1- ف، ]تحف العقول[ وصيته ع لهشام و صفته للعقل إن الله تبارك و تعالى بشر أهل العقل و الفهم في كتابه فقال فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ يا هشام بن الحكم إن الله عز و جل أكمل للناس الحجج بالعقول و أفضى إليهم بالبيان و دلهم على ربوبيته بالأدلاء فقال وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ إلى قوله لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يا هشام قد جعل الله عز و جل ذلك دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا فقال وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ و قال حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ و قال وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يا هشام ثم وعظ أهل العقل و رغبتهم في الآخرة فقال وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ و قال وَ ما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ زِينَتُها وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى أَ فَلا تَعْقِلُونَ يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون عذابه فقال عز و جل ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ يا هشام ثم بين أن العقل مع العلم فقال وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ يا هشام ثم ذم الذين لا يعقلون فقال وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَ لا يَهْتَدُونَ و قال إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ و قال وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ثم ذم الكثرة فقال وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ و قال وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ و أكثرهم
لا يشعرون يا هشام ثم مدح القلة فقال وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ و قال وَ قَلِيلٌ ما هُمْ و قال وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ يا هشام ثم ذكر أولي الألباب بأحسن الذكر و حلاهم بأحسن الحلية فقال يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ يا هشام إن الله يقول إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ يعني العقل و قال وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ قال الفهم و العقل يا هشام إن لقمان قال لابنه تواضع للحق تكن أعقل الناس يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله و حشوها الإيمان و شراعها التوكل و قيمها العقل و دليلها العلم و سكانها الصبر يا هشام لكل شيء دليل و دليل العاقل التفكر و دليل التفكر الصمت و لكل شيء مطية و مطية العاقل التواضع و كفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه يا هشام لو كان في يدك جوزة و قال الناس في يدك لؤلؤة ما كان ينفعك و أنت تعلم أنها جوزة و لو كان في يدك لؤلؤة و قال الناس إنها جوزة ما ضرك و أنت تعلم أنها لؤلؤة يا هشام ما بعث الله أنبياءه و رسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة لله و أعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا و أعقلهم أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة يا هشام ما من عبد إلا و ملك آخذ بناصيته فلا يتواضع إلا رفعه الله و لا يتعاظم إلا وضعه الله يا هشام إن لله على الناس حجتين حجة ظاهرة و حجة باطنة فأما الظاهرة فالرسول و الأنبياء و الأئمة و أما الباطنة فالعقول يا هشام إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره و لا يغلب الحرام صبره يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان هواه على هدم عقله من أظلم نور فكره بطول أمله و محا طرائف حكمته بفضول كلامه و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنما أعان هواه على هدم عقله و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه يا هشام كيف يزكو عند الله عملك و أنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك و أطعت هواك على غلبة عقلك يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل فمن عقل عن الله تبارك و تعالى اعتزل أهل الدنيا و الراغبين فيها و رغب فيما عند ربه و كان الله آنسه في الوحشة و صاحبه في الوحدة و غناه في العيلة و معزه في غير عشيرة يا هشام نصب الخلق لطاعة الله و لا نجاة إلا بالطاعة و الطاعة بالعلم و العلم بالتعلم و التعلم بالعقل يعتقد و لا علم إلا من عالم رباني و معرفة العالم بالعقل يا هشام قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف و كثير العمل من أهل الهوى و الجهل مردود يا هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة و لم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا فلذلك ربحت تجارتهم يا هشام إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك و إن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء من الدنيا يغنيك يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب و ترك الدنيا من الفضل و ترك الذنوب من الفرض يا هشام إن العقلاء زهدوا في الدنيا و رغبوا في الآخرة لأنهم علموا أن
