الآيات الأعراف وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ الحجر وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ تفسير الآية الأولى بعمومها تدل على وجوب الاستماع و السكوت عند قراءة كل قارئ في الصلاة و غيرها بناء على كون الأمر مطلقا أو أوامر القرآن للوجوب و المشهور الوجوب في قراءة الإمام و الاستحباب في غيره مع أن ظاهر كثير من الأخبار المعتبرة الوجوب مطلقا
إلا صحيحة زرارة عن أبي جعفر ع قال و إن كنت خلف إمام فلا تقرأن شيئا في الأوليين و أنصت لقراءته و لا تقرأن شيئا في الأخيرتين فإن الله عز و جل يقول للمؤمنين وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ يعني في الفريضة خلف الإمام فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ و الأخريان تبع للأوليين
و يمكن حمله على أنها نزلت في ذلك فلا ينافي عمومها. لكن نقلوا الإجماع على عدم وجوب الإنصات في غير قراءة الإمام و ربما يؤيد ذلك بلزوم الحرج و الأمر بالقراءة خلف من لا يقتدي به و يمكن دفع الحرج بأنه إنما يلزم بترك الجماعة الشائع في هذا الزمان و أما النوافل فكانوا يصلونها في البيوت و الأمر بها خلف من لا يقتدى به للضرورة لا يوجب عدم وجوب الإنصات في غيرها مع أنه قد وردت الرواية فيها أيضا بالإنصات و بالجملة المسألة لا تخلو من إشكال و الأحوط رعاية الإنصات مهما أمكن. قال في مجمع البيان الإنصات السكوت مع استماع قال ابن الأعرابي نصت و أنصت استمع الحديث و سكت و أنصته و أنصت له و أنصت الرجل سكت و أنصته غيره عن الأزهري. ثم قال اختلف في الوقت المأمور بالإنصات للقرآن و الاستماع له فقيل إنه في الصلاة خاصة خلف الإمام الذي يؤتم به إذا سمعت قراءته عن ابن عباس و ابن مسعود و ابن جبير و ابن المسيب و مجاهد و الزهري و روي ذلك عن أبي جعفر ع. قالوا و كان المسلمون يتكلمون في صلاتهم و يسلم بعضهم على بعض و إذا دخل داخل فقال لهم كم صليتم أجابوه فنهوا عن ذلك و أمروا بالاستماع و قيل إنه في الخطبة أمر بالإنصات و الاستماع إلى الإمام يوم الجمعة عن عطاء و عمرو بن دينار و زيد بن أسلم و قيل إنه في الخطبة و الصلاة جميعا عن الحسن و جماعة. قال الشيخ أبو جعفر قدس سره أقوى الأقوال الأول لأنه لا حال يجب فيها الإنصات لقراءة القرآن إلا حال قراءة الإمام في الصلاة فإن على المأموم الإنصات و الاستماع له فأما خارج الصلاة فلا خلاف أن الإنصات و الاستماع غير واجب
و روي عن أبي عبد الله ع أنه قال يجب الإنصات للقرآن في الصلاة و غيرها
قال و ذلك على وجه الاستحباب
و في كتاب العياشي عن أبي كهمس عن أبي عبد الله ع قال قرأ ابن الكواء خلف أمير المؤمنين ع لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ فأنصت له أمير المؤمنين ع
و عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال قلت له الرجل يقرأ القرآن أ يجب على من سمعه الإنصات له و الاستماع قال نعم إذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات و الاستماع
و قال الجبائي إنها نزلت في ابتداء التبليغ ليعلوا و يتفهموا و قال أحمد بن حنبل اجتمعت الأمة على أنها نزلت في الصلاة لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أي لترحموا بذلك و باعتباركم به و اتعاظكم بمواعظه. و قال ره في الآية الثانية فيه أقوال إلى أن قال و خامسها علمنا المستقدمين إلى الصف الأول في الصلاة و المتأخرين عنه فإنه كان يتقدم بعضهم إلى الصف الأول ليدرك أفضليته و كان يتأخر بعضهم ينظر إلى أعجاز النساء فنزلت الآية فيهم عن ابن عباس.
و سادسها أن النبي ص حث الناس على الصف الأول في الصلاة و قال خير صفوف الرجال أولها و شرها آخرها و خير صفوف النساء آخرها و شرها أولها
و قال النبي ص إن الله و ملائكته يصلون على الصف المقدم فازدحم الناس و كانت دور بني عذرة بعيدة من المسجد فقالوا لنبيعن دورنا و لنشترين دورا قريبة من المسجد حتى ندرك الصف المتقدم فنزلت هذه الآية عن الربيع بن أنس
فعلى هذا يكون المعنى أنا نجازي الناس على نياتهم وَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ أي يجمعهم يوم القيامة و يبعثهم للمجازات و المحاسبة إِنَّهُ حَكِيمٌ في أفعاله عَلِيمٌ بما يستحق كل منهم
1- الخصال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن الحسن بن علي بن يقطين عن عمرو بن إبراهيم عن خلف بن حماد عن رجل من أصحابنا نسي الحسن بن علي اسمه عن أبي عبد الله ع قال ثلاثة لا يصلى خلفهم المجهول و الغالي و إن كان يقول بقولك و المجاهر بالفسق و إن كان مقتصدا
بيان و تحقيق مهم
الظاهر أن المراد بالمجهول من لا يعلم دينه و إلا فلم يكن حاجة إلى ذكر المجاهر بالفسق و الغالي الذي يغلو في حق النبي ص و الأئمة صلوات الله عليهم بالقول بالربوبية و نحوها و إن كان يقول بقولك أي يعتقد إمامة الأئمة و خلافتهم و فضلهم و إن كان مقتصدا أي متوسطا في العقائد بأن لا يكون غاليا و لا مفرطا. ثم اعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في اشتراط إيمان الإمام و عدالته و الإيمان هنا الإقرار بالأصول الخمسة على وجه يعد إماميا و أما العدالة فقد اختلف كلام الأصحاب فيها اختلافا كثيرا في باب الإمامة و باب الشهادة و الظاهر أنه لا فرق عندهم في معنى العدالة في المقامين و إن كان يظهر من الأخبار أن الأمر في الصلاة أسهل منه في الشهادة. و لعل السر فيه أن الشهادة يبتني عليها الفروج و الدماء و الأموال و الحدود و المواريث فينبغي الاهتمام فيها بخلاف الصلاة فإنه ليس الغرض إلا اجتماع المؤمنين و ائتلافهم و استجابة دعواتهم و نقص الإمام و فسقه و كفره و حدثه و جنابته لا يضر بصلاة المأموم كما سيأتي فلذا اكتفي فيه بحسن ظاهر الإمام و عدم العلم بفسقه. ثم الأشهر في معناها أن لا يكون مرتكبا للكبائر و لا مصرا على الصغائر و للعلماء في تفسير الكبيرة اختلاف شديد فقال قوم هي كل ذنب توعد الله عليه بالعقاب في الكتاب العزيز و قال بعضهم هي كل ذنب رتب عليه الشارع حدا أو صرح فيه بالوعيد و قال طائفة هي كل معصية تؤذن بقلة اكتراث فاعلها بالدين و قال جماعة هي كل ذنب علمت حرمته بدليل قاطع و قيل كلما توعد عليه توعدا شديدا في الكتاب و السنة و قيل ما نهى الله عنه في سورة النساء من أوله إلى قوله تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ الآية. و قال قوم الكبائر سبع الشرك بالله و قتل النفس التي حرم الله و قذف المحصنة و أكل مال اليتيم و الزنا و الفرار من الزحف و عقوق الوالدين و قيل إنها تسع بزيادة السحر و الإلحاد في بيت الله أي الظلم فيه و زاد عليه في بعض الروايات للعامة أكل الربا و عن علي ع زيادة على ذلك شرب الخمر و السرقة. و زاد بعضهم على السبعة السابقة ثلاث عشرة أخرى اللواط و السحر و الربا و الغيبة و اليمين الغموس و شهادة الزور و شرب الخمر و استحلال الكعبة و السرقة و نكث الصفقة و التعرب بعد الهجرة و اليأس من روح الله و الأمن من مكر الله. و قد يزاد أربع عشرة أخرى أكل الميتة و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به من غير ضرورة و السحت و القمار و البخس في الكيل و الوزن و معونة الظالمين و حبس الحقوق من غير عسر و الإسراف و التبذير و الخيانة و الاشتغال بالملاهي و الإصرار على الذنوب. و قد يعد منها أشياء أخر كالقيادة و الدياثة و الغصب و النميمة و قطيعة الرحم و تأخير الصلاة عن وقتها و الكذب خصوصا على رسول الله ص و ضرب المسلم بغير حق و كتمان الشهادة و السعاية إلى الظالمين و منع الزكاة المفروضة و تأخير الحج عن عام الوجوب و الظهار و المحاربة و قطع الطريق. و المعروف بين أصحابنا القول الأول من هذه الأقوال و هو الصحيح و يدل عليه أخبار كثيرة
و أما أخبارنا ففي رواية يونس عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول الكبائر سبع قتل المؤمن متعمدا و قذف المحصنة و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة و أكل مال اليتيم ظلما و أكل الربا بعد البينة و كل ما أوجب الله عز و جل عليها النار و قال إن أكبر الكبائر الشرك بالله
و في حسنة عبيد بن زرارة الكفر بالله عز و جل و قتل النفس و العقوق و أكل الربا بعد البينة و أكل مال اليتيم ظلما و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة و قال ع ترك الصلاة داخل في الكفر
و في رواية مسعدة بن صدقة عن الصادق ع القنوط من رحمة الله و الإياس من روح الله و الأمن من مكر الله و قتل النفس التي حرم الله و العقوق و أكل مال اليتيم و الربا و التعرب بعد الهجرة و قذف المحصنة و الفرار من الزحف
و في الحسن بل الصحيح عن عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جده موسى ع أن الصادق ع قال لعمرو بن عبيد أكبر الكبائر الإشراك بالله ثم اليأس من روح الله ثم الأمان من مكر الله و عقوق الوالدين و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق و قذف المحصنة و أكل مال اليتيم و الفرار من الزحف و أكل الربا و السحر و الزنا و اليمين الغموس و الغلول و منع الزكاة المفروضة و شهادة الزور و كتمان الشهادة و ترك الصلاة متعمدا أو شيء مما فرض الله و نقض العهد و قطيعة الرحم
و روى الصدوق بسنده المعتبر عن الفضل بن شاذان فيما كتب الرضا ع للمأمون الكبائر هي قتل النفس التي حرم الله و الزنا و السرقة و شرب الخمر و عقوق الوالدين و الفرار من الزحف و أكل مال اليتيم ظلما و أكل الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به من غير ضرورة و أكل الربا بعد البينة و السحت و الميسر و هو القمار و البخس في المكيال و الميزان و قذف المحصنات و اللواط و شهادة الزور و اليأس من روح الله و الأمن من مكر الله و القنوط من رحمة الله و معونة الظالمين و الركون إليهم و اليمين الغموس و حبس الحقوق من غير عسر و الكذب و الكبر و الإسراف و التبذير و الخيانة و الاستخفاف بالحج و المحاربة لأولياء الله و الاشتغال بالملاهي و الإصرار على الذنوب
و روي مثله بإسناده عن الأعمش عن الصادق ع و زاد في أوله الشرك بالله ثم ترك معاونة المظلومين و قال في آخره و الملاهي التي تصد عن ذكر الله تبارك و تعالى مكروهة كالغناء و ضرب الأوتار
ثم قال الصدوق ره الكبائر هي سبع و بعدها فكل ذنب كبير بالإضافة إلى ما هو أصغر منه و صغير بالإضافة إلى ما هو أكبر منه و هذا معنى ما ذكره الصادق ع في هذا الحديث من ذكر الكبائر الزائدة على السبع و لا قوة إلا بالله انتهى. و يدل على أن الصدوق إنما يقول بالسبع في الكبائر.
و روي أيضا في الصحيح عن أبي عبد الله ع قال وجدنا في كتاب علي ع أن الكبائر خمس الشرك بالله و عقوق الوالدين و أكل الربا بعد البينة و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة
و في رواية معتبرة أخرى عن عبيد بن زرارة عنه ع أنها أكل مال اليتيم و الفرار من الزحف و أكل الربا و رمي المحصنات و قتل المؤمن متعمدا
و عن عبد الرحمن بن كثير عنه ع أنها سبع الشرك و قتل النفس و أكل مال اليتيم و عقوق الوالدين و قذف المحصنة و الفرار من الزحف و إنكار حق أهل البيت
و روى العياشي بإسناده عن ميسر عن أبي جعفر ع قال كنت أنا و علقمة الحضرمي و أبو حسان العجلي و عبد الله بن عجلان ننتظر أبا جعفر ع فخرج علينا فقال مرحبا و أهلا و الله إني لأحب ريحكم و أرواحكم و أنتم لعلى دين الله فقال علقمة فمن كان على دين الله تشهد أنه من أهل الجنة قال فمكث هنيئة ثم قال نوروا أنفسكم فإن لم تكونوا قرفتم الكبائر فأنا أشهد قلنا و ما الكبائر قال هي في كتاب الله على سبع قلنا فعدها علينا جعلنا فداك قال الشرك بالله العظيم و أكل مال اليتيم و أكل الربا بعد البينة و عقوق الوالدين و الفرار من الزحف و قتل المؤمن و قذف المحصنة قلنا ما منا أحد أصاب من هذه شيئا قال فأنتم إذا
و روى الشيخ جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال قلت جعلت فداك ما لنا نشهد على من خالفنا بالكفر و بالنار و لا نشهد على أنفسنا و لا على أصحابنا أنهم في الجنة فقال من ضعفكم إذا لم يكن فيكم شيء من الكبائر فاشهدوا أنكم في الجنة قلت أي شيء الكبائر فقال أكبر الكبائر الشرك و عقوق الوالدين و التعرب بعد الهجرة و قذف المحصنة و الفرار من الزحف و أكل مال اليتيم ظلما و الربا بعد البينة و قتل المؤمن فقلت الزنا و السرقة قال ليس من ذلك
و قد وقع في الأخبار في خصوص بعض أنها كبائر كالغناء و الحيف في الوصية و الكذب على الله و رسوله و الأئمة ع و معونة الظالمين و غيرها. و اختلف أيضا في معنى الإصرار على الصغائر فقيل هو الإكثار منها سواء كان من نوع واحد أو من أنواع مختلفة و قيل المداومة على نوع واحد منها و نقل بعضهم قولا بأن المراد به عدم التوبة و هو ضعيف. و قسم بعض علمائنا الإصرار إلى فعلي و حكمي فالفعلي هو الدوام على نوع واحد منها بلا توبة أو الإكثار من جنسها بلا توبة و الحكمي هو العزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها. و هذا مما ارتضاه جماعة من المتأخرين و النص خال عن بيان ذلك لكن الأنسب بالمعنى اللغوي المداومة على نوع واحد منها و العزم على المعاودة إليها قال الجوهري أصررت على الشيء أي أقمت و دمت و قال في النهاية أصر على الشيء يصر إصرارا إذا لزمه و داومه و ثبت عليه و في القاموس أصر على الأمر لزم و أما الإكثار من الذنوب و إن لم يكن من نوع واحد بحيث يكون ارتكابه للذنب أكثر من اجتنابه عنه إذا عن له من غير توبة فالظاهر أنه قادح في العدالة بلا خلاف في ذلك بينهم. و في كون العزم على الفعل بعد الفراغ منه قادحا فيه محل إشكال
لكن روى الكليني عن جابر عن أبي جعفر ع في قول الله عز و جل وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ قال الإصرار أن يذنب الذنب و لا يستغفر و لا يحدث نفسه بتوبة فذلك الإصرار
و الحديث المشهور لا صغيرة مع الإصرار و لا كبيرة مع الاستغفار يومئ إلى أن الإصرار يحصل بعدم الاستغفار بقرينة المقابلة و في العرف يقال فلان مصر على هذا الأمر إذا كان عازما على العود إليه فالقول بكون العزم داخلا في الإصرار لا يخلو من قوة. و المشهور لا سيما بين المتأخرين اعتبار المروة في الإمامة و الشهادة و لا شاهد له من جهة النصوص و في ضبط معناها عبارات لهم متقاربة المعنى و حاصلها مجانبة ما يؤذن بخسة النفس و دناءة الهمة من المباحات و المكروهات و صغائر المحرمات التي لا تبلغ حد الإصرار كالأكل في الأسواق و المجامع في أكثر البلاد و البول في الشوارع المسلوكة و كشف الرأس في المجامع و تقبيل أمته و زوجته في المحاضر و لبس الفقيه لباس الجندي و الإكثار من المضحكات و المضايقة في اليسير التي لا تناسب حاله و يختلف ذلك بحسب اختلاف الأشخاص و الأعصار و الأمصار و العادات المختلفة. و الحق أن ما لم يخالف ذلك الشرع و لم يرد فيه نهي لا يقدح في العدالة و لا دليل عليه و ليس في الأخبار منه أثر بل ورد خلافه في أخبار كثيرة و من كان أشرف من رسول الله ص و كان يركب الحمار العاري و يردف خلفه و يأكل ماشيا إلى الصلاة كما روي و كأنهم اقتفوا في ذلك أثر العامة فإنها مذكورة في كتبهم و لذا لم يذكر المحقق ره ذلك في معناها و أعرض منه كثير من القدماء و المتأخرين. و لا يعتبر في العدالة الإتيان بالمندوبات إلا أن يبلغ تركها حدا يؤذن بقلة المبالاة بالدين كترك المندوبات أجمع قال الشهيد الثاني و لو اعتاد ترك صنف منها كالجماعة و النوافل و نحو ذلك فكترك الجميع لاشتراكها في العلة المقتضية لذلك نعم لو تركها أحيانا لم يضر. و إذا زالت العدالة بارتكاب ما يقدح فيها فتعود بالتوبة بغير خلاف ظاهرا و كذلك من حد في معصية ثم تاب رجعت عدالته و قبلت شهادته و نقل بعض أصحاب إجماع الفرقة على ذلك و لعل الأشهر أنه لا يكفي في ذلك مجرد إظهار التوبة بل لا بد من الاختبار مدة يغلب معه الظن بأنه صادق في توبته. و من الأصحاب من اعتبر إصلاح العمل و أنه يكفي في ذلك عمل صالح و لو تسبيح أو ذكر و منهم من اكتفى في ذلك بتكرر إظهار التوبة و الندم. و ذهب الشيخ في موضع من المبسوط إلى الاكتفاء في قبول الشهادة بإظهار التوبة عقيب قول الحاكم له تب أقبل شهادتك لصدق التوبة المقتضي لعود العدالة
و لا يخلو من قوة لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله ع عن المحدود إن تاب أ تقبل شهادته فقال إذا تاب و توبته أن يرجع فيما قال و يكذب نفسه عند الإمام و عند المسلمين فإذا فعل فإن على الإمام أن يقبل شهادته بعد ذلك
و بسند معتبر عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله ع عن القاذف بعد ما يقام عليه الحد ما توبته قال يكذب نفسه قلت أ رأيت إن أكذب نفسه و تاب أ تقبل شهادته قال نعم و نحوه روي عن يونس عن بعض أصحابه عن أحدهما ع
و بإسناده عن السكوني عن أبي عبد الله ع أن أمير المؤمنين ع شهد عنده رجل و قد قطعت يده و رجله نهاره فأجاز شهادته و قد تاب و عرفت توبته
و عن القاسم بن سليمان قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يقذف الرجل فيجلد حدا ثم يتوب و لا يعلم منه إلا خير أ تجوز شهادته فقال نعم ما يقال عندكم قلت يقولون توبته فيما بينه و بين الله لا تقبل شهادته أبدا قال بئس ما قالوا كان أبي عبد الله ع يقول إذا تاب و لم يعلم منه إلا خير جازت شهادته
و في الموثق عن سماعة بن مهران قال قال إن شهود الزور يجلدون جلدا ليس له وقت و ذلك إلى الإمام و يطاف بهم حتى يعرفهم الناس و أما قول الله عز و جل وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً... إِلَّا الَّذِينَ تابُوا قلت كيف تعرف توبته قال يكذب نفسه حين يضرب و يستغفر ربه فإذا فعل ذلك فقد ظهر توبته و مثله كثير
ثم اعلم أن المتأخرين من علمائنا اعتبروا في العدالة الملكة و هي صفة راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى و المروة و لم أجدها في النصوص و لا في كلام من تقدم على العلامة من علمائنا و لا وجه لاعتبارها. بقي الكلام في أن المعتبر في العدالة المشروطة في إمام الجماعة و الشاهد هل هو الظن الغالب بحصول العدالة المستند إلى البحث و التفتيش أم يكفي في ذلك ظهور الإيمان و عدم ظهور ما يقدح في العدالة المشهور بين المتأخرين الأول و جوز بعض الأصحاب التعويل فيها على حسن الظاهر و قال ابن الجنيد كل المسلمين على العدالة إلى أن يظهر خلافها و ذهب الشيخ في الخلاف و ابن الجنيد و المفيد في كتاب الأشراف إلى أنه يكفي في قبول الشهادة ظاهر الإسلام مع عدم ظهور ما يقدح في العدالة و مال إليه في المبسوط و هو ظاهر الإستبصار بل ادعى في الخلاف الإجماع و الأخبار. و قال البحث عن عدالة الشهود ما كان في أيام النبي ص و لا أيام الصحابة و لا أيام التابعين إنما شيء أحدثه شريك بن عبد الله القاضي و لو كان شرطا لما أجمع أهل الأمصار على تركه و الظاهر عدم القائل بالفصل في باب الإمامة و الشهادة فما يدل على الحال في أحدهما يدل على الحال في الآخر و القول الأخير أقوى لأخبار كثيرة دلت عليه.
