بأن فطرهم و خلقهم خلقة قابلة للتصديق و الإذعان و المعرفة و الاستدلال أو بتعريفهم في الميثاق و فطرهم على ذلك التعريف و قد مر بيانه في باب الدين الحنيف و يحتمل أن يكون المراد هنا أن حجته تمام على الخلق بما فطر و ابتدع من خلقه قوله خلقه الله الخلق أي كونه خالقا و أن الخالق لا يكون بصفة المخلوق و يكون مباينا له في الصفات صار سببا لاحتجابه عن الخلق فلا يدركونه بحواسهم و لا عقولهم و الحاصل أن كماله و نقص مخلوقيه حجاب بينه و بينهم. قوله ع و مباينته إياهم أي مباينته تعالى إياهم ليس بحسب المكان حتى يكون في مكان و غيره في مكان آخر بل إنما هي بأن فارق أينيتهم فليس له أين و مكان و هم محبوسون في مطمورة المكان أو المعنى أن مباينته لمخلوقيه في الصفات صار سببا لأن ليس له مكان. قوله ع و أدوه إياهم أي جعلهم ذوي أدوات يحتاجون إليها في الأعمال من الأعضاء و الجوارح و القوى و سائر الآلات دليل على أنه ليس فيه شيء منها لشهادة الأدوات فيما يشاهد في المادين بفاقتهم و احتياجهم إليها و هو منزه عن الاحتياج أو المعنى أن الأدوات التي هي أجزاء للمادين تشهد بفاقتهم إلى موجد لكون كل ذي جزء محتاجا ممكنا فكيف تكون فيه تعالى. قوله فأسماؤه تعبير أي ليست عين ذاته و صفاته بل هي معبرات عنها و أفعاله تفهيم ليعرفوه و يستدلوا بها على وجوده و علمه و قدرته و حكمته و رحمته قوله ع و ذاته حقيقة أي حقيقة مكنونة عالية لا تصل إليها عقول الخلق بأن يكون التنوين للتعظيم و التبهيم أو خليقة بأن تتصف بالكمالات دون غيرها أو ثابتة واجبة لا يعتريها التغير و الزوال فإن الحقيقة ترد بتلك المعاني كلها و في بعض نسخ التوحيد حقاقة أي مثبتة موجدة لسائر الحقائق. قوله ع و كنهه تفريق بينه و بين خلقه لعل الغرض بيان أنه لا يشترك في ذاتي مع الممكنات بأبلغ وجه أي كنهه يفرق بينه و بينهم لعدم اشتراكه معهم في شيء و يحتمل أن يكون المعنى أن غاية توحيد الموحدين و معرفتهم نفي الصفات الممكنات عنه و الحاصل عدم إمكان معرفة كنهه بل إنما يعرف بالوجوه التي ترجع إلى نفي النقائص عنه كما مر تحقيقه و يؤيد الأول قوله ع و غيوره تحديد لما سواه فالغيور إما مصدر أو جمع غير أي كونه مغايرا له تحديد لما سواه فكل ما سواه مغاير له في الكنه و يحتمل أن يكون المراد بالمغايرة المباينة بحيث لا يكون من توابعه أصلا لا جزءا له و لا صفة أي كل ما هو غير ذاته فهو سواه فليس جزءا له و لا صفة قوله ع من استوصفه أي من طلب وصف كنهه أو سأل عن الأوصاف و الكيفيات الجسمانية له فقد جهل عظمته و تنزهه. قوله ع و قد تعداه أي تجاوزه و لم يعرفه من اشتمله أي توهمه شاملا لنفسه محيطا به من قولهم اشتمل الثوب إذا تلفف به فيكون ردا على القائلين بالحلول
و الاتحاد أو من توهم أنه تعالى محيط بكل شيء إحاطة جسمانية و يحتمل أن يكون كناية عن نهاية المعرفة به و الوصول إلى كنهه و في بعض نسخ يد أشمله أي جعل شيئا شاملا له بأن توهمه محاطا بمكان و مثله قوله ع من اكتنهه أي توهم أنه أصاب كنهه. قوله ع و من قال كيف أي سأل عن الكيفيات الجسمانية فقد شبهه بخلقه و من قال لم صار موجودا أو لم صار عالما أو قادرا فقد علله بعلة و ليس لذاته و صفاته علة و في جا و أكثر نسخ يد علله و هو أظهر و من قال متى وجد فقد وقت أول وجوده و ليس له أول و من قال فيم أي في أي شيء هو فقد جعله في ضمن شيء و جعل شيئا متضمنا له و هو من خواص الجسمانيات و من قال إلام أي إلى أي شيء ينتهي شخصه فقد نهاه أي جعل له حدودا و نهايات جسمانية و هو تعالى منزه عنها و من قال حتام يكون وجوده فقد غياه أي جعل لبقائه غاية و نهاية و من جعل له غاية فقد غاياه أي حكم باشتراكه مع المخلوقين في الفناء فيصح أن يقال غايته قبل غاية فلان أو بعده و من قال به فقد حكم باشتراكه معهم في الماهية في الجملة فقد حكم بأنه ذو أجزاء و من قال به فقد وصفه بالإمكان و العجز و سائر نقائص الممكنات و من حكم به فقد الحد في ذاته تعالى و يحتمل أن يكون المعنى أن من جعل لبقائه غاية فقد جعل لذاته أيضا غايات و حدودا جسمانية بناء على عدم ثبوت مجرد سوى الله تعالى و تفرع التجزؤ و ما بعده على ذلك ظاهر و يمكن أن يقال الغاية في الثاني بمعنى العلة الغائية كما هو المعروف أو الفاعلية و قد تطلق عليها أيضا بناء على أن المعلول ينتهي إليها فهي غاية له فعلى الأول المعنى أنه من حكم بانتهائه فقد علق وجوده على غاية و مصلحة كالممكنات التي عند انتهاء المصلحة ينتهي بقاؤهم و على الثاني المراد أنه لو كان وجوده واجبا لما تطرق إليه الفناء فيكون مستندا إلى علة و على الوجهين فيكون وجوده زائدا على ذاته فاتصف حينئذ بالصفات الزائدة و هذا قول بتعدد الواجب و هو إلحاد فيه و في جا و من قال حتام فقد غياه و من غياه فقد حواه و من حواه فقد ألحد فيه. قوله ع لا يتغير الله بانغيار المخلوق أي ليس التغيرات التي تكون في مخلوقاته موجبة للتغير في ذاته و صفاته الحقيقية بل إنما التغير في الإضافات الاعتبارية كما أن خلقه للمحدودين حدودا لا يوجب كونه متحددا بحدود مثلهم و يحتمل أن يكون المراد أنه لا يتغير كتغير المخلوقين و لا يتحدد كتحدد المحدودين و في جا لا يتغير الله بتغير المخلوق و لا يتحدد بتحدد المحدود. قوله ع أحد لا بتأويل عدد أي بأن يكون معه ثان من جنسه أو بأن يكون واحدا مشتملا على أعداد و قد مر تحقيقه مرارا قوله ع ظاهر لا بتأويل المباشرة أي ليس ظهوره بأن يباشره حاسة من الحواس أو ليس ظهوره بأن يكون فوق جسم يباشره كما يقال ظهر على السطح بل هو ظاهر بآثاره غالب على كل شيء بقدرته قوله ع متجل التجلي الانكشاف و الظهور و يقال استهل الهلال على المجهول و المعلوم أي ظهر و تبين أي ظاهر لا بظهور من جهة الرؤية. قوله ع لا بمزايلة أي لا بمفارقة مكان بأن انتقل عن مكان إلى مكان حتى خفي عنهم أو بأن دخل في بواطنهم حتى عرفها بل لخفاء كنهه عن عقولهم و علمه ببواطنهم و أسرارهم قوله ع لا بمسافة أي ليس مباينته لبعده بحسب المسافة عنهم بل لغاية كماله و نقصهم باينهم في الذات و الصفات قوله ع لا بمداناة أي ليس قربه قربا مكانيا بالدنو من الأشياء بل بالعلم و العلية و التربية و الرحمة قوله ع لا بتجسم أي لطيف لا بكونه جسما له قوام رقيق أو حجم صغير أو تركيب غريب و صنع عجيب أو لا لون له بل لخلقه الأشياء اللطيفة و علمه بها كما
مر أو تجرده قوله ع فاعل لا باضطرار أي هو فاعل مختار ليس بموجب و في النهج لا باضطراب آلة أي لا بتحريك الآلات و الأدوات قوله لا بجول فكرة أي ليس في تقديره للأشياء محتاجا إلى جولان الفكر و حركته و في النهج بعد ذلك غني لا باستفادة قوله ع لا بحركة أي حركة ذهنية أو بدنية. قوله ع لا بهمامة أي عزم و اهتمام و تردد قوله شاء أي ذو مشية لا بهمة و قصد و عزم حادث و الجس المس باليد و موضعه المجسة قوله ع لا تصحبه الأوقات أي دائما لحدوثها و قدمه أو ليس بزماني أصلا قوله ع و لا تضمنه بحذف إحدى التاءين و السنة مبدأ النوم قوله و لا تحده الصفات أي لا تحيط به صفات زائدة أو لا تحده توصيفات الخلق قوله ع و لا تفيده الأدوات أي لا ينتفع و لا يستفيد منها و في بعض نسخ يد و لا تقيده بالقاف ليس فعله مقيدا مقصورا على الأدوات ليحتاج إليها و في خطبة أمير المؤمنين ع و لا ترفده من قولهم رفدت فلانا إذا أعنته. قوله كونه بالرفع أي كان وجوده سابقا على الأزمنة و الأوقات بحسب الزمان الوهمي أو التقديري و كان علة لها أو غلبها فلم يقيد بها قوله ع و العدم وجوده بنصف العدم و رفع الوجود أي وجوده لوجوبه سبق و غلب العدم فلا يعتريه عدم أصلا و قيل المراد عدم الممكنات لأن عدم العالم قبل وجوده كان مستندا إلى عدم الداعي إلى إيجاده المستند إلى وجوده فوجوده سبق عدم الممكنات أيضا و قيل أريد به إعدام الممكنات المقارنة لابتداء وجوداتها فيكون كناية عن أزليته و عدم ابتداء لوجوده و فيه بعد قوله و الابتداء أزله أي سبق وجوده الأزلي كل ابتداء فليس لوجوده و لا شيء من صفاته ابتداء أو إن أزليته سبق بالعلية كل ابتداء و مبتدأ. قوله بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له أي بخلقه المشاعر الإدراكية و إفاضتها على الخلق عرف أن لا مشعر له إما لما مر من أنه تعالى لا يتصف بخلقه أو لأنا بعد إفاضة المشاعر علمنا احتياجنا في الإدراك إليها فحكمنا بتنزهه تعالى عنها لاستحالة احتياجه تعالى إلى شيء أو لما يحكم العقل به من المباينة بين الخالق و المخلوق في الصفات. و قال ابن ميثم لأنه لو كان له مشاعر لكان وجودها له إما من غيره و هو محال أما أولا فلأنه مشعر المشاعر و أما ثانيا فلأنه يكون محتاجا في كماله إلى غيره فهو ناقص بذاته و هذا محال و إما منه و هو أيضا محال لأنها إن كانت من كمالات ألوهيته كان موجدا لها من حيث هو فاقد كمالا فكان ناقصا بذاته و هذا محال و إن لم تكن كمالا كان إثباتها له نقصا لأن الزيادة على الكمال نقصان فكان إيجاده لها مستلزما لنقصانه و هو محال. و اعترض عليه بعض الأفاضل بوجوه أحدها بالنقض لأنه لو تم ما ذكره يلزم أن لا يثبت له تعالى على الإطلاق صفة كمالية كالعلم و القدرة و نحوهما و ثانيها بالحل باختيار شق آخر و هو أن يكون ذلك المشعر عين ذاته سبحانه كالعلم و القدرة و ثالثها بأن هذا الكلام على تقدير تمامه استدلال برأسه لم يظهر فيه مدخلية قوله ع بتشعيره المشاعر في نفي المشعر عنه تعالى و إنما استعمله في إثبات مقدمة لم تثبت به و قد ثبت بغيره. ثم قال فالأولى أن يقال قد تقرر أن الطبيعة الواحدة لا يمكن أن يكون بعض أفرادها علة لبعض آخر لذاته فإنه لو فرض كون نار مثلا علة لنار فعلية هذه و معلولية تلك إما لنفس كونهما نارا فلا رجحان لإحداهما في العلية و للأخرى في المعلولية بل يلزم أن يكون كل نار علة للأخرى بل علة لذاتها و معلولة لذاتها و هو محال و إن كانت العلية لانضمام شيء آخر فلم يكن ما فرضناه علة علة بل العلة حينئذ ذلك الشيء فقط لعدم الرجحان في إحداهما للشرطية و الجزئية أيضا لاتحادهما من جهة المعنى المشترك و كذلك لو فرض المعلولية لأجل ضميمة فقد تبين أن جاعل الشيء يستحيل أن يكون مشاركا لمجعوله و به يعرف أن كل كمال و كل أمر وجودي يتحقق في الموجودات الإمكانية فنوعه و جنسه مسلوب عنه تعالى و لكن يوجد له ما هو أعلى و أشرف منه أما الأول فلتعاليه
عن النقص و كل مجعول ناقص و إلا لم يكن مفتقرا إلى جاعل و كذا ما يساويه في المرتبة كآحاد نوعه و أفراد جنسه و أما الثاني فلان معطي كل كمال ليس بفاقد له بل هو منبعه و معدنه و ما في المجعول رشحة و ظلة انتهى و قال ابن أبي الحديد و ذلك لأن الجسم لا يصح منه فعل الأجسام و هذا هو الدليل الذي يعول عليه المتكلمون في أنه تعالى ليس بجسم. قوله و بتجهيره الجواهر أي بتحقيق حقائقها و إيجاد ماهياتها عرف أنها ممكنة و كل ممكن محتاج إلى مبدإ فمبدأ المبادي لا يكون حقيقة من هذه الحقائق قوله و بمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له المراد بالضد إما المعنى المصطلح أي موجودان متعاقبان على موضوع أو محل واحد أو المعنى العرفي الذي هو المساوي للشيء في القوة فعلى الأول نقول لما خلق الأضداد في محالها و وجدناها محتاجة إليها علمنا عدم كونه ضد الشيء للزوم الحاجة إلى المحل المنافية لوجوب الوجود أو لأنها لما رأينا كلا من الضدين يمنع وجود الآخر و يدفعه و يفنيه فعلمنا أنه تعالى منزه عن ذلك أو لأن التضاد إنما يكون للتحدد بحدود معينة لا تجامع غيرها كمراتب الألوان و الكيفيات و هو تعالى منزه عن الحدود و أيضا كيف يضاد الخالق مخلوقه و الفائض مفيضه و أما على الثاني فلأن المساوي في القوة للواجب يجب أن يكون واجبا فيلزم تعدد الواجب و قد مر بطلانه. قوله ع و بمقارنته بين الأمور أي بجعل بعضها مقارنا لبعض كالأعراض و محالها و المتمكنات و أمكنتها و الملزومات و لوازمها عرف أنه ليس له قرين مثلها لدلالة كل نوع منها على أنواع النقص و العجز و الافتقار و قيل أي جعلها متحددة بتحددات متناسبة موجبة للمقارنة عرف أن لا قرين له و كيف يناسب المتحدد بتحدد خاص دون المتحدد بتحدد آخر من لا تحدد له فإن نسبة اللامتحدد مطلقا إلى المتحددات كلها سواء قوله ع ضاد النور بالظلمة يدل على أن الظلمة أمر وجودي كما هو المشهور إن كان التضاد محمولا على المعنى المصطلح و الجلاية الوضوح و الظهور و البهم الخفاء و في النهج و الوضوح بالبهمة و فسرهما الشراح بالبياض و السواد و لا يخفى بعده و قال الفيروزآبادي جسأ جسوءا صلب و جسأت الأرض بالضم فهي مجسوءة من الجساء و هو الجلد الخشن و الماء الجامد و الصرد بفتح الراء و سكونها البرد فارسي معرب و الحرور بالفتح الريح الحارة. قوله ع مؤلف بين متعادياتها كما ألف بين العناصر المختلفة الكيفيات و بين الروح و البدن و بين القلوب المتشتتة الأهواء و غير ذلك قوله مفرق بين متدانياتها كما يفرق بين أجزاء العناصر و كلياتها للتركيب و كما يفرق بين الروح و البدن و بين أجزاء المركبات عند انحلالها و الأبدان بعد موتها و بين القلوب المتناسبة لحكم لا تحصى فدل التأليف و التفريق المذكوران الواقعان على خلاف مقتضى الطبائع على قاسر يقسرها عليهما و كونهما على غاية الحكمة و نهاية الأحكام على علم القاسر و قدرته و كماله. قوله ع ذلك قوله جل و عز يحتمل أن يكون استشهادا لكون المضادة و المقارنة دليلين على عدم اتصافه بهما كما فسر بعض المفسرين الآية بأن الله تعالى خلق كل جنس من أجناس الموجودات نوعين متقابلين و هما زوجان لأن كل واحد منها مزدوج بالآخر كالذكر و الأنثى و السواد و البياض و السماء و الأرض و النور و الظلمة و الليل و النهار و الحار و البارد و الرطب و اليابس و الشمس و القمر و الثوابت و السيارات و السهل و الجبل و البحر و البر و الصيف و الشتاء و الجن و الإنس و العلم و الجهل و الشجاعة و الجبن و الجود و البخل و الإيمان و الكفر و السعادة و الشقاوة و الحلاوة و المرارة و الصحة و السقم و الغناء و الفقر و الضحك و البكاء و الفرح و الحزن و الحياة و الموت إلى غير ذلك مما لا يحصى خلقهم كذلك ليتذكروا أن لهم موجدا ليس هو كذلك و يحتمل أن يكون استشهادا لكون التأليف و التفريق دالين على الصانع لدلالة خلق الزوجين على المفرق و المؤلف لهما لأنه خلق الزوجين من واحد بالنوع فيحتاج إلى مفرق يجعلهما متفرقين و جعلهما مزاوجين مؤتلفين ألفة بخصوصهما فيحتاج إلى مؤلف يجعلهما مؤتلفين و قيل كل موجود دون الله ففيه زوجان اثنان كالماهية و الوجود و الوجوب و الإمكان و المادة
و الصورة و الجنس و الفصل و أيضا كل ما عداه يوصف بالمتضايفين كالعلية و المعلولية و القرب و البعد و المقارنة و المباينة و التألف و التفرق و المعاداة و الموافقة و غيرها من الأمور الإضافية و قال بعض المفسرين المراد بالشيء الجنس و أقل ما يكون تحت الجنس نوعان فمن كل جنس نوعان كالجوهر منه المادي و المجرد و من المادي الجماد و النامي و من النامي النبات و المدرك و من المدرك الصامت و الناطق و كل ذلك يدل على أنه واحد لا كثرة فيه فقوله لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ أي تعرفون من اتصاف كل مخلوق بصفة التركيب و الزوجية و التضايف أن خالقها واحد أحد لا يوصف بصفاتها. قوله ليعلم أن لا قبل له و لا بعد يدل على عدم كونه تعالى زمانيا و يحتمل أن يكون المعنى عرفهم معنى القبلية و البعدية ليحكموا أن ليس شيء قبله و لا بعده و يعلم الفقرات التالية بما قدمنا في الكلمات السابقة و الغرائز الطبائع و مغرزها موجد غرائزها و مفيضها عليها و يمكن حملها و أمثالها على الجعل البسيط إن كان واقعا و المفاوت على صيغة اسم الفاعل من جعل بينها التفاوت و توقيتها تخصيص حدوث كل منها بوقت و بقائها إلى وقت. قوله ع حجب بعضها عن بعض أي بالحجب الجسمانية أو الأعم ليعلم أن ذلك نقص و عجز و هو منزه عن ذلك بل ليس لهم حجاب عن الرب إلا أنفسهم لإمكانهم و نقصهم قوله له معنى الربوبية أي القدرة على التربية إذ هي الكمال قوله إذ لا مألوه أي من له الإله أي كان مستحقا للمعبودية إذ لا عابد و إنما قال و تأويل السمع لأنه ليس فيه تعالى حقيقة بل مؤول بعلمه بالمسموعات قوله ع ليس مذ خلق استحق معنى الخالق إذ الخالقية التي هي كماله هي القدرة على خلق كل ما علم أنه أصلح و نفس الخلق من آثار تلك الصفة الكمالية و لا يتوقف كماله عليه و البرائية بالتشديد الخلاقية. قوله ع كيف و لا تغيبه مذ أي كيف لا يكون مستحقا لهذه الأسماء في الأزل و الحال أنه لا يصير مذ الذي هو لأول الزمان سببا لأن يغيب عنه شيء فإن الممكن إذا كان قبل ذلك المبدإ أو بعده يغيب هذا عنه و الله تعالى جميع الأشياء مع أزمنتها
حاضرة في علمه في الأزل أو أنه ليس لوجوده زمان حتى يغيب عن غيره فيقال مذ كان موجودا كان كذا و لما لم يكن زمانيا لا تدانيه كلمة قد التي هي لتقريب الماضي إلى الحال أو ليس في علمه شدة و ضعف حتى تقربه كلمة قد التي للتحقيق إلى العلم بحصول شيء و لا تحجبه كلمة لعل التي هي لترجي أمر في المستقبل أي لا يخفى عليه الأمور المستقبلة أو ليس له شك في أمر حتى يمكن أن يقول لعل و ليس له وقت أول حتى يقال له متى وجد أو متى علم أو متى قدر و هكذا أو مطلق الوقت كما مر مرارا و لا يشتمله حين و زمان و على الاحتمال الثاني تأكيد فيؤيد الأول و لا تقارنه مع بأن يقال كان شيء معه أزلا أو مطلق المعية بناء على نفي الزمان أو الأعم من المعية الزمانية أيضا فمن كان كذلك فليس تخلف الخلق عنه عجزا له و نقصا في كماله بل هو عين كماله حيث راعى المصلحة في ذلك و يمكن أن تطبق بعض الفقرات على ما قيل إنه لخروجه عن الزمان كان جميع الزمانيات حاضرة عنده في الأزل كل في وقته و بذلك وجهوا نفي التخلف مع الحدوث لكن في هذا القول إشكالات ليس المقام موضع ذكرها و ليس في جا و ج كيف و فيهما لا تغيبه مذ فلا يحتاج إلى تكلف. قوله ع إنما تحد الأدوات أنفسها الأدوات و الآلات الجوارح البدنية و القوى الجسمانية أي هذه الأعضاء و القوى إنما تحد و تشير إلى جسماني مثلها فالمراد بقوله أنفسها أنواعها و أجناسها و قيل يعني ذوي الأدوات و الآلات. أقول لا يبعد أن يكون المراد بالأدوات هذه الحروف و الكلمات التي نفاها عنه تعالى سابقا فيكون كالتعليل لما سبق و في الأشياء الممكنة توجد فعال تلك الآلات و الأدوات و آثارها لا فيه تعالى. قوله ع منعتها في النهج منعتها منذ القدمة و حمتها قد الأزلية و جنبتها لو لا التكملة بها تجلى صانعها للعقول و بها امتنع نظر العيون و قد روي القدمة و الأزلية و التكملة بالنصب و قيل كذا كانت في نسخة الرضي رضي الله عنه بخطه فتكون مفعولات ثانية و المفعولات الأول الضمائر المتصلة بالأفعال و تكون منذ و قد و لو لا في موضع الرفع
بالفاعلية و المعنى حينئذ أن إطلاق لفظ منذ و قد و لو لا على الآلات تمنعها عن كونها أزلية قديمة كاملة فلا تكون الآلات محددة له سبحانه مشيرة إليه جل شأنه إذ هي لحدوثها و نقصها بعيدة المناسبة عن الكامل المطلق القديم في ذاته أما الأولى فلأنها لابتداء الزمان و لا ريب أن منذ وجدت الآلة تنافي قدمها و أما الثانية فلأنها لتقريب الماضي من الحال فقولك قد وجدت هذه الآلة تحكم بقربها من الحال و عدم أزليتها و قوله حمتها أي منعتها و أما لو لا فلأن قولك إلى المستحسنة منها و المتوقد من الأذهان ما أحسنها لو لا أن فيها كذا فيدل على نقص فيها فيجنبها عن الكمال المطلق و يروى أيضا برفع القدمة و الأزلية و التكملة على الفاعلية فتكون الضمائر المتصلة مفعولات أول و قد و منذ و لو لا مفعولات ثانية و يكون المعنى أن قدم الباري سبحانه و أزليته و كماله المطلق منعت الآلات و الأدوات عن إطلاق لفظ قد و منذ و لو لا عليه سبحانه لأنه تعالى قديم كامل و قد و منذ لا يطلقان إلا على محدث و لو لا لا تطلق إلا على ناقص. أقول و يحتمل أن يكون المراد القدمة التقديرية أي لو كانت قديمة لمنعت عن إطلاق مذ عليها و كذا في نظيريها. قوله ع بها تجلى أي بمشاعرنا و خلقه إياها و تصويره لها تجلى لعقولنا بالوجود و العلم و القدرة قوله ع و بها امتنع أي بمشاعرنا استنبطنا استحالة كونه تعالى مرئيا بالعيون لأنا بالمشاعر و الحواس كملت عقولنا و بعقولنا استخرجنا الدلالة على أنه لا تصح رؤيته أو بإيجاد المشاعر مدركة بحاسة البصر ظهر امتناعه عن نظر العيون لأن المشاعر إنما تدرك بالبصر لأنها ذات وضع و لون و غيره من شرائط الرؤية فيها علمنا أنه يمتنع أن يكون محلا لنظر العيون أو لما رأينا المشاعر إنما تدرك ما كان ذا وضع بالنسبة إليها علمنا أنه لا يدرك بها لاستحالة الوضع فيه. ثم اعلم أنه على ما في تلك النسخ الفقرتان الأوليان مشتركتان إلا أنه يحتمل إرجاع الضميرين البارزين في منعتها و حمتها إلى الأشياء لا سيما إذا حملنا الأدوات و الآلات على الحروف و أما الثالثة فالمعنى أنه لو لا أن الكلمة أي اللغات و الأصوات أو الآراء و العزائم أو المخلوقات فإنها كلم الرب لدلالتها على وجوده و سائر كمالاته افترقت و اختلفت فدلت على مفرق فرقها و تباينت فأعربت و أظهرت عن مباينها أي من جعلها متبائنة أو عن صانع هو مباين لها في الصفات لما تجلى و ظهر صانعها للعقول كما قال تعالى وَ مِنْ آياتِهِ... اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ و بها أي بالعقول احتجب عن الرؤية لأن الحاكم بامتناع رؤيته هو العقل و إلى العقل تتحاكم الأوهام عند اختلافها. قوله ع و فيها أثبت غيره أي كل ما يثبت و يرتسم في العقل فهو غيره تعالى و يحتمل أن يكون غيره مصدرا بمعنى المغايرة أي بها يثبت مغايرته الممكنات و يمكن إرجاع الضمير إلى الأوهام أي القول بالشريك له تعالى فعل الوهم لا العقل لكن فيه تفكيك و من العقول يستنبط الدليل على الأشياء و بالعقول عرف الله العقول أو ذويها الإقرار به تعالى و يمكن إرجاع الضميرين أيضا إلى الأوهام أي الأوهام معينة للعقل و آلات في استنباط الدليل و بالأوهام عرف الله العقول الإقرار بأنه ليس من جنسها و من جنس مدركاتها و بما ذكرنا يظهر جواز إرجاع الضميرين في النهج إلى العقول كما أنه يجوز إرجاع جميع الضمائر هنا إلى الآلات و الأدوات و لكنهما بعيدان و الأخير أبعد. قوله و لا ديانة الديانة مصدر دان يدين و في المصادر الديانة ديندار گشتن أي لا تدين بدين الله أو من دان بمعنى أطاع و عبد أي لا عبادة إلا بعد معرفة الله و الإخلاص هو جعل المعرفة خالصة عما لا يناسب ذاته المقدسة من الجسمية و العرضية و الصفات الزائدة و العوارض الحادثة و حمله على الإخلاص في العبادة لا يستقيم إلا بتكلف و لا يتحقق الإخلاص مع تشبيهه تعالى بخلقه في الذات و الصفات و في بعض النسخ كما في ج و لا نفي مع إثبات الصفات للتشبيه و قوله للتشبيه متعلق بالنفي أي لم ينف التشبيه من أثبت له الصفات الزائدة. و في أكثر النسخ للتنبيه و لعل المراد به الإشارة إلى ما مر من أنه يجب إخراجه تعالى عن حد النفي و حد التشبيه أي إذا نفينا عنه التشبيه لا يلزم النفي المطلق مع أنا
نثبت الصفات لتنبيه الخلق على اتصافه بها على وجه لا يستلزم النقص كما تقول عالم لا كعلم العلماء قادر لا كقدرة القادرين و إنما قال للتنبيه إشارة إلى أنه لا يمكن تعقل كنه صفاته تعالى ثم بين عليه السلام ذلك بقوله فكل ما في الخلق إلخ. ثم استدل ع بعدم جريان الحركة و السكون عليه بوجوه الأول أنه تعالى أجراهما على خلقه و أحدثهما فيهم فكيف يجريان فيه بناء على ما مر مرارا من أنه تعالى لا يتصف بخلقه و لا يستكمل به و استدل عليه بعضهم بأن المؤثر واجب التقدم بالوجود على الأثر فذلك الأثر إما أن يكون معتبرا في صفات الكمال فيلزم أن يكون تعالى باعتبار ما هو موجد له و مؤثر فيه ناقصا بذاته مستكملا بذلك الأثر و النقص عليه محال و إن لم يكن معتبرا في صفات كماله فله الكمال المطلق بدون ذلك الأثر فكان إثباته له نقصا في حقه لأن الزيادة على الكمال المطلق نقصان و هو عليه تعالى محال أو لأنه لو جريا عليه لم ينفك أحدهما عنه فيدل على حدوثه كما استدل المتكلمون على حدوث الأجسام بذلك و الأول أظهر لفظا و معنى. الثاني أنه يلزم أن تكون ذاته متفاوتة متغيرة بأن يكون تارة متحركا و أخرى ساكنا و الواجب لا يكون محلا للحوادث و التغيرات لرجوع التغير فيها إلى الذات. الثالث أنه يلزم أن يكون ذاته و كنهه متجزيا إما لأن الحركة من لوازم الجسم أو لأن الحركة بأنواعها إنما تكون في شيء يكون فيه ما بالقوة و ما بالفعل أو لأنه يستلزم شركته مع الممكنات فيلزم تركبه مما به الاشتراك و ما به الامتياز و أما قوله ع و لامتنع إلى قوله غير المبروء كالتعليل لما سبق. قوله ع و لو حد له وراء أي لو قيل إن له وراء و خلفا فيكون له أمام أيضا فيكون منقسما إلى شيئين و لو وهما فيلزم التجزؤ كما مر ثم بين ع أنه لا يجوز أن يكون الله مستكملا بغيره أو يحدث فيه كمال لم يكن فيه و إلا لكان في ذاته ناقصا و النقص منفي عنه تعالى بإجماع جميع العقلاء و أيضا يستلزم الاحتياج إلى الغير في الكمال المنافي لوجوب الوجود كما مر ثم أشار ع إلى أن الأزلي لا يكون إلا من كان واجبا بالذات ممتنعا عن الحدوث و إلا كان ممكنا محتاجا إلى صانع فلا يكون أزليا إذ كل مصنوع حادث و يحتمل أن يكون المراد بامتناع الحدوث امتناع أن يحدث فيه الحوادث و كونه محلا لها و بيانه بأنه ينافي الأزلية و الوجوب. قوله ع و كيف ينشئ الأشياء أي جميعها من لا يمتنع من كونه منشئا إذ هو نفسه و من أنشأه لا يكونان من منشئاته فكيف يكون منشئا للجميع أو أن منشئ كل شيء و مبدعه لا يكون إلا واجبا كما مر في باب أنه تعالى خالق كل شيء و يحتمل أن يكون المراد عدم الامتناع من إنشاء شيء فيه إذ لا يجوز أن يكون منشئ تلك الصفة نفسه و لا غيره ثم استدل على جميع ما تقدم بأنه لو كان فيه تلك الحوادث و التغيرات و إمكان الحدوث لقامت فيه علامة المصنوع و لكان دليلا على وجود صانع آخر غيره كسائر الممكنات لاشتراكه معهم في صفات الإمكان و ما يوجب الاحتياج إلى العلة لا مدلولا عليه بأنه صانع. قوله ع ليس في محال القول حجة أي ليس في هذا القول المحال أي إثبات الحوادث و الصفات الزائدة له حجة و لا في السؤال عن هذا القول لظهور خطئه جواب و ليس في إثبات معنى هذا القول له تعالى تعظيم بل هو نقص له كما عرفت و ليس في إبانته تعالى عن الخلق في الاتصاف بتلك الصفات حيث نفيت عنه تعالى و أثبتت فيهم ضيم أي ظلم على الله تعالى أو على المخلوقين إلا بأن الأزلي يمتنع من الاثنينية و إثبات الصفات الزائدة يوجب الاثنينية في الأزلي و بأن ما لا بدأ له على المصدر أو بديء له على فعيل بمعنى مفعل يمتنع من أن يبدأ و يكون له مبدأ و ما نسبوا إليه تعالى مما مر مستلزم لكونه تعالى ذا مبدإ و علة فالمعنى أنه لا يتوهم ظلم إلا بهذا الوجه و هذا ليس بظلم كما في قول الشاعر
و لا عيب فيهم غير أن سيوفهم. بهن فلول من قراع الكتائب.
و العادلون بالله هم الذين يجعلون غيره تعالى معادلا و متشابها له. أقول قد روي في ف و النهج مثل هذه الخطبة مع زيادات عن أمير المؤمنين ع و قد أوردتها في أبواب خطبه ع
5- نهج، ]نهج البلاغة[ ج، ]الإحتجاج[ عن أمير المؤمنين ع الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون و لا يحصي نعمه العادون و لا يؤدي حقه المجتهدون الذي لا يدركه بعد الهمم و لا يناله غوص الفطن الذي ليس لصفته حد محدود و لا نعت موجود و لا وقت معدود و لا أجل ممدود فطر الخلائق بقدرته و نشر الرياح برحمته و وتد بالصخور ميدان أرضه أول الدين معرفته و كمال معرفته التصديق به و كمال التصديق به توحيده و كمال توحيده الإخلاص له و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف و شهادة كل موصوف أنه غير الصفة فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه و من قرنه فقد ثناه و من ثناه فقد جزأه و من جزأه فقد جهله و من أشار إليه فقد حده و من حده فقد عده و من قال فيم فقد ضمنه و من قال علام فقد أخلا منه كائن لا عن حدث موجود لا عن عدم مع كل شيء لا بمقارنة و غير كل شيء لا بمزايلة فاعل لابمعنى الحركات و الآلة بصير إذ لا منظور إليه من خلقه متوحد إذ لا سكن يستأنس به و لا يستوحش لفقده أنشأ الخلق إنشاء و ابتدأه ابتداء بلا روية أجالها و لا تجربة استفادها و لا حركة أحدثها و لا همامة نفس اضطرب فيها أجل الأشياء لأوقاتها و لاءم بين مختلفاتها و غرز غرائزها و ألزمها أشباحها عالما بها قبل ابتدائها محيطا بحدودها و انتهائها عارفا بقرائنها و أحنائها
بيان الفقرة الأولى إقرار بالعجز عن الحمد باللسان كما أن الثانية اعتراف بالقصور عن الشكر بالجنان و الثالثة عن العمل بالأركان و الهمة القصد و الإرادة و بعدها علوها و تعلقها بالأمور العالية أي لا تدركه الهمم العالية المتعرضة لصعاب الأمور الطائرة إلى إدراك عوالي الأمور و الفطن بكسر الفاء و فتح الطاء جمع فطنة بالكسر الحذق وجوده استعداد الذهن لتصور ما يرد عليه أي لا يصل إلى كنه حقيقته الفطن الغائصة في بحار الأفكار. قوله ع الذي ليس لصفته أي لا يدخل في صفاته الحقيقية حد محدود من الحدود و النهايات الجسمانية و يحتمل أن يكون الصفة بمعنى التوصيف أي لا يمكن توصيفه بحد و وصف الحد بالمحدود إما لأن كل حد من الحدود الجسمانية فله حد أيضا كالسطح ينتهي إلى الخطو مثلا أو على المبالغة كقولهم شعر شاعر و يمكن أن يقرأ على الإضافة و إن كان خلاف ما هو المضبوط و يمكن أن يكون المعنى أنه ليس لتوصيفه تعالى بصفات كماله حد ينتهي إليه بل محامده أكثر من أن تحصى و لا يوصف أيضا بنعت موجود أي بالصفات الزائدة ردا على الأشعري و إنما قيد بقوله موجود إذ لا ضير في توصيفه بالصفات الاعتبارية و الإضافية و يحتمل أن يكون المراد نعت موجود في المخلوقين أو يكون الموجود من الوجدان أي نعت يحيط به العقل و احتمال الإضافة فيها و في قرينتيها باق مع بعده و لا يمكن وصفه أيضا بالوقت و الأجل و الفرق بينهما باعتبار الابتداء و انتهاء أي ليس له وقت معدود من جهة الأزل و لا أجل مؤجل ممدود من جهة الأبد و قال ابن أبي الحديد يعني بصفته هاهنا كنهه و حقيقته يقول ليس لكنهه حد فيعرف بذلك الحد قياسا على الأشياء المحدودة لأنه ليس بمركب و كل محدود مركب. ثم قال و لا نعت موجود أي لا يدرك بالرسم كما يدرك الأشياء برسومها و هو أن يعرف بلازم من لوازمها و صفة من صفاتها ثم قال و لا وقت معدود و لا أجل ممدود و فيه إشارة إلى الرد على من قال إنا نعلم كنه الباري تعالى لا في هذه الدنيا بل في الآخرة و قال ابن ميثم المراد أنه ليس لمطلق ما يعتبره عقولنا له من الصفات السلبية و الإضافية نهاية معقولة تقف عندها فيكون حدا له و ليس لمطلق ما يوصف به أيضا وصف موجود بجمعه فيكون نعتا له و منحصرا فيه ثم قال ليس لصفته حد أي ليس لها غاية بالنسبة إلى متعلقاتها كالعلم بالنسبة إلى المعلومات و القدرة إلى المقدورات انتهى و لا يخفى بعد تلك الوجوه. و الفطر الابتداع و الخلائق جمع خليقة بمعنى المخلوق أو الطبيعة و الأول أظهر و نشر الرياح أي بسطها برحمته أي بسبب المطر أو الأعم و يؤيد الأول قوله تعالى وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وتد بالصخور يقال وتد أي ضرب الوتد في حائط أو غيره و الصخور الحجارة العظام و الميدان بالتحريك الحركة بتمايل هو الاسم من ماد يميد ميدا و هو من إضافة الصفة إلى موصوفها و التقدير وتد
بالصخور أرضه المائدة و إنما أسند إلى الصفة لأنها العلة في إيجاد الجبال كما قال تعالى وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ و قال وَ الْجِبالَ أَوْتاداً. ثم اعلم أنهم اختلفوا في أنه لم صارت الجبال سببا لسكون الأرض على أقوال الأول أنه السفينة إذا ألقيت على وجه الماء فإنها تميل فإذا وضعت فيها أجرام ثقيلة استقرت و لعل غرضهم أن الأرض إذا لم توتد بالجبال لأمكن أن تتحرك بتموج الهواء و نحوه حركة قسرية. الثاني ما ذكره الفخر الرازي حيث قال قد ثبت أن الأرض كره و أن هذه الجبال بمنزلة خشونات و تضريسات على وجه الكرة فلو فرضنا أن الأرض كانت كره حقيقة لتحركت بالاستدارة بأدنى سبب لأن الجرم البسيط المستدير يجب كونه متحركا على نفسه بأدنى سبب و إن لم تجب حركته بنفسه عقلا أما إذا حصل على سطحها هذه الجبال فكل واحد إنما يتوجه بطبعه إلى المركز فيكون بمنزلة الأوتاد و لا يخفى ما فيه من التشويش و الفساد. الثالث ما يخطر بالبال و هو أن يكون مدخلية الجبال لعدم اضطراب الأرض بسبب اشتباكها و اتصال بعضها ببعض في أعماق الأرض بحيث تمنعها عن تفتت أجزائها و تفرقها فهي بمنزلة الأوتاد المغروزة المثبتة في الأبواب المركبة من قطع الخشب الكثيرة بحيث تصير سببا لالتصاق بعضها ببعض و عدم تفرقها و هذا معلوم ظاهر لمن حفر الآبار في الأرض فإنها تنتهي عند المبالغة في حفرها إلى الأحجار الصلبة الرابع ما أول بعضهم الآية به و هو أن المراد بالأوتاد الأنبياء و العلماء و بالأرض الدنيا فإنهم سبب استقرار الدنيا و لا يخفى أنه لو استقام هذا الوجه في الآية لا يجري في كلامه ع إلا بتكلف لا يرتضيه عاقل. الخامس أن يقال المراد بالأرض قطعاتها و بقاعها لا مجموع كره الأرض و يكون الجبال أوتادا لها أنها حافظة لها عن الميدان و الاضطراب بالزلزلة و نحوها إما لحركة البخارات المحتقنة في داخلها بإذن الله تعالى أو لغير ذلك من الأسباب التي يعلمها مبدعها و منشئها و يؤيده ما سيأتي من خبر ذي القرنين و سيأتي تمام القول في ذلك في كتاب السماء و العالم. قوله ع و كمال معرفته التصديق به الفرق بينهما إما بحمل المعرفة على الإذعان بثبوت صانع في الجملة و التصديق على الإذعان بكونه واجب الوجود أو مع سائر الصفات الكمالية أو بحمل الأول على المعرفة الفطرية و الثاني على الإذعان الحاصل بالدليل أو الأول على المعرفة الناقصة و الثاني على التامة التي وصلت حد اليقين و إنما قال ع و كمال التصديق به توحيده لأن من لم يوحده و أثبت له شريكا فقد حكم بما يستلزم إمكانه فلم يصدق به بل بممكن غيره فمن وصف الله أي بالصفات الزائدة فقد قرنه أي جعل له شيئا يقارنه دائما و من حكم بذلك فقد ثناه أي حكم باثنينية الواجب إذ القديم لا يكون ممكنا و من حكم بذلك فقد حكم بأنه ذو أجزاء لتركبه مما به الاشتراك و ما به الامتياز أو لأن التوصيف بالأوصاف الزائدة الموجودة المتغائرة لا يكون إلا بسبب الأجزاء المتغائرة المختلفة أو لأن إله العالم و مبدعه إما أن يكون ذاته تعالى فقط مع قطع النظر عن هذه الصفات أو ذاته معها و الأول باطل لأن الذات الخالية عنها لا تصلح للإلهية و كذا الثاني لأن واجب الوجود إذا يصير عبارة عن كثرة مجتمعة من أمور موجودة فكان مركبا فكان ممكنا. قوله ع و من أشار إليه أي بالإشارة الحسية فقد حده بالحدود الجسمانية أو بالإشارة العقلية فقد حده بالحدود العقلانية و من حده فقد عده أي جعله ذا عدد و أجزاء و قيل عده من الممكنات و لا يخفى بعده. قوله ع و لا يستوحش كأن كلمة لا تأكيد للنفي السابق أي و لا سكن يستوحش لفقده أو زائدة كما في قوله تعالى ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ و يحتمل كون الجملة حالية. قوله ع و ألزمها أشباحها الضمير المنصوب في قوله ألزمها إما راجع إلى الغرائز أو إلى الأشياء فعلى الأول المراد بالأشباح الأشخاص أي جعل الغرائز و الطبائع لازمة لها و على الثاني فالمراد بها إما الأشخاص أي ألزم الأشياء بعد كونها كلية أشخاصها أو الأرواح إذ يطلق على عالمها في الأخبار عالم الأشباح و في بعض النسخ أسناخها أي أصولها قوله ع بقرائنها أي بما يقترن بها و الأحناء جمع حنو و هو الجانب و الناحية
6- ج، ]الإحتجاج[ في خطبة أخرى له ع أول عبادة الله معرفته و أصل معرفته توحيده و نظام توحيده نفي الصفات عنه جل أن تحله الصفات لشهادة العقول أن كل من حلته الصفات مصنوع و شهادة العقول أنه جل جلاله صانع ليس بمصنوع فصنع الله يستدل عليه و بالعقول يعقد معرفته و بالفكر تثبت حجته جعل الخلق دليلا عليه فكشف به عن ربوبيته هو الواحد الفرد في أزليته لا شريك له في إلهيته و لا ند له في ربوبيته بمضادته بين الأشياء المتضادة علم أن لا ضد له و بمقارنته بين الأمور المقترنة علم أن لا قرين له
شا، ]الإرشاد[ أبو الحسن الهزلي عن الزهري و عيسى بن زيد عن صالح بن كيسان أن أمير المؤمنين ع قال في الحث على معرفة الله سبحانه و التوحيد له أول عبادة الله معرفته إلى آخر الخبر
7- ج، ]الإحتجاج[ و قال ع في خطبة أخرى دليله آياته و وجوده إثباته و معرفته توحيده و توحيده تمييزه من خلقه و حكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة إنه رب خالق غير مربوب مخلوق ما تصور فهو بخلافه ثم قال بعد ذلك ليس بإله من عرف بنفسه هو الدال بالدليل عليه و المؤدي بالمعرفة إليه
إيضاح قوله ع و وجوده إثباته لعل الوجود مصدر بمعنى الوجدان يقال وجده وجودا و وجدانا أي أدركه أي ليس يمكن من وجدان كنه ذاته إلا إثباته و يحتمل أن يكون الحمل على المبالغة أي وجوده ظاهر مستلزم للإثبات. قوله ع بينونة صفة أي تميزه عن الخلق بمباينته لهم في الصفات لا باعتزاله عنهم في المكان و المؤدي على اسم الفاعل و يحتمل اسم المفعول
