الآيات آل عمران يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ الأعراف وَ يُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُ يَسْجُدُونَ الرعد وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ الحجر فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ النحل وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ الإسراء إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً الحج أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا الفرقان وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا الرَّحْمنُ أَ نَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَ زادَهُمْ نُفُوراً النمل أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ التنزيل إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَ سَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ السجدة لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَ لا لِلْقَمَرِ وَ اسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ النجم فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَ اعْبُدُوا الجن وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً. تفسير في هذه الآيات دلالة ما على وجوب السجود و حسنه في الجملة ففي بعضها عبر عن الصلاة به فتدل على اشتمالها عليه و بعضها ظاهره سجود الصلاة و بعضها سجود التلاوة قوله تعالى وَ لَهُ يَسْجُدُونَ قال الطبرسي رحمه الله أي يخضعون و قيل يصلون و قيل يسجدون في الصلاة و هي أول سجدات القرآن فعند أبي حنيفة واجبة و عند الشافعي سنة مؤكدة و إليه ذهب أصحابنا. و قال في قوله وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ اختلف في معناه على قولين أحدهما أنه يجب السجود لله تعالى إلا أن المؤمن يسجد له طوعا و الكافر كرها بالسيف و الثاني أن معناه الخضوع و قيل المراد بالظل الشخص فإن من يسجد يسجد ظله معه قال الحسن يسجد ظل الكافر و لا يسجد الكافر و معناه عند أهل التحقيق أنه يسجد شخصه دون قلبه و قيل إن الظلال هنا على ظاهرها و المعنى في سجودها تمايلها من جانب إلى جانب و انقيادها للتسخير بالطول و القصر انتهى.
و روى علي بن إبراهيم عن الباقر ع أنه قال أما من يسجد من أهل السماوات طوعا فالملائكة يسجدون لله طوعا و من يسجد من أهل الأرض فمن ولد في الإسلام فهو يسجد له طوعا و أما من يسجد له كرها فمن جبر على الإسلام و أما من لم يسجد فظله يسجد له بالغداة و العشي
و قال علي بن إبراهيم تحريك كل ظل خلقه الله هو سجوده لله لأنه ليس شيء إلا له ظل يتحرك بتحركه و تحوله سجوده. و قال ظل المؤمن يسجد طوعا و ظل الكافر يسجد كرها و هو نموهم و حركتهم و زيادتهم و نقصانهم. و قد مر الكلام فيه في كتاب السماء و العالم. و قال الطبرسي وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ أي المصلين عن ابن عباس قال و كان رسول الله ص إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة و قيل كن من الذين يسجدون لله و يوجهون بعبادتهم إليه. و قال في قوله سبحانه إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ أي أعطوا علم التوراة من قبل نزول القرآن كعبد الله بن سلام و غيره فعلموا صفة النبي ص قبل مبعثه عن ابن عباس و قيل إنهم أهل العلم من أهل الكتاب و غيرهم و قيل إنهم أمة محمد ص إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ القرآن يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً أي يسقطون على وجوههم ساجدين عن ابن عباس و قتادة و إنما خص الذقن لأن من سجد كان أقرب شيء منه إلى الأرض ذقنه و الذقن مجمع اللحيين وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا أي تنزيها لربنا عما يضيف إليه المشركون إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا إنه كان وعد ربنا مفعولا حقا يقينا وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ أي و يسجدون باكين إشفاقا من التقصير في العبادة و شوقا إلى الثواب و خوفا من العقاب وَ يَزِيدُهُمْ ما في القرآن من المواعظ خُشُوعاً أي تواضعا لله تعالى و استسلاما لأمر الله و طاعته انتهى. و أقول سيأتي تفسير السجود على الأذقان بمعناه الظاهر
كما رواه الكليني عن علي بن محمد بإسناد له قال سئل أبو عبد الله ع عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها قال يضع ذقنه على الأرض إن الله تعالى يقول يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً
فيمكن أن يكون في الأمم السالفة سجودهم هكذا و الاستشهاد بالآية لمناسبة أنه لما كان الذقن مسجدا للأمم السابقة فلذا صار مع الضرورة مسجدا لهذه الأمة أيضا و يحتمل أن يكون المراد بالآية سجودهم في حال الضرورة و علي بن إبراهيم فسر أولا الأذقان بالوجه و الذين أوتوا العلم بقوم من أهل الكتاب آمنوا برسول الله ص ثم ذكر الرواية الآتية فيمكن أن يكون كلا المعنيين مقصودين في الآية. ثم اعلم أن الفاضلين استدلا بهذه الآية على وجوب السجود على الذقن مع تعذر الجبينين قالا إذا صدق عليه السجود وجب أن يكون مجزيا في الأمر به و يرد عليه أن السجود المأمور به غير هذا المعنى بدليل عدم صحة الاجتزاء به في حال الاختيار فلا يحصل به امتثال الأمر بالسجود فالعمدة في ذلك الأخبار المؤيدة بالشهرة بين الأصحاب. أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ من العقلاء وَ الشَّمْسُ أي و تسجد الشمس إلخ وصف سبحانه هذه الأشياء بالسجود و هو الخضوع و الذل و الانقياد لخالقها فيما يريد منها وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يعني المؤمنين الذين يسجدون لله تعالى وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ أي ممن أبى السجود و لا يوحده سبحانه. وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ أي للمشركين اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا الرَّحْمنُ أي إنا لا نعرف الرحمن فإنهم لم يكونوا يعرفون الله بهذا الاسم وَ زادَهُمْ ذكر الرحمن نُفُوراً عن الإيمان. أَلَّا يَسْجُدُوا أي فصدهم ألا يسجدوا أو زين لهم ألا يسجدوا أو لا يهتدون إلى أن يسجدوا فلا زائدة الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ أي ما خفي لغيره و إخراجه إظهاره فهو يشمل إبداع جميع الأشياء. إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا قال الطبرسي رحمه الله أي يصدق بالقرآن و سائر حججنا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها أي وعظوا بها تذكروا و اتعظوا بمواعظها بأن خَرُّوا سُجَّداً أي ساجدين شكرا لله سبحانه على أن هداهم بمعرفته و أنعم عليهم بفنون نعمته وَ سَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ أي نزهوه عما لا يليق به من الصفات و عظموه و حمدوه وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ عن عبادته و لا يستنكفون من طاعته و لا يأنفون أن يعفروا وجوههم صاغرين له أقول فيها إيماء إلى حسن التسبيح و التحميد في السجود و يمكن حمل الآية على السجدات الواجبة أو الأعم منها و من المندوبة و إن لم يذكره المفسرون. لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ إلخ يدل على عدم جواز السجود لغير الخالق و وجوب السجود له و عدم صحة العبادة بدون السجود وَ اسْجُدُوا لِلَّهِ يدل على وجوب السجود و الإخلاص فيه و استدل به على وجوب السجود عند تلاوة الآية و سماعها و لا يخفى ما فيه. وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ قد مر تفسيرها في باب المساجد و قد فسرت في أخبارنا بالمساجد السبعة كما ستعرف فيدل على عدم جواز السجود بتلك المساجد السبعة لغيره تعالى و قد مر في صحيحة حماد تفسيرها بالمساجد السبعة.
و يؤيده ما رواه في الكافي عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ع قال إن الله فرض الإيمان على جوارح ابن آدم و قسمه عليها و فرقه فيها و ساق الحديث الطويل إلى أن قال و فرض على الوجه السجود له بالليل و النهار في مواقيت الصلاة فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ و هذه فريضة جامعة على الوجه و اليدين و الرجلين و قال في موضع آخر وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً
و في الفقيه في وصية أمير المؤمنين ع لابنه محمد بن الحنفية قال الله عز و جل وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ الآية يعني بالمساجد الوجه و اليدين و الركبتين و الإبهامين
1- العياشي، عن أبي جعفر الثاني ع أنه سأله المعتصم عن السارق من أي موضع يجب أن يقطع فقال إن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف قال و ما الحجة في ذلك قال قول رسول الله ص السجود على سبعة أعضاء الوجه و اليدين و الركبتين و الرجلين فإذا قطعت يده من الكرسوع و المرفق لم يبق له يد يسجد عليها و قال الله وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً و ما كان لله فلا يقطع الخبر
2- غيبة الشيخ، عن جماعة عن محمد بن أحمد بن داود القمي قال كتب محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى الناحية المقدسة يسأل عن المصلي يكون في صلاة الليل في ظلمة فإذا سجد يغلط بالسجادة و يضع جبهته على مسح أو نطع فإذا رفع رأسه وجد السجادة هل يعتد بهذه السجدة أم لا يعتد بها فوقع ع ما لم يستو جالسا فلا شيء عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة
الإحتجاج، عن الحميري مثله
3- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يسجد على الحصاة فلا يمكن جبهته من الأرض قال يحرك جبهته حتى يمكن و ينحي الحصاة عن جبهته و لا يرفع رأسه
توفيق تعارضت الأخبار في جواز رفع الرأس و إعادة السجود عند وقوع الجبهة على ما لا يصح السجود عليه أو عدم تمكن الجبهة و عدمه فالشيخ حمل أخبار الجواز على ما إذا لم يمكن وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه أو تمكنها بدون الرفع و أخبار عدم الجواز على ما إذا أمكن بدونه و يمكن حمل أخبار الجواز على النافلة كما هو مورد الخبر الأول و العدم على الفريضة أو الأولى على الجواز و الثانية على الكراهة. قال في المنتهى لو وقعت جبهته على المرتفع جاز أن يرفع رأسه و يسجد على المساوي لأنه لم يحصل كمال السجود فيجوز العود لتحصيل الكمال
و يؤيده ما رواه الشيخ عن الحسين بن حماد قال قلت لأبي عبد الله ع أسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع فقال ارفع رأسك ثم ضعه
و لا يعارض ذلك ما رواه
الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله ع إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها و لكن جرها على الأرض
و روي نحوه عن الحسين بن حماد عنه ع و عن يونس عنه ع. ثم قال لأنا نحمل هذه الأخبار على ما إذا كان مقدار المرتفع لبنة فما دون فلو رفع رأسه حينئذ لزمه أن يزيد سجدة متعمدا و هو غير سائغ. و قال في الذكرى لو وقعت الجبهة على ما لا يصح السجود عليه فإن كان أعلى من لبنة رفعها ثم سجد لعدم صدق مسمى السجود و إن كان لبنة فما دون فالأولى أن يجر و لا يرفع لئلا يلزم تعدد السجود و على ذلك دلت رواية الحسين بن حماد ثم حمل روايات المنع على غير المرتفع و كذا فعل المحقق في المعتبر و لعل بعض ما ذكرنا من الوجوه أوجه إذ عدم تحقق السجود الشرعي كما يكون في الارتفاع زائدا على اللبنة يكون في وقوع الجبهة على ما لا يصح السجود عليه أو عدم الاستقرار فيه و أما أصل حقيقة السجود شرعا و عرفا و لغة فالظاهر أنه يتحقق مع قدر من الانحناء و وضع الجبهة و يلزمهم أنه إذا وضع جبهته على أزيد من لبنة مرات لا يتحقق معها الفعل الكثير لا يكون مبطلا لصلاته و لعلهم لا يقولون به فالظاهر أن جواز ذلك للضرورة و مع عدمها لا يجوز الرفع كما هو ظاهر الشيخ. ثم تحريك الجبهة و تنحية الحصاة في الخبر إما لعدم الاستقرار أو لعدم الاكتفاء بأقل من الدرهم كما قيل أو لتحقق المستحب من إيصال الدرهم فما زاد و بالجملة لا يمكن الاستدلال به على وجوب الدرهم
4- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن المرأة إذا سجدت يقع بعض جبهتها على الأرض و بعضها يغطيه الشعر هل يجوز قال لا حتى تضع جبهتها على الأرض
بيان المشهور بين الأصحاب إجزاء إيصال جزء من الجبهة إلى ما يصح السجود عليه و ذهب الصدوق و ابن إدريس و الشهيد في الذكرى إلى وجوب مقدار الدرهم و ظاهر ابن الجنيد وجوب وضع كل الجبهة على الأرض فإنه قيد إجزاء مقدار الدرهم بما إذا كان بالجبهة علة و هذا الخبر يؤيده و الأقوى حمله على الاستحباب لمعارضة الأخبار الكثيرة المعتبرة الدالة على إجزاء المسمى قال في الذكرى يستحب للمرأة أن ترفع شعرها عن جبهتها و إن كان يصيب الأرض بعضها لزيادة التمكن لرواية علي بن جعفر و الظاهر أنه على الكراهة و قال ابن الجنيد لا يستحب للمرأة أن تطول قصتها حتى يستر شعرها بعض جبهتها عن الأرض أو ما تسجد عليه
5- الكافي، في الصحيح عن أبي عبيدة قال سمعت أبا جعفر ع يقول و هو ساجد أسألك بحق حبيبك محمد ص إلا بدلت سيئاتي حسنات و حاسبتني حسابا يسيرا ثم قال في الثانية أسألك بحق حبيبك محمد إلا كفيتني مئونة الدنيا و كل هول دون الجنة و قال في الثالثة أسألك بحق حبيبك محمد لما غفرت لي الكثير من الذنوب و القليل و قبلت مني عملي اليسير ثم قال في الرابعة أسألك بحق حبيبك محمد لما أدخلتني الجنة و جعلتني من سكانها و لما نجيتني من سفعات النار برحمتك و صلى الله على محمد و آله
و منه بسند قريب من الصحيح عن جميل قال قال لي أبو عبد الله ع أي شيء تقول إذا سجدت قلت علمني جعلت فداك ما أقول قال قل يا رب الأرباب و يا ملك الملوك و يا سيد السادات و يا جبار الجبابرة و يا إله الآلهة صل على محمد و آل محمد و افعل بي كذا و كذا ثم قل فإني عبدك ناصيتي في قبضتك ثم ادع بما شئت و اسأله فإنه جواد و لا يتعاظمه شيء
6- كتاب عاصم بن حميد، عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال سألته عن الرجل يرفع موضع جبهته في المسجد فقال إني أحب أن أضع وجهي في مثل قدمي و أكره أن يضعه الرجل على مرتفع
و منه عن سعيد بن يسار قال قلت لأبي عبد الله ع أدعو و أنا راكع أو ساجد قال فقال نعم ادع و أنت ساجد فإن أقرب ما يكون العبد إلى الله و هو ساجد ادع الله عز و جل لدنياك و آخرتك
7- العلل، عن علي بن سهل عن إبراهيم بن علي عن أحمد بن محمد الأنصاري عن الحسن بن علي العلوي عن أبي حكيم الزاهد عن أحمد بن علي الراهب قال قال رجل لأمير المؤمنين ع يا ابن عم خير خلق الله ما معنى السجدة الأولى فقال تأويله اللهم إنك منها خلقتني يعني من الأرض و رفع رأسك و منها أخرجتنا و السجدة الثانية و إليها تعيدنا و رفع رأسك من الثانية و منها تخرجنا تارة أخرى قال الرجل ما معنى رفع رجلك اليمنى و طرحك اليسرى في التشهد قال تأويله اللهم أمت الباطل و أقم الحق
و منه عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن الصادق ع عن أبيه ع قال إذا سجد أحدكم فليباشر بكفيه الأرض لعل الله يصرف عنه الغل يوم القيامة
ثواب الأعمال، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي مثله بيان المراد بالأرض التراب و الحجر و غيرهما من وجه الأرض أو التراب فقط أو ما يصح عليه السجود تغليبا أو الأعم منه أيضا بأن يكون المراد الاعتماد عليهما و لا يخفى بعد ما عدا الأول
8- العلل، عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد الأشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد الله بن حماد عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك الرجل يكون في السفر فيقطع عليه الطريق فيبقى عريانا في سراويل و لا يجد ما يسجد عليه و يخاف إن سجد على الرمضاء احترقت وجهه قال يسجد على ظهر كفه فإنها أحد المساجد