فقد روي عن الرضا ع بسند صحيح كل من ولد على الفطرة و عرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته
و روى الشيخ عن أبي عبد الله ع بسند معتبر أنه قال خمسة أشياء يجب على الناس الأخذ بظاهر الحكم الولايات و التناكح و المواريث و الذبائح و الشهادات فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته و لا يسأل عن باطنه
و رواه الصدوق بسند آخر في الخصال
و روى الشيخ و الصدوق أنه سئل أبو عبد الله ع عن قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال و كان يؤمهم رجل فلما صاروا إلى الكوفة علموا أنه يهودي قال لا يعيدون
و روى الشيخ عن عبد الرحيم القصير قال سمعت أبا جعفر ع يقول إذا كان الرجل لا تعرفه يؤم الناس يقرأ القرآن فلا تقرأ خلفه و اعتد بصلاته
و قد ورد في أخبار كثيرة إذا عرض للإمام عارض أخذ بيد رجل من القوم فيقدمه و من تأمل في عادة الأعصار السابقة في مواظبتهم على الجماعات و ترغيب الشارع في ذلك و إشهادهم على البيوع و الإجارات و سائر المعاملات و سنن الحكام في قبول الشهادات و الأمراء الذين عينهم النبي ص و أمير المؤمنين و الحسن ع لذلك و لما هو أعظم منه لا ينبغي أن يرتاب في فسحة الأمر في العدالة في المقامين. و لو كان التضييق الذي بنوا عليه الأمر في تلك الأعصار و جعلوا العدالة تلو العصمة حقا لما كان يكاد يوجد في البلاد العظيمة رجلان يتصف بها و لو وجد فرضا كيف يتحملان جميع عقود المسلمين و طلاقهم و نكاحهم و إمامتهم فيلزم تعطل السنن و الأحكام و صار ذلك سببا لتشكيك الشيطان أكثر الخلق في هذه الأزمنة و صيرهم بذلك محرومين عن فضائل الجمعة و الجماعة وفقنا الله و سائر المؤمنين لما يحب و يرضى و أعاذنا و إياهم من متابعة أهل الهوى. قال الشهيد الثاني ره و هذا القول و إن كان أبين دليلا و أكثر رواية و حال السلف تشهد به و بدونه لا يكاد ينتظم الأحكام للحكام خصوصا في المدن الكبار و القاضي من المتقدمين يستند إليها لكن المشهور الآن بل المذهب خلافه. و قال سبطه السيد قدس سره في المدارك قد نقل جمع من الأصحاب الإجماع على أن العدالة شرط في الإمام و إن اكتفى بعضهم في تحقيقها بحسن الظاهر أو عدم معلومية الفسق ثم ذكر بعض الروايات التي استدل بها القوم ثم قال و هذه الأخبار لا تخلو من ضعف في سند أو قصور في دلالة و المستفاد من إطلاق كثير من الروايات و خصوص بعضها الاكتفاء في ذلك بحسن الظاهر و المعرفة بفقه الصلاة بل المنقول من فعل السلف الاكتفاء بما دون ذلك إلا أن المصير إلى ما ذكره الأصحاب أحوط انتهى. و الذي يظهر لي من الأخبار أن المعتبر في الشهادة عدم معلومية الفسق و حسن الظاهر و في الصلاة مع ذلك المواظبة على الجمعة و الجماعة و عدم الإخلال بذلك بغير عذر و لو ظهر فسق نادرا و علم من ظواهر أحواله التأثر و التألم و الندامة فهذا يكفي في عدم الحكم بفسقه و لو علم منه عدم المبالاة أو التجاهر و التظاهر فهذا قادح لعدالته. و لنذكر زائدا على ما تقدم بعض ما يدل على ذلك
فمنها ما رواه الصدوق عن أبيه عن علي بن محمد بن قتيبة عن حمدان بن سليمان عن نوح بن شعيب عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن علقمة بن محمد قال قال الصادق جعفر بن محمد ع و قد قلت له يا ابن رسول الله أخبرني عمن تقبل شهادته و من لا تقبل فقال يا علقمة كل من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته قال فقلت له تقبل شهادة مقترف بالذنوب فقال يا علقمة لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلا شهادات الأنبياء و الأوصياء ع لأنهم هم المعصومون دون سائر الخلق فمن لم تره بعينك يرتكب أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة و الستر و شهادته مقبولة و إن كان في نفسه مذنبا و من اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية الله عز و جل داخل في ولاية الشيطان
و لقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه ع أن رسول الله ص قال من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع الله بينهما في الجنة أبدا و من اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما و كان المغتاب في النار خالِداً فِيها وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ إلى آخر ما مر في كتاب الإيمان و الكفر
و روي في الخصال و العيون بأسانيد عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من عامل الناس فلم يظلمهم و حدثهم فلم يكذبهم و وعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروته و ظهرت عدالته و وجبت إخوته و حرمت غيبته و روي نحوه بسند معتبر عن أبي عبد الله ع
و روي في المجالس بسنده عن إبراهيم بن زياد عن أبي عبد الله ع قال من صلى خمس صلوات في اليوم و الليلة في جماعة فظنوا به خيرا و أجيزوا شهادته
و فيه أيضا عن هارون بن الجهم عن الصادق ع قال إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة
و روى الحميري في قرب الإسناد عن الصادق عن أبيه ع قال ثلاثة ليس لهم حرمة و عد منهم الفاسق المعلن الفسق
و في كتاب الإختصاص عن الرضا ع قال من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له
و روى الشيخ في الحسن عن البزنطي عن أبي الحسن ع أنه قال له جعلت فداك كيف طلاق السنة قال يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشاها بشاهدين عدلين كما قال الله تعالى في كتابه ثم قال في آخر الرواية من ولد على الفطرة أجيزت شهادته على الطلاق بعد أن يعرف منه خير
و روى الصدوق في الصحيح عن عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا ع قال من ولد على الفطرة و عرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته
و روي عن النبي ص أنه قال من صلى الصلوات الخمس جماعة فظنوا به كل خير
و روى الكليني بإسناده عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول من أذنب ذنبا فعلم أن الله مطلع عليه إن شاء عذبه و إن شاء غفر له غفر له و إن لم يستغفر
و عن أبان بن تغلب قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ما من عبد أذنب ذنبا فندم عليه إلا غفر الله له قبل أن يستغفر
و عن أبي عبد الله ع قال إن الله يحب المفتن التواب
و عن عمرو بن جميع قال قال أبو عبد الله ع من جاءنا يلتمس الفقه و القرآن و تفسيره فدعوه و من جاءنا يبدي عورة قد سترها الله تعالى فنحوه فقال رجل من القوم جعلت فداك و الله إني لمقيم على ذنب منذ دهر أريد أن أتحول عنه إلى غيره فما أقدر عليه فقال له إن كنت صادقا فإن الله يحبك و ما يمنعه أن ينقلك عنه إلى غيره إلا لكي تخافه
و روى الشهيد الثاني عن الباقر ع قال قال أمير المؤمنين ع من سمع النداء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له و قال رسول الله ص لا صلاة لمن لم يصل في المسجد مع المسلمين إلا من علة و لا غيبة إلا لمن صلى في بيته و رغب عن جماعتنا و من رغب عن جماعة المسلمين سقطت عدالته و وجب هجرانه و إن رفع إلى إمام المسلمين أنذره و حذره و من لزم جماعة المسلمين حرمت غيبته و ثبتت عدالته
و روى الشيخ بسند معتبر عن عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله ع بما يعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى يقبل شهادته لهم و عليهم قال فقال أن يعرفوه بالستر و العفاف و الكف عن البطن و الفرج و اليد و اللسان و يعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر و الزنا و الربا و عقوق الوالدين و الفرار من الزحف و غير ذلك و الدال على ذلك كله و الساتر لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته و غيبته و يجب عليهم توليته و إظهار عدالته في الناس التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن و حافظ مواقيتهن بإحضار جماعة المسلمين و أن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلا عن علة و ذلك أن الصلاة ستر و كفارة للذنوب و لو لم يكن ذلك لم يكن لأحد أن يشهد على أحد بالصلاح لأن من لم يصل فلا صلاح له بين المسلمين لأن الحكم جرى فيه من الله و من رسول الله ص بالحرق في جوف بيته
قال رسول الله ص لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين إلا من علة
و قال رسول الله ص لا غيبة إلا لمن يصلي في بيته و رغب عن جماعتنا و من رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته و سقطت بينهم عدالته و وجب هجرانه و إذا رفع إلى إمام المسلمين أنذره و حذره فإن حضر جماعة المسلمين و إلا أحرق عليه بيته و من لزم جماعتهم حرمت عليهم غيبته و ثبتت عدالته بينهم
و من تأمل في هذه الأخبار حق التأمل اتضح له ما ذكرناه غاية الاتضاح لا سيما الخبر الأخير و هو مروي في الفقيه بسند صحيح بأدنى تفاوت فإنه يستفاد منها أن الذي يقدح في العدالة فعل الكبيرة التي أوعد الله عليها النار و أنه يكفي في الحكم بها أن يظهر من حال المكلف كونه ساترا لعيوبه ملازما لجماعة المسلمين بل الظاهر من آخر الخبر الاكتفاء بلزوم جماعتهم. و سيأتي تمام القول فيه في أبواب الشهادات إن شاء الله تعالى و قد مضى تحقيق الكبائر و العدالة و غير ذلك في أبواب المناهي و أبواب الإيمان و الكفر. ثم اعلم أن أكثر الأخبار الواردة في اشتراط العدالة إنما هي في الشهادة و لم يرد هذا اللفظ في باب الجماعة و الأخبار الواردة فيها منها هذا الخبر و هو مع ضعفه إنما يدل على عدم التجاهر بالفسق.
و منها ما رواه الشيخ عن أبي علي بن راشد قال قلت لأبي جعفر ع إن مواليك قد اختلفوا فأصلي خلفهم جميعا فقال لا تصل إلا خلف من تثق بدينه و أمانته
و هو مع عدم صحته إنما يدل على المنع من الصلاة خلف من يكون فاسد العقيدة أو يكون خائنا في أموال المسلمين أو أعراضهم.
و منها ما رواه أيضا عن سعيد بن إسماعيل عن أبيه قال سألته عن الرجل يقارف الذنوب يصلي خلفه أم لا قال لا
و هو أيضا مع عدم الصحة يدل على المنع من الصلاة خلف من يكون مصرا على اقتراف جميع الذنوب مكثرا منها فإن المضارع يدل على الاستمرار التجددي و الذنوب جمع معرف باللام يفيد العموم و لو قيل بأن اقتراف جميع الذنوب بعيد فلا أقل من الدلالة على ارتكاب كثير من الذنوب مع العلم بها لا مع الاحتمال و التوهم.
و منها صحيحة عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد الله ع عن إمام لا بأس به في جميع أموره عارف غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما أقرأ خلفه قال لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا
و هذا يدل على جواز الصلاة خلف المصر على الصغيرة و عدمه خلف العاق قال في الذكرى و يحمل ذلك على أنه غير مصر إذ الإصرار على الصغائر يلحقها بالكبائر إن جعلنا هذا صغيرة و تحريم أن يقول لهما أف يؤذن بعظم حقهما و بأن المتخطي نهي الله فيهما على خطر عظيم انتهى. و بالجملة هذا الخبر و إن كان صحيحا فهو مشتمل على ما لم يقولوا به و الحمل على عدم الإصرار في غاية البعد.
و منها ما روي من المنع من الصلاة خلف شارب الخمر و النبيذ
و منها ما ورد من المنع من الصلاة خلف الفاجر
و الظاهر منها خلفاء الجور و أتباعهم و كذا أخبار أبي ذر الظاهر من بعضها الإمامة الكبرى و من بعضها الصلاة خلف المنافقين و المخالفين كما كان دأبه من التعريض بعثمان و أتباعه و لذا أخرجه و طرده رضي الله عنه. فمع قطع النظر عن الإجماع المنقول يشكل إثبات اشتراط العدالة بمحض هذه الأخبار لا سيما على طريقة القوم حيث لا يعملون بالأخبار الضعيفة و يمكن حملها على الكراهة و استحباب رعاية هذا القدر الذي يستفاد من الأخبار إذ لم يثبت كون النهي حقيقة في التحريم لا سيما في الأخبار و مع تسليم جميع ذلك فلا يتخطى مدلولها كما عرفت. و أما الإجماع فمع ثبوته فإنما هو حجة فيما ثبت فيه فلا يمكن التمسك به فيما اختلف فيه من عدد الكبائر و اعتبار الملكة و المروة و أمثالها كما عرفت. و إنما أطنبنا الكلام في هذا المقام لئلا يصغي المؤمن المتدين إلى شبهات شياطين الجن و الإنس و وساوسهم فيترك فضيلة الجماعة و فريضة الجمعة الثابتتين بالأخبار المتواترة بمحض الاحتياط في العدالة التي سبيلها ما عرفت و مع ذلك ينبغي أن لا يترك الناقد الخبير المتدين البصير الاحتياط في أمر دينه و صلاته و يطلب من يثق بدينه و قراءته و زهده و عبادته فإن لم يجد فليحتط إما بتقديم الصلاة قبلها أو الإعادة بعدها و ذلك بعد أن يفرغ نفسه و يخلي قلبه عن دواعي الحقد و الحسد و سائر الأمراض النفسانية و الأغراض الفاسدة فإذا فعل ذلك فسيرشده الله إلى ما يحب و يرضى كما قال تعالى وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا
2- العلل، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال كن يؤمرن النساء في زمن رسول الله ص أن لا يرفعن رءوسهن إلا بعد الرجال لقصر أزرهن قال و كان رسول الله ص يسمع صوت الصبي يبكي و هو في الصلاة فيخفف الصلاة فتصير إليه أمه
3- قرب الإسناد، عن محمد بن عيسى و الحسن بن طريف و علي بن إسماعيل جميعا عن حماد بن عيسى عن الصادق ع قال قال علي ع كن النساء مع النبي ص و كن يؤمرن أن لا يرفعن رءوسهن قبل الرجال لضيق الأزر
بيان رواه الصدوق في الفقيه مرسلا مثل الأخير فقيل المراد أزر الرجال فإنها لما كانت مضيقة كان يقع نظرهن أحيانا إلى فروج الرجال إذا رفعن رءوسهن قبلهم و يرد عليه أنه على هذا كان ينبغي نهي الرجال عن لبس مثل تلك الأزر لبطلان صلاتهم بكشف العورة و لو في بعض أحوال الصلاة إلا أن يقال إنهم كانوا مضطرين و لم يكن لهم غيرها أو كان يرى حجم عورتهم بناء على أنه لا يجب ستره كما هو المشهور و قيل المراد أزر النساء فإن الرجال كانوا ينظرون من بين الرجلين أو بطرف العينين إلى النساء في وقت رفع الرأس عن السجود و كان لضيق أزرهن يرون بعض محاسنهن أو زينتهن كما قيل في نزول قوله سبحانه وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ و قد مر. و قد يصحف و يقرأ الأزز بالزاءين المعجمتين قال في النهاية في حديث سمرة كسفت الشمس على عهد رسول الله ص فانتهيت إلى المسجد فإذا هو بأزز أي ممتلئ بالناس يقال أتيت الوالي و المجلس أزز أي كثير الزحام ليس فيه متسع و الناس أزز إذا انضم بعضهم إلى بعض انتهى و هذا مع أنه مخالف للنسخ لا يستقيم التعليل إلا بتكلف و الخبر الأول يؤيد الثاني و ما سيأتي من المكارم يؤيد الأول
4- قرب الإسناد، عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه ع أن عليا ع كان يقول المرأة خلف الرجل صف و لا يكون الرجل خلف الرجل صفا إنما يكون الرجل إلى جنب الرجل عن يمينه
و منه عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي ع قال قال رجلان صف فإذا كانوا ثلاثة تقدم الإمام
و بهذا الإسناد عن علي ع قال الصبي عن يمين الرجل في الصلاة إذا ضبط الصف جماعة و المريض القاعد عن يمين المصلي هما جماعة و لا بأس بأن يؤم المملوك إذا كان قارئا و كره أن يؤم الأعرابي لجفائه عن الوضوء و الصلاة
بيان يستفاد من هذه الأخبار أحكام. الأول تحقق الجماعة بمأموم واحد و لا خلاف فيه بين الأصحاب. الثاني تحققه بالمريض و هو أيضا كذلك. الثالث تحققه بالمرأة و هو أيضا كذلك. الرابع تحققه بالصبي إذا كان مميزا فإنه الظاهر من ضبط الصف أي يستقر مكانه و لا يلعب و يأتي بالصلاة و ما يجب في الاقتداء و مثل هذا لا يكون إلا مميزا و ظاهر الأكثر أنه كذلك و ذكره في المنتهى بغير تعرض لخلاف إلا لبعض العامة و قال في الذكرى تنعقد الجماعة بالصبي المميز لأن ابن عباس ائتم بالنبي ص و كان إذ ذاك غير بالغ و أما إمامته فسيأتي القول فيه. الخامس أن المأموم إذا كان رجلا واحدا يقف عن يمين الإمام و المشهور أنه على الاستحباب حتى قال في المنتهى هذا الموقف سنة فلو خالف بأن وقف الواحد على يسار الإمام أو خلفه لم تبطل صلاته عند علمائنا أجمع و حكي في المختلف عن ابن الجنيد القول بالبطلان مع المخالفة و الأحوط عدم المخالفة. السادس لو كان المأموم امرأة وجب التأخير إن قلنا بتحريم المحاذاة و إلا استحب و كذا تأخرها عن الرجال المأمومين و الصبيان كما ذكره الأصحاب و الاحتياط في التأخر في هذا المقام ألزم من غيره لورود الروايات الكثيرة مع عدم المعارض و يستحب للمرأة الواحدة مع التأخر أن تقف عن يمين الإمام لصحيحة هشام بن سالم و إن كان مع الرجل الواحد امرأة أو أكثر وقف الرجل عن يمين الإمام و النساء خلفه لرواية القاسم بن الوليد و الحكمان مذكوران في المنتهى و غيره. السابع أن المأموم إذا كان رجلين أو أكثر يقفون خلفه و الكلام في الاستحباب و الوجوب كما مر. الثامن ظاهر الأخبار أن من يقف عن يمين الإمام يقف محاذيا له من غير تأخر كما هو ظاهر الأكثر و أوجب ابن إدريس في ظاهر كلامه التقدم بقليل و تدفعه ظواهر الأخبار و لو وجب التأخر لذكر و إلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة و لأنه لو كان شرطا لما أمكن اختلاف اثنين في الإمامة إلا بأن يتوهم كل منها التقدم و هو بعيد و قد ورد به الخبر. ثم إن التقدم و التساوي بأي شيء يعتبران فمنهم من أحالوهما على العرف و ذكر جماعة من الأصحاب أن المعتبر التساوي بالأعقاب فلو تساوى العقبان لم يضر تقدم أصابع رجل المأموم أو رأسه و صدره و لو تقدم عقبه على عقب الإمام لم ينفعه تأخر أصابعه و رأسه. و استقرب العلامة في النهاية اعتبار التقدم بالأصابع و العقب معا و صرح بأنه لا يقدح في التساوي تقدم رأس المأموم في حالتي الركوع و السجود و مقاديم الركبتين و الأعجاز في حال التشهد و ليست هذه التفاصيل في شيء من النصوص و العرف مضطرب و الأحوط رعاية الجميع كما اختاره الشهيد الثاني ره. ثم الظاهر على القول بالمحاذاة الحقيقية تحقق كونه خلفه بقليل من التأخر و الأحوط التأخر بعرض بدنه أو بما يقال عرفا أنه خلفه أما التأخر بجميع بدنه في أحوال الركوع و السجود و التشهد فالظاهر أنه غير لازم و لعله أولى. التاسع جواز إمامة المملوك إذا صحت قراءته كما هو المشهور و منع منه بعضهم قال في الذكرى اختلف في إمامة العبد فقال في المبسوط و النهاية لا يجوز أن يؤم الأحرار و يجوز أن يؤم مواليه إذا كان أقرأهم و قال ابن بابويه في المقنع و لا يؤم العبد إلا أهله لرواية السكوني و أطلق ابن حمزة أن العبد لا يؤم الحر و جوز إمامته مطلقا ابن الجنيد و ابن إدريس و أطلق الشيخ في الخلاف جواز إمامته. قال و في بعض رواياتنا أن العبد لا يؤم إلا مولاه و قال أبو الصلاح يكره و البحث عن الجواز و إن كان الحر مقدما عليه عند التعارض انتهى و الجواز