-8 ج، ]الإحتجاج[ و قال ع في خطبة أخرى لا يشمل بحد و لا يحسب بعد و إنما تحد الأدوات أنفسها و تشير الآلات إلى نظائرها منعتها منذ القدمة و حمتها قد الأزلية و جنبتها لو لا التكملة بها تجلى صانعها للعقول و بها امتنع من نظر العيون لا تجري عليه الحركة و السكون و كيف يجري عليه ما هو أحراه و يعود فيه ما هو أبدأه و يحدث فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته و لجزأ كنهه و لامتنع من الأزل معناه و لكان له وراء إذا وجد له إمام و لالتمس التمام إذا لزمه النقصان و إذا لقامت آية المصنوع فيه و لتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه و خرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما في غيره الذي لا يحول و لا يزول و لا يجوز عليه الأفول لم يلد فيكون مولودا و لم يولد فيصير محدودا جل عن اتخاذ الأبناء و طهر عن ملامسة النساء لا تناله الأوهام فتقدره و لا تتوهمه الفطن فتصوره و لا تدركه الحواس فتحسه و لا تلمسه الأيدي فتمسه و لا يتغير بحال و لا يتبدل بالأحوال و لا تبليه الليالي و الأيام و لا يغيره الضياء و الظلام و لا يوصف بشيء من الأجزاء و لا بالجوارح و الأعضاء و لا بعرض من الأعراض و لا بالغيرية و الأبعاض و لا يقال له حد و لا نهاية و لا انقطاع و لا غاية و لا أن الأشياء تحويه فتقله أو تهويه و لا أن الأشياء تحمله فيميله أو يعدله ليس في الأشياء بوالج و لا عنها بخارج يخبر لا بلسان و لهوات و يسمع لا بخروق و أدوات يقول و لا يلفظ و يحفظ و لا يتحفظ و يريد و لا يضمر يحب و يرضى من غير رقة و يبغض و يغضب من غير مشقة يقول لما أراد كونه كُنْ فَيَكُونُ لا بصوت يقرع و لا نداء يسمع و إنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه و مثله لم يكن من قبل ذلك كائنا و لو كان قديما لكان إلها ثانيا لا يقال له كان بعد أن لم يكن فتجري عليه الصفات المحدثات و لا يكون بينها و بينه فصل و لا له عليها فضل فيستوي الصانع و المصنوع و يتكافأ المبتدع و البديع خلق الخلائق من غير مثال خلا من غيره و لم يستعن على خلقها بأحد من خلقه و أنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال و أرساها على غير قرار و أقامها بغير قوائم و رفعها بغير دعائم و حصنها من الأود و الاعوجاج و منعها من التهافت و الانفراج أرسى أوتادها و ضرب أسدادها و استفاض عيونها و خد أوديتها فلم يهن ما بناه و لا ضعف ما قواه و هو الظاهر عليها بسلطانه و عظمته و الباطن لها بعلمه و معرفته و العالي على كل شيء منها بجلاله و عزته لا يعجزه شيء منها طلبه و لا يمتنع عليه فيغلبه و لا يفوته السريع منها فيسبقه و لا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه خضعت الأشياء له فذلت مستكينة لعظمته لا تستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فتمتنع من نفعه و ضره و لا كفء له فيكافئه و لا نظير له فيساويه هو المفني لها بعد وجودها حتى يصير موجودها كمفقودها و ليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها و اختراعها كيف و لو اجتمع جميع حيوانها من طيرها و بهائمها و ما كان من مراحها و سائمها و أصناف أسناخها و أجناسها و متبلدة أممها و أكياسها على إحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها و لا عرفت كيف السبيل إلى إيجادها و لتحيرت عقولها في علم ذلك و تاهت و عجزت قواها و تناهت و رجعت خاسئة حسيرة عارفة بأنها مقهورة مقرة بالعجز عن إنشائها مذعنة بالضعف عن إفنائها و أنه يعود سبحانه بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها بلا وقت
و لا مكان و لا حين و لا زمان عدمت عند ذلك الآجال و الأوقات و زالت السنون و الساعات فلا شيء إلا الواحد القهار الذي إليه مصير جميع الأمور بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها و بغير امتناع منها كان فناؤها و لو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها لم يتكاءده صنع شيء منها إذ صنعه و لم يؤده منها خلق ما برأه و خلقه و لم يكونها لتشديد سلطان و لا لخوف من زوال و نقصان و لا للاستعانة بها على ند مكاثر و لا للاحتراز بها من ضد مشاور و لا للازدياد بها في ملكه و لا لمكاثرة شريك في شركة و لا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسأم دخل عليه في تصريفها و تدبيرها و لا لراحة واصلة إليه و لا لثقل شيء منها عليه لا يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها لكنه سبحانه دبرها بلطفه و أمسكها بأمره و أتقنها بقدرته ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها و لا استعانة بشيء منها عليها و لا لانصراف من حال وحشة إلى حال استيناس و لا من حال جهل و عمى إلى حال علم و التماس و لا من فقر و حاجة إلى غنى و كثرة و لا من ذل و ضعة إلى عز و قدرة
تبيان لا يشمل بحد أي بالحدود و النهايات الجسمانية أو بالحد العقلي المركب من الجنس و الفصل و لا يحسب بعد أي بالأجزاء و الصفات الزائدة المعدودة و قال ابن أبي الحديد يحتمل أن يريد لا يحسب أزليته بعد أي لا يقال له منذ وجد كذا و كذا كما يقال للأشياء المتقدمة العهد و يحتمل أن يريد به أنه ليس بمماثل للأشياء فيدخل تحت العدد كما تعد الجواهر و كما تعد الأمور المحسوسة أقول و قد مر تفسير كثير من الفقرات. قوله ع إذا وجد له أمام أي لو جرت عليه الحركة لكان له أمام يتحرك إليه و حينئذ يستلزم أن يكون له وراء لأنهما إضافتان لا تنفك إحداهما عن الأخرى و ذلك محال لأن كل ذي وجهين فهو منقسم و كل منقسم ممكن و يحتمل أن يكونا كنايتين عما بالقوة و ما بالفعل ليشمل سائر أنواع الحركة كما أومأنا إليه سابقا قوله ع و لالتمس التمام أي الحركة إنما تكون لتحصيل أمر بالقوة فمع عدمه ناقص و النقص عليه محال. قوله ع و خرج بسلطان الامتناع قيل هو معطوف علي كان مدلولا عليه و سلطان الامتناع وجوب الوجود و التجرد و كونه ليس بمتحيز و لا حال في المتحيز و قيل هو معطوف على قوله بها امتنع عن نظر العيون يعني بها امتنع عن نظر العيون و خرج بسلطان ذلك الامتناع أي امتناع أن يكون مثلها في كونها مرئية للعيون عن أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره من المرئيات و هي الأجسام و الجسمانيات و قيل إنه معطوف على قوله بها تجلى أي بها تجلى للعقول و خرج بسلطان امتناع كونه مثلا لها أي بكونه واجب الوجود ممتنع العدم عن أن يكون ممكنا فيقبل أثرا كما يقبل الممكنات. أقول الأظهر عطفه على قوله لا يجري عليه الحركة و السكون لكون ما بعدها من الفقرات دليلا عليها و من توابعها و سلطان الامتناع وجوب الوجود المقتضي للامتناع عن الاشتراك مع الممكنات و أما العطف على الفقرات السابقة مع تخلل الفقرات الأجنبية فلا يخفى بعده. قوله ع لا يحول أي لا يتغير و قال الفيروزآبادي كل ما تحرك أو تغير من الاستواء إلى العوج فقد حال و الأفول الغيبة قوله ع فيكون مولودا أي من جنسه و نوعه لأن الوالد و الولد يتشاركان في النوع و الصنف و العوارض فيكون جسما مركبا محتاجا و يحتمل أن يكون المراد بالمولود المخلوق أي فيكون مخلوقا. و قال ابن أبي الحديد المراد أنه يلزم من فرض صحة كونه والدا صحة كونه مولودا على التفسير المفهوم من الوالدية و هو أن يتصور من بعض أجزائه حي آخر من نوعه على سبيل الاستحالة لذلك الجزء كما في النطفة فصح أن يكون مولودا من والد آخر لأن الأجسام متماثلة في الجسمية و قد ثبت ذلك في موضعه و أما أنه لا يصح كونه مولودا فلأن كل مولود متأخر عن والده بالزمان فيكون محدثا. و قال ابن ميثم يمكن أن يكون خطابيا غايته الإقناع و يمكن أن يكون المراد بالوالدية و المولودية ما هو أعم من المعنى المشهور فإن الملازمة على المعنى المشهور غير واجب كما في أصول الحيوان الحادثة و حينئذ فبيانها أن مفهوم الولد هو الذي
يتولد و ينفصل عن آخر مثله من نوعه لكن أشخاص النوع الواحد لا تتعين إلا بواسطة المادة و علائقها كما علم في مظانه من الحكمة و كل ما كان ماديا فهو متولد عن مادته و صورته و أسباب وجوده و تركيبه و لو كان مولودا بذلك المعنى لكان منتهيا إلى حدوده و هي أجزاؤه التي تقف عندها و تنتهي في التحليل إليها و لكان محاطا و محدودا بالمحل الذي تولد منه انتهى. قوله ع فتقدره أي بمقدار و شكل و كيف و الفطنة سرعة الفهم قوله ع فتصوره أي بصورة خيالية أو عقلية قوله ع فتحسه أي تدركه بنحو الإحساس الموقوف على مباشرة و وضع خاص ردا على من زعم أنه يمكن أن يدرك بالحواس بدون مقارنة و محاذاة كذا ينبغي أن يفهم لا كما ذكره الفاضل البحراني حيث قال أي لو أدركته الحواس لصدق أنها أحسته أي لصدق هذا الاسم فيلزم أن يصدق عليه تعالى كونه محسوسا و إنما ألزم ع ذلك لكون الإحساس أشهر و أبين في استحالته على الله سبحانه و قال في الفقرة التالية أي لو صدق أنها تلمسه لصدق أنها تمسه و هو ظاهر إذ كان المس أعم من اللمس و كلاهما ممتنعان عليه لاستلزامهما الجسمية انتهى. أقول في الأعمية نظر و الأظهر أن يقال على نحو ما سبق أن المراد باللمس الإحساس بحاسة اللمس و بالمس المماسة و المقارنة المخصوصة. قوله بحال أي أبدا أو بسبب حدوث حال قوله ع بالغيرية و الأبعاض أي ليس له أبعاض يغاير بعضها بعضا و النهاية تأكيد للحد كما أن الغاية تأكيد للانقطاع أو المراد بالحد الحدود العارضة و بالنهاية نهاية المكان الذي هو تعالى فيه و بالانقطاع ما هو من جانب الأزل و بالغاية ما هو من جانب الأبد أو يقال المراد بالانقطاع انقطاع وجوده و بالغاية الزمان الذي ينقطع فيه فيكون كالتأكيد له. قوله فتقله بالنصب بإضمار أن في جواب النفي أو بالرفع على العطف أي ليس بذي مكان يحويه فيرتفع بارتفاعه و ينخفض بانخفاضه و كذا ليس محمولا على شيء فيميله إلى جانب أو يعدله على ظهره من غير ميل قوله و لا عنها بخارج خروجا مكانيا بأن يكون في مكان آخر سوى أمكنتها أو ليس عنها بخارج علما و قدرة و تربية و اللهوات هي اللحمات في سقف أقصى الفم. قوله ع و لا يلفظ يدل على أن التلفظ صريح في إخراج الحروف من آلة النطق بخلاف القول و الكلام قوله ع يحفظ أي يعلم الأشياء و يحصيها و لا يتحفظ أي لا يتكلف ذلك كالواحد منا بتحفظ الدرس ليحفظه و يحتمل أن يكون المراد بالتحفظ الانتقاش في الحافظة و قيل أي يحفظ العباد و يحرسهم و لا يحرز و لا يشفق على نفسه خوفا من أن يبدره بادرة و لا يخفى بعده عن السياق قوله ع من غير مشقة أي البغض و الغضب في المخلوق يستلزمان ثوران دم القلب و اضطرابه و انزعاجه و كل ذلك مشقة و الله منزه عنها. و قوله ع يقول لما أراد لعل غرضه بيان معنى الآية و أنه ليس مراده تعالى التكلم الحقيقي بأن يكون له صوت يقرع الأسماع و نداء يسمعه الآذان بل ليس له إلا تعلق إرادته تعالى و إنما هذا الكلام الذي عبر عن الإرادة به فعله تعالى و خلقه للأشياء و تمثيلها و تصويرها و ليست الإرادة قديمة و إلا لكان إلها ثانيا فيكون موافقا للأخبار الدالة على حدوث الإرادة و قد مر شرحها و يحتمل أن يكون إنما كلامه إشارة إلى الكلام الحقيقي و بيانا لكيفية صدوره و كونه حادثا لا قديما و قال ابن ميثم لا بصوت يقرع أي ليس بذي حاسة للسمع فيقرعها الصوت و لا نداء يسمع أي لا يخرج منه الصوت و قوله أنشأه أي أوجده في لسان النبي ص و مثله أي سوى مثاله في ذهنه و قيل المعنى مثله لجبرئيل ع في اللوح. أقول على التقادير يدل على أن القدم ينافي الإمكان و أن القول بقدم العالم شرك. قوله ع الصفات المحدثات في أكثر نسخ ج و النهج الصفات معرفة باللام و في بعضها بدونها و هو أظهر ليعود الضمير في قوله ع بينها إلى ذوات المحدثات لا صفاتها و على التقدير الآخر يمكن أن يرتكب فيه شبه استخدام قوله ع خلا من غيره أي مضى و سبق و المعنى أنه لم يحتذ في صنعته حذو غيره كالواحد منا قوله
عليه السلام من غير اشتغال أي بإمساكها عن غيره من الأمور. قوله ع و أرساها أي أثبتها على غير قرار أي مقر يتمكن عليه بل قامت بأمره و الاعوجاج عطف تفسيري للأود بالتحريك و التهافت التساقط قطعة قطعة و الأسداد إما جمع السد بمعنى الجبل أو بمعنى الحاجز أي التي تحجز بين بقاعها و بلادها و السد بالضم أيضا السحاب الأسود و استفاض بمعنى أفاض و خد أي شق و الاستكانة الخضوع قوله من نفعه أي أنفة و استغناء بالغير و يمكن أن يكون ذكره على الاستطراد و الاستتباع قوله ع فيكافئه أي يساويه في وجوب الوجود و سائر الكمالات أو يقابله و يفعل مثل فعله و يعارضه. قوله ع من مراحها قال ابن أبي الحديد المراح بالضم النعم ترد إلى المراح بالضم أيضا و هو الموضع الذي تأوي إليه النعم و ليس المراح ضد السائم على ما يظنه بعضهم و يقول إنه من عطف المختلف أو المتضاد بل أحدهما هو الآخر و ضدهما المعلوفة و مثل هذا العطف كثير انتهى. أقول كونه من قبيل عطف الضدين ليس ببعيد إما باعتبار الوصفين و الحالتين أو بأن يكون المراد بسائمها ما لا ترجع إلى مراح و أسناخها أصولها و في بعض النسخ أشباحها أي أشخاصها و المتبلدة ذو البلادة ضد الأكياس و الخاسئ الذليل الصاغر و الحسير الكال المعيي. قوله ع عن إفنائها أي إعدامها بالمرة و قال ابن ميثم فإن قلت كيف تقر العقول بالعجز عن إفناء البعوضة مع سهولته قلت العبد إذا نظر إلى نفسه وجدها عاجزة عن كل شيء إلا بأقدار إلهي و أنه ليس له إلا الإعداد لحدوث ما ينسب إليه من الآثار و أيضا فإن الله سبحانه كما أقدر العبد كذلك أقدر البعوضة على الهرب و الامتناع بالطيران و غيره بل على أن تؤذيه و لا يتمكن من دفعها عن نفسه انتهى. ثم إن كلامه ع يدل على أنه تعالى يفني جميع الأشياء حتى النفوس و الأرواح و الملائكة و سيأتي القول فيه في كتاب العدل و المعاد. قوله ع لم يتكاده بالمد أي لم يشق عليه و يجوز يتكأده بالتشديد و الهمزة و لم يؤده أي لم يثقله و الند المثل و النظير و المكاثرة المغالبة بالكثرة و المشاورة المواثبة
9- ج، ]الإحتجاج[ و من خطبة له ع الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد و لا تحويه المشاهد و لا تراه النواظر و لا تحجبه السواتر الدال على قدمه بحدوث خلقه و بحدوث خلقه على وجوده و باشتباههم على أن لا شبه له الذي صدق في ميعاده و ارتفع عن ظلم عباده و قام بالقسط في خلقه و عدل عليهم في حكمه مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته و بما وسمها به من العجز على قدرته و بما اضطرها إليه من الفناء على دوامه واحد لا بعدد و دائم لا بأمد و قائم لا بعمد تتلقاه الأذهان لا بمشاعرة و تشهد له المرائي لا بمحاضرة لم تحط به الأوهام بل تجلى لها بها و بها امتنع منها و إليها حاكمها ليس بذي كبر امتدت به النهايات فكبرته تجسيما و لا بذي عظم تناهت به الغايات فعظمته تجسيدا بل كبر شأنا و عظم سلطانا
إيضاح الشواهد الحواس من قولهم شهد فلان كذا إذا حضره أو لأنها تشهد على ما تدركه و تثبته عند العقل و المشاهد المجالس قوله ع لا بمشاعرة أي لا من طريق المشاعر و الحواس و المرائي جمع مرآة بفتح الميم من قولهم هو حسن في مرآة عيني يعني أن الرؤية تشهد بوجوده تعالى من غير محاضرة منه للحواس و يحتمل أن يكون جمع مرئي أي المرئيات تشهد بوجوده و صفاته الكمالية من غير أن يكون حاضرا عندها محسوسا معها. قوله ع لم تحط به الأوهام قيل الأوهام هاهنا هي العقول أي أنه سبحانه لم تحط به العقول و لم تتصور كنه ذاته و لكنه تجلى للعقول بالعقول و تجليه هاهنا هو كشف ما يمكن أن تصل إليه العقول من صفاته الإضافية و السلبية و ما يمكن الوصول إليه من أسرار مخلوقاته و قوله ع و بالعقول امتنع من العقول أي بالعقول و بالنظر علمنا أنه تعالى يمتنع أن تدركه العقول. و قوله ع و إلى العقول حاكم العقول أي جعل العقول المدعية أنها أحاطت به و أدركته كالخصم له سبحانه ثم حاكمها إلى العقول السليمة الصحيحة فحكمت له سبحانه على العقول بأنها ليست أهلا لذلك و قيل الأوهام بمعناها و لما كانت اعتبارها لأحوال أنفسها من وجوداتها و التغيرات اللاحقة لها شاهدة لحاجتها إلى موجد و مقيم و مساعدة للعقول على ذلك و كان إدراكها لذلك في أنفسها على وجه جزئي مخالف لإدراك العقول فكانت مشاهدة له بحسب ما طبعت عليه و بقدر إمكانها و هو متجل لها كذلك و الباء في بها للسببية إذ وجودها هو السبب المادي في تجليه لها و يحتمل أن تكون بمعنى في أي تجلى لها في وجودها و بل للإضراب عن الإحاطة به. و قوله و بها امتنع منها أي لما خلقت قاصرة عن إدراك المعاني الكلية و عن التعلق بالمجردات كانت بذلك مبدأ لامتناعه عن إدراكها له و إن كانت لذلك الامتناع أسباب أخر و يحتمل أن يكون المراد أنه تعالى باعترافها امتنع منها لأنها عند طلبها لمعرفته تعالى بالكنه اعترفت بالعجز عن إدراكها له. قوله ع و إليها حاكمها أي جعلها حكما بينها و بينه عند رجوعها من طلبه خاسئة حسيرة معترفة بأنه لا ينال كنه معرفته و إسناد المحاكمة إليها مجاز و قيل يحتمل أن يكون أحد الضميرين في كل من الفقرات الثلاث راجعا إلى الأوهام و الآخر إلى الأذهان فيكون المعنى أن بالأوهام و خلقه تعالى لها و إحكامها أو بإدراك الأوهام آثار صنعته و حكمته تجلى للعقول و بالعقول و حكمها بأنه تعالى لا يدرك بالأوهام امتنع من الأوهام و إلى العقول حاكم الأوهام لو ادعت معرفته حتى تحكم العقول بعجزها عن إدراك جلاله و يؤيده ما مر في الخطبة الكبيرة من بعض الفقرات على بعض الوجوه. أقول و يحتمل أن يكون الأوهام أعم منها و من العقول و هذا الإطلاق شائع فالمراد تجلي الله لبعض الأوهام أي العقول ببعض الحواس و هكذا على سياق ما مر قوله النهايات أي السطوح المحيطة به
10- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ وجدت في بعض الكتب نسخة كتاب الحباء و الشرط من الرضا ع إلى العمال في شأن الفضل بن سهل و أخيه و لم أرو ذلك عن أحد أما بعد فالحمد لله البديء البديع القادر القاهر الرقيب على عباده المقيت على خلقه الذي خضع كل شيء لملكته و ذل كل شيء لعزته و استسلم كل شيء لقدرته و تواضع كل شيء لسلطانه و عظمته و أحاط بكل شيء علمه و أحصى عدده فلا يئوده كبير و لا يعزب عنه صغير الذي لا تدركه أبصار الناظرين و لا تحيط به صفة الواصفين لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ و الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الخبير
بيان المثل بالتحريك الحجة أو الصفة و ما يتمثل به و يضرب من الأمثال أي له تعالى الحجة الأعلى و الصفة العليا و هي الوجوب الذاتي و الغنى المطلق و النزاهة عن صفات المخلوقين أو الأمثال الحسنة التي يضربها لإفهام الخلق و لا ينافي ذلك النهي عن ضرب الأمثال لغيره تعالى في قوله فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ لأن عقولهم قاصرة عن ذكر ما يناسب علو ذاته تعالى على أنه يحتمل أن يكون المراد بالأمثال الأشباه
11- ع، ]علل الشرائع[ ماجيلويه عن محمد العطار عن سهل عن ابن بزيع عن محمد بن زيد قال جئت إلى الرضا ع أسأله عن التوحيد فأملى علي الحمد لله فاطر الأشياء إنشاء و مبتدعها ابتداء بقدرته و حكمته لا من شيء فيبطل الاختراع و لا لعلة فلا يصح الابتداع خلق ما شاء كيف شاء متوحدا بذلك لإظهار حكمته و حقيقة ربوبيته تضبطه العقول و لا تبلغه الأوهام و لا تدركه الأبصار و لا يحيط به مقدار عجزت دونه العبارة و كلت دونه الأبصار و ضل فيه تصاريف الصفات احتجب بغير حجاب محجوب و استتر بغير ستر مستور عرف بغير رؤية و وصف بغير صورة و نعت بغير جسم لا إله إلا هو الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ
يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن الصفار عن سهل مثله
12- مع، ]معاني الأخبار[ حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عيسى بن أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن محمد بن إبراهيم بن أسباط عن أحمد بن محمد بن زياد القطان عن أحمد بن محمد بن عبد الله عن عيسى بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد عمر بن علي بن أبي طالب عن آبائه عن عمر بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب ع قال قال رسول الله ص التوحيد ظاهره في باطنه و باطنه في ظاهره ظاهره موصوف لا يرى و باطنه موجود لا يخفى يطلب بكل مكان و لم يخل عنه مكان طرفة عين حاضر غير محدود و غائب غير مفقود
بيان لعل المراد به أن كل ما يتعلق بالتوحيد من وجود البارئ تعالى و صفاته ظاهره مقرون بباطنه أي كل ما كان ظاهرا منه بوجه فهو باطن و مخفي بوجه آخر و كذا العكس ثم بين ع ذلك بأن ظاهره أنه موصوف بالوجود و سائر الكمالات بما أظهر من الآثار في الممكنات و لكنه لا يرى فهو باطن عن الحواس و باطنه أنه موجود خاص لا كالموجودات و لكنه لا يخفى من حيث الآثار و يمكن أن يقال فسر ع كلا منهما بما يناسب ضده لبيان تلازمهما و يحتمل أيضا أن يكون المراد بالظاهر مجمل التوحيد أو ما يكتفي به العوام و بالباطن مفصله أو ما يجب أن يعرفه الخواص فالمقصود بقوله ظاهره في باطنه أن كلا منهما لا ينافي الآخر و إنما الفرق بينهما بالإجمال و التفصيل و ما ذكر بعد قوله و باطنه إلى آخر الخبر تفسير لباطن التوحيد و على الأولين قوله ع يطلب إلى آخره توضيح لما ادعى أولا من التلازم و الله يعلم
13- يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ محتمل بن سعيد بن عزيز السمرقندي عن محمد بن أحمد الزاهد السمرقندي بإسناد رفعه إلى الصادق ع أنه سأله رجل فقال له إن أساس الدين التوحيد و العدل و علمه كثير و لا بد لعاقل منه فاذكر ما يسهل الوقوف عليه و يتهيأ حفظه فقال أما التوحيد فأن لا تجوز على ربك ما جاز عليك و أما العدل فأن لا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه
14- يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر و غيره عن عمرو بن ثابت عن رجل سماه عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور قال خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع يوما خطبة بعد العصر فعجب الناس من حسن صفته و ما ذكر من تعظيم الله جل جلاله قال أبو إسحاق فقلت للحارث أ و ما حفظتها قال قد كتبتها فأملاها علينا من كتابه الحمد لله الذي لا يموت و لا تنقضي عجائبه لأنه كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن الذي لم يولد فيكون في العز مشاركا و لم يلد فيكون موروثا هالكا و لم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحا ماثلا و لم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلا الذي ليست له في أوليته نهاية و لا في آخريته حد و لا غاية الذي لم يسبقه وقت و لم يتقدمه زمان و لم يتعاوره زيادة و لا نقصان و لم يوصف بأين و لا بما و لا بمكان الذي بطن من خفيات الأمور و ظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد و لا ببعض بل وصفته بأفعاله و دلت عليه بآياته لا تستطيع عقول المتفكرين جحده لأن من كانت السماوات و الأرض فطرته و ما فيهن و ما بينهن و هو الصانع لهن فلا مدفع لقدرته الذي بان من الخلق فلا شيء كمثله الذي خلق الخلق لعبادته و أقدرهم على طاعته بما جعل فيهم و قطع عذرهم بالحجج فعن بينة هلك من هلك و عن بينة نجا من نجا و لله الفضل مبدئا أو معيدا ثم إن الله و له الحمد افتتح الكتاب بالحمد لنفسه و ختم أمر الدنيا و مجيء الآخرة بالحمد لنفسه فقال وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسد و المرتدي بالجلال بلا تمثيل و المستوي على العرش بلا زوال و المتعالي عن الخلق بلا تباعد القريب منهم بلا ملامسة منه لهم و ليس له حد ينتهي إلى حده و لا له مثل فيعرف بمثله ذل من تجبر عنه و صغر من تكبر دونه و تواضعت الأشياء لعظمته و انقادت لسلطانه و عزته و كلت عن إدراكه طروف العيون و قصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق الأول قبل كل شيء و الآخر بعد كل شيء و لا يعدله شيء الظاهر على كل شيء بالقهر له و المشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها و لا تلمسه لامسة و لا تحسه حاسة وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ أتقن ما أراد خلقه من الأشياء كلها بلا مثال سبق إليه و لا لغوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه ابتدأ ما أراد ابتداءه و أنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين الجن و الإنس لتعرف بذلك ربوبيته و يمكن فيهم طواعيته نحمده بجميع محامده كلها على جميع نعمائه كلها و نستهديه لمراشد أمورنا و نعوذ به من سيئات أعمالنا و نستغفره للذنوب التي سلفت منا و نشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله بعثه بالحق دالا عليه و هاديا إليه فهدانا به من الضلالة و استنقذنا به من الجهالة مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً و نال ثوابا كريما و من يعص الله و رسوله فقد خسر خسرانا مبينا و استحق عذابا أليما فأنجعوا بما يحق عليكم من السمع و الطاعة و إخلاص النصيحة و حسن الموازرة و أعينوا أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة و هجر الأمور المكروهة و تعاطوا الحق بينكم و تعاونوا عليه و خذوا على يدي الظالم السفيه مروا بالمعروف و انهوا عن المنكر و اعرفوا لذوي الفضل فضلهم عصمنا الله و إياكم بالهدى و ثبتنا و إياكم على التقوى و أستغفر الله لي و لكم
بيان قوله ع و لا تنقضي عجائبه أي كلما تأمل الإنسان يجد من آثار قدرته و عجائب صنعته ما لم يكن وجده قبل ذلك و لا ينتهي إلى حد و أنه كل يوم يظهر من آثار صنعه خلق عجيب و طور غريب يحار فيه العقول و الأفهام. قوله ع فيكون في العز مشاركا كمشاركة الولد لوالده في العز و استحقاق التعظيم قوله موروثا أي يرثه ولده بعد موته كما هو شأن كل والد و الحاصل أن كل والد حادث هالك مورث قوله ع شبحا ماثلا أي قائما أو مماثلا و مشابها للممكنات. قوله ع حائلا أي متغيرا من حال الشيء يحول إذا تغير أي لا تدركه الأبصار و إلا لكان بعد انتقالها عنه متغيرا و منقلبا عن الحالة التي كانت له عند الأبصار من المقابلة و المحاذاة و الوضع الخاص و غير ذلك أو عن حلوله في الباصرة بزوال صورته الموافقة له في الحقيقة عنها و بعض الأفاضل قرأ بعد مضمومة الباء مرفوعة الإعراب على أن يكون اسم كان و الحائل بمعنى الحاجز أي كان بعد انتقال الأبصار إليه حائلا من رؤيته و منهم من قرأه خائلا بالخاء المعجمة أي ذا خيال و صورة متمثلة في المدرك و التعاور الورود على التناوب. قوله ع و لا بما إذ ليست له ماهية يمكن أن تعرف حتى يسأل عنها بما هو قوله ع بطن من خفيات الأمور أي أدرك الباطن من خفيات الأمور و نفذ علمه في بواطنها أو المراد أن كنهه تعالى أبطن و أخفى من خفيات الأمور. قوله ع بما جعل فيهم أي من الأعضاء و الجوارح و القوة و الاستطاعة قوله بالحجج أي الباطنة و هي العقول و الظاهرة و هي الأنبياء و الأوصياء قوله فعن بينة أي بسبب بينة واضحة أو معرضا و مجاوزا عنها أو عز بمعنى بعد أي بعد وضوح بينة و الثاني لا يجري في الثاني و في الكافي و بمنه نجا من نجا. قوله ع مبدئا و معيدا أي حال إبداء الخلق و إيجاده في الدنيا و حال إرجاعهم و إعادتهم بعد الفناء أو مبدئا حيث بدأ العباد مفطورين على معرفته قادرين على طاعته و معيدا حيث لطف بهم و من عليهم بالرسل و الأئمة الهداة قوله ع و له الحمد الجملة اعتراضية. قوله افتتح الكتاب في في افتتح الحمد لنفسه أي في التنزيل الكريم أو في بدء الإيجاد بإيجاد الحمد أو ما يستحق الحمد عليه و ما هنا يؤيد الأول قوله ع و مجيء الآخرة أي ختم أول أحوال الآخرة و هو الحشر و الحساب و يمكن أن يقدر فعل آخر يناسبه أي بدأ مجيء الآخرة قوله ع و قضى بينهم أي بإدخال بعضهم الجنة و بعضهم النار و يظهر من الخبر أن القائل هو الله و يحتمل أن يكون الملائكة بأمره تعالى. قوله ع بلا تمثيل أي بمثال جسماني قوله بلا زوال أي بغير استواء جسماني يلزمه إمكان الزوال أو لا يزول اقتداره و استيلاؤه أبدا قوله من تجبر عنه في الكافي مكان عنه غيره فهو حال عن الفاعل و كذا قوله دونه قوله لعظمته أي عند عظمته أو عنده بسبب عظمته و الاحتمالان جاريان فيما بعده قوله ع بلا مثال أي لا في الخارج و لا في الذهن. قوله و لا لغوب أي تعب و يمكن إرجاع ضمير لديه إليه تعالى و إلى الخلق فالظرف على الأول متعلق بخلق و على الثاني بدخل قوله و يمكن على التفعيل و الطواعية الطاعة و في في طاعته و قال الفيروزآبادي المراشد مقاصد الطرق قوله ع فأنجعوا في بعض النسخ بالنون و الجيم من قولهم أنجع أي أفلح أي أفلحوا بما يجب عليكم من الأخذ سمعا و طاعة أو من النجعة بالضم و هي طلب الكلأ
من موضعه و في بعضها بالباء الموحدة فالخاء المعجمة قال الجزري فيه أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبا و أبخع طاعة أي أبلغ و أنصح في الطاعة من غيرهم كأنهم بالغوا في بخع أنفسهم أي قهرها و إذلالها بالطاعة و قال الزمخشري في الفائق أي أبلغ طاعة من بخع الذبيحة إذا بالغ في ذبحها و هو يقطع عظم رقبتها هذا أصله ثم كثر حتى استعمل في كل مبالغة فقيل بخعت له نصحي و جهدي و طاعتي. قوله ع و إخلاص النصيحة أي لله و لكتابه و لرسوله و للأئمة و لعامة المسلمين و الموازرة المعاونة قوله ع و أعينوا أنفسكم أي على الشيطان و في في على أنفسكم أي النفس الأمارة بالسوء قوله ع و تعاطوا الحق أي تناولوه بأن يأخذه بعضكم من بعض ليظهر و لا يضيع
15- يد، ]التوحيد[ الدقاق عن محمد الأسدي و ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبيه عن أبي معاوية عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه و حدثنا أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ عن محمد بن العباس بن بسام عن سعيد بن محمد البصري عن عمرة بنت أوس قالت حدثني جدي الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي عبد الله الصادق عن أبيه عن جده ع أن أمير المؤمنين ع استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية فلما حشد الناس قام خطيبا فقال الحمد لله الواحد الأحد الصمد المتفرد الذي لا من شيء كان و لا من شيء خلق ما كان قدرته بان بها من الأشياء و بانت الأشياء منه فليست له صفة تنال و لا حد يضرب له فيه الأمثال كل دون صفاته تحبير اللغات و ضل هنالك تصاريف الصفات و حار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير و انقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير و حال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب و تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول في لطيفات الأمور فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم و لا يناله غوص الفطن و تعالى الذي ليس له وقت معدود و لا أجل ممدود و لا نعت محدود و سبحان الذي ليس له أول مبتدأ و لا غاية منتهى و لا آخر يفنى سبحانه هو كما وصف نفسه و الواصفون لا يبلغون نعته حد الأشياء كلها عند خلقه إياها إبانة لها من شبهه و إبانة له من شبهها فلم يحلل فيها فيقال هو فيها كائن و لم ينأ عنها فيقال هو منها بائن و لم يخل منها فيقال له أين لكنه سبحانه أحاط بها علمه و أتقنها صنعه و أحصاها حفظه لم يعزب عنه خفيات غيوب الهواء و لا غوامض مكنون ظلم الدجى و لا ما في السماوات العلى و الأرضين السفلى لكل شيء منها حافظ و رقيب و كل شيء منها بشيء محيط و المحيط بما أحاط منها الله الواحد الأحد الصمد الذي لم تغيره صروف الأزمان و لم يتكاءده صنع شيء كان إنما قال لما شاء أن يكون كن فكان ابتدع ما خلق بلا مثال سبق و لا تعب و لا نصب و كل صانع شيء فمن شيء صنع و الله لا من شيء صنع ما خلق و كل عالم فمن بعد جهل تعلم و الله لم يجهل و لم يتعلم أحاط بالأشياء علما قبل كونها فلم يزدد بكونها علما علمه بها قبل أن يكونها كعلمه بعد تكوينها لم يكونها لشدة سلطان و لا خوف من زوال و لا نقصان و لا استعانة على ضد مساور و لا ند مكاثر و لا شريك مكايد لكن خلائق مربوبون و عباد داخرون فسبحان الذي لا يئوده خلق ما ابتدأ و لا تدبير ما برأ و لا من عجز و لا من فترة بما خلق اكتفى علم ما خلق و خلق ما علم لا بالتفكير و لا بعلم حادث أصاب ما خلق و لا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق لكن قضاء مبرم و علم محكم و أمر متقن توحد بالربوبية و خص نفسه بالوحدانية و استخلص المجد و الثناء فتحمد بالتحميد و تمجد بالتمجيد و علا عن اتخاذ الأبناء و تطهر و تقدس عن ملامسة النساء و عز و جل عن مجاورة الشركاء فليس له فيما خلق ضد و لا فيما ملك ند و لم يشرك في ملكه أحد الواحد الأحد الصمد المبيد للأبد و الوارث للأمد الذي لم يزل و لا يزال وحدانيا أزليا قبل بدء الدهور و بعد صرف الأمور الذي لا يبيد و لا يفقد بذلك أصف ربي فلا إله إلا الله من عظيم ما أعظمه و جليل ما أجله و عزيز ما أعزه و تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا
توضيح قوله حشد أي جمع قوله ع المتفرد أي في الخلق و التدبير أو بسائر الكمالات قوله ع قدرته مبتدأ و بان بها خبره أو خبره كافية فكانت جملة استئنافية فكأن سائلا سأل و قال فكيف خلق لا من شيء فأجاب بأن قدرته كافية و في في قدرة أي له قدرة أو هو عين القدرة بناء على عينية الصفات و قيل نصب على التمييز أو على أنه منزوع الخافض أي و لكن خلق الأشياء قدرة أو بقدرة. قوله و لا حد أي جسماني أو عقلي أو ليس لمعرفة ذاته و صفاته تعالى حد و نهاية حتى يضرب له فيه الأمثال إذ الأمثال إنما تصح إذا كان له مشابهة بالممكنات بأحد هذه الوجوه و الكلال العجز و الإعياء و التحبير التحسين أي أعيا قبل الوصول إلى بيان صفاته أو عند تزيين الكلام باللغات البديعة الغريبة. قوله ع و ضل هنالك أي في ذاته تعالى أو في توصيفه بصفاته تصاريف صفات الواصفين و أنحاء تعبيرات العارفين أو ضل و ضاع في ذاته الصفات المتغيرة الحادثة فيكون نفيا للصفات الحادثة عنه تعالى أو مطلق الصفات أي ليس في ذاته التغيرات الحاصلة من عروض الصفات المتغائرة فيكون نفيا لزيادة الصفات مطلقا كل ذلك أفاده الوالد العلامة قدس الله روحه. قوله ع في ملكوته فعلوت من الملك و قد يخص بعالم الغيب و عالم المجردات و الملك بعالم الشهادة و عالم الماديات و أفكر في الشيء و فكر فيه و تفكر بمعنى أي تحير في إدراك حقائق ملكوته و خواصها و آثارها و كيفية نظامها و صدورها عنه تعالى الأفكار العميقة الواقعة في مذاهب التفكير أو مذاهب التفكير العميقة فيكون إسناد الحيرة إليها إسنادا مجازيا. قوله ع دون الرسوخ في علمه الرسوخ الثبوت أي انقطع جوامع تفسيرات المفسرين قبل الثبوت في علمه أو عنده إشارة إلى قوله تعالى وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ و قد مرت الإشارة إلى توجيهه في باب النهي عن التفكر في ذاته تعالى. قوله ع و حال دون غيبه المكنون المكنون المستور و المراد به معرفة ذاته و صفاته فالمراد بالحجب الحجب النورانية و الظلمانية المعنوية من كماله تعالى و نقص مخلوقاته أو الأعم منها و من سائر العلوم المغيبة فالحجب أيضا أعم أو المراد أسرار الملكوت الأعلى من العرش و الكرسي و الملائكة الحافين بهما و سائر ما هو مستور عن حواسنا بالحجب الجسمانية و التيه التحير و الأدنى الأقرب و الأداني جمع الدني و هو القريب و الإضافة في طامحات العقول و لطيفات الأمور من إضافة الصفة إلى الموصوف و الطامح المرتفع و الظرف في قوله في لطيفات متعلق بالطامحات بأن يكون في بمعنى إلى أو حال منه. قوله ع فتبارك إما مشتق من البروك بمعنى الثبات و البقاء أو من البركة و هي الزيادة و الهمة العزم و يقال فلان بعيد الهمة إذا كانت إرادته تتعلق بالأمور العالية قوله و لا نعت محدود أي الحدود الجسمانية أو العقلانية بأن يحاط بنعته قوله ع و لا آخر يفنى أي بعده قوله ع كما وصف نفسه أي في كتبه و على ألسنة رسله و حججه و بقلم صنعه على دفاتر الآفاق و الأنفس. قوله ع حد الأشياء كلها أي جعل للأشياء حدودا و نهايات أو أجزاء و ذاتيات ليعلم بها أنها من صفات المخلوقين و الخالق منزه عن صفاتهم أو خلق الممكنات التي من شأنها المحدودية ليعلم بذلك أنه ليس كذلك كما قال تعالى فخلقت الخلق لأعرف أو خلقها محدودة لأنها لم يكن يمكن أن تكون غير محدودة لامتناع مشابهة الممكن الواجب في تلك الصفات التي هي من لوازم وجوب الوجود و لعل الأوسط أظهر قوله ع و لم يخل منها أي بالخلو الذي هو بمعنى عدم الملكة بقرينة التفريع أي كخلو المحل عن الحال و المكان عن المتمكن و الدجى جمع دجية بالضم و هي الظلمة
قوله ع لكل شيء منها حافظ و رقيب الظرف خبر لقوله حافظ و رقيب أو متعلق بكل منهما و المبتدأ محذوف أي هو لكل شيء منها حافظ و رقيب و الأول أظهر فيكون إشارة إلى الملائكة الموكلين بالعرش و الكرسي و السماوات و الأرضين و البحار و الجبال و سائر الخلق. قوله و كل شيء منها أي من السماوات و الأرض و ما بينهما محيط بشيء منها إحاطة علم و تدبير فيكون مؤكدا للسابق على أحد الوجهين أو إحاطة جسمية و المحيط بكل من تلك المحيطات علما و قدرة و تدبيرا هو الله الواحد و الدخور الصغار و الذل قوله ع و لا من عجز أي لم يكتف بخلق ما خلق لعجز و لا فتور بل لعدم كون الحكمة في أزيد من ذلك ثم أكد ع ذلك بقوله علم ما خلق و خلق ما علم أي ما علم أن الصلاح في خلقه و يقال استخلصه لنفسه أي استخصه. قوله فتحمد بالتحميد يقال هو يتحمد علي أي يمتن أي أنعم علينا و استحق الحمد و الثناء بأن رخص لنا في تحميده أو بأن حمد نفسه و لم يكل حمده إلينا و في في توحد بالتوحيد فالتوحيد يحتمل الوجهين أيضا و التمجد إظهار المجد و العظمة و التمجيد يحتمل الوجهين أيضا قوله المبيد للأبد أي الملك المفني للدهر و الزمان الزمانيات و الوارث للأمد أي الباقي بعد فناء الأمد أي الغاية و النهاية أو امتداد الزمان. قوله ع و بعد صرف الأمور أي تغيرها و فنائها و هذا ناظر إلى قوله لا يزال كما أن ما قبله ناظر إلى قوله لم يزل و في في صروف الأمور.
