الآيات البقرة ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ المائدة وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ الأنعام هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ الرعد لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
-1 لي، ]الأمالي للصدوق[ علي بن عيسى عن ماجيلويه عن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان المجاور عن أحمد بن نصر الطحان عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله الصادق جعفر بن محمد ع أن عيسى روح الله مر بقوم مجلبين فقال ما لهؤلاء قيل يا روح الله إن فلانة بنت فلان تهدى إلى فلان بن فلان في ليلتها هذه قال يجلبون اليوم و يبكون غد فقال قائل منهم و لم يا رسول الله قال لأن صاحبتهم ميتة في ليلتها هذه فقال القائلون بمقالته صدق الله و صدق رسوله و قال أهل النفاق ما أقرب غدا فلما أصبحوا جاءوا فوجدوها على حالها لم يحدث بها شيء فقالوا يا روح الله إن التي أخبرتنا أمس أنها ميتة لم تمت فقال عيسى على نبينا و آله و عليه السلام يفعل الله ما يشاء فاذهبوا بنا إليها فذهبوا يتسابقون حتى قرعوا الباب فخرج زوجها فقال له عيسى ع استأذن لي على صاحبتك قال فدخل عليها فأخبرها أن روح الله و كلمته بالباب مع عدة قال فتخدرت فدخل عليها فقال لها ما صنعت ليلتك هذه قالت لم أصنع شيئا إلا و قد كنت أصنعه فيما مضى إنه كان يعترينا سائل في كل ليلة جمعة فننيله ما يقوته إلى مثلها و إنه جاءني في ليلتي هذه و أنا مشغولة بأمري و أهلي في مشاغل فهتف فلم يجبه أحد ثم هتف فلم يجب حتى هتف مرارا فلما سمعت مقالته قمت متنكرة حتى نلته كما كنا ننيله فقال لها تنحي عن مجلسك فإذا تحت ثيابها أفعى مثل جذعة عاض على ذنبه فقال ع بما صنعت صرف عنك هذا
بيان قال الفيروزآبادي جلبه يجلبه و يجلبه و اجتلبه ساقه من موضع إلى موضع آخر و الجلب اختلاط الصوت كالجلبة جلبوا يجلبون و يجلبون و أجلبوا و جلبوا و جلب و أجلب جمع الجمع انتهى و تخدرت دخلت في الخدر و هو ستر يمد للجارية في ناحية البيت و يقال عره و اعتره و اعتر به و عراه و اعتراه إذا أتاه يطلب معروفه و قولها متنكرة أي بحيث لا يعرفني أحد و الجذع بالكسر ساق النخلة
2- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ جعفر بن علي بن أحمد الفقيه عن حسن بن محمد بن علي بن صدقة عن محمد بن عمر بن عبد العزيز عمن سمع الحسن بن محمد النوفلي يقول قال الرضا ع لسليمان المروزي ما أنكرت من البداء يا سليمان و الله عز و جل يقول أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً و يقول عز و جل وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ و يقول بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و يقول عز و جل يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ و يقول وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ و يقول عز و جل وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ و يقول عز و جل وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ سليمان هل رويت فيه عن آبائك شيئا قال نعم رويت عن أبي عن أبي عبد الله ع أنه قال إن لله عز و جل علمين علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلا هو من ذلك يكون البدا و علما علمه ملائكته و رسله فالعلماء من أهل بيت نبيك يعلمونه قال سليمان أحب أن تنزعه لي من كتاب الله عز و جل قال قول الله عز و جل لنبيه فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ أراد إهلاكهم ثم بدا فقال وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ قال سليمان زدني جعلت فداك قال الرضا ع لقد أخبرني أبي عن آبائه أن رسول الله ص قال إن الله عز و جل أوحي إلى نبي من أنبيائه أن أخبر فلان الملك إني متوفيه إلى كذا و كذا فأتاه ذلك النبي فأخبره فدعا الله الملك و هو على سريره حتى سقط من السرير و قال يا رب أجلني حتى يشب طفلي و أقضي أمري فأوحى الله عز و جل إلى ذلك النبي أن ائت فلان الملك فأعلمه أني قد أنسيت أجله و زدت في عمره خمس عشرة سنة فقال ذلك النبي يا رب إنك لتعلم أني لم أكذب قط فأوحى الله عز و جل إليه إنما أنت عبد مأمور فأبلغه ذلك و الله لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ثم التفت إلى سليمان فقال له أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب قال أعوذ بالله من ذلك و ما قالت اليهود قال قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ يعنون أن الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئا فقال الله عز و جل غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا و لقد سمعت قوما سألوا أبي موسى بن جعفر ع عن البداء فقال و ما ينكر الناس من البداء و أن يقف الله قوما يرجئهم لأمره قال سليمان أ لا تخبرني عن إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ في أي شيء أنزلت قال يا سليمان ليلة القدر يقدر الله عز و جل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من حياة أو موت أو خير أو شر أو رزق فما قدره في تلك الليلة فهو من المحتوم قال سليمان الآن قد فهمت جعلت فداك فزدني قال يا سلمان إن من الأمور أمورا موقوفة عند الله تبارك و تعالى يقدم منها ما يشاء و يؤخر ما يشاء يا سليمان إن عليا ع كان يقول العلم علمان فعلم علمه الله ملائكته و رسله فما علمه ملائكته و رسله فإنه يكون و لا يكذب نفسه و لا ملائكته و لا رسله و علم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه يقدم منه ما يشاء و يؤخر ما يشاء و يمحو و يثبت ما يشاء قال سليمان للمأمون يا أمير المؤمنين لا أنكر بعد يومي هذا البداء و لا أكذب به إن شاء الله
بيان لعل استدلاله ع أولا بالآيات لرفع الاستبعاد عما هو مبنى البداء من أن الله تعالى أن يحدث شيئا لم يكن و يغير ما قد كان و ليس على ما قالت اليهود و من يضاهيهم إن الله فعل ما فعل و قدر ما قدر في أول الأمر فلا يغير شيئا من خلقه و لا أحكامه و إن لله كتابا يمحو فيه ما قد ثبت و يثبت فيه ما لم يكن على ما سيأتي تحقيقه و ذكر بعض ما يدل على النسخ إما على التنظير و التمثيل لمشابهة البداء النسخ في أن أحدهما تغيير في الأمر التكليفي و الآخر تغيير في الأمر التكويني أو لأن المراد هنا ما يعم النسخ أيضا
3- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الهمداني عن علي بن إبراهيم عن الريان بن الصلت قال سمعت الرضا ع يقول ما بعث الله عز و جل نبيا إلا بتحريم الخمر و أن يقر له بأن الله يفعل ما يشاء و أن يكون في تراثه الكندر
غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ الأسدي عن علي بن إبراهيم مثله
4- ج، ]الإحتجاج[ عن أمير المؤمنين ع أنه قال لو لا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان و بما يكون و بما هو كائن إلى يوم القيامة و هي هذه الآية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
لي، ]الأمالي للصدوق[ يد، ]التوحيد[ القطان و الدقاق عن ابن زكريا القطان عن محمد بن العباس عن محمد بن أبي السري عن أحمد بن عبد الله بن يونس عن سعد عن الأصبغ مثله
5- ب، ]قرب الإسناد[ أحمد عن البزنطي قال قلت للرضا ع إن رجلا من أصحابنا سمعني و أنا أقول إن مروان بن محمد لو سئل عنه صاحب القبر ما كان عنده منه علم فقال الرجل إنما عنى بذلك أبو بكر و عمر فقال لقد جعلهما في موضع صدق قال جعفر بن محمد إن مروان بن محمد لو سئل عنه محمد رسول الله ص ما كان عنده منه علم لم يكن من الملوك الذين سموا له و إنما كان له أمر طرأ قال أبو عبد الله و أبو جعفر و علي بن الحسين و الحسين بن علي و الحسن بن علي و علي بن أبي طالب ع و الله لو لا آية في كتاب الله لحدثناكم بما يكون إلى أن تقوم الساعة يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
بيان مروان بن محمد هو الذي من خلفاء بني أمية و كانت خلافته من الأمور الغريبة كما يظهر من السير و المقصود أن خلافته كانت من الأمور البدائية التي لم تصل إلى النبي ص في حياته فلو كان ص سئل في حياته عن هذا الأمر لم يكن له علم بذلك لأن مروان لم يكن من الملوك الذين سموا للنبي ص فالمراد بصاحب القبر الرسول ص و لما حمله السامع على الشيخين قال ع قد جعل هذا الرجل هذين في موضع صدق و أكرمهما حيث جعلهما جاهلين بهذا الأمر حسب و ليسا في معرض العلم بالأمور المغيبة حتى ينفي خصوص ذلك عنهما هكذا حقق هذا الخبر وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ
6- فس، ]تفسير القمي[ قوله وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ قال قالوا قد فرغ الله من الأمر لا يحدث الله غير ما قدره في التقدير الأول فرد الله عليهم فقال بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ أي يقدم و يؤخر و يزيد و ينقص و له البداء و المشيئة
بيان ذكر الرازي في الآية وجوها من التأويل الأول أن القوم إنما قالوا ذلك على الإلزام فإنهم لما سمعوا قوله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً قالوا لو احتاج إلى القرض لكان فقيرا عاجزا. الثاني أن القوم لما رأوا أصحاب الرسول ص في غاية الشدة و الفقر قالوا على سبيل الاستهزاء إن إله محمد فقير مغلول اليد. الثالث قال المفسرون إن اليهود كانوا أكثر الناس مالا و ثروة فلما بعث الله محمدا ص و كذبوا به ضيق الله عليهم المعيشة فعند ذلك قالت اليهود يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ أي مقبوضة عن العطاء. الرابع لعله كان فيهم من كان على مذهب الفلسفة و هو أن الله تعالى موجب لذاته و أن حدوث الحوادث عنه لا يمكن إلا على نهج واحد و سنن واحد و أنه تعالى غير قادر على إحداث الحوادث غير الوجوه التي عليها يقع فعبروا عن عدم الاقتدار على التغيير و التبديل بغل اليد. الخامس قال بعضهم المراد هو قول اليهود إن الله لا يعذبنا إلا قدر الأيام التي عبدنا فيها العجل فعبروا عنه بهذه العبارة. أقول الوجه الرابع قريب مما ورد في بعض الأخبار
