الآيات النساء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَ لا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا و قال تعالى وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً المائدة إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ تفسير قد مر في كتاب الطهارة أن في الآية وجهين أحدهما المنع عن قرب الصلاة و الدخول فيها حال السكر من خمر و نحوها أو من النوم كما مر في بعض الروايات و ذكره بعض المفسرين أو الأعم كما هو ظاهر القاضي و في الكافي و منه سكر النوم و هو يفيد التعميم و في مجمع البيان عن الكاظم ع أن المراد به سكر الشراب ثم نسختها آية تحريم الخمر كما روت العامة أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما و شرابا لجماعة من الصحابة قبل نزول تحريم الخمر فأكلوا و شربوا فلما ثملوا دخل وقت المغرب فقدموا أحدهم ليصلي بهم فقرأ أعبد ما تعبدون و أنتم عابدون ما أعبد فنزلت الآية فكانوا لا يشربون الخمر في أوقات الصلاة فإذا صلوا العشاء شربوا فلا يصبحون إلا و قد ذهب عنهم السكر و سيأتي عن العياشي تفسيره بسكر الخمر و قد مر تأويله بسكر النوم و الجمع بالتعميم أولى. و ربما يجمع بينهما بأنه لما كانت الحكمة يقتضي تحريم الخمر متدرجا و كان قوم من المسلمين يصلون سكارى منها قبل استقرار تحريمها نزلت هذه الآية و خوطبوا بمثل هذا الخطاب ثم لما ثبت تحريمها و استقر و صاروا ممن لا ينبغي أن يخاطبوا بمثله لأن المؤمنين لا يسكرون من الشراب بعد أن حرم عليهم جاز أن يقال الآية منسوخة بتحريم الخمر بمعنى عدم حسن خطابهم بمثله بعد ذلك لا بمعنى جواز الصلاة مع السكر ثم لما عم الحكم سائر ما يمنع من حضور القلب جاز أن يفسر بسكر النوم و نحوه تارة و أن يعمم الحكم أخرى فلا تنافي بين الروايات. ثم إن المخاطب بذلك المكلف به المؤمنون العاقلون إلى أن يذهب عقلهم فيجب عليهم ما يأمنون معه من فعل الصلاة حال السكر. و الحاصل أن المراد نهيهم عن أن يكونوا في وقت الاشتغال بالصلاة سكارى بأن لا يشربوا في وقت يؤدي إلى تلