1- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ تميم القرشي عن أبيه عن الأنصاري عن الهروي قال سمعت علي بن موسى الرضا ع يقول أوحى الله عز و جل إلى نبي من أنبيائه إذا أصبحت فأول شيء يستقبلك فكله و الثاني فاكتمه و الثالث فاقبله و الرابع فلا تؤيسه و الخامس فاهرب منه قال فلما أصبح مضى فاستقبله جبل أسود عظيم فوقف و قال أمرني ربي عز و جل أن آكل هذا و بقي متحيرا ثم رجع إلى نفسه فقال ربي جل جلاله لا يأمرني إلا بما أطيق فمشى إليه ليأكله فلما دنا منه صغر حتى انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شيء أكله ثم مضى فوجد طستا من ذهب فقال أمرني ربي أن أكتم هذا فحفر له حفرة و جعله فيه و ألقى عليه التراب ثم مضى فالتفت فإذا الطست قد ظهر فقال قد فعلت ما أمرني ربي عز و جل فمضى فإذا هو بطير و خلفه بازي فطاف الطير حوله فقال أمرني ربي عز و جل أن أقبل هذا ففتح كمه فدخل الطير فيه فقال له البازي أخذت صيدي و أنا خلفه منذ أيام فقال إن ربي عز و جل أمرني أن لا أويس هذا فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ثم مضى فلما مضى فإذا هو بلحم ميتة منتن مدود فقال أمرني ربي عز و جل أن أهرب من هذا فهرب منه و رجع و رأى في المنام كأنه قد قيل له إنك قد فعلت ما أمرت به فهل تدري ما ذا كان قال لا قيل له أما الجبل فهو الغضب إن العبد إذا غضب لم ير نفسه و جهل قدره من عظم الغضب فإذا حفظ نفسه و عرف قدره و سكن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلها و أما الطست فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد و أخفاه أبى الله عز و جل إلا أن يظهره ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الآخرة و أما الطير فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله و اقبل نصيحته و أما البازي فهو الرجل الذي يأتيك في حاجة فلا تؤيسه و أما اللحم المنتن فهي الغيبة فاهرب منها
2- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا ع أن أباه ع قال قال رسول الله ص يقول الله تبارك و تعالى يا ابن آدم ما تنصفني أتحبب إليك بالنعم و تتمقت إلي بالمعاصي خيري عليك منزل و شرك إلي صاعد و لا يزال ملك كريم يأتيني عنك في كل يوم و ليلة بعمل قبيح يا ابن آدم لو سمعت وصفك من غيرك و أنت لا تعلم من الموصوف لسارعت إلى مقته
ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن المفيد عن عمر بن محمد الزيات عن علي بن مهرويه عن داود بن سليمان عن الرضا ع عن آبائه ع عن النبي ص مثله و فيه في كل يوم بعمل غير صالح
3- مع، ]معاني الأخبار[ ل، ]الخصال[ لي، ]الأمالي للصدوق[ محمد بن أحمد الأسدي عن محمد بن جرير و الحسن بن عروة و عبد الله بن محمد الوهبي جميعا عن محمد بن حميد عن زافر بن سليمان عن محمد بن عيينة عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال جاء جبرئيل ع إلى النبي ص يا محمد عش ما شئت فإنك ميت و أحبب من شئت فإنك مفارقه و اعمل ما شئت فإنك مجزي به و اعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل و عزه استغناؤه عن الناس
4- مع، ]معاني الأخبار[ عن أبيه عن سعد عن البرقي عن أبيه في حديث مرفوع عن النبي ص قال جاء جبرئيل ع إلى النبي ص فقال يا رسول الله إن الله تبارك و تعالى أرسلني إليك بهدية لم يعطها أحدا قبلك قال رسول الله ص قلت و ما هي قال الصبر و أحسن منه قلت و ما هو قال الرضا و أحسن منه قلت و ما هو قال الزهد و أحسن منه قلت و ما هو قال الإخلاص و أحسن منه قلت و ما هو قال اليقين و أحسن منه قلت و ما هو قال جبرئيل إن مدرجة ذلك التوكل على الله عز و جل فقلت و ما التوكل على الله عز و جل فقال العلم بأن المخلوق لا يضر و لا ينفع و لا يعطي و لا يمنع و استعمال اليأس من الخلق فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله و لم يرج و لم يخف سوى الله و لم يطمع في أحد سوى الله فهذا هو التوكل قال قلت يا جبرئيل فما تفسير الصبر قال تصبر في الضراء كما تصبر في السراء و في الفاقة كما تصبر في الغنى و في البلاء كما تصبر في العافية فلا يشكو حاله عند الخلق بما يصيب من البلاء قلت فما تفسير القناعة قال يقنع بما يصيب من الدنيا يقنع بالقليل و يشكر اليسير قلت فما تفسير الرضا قال الراضي لا يسخط على سيده أصاب الدنيا أم لا و لا يرضى لنفسه باليسير من العمل قلت يا جبرئيل فما تفسير الزهد قال الزاهد يحب من يحب خالقه و يبغض من يبغض خالقه و يتحرج من حلال الدنيا و لا يلتفت إلى حرامها فإن حلالها حساب و حرامها عقاب و يرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه و يتحرج من الكلام كما يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتنها و يتحرج عن حطام الدنيا و زينتها كما يتجنب النار أن تغشاه و يقصر أمله و كان بين عينيه أجله قلت يا جبرئيل فما تفسير الإخلاص قال المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد و إذا وجد رضي و إذا بقي عنده شيء أعطاه في الله فإن من لم يسأل المخلوق فقد أقر لله عز و جل بالعبودية و إذا وجد فرضي فهو عن الله راض و الله تبارك و تعالى عنه راض و إذا أعطى الله عز و جل فهو على حد الثقة بربه عز و جل قلت فما تفسير اليقين قال الموقن يعمل لله كأنه يراه فإن لم يكن يرى الله فإن الله يراه و أن يعلم يقينا أن ما أصابه لم يكن ليخطيه و أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه و هذا كله أغصان التوكل و مدرجة الزهد