7- فس، ]تفسير القمي[ قوله هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله ع قال الأجل المقضي هو المحتوم الذي قضاه الله و حتمه و المسمى هو الذي فيه البداء يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء و المحتوم ليس فيه تقديم و لا تأخير و حدثني ياسر عن الرضا ع قال ما بعث الله نبيا إلا بتحريم الخمر و أن يقر له بالبداء أن يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ و أن يكون في تراثه الكندر
8- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن محمد بن الفضيل عن أبيه عن أبي جعفر ع قال قلت له جعلت فداك بلغنا أن لآل جعفر راية و لآل العباس رايتين فهل انتهى إليك من علم ذلك شيء قال أما آل جعفر فليس بشيء و لا إلى شيء و أما آل العباس فإن لهم ملكا مبطئا يقربون فيه البعيد و يباعدون فيه القريب و سلطانهم عسر ليس فيه يسر حتى إذا أمنوا مكر الله و أمنوا عقابه صيح فيهم صيحة لا يبقى لهم مال يجمعهم و لا رجال يمنعهم و هو قول الله حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ الآية قلت جعلت فداك فمتى يكون ذلك قال أما إنه لم يوقت لنا فيه وقت و لكن إذا حدثناكم بشيء فكان كما نقول فقولوا صدق الله و رسوله و إن كان بخلاف ذلك فقولوا صدق الله و رسوله تؤجروا مرتين و لكن إذا اشتدت الحاجة و الفاقة و أنكر الناس بعضهم بعضا فعند ذلك توقعوا هذا الأمر صباحا و مساء قلت جعلت فداك الحاجة و الفاقة قد عرفناهما فما إنكار الناس بعضهم بعضا قال يأتي الرجل أخاه في حاجة فيلقاه بغير الوجه الذي كان يلقاه فيه و يكلمه بغير الكلام الذي كان يكلمه
9- فس، ]تفسير القمي[ قال علي بن إبراهيم في قوله لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله ع قال إذا كان ليلة القدر نزلت الملائكة و الروح و الكتبة إلى سماء الدنيا فيكتبون ما يكون من قضاء الله تعالى في تلك السنة فإذا أراد الله أن يقدم شيئا أو يؤخره أو ينقص شيئا أمر الملك أن يمحوا ما يشاء ثم أثبت الذي أراد قلت و كل شيء هو عند الله مثبت في كتاب قال نعم قلت فأي شيء يكون بعده قال سبحان الله ثم يحدث الله أيضا ما يشاء تبارك و تعالى
10- فس، ]تفسير القمي[ الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ فإنه حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن جميل عن أبي عبيدة عن أبي جعفر ع قال سألته عن قول الله الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ قال يا أبا عبيدة إن لهذا تأويلا لا يعلمه إلا الله و الراسخون في العلم من الأئمة إن رسول الله ص لما هاجر إلى المدينة و قد ظهر الإسلام كتب إلى ملك الروم كتابا و بعث إليه رسولا يدعوه إلى الإسلام و كتب إلى ملك فارس كتابا و بعث إليه رسولا يدعوه إلى الإسلام فأما ملك الروم فإنه عظم كتاب رسول الله ص و أكرم رسوله و أما ملك فارس فإنه مزق كتابه و استخف برسول رسول الله ص و كان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم و كان المسلمون يهون أن يغلب ملك الروم ملك فارس و كانوا لناحية ملك الروم أرجى منهم لملك فارس فلما غلب ملك فارس ملك الروم بكى لذلك المسلمون و اغتموا فأنزل الله الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ يعني غلبتها فارس في أدنى الأرض و هي الشامات و ما حولها ثم قال و فارس مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ الروم سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ قوله لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ أن يأمر وَ مِنْ بَعْدُ أن يقضي بما يشاء قوله وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ قلت أ ليس الله يقول فِي بِضْعِ سِنِينَ و قد مضى للمسلمين سنون كثيرة مع رسول الله ص و في إمارة أبي بكر و إنما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر فقال أ لم أقل لك إن لهذا تأويلا و تفسيرا و القرآن يا أبا عبيدة ناسخ و منسوخ أ ما تسمع قوله لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخر ما قدم و يقدم ما أخر إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين و ذلك قوله وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ
بيان قد قرئ في بعض الشواذ غلبت بالفتح و سيغلبون بالضم قوله ع يعني غلبتها فارس الظاهر أن إضافة الغلبة إلى الضمير إضافة إلى المفعول أي مغلوبية روم من فارس و يمكن أن يقرأ فعلا و قوله و فارس تفسير لضمير هم فالظاهر أنه كان في قراءتهم ع غلبت و سيغلبون كلاهما على المجهول و هي مركبة من القراءتين و يحتمل أن يكون قراءتهم ع على وفق الشاذة بأن تكون إضافة الغلبة إلى الضمير إضافة إلى الفاعل و إضافة غلبهم في الآية إضافة إلى المفعول أي بعد مغلوبية فارس عن الروم سيغلبون عن المسلمين أيضا أو إلى الفاعل فيكون في الآية إشارة إلى غلبة فارس و مغلوبيتهم عن الروم و عن المسلمين جميعا و لكنه يحتاج إلى تكلف. ثم إن البضع لما كان بحسب اللغة إنما يطلق على ما بين الثلاث إلى التسع و كان تمام الغلبة على فارس في السابع عشر أو أواخر السادس عشر من الهجرة فعلى المشهور بين المفسرين من نزول الآية بمكة قبل الهجرة لا بد من أن يكون بين نزول الآية و بين الفتح ست عشرة سنة و على ما هو الظاهر من الخبر من كون نزول الآية بعد مراسلة قيصر و كسرى و كانت على الأشهر في السنة السادسة فيزيد على البضع أيضا بقليل فلذا اعترض السائل عليه ع بذلك فأجاب ع بأن الآية مشعرة باحتمال وقوع البداء حيث قال لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ أي لله أن يقدم الأمر قبل البضع و يؤخره بعده كما هو الظاهر من تفسيره ع و سيأتي تمام القول في تفسير تلك الآية في كتاب أحوال النبي ص إن شاء الله تعالى
11- فس، ]تفسير القمي[ قال علي بن إبراهيم في قوله وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ يعني يكتب في كتاب و هو رد على من ينكر البداء
12- فس، ]تفسير القمي[ فِيها يُفْرَقُ في ليلة القدر كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أي يقدر الله كل أمر من الحق و من الباطل و ما يكون في تلك السنة و له فيه البداء و المشيئة يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء من الآجال و الأرزاق و البلايا و الأعراض و الأمراض و يزيد فيها ما يشاء و ينقص ما يشاء و يلقيه رسول الله ص إلى أمير المؤمنين ع و يلقيه أمير المؤمنين ع إلى الأئمة ع حتى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه و يشترط له فيه البداء و المشيئة و التقديم و التأخير قال حدثني بذلك أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن مسكان عن أبي جعفر و أبي عبد الله و أبي الحسن صلوات الله عليهم
-13 فس، ]تفسير القمي[ أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي جعفر ع في قول الله وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها قال إن عند الله كتبا موقوتة يقدم منها ما يشاء و يؤخر فإذا كان ليلة القدر أنزل الله فيها كل شيء يكون إلى ليلة مثلها و ذلك قوله لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها إذا أنزل و كتبه كتاب السماوات و هو الذي لا يؤخره
14- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن العلاء عن محمد قال سئل أبو جعفر ع عن ليلة القدر فقال تنزل فيها الملائكة و الكتبة إلى سماء الدنيا فيكتبون ما هو كائن في أمر السنة و ما يصيب العباد فيها قال و أمر موقوف لله تعالى فيه المشيئة يقدم منه ما يشاء و يؤخر ما يشاء و هو قوله تعالى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد مثله
15- ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن الحميري عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر الباقر ع إن الله عز و جل عرض على آدم أسماء الأنبياء و أعمارهم قال فمر بآدم اسم داود النبي فإذا عمره في العالم أربعون سنة فقال آدم يا رب ما أقل عمر داود و ما أكثر عمري يا رب إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة أ تثبت ذلك له قال نعم يا آدم قال فإني قد زدته من عمري ثلاثين سنة فأنفذ ذلك له و أثبتها له عندك و اطرحها من عمري قال أبو جعفر ع فأثبت الله عز و جل لداود في عمره ثلاثين سنة و كانت له عند الله مثبتة فذلك قول الله عز و جل يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال فمحا الله ما كان عنده مثبتا لآدم و أثبت لداود ما لم يكن عنده مثبتا قال فمضى عمر آدم فهبط ملك الموت لقبض روحه فقال له آدم يا ملك الموت إنه قد بقي من عمري ثلاثون سنة فقال له ملك الموت يا آدم أ لم تجعلها لابنك داود النبي و طرحتها من عمرك حين عرض عليك أسماء الأنبياء من ذريتك و قد عرضت عليك أعمارهم و أنت يومئذ بوادي الدخياء قال فقال له آدم ما أذكر هذا قال فقال له ملك الموت يا آدم لا تجحد أ لم تسأل الله عز و جل أن يثبتها لداود و يمحوها من عمرك فأثبتها لداود في الزبور و محاها من عمرك في الذكر قال آدم حتى أعلم ذلك قال أبو جعفر ع و كان آدم صادقا لم يذكر و لم يجحد فمن ذلك اليوم أمر الله تبارك و تعالى العباد أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا و تعاملوا إلى أجل مسمى لنسيان آدم و جحوده ما جعل على نفسه
بيان قد شرحناه في كتب النبوة
16- ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن عثمان بن عيسى عن أبي إسحاق الأرجاني عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل جعل لمن جعل له سلطانا مدة من ليالي و أيام و سنين و شهور فإن عدلوا في الناس أمر الله عز و جل صاحب الفلك أن يبطئ بإدارته فطالت أيامهم و لياليهم و سنوهم و شهورهم و إن هم جاروا في الناس و لم يعدلوا أمر الله عز و جل صاحب الفلك فأسرع إدارته و أسرع فناء لياليهم و أيامهم و سنيهم و شهورهم و قد وفى تبارك و تعالى لهم بعدد الليالي و الأيام و الشهور
بيان لعل المراد سرعة تسبب أسباب زوال ملكهم و انقراض دولتهم و بالعكس على الاستعارة التمثيلية فالمراد بالوفاء بعدد شهورهم و سنيهم أن تلك الشهور و السنين التي كانت مقدرة قبل ذلك كانت مشروطة بعدم الإتيان بتلك الأفعال و قد أخبر الله بنقصان ملكهم مع الإتيان بها فلم يخلف الله ما وعده لهم و يحتمل أن يكون لكل دولة فلك سوى الأفلاك المعروفة الحركات و قد قدر لدولتهم عدد من الدورات فإذا أراد الله إطالة مدتهم أمر بإبطائه في الحركة و إذا أراد سرعة فنائها أمر بإسراعه
-17 يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن البرقي عن أبيه عن علي بن النعمان عن إسحاق عمن سمعه عن أبي عبد الله ع أنه قال في قول الله عز و جل وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ لم يعنوا أنه هكذا و لكنهم قالوا قد فرغ من الأمر فلا يزيد و لا ينقص فقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ أ لم تسمع الله عز و جل يقول يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
18- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ قال الإمام ع قال محمد بن علي بن موسى الرضا ع ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ بأن نرفع حكمها أَوْ نُنْسِها بأن نرفع رسمها و قد تلي و عن القلوب حفظها و عن قلبك يا محمد كما قال سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ أن ينسيك فرفع عن قلبك ذكره نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها يعني بخير لكم فهذه الثانية أعظم لثوابكم و أجل لصلاحكم من الآية الأولى المنسوخة أَوْ مِثْلِها أي مثلها في الصلاح لكم لأنا لا ننسخ و لا نبدل إلا و غرضنا في ذلك مصالحكم ثم قال يا محمد أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فلأنه قدير يقدر على النسخ و غيره أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و هو العالم بتدبيرها و مصالحها هو يدبركم بعلمه وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ بإصلاحكم إذ كان العالم بالمصالح هو الله عز و جل دون غيره وَ لا نَصِيرٍ و ما لكم ناصر ينصركم من مكره إن أراد الله إنزاله بكم أو عذابه إن أراد إحلاله لكم و قال محمد بن علي الباقر و مما قدر الله عليه النسخ و التنزيل لمصالحكم و منافعكم لتؤمنوا و يتوفر عليكم الثواب بالتصديق بها فهو يفعل ما يشاء مما فيه صلاحكم و الخيرة لكم ثم قال أَ لَمْ تَعْلَمْ يا محمد أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فهو يملكهما بقدرته و يصرفهما تحت مشيئته لا مقدم لما أخر و لا مؤخر لما قدم ثم قال الله تعالى وَ ما لَكُمْ يا معشر اليهود و المكذبين بمحمد ص و الجاحدين نسخ الشرائع مِنْ دُونِ اللَّهِ سوى الله تعالى مِنْ وَلِيٍّ يلي مصالحكم إن لم يدلكم ربكم للمصالح وَ لا نَصِيرٍ ينصركم من الله يدفع عنكم عذابه قال ع و ذلك أن رسول الله ص لما كان بمكة أمره الله تعالى أن يتوجه نحو البيت المقدس في صلاته و يجعل الكعبة بينه و بينها إذا أمكن و إذا لم يتمكن استقبل البيت المقدس كيف كان فكان رسول الله ص يفعل ذلك طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة فلما كان بالمدينة و كان متعبدا باستقبال بيت المقدس استقبله و انحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا و جعل قوم من مردة اليهود يقولون و الله ما درى محمد كيف صلى حتى صار يتوجه إلى قبلتنا و يأخذ في صلاته بهدانا و نسكنا فاشتد ذلك على رسول الله ص لما اتصل به عنهم و كره قبلتهم و أحب الكعبة فجاءه جبرئيل ع فقال له رسول الله ص يا جبرئيل لوددت لو صرفني الله تعالى عن بيت المقدس إلى الكعبة فقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود من قبلتهم فقال جبرئيل فاسأل ربك أن يحولك إليها فإنه لا يردك عن طلبتك و لا يخيبك من بغيتك فلما استتم دعاؤه صعد جبرئيل ثم عاد من ساعته فقال اقرأ يا محمد قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ الآيات فقالت اليهود عند ذلك ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها فأجابهم الله أحسن جواب فقال قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ و هو يملكهما و تكليفه التحول إلى جانب كتحويله لكم إلى جانب آخر يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ هو مصلحتهم و تؤديهم طاعتهم إلى جنات النعيم فقال أبو محمد ع و جاء قوم من اليهود إلى رسول الله ص فقالوا يا محمد هذه القبلة بيت المقدس قد صليت إليها أربع عشرة سنة ثم تركتها الآن أ فحقا كان ما كنت عليه فقد تركته إلى باطل فإنما يخالف الحق الباطل أو باطلا كان ذلك فقد كنت عليه طول هذه المدة فما يؤمننا أن تكون الآن على باطل فقال
رسول الله ص بل ذلك كان حقا و هذا حق يقول الله قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ إذا عرف صلاحكم يا أيها العباد في استقبال المشرق أمركم به و إذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب أمركم به و إن عرف صلاحكم في غيرهما أمركم به فلا تنكروا تدبير الله في عباده و قصده إلى مصالحكم فقال رسول الله ص لقد تركتم العمل في يوم السبت ثم عملتم بعده سائر الأيام ثم تركتموه في السبت ثم عملتم بعده أ فتركتم الحق إلى باطل أو الباطل إلى حق أو الباطل إلى باطل أو الحق إلى حق قولوا كيف شئتم فهو قول محمد ص و جوابه لكم قالوا بل ترك العمل في السبت حق و العمل بعده حق فقال رسول الله ص فكذلك قبلة بيت المقدس في وقته حق ثم قبلة الكعبة في وقته حق فقالوا يا محمد أ فبدا لربك فيما كان أمرك به بزعمك من الصلاة إلى بيت المقدس حتى نقلك إلى الكعبة فقال رسول الله ص ما بدا له عن ذلك فإنه العالم بالعواقب و القادر على المصالح لا يستدرك على نفسه غلطا و لا يستحدث رأيا يخالف المتقدم جل عن ذلك و لا يقع عليه أيضا مانع يمنعه من مراده و ليس يبدو و إلا لما كان هذا وصفه و هو عز و جل متعال عن هذه الصفات علوا كبيرا ثم قال لهم رسول الله ص أيها اليهود أخبروني عن الله أ ليس يمرض ثم يصح و يصح ثم يمرض أ بدا له في ذلك أ ليس يحيي و يميت أ بدا له في كل واحد من ذلك فقالوا لا قال فكذلك الله تعبد نبيه محمدا بالصلاة إلى الكعبة بعد أن تعبده بالصلاة إلى بيت المقدس و ما بدا له في الأول ثم قال أ ليس الله يأتي بالشتاء في أثر الصيف و الصيف في أثر الشتاء أ بدا له في كل واحد من ذلك قالوا لا قال رسول الله ص فكذلك لم يبد له في القبلة قال ثم قال أ ليس قد ألزمكم في الشتاء أن تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة و ألزمكم في الصيف أن تحترزوا من الحر فبدا له في الصيف حتى أمركم بخلاف ما كان أمركم به في الشتاء قالوا لا قال رسول الله ص فكذلك الله تعبدكم في وقت لصلاح يعلمه بشيء ثم تعبدكم في وقت آخر لصلاح آخر يعلمه بشيء آخر و إذا أطعتم الله في الحالتين استحققتم ثوابه و أنزل الله وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ يعني إذا توجهتم بأمره فثم الوجه الذي تقصدون منه الله و تأملون ثوابه ثم قال رسول الله ص يا عباد الله أنتم كالمرضى و الله رب العالمين كالطبيب فصلاح المرضى فيما يعلمه الطبيب و يدبره به لا فيما يشتهيه المريض و يقترحه ألا فسلموا الله أمره تكونوا من الفائزين فقيل يا ابن رسول الله فلم أمر بالقبلة الأولى فقال لما قال الله عز و جل وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها و هي بيت المقدس إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ إلا لنعلم ذلك منه وجودا بعد أن علمناه سيوجد و ذلك أن هوى أهل مكة كان في الكعبة فأراد الله أن يبين متبع محمد ص من مخالفيه باتباع القبلة التي كرهها و محمد ص يأمر بها و لما كان هوى أهل المدينة في بيت المقدس أمرهم بمخالفتها و التوجه إلى الكعبة ليبين من يوافق محمدا فيما يكرهه فهو مصدقه و موافقه ثم قال وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ إنما كان التوجه إلى بيت المقدس في ذلك الوقت كبيرة إلا على من يهدي الله فعرف أن الله يتعبد بخلاف ما يريده المرء ليبتلي طاعته في مخالفة هواه
بيان قوله أو ستة عشر شهرا الترديد إما من الراوي أو منه ع لبيان الاختلاف بين المخالفين. أقول لما كان الكلام في النسخ و تجويزه مثبتا في الكتب الأصولية لم نتعرض لذكره و بسط القول فيه مع أن هذا الخبر مشتمل على رد شبه النافين له على أبلغ الوجوه
19- يد، ]التوحيد[ أبي عن محمد العطار عن ابن عيسى عن الحجال عن ثعلبة عن زرارة عن أحدهما ع قال ما عبد الله عز و جل بشيء مثل البداء
20- يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن الصفار عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال ما عظم الله عز و جل بمثل البداء
-21 يد، ]التوحيد[ ماجيلويه عن علي عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال ما بعث الله عز و جل نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال الإقرار بالعبودية و خلع الأنداد و أن الله يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء
شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد مثله
22- يد، ]التوحيد[ بهذا الإسناد عن هشام بن سالم و حفص بن البختري و غيرهما عن أبي عبد الله ع في هذه الآية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ قال فقال و هل يمحو الله ما كان و هل يثبت إلا ما لم يكن
23- يد، ]التوحيد[ حمزة العلوي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مرازم بن حكيم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله تعالى بخمس بالبداء و المشيئة و السجود و العبودية و الطاعة
سن، ]المحاسن[ بعض أصحابنا عن محمد بن عمر الكوفي أخي يحيى عن مرازم مثله
24- سن، ]المحاسن[ أبي عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال ما بعث الله نبيا قط حتى يأخذ عليه ثلاثا الإقرار لله بالعبودية و خلع الأنداد و أن الله يمحو ما يشاء و يثبت ما يشاء
25- يد، ]التوحيد[ حمزة العلوي عن علي بن إبراهيم عن الريان قال سمعت الرضا ع يقول ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر و أن يقر له بالبداء
26- يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن اليقطيني عن يونس عن مالك الجهني قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لو يعلم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه
قال الصدوق رحمه الله في التوحيد ليس البداء كما تظنه جهال الناس بأنه بداء ندامة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا و لكن يجب علينا أن نقر لله عز و جل بأن له البداء معناه أن له أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء ثم يعدم ذلك الشيء و يبدأ بخلق غيره أو يأمر بأمر ثم ينهى عن مثله أو ينهى عن شيء ثم يأمر بمثل ما نهى عنه و ذلك مثل نسخ الشرائع و تحويل القبلة و عدة المتوفى عنها زوجها و لا يأمر الله عباده بأمر في وقت ما إلا و هو يعلم أن الصلاح لهم في ذلك الوقت في أن يأمرهم بذلك و يعلم أن في وقت آخر الصلاح لهم في أن ينهاهم عن مثل ما أمرهم به فإذا كان ذلك الوقت أمرهم بما يصلحهم فمن أقر لله عز و جل بأن له أن يفعل ما يشاء و يؤخر ما يشاء و يخلق مكانه ما يشاء و يؤخر ما يشاء كيف فقد أقر بالبداء و ما عظم الله عز و جل بشيء أفضل من الإقرار بأن له الخلق و الأمر و التقديم و التأخير و إثبات ما لم يكن و محو ما قد كان و البداء هو رد على اليهود لأنهم قالوا إن الله قد فرغ من الأمر فقلنا إن الله كل يوم في شأن يحيي و يميت و يرزق و يفعل ما يشاء و البداء ليس من ندامة و إنما هو ظهور أمر تقول العرب بدا لي شخص في طريقي أي ظهر و قال الله عز و جل وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ أي ظهر لهم و متى ظهر لله تعالى ذكره من عبد صلة لرحمه زاد في عمره و متى ظهر له قطيعة رحم نقص من عمره و متى ظهر له من عبد إتيان الزنا نقص من رزقه و عمره و متى ظهر له منه التعفف عن الزنا زاد في رزقه و عمره و من ذلك
قول الصادق ع ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني يقول ما ظهر لله أمر كما ظهر له في إسماعيل ابني إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنه ليس بإمام بعدي
و قد روي لي من طريق أبي الحسين الأسدي رضوان الله عليه في ذلك شيء غريب
و هو أنه روي أن الصادق ع قال ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل أبي إذا أمر أباه بذبحه ثم فداه بذبح عظيم
و في الحديث على الوجهين جميعا عندي نظر إلا أني أوردته لمعنى لفظ البداء و الله الموفق للصواب. بيان ليس غرضه رحمه الله من قوله إن له أن يبدأ بشيء إن البداء مشتق من المهموز بل قد صرح آخرا بخلافه و إنما أراد أن هذا مما يتفرع عليه كما مر في خبر المروزي و ستعرف أنه لا استبعاد في صحة الخبرين الذين نفاهما
27- ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير أو عمن رواه عن ابن أبي عمير عن جعفر بن عثمان عن سماعة عن أبي بصير و وهب عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن لله علمين علم مكنون مخزون لا يعلمه إلا هو من ذلك يكون البداء و علم علمه ملائكته و رسله و أنبياءه و نحن نعلمه
28- ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن الأهوازي عن القاسم بن محمد عن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى قال لنبيه فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ أراد أن يعذب أهل الأرض ثم بدا لله فنزلت الرحمة فقال ذكر يا محمد فإن الذكرى تنفع المؤمنين فرجعت من قابل فقلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك إني حدثت أصحابنا فقالوا بدا لله ما لم يكن في علمه قال فقال أبو عبد الله ع إن لله علمين علم عنده لم يطلع عليه أحدا من خلقه و علم نبذه إلى ملائكته و رسله فما نبذه إلى ملائكته فقد انتهى إلينا
29- ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن سدير قال سأل حمران أبا جعفر ع عن قوله تعالى عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً فقال له أبو جعفر ع إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً و كان و الله محمد ممن ارتضاه و أما قوله عالِمُ الْغَيْبِ فإن الله تبارك و تعالى عالم بما غاب عن خلقه بما يقدر من شيء و يقضيه في علمه فذلك يا حمران علم موقوف عنده إليه فيه المشيئة فيقضيه إذا أراد و يبدو له فيه فلا يمضيه فأما العلم الذي يقدره الله و يقضيه و يمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله ص ثم إلينا و حدثنا عبد الله بن محمد عن ابن محبوب بهذا الإسناد و زاد فيه فما يقدر من شيء و يقضيه في علمه أن يخلقه و قبل أن يقضيه إلى ملائكته فذلك يا حمران علم موقوف عنده غير مقضي لا يعلمه غيره إليه فيه المشيئة فيقضيه إذا أراد إلى آخر الحديث
30- ك، ]إكمال الدين[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن الجاموراني عن اللؤلؤي عن محمد بن سنان عن عمار عن أبي بصير و سماعة عن أبي عبد الله ع قال من زعم أن الله عز و جل يبدو له في شيء لم يعلمه أمس فابرءوا منه
31- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن الوشاء عن علي بن سوقة عن عيسى الفراء و أبي علي العطار عن رجل عن الثمالي عن أبي جعفر ع قال بينا داود على نبينا و آله و عليه السلام جالس و عنده شاب رث الهيئة يكثر الجلوس عنده و يطيل الصمت إذ أتاه ملك الموت فسلم عليه و أحد ملك الموت النظر إلى الشاب فقال داود على نبينا و آله و عليه السلام نظرت إلى هذا فقال نعم إني أمرت بقبض روحه إلى سبعة أيام في هذا الموضع فرحمه داود فقال يا شاب هل لك امرأة قال لا و ما تزوجت قط قال داود فأت فلانا رجلا كان عظيم القدر في بني إسرائيل فقال له إن داود يأمرك أن تزوجني ابنتك و تدخلها الليلة و خذ من النفقة ما تحتاج إليه و كن عندها فإذا مضت سبعة أيام فوافني في هذا الموضع فمضى الشاب برسالة داود على نبينا و آله و عليه السلام فزوجه الرجل ابنته و أدخلوها عليه و أقام عندها سبعة أيام ثم وافى داود يوم الثامن فقال له داود يا شاب كيف رأيت ما كنت فيه قال ما كنت في نعمه و لا سرور قط أعظم مما كنت فيه قال داود اجلس فجلس و داود ينتظر أن يقبض روحه فلما طال قال انصرف إلى منزلك فكن مع أهلك فإذا كان يوم الثامن فوافني هاهنا فمضى الشاب ثم وافاه يوم الثامن و جلس عنده ثم انصرف أسبوعا آخر ثم أتاه و جلس فجاء ملك الموت داود فقال داود صلوات الله عليه أ لست حدثتني بأنك أمرت بقبض روح هذا الشاب إلى سبعة أيام قال بلى فقال قد مضت ثمانية و ثمانية و ثمانية قال يا داود إن الله تعالى رحمه برحمتك له فأخر في أجله ثلاثين سنة
32- كتاب الإمامة و التبصرة، لعلي بن بابويه عن محمد بن يحيى و أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عمن ذكره عن محمد بن الفضيل عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع قال كان في بني إسرائيل نبي وعده الله أن ينصره إلى خمس عشرة ليلة فأخبر بذلك قومه فقالوا و الله إذا كان ليفعلن و ليفعلن فأخره الله إلى خمس عشرة سنة و كان فيهم من وعده الله النصرة إلى خمس عشرة سنة فأخبر بذلك النبي قومه فقالوا ما شاء الله فعجله الله لهم في خمس عشرة ليلة
33- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال سأل عبد الأعلى مولى بني سام الصادق ع و أنا عنده حديث يرويه الناس فقال و ما هو قال يروون أن الله عز و جل أوحى إلى حزقيل النبي صلوات الله عليه أن أخبر فلان الملك أني متوفيك يوم كذا فأتى حزقيل الملك فأخبره بذلك قال فدعا الله و هو على سريره حتى سقط ما بين الحائط و السرير فقال يا رب أخرني حتى يشب طفلي و أقضي أمري فأوحى الله إلى ذلك النبي أن ائت فلانا و قل إني أنسأت في عمره خمس عشرة سنة فقال النبي يا رب و عزتك إنك تعلم أني لم أكذب كذبة قط فأوحى الله إليه إنما أنت عبد مأمور فأبلغه
أقول سيأتي مثله في قصة شعيا على نبينا و آله و عليه السلام
34- ير، ]بصائر الدرجات[ عبد الله بن محمد عن علي بن مهزيار عن ابن مسافر قال قال لي أبو جعفر ع في العشية التي اعتل فيها من ليلتها العلة التي توفي منها يا عبد الله ما أرسل الله نبيا من أنبيائه إلى أحد حتى يأخذ عليه ثلاثة أشياء قلت و أي شيء هو يا سيدي قال الإقرار بالله بالعبودية و الوحدانية و أن الله يقدم ما يشاء و نحن قوم أو نحن معشر إذا لم يرض الله لأحدنا الدنيا نقلنا إليه
35- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي الزعفراني عن أحمد البرقي عن أبيه محمد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع في قول الله تعالى وَ قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ فقال كانوا يقولون قد فرغ من الأمر
36- سن، ]المحاسن[ أبي عن حماد عن ربعي عن الفضيل قال سمعت أبا جعفر ع يقول العلم علمان علم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه و علم علمه ملائكته و رسله فأما ما علم ملائكته و رسله فإنه سيكون لا يكذب نفسه و لا ملائكته و لا رسله و علم عنده مخزون يقدم فيه ما يشاء و يؤخر ما يشاء و يثبت ما يشاء
شي، ]تفسير العياشي[ عن حماد بن عيسى مثله
37- سن، ]المحاسن[ بهذا الإسناد عن فضيل قال سمعت أبا جعفر ع يقول من الأمور أمور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء و يؤخر منها ما يشاء و يثبت منها ما يشاء
38- غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ الفضل بن شاذان عن محمد بن علي عن سعدان بن مسلم عن أبي بصير قال قلت له أ لهذا الأمر أمد تريح إليه أبداننا و ننتهي إليه قال بلى و لكنكم أذعتم فزاد الله فيه
-39 غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ الفضل عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي قال قلت لأبي جعفر ع إن عليا ع كان يقول إلى السبعين بلاء و كان يقول بعد البلاء رخاء و قد مضت السبعون و لم نر رخاء فقال أبو جعفر ع يا ثابت إن الله تعالى كان وقت هذا الأمر في السبعين فلما قتل الحسين اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين و مائة سنة فحدثناكم فأذعتم الحديث و كشفتم قناع السر فأخره الله و لم يجعل له بعد ذلك وقتا عندنا و يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال أبو حمزة و قلت ذلك لأبي عبد الله ع فقال قد كان ذلك
40- غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ الفضل عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن سنان عن أبي يحيى التمتام السلمي عن عثمان النواء قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كان هذا الأمر في فأخره الله و يفعل بعد في ذريتي ما يشاء
أقول قال الشيخ بعد نقل هذه الأخبار الوجه في هذه الأخبار أن نقول إن صحت أنه لا يمتنع أن يكون الله تعالى قد وقت هذا الأمر في الأوقات التي ذكرت فلما تجدد ما تجدد تغيرت المصلحة و اقتضت تأخيره إلى وقت آخر و كذلك فيما بعد و يكون الوقت الأول و كل وقت يجوز أن يؤخر مشروطا بأن لا يتجدد ما تقتضي المصلحة تأخيره إلى أن يجيء الوقت الذي لا يغيره شيء فيكون محتوما و على هذا يتأول ما روي في تأخير الأعمار عن أوقاتها و الزيادة فيها عند الدعاء و صلة الأرحام و ما روي في تنقيص الأعمار عن أوقاتها إلى ما قبله عند فعل الظلم و قطع الرحم و غير ذلك و هو تعالى و إن كان عالما بالأمرين فلا يمتنع أن يكون أحدهما معلوما بشرط و الآخر بلا شرط و هذه الجملة لا خلاف فيها بين أهل العدل و على هذا يتأول أيضا ما روي من أخبارنا المتضمنة للفظ البداء و يبين أن معناها النسخ على ما يريده جميع أهل العدل فيما يجوز فيه النسخ أو تغير شروطها إن كان طريقها الخبر عن الكائنات لأن البداء في اللغة هو الظهور فلا يمتنع أن يظهر لنا من أفعال الله تعالى ما كنا نظن خلافه أو نعلم و لا نعلم شرطه. فمن ذلك
ما رواه سعد عن ابن عيسى عن البزنطي عن أبي الحسن الرضا ع قال علي بن الحسين و علي بن أبي طالب قبله و محمد بن علي و جعفر بن محمد ع كيف لنا بالحديث مع هذه الآية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ فأما من قال بأن الله تعالى لا يعلم الشيء إلا بعد كونه فقد كفر و خرج عن التوحيد
و قد روى سعد بن عبد الله عن أبي هاشم الجعفري قال سأل محمد بن صالح الأرمني أبا محمد العسكري ع عن قول الله عز و جل يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ فقال أبو محمد و هل يمحو إلا ما كان و يثبت إلا ما لم يكن فقلت في نفسي هذا خلاف ما يقول هشام بن الحكم إنه لا يعلم الشيء حتى يكون فنظر إلي أبو محمد فقال تعالى الجبار العالم بالأشياء قبل كونها
و الحديث مختصر و الوجه في هذه الأخبار ما قدمنا ذكره من تغير المصلحة فيه و اقتضائها تأخير الأمر إلى وقت آخر على ما بيناه دون ظهور الأمر له تعالى فإنا لا نقول به و لا نجوزه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فإن قيل هذا يؤدي إلى أن لا نثق بشيء من أخبار الله تعالى قلنا الأخبار على ضربين ضرب لا يجوز فيه التغير في مخبراته فإنا نقطع عليها لعلمنا بأنه لا يجوز أن يتغير المخبر في نفسه كالإخبار عن صفات الله و عن الكائنات فيما مضى و كالإخبار بأنه يثيب المؤمنين و الضرب الآخر هو ما يجوز تغيره في نفسه لتغير المصلحة عند تغير شروطه فإنا نجوز جميع ذلك كالإخبار عن الحوادث في المستقبل إلا أن يرد الخبر على وجه يعلم أن مخبره لا يتغير فحينئذ نقطع بكونه و لأجل ذلك قرن الحتم بكثير من المخبرات فأعلمنا أنه مما لا يتغير أصلا فعند ذلك نقطع به
41- يج، ]الخرائج و الجرائح[ قال أبو هاشم سأل محمد بن صالح أبا محمد ع عن قوله تعالى لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ فقال له الأمر من قبل أن يأمر به و له الأمر من بعد أن يأمر به بما يشاء فقلت في نفسي هذا قول الله أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ فأقبل علي فقال هو كما أسررت في نفسك أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ قلت أشهد أنك حجة الله و ابن حجته في خلقه
كشف، ]كشف الغمة[ من دلائل الحميري عن الجعفري مثله
42- شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع في قوله ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها قال الناسخ ما حول و ما ينسيها مثل الغيب الذي لم يكن بعد كقوله يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال فيفعل الله ما يشاء و يحول ما يشاء مثل قوم يونس إذا بدا له فرحمهم و مثل قوله فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ قال أدركهم رحمته
43- شي، ]تفسير العياشي[ عن عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها فقال كذبوا ما هكذا هي إذا كان ينسي و ينسخها و يأتي بمثلها لم ينسخها قلت هكذا قال الله قال ليس هكذا قال تبارك و تعالى قلت فكيف قال قال ليس فيها ألف و لا واو قال ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها مثلها يقول ما نمت من إمام أو ننس ذكره نأت بخير منه من صلبه مثله
بيان لعل الخيرية باعتبار أن الإمام المتأخر أصلح لأهل عصره من المتقدم و إن كانا متساويين في الكمال كما يدل عليه قوله مثله
44- شي، ]تفسير العياشي[ عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله ع في قوله ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ قال الأجل الذي غير مسمى موقوف يقدم منه ما شاء و يؤخر منه ما شاء و أما الأجل المسمى فهو الذي ينزل مما يريد أن يكون من ليلة القدر إلى مثلها من قابل فذلك قول الله فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ
45- شي، ]تفسير العياشي[ عن حمران عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ قال المسمى ما سمي لملك الموت في تلك الليلة و هو الذي قال الله إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ و هو الذي سمي لملك الموت في ليلة القدر و الآخر له فيه المشيئة إن شاء قدمه و إن شاء أخره
46- شي، ]تفسير العياشي[ عن حمران قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ قال فقال هما أجلان أجل موقوف يصنع الله ما يشاء و أجل محتوم و في رواية حمران عنه أما الأجل الذي غير مسمى عنده فهو أجل موقوف يقدم فيه ما يشاء و يؤخر فيه ما يشاء و أما الأجل المسمى هو الذي يسمى في ليلة القدر
47- شي، ]تفسير العياشي[ عن حصين عن أبي عبد الله ع في قوله ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ قال ثم قال أبو عبد الله ع الأجل الأول هو ما نبذه إلى الملائكة و الرسل و الأنبياء و الأجل المسمى عنده هو الذي ستره الله عن الخلائق
بيان هذا الخبر و خبر ابن مسكان يدلان على أن الأجل الذي فيه البداء هو المسمى و سائر الأخبار على أنه هو المقضي و يشكل الجمع بينها إلا أن يقال صدر بعضها موافقة لبعض العامة أو أنه اشتبه على بعض الرواة أو أن أحد التأويلين من بطون الآية. قال الرازي اختلف المفسرون في تفسير الأجلين على وجوه الأول أن المقضي آجال الماضين و المسمى عنده آجال الباقين الثاني أن الأول أجل الموت و الثاني أجل القيامة لأن مدة حياتهم في الآخرة لا آخر لها الثالث أن الأجل الأول ما بين أن يخلق إلى أن يموت و الثاني ما بين الموت و البعث الرابع أن الأول النوم و الثاني الموت الخامس أن الأول مقدار ما انقضى من عمر كل واحد و الثاني مقدار ما بقي من عمر كل أحد السادس و هو قول حكماء الإسلام أن لكل إنسان أجلين أحدهما الآجال الطبيعية و الثاني الآجال الاخترامية أما الآجال الطبيعية فهي التي لو بقي ذلك المزاج مصونا عن العوارض الخارجية لانتهت مدة بقائه إلى الوقت الفلاني و أما الآجال الاخترامية فهي التي تحصل بالأسباب الخارجية كالغرق و الحرق و غيرهما من الأمور المنفصلة انتهى ملخص كلامه
48- شي، ]تفسير العياشي[ عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ قال فقال ليس كذا و قال بيده إلى عنقه و لكنه قال قد فرغ من الأشياء و في رواية أخرى عنه قولهم فرغ من الأمر