بيان لعل التعليل لتخصيص السجدة بكونها على ظهر الكف لأن بطنها إلى المساجد فإذا سجد على بطنها فات إيصال البطن إلى الأرض و قيل تعليل للسجود على الكف بمناسبة أنها أحد المساجد و قيل المراد أن كفك أحد مساجدك على الأرض فإذا وضعت جبهتك عليها صارت موضوعة على الأرض بتوسطها و يحتمل أن يكون المراد أنها أحد الأشياء التي جوز الشارع السجود عليها في حال الضرورة
9- تفسير علي بن إبراهيم، وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً قال المساجد السبعة التي يسجد عليها الكفان و الركبتان و الإبهامان و الجبهة
و منه عن أبيه عن الصباح عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله ع رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد عليها قال يسجد ما بين طرف شعره فإن لم يقدر سجد على حاجبه الأيمن فإن لم يقدر فعلى حاجبه الأيسر فإن لم يقدر فعلى ذقنه قلت على ذقنه قال نعم أ ما تقرأ كتاب الله عز و جل يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً
تنقيح المشهور بين الأصحاب أنه إن كان بجبهته دمل أو جراح حفر له حفيرة ليقع السليم على الأرض فإن تعذر سجد على إحدى الجبينين و ذهب الصدوق و والده إلى وجوب تقديم الأيمن فإن تعذر فعلى ذقنه و قال الشيخ في المبسوط إن كان هناك دمل أو جراح و لم يتمكن من السجود عليه سجد على أحد جانبيه فإن لم يتمكن من السجود عليه سجد على ذقنه و إن جعل لموضع الدمل حفرة يجعله فيها كان جائزا و قدم ابن حمزة السجود على أحد الجانبين على الحفرة و الأشهر أقوى لهذا الخبر و إن لم يتعرضوا له
و لما رواه الشيخ عن مصادف قال خرج بي دمل و كنت أسجد على جانب فرأى أبو عبد الله ع أثره فقال لي ما هذا فقلت لا أستطيع أن أسجد من أجل الدمل فإنما أسجد منحرفا فقال لي لا تفعل ذلك احفر حفيرة و اجعل الدمل في الحفيرة حتى تقع جبهتك على الأرض
و هل يجب كشف الذقن من اللحية عند السجود عليه قال الشهيد الثاني نعم استنادا إلى أن اللحية ليست من الذقن فيجب كشفه مع الإمكان و قيل لا يجب لإطلاق الخبر و لعله أقرب
10- قرب الإسناد، عن محمد بن عيسى اليقطيني عن عبد الله بن ميمون القداح عن الصادق عن أبيه ع قال يسجد ابن آدم على سبعة أعظم يديه و رجليه و ركبتيه و جبهته
و منه عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن الرجل يسجد ثم لا يرفع يديه من الأرض حتى يسجد الثانية هل يصلح له ذلك قال ذلك نقص في الصلاة
بيان ذلك نقص في الصلاة في أكثر النسخ بالصاد المهملة و في بعضها بالمعجمة فعلى الأول ظاهره الجواز و لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الجلوس و الطمأنينة بين السجدتين نقل الإجماع عليه جماعة
11- الخصال، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال السجود على سبعة أعظم الجبهة و الكفين و الركبتين و الإبهامين و ترغم بأنفك أما المفترض فهذه السبعة و أما الإرغام فسنة
-12 مجالس الصدوق، و الخصال، في بعض أخبار المناهي عن النبي ص أن الله كره النفخ في الصلاة
13- الخصال، عن أحمد بن محمد بن هيثم عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبيه عن الحسين بن مصعب قال قال أبو عبد الله ع يكره النفخ في الرقى و الطعام و موضع السجود
و منه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير و محمد بن مسلم عن الصادق ع عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع لا ينفخ الرجل في موضع سجوده و لا ينفخ في طعامه و لا في شرابه و لا في تعويذه
14- العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن صفوان عن ابن مسكان عن ليث قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل يصلي فينفخ في موضع جبهته قال ليس به بأس إنما يكره ذلك أن يؤذي من إلى جانبه
بيان حمل هذا على الجواز و ما مر على الكراهة و يمكن تقييد الأخبار السابقة بهذا الخبر كما فعله الشيخ في الإستبصار و يمكن حمل هذا الخبر على قبل الصلاة و الأخبار المطلقة على حال الصلاة كما يدل عليه خبر المناهي فالمراد بقوله يصلي يريد الصلاة لكن يأبى عنه بعض الأخبار المصرحة بجوازه في الصلاة ما لم يؤذ أحدا و يمكن القول بالكراهة مطلقا و تكون مع الإيذاء أشد
