فإن قالوا كيف يعقل أن يكون مباينا لكل شيء متعاليا عن كل شيء قيل لهم الحق الذي تطلب معرفته من الأشياء هو أربعة أوجه فأولها أن ينظر أ موجود هو أم ليس بموجود و الثاني أن يعرف ما هو في ذاته و جوهرة و الثالث أن يعرف كيف هو و ما صفته و الرابع أن يعلم لما ذا هو و لأي علة فليس من هذه الوجوه شيء يمكن للمخلوق أن يعرفه من الخالق حق معرفته غير أنه موجود فقط فإذا قلنا و كيف و ما هو فممتنع علم كنهه و كمال المعرفة به و أما لما ذا هو فساقط في صفة الخالق لأنه جل ثناؤه علة كل شيء و ليس شيء بعلة له ثم ليس علم الإنسان بأنه موجود يوجب له أن يعلم ما هو و كيف هو كما أن علمه بوجود النفس لا يوجب أن يعلم ما هي و كيف هي و كذلك الأمور الروحانية اللطيفة فإن قالوا فأنتم الآن تصفون من قصور العلم عنه وصفا حتى كأنه غير معلوم قيل لهم هو كذلك من جهة إذا رام العقل معرفة كنهه و الإحاطة به و هو من جهة أخرى أقرب من كل قريب إذا استدل عليه بالدلائل الشافية فهو من جهة كالواضح لا يخفى على أحد و هو من جهة كالغامض لا يدركه أحد و كذلك العقل أيضا ظاهر بشواهده و مستور بذاته