49- شي، ]تفسير العياشي[ عن حماد عنه في قول الله يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ يعنون قد فرغ مما هو كائن لُعِنُوا بِما قالُوا قال الله عز و جل بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ
-50 شي، ]تفسير العياشي[ عن الفضل بن أبي قرة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول أوحى الله إلى إبراهيم أنه سيولد لك فقال لسارة فقالت أ ألد و أنا عجوز فأوحى الله إليه أنها ستلد و يعذب أولادها أربعمائة سنة بردها الكلام علي قال فلما طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا و بكوا إلى الله أربعين صباحا فأوحى الله إلى موسى و هارون يخلصهم من فرعون فحط عنهم سبعين و مائة سنة قال و قال أبو عبد الله ع هكذا أنتم لو فعلتم لفرج الله عنا فأما إذا لم تكونوا فإن الأمر ينتهي إلى منتهاه
51- شي، ]تفسير العياشي[ عن علي بن عبد الله بن مروان عن أيوب بن نوح قال قال لي أبو الحسن العسكري ع و أنا واقف بين يديه بالمدينة ابتداء من غير مسألة يا أيوب إنه ما نبأ الله من نبي إلا بعد أن يأخذ عليه ثلاث خلال شهادة أن لا إله إلا الله و خلع الأنداد من دون الله و أن المشيئة يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء أما إنه إذا جرى الاختلاف بينهم لم يزل الاختلاف بينهم إلى أن يقوم صاحب هذا الأمر
52- شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة عن أبي جعفر ع قال كان علي بن الحسين ع يقول لو لا آية في كتاب الله لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة فقلت أية آية قال قول الله يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
53- شي، ]تفسير العياشي[ عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله ع في قوله يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال هل يثبت إلا ما لم يكن و هل يمحو إلا ما كان
54- شي، ]تفسير العياشي[ عن الفضل بن بشار عن أبي جعفر ع قال إن الله لم يدع شيئا كان أو يكون إلا كتبه في كتاب فهو موضوع بين يديه ينظر إليه فما شاء منه قدم و ما شاء منه أخر و ما شاء منه محا و ما شاء منه كان و ما لم يشأ لم يكن
55- شي، ]تفسير العياشي[ عن حمران قال سألت أبا عبد الله ع يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ فقال يا حمران إنه إذا كان ليلة القدر و نزلت الملائكة الكتبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يقضى في تلك السنة من أمر فإذا أراد الله أن يقدم شيئا أو يؤخره أو ينقص منه أو يزيد أمر الملك فمحا ما شاء ثم أثبت الذي أراد قال فقلت له عند ذلك فكل شيء يكون فهو عند الله في كتاب قال نعم فقلت فيكون كذا و كذا ثم كذا و كذا حتى ينتهي إلى آخره قال نعم قلت فأي شيء يكون بيده بعده قال سبحان الله ثم يحدث الله أيضا ما شاء تبارك و تعالى
56- شي، ]تفسير العياشي[ عن الفضيل قال سمعت أبا جعفر ع يقول العلم علمان علم علمه ملائكته و رسله و أنبياءه و علم عنده مخزون لم يطلع عليه آخر يحدث فيه ما يشاء
57- شي، ]تفسير العياشي[ عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله ع قال إن الله كتب كتابا فيه ما كان و ما هو كائن فوضعه بين يديه فما شاء منه قدم و ما شاء منه أخر و ما شاء منه محا و ما شاء منه أثبت و ما شاء منه كان و ما لم يشأ منه لم يكن
58- شي، ]تفسير العياشي[ عن الفضيل قال سمعت أبا جعفر ع يقول من الأمور أمور محتومة جائية لا محالة و من الأمور أمر موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء و يمحو منها ما يشاء يثبت منها ما يشاء لم يطلع على ذلك أحدا يعني الموقوفة فأما ما جاءت به الرسل فهي كائنة لا يكذب نفسه و لا نبيه و لا ملائكته
59- شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي حمزة الثمالي قال قال أبو جعفر و أبو عبد الله ع يا أبا حمزة إن حدثناك بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا فإن الله يصنع ما يشاء و إن حدثناك اليوم بحديث و حدثناك غدا بخلافه فإن الله يمحو ما يشاء و يثبت
60- شي، ]تفسير العياشي[ عن عمرو بن الحمق قال دخلت على أمير المؤمنين ع حين ضرب على قرنه فقال لي يا عمرو إني مفارقكم ثم قال سنة السبعين فيها بلاء قالها ثلاثا فقلت فهل بعد البلاء رخاء فلم يجبني و أغمي عليه فبكت أم كلثوم فأفاق فقال يا أم كلثوم لا تؤذيني فإنك لو قد ترين ما أرى لم تبكي إن الملائكة في السماوات السبع بعضهم خلف بعض و النبيون خلفهم و هذا محمد ص آخذ بيدي يقول انطلق يا علي فما أمامك خير لك مما أنت فيه فقلت بأبي أنت و أمي قلت إلى السبعين بلاء فهل بعد السبعين رخاء قال نعم يا عمرو إن بعد البلاء رخاء و يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
61- قال أبو حمزة فقلت لأبي جعفر ع إن عليا ع كان يقول إلى السبعين بلاء و بعد السبعين رخاء فقد مضت السبعين و لم يروا رخاء فقال لي أبو جعفر ع يا ثابت إن الله كان قد وقت هذا الأمر في السبعين فلما قتل الحسين ع اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين و مائة سنة فحدثناكم فأذعتم الحديث و كشفتم قناع السر فأخره الله و لم يجعل لذلك عندنا وقتا ثم قال يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
62- شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال إن الله إذا أراد فناء قوم أمر الفلك فأسرع الدور بهم فكان ما يريد من النقصان فإذا أراد الله بقاء قوم أمر الفلك فأبطأ الدور بهم فكان ما يريد من الزيادة فلا تنكروا فإن الله يمحو ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
-63 شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع يقول إن الله يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء و يمحو ما يشاء و يثبت ما يشاء وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ و قال فكل أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه ليس شيء يبدو له إلا و قد كان في علمه أن الله لا يبدو له من جهل
64- شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي ميثم بن أبي يحيى عن جعفر بن محمد ع قال ما من مولود يولد إلا و إبليس من الأبالسة بحضرته فإن علم الله أنه من شيعتنا حجبه من ذلك الشيطان و إن لم يكن من شيعتنا أثبت الشيطان إصبعه السبابة في دبره فكان مأبونا فإن كان امرأة أثبت في فرجها فكانت فاجرة فعند ذلك يبكي الصبي بكاء شديدا إذا هو خرج من بطن أمه و الله بعد ذلك يمحو ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
65- شي، ]تفسير العياشي[ عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله ع سئل عن قول الله يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال إن ذلك الكتاب كتاب يمحو الله ما يشاء و يثبت فمن ذلك الذي يرد الدعاء القضاء و ذلك الدعاء مكتوب عليه الذي يرد به القضاء حتى إذا صار إلى أم الكتاب لم يغن الدعاء فيه شيئا
66- شي، ]تفسير العياشي[ عن الحسين بن زيد بن علي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال رسول الله ص إن المرء ليصل رحمه و ما بقي من عمره إلا ثلاث سنين فيمدها الله إلى ثلاث و ثلاثين سنة و إن المرء ليقطع رحمه و قد بقي من عمره ثلاث و ثلاثون سنة فيقصرها الله إلى ثلاث سنين أو أدنى قال الحسين و كان جعفر يتلو هذه الآية يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
67- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد عن محمد بن علي عن عبد الرحمن بن محمد الأسدي عن سالم بن مكرم عن أبي عبد الله ع قال مر يهودي بالنبي ص فقال السام عليك فقال النبي ص عليك فقال أصحابه إنما سلم عليك بالموت فقال الموت عليك فقال النبي ص و كذلك رددت ثم قال النبي ص إن هذا اليهودي يعضه أسود في قفاه فيقتله قال فذهب اليهودي فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله ثم لم يلبث أن انصرف فقال له رسول الله ص ضعه فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاض على عود فقال يا يهودي ما عملت اليوم قال ما عملت عملا إلا حطبي هذا حملته فجئت به و كان معي كعكتان فأكلت واحدة و تصدقت بواحدة على مسكين فقال رسول الله ص بها دفع الله عنه و قال إن الصدقة تدفع ميتة السوء عن الإنسان
68- كتاب زيد النرسي، عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله ع قال قلت له كانت الدنيا قط منذ كانت و ليس في الأرض حجة قال قد كانت الأرض و ليس فيها رسول و لا نبي و لا حجة و ذلك بين آدم و نوح في الفترة و لو سألت هؤلاء عن هذا لقالوا لن تخلو الأرض من الحجة و كذبوا إنما ذلك شيء بدا الله عز و جل فيه فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و قد كان بين عيسى و محمد ص فترة من الزمان لم يكن في الأرض نبي و لا رسول و لا عالم فبعث الله محمدا ص بشيرا و نذيرا و داعيا إليه
بيان لعل المراد عدم الحجة و العالم الظاهرين لتظافر الأخبار بعدم خلو الأرض من حجة قط
69- و من كتاب المذكور عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله ع قال ما بدا لله بداء أعظم من بداء بدا له في إسماعيل ابني
70- كتاب حسين بن عثمان عن سليمان الطلحي قال قلت لأبي جعفر ع أخبرني عما أخبرت به الرسل عن ربها و أنهت ذلك إلى قومها أ يكون لله البداء فيه قال أما إني لا أقول لك إنه يفعل و لكن إن شاء فعل