الدنيا طالبة و مطلوبة و الآخرة طالبة و مطلوبة فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه و من طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه و آخرته يا هشام من أراد الغنى بلا مال و راحة القلب من الحسد و السلامة في الدين فليتضرع إلى الله في مسألته بأن يكمل عقله فمن عقل قنع بما يكفيه و من قنع بما يكفيه استغنى و من لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا يا هشام إن الله جل و عز حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ حين علموا أن القلوب تزيغ و تعود إلى عماها و رداها إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله و من لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها و يجد حقيقتها في قلبه و لا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا و سره لعلانيته موافقا لأن الله لم يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه و ناطق عنه يا هشام كان أمير المؤمنين ع يقول ما من شيء عبد الله به أفضل من العقل و ما تم عقل امرئ حتى يكون فيه خصال شتى الكفر و الشر منه مأمونان و الرشد و الخير منه مأمولان و فضل ماله مبذول و فضل قوله مكفوف نصيبه من الدنيا القوت و لا يشبع من العلم دهره الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره و التواضع أحب إليه من الشرف يستكثر قليل المعروف من غيره و يستقل كثير المعروف من نفسه و يرى الناس كلهم خيرا منه و أنه شرهم في نفسه و هو تمام الأمر يا هشام من صدق لسانه زكي عمله و من حسنت نيته زيد في رزقه و من حسن بره بإخوانه و أهله مد في عمره يا هشام لا تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم يا هشام كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا يا هشام لا دين لمن لا مروة له و لا مروة لمن لا عقل له و إن أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها يا هشام إن أمير المؤمنين ع كان يقول لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه ثلاث خصال يجيب إذا سئل و ينطق إذا عجز القوم عن الكلام و يشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله فمن لم يكن فيه شيء منهن فجلس فهو أحمق و قال الحسن بن علي ع إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها قيل يا ابن رسول الله و من أهلها قال الذين قص الله في كتابه و ذكرهم فقال إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ قال هم أولو العقول و قال علي بن الحسين ع مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح و أدب العلماء زيادة في العقل و طاعة ولاة العدل تمام العز و استثمار المال تمام المروة و إرشاد المستشير قضاء لحق النعمة و كف الأذى من كمال العقل و فيه راحة البدن عاجلا و آجلا يا هشام إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه و لا يسأل من يخاف منعه و لا يعد ما لا يقدر عليه و لا يرجو ما يعنف برجائه و لا يتقدم على ما يخاف العجز عنه و كان أمير المؤمنين ع يوصي أصحابه يقول أوصيكم بالخشية من الله في السر و العلانية و العدل في الرضا و الغضب و الاكتساب في الفقر و الغنى و أن تصلوا من قطعكم و تعفوا عمن ظلمكم و تعطوا على من حرمكم و ليكن نظركم عبرا و صمتكم فكرا و قولكم ذكرا و طبيعتكم السخاء فإنه لا يدخل الجنة بخيل و لا يدخل النار سخي يا هشام رحم الله من استحيا من الله حق الحياء فحفظ الرأس و ما حوى و البطن و ما وعى و ذكر الموت و البلى و علم أن الجنة محفوفة بالمكاره و النار محفوفة بالشهوات يا هشام من كف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته يوم القيامة و من كف غضبه عن الناس كف الله عنه غضبه يوم القيامة يا هشام إن العاقل لا يكذب و إن كان فيه هواه يا هشام وجد في ذؤابة سيف رسول الله ص أن أعتى الناس على الله
من ضرب غير ضاربه و قتل غير قاتله و من تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله على نبيه محمد ص و من أحدث حدثا أو آوى محدثا لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا يا هشام أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله بعد المعرفة به الصلاة و بر الوالدين و ترك الحسد و العجب و الفخر يا هشام أصلح أيامك الذي هو أمامك فانظر أي يوم هو و أعد له الجواب فإنك موقوف و مسئول و خذ موعظتك من الدهر و أهله فإن الدهر طويلة قصيرة فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لتكن أطمع في ذلك و اعقل عن الله و انظر في تصرف الدهر و أحواله فإن ما هو آت من الدنيا كما ولى منها فاعتبر بها و قال علي بن الحسين ع إن جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الأرض و مغاربها بحرها و برها و سهلها و جبلها عند ولي من أولياء الله و أهل المعرفة بحق الله كفيئ الظلال ثم قال ع أ و لا حر يدع هذه اللماظة لأهلها يعني الدنيا فليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها فإنه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس يا هشام إن كل الناس يبصر النجوم و لكن لا يهتدي بها إلا من يعرف مجاريها و منازلها و كذلك أنتم تدرسون الحكمة و لكن لا يهتدي بها منكم إلا من عمل بها يا هشام إن المسيح ع قال للحواريين يا عبيد السوء يهولكم طول النخلة و تذكرون شوكها و مئونة مراقيها و تنسون طيب ثمرها و مرافقها كذلك تذكرون مئونة عمل الآخرة فيطول عليكم أمده و تنسون ما تفضون إليه من نعيمها و نورها و ثمرها يا عبيد السوء نقوا القمح و طيبوه و أدقوا طحنه تجدوا طعمه و يهنئكم أكله كذلك فأخلصوا الإيمان و أكملوه تجدوا حلاوته و ينفعكم غبه بحق أقول لكم لو وجدتم سراجا يتوقد بالقطران في ليلة مظلمة لاستضأتم به و لم يمنعكم منه ريح نتنه كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه و لا يمنعكم منه سوء رغبته فيها يا عبيد الدنيا بحق أقول لكم لا تدركون شرف الآخرة إلا بترك ما تحبون فلا تنظروا