أقول رواه إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات بإسناده عن إبراهيم بن إسماعيل اليشكري قال و كان ثقة إن عليا ع سئل عن صفة الرب سبحانه و تعالى فقال و ذكر نحو ما مر بأدنى تغيير إلى قوله كذلك الله الواحد الأحد الصمد المبيد للأمد و الوارث للأبد الذي لا يبيد و لا ينفد فتعالى الله العلي الأعلى عالم كل خفية و شاهد كل نجوى لا كمشاهدة شيء من الأشياء ملأ السماوات العلى إلى الأرضين السفلى و أحاط بجميع الأشياء علما فعلا الذي دنا و دنا الذي علا لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى و الْأَسْماءُ الْحُسْنى تبارك و تعالى
-16 يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن علي بن العباس عن إسماعيل بن مهران عن إسماعيل بن إسحاق الجهني عن فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول بينما أمير المؤمنين ع يخطب على المنبر بالكوفة إذ قام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين صف لنا ربك تبارك و تعالى لنزداد له حبا و به معرفة فغضب أمير المؤمنين ع و نادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس حتى غص المسجد بأهله ثم قام متغير اللون فقال الحمد لله الذي لا يفره المنع و لا يكديه الإعطاء إذ كل معط منتقص سواه المليء بفوائد النعم و عوائد المزيد و بجوده ضمن عيالة الخلق فأنهج سبيل الطلب للراغبين إليه فليس بما سئل أجود منه بما لم يسأل و ما اختلف عليه دهر فتختلف منه الحال و لو وهب ما تنفست عنه معادن الجبال و ضحكت عنه أصداف البحار من فلز اللجين و سبائك العقيان و نضائد المرجان لبعض عبيده لما أثر ذلك في جوده و لا أنفد سعة ما عنده و لكان عنده من ذخائر الإفضال ما لا ينفده مطالب السؤال و لا يخطر لكثرته على بال لأنه الجواد الذي لا تنقصه المواهب و لا يبخله إلحاح الملحين و إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون الذي عجزت الملائكة على قربهم من كرسي كرامته و طول ولههم إليه و تعظيم جلال عزه و قربهم من غيب ملكوته أن يعلموا من أمره إلا ما أعلمهم و هم من ملكوت القدس بحيث هم و من معرفته على ما فطرهم عليه أن قالوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ فما ظنك أيها السائل بمن هو هكذا سبحانه و بحمده لم يحدث فيمكن فيه التغيير و الانتقال و لم يتصرف في ذاته بكرور الأحوال و لم يختلف عليه حقب الليالي و الأيام الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله و لا مقدار احتذا عليه من معبود كان قبله و لم تحط به الصفات فيكون بإدراكها إياه بالحدود متناهيا و ما زال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ عن صفة المخلوقين متعاليا و انحسرت الأبصار عن أن تناله فيكون بالعيان موصوفا و بالذات التي لا يعلمها إلا هو عند خلقه معروفا و فات لعلوه على الأشياء مواقع رجم المتوهمين و ارتفع عن أن تحوي كنه عظمته فهاهة رويات المتفكرين فليس له مثل فيكون ما يخلق مشبها به و ما زال عند أهل المعرفة به عن الأشباه و الأضداد منزها كذب العادلون بالله إذ شبهوه بمثل أصنافهم و حلوه حلية المخلوقين بأوهامهم و جزوه بتقدير منتج من خواطر هممهم و قدروه على الخلق المختلفة القوى بقرائح عقولهم و كيف يكون من لا يقدر قدره مقدرا في رويات الأوهام و قد ضلت في إدراك كنهه هواجس الأحلام لأنه أجل من أن تحده ألباب البشر بالتفكير أو تحيط به الملائكة على قربهم من ملكوت عزته بتقدير تعالى عن أن يكون له كفو فيشبه به لأنه اللطيف الذي إذا أرادت الأوهام أن تقع عليه في عميقات غيوب ملكه و حاولت الفكر المبرات من خطر الوسواس إدراك علم ذاته و تولهت القلوب إليه لتحوي منه مكيفا في صفاته و غمضت مداخل العقول من حيث لا تبلغه الصفات لتنال علم إلهيته ردعت خاسئة و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلصة إليه سبحانه رجعت إذ جبهت معترفة بأنه لا ينال بجور الاعتساف كنه معرفته و لا يخطر ببال أولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته لبعده من أن يكون في قوى المحدودين لأنه
خلاف خلقه فلا شبه له من المخلوقين و إنما يشبه الشيء بعديله فأما ما لا عديل له فكيف يشبه بغير مثاله و هو البديء الذي لم يكن شيء قبله و الآخر الذي ليس شيء بعده لا تناله الأبصار في مجد جبروته إذ حجبها بحجب لا تنفذ في ثخن كثافته و لا تخرق إلى ذي العرش متانة خصائص ستراته الذي صدرت الأمور عن مشيته و تصاغرت عزة المتجبرين دون جلال عظمته و خضعت له الرقاب و عنت له الوجوه من مخافته و ظهرت في بدائع الذي أحدثها آثار حكمته و صار كل شيء خلق حجة له و منتسبا إليه فإن كان خلقا صامتا فحجته بالتدبير ناطقة فيه فقدر ما خلق فأحكم تقديره و وضع كل شيء بلطف تدبيره موضعه و وجهه بجهة فلم يبلغ منه شيء محدود منزلته و لم يقصر دون الانتهاء إلى مشيته و لم يستصعب إذ أمر بالمضي إلى إرادته بلا معاناة للغوب مسه و لا مكاءدة لمخالف له على أمره فتم خلقه و أذعن لطاعته و وافى الوقت الذي أخرجه إليه إجابة لم يعترض دونها ريث المبطئ و لا أناة المتلكئ فأقام من الأشياء أودها و نهى معالم حدودها و لاءم بقدرته بين متضاداتها و وصل أسباب قرائنها و خالف بين ألوانها و فرقها أجناسا مختلفات في الأقدار و الغرائز و الهيئات بدايا خلائق أحكم صنعها و فطرها على ما أراد و ابتدعها انتظم علمه صنوف ذرئها و أدرك تدبيره حسن تقديرها أيها السائل اعلم أن من شبه ربنا الجليل بتباين أعضاء خلقه و بتلاحم أحقاق مفاصلهم المحتجبة بتدبير حكمته أنه لم يعقد غيب ضميره على معرفته و لم يشاهد قلبه اليقين بأنه لا ند له و كأنه لم يسمع بتبري التابعين من المتبوعين و هم يقولون تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ فمن ساوى ربنا بشيء فقد عدل به و العادل به كافر بما نزلت به محكمات آياته و نطقت به شواهدحجج بيناته لأنه الله الذي لم يتناه في العقول فيكون في مهب فكرها مكيفا و في حواصل رويات همم النفوس محدودا مصرفا المنشئ أصناف الأشياء بلا روية احتاج إليها و لا قريحة غريزة أضمر عليها و لا تجربة أفادها من مر حوادث الدهور و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور الذي لما شبهه العادلون بالخلق المبعض المحدود في صفاته ذي الأقطار و النواحي المختلفة في طبقاته و كان عز و جل الموجود بنفسه لا بأداته انتفى أن يكون قدروه حق قدره فقال تنزيها لنفسه عن مشاركة الأنداد و ارتفاعا عن قياس المقدرين له بالحدود من كفرة العباد وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ فما ذلك القرآن عليه من صفته فاتبعه ليوصل بينك و بين معرفته و ائتم به و استضئ بنور هدايته فإنها نعمة و حكمة أوتيتهما فخذ ما أوتيت وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ و ما دلك الشيطان عليه مما ليس في القرآن عليك فرضه و لا في سنة الرسول و أئمة الهدى أثره فكل علمه إلى الله عز و جل فإن ذلك منتهى حق الله عليك و اعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فقالوا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا فمدح الله عز و جل اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما و سمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عنه منهم رسوخا فاقتصر على ذلك و لا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين
تبيان قوله فغضب لعل غضبه ع لأن السائل سأل عن الصفات الجسمانية و السمات الإمكانية أو لأنه ظن أنه يمكن الوصول إلى كنه صفته و قوله الصلاة منصوب بفعل مقدر أي احضروا الصلاة أو أقيموها و جامعة منصوب على الحال من الصلاة و يحتمل رفعهما بالابتدائية و الخبرية و غص المسجد بفتح الغين أي امتلأ قوله ع لا يفره أي لا يزيده في ماله يقال وفرت الشيء وفرا و وفر الشيء نفسه وفورا يتعدى و لا يتعدى قوله و لا يكديه أي لا يفقره قوله منتقص على صيغة المفعول أي منقوص و يكون الانتقاص متعديا و لازما كالنقص و قال الجزري المليء بالهمزة الثقة الغني و العائدة المعروف. قوله ع عيالة الخلق أي كونهم عياله يعولهم و يرزقهم و من قولهم عال الرجل عيالة أي كثر عياله و في النهج عياله الخلائق ضمن أرزاقهم قوله ع فليس بما سئل فإن جوده لا يتوقف على شيء سوى الاستحقاق و الاستعداد و هذا لا ينافي الحث على الدعاء و الأمر بالسؤال فإن الدعاء من متممات الاستعداد و فيه تنزيه له تعالى عن صفة المخلوقين لأن السؤال محرك لجودهم و الله تعالى منزه عن أن يكون فيه تغير أو اختلاف و إنما التغير في الممكن القابل للفيض و الجود بحسب استعداده و استيهاله. قوله ع و ما اختلف عليه دهر إشارة إلى ما قالوا من أن الزمان ظرف المتغيرات و لما لم يكن فيه تعالى تغير لا تختلف عليه الدهور و الأزمان و يحتمل أن يكون المراد نفي اختلاف الأزمنة بالنسبة إليه بأن يكون موجودا في زمان معدوما في زمان آخر أو عالما في زمان جاهلا في زمان آخر و هكذا و الأول أظهر. قوله ما تنفست عنه لا يخفى مناسبته لما قيل من أن المعادن تتولد من بخارات الأرض و لا يخفى أيضا لطف تشبيه الصدف بالفم و الدر بالسن و اللحمة التي في الصدف في رقة طرفها و لطافتها باللسان و الفلز اسم الأجسام الذائبة كالذهب و الفضة و الرصاص و اللجين مصغرا اسم الفضة و العقيان الذهب الخالص و النضد وضع الأشياء بعضها فوق بعض و لا يبعد أن يكون المراد بالمرجان هنا صغار اللؤلؤ كما فسر به في قوله تعالى يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ. قوله لا يبخله على بناء التفعيل أي لا يصيره بخيلا أو على بناء الإفعال من قولهم أبخله إذا وجده بخيلا. قوله ع أن قالوا كلمة أن إما مفسرة لبيان كيفية عجزهم أو مقدر قبلها كلمة إلى أي إلى أن قالوا أو اللام التعليلية أي لأنهم قالوا أو هي بمعنى إذ كما قيل في قوله تعالى بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ و الحقب بالضم و بضمتين ثمانون سنة أو أكثر و الدهر و السنة أو السنون. قوله ع على غير مثال امتثله أي لم يمثل لنفسه مثالا قبل خلق العالم ليخلقها على هيئة ذلك المثال كما هو دأب المخلوقين في أبنيتهم و صنائعهم أو لم يمثل له فاعل آخر قبله مثالا اتبعه أو المراد بالمثال ما يرتسم في الخيال كما مر. قوله ع و لم تحط به الصفات أي الصفات الجسمانية فيكون بإدراك الصفات له أي بلحوقها و عروضها له متناهيا بالحدود أو لم تحط به توصيفات الواصفين فيكون بإدراكها إياه متناهيا محدودا بالحدود العقلانية و تنتهي العقول إلى غاية معرفته قوله متعاليا خبر بعد خبر و قوله عن صفة متعلق به. قوله ع رجم المتوهمين الرجم الظن و كلام مرجم كمعظم لا يوقف على حقيقته أي فات عن مواقع ظنون المتوهمين فلم تدركه في كل ما وقعت عليه لكونه أعلى من كل ما توهمت الأوهام و أنه أعلى الأشياء قدرا و رتبة و كمالا و رفعة و لا يبعد أن يكون فات تصحيف فاق و الفهاهة العي و هي إما كناية عن غاية روياتهم
و أفكارهم بحيث انتهت أفكارهم و عرض لهم الإعياء أو إشارة إلى ضعف روياتهم و قصورها أي روياتهم الفهة الكالة و قال الجزري قد عدلنا بالله أي أشركنا به و جعلنا له مثلا و منه قول علي ع كذب العادلون بك إذ شبهوك بأصنامهم. قوله ع خواطر هممهم الهمة العزم أي قدروه تعالى بتقدير هو نتيجة العزمات الباطلة التي خطرت ببالهم من التصدي لمعرفته تعالى بعقولهم فلزمهم كونه تعالى ذا أجزاء و في بعض النسخ بخواطرهم و القرائح جمع قريحة و هي القوة التي يستنبط بها المعقولات قوله ع من لا يقدر قدره إشارة إلى قوله تعالى وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ أي ما عرفوا الله حق معرفته أو ما عظموا الله حق تعظيمه و الهواجس الخواطر و الوساوس. قوله ع في عميقات غيوب ملكه أي إذا أرادت الأوهام أن تثبته في منتهى ملكه المغيب عن الأبصار كفوق العرش مثلا أو إذا أرادت أن تصل إلى حقيقته بسبب التفكرات العميقة في أسرار ملكه أي خلقه أو سلطنته و خطر الوساوس بتسكين الطاء مصدر خطر له خاطر أي عرض في قلبه و تولهت إليه أي اشتد عشقها حتى أصابه الوله و هو الحيرة. قوله ع و غمضت مداخل العقول أي غمض دخولها و دق في الأقطار العميقة التي لا تبلغها التوصيفات و الردع الكف و المنع و ردعت على بناء المجهول أي كل من الأوهام و الفكر و القلوب و الخاسئ المبعد و الصاغر و قوله تجوب أي تقطع و المهاوي المهالك الواحدة مهواة و هي ما بين حبلين أو حائطين أو نحو ذلك و السدف جمع سدفة و هي الظلمة و القطعة من الليل المظلم و جبهت أي ردت من جبهته أي صككت جبهته و الجور العدول عن الطريق و الاعتساف قطع المسافة على غير جادة معلومة و قوله و هي تجوب في موضع الحال و العامل ردعت و متخلصة أيضا حال و العامل إما تجوب أو ردعت و تخلصها إليه توجهها بكليتها في طلب إدراكه سبحانه و الحاصل أن جلاله تعالى يردع تلك العقول و الأوهام في حال قطعها مهالك ظلم الجهالات و المغيبات و تخلصها و توجهها التام إلى معرفته فترجع بعد ذلك معترفة بأنه لا ينال كنه معرفته بالعقل الذي شأنه الجور و الاعتساف و بأنه لا يخطر ببال أولي الرويات أي أصحاب الفكر خاطرة أي صورة مطابقة من تقدير جلال عزته لما قد مر مرارا أنه منزه من أن يكون في قوى المحدودين كنه ذاته و صفاته لأن تلك الصورة مخلوقة له و هو لا يشابه خلقه فكيف يوافقه في الحقيقة أو يشبهه و إنما يشبه الشيء بعديله فيلزم أن تكون تلك الصورة عديلا له أو المراد أن العقل و الوهم و الخيال إنما تحيط بما جانسها و شابهها و بما شاهد أمثاله من الممكنات و هو تعالى ليس له شبيه و لا عديل فكيف تحيط به. قوله ع في مجد جبروته أي بسببه أو كائنا فيه و الحاصل أن عظمة جبروته و جلاله تمنع عن نفوذ الأبصار فيه قوله ع إذ حجبها أي الأبصار و إرجاع الضمير إلى الجبروت بعيد أي حجب الأبصار عنه بحجب لا تنفذ الأبصار في ثخن كثافته أي غلظته و الأظهر كثافتها لرجوع الضمير إلى الحجب و لعل الإفراد لأخذ الحجب كلها بمنزلة حجاب واحد أو يقال إن الضمير راجع إلى الحجاب المذكور في ضمن الحجب أي لا تنفذ في واحد منها فكيف في جميعها و المراد بالحجب الحجب المعنوية الراجعة إلى تقدسه تعالى و نقص الممكنات. قوله و لا تخرق أي الأبصار متوجها إلى ذي العرش متانة ستراته الخصيصة به تعالى و المتانة الاستحكام و إنما نسب الخرق إليها مجازا أي ستراته المتينة و يمكن أن يقرأ تخرق على بناء المجهول و متانة بالنصب بنزع الخافض أي لمتانة و في بعض النسخ مباثة بالباء الموحدة ثم الثاء المثلثة من باث الشيء يبوث بوثا أي بحث عنه فيكون فاعلا للخرق أي لا تخرق الحجب إلى ذي العرش البحث عن خصائص ستراته و يقال تصاغرت إليه نفسه أي تحاقرت و عنت الوجوه أي خضعت و ذلت.
قوله ع فوجهه بجهة أي وجه كل شيء إلى جهة و غاية خلقه لها كالخيل للركوب و الفلك للدوران و أصناف الإنسان للعلم و المعرفة و سائر الصنائع و الحرف كما قال تعالى لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها و قال النبي ص كل ميسر لما خلق له قوله ع فلم يبلغ منه شيء محدود منزلته أي منزلة الرب تعالى أو أن كلا منهم في مرتبة التقصير عما خلق له و عما هيئ له من الكمال و الأظهر فلم يتعد و لعله صحف أي لا يمكن لأحد التعدي و التجاوز عما قدر له من الكمال و الاستعداد و يؤيده ما في النهج قدر ما خلق فأحكم تقديره و دبره فألطف تدبيره و وجهه لوجهته فلم يتعد حدود منزلته و لم يقصر دون الانتهاء إلى غايته. قوله ع و لم يستصعب أي لم يمتنع قوله ع بلا معاناة أي مقاساة شدة و اللغوب التعب و الإعياء أي لم يكن له تعالى في خلق الأشياء و تدبيرها على ما ذكر معاناة و لا لغوب كما قال تعالى وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ و المكايدة في بعض النسخ بالباء الموحدة من قولهم كابدت الأمر إذا قاسيت شدته و في بعضها بالياء المثناة من تحت من الكيد. قوله و وافى الوقت أي لم يتأخر عن الوقت الذي أراد وجوده فيه و إجابة مفعول لأجله قوله ع لم يعترض أي لم يعرض للأشياء في إجابة دعوته سبحانه بطء و لا تأخير أو لم يعرض له تعالى من جهة ما هو فاعل شيء من تلك الكيفيات و الريث البطء و الأناة التأني و المتلكئ المتأخر و المتوقف و الأود بالتحريك الاعوجاج. قوله ع و نهى أي أنهى و أعلم و بين المعالم التي وضع على الحدود التي لا ينبغي لها التجاوز عنها في غاياتها التي مرت الإشارة إليها أو من النهاية أي وضع معالم الحدود في نهاية ما قرر لهم من امتدادات المسافات المعنوية التي لا ينبغي لهم أن يخرجوا عنها و يقال لائم بين كذا و كذا أي جمع قوله ع و وصل أسباب قرائنها إشارة إلى أن الموجودات لا تنفك عن أشياء تقترن بها من الهيئات و الأشكال و الغرائز و غيرها و اقتران الشيئين مستلزم لاقتران أسبابهما و اتصالها و ذلك الوصل مستند إليه تعالى لأنه مسبب الأسباب و قيل المراد بالقرائن النفوس المقرونة بالأبدان و اعتدال المزاج سبب بقاء الروح أي وصل أسباب أنفسها بتعديل أمزجتها و قيل المراد هدايتها لما هو الأليق بها في معاشها و معادها من قول القائل وصل الملك أسباب فلان إذا علقه عليه و وصله ببره و إنعامه ثم المراد بالأجناس أعم مما هو مصطلح المنطقيين و قوله ع بدايا خبر مبتدأ محذوف أي هي بدايا مخلوقات و بدايا هاهنا جمع بديئة و هي الحالة العجيبة يقال أبدى الرجل إذا جاء بالأمر المعجب البديء و البديئة أيضا الحالة المبتدأة المبتكرة و منه قولهم فعله بادئ بديء على فعيل أي أول كل شيء. قوله ع انتظم علمه لعله بمعنى نظم و إن لم يرد فيما عندنا من كتب اللغة أو علمه منصوب بنزع الخافض أي بعلمه أو في علمه أي انتظم في علمه تعالى جميع أصناف الخلق و أحوالها فكأن علمه تعالى سلك نظم جميع الأشياء فيه و يحتمل أن يكون من قولهم انتظمه بالرمح إذا اختله و جعله فيه كما مر قوله و بتلاحم التلاحم الالتيام و الالتصاق و الحقة بالضم رأس الورك الذي فيها عظم الفخذ و رأس العضد الذي فيه الوابلة و الجمع أحقاق و حقاق بالكسر أي من شبهه بخلقه في ربط مفاصلهم و دخول بعضها في بعض و شدة ارتباطها و استحكامها و كون المفاصل محتجبة بما يسترها و يكتنفها من اللحم و الجلد و كل ذلك بتدبير حكمته فمن حكم بهذا التشبيه فإنه لم يعقد غيب ضميره أي ما غيب في ضميره أو ضميره المغيب عن الخلق على معرفته تعالى و يمكن أن يقرأ يعقد على المعلوم و غيب بالنصب و على المجهول و غيب بالرفع. قوله لم يتناه في العقول أي لم تصل العقول إلى نهاية معرفته بالوصول إلى كنه
ذاته و صفته أو ليس في العقول ذا نهايات و كونه في مهب الفكر أي محلها مكيفا على الوجهين ظاهر بنحو ما مر تقريره مرارا و كذا كونه محدودا بالحدود الجسمانية أو العقلانية و كونه مصرفا أي متغيرا و لا يخفى ما في تشبيه الرويات أو محلها بالحواصل من اللطف و إضافة الرويات إلى الهمم لامية أي الرويات نشأت من همم النفوس و عزماتها و يحتمل أن تكون بيانية بأن يكون المراد بهمم النفوس خواطرها. قوله أضمر عليها الضمير راجع إلى القريحة و لعل على تعليلية و يحتمل أن يراد بالقريحة نفس الفكر مجازا قوله أفادها أي استفادها و السدد جمع السدة و هي الباب المغلق و قد مر الكلام في آخر الخطبة في باب النهي عن التفكر
17- يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن علي بن عباس عن جعفر بن محمد الأشعري عن فتح بن يزيد الجرجاني قال كتبت إلى أبي الحسن الرضا ع أسأله عن شيء من التوحيد فكتب إلي بخطه قال جعفر و إن فتحا أخرج إلي الكتاب فقرأته بخط أبي الحسن ع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الملهم عباده الحمد و فاطرهم على معرفة ربوبيته الدال على وجوده بخلقه و بحدوث خلقه على أزليته و باشتباههم على أن لا شبه له المستشهد بآياته على قدرته الممتنع من الصفات ذاته و من الأبصار رؤيته و من الأوهام الإحاطة به لا أمد لكونه و لا غاية لبقائه لا تشمله المشاعر و لا تحجبه الحجاب فالحجاب بينه و بين خلقه لامتناعه مما يمكن في ذواتهم و لإمكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته و لافتراق الصانع و المصنوع و الرب و المربوب و الحاد و المحدود أحد لا بتأول عدد الخالق لا بمنى حركة السميع لا بأداة البصير لا بتفريق آلة الشاهد لا بمماسة البائن لا ببراح مسافة الباطن لا باجتنان الظاهر لا بمحاذ الذي قد حسرت دون كنهه نوافذ الأبصار و أقمع وجوده جوائل الأوهام أول الديانة معرفته و كمال المعرفة توحيده و كمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف و شهادة الموصوف أنه غير الصفة و شهادتهما جميعا على أنفسهما بالبينة الممتنع منها الأزل فمن وصف الله فقد حده و من حده فقد عده و من عده فقد أبطل أزله و من قال كيف فقد استوصفه و من قال علام فقد حمله و من قال أين فقد أخلى منه و من قال إلام فقد وقته عالم إذ لا معلوم و خالق إذ لا مخلوق و رب إذ لا مربوب و إله إذ لا مألوه و كذلك يوصف ربنا و هو فوق ما يصفه الواصفون
توضيح لا أمد أي أزلا و لا غاية أي أبدا قوله و بين خلقه و في في بعد ذلك خلقه إياهم لامتناعه و هو أظهر و المعنى على ما في الكتاب أن ليس احتجابه إلا لهذه الوجوه و قد مر تحقيقها مرارا قوله مما يمتنع كلمة من صلة أو تبعيضية. قوله ع لا بتفريق آلة أي بفتح العين أو بعث الأشعة و توزيعها على المبصرات على القول بالشعاع أو تقليب الحدقة و توجيهها مرة إلى هذا المبصر و مرة إلى ذاك كما يقال فلان مفرق الهمة و الخاطر إذا وزع فكره على حفظ أشياء متباينة و مراعاتها و البراح الزوال عن المكان و في النهج و الكافي لا بتراخي مسافة. قوله ع لا باجتنان الاجتنان الاستتار أي إنه باطن بمعنى أن العقول و الأفهام لا تصل إلى كنهه لا باستتاره بستر و حجاب أو علم البواطن لا بالدخول فيها و الاستتار بها قوله لا بمحاذ أي لا بأن يحاذيه شيء فيراه و ليست هذه الكلمة في بعض النسخ و فيها الظاهر الذي قد حسرت و قمعه كمنعه ضربه بالمقمعة و قهره و ذلله كأقمعه و أقمعته طلع علي فرددته و الوجود يحتمل أن يكون هنا بمعنى الوجدان و جوائل الأوهام الأوهام الجائلة المترددة في أنواع دقائق المعاني قوله بالبينة أي المباينة للآخر و في الكافي بالتثنية و هي أظهر و قد مر شرح سائر الفقرات
18- يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن علي بن العباس عن ابن محبوب عن حماد بن عمرو النصيبي قال سألت جعفر بن محمد ع عن التوحيد فقال واحد صمد أزلي صمدي لا ظل له يمسكه و هو يمسك الأشياء بأظلتها عارف بالمجهول معروف عند كل جاهل فرداني لا خلقه فيه و لا هو في خلقه غير محسوس و لا مجسوس لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ علا فقرب و دنا فبعد و عصي فغفر و أطيع فشكر لا تحويه أرضه و لا تقله سماواته و إنه حامل الأشياء بقدرته ديمومي أزلي لا ينسى و لا يلهو و لا يغلط و لا يلعب و لا لإرادته فصل و فصله جزاء و أمره واقع لَمْ يَلِدْ فيورث وَ لَمْ يُولَدْ فيشارك وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ
بيان صمدي النسبة للمبالغة كالأحمري قوله ع لا ظل له الظل من كل شيء شخصه أو وقاؤه أو ستره أي لا شخص و لا شبح له يمسكه كالبدن للنفس و الفرد المادي للحصة أو لا واقي له يقيه و منهم من حمل الظلال على المثل الأفلاطونية و قيل المراد بالظل الكنف يقال فلان في ظل فلان أي كنفه. أقول و يحتمل أن يكون المراد بالظل الروح إذ كثيرا ما يطلق عالم الظلال على عالم الأرواح أو الأبنية التي يكون الخلق عليها أو تحتها و هو يمسك الأشياء بأظلتها أي بأشخاصها و أشباحها أو بوقاياتها أو بمثلها أو أرواحها أو بالأبنية التي تقلها و تظلها و الباء للسببية أو بمعنى مع. قوله ع و لا لإرادته فصل أي لا فصل بينها و بين المراد أي لا يتأخر و لا ينفصل مراده عن إرادته أو لا تنقطع إرادته بل هو كل يوم في شأن أبد الدهر أو لا قاطع لإرادته يمنعها عن تعلقها بالمراد و قيل أي ليست إرادته فاصلة بين شيء و شيء بل تتعلق بكل شيء و قيل ليس لإرادته فصل أي شيء يداخله فيكون به راضيا أو ساخطا إنما كونه راضيا أو ساخطا بالإثابة و العقاب كما قال و فصله جزاء أو المعنى أنه لا يكون لإرادته في فعل العبد قطع بالمراد فيتعين وقوعه إنما قطعه في المراد من العبد الجزاء. أقول على الوجوه الأولة المراد بقوله و فصله جزاء أن فصله بين عباده المشار إليه بقوله سبحانه يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ جزاء لهم و هو غير جائر فيه و يحتمل أن يكون الفصل في الأول القضاء بالحق بين الحق و الباطل أي لا يقضي في إرادته أحد بل هو الفاصل بينهم في الآخرة بمجازاتهم و في بعض النسخ و فضله بالضاد المعجمة أي سمي ما يتفضل به عليهم جزاء و لا يستحق أحد عليه شيئا
19- يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن الصفار و سعد معا عن ابن عيسى و النهدي و ابن أبي الخطاب كلهم عن ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله ع عن آبائه ع قال قال رسول الله ص في بعض خطبه الحمد لله الذي كان في أوليته وحدانيا و في أزليته متعظما بالإلهية متكبرا بكبريائه و جبروته ابتدأ ما ابتدع و أنشأ ما خلق على غير مثال كان سبق لشيء مما خلق ربنا القديم بلطف ربوبيته و بعلم خبره فتق و بأحكام قدرته خلق جميع ما خلق و بنور الإصباح فلق فلا مبدل لخلقه و لا مغير لصنعه و لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ و لا راد لأمره و لا مستراح عن دعوته و لا زوال لملكه و لا انقطاع لمدته و هو الكينون أولا و الديموم أبدا المحتجب بنوره دون خلقه في الأفق الطامح و العز الشامخ و الملك الباذخ فوق كل شيء علا و من كل شيء دنا فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى و هو بالمنظر الأعلى فأحب الاختصاص بالتوحيد إذا احتجب بنوره و سما في علوه و استتر عن خلقه و بعث إليهم الرسل لتكون له الحجة البالغة على خلقه و يكون رسله إليهم شهداء عليهم و انبعث فيهم النبيين مبشرين و منذرين لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ و ليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه فيعرفوه بربوبيته بعد ما أنكروا و يوحدوه بالإلهية بعد ما عندوا
بيان قوله متعظما أي مستحقا للتعظيم أو عظيما في غاية العظمة و كذا قوله متكبرا و الغرض أنه لم يكن عظمته و كبرياؤه و إلهيته متوقفة على إيجاد خلقه و قوله ربنا مبتدأ و فتق خبره و الظرفان متعلقان بفتق و إضافة العلم إلى الخبر للتأكيد و في بعض النسخ بالجيم قوله فلق أي ظلمة الليل و هو إشارة إلى قوله تعالى فالِقُ الْإِصْباحِ. قوله لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ أي لا راد له و حقيقته الذي يعقب الشيء بالإبطال و المستراح محل الاستراحة أي لا مفر عن دعوته و الكينون و الديموم مبالغتان في الكائن و الدائم قوله المحتجب بنوره أي ليس حجابه إلا نوريته أي تجرده و كماله و رفعته و جلاله و الطامح المرتفع كالشامخ و الباذخ يقال جبل شامخ أي شاهق و شرف باذخ أي عال. قوله و هو بالمنظر الأعلى المنظر الموضع المرتفع الذي ينظر إليه أي موضعه أرفع من أن ينظر إليه بالأبصار و الأوهام و العقول أو المراد بالمنظر المدارك و المشاعر أي هو أعلى و أرفع من أن يكون في مشاعر الخلق و يحتمل أن يكون كناية عن علمه بكل شيء أي الموضع الذي ينظر فيه أعلى من كل شيء إذ الأعلى ينظر إلى الأسفل غالبا بسهولة. قوله فأحب الاختصاص بالتوحيد أي بكونه موحدا أي لا يوحده و لا يعرفه غيره كما هو إذ هو محتجب عنهم أو أحب أن يوحدوه فقط دون غيره إذ لو كان ظاهرا للعقول و الحواس كان مشاركا للممكنات في الوحدة الاعتبارية فلا تكون الوحدة الصادقة عليه مختصة به و على هذا فالمحبة مؤولة باقتضاء ذاته تعالى من حيث كماله ذلك و كذا على الأول إلا أن يقال إن المراد أنه حجب عنهم أولا ما يمكنهم من معرفته ثم أفاض معرفته عليهم بتوسط الأنبياء و الرسل و بما يحصل لهم من القربات بالطاعات ليعلموا أن ليس توحيدهم له إلا بتوفيقه و هدايته تعالى و يؤيده ما بعده لا سيما قوله و ليعقل العباد
20- يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن محمد العطار و أحمد بن إدريس عن الأشعري عن بعض أصحابه رفعه قال جاء رجل إلى الحسن بن علي ع فقال له يا ابن رسول الله صف لي ربك حتى كأني أنظر إليه فأطرق الحسن بن علي ع مليا ثم رفع رأسه فقال الحمد لله الذي لم يكن له أول معلوم و لا آخر متناه و لا قبل مدرك و لا بعد محدود و لا أمد بحتى و لا شخص فيتجزأ و لا اختلاف صفة فيتناهى فلا تدرك العقول و أوهامها و لا الفكر و خطراتها و لا الألباب و أذهانها صفته فيقول متى و لا بديء مما و لا ظاهر على ما و لا باطن فيما و لا تارك فهلا خلق الخلق فكان بديئا بديعا ابتدأ ما ابتدع و ابتدع ما ابتدأ و فعل ما أراد و أراد ما استزاد ذلكم الله رب العالمين
بيان قوله معلوم هذه الصفة و الصفات التي بعدها موضحات مؤكدات إذ لو كان له أول لكان معلوما و هكذا قوله ع فيتناهى أي اختلاف الصفات ينافي الأزلية و الأبدية كما مر مرارا قوله ع فتقول متى أي لو كانت العقول تبلغ صفته لكان كسائر الممكنات فكان يصح أن يقال متى وجد و من أي شيء بدئ على المجهول أو بدأ الأشياء بأن يقرأ على الفعل المعلوم أو على فعيل و على أي شيء علا فهو ظاهر و في أي شيء بطن حتى يقال إنه باطن أو يقال لشيء ترك هلا فعل تحضيضا و تحريصا على الفعل أو توبيخا على تركه و الابتداع إيجاد بلا مادة أو بلا مثال
21- يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن الحسين بن الحسن بن بردة عن العباس بن عمرو الفقيمي عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد العلوي عن فتح بن يزيد الجرجاني قال لقيته ع على الطريق عند منصرفي عن مكة إلى خراسان و هو سائر إلى العراق فسمعته يقول من اتقى الله يتقى و من أطاع الله يطاع فتلطفت في الوصول إليه فوصلت فسلمت فرد علي السلام ثم قال يا فتح من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق و من أسخط الخالق فقمن أن يسلط عليه سخط المخلوق و إن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه و أنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه و الأوهام أن تناله و الخطرات أن تحده و الأبصار عن الإحاطة به جل عما وصفه الواصفون و تعالى عما ينعته الناعتون نأى في قربه و قرب في نأيه فهو في نأيه قريب و في قربه بعيد كيف الكيف فلا يقال له كيف و أين الأين فلا يقال له أين إذ هو مبدع الكيفوفية و الأينونية يا فتح كل جسم مغذى بغذاء إلا الخالق الرازق فإنه جسم الأجسام و هو ليس بجسم و لا صورة لم يتجزأ و لم يتناه و لم يتزايد و لم يتناقص مبرأ من ذات ما ركب في ذات من جسمه وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الواحد الأحد الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ منشئ الأشياء و مجسم الأجسام و مصور الصور لو كان كما تقول المشبهة لم يعرف الخالق من المخلوق و لا الرازق من المرزوق و لا المنشئ من المنشأ لكنه المنشئ فرق بين من جسمه و صوره و شيأه و بينه إذا كان لا يشبهه شيء قلت فالله واحد و الإنسان واحد فليس قد تشابهت الوحدانية قال أحلت ثبتك الله إنما التشبيه في المعاني و أما في الأسماء فهي واحدة و هي دلالة على المسمى و ذلك أن الإنسان و إن قيل واحد فإنه يخبر أنه جثة واحدة و ليس باثنين و الإنسان نفسه ليس بواحد لأن أعضاءه مختلفة و ألوانه مختلفة غير واحدة و هو أجزاء مجزى ليس سواء دمه غير لحمه و لحمه غير دمه و عصبه غير عروقه و شعره غير بشره و سواده غير بياضه و كذلك سائر جميع الخلق فالإنسان واحد في الاسم لا واحد في المعنى و الله جل جلاله واحد لا واحد غيره و لا اختلاف فيه و لا تفاوت و لا زيادة و لا نقصان فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف فمن أجزاء مختلفة و جواهر شتى غير أنه بالاجتماع شيء واحد قلت فقولك اللطيف فسره لي فإني أعلم أن لطفه خلاف لطف غيره للفصل غير أني أحب أن تشرح لي فقال يا فتح إنما قلت اللطيف للخلق اللطيف و لعلمه بالشيء اللطيف أ لا ترى إلى أثر صنعه في النبات اللطيف و غير اللطيف و في الخلق اللطيف من أجسام الحيوان من الجرجس و البعوض و ما هو أصغر منهما مما لا يكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى و المولود من القديم فلما رأينا صغر ذلك في لطفه و اهتدائه للسفاد و الهرب من الموت و الجمع لما يصلحه مما في لجج
البحار و ما في لحاء الأشجار و المفاوز و القفار و إفهام بعضها عن بعض منطقها و ما تفهم به أولادها عنها و نقلها الغذاء إليها ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة و بياضا مع حمرة علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف و أن كل صانع شيء فمن شيء صنع و الله الخالق اللطيف الجليل خلق و صنع لا من شيء قلت جعلت فداك و غير الخالق الجليل خالق قال إن الله تبارك و تعالى يقول فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ فقد أخبر أن في عباده خالقين و غير خالقين منهم عيسى خلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله فنفخ فيه فصار طائرا بإذن الله و السامري خلق لهم عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ قلت إن عيسى خلق من الطين طيرا دليلا على نبوته و السامري خلق عجلا جسدا لنقض نبوة موسى و شاء الله أن يكون ذلك كذلك إن هذا لهو العجب فقال ويحك يا فتح إن لله إرادتين و مشيتين إرادة حتم و إرادة عزم ينهى و هو يشاء و يأمر و هو لا يشاء أ و ما رأيت أنه نهى آدم و زوجته عن أن يأكلا من الشجرة و هو شاء ذلك و لو لم يشأ لم يأكلا و لو أكلا لغلبت مشيئتهما مشية الله و أمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل و شاء أن لا يذبحه و لو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشية إبراهيم مشية الله عز و جل قلت فرجت عني فرج الله عنك غير أنك قلت السَّمِيعُ الْبَصِيرُ سميع بأذن و بصير بالعين فقال إنه يسمع بما يبصر و يرى بما يسمع بصير لا بعين مثل عين المخلوقين و سميع لا بمثل سمع السامعين لكن لما لا تخفى عليه خافية من أثر الذرة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء تحت الثرى و البحار قلنا بصير لا بمثل عين المخلوقين و سميع بما لم تشتبه عليه ضروب اللغات و لم يشغله سمع عن سمع قلنا سميع لا بمثل السامعين قلت جعلت فداك قد بقيت مسألة قال هات لله أبوك قلت يعلم القديم الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون قال ويحك إن مسائلك لصعبة أ ما سمعت الله يقول لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا و قوله وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ و قال يحكي قول أهل النار أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ و قال وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ فقد علم الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون فقمت لأقبل يده و رجله فأدنى رأسه فقبلت وجهه و رأسه فخرجت و بي من السرور و الفرح ما أعجز عن وصفه لما تبينت من الخير و الحظ
بيان قمن بالتحريك و كسر الميم أيضا أي خليق و جدير قوله مغذى بغذاء أي كل جسم ذي روح له غذاء يقويه و لو كان التسبيح و التقديس و يحتمل أن يكون الغذاء شاملا لكل شيء يقوي الجسم و يربيه و يبقيه فلا حاجة إلى تخصيص الجسم قوله ع من ذات ما ركب أي هو مبرأ من كل حقيقة و ماهية و عارض ركب في ذوات الأجسام. قوله و بينه يحتمل التشديد و التخفيف فلا تغفل و اللحاء بكسر اللام ممدودا قشر الشجر قوله ع لله أبوك قال الجزري إذا أضيف الشيء إلى عظيم شريف اكتسى عظما و شرفا كما قيل بيت الله و ناقة الله فإذا وجد من الولد ما يحسن موقعه و يحمد قيل لله أبوك في معرض المدح و التعجب أي أبوك لله خالصا حيث أنجب بك و أتى بمثلك انتهى و قد مضى شرح أكثر أجزاء الخبر و سيأتي شرح بعضها في كتاب العدل إن شاء الله تعالى
22- يد، ]التوحيد[ أخبرني أبو العباس الفضل بن العباس الكندي فيما أجازه لي بهمدان سنة أربع و خمسين و ثلاث مائة قال حدثنا محمد بن سهل يعني العطار البغدادي لفظا من كتابه سنة خمس و ثلاث مائة قال حدثنا عبد الله بن محمد البلوي قال حدثنا عمارة بن زيد قال حدثني عبيد الله بن العلا قال حدثني صالح بن سبيع عن عمرو بن محمد بن صعصعة بن صوحان قال حدثني أبي عن أبي المعتمر مسلم بن أوس قال حضرت مجلس علي ع في جامع الكوفة فقام إليه رجل مصفر اللون كأنه من متهودة اليمن فقال يا أمير المؤمنين صف لنا خالقك و انعته لنا كأنا نراه و ننظر إليه فسبح علي ع ربه و عظمه عز و جل و قال الحمد لله الذي هو أول لا بديء مما و لا باطن فيما و لا يزال مهما و لا ممازج مع ما و لا خيال وهما ليس بشبح فيرى و لا بجسم فيتجزأ و لا بذي غاية فيتناهى و لا بمحدث فيبصر و لا بمستتر فيكشف و لا بذي حجب فيحوى كان و لا أماكن تحمله أكنافها و لا حملة ترفعه بقوتها و لا كان بعد أن لم يكن بل حارت الأوهام أن يكيف المكيف للأشياء و من لم يزل بلا مكان و لا يزول باختلاف الأزمان و لا ينقلب شأنا بعد شأن البعيد من حدس القلوب المتعالي عن الأشباه و الضروب الوتر علام الغيوب فمعاني الخلق عنه منفية و سرائرهم عليه غير خفية المعروف بغير كيفية لا يدرك بالحواس و لا يقاس بالناس و لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ و لا تحيطه الأفكار و لا تقدره العقول و لا تقع عليه الأوهام فكلما قدره عقل أو عرف له مثل فهو محدود و كيف يوصف بالأشباح و ينعت بالألسن الفصاح من لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن و لم ينأ عنها فيقال هو عنها بائن و لم يخل منها فيقال أين و لم يقرب منها بالالتزاق و لم يبعد عنها بالافتراق بل هو في الأشياء بلا كيفية و هو أقرب إلينا من حبل الوريد و أبعد من الشبهة من كل بعيد لم يخلق الأشياء من أصول أزلية و لا من أوائل كانت قبله بدية بل خلق ما خلق و أتقن خلقه و صور ما صور فأحسن صورته فسبحان من توحد في علوه فليس لشيء منه امتناع و لا له بطاعة أحد من خلقه انتقام إجابته للداعين سريعة و الملائكة له في السماوات و الأرض مطيعة كلم موسى تكليما بلا جوارح و أدوات و لا شفة و لا لهوات سبحانه و تعالى عن الصفات فمن زعم أن إله الخلق محدود فقد جهل الخالق المعبود و الخطبة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة
بيان قوله ع لا بديء على فعيل أي لا يقال بدأ الأشياء مما إذ لم يخلقها من شيء و كونه فعيلا بمعنى المفعول أو فعلا على بناء المجهول بعيد قوله ع و لا يزال مهما كلمة مهما هنا ظرف زمان جيء بها لتعميم الأزمان أي لا يزول أبدا و يحتمل أن يكون حرف نفي آخر مقدرا أو يكون معطوفا على المنفي سابقا أي ليس لا يزال مقيدا بمهما يكن كذا و يمكن أن يكون سقوط أحدهما من النساخ لتوهم التكرار و لا ممازج مع ما أي لا يمكن أن يقال مع أي شيء ممازج. قوله ع و لا خيال وهما أي غير متخيل بالوهم قوله ع ليس بشبح أي شخص قوله ع و لا بمحدث فيبصر أي لو كان مبصرا لكان محدثا فلا يتوهم منه أن كل محدث مبصر قوله فيحوى أن تكون الحجب حاوية له أو يكون جسما محويا بالحدود و النهايات قوله ع و الضروب و هي جمع الضرب بمعنى المثل أو المراد ضرب الأمثال قوله ع بالأشباح أي الصور الخيالية و العقلية أو بصفات الأشخاص. قوله ع من أصول أزلية رد على الفلاسفة القائلين بالعقول و الهيولى القديمة قوله كانت قبله أي قبل خلق هذا العالم أي لم يكن خلق هذا العالم على مثال علم آخر كانت بدية أي مبتدأة مخلوقة قبله أو مبتدأة بنفسه من غير علة بل خلق ما خلق ابتداء من غير أصل مع غاية الإتقان و الإحكام و صور ما صور بعلمه من غير مثال على نهاية الحسن. قوله انتقام أي لا يحتاج في الانتقام عن العاصين إلى طاعة أحد من خلقه بل قدرته كافية أو لا ينتقم مع الطاعة فيكون ظالما و الأظهر أنه تصحيف انتفاع كما سيأتي مما سننقله من النهج
23- يد، ]التوحيد[ أبي و ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير قال دخلت على سيدي موسى بن جعفر ع فقلت له يا ابن رسول الله علمني التوحيد فقال يا أبا أحمد لا تتجاوز في التوحيد ما ذكره الله تعالى ذكره في كتابه فتهلك و اعلم أن الله تبارك و تعالى واحد أحد صمد لَمْ يَلِدْ فيورث وَ لَمْ يُولَدْ فيشارك و لم يتخذ صاحبة و لا ولدا و لا شريكا و أنه الحي الذي لا يموت و القادر الذي لا يعجز و القاهر الذي لا يغلب و الحليم الذي لا يعجل و الدائم الذي لا يبيد و الباقي الذي لا يفنى و الثابت الذي لا يزول و الغني الذي لا يفتقر و العزيز الذي لا يذل و العالم الذي لا يجهل و العدل الذي لا يجور و الجواد الذي لا يبخل و أنه لا تقدره العقول و لا تقع عليه الأوهام و لا تحيط به الأقطار و لا يحويه مكان و لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ و لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا و هو الأول الذي لا شيء قبله و الآخر الذي لا شيء بعده و هو القديم و ما سواه مخلوق محدث تعالى عن صفات المخلوقين علوا كبيرا
-24 يد، ]التوحيد[ الطالقاني عن الجلودي عن الجوهري عن الضبي عن أبي بكر الهذلي عن عكرمة قال بينما ابن عباس يحدث الناس إذ قام إليه نافع بن الأزرق فقال يا ابن عباس تفتي في النملة و القملة صف لنا إلهك الذي تعبده فأطرق ابن عباس إعظاما لله عز و جل و كان الحسين بن علي ع جالسا ناحية فقال إلي يا ابن الأزرق فقال لست إياك أسأل فقال ابن عباس يا ابن الأزرق إنه من أهل بيت النبوة و هم ورثة العلم فأقبل نافع بن أزرق نحو الحسين ع فقال له الحسين ع يا نافع إن من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الارتماس مائلا عن المنهاج ظاعنا في الاعوجاج ضالا عن السبيل قائلا غير الجميل يا ابن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه و أعرفه بما عرف به نفسه لا يدرك بالحواس و لا يقاس بالناس فهو غريب غير ملتصق و بعيد غير متقص يوحد و لا يبعض معروف بالآيات موصوف بالعلامات لا إله إلا هو الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ
بيان على القياس أي مقايسة الرب تعالى بالخلق أو الأعم أي الحكم بالعقل في الله تعالى و دينه و التقصي غاية البعد
25- يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن علي بن سيف بن عميرة عن محمد بن عبيد قال دخلت على الرضا ع فقال لي قل للعباسي يكف عن الكلام في التوحيد و غيره و يكلم الناس بما يعرفون و يكف عما ينكرون و إذا سألوك عن التوحيد فقل كما قال الله عز و جل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ و إذا سألوك عن الكيفية فقل كما قال الله عز و جل لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و إذا سألوك عن السمع فقل كما قال الله عز و جل هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ كلم الناس بما يعرفون
26- يد، ]التوحيد[ ابن عصام عن الكليني عن علان عن سهل و غيره عن محمد بن سليمان عن علي بن إبراهيم الجعفري عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال إن الله عظيم رفيع لا يقدر العباد على صفته و لا يبلغون كنه عظمته لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ و لا يوصف بكيف و لا أين و لا حيث و كيف أصفه بكيف و هو الذي كيف الكيف حتى صار كيفا فعرفت الكيف بما كيف لنا من الكيف أم كيف أصفه بأين و هو الذي أين الأين حتى صار أين فعرفت الأين بما أين لنا من الأين أم كيف أصفه بحيث و هو الذي حيث الحيث حتى صار الحيث فعرفت الحيث بما حيث لنا من الحيث فالله تبارك و تعالى داخل في كل مكان و خارج من كل شيء لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ لا إله إلا هو العلي العظيم وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