15- المحاسن، عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن أبي أسامة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول عليكم بتقوى الله و الورع و الاجتهاد و صدق الحديث و أداء الأمانة و حسن الجوار و كونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم و كونوا زينا و لا تكونوا شينا و عليكم بطول السجود و الركوع فإن أحدكم إذا أطال الركوع و السجود يهتف إبليس من خلفه و قال يا ويلتاه أطاعوا و عصيت و سجدوا و أبيت
16- مصباح الشريعة، قال الصادق ع ما خسر و الله من أتى بحقيقة السجود و لو كان في العمر مرة واحدة و ما أفلح من خلا بربه في مثل ذلك الحال شبيها بمخادع لنفسه غافل لاه عما أعد الله للساجدين من أنس العاجل و راحة الآجل و لا بعد أبدا عن الله من أحسن تقربه في السجود و لا قرب إليه أبدا من أساء أدبه و ضيع حرمته بتعليق قلبه بسواه في حال سجوده فاسجد سجود متواضع ذليل علم أنه خلق من تراب يطؤه الخلق و أنه ركب من نطفة يستقذرها كل أحد و كون و لم يكن و قد جعل الله معنى السجود سبب التقرب إليه بالقلب و السر و الروح فمن قرب منه بعد من غيره أ لا يرى في الظاهر أنه لا يستوي حال السجود إلا بالتواري عن جميع الأشياء و الاحتجاب عن كل ما تراه العيون كذلك أراد الله تعالى أمر الباطن فمن كان قلبه متعلقا في صلاته بشيء دون الله فهو قريب من ذلك الشيء بعيد من حقيقة ما أراد الله منه في صلاته قال الله عز و جل ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ و قال رسول الله ص قال الله عز و جل لا أطلع على قلب عبد فأعلم منه حب الإخلاص لطاعتي لوجهي و ابتغاء مرضاتي إلا توليت تقويمه و سياسته و من اشتغل في صلاته بغيري فهو من المستهزءين بنفسه و مكتوب اسمه في ديوان الخاسرين
17- فلاح السائل، تقول في السجود ما رواه الكليني ره عن الحلبي عن أبي عبد الله ع و فيه زيادة برواية أخرى اللهم لك سجدت و بك آمنت و لك أسلمت و عليك توكلت و أنت ربي سجد لك سمعي و بصري و شعري و عصبي و عظامي سجد وجهي البالي الفاني للذي خلقه و صوره و شق سمعه و بصره تبارك الله أحسن الخالقين
و روى الكليني عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله ع قال كان علي بن الحسين ع إذا قام إلى الصلاة تغير لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقا ثم يرفع رأسه من السجدة الأولى و يقول اللهم اعف عني و اغفر لي و ارحمني و اجبرني و اهدني إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ
بيان ما ذكره من دعاء السجود موافق لما في مصباح الشيخ و فيه وجهي الفاني البالي و كذا ذكره الشهيد في النفلية
و في الكافي و التهذيب و أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه و شق سمعه و بصره وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ تبارك اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ
روياه في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله ع ثم قال فإذا رفعت رأسك فقل بين السجدتين اللهم اغفر لي و ارحمني و اجبرني و ادفع عني إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ
و في الذكرى ذكر دعاء السجود كما في الكافي ثم قال و إن قال خلقه و صوره كان حسنا ثم قال في الدعاء بين السجدتين
روي عن النبي ص أنه كان يقول بينهما اللهم اغفر لي و ارحمني و اجبرني و عافني إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ
و أسقط ابن جنيد تبارك الله إلى آخرها و زاد سمعت و أطعت غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ
18- جامع البزنطي، نقلا من خط بعض الأفاضل عن الحلبي عن الصادق ع قال إذا سجدت فلا تبسط ذراعيك كما يبسط السبع ذراعيه و لكن اجنح بهما فإن رسول الله ص كان يجنح بهما حتى يرى بياض إبطيه
19- كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يسجد فيضع يده على نعله هل يصلح ذلك قال لا بأس
20- نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال علي ع في قوله تعالى وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ ما سجدت به من جوارحك لله تعالى فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً
21- مجمع البيان، روي أن المعتصم سأل أبا جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا ع عن قوله تعالى وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فقال هي الأعضاء السبعة التي يسجد عليها
22- دعائم الإسلام، عن جعفر بن محمد ع قال إذا تصوبت للسجود فقدم يديك إلى الأرض قبل ركبتيك بشيء
و عنه ع قال إذا سجدت فلتكن كفاك على الأرض مبسوطتين و أطراف أصابعك حذاء أذنيك نحو ما تكون إذا رفعتهما بالتكبير و اجنح بمرفقيك و لا تفترش ذراعيك و أمكن جبهتك و أنفك من الأرض و أخرج يديك من كميك و باشر بهما الأرض أو ما تصلي عليه و لا تسجد على كور العمامة حسر عن جبهتك و أقل ما يجزي أن يصيب الأرض عن جبهتك قدر درهم
و عنه ع أنه قال و قل في السجود سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات
و مما روينا عنهم ع فيمن صلى لنفسه أن يقول في سجوده اللهم لك سجدت و بك آمنت و عليك توكلت و أنت ربي و إلهي سجد وجهي للذي خلقه و شق سمعه و بصره لله رب العالمين سبحان ربي الأعلى و بحمده ثلاث مرات و يقول بين السجدتين اللهم اغفر لي و ارحمني و اجبرني و ارفعني
بيان إخراج اليد عن الكم و إيصالها الأرض على الاستحباب كما ذكر الأصحاب و عدم السجود على كور العمامة لكونها من الثياب و منع الشيخ من السجود على ما هو حامل له ككور العمامة و طرف الرداء قال في الذكرى فإن قصد لكونه من جنس ما لا يسجد عليه فمرحبا بالوفاق و إن جعل المانع نفس الحمل كما هو مذهب بعض العامة طولب بدليل المنع
23- الهداية، السجود على سبعة أعظم على الجبهة و الكفين و الركبتين و الإبهامين و الإرغام بالأنف سنة من تركها لم تكن له صلاة
24- العلل، لمحمد بن علي بن إبراهيم سئل أمير المؤمنين ع عن معنى السجود فقال معناه منها خلقتني يعني من التراب و رفع رأسك من السجود معناه منها أخرجتني و السجدة الثانية و إليها تعيدني و رفع رأسك من السجدة الثانية و منها تخرجني تارة أخرى و معنى قوله سبحان ربي الأعلى فسبحان أنفة لله و ربي خالقي و الأعلى أي علا و ارتفع في سماواته حتى صار العباد كلهم دونه و قهرهم بعزته و من عنده التدبير و إليه تعرج المعارج و قالوا أيضا في علة السجود مرتين إن رسول الله ص لما أسري به إلى السماء و رأى عظمة ربه سجد فلما رفع رأسه رأى من عظمته ما رأى فسجد أيضا فصار سجدتين
25- مجالس الصدوق، عن محمد بن علي بن الفضل عن محمد بن عمار القطان عن الحسين بن علي الزعفراني عن إسماعيل بن إبراهيم العبدي عن سهل عن ابن محبوب عن الثمالي قال دخلت مسجد الكوفة فإذا أنا برجل عند الأسطوانة السابعة قائما يصلي و يحسن ركوعه و سجوده فجئت لأنظر إليه فسبقني إلى السجود فسمعته يقول في سجوده اللهم إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك في أحب الأشياء إليك و هو الإيمان بك منا منك به علي لا من به مني عليك و لم أعصك في أبغض الأشياء إليك لم أدع لك ولدا و لم أتخذ لك شريكا منا منك علي لا من مني عليك و عصيتك في أشياء على غير مكاشرة مني و لا مكابرة و لا استكبار عن عبادتك و لا جحود لربوبيتك و لكن اتبعت هواي و أضلني الشيطان بعد الحجة و البيان فإن تعذبني فبذنبي غير ظالم لي و إن ترحمني فبجودك و رحمتك يا أرحم الراحمين ثم انفتل و خرج من باب كندة فتبعته حتى أتى مناخ الكلبيين فمر بأسود فأمره بشيء لم أفهمه فقلت من هذا فقال هذا علي بن الحسين ع فقلت جعلني الله فداك ما أقدمك هذا الموضع فقال الذي رأيت
26- المقنعة، ثم يرفع رأسه من السجدة الأولى و يقول و هو جالس اللهم اغفر لي و ارحمني و ادفع عني و اجبرني إني لما أنزلت إلي من خير فقير
27- كتاب زيد النرسي، عن سماعة بن مهران قال رأيت أبا عبد الله ع إذا سجد بسط يديه على الأرض بحذاء وجهه و فرج بين أصابع يديه و يقول إنهما يسجدان كما يسجد الوجه
بيان تفريج الأصابع خلاف المشهور و سائر الأخبار من استحباب ضم الأصابع بل ادعى عليه في المنتهى الإجماع و قال ابن الجنيد يفرق الإبهام عنها فيمكن حمل الخبر على بيان الجواز أو العذر أو على خصوص الإبهام على مختار ابن الجنيد و إن كان بعيدا
دقيقة
اعلم أن المشهور بين الأصحاب أن السجدتين معا ركن و أما إحداهما فليست ركنا و هاهنا خلاف في موضعين أحدهما أن الإخلال بالسجدتين معا مبطل في الأخيرتين كالأوليين أم لا و اختار الشيخ الثاني خلافا للمشهور كما سيأتي الثاني أن الإخلال بالسجدة الواحدة سهوا هل هو مبطل أم لا و على الأخير معظم الأصحاب و قال في الذكرى بل هو إجماع و كلام ابن أبي عقيل يومئ إلى الأول لصدق الإخلال بالركن إذ الماهية المركبة تفوت بفوات جزء منها. و يرد على المشهور أن الركن إن كان مسمى السجود يلزم بطلان الصلاة بالسجدتين و الثلاث عمدا و سهوا و إن كان السجدتين يلزم بطلان الصلاة بترك واحدة منهما سهوا و أجيب عنه بوجوه مدخولة أوردوها في كتبهم و لا فائدة في إيرادها. و ربما يتوهم اندفاع الشبهة بما يومئ إليه خبر المعراج بأن الأولى كانت بأمره تعالى و الثانية أتى بها الرسول ص من قبل نفسه فتكون الأولى فريضة و ركنا و الثانية سنة بالمعنى المقابل للفريضة و غير ركن. و يرد عليه بعد تسليم دلالة خبر المعراج عليه أنه لا ينفع في دفع الفساد بل يزيده إذ لا يعقل حينئذ زيادة الركن أصلا لأن السجدة الأولى لا تتكرر إلا بأن يفرض أنه سها عن الأولى و سجد أخرى بقصد الأولى فيلزم زيادة الركن بسجدتين أيضا مع أنه يلزم أنه إذا سجد ألف سجدة بغير هذا الوجه لم يكن زاد ركنا على أنه لو اعتبرت النية في ذلك يلزم بطلان صلاة من ظن أنه سجد الأولى ثم سجد بنية الأخيرة فظهر له بعد الصلاة ترك الأولى و لم يقل به أحد. و قيل في دفعه وجه آخر أيضا و هو أن الركن هو أحد الأمرين من إحداهما و كلتيهما و يرد عليه أنه إذا سجد ثلاث سجدات سهوا يلزم بطلان صلاته حينئذ. و قال بعض الأفاضل ممن قرب عصرنا يدفع الإشكال بأن يقال الركن المفهوم المردد بين السجدة الواحدة بشرط لا و السجدتين بشرط لا و ثلاث سجدات بشرط لا إذ ترك الركن حينئذ إنما يكون بعدم تحقق السجدة مطلقا و إذا سجد أربع سجدات أو أكثر لم يتحقق الركن أيضا و يرد عليه أنه لا خلاف في أن بطلان الصلاة فيما إذا أتى بأربع أو أكثر إنما هو لزيادة الركن لا لتركه و يلزم على هذا الوجه أن يكون البطلان لترك الركن و عدم تحققه لا لزيادته. و يخطر بالبال وجه آخر لدفع الإشكال على سياق هذا الوجه لكنه أخصر و أفيد و هو أن يكون الركن المفهوم المردد بين سجدة واحدة بشرط لا و سجدتين لا بشرط شيء فإذا أتى بواحدة سهوا فقد أتى بفرد من الركن و كذا إذا أتى بهما و لا ينتفي الركن إلا بانتفاء الفردين بأن لا يسجد أصلا و إذا سجد ثلاث سجدات لم يأت إلا بفرد واحد و هو الاثنان لا بشرط شيء و أما الواحدة الزائدة فليست فردا له لكونها مع أخرى و ما هو فرد له على هذا الوجه هو بشرط أن لا يكون معها شيء و إذا أتى بأربع فما زاد أتى بفردين من الاثنتين. و هذا وجه متين لم أر أحدا سبقني إليه و مع ذلك لا يخلو من تكلف. و الأظهر في الجواب أن يقال غرض المعترض إما إيراد الإشكال على الأحاديث الواردة في هذا الباب أو على كلام الأصحاب و الأول لا وجه له لخلو الروايات عن ذكر الركن و معناه و عن هذه القواعد الكلية بل إنما ورد حكم كل من الأركان بخصوصه و ورد حكم السجود هكذا فلا إشكال يرد عليها و أما الثاني فغير وارد عليه أيضا لتصريحهم بحكم السجود فهو مخصص للقاعدة الكلية كما خصصت تلك القاعدة بغيره مما ذكر في كلامهم و فصل في زبرهم و أمثال تلك المناقشات بعد ظهور المرام لا طائل تحتها كما لا يخفى على ذوي النهى