1- أبو محمد القاسم بن العلاء رحمه الله رفعه عن عبد العزيز بن مسلم قال كنا مع الرضا ع بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة و ذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي ع فأعلمته خوض الناس فيه فتبسم ع ثم قال يا عبد العزيز جهل القوم و خدعوا عن آرائهم إن الله عز و جل لم يقبض نبيه ص حتى أكمل له الدين و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء بين فيه الحلال و الحرام و الحدود و الأحكام و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا فقال عز و جلما فرطنا في الكتاب من شيء و أنزل في حجة الوداع و هي آخر عمره ص اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا و أمر الإمامة من تمام الدين و لم يمض ص حتى بين لأمته معالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم و تركهم على قصد سبيل الحق و أقام لهم عليا ع علما و إماما و ما ترك لهم شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه فمن زعم أن الله عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله و من رد كتاب الله فهو كافر به هل يعرفون قدر الإمامة و محلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إن الإمامة أجل قدرا و أعظم شأنا و أعلى مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إن الإمامة خص الله عز و جل بها إبراهيم الخليل ع بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة و فضيلة شرفه بها و أشاد بها ذكره فقال إني جاعلك للناس إماما فقال الخليل ع سرورا بها و من ذريتي قال الله تبارك و تعالى لا ينال عهدي الظالمين فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة و صارت في الصفوة ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة و الطهارة فقال و وهبنا له إسحاق و يعقوب نافلة و كلا جعلنا صالحين. و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و كانوا لنا عابدين فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله تعالى النبي ص فقال جل و تعالى إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه و هذا النبي و الذين آمنوا و الله ولي المؤمنين فكانت له خاصة فقلدها ص عليا ع بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم و الإيمان بقوله تعالى و قال الذين أوتوا العلم و الإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهي في ولد علي ع خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد ص فمن أين يختار هؤلاء الجهال إن الإمامة هي منزلة الأنبياء و إرث الأوصياء إن الإمامة خلافة الله و خلافة الرسول ص و مقام أمير المؤمنين ع و ميراث الحسن و الحسين ع إن الإمامة زمام الدين و نظام المسلمين و صلاح الدنيا و عز المؤمنين إن الإمامة أس الإسلام النامي و فرعه السامي بالإمام تمام الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و الجهاد و توفير الفيء و الصدقات و إمضاء الحدود و الأحكام و منع الثغور و الأطراف الإمام يحل حلال الله و يحرم حرام الله و يقيم حدود الله و يذب عن دين الله و يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الحجة البالغة الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم و هي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي و الأبصار الإمام البدر المنير و السراج الزاهر و النور الساطع و النجم الهادي في غياهب الدجى و أجواز البلدان و القفار و لجج البحار الإمام الماء العذب على الظمإ و الدال على الهدى و المنجي من الردى الإمام النار على اليفاع الحار لمن اصطلى به و الدليل في المهالك من فارقه فهالك الإمام السحاب الماطر و الغيث الهاطل و الشمس المضيئة و السماء الظليلة و الأرض البسيطة و العين الغزيرة و الغدير و الروضة الإمام الأنيس الرفيق و الوالد الشفيق و الأخ الشقيق و الأم البرة بالولد الصغير و مفزع العباد في الداهية النآد الإمام أمين الله في خلقه و حجته على عباده و خليفته في بلاده و الداعي إلى الله و الذاب عن حرم الله الإمام المطهر من الذنوب و المبرأ عن العيوب المخصوص بالعلم الموسوم بالحلمنظام الدين و عز المسلمين و غيظ المنافقين و بوار الكافرين
الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد و لا يعادله عالم و لا يوجد منه بدل و لا له مثل و لا نظير مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له و لا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره هيهات هيهات ضلت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب و خسأت العيون و تصاغرت العظماء و تحيرت الحكماء و تقاصرت الحلماء و حصرت الخطباء و جهلت الألباء و كلت الشعراء و عجزت الأدباء و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله و أقرت بالعجز و التقصير و كيف يوصف بكله أو ينعت بكنهه أو يفهم شيء من أمره أو يوجد من يقوم مقامه و يغني غناه لا كيف و أنى و هو بحيث النجم من يد المتناولين و وصف الواصفين فأين الاختيار من هذا و أين العقول عن هذا و أين يوجد مثل هذا أ تظنون أن ذلك يوجد في غير آل الرسول محمد ص كذبتهم و الله أنفسهم و منتهم الأباطيل فارتقوا مرتقا صعبا دحضا تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم راموا إقامة الإمام بعقول حائرة بائرة ناقصة و آراء مضلة فلم يزدادوا منه إلا بعدا قاتلهم الله أنى يؤفكون و لقد راموا صعبا و قالوا إفكا و ضلوا ضلالا بعيدا و وقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة و زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل و كانوا مستبصرين رغبوا عن اختيار الله و اختيار رسول الله ص و أهل بيته إلى اختيارهم و القرآن يناديهم و ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله و تعالى عما يشركون و قال عز و جل و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم الآية و قال ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون سلهم أيهم بذلك زعيم أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين و قال عز و جل أ فلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون أم قالوا سمعنا و هم لا يسمعون إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون و لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم و لو أسمعهم لتولوا و هم معرضون أم قالوا سمعنا و عصينا بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم فكيف لهم باختيار الإمام و الإمام عالم لا يجهل و راع لا ينكل معدن القدس و الطهارة و النسك و الزهادة و العلم و العبادة مخصوص بدعوة الرسول ص و نسل المطهرة البتول لا مغمز فيه في نسب و لا يدانيه ذو حسب في البيت من قريش و الذروة من هاشم و العترة من الرسول ص و الرضا من الله عز و جل شرف الأشراف و الفرع من عبد مناف نامي العلم كامل الحلم مضطلع بالإمامة عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر الله عز و جل ناصح لعباد الله حافظ لدين الله إن الأنبياء و الأئمة ص يوفقهم الله و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون و قوله تبارك و تعالى و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا و قوله في طالوت إن الله اصطفاه عليكم و زاده بسطة في العلم و الجسم و الله يؤتي ملكه من يشاء و الله واسع عليم و قال لنبيه ص أنزل عليك الكتاب و الحكمة و علمك ما لم تكن تعلم و كان فضل الله عليك عظيما و قال في الأئمة من أهل بيت نبيه و عترته و ذريته ص أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب و الحكمة و آتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به و منهم من صد عنه و كفى بجهنم سعيرا و إن العبد إذا اختاره الله عز و جل لأمور عباده شرح صدره لذلك و أودع قلبه ينابيع الحكمة و ألهمه العلم إلهاما فلم يعي بعده بجواب و لا يحير فيه عن الصواب
فهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن من الخطايا و الزلل و العثار يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده و شاهده على خلقه و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه تعدوا و بيت الله الحق و نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون و في كتاب الله الهدى و الشفاء فنبذوه و اتبعوا أهواءهم فذمهم الله و مقتهم و أتعسهم فقال جل و تعالى و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين و قال فتعسا لهم و أضل أعمالهم و قال كبر مقتا عند الله و عند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار و صلى الله على النبي محمد و آله و سلم تسليما كثيرا
2- محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله ع في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة ع و صفاتهم إن الله عز و جل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه و أبلج بهم عن سبيل منهاجه و فتح بهم عن باطن ينابيع علمه فمن عرف من أمة محمد ص واجب حق إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه و علم فضل طلاوة إسلامه لأن الله تبارك و تعالى نصب الإمام علما لخلقه و جعله حجة على أهل مواده و عالمه و ألبسه الله تاج الوقار و غشاه من نور الجبار يمد بسبب إلى السماء لا ينقطع عنه مواده و لا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه و لا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى و معميات السنن و مشبهات الفتن فلم يزل الله تبارك و تعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين ع من عقب كل إمام يصطفيهم لذلك و يجتبيهم و يرضى بهم لخلقه و يرتضيهم كل ما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما علما بينا و هاديا نيرا و إماما قيما و حجة عالما أئمة من الله يهدون بالحق و به يعدلون حجج الله و دعاته و رعاته على خلقه يدين بهديهم العباد و تستهل بنورهم البلاد و ينمو ببركتهم التلاد جعلهم الله حياة للأنام و مصابيح للظلام و مفاتيح للكلام و دعائم للإسلام جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها فالإمام هو المنتجب المرتضى و الهادي المنتجى و القائم المرتجى اصطفاه الله بذلك و اصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه و في البرية حين برأه ظلا قبل خلق نسمة عن يمين عرشه محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده اختاره بعلمه و انتجبه لطهره بقية من آدم ع و خيرة من ذرية نوح و مصطفى من آل إبراهيم و سلالة من إسماعيل و صفوة من عترة محمد ص لم يزل مرعيا بعين الله يحفظه و يكلؤه بستره مطرودا عنه حبائل إبليس و جنوده مدفوعا عنه وقوب الغواسق و نفوث كل فاسق مصروفا عنه قوارف السوء مبرأ من العاهات محجوبا عن الآفات معصوما من الزلات مصونا عن الفواحش كلها معروفا بالحلم و البر في يفاعه منسوبا إلى العفاف و العلم و الفضل عند انتهائه مسندا إليه أمر والده صامتا عن المنطق في حياته فإذا انقضت مدة والده إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته و جاءت الإرادة من الله فيه إلى محبته و بلغ منتهى مدة والده ع فمضى و صار أمر الله إليه من بعده و قلده دينه و جعله الحجة على عباده و قيمه في بلاده و أيده بروحه و آتاه علمه و أنبأه فصل بيانه و استودعه سره و انتدبه لعظيم أمره و أنبأه فضل بيان علمه و نصبه علما لخلقه و جعله حجة على أهل عالمه و ضياء لأهل دينه و القيم على عباده رضي الله به إماما لهم استودعه سره و استحفظه علمه و استخبأه حكمته و استرعاه لدينه و انتدبه لعظيم أمره و أحيا به مناهج سبيله و فرائضه و حدوده فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل و تحيير أهل الجدل بالنور الساطع و الشفاء النافع بالحق الأبلج و البيان اللائح من كل مخرج على طريق المنهج الذي مضى عليه الصادقون من آبائه ع فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي و لا يجحده إلا غوي و لا يصد عنه إلا جري على الله جل و علا