5- ل، ]الخصال[ عن أبيه عن علي بن موسى بن جعفر الكميداني عن أحمد بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جبلة عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لجبرئيل ع عظني فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت و أحبب ما شئت فإنك مفارقه و اعمل ما شئت فإنك ملاقيه شرف المؤمن صلاته بالليل و عزه كفه عن أعراض الناس
6- عن كتاب إرشاد القلوب للديلمي، روي عن أمير المؤمنين ع أن النبي ص سأل ربه سبحانه ليلة المعراج فقال يا رب أي الأعمال أفضل فقال الله عز و جل ليس شيء عندي أفضل من التوكل علي و الرضا بما قسمت يا محمد وجبت محبتي للمتحابين في و وجبت محبتي للمتعاطفين في و وجبت محبتي للمتواصلين في و وجبت محبتي للمتوكلين علي و ليس لمحبتي علم و لا غاية و لا نهاية و كلما رفعت لهم علما وضعت لهم علما أولئك الذين نظروا إلى المخلوقين بنظري إليهم و لا يرفعوا الحوائج إلى الخلق بطونهم خفيفة من أكل الحلال نعيمهم في الدنيا ذكري و محبتي و رضاي عنهم يا أحمد إن أحببت أن تكون أورع الناس فازهد في الدنيا و ارغب في الآخرة فقال يا إلهي كيف أزهد في الدنيا و أرغب في الآخرة قال خذ من الدنيا خفا من الطعام و الشراب و اللباس و لا تدخر لغد و دم على ذكري فقال يا رب و كيف أدوم على ذكرك فقال بالخلوة عن الناس و بغضك الحلو و الحامض و فراغ بطنك و بيتك من الدنيا يا أحمد فاحذر أن تكون مثل الصبي إذا نظر إلى الأخضر و الأصفر أحبه و إذا أعطي شيئا من الحلو و الحامض اغتر به فقال يا رب دلني على عمل أتقرب به إليك قال اجعل ليلك نهارا و نهارك ليلا قال يا رب كيف ذلك قال اجعل نومك صلاة و طعامك الجوع يا أحمد و عزتي و جلالي ما من عبد مؤمن ضمن لي بأربع خصال إلا أدخلته الجنة يطوي لسانه فلا يفتحه إلا بما يعنيه و يحفظ قلبه من الوسواس و يحفظ علمي و نظري إليه و تكون قرة عينه الجوع يا أحمد لو ذقت حلاوة الجوع و الصمت و الخلوة و ما ورثوا منها قال يا رب ما ميراث الجوع قال الحكمة و حفظ القلب و التقرب إلي و الحزن الدائم و خفة المئونة بين الناس و قول الحق و لا يبالي عاش بيسر أو بعسر يا أحمد هل تدري بأي وقت يتقرب العبد إلى الله قال لا يا رب قال إذا كان جائعا أو ساجدا يا أحمد عجبت من ثلاثة عبيد عبد دخل في الصلاة و هو يعلم إلى من يرفع يديه و قدام من هو و هو ينعس و عجبت من عبد له قوت يوم من الحشيش أو غيره و هو يهتم لغد و عجبت من عبد لا يدري أني راض عنه أم ساخط عليه و هو يضحك
يا أحمد إن في الجنة قصرا من لؤلؤة فوق لؤلؤة و درة فوق درة ليس فيها قصم و لا وصل فيها الخواص أنظر إليهم كل يوم سبعين مرة و أكلمهم كلما نظرت إليهم أزيد في ملكهم سبعين ضعفا و إذا تلذذ أهل الجنة بالطعام و الشراب تلذذوا بكلامي و ذكري و حديثي قال يا رب ما علامات أولئك قال هم في الدنيا مسجونون قد سجنوا ألسنتهم من فضول الكلام و بطونهم من فضول الطعام يا أحمد إن المحبة لله هي المحبة للفقراء و التقرب إليهم قال يا رب و من الفقراء قال الذين رضوا بالقليل و صبروا على الجوع و شكروا على الرخاء و لم يشكوا جوعهم و لا ظمأهم و لم يكذبوا بألسنتهم و لم يغضبوا على ربهم و لم يغتموا على ما فاتهم و لم يفرحوا بما آتاهم يا أحمد محبتي محبة للفقراء فادن الفقراء و قرب مجلسهم منك و بعد الأغنياء و بعد مجلسهم منك فإن الفقراء أحبائي يا أحمد لا تتزين بلين اللباس و طيب الطعام و لين الوطاء فإن النفس مأوى كل شر و هي رفيق كل سوء تجرها إلى طاعة الله و تجرك إلى معصيته و تخالفك في طاعته و تطيعك فيما تكره و تطغى إذا شبعت و تشكو إذا جاعت و تغضب إذا افتقرت و تتكبر إذا استغنت و تنسى إذا كبرت و تغفل إذا أمنت و هي قرينة الشيطان و مثل النفس كمثل النعامة تأكل الكثير و إذا حمل عليها لا تطير و مثل الدفلي لونه حسن و طعمه مر يا أحمد أبغض الدنيا و أهلها و أحب الآخرة و أهلها قال يا رب و من أهل الدنيا و من أهل الآخرة قال أهل الدنيا من كثر أكله و ضحكه و نومه و غضبه قليل الرضا لا يعتذر إلى من أساء إليه و لا يقبل معذرة من اعتذر إليه كسلان عند الطاعة شجاع عند المعصية أمله بعيد و أجله قريب لا يحاسب نفسه قليل المنفعة كثير الكلام قليل الخوف كثير الفرح عند الطعام و إن أهل الدنيا
