1- قال أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني مصنف هذا الكتاب رحمه الله حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمر الفقيمي عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع أنه قال للزنديق الذي سأله من أين أثبت الأنبياء و الرسل قال إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا و عن جميع ما خلق و كان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه و لا يلامسوه فيباشرهم و يباشروه و يحاجهم و يحاجوه ثبت أن له سفراء في خلقه يعبرون عنه إلى خلقه و عباده و يدلونهم على مصالحهم و منافعهم و ما به بقاؤهم و في تركه فناؤهم فثبت الآمرون و الناهون عن الحكيم العليم في خلقه و المعبرون عنه جل و عز و هم الأنبياء ع و صفوته من خلقه حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس على مشاركتهم لهم في الخلق و التركيب في شيء من أحوالهم مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة ثم ثبت ذلك في كل دهر و زمان مما أتت به الرسل و الأنبياء من الدلائل و البراهين لكيلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته و جواز عدالته
2- محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله ع إن الله أجل و أكرم من أن يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون بالله قال صدقت قلت إن من عرف أن له ربا فينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا و سخطا و أنه لا يعرف رضاه و سخطه إلا بوحي أو رسول فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرسل فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة و أن لهم الطاعة المفترضة و قلت للناس تعلمون أن رسول الله ص كان هو الحجة من الله على خلقه قالوا بلى قلت فحين مضى رسول الله ص من كان الحجة على خلقه فقالوا القرآن فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ و القدري و الزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم فما قال فيه من شيء كان حقا فقلت لهم من قيم القرآن فقالوا ابن مسعود قد كان يعلم و عمر يعلم و حذيفة يعلم قلت كله قالوا لا فلم أجد أحدا يقال إنه يعرف ذلك كله إلا عليا ع و إذا كان الشيء بين القوم فقال هذا لا أدري و قال هذا لا أدري و قال هذا لا أدري و قال هذا أنا أدري فأشهد أن عليا ع كان قيم القرآن و كانت طاعته مفترضة و كان الحجة على الناس بعد رسول الله ص و أن ما قال في القرآن فهو حق فقال رحمك الله
3- علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن إبراهيم عن يونس بن يعقوب قال كان عند أبي عبد الله ع جماعة من أصحابه منهم حمران بن أعين و محمد بن النعمان و هشام بن سالم و الطيار و جماعة فيهم هشام بن الحكم و هو شاب فقال أبو عبد الله ع يا هشام أ لا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد و كيف سألته فقال هشام يا ابن رسول الله إني أجلك و أستحييك و لا يعمل لساني بين يديك فقال أبو عبد الله إذا أمرتكم بشيء فافعلوا قال هشام بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد و جلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلك علي فخرجت إليه و دخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد و عليه شملة سوداء متزرا بها من صوف و شملة مرتديا بها و الناس يسألونه فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت أيها العالم إني رجل غريب تأذن لي في مسألة فقال لي نعم فقلت له أ لك عين فقال يا بني أي شيء هذا من السؤال و شيء تراه كيف تسأل عنه فقلت هكذا مسألتي فقال يا بني سل و إن كانت مسألتك حمقاء قلت أجبني فيها قال لي سل قلت أ لك عين قال نعم قلت فما تصنع بها قال أرى بها الألوان و الأشخاص قلت فلك أنف قال نعم قلت فما تصنع به قال أشم به الرائحة قلت أ لك فم قال نعم قلت فما تصنع به قال أذوق به الطعم قلت فلك أذن قال نعم قلت فما تصنع بها قال أسمع بها الصوت قلت أ لك قلب قال نعم قلت فما تصنع به قال أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح و الحواس قلت أ و ليس في هذه الجوارح غنى عن القلب فقال لا قلت و كيف ذلك و هي صحيحة سليمة قال يا بني إن الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردته إلى القلب فيستيقن اليقين و يبطل الشك قال هشام فقلت له فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح قال نعم قلت لا بد من القلب و إلا لم تستيقن الجوارح قال نعم فقلت له يا أبا مروان فالله تبارك و تعالى لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح و يتيقن به ما شك فيه و يترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم و شكهم و اختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم و حيرتهم و يقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك و شكك قال فسكت و لم يقل لي شيئا ثم التفت إلي فقال لي أنت هشام بن الحكم فقلت لا قال أ من جلسائه قلت لا قال فمن أين أنت قال قلت من أهل الكوفة قال فأنت إذا هو ثم ضمني إليه و أقعدني في مجلسه و زال عن مجلسه و ما نطق حتى قمت قال فضحك أبو عبد الله ع و قال يا هشام من علمك هذا قلت شيء أخذته منك و ألفته فقال هذا و الله مكتوب في صحف إبراهيم و موسى
4- علي بن إبراهيم عن أبيه عمن ذكره عن يونس بن يعقوب قال كنت عند أبي عبد الله ع فورد عليه رجل من أهل الشام فقال إني رجل صاحب كلام و فقه و فرائض و قد جئت لمناظرة أصحابك فقال أبو عبد الله ع كلامك من كلام رسول الله ص أو من عندك فقال من كلام رسول الله ص و من عندي فقال أبو عبد الله ع فأنت إذا شريك رسول الله قال لا قال فسمعت الوحي عن الله عز و جل يخبرك قال لا قال فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله ص قال لا فالتفت أبو عبد الله ع إلي فقال يا يونس بن يعقوب هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم ثم قال يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته قال يونس فيا لها من حسرة فقلت جعلت فداك إني سمعتك تنهى عن الكلام و تقول ويل لأصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد و هذا لا ينقاد و هذا ينساق و هذا لا ينساق و هذا نعقله و هذا لا نعقله فقال أبو عبد الله ع إنما قلت فويل لهم إن تركوا ما أقول و ذهبوا إلى ما يريدون ثم قال لي اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله قال فأدخلت حمران بن أعين و كان يحسن الكلام و أدخلت الأحول و كان يحسن الكلام و أدخلت هشام بن سالم و كان يحسن الكلام و أدخلت قيس بن الماصر و كان عندي أحسنهم كلاما و كان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين ع فلما استقر بنا المجلس و كان أبو عبد الله ع قبل الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة له مضروبة قال فأخرج أبو عبد الله ع رأسه من فازته فإذا هو ببعير يخب فقال هشام و رب الكعبة قال فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة له قال فورد هشام بن الحكم و هو أول ما اختطت لحيته و ليس فينا إلا من هو أكبر سنا منه قال فوسع له أبو عبد الله ع و قال ناصرنا بقلبه و لسانه و يده ثم قال يا حمران كلم الرجل فكلمه فظهر عليه حمران ثم قال يا طاقي كلمه فكلمه فظهر عليه الأحول ثم قال يا هشام بن سالم كلمه فتعارفا ثم قال أبو عبد الله ع لقيس الماصر كلمه فكلمه فأقبل أبو عبد الله ع يضحك من كلامهما مما قد أصاب الشامي فقال للشامي كلم هذا الغلام يعني هشام بن الحكم فقال نعم فقال لهشام يا غلام سلني في إمامة هذا فغضب هشام حتى ارتعد ثم قال للشامي يا هذا أ ربك أنظر لخلقه أم خلقه لأنفسهم فقال الشامي بل ربي أنظر لخلقه قال ففعل بنظره لهم ما ذا قال أقام لهم حجة و دليلا كيلا يتشتتوا أو يختلفوا يتألفهم و يقيم أودهم و يخبرهم بفرض ربهم قال