أقوى. العاشر تدل على كراهة إمامة الأعرابي لجفائه أي بعده عن معرفة أحكام الوضوء و الصلاة و التعليل يقتضي أن كل من كان كذلك تكره إمامته و الأعرابي نسبة إلى الأعراب و هم سكان البادية سواء كانوا من العرب أو العجم و المهاجر من هجر إلى النبي ص و الإمام ع و قيل المهاجر في زماننا سكان الأمصار المتمكنين من تحصيل معرفة الأحكام. ثم ظاهر الرواية كراهة إمامة الأعرابي مطلقا و قيد أكثر الأصحاب الحكم بإمامته بالمهاجرين لحسنة إبراهيم بن هاشم. ثم اختلفوا فيه فذهب الشيخ و جماعة من الأصحاب إلى التحريم و ذهب آخرون إلى الكراهة و فصل المحقق في المعتبر فقال و الذي نختاره أنه إن كان ممن لا يعرف محاسن الإسلام و لا وصفها فالأمر كما ذكروه و إن كان وصل إليه ما يكفيه اعتماده و يدين به و لم يكن ممن يلزمه المهاجرة وجوبا جاز أن يؤم إلى آخر ما قال قدس سره. و ما اختاره لا يخلو من قوة و إن كان الأحوط عدم الاقتداء به مطلقا لورود الأخبار الصحيحة بالمنع مطلقا لكن تحقق الهجرة في زماننا غير معلوم إذ لا خلاف في وجوب الهجرة قبل الفتح و أما بعده فقيل نسخت
لقوله ص لا هجرة بعد الفتح
و قيل كانت باقية بعده و في أعصار الأئمة ع و أما في زمن الغيبة فيشكل الحكم بوجوبها و تحقق مفهومها و دخولها تحت الألفاظ الواردة في الأخبار. نعم تعلم الأحكام الضرورية واجب بحسب الإمكان على أهل البوادي و الأمصار فلو أخلوا بذلك كانوا فساقا من هذه الجهة بل كانت صلاتهم باطلة مع جهلهم بأحكامها فمن تلك الجهة لا يجوز الاقتداء بهم و في الخبر إيماء إليه. الحادي عشر يدل على جواز اقتداء القاعد بالقائم و لا خلاف فيه. ثم اعلم أن في التهذيب هكذا و المريض القاعد عن يمين الصبي فيحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد قعوده خلف الإمام البالغ عن يمين الصبي فالغرض بيان جواز ايتمام القاعد بالقائم و ثانيهما أن يكون المراد كون الصبي إماما و المريض مؤتما فيكون الغرض بيان أدون أفراد الجماعة و أخفاها من جهة الإمام و المأموم معا فيدل على جواز إمامة الصبي كما قيل
5- قرب الإسناد، عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال كان الحسن و الحسين ع يقرءان خلف الإمام
تبيين خلف الإمام أي أئمة الجور الذين كانوا في زمانهما ع كانا يصليان خلفهم تقية و لا ينويان الاقتداء بهم و كانا يقرءان و يصليان لأنفسهما. و يستحب حضور جماعتهم استحبابا مؤكدا كما ذكره الأكثر و دلت عليه الأخبار و يجب عند التقية لكن يستحب أن يصلي في بيته ثم يأتي و يصلي معهم إن أمكن و إلا فيجب أن يقرأ لنفسه و لا تسقط القراءة عنه بالايتمام بهم على المشهور بل قال في المنتهى لا نعرف فيه خلافا و لا يجب الجهر بالقراءة في الجهرية و تجزية الفاتحة وحدها مع تعذر قراءة السورة و إن قلنا بوجوبها و لا خلاف فيها ظاهرا. و لو ركع الإمام قبل إكمال الفاتحة فقيل إنه يقرأ في ركوعه و قيل تسقط القراءة للضرورة كما قطع به في التهذيب حتى قال إن الإنسان إذا لم يلحق القراءة معهم جاز له ترك القراءة و الاعتداد بتلك الصلاة بعد أن يكون قد أدرك الركوع و الأحوط الإعادة حينئذ و كذا لو قرأ في النفس تقية
6- ثواب الأعمال، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال كان أمير المؤمنين ع يقول من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعثه الله على غير الفطرة
المحاسن، عن أبي محمد عن حماد مثله السرائر، نقلا من كتاب حريز عنهما مثله بيان على غير الفطرة أي فطرة الإسلام مبالغة و لعله محمول على الجهرية إذا سمع القراءة و يحتمل شموله للإخفاتية. و اختلف الأصحاب في هذه المسألة اختلافا شديدا قال الشهيد الثاني روح الله روحه تحرير محل الخلاف في القراءة خلف الإمام و عدمها أن الصلاة إما جهرية أو سرية و على الأول إما أن يسمع سماعا أو لا و على التقديرات فإما أن يكون في الأولتين أو الأخيرتين فالأقسام ستة فابن إدريس و سلار أسقطا القراءة في الجميع لكن ابن إدريس جعلها محرمة و سلار جعل تركها مستحبا و باقي الأصحاب على إباحة القراءة في الجملة لكن يتوقف تحقيق الكلام على تفصيل فنقول إن كانت الصلاة جهرية فإن سمع في أولييهما و لو همهمة سقطت القراءة فيها إجماعا لكنه هل السقوط على وجه الوجوب بحيث تحرم القراءة فيه قولان أحدهما التحريم ذهب إليه جماعة منهم العلامة في المختلف و الشيخان و الثاني الكراهة و هو قول المحقق و الشهيد. و إن لم يسمع فيهما أصلا جازت القراءة بالمعنى الأعم لكن ظاهر أبي الصلاح الوجوب و ربما أشعر به كلام المرتضى أيضا و المشهور الاستحباب و على القولين فهل القراءة للحمد و السورة أو للحمد وحدها قولان و صرح الشيخ بالثاني. و أما أخيرتا الجهرية ففيهما أقوال أحدها وجوب القراءة مخيرا بينها و بين التسبيح و هو قول أبي الصلاح و ابن زهرة و الثاني استحباب قراءة الحمد وحدها و هو قول الشيخ و الثالث التخيير بين قراءة الحمد و التسبيح استحبابا و هو ظاهر جماعة منهم العلامة في المختلف. و إن كانت إخفاتية ففيهما أقوال أحدها استحباب القراءة فيها مطلقا و هو ظاهر كلام العلامة في الإرشاد و ثانيها استحباب قراءة الحمد وحدها و هو اختياره في القواعد و الشيخ ره ثالثها سقوط القراءة في الأولتين و وجوبها في الأخيرتين مخيرا بين الحمد و التسبيح و هو قول أبي الصلاح و ابن زهرة و رابعها استحباب التسبيح في نفسه و حمد الله أو قراءة الحمد مطلقا و هو قول نجيب الدين يحيى بن سعيد و لم أقف في الفقه على خلاف في مسألة يبلغ هذا القدر من الأقوال انتهى كلامه رحمه الله. و الأخبار فيها مختلفة جدا و لعل الأوجه في الجمع بينها حرمة القراءة فيما يجهر فيه الإمام مع سماعه و لو همهمة و مرجوحيتها فيما يخفت فيه مطلقا سواء كانت الأوليان أو الأخريان و لا يبعد القول بالتحريم فيها و استحباب القراءة فيما يجهر فيه إذا لم يسمع الهمهمة و الأحوط عدم الترك و الظاهر جواز الاكتفاء بالحمد فقط.
فائدة
الظاهر استحباب دعاء التوجه للمأموم إذا لم يسمع قراءة الإمام فإذا شرع الإمام في القراءة و هو يسمع فالظاهر وجوب الترك و إذا سمع الهمهمة ففيه إشكال و لعل الأحوط الترك قال في الذكرى هل يستحب للمأموم دعاء التوجه الوجه ذلك للعموم نعم لو كان يشغله الاستفتاح عن السماع أمكن استحباب تركه و قطع الفاضل بأنه لا يستفتح إذا اشتغل به
7- المعتبر، روى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع إذا كان مأمونا على القراءة فلا تقرأ خلفه في الأخيرتين
و عن أبي خديجة عن أبي عبد الله ع قال إذا كنت في الأخريين فقل للذين خلفك يقرءون فاتحة الكتاب
8- السرائر، روي أنه لا قراءة على المأموم في جميع الركعات و الصلوات سواء كانت جهرية أو إخفاتية و هي أظهر الروايات
و روي أنه ينصت فيما جهر الإمام فيه بالقراءة و لا يقرأ هو شيئا و تلزمه القراءة فيما خافت
و روي أنه بالخيار فيما خافت فيه الإمام
و روي أنه لا قراءة على المأموم في الأخيرتين و لا تسبيح
و روي أنه يقرأ فيهما أو يسبح
9- مجالس ابن الشيخ، عن والده عن المفيد عن الجعابي عن ابن عقدة عن محمد بن عبد الله بن غالب عن الحسين بن رباح عن ابن عميرة عن محمد بن مروان عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال ثلاثة لا تقبل لهم صلاة منهم رجل أم قوما و هم له كارهون
بيان قطع أكثر الأصحاب بكراهة من يكرهه المأمومون و الأخبار في ذلك كثيرة و قال العلامة في التذكرة يكره أن يؤم قوما و هم له كارهون
قال علي ع لرجل أم قوما و هم له كارهون إنك لخروط
و الأقرب أنه إن كان ذا دين يكرهه القوم لذلك لم يكره انتهى. و العجب أنه رحمة الله عليه قال في المنتهى لا يكره إمامة من يكرهه المأمومون أو أكثرهم إذا كان بشرائطهم خلافا لبعض الجمهور
لنا قوله ص يؤمكم أقرؤكم
و ذلك عام و لا اعتبار بكراهة المأمومين له إذ الإثم إنما يتعلق بمن كرهه لا به انتهى و الخروط هو الذي يتهور في الأمور و يركب رأسه في كل ما يريد بالجهل و قلة المعرفة بالأمور
-10 كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل هل يحل له أن يصلي خلف الإمام فوق دكان قال إذا كان مع القوم في الصف فلا بأس
بيان في الصف أي محاذيا لصفوفهم أو قريبا منها و يدل على جواز علو المأموم على الإمام و به قطع الأصحاب و يظهر من المنتهى أنه إجماعي و أما ارتفاع موقف الإمام عن المأمومين فالمشهور عدم الجواز في غير الأرض المنحدرة و ربما ينقل فيه الإجماع و ذهب الشيخ في الخلاف إلى الكراهة و رجحه بعض المتأخرين و تردد فيه المحقق في المعتبر و هو في محله لأن مستند الحكم خبر عمار الساباطي و هو مع عدم صحته في غاية التشويش و الاضطراب. و اختلفوا في مقدار العلو المانع فقيل إنه القدر المعتد به و قيل قدر شبر و قيل ما لا يتخطى و قربه في التذكرة و قال لو كان العلو يسيرا جاز إجماعا. ثم إن قلنا بالمنع فهل يختص البطلان بصلاة المأمومين أم يعم صلاة الإمام أيضا الذي ذكره الأصحاب الأول و ذهب بعض العامة إلى الثاني و هو ضعيف
11- ثواب الأعمال، بالإسناد المتقدم في الباب السابق عن أبي هريرة و ابن عباس عن النبي ص من أم قوما و لم يقتصد بهم في حضوره و قراءته و ركوعه و سجوده و قعوده و قيامه ردت عليه صلاته و لا تجاوز تراقيه و كانت منزلته عند الله عز و جل منزلة أمير جائر متعد لم يصلح لرعيته و لم يقم فيهم بأمر الله
12- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن رجل أدرك مع الإمام ركعة ثم قام يصلي كيف يصنع يقرأ في الثلاث كلهن أو في ركعة أو في ثنتين قال يقرأ في ثنتين و إن قرأ في واحدة أجزأه
توضيح الثنتان إما مع التي أدركها مع الإمام أو مع قطع النظر عنها كما هو الظاهر فيحمل على ما إذا لم يقرأ في تلك الركعة. و اعلم أن أكثر الأصحاب لم يتعرضوا لقراءة المأموم إذا أدرك الإمام في الأخيرتين و قد ورد في صحيحتي زرارة و عبد الرحمن بن الحجاج الأمر بالقراءة و قال في المنتهى الأقرب عندي أن القراءة مستحبة و نقل عن بعض فقهائنا القول بالوجوب لئلا تخلو الصلاة عن قراءة إذ هو مخير في التسبيح في الأخيرتين و ليس بشيء فإن احتج بحديث زرارة و عبد الرحمن حملنا الأمر فيها على الندب لما ثبت من عدم وجوب القراءة على المأموم انتهى. و المسألة لا تخلو من إشكال و الأحوط قراءة الحمد و السورة إن أمكنت و إلا فالحمد فقط كما في صحيحة زرارة لا سيما إذا سبح الإمام بل الظاهر أن القراءة إنما هي في هذه الصورة و هذا وجه جمع بين الأخبار و في أخبار القراءة ما يرشد إليه. ثم إن المشهور بين الأصحاب أن التخيير بين قراءة الحمد و بين التسبيح ثابت للمسبوق في الأخيرتين و إن اختار الإمام التسبيح و لم يقرأ هو و يظهر من الأصحاب كون ذلك اتفاقيا بين الأصحاب انتهى و نقل عن بعضهم القول بوجوب القراءة في ركعة لئلا تخلو الصلاة من القراءة و أطلق بعض المتأخرين القراءة في الركعتين لكن مقتضى دليلهم جواز الاكتفاء بالقراءة في ركعة و الأظهر عدم التعيين و يمكن حمل أخبار القراءة على التقية و لا يبعد كون القراءة أولى كما اختاره الشهيد في النفلية و غيره.
و يؤيده ما رواه الشيخ بسند مرسل عن أبي جعفر ع قال قال لي أي شيء يقول هؤلاء في الرجل إذا فاتته مع الإمام ركعتان قال يقولون يقرأ في الركعتين بالحمد و سورة فقال هذا يقلب صلاته فيجعل أولها آخرها فقلت كيف يصنع فقال يقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة
و يمكن حمل أخبار القراءة على ما إذا لم يقرأ خلف الإمام و أخبار التسبيح على ما إذا قرأ فيكون مخيرا بينهما. و قال السيد في المدارك لا خلاف في التخيير بين القراءة و التسبيح في الأخيرتين فيما إذا أدرك الركعة الأخيرة مع الإمام و إنما الخلاف فيما إذا أدرك معه ركعتين و سبح الإمام فيهما فقيل يبقى التخيير بحاله للعموم و قيل تتعين القراءة لئلا تخلو الصلاة من فاتحة الكتاب و هو ضعيف
13- قرب الإسناد، و كتاب المسائل، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يكون خلف الإمام فيطول في التشهد فيأخذه البول أو يتخوف على شيء أو يعرض له وجع كيف يصنع قال يسلم هو و ينصرف و يدع الإمام
بيان لقد قطع الأصحاب بجواز تسليم المأموم قبل الإمام سواء كان لعذر أم لا و يدل عليه أخبار لكن بعضها كهذا الخبر مقيد بالعذر و الأحوط عدم الانفراد بدونه و إن كان الظاهر جوازه مطلقا و أما الانفراد قبل التشهد فمع عدم نية الانفراد لغير عذر الظاهر أنه لا خلاف في عدم جوازه و لا ريب في جواز مفارقته للعذر و أما بدون العذر مع نية الانفراد فالمشهور جوازه أيضا. و نقل العلامة في النهاية الإجماع عليه و هو ظاهر المنتهى و قال الشيخ في المبسوط من فارق الإمام بغير عذر بطلت صلاته و إن فارقه بعذر و تمم صحت صلاته و المسألة محل تردد و احتياط و القول بجواز الانفراد مختص بالجماعة المستحبة أما الواجبة فلا يجوز قطعا و هل يجوز عدول المنفرد في أثناء الصلاة إلى الايتمام فيه قولان أقربهما العدم و جوزه الشيخ في الخلاف مدعيا عليه الإجماع و نفى العلامة عنه البأس في التذكرة
14- قرب الإسناد، و كتاب المسائل، بسنديهما عن علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن إمام مقيم أم قوما مسافرين كيف يصلي المسافرون قال ركعتين ثم يسلمون و يقعدون فيقوم الإمام فيتم صلاته فإذا سلم و انصرف انصرفوا
بيان يدل على جواز ايتمام المسافر بالمقيم و المشهور بين الأصحاب كراهة ايتمام المقيم بالمسافر و ذكر بعضهم العكس أيضا و نقل عن علي بن بابويه أنه قال لا يجوز إمامة المتم للمقصر و لا العكس و ظاهر المحقق و العلامة الاتفاق على عدم التحريم و هو القوي. و يدل على أن المسافر يسلم عند تمام صلاته و لا خلاف فيه و على أنه يستحب أن لا ينصرف حتى يسلم الإمام بل حتى ينصرف و إنما حملنا على الاستحباب للاتفاق على عدم الوجوب و للأخبار الصحيحة الدالة على جواز الانصراف قبله و لو انعكس الفرض تخير الحاضر عند انتهاء الفعل المشترك بين المفارقة في الحال و الصبر حتى يسلم الإمام فيقوم إلى الإتمام و المشهور عدم وجوب بقاء الإمام المسافر في مجلسه إلى أن يتم المأموم المقيم خلافا للمرتضى و ظاهر ابن الجنيد فإنهما أوجبا ذلك و الظاهر الاستحباب لورود الخبر بالجواز و المشهور أن الكراهة مخصوصة بالصلاة المقصورة و قيل مطلقا
15- المنتهى، ذكر ابن بابويه في كتابه أنه يستحب للمأمومين إذا فرغ الإمام من قراءة الحمد أن يقولوا الحمد لله رب العالمين و رواه الحسين بن سعيد أيضا في كتابه
16- مجالس ابن الشيخ، عن محمد بن محمد بن مخلد عن عثمان بن أحمد الدقاق عن عبيد بن عبد الواحد عن ابن أبي مريم عن نافع بن يزيد عن يحيى بن أبي سليمان المدني عن يزيد بن أبي القتات و ابن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص إذا جئتم إلى الصلاة و نحن سجود فاسجدوا و لا تعدوها شيئا و من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة
تفصيل و تبيين
اعلم أن للمأموم بالنظر إلى إدراك الإمام أحوالا الأولى أن يدركه قبل الركوع و حكمه أن يدخل معه و يحتسب بتلك الركعة كما عرفت و الظاهر أنه اتفاقي. الثانية أن يدركه في حال ركوعه و ستعرف أن في إدراك الركعة به خلافا و حينئذ يكبر المأموم تكبيرة للافتتاح و تكبيرة للركوع مستحبا و لو خاف الفوات أجزائه تكبيرة الافتتاح و في المنتهى نقل الاتفاق عليه. ثم قال لو نوى التكبير للافتتاح صحت صلاته قطعا و لو نواه للركوع لم تصح صلاته لإخلاله بالركن و الإمام لا يتحمله و لو أطلق ففيه تردد أقربه البطلان و لو نواهما بالتكبيرة الواحدة ففيه إشكال انتهى و الصحة في الأخير لا يخلو من قوة لما سيأتي من رواية عمار و غيره. الثالثة أن يدركه بعد رفع رأسه من الركوع و لا خلاف بين الأصحاب في فوات الركعة حينئذ و استحب أكثر علمائنا التكبير للمأموم و المتابعة في السجدتين و إن لم يعتد بهما تحصيلا لإدراك الفضيلة و يظهر من العلامة في المختلف التوقف في هذا الحكم للنهي عن الدخول في الركعة عند فوات تكبيرها
في صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر ع قال قال لي إذا لم تدرك القوم قبل أن يكبر الإمام الركعة فلا تدخل معهم
و أجيب بأنه محمول على الكراهة لدلالة الأخبار الكثيرة على جواز اللحوق في الركوع.