لا يشكرون عند الرخاء و لا يصبرون عند البلاء كثير الناس عندهم قليل يحمدون أنفسهم بما لا يفعلون و يدعون بما ليس لهم و يتكلمون بما يتمنون و يذكرون مساوي الناس و يخفون حسناتهم قال يا رب هل يكون سوى هذا العيب في أهل الدنيا قال يا أحمد إن عيب أهل الدنيا كثير فيهم الجهل و الحمق لا يتواضعون لمن يتعلمون منه و هم عند أنفسهم عقلاء و عند العارفين حمقاء يا أحمد إن أهل الخير و أهل الآخرة رقيقة وجوههم كثير حياؤهم قليل حمقهم كثير نفعهم قليل مكرهم الناس منهم في راحة و أنفسهم منهم في تعب كلامهم موزون محاسبين لأنفسهم متعبين لها تنام أعينهم و لا تنام قلوبهم أعينهم باكية و قلوبهم ذاكرة إذا كتب الناس من الغافلين كتبوا من الذاكرين في أول النعمة يحمدون و في آخرها يشكرون دعاؤهم عند الله مرفوع و كلامهم مسموع تفرح الملائكة بهم يدور دعاؤهم تحت الحجب يحب الرب أن يسمع كلامهم كما تحب الوالدة ولدها و لا يشغلهم عن الله شيء طرفة عين و لا يريدون كثرة الطعام و لا كثرة الكلام و لا كثرة اللباس الناس عندهم موتى و الله عندهم حي قيوم كريم يدعون المدبرين كرما و يريدون المقبلين تلطفا قد صارت الدنيا و الآخرة عندهم واحدة يموت الناس مرة و يموت أحدهم في كل يوم سبعين مرة من مجاهدة أنفسهم و مخالفة هواهم و الشيطان الذي يجري في عروقهم و لو تحركت ريح لزعزعتهم و إن قاموا بين يدي كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ لا أرى في قلبهم شغلا لمخلوق فو عزتي و جلالي لأحيينهم حياة طيبة إذا فارقت أرواحهم من جسدهم لا أسلط عليهم ملك الموت و لا يلي قبض روحهم غيري و لأفتحن لروحهم أبواب السماء كلها و لأرفعن الحجب كلها دوني و لآمرن الجنان فلتزينن و الحور العين فلتزفن و الملائكة فلتصلين و الأشجار فلتثمرن و ثمار الجنة فلتدلين و لآمرن ريحا من الرياح التي تحت العرش فلتحملن جبالا من الكافور و المسك الأذفر فلتصيرن وقودا من غير النار فلتدخلن به و لا يكون بيني و بين روحه ستر فأقول له عند قبض روحه مرحبا و أهلا بقدومك علي اصعد بالكرامة و البشرى و الرحمة و الرضوان وَ جَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ فلو رأيت الملائكة كيف يأخذ بها واحد و يعطيها الآخر يا أحمد إن أهل الآخرة لا يهنؤهم الطعام منذ عرفوا ربهم و لا يشغلهم مصيبة منذ عرفوا سيئاتهم يبكون على خطاياهم يتعبون أنفسهم و لا يريحونها و إن راحة أهل الجنة في الموت و الآخرة مستراح العابدين مونسهم دموعهم التي تفيض على خدودهم و جلوسهم مع الملائكة الذين عن أيمانهم و عن شمائلهم و مناجاتهم مع الجليل الذي فوق عرشه و إن أهل الآخرة قلوبهم في أجوافهم قد قرحت يقولون متى نستريح من دار الفناء إلى دار البقاء يا أحمد هل تعرف ما للزاهدين عندي في الآخرة قال لا يا رب قال يبعث الخلق و يناقشون بالحساب و هم من ذلك آمنون إن أدنى ما أعطي للزاهدين في الآخرة أن أعطيهم مفاتيح الجنان كلها حتى يفتحوا أي باب شاءوا و لا أحجب عنهم وجهي و لأنعمنهم بألوان التلذذ من كلامي و لأجلسنهم في مقعد صدق و أذكرنهم ما صنعوا و تعبوا في دار الدنيا و أفتح لهم أربعة أبواب باب تدخل عليهم الهدايا منه بكرة و عشيا من عندي و باب ينظرون منه إلي كيف شاءوا بلا صعوبة و باب يطلعون منه إلى النار فينظرون منه إلى الظالمين كيف يعذبون و باب تدخل عليهم منه الوصائف و الحور العين قال يا رب من هؤلاء الزاهدون الذين وصفتهم قال الزاهد هو الذي ليس له بيت يخرب فيغتم بخرابه و لا له
ولد يموت فيحزن لموته و لا له شيء يذهب فيحزن لذهابه و لا يعرفه إنسان يشغله عن الله طرفة عين و لا له فضل طعام ليسأل عنه و لا له ثوب لين يا أحمد وجوه الزاهدين مصفرة من تعب الليل و صوم النهار و ألسنتهم كلال إلا من ذكر الله تعالى قلوبهم في صدورهم مطعونة من كثرة ما يخالفون أهواءهم قد ضمروا أنفسهم من كثرة صمتهم قد أعطوا المجهود من أنفسهم لا من خوف نار و لا من شوق جنة و لكن ينظرون في ملكوت السماوات و الأرض فيعلمون أن الله سبحانه و تعالى أهل للعبادة كأنما ينظرون إلى من فوقها قال يا رب هل تعطي لأحد من أمتي هذا قال يا أحمد هذه درجة الأنبياء و الصديقين من أمتك و أمة غيرك و أقوام من الشهداء قال يا رب أي الزهاد أكثر زهاد أمتي أم زهاد بني إسرائيل قال إن زهاد بني إسرائيل في زهاد أمتك كشعرة سوداء في بقرة بيضاء فقال يا رب كيف يكون ذلك و عدد بني إسرائيل أكثر من أمتي قال لأنهم شكوا بعد اليقين و جحدوا بعد الإقرار قال رسول الله ص فحمدت الله للزاهدين كثيرا و شكرته و دعوت لهم فقلت اللهم احفظهم و ارحمهم و احفظ عليهم دينهم الذي ارتضيت لهم اللهم ارزقهم إيمان المؤمنين الذي ليس بعده شك و زيغ و ورعا ليس بعده رغبة و خوفا ليس بعده غفلة و علما ليس بعده جهل و عقلا ليس بعده حمق و قربا ليس بعده بعد و خشوعا ليس بعده قساوة و ذكرا ليس بعده نسيان و كرما ليس بعده هوان و صبرا ليس بعده ضجر و حلما ليس بعده عجلة و املأ قلوبهم حياء منك حتى يستحيوا منك كل وقت و تبصرهم بآفات الدنيا و آفات أنفسهم و وساوس الشيطان فإنك تعلم ما في نفسي و أنت علام الغيوب يا أحمد عليك بالورع فإن الورع رأس الدين و وسط الدين و آخر الدين إن الورع يقرب العبد إلى الله تعالى يا أحمد إن الورع كالشنوف بين الحلي و الخبز بين الطعام إن الورع رأس الإيمان و عماد الدين إن الورع مثله كمثل السفينة كما أن في البحر لا ينجو إلا من كان فيها كذلك لا ينجو الزاهدون إلا بالورع يا أحمد ما عرفني عبد و خشع لي إلا و خشعت له يا أحمد الورع يفتح على العبد أبواب العبادة فتكرم به عند