بيان الحيث تأكيد للأين أو هو بمعنى الجهة أو الزمان كما مر سابقا
27- يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن يحيى بن يحيى عن عبد الله بن الصامت عن عبد الأعلى عن العبد الصالح يعني موسى بن جعفر ع قال إن الله لا إله إلا هو كان حيا بلا كيف و لا أين و لا كان في شيء و لا كان على شيء و لا ابتدع لمكانه مكانا و لا قوي بعد ما كون الأشياء و لا يشبهه شيء مكون و لا كان خلوا من القدرة على الملك قبل إنشائه و لا يكون خلوا من القدرة بعد ذهابه كان عز و جل إلها حيا بلا حياة حادثة ملكا قبل أن ينشئ شيئا و مالكا بعد إنشائه و ليس لله حد و لا يعرف بشيء يشبهه و لا يهرم للبقاء و لا يصعق لذعرة شيء و لخوفه تصعق الأشياء كلها فكان الله حيا بلا حياة حادثة و لا كون موصوف و لا كيف محدود و لا أين موقوف و لا مكان ساكن بل حي لنفسه و مالك لم تزل له القدرة أنشأ ما شاء حين شاء بمشيته و قدرته كان أولا بلا كيف و يكون آخرا بلا أين و كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ
بيان الذعر بالضم الخوف قوله ع و لا أين موقوف أي موقوف عليه كما في الكافي أي أين استقر الرب تعالى عليه أو المعنى أنه لو كان له أين لكان وجوده متوقفا عليه محتاجا إليه و يحتمل على ما في الكتاب أن يكون الموقوف بمعنى الساكن و تقييد المكان بالساكن مبني على المتعارف الغالب من كون المكان المستقر عليه ساكنا قوله ع له الخلق أي خلق الممكنات مطلقا و الأمر أي الأمر التكليفي و قيل المراد بالخلق عالم الأجسام و الماديات أو الموجودات العينية و بالأمر عالم المجردات أو الموجودات العلمية
28- يد، ]التوحيد[ العطار عن أبيه عن ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال جاء رجل إلى أبي جعفر ع فقال له يا أبا جعفر أخبرني عن ربك متى كان فقال ويلك إنما يقال لشيء لم يكن فكان متى كان إن ربي تبارك و تعالى كان لم يزل حيا بلا كيف و لم يكن له كان و لا كان لكونه كيف و لا كان له أين و لا كان في شيء و لا كان على شيء و لا ابتدع لكانه مكانا و لا قوي بعد ما كون شيئا و لا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا و لا كان مستوحشا قبل أن يبدع شيئا و لا يشبه شيئا مكونا و لا كان خلوا من القدرة على الملك قبل إنشائه و يكون منه خلوا بعد ذهابه لم يزل حيا بلا حياة و ملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا و ملكا جبارا بعد إنشائه للكون فليس لكونه كيف و لا له أين و لا له حد و لا يعرف بشيء يشبهه و لا يهرم لطول البقاء و لا يصعق لشيء و لا يخوفه شيء تصعق الأشياء كلها من خيفته كان حيا بلا حياة حادثة و لا كون موصوف و لا كيف محدود و لا أثر مقفو و لا مكان جاور شيئا بل حي يعرف و ملك لم يزل له القدرة و الملك أنشأ ما شاء بمشيئته لا يحد و لا يبعض و لا يفنى كان أولا بلا كيف و يكون آخرا بلا أين و كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ويلك أيها السائل إن ربي لا تغشاه الأوهام و لا تنزل به الشبهات و لا يجار من شيء و لا يجاوره شيء و لا تنزل به الأحداث و لا يسأل عن شيء يفعله و لا يقع على شيء و لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى
بيان قوله بلا كيف أي بلا حياة زائدة و لا كيفيات تعد من لوازم الحياة في الممكنات قوله ع لم يكن له كان الظاهر أن كان اسم لم يكن لأنه ع لما قال كان أوهمت العبارة أن له زمانا فنفى ع ذلك بأنه كان بلا زمان و التعبير بكان لضيق العبارة و قيل كان اسم بمعنى الكون أي ليس له وجود زائد و لم نظفر به في اللغة لكن نقل عن بعض أهل العربية قلب الواو و الياء ألفا مع انفتاح ما قبلهما مطلقا و قيل أي لم يتحقق كون شيء له من الصفات الزائدة. و قوله و لا كان لكونه كيف أي لم يكن وجوده زائدا ليكون اتصافه به مكيفا بكيف أو لم يكن وجوده مقرونا بالكيفيات و منهم من فصل و لم يكن له عن كان أي لم يكن الكيف ثابتا له بأن يكون الواو للعطف التفسيري أو للحال و كان ابتداء كلام و هي تامة و التي بعدها ناقصة حالا عن اسم كان أي كان أزلا و الحال أنه ليس له كيف قوله و لا ابتدع لكانه لعل إضافته إلى الضمير بتأويل أو أنه اسم بمعنى الكون و في بعض النسخ لمكانه كما في الكافي أي ليكون مكانا له. قوله ع و لا يصعق أي لا يفزع أو لا يغشى عليه للخوف من شيء قوله كون موصوف أي يمكن أن يوصف أو زائد أو موصوف بكونه في زمان أو مكان و قيل المراد بالكون الموصوف الوجود المتصف بالتغير أو عدمه عما من شأنه التغير المعبر عنهما بالحركة و السكون قوله يعرف أي أنه حي بإدراك آثار يعد من آثار الحياة قوله و لا يحار بالحاء المهملة من الحيرة أو بالجيم على بناء المجهول أي لا يجيره أحد من شيء
-29 ف، ]تحف العقول[ عن الحسين بن علي صلوات الله عليهما أيها الناس اتقوا هؤلاء المارقة الذين يشبهون الله بأنفسهم يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا من أهل الكتاب بل هو الله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ استخلص الوحدانية و الجبروت و أمضى المشية و الإرادة و القدرة و العلم بما هو كائن لا منازع له في شيء من أمره و لا كفو له يعادله و لا ضد له ينازعه و لا سمي له يشابهه و لا مثل له يشاكله لا تتداوله الأمور و لا تجري عليه الأحوال و لا تنزل عليه الأحداث و لا يقدر الواصفون كنه عظمته و لا يخطر على القلوب مبلغ جبروته لأنه ليس له في الأشياء عديل و لا تدركه العلماء بألبابها و لا أهل التفكير بتفكيرهم إلا بالتحقيق إيقانا بالغيب لأنه لايوصف بشيء من صفات المخلوقين و هو الواحد الصمد ما تصور في الأوهام فهو خلافه ليس برب من طرح تحت البلاغ و معبود من وجد في هواء أو غير هواء هو في الأشياء كائن لا كينونة محظور بها عليه و من الأشياء بائن لا بينونة غائب عنها ليس بقادر من قارنه ضد أو ساواه ند ليس عن الدهر قدمه و لا بالناحية أممه احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار و عمن في السماء احتجابه عمن في الأرض قربه كرامته و بعده إهانته لا يحله في و لا توقته إذ و لا تؤامره إن علوه من غير نوقل و مجيئه من غير تنقل يوجد المفقود و يفقد الموجود و لا تجتمع لغيره الصفتان في وقت يصيب الفكر منه الإيمان به موجودا و وجود الإيمان لا وجود صفة به توصف الصفات لا بها يوصف و به تعرف المعارف لا بها يعرف فذلك الله لا سمي له سبحانه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
بيان استخلص الوحدانية أي جعلها خالصة لنفسه لا يشاركه فيها غيره و لتحقيق التصديق و الاستثناء منقطع أي و لكن يدرك بالتصديق بما أخبر عنه الأنبياء و الحجج إيمانا بالغيب قوله ع تحت البلاغ لعل المعنى أنه يكون محتاجا إلى أن يبلغ إليه الأمور أو يكون تحت ثوب يكون قدر كفايته محيطا به و يحتمل أن يكون تصحيف التلاع جمع التلعة فإن الأصنام تنحت من الأحجار المطروحة تحتها أو اليراع و هو شيء كالبعوض يغشى الوجه أو النقاع جمع النقع بالكسر و هو الغبار أو السماء أو البلاء أو البناء بقرينة قرينتها و هي الهواء. قوله ع محظور بها عليه أي بأن يكون داخلا فيها فتحيط الأشياء به كالحظيرة و هي ما تحيط بالشيء خشبا أو قصبا قوله ع ليس عن الدهر قدمه أي ليس قدمه قدما زمانيا يقارنه الزمان دائما و الأمم بالتحريك القصد أي ليس قصده بأن يتوجه إلى ناحية مخصوصة فيوجد فيه بل فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ. قوله ع و لا تؤامره إن أي ليست كلمة إن التي يستعملها المخلوقون عند ترددهم بقولهم إن كان كذا فأي شيء يكون سببا لمشاورته و مؤامرته في الأمور و نوقل فوعل من النقل و لم أجده فيما حضر عندي من كتب اللغة قوله ع في وقت أي في وقت من الأوقات و التقييد بالاجتماع لعله وقع تنزلا لما يتوهم من أن الأعدام يتأتى من غيره تعالى. قوله ع يصيب الفكر أي لا يصيب منه تعالى التفكر فيه إلا أن يؤمن بأنه موجود و أن يجد صفة الإيمان و يتصف به لا أن ينال منه وجود صفة أي كنه صفة أو صفة موجودة زائدة فقوله و وجود معطوف على الإيمان و قوله لا وجود أي لا يصيب وجود و الأصوب أن العاطف في قوله و وجود زائد فيستقيم الكلام قوله به توصف الصفات أي هو موجد للصفات و جاعل الأشياء متصفة بها فكيف يوصف نفسه بها و بإفاضته تعرف المعارف فلا يعرف هو بها إذ لا يعرف الله بمخلوقه كما مر
30- ف، ]تحف العقول[ عن أبي الحسن الثالث ع قال إن الله لا يوصف إلا بما وصف به نفسه و أنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه و الأوهام أن تناله و الخطرات أن تحده و الأبصار عن الإحاطة به نأى في قربه و قرب في نأيه كيف الكيف بغير أن يقال كيف و أين الأين بلا أن يقال أين هو منقطع الكيفية و الأينية الواحد الأحد جل جلاله و تقدست أسماؤه
31- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ عن أبي محمد عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع لا تتجاوزوا بنا العبودية ثم قولوا ما شئتم و لا تغلوا و إياكم و الغلو كغلو النصارى فإني بريء من الغالين قال فقام إليه رجل فقال له يا ابن رسول الله صف لنا ربك فإن من قبلنا قد اختلفوا علينا فقال الرضا ع إنه من يصف ربه بالقياس لا يزال الدهر في الالتباس مائلا عن المنهاج ظاعنا في الاعوجاج ضالا عن السبيل قائلا غير الجميل ثم قال أعرفه بما عرف به نفسه أعرفه من غير رؤية و أصفه بما وصف به نفسه من غير صورة لا يدرك بالحواس و لا يقاس بالناس معروف بالآيات بعيد بغير تشبيه و متدان في بعده لا بنظير لا يتوهم ديمومته و لا يمثل بخلقه و لا يجوز في قضيته الخلق لما علم منه منقادون و على ما سطر في المكنون من كتابه ماضون لا يعلمون بخلاف ما علم منهم و لا غيره يريدون فهو قريب غير ملتزق و بعيد غير متقص يحقق و لا يمثل و يوحد و لا يبعض يعرف بالآيات و يثبت بالعلامات فلا إله غيره الكبير المتعال ثم قال الإمام ع حدثني أبي عن جدي عن رسول الله أنه قال ما عرف الله من شبهه بخلقه و لا عدله من نسب إليه ذنوب عباده
32- جع، ]جامع الأخبار[ سئل أمير المؤمنين ع بم عرفت ربك قال بما عرفني نفسه لا يشبهه صورة و لا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه فوق كل شيء و لا يقال شيء تحته و تحت كل شيء و لا يقال شيء فوقه أمام كل شيء و لا يقال شيء خلفه و خلف كل و لا يقال شيء أمامه داخل في الأشياء لا كشيء في شيء سبحان من هو هكذا لا هكذا غيره
33- جع، ]جامع الأخبار[ دخل علي بن الحسين ع مسجد المدينة فرأى قوما يختصمون فقال لهم فيما تختصمون قالوا في التوحيد قال اعرضوا علي مقالتكم قال بعض القوم إن الله يعرف بخلقه سماواته و أرضه و هو في كل مكان قال علي بن الحسين ع قولوا نور لا ظلام فيه و حياة لا موت فيه و صمد لا مدخل فيه ثم قال من كان لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ كان نعته لا يشبه نعت شيء فهو ذاك
34- يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن الحسين بن الحسن عن عبد الله بن داهر عن الحسين بن يحيى الكوفي عن قثم بن قتادة عن عبد الله بن يونس عن أبي عبد الله ع قال بينا أمير المؤمنين ع يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل يقال له ذعلب ذرب اللسان بليغ في الخطاب شجاع القلب فقال يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك فقال ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربا لم أره قال يا أمير المؤمنين كيف رأيته قال يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الأبصار و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ويلك يا ذعلب إن ربي لطيف اللطافة فلا يوصف باللطف عظيم العظمة لا يوصف بالعظم كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ قبل كل شيء لا يقال شيء قبله و بعد كل شيء لا يقال له بعد شاء الأشياء لا بهمته دراك لا بخديعة هو في الأشياء كلها غير متمازج بها و لا بائن عنها ظاهر لا بتأويل المباشرة متجل لا باستهلال رؤية بائن لا بمسافة قريب لا بمداناة لطيف لا بتجسم موجود لا بعد عدم فاعل لا باضطرار مقدر لا بحركة مريد لا بهمامة سميع لا بآلة بصير لا بأداة لا تحويه الأماكن و لا تصحبه الأوقات و لا تحده الصفات و لا تأخذه السنات سبق الأوقات كونه و العدم وجوده و الابتداء أزله بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له و بتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له و بمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له و بمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له ضاد النور بالظلمة و الجسوء بالبلل و الصرد بالحرور مؤلف بين معتادياتها مفرق بين متدانياتها دالة بتفريقها على مفرقها و بتأليفها على مؤلفها و ذلك قوله عز و جل وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ففرق بها بين قبل و بعد ليعلم أن لا قبل له و لا بعد شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه و بين خلقه غير خلقه كان ربا و لا مربوب و إلها و لا مألوه و عالما إذ لا معلوم و سميعا إذ لا مسموع ثم أنشأ يقول
و لم يزل سيدي بالحمد معروفا و لم يزل سيدي بالجود موصوفاو كان إذ ليس نور يستضاء به و لا ظلام على الآفاق معكوفافربنا بخلاف الخلق كلهم و كل ما كان في الأوهام موصوفاو من يرده على التشبيه ممتثلا يرجع أخا حصر بالعجز مكتوفاو في المعارج يلقى موج قدرته موجا يعارض طرف الروح مكفوفافاترك أخا جدل في الدين منعمقا قد باشر الشك فيه الرأي مأووفاو اصحب أخا ثقة حبا لسيده و بالكرامات من مولاه محفوفاأمسى دليل الهدى في الأرض مبتسما و في السماء جميل الحال معروفا
قال فخر ذعلب مغشيا عليه ثم أفاق و قال ما سمعت بهذا الكلام و لا أعود إلى شيء من ذلك
قال الصدوق رحمه الله في هذا الخبر ألفاظ قد ذكرها الرضا ع في خطبته و هذا تصديق قولنا في الأئمة ع أن علم كل واحد منهم مأخوذ عن أبيه حتى يتصل ذلك بالنبي ص. بيان ذرب اللسان حدته قوله ع معكوفا أي محبوسا أخا حصر أي مصاحبا للعي و العجز و كتفت الرجل أي شددت يديه إلى خلفه بالكتاف و هو حبل و الطرف العين و مكفوفا حال منه أي يجعل عين الروح عمياء قوله ع مأووفا حال عن الرأي و يمكن أن يقرأ على الأصل بالواوين لضرورة الشعر أو بإشباع فتحة الميم. قوله ع حبا لسيده الحب بالكسر المحبوب و يمكن أن يقرأ بالضم أيضا بأن يكون مصدرا مؤولا بمعنى المفعول و يمكن أن يكون مفعولا لأجله لكن عطف قوله و بالكرامات يحتاج إلى تكلف أي و لكونه محفوفا و قوله دليل الهدى بالرفع و يحتمل النصب بالخبرية فيكون الاسم ضميرا راجعا إلى الأخ و لعله نظرا إلى المصرع الثاني أظهر
35- نهج، ]نهج البلاغة[ و من خطبة له ع الحمد لله خالق العباد و ساطح المهاد و مسيل الوهاد و مخصب النجاد ليس لأوليته ابتداء و لا لأزليته انقضاء هو الأول لم يزل و الباقي بلا أجل خرت له الجباه و وحدته الشفاه حد الأشياء عند خلقه لها إبانة له من شبهها لا تقدره الأوهام بالحدود و الحركات و لا بالجوارح و الأدوات لا يقال له متى و لا يضرب له أمد بحتى الظاهر لا يقال مما و الباطن لا يقال فيما لا شبح فيتقضى و لا محجوب فيحوى لم يقرب من الأشياء بالتصاق و لم يبعد عنها بافتراق لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة و لا كرور لفظة و لا ازدلاف ربوة و لا انبساط خطوة في ليل داج و لا غسق ساج يتفيأ عليه القمر المنير و تعقبه الشمس ذات النور في الأفول و الكرور و تقليب الأزمنة و الدهور من إقبال ليل مقبل و إدبار نهار مدبر قبل كل غاية و مدة و كل إحصاء و عدة تعالى عما ينحله المحددون من صفات الأقدار و نهايات الأقطار و تأثل المساكن و تمكن الأماكن فالحد لخلقه مضروب و إلى غيره منسوب لم يخلق الأشياء من أصول أزلية و لا من أوائل أبدية بل خلق ما خلق فأقام حده و صور ما صور فأحسن صورته ليس لشيء منه امتناع و لا له بطاعة شيء انتفاع علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين و علمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرضين السفلى
إيضاح ساطح المهاد أي باسط الأرض التي هي بمنزلة الفراش للخلق و الوهد المكان المنخفض و النجاد ما ارتفع من الأرض أي مجرى السيول في الوهاد و منبت العشب و النبات و الأشجار في النجاد قوله انقضاء أي في طرف الأبد و يحتمل أن يكون المراد بالأولية العلية أي ليست له علة و ليس لوجوده في الأزل انقضاء و الأول أوفق بالفقرتين الآتيتين لفا و نشرا و شخوص اللحظة مد البصر بلا حركة جفن و كرور اللفظة رجوعها و قيل ازدلاف الربوة صعود إنسان أو حيوان ربوة من الأرض و هي الموضع المرتفع و قيل ازدلاف الربوة تقدمها في النظر فإن الربوة أول ما يقع في العين من الأرض عند مد البصر من الزلف بمعنى القرب. قوله ع داج أي مظلم و الغسق محركة ظلمة أول الليل و قوله ساج أي ساكن كما قال تعالى وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى أي سكن أهله أو ركد ظلامة من سجى البحر سجوا إذا سكنت أمواجه قوله ع يتفيأ هذا من صفات الغسق و من تتمة نعته و معنى يتفيأ عليه يتقلب ذاهبا و جائيا في حالتي أخذه في الضوء إلى التبادر و أخذه في النقص إلى المحاق و الضمير في عليه للغسق. و قوله و تعقبه أي تتعقبه فحذف إحدى التاءين و الضمير فيه للقمر و قوله من إقبال ليل متعلق بتقليب و المعنى أن الشمس تعاقب القمر فتطلع عند أفوله و يطلع عند أفولها قوله ع قبل كل غاية أي هو سبحانه قبل كل غاية قوله عما ينحله أي ينسبه إليه. قوله ع و تأثل المساكن يقال مجد مؤثل أي أصيل و بيت مؤثل أي معمور و أثل ملكه عظمه و تأثل عظم و تمكن الأماكن ثبوتها و استقرارها أقول يحتمل أن يكون المعنى التأثل في المساكن و التمكن في الأماكن قوله ع و لا من أوائل أبدية أقول على هذه النسخة الأصول الأزلية هي الأوائل الأبدية إذ ما ثبت قدمه امتنع عدمه قوله ع فأقام حده أي أتقن حدود الأشياء على وفق الحكمة الإلهية من المقادير و الأشكال و النهايات و الآجال
36- نهج، ]نهج البلاغة[ من خطبة له ع الحمد لله الذي بطن خفيات الأمور و دلت عليه أعلام الظهور و امتنع على عين البصير فلا عين من لم يره تنكره و لا قلب من أثبته يبصره سبق في العلو فلا شيء أعلى منه و قرب في الدنو فلا شيء أقرب منه فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه و لا قربه ساواهم في المكان به لم يطلع العقول على تحديد صفته و لم يحجبها عن واجب معرفته فهو الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود تعالى الله عما يقول المشبهون به و الجاحدون له علوا كبيرا
بيان بطن خفيات الأمور أي علم بواطنها و قيل أي دخل بواطن الأمور الخفية أي هو أمسى عند العقول منها قوله ع فلا عين من لم يره أي لا تنكر وجوده عين من لم يره لشهادة فطرته على ظهور وجوده أو أنه لا سبيل من جهة عدم إبصاره إلى إنكاره إذ كان حظ العين إدراك ما صح إدراكه بها لا مطلقا. قوله ع يبصره أي يحيط بكنهه قوله ع على إقرار أي تشهد أعلام وجوده لغاية ظهورها و وضوحها على أن الجاحد إنما يجحد بلسانه لا بقلبه كما مر مرارا
37- نهج، ]نهج البلاغة[ من خطبة له ع الحمد لله الذي لم تسبق له حال حالا فيكون أولا قبل أن يكون آخرا و يكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا كل مسمى بالوحدة غيره قليل و كل عزيز غيره ذليل و كل قوي غيره ضعيف و كل مالك غيره مملوك و كل عالم غيره متعلم و كل قادر غيره يقدر و يعجز و كل سميع غيره يصم عن لطيف الأصوات و يصمه كبيرها و يذهب عنه ما بعد منها و كل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان و لطيف الأجسام و كل ظاهر غيره غير باطن و كل باطن غيره غير ظاهر لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان و لا تخوف من عواقب زمان و لا استعانة على ند مثاور و لا شريك مكاثر و لا ضد منافر و لكن خلائق مربوبون و عباد داخرون لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن و لم ينأ عنها فيقال هو منها بائن لم يئوده خلق ما ابتدأ و لا تدبير ما ذرأ و لا وقف به عجز عما خلق و لا ولجت عليه شبهة فيما قضى و قدر بل قضاء متقن و علم محكم و أمر مبرم المأمول مع النقم المرهوب مع النعم
بيان قوله ع لم تسبق له حال حالا إما مبني على ما مر من عدم كونه تعالى زمانيا فإن السبق و التقدم و التأخر إنما تلحق الزمانيات المتغيرات و هو تعالى خارج عن الزمان أو المعنى أنه ليس فيه تبدل حال و تغير صفة بل كل ما يستحقه من الصفات الذاتية الكمالية يستحقها أزلا و أبدا فلا يمكن أن يقال كان استحقاقه للأولية قبل استحقاقه للآخرية أو كان ظاهرا ثم صار باطنا بل كان أزلا متصفا بجميع ما يستحقه من الكمالات و ليس محلا للحوادث و التغيرات أو أنه لا يتوقف اتصافه بصفة على اتصافه بأخرى بل كلها ثابتة لذاته بذاته من غير ترتيب بينها و لعل الأوسط أظهر. قوله ع كل مسمى بالوحدة غيره قليل قيل المعنى أنه تعالى لا يوصف بالقلة و إن كان واحدا إذ المشهور من معنى الواحد كون الشيء مبدأ لكثرة يكون عادا لها و مكيالا و هو الذي تلحقه القلة و الكثرة الإضافيتان فإن كل واحد بهذا المعنى هو قليل بالنسبة إلى الكثرة التي تصلح أن تكون مبدأ لها و لما كان تعالى منزها عن الوصف بالقلة و الكثرة لما يستلزمانه من الحاجة و النقصان اللازمين لطبيعة الإمكان أثبت القلة لكل ما سواه فاستلزم إثباتها لغيره في معرض المدح له نفيها عنه و قيل إن المراد بالقليل الحقير لأن أهل العرف يحقرون القليل و يستعظمون الكثير. أقول الأظهر أن المراد أن الوحدة الحقيقية مخصوصة به تعالى و إنما يطلق على غيره بمعنى مجازي مؤول بقلة معاني الكثرة فإن للكثرة معاني مختلفة الكثرة بحسب الأجناس أو الأنواع أو الأصناف أو الأفراد و الأشخاص أو الأعضاء أو الأجزاء الخارجية أو العقلية أو الصفات العارضة فيقال للجنس جنس واحد مع اشتماله على جميع أنواع التكثرات لكون كثرته أقل مما اشتمل على التكثر الجنسي أيضا و هكذا فظهر أن معنى الواحد في غيره تعالى يرجع إلى القليل و لذا قال ع كل مسمى بالوحدة إشارة إلى أن غيره تعالى ليس بواحد حقيقة هذا ما خطر بالبال و الله يعلم و قد مر تفسير سائر الفقرات و نظائرها مرارا