و روى الشيخ عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله ع قال إذا سبقك الإمام بركعة فأدركت و قد رفع رأسه فاسجد معه و لا تعتد بها
لكن ليس في الرواية سوى المتابعة في السجود من النية و التكبير و الدخول معه في الصلاة. ثم إن قلنا بالاستحباب المذكور فهل يجب استئناف النية و تكبيرة الإحرام بعد ذلك اختلفوا فيه فذهب الأكثر إلى الوجوب و قال الشيخ لا تجب فإن قلنا بالاستئناف كان التكبير المأتي به أولا مستحبا. الرابعة أن يدركه و قد سجد سجدة واحدة و حكمه كالسابق فعلى المشهور يكبر و يسجد و لا يعتد به و في وجوب الاستئناف الخلاف السابق و عدم الاستئناف هنا أولى لأن المزيد ليس ركنا و الظاهر أنه لم يفرق الأصحاب بينه و بين ما لو أدرك الإمام في السجدة
لكن قول الصادق ع في صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله إذا وجدت الإمام ساجدا فاثبت مكانك حتى يرفع رأسه و إن كان قاعدا قعدت و إن كان قائما قمت ينفيه
و ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قلت له متى يكون مدرك الصلاة مع الإمام قال إذا أدرك الإمام و هو في السجدة الأخيرة من صلاته فهو مدرك لفضل الصلاة مع الإمام فلا صراحة له في اللحوق و السجود
نعم روى الصدوق بسنده الصحيح عن معاوية بن شريح و فيه جهالة لكن اعتمد الصدوق عليه عن أبي عبد الله ع قال إذا جاء الرجل مبادرا و الإمام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة و الركوع و من أدرك الإمام و هو ساجد كبر و سجد معه و لم يعتد بها و من أدرك الإمام و هو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة و من أدركه و قد رفع رأسه من السجدة الأخيرة و هو في التشهد فقد أدرك الجماعة و ليس عليه أذان و لا إقامة و من أدركه و قد سلم فعليه الأذان و الإقامة
و هو يدل على التكبير و السجود و قوله ع و هو ساجد شامل للسجود الأول و الثاني و ظاهره عدم استئناف التكبير. الخامسة أن يدركه بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة و قد حكم الفاضلان و غيرهما بأنه يكبر و يجلس معه فإذا سلم الإمام قام و أتم صلاته و لا يحتاج إلى استئناف التكبير و قد صرح المحقق بأنه مخير بين الإتيان بالتشهد و عدمه لتعارض موثقتي عمار في ذلك إذ في إحدى الروايتين يقعد فإذا سلم الإمام قام فأتم صلاته و في الأخرى يفتتح الصلاة و لا يقعد مع الإمام حتى يقوم و ما ذكره حسن لكن مورد الروايتين مختلف إذ الأولى في التشهد الأخير و الأخيرة في الأول فلا تنافي. و قال الشهيد في الذكرى روى ابن بابويه أن منصور بن حازم كان يقول إذا أتيت الإمام و هو جالس و قد صلى ركعتين فكبر ثم اجلس و إذا قمت فكبر و في هذا إيماء إلى عدم الاجتزاء بالتكبير إلا أن يجعله تكبير القيام و هو نادر. و الظاهر أنه يدرك فضل الجماعة إذا كان التأخير لا عمدا لأنه مأمور به مندوب إليه و ليس إلا لإدراك الفضيلة و أما كونها كفضيلة من أدرك قبله فغير معلوم و قال ابن بابويه فيمن أدركه في السجدة الأخيرة أو في التشهد أنه أدرك فضل الجماعة. و قال ابن إدريس يدرك فضيلة الجماعة بإدراك بعض التشهد و ظاهره أنه يدرك ذلك و إن لم يتحرم بالصلاة انتهى و العلامة في التذكرة قال الأقرب عدم إدراك الفضيلة في تلك الصور و يحتمل الإدراك
17- الخصال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن معروف عن أبي جميلة عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين ع قال ستة لا ينبغي أن يؤموا الناس ولد الزنا و المرتد و الأعرابي بعد الهجرة و شارب الخمر و المحدود و الأغلف
السرائر، نقلا عن كتاب جعفر بن محمد بن قولويه بإسناده إلى الأصبغ مثله تبيين الخبر يتضمن أحكاما الأول المنع من إمامة ولد الزنا و المشهور أنه على التحريم و ادعى جماعة أنه لا خلاف فيه و يدل عليه حسنة زرارة عن أبي جعفر ع حيث ورد بلفظ النهي و لا منع فيما تناله الألسن و لا ولد الشبهة و لا من جهل أبوه لكن قالوا يكره لنفرة النفس منهم الموجبة لعدم كمال الإقبال على العبادة. الثاني المرتد و لا ريب في عدم جواز إمامته لاشتراط الإيمان فيها اتفاقا. الثالث الأعرابي بعد الهجرة و لا ريب في عدم جواز إمامته مع وجوب الهجرة عليه و إصراره على الترك بغير عذر و قد ورد في أخبار كثيرة أن التعرب بعد الهجرة من الكبائر لكن تحققه في هذا الزمان غير معلوم كما علمت. الرابع شارب الخمر و لا ريب في المنع من إمامته. الخامس المحدود و هو قبل التوبة فاسق لا تجوز إمامته و أما بعد التوبة فقد حكم الأكثر بكراهة إمامته و علله في المعتبر بنقص مرتبته بذلك عن منصب الإمامة و إن زال فسقه بالتوبة و نقل عن أبي الصلاح أنه منع من إمامة المحدود بعد التوبة إلا لمثله و رده الأكثر بأن المحدود ليس أسوأ حالا من الكافر و بالتوبة و استجماع الشرائط تصح إمامته و هذا الخبر لا يمكن الاستدلال به على عدم الجواز لأن لا ينبغي لا يعطي أكثر من الكراهة لكن ورد في حسنة زرارة و غيرها المنع من إمامة المحدود و هو يتناول التائب و غيره و الأحوط الترك. السادس الأغلف و أطلق بعض الأصحاب كراهة إمامته و منع منه جماعة كالشيخ و المرتضى و قال المحقق في المعتبر مشروط بالفسوق و هو التفريط في الاختتان مع التمكن لا مع العجز و بالجملة ليست الغفلة مانعة باعتبارها ما لم ينضم إليها الفسوق بالإهمال و نطالب المانعين بالعلة ثم نكلم في الرواية الآتية بما سيأتي و هو حسن
18- العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن الهيثم النهدي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة الحذاء قال بعضنا سأل أبا عبد الله ع عن القوم يجتمعون فتحضر الصلاة فيقول بعضهم لبعض تقدم يا فلان فقال قال رسول الله ص يتقدم القوم أقرؤهم فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا فإن كانوا في السن سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة و أفقههم في الدين و لا يتقدم أحدهم الرجل في منزله و لا صاحب سلطان في سلطانه
و روي في حديث آخر فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها
بيان الخبر الأول حسن لا يقصر عن الصحيح و الأخير مرسل و هما يشتملان على أحكام و تفصيل القول فيها أنه لا ريب أن مع حضور الإمام الأعظم ع هو أولى من غيره و مع عدم حضوره فالمشهور أن صاحب المنزل و الإمام الراتب في المسجد و صاحب الإمارة في البلد من قبل الإمام أولى من غيرهم و قال في المنتهى لا نعرف فيه مخالفا. و هذا الخبر يدل على تقديم صاحب المنزل و الإمارة و أما صاحب المسجد فعلل بأن المسجد يجري مجرى منزله و بأن تقديم غير صاحب المسجد عليه يوجب وحشة و تنافرا و فيهما ما ترى نعم يومئ بعض الأخبار إلى رعاية حقه كتقديمه على المتطهر إذا كان متيمما و نحوه و سيأتي في فقه الرضا ع و في الدعائم ما يدل عليه. و المشهور أنه لو أذن المستحق من هؤلاء لغيره في التقديم جاز و كان أولى و قال في المنتهى و لا نعرف فيه خلافا و تعليلهم لا يخلو من ضعف. و لو اجتمع صاحب المسجد أو المنزل مع صاحب الإمارة فقد قطع الشهيد الثاني بكونه أولى منهما و فيه كلام و قالوا لا فرق في صاحب المنزل بين مالك العين و المنفعة و المستعير و قال الشهيد الثاني ره لو اجتمع مالك العين و المنفعة فمالك المنفعة أولى و في المستعير مالك العين أولى و في الفرق تأمل. ثم إذا لم يكن بينهم أحد من هؤلاء و تشاح الأئمة فلا يخلو إما أن يتفق المأمومون على إمامة بعض الأئمة و إما أن يكرهوا جميعا إمامة بعضهم و إما أن يختلفوا فإن اتفقوا على إمامة أحد فهو أولى لما فيه من اجتماع القلوب كذا ذكره الأصحاب و فيه تأمل و إن كرهوا جميعا إمامة واحد لم يؤم بهم لما مر. و إن اختلف المأمومون فقد اعتبر أكثر الأصحاب الترجيح بالقراءة و غيرها و قال في التذكرة يقدم اختيار الأكثر فإن تساووا طلب الترجيح و الرواية تميل إلى الأول و ذكر غير واحد من الأصحاب أن ليس للمأمومين أن يقتسموا الأئمة فيصلي كل قوم خلف من يختارونه لما فيه من الاختلاف المثير للاحن. ثم إن أكثر الأصحاب على أن الأقرأ أولى من الأفقه و ذهب بعضهم إلى العكس و بعضهم إلى التخيير و يدل هذه الرواية على الأول
و قد روي من طريق العامة أيضا عن النبي ص يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا
و قد يجاب بأن المراد بالأقرإ الأفقه لأنه كان المتعارف في زمانه ص أنهم إذا تعلموا القرآن تعلموا أحكامه قال ابن مسعود كنا لا نجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها و نهيها و إطلاق القاري على العالم بأحكام الشريعة غير عزيز في الصدر الأول. و اعترض عليه بأن ذكر الأعلم بالسنة بعد ذلك يأبى عنه إلا أن يقال المراد بالأقرإ الأعرف بمعاني القرآن و أحكامه
و يؤيده قوله ع لا خير في قراءة ليس فيها تدبر
و الأفقهية المذكورة بعدها هو العلم بالسنن و غيرها و ربما يرجح تقديم الأعلم بالأخبار الدالة على فضل العلم و العلماء و بما سيأتي من ذم تقديم غير الأعلم و بما اشتهر قديما و حديثا بين الشيعة من قبح تفضيل المفضول و تقديمه. ثم إنه فسر جماعة من الأصحاب الأقرأ بالأجود قراءة و إتقانا للحروف و أحسن إخراجا لها من مخارجها و ضم بعضهم إليها الأعرف بالأصول و القواعد المقررة بين القراء و قيل أكثر قرآنا و نسبه في البيان إلى الرواية فيحتمل أكثر قراءة و أكثر حفظا للقرآن و لا يبعد شموله للجميع. ثم المشهور أن بعد الأقرإ الأفقه كما سيأتي في فقه الرضا ع و ذهب بعضهم إلى تقديم الأقدم هجرة فالأسن فالأفقه كما في الرواية و بعضهم إلى تقديم الأقدم هجرة فالأفقه و ذكر غير واحد أن المراد الأفقه بأحكام الصلاة فإن تساويا فيه و زاد أحدهما بفقه غير الصلاة قيل بترجيحه و قيل بنفيه و ظاهر الرواية الأول. ثم المشهور أن بعد الأفقه الأقدم هجرة و إليه ذهب الشيخ في النهاية و قدم الشيخ في المبسوط بعد الأفقه الأشرف ثم الأقدم هجرة ثم الأسن و قدم المرتضى الأسن بعد الأفقه و لم يذكر الهجرة و المراد بالهجرة السبق من دار الحرب إلى دار الإسلام و قال في التذكرة المراد سبق الإسلام أو من كان أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام أو يكون من أولاد من تقدمت هجرته و نقل في الذكرى عن يحيى بن سعيد أن المراد التقدم في العلم قبل الآخر و في الذكرى ربما جعلت الهجرة في زماننا سكنى الأمصار و الظاهر من الرواية المعنى الأول و إن كان في تحققه في زماننا إشكال كما عرفت. و المراد بالأسن الأكثر بحسب السن و في الذكرى و غيره أن المراد علو السن في الإسلام و كذا ذكره الشيخ في المبسوط و هو اعتبار حسن لكنه خلاف المتبادر من النص. و أما الأصبح وجها فذكره ابنا بابويه و الشيخان و جماعة و قال المرتضى و ابن إدريس و قد روي إذا تساووا فأصبحهم وجها و قال في المعتبر لا أرى بهذا أثرا في الأولوية و لا وجها في شرف الرجال. و علل في المختلف بأن في حسن الوجه دلالة على عناية الله به و ذكر في التذكرة عن العامة تفسيرين أحدهما أنه الأحسن صورة و الثاني أنه الأحسن ذكرا بين الناس.
قال في الذكرى يمكن أن يحتج على الأخير بقول أمير المؤمنين ع في عهد الأشتر رضي الله عنه و إنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده
ثم اعلم أن المحقق ره في الشرائع جعل الهاشمي في مرتبة صاحب المنزل و قراءته و قال في الذكرى قال في المبسوط إذا حضر رجل من بني هاشم فهو أولى بالتقدم إذا كان ممن يحسن القراءة و الظاهر أنه أراد به على غير الأمير و صاحب المنزل و المسجد مع أنه جعل الأشرف بعد الأفقه الذي هو بعد الأقرإ و الظاهر أنه الأشرف نسبا. و تبعه ابن البراج في تقديم الهاشمي و قال بعده و لا يتقدم أحد على أميره و لا على من هو في مسجده أو منزله و جعل أبو الصلاح بعد الأفقه القرشي و ابن زهرة جعل الهاشمي بعد الأفقه و ابن حمزة جعل الأشرف بعد الأفقه و في النهاية لم يذكر الأشرف و كذا المرتضى و ابن الجنيد و علي بن بابويه و ابنه و سلار و ابن إدريس و الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد و ابن عمه في المعتبر و ذكر ذلك في الشرائع و أطلق و كذا الفاضل في المختلف و قال إنه المشهور يعني تقديم الهاشمي. و نحن لم نره مذكورا في الأخبار إلا
ما روي مرسلا أو مسندا بطريق غير معلوم من قول النبي ص قدموا قريشا و لا تقدموهم
و هو على تقدير تسليمه غير صريح في المدعى نعم هو مشهور في التقديم في الجنازة من غير رواية تدل عليه نعم فيه إكرام لرسول الله ص إذ تقديمه لأجله نوع إكرام و إكرام رسول الله ص و تبجيله مما لا خفاء بأولويته انتهى. و قال في التذكرة فإن استووا في ذلك كله قدم أشرفهم أي أعلاهم نسبا و أفضلهم في نفسه و أعلاهم قدرا فإن استووا في هذه الخصال قدم أتقاهم و أورعهم لأنه أشرف في الدين و أفضل و أقرب إلى الإجابة
ثم قال و الأقوى عندي تقديم هذا على الأشرف لأن شرف الدين خير من شرف الدنيا فإن استووا في ذلك كله فالأقرب القرعة و احتمل الشهيد في الذكرى تقديم الأورع على المراتب التي بعد القراءة و الفقه و هو غير بعيد. و كذا احتمل تقديم المطلبي على غيره إن قلنا بترجيح الهاشمي لكن الهاشمي أولى منه و احتمل ترجيح أمجاد بني هاشم ثم بحسب شرف الآباء كالطالبي و العباسي و الحارثي و اللهبي ثم العلوي و الحسني و الحسيني ثم الصادقي و الموسوي و الرضوي و الهادوي. و احتمل أيضا ترجيح العربي على العجمي و القرشي على سائر العرب قال و كذا ينسحب الاحتمال في الترجيح بسبب الآباء الراجحين بعلم أو تقوى أو صلاح و من عبر من الأصحاب بالأشرف يدخل في كلامه جميع هذا و لا بأس به و من ثم ترجح أولاد المهاجرين على غيرهم لشرف آبائهم انتهى. و اعلم أن الترجيحات المذكورة في المراتب السابقة كلها تقديم استحباب لا تقديم اشتراط فلو قدم المفضول جاز قال في التذكرة لا نعلم فيه خلافا لكن قال في الذكرى أوجب ابن حمزة أن يكون أقرأ القوم لظاهر الخبر و المشهور أنه على الاستحباب
19- نوادر الراوندي، عن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني عن محمد بن الحسن التميمي عن سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل عن أبيه عن جده موسى بن جعفر عن آبائه عن علي ع قال من صلى بالناس و هو جنب أعاد هو و الناس صلاتهم
بيان إعادة الإمام لا ريب فيها و أما إعادة المأموم فالمشهور أنه لا يعيد لو علم فسق الإمام أو كفره أو حدثه بعد الصلاة و حكي عن المرتضى و ابن الجنيد أنهما أوجبا الإعادة و حكى الصدوق في الفقيه عن جماعة من مشايخه أنه سمعهم يقولون ليس عليهم إعادة شيء مما جهر فيه و عليهم إعادة صلاة ما صلى مما لم يجهر فيه و الأول أصح للأخبار الكثيرة الدالة عليه.
و يعارضها خبر مجهول آخر رواه الشيخ عن أبي عبد الله ع قال صلى علي بالناس على غير طهر و كانت الظهر ثم دخل فخرج مناديه إن أمير المؤمنين ع صلى على غير طهر فأعيدوا و ليبلغ الشاهد الغائب
و هو مردود عند القوم لاشتماله على سهو الإمام و هذا الخبر يمكن حمله على علمهم بكونه جنبا أو على الاستحباب أو على التقية لأنه مذهب الشعبي و ابن سيرين و أصحاب الرأي من العامة و إن كان أكثرهم معنا. و قال في الذكرى و قد روي أنهم إن علموا في الوقت تلزمهم الإعادة و لو صلى بهم بعض الصلاة ثم علموا حينئذ أتم القوم في رواية جميل و في رواية حماد عن الحلبي يستقبلون صلاتهم
20- فقه الرضا، قال ع إذا كنت إماما فكبر واحدة تجهر فيها و تسر الست و إن كنت في صلاة نافلة و أقيمت الصلاة فاقطعها و صل الفريضة مع الإمام و إن كنت في فريضتك و أقيمت الصلاة فلا تقطعها و اجعلها نافلة و سلم في ركعتين ثم صل مع الإمام إلا أن يكون الإمام ممن لا يقتدى به فلا تقطع صلاتك و لا تجعلها نافلة و لكن اخط إلى الصف و صل معه فإذا صليت أربع ركعات و قام الإمام إلى رابعته فقم معه و تتشهد من قيام و تسلم من قيام و اعلم أن المقصر لا يجوز له أن يصلي خلف المتمم و لا يصلي المتمم خلف المقصر و إن ابتليت مع قوم لا تجد بدا من أن تصلي معهم فصل معهم ركعتين و سلم و امض لحاجتك إن شئت و إن خفت على نفسك فصل معهم الركعتين الأخريين و اجعلها تطوعا و إن كنت متما صليت خلف المقصر فصل معه ركعتين فإذا سلم فقم و أتمم صلاتك
بيان استحباب الإسرار بالست و الإجهار بتكبيرة الإحرام للإمام مما ذكره الشهيد ره و غيره و ورد في غير هذه الرواية قال في البيان و يسر المأموم الجميع و الظاهر أن المنفرد مخير في الجهر و السر و يحتمل تبعية الفريضة. و أما قطع النافلة و الانتقال عن الفريضة إليها لإدراك الجماعة فمقطوع به في كلام الأصحاب و عبارة التذكرة مؤذنة بدعوى الإجماع عليه و نقل عن ظاهر ابن إدريس المنع من النقل لأنه في قوة الإبطال و الأشهر أقوى لصحيحة سليمان بن خالد.