بالتوبة غدا فإن دون غد يوما و ليلة و قضاء الله فيهما يغدو و يروح بحق أقول لكم إن من ليس عليه دين من الناس أروح و أقل هما ممن عليه الدين و إن أحسن القضاء و كذلك من لم يعمل الخطيئة أروح هما عمل الخطيئة و إن أخلص التوبة و أناب و إن صغار الذنوب و محقراتها من مكايد إبليس يحقرها لكم و يصغرها في أعينكم فتجتمع و تكثر فتحيط بكم بحق أقول لكم إن الناس في الحكمة رجلان فرجل أتقنها بقوله و صدقها بفعله و رجل أتقنها بقوله و ضيعها بسوء فعله فشتان بينهما فطوبى للعلماء بالفعل و ويل للعلماء بالقول يا عبيد السوء اتخذوا مساجد ربكم سجونا لأجسادكم و جباهكم و اجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى و لا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات إن أجزعكم عند البلاء لأشدكم حبا للدنيا و إن أصبركم على البلاء لأزهدكم في الدنيا يا عبيد السوء لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة و لا بالثعالب الخادعة و لا بالذئاب الغادرة و لا بالأسد العاتية كما تفعل بالفراس كذلك تفعلون بالناس فريقا تخطفون و فريقا تخدعون و فريقا تغدرون بهم بحق أقول لكم لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحا و باطنه فاسدا كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم و قد فسدت قلوبكم و ما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم و قلوبكم دنسة لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب و يمسك النخالة كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم و يبقى الغل في صدوركم يا عبيد الدنيا إنما مثلكم مثل السراج يضيء للناس و يحرق نفسه يا بني إسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم و لو جثوا على الركب فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر
يا هشام مكتوب في الإنجيل طوبى للمتراحمين أولئك هم المرحومون يوم القيامة طوبى للمصلحين بين الناس أولئك هم المقربون يوم القيامة طوبى للمطهرة قلوبهم أولئك هم المتقون يوم القيامة طوبى للمتواضعين في الدنيا أولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة يا هشام قلة المنطق حكم عظيم فعليكم بالصمت فإنه دعة حسنة و قلة وزر و خفة من الذنوب فحصنوا باب الحلم فإن بابه الصبر و إن الله عز و جل يبغض الضحاك من غير عجب و المشاء إلى غير إرب و يجب على الوالي أن يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته و لا يتكبر عليهم فاستحيوا من الله في سرائركم كما تستحيون من الناس في علانيتكم و اعلموا أن الكلمة من الحكمة ضالة المؤمن فعليكم بالعلم قبل أن يرفع و رفعه غيبة عالمكم بين أظهركم يا هشام تعلم من العلم ما جهلت و علم الجاهل مما علمت عظم العالم لعلمه و دع منازعته و صغر الجاهل لجهله و لا تطرده و لكن قربه و علمه يا هشام إن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها و قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه إن لله عبادا كسرت قلوبهم خشية فأسكتتهم عن المنطق و إنهم لفصحاء عقلاء يستبقون إلى الله بالأعمال الزكية لا يستكثرون له الكثير و لا يرضون لهم من أنفسهم بالقليل يرون في أنفسهم أنهم أشرار و إنهم لأكياس و أبرار يا هشام الحياء من الإيمان و الإيمان في الجنة و البذاء من الجفاء و الجفاء في النار يا هشام المتكلمون ثلاثة فرابح و سالم و شاجب فأما الرابح فالذاكر لله و أما السالم فالساكت و أما الشاجب فالذي يخوض في الباطل إن الله حرم الجنة على كل فاحش بذي قليل الحياء لا يبالي ما قال و لا ما قيل فيه و كان أبو ذر رضي الله عنه يقول يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير و مفتاح شر فاختم على فيك كما تختم على ذهبك و ورقك يا هشام بئس العبد عبد يكون ذا وجهين و ذا لسانين يطري أخاه إذا شاهده و يأكله إذا غاب عنه إن أعطي حسده و إن ابتلي خذله إن أسرع الخير ثوابا البر و أسرع الشر عقوبة البغي و إن شر عباد الله من تكره مجالسته لفحشه و هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم و من حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه يا هشام لا يكون الرجل مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا و لا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف و يرجو يا هشام قال الله جل و عز و عزتي و جلالي و عظمتي و قدرتي و بهائي و علوي في مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت الغنى في نفسه و همه في آخرته و كففت عليه ضيعته و ضمنت السماوات و الأرض رزقه و كنت له من وراء تجارة كل تاجر يا هشام الغضب مفتاح الشر و أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا و إن خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحدا منهم إلا من كانت يدك عليه العليا فافعل
