أقول قد مضى ما ينوط بهذا الباب في أبواب الصيام و في أبواب الدعاء من كتاب الصلاة و غيرها أيضا فلا تغفل.
1- قل، ]إقبال الأعمال[ و من ذلك ما يتعلق بوداع شهر رمضان فنقول إن سأل سائل فقال ما معنى الوداع لشهر رمضان و ليس هو من الحيوان الذي يخاطب أو يعقل ما يقال له باللسان فاعلم أن عادة ذوي العقول قبل الرسول و مع الرسول و بعد الرسول يخاطبون الديار و الأوطان و الشباب و أوقات الصفا و الأمان و الإحسان ببيان المقال و هو محادثة لها بلسان الحال فلما جاء أدب الإسلام أمضى ما شهدت بجوازه من ذلك أحكام العقول و الأفهام و نطق به مقدس القرآن المجيد فقال جل جلاله يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ فأخبر أن جهنم رد الجواب بالمقال و هو إشارة إلى لسان الحال و ذكر كثيرا في القرآن الشريف المجيد و في كلام النبي و الأئمة صلوات الله عليه و عليهم السلام و كلام أهل التعريف فلا يحتاج ذوو الألباب إلى الإطالة في الجواب فلما كان شهر رمضان قد صاحبه ذوو العناية به من أهل الإسلام و الإيمان أفضل لهم من صحبة الديار و المنازل و أنفع من الأهل و أرفع من الأعيان و الأماثل اقتضت دواعي لسان الحال أن يودع عند الفراق و الانفصال ذكر ما نورده من طبقات أهل الوداع الشهر الصيام فنقول اعلم أن الوداع لشهر رمضان يحتاج إلى زيادة بيان و الناس فيه على طبقات طبقة منهم كانوا في شهر رمضان على مراد الله جل جلاله و آدابه فيه في السر و الإعلان فهؤلاء يودعون شهر الصيام وداع من صاحبه بالصفاء و الوفاء و حفظ الذمام كما تضمنه وداع مولانا زين العابدين عليه أفضل السلام و طبقة منهم صاحبوا شهر رمضان تارة يكونون معه على مراد الله جل جلاله في بعض الأزمان و تارة يفارقون شروطه بالغفلة أو بالعصيان فهؤلاء إن اتفق خروج شهر رمضان و هم مفارقون له في الآداب و الاصطحاب فالمفارقون لا يودعون و لا هم مجتمعون و إنما الوداع لمن كان مرافقا و موافقا في مقتضى العقول و الألباب و إن اتفق خروج شهر رمضان و هم في حال حسن صحبته فلهم أن يودعوه على قدر ما عاملوه في حفظ حرمته و أن يستغفروا و يندموا على ما فرطوا فيه من إضاعة شروط الصحبة و الوفاء و يبالغوا عند الوداع في التلهف و التأسف كيف عاملوه بوقت من الأوقات بالجفاء و طبقة ما كانوا في شهر رمضان مصاحبين له بالقلوب بل كان فيهم من هو كاره لشهر الصيام لأنه كان يقطعهم عن عاداتهم في التهوين و مراقبة علام الغيوب فهؤلاء ما كانوا مع شهر رمضان حتى يودعوه عند الانفصال و لا أحسنوا المجاورة له لما نزل من القرب من دارهم و تكرهوا به و استقبلوه بسوء اختيارهم فلا معنى لوداعهم له عند انفصاله و لا يلتفت إلى ما يتضمنه لفظ وداعهم و سوء مقالهم أقول فلا تكن أيها الإنسان ممن نزل به ضيف غني عنه و ما نزل به ضيف مذ سنة أشرف منه و قد حضره للإنعام عليه و حمل إليه معه تحف السعادات و شرف العنايات و ما لا يبلغه وصف المقال من الآمال و الإقبال فأساء مجاورة هذا الضيف الكريم و جفاه و هون به و عامله معاملة المضيف اللئيم فانصرف الضيف الكريم ذاما لضيافته و بقي الذي نزل به في فضيحة تقصيره و سوء مجاورته أو في عار تأسفه و ندامته فكن إما محسنا في الضيافة و المعرفة بحقوق ما وصل به هذا الضيف من السعادة و الرحمة و الرأفة و الأمن من المخافة أو كن لا له و لا عليه فلا تصاحبه بالكراهة و سوء الأدب عليه و إنما تهلك بأعمالك السخيفة نفسك الضعيفة و تشهرها بالفضائح و النقصان في ديوان الملوك و الأعيان الذين ظفروا بالأمان و الرضوان أقول و اعلم أن وقت الوداع لشهر الصيام رويناه عن أحد الأئمة عليهم أفضل السلام من كتاب فيه مسائل جماعة من أعيان الأصحاب و قد وقع ع بعد كل مسألة بالجواب و هذا لفظ ما وجدناه
وداع شهر رمضان متى يكون فقد اختلف أصحابنا فبعضهم قال في آخر ليلة منه و بعضهم قال هو في آخر يوم منه إذا رأى هلال شوال الجواب العمل في شهر رمضان في لياليه و الوداع يقع في آخر ليلة منه فإن خاف أن ينقص الشهر جعله في ليلتين
قلت هذا اللفظ ما رأيناه و رويناه فاجتهد في وقت الوداع على إصلاح السريرة فالإنسان على نفسه بصيرة و تخير لوقت وداع الفضل الذي كان في شهر رمضان أصلح أوقاتك في حسن صحبته و جميل ضيافته و معاملته من آخر ليلة منه كما رويناه فإن فاتك الوداع في آخر ليلة ففي أواخر نهار المفارقة له و الانفصال عنه فمتى وجدت في تلك الليلة أو ذلك اليوم نفسك على حال صالحة في صحبة شهر رمضان فودعه في ذلك الأوان وداع أهل الصفاء و الوفاء الذين يعرفون حق الضيف العظيم الإحسان و اقض من حق التأسف على مفارقته و بعده بقدر ما فاتك من شرف ضيافته و فوائد رفده و أطلق من ذخائر دموع الوداع ما جرت به عوائد الأحبة إذا تفرقوا بعد الاجتماع و قل