و لموثقة سماعة قال سألته عن رجل كان يصلي فخرج الإمام و قد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة فقال إن كان إماما عدلا فليصل أخرى و ينصرف و يجعلها تطوعا و ليدخل مع الإمام في صلاته كما هو و إن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو و يصلي ركعة أخرى معه يجلس قدر ما يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ص ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع فإن التقية واسعة و ليس شيء من التقية إلا و صاحبها مأجور عليها إن شاء الله
و ظاهر الشيخ في المبسوط أنه جوز قطع الفريضة من غير حاجة إلى النقل إذا خاف الفوات معه و قواه في الذكرى. و قال جماعة من المتأخرين إذا علم بعد العدول فوت الجماعة بإتمام الركعتين قطعها و قال الشيخ و أكثر المتأخرين لو كان إمام الأصل قطع الفريضة و دخل من غير عدول و تردد فيه في المعتبر و ساوى العلامة في المنتهى و المختلف بينه و بين غيره و لا يخلو من قوة و الحكم قليل الجدوى و أما حكم حضور الإمام المخالف فسيأتي القول فيه و مضى الكلام في ائتمام كل من المقيم و المسافر بالآخر و ظاهره موافق لقول علي بن بابويه
-21 السرائر، نقلا من كتاب حريز عن زرارة قال قال أبو جعفر ع لا تقرأ في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير إمام قلت فما أقول فيهما قال إن كنت إماما فقل سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله ثلاث مرات ثم تكبر و تركع و إن كنت خلف إمام فلا تقرأ شيئا في الأوليين و أنصت لقراءته و لا تقولن شيئا في الأخيرتين فإن الله عز و جل يقول للمؤمنين وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ يعني في الفريضة خلف الإمام فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ و الأخريان تبع للأوليين و قال قال أبو جعفر ع إن صلى قوم و بينهم و بين الإمام ما لا يتخطى فليس ذلك الإمام لهم إماما
بيان تبع للأوليين أي في ترك القراءة ما لا يتخطى أي من موقف المأموم أو من مسجده و الأول أظهر و يؤيده أن في التهذيب تتمة و هي قوله يكون قدر ذلك مسقط جسد الإنسان. و اعلم أنه نقل جماعة من الأصحاب الاتفاق على أنه لا يجوز التباعد بين الإمام و المأموم إلا مع اتصال الصفوف و اختلف في تحديده فذهب الأكثر إلى أن المرجع فيه إلى العادة و قال الشيخ في الخلاف حده ما يمنع عن مشاهدته و الاقتداء بأفعاله و يظهر من المبسوط جواز البعد بثلاث مائة ذراع. و قال أبو الصلاح و ابن زهرة لا يجوز أن يكون بين الصفين ما لا يتخطى كما هو ظاهر الخبر و أجاب عنها في المعتبر بأن اشتراط ذلك مستبعد فيحمل على الأفضل و أجاب العلامة باحتمال أن يكون المراد ما لا يتخطى من الحائل لا المسافة و هو بعيد مع أنه لا يوافق قوله بتجويز الصلاة خلف الشبابيك و الحائل القصير الذي لا يمنع المشاهدة و يمنع الاستطراق و لو خرجت الصفوف المتخللة بين الإمام و بينه عن الاقتداء إما لانتهاء صلاتهم أو لعدولهم إلى الانفراد و حصل البعد المانع من الاقتداء قيل تنفسخ القدوة و لا يعود بانتقاله إلى محل الصحة و قيل يجوز تجديد القدوة مع القرب إذا لم يفعل فعلا كثيرا و ذكر بعض المحققين و نعم ما قال الأصح أن عدم التباعد إنما يعتبر في ابتداء الصلاة خاصة كالجماعة و العدد في الجمعة تمسكا بمقتضى الأصل السالم من المعارض انتهى و يأتي مثله في تخلل المأمومين الذين لم يفتتحوا الصلاة بعد بينه و بين الإمام فإن الظاهر أن كونهم من الصفوف الناوين للاقتداء يكفي في ذلك و الله يعلم
22- العيون، عن محمد بن علي بن الشاه عن أبي بكر بن عبد الله النيسابوري عن عبد الله بن أحمد الطائي عن أبيه و عن أحمد بن إبراهيم الخوزي عن إبراهيم بن مروان عن جعفر بن محمد بن زياد عن أحمد بن عبد الله الهروي عن الحسين بن محمد الأشناني عن علي بن محمد بن مهرويه عن داود بن سليمان جميعا عن الرضا ع عن آبائه ع قال قال رسول الله ص إني أخاف عليكم استخفافا بالدين و بيع الحكم و قطيعة الرحم و أن تتخذوا القرآن مزامير تقدمون أحدكم و ليس بأفضلكم في الدين
بيان يحتمل التقديم في الإمامة الكبرى و الصلاة أو الأعم
23- العيون، عن محمد بن عمر الجعابي عن الحسن بن عبد الله بن محمد التميمي عن أبيه عن الرضا عن آبائه ع قال قال النبي ص الاثنان فما فوقهما جماعة
و منه عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان عن الرضا ع فيما كتب للمأمون لا صلاة خلف الفاجر و لا يقتدى إلا بأهل الولاية و قال لا يجوز أن يصلى تطوع في جماعة لأن ذلك بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة سبيلها إلى النار
الخصال، عن ستة من مشايخه عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبي معاوية عن الأعمش عن الصادق ع مثله تحف العقول، مرسلا مثله
24- المحاسن، عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول أوصيكم بتقوى الله عز و جل و لا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلوا إن الله تبارك و تعالى يقول في كتابه وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ثم قال عودوا مرضاهم و اشهدوا جنائزهم و اشهدوا لهم و عليهم و صلوا معهم في مساجدهم الحديث
25- كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال صلى حسن و حسين ع خلف مروان و نحن نصلي معهم
26- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن القوم يتحدثون يذهب الثلث الأول من الليل أو أكثر أيهما أفضل يصلون العشاء جماعة أو في غير جماعة قال يصلون جماعة أفضل
كتاب المسائل، بإسناده مثله
27- التوحيد، عن أبيه عن علي بن الحسن الكوفي عن أبيه الحسن بن علي بن عبد الله عن جده عبد الله بن المغيرة عن إسماعيل بن مسلم أنه سئل الصادق ع عن الصلاة خلف رجل يكذب بقدر الله عز و جل قال ليعد كل صلاة صلاها خلفه
قال و قال علي بن محمد و محمد بن علي ع من قال بالجسم فلا تعطوه شيئا من الزكاة و لا تصلوا خلفه
28- العيون، عن محمد بن أحمد السناني عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن سهل بن زياد عن عبد العظيم الحسني عن إبراهيم بن أبي محمود عن الرضا ع عن آبائه ع قال من زعم أن الله يجبر عباده على المعاصي أو يكلفهم ما لا يطيقون فلا تصلوا وراءه
الإحتجاج، عن عبد العظيم مثله
29- المقنع، قال رسول الله ص أقيموا صفوفكم فإني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي و لا تخالفوا فيخالف الله بين قلوبكم
30- قرب الإسناد، بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه قال سألته عن الرجل يصلي أ له أن يكبر قبل الإمام قال لا يكبر إلا مع الإمام فإن كبر قبله أعاد التكبير
بيان لا خلاف بين الأصحاب في وجوب متابعة المأموم للإمام في أفعال الصلاة و نقل الإجماع عليه في المعتبر و المنتهى و فسرت المتابعة هنا بعدم التقدم فلو تقدم بطلت صلاته و في المقارنة خلاف و الظاهر الجواز و التأخر أفضل. قال الشهيدان و غيرهما قال الصدوق ره من المأمومين من لا صلاة له و هو الذي يسبق الإمام في ركوعه و سجوده و رفعه و منهم من له صلاة واحدة و هو المقارن له في ذلك و منهم من له أربع و عشرون ركعة و هو الذي يتبع الإمام في كل شيء فيركع بعده و يسجد بعده و يرفع منهما بعده و منهم من له ثمان و أربعون ركعة و هو الذي يجد في الصف الأول ضيقا فيتأخر إلى الصف الثاني قالوا و الظاهر أن مثل هذا لا يقوله إلا عن رواية. هذا في الأفعال و أما الأقوال فالظاهر أنه لا خلاف في وجوب المتابعة في تكبيرة الإحرام و اختلفوا في المقارنة و الأكثر على المنع و الرواية تدل على الجواز و لا يخلو من قوة و الأحوط متابعة المشهور و أما باقي الأقوال فالمشهور عدم الوجوب و ذهب الشهيد في جملة من كتبه و جماعة إلى الوجوب و الأول أقوى
31- كتاب عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الإمام فقد أدركت الصلاة
32- كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن عبد الله بن طلحة النهدي عن أبي عبد الله ع قال لا يؤم الناس المحدود و ولد الزنا و الأغلف و الأعرابي و المجنون و الأبرص و العبد
33- الإحتجاج، كتب الحميري إلى القائم ع أنه روي لنا عن العالم أنه سئل عن إمام قوم صلى بهم بعض صلاتهم و حدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه فقال ع يؤخر و يتقدم بعضهم و يتم صلاتهم و يغتسل من مسه التوقيع ليس على من نحاه إلا غسل اليد و إذا لم يحدث ما يقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم و روي عن العالم أنه من مس ميتا بحرارته غسل يده و من مسه و قد برد فعليه الغسل و هذا الإمام في هذه الحالة لا يكون إلا بحرارة فالعمل في ذلك على ما هو و لعله ينحيه بثيابه و لا يمسه فكيف يجب عليه الغسل التوقيع إذا مسه على هذه الحالة لم يكن عليه إلا غسل يده و سأل عن الرجل يلحق الإمام و هو راكع و ركع معه و يحتسب تلك الركعة فإن بعض أصحابنا قال إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتد بتلك الركعة فأجاب ع إذا لحق مع الإمام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة و إن لم يسمع تكبيرة الركوع
بيان لقد قطع الأصحاب بأنه إذا عرض للإمام ضرورة جاز أن يستنيب بل يستحب له ذلك و لو لم يستنب أو مات أو أغمي عليه استحب للمأمومين الاستنابة و لا يجب شيء من ذلك بل يجوز للمأمومين أن يتموا الصلاة منفردين كلهم أو بعضهم و الظاهر أنه لا خلاف في شيء من ذلك بين الأصحاب و إن دلت صحيحة علي بن جعفر ظاهرا على وجوب الإتمام جماعة و حملوها على تأكد الاستحباب لنقل الإجماع في التذكرة على انتفاء الوجوب و الأحوط العمل بها إلا مع الضرورة. ثم اعلم أن الأصحاب اختلفوا فيما يدرك به الركعة فذهب الشيخ في الخلاف و المرتضى و الفاضلان و جمهور المتأخرين إلى أنه يتحقق ذلك بإدراك الإمام راكعا و ذهب المفيد في المقنعة و الشيخ في النهاية و كتابي الحديث إلى أن المعتبر إدراك تكبيرة الركوع و قواه في التذكرة. و الأخبار الدالة على المشهور أكثر و منقولة من كثير من الأصحاب و الروايات الدالة على الثاني الأصل في جلها بل كلها محمد بن مسلم فلذا مال الأكثر إلى الأول و حملوا أخبار المنع على الكراهة بمعنى أنه يجوز له الدخول في الركوع و الأولى تركه و هذا إنما يتأتى في غير الجمعة و أما في الجمعة فالقول بأفضلية الترك في اللحوق في الركوع الثاني مع وجوب الجمعة مشكل فينبغي تخصيصه بغيرها فيظهر منه وجه جمع آخر بحمل أخبار المنع على غير الجمعة و أخبار الجواز عليها و لا يخلو من قوة. و يؤيد القول الثاني كون الأول أوفق بأقوال العامة لأن أكثرهم ذهبوا إلى إدراكها بإدراك جزء من الركوع و ذهب أبو حنيفة و جماعة إلى أن أي قدر أدرك من صلاة الإمام أدرك بها الجمعة و لو سجود السهو بعد التسليم. ثم المعتبر على المشهور اجتماعهما في حد الركوع و هل يقدح أخذ الإمام في الرفع مع عدم مجاوزته حد الراكع وجهان و اعتبر العلامة في التذكرة ذكر المأموم قبل رفع الإمام و اعترض عليه من تأخر عنه بعدم المستند و هذا الخبر صريح فيه مع قربه من الصحة و الاحتياط طريق النجاة
-34 مجالس الصدوق، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار قال كتبت إلى أبي جعفر الثاني ع جعلت فداك أصلي خلف من يقول بالجسم و من يقول بقول يونس يعني ابن عبد الرحمن فكتب ع لا تصلوا خلفهم و لا تعطوهم من الزكاة و ابرءوا منهم برئ الله منهم
بيان الظاهر أن قول يونس الذي كان ينسب إليه هو القول بالحلول و الاتحاد و وحدة الوجود الذي يذهب إليه أكثر المبتدعة من الصوفية
لما روى الكشي في رجاله بإسناده عن يونس بن بهمن قال قال لي يونس اكتب إلى أبي الحسن ع فاسأله عن آدم هل فيه من جوهرية الله شيء قال فكتب إليه فأجابه ع هذه المسألة مسألة رجل على غير السنة
و نسب إليه أيضا القول بعدم خلق الجنة و النار بعد لكن الأول أنسب بالقول بالجسم
35- قرب الإسناد، عن أحمد بن إسحاق عن بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد الله ع قال إني لأكره للمؤمن أن يصلي خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار قال قلت جعلت فداك فيصنع ما ذا قال يسبح
36- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يدرك الركعة من المغرب كيف يصنع حين يقوم يقضي أ يقعد في الثانية و الثالثة قال يقعد فيهن جميعا و سألته عن إمام قرأ السجدة فأحدث قبل أن يسجد كيف يصنع قال يقدم غيره فيسجد و يسجدون و ينصرف فقد تمت صلاتهم قال و قال ع على الإمام أن يرفع يديه في الصلاة و ليس على غيره أن يرفع يديه في التكبير قال و سألته عن الرجل يكون خلف الإمام يجهر بالقراءة و هو يقتدي به هل له أن يقرأ خلفه قال لا و لكن يعتد به و سألته عن حد قعود الإمام بعد التسليم ما هو قال يسلم فلا ينصرف و لا يلتفت حتى يعلم أن كل من دخل معه في صلاته قد أتم صلاته ثم ينصرف و سألته عن قوم صلوا خلف إمام هل يصلح لهم أن ينصرفوا و الإمام قاعد قال إذا سلم فليقم من أحب و سألته عن رجل يصلي خلف إمام يقوم إذا سلم الإمام يصلي و الإمام قاعد قال لا بأس و سألته عن الرجل يقرأ خلف إمام يقتدي به في الظهر و العصر قال لا و لكن يسبح و يحمد ربه و يصلي على نبيه ص قال و سألته عن قوم صلوا جماعة في سفينة أين يقوم الإمام و إن كان معهم نساء كيف يصنعون أ قياما يصلون أم جلوسا قال يصلون قياما فإن لم يقدروا على القيام صلوا جلوسا و تقوم النساء خلفهم و إن ضاقت السفينة قعد النساء و صلى الرجال و لا بأس أن تكون النساء بحيالهم
بيان هذه المسائل أكثرها مذكورة في كتاب المسائل و قال في الذكرى يجوز التشهد للمسبوق مع الإمام و قال في المبسوط إذا جلس للتشهد الأخير جلس يحمد الله و يسبحه و قال أبو الصلاح يجلس مستوفزا و لا يتشهد و تبعه ابن زهرة و ابن حمزة انتهى. و الظاهر استحباب التشهد بمتابعة الإمام في الأول و الأخير لكن يستحب أن لا يجلس متمكنا بل يجلس متجافيا و قال الشهيد في الذكرى و ذلك على سبيل الندب و قال ابن بابويه يجب. قوله ع على الإمام أي استحبابه عليه آكد كما في النفلية و غيرها قوله ع يعتد به في المسائل و لكن ينصت للقرآن و هو محمول على السماع كما هو ظاهر الخبر. و عد الأصحاب من المستحبات لزوم الإمام مكانه حتى يتم المسبوقون صلاتهم و قال في النفلية يستحب للمأمومين التعقيب مع الإمام و الرواية بأنه ليس بلازم لا يدفع الاستحباب. قوله ع و لا بأس أن تكون النساء أي إذا لم يكن يصلين و يدل على عدم جواز محاذاة النساء للرجال في الصلاة و حمل بعضهم على الكراهة كما مر و يدل على جواز الجماعة في السفينة و لا خلاف فيه ظاهرا قال في المنتهى الجماعة في السفينة جائزة اتحدت أو تعددت سواء شد بعض المتعدد إلى بعض أو لا انتهى.
لكن روى الشيخ و الكليني بسند فيه ضعف عن أبي هاشم الجعفري قال كنت مع أبي الحسن ع في السفينة في دجلة فحضرت الصلاة فقلت جعلت فداك نصلي في جماعة قال فقال لا تصلي في بطن واد جماعة
و حمله الشيخ و غيره على الكراهة و هو حسن و يمكن حمله على التقية أيضا
37- قرب الإسناد، بالإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل هل يصلح له و هو في ركوعه أو سجوده يبقى عليه الشيء من السورة يكون يقرؤها ثم يأخذ في غيرها قال أما الركوع فلا يصلح له و أما السجود فلا بأس و سألته عن رجل قرأ في ركوعه من سورة غير السورة التي كان يقرؤها قال إن كان فرغ فلا بأس في السجود فأما في الركوع فلا يصلح و سألته عن الرجل يقرأ في صلاته هل يجزيه أن لا يحرك لسانه و أن يتوهم توهما قال لا بأس
بيان قد مر الكلام في تلك الأخبار في باب القراءة و باب الركوع و قال في الذكرى و تجزية الفاتحة وحدها مع تعذر السورة و لو ركع الإمام قبل قراءته قرأ في ركوعه و لو بقي عليه شيء فلا بأس. و قال في موضع آخر كره الشيخ القراءة في الركوع و كذا يكره عنده في السجود و التشهد إلى أن قال و قد روي في التهذيب قراءة المسبوق مع التقية في ركوعه
و روي عن عمار عن الصادق ع في الناسي حرفا من القرآن لا يقرؤه راكعا بل ساجدا
و قال في البيان و يكره القراءة في الركوع و السجود و قال و لو ركع المصلي خلف من يتقيه قبل فراغ الحمد أتمها في ركوعه انتهى. و بالجملة النهي الوارد في الخبر عن القراءة في خصوص الركوع خلاف المشهور و في المسبوق إشكال و لعل ترك القرآن في الركوع ثم الإعادة أحوط و عدم تحريك اللسان بالقراءة و التوهم لعله في القراءة المستحبة خلف الإمام أو خلف من لا يقتدى به تقية
38- العلل، عن علي بن حاتم عن القاسم بن محمد عن حمدان بن الحسين عن الحسين بن الوليد عن أحمد بن رباط عن أبي عبد الله ع قال قلت له لأي علة إذا صلى اثنان صار التابع على يمين المتبوع قال لأنه إمامه و طاعة للمتبوع و إن الله تبارك و تعالى جعل أصحاب اليمين المطيعين فلهذه العلة يقوم على يمين الإمام دون يساره
و منه عن أبيه عن سعد بن عبد الله و أحمد بن إدريس معا عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله ع عن الصلاة خلف الإمام أ يقرأ خلفه قال أما الصلاة التي لا يجهر فيها بالقراءة فإن ذلك جعل إليه و لا يقرأ خلفه و أما الصلاة التي يجهر فيها بالقراءة فإنما أمر بالجهر لينصت من خلفه فإن سمعت فأنصت و إن لم تسمع القراءة فاقرأ
بيان قال العلامة في المنتهى قال في المبسوط لو سمع مثل الهمهمة جاز له أن يقرأ و ربما استند إلى أن سماع الهمهمة ليس سماعا للقراءة انتهى و لا يخفى ضعفه لدخوله في السماع و للتصريح في الأخبار به نعم إدخاله في الآية مشكل إذ المتبادر من الاستماع و الإنصات فهم ما يستمعه
39- العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبي الجوزاء قال الأغلف لا يؤم القوم و إن كان أقرأهم لأنه ضيع من السنة أعظمها و لا تقبل له شهادة و لا تصلى عليه إذا مات إلا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه
المقنع، قال أمير المؤمنين ع الأغلف لا يؤم القوم و ذكر مثله
بيان الظاهر أن في سند العلل سقطا و في التهذيب هكذا محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي جعفر عن أبي الجوزاء عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي ع و استدل به على المنع عن إمامة الأغلف مطلقا و أجاب عنه في المعتبر بوجهين أحدهما الطعن في السند فإنهم بأجمعهم زيدية مجهولو الحال و ثانيهما بأنه يتضمن ما يدل على إهمال الختان مع وجوبه و لا يخفى متانته
40- العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق عن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يؤم بقوم يجوز له أن يتوشح قال لا يصلي الرجل بقوم و هو متوشح فوق ثيابه و إن كانت عليه ثياب كثيرة لأن الإمام لا يجوز له الصلاة و هو متوشح
بيان قد مر الكلام في التوشح فوق القميص و هذا يدل على أن في الإمام أشد كراهة
41- العلل، عن أبيه عن سعد عن أيوب بن نوح عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يقوم في الصف وحده قال لا بأس إنما تبدأ الصفوف واحد بعد واحد
بيان المشهور بين الأصحاب كراهة وقوف المأموم وحده مع سعة الصفوف و نقل بعضهم الإجماع عليه و حكي عن ابن الجنيد أنه منع من ذلك و لا كراهة إذا لم يكن في الصفوف مكان أو كانت متضايقة بأهلها كما ذكره الأصحاب و لعل الرواية محمولة عليه و في التعليل إيماء إليه و الأولى وقوفه حينئذ بحذاء الإمام لرواية سعيد الأعرج
42- معاني الأخبار، عن أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله ع قال إذا أجلسك الإمام في موضع يجب أن تقوم فيه فتجاف
بيان التجافي في هذا الموضع مستحب كما ذكره الأصحاب و قد يفهم من كلام بعضهم أنه الإقعاء على العقبين كما هو مكروه لغيره و من بعضهم الجلوس على القدمين و لعله يتحقق في كل منهما
43- التوحيد، عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري عن الحسن بن حريش عن بعض أصحابنا عن علي بن محمد و عن أبي جعفر ع قالا من قال بالجسم فلا تعطوه من الزكاة و لا تصلوا وراءه
بيان الظاهر أنه شامل للمبلكفة القائلين بأنه سبحانه جسم لا كالأجسام كما مر في كتاب التوحيد
44- قرب الإسناد، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق ع عن آبائه قال قال رسول الله ص إن أئمتكم وفدكم إلى الله فانظروا من توفدون في دينكم و صلاتكم
بيان الوافد القادم الوارد رسولا و قاصدا لأمير للزيارة و الاسترفاد و نحوهما و الإبل السابق للقطار فعلى الأول و هو الأظهر المعنى أنه رسول إلى الله تعالى ليسأل و يطلب لهم الحاجة و المغفرة منه تعالى و لا محالة يكون مثل هذا أفضل القوم و أعلمهم و أشرفهم و قيل المراد أنه وافد من الله سبحانه إليهم ليقرأ كلام الله عليهم و لا يخفى بعده و توجيهه على الأخيرين ظاهر
45- قرب الإسناد، بالإسناد المتقدم عن علي بن جعفر عن أخيه قال سألته عن ولد الزنا هل تجوز شهادته قال لا تجوز شهادته و لا يؤم
46- العلل، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن محمد بن سنان عن طلحة بن زيد عن ثور بن غيلان عن أبي ذر ره قال إن إمامك شفيعك إلى الله عز و جل فلا تجعل شفيعك إلى الله عز و جل سفيها و لا فاسقا
بيان قد عرفت أنه يحتمل الإمامة الكبرى بأن يكون المراد الشفاعة في الآخرة أو الأعم و الصغرى فالمراد في حال الصلاة فإنه وافد المأمومين و المتكلم عنهم عند الله سبحانه و المراد بالسفيه الكافر و بالفاسق معناه أو بالعكس أو المراد بالسفيه المجنون أو القليل العقل فعلى الثاني يكون محمولا على الاستحباب إلا أن يكون لا يتأتى منه أفعال الصلاة. قال الشهيد ره في البيان إن السفيه أن نافى سفهه العدالة منع من الإمامة و إن أمكن مجامعته العدالة جاز و ما روي عن أبي ذر رضي الله عنه محمول على غير العدل
47- العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد رفعه عن علي بن سليمان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص إن سركم أن تزكو صلاتكم فقدموا خياركم
المقنع، مرسلا مثله بيان تزكو على المجرد أو التفعيل من الزكاة بمعنى الطهارة أو النمو أو من التزكية بمعنى الثناء و القبول
48- مجالس الصدوق، عن الحسين بن إبراهيم بن ناتانة عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي زياد النهدي عن عبد الله بن بكير عن الصادق ع قال من صلى معهم في الصف الأول فكأنما صلى مع رسول الله ص في الصف الأول
49- العلل، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عمر عن محمد بن عذافر عن أبي عبد الله ع قال سألته عن دخولي مع من أقرأ خلفه في الركعة الثانية فيركع عند فراغي من قراءة أم الكتاب قال تقرأ في الأخراوين لتكون قد قرأت في ركعتين