يا هشام عليك بالرفق فإن الرفق يمن و الخرق شؤم إن الرفق و البر و حسن الخلق يعمر الديار و يزيد في الرزق يا هشام قول الله هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ جرت في المؤمن و الكافر و البر و الفاجر من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به و ليست المكافاة أن تصنع كما صنع حتى ترى فضلك فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء يا هشام إن مثل الدنيا مثل الحية مسها لين و في جوفها السم القاتل يحذرها الرجال ذوو العقول و يهوي إليها الصبيان بأيديهم يا هشام اصبر على طاعة الله و اصبر عن معاصي الله فإنما الدنيا ساعة فما مضى منها فليس تجد له سرورا و لا حزنا و ما لم يأت منها فليس تعرفه فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت يا هشام مثل الدنيا مثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله يا هشام إياك و الكبر فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر الكبر رداء الله فمن نازعه رداءه أكبه الله في النار على وجهه يا هشام ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل حسنا استزاد منه و إن عمل سيئا استغفر الله منه و تاب إليه يا هشام تمثلت الدنيا للمسيح ع في صورة امرأة زرقاء فقال لها كم تزوجت فقالت كثيرا قال فكل طلقك قالت لا بل كلا قتلت قال المسيح ع فويح لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين يا هشام إن ضوء الجسد في عينه فإن كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله و إن ضوء الروح العقل فإذا كان العبد عاقلا كان عالما بربه و إذا كان عالما بربه أبصر دينه و إن كان جاهلا بربه لم يقم له دين و كما لا يقوم الجسد إلا بالنفس الحية فكذلك لا يقوم الدين إلا بالنية الصادقة و لا تثبت النية الصادقة إلا بالعقل يا هشام إن الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع و لا تعمر في قلب المتكبر الجبار لأن الله جعل التواضع آلة العقل و جعل التكبر من آلة الجهل أ لم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجه و من خفض رأسه استظل تحته و أكنه و كذلك من لم يتواضع لله خفضه الله و من تواضع لله رفعه يا هشام ما أقبح الفقر بعد الغنى و أقبح الخطيئة بعد النسك و أقبح من ذلك العابد لله ثم يترك عبادته يا هشام لا خير في العيش إلا لرجلين لمستمع واع و عالم ناطق يا هشام ما قسم بين العباد أفضل من العقل نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل ما بعث الله نبيا إلا عاقلا حتى يكون عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين و ما أدى العبد فريضة من فرائض الله حتى عقل عنه يا هشام قال رسول الله ص إذا رأيتم المؤمن صموتا فادنوا منه فإنه يلقي الحكمة و المؤمن قليل الكلام كثير العمل و المنافق كثير الكلام قليل العمل يا هشام أوحى الله تعالى إلى داود ع قل لعبادي لا تجعلوا بيني و بينهم عالما مفتونا بالدنيا فيصدهم عن ذكري و عن طريق محبتي و مناجاتي أولئك قطاع الطريق من عبادي إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة محبتي و مناجاتي من قلوبهم يا هشام من تعظم في نفسه لعنته ملائكة السماء و ملائكة الأرض و من تكبر على إخوانه و استطال عليهم فقد ضاد الله و من ادعى ما ليس له فهو أعنى لغير رشدة يا هشام أوحى الله تعالى إلى داود ع يا داود حذر فأنذر أصحابك عن حب الشهوات فإن المعلقة قلوبهم شهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عني يا هشام إياك و الكبر على أوليائي و الاستطالة بعلمك فيمقتك الله فلا تنفعك بعد مقته دنياك و لا آخرتك و كن في الدنيا كساكن دار ليست له إنما ينتظر الرحيل يا هشام مجالسة أهل الدين شرف الدنيا و الآخرة و مشاورة العاقل الناصح يمن و بركة و رشد و توفيق من الله فإذا أشار عليك العاقل الناصح فإياك و الخلاف فإن في ذلك العطب يا هشام إياك و مخالطة الناس و الأنس بهم إلا أن تجد منهم عاقلا و مأمونا فأنس به و اهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية و ينبغي للعاقل إذا
عمل عملا أن يستحيي من الله و إذا تفرد له بالنعم أن يشارك في عمله أحدا غيره و إذا خر بك أمران لا تدري أيهما خير و أصوب فانظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه فإن كثير الصواب في مخالفة هواك و إياك أن تغلب الحكمة و تضعها في الجهالة قال هشام فقلت له فإن وجدت رجلا طالبا له غير أن عقله لا يتسع لضبط ما ألقي إليه قال ع فتلطف له في النصيحة فإن ضاق قلبه فلا تعرضن نفسك للفتنة و احذر رد المتكبرين فإن العلم يذل على أن يملى على من لا يفيق قلت فإن لم أجد من يعقل السؤال عنها قال ع فاغتنم جهله عن السؤال حتى تسلم من فتنة القول و عظيم فتنة الرد و اعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم و لكن رفعهم بقدر عظمته و مجده و لم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم و لكن آمنهم بقدر كرمه و جوده و لم يفرج المحزونين بقدر حزنهم و لكن بقدر رأفته و رحمته فما ظنك بالرءوف الرحيم الذي يتودد إلى من يؤذيه بأوليائه فكيف بمن يؤذى فيه و ما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب على من يعاديه فكيف بمن يترضاه و يختار عداوة الخلق فيه يا هشام من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه و ما أوتي عبد علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله بعدا و ازداد الله عليه غضبا يا هشام إن العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به و أكثر الصواب في خلاف الهوى و من طال أمله ساء عمله يا هشام لو رأيت مسير الأجل لألهاك عن الأمل يا هشام إياك و الطمع و عليك باليأس مما في أيدي الناس و أمت الطمع من المخلوقين فإن الطمع مفتاح للذل و اختلاس العقل و اختلاق المروات و تدنيس العرض و الذهاب بالعلم و عليك بالاعتصام بربك و التوكل عليه و جاهد نفسك لتردها عن هواها فإنه واجب عليك كجهاد عدوك قال هشام فقلت له فأي الأعداء أوجبهم مجاهدة قال ع أقربهم إليك و أعداهم لك و أضرهم بك و أعظمهم لك عداوة و أخفاهم لك شخصا مع دنوه منك و من يحرض أعداءك عليك و هو إبليس الموكل بوسواس من القلوب فله فلتشتد عداوتك و لا يكونن أصبر على مجاهدتك لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته فإنه أضعف منك ركنا في قوته و أقل منك ضررا في كثرة شره إذا أنت اعتصمت بالله فقد هديت إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يا هشام من أكرمه الله بثلاث فقد لطف به عقل يكفيه مئونة هواه و علم يكفيه مئونة جهله و غنى يكفيه مخافة الفقر يا هشام احذر هذه الدنيا و احذر أهلها فإن الناس فيها على أربعة أصناف رجل متردي معانق لهواه و متعلم مقري كلما ازداد علما ازداد كبرا يستعلي بقراءته و علمه على من هو دونه و عابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته يحب أن يعظم و يوقر و ذو بصيرة عالم عارف بطريق الحق يحب القيام به فهو عاجز أو مغلوب و لا يقدر على القيام بما يعرفه فهو محزون مغموم بذلك فهو أمثل أهل زمانه و أوجههم عقلا يا هشام اعرف العقل و جنده و الجهل و جنده تكن من المهتدين قال هشام فقلت جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا فقال ع يا هشام إن الله خلق العقل و هو أول خلق خلقه الله من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له أدبر فأدبر ثم قال له أقبل فأقبل فقال الله جل و عز خلقتك خلقا عظيما و كرمتك على جميع خلقي ثم خلق الجهل من البحر الأجاج الظلماني فقال له أدبر فأدبر ثم قال له أقبل فلم يقبل فقال له استكبرت فلعنه ثم جعل للعقل خمسة
و سبعين جندا فلما رأى الجهل ما كرم الله به العقل و ما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل يا رب هذا خلق مثلي خلقته و كرمته و قويته و أنا ضده و لا قوة لي به أعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال تبارك و تعالى نعم فإن عصيتني بعد ذلك أخرجتك و جندك من جواري و من رحمتي فقال قد رضيت فأعطاه الله خمسة و سبعين جندا فكان مما أعطى العقل من الخمسة و السبعين جندا الخير و هو وزير العقل و جعل ضده الشر و هو وزير الجهل الإيمان الكفر التصديق التكذيب الإخلاص النفاق الرجاء القنوط العدل الجور الرضى السخط الشكر الكفران اليأس الطمع التوكل الحرص الرأفة الغلظة العلم الجهل العفة التهتك الزهد الرغبة الرفق الخرق الرهبة الجرأة التواضع الكبر التؤدة العجلة الحلم السفه الصمت الهذر الاستسلام الاستكبار التسليم التجبر العفو الحقد الرحمة القسوة اليقين الشك الصبر الجزع الصفح الانتقام الغنى الفقر التفكر السهو الحفظ النسيان التواصل القطيعة القناعة الشره المؤاساة المنع المودة العداوة الوفاء الغدر الطاعة المعصية الخضوع التطاول السلامة البلاء الفهم الغباوة المعرفة الإنكار المداراة المكاشفة سلامة الغيب المماكرة الكتمان الإفشاء البر العقوق الحقيقة التسويف المعروف المنكر التقية الإذاعة الإنصاف الظلم التقى الحسد النظافة القذر الحياء القحة القصد الإسراف الراحة التعب السهولة الصعوبة العافية البلوى القوام المكاثرة الحكمة الهوى الوقار الخفة السعادة الشقاء التوبة الإصرار المحافظة التهاون الدعاء الاستنكاف النشاط الكسل الفرح الحزن الألفة الفرقة السخاء البخل الخشوع العجب صون الحديث النميمة الاستغفار الاغترار الكياسة الحمق يا هشام لا تجمع هذه الخصال إلا لنبي أو وصي أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان و أما سائر ذلك من المؤمنين فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود من أجناد العقل يتخلص من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء و الأوصياء ع وفقنا الله و إياكم لطاعته
2- لي، ]الأمالي للصدوق[ عن أبيه عن محمد العطار عن جعفر بن محمد بن مالك عن سعيد بن عمرو عن إسماعيل بن بشر بن عمار قال كتب هارون الرشيد إلى أبي الحسن موسى بن جعفر ع عظني و أوجز فكتب إليه ما من شيء تراه عينيك إلا و فيه موعظة
3- ف، ]تحف العقول[ و روي عنه ع في قصار هذه المعاني و قال ع ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه و لا يتهمه في قضائه
و قال سألته عن اليقين فقال ع يتوكل على الله و يسلم لله و يرضى بقضاء الله و يفوض إلى الله
و قال عبد الله بن يحيى كتبت إليه في دعاء الحمد لله منتهى علمه فكتب ع لا تقولن منتهى علمه فإنه ليس لعلمه منتهى و لكن قل منتهى رضاه و سأله رجل عن الجواد فقال ع إن لكلامك وجهين فإن كنت تسأل عن المخلوقين فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عليه و البخيل من بخل بما افترض الله و إن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى و هو الجواد إن منع لأنه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك و إن منعك منعك ما ليس لك و قال لبعض شيعته أي فلان اتق الله و قل الحق و إن كان فيه هلاكك فإن فيه نجاتك أي فلان اتق الله و دع الباطل و إن كان فيه نجاتك فإن فيه هلاكك و قال له وكيله و الله ما خنتك فقال ع له خيانتك و تضييعك على مالي سواء و الخيانة شرهما عليك
و قال ع إياك أن تمنع في طاعة الله فتنفق مثليه في معصية الله
و قال ع المؤمن مثل كفتي الميزان كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه
و قال ع عند قبر حضره إن شيئا هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله و إن شيئا هذا أوله لحقيق أن يخاف آخره
و قال ع من تكلم في الله هلك و من طلب الرئاسة هلك و من دخله العجب هلك
و قال ع اشتدت مئونة الدنيا و الدين فأما مئونة الدنيا فإنك لا تمد يدك إلى شيء منها إلا وجدت فاجرا قد سبقك إليه و أما مئونة الآخرة فإنك لا تجد أعوانا يعينونك عليه
و قال ع أربعة من الوسواس أكل الطين و فت الطين و تقليم الأظفار بالأسنان و أكل اللحية و ثلاث يجلين البصر النظر إلى الخضرة و النظر إلى الماء الجاري و النظر إلى الوجه الحسن
و قال ع ليس حسن الجوار كف الأذى و لكن حسن الجوار الصبر على الأذى
و قال ع لا تذهب الحشمة بينك و بين أخيك و أبق منها فإن ذهابها ذهاب الحياء
و قال ع لبعض ولده يا بني إياك أن يراك الله في معصية نهاك عنها و إياك أن يفقدك الله عند طاعة أمرك بها و عليك بالجد و لا تخرجن نفسك من التقصير في عبادة الله و طاعته فإن الله لا يعبد حق عبادته و إياك و المزاح فإنه يذهب بنور إيمانك و يستخف مروتك و إياك و الضجر و الكسل فإنهما يمنعان حظك من الدنيا و الآخرة
و قال ع إذا كان الجور أغلب من الحق لم يحل لأحد أن يظن بأحد خيرا حتى يعرف ذلك منه
و قال ع ليس القبلة على الفم إلا للزوجة و الولد الصغير
و قال ع اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات ساعة لمناجاة الله و ساعة لأمر المعاش و ساعة لمعاشرة الإخوان و الثقات الذين يعرفونكم عيوبكم و يخلصون لكم في الباطن و ساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم و بهذه الساعة تقدرون على الثلاثة ساعات لا تحدثوا أنفسكم بفقر و لا بطول عمر فإنه من حدث نفسه بالفقر بخل و من حدثها بطول العمر يحرص اجعلوا لأنفسكم حظا من الدنيا بإعطائها ما تشتهي من الحلال و ما لا يثلم المروة و ما لا سرف فيه و استعينوا بذلك على أمور الدين فإنه روي ليس منا من ترك دنياه لدينه أو ترك دينه لدنياه
و قال ع تفقهوا في دين الله فإن الفقه مفتاح البصيرة و تمام العبادة و السبب إلى المنازل الرفيعة و الرتب الجليلة في الدين و الدنيا و فضل الفقيه على العابد كفضل الشمس على الكواكب و من لم يتفقه في دينه لم يرض الله له عملا و قال ع لعلي بن يقطين كفارة عمل السلطان الإحسان إلى الإخوان
و قال ع كلما أحدث الناس من الذنوب ما لم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعدون
و قال إذا كان الإمام عادلا كان له الأجر و عليك الشكر و إذا كان جائرا كان عليه الوزر و عليك الصبر
و قال أبو حنيفة حججت في أيام أبي عبد الله الصادق ع فلما أتيت المدينة دخلت داره فجلست في الدهليز أنتظر إذنه إذ خرج صبي يدرج فقلت يا غلام أين يضع الغريب الغائط من بلدكم قال على رسلك ثم جلس مستندا إلى الحائط ثم قال توق شطوط الأنهار و مساقط الثمار و أفنية المساجد و قارعة الطريق و توار خلف جدار و شل ثوبك و لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و ضع حيث شئت فأعجبني ما سمعت من الصبي فقلت له ما اسمك فقال أنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فقالت له يا غلام ممن المعصية فقال ع إن السيئات لا تخلو من إحدى ثلاث إما أن تكون من الله و ليست منه فلا ينبغي للرب أن يعذب العبد على ما لا يرتكب و إما أن تكون منه و من العبد و ليست كذلك فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف و إما أن تكون من العبد و هي منه فإن عفا فبكرمه و جوده و إن عاقب فبذنب العبد و جريرته قال أبو حنيفة فانصرفت و لم ألق أبا عبد الله ع و استغنيت بما سمعت و قال له أبو أحمد الخراساني الكفر أقدم أم الشرك فقال ع له ما لك و لهذا ما عهدي بك تكلم الناس قلت أمرني هشام بن الحكم أن أسألك فقال قل له الكفر أقدم أول من كفر إبليس أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ و الكفر شيء واحد و الشرك يثبت واحدا و يشرك معه غيره و رأى رجلان يتسابان فقال ع البادي أظلم و وزره و وزر صاحبه عليه ما لم يعتد المظلوم
و قال ع ينادي مناد يوم القيامة ألا من كان له على الله أجر فليقم فلا يقوم إلا من عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ
و قال ع السخي الحسن الخلق في كنف الله لا يتخلى الله عنه حتى يدخله الجنة و ما بعث الله نبيا إلا سخيا و ما زال أبي يوصيني بالسخاء و حسن الخلق حتى مضى و قال السندي بن شاهك و كان الذي وكله الرشيد بحبس موسى ع لما حضرته الوفاة دعني أكفنك فقال ع إنا أهل بيت حج صرورتنا و مهور نسائنا و أكفاننا من طهور أموالنا و قال ع لفضل بن يونس أبلغ خيرا و قل خيرا و لا تكن إمعة قلت و ما الإمعة قال لا تقل أنا مع الناس و أنا كواحد من الناس إن رسول الله ص قال يا أيها الناس إنما هما نجدان نجد خير و نجد شر فلا يكن نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير و روي أنه مر برجل من أهل السواد دميم المنظر فسلم عليه و نزل عنده و حادثه طويلا ثم عرض ع عليه نفسه في القيام بحاجة إن عرضت له فقيل له يا ابن رسول الله أ تنزل إلى هذا ثم تسأله عن حوائجه و هو إليك أحوج فقال ع عبد من عبيد الله و أخ في كتاب الله و جار في بلاد الله يجمعنا و إياه خير الآباء آدم ع و أفضل الأديان الإسلام و لعل الدهر يرد من حاجاتنا إليه فيرانا بعد الزهو عليه متواضعين بين يديه ثم قال ع نواصل من لا يستحق وصالنا مخافة أن نبقى بغير صديق
و قال ع لا تصلح المسألة إلا في ثلاثة في دم منقطع أو غرم مثقل أو حاجة مدقعة
و قال ع عونك للضعيف من أفضل الصدقة
و قال ع تعجب الجاهل من العاقل أكثر من تعجب العاقل من الجاهل
و قال ع المصيبة للصابر واحدة و للجازع اثنتان
و قال ع يعرف شدة الجور من حكم به عليه