ما رواه الشيخ جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى بإسناده إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال دخلت على رسول الله ص في آخر جمعة من شهر رمضان فلما بصر بي قال لي يا جابر هذا آخر جمعة من شهر رمضان فودعه و قل اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا إياه فإن جعلته فاجعلني مرحوما و لا تجعلني محروما فإنه من قال ذلك ظفر بإحدى الحسنيين إما ببلوغ شهر رمضان من قابل و إما بغفران الله و رحمته
وداع آخر لشهر رمضان و قد رويناه عن مولانا علي بن الحسين ع صاحب الأنفاس المقدسة الشريفة فيما تضمنه إسناد أدعية الصحيفة فقال و كان من دعائه ع في وداع شهر رمضان اللهم يا من لا يرغب في الجزاء و يا من لا يندم على العطاء و يا من لا يكافي عبده على السواء هبتك ابتداء و عطيتك تفضل و عقوبتك عدل و قضاؤك خيرة إن أعطيت تشب بمن و إن منعت لم يكن منعك بتعد تشكر من شكرك و أنت ألهمته شكرك و تكافئ من حمدك و أنت علمته حمدك تستر على من لو شئت فضحته و تجود على من لو أردت منعته و كلاهما منك أهل للفضيحة و المنع غير أنك بنيت أفعالك على التفضل و أجريت قدرتك على التجاوز و تلقيت من عصاك بالحلم و أمهلت من قصد لنفسه بالظلم تستنظرهم بأناتك إلى الإنابة و تترك معاجلتهم إلى التوبة لكيلا يهلك عليك هالكهم و لئلا يشقى بنقمتك شقيهم إلا عن طول الإعذار إليه و بعد ترادف الحجة عليه كرما من فعلك يا كريم و عائدة من عطفك يا حليم أنت الذي فتحت لعبادك بابا إلى عفوك و سميته التوبة و جعلت على ذلك الباب دليلا من رحمتك لئلا يضلوا عنه فقلت تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فما عذر من أغفل دخول ذلك الباب يا سيدي بعد فتحه و إقامة الدليل عليه و أنت الذي زدت في السوم على نفسك لعبادك تريد ربحهم في متاجرتك و فوزهم بزيادتك فقلت مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها ثم قلت مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ و ما أنزلت من نظائرهن في القرآن و أنت الذي دللتهم بقولك الذي من غيبك و ترغيبك الذي فيه من حظهم على ما لو سترته عنهم لم تدركه أبصارهم و لم تعه أسماعهم و لم تلحقه أوهامهم فقلت تباركت و تعاليت فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ و لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ و ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ و قلت مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ فذكروك و شكروك و دعوك و تصدقوا لك طلبا لمزيدك و فيها كانت نجاتهم من غضبك و فوزهم برضاك و لو دل مخلوق مخلوقا من نفسه على مثل الذي دللت عليه عبادك منك كان محمودا فلك الحمد ما وجد في حمدك مذهب و ما بقي للحمد لفظ تحمد به و معنى
ينصرف إليه يا من تحمد إلى عباده بالإحسان و الفضل و عاملهم بالمن و الطول ما أفشى فينا نعمتك و أسبغ علينا منتك و أخصنا ببرك و هديتنا لدينك الذي اصطفيت و ملتك التي ارتضيت و سبيلك الذي سهلت و بصرتنا ما يوجب الزلفة لديك و الوصول إلى كرامتك اللهم و أنت جعلت من صفايا تلك الوظائف و خصائص تلك الفروض شهر رمضان الذي اختصصته من سائر الشهور و تخيرته من جميع الأزمنة و الدهور و آثرته على جميع الأوقات بما أنزلت فيه من القرآن و فرضت فيه من الصيام و أجللت فيه من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ثم آثرتنا به على سائر الأمم و اصطفيتنا بفضله دون أهل الأديان فصمنا بأمرك نهاره و قمنا بعونك ليله متعرضين بصيامه و قيامه لما عرضتنا له من رحمتك و سببتنا إليه من مثوبتك و أنت المليء بما رغب فيه إليك الجواد بما سئلت من فضلك القريب إلى من حاول قربك و قد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد و صحبنا صحبة السرور و أربحنا أفضل أرباح العالمين ثم قد فارقنا عند تمام وقته و انقطاع مدته و وفاء عدده فنحن مودعوه وداع من عز فراقه علينا و غمنا و أوحش انصرافه عنا فهمنا و لزمنا له الذمام المحفوظ و الحرمة المرعية و الحق المقضي فنحن قائلون السلام عليك يا شهر الله الأكبر و يا عيد أوليائه الأعظم السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات و يا خير شهر في الأيام و الساعات السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال و يسرت فيه الأعمال السلام عليك من قرين جل قدره موجودا و أفجع فراقه مفقودا السلام