50- مجالس ابن الشيخ، عن أحمد بن هارون بن الصلت عن ابن عقدة عن القاسم بن جعفر بن أحمد عن عباد بن أحمد القزويني عن عمه عن أبيه عن عبد الرحمن بن ثابت عن حسان بن عطية عن عمرو بن ميمون الأزدي قال كنت مع معاذ بالشام فلما قبض أتيت عبد الله بن مسعود بالكوفة و كنت معه فأبكر بعض الوقت في زمانه فقلت له يا أبا عبد الرحمن كيف ترى في الصلاة معهم فقال صل الصلاة لوقتها و اجعل صلاتك معهم سبحة فقلت أبا عبد الرحمن يرحمك الله ندع الصلاة في الجماعة فقال ويحك يا ابن ميمون إن جمهور الناس الأعظم قد فارقوا الجماعة إن الجماعة من كان على الحق و إن كنت وحدك فقلت أبا عبد الرحمن و كيف أكون جماعة و أنا وحدي فقال إن معك من ملائكة الله و جنوده المطيعين لله أكثر من بني آدم أولهم و آخرهم
51- ثواب الأعمال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن القاسم بن محمد الجوهري عن الحسين بن أبي العلاء عن ابن العزرمي عن أبيه رفع الحديث إلى رسول الله ص قال من أم قوما و فيهم من هو أعلم منه أو أفقه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة
العلل، عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أيوب بن نوح عن العباس بن عامر عن داود بن الحصين عن سفيان الجريري عن العزرمي مثله المحاسن، عن أبيه عن الجوهري مثله السرائر، نقلا من كتاب أبي القاسم بن قولويه مرسلا مثله بيان قوله أو أفقه الترديد من الراوي و هذا الخبر أيضا يحتمل الإمامتين و على أحد الوجهين فيه حث عظيم على تقديم الأعلم قال في الذكرى قول ابن أبي عقيل بمنع إمامة المفضول بالفاضل و منع إمامة الجاهل بالعالم إن أراد به الكراهية فحسن و إن أراد به التحريم أمكن استناده إلى أن ذلك يقبح عقلا و هو الذي اعتمد عليه محققو الأصوليين في الإمامة الكبرى و لقول الله جل اسمه أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ و لخبر أبي ذر و غيره. ثم قال و اعتبر ابن الجنيد في ذلك الإذن و يمكن حمل كلام ابن أبي عقيل عليه و الخبران يحملان على إيثار المفضول من حيث هو مفضول و لا ريب في قبحه و لا يلزم من عدم جواز إيثاره عليه عدم جواز أصل إمامته و خصوصا مع إذن الفاضل و اختياره
52- تفسير الإمام، قال ع نظر الباقر ع إلى بعض شيعته و قد دخل خلف بعض المخالفين إلى الصلاة و أحس الشيعي بأن الباقر ع قد عرف ذلك منه فقصده و قال أعتذر إليك يا ابن رسول الله ص من صلاتي خلف فلان فإني أتقيه لو لا ذلك لصليت وحدي قال له الباقر ع يا أخي إنما كنت تحتاج أن تعتذر لو تركت يا عبد الله المؤمن ما زالت ملائكة السماوات السبع و الأرضين السبع تصلي عليك و تلعن إمامك ذاك و إن الله أمر أن يحسب لك صلاتك خلفه للتقية بسبع مائة صلاة لو صليتها وحدك فعليك بالتقية
53- كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن قيام شهر رمضان هل يصلح قال لا يصلح إلا بقراءة تبدأ و تقرأ فاتحة الكتاب ثم تنصت لقراءة الإمام فإذا أراد الركوع قرأت قل هو الله أحد أو غيرها ثم ركعت أنت إذا ركع و كبر أنت في ركوعك و سجودك كما تفعل إذا صليت وحدك و صلاتك وحدك أفضل قال و سألته عن القيام خلف الإمام في الصف ما حده قال قم ما استطعت فإذا قعدت فضاق المكان فتقدم أو تأخر فلا بأس قال و سألته عن الرجل يكون في صلاته في الصف هل يصلح له أن يتقدم إلى الثاني أو الثالث أو يتأخر وراء في جانب الصف الآخر قال إذا رأى خللا فلا بأس به
بيان عن قيام شهر رمضان ظاهره النافلة و يحتمل الفريضة و على الأول السؤال إما لعدم جواز الايتمام في النافلة أو لكون الإمام ممن لا يقتدى به و المشهور بين الأصحاب عدم جواز الاقتداء في النوافل و عدوا الايتمام في نافلة شهر رمضان من بدع عمر. و قال العلامة في المنتهى و لا جماعة في النوافل إلا ما استثني ذهب إليه علماؤنا أجمع و يظهر من بعض عبارات المحقق أن في المسألة قولا بجواز الاقتداء في النوافل مطلقا و في عبارة الذكرى أيضا إشعار بعدم تحقق الإجماع فيه و يدل على المنع أخبار يعارضها أخبار كصحيحتي هشام بن سالم و سليمان بن خالد الدالتين على جواز إمامة النساء في النافلة
و في صحيحة عبد الرحمن صل بأهلك في رمضان الفريضة و النافلة
و الاحتياط في الترك إلا في العيدين و الاستسقاء و المعادة و استحب أبو الصلاح في الصلاة الغدير و نسب إلى الرواية و لم أرها و الأحوط فيه أيضا الترك. عن القيام خلف الإمام لعل السؤال عن مقدار الضيق و السعة في القيام في في الصف فأجاب ع بأنه بقدر استطاعة القيام فيه فإن ظهر الضيق بعد القعود تقدم أو تأخر و الظاهر أن المراد به التقدم و التأخر إلى صف آخر و يحتمل أن يكون المراد التقدم و التأخر قليلا في هذا الصف. قال في الذكرى يجوز التأخر إلى صف فيه فرجة إذا وجد ضيقا في صفه
و روى التقدم و التأخر أيضا علي بن جعفر و في رواية محمد بن مسلم قال قلت له الرجل يتأخر و هو في الصلاة قال لا قلت فيتقدم قال نعم ماشيا إلى القبلة
و يحمل على عدم الحاجة إلى ذلك فيكره قال و يستحب لمن وجد خللا في صف أن يسعى إليه
54- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ع قال سألته عن الرجل يؤم بغير رداء فقال قد أم رسول الله ص في ثوب واحد متوشح به
بيان المشهور بين الأصحاب كراهة الإمامة بغير رداء
و احتجوا عليه بصحيحة سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل أم قوما في قميص ليس عليه رداء قال لا ينبغي إلا أن يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها
و هي إنما تدل على كراهة الإمامة بدون الرداء في القميص وحده لا مطلقا
و يؤيد الاختصاص قول أبي جعفر ع لما أم أصحابه في قميص بغير رداء إن قميصي كثيف فهو يجزي إلا يكون على إزار و لا رداء
و هذا الخبر أيضا يؤيده و يدل على عدم كراهة التوشح و قد مر كراهة التوشح فوق الثياب للإمام و لا يبعد حمل جزئي الخبر على الضرورة كما يومئ إليه أصل الخبر
55- نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن أبيه ع قال كان الحسن و الحسين ع يصليان خلف مروان بن الحكم فقالوا لأحدهما ما كان أبوك يصلي إذا رجع إلى البيت فقال لا و الله ما كان يزيد على صلاة
56- الدرة الباهرة، قال أبو الحسن الثالث ع إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور فحرام أن يظن بأحد سوء حتى يعلم ذلك منه و إذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل فليس لأحد أن يظن بأحد خيرا حتى يبدو ذلك منه
بيان يمكن حمله على بلاد المخالفين أو على كون الأكثر مشهورين بالفسق و لم يعلم منه خير أو على رعاية الحزم في المعاملات كما يدل عليه سائر الروايات
57- نهج البلاغة، في عهده ع للأشتر فإذا قمت في صلاتك للناس فلا تكونن منفرا و لا مضيعا فإن في الناس من به العلة و له الحاجة و قد سألت رسول الله ص حين وجهني إلى اليمن كيف أصلي بهم فقال صل بهم كصلاة أضعفهم و كن بالمؤمنين رحيما
58- كتاب الغارات، لإبراهيم بن محمد الثقفي عن يحيى بن صالح عن مالك بن خالد الأسدي عن الحسن بن إبراهيم عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن عباية قال كتب أمير المؤمنين إلى محمد بن أبي بكر انظر يا محمد صلاتك كيف تصليها لوقتها فإنه ليس من إمام يصلي بقوم فيكون في صلاته نقص إلا كانت عليه و لا ينقص ذلك من صلاتهم
أقول و في رواية ابن أبي الحديد و انظر يا محمد صلاتك كيف تصليها فإنما أنت إمام ينبغي لك أن تتمها و أن تخففها و أن تصليها لوقتها فإنه ليس من إمام يصلي بقوم فيكون في صلاته و صلاتهم نقص إلا كان إثم ذلك عليه و لا ينقص ذلك من صلاتهم شيئا
و رواه في تحف العقول هكذا ثم انظر صلاتك كيف هي فإنك إمام و ليس من إمام يصلي بقوم فيكون في صلاتهم تقصير إلا كان عليه أوزارهم و لا ينقص من صلاتهم شيء و لا يتمها إلا كان له مثل أجورهم و لا ينتقص من أجورهم شيء و اعلم أن كل شيء من عملك تابع لصلاتك و اعلم أنه من ضيع الصلاة فإنه لغير الصلاة من شرائع الإسلام أضيع
59- عدة الداعي، صلى رسول الله ص بالناس يوما فخفف في الركعتين الأخيرتين فلما انصرف قال له الناس يا رسول الله رأيناك خففت هل حدث في الصلاة أمر قال و ما ذلك قالوا خففت في الركعتين الأخيرتين فقال أ و ما سمعتم صراخ الصبي و في حديث آخر خشيت أن يشتغل به خاطر أبيه
60- مجمع البيان، روى جميل عن أبي عبد الله ع قال إذا كنت خلف إمام ففرغ من قراءة الفاتحة فقل أنت من خلفه الحمد لله رب العالمين
بيان قال الشهيد في النفلية يستحب قول المأموم سرا الحمد لله رب العالمين بعد فراغ الإمام من الفاتحة
61- العياشي، عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله ع عن الإمام هل عليه أن يسمع من خلفه و إن كثروا قال ليقرأ قراءة وسطا إن الله يقول وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها
و منه عن المفضل مثله
62- المكارم، عن زرارة عن أبي جعفر ع قال رجع رسول الله ص من سفر فدخل على فاطمة ع فرأى على بابها سترا و في يديها سوارين من فضة فخرج من بيتها فدعت فاطمة ابنتها فنزعت الستر و خلعت السوارين و أرسلهما إلى النبي ص فدعا النبي ص أهل الصفة فقسمه بينهم قطعا ثم جعل يدعو الرجل منهم العاري الذي لا يستتر بشيء و كان ذلك الستر طويلا ليس له عرض فجعل يؤزر الرجل فإذا التقى عليه قطعة حتى قسمه بينهم أزرا ثم أمر النساء أن لا يرفعن رءوسهن من الركوع و السجود حتى يرفع الرجال رءوسهم و ذلك أنهم كانوا من صغر إزارهم إذا ركعوا و سجدوا بدت عورتهم من خلفهم ثم جرت به السنة أن لا ترفع النساء رءوسهن من الركوع و السجود حتى ترفع الرجال
أقول تمامه في أبواب تاريخها صلوات الله عليها
63- الكشي، عن حمدويه عن أيوب عن محمد بن سنان عن يونس بن يعقوب قال قال لي أبو عبد الله ع يا يونس قل لهم يا مؤلفة قد رأيت ما تصنعون إذا سمعتم الأذان أخذتم نعالكم و خرجتم من المسجد
بيان قل لهم أي للشيعة و خطابهم بالمؤلفة تأديب لهم و تنبيه على أنهم ليسوا من شيعتهم واقعا بل هم من المؤلفة قلوبهم و ذلك لأنهم كانوا يسمعون قوله و لا يتبعونه في التقية لأنهم بعد الأذان كانوا يخرجون من المسجد لئلا يصلوا مع المخالفين فيدل على لزوم الصلاة خلفهم عند التقية
64- الكشي، عن آدم بن محمد القلانسي عن علي بن محمد القمي عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يعقوب بن يزيد عن أبيه يزيد بن حماد قال قلت له أصلي خلف من لا أعرف فقال لا تصل إلا خلف من تثق بدينه فقلت له أصلي خلف يونس و أصحابه قال يأبى ذلك عليكم علي بن حديد قلت آخذ بقوله في ذلك قال نعم قال فسألت علي بن حديد عن ذلك فقال لا تصل خلفه و لا خلف أصحابه
و منه سأل أبو عبد الله الشاذاني أبا محمد الفضل بن شاذان إنا ربما صلينا مع هؤلاء صلاة المغرب فلا نحب أن ندخل البيت عند خروجنا من المسجد فيتوهموا علينا أن دخولنا المنزل ليس إلا لإعادة الصلاة التي صلينا معهم فنتدافع بصلاة المغرب إلى صلاة العتمة فقال لا تفعلوا هذا من ضيق صدوركم ما عليكم لو صليتم معهم فتكبروا في مرة واحدة ثلاثا أو خمس تكبيرات و تقرءوا في كل ركعة الحمد و سورة أي سورة شئتم بعد أن تتموها عند ما يتم إمامهم و تقولون في الركوع سبحان ربي العظيم و بحمده بقدر ما يتأتى لكم معهم و في السجود مثل ذلك و تسلمون معهم و قد تمت صلاتكم لأنفسكم و ليكن الإمام عندكم و الحائط بمنزلة واحدة فإذا فرغ من الفريضة فقوموا معهم فصلوا السنة بعدها أربع ركعات فقال يا با محمد أ فليس يجوز إذا فعلت ما ذكرت قال نعم قال فهل سمعت أحدا من أصحابنا يفعل هذه الفعلة قال نعم كنت بالعراق و كان صدري يضيق عن الصلاة معهم كضيق صدوركم فشكوت ذلك إلى فقيه هناك يقال له نوح بن شعيب فأمرني بمثل الذي أمرتكم به فقلت هل يقول هذا غيرك قال نعم فاجتمعت معه في مجلس فيه نحو من عشرين رجلا من مشايخ أصحابنا فسألته يعني نوح بن شعيب أن يجري بحضرتهم ذكرا مما سألته من هذا فقال نوح بن شعيب يا معشر من حضر أ لا تعجبون من هذا الخراساني الغمر يظن في نفسه أنه أكبر من هشام بن الحكم و يسألني هل يجوز الصلاة مع المرجئة في جماعتهم فقال جميع من كان حاضرا من المشايخ كقول نوح بن شعيب فعندها طابت نفسي
بيان التكبيرات الثلاث و الخمس لعلها الافتتاحية إذ يجوز عند ضيق الوقت الاكتفاء بأحدهما و في القاموس الغمر بالفتح الكريم الواسع الخلق و مثلثة و بالتحريك من لم يجرب الأمور
-65 إرشاد القلوب، في حديث طويل يرويه عن حذيفة أن أبا بكر أراد أن يصلي بالناس في مرض النبي ص بغير إذنه فلما سمع النبي ص ذلك خرج إلى المسجد متكئا على علي ع و فضل بن العباس فتقدم إلى المحراب و جذب أبا بكر من ورائه فنحاه عن المحراب فصلى الناس خلف رسول الله ص و هو جالس و بلال يسمع الناس التكبير حتى قضى صلاته إلى آخر الخبر
بيان يدل على أنه لا يكره للمؤذن و شبهه رفع الصوت بالتكبيرات ليسمع سائر المأمومين كما هو الشائع مع أنه في المجامع العظيمة لا يتأتى الأمر بدونه
66- الهداية، يجب أن نعتقد فيمن يعتقد ما وصفناه أنه على الهدى و الطريقة المستقيمة و أنه أخ لنا في الدين و نقبل شهادته و نجيز الصلاة خلفه و نحرم غيبته و نعتقد فيمن يخالف ما وصفنا أنه على غير الهدى و لا نرى قبول شهادته و لا الصلاة خلفه إلا في حال التقية فنصلي خلفهم إذا جاء الخوف و قال رضوان الله عليه في موضع آخر لا تصل خلف أحد إلا خلف رجلين أحدهما من تثق بدينه و ورعه و آخر تتقي سيفه و سوطه و شناعته على الدين فصل خلفه على سبيل التقية و المداراة و أذن لنفسك و أقم و اقرأ فيها غير مؤتم به و إن فرغت من قراءة السورة قبله فبق منها آية و مجد الله فإذا ركع الإمام فاقرأ الآية و اركع بها فإن لم تلحق القراءة و خشيت أن يركع فقل ما حذفه الإمام من الأذان و الإقامة و اركع
و قال الصادق ع عودوا مرضاهم و اشهدوا جنائزهم و صلوا في مساجدهم
و قال ع من صلى معهم في الصف الأول فكأنما صلى مع رسول الله ص في الصف الأول
و قال ع الرياء مع المنافق في داره عبادة و مع المؤمن شرك
بيان في داره أي بلده و محل استيلائه كما يقال دار الشرك
67- أربعين الشهيد، بإسناده عن السيد المرتضى رضوان الله عليه عن المفيد عن ابن قولويه عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله ع ما يروي الناس إن الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس و عشرين صلاة فقال صدقوا فقلت الرجلان يكونان جماعة فقال نعم و يقوم الرجل عن يمين الإمام
و منه بالإسناد عن الكليني عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن محمد بن يوسف عن أبيه قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن الجهني أتى النبي ص بمكة فقال يا رسول الله إني أكون بالبادية و معي أهلي و ولدي و غلمتي فأؤذن و أقيم و أصلي بهم أ فجماعة نحن فقال نعم فقال يا رسول الله إن غلمتي يتبعون قطر السحاب فأبقى أنا و أهلي و ولدي فأؤذن و أقيم و أصلي بهم أ فجماعة نحن فقال نعم فقال يا رسول الله فإن ولدي يتفرقون في الماشية فأبقى أنا و أهلي فأؤذن و أقيم و أصلي بهم أ فجماعة نحن فقال نعم فقال يا رسول الله إن المرأة تذهب في مصلحتها و أبقى أنا وحدي فأؤذن و أقيم أ فجماعة أنا فقال نعم المؤمن وحده جماعة
و منه بالإسناد عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد عن حريز عن زرارة قال كنت جالسا عند أبي عبد الله ع ذات يوم فدخل عليه رجل فقال له جعلت فداك إني رجل جار مسجد لقوم فإذا أنا لم أصل معهم وقعوا في و قالوا هو كذا و هو كذا فقال أما إن قلت ذاك لقد قال أمير المؤمنين ع من سمع النداء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له لا تدع الصلاة خلفهم و خلف كل إمام فلما خرج قلت له جعلت فداك كبر على قولك لهذا الرجل حين استفتاك فإن لم يكونوا مؤمنين قال فضحك أبو جعفر ع ثم قال ما أراك بعد إلا هاهنا يا زرارة فأية علة تريد أعظم من أنه لا يؤتم به
و منه بإسناده عن الكليني بسنده الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله ص
و منه عنه بسنده عن الحسين بن عبد الله الأرجاني عن أبي عبد الله ع قال من صلى في منزله ثم أتى مسجدا من مساجدهم فصلى معهم خرج بحسناتهم
68- كتاب زيد النرسي، عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول من صلى عن يمين الإمام أربعين يوما دخل الجنة
و منه قال سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر ع يحدث عن أبيه أنه قال من أسبغ وضوءه في بيته و تطيب ثم مشى من بيته غير مستعجل و عليه السكينة و الوقار إلى مصلاه رغبة في جماعة المسلمين لم يرفع قدما و لم يضع أخرى إلا كتبت له حسنة و محيت عنه سيئة و رفعت له درجة فإذا دخل المسجد و قال بسم الله و بالله و على ملة رسول الله ص و من الله و إلى الله و ما شاء الله و لا قوة إلا بالله اللهم افتح لي أبواب رحمتك و مغفرتك و أغلق عني أبواب سخطك و غضبك اللهم منك الروح و الفرج اللهم إليك غدوي و رواحي و بفنائك أنخت أبتغي رحمتك و رضوانك و أتجنب سخطك اللهم و أسألك الروح و الراحة و الفرج ثم قال اللهم إني أتوجه إليك بمحمد و علي أمير المؤمنين فاجعلني من أوجه من توجه إليك بهما و أقرب من تقرب إليك بهما و قربني بهما منك زلفى و لا تباعدني عنك آمين رب العالمين ثم افتتح الصلاة مع الإمام جماعة إلا وجبت له من الله المغفرة و الجنة من قبل أن يسلم الإمام
و منه عن أبي الحسن ع قال انتظار الصلاة جماعة من جماعة إلى جماعة كفارة كل ذنب
69- ثواب الأعمال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن وهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص يا أيها الناس أقيموا صفوفكم و امسحوا بمناكبكم لئلا يكون فيكم خلل و لا تخالفوا فيخالف الله بين قلوبكم ألا و إني أراكم من خلفي
المحاسن، عن محمد بن علي عن وهيب مثله بيان و امسحوا بمناكبكم أي اجعلوها ملاصقة يمسح بعضها بعضا
70- إكمال الدين، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن عبد الله بن جعفر الحميري عن هارون بن مسلم عن أبي الحسن الليثي عن الصادق عن آبائه عن النبي ص قال إن أئمتكم قادتكم إلى الله فانظروا بمن تقتدون في دينكم و صلاتكم
71- البصائر، للصفار عن أيوب بن نوح عن عبد الله بن المغيرة عن العلاء عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر ع الرجل يكون في المسجد فتكون الصفوف مختلفة فيها الناس فأميل إليه مشيا حتى نقيمه قال نعم لا بأس به إن رسول الله ص قال أيها الناس إني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم
الخرائج، عن محمد بن مسلم مثله
72- البصائر، عن علي بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن علا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال قلت له إنا نصلي في مسجد لنا فربما كان الصف أمامنا و فيه انقطاع فأمشي إليه بجانبي حتى أقيمه قال نعم إن رسول الله صلى الله عليه و آله قال أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم
و منه عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله ع قال إن رسول الله ص قال أقيموا صفوفكم فإني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي و لا تختلفوا فيخالف الله بين قلوبكم
فقه الرضا، عنه مثله
73- البصائر، عن الحسن بن علي عن عبيس بن هشام عن أبي إسماعيل كاتب شريح عن أبي عتاب زياد مولى آل دغش عن أبي عبد الله ع قال أقيموا صفوفكم إذا رأيتم خللا و لا عليك أن تأخذ وراءك إذا وجدت ضيقا في الصفوف فتتم الصف الذي خلفك أو تمشي منحرفا فتتم الصف الذي قدامك فهو خير ثم قال إن رسول الله ص قال أقيموا صفوفكم فإني أنظر إليكم من خلفي لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم
بيان قال في النهاية فيه سووا صفوفكم و لا تختلفوا فتختلف قلوبكم أي إذا تقدم بعضهم على بعض في الصفوف تأثرت قلوبهم و نشأ بينهم الخلف و منه الحديث الآخر لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم يريد أن كلا منهم يصرف وجهه عن الآخر يوقع بينهم التباغض فإن إقبال الوجه على الوجه من أثر المحبة و الألفة و قيل أراد بها تحويلها إلى الأدبار و قيل تغير صورها إلى صور أخرى
74- المحاسن، عن أبيه عن محمد بن مهران عن القاسم الزيات عن عبد الله بن حبيب بن جندب قال قلت لأبي عبد الله ع إني أصلي المغرب مع هؤلاء و أعيدها فأخاف أن يتفقدوني قال إذا صليت الثالثة فمكن في الأرض أليتيك ثم انهض و تشهد و أنت قائم ثم اركع و اسجد فإنهم يحسبون أنها نافلة
بيان قال في المنتهى قال ابن بابويه و إن لم يتمكن من التشهد جالسا قام مع الإمام و تشهد قائما و قال في المختلف لو كان الإمام ممن لا يقتدى به و قد سبقه المأموم لم يجز له قطع الفريضة بل يدخل معه في صلاته و يتم هو في نفسه فإذا فرغ سلم و تابعه فعلا فإن وافق حال تشهده حال قيام الإمام فليقتصر في تشهده على الشهادتين و الصلاة على النبي ص إيماء و يقوم مع الإمام و قال علي بن بابويه فإذا صليت أربع ركعات و قام الإمام إلى رابعته فقم معه و تشهد من قيام و سلم من قيام. و الأقرب عندي التفصيل فإن تمكن المأموم من تخفيف الشهادتين جالسا وجب و إلا جاز له القيام قبله للتقية و فعل ما قاله علي بن بابويه. و قال في الذكرى لو اضطر إلى القيام قبل تشهده قام و تشهد قائما انتهى و لا يخفى قوته لعمومات التقية و خصوص الرواية
75- المحاسن عن أيوب بن نوح و سمعته منه عن العباس بن عامر عن الحسين بن المختار قال سئل عن رجل فاتته ركعة من المغرب مع الإمام و إدراك الاثنتين فهي الأولى له و الثانية للقوم أ يتشهد فيها قال نعم قلت ففي الثانية أيضا قال نعم قلت ففي الثالثة قال نعم هن بركات
و منه عن أبيه عن صفوان و ابن أبي نجران عن ابن بكير عن زرارة قال سألت أبا عبد الله ع عن إمام أكون معه فأفرغ من القراءة قبل أن يفرغ قال أمسك آية و مجد الله و أثن عليه فإذا فرغ فاقرأها ثم اركع
و منه عن أبيه عن صفوان الجمال قال قلت لأبي عبد الله ع إن عندنا مصلى لا نصلي فيه و أهله نصاب و إمامهم مخالف أ فآتم به فقال لا قلت إن قرأ أقرأ خلفه قال نعم قلت فإن نفدت السورة قبل أن يفرغ قال سبح و كبر إنما هو بمنزلة القنوت و كبر و هلل
بيان المشهور أنه مخير بين أن يبقى آية فيقرؤها عند فراغ الإمام أو يتم السورة و يسبح حتى يفرغ جمعا بين الروايتين قال في المنتهى لو فرغ المأموم من القراءة قبل الإمام استحب له أن يسبح إلى أن يفرغ الإمام و يركع معه و يستحب له أن يبقى آية فإذا ركع الإمام قرأها و ركع معه. و قال في الذكرى لو قرأ ففرغ قبله استحب أن يبقى آية ليقرأها عند فراغ الإمام ليركع عن قراءة ثم ذكر رواية زرارة و قال فيه دليل على استحباب التسبيح و التحميد في الأثناء و على جواز القراءة خلف الإمام ثم قال و كذا يستحب إبقاء آية لو قرأ خلف من لا يقتدي به
76- المحاسن، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله ع عن رجل جاء مبادرا و الإمام راكع فركع قال أجزأته تكبيرة لدخوله في الصلاة و للركوع
و منه عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن زياد عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله ع قال سألته عن المجذوم و الأبرص منا أ يؤم المسلمين قال نعم و هل يبتلى بهذا إلا المؤمن نعم و هل كتب البلاء إلا على المؤمنين
بيان لعله سقط من الكلام شيء.