4- ف، ]تحف العقول[ روي عن موسى بن جعفر ع أنه قال صلاة النوافل قربان إلى الله لكل مؤمن و الحج جهاد كل ضعيف و لكل شيء زكاة و زكاة الجسد صيام النوافل و أفضل العبادة بعد المعرفة انتظار الفرج و من دعا قبل الثناء على الله و الصلاة على النبي ص كان كمن رمى بسهم بلا وتر و من أيقن بالخلف جاد بالعطية و إن امرأ اقتصد و التدبير نصف العيش و التودد إلى الناس نصف العقل و كثرة الهم يورث الهرم و العجلة هي الخرق و قلة العيال أحد اليسارين و من أحزن والديه فقد عقهما و من ضرب بيده على فخذه أو ضرب بيده الواحدة على الأخرى عند المصيبة فقد حبط أجره و المصيبة لا تكون مصيبة يستوجب صاحبها أجرها إلا بالصبر و الاسترجاع عند الصدمة و الصنيعة لا تكون صنيعة إلا عند ذي دين أو حسب و الله ينزل المعونة على قدر المئونة و ينزل الصبر على قدر المصيبة و من اقتصد و قنع بقيت عليه النعمة و من بذر و أسرف زالت عنه النعمة و أداء الأمانة و الصدق يجلبان الرزق و الخيانة و الكذب يجلبان الفقر و النفاق و إذا أراد الله بالذرة شرا أنبت لها جناحين فطارت فأكلها الطير و الصنيعة لا تتم صنيعة عند المؤمن لصاحبها إلا بثلاثة أشياء تصغيرها و سترها و تعجيلها فمن صغر الصنيعة عند المؤمن فقد عظم أخاه و من عظم الصنيعة عنده فقد صغر أخاه و من كتم ما أولاه من صنيعة فقد كرم فعاله و من عجل ما وعد فقد هنئ العطية
5- كشف، ]كشف الغمة[ قال الآبي في كتاب نثر الدرر سمع موسى ع رجلا يتمنى الموت فقال له هل بينك و بين الله قرابة يحاميك لها قال لا قال فهل لك حسنات قدمتها تزيد على سيئاتك قال لا قال فأنت إذا تتمنى هلاك الأبد و قال ع من استوى يوماه فهو مغبون و من كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون و من لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في نقصان و من كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة و روي عنه ع أنه قال اتخذوا القيان فإن لهن فطنا و عقولا ليست لكثير من النساء كأنه أراد النجابة في أولادهن قلت القيان جمع قينة و هي الأمة مغنية كانت أو غير مغنية قال أبو عمر و كل عبد هو عند العرب قين و الأمة قينة و بعض الناس يظن القينة المغنية خاصة و ليس كذلك
و قال ابن حمدون في تذكرته قال موسى بن جعفر ع وجدت علم الناس في أربع أولها أن تعرف ربك و الثانية أن تعرف ما صنع بك و الثالثة أن تعرف ما أراد منك و الرابعة أن تعرف ما يخرجك من دينك معنى هذه الأربع الأولى وجوب معرفة الله تعالى الذي هي اللطف الثانية معرفة ما صنع بك من النعم التي يتعين عليك لأجلها الشكر و العبادة الثالثة أن تعرف ما أراده منك فيما أوجبه عليك و ندبك إلى فعله لتفعله على الحد الذي أراده منك فتستحق بذلك الثواب و الرابعة أن تعرف الشيء الذي يخرجك عن طاعة الله فتجتنبه
6- كش، ]رجال الكشي[ عن حمدويه عن الحسن بن موسى عن إسماعيل بن مهران عن محمد بن منصور الخزاعي عن علي بن سويد السائي قال كتبت إلى أبي الحسن موسى ع و هو في الحبس أسأله فيه عن حاله و عن جواب مسائل كتبت بها إليه فكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله العلي العظيم الذي بعظمته و نوره أبصر قلوب المؤمنين و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون و بعظمته ابتغى إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة و الأديان الشتى فمصيب و مخطئ و ضال و مهتدي و سميع و أصم و أعمى و بصير و حيران فالحمد لله الذي عرف وصف دينه بمحمد ص أما بعد فإنك امرؤ أنزلك الله من آل محمد بمنزلة خاصة مودة بما ألهمك من رشدك و بصرك من أمر دينك بفضلهم و رد الأمور إليهم و الرضا بما قالوا في كلام طويل و قال ادع إلى صراط ربك فينا من رجوت إجابته و لا تحصر حصرنا و وال آل محمد ص و لا تقل لما بلغك عنا أو نسب إلينا هذا باطل و إن كنت تعرف خلافه فإنك لا تدري لما قلناه و على أي وجه وصفناه آمن بما أخبرتك و لا تفش ما استكتمتك أخبرك أن من أوجب حق أخيك أن لا تكتمه شيئا ينفعه لأمر دنياه و لأمر آخرته
7- كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل عن إسماعيل بن مهران عن محمد بن منصور الخزاعي عن علي بن سويد و محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن عمه حمزة بن بزيع عن علي بن سويد و الحسن بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن إسماعيل بن مهران عن محمد بن منصور عن علي بن سويد قال كتبت إلى أبي الحسن موسى ع و هو في الحبس كتابا أسأله عن حاله و عن مسائل كثيرة فاحتبس الجواب على أشهر ثم أجابني بجواب هذه نسخته بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله العلي العظيم الذي بعظمته و نوره أبصر قلوب المؤمنين و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون و بعظمته و نوره ابتغى من في السماوات و من في الأرض إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة و الأديان المتضادة فمصيب و مخطئ و ضال و مهتد و سميع و أصم و بصير و أعمى و حيران فالحمد لله الذي عرف و وصف دينه محمد ص أما بعد فإنك امرؤ أنزلك الله من آل محمد بمنزلة خاصة و حفظ مودة ما استرعاك من دينه و ما ألهمك من رشدك و بصرك من أمر دينك بتفضيلك إياهم و بردك الأمور إليهم كتبت تسألني عن أمور كنت منها في تقية و من كتمانها في سعة فلما انقضى سلطان الجبابرة و جاء سلطان ذي السلطان العظيم بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها العتاة على خالقهم رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة أن يدخل الحيرة على ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم فاتق الله عز ذكره و خص بذلك الأمر أهله و احذر أن تكون سبب بلية على الأوصياء أو حارشا عليهم بإفشاء ما استودعتك و إظهار ما استكتمتك و لن تفعل إن شاء الله إن أول ما أنهى إليك أني أنعى إليك نفسي في ليالي هذه غير جازع و لا نادم و لا شاك فيما هو كائن مما قد قضى الله جل و عز و حتم فاستمسك بعروة الدين آل محمد و العروة الوثقى الوصي بعد الوصي و المسالمة لهم و الرضا