عليك من أليف آنس مقبلا فسر و أوحش منقضيا فأمر السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب و قلت فيه الذنوب السلام عليك من ناصر أعان على الشيطان و صاحب سهل سبيل الإحسان السلام عليك ما أكثر عتقاء الله فيك و ما أسعد من رعى حرمته بك السلام عليك ما كان أمحاك للذنوب و أسترك لأنواع العيوب السلام عليك ما كان أطولك على المجرمين و أهيبك في صدور المؤمنين السلام عليك من شهر لا تنافسه الأيام و من شهر هو من كل أمر سلام السلام عليك غير كريه المصاحبة و لا ذميم الملابسة السلام عليك كما وردت علينا بالبركات و غسلت عنا دنس الخطيئات السلام عليك غير مودع سأما و لا متروك صيامه برما السلام عليك من مطلوب قبل وقته و محزون عليه عند فوته السلام عليك كم من سوء صرف بك عنا و كم من خير أفيض بك علينا السلام عليك و على ليلة القدر التي جعلها الله خيرا من ألف شهر السلام عليك و على فضلك الذي حرمناه و على ما كان من بركاتك سلبناه السلام عليك ما كان أحرصنا بالأمس عليك و أشد شوقنا غدا إليك اللهم إنا أهل هذا الشهر الذي شرفتنا به و وفقتنا بمنك له حين جهل الأشقياء فضله و حرموا لشقائهم خيره و أنت ولي ما آثرتنا به من معرفته و هديتنا له من سنته و قد تولينا بتوفيقك صيامه و قيامه على تقصير و أدينا من حقك فيه قليلا من كثير اللهم فلك إقرارنا بالإساءة و اعترافنا بالإضاعة و لك من قلوبنا عقدة الندم و من ألسنتنا صدق الاعتذار فأجرنا على ما أصبنا به من التفريط أجرا نستدرك به الفضل المرغوب فيه و نعتاض به من إحراز الذخر المحروص عليه و أوجب لنا عذرك على ما قصرنا فيه من حقك و أبلغ بأعمارنا ما بين أيدينا من شهر رمضان المقبل فإذا بلغتناه فأعنا على تناول ما أنت أهله من العبادة و أدنى إلى القيام بما نستحقه من الطاعة و أجر لنا من صالح العمل ما يكون دركا لحقك في الشهرين و في شهور الدهر اللهم و ما ألممنا به في شهرنا هذا من إثم و أوقعنا فيه من ذنب و اكتسبنا فيه من خطيئة عن تعمد منا له أو على نسيان من ظلمنا فيه أنفسنا أو انتهاكنا فيه حرمة من غيرنا فاستره بسترك و اعف عنا بعفوك و لا تنصبنا فيه لأعين الشامتين و لا تبسط علينا ألسنة الطاعنين و استعملنا بما يكون حطة و كفارة لما أنكرت منا فيه برأفتك التي لا تنفد و فضلك الذي لا ينقص اللهم صل على محمد و آل محمد و اجبر مصيبتنا بشهرنا و بارك لنا في يوم عيدنا
و اجعله من خير يوم مر علينا أجلبه للعفو و أمحاه للذنب و اغفر لنا ما خفي من ذنوبنا و ما علن اللهم صل على محمد و آل محمد و اسلخنا بانسلاخ هذا الشهر من خطايانا و أخرجنا بخروجه عن سيئاتنا و اجعلنا من أسعد أهله به و أوفرهم قسما اللهم و من رعى حرمة هذا الشهر حق رعايتها و حفظ حدوده حق حفظها و اتقى ذنوبه حق تقاتها أو تقرب إليك بقربة أوجبت رضاك عنه و عطفت برحمتك عليه فهب لنا مثله من وجدك و إحسانك و أعطنا أضعافه من فضلك فإن فضلك لا يغيض و إن خزائنك لا تنفد و إن معادن إحسانك لا تفنى و إن عطاءك للعطاء المهنا اللهم اكتب لنا مثل أجور من صامه بنية أو تعبد لك فيه إلى يوم القيامة اللهم إنا نتوب إليك في يوم فطرنا الذي جعلته للمسلمين عيدا و سرورا و لأهل ملتك مجمعا و محتشدا من كل ذنب أذنبناه أو سوء أسلفناه أو خطرة شر أضمرناه أو عقيدة سوء اعتقدناها توبة من لا ينطوي على رجوع إلى ذنب و لا عود في خطيئة توبة نصوحا خلصت من الشك و الارتياب فتقبلها منا و ارض بها عنا و ثبتنا عليها اللهم ارزقنا خوف غم الوعيد و شوق ثواب الموعود حتى نجد لذة ما ندعوك به و كآبة ما نستجير بك منه و اجعلنا عندك من التوابين الذين أوجبت لهم محبتك و قبلت منهم مراجعة طاعتك يا أعدل العادلين اللهم تجاوز عن آبائنا و أمهاتنا و أهل ديننا جميعا من سلف منهم و من غبر إلى يوم القيامة و صل على نبينا و آله كما صليت على ملائكتك المقربين و أنبيائك المطهرين و عبادك الصالحين و سلم على آله كما سلمت على آل يس و صل عليهم أجمعين صلاة تبلغنا بركتها و ينالنا نفعها و تغمرنا بأسرها و يستجاب دعاؤنا بها إنك أكرم من رغب إليه و أعطى من سئل من فضله و أنت على كل شيء قدير
2- قل، ]إقبال الأعمال[ وداع آخر لشهر رمضان رويناه بعدة طرق إلى محمد بن يعقوب بإسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله ع في وداع شهر رمضان نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه اللهم إنك قلت في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل صلواتك عليه و قولك حق شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ و هذا شهر رمضان قد تصرم فأسألك بوجهك الكريم و كلماتك التامة إن كان بقي علي ذنب لم تغفره لي أو تريد أن تعذبني عليه أو تقايسني به أن يطلع فجر هذه الليلة أو ينصرم هذا الشهر إلا و قد غفرته لي يا أرحم الراحمين اللهم لك الحمد بمحامدك كلها أولها و آخرها ما قلت لنفسك منها و ما قاله لك الخلائق الحامدون المجتهدون المعدودون المؤثرون في ذكرك و الشكر لك الذين أعنتهم على أداء حقك من أصناف خلقك من الملائكة المقربين و النبيين و المرسلين و أصناف الناطقين المسبحين لك من جميع العالمين على أنك بلغتنا شهر رمضان و علينا من نعمك و عندنا من قسمك و إحسانك و تظاهر امتنانك فبذلك لك منتهى الحمد الخالد الدائم الراكد المخلد السرمد الذي لا ينفد طول الأبد جل ثناؤك أعنتنا عليه حتى قضيت عنا صيامه و قيامه من صلاة و ما كان منا فيه من بر أو نسك أو ذكر اللهم فتقبله منا بأحسن قبولك و تجاوزك و عفوك و صفحك و غفرانك و حقيقة رضوانك حتى تظفرنا فيه بكل خير مطلوب و جزيل عطاء موهوب تؤمنا فيه من كل أمر مرهوب و ذنب مكسوب اللهم إني أسألك بعظيم ما سألك أحد من خلقك من كريم أسمائك و جزيل ثنائك و خاصة دعائك أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تجعل شهرنا هذا أعظم شهر رمضان مر علينا منذ أنزلتنا إلى الدنيا بركة في عصمة ديني و خلاص نفسي و قضاء حاجتي و تشفيعي في مسائلي و تمام النعمة علي و صرف السوء عني و لباس العافية لي و أن تجعلني برحمتك ممن حزت له ليلة القدر و جعلتها له خيرا من ألف شهر في أعظم الأجر و كرائم الذخر و طول العمر و حسن الشكر و دوام اليسر اللهم و أسألك برحمتك و طولك و عفوك و نعمائك و جلالك و قديم إحسانك و امتنانك أن لا تجعله آخر العهد منا لشهر رمضان حتى تبلغناه من قابل على أحسن حال و تعرفني هلاله مع الناظرين إليه و المتعرفين له في أعفى عافيتك و أتم نعمتك و أوسع رحمتك و أجزل قسمك اللهم يا ربي الذي ليس لي رب غيره لا يكون هذا الوداع مني وداع فناء و لا آخر العهد من اللقاء حتى ترينيه من قابل في أسبغ النعم و أفضل الرجاء و أنا لك على أحسن الوفاء إنك سميع الدعاء و ارحم تضرعي و تذللي لك و استكانتي و توكلي عليك فأنا لك سلم لا أرجو نجاحا و لا معافاة و لا تشريفا و لا تبليغا إلا بك و منك فامنن علي جل ثناؤك و تقدست أسماؤك بتبليغي شهر رمضان و أنا معافى من كل مكروه و محذور و من جميع البوائق الحمد لله الذي أعاننا على صيام هذا الشهر و قيامه حتى بلغنا آخر ليلة منه
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي ره في الأصل الذي نقلنا منه هذا الوداع بخطه ما هذا لفظه إلى هاهنا رواية الكليني
و روى إبراهيم بن إسحاق الأحمري عن عبد الله بن حماد الأنصاري عن أبي بصير و عن جماعة من أصحابه عن سعدان بن مسلم عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع مثل ذلك و زاد فيه اللهم إني أسألك بأحب ما دعيت به و أرضى ما رضيت به عن محمد ص أن تصلي على محمد و آل محمد و لا تجعل وداعي وداع شهر رمضان وداع خروجي من الدنيا و لا وداع آخر عبادتك فيه و لا آخر صومي لك و ارزقني العود فيه ثم العود فيه برحمتك يا ولي المؤمنين و وفقني فيه لليلة القدر و اجعلها لي خيرا من ألف شهر يا رب العالمين يا رب ليلة القدر و جاعلها خيرا من ألف شهر رب الليل و النهار و الجبال و البحار و الظلم و الأنوار و الأرض و السماء يا بارئ يا مصور يا حنان يا منان يا الله يا رحمان يا قيوم يا بديع لك الأسماء الحسنى و الأمثال العليا و الكبرياء و الآلاء أسألك باسمك بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء و روحي مع الشهداء و إحساني في عليين و إساءتي مغفورة و أن تهب لي يقينا تباشر به قلبي و إيمانا لا يشوبه شك و رضا بما قسمت لي و أن تؤتيني في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و أن تقيني عذاب النار اللهم اجعل فيما تقضي و تقدر من الأمر المحتوم و فيما تفرق من الأمر الحكيم في ليلة القدر من القضاء الذي لا يرد و لا يبدل و لا يغير أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام المبرور حجهم المشكور سعيهم المغفور ذنبهم المكفر عنهم سيئاتهم و اجعل فيما تقضي و تقدر أن تعتق رقبتي من النار يا أرحم الراحمين اللهم إني أسألك و لم يسأل العباد مثلك جودا و كرما و أرغب إليك و لم يرغب إلى مثلك أنت موضع مسألة السائلين و منتهى رغبة الراغبين أسألك بأعظم المسائل كلها و أفضلها و أنجحها التي ينبغي للعباد أن يسألوك بها يا الله يا رحمان و بأسمائك ما علمت منها و ما لم أعلم و بأسمائك الحسنى و أمثالك