38- نهج، ]نهج البلاغة[ من خطبة له ع المعروف من غير رؤية و الخالق من غير روية الذي لم يزل قائما دائما إذ لا سماء ذات أبراج و لا حجب ذات إرتاج و لا ليل داج و لا بحر ساج و لا جبل ذو فجاج و لا فج ذو اعوجاج و لا أرض ذات مهاد و لا خلق ذو اعتماد ذلك مبتدع الخلق و وارثه و إله الخلق و رازقه و الشمس و القمر دائبان في مرضاته يبليان كل جديد و يقربان كل بعيد قسم أرزاقهم و أحصى آثارهم و أعمالهم و عدد أنفاسهم و خائنة أعينهم و ما تخفي صدورهم من الضمير و مستقرهم و مستودعهم من الأرحام و الظهور إلى أن تتناهى بهم الغايات هو الذي اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته و اتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته قاهر من عازه و مدمر من شاقه و مذل من ناواه و غالب من عاداه من توكل عليه كفاه و من سأله أعطاه و من أقرضه قضاه و من شكره جزاه عباد الله زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا و حاسبوها من قبلأن تحاسبوا و تنفسوا قبل ضيق الخناق و انقادوا قبل عنف السياق و اعلموا أنه من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ و زاجر لم يكن له من غيرها زاجر و لا واعظ
بيان الروية التفكر و القائم في صفاته تعالى بمعنى الدائم الثابت الذي لا يزول أو العالم بالخلق الضابط لأحوالهم أينما كانوا أو قيامه توكيله الحفظة عليهم أو حفظه للخلق و تدبيره لأمورهم أو مجازاته بالأعمال أو قهره لعباده و اقتداره عليهم و الأبراج قيل هو جمع البرج بالضم بمعنى الركن و أركانها أجزاؤها و تداويرها و خوارجها و متمماتها أو البرج بالمعنى المصطلح أي البروج الاثني عشر و الأظهر عندي أنه جمع البرج بالتحريك أي الكواكب قال الفيروزآبادي البرج الجميل الحسن الوجه أو المضيء البين المعلوم و الجمع أبراج. قوله ع ذات إرتاج إما بالكسر مصدر أرتج أي أغلق أو بالفتح جمع الرتاج و هو الباب المغلق و فيه أنه قلما يجمع فعال على أفعال و روي ذات رتاج على المفرد و الداجي المظلم و الساجي الساكن و الفجاج بالكسر جمع فج بالفتح و هو الطريق الواسع بين الجبلين و المهاد الفراش أي أرض مبسوطة ممكنة للتعيش عليها كالمهاد. قوله ع ذو اعتماد أي ذو قوة و بطش أو يسعى برجلين فيعتمد عليهما و دأب في عمله أي جد و تعب و الشمس و القمر دائبان لتعاقبهما على حالة واحدة لا يفتران و لا يسكنان و روي دائبين بالنصب على الحال و يكون خبر المبتدإ يبليان. قوله ع و أحصى آثارهم أي آثار أقدامهم و وطئهم في الأرض أو حركاتهم و تصرفاتهم أو ما يبقى بعدهم من سنة حسنة أو سيئة كما فسر به قوله تعالى وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ و روي عدد أنفاسهم على الإضافة و خائنة الأعين ما يسارق من النظر إلى ما لا يحل أو أن ينظر نظرة بريبة. قوله ع من الأرحام متعلقة بمستقرهم و مستودعهم بيانا لهما على اللف و النشر و لما كان تحقق الغرض و كمال الذات و حلول الروح في الرحم عبر عنه بالمستقر و عن الظهر بالمستودع و يكون الظرف أعني قوله إلى أن تتناهى متعلقا بالأفعال السابقة أي قسم و أحصى و عدد و تكون تناهي الغاية بهم كناية عن موتهم و يحتمل أن يكون المراد مستقرهم و مأواهم على ظهر الأرض و مستودعهم في بطنها بعد الموت و يكون من بمعنى مذ أي مذ زمان كونهم في الأرحام و الظهور إلى أن تناهى الغاية أي إلى أن يحشروا في القيامة و صاروا إلى النعيم أو إلى الجحيم و يحتمل أن يكون المراد بالمستقر و المستودع من استقر فيه الإيمان و من استودع الإيمان ثم يسلب كما دلت عليه الأخبار الكثيرة و توجيه الظرفين بعد ما مر غير خفي. قوله ع في سعة رحمته أي في حال سعة رحمته على أوليائه و اتسعت رحمته لأوليائه في حال شدة نقمته على أعدائه فالمراد تنزيهه تعالى عن صفة المخلوقين فإن رحمتهم لا تكون في حال غضبهم و بالعكس أو اشتدت نقمته على أعدائه في حال سعة رحمته عليهم فإن رحمته تعالى شاملة لهم في دنياهم و هم فيها يستعدون للنقمة الشديدة و لا يخفى بعده و المعازة المغالبة و المدمر المهلك و المشاقة المعاداة و المنازعة. قوله ع و تنفسوا قبل ضيق الخناق استعار لفظ التنفس لتحصيل الراحة و البهجة في الجنة بالأعمال الصالحة في الدنيا و استعار لفظ الخناق من الحبل المخصوص للموت أي انتهزوا الفرصة للعمل قبل تعذره بزوال وقته قوله ع قبل عنف السياق أي السوق العنيف عند قبض الروح أو في القيامة إلى الحساب. قوله ع من لم يعن على بناء المجهول أي لم يعنه الله على نفسه حتى يجعل له منها واعظا و زاجرا لم يمنعه المنع و الزجر من غيرها أو على بناء المعلوم كما روي أيضا أي من لم يعن الواعظين له و المنذرين على نفسه لم ينتفع بالوعظ و الزجر لأن هوى نفسه يغلب وعظ كل واعظ
39- نهج، ]نهج البلاغة[ و من خطبة له ع لا يشغله شأن و لا يغيره زمان و لا يحويه مكان و لا يصفه لسان و لا يعزب عنه قطر الماء و لا نجوم السماء و لا سوافي الريح في الهواء و لا دبيب النمل على الصفا و لا مقيل الذر في الليلة الظلماء يعلم مساقط الأوراق و خفي طرف الأحداق
بيان مقيل الذر أي نومها أو محل نومها
40- نهج، ]نهج البلاغة[ روي عن نوف البكالي قال خطبنا بهذه الخطبة أمير المؤمنين ع و هو قائم على حجارة نصبها له جعدة بن هبيرة المخزومي و عليه مدرعة من صوف و حمائل سيفه ليف و في رجليه نعلان من ليف و كان جبينه ثفنة بعير فقال ع الحمد لله الذي إليه مصاير الخلق و عواقب الأمر نحمده على عظيم إحسانه و نير برهانه و نوامي فضله و امتنانه حمدا يكون لحقه قضاء و لشكره أداء و إلى ثوابه مقربا و لحسن مزيده موجبا و نستعين به استعانة راج لفضله مؤمل لنفعه واثق بدفعه معترف له بالطول مذعن له بالعمل و القول و نؤمن به إيمان من رجاه موقنا و أناب إليه مؤمنا و خنع له مذعنا و أخلص له موحدا و عظمه ممجدا و لاذ به راغبا مجتهدا لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا و لم يلد فيكون موروثا هالكا و لم يتقدمه وقت و لا زمان و لم يتعاوره زيادة و لا نقصان بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن و القضاء المبرم فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد قائمات بلا سند دعاهن فأجبن طائعات مذعنات غير متلكئات و لا مبطئات و لو لا إقرارهن له بالربوبية و إذعانهن بالطواعية لما جعلهن موضعا لعرشه و لا مسكنا لملائكته و لا مصعدا للكلم الطيب و العمل الصالح من خلقه جعل نجومها أعلاما يستدل بها الحيران في مختلف فجاج الأقطار لم يمنع ضوء نورها ادلهمام سجف الليل المظلم و لا استطاعت جلابيب سواد الحنادس أن ترد ما شاع في السماوات من تلألؤ نور القمر فسبحان من لا يخفى عليه سواد غسق داج و لا ليل ساج في بقاع الأرضين المتطأطئات و لا في يفاع السفع المتجاورات و ما يتجلجل به الرعد في أفق السماء و ما تلاشت عنه بروق الغمام و ما تسقط من ورقة تزيلها عن مسقطها عواصف الأنواء و انهطال السماء و يعلم مسقط القطرة و مقرها و مسحب الذرة و مجرها و ما يكفي البعوضة من قوتها و ما تحمل الأنثى في بطنها و الحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش أو سماء أو أرض أو جان أو إنس لا يدرك بوهم و لا يقدر بفهم و لا يشغله سائل و لا ينقصه نائل و لا ينظر بعين و لا يحد بأين و لا يوصف بالأزواج و لا يخلق بعلاج و لا يدرك بالحواس و لا يقاس بالناس الذي كلم موسى تكليما و أراه من آياته عظيما بلا جوارح و لا أدوات و لا نطق و لا لهوات بل إن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف ربك فصف جبرئيل و ميكائيل و جنود الملائكة المقربين في حجرات القدس مرجحنين متولهة عقولهم أن يحدوا حسن الخالقين و إنما يدرك بالصفات ذوو الهيئات و الأدوات و من ينقضي إذا بلغ أمد حده بالفناء فلا إله إلا هو أضاء بنوره كل ظلام و أظلم بظلمته كل نور
بيان البكالي بفتح الباء و تخفيف الكاف منسوب إلى بكال قبيلة كذا ذكره الجوهري و قال الراوندي رحمه الله منسوب إلى بكالة و هو اسم حي من همدان و قال ابن أبي الحديد إنما هو بكال بكسر الباء اسم حي من حمير و الثفنة بكسر الفاء من البعير الركبة المصاير جمع المصير و هو مصدر صار إلى كذا و معناه المرجع قال تعالى وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ. قوله ع مذعن له من أذعن له أي خضع و ذل و الخنوع أيضا الخضوع و الذل قوله ع و لا زمان تأكيد للوقت و قيل الوقت جزء الزمان و يمكن حمل أحدهما على الموجود و الآخر على الموهوم و التعاور التناوب و يقال أبرم الأمر أي أحكمه قوله ع موطلات أي مثبتات. قوله ع و لو لا إقرارهن قيل إقرارهن له بالربوبية راجع إلى شهادة حالهن بالإمكان و الحاجة إلى الرب و الانقياد لحكم قدرته و ظاهر أنه لو لا إمكانها و انفعالها عن قدرته و تدبيره لم يكن فيها عرش و لم يكن أهلا لسكنى الملائكة و صعود الكلم الطيب و الأعمال الصالحة و لفظ الدعاء و الإقرار و الإذعان مستعارة و ربما يقال إنها محمولة على الحقيقة نظرا إلى أن لها أرواحا و الادلهمام شدة ظلمة الليل و السجف الستر و الحندس من الليل الشديد الظلمة و المتطأطئ المنخفض و اليفاع ما ارتفع من الأرض و السفع الجبال و سماها سفعا لأن السفعة سواد مشرب حمرة و كذلك لونها في الأكثر و التجلجل صوت الرعد. قوله ع و ما تلاشت عنه قال ابن أبي الحديد قال ابن الأعرابي لشا الرجل إذا اتضع و خس بعد رفعه و إذا صح أصلها صح استعمال الناس تلاشى بمعنى اضمحل و قال القطب الراوندي تلاشى مركب من لا شيء و لم يقف على أصل الكلمة أي يعلم ما يصوت به الرعد و يعلم ما يضمحل عنه البرق فإن قلت هو سبحانه عالم بما يضيئه البرق و بما لا يضيئه فلم خص ع ما يتلاشى عنه البرق قلت لأن علمه بما ليس يضيء أعجب و أغرب لأن ما يضيئه البرق يمكن أن يعلمه أولو الأبصار الصحيحة. قوله ع عواصف الأنواء الأنواء جمع نوء و هو سقوط نجم من منازل القمر الثمانية و العشرين في المغرب مع الفجر و طلوع رقيبه من المشرق مقابلا له من ساعته و مدة النوء ثلاثة عشر يوما إلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يوما و إنما سمي نوءا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق أي نهض و طلع و قيل أراد بالنوء الغروب و هو من الأضداد قال أبو عبيدة و لم يسمع في النوء أنه السقوط إلا في هذا الموضع و إنما أضاف العواصف إليها لأن العرب تضيف الرياح و الأمطار و الحر و البرد إلى الساقط منها أو لأن أكثر ما يكون عصفا فيها و الانهطال الانصباب و سحبه كمنعه جره على وجه الأرض و أكل و شرب أكلا و شربا شديدا. قوله ع و لا يشغله سائل أي عن سائل آخر و النائل العطاء أي لا ينقص خزائنه عطاء قوله ع لا يوصف بالأزواج أي بالأمثال أو الأضداد أو بصفات الأزواج أو ليس فيه تركب و ازدواج أمرين كما مر تحقيقه أو بأن له صاحبة. قوله ع تكليما مصدر للتأكيد لإزالة توهم السامع التجوز في كلامه تعالى و المراد بالآيات إما الآيات التسع أو الآيات التي ظهرت عند التكليم من سماع الصوت من الجهات الست و غيره و يؤيد الثاني قوله ع بلا جوارح إلى قوله و لا لهوات إذ الظاهر تعلقه بالتكليم و يحتمل تعلقه بالجميع على اللف و النشر غير المرتب. قوله ع مرجحنين أي مائلين إلى جهة التحت خضوعا لجلال البارئ عز سلطانه و يحتمل أن يكون كناية عن عظمة شأنهم و رزانة قدرهم أو عن نزولهم وقتا بعد وقت بأمره تعالى قال الجزري ارجحن الشيء إذا مال من ثقله و تحرك قوله ع أمد حده الإضافة بيانية و حمل الحد على النهايات و الأطراف بعيد جدا.
قوله ع أضاء بنوره كل ظلام الظلام إما محسوس فإضاءته بأنوار الكواكب و النيرين أو معقول و هو ظلام الجهل فإضاءته بأنوار العلم و الشرائع قوله و أظلم بظلمته كل نور إذ جميع الأنوار المحسوسة أو المعقولة مضمحلة في نور علمه و ظلام بالنسبة إلى نور براهينه في جميع مخلوقاته الكاشفة عن وجوده و قال ابن أبي الحديد تحت قوله ع معنى دقيق و سر خفي و هو أن كل رذيلة في الخلق البشري غير مخرج عن حد الإيمان مع معرفته بالأدلة البرهانية غير مؤثرة نحو أن يكون العارف بخيلا أو جبانا و كل فضيلة مع الجهل به سبحانه ليست بفضيلة في الحقيقة لأن الجهل به يكشف تلك الأنوار نحو أن يكون الجاهل به جوادا أو شجاعا و يمكن أن يكون الظلام و النور كنايتين عن الوجود و العدم و يحتمل على بعد أن يكون الضمير في قوله بظلمته راجعا إلى كل نور لتقدمه رتبة فيرجع حاصل الفقرتين حينئذ إلى أن النور هو ما ينسب إليه تعالى فبتلك الجهة نور و أما الجهات الراجعة إلى الممكنات فكلها ظلمة
41- نهج، ]نهج البلاغة[ في وصيته للحسن المجتبى صلوات الله عليهما و اعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله و لرأيت آثار ملكه و سلطانه و لعرفت أفعاله و صفاته و لكنه إله واحد كما وصف نفسه لا يضاده في ملكه أحد و لا يزول أبدا و لم يزل أولا قبل الأشياء بلا أولية و آخرا بعد الأشياء بلا نهاية عظم عن أن تثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر
42- نهج، ]نهج البلاغة[ من خطبة له ع الحمد لله الذي انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته و ردعت عظمته العقول فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته هو الله الْحَقُّ الْمُبِينُ أحق و أبين مما تراه العيون لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبها و لم تقدر عليه الأوهام بتقدير فيكون ممثلا خلق الخلق على غير تمثيل و لا مشورة مشير و معونة معين فتم خلقه بأمره و أذعن لطاعته فأجاب و لم يدافع و انقاد و لم ينازع
43- نهج، ]نهج البلاغة[ من خطبة له ع كل شيء خاشع له و كل شيء قائم به غني كل فقير و عز كل ذليل و قوة كل ضعيف و مفزع كل ملهوف من تكلم سمع نطقه و من سكت علم سره و من عاش فعليه رزقه و من مات فإليه منقلبه لم ترك العيون فتخبر عنك بل كنت قبل الواصفين من خلقك لم تخلق الخلق لوحشة و لا استعملتهم لمنفعة و لا يسبقك من طلبت و لا يفلتك من أخذت و لا ينقص سلطانك من عصاك و لا يزيد في ملكك من أطاعك و لا يرد أمرك من سخط قضاءك و لا يستغني عنك من تولى عن أمرك كل سر عندك علانية و كل غيب عندك شهادة أنت الأبد لا أمد لك و أنت المنتهى لا محيص عنك و أنت الموعد لا منجى منك إلا إليك بيدك ناصية كل دابة و إليك مصير كل نسمة سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك و ما أصغر عظمه في جنب قدرتك و ما أهول ما نرى من ملكوتك و ما أحقر ذلك فيما غاب عنا من سلطانك و ما أسبغ نعمتك في الدنيا و ما أصغرها في نعم الآخرة
بيان قوله فإليه منقلبه أي انقلابه قوله ع بل كنت قبل الواصفين قيل أي لما كان سبحانه قبل الموجودات قديما أزليا لم يكن جسما و لا جسمانيا فاستحال رؤيته و قال بعض الأفاضل يحتمل أن يكون المراد أن العلم بوجودك ليس من جهة إخبار العيون بل من جهة أنك قبل الأشياء و مبدأ الممكنات أقول يمكن أن يكون المعنى أنه لو كان العلم بوجودك من جهة الرؤية لما علم تقدمك على الواصفين إذ الرؤية إنما تفيد العلم بوجود المرئي حين الرؤية فلا تفيد للراءين الواصفين العلم بكونه موجودا قبلهم. قوله ع و لا يسبقك أي لا يفوتك هربا قوله ع و لا يفلتك أي لا يفلت منك فإن أفلت لازم قوله ع أمرك أي قدرك الذي قدرت قوله ع عن أمرك أي الأمر التكليفي قوله ع و أنت المنتهى أي في العلية أو ينتهي إليك أخبارهم و أعمالهم أو ينتهون إليك بعد الحشر و قال الجزري كل دابة فيها روح فهي نسمة و قد يراد بها الإنسان
-44 ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أحمد بن محمد بن الصلت عن ابن عقدة عن محمد بن عيسى بن هارون الضرير عن محمد بن زكريا المكي عن كثير بن طارق عن زيد بن علي بن الحسين ع عن أبيه ع قال خطب علي بن أبي طالب ع بهذه الخطبة في يوم الجمعة فقال الحمد لله المتوحد بالقدم و الأولية الذي ليس له غاية في دوامه و لا له أولية أنشأ صنوف البرية لا من أصول كانت بدية و ارتفع عن مشاركة الأنداد و تعالى عن اتخاذ صاحبة و أولاد هو الباقي بغير مدة و المنشئ لا بأعوان و لا بآلة فطن و لا بجوارح صرف ما خلق لا يحتاج إلى محاولة التفكير و لا مزاولة مثال و لا تقدير أحدثهم على صنوف من التخطيط و التصوير لا برؤية و لا ضمير سبق علمه في كل الأمور و نفذت مشيئته في كل ما يريد من الأزمنة و الدهور انفرد بصنعة الأشياء فأتقنها بلطائف التدبير سبحانه من لطيف خبير لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
45- نهج، ]نهج البلاغة[ من خطبة له ع و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأول لا شيء قبله و الآخر لا غاية له لا تقع الأوهام له على صفة و لا تعقد القلوب منه على كيفية و لا تناله التجزئة و التبعيض و لا تحيط به الأبصار و القلوب و قال ع قد علم السرائر و خبر الضمائر له الإحاطة بكل شيء و الغلبة لكل شيء و القوة على كل شيء و قال ع الحمد لله العلي عن شبه المخلوقين الغالب لمقال الواصفين الظاهر بعجائب تدبيره للناظرين و الباطن بجلال عزته عن فكر المتوهمين العالم بلا اكتساب و لا ازدياد و لا علم مستفاد المقدر لجميع الأمور بلا روية و لا ضمير الذي لا تغشاه الظلم و لا يستضيء بالأنوار و لا يرهقه ليل و لا يجري عليه نهار ليس إدراكه بالإبصار و لا علمه بالإخبار
باب 5- إبطال التناسخ
1- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ تميم القرشي عن أبيه عن أحمد بن علي الأنصاري عن الحسن بن الجهم قال قال المأمون للرضا ع يا أبا الحسن ما تقول في القائلين بالتناسخ فقال الرضا ع من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم يكذب بالجنة و النار
2- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد قال قال أبو الحسن ع من قال بالتناسخ فهو كافر
3- ج، ]الإحتجاج[ عن هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق أبا عبد الله ع فقال أخبرني عمن قال بتناسخ الأرواح من أي شيء قالوا ذلك و بأي حجة قاموا على مذاهبهم قال إن أصحاب التناسخ قد خلفوا وراءهم منهاج الدين و زينوا لأنفسهم الضلالات و أمرجوا أنفسهم في الشهوات و زعموا أن السماء خاوية ما فيها شيء مما يوصف و أن مدبر هذا العالم في صورة المخلوقين بحجة من روى أن الله عز و جل خلق آدم على صورته و أنه لا جنة و لا نار و لا بعث و لا نشور و القيامة عندهم خروج الروح من قالبه و ولوجه في قالب آخر إن كان محسنا في القالب الأول أعيد في قالب أفضل منه حسنا في أعلى درجة الدنيا و إن كان مسيئا أو غير عارف صار في بعض الدواب المتعبة في الدنيا أو هوام مشوهة الخلقة و ليس عليهم صوم و لا صلاة و لا شيء من العبادة أكثر من معرفة من تجب عليهم معرفته و كل شيء من شهوات الدنيا مباح لهم من فروج النساء و غير ذلك من نكاح الأخوات و البنات و الخالات و ذوات البعولة و كذلك الميتة و الخمر و الدم فاستقبح مقالتهم كل الفرق و لعنهم كل الأمم فلما سئلوا الحجة زاغوا و حادوا فكذب مقالتهم التوراة و لعنهم الفرقان و زعموا مع ذلك أن إلههم ينتقل من قالب إلى قالب و أن الأرواح الأزلية هي التي كانت في آدم ثم هلم جرا تجري إلى يومنا هذا في واحد بعد آخر فإذا كان الخالق في صورة المخلوق فبما يستدل على أن أحدهما خالق صاحبه و قالوا إن الملائكة من ولد آدم كل من صار في أعلى درجة من دينهم خرج من منزلة الامتحان و التصفية فهو ملك فطورا تخالهم نصارى في أشياء و طورا دهرية يقولون إن الأشياء على غير الحقيقة فقد كان يجب عليهم أن لا يأكلوا شيئا من اللحمان لأن الدواب عندهم كلها من ولد آدم حولوا في صورهم فلا يجوز أكل لحوم القربات
بيان قوله ع إن إلههم ينتقل أي الطبيعة و لذا قال ع فطورا تخالهم نصارى للقول بحلول إلههم في المخلوق و طورا دهرية لأن الطبيعة ليست بآلة فهم نافون للصانع حيث يقولون إن الأشياء على غير الحقيقة أي خلقت بالإهمال من غير أن يكون لها صانع راعى الحكمة في خلقها
4- كش، ]رجال الكشي[ طاهر بن عيسى عن جعفر بن محمد عن الشجاعي عن الحمادي رفعه إلى أبي عبد الله ع سئل عن التناسخ قال فمن نسخ الأول
بيان لعله مبني على حدوث العالم و استحالة غير المتناهي و الحاصل أن قولهم بالتناسخ إذا كان لعدم القول بالصانع فلا ينفعهم إذ لا بد لهم من القول ببدن أول لبطلان لا تناهي الأفراد المترتبة فيلزمهم القول بصانع للروح و البدن الأول فهذا الكلام لدفع ما هو مبني قولهم بالتناسخ حيث يزعمون أنه ينفعهم القول به لعدم القول بالصانع. و قال السيد الداماد قدس الله روحه هذا إشارة إلى برهان إبطال التناسخ على القوانين الحكمية و الأصول البرهانية تقريره أن القول بالتناسخ إنما يستطب لو قيل بأزلية النفس المدبرة للأجساد المختلفة المتعاقبة على التناقل و التناسخ و بلا تناهي تلك الأجساد المتناسخة بالعدد في جهة الأزل كما هو المشهور من مذهب الذاهبين إليه و البراهين الناهضة على استحالة اللانهاية العددية بالفعل مع تحقق الترتب و الاجتماع في الوجود قائمة هناك بالقسط بحسب متن الواقع المعبر عنه بوعاء الزمان أعني الدهر و إن لم يتصحح إلا الحصول التعاقبي بحسب ظرف السيلان و التدريج و الفوت و اللحوق أعني الزمان و قد استبان ذلك في الأفق المبين و الصراط المستقيم و تقويم الإيمان و قبسات حق اليقين و غيرها من كتبنا و صحفنا فإذن لا محيص لسلسلة الأجساد المتربة من مبدإ متعين هو الجسد الأول في جهة الأزل يستحق باستعداده المزاجي أن تتعلق به نفس مجردة تعلق التدبير و التصرف فيكون ذلك مناط حدوث فيضانها عن وجود المفيض الفياض الحق جل سلطانه و إذا انكشف ذلك فقد انصرح أن كل جسد هيولاني بخصوصية مزاجه الجسماني و استحقاقه الاستعدادي يكون مستحقا لجوهر مجرد بخصوصه يدبره و يتعلق به و يتصرف فيه و يتسلط عليه فليتثبت