الخلق و يصل به إلى الله عز و جل يا أحمد عليك بالصمت فإن أعمر القلوب قلوب الصالحين و الصامتين و إن أخرب القلوب قلوب المتكلمين بما لا يعنيهم يا أحمد إن العبادة عشرة أجزاء تسعة منها طلب الحلال فإذا طيبت مطعمك و مشربك فأنت في حفظي و كنفي قال يا رب ما أول العبادة قال أول العبادة الصمت و الصوم قال يا رب و ما ميراث الصوم قال الصوم يورث الحكمة و الحكمة تورث المعرفة و المعرفة تورث اليقين فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح بعسر أم بيسر و إذا كان العبد في حالة الموت يقوم على رأسه ملائكة بيد كل ملك كأس من ماء الكوثر و كأس من الخمر يسقون روحه حتى تذهب سكرته و مرارته و يبشرونه بالبشارة العظمى و يقولون له طبت و طاب مثواك إنك تقدم على العزيز الحكيم الحبيب القريب فتطير الروح من أيدي الملائكة فتصعد إلى الله تعالى في أسرع من طرفة عين و لا يبقى حجاب و لا ستر بينها و بين الله تعالى و الله عز و جل إليها مشتاق و تجلس على عين عند العرش ثم يقال لها كيف تركت الدنيا فتقول إلهي و عزتك و جلالك لا علم لي بالدنيا أنا منذ خلقتني خائفة منك فيقول الله تعالى صدقت عبدي كنت بجسدك في الدنيا و روحك معي فأنت بعيني سرك و علانيتك سل أعطك و تمن علي فأكرمك هذه جنتي فتجنح فيها و هذا جواري فأسكنه فتقول الروح إلهي عرفتني نفسك فاستغنيت بها عن جميع خلقك و عزتك و جلالك لو كان رضاك في أن أقطع إربا إربا و أقتل سبعين قتلة بأشد ما يقتل به الناس لكان رضاك أحب إلي إلهي كيف أعجب بنفسي و أنا ذليل إن لم
تكرمني و أنا مغلوب إن لم تنصرني و أنا ضعيف إن لم تقوني و أنا ميت إن لم تحيني بذكرك و لو لا سترك لافتضحت أول مرة عصيتك إلهي كيف لا أطلب رضاك و قد أكملت عقلي حتى عرفتك و عرفت الحق من الباطل و الأمر من النهي و العلم من الجهل و النور من الظلمة فقال الله عز و جل و عزتي و جلالي لا أحجب بيني و بينك في وقت من الأوقات كذلك أفعل بأحبائي يا أحمد هل تدري أي عيش أهنأ و أي حياة أبقى قال اللهم لا قال أما العيش الهنيء فهو الذي لا يفتر صاحبه عن ذكري و لا ينسى نعمتي و لا يجهل حقي يطلب رضاي في ليله و نهاره و أما الحياة الباقية فهي التي يعمل لنفسه حتى تهون عليه الدنيا و تصغر في عينه و تعظم الآخرة عنده و يؤثر هواي على هواه و يبتغي مرضاتي و يعظم حق عظمتي و يذكر علمي به و يراقبني بالليل و النهار عند كل سيئة أو معصية و ينقي قلبه عن كل ما أكره و يبغض الشيطان و وساوسه و لا يجعل لإبليس على قلبه سلطانا و سبيلا فإذا فعل ذلك أسكنت قلبه حبا حتى أجعل قلبه لي و فراغه و اشتغاله و همه و حديثه من النعمة التي أنعمت بها على أهل محبتي من خلقي و أفتح عين قلبه و سمعه حتى يسمع بقلبه و ينظر بقلبه إلى جلالي و عظمتي و أضيق عليه الدنيا و أبغض الدنيا و أبغض إليه ما فيها من اللذات و أحذره من الدنيا و ما فيها كما يحذر الراعي غنمه من مراتع الهلكة فإذا كان هكذا يفر من الناس فرارا و ينقل من دار الفناء إلى دار البقاء و من دار الشيطان إلى دار الرحمن يا أحمد و لأزيننه بالهيبة و العظمة فهذا هو العيش الهنيء و الحياة الباقية و هذا مقام الراضين فمن عمل برضاي ألزمه ثلاث خصال أعرفه شكرا لا يخالطه الجهل و ذكرا لا يخالطه النسيان و محبة لا يؤثر على محبتي محبة المخلوقين فإذا أحبني أحببته و أفتح عين قلبه إلى جلالي و لا أخفي عليه خاصة خلقي و أناجيه في ظلم الليل و نور النهار حتى ينقطع حديثه مع المخلوقين و مجالسته معهم و أسمعه كلامي و كلام ملائكتي و أعرفه السر الذي سترته عن خلقي و ألبسه الحياء حتى يستحيي منه الخلق كلهم و يمشي على الأرض مغفورا له و أجعل قلبه واعيا و بصيرا و لا أخفي عليه شيئا من جنة و لا نار و أعرفه ما يمر على الناس في يوم القيامة من الهول و الشدة و ما أحاسب الأغنياء و الفقراء و الجهال و العلماء و أنومه في قبره و أنزل عليه منكرا و نكيرا حتى يسألاه و لا يرى غمرة الموت و ظلمة القبر و اللحد و هول المطلع ثم أنصب له ميزانه و أنشر ديوانه ثم أضع كتابه في يمينه فيقرؤه منشورا ثم لا أجعل بيني و بينه ترجمانا فهذه صفات المحبين يا أحمد اجعل همك هما واحدا فاجعل لسانك لسانا واحدا و اجعل بدنك حيا لا تغفل عني من يغفل عني لا أبالي بأي واد هلك يا أحمد استعمل عقلك قبل أن يذهب فمن استعمل عقله لا يخطئ و لا يطغى يا أحمد أ لم تدر لأي شيء فضلتك على سائر الأنبياء قال اللهم لا قال باليقين و حسن الخلق و سخاوة النفس و رحمة الخلق و كذلك أوتاد الأرض لم يكونوا أوتادا إلا بهذا يا أحمد إن العبد إذا أجاع بطنه و حفظ لسانه علمته الحكمة و إن كان كافرا تكون حكمته حجة عليه و وبالا و إن كان مؤمنا تكون حكمته له نورا و برهانا و شفاء و رحمة فيعلم ما لم يكن يعلم و يبصر ما لم يكن يبصر فأول ما أبصره عيوب نفسه حتى يشتغل عن عيوب غيره و أبصره دقائق العلم حتى لا يدخل عليه الشيطان يا أحمد ليس شيء من العبادة أحب إلي من الصمت و الصوم فمن صام و لم يحفظ لسانه كان كمن قام و لم يقرأ في صلاته فأعطيه أجر القيام و لم أعطه أجر العابدين