العليا و بنعمتك التي لا تحصى و بأكرم أسمائك إليك و أحبها إليك و أشرفها عندك منزلة و أقربها منك وسيلة و أجزلها منك ثوابا و أسرعها لديك إجابة و باسمك المكنون المخزون الحي القيوم الأكبر الأجل الذي تحبه و تهواه و ترضى عمن دعاك به و تستجيب له دعاءه و حق عليك ألا تخيب سائلك و أسألك بكل اسم هو لك في التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان و بكل اسم دعاك به حملة عرشك و ملائكة سماواتك و جميع الأصناف من خلقك من نبي أو صديق أو شهيد و بحق الراغبين إليك المقربين منك المتعوذين بك و بحق مجاوري بيتك الحرام حجاجا و معتمرين و مقدسين و المجاهدين في سبيلك و بحق كل عبد متعبد لك في بر أو بحر أو سهل أو جبل أدعوك دعاء من قد اشتدت فاقته و كثرت ذنوبه و عظم جرمه و ضعف كدحه دعاء من لا يجد لنفسه سادا و لا لضعفه معولا و لا لذنبه غافرا غيرك هاربا إليك متعوذا بك متعبدا لك غير متكبر و لا مستنكف خائفا بائسا فقيرا مستجيرا بك أسألك بعزتك و عظمتك و جبروتك و سلطانك و بملكك و ببهائك و جودك و كرمك و بآلائك و حسنك و جمالك و بقوتك على ما أردت من خلقك أدعوك يا رب
خوفا و طمعا و رهبة و رغبة و تخشعا و تملقا و تضرعا و إلحافا و إلحاحا خاضعا لك لا إله أنت وحدك لا شريك لك يا قدوس يا قدوس يا قدوس يا الله يا الله يا الله يا رحمان يا رحمان يا رحمان يا رحيم يا رحيم يا رحيم يا رب يا رب يا رب أعوذ بك يا الله الواحد الأحد الصمد الوتر الكبير المتعالي و أسألك بجميع ما دعوتك به و بأسمائك التي تملأ أركانك كلها أن تصلي على محمد و آل محمد و اغفر لي و ارحمني و أوسع علي من فضلك العظيم و تقبل مني شهر رمضان و صيامه و قيامه و فرضه و نوافله و اغفر لي و ارحمني و اعف عني و لا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك و عبدتك فيه و لا تجعل وداعي إياه وداع خروجي من الدنيا اللهم و أوجب لي من رحمتك و مغفرتك و رضوانك و خشيتك أفضل ما أعطيت أحدا ممن عبدك فيه اللهم لا تجعلني آخر من سألك فيه و اجعلني ممن أعتقته في هذا الشهر من النار و غفرت له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر و أوجبت له أفضل ما رجاك و أمله منك يا أرحم الراحمين اللهم ارزقني العود في صيامه و عبادتك فيه و اجعلني ممن كتبته في هذا الشهر من حجاج بيتك الحرام المبرور حجهم المغفور ذنبهم المتقبل عملهم آمين آمين آمين رب العالمين اللهم لا تدع لي فيه ذنبا إلا غفرته و لا خطيئة إلا محوتها و لا عثرة إلا أقلتها و لا دينا إلا قضيته و لا عيلة إلا أغنيتها و لا هما إلا فرجته و لا فاقة إلا سددتها و لا عريا إلا كسوته و لا مرضا إلا شفيته و لا داء إلا أذهبته و لا حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلا قضيتها على أفضل أملي و رجائي فيك يا أرحم الراحمين اللهم لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا و لا تذلنا بعد إذ أعززتنا و لا تضعنا بعد إذ رفعتنا و لا تهنا بعد إذ أكرمتنا و لا تفقرنا بعد إذ أغنيتنا و لا تمنعنا بعد إذ أعطيتنا و لا تحرمنا بعد إذ رزقتنا و لا تغير شيئا من نعمك علينا و إحسانك إلينا لشيء كان من ذنوبنا و لا لما هو كائن منا فإن في كرمك و عفوك و فضلك سعة لمغفرة ذنوبنا فاغفر لنا و تجاوز عنا و لا تعاقبنا عليها يا أرحم الراحمين اللهم أكرمني في مجلسي هذا كرامة لا تهينني بعدها أبدا و أعزني عزا لا تذلني بعده أبدا و عافني عافية لا تبتليني بعدها أبدا و ارفعني رفعة لا تضعني بعدها أبدا و اصرف عني شر كل جبار عنيد و شر كل قريب و بعيد و شر كل صغير و كبير و شر كل دابة أنت آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ اللهم ما كان في قلبي من شك أو ريبة أو جحود أو قنوط أو فرح أو مرح أو بطر أو بذخ أو خيلاء أو رياء أو سمعة أو شقاق أو نفاق أو كفر أو فسوق أو معصية أو شيء لا تحب عليه وليا لك فأسألك أن تمحوه من قلبي و تبدلني مكانه إيمانا و رضا بقضائك و وفاء بعهدك و وجلا منك و زهدا في الدنيا و رغبة فيما عندك و ثقة بك و طمأنينة إليك و توبة نصوحا إليك اللهم إن كنت بلغتناه و إلا فأخر آجالنا إلى قابل حتى تبلغناه في يسر منك و عافية يا أرحم الراحمين و صلى الله على محمد و آله كثيرا و رحمة الله و بركاته
وداع آخر لشهر رمضان رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه بإسناده إلى أبي عبد الله ع قال من ودع شهر رمضان في آخر ليلة منه و قال اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامي لشهر رمضان و أعوذ بك أن يطلع فجر هذه الليلة إلا و قد غفرت لي غفر الله له قبل أن يصبح و رزقه الإنابة إليه
وداع آخر لشهر رمضان وجدناه في كتب الدعوات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي لا يدرك العلماء علمه و لا يستخف الجهال حلمه و لا يحسن الخلائق وصفه و لا يخفى عليه ما في الصدور خلق خلقه من غير أصل و لا مثال بلا تعب و لا نصب و لا تعليم و رفع السماوات الموطودات بلا أصحاب و لا أعوان و بسط الأرض على الهواء بغير أركان علم بغير تعليم و خلق بلا مثال علمه بخلقه قبل أن يكونهم كعلمه بهم بعد تكوينه لهم لم يخلق الخلق لتشديد سلطان و لا لخوف من زوال و لا نقصان و لا استعان بخلقه على ضد مكابر و لا ند مثاور ما لسلطانه حد و لا لملكه نفاد تقدس بنور قدسه دنا فعلا و علا فدنا فله الحمد حمدا ينتهي من سمائه إلى ما لا نهاية له في اعتلائه حسن فعاله و عظم جلاله و أوضح برهانه فله الحمد زنة الجبال ثقلا و عدد الماء و الثرى و عدد ما يرى و ما لا يرى الحمد لله الذي كان إذ لم تكن أرض مدحية و لا سماء مبنية و لا جبال مرسية و لا شمس تجري و لا قمر يسري و لا ليل يدحى و لا نهار يضحى اكتفى بحمده عن حمد غيره الحمد لله الذي تفرد بالحمد و دعا به فهو ولي الحمد و منشئه و خالقه و واهبه ملك فقهر و حكم فعدل و أضاء فاستنار هو كهف الحمد و قراره و منه مبتداه و إليه منتهاه استخلص الحمد لنفسه و رضي به ممن حمده فهو الواحد بلا نسبة الدائم بلا مدة المنفرد بالقوة المتوحد بالقدرة لم يزل ملكه عظيما و منه قديما و قوله رحيما و أسماؤه ظاهرة رضي من عباده بعد الصنع أن قالوا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و الحمد لله مثل جميع ما خلق و زنته و أضعاف ذلك أضعافا لا تحصى على جميع نعمه و على ما هدانا و آتانا و قوانا بمنه على صيام شهرنا هذا و من علينا بقيام بعض ليله و آتانا ما لم نستأهله و لم نستوجبه بأعمالنا فلك الحمد اللهم ربنا فأنت مننت علينا في شهرنا هذا بترك لذاتنا و اجتناب شهواتنا و ذلك من منك علينا لا من مننا عليك ربنا فليس أعظم الأمرين علينا نحول أجسامنا و نصب أبداننا و لكن أعظم الأمرين و أجل المصائب عندنا أن خرجنا من شهرنا هذا محتقبين الخيبة محرومين قد خاب طمعنا و كذب ظننا فيا من له صمنا و وعده صدقنا و أمره اتبعنا و إليه رغبنا لا تجعل الحرمان حظنا و لا الخيبة جزاءنا فإنك إن حرمتنا فأهل ذلك نحن لسوء صنيعنا و كثرة خطايانا و إن تعف عنا ربنا و تقض حوائجنا فأنت أهل ذلك مولانا فطالما بالعفو عند الذنوب استقبلتنا و بالرحمة لدى استيجاب عقوبتك أدركتنا و بالتجاوز و الستر عند ارتكاب معاصيك كافيتنا و بالضعف و الوهن و كثرة الذنوب و العود فيها عرفتنا
و بالتجاوز و العفو عرفناك ربنا فمن علينا بعفوك يا كريم فقد عظمت مصيبتنا و كثر أسفنا على مفارقة شهر كبر فيه أملنا قد خفي علينا على أي الحالات فارقنا و بأي الزاد منه خرجنا أ باحتقاب الخيبة لسوء صنيعنا أم بجزيل عطائك بمنك مولانا و سيدنا فعلى شهر صومنا العظيم فيه رجاؤنا السلام فلو عقلنا مصيبتنا لمفارقة شهر أيام صومنا على ضعف اجتهادنا فيه لاشتد لذلك حزننا و عظم على ما فاتنا فيه من الاجتهاد تلهفنا اللهم فاجعل عوضنا من شهر صومنا مغفرتك و رحمتك ربنا و إن كنت رحمتنا في شهرنا هذا فذلك ظننا و أملنا و تلك حاجتنا فازدد عنا رضا و إن كنا حرمنا ذلك بذنوبنا فمن الآن ربنا لا تفرق جماعتنا حتى تشهد لنا بعتقنا و تعطينا فوق أملنا و تزيدنا فوق طلبتنا و تجعل شهرنا هذا أمانا لنا من عذابك و عصمة لنا ما أبقيتنا و إن أنت بلغتنا شهر رمضان أيضا فبلغنا غير عائدين في شيء مما تكره و لا مخالفين لشيء مما تحب ثم بارك لنا فيه و اجعلنا أسعد أهله به و إن أتت آجالنا دون ذلك فاجعل الجنة منقلبنا و مصيرنا و اجعل شهرنا هذا أمانا لنا من أهوال ما نرد عليه و اجعل خروجنا إلى عيدنا و مصلانا و مجتمعنا خروجا من جميع ذنوبنا و ولوجا في سابغات رحمتك و اجعلنا أوجه من توجه إليك و أقرب من تقرب إليك و أنجح من سألك فأعطيته و دعاك فأجبته و اقلبنا من مصلانا و قد غفرت لنا ما سلف من ذنوبنا و عصمتنا في بقية أعمارنا و أسعفتنا بحوائجنا و أعطيتنا جميع خير الآخرة و الدنيا ثم لا تعدنا في ذنب و لا معصية أبدا و لا تطعمنا رزقا تكرهه أبدا و اجعل لنا في الحلال مفسحا و متسعا اللهم و نبيك المجيب المكرم الراسخ له في قلوب أمته خالص المحبة لصفو نصيحته لهم و شدة شفقته عليهم و لتبليغه رسالاتك و صبره في ذاتك و تحننه على المؤمنين من عبادك فاجزه اللهم عنا أفضل ما جزيت نبيا عن أمته و صل عليه عدد كلماتك التامات أنت و ملائكتك و