فمن هو قال رسول الله ص قال هشام فبعد رسول الله ص قال الكتاب و السنة قال هشام فهل نفعنا اليوم الكتاب و السنة في رفع الاختلاف عنا قال الشامي نعم قال فلم اختلفنا أنا و أنت و صرت إلينا من الشام في مخالفتنا إياك قال فسكت الشامي فقال أبو عبد الله ع للشامي ما لك لا تتكلم قال الشامي إن قلت لم نختلف كذبت و إن قلت إن الكتاب و السنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت لأنهما يحتملان الوجوه و إن قلت قد اختلفنا و كل واحد منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذن الكتاب و السنة إلا أن لي عليه هذه الحجة فقال أبو عبد الله ع سله تجده مليا فقال الشامي يا هذا من أنظر للخلق أ ربهم أو أنفسهم فقال هشام ربهم أنظر لهم منهم لأنفسهم فقال الشامي فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم و يقيم أودهم و يخبرهم بحقهم من باطلهم قال هشام في وقت رسول الله ص أو الساعة
قال الشامي في وقت رسول الله رسول الله ص و الساعة من فقال هشام هذا القاعد الذي تشد إليه الرحال و يخبرنا بأخبار السماء و الأرض وراثة عن أب عن جد قال الشامي فكيف لي أن أعلم ذلك قال هشام سله عما بدا لك قال الشامي قطعت عذري فعلي السؤال فقال أبو عبد الله ع يا شامي أخبرك كيف كان سفرك و كيف كان طريقك كان كذا و كذا فأقبل الشامي يقول صدقت أسلمت لله الساعة فقال أبو عبد الله ع بل آمنت بالله الساعة إن الإسلام قبل الإيمان و عليه يتوارثون و يتناكحون و الإيمان عليه يثابون فقال الشامي صدقت فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ص و أنك وصي الأوصياء ثم التفت أبو عبد الله ع إلى حمران فقال تجري الكلام على الأثر فتصيب و التفت إلى هشام بن سالم فقال تريد الأثر و لا تعرفه ثم التفت إلى الأحول فقال قياس رواغ تكسر باطلا بباطل إلا أن باطلك أظهر ثم التفت إلى قيس الماصر فقال تتكلم و أقرب ما تكون من الخبر عن رسول الله ص أبعد ما تكون منه تمزج الحق مع الباطل و قليل الحق يكفي عن كثير الباطل أنت و الأحول قفازان حاذقان قال يونس فظننت و الله أنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما ثم قال يا هشام لا تكاد تقع تلوي رجليك إذا هممت بالأرض طرت مثلك فليكلم الناس فاتق الزلة و الشفاعة من ورائها إن شاء الله
- عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبان قال أخبرني الأحول أن زيد بن علي بن الحسين ع بعث إليه و هو مستخف قال فأتيته فقال لي يا أبا جعفر ما تقول إن طرقك طارق منا أ تخرج معه قال فقلت له إن كان أباك أو أخاك خرجت معه قال فقال لي فأنا أريد أن أخرج أجاهد هؤلاء القوم فاخرج معي قال قلت لا ما أفعل جعلت فداك قال فقال لي أ ترغب بنفسك عني قال قلت له إنما هي نفس واحدة فإن كان لله في الأرض حجة فالمتخلف عنك ناج و الخارج معك هالك و إن لا تكن لله حجة في الأرض فالمتخلف عنك و الخارج معك سواء قال فقال لي يا أبا جعفر كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة السمينة و يبرد لي اللقمة الحارة حتى تبرد شفقة علي و لم يشفق علي من حر النار إذا أخبرك بالدين و لم يخبرني به فقلت له جعلت فداك من شفقته عليك من حر النار لم يخبرك خاف عليك أن لا تقبله فتدخل النار و أخبرني أنا فإن قبلت نجوت و إن لم أقبل لم يبال أن أدخل النار ثم قلت له جعلت فداك أنتم أفضل أم الأنبياء قال بل الأنبياء قلت يقول يعقوب ليوسف يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا لم لم يخبرهم حتى كانوا لا يكيدونه و لكن كتمهم ذلك فكذا أبوك كتمك لأنه خاف عليك قال فقال أما و الله لئن قلت ذلك لقد حدثني صاحبك بالمدينة أني أقتل و أصلب بالكناسة و إن عنده لصحيفة فيها قتلي و صلبي فحججت فحدثت أبا عبد الله ع بمقالة زيد و ما قلت له فقال لي أخذته من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوق رأسه و من تحت قدميه و لم تترك له مسلكا يسلكه