و في التهذيب بسند آخر عن عبد الله بن يزيد قال سألت أبا عبد الله ع عن المجذوم و الأبرص يؤمان المسلمين قال نعم قلت هل يبتلي الله بهما المؤمن قال نعم و هل كتب البلاء إلا على المؤمن
و يدل على جواز إمامة الأجذم و الأبرص و اختلف الأصحاب فيهما فقال الشيخ في النهاية و الخلاف بالمنع منه مطلقا و قال المرتضى و ابن حمزة بالكراهة و الشيخ في المبسوط و ابن البراج و ابن زهرة بالمنع إلا لمثلهما و قال ابن إدريس يكره إمامتهما فيما عدا الجمعة و العيدين أما فيهما فلا يجوز و المسألة لا تخلو من إشكال و إن كان الجواز مع الكراهة قويا
77- المحاسن، عن أبيه عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن ابن أبي عمير و رواه أبي عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أحدهما ع في مسافر أدرك الإمام و دخل معه في صلاة الظهر قال فليجعل الأوليين الظهر و الأخيرتين السبحة و إن كانت صلاة العصر جعل الأوليين سبحة و الأخيرتين العصر
بيان السبحة النافلة و يدل على جواز اقتداء المسافر بالمقيم و جعل الأخيرتين في العصر فريضة لكراهة النافلة بعد العصر كما ذكره الشيخ و قد ورد جواز اقتداء الصلاتين بواحدة منهما
78- فقه الرضا، قال ع فإن أنت تؤم الناس فلا تطول في صلاتك و خفف فإذا كنت وحدك فثقل ما شئت فإنها عبادة و قال قال العالم ع لا ينبغي للإمام أن ينفتل من صلاته إذا سلم حتى يتم من خلفه الصلاة و سئل عن رجل أم قوما و هو على غير وضوء قال ليس عليهم إعادة و عليه هو أن يعيد و روي إن فاتك شيء من الصلاة مع الإمام فاجعل أول صلاتك ما استقبلت منها و لا تجعل أول صلاتك آخرها و إذا فاتك مع الإمام الركعة الأولى التي فيها القراءة فأنصت للإمام في الثانية التي أدركت ثم اقرأ أنت في الثالثة للإمام و هي لك ثنتان و إن صليت فنسيت أن تقرأ فيهما شيئا من القرآن أجزأك ذلك إذا حفظت الركوع و السجود و قال إذا أدركت الإمام و قد ركع و كبرت قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدركت الركعة فإن رفع الإمام رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك الركع فإن وجدت و قد صلى ركعة فقم معه في الركعة الثانية فإذا قعد فاقعد معه و إذا ركع الثالثة و هي لك الثانية فاقعد قليلا ثم قم قبل أن يركع فإذا قعد في الرابعة فاقعد معه فإذا سلم الإمام فقم فصل الرابعة و قال أتموا الصفوف إذا رأيتم خللا فيها و لا يضرك أن تتأخر وراءك إذا وجدت ضيقا في الصف فتتم الصف الذي خلفك و تمشي منحرفا و قال يؤم الرجلان أحدهما صاحبه يكون عن يمينه فإذا كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه و سئل عن القوم يكونون جميعا أيهم أحق أن يؤمهم قال إن رسول الله ص قال صاحب الفراش أحق بفراشه و صاحب المسجد أحق بمسجده و قال أكثرهم قرآنا و قال أقدمهم هجرة فإن استووا فأقرؤهم فإن استووا فأفقههم فإن استووا فأكبرهم سنا و قال إذا صليت خلف الإمام يقتدى به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أم لم تسمع إلا أن تكون صلاة يجهر فيها فلم تسمع فاقرأ و إذا كان لا يقتدى به فاقرأ خلفه سمعت أم لم تسمع و قال جابر بن عبد الله صاحب رسول الله ص و سئل عن هؤلاء إذا أخروا الصلاة فقال إن النبي ص لم يكن يشغله عن الصلاة الحديث و لا الطعام فإذا تركوا بذلك الوقت فصلوا و لا تنتظروهم و إذا صليت صلاتك و أنت في مسجد و أقيمت الصلاة فإن شئت فصل و إن شئت فاخرج ثم قال لا تخرج بعد ما أقيمت صل معهم تطوعا و اجعلها تسبيحا و قال لا أرى بالصفوف بين الأساطين بأسا و قال ع اعلم أن صلاة بالجماعة أفضل بأربع و عشرين صلاة من صلاة في غير الجماعة و إن أولى الناس بالتقدم في الجماعة أقرؤهم للقرآن و إن كانوا في القرآن سواء فأفقههم و إن كانوا في الفقه سواء فأقدمهم هجرة فإن كان في الهجرة سواء فأسنهم فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها و صاحب المسجد أولى بمسجده و ليكن من يلي الإمام منكم أولو الأحلام و التقى فإن نسي الإمام أو تعايا فقوموه و أفضل الصفوف أولها و أفضل أولها ما قرب من الإمام و أفضل صلاة الرجل في جماعة و صلاة واحدة في جماعة بخمس و عشرين صلاة من غير جماعة و يرفع له في الجنة خمس و عشرون درجة فإن صليت فخفف بهم الصلاة و إذا كنت وحدك فثقل فإنها العبادة فإن خرجت منك ريح و غيرها مما ينقض الوضوء أو ذكرت أنك على غير وضوء فسلم على أي حال كنت في صلاتك و قدم رجلا يصلي بالقوم بقية صلاتهم و توضأ و أعد صلاتك فإن كنت خلف الإمام فلا تقوم في الصف الثاني إن وجدت في الأول موضعا فإن رسول الله ص قال أتموا صفوفكم فإني أراكم من خلفي كما أراكم من قدامي
و لا تخالفوا فيخالف الله قلوبكم و إن وجدت ضيقا في الصف الأول فلا بأس أن تتأخر إلى الصف الثاني و إن وجدت في الصف الأول خللا فلا بأس أن تمشي إليه فتتمه فإن دخلت المسجد و وجدت الصف الأول تاما فلا بأس أن تقف في الصف الثاني وحدك أو حيث شئت و أفضل ذلك قرب الإمام فإن سبقت بركعة أو ركعتين فاقرأ في الركعتين الأوليين من صلاتك الحمد و سورة فإن لم تلحق السورة أجزأك الحمد وحده و سبح في الأخريين و تقول سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا تصلي خلف أحد إلا خلف رجلين أحدهما من تثق به و تدينه بدينه و ورعه و آخر من تتقي سيفه و سوطه و شره و بوائقه و شنعته فصل خلفه على سبيل التقية و المداراة و أذن لنفسك و أقم و اقرأ فيها لأنه غير مؤتمن به فإن فرغت قبله من القراءة أبق آية حتى تقرأ وقت ركوعه و إلا فسبح إلى أن تركع
تبيين قوله ع و لا تجعل أول صلاتك آخرها أي بأن لا تقرأ في الأوليين مع تسبيح الإمام أو مع القراءة في الأخيرتين بالحمد فقط أو مع السورة و حمله الشيخ على الأخير و ظاهره لزوم القراءة للمسبوق و قد تقدم القول فيه و قوله أتموا الصفوف إلى قوله منحرفا مضمون موثقة الفضيل و المشي منحرفا إذا لم يحاذه لعدم الاستدبار و قال أقدمهم أي في رواية أخرى. ثم قال لا تخرج كراهة أو تقية و اجعلها تسبيحا أي نافلة بين الأساطين يشمل ما كان معترضا بين الصف و ما كان بين الصفين فيدل على أنه لا يضر مثل هذا المانع بين المأموم و الإمام و إن كان مانعا لرؤيته إذا رأى المأمومين الذين يرون الإمام أو من يراه. قوله ع بخمس و عشرين لا ينافي ما مر من الأربع لأن المراد بما سبق بيان الفضل و هنا بيان الفضل مع الأصل. و عد في النفلية من مستحبات الجماعة قصد الصف الأول لأهله و إطالته إلا مع الإفراط و التخطي إليه ما لم يؤذ أحدا و اختصاص الفضلاء به و إقامة الصفوف بمحاذات المناكب و القرب من الإمام خصوصا اليمين. قال الشهيد الثاني اليمين منه أو من الصف الأول لما روي من أن الرحمة تنتقل من الإمام إليهم ثم إلى يسار الصف ثم إلى الباقي. قوله فسلم هذا السلام غير معهود لأنه ظهر أن صلاته كانت باطلة نعم ذكر في النفلية استحباب قطع الصلاة بتسليمة لو كبر قبله ناسيا أو ظانا أنه كبر
79- السرائر، نقلا من كتاب أبي عبد الله السياري قال قلت لأبي جعفر الثاني ع قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيتقدم بعضهم فيصلي جماعة فقال إن كان الذي يؤم بهم ليس بينه و بين الله طلبة فليفعل قال و قلت له مرة أخرى إن القوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيؤذن بعضهم و يتقدم أحدهم فيصلي بهم فقال إن كانت قلوبهم كلها واحدة فلا بأس فقلت و من لهم بمعرفة ذلك قال فدعوا الإمامة لأهلها
بيان هذا الخبر مخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على المساهلة و التوسعة في عدالة الإمام و الاكتفاء فيها بحسن الظاهر و عدم التظاهر بالفسق و الحث و الترغيب العظيم الوارد في فعلها و عادة السلف في الأعصار من مواظبتهم عليها و التأمل في حال الجماعة الذين عينهم النبي و الأئمة صلوات الله عليهم لذلك مع أن الخبر ضعيف. و لو سلم فيمكن حمله على استحباب كون الإمام متصفا بتلك الصفات أو يحمل قوله ليس بينه و بين الله طلبة على أنه لم يكن عليه كبيرة لم يتب منها فإن الصغائر مكفرة مع اجتناب الكبائر فلا طلبة عنها فيدل على أنه يشترط في الإمام اعتقاد الإمام بعدالة نفسه. و أما كون قلوبهم واحدة فيمكن أن يراد به عدم الاختلاف في العقائد و قوله دعوا الإمامة لأهلها يمكن حمله على أن مع وجود الأفضل ينبغي أن لا يعدل عنه إلى غيره على أنه يمكن أن يكون غرضه ع منع الراوي و أمثاله عن الإمامة لأنه كان ضعيفا فاسد المذهب قال النجاشي كان ضعيف الحديث فاسد المذهب و قال ابن الغضائري إنه قال بالتناسخ و يمكن حمله على التقية أيضا لئلا يتضرروا من المخالفين. و بالجملة يشكل ترك هذه السنة المتواترة تمسكا بمثل هذه الرواية و الله العالم
80- العياشي، عن زرارة عن أحدهما ع قال إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت و سبح في نفسك
و منه عن زرارة قال قال أبو جعفر ع وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ في الفريضة خلف الإمام فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
و منه عن زرارة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول يجب الإنصات للقرآن في الصلاة و في غيرها و إذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات و الاستماع
و منه عن أبي كهمس عن أبي عبد الله ع قال قرأ ابن الكواء خلف أمير المؤمنين ع لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ فأنصت أمير المؤمنين
و منه عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله ع قال ينبغي لولد الزنا أن لا تجوز له شهادة و لا يؤم بالناس لم يحمله نوح في السفينة و قد حمل فيها الكلب و الخنزير
81- السرائر، نقلا من كتاب ابن محبوب عن ابن سنان عن جابر الجعفي قال سألت الباقر ع إن لي جيرانا بعضهم يعرف هذا الأمر و بعضهم لا يعرف و قد سألوني أن أؤذن لهم و أصلي بهم فخفت أن لا يكون ذلك موسعا لي فقال أذن لهم و صل بهم و تحر الأوقات
82- دعائم الإسلام، روينا عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي ع أن رسول الله ص قال إمام القوم وافدهم فقدموا في صلاتكم أفضلكم
و عن علي صلوات الله عليه أنه قال لا تقدموا سفهاءكم في صلاتكم و لا على جنائزكم فإنهم وفدكم إلى ربكم
و عنه ع أنه قال لا يؤم المريض الأصحاء إنما كان ذلك لرسول الله ص خاصة
و عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنه قال العبد يؤم أهله إذا كان فقيها و لم يكن هناك أفقه منه و رخص في الصلاة خلف الأعمى إذا سدد للقبلة و كان أفضلهم
و عن علي ع أنه نهى عن الصلاة خلف الأجذم و الأبرص و المجنون و المحدود و ولد الزنا و نهى الأعرابي أن يؤم المهاجري أو المقيد المطلقين أو المتيمم المتوضئين أو الخادم الفحول أو المرأة الرجال و لا يؤم الخنثى الرجال و لا الأخرس المتكلمين و لا المسافر المقيمين
و عن جعفر بن محمد ع أنه قال لا تعتد بالصلاة خلف الناصب و لا الحروري و اجعله سارية من سواري المسجد اقرأ لنفسك كأنك وحدك
و عن أبي جعفر محمد بن علي ع قال لا تصلوا خلف ناصب و لا كرامة إلا أن تخافوا على أنفسكم أن تشهروا و يشار إليكم فصلوا في بيوتكم ثم صلوا معهم و اجعلوا صلاتكم معهم تطوعا
و عن علي ع أنه قال صلى عمر بالناس صلاة الفجر فلما قضى الصلاة أقبل عليهم فقال يا أيها الناس إن عمر صلى بكم الغداة و هو جنب فقال له الناس فما ذا ترى فقال علي الإعادة و لا إعادة عليكم فقال له علي ع بل عليك الإعادة و عليهم إن القوم بإمامهم يركعون و يسجدون و إذا فسد صلاة الإمام فسد صلاة المأمومين
و عن رسول الله ص أنه قال يؤمكم أكثركم نورا و النور القرآن و كل أهل مسجد أحق بالصلاة في مسجدهم إلا أن يكون أمير حضر فإنه أحق بالإمامة من أهل المسجد
و عن جعفر بن محمد ع أنه قال يؤم القوم أقدمهم هجرة فإن استووا فأقرؤهم و إن استووا فأفقههم و إن استووا فأكبرهم سنا و صاحب المسجد أحق بمسجده
و عن جعفر بن محمد ع أنه قال إذا أم الرجل رجلا واحدا أقامه عن يمينه و إذا أم اثنين فصاعدا قاموا خلفه
و عن علي ع أنه قال لا بأس أن يصلي القوم بصلاة الإمام و هم في غير المسجد
و عن جعفر بن محمد ع أنه قال إذا صليت وحدك فطول فإنها العبادة و إذا صليت بقوم فصل صلاة أضعفهم خفف الصلاة و قال كانت صلاة رسول الله ص أخف صلاة في تمام
و عنه ع أنه قال لا تؤم المرأة الرجال و تصلي بالنساء و لا تتقدمهن تقوم وسطا منهن و يصلين بصلاتها
و عن علي ع أنه رخص في تلقين الإمام القرآن إذا تعايا و وقف فأما إن ترك آية أو آيتين أو أكثر أو خرج من سورة إلى سورة و استمر في القرآن لم يلقن
و عن رسول الله ص أنه قال سووا صفوفكم و حاذوا بين مناكبكم و لا تخالفوا بينها فتختلفوا و يتخللكم الشيطان تخلل أولاد الحذف
و الحذف ضرب من الغنم الصغار السود واحدتها حذفة فشبه رسول الله ص تخلل الشيطان الصفوف إذا وجد فيها خللا بتخلل أولاد الغنم ما بين كبارها
و عن علي ع أنه قال قال لي رسول الله ص يا علي لا تقومن في العيكل قلت و ما العيكل يا رسول الله قال تصلي خلف الصفوف وحدك
يعني و الله أعلم إذا كان ذلك و هو يجد موضعا في الصفوف فأما إن لم يجد فلا شيء عليه أن يصلي خلف الصفوف وحده
لأنا روينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ع أنه سئل عن رجل دخل مع قوم في جماعة فقام وحده ليس معه في الصف غيره و الصف الذي بين يديه متضايق قال إذا كان كذلك صلى وحده فهو معهم
و قال ع قم في الصف ما استطعت فإذا ضاق المكان فتقدم أو تأخر فلا بأس
و عن علي ع أنه قال إذا جاء الرجل و لم يستطع أن يدخل الصف فليقم حذاء الإمام فإن ذلك يجزيه و لا يعاند الصف
و عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنه قال ينبغي للصفوف أن تكون تامة متصلة و يكون بين كل صفين قدر مسقط جسد الإنسان إذا سجد و أي صف كان أهله يصلون بصلاة الإمام و بينهم و بين الصف الذي تقدمهم أقل من ذلك فليس تلك الصلاة لهم بصلاة
و عنه ع أنه قال ليكن الذين يلون الإمام أولي الأحلام و النهى و إن تعايا لقنوة
و عنه ع أنه قال إذا صلى النساء مع الرجال قمن في آخر الصفوف و لا يحاذين الرجال إلا أن يكون دونهم سترة
و روينا عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال إذا سبق أحدكم الإمام بشيء من الصلاة فليجعل ما يدرك مع الإمام أول صلاته و ليقرأ فيما بينه و بين نفسه إن أمهله الإمام فإن لم يمكنه قرأ فيما يقضي و إذا دخل مع الإمام في صلاته العشاء الآخرة و قد سبقه بركعة و أدرك القراءة في الثانية فقام الإمام في الثالثة قرأ المسبوق في نفسه كما كان يقرأ في الثانية و اعتد بها لنفسه أنها الثانية فإذا سلم الإمام لم يسلم المسبوق و قام يقضي ركعة يقرأ فيها بفاتحة الكتاب لأنها هي التي بقيت عليه
و عن جعفر بن محمد ع أنه سئل عن رجل دخل مع قوم في صلاة قد سبق فيها بركعة كيف يصنع قال يقوم معهم في الثانية فإذا جلسوا فليجلس معهم غير متمكن فإذا قاموا في الثالثة كانت له هو ثانية فليقرأ فيها فإذا رفعوا رءوسهم من السجود فليجلس شيئا ما يتشهد تشهدا خفيفا ثم ليقم حتى تستوي الصفوف قبل أن يركعوا فإذا جلسوا في الرابعة جلس معهم غير متمكن فإذا سلم الإمام قام فأتى بركعة و جلس و تشهد و سلم و انصرف