ارفعه إلى أعلى الدرج و أشرف الغرف حيث يغبطه الأولون و الآخرون و نضر وجوهنا بالنظر إليه في جنانك و أقر أعيننا و أنلنا من حوضه ريا لا ظمأ بعده و لا شقاء و بلغ روحه منك تحية و سلاما منا مستشهدا له بالبلاغ و النصيحة اللهم و صل على جميع أنبيائك و رسلك و بلغ أرواحهم منا السلام و شهادتنا لهم بالنصيحة و البلاغ و صل على ملائكتك أجمعين و اجز نبينا عنا أفضل الجزاء اللهم اغفر لنا و لمن ولدنا من المؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات و أدخل على أسلافنا من أهل الإيمان الروح و الرحمة و الضياء و المغفرة اللهم انصر جيوش المسلمين و استنقذ أساراهم و اجعل جائزتك لهم جنات النعيم اللهم اطو لحجاج بيتك الحرام و عماره البعد و سهل لهم الحزن و ارجعهم غانمين من كل بر مغفورا لهم كل ذنب و من أوجبت عليه الحج من أمة محمد ص فيسر له ذلك و اقض عنه فريضتك و تقبلها منه آمين رب العالمين اللهم و فرج عن مكروبي أمة أحمد و من كان منهم في غم أو هم أو ضنك أو مرض ففرج عنه و أعظم أجره اللهم و كما سألتك فافعل ذلك بنا و بجميع المؤمنين و المؤمنات و أشركنا في صالح دعائهم و أشركهم في صالح دعائنا اللهم اجعل بعضنا على بعض بركة اللهم و ما سألناك أو لم نسألك من جميع الخير كله فأعطناه و ما نعوذ بك منه أو لم نعذ من جميع الشر كله فأعذنا منه برحمتك و آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ اللهم و اجمع لنا خير الآخرة و الدنيا و أعذنا من شرهما يا أرحم الراحمين
وداع آخر لشهر رمضان وجدناه في نسخة عتيقة بخط الرضي الموسوي اللهم إني أسألك بأحب ما دعيت به و أرضى ما رضيت به عن محمد و عن أهل بيت محمد عليه و عليهم السلام أن تصلي عليه و عليهم و لا تجعل آخر وداع شهري هذا وداع خروجي من الدنيا و لا وداع آخر عبادتك و وفقني فيه لليلة القدر و اجعلها لي خيرا من ألف شهر مع تضاعف الأجر و الإجابة و العفو عن الذنب برضا الرب
دعاء آخر وجد في عقيب هذا الوداع اللهم إني أسألك يا مبدئ البدايا و يا مصور البرايا و يا خالق السماء و يا إله من بقي و من مضى و يا من رفع السماء و سطح الأرض و بأنك تبعث أرواح أهل البلاء بقدرتك و سلطانك على عبادك و إمائك الأذلاء و بأنك تبعث الموتى و تميت الأحياء و تحيي الموتى و أنت رَبُّ الشِّعْرى وَ مَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى صل على محمد و على أهل بيت محمد صلاة تكون لك رضا و ارزقني بمنزلته و منزلتهم في هذا الشهر المبارك النهي و التقى و الصبر عند البلاء و العون على القضاء و اجعلني من أهل العافية و المعافاة و هب لي يقين أهل التقى و أعمال أهل النهى فإنك تعلم يا إلهي ضعفي عند البلاء فاستجب لي في شهرك الذي عظمت بركته الدعاء و اجعلني إلهي في الدين و الدنيا و الآخرة مع من أتولى و لا تلحقني بمن مضى من أهل الجحود في هذه الدنيا و اجعلني مع محمد و أهل بيته عليه و عليهم السلام في كل عافية و بلاء و كل شدة و رخاء احشرني معهم يوم يحشر الناس ضحى و اصرف عني بمنزلته و منزلتهم عذاب الآخرة و خزي الدنيا و فقرها و فاقتها و البلاء يا مولاياه يا ولي نعمتاه آمين آمين يا رباه ثم صل على محمد و على أهل بيته و عليه و عليهم السلام و سل حوائجك تقضى إن شاء الله
وداع آخر لشهر رمضان وجدناه في كتب الدعوات الحمد لله على نعمه المتظاهرة و أياديه الحسنة الجميلة على ما أولانا و خصنا بكرامته إيانا و فضله و على ما أنعم به علينا و تصرم شهرنا المبارك مقضيا عنا ما افترض علينا من صيامه و قيامه أسألك أن تصلي على محمد و آله الطاهرين الطيبين الذين أذهبت عنهم الرجس و طهرتهم تطهيرا و أن تتقبل منا و أن ترزقنا ما تؤتينا فيه من الأجر و تعطينا ما أملنا و رجونا فيه من الثواب و أن تزكي أعمالنا و تتقبل إحساننا فإنك ولي النعمة كلها و إليك الرغبة بجودك و كرمك آمين رب العالمين
فصل و اعلم أنك تدعي في بعض هذه الوداعات أن شهر رمضان أحزنك فراقه و فقده و أوجعك لما فاتك من فضله و رفده فيراد منك تصديق هذه الدعوى بأن يكون على وجهك أثر الحزن و البلوى و لا تختم آخر يوم منه بالكذب في المقال و الخلل في الفعال و من وظائف الشيعة الإمامية بل من وظائف الأمة المحمدية أن يستوحشوا في هذه الأوقات و يتأسفوا عند أمثال هذه المقامات على ما فاتهم من أيام المهدي الذي بشرهم و وعدهم به جده محمد عليهما أفضل الصلوات على قدومه ما لو كان حاضرا ظفروا به من السعادات ليراهم الله جل جلاله على قدم الصفا و الوفاء لملوكهم الذين كانوا سبب سعادتهم في الدنيا و يوم الوعيد و ليقولوا ما معناه.