يا أحمد هل تدري متى تكون العبد عابدا قال لا يا رب قال إذا اجتمع فيه سبع خصال ورع يحجزه عن المحارم و صمت يكفه عما لا يعنيه و خوف يزداد كل يوم من بكائه و حياء يستحيي مني في الخلاء و أكل ما لا بد منه و يبغض الدنيا لبغضي لها و يحب الأخيار لحبي إياهم يا أحمد ليس كل من قال أحب الله أحبني حتى يأخذ قوتا و يلبس دونا و ينام سجودا و يطيل قياما و يلزم صمتا و يتوكل علي و يبكي كثيرا و يقل ضحكا و يخالف هواه و يتخذ المسجد بيتا و العلم صاحبا و الزهد جليسا و العلماء أحباء و الفقراء رفقاء و يطلب رضاي و يفر من العاصين فرارا و يشغل بذكري اشتغالا و يكثر التسبيح دائما و يكون بالوعد صادقا و بالعهد وافيا و يكون قلبه طاهرا و في الصلاة زاكيا و في الفرائض مجتهدا و فيما عندي في الثواب راغبا و من عذابي راهبا و لأحبائي قرينا و جليسا يا أحمد لو صلى العبد صلاة أهل السماء و الأرض و يصوم صيام أهل السماء و الأرض و يطوي من الطعام مثل الملائكة و لبس لباس العاري ثم أرى في قلبه من حب الدنيا ذرة أو سعتها أو رئاستها أو حليها أو زينتها لا يجاورني في داري و لأنزعن من قلبه محبتي و عليك سلامي و رحمتي وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
أقول و رأيت في بعض الكتب لهذا الحديث سندا هكذا قال الإمام أبو عبد الله محمد بن علي البلخي عن أحمد بن إسماعيل الجوهري عن أبي محمد علي بن مظفر بن إلياس العبدي عن أبي نصر أحمد بن عبد الله الواعظ عن أبي الغنائم عن أبي الحسن عبد الله بن الواحد بن محمد بن عقيل عن أبي إسحاق إبراهيم بن حاتم الزاهد بالشام عن إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عبد الحميد بن أحمد بن سعيد عن أبي بشر عن الحسن بن علي المقري عن أبي مسلم محمد بن الحسن المقري عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب ع قال هذا ما سئل رسول الله ص ربه ليلة المعراج و ذكر نحوه إلى آخر الخبر و وجدت في نسخه قديمة أخرى قال الشيخ أبو عمرو عثمان بن محمد البلخي أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل الجوهري قال حدثنا أبو علي المطر بن إلياس بن سعد بن سليمان قال أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله بن إسحاق الواعظ قال أخبرنا أبو الغنائم الحسن بن حماد المقري قراءة بأهواز في آخر شهر رمضان سنة ثلاث و أربعين و أربعمائة قال أخبرنا أبو مسلم محمد بن الحسن المقري قراءة عليه من أصله قال حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عقيل قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن حاتم الزاهد بالشام قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن أحمد قال حدثنا إسحاق بن بشر عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب ع و ذكر نحوه
7- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال إن موسى ع ناجاه الله تبارك و تعالى فقال له في مناجاته يا موسى لا يطول في الدنيا أملك فيقسو لذلك قلبك و قاسي القلب مني بعيد يا موسى كن كمسرتي فيك فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى و أمت قلبك بالخشية و كن خلق الثياب جديد القلب تخفى على أهل الأرض و تعرف في أهل السماء حلس البيوت مصباح الليل و اقنت بين يدي قنوت الصابرين و صح إلي من كثرة الذنوب صياح المذنب الهارب من عدوه و استعن بي على ذلك فإني نعم العون و نعم المستعان يا موسى إني أنا الله فوق العباد و العباد دوني و كل لي داخرون فاتهم نفسك على نفسك و لا تأتمن ولدك على دينك إلا أن يكون ولدك مثلك يحب الصالحين يا موسى اغسل و اغتسل و اقترب من عبادي الصالحين يا موسى كن إمامهم في صلاتهم و إمامهم فيما يتشاجرون و احكم بينهم بما أنزلت عليك فقد أنزلته حكما بينا و برهانا نيرا و نورا ينطق بما كان في الأولين و بما هو كائن في الآخرين أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى ابن مريم صاحب الأتان و البرنس و الزيت و الزيتون و المحراب و من بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر فمثله في كتابك أنه مؤمن مهيمن على الكتب كلها و أنه راكع ساجد راغب راهب إخوانه المساكين و أنصاره قوم آخرون و يكون في زمانه أزل و زلزال و قتل و قلة من المال اسمه أحمد محمد الأمين من الباقين من ثلة الأولين الماضين يؤمن بالكتب كلها و يصدق جميع المرسلين و يشهد بالإخلاص لجميع النبيين أمته مرحومة مباركة ما بقوا في الدين على حقائقه لهم ساعات موقتات يؤدون فيها الصلوات أداء العبد إلى سيده نافلته فيه فصدق و مناهجه فاتبع فإنه أخوك يا موسى إنه أمي و هو عبد صدق مبارك له فيما وضع يده عليه و يبارك عليه كذلك كان في علمي و كذلك خلقته به أفتح الساعة و بأمته أختم مفاتيح الدنيا فمر ظلمة بني إسرائيل أن لا يدرسوا اسمه و لا يخذلوه و إنهم لفاعلون و حبه لي حسنة فأنا معه و أنا من حزبه و هو من حزبي و حزبهم الغالبون فتمت كلماتي لأظهرن دينه على الأديان كلها و لأعبدن بكل مكان و لأنزلن عليه قرآنا فرقانا شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ من نفث الشيطان فصل عليه يا ابن عمران فإني أصلي عليه و ملائكتي يا موسى أنت عبدي و أنا إلهك لا تستذل الحقير الفقير و لا تغبط الغني بشيء يسير و كن عند ذكري خاشعا و عند تلاوته برحمتي طامعا و أسمعني لذاذة التوراة بصوت خاشع حزين اطمئن عند ذكري و ذكر بي من يطمئن إلي و اعبدني و لا تشرك بي شيئا و تحر مسرتي إني أنا السيد الكبير إني خلقتك من نطفة من ماء مهين من طينة أخرجتها من أرض ذليلة ممشوجة فكانت بشرا فأنا صانعها خلقا فتبارك وجهي و تقدس صنعي ليس كمثلي شيء