بسط كلام لرفع شكوك و أوهام اعلم أن البداء مما ظن أن الإمامية قد تفردت به و قد شنع عليهم بذلك كثير من المخالفين و الأخبار في ثبوتها كثيرة مستفيضة من الجانبين كما عرفت و لنشر إلى بعض ما قيل في تحقيق ذلك ثم إلى ما ظهر لي من الأخبار مما هو الحق في المقام. اعلم أنه لما كان البداء ممدودا في اللغة بمعنى ظهور رأي لم يكن يقال بدا الأمر بدوا ظهر و بدا له في هذا الأمر بداء أي نشأ له فيه رأي كما ذكره الجوهري و غيره فلذلك يشكل القول بذلك في جناب الحق تعالى لاستلزامه حدوث علمه تعالى بشيء بعد جهله و هذا محال و لهذا شنع كثير من المخالفين على الإمامية في ذلك نظرا إلى ظاهر اللفظ من غير تحقيق لمرامهم حتى أن الناصبي المتعصب الفخر الرازي ذكر في خاتمة كتاب المحصل حاكيا عن سليمان بن جرير أن الأئمة الرافضة وضعوا القول بالبداء لشيعتهم فإذا قالوا إنه سيكون لهم أمر و شوكة ثم لا يكون الأمر على ما أخبروه قالوا بدا لله تعالى فيه و أعجب منه أنه أجاب المحقق الطوسي رحمه الله في نقد المحصل عن ذلك لعدم إحاطته كثيرا بالأخبار بأنهم لا يقولون بالبداء و إنما القول به ما كان إلا في رواية رووها عن جعفر الصادق ع أنه جعل إسماعيل القائم مقامه بعده فظهر من إسماعيل ما لم يرتضه منه فجعل القائم مقامه موسى ع فسئل عن ذلك فقال بدا لله في إسماعيل و هذه رواية و عندهم أن خبر الواحد لا يوجب علما و لا عملا انتهى. فانظر إلى هذا المعاند كيف أعمت العصبية عينه حيث نسب إلى أئمة الدين الذين لم يختلف مخالف و لا مؤالف في فضلهم و علمهم و ورعهم و كونهم أتقى الناس و أعلاهم شأنا و رفعة الكذب و الحيلة و الخديعة و لم يعلم أن مثل هذه الألفاظ المجازية الموهمة لبعض المعاني الباطلة قد وردت في القرآن الكريم و أخبار الطرفين كقوله تعالى اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ و مَكَرَ اللَّهُ و لِيَبْلُوَكُمْ و لِنَعْلَمَ و يَدُ اللَّهِ و وَجْهُ اللَّهِ و جَنْبِ اللَّهِ إلى غير ذلك مما لا يحصى و قد ورد في أخبارهم ما يدل على البداء بالمعنى الذي قالت به الشيعة أكثر مما ورد في أخبارنا كخبر دعاء النبي ص على اليهودي و أخبار عيسى على نبينا و آله و عليه السلام و أن الصدقة و الدعاء يغيران القضاء و غير ذلك و قال ابن الأثير في النهاية
في حديث الأقرع و الأبرص و الأعمى بدا لله عز و جل أن يبتليهم أي قضى بذلك و هو معنى البداء هاهنا لأن القضاء سابق و البداء استصواب شيء علم بعد أن لم يعلم و ذلك على الله غير جائز انتهى. و قد دلت الآية على الأجلين و فسرهما أخيرا بما عرفت و قد قال تعالى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ و قال هذا الناصبي في تفسيرها في هذه الآية قولان الأول أنها عامة في كل شيء كما يقتضيه ظاهر اللفظ قالوا إن الله يمحو من الرزق و يزيد فيه و كذا القول في الأجل و السعادة و الشقاوة و الإيمان و الكفر و هو مذهب عمرو بن مسعود و رواه جابر عن رسول الله ص. و الثاني أنها خاصة في بعض الأشياء دون البعض ففيها وجوه الأول أن المراد من المحو و الإثبات نسخ الحكم المتقدم و إثبات حكم آخر بدلا عن الأول الثاني أنه تعالى يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة و لا سيئة لأنهم مأمورون بكتبه كل قول و فعل و يثبت غيره الثالث أنه تعالى أراد بالمحو أن من أذنب أثبت ذلك الذنب في ديوانه فإذا تاب عنه محا عن ديوانه الرابع يمحو الله ما يشاء و هو من جاء أجله و يدع من لم يجئ أجله و يثبته الخامس أنه تعالى يثبت في أول السنة فإذا مضت السنة محيت و أثبت كتاب آخر للمستقبل السادس يمحو نور القمر و يثبت نور الشمس السابع يمحو الدنيا و يثبت الآخرة الثامن أنه في الأرزاق و المحن و المصائب يثبتها في الكتاب ثم يزيلها بالدعاء و الصدقة و فيه حث على الانقطاع إلى الله تعالى التاسع تعير أحوال العبد فما مضى منها فهو المحو و ما حضر و حصل فهو الإثبات العاشر يزيل ما يشاء من حكمه لا يطلع على غيبه أحد فهو المتفرد بالحكم كما يشاء و هو المستقل بالإيجاد و الإعدام و الإحياء و الإماتة و الإغناء و الإفقار بحيث لا يطلع على تلك الغيوب أحد من خلقه. و اعلم أن هذا الباب فيه مجال عظيم فإن قال قائل أ لستم تزعمون أن المقادير سابقة قد جف بها القلم فكيف يستقيم مع هذا المعنى المحو و الإثبات قلنا ذلك المحو
و الإثبات أيضا مما قد جف به القلم فلا يمحو إلا ما سبق في علمه و قضائه محوه ثم قال قالت الرافضة البداء جائز على الله تعالى و هو أن يعتقد شيئا ثم يظهر له أن الأمر بخلاف ما اعتقده و تمسكوا فيه بقوله تعالى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ انتهى كلامه لعنه الله. و لا أدري من أين أخذ هذا القول الذي افترى عليهم مع أن كتب الإمامية المتقدمين عليه كالصدوق و المفيد و الشيخ و المرتضى و غيرهم رضوان الله عليهم مشحونة بالتبري عن ذلك و لا يقولون إلا ببعض ما ذكره سابقا أو بما هو أصوب منها كما ستعرف و العجب أنهم في أكثر الموارد ينسبون إلى الرب تعالى ما لا يليق به و الإمامية قدس الله أسرارهم يبالغون في تنزيهه تعالى و يفحمونهم بالحجج البالغة و لما لم يظفروا في عقائدهم بما يوجب نقصا يباهتونهم و يفترون عليهم بأمثال تلك الأقاويل الفاسدة و هل البهتان و الافتراء إلا دأب العاجزين و لو فرض أن بعض من الجهلة المنتحلين للتشيع قال بذلك فالإمامية يتبرءون منه و من قوله كما يتبرءون من هذا الناصبي و أمثاله و أقاويلهم الفاسدة فأما ما قيل في توجيه البداء فقد عرفت ما ذكره الصدوق و الشيخ قدس الله روحهما في ذلك و قد قيل فيه وجوه أخر أول ما ذكره السيد الداماد قدس الله روحه في نبراس الضياء حيث قال البداء منزلته في التكوين منزلة النسخ في التشريع فما في الأمر التشريعي و الأحكام التكليفية نسخ فهو في الأمر التكويني و المكونات الزمانية بداء فالنسخ كأنه بداء تشريعي و البداء كأنه نسخ تكويني و لا بداء في القضاء و لا بالنسبة إلى جناب القدس الحق و المفارقات المحضة من ملائكته القدسية و في متن الدهر الذي هو ظرف مطلق الحصول القار و الثبات البات و وعاء عالم الوجود كله و إنما البداء في القدر و في امتداد الزمان الذي هو أفق التقضي و التجدد و ظرف التدريج و التعاقب و بالنسبة إلى الكائنات الزمانية و من في عالم الزمان و المكان و إقليم المادة و الطبيعة و كما حقيقة النسخ عند التحقيق انتهاء الحكم التشريعي و انقطاع استمراره لا رفعه و ارتفاعه من وعاء الواقع فكذا حقيقة البداء عند الفحص البالغ انبتات استمرار الأمر التكويني و انتهاء
اتصال الإفاضة و مرجعه إلى تحديد زمان الكون و تخصيص وقت الإفاضة لا أنه ارتفاع المعلول الكائن عن وقت كونه و بطلانه في حد حصوله انتهى. الثاني ما ذكره بعض الأفاضل في شرحه على الكافي و تبعه غيره من معاصرينا و هو أن القوى المنطبعة الفلكية لم تحط بتفاصيل ما سيقع من الأمور دفعة واحدة لعدم تناهي تلك الأمور بل إنما ينتقش فيها الحوادث شيئا فشيئا و جملة فجملة مع أسبابها و عللها على نهج مستمر و نظام مستقر فإن ما يحدث في عالم الكون و الفساد فإنما هو من لوازم حركات الأفلاك المسخرة لله تعالى و نتائج بركاتها فهي تعلم أنه كلما كان كذا كان كذا فمهما حصل لها العلم بأسباب حدوث أمر ما في هذا العالم حكمت بوقوعه فيه فينتقش فيها ذلك الحكم و ربما تأخر بعض الأسباب الموجب لوقوع الحادث على خلاف ما يوجبه بقية الأسباب لو لا ذلك السبب و لم يحصل لها العلم بذلك بعد لعدم اطلاعها على سبب ذلك السبب ثم لما جاء أوانه و اطلعت عليه حكمت بخلاف الحكم الأول فيمحى عنها نقش الحكم السابق و يثبت الحكم الآخر مثلا لما حصل لها العلم بموت زيد بمرض كذا لأسباب تقتضي ذلك و لم يحصل لها العلم بتصدقه الذي سيأتي به قبل ذلك الوقت لعدم اطلاعها على أسباب التصدق بعد ثم علمت به و كان موته بتلك الأسباب مشروطا بأن لا يتصدق فتحكم أولا بالموت و ثانيا بالبرء و إذا كانت الأسباب لوقوع أمر و لا وقوعه متكافئة و لم يحصل لها العلم برجحان أحدهما بعد لعدم مجيء أوان سبب ذلك الرجحان بعد كان لها التردد في وقوع ذلك الأمر و لا وقوعه فينتقش فيها الوقوع تارة و اللاوقوع أخرى فهذا هو السبب في البداء و المحو و الإثبات و التردد و أمثال ذلك في أمور العالم فإذا اتصلت بتلك القوى نفس النبي أو الإمام عليهما الصلاة و السلام و قرأ فيها بعض تلك الأمور فله أن يخبر بما رآه بعين قلبه أو شاهده بنور بصيرته أو سمع بأذن قلبه و أما نسبة ذلك كله إلى الله تعالى فلأن كل ما يجري في العالم الملكوتي إنما يجري بإرادة الله تعالى بل فعلهم بعينه فعل الله سبحانه حيث إنهم لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ إذ لا داعي لهم على الفعل إلا إرادة الله عز و جل لاستهلاك إرادتهم في إرادته تعالى و مثلهم كمثل الحواس للإنسان كلما هم بأمر محسوس امتثلت الحواس لما هم به فكل كتابة تكون في هذه الألواح و الصحف فهو أيضا مكتوب لله عز و جل بعد قضائه السابق المكتوب بقلمه الأول فيصح أن يوصف الله عز و جل نفسه بأمثال ذلك بهذا الاعتبار و إن كان مثل هذه الأمور يشعر بالتغير و السنوح و هو سبحانه منزه عنه فإن كل ما وجد فهو غير خارج عن عالم ربوبيته. الثالث ما ذكره بعض المحققين حيث قال تحقيق القول في البداء أن الأمور كلها عامها و خاصها و مطلقها و مقيدها و ناسخها و منسوخها و مفرداتها و مركباتها و إخباراتها و إنشاءاتها بحيث لا يشذ عنها شيء منتقشة في اللوح و الفائض منه على الملائكة و النفوس العلوية و النفوس السفلية قد يكون الأمر العام المطلق أو المنسوخ حسب ما تقتضيه الحكمة الكاملة من الفيضان في ذلك الوقت و يتأخر المبين إلى وقت تقتضي الحكمة فيضانه فيه و هذه النفوس العلوية و ما يشبهها يعبر عنها بكتاب المحو و الإثبات و البداء عبارة عن هذا التغيير في ذلك الكتاب. الرابع ما ذكره السيد المرتضى رضوان الله عليه في جواب مسائل أهل الري و هو و إنه قال المراد بالبداء النسخ و ادعى أنه ليس بخارج عن معناه اللغوي. أقول هذا ما قيل في هذا الباب و قد قيل فيه وجوه أخر لا طائل في إيرادها و الوجوه التي أوردناها بعضها بمعزل عن معنى البداء و بينهما كما بين الأرض و السماء و بعضها مبنية على مقدمات لم تثبت في الدين بل ادعي على خلافها إجماع المسلمين و كلها يشتمل على تأويل نصوص كثيرة بلا ضرورة تدعو إليه و تفصيل القول في كل منها يفضي إلى الإطناب و لنذكر ما ظهر لنا من الآيات و الأخبار بحيث تدل عليه النصوص الصريحة و تأبى عنه العقول الصحيحة. فنقول و بالله التوفيق إنهم ع إنما بالغوا في البداء ردا على اليهود الذين