أردد طرفي في الديار فلا أرى وجوه أحبائي الذين أريد
. فالمصيبة بفقده على أهل الأديان أعظم من المصيبة بفقد شهر رمضان فلو كانوا قد فقدوا والدا شفيقا أو أخا معاضدا شقيقا أو ولدا بارا رفيقا أ ما كانوا يستوحشون لفقده و يتوجعون لبعده و أين الانتفاع بهؤلاء من الانتفاع بالمهدي خليفة خاتم الأنبياء و إمام عيسى ابن مريم في الصلاة و الولاء و مزيل أنواع البلاء و مصلح أمور جميع من تحت السماء ذكر ما يحسن أن يكون أواخر ملاطفته لمالك نعمته و استدعاء رحمته و هو
ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه بإسناده إلى محمد بن عجلان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كان علي بن الحسين ع إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له و لا أمة و كان إذا أذنب العبد و الأمة يكتب عنده أذنب فلان أذنبت فلانة يوم كذا و كذا و لم يعاقبه فيجتمع عليهم الأدب حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم و جمعهم حوله ثم أظهر الكتاب ثم قال يا فلان فعلت كذا و كذا و لم أؤدبك أ تذكر ذلك فيقول بلى يا ابن رسول الله حتى يأتي على آخرهم و يقررهم جميعا ثم يقوم وسطهم و يقول لهم ارفعوا أصواتكم و قولوا يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كل ما عملت كما أحصيت علينا كل ما عملنا و لديه كتاب ينطق عليك بالحق لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً مما أتيت إِلَّا أَحْصاها و تجد كل ما عملت لديه حاضرا كما وجدنا كل ما عملنا لديك حاضرا فاعف و اصفح كما ترجو من المليك العفو و كما تحب أن يعفو عنك فاعف عنا تجده عفوا و بك رحيما و لك غفورا وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً كما لديك كتاب ينطق بالحق علينا لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً مما أتيناها إِلَّا أَحْصاها فاذكر يا علي بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربك الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال حبة من خردل و يأتي بها يوم القيامة و كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً و شهيدا فاعف و اصفح يعف عنك المليك و يصفح فإنه يقول وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ و هو ينادي بذلك على نفسه و يلقنهم و هم ينادون معه و هو واقف بينهم يبكي و ينوح و يقول رب إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا فقد ظلمنا أنفسنا فنحن قد عفونا عمن ظلمنا كما أمرت فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا و من المأمورين و أمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا و قد أتيناك سؤالا و مساكين و قد أنخنا بفنائك و ببابك نطلب نائلك و معروفك و عطاءك فامنن بذلك علينا و لا تخيبنا فإنك أولى بذلك منا و من المأمورين إلهي كرمت فأكرمني إذ كنت من سؤالك و جدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك يا كريم ثم يقبل عليهم و يقول قد عفوت عنكم فهل عفوتم عني و مما كان مني إليكم من سوء ملكه فإني مليك سوء لئيم ظالم مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضل فيقولون قد عفونا عنك يا سيدنا و ما أسأت فيقول لهم قولوا اللهم اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا فأعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرق فيقولون ذلك فيقول اللهم آمين رب العالمين اذهبوا فقد عفوت عنكم و أعتقت رقابكم رجاء للعفو عني و عتق رقبتي فيعتقهم فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز تصونهم و تغنيهم عما في أيدي الناس و ما من سنة إلا و كان يعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأسا إلى أقل أو أكثر و كان يقول إن لله تعالى في كل ليلة من شهر رمضان عند الإفطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلا قد استوجب النار فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه و إني لأحب أن يراني الله و قد أعتقت رقابا في ملكي في دار الدنيا رجاء أن يعتق رقبتي من النار و ما استخدم خادما فوق حول كان إذا ملك عبدا في أول السنة أو في وسط السنة إذا كان ليلة الفطر أعتق و استبدل سواهم في الحول الثاني ثم أعتق كذلك كان يفعل حتى لحق بالله تعالى و لقد كان يشتري السودان و ما به إليهم من حاجة يأتي بهم عرفات فيسد بهم تلك الفرج و الخلال فإذا أفاض أمر بعتق رقابهم و جوائز لهم من المال
أقول و من وظائف هذه الليلة أن يختم عملها على الوجه الذي قدمناه في أول ليلة منه فإياك أن تهون به أو تعرض عنه