و أنا الحي الدائم الذي لا أزول يا موسى كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا عفر وجهك لي في التراب و اسجد لي بمكارم بدنك و اقنت بين يدي في القيام و ناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل و أحي بتوراتي أيام الحياة و علم الجهال محامدي و ذكرهم آلائي و نعمتي و قل لهم لا يتمادون في غي ما هم فيه فإن أخذي أليم شديد يا موسى إذا انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري فاعبدني و قم بين يدي مقام العبد الحقير الفقير ذم نفسك فهي أولى بالذم و لا تتطاول بكتابي على بني إسرائيل فكفى بهذا واعظا لقلبك و منيرا و هو كلام رب العالمين جل و تعالى يا موسى متى ما دعوتني و رجوتني و إني سأغفر لك على ما كان منك السماء تسبح لي وجلا و الملائكة من مخافتي مشفقون و الأرض تسبح لي طمعا و كل الخلق يسبحون لي داخرين ثم عليك بالصلاة الصلاة فإنها مني بمكان و لها عندي عهد وثيق و ألحق بها ما هو منها زكاة القربان من طيب المال و الطعام فإني لا أقبل إلا الطيب يراد به وجهي و أقرن مع ذلك صلة الأرحام فإني أنا الله الرحمن الرحيم و الرحم أنا خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد و لها عندي سلطان في معاد الآخرة و أنا قاطع من قطعها و واصل من وصلها و كذلك أفعل بمن ضيع أمري يا موسى أكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو إعطاء يسير فإنه يأتيك من ليس بإنس و لا جان ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك و كيف مواساتك فيما خولتك و اخشع لي بالتضرع و اهتف لي بولولة الكتاب و اعلم أني أدعوك دعاء السيد مملوكه ليبلغ به شرف المنازل و ذلك من فضلي عليك و على آبائك الأولين يا موسى لا تنسني على كل حال و لا تفرح بكثرة المال فإن نسياني يقسي القلوب و مع كثرة المال كثرة الذنوب الأرض مطيعة و السماء مطيعة و البحار مطيعة و عصياني شقاء الثقلين و أنا الرحمن الرحيم رحمان كل زمان آتي بالشدة بعد الرخاء و بالرخاء بعد الشدة و بالملوك بعد الملوك و ملكي قائم دائم لا يزول و لا يخفى على شيء في الأرض و لا في السماء و كيف يخفى علي ما مني مبتدؤه و كيف لا يكون همك فيما عندي و إلي ترجع لا محالة يا موسى اجعلني حرزك و ضع عندي كنزك من الصالحات و خفني و لا تخف غيري إلي المصير يا موسى ارحم من هو أسفل منك في الخلق و لا تحسد من هو فوقك فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب يا موسى إن ابني آدم تواضعا في منزلة لينالا بها من فضلي و رحمتي فقربا قربانا و لا أقبل إلا من المتقين فكان من شأنهما ما قد علمت فكيف تثق بالصاحب بعد الأخ و الوزير يا موسى ضع الكبر و دع الفخر و اذكر أنك ساكن القبر فليمنعك ذلك من الشهوات يا موسى عجل التوبة و أخر الذنب و تأن في المكث بين يدي في الصلاة و لا ترج غيري اتخذني جنة للشدائد و حصنا لملمات الأمور يا موسى كيف تخشع لي خليقة لا تعرف فضلي عليها و كيف تعرف فضلي عليها و هي لا تنظر فيه و كيف تنظر فيه و هي لا تؤمن به و كيف تؤمن به و هي لا ترجو ثوابا و كيف ترجو ثوابا و هي قد قنعت بالدنيا و اتخذتها مأوى و ركنت إليها ركون الظالمين
يا موسى نافس في الخير أهله فإن الخير كاسمه و دع الشر لكل مفتون يا موسى اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم و أكثر ذكري بالليل و النهار تغنم و لا تتبع الخطايا فتندم فإن الخطايا موعدها النار يا موسى أطب الكلام لأهل الترك للذنوب و كن لهم جليسا و اتخذهم لغيبك إخوانا و جد معهم يجدون معك يا موسى الموت لاقيك لا محالة فتزود زاد من هو على ما يتزود وارد يا موسى ما أريد به وجهي فكثير قليله و ما أريد به غيري فقليل كثيره و إن أصلح أيامك الذي هو أمامك فانظر أي يوم هو فأعد له الجواب فإنك موقوف به و مسئول و خذ موعظتك من الدهر و أهله فإن الدهر طويله قصير و قصيره طويل و كل شيء فان فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة فإن ما بقي من الدنيا كما ولى منها و كل عامل يعمل على بصيرة و مثال فكن مرتادا لنفسك يا ابن عمران لعلك تفوز غدا يوم السؤال فهنالك يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ يا موسى ألق كفيك ذلا بين يدي كفعل العبد المستصرخ إلى سيده فإنك إذا فعلت ذلك رحمت و أنا أكرم القادرين يا موسى سلني من فضلي و رحمتي فإنهما بيدي لا يملكها أحد غيري و انظر حين تسألني كيف رغبتك فيما عندي لكل عامل جزاء و قد يجزى الكفور بما سعى يا موسى طب نفسا عن الدنيا و انطو عنها فإنها ليست لك و لست لها ما لك و لدار الظالمين إلا العامل فيها بالخير فإنها له نعم