بما قالوا و لا تلتمس دين من ليس من شيعتك و لا تحبن دينهم فإنهم الخائنون الذين خانوا الله و رسوله و خانوا أماناتهم و تدري ما خانوا أماناتهم ائتمنوا على كتاب الله فحرفوه و بدلوه و دلوا على ولاة الأمر منهم فانصرفوا عنهم فأذاقهم اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ و سألت عن رجلين اغتصبا رجلا مالا كان ينفقه على الفقراء و المساكين و أبناء السبيل و في سبيل الله فلما اغتصباه ذلك لم يرضيا حيث غصباه حتى حملاه إياه كرها فوق رقبته إلى منازلهما فلما أحرزاه توليا إنفاقه أ يبلغان بذلك كفرا و لعمري لقد نافقا قبل ذلك و ردا على الله جل و عز كلامه و هزءا برسوله ص و هما الكافران عليهما لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ و الله ما دخل قلب أحد منهما شيء من الإيمان منذ خروجهما من حالتيهما و ما ازداد إلا شكا كانا خداعين مرتابين منافقين حتى توفتهما ملائكة العذاب إلى محل الخزي في دار المقام و سألت عمن حضر ذلك الرجل و هو يغصب ماله و يوضع على رقبته منهم عارف و منكر فأولئك أهل الردة الأولى من هذه الأمة فعليهم لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ و سألت عن مبلغ علمنا و هو على ثلاثة وجوه ماض و غابر و حادث فأما الماضي فمفسر و أما الغابر فمزبور أما الحادث فقذف في القلوب و نقر في الأسماع و هو أفضل علمنا و لا نبي بعد نبينا محمد ص و سألت عن أمهات أولادهم و عن نكاحهم و عن طلاقهم فأما أمهات أولادهم فهن عواهر إلى يوم القيامة نكاح بغير ولي و طلاق بغير عدة و أما من دخل في دعوتنا فقد هدم إيمانه ضلاله و يقينه شكه و سألت عن الزكاة فيهم فما كان من الزكاة فأنتم أحق به لأنا قد أحللنا
ذلك لكم من كان منكم و أين كان و سألت عن الضعفاء فالضعيف من لم ترفع إليه حجة و لم يعرف الاختلاف فإذا عرف الاختلاف فليس بضعيف و سألت عن الشهادة لهم فأقم الشهادة لله عز و جل و لو على نفسك أو الوالدين و الأقربين فيما بينك و بينهم فإن خفت على أخيك ضيما فلا و ادع إلى شرائط الله عز ذكره بمعرفتنا من رجوت إجابته و لا تحصن بحصن رياء و وال آل محمد ع و لا تقل لما بلغك عنا و نسب إلينا هذا باطل و إن كنت تعرف منا خلافه فإنك لا تدري لما قلناه و على أي وجه وصفناه آمن بما أخبرك و لا تفش ما استكتمناك من خبرك إن من واجب حق أخيك أن لا تكتمه شيئا تنفعه به لأمر دنياه و آخرته و لا تحقد عليه و إن أساء و أجب دعوته إذا دعاك و لا تخل بينه و بين عدوه من الناس و إن كان أقرب إليه منك و عده في مرضه ليس من أخلاق المؤمنين الغش و لا الأذى و لا الخيانة و لا الكبر و لا الخنا و لا الفحش و لا الأمر به فإذا رأيت المشوه الأعرابي في جحفل جرار فانتظر فرجك و لشيعتك المؤمنين فإذا انكسفت الشمس فارفع بصرك إلى السماء و انظر ما فعل الله عز و جل بالمجرمين فقد فسرت لك جملا مجملا و صلى الله على محمد و آله الأخيار
-8 الدرة الباهرة، قال الكاظم ع المعروف غل لا يفكه إلا مكافاة أو شكر لو ظهرت الآجال افتضحت الآمال من ولده الفقر أبطره الغنى من لم يجد للإساءة مضضا لم يكن للإحسان عنده موقع ما تساب اثنان إلا انحط الأعلى إلى مرتبة الأسفل
9- أعلام الدين، قال موسى بن جعفر ع أولى العلم بك ما لا يصلح لك العمل إلا به و أوجب العمل عليك ما أنت مسئول عن العمل به و ألزم العلم لك ما دلك على صلاح قلبك و أظهر لك فساده و أحمد العلم عاقبة ما زاد في علمك العاجل فلا تشتغلن بعلم ما لا يضرك جهله و لا تغفلن عن علم ما يزيد في جهلك تركه
و قال ع لو ظهرت الآجال افتضحت الآمال
و قال ع من أتى إلى أخيه مكروها فبنفسه بدأ
و قال ع من لم يجد للإساءة مضضا لم يكن عنده للإحسان موقعا و قال عبد المؤمن الأنصاري دخلت على الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر ع و عنده محمد بن عبد الله الجعفري فتبسمت إليه فقال أ تحبه فقلت نعم و ما أحببته إلا لكم فقال ع هو أخوك و المؤمن أخو المؤمن لأمه و أبيه و إن لم يلده أبوه ملعون من اتهم أخاه ملعون من غش أخاه ملعون من لم ينصح أخاه ملعون من اغتاب أخاه
و قال ع ما تساب اثنان إلا انحط الأعلى إلى مرتبة الأسفل و قدم على الرشيد رجل من الأنصار يقال له نفيع و كان عارفا فحضر يوما باب الرشيد و تبعه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز و حضر موسى بن جعفر ع على حمار له فتلقاه الحاجب بالإكرام و الإجلال و أعظمه من كان هناك و عجل له الإذن فقال نفيع لعبد العزيز من هذا الشيخ فقال له أ و ما تعرفه هذا شيخ آل أبي طالب هذا موسى بن جعفر ع فقال نفيع ما رأيت أعجب من هؤلاء القوم يفعلون هذا برجل لو يقدر على زوالهم عن السرير لفعل أما إن خرج لأسوءنه فقال له عبد العزيز لا تفعل فإن هؤلاء أهل بيت قلما تعرض لهم أحد بخطاب إلا وسموه في الجواب وسمة يبقى عارها عليه أبد الدهر و خرج موسى ع فقام إليه نفيع فأخذ بلجام حماره ثم قال له من أنت قال يا هذا إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمد حبيب الله بن إسماعيل ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله و إن كنت تريد البلد فهو الذي فرض جل و عز عليك و على المسلمين إن كنت منهم الحج إليه و إن كنت تريد المفاخرة فو الله ما رضي مشركي قومي مسلمي قومك أكفاء لهم حتى قالوا يا محمد أخرج لنا أكفاءنا من قريش خل عن الحمار فخلى عنه و يده ترعد و انصرف بخزي فقال له عبد العزيز أ لم أقل لك و قيل حج الرشيد فلقي موسى ع على بغلة له فقال للرشيد من مثلك في حسبك و نسبك و تقدمك يلقاني على بغلة فقال تطأطأت عن خيلاء الخيل و ارتفعت عن ذلة الحمير