و عن علي ع أنه قال من فاتته ركعة من صلاة المغرب سبقه بها الإمام ثم دخل معه في صلاته جلس بعد كل ركعة
و عن أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليهما أنه قال و إذا أدركت الإمام و قد صلى ركعتين فاجعل ما أدركت معه أول صلاتك فاقرأ لنفسك بفاتحة الكتاب و سورة إن أمهلك الإمام أو ما أدركت أن تقرأ و اجعلهما أول صلاتك و اجلس مع الإمام إذا جلس هو للتشهد الثاني و اعتد أنت لنفسك به أنه التشهد الأول و تشهد فيه بما تتشهد به في التشهد الأول فإذا سلم فقم قبل أن تسلم أنت فصل ركعتين إن كانت الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة أو ركعة إن كانت المغرب تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب و تتشهد التشهد الثاني و تسلم و إن لم تدرك مع الإمام إلا ركعة فاجعلها أول صلاتك فإذا جلس للتشهد فاجلس غير متمكن و لا تتشهد و إذا سلم فقم فابن على الركعة التي أدركت حتى تقضي صلاتك
و عنه و عن أبي عبد الله ع أنهما قالا إذا أدرك الرجل الإمام قبل أن يركع أو و هو في الركوع و أمكنه أن يكبر و يركع قبل أن يرفع الإمام رأسه و فعل ذلك فقد أدرك تلك الركعة و إن لم يدركه حتى رفع من الركوع فليدخل معه و لا يعتد بتلك الركعة
و عن علي ع أنه قال من أدرك الإمام راكعا فكبر تكبيرة واحدة و ركع معه اكتفى بها
و عن جعفر بن محمد ع أنه قال في رجل سبقه الإمام بركعة فلما سلم الإمام سها عن قضاء ما فاته فسلم و انصرف مع الناس قال يصلي الركعة التي فاتته وحدها و يتشهد و يسلم و ينصرف
و عنه صلوات الله عليه أنه قال في رجل سبقه الإمام ببعض الصلاة ثم أحدث الإمام في صلاته فقدمه قال إذا أتم صلاة الإمام أشار إلى من خلفه فسلموا لأنفسهم و انصرفوا و قام هو فأتم ما بقي عليه من غير إعلان بالتكبير
و عنه ع أنه قال ينبغي للإمام إذا سلم أن يجلس مكانه حتى يقضي من سبق بالصلاة ما فاته و هذا على ما ذكرنا مما يؤمر به من الدعاء و التوجه بعد الصلاة و قبل القيام من موضعه يقضي في ذلك من فاته شيء من الصلاة ما فاته منها و الإمام في ذلك يدعو و يتوجه و يتقرب بما أمر به من ذلك
بيان لا يؤم المريض الأصحاء أي المريض الذي يصلي جالسا أو مضطجعا أو لا يمكنه بعض أفعال الصلاة و لا خلاف في عدم جواز ائتمام القائم بالقاعد قالوا و كذا الجالس بالمضطجع و اختلفوا في إمامة العاري للمكتسي. و أما الأعمى فاختلف الأصحاب في جواز إمامته و المشهور الجواز بل قال في المنتهى في باب الجماعة و لا بأس بإمامة الأعمى إذا كان من ورائه من يسدده و يوجهه إلى القبلة و هو مذهب أهل العلم لا نعلم فيه خلافا إلا ما نقل عن أنس و نسب الجواز في الجمعة إلى أكثر أهل العلم و نسب في التذكرة في باب الجمعة اشتراط السلامة من العمى إلى أكثر علمائنا و به أفتى في النهاية و الأصح الجواز. و ظاهر كلام بعض الأصحاب عدم جواز الإمامة المقيد المطلقين و صاحب الفالج الأصحاء و المشهور الكراهة إلا مع عدم تمكنهما من الإتيان بأفعال الصلاة. و المراد بالخادم الخصي و لم أر في سائر الأخبار المنع من إمامته و قال في الذكرى تضمن كلام أبي الصلاح أنه لا يؤم الخصي بالسليم و لا نعلم وجهه سواء أريد به التحريم أو الكراهة و المشهور عدم جواز إمامة الخنثى للرجل بل و لا للخنثى لاحتمال كون الإمام امرأة و المأموم رجلا و قيل بالجواز في الأخير و لا خلاف في عدم جواز ائتمام غير الأخرس به و كذا المشهور عدم الجواز في ائتمام المتقن باللاحن و جوزه بعضهم. و قال في المدارك يستحب صلاة المكتوبة في المنزل أولا ثم حضور جماعتهم و الصلاة معهم نافلة أو قضاء
لما رواه ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع أنه قال ما من عبد يصلي في الوقت و يفرغ ثم يأتيهم و يصلي معهم و هو على وضوء إلا كتب الله له خمسا و عشرين درجة
و في الصحيح عن عمر بن يزيد عنه ع مثله و زاد في آخره فارغبوا في ذلك
قوله و عليهم لعله ع أمرهم بالإعادة لفسق إمامهم و كفره و يمكن حمله على الاستحباب. قوله ع و هم في غير المسجد حمل على عدم البعد المفرط قال في الذكرى لو صلى في داره خلف إمام المسجد و هو يشاهد الصفوف صحت قدوته و أطلق الشيخ ذلك و الأولى تقييده بعدم البعد المفرط قال و إن كان باب الدار بحذاء باب المسجد أو باب المسجد عن يمينه أو يساره و اتصلت الصفوف من المسجد إلى داره صحت صلاتهم انتهى. و قطع أكثر الأصحاب بجواز إمامة المرأة للنساء بل قال في التذكرة إنه قول علمائنا أجمع و نقل عن السيد و ابن الجنيد أنهما جوزا إمامة النساء في النوافل دون الفرائض و نفى عنه البأس في المختلف. و تدل عليه روايات صحيحة
و في صحيحة زرارة عن أبي جعفر ع قال قلت له المرأة تؤم النساء قال لا إلا على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها تقوم وسطهن معهن في الصف فتكبر و يكبرن
و أما أنها لا تتقدم و تقف في صفهن فقال في المعتبر على ذلك اتفاق القائلين بإمامة النساء و تدل عليه روايات. و قال في المنتهى إذا عرض للإمام وقفة أو خطأ في قراءته فلا يدري ما يقرأ جاز لمن خلفه أن ينبهه و قال في الذكرى يفتح المأموم على الإمام إذا أرتج عليه و ينبهه على الغلط و اللحن فلو تركه لم يبطل إذا لم يعلم أنه تعمده انتهى و التفصيل الوارد في الخبر غريب. و في النهاية في حديث الصلاة لا تتخللكم الشياطين كأنها بنات حذف و في رواية كأولاد الحذف هي الغنم الصغار الحجازية واحدتها حذفة بالتحريك قيل هي صغار جرد ليس لها آذان و لا أذناب يجاء بها من حرش اليمن.
و روى الشيخ بسند فيه ضعف على المشهور عن جعفر عن أبيه ع قال قال أمير المؤمنين ع قال رسول الله ص لا تكونن في العيكل قلت و ما العيكل قال أن تصلي خلف الصفوف وحدك فإن لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الإمام أجزأه فإن هو عاند الصف فسد عليه صلاته
أقول لم أر العيكل بهذا المعنى في كتب اللغة قال في القاموس اعتكل اعتزل و كمنبر مخبط الراعي و في بعض النسخ بالثاء المثلثة و هو أيضا كذلك ليس له معنى مناسب و لا يبعد أن يكون الفسكل بالفاء و السين المهملة و هو بالضم و الكسر الفرس الذي يجيء في الحلبة آخر الخيل و رجل فسكل كزبرج رذل و كزنبور و برذون متأخر تابع ذكره الفيروزآبادي.
و قال في النهاية إن أسماء بنت عميس قالت لعلي ع إن ثلاثة أنت آخرهم لأخيار فقال علي ع لأولادها فسكلتني أمكم
أي أخرتني و جعلتني كالفسكل و هو الفرس الذي يجيء في آخر خيل السباق و كانت تزوجت قبله بجعفر أخيه ثم بأبي بكر انتهى. و معاندة الصف أن يدخل بينه مع الضيق أو يقف خلفه مع الفرجة و إمكان الدخول من غير مشقة أو الأعم و الأحلام جمع حلم بالكسر و هو العقل و منه قوله تعالى أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا و النهى بالضم العقل أيضا و تعايا أي لم يهتد لوجه مراده أو عجز عنه و لم يطق أحكامه. و المشهور بين الأصحاب أنه لا تصح الائتمام مع وجود حائل بين الإمام و المأموم يمنع مشاهدته أو مشاهدة من يشاهده و لو بوسائط و ادعوا الإجماع عليه و استثنى الأكثر من ذلك ما إذا كان المأموم امرأة فإنه يجوز ايتمامها به مع وجود الحائل لرواية عمار و قوله إلا يكون دونهم سترة أيضا يومئ إلى ذلك و قال ابن إدريس قد وردت رخصة للنساء أن يصلين و بينهن و بين الإمام حائط و الأول أظهر و أصح انتهى و هو أحوط. فيما يقضي أي فيما يفعله منفردا بعد فراغ الإمام حتى تستوي الصفوف أي لا يطول التشهد يصلي الركعة حمل على عدم الاستدبار و غيره مما يبطل عمدا و سهوا كما مر.
و روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يأتي المسجد و هم في الصلاة و قد سبقه الإمام بركعة أو أكثر فيعتل الإمام فيأخذ بيده و يكون أدنى القوم إليه فيقدمه فقال يتم الصلاة بالقوم ثم يجلس حتى إذا فرغوا من التشهد أومأ إليهم بيده عن اليمين و الشمال فكان الذي أومأ إليهم بيده التسليم و انقضاء صلاتهم و أتم هو ما كان فاته أو بقي عليه
و قال في البيان و لو استنيب المسبوق أومأ إليهم ليتموا بالتسليم و روي أنه يقدم رجلا منهم فيسلم بهم و يتم المسبوق صلاته و علل الشهيد الثاني في النفلية كراهة استنابة المسبوق باحتياجه إلى من يستخلف من يسلم بهم و ربما نسي و قام إلى تمام صلاته فقاموا معه سهوا
83- مشكاة الأنوار، نقلا من المحاسن عن عمر بن أبان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول يا معشر الشيعة إنكم قد نسبتم إلينا كونوا لنا زينا و لا تكونوا شينا كونوا مثل أصحاب علي ع في الناس إن كان الرجل منهم ليكون في القبيلة فيكون إمامهم و مؤذنهم و صاحب أماناتهم و ودائعهم عودوا مرضاهم و اشهدوا جنائزهم و صلوا في مساجدهم و لا يسبقوكم إلى خير فأنتم و الله أحق منهم به
و عن عبد الله بن بكير قال دخلت على أبي عبد الله ع و معي رجلان فقال أحدهما لأبي عبد الله ع آتي الجمعة فقال له أبو عبد الله ع ائت الجمعة و الجماعة و احضر الجنازة و عد المريض و اقض الحقوق ثم قال أ تخافون أن نضلكم لا و الله لا نضلكم أبدا
84- الذكرى، في الحديث عن النبي ص من صلى خلف عالم فكمن صلى خلف رسول الله ص
85- شرح النفلية، للشهيد الثاني رحمه الله قال روى الفقيه جعفر بن أحمد القمي في كتاب الإمام و المأموم بإسناده إلى الصادق ع عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص لا تصلوا خلف الحائك و لو كان عالما و لا تصلوا خلف الحجام و لو كان زاهدا و لا تصلوا خلف الدباغ و لو كان عابدا
بيان حكم الشهيد ره باستحباب سلامة الإمام من هذه الصنائع الثلاث و كذا كونه أسيرا أو مكشوف غير العورة خصوصا الرأس و قال الشهيد الثاني المستند أخبار محمولة على الكراهة و لم أر في بعضها خبرا و كذا حكم باستحباب عدم كونه آدر و الأدرة نفخة في الخصية ثم قال و روي و لا ابنا بأبيه
-86 المقنع، قال والدي ره في رسالته إلي اعلم يا بني أن أولى الناس بالتقدم في جماعة أقرؤهم للقرآن فإذا كانوا في القراءة سواء فأفقههم و إن كانوا في الفقه سواء فأقدمهم هجرة و إن كانوا في الهجرة سواء فأسنهم فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها و صاحب المسجد أولى بمسجده و ليكن من يلي الإمام منكم أولي الأحلام و التقى و إن نسي الإمام أو تعايا فقوموه و إن ذكرت أنك على غير وضوء أو خرجت منك ريح أو غيرها مما ينقض الوضوء فسلم في أي حال كنت في حال الصلاة و قدم رجلا يصلي بالناس بقية صلاتهم و توضأ و أعد صلاتك و سبح في الأخراوين إماما كنت أو غير إمام تقول سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر ثلاثا ثم تكبر و تركع و اعلم أنه لا يجوز أن تصلي إلا خلف رجلين أحدهما من تثق بدينه و ورعه و آخر تتقي سوطه و سيفه و شناعته على الدين فصل خلفه على سبيل التقية و المداراة و أذن لنفسك و أقم و اقرأ لها غير مؤتم به فإن فرغت من قراءة السورة قبله فبق منها آية و اذكر الله فإذا ركع الإمام فاقرأ الآية و اركع بها و إن لم تلحق القراءة و خشيت أن يركع الإمام فقل ما حذفه من الأذان و الإقامة و اركع
و قال أمير المؤمنين ع لا يؤم صاحب العلة الأصحاء و لا يؤم صاحب القيد المطلقين و لا يؤم الأعمى في الصحراء إلا أن يوجه إلى القبلة و لا يؤم العبد إلا أهله
و سئل الصادق ع ما أقل ما يكون من الجماعة قال رجل و امرأة فإذا صلى رجلان فقال أحدهما أنا كنت إمامك و قال الآخر بل أنا كنت إمامك فإن صلاتهما تامة و إذا قال أحدهما كنت ائتم بك و قال الآخر لا بل أنا كنت ائتم بك فليستأنفا و لا يجوز أن يؤم ولد الزنا و لا بأس أن يؤم صاحب التيمم المتوضئين و لا يؤم صاحب الفالج الأصحاء و لا يؤم الأعرابي المهاجر و إذا صليت بقوم فاختصصت نفسك بالدعاء دونهم فقد خنت القوم فإذا صلى الإمام ركعة أو ركعتين فأصابه رعاف فإنه يتقدم و يتم بهم الصلاة فإذا تمت صلاة القوم أومأ إليهم فليسلموا و يقوم هو فيتم بقية صلاته فإن خرج قوم من خراسان أو من بعض الجبال و كان يؤمهم شخص فلما صاروا إلى الكوفة أخبروا أنه يهودي فليس عليهم إعادة شيء من صلاتهم و لا يجوز أن تؤم القوم و أنت متوشح و إذا كنت خلف الإمام في الصف الثاني و وجدت في الصف الأول خللا فلا بأس أن تمشي إليه فتتمه و إذا كنت إماما فعليك أن تقرأ في الركعتين الأوليين و على الذين خلفك أن يسبحوا يقولوا سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و إذا كنت في الركعتين الأخراوين فعليك أن تسبح مثل تسبيح القوم في الركعتين الأوليين و على الذين خلفك أن يقرءوا فاتحة الكتاب و روي أن على القوم في الركعتين الأوليين أن يستمعوا إلى قراءة الإمام و إذا كان في صلاة لا يجهر فيها سبحوا و عليهم في الركعتين الأخراوين أن يسبحوا و هذا أحب إلي
بيان إنما ذكرنا هذا الكلام بطوله لأن بعضه رواية و بعضه مضامين الروايات المعتبرة و قوله و إذا صلى رجلان إلى آخره مضمون رواية السكوني عن الصادق ع و عمل بها الأصحاب فضعفها منجبر به و استشكل بعض المتأخرين في الحكم الثاني بوجوه و لعل هذه الرواية مع قبول قدماء الأصحاب و الحكم بصحتها و العمل بها يكفي لإثباته.
فوائد
اعلم أنه يستحب إعادة المنفرد صلاته جماعة إماما كان أو مأموما و هو متفق عليه بين الأصحاب و تدل عليه روايات كثيرة. و من صلى الفريضة جماعة فوجد جماعة أخرى ففي استحباب الإعادة تأمل و تردد فيه العلامة في المنتهى و حكم باستحبابها في الذكرى و الترك أحوط و أولى. و يجوز اقتداء كل الفرائض بالأخرى أداء و قضاء و استثناء الصدوق العصر بالظهر لم يظهر لنا وجهه و لو صلى اثنان فرادى ففي استحباب الصلاة لهما جماعة وجهان أحوطهما المنع و لو بادر المأموم في الأفعال قبل الإمام فلا يخلو إما أن يكون عمدا أو سهوا فإن كان الرفع من الركوع فالمشهور بين الأصحاب أنه يستمر و ظاهر بعضهم البطلان و ظاهر المفيد أنه يعود إلى الركوع حتى يرفع رأسه مع الإمام و القول بالتخيير لا يخلو من قوة و لعل العود أولى و لو كان الرفع من السجود عمدا ففيه الأقوال الثلاثة و لعل العود إلى السجود أقوى و إن كانت في رفع الرأس من الركوع و السجود سهوا فالمشهور وجوب العود و قيل بالاستحباب و الأول أحوط. و لو ترك الناسي العود على القول بالوجوب ففي بطلان صلاته وجهان و الأحوط الإعادة بعد الإتمام و إن كانت المبادرة في الركوع أو السجود فإن كان الإمام لم يفرغ من القراءة الواجبة فالظاهر بطلان صلاته و إن كان بعدها إثم. و في بطلان الصلاة قولان فقال المتأخرون لا تبطل الصلاة و لا الاقتداء و ظاهر المبسوط البطلان و المسألة لا تخلو من إشكال و الاحتياط في الإتمام و الإعادة. و لو كان ذلك سهوا ففيه وجهان أحدهما أنه يرجع و هو المشهور بين المتأخرين و الآخر أنه يستمر و بعض الروايات المعتبرة يدل على الرجوع لكنها مختصة بالركوع و بمن ظن ركوع الإمام لا الساهي و في السجود الرجوع و الإعادة أحوط. أقول قد سبق بعض الأحكام في الباب السابق و عدم قبول صلاة من يؤم القوم و هم له كارهون في باب من لا تقبل صلاته و ستأتي أحكام المرأة في باب أحكامها