يقولون إن الله قد فرغ من الأمر و على النظام و بعض المعتزلة الذين يقولون إن الله خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن معادن و نباتا و حيوانا و إنسانا و لم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده و التقدم إنما يقع في ظهورها. لا في حدوثها و وجودها و إنما أخذوا هذه المقالة من أصحاب الكمون و الظهور من الفلاسفة و على بعض الفلاسفة القائلين بالعقول و النفوس الفلكية و بأن الله تعالى لم يؤثر حقيقة إلا في العقل الأول فهم يعزلونه تعالى عن ملكه و ينسبون الحوادث إلى هؤلاء فنفوا ع ذلك و أثبتوا أنه تعالى كل يوم في شأن من إعدام شيء و إحداث آخر و إماتة شخص و إحياء آخر إلى غير ذلك لئلا يتركوا العباد التضرع إلى الله و مسألته و طاعته و التقرب إليه بما يصلح أمور دنياهم و عقباهم و ليرجوا عند التصدق على الفقراء و صلة الأرحام و بر الوالدين و المعروف و الإحسان ما وعدوا عليها من طول العمر و زيادة الرزق و غير ذلك. ثم اعلم أن الآيات و الأخبار تدل على أن الله خلق لوحين أثبت فيهما ما يحدث من الكائنات أحدهما اللوح المحفوظ الذي لا تغير فيه أصلا و هو مطابق لعلمه تعالى و الآخر لوح المحو و الإثبات فيثبت فيه شيئا ثم يمحوه لحكم كثيرة لا تخفى على أولي الألباب مثلا يكتب فيه أن عمر زيد خمسون سنة و معناه أن مقتضى الحكمة أن يكون عمره كذا إذا لم يفعل ما يقتضي طوله أو قصره فإذا وصل الرحم مثلا يمحى الخمسون و يكتب مكانه ستون و إذا قطعها يكتب مكانه أربعون و في اللوح المحفوظ أنه يصل و عمره ستون كما أن الطبيب الحاذق إذا اطلع على مزاج شخص يحكم بأن عمره بحسب هذا المزاج يكون ستين سنة فإذا شرب سما و مات أو قتله إنسان فنقص من ذلك أو استعمل دواء قوي مزاجه به فزاد عليه لم يخالف قول الطبيب و التغيير الواقع في هذا اللوح مسمى بالبداء إما لأنه مشبه به كما في سائر ما يطلق عليه تعالى من الابتلاء و الاستهزاء و السخرية و أمثالها أو لأنه يظهر للملائكة أو للخلق إذا أخبروا بالأول خلاف ما علموا أولا و أي استبعاد في تحقق هذين اللوحين
و أية استحالة في هذا المحو و الإثبات حتى يحتاج إلى التأويل و التكلف و إن لم تظهر الحكمة فيه لنا لعجز عقولنا عن الإحاطة بها مع أن الحكم فيه ظاهرة. منها أن يظهر للملائكة الكاتبين في اللوح و المطلعين عليه لطفه تعالى بعباده و إيصالهم في الدنيا إلى ما يستحقونه فيزدادوا به معرفة. و منها أن يعلم بإخبار الرسل و الحجج عليهم الصلاة و السلام أن لأعمالهم الحسنة مثل هذه التأثيرات في صلاح أمورهم و لأعمالهم السيئة تأثيرا في فسادها فيكون داعيا لهم إلى الخيرات صارفا لهم عن السيئات فظهر أن لهذا اللوح تقدما على اللوح المحفوظ من جهة لصيرورته سببا لحصول بعض الأعمال فبذلك انتقش في اللوح المحفوظ حصوله فلا يتوهم أنه بعد ما كتب في هذا اللوح حصوله لا فائدة في المحو و الإثبات. و منها أنه إذا أخبر الأنبياء و الأوصياء أحيانا من كتاب المحو و الإثبات ثم أخبروا بخلافه يلزمهم الإذعان به و يكون ذلك تشديدا للتكليف عليهم تسبيبا لمزيد الأجر لهم كما في سائر ما يبتلي الله عباده منه من التكاليف الشاقة و إيراد الأمور التي تعجز أكثر العقول عن الإحاطة بها و بها يمتاز المسلمون الذين فازوا بدرجات اليقين عن الضعفاء الذين ليس لهم قدم راسخ في الدين. و منها أن يكون هذه الأخبار تسلية من المؤمنين المنتظرين لفرج أولياء الله و غلبة الحق و أهله كما روي في قصة نوح على نبينا و آله و عليه السلام حين أخبر بهلاك القوم ثم أخر ذلك مرارا و كما روي في فرج أهل البيت ع و غلبتهم لأنهم ع لو كانوا أخبروا الشيعة في أول ابتلائهم باستيلاء المخالفين و شدة محنتهم أنه ليس فرجهم إلا بعد ألف سنة ليئسوا و رجعوا عن الدين و لكنهم أخبروا شيعتهم بتعجيل الفرج و ربما أخبروهم بأنه يمكن أن يحصل الفرج في بعض الأزمنة القريبة ليثبتوا على الدين و يثابوا بانتظار الفرج كما مر في خبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه
و روى الكليني عن محمد بن يحيى و أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن السياري عن الحسن بن علي بن يقطين عن أخيه الحسين عن أبيه علي بن يقطين قال قال لي أبو الحسن ع الشيعة تربي بالأماني منذ مائتي سنة
قال و قال يقطين لابنه علي بن يقطين ما بالنا قيل لنا فكان و قيل لكم فلم يكن قال فقال له علي إن الذي قيل لنا و لكم كان من مخرج واحد غير أن أمركم حضر فأعطيتم محضة فكان كما قيل لكم و أن أمرنا لم يحضر فعللنا بالأماني فلو قيل لنا إن هذا الأمر لا يكون إلا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب و لرجع عامة الناس عن الإسلام و لكن قالوا ما أسرعه و ما أقربه تأليفا لقلوب الناس و تقريبا للفرج و قوله قيل لنا أي في خلافة العباسية و كان من شيعتهم أو في دولة آل يقطين و قيل لكم أي في أمر القائم و ظهور فرج الشيعة.
و روي أيضا عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الخزاز عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر ع قال قلت لهذا الأمر وقت فقال كذب الوقاتون كذب الوقاتون كذب الوقاتون إن موسى على نبينا و آله و عليه السلام لما خرج وافدا إلى ربه واعدهم ثلاثين يوما فلما زاد الله إلى الثلاثين عشرا قال قومه قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا فإذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم فقولوا صدق الله و إذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا صدق الله تؤجروا مرتين
و سيأتي كثير من الأخبار في ذلك في كتاب النبوة لا سيما في أبواب قصص نوح و موسى و شعيا على نبينا و آله و عليهم السلام و سيأتي أيضا في كتاب الغيبة فأخبارهم ع بما يظهر خلافه ظاهرا من قبيل المجملات و المتشابهات التي تصدر عنهم بمقتضى الحكم ثم يصدر عنهم بعد ذلك تفسيرها و بيانها و قولهم يقع الأمر الفلاني في وقت كذا معناه إن كان كذا أو إن لم يقع الأمر الفلاني الذي ينافيه و إن لم يذكروا الشرط كما قالوا في النسخ قبل الفعل و قد أوضحناه في باب ذبح إسماعيل على نبينا و آله و عليه السلام فمعنى قولهم ع ما عبد الله بمثل البداء أن الإيمان بالبداء من أعظم العبادات القلبية لصعوبته و معارضته الوساوس الشيطانية فيه و لكونه إقرارا بأن لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ و هذا كمال التوحيد أو المعنى أنه من أعظم الأسباب و الدواعي لعبادة الرب تعالى كما عرفت و كذا قولهم ع ما عظم الله بمثل البداء يحتمل الوجهين و إن كان الأول فيه أظهر و أما قول الصادق ع لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه فلما مر أيضا من أن أكثر مصالح العباد موقوفة على القول بالبداء إذ لو اعتقدوا أن كل ما قدر في الأزل فلا بد من وقوعه حتما لما دعوا الله في شيء من مطالبهم و ما تضرعوا إليه و ما استكانوا لديه و لا خافوا منه و لا رجعوا إليه إلى غير ذلك مما قد أومأنا إليه و أما إن هذه الأمور من جملة الأسباب المقدرة في الأزل أن يقع الأمر بها لا بدونها فمما لا يصل إليه عقول أكثر الخلق فظهر أن هذا اللوح و علمهم بما يقع فيه من المحو و الإثبات أصلح لهم من كل شيء. بقي هاهنا إشكال آخر و هو أنه يظهر من كثير من الأخبار المتقدمة أن البداء لا يقع فيما يصل علمه إلى الأنبياء و الأئمة عليهم الصلاة و السلام و يظهر من كثير منها وقوع البداء فيما وصل إليهم أيضا و يمكن الجمع بينها بوجوه الأول أن يكون المراد بالأخبار الأولة عدم وقوع البداء فيما وصل إليهم على سبيل التبليغ بأن يؤمروا بتبليغه ليكون أخبارهم بها من قبل أنفسهم لا على وجه التبليغ. الثاني أن يكون المراد بالأولة الوحي و يكون و ما يخبرون به من جهة الإلهام و اطلاع نفوسهم على الصحف السماوية و هذا قريب من الأول. الثالث أن تكون الأولة محمولة على الغالب فلا ينافي ما وقع على سبيل الندرة. الرابع ما أشار إليه الشيخ قدس الله روحه من أن المراد بالأخبار الأولة عدم وصول الخبر إليهم و أخبارهم على سبيل الحتم فيكون أخبارهم على قسمين أحدهما ما أوحي إليهم أنه من الأمور المحتومة فهم يخبرون كذلك و لا بداء فيه و ثانيهما ما يوحى
إليهم لا على هذا الوجه فهم يخبرون كذلك و ربما أشعروا أيضا باحتمال وقوع البداء فيه كما قال أمير المؤمنين ع بعد الإخبار بالسبعين و يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ و هذا وجه قريب. الخامس أن يكون المراد بالأخبار الأولة أنهم لا يخبرون بشيء لا يظهر وجه الحكمة فيه على الخلق لئلا يوجب تكذيبهم بل لو أخبروا بشيء من ذلك يظهر وجه الصدق فيما أخبروا به كخبر عيسى على نبينا و آله و عليه السلام و النبي ص حيث ظهرت الحية دالة على صدق مقالهما و سيأتي بعض القول في ذلك في باب ليلة القدر و سيأتي بعض أخبار البداء في باب القضاء و إيفاء حق الكلام في هذه المسألة يقتضي رسالة مفردة و الله الموفق