الدار يا موسى ما آمرك به فاسمع و مهما أراه فاصنع خذ حقائق التوراة إلى صدرك و تيقظ بها في ساعات الليل و النهار و لا تمكن أبناء الدنيا من صدرك فيجعلونه وكرا كوكر الطير يا موسى أبناء الدنيا و أهلها فتن بعضهم لبعض فكل مزين له ما هو فيه و المؤمن من زينت له الآخرة فهو ينظر إليها ما يفتر قد حالت شهوتها بينه و بين لذة العيش فادلجته بالأسحار كفعل الراكب السائق إلى غايته يظل كئيبا و يمسي حزينا و طوبى له لو قد كشف الغطاء ما ذا يعاين من السرور يا موسى الدنيا نطفة ليست بثواب للمؤمن و لا نقمة من فاجر فالويل الطويل لمن باع ثواب معاده بلعقة لم تبق و بلعسة لم تدم و كذلك فكن كما أمرتك و كل أمري رشاد يا موسى إذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت إلى عقوبته و إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين و لا تكن جبارا ظلوما و لا تكن للظالمين قرينا يا موسى ما عمر و إن طال يذم آخره و ما ضرك ما زوي عنك إذا حمدت مغبته يا موسى صرخ الكتاب إليك صراخا بما أنت إليه صائر فكيف ترقد على هذا العيون أم كيف يجد قوم لذة العيش لو لا التمادي في الغفلة و الاتباع للشقوة و التتابع للشهوة و من دون هذا يجزع الصديقون يا موسى مر عبادي يدعوني على ما كان بعد أن يقروا لي أني أرحم الراحمين مجيب المضطرين و أبدل الزمان و آتي بالرخاء و أشكر اليسير و أثيب الكثير و أغني الفقير و أنا الدائم العزيز القدير فمن لجأ إليك و انضوى إليك من الخاطئين فقل أهلا و سهلا يا رحب الفناء بفناء رب العالمين و استغفر لهم و كن لهم كأحدهم و لا تستطل عليهم بما أنا أعطيتك فضله و قل لهم فليسألوني من فضلي و رحمتي فإنه لا يملكها أحد غيري و أنا ذو الفضل العظيم طوبى لك يا
موسى كهف الخاطئين و جليس المضطرين و مستغفر للمذنبين إنك مني بالمكان الرضي فادعني بالقلب النقي و اللسان الصادق و كن كما أمرتك أطع أمري و لا تستطل على عبادي بما ليس منك مبتدؤه و تقرب إلي فإني منك قريب فإني لم أسألك ما يؤذيك ثقله و لا حمله إنما سألتك أن تدعوني فأجيبك و أن تسألني فأعطيك و أن تتقرب إلي بما مني أخذت تأويله و علي تمام تنزيله يا موسى انظر إلى الأرض فإنها عن قريب قبرك و ارفع عينيك إلى السماء فإن فوقك فيها ملكا عظيما و ابك على نفسك ما دمت في الدنيا و تخوف العطب و المهالك و لا تغرنك زينة الدنيا و زهرتها و لا ترض بالظلم و لا تكن ظالما فإني للظالم رصيد حتى أديل منه المظلوم يا موسى إن الحسنة عشرة أضعاف و من السيئة الواحدة الهلاك و لا تشرك بي لا يحل لك أن تشرك بي قارب و سدد و ادع دعاء الطامع الراغب فيما عندي النادم على ما قدمت يداه فإن سواد الليل يمحوه النهار و كذلك السيئة تمحوها الحسنة و عشوة الليل تأتي على ضوء النهار و كذلك السيئة تأتي على الحسنة الجليلة فتسودها
8- قال السيد قدس الله روحه في كتاب سعد السعود رأيت في الزبور في السورة الثالثة و الثلاثين ثياب العاصي ثقال على الأبدان و وسخ على الوجه و وسخ الأبدان ينقطع بالماء و وسخ الذنوب لا ينقطع إلا بالمغفرة طوبى للذين كان باطنهم أحسن من ظاهرهم و من كانت له ودائع فرح بها يوم الآزفة و من عمل بالمعاصي و أسرها من المخلوقين لم يقدر على إسرارها مني قد أوفيتكم ما وعدتكم من طيبات الرزق و نبات البر و طير السماء و من جميع الثمرات و رزقتكم ما لم تحتسبوا و ذلك كله على الذنوب معشر الصوام بشر الصائمين بمرتبة الفائزين و قد أنزلت على أهل التوراة بما أنزلت عليكم داود سوف تحرف كتبي و يفتري علي كذبا فمن صدق بكتبي و رسلي فقد أنجح و أفلح و أنا العزيز الحكيم سبحان خالق النور و في السورة السابعة و الستين ابن آدم جعلت لكم الدنيا دلائل على الآخرة و إن الرجل منكم يستأجر الرجل فيطلب حسابه فترعد فرائصه من أجل ذلك و ليس يخاف عقوبة النار و أنتم مكثرون التمرد و تجعلون المعاصي في الظلم الدجى إن الظلام لا يستركم علي بل استخفيتم على الآدميين و تهاونتم بي و لو أمرت فطرات الأرض تبتلعكم فتجعلكم نكالا و لكن جدت عليكم بالإحسان فإن استغفرتموني تجدوني غفارا فإن تعصوني اتكالا على رحمتي فقد يجب أن يتقي من يتوكل عليه سبحان خالق النور و في الثامنة و الستين ابن آدم لما رزقكم اللسان و أطلقت لكم الأوصال و رزقتكم الأموال جعلتم الأوصال كلها عونا على المعاصي كأنكم بي تغترون و بعقوبتي تتلاعبون و من أجرم الذنوب و أعجبه حسنه فلينظر الأرض كيف لعبت بالوجوه في القبور و تجعلها رميما إنما الجمال جمال من عوفي من النار و إذا فرغتم من المعاصي رجعتم إلي أ حسبتم أني خلقتكم عبثا إني إنما جعلت الدنيا رديف الآخرة فسددوا و قاربوا و اذكروا رحلة الدنيا و ارجوا ثوابي و خافوا عقابي و اذكروا صولة الزبانية و ضيق المسلك في النار و غم أبواب جهنم و برد الزمهرير ازجروا أنفسكم حتى تنزجر و أرضوها باليسير من العمل سبحان خالق النور و في الحادية و السبعين طلب الثواب بالمخادعة يورث الحرمان و حسن العمل يقرب مني أ رأيتم لو أن رجلا أحضر سيفا لا نصل له أو قوسا لا سهم له أ كان يردع عدوه و كذلك التوحيد لا يتم إلا بالعمل و إطعام الطعام لرضاي سبحان خالق النور و في الرابعة و الثمانين مولج الليل في النهار و مغيب النور في الظلمة و مذل العزيز و معز الذليل و أنا الملك الأعلى معشر الصديقين كيف مساعدتكم أنفسكم على الضحك و أيامكم تفنى و الموت بكم نازل و تموتون و ترعى الدود في أجسادكم و تنساكم الأهلون و الأقرباء سبحان خالق النور و في المائة من فزع نفسه بالموت هانت عليه الدنيا و من أكثر الهم و الأباطيل اقتحم عليه الموت من حيث لا يشعر إن الله لا يدع شابا لشبابه و لا شيخا لكبره إذا قربت آجالكم توفتكم رسلي وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ فالويل لمن توفته رسلي و هو على الفواحش لم يدعها و الويل كل الويل لمن تتبع عورات المخلوقين و الويل كل الويل لمن كان لأحد قبله تبعة خردلة حتى يؤديها من حسناته و الليل إذا أظلم و الصبح إذا استنار و السماء الرفيعة و السحاب المسخر ليخرجن المظالم و لتؤدي كائنة ما كانت من حسناتكم أو من سيئات المظلوم تجعل على سيئاتكم و السعيد من أخذ كتابه بيمينه و انصرف إلى أهله مضيء الوجه و الشقي من أخذ كتابه بشماله و من وراء ظهره و انصرف إلى أهله باسر الوجه بسرا قد شحب لونه و ورمت قدماه و خرج لسانه دالعا على صدره و غلظ شعره فصار في النار محسورا مبعدا مدحورا و صارت عليه اللعنة و سوء الحساب و أنا القادر القاهر الذي أعلم غيب السماوات و الأرض و أعلم خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ و أنا السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
9- من خط الشهيد رحمه الله قيل في التوراة قل لصاحب المال الكثير لا يغتر بكثرة ماله و غناه فإن اغتر فليطعم الخلق غداء و عشاء و قل لصاحب العلم لا يغتر بكثرة علمه فإن اغتر فليعلم أنه متى يموت و قل لصاحب العضد القوي لا يغتر بقوته فإن اغتر بقوته فليدفع الموت عن نفسه
10- عدة الداعي، روى الحسن بن أبي الحسن الديلمي عن وهب بن منبه قال أوحى الله إلى داود ع يا داود من أحب حبيبا صدق قوله و من رضي بحبيب رضي فعله و من وثق بحبيب اعتمد عليه و من اشتاق إلى حبيب جد في السير إليه يا داود ذكري للذاكرين و جنتي للمطيعين و حبي للمشتاقين و أنا خاصة للمحبين و قال سبحانه أهل طاعتي في ضيافتي و أهل شكري في زيادتي و أهل ذكري في نعمتي و أهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم و إن دعوا فأنا مجيبهم و إن مرضوا فأنا طبيبهم أداويهم بالمحن و المصائب لأطهرهم من الذنوب و المعايب
أعلام الدين، للديلمي مثله
11- و فيه، قال كعب الأحبار مكتوب في التوراة يا موسى من أحبني لم ينسني و من رجا معروفي ألح في مسألتي يا موسى إني لست بغافل عن خلقي و لكن أحب أن يسمع ملائكتي ضجيج الدعاء من عبادي و ترى حفظتي تقرب بني آدم إلي بما أنا مقويهم عليه و مسببه لهم يا موسى قل لبني إسرائيل لا تبطرنكم النعمة فيعاجلكم السلب و لا تغفلوا عن الشكر فيقارعكم الذل و ألحوا في الدعاء تشملكم الرحمة بالإجابة و تهنيكم العافية
12- و روي في زبور داود يقول الله تعالى ابن آدم تسألني فأمنعك لعلمي بما ينفعك ثم تلح علي بالمسألة فأعطيك ما سألت فتستعين به على معصيتي فأهم بهتك سترك فتدعوني فأستر عليك فكم من جميل أصنع معك و كم قبح تصنع معي يوشك أن أغضب عليك غضبة لا أرضى بعدها أبدا و من الإنجيل ألا تدينوا و أنتم خطاء فيدان منكم بالعذاب لا تحكموا بالجور فيحكم عليكم بالعذاب بالمكيال الذي تكيلون يكال لكم و بالحكم الذي تحكمون يحكم عليكم و من الإنجيل أيضا احذروا الكذابة الذين يأتونكم بلباس الحملان فهم في الحقيقة ذئاب خاطفة من ثمارهم تعرفونهم لا يمكن الشجرة الطيبة أن تثمر ثمارا ردية و لا الشجرة الردية أن تثمر ثمارا صالحة
13- ختص، ]الإختصاص[ عن رفاعة عن أبي عبد الله ع قال في التوراة أربع مكتوبات و أربع إلى جانبهن من أصبح على الدنيا حزينا أصبح على ربه ساخطا و من شكا مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه و من أتى غنيا فتضعضع له لشيء يصيبه منه ذهب ثلثا دينه و من دخل من هذه الأمة النار ممن قرأ القرآن هو ممن يتخذ آياتِ اللَّهِ هُزُواً و الأربعة إلى جانبهن كما تدين تدان و من ملك استأثر و من لم يستشر يندم و الفقر هو الموت الأكبر
14- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ محمد بن سنان عن يوسف بن عمران عن يعقوب بن شعيب قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله عز و جل أوحى إلى آدم أني جامع لك الكلام كله في أربع كلم قال يا رب و ما هن فقال واحدة لي و واحدة لك و واحدة فيما بيني و بينك و واحدة فيما بينك و بين الناس قال يا رب بينهن لي حتى أعمل بهن قال أما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا و أما التي لك فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه و أما التي بيني و بينك فعليك الدعاء و علي الإجابة و أما التي بينك و بين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك
15- كنز الكراجكي، روي أن الله يقول يا ابن آدم في كل يوم يؤتى رزقك و أنت تحزن و ينقص من عمرك و أنت لا تحزن تطلب ما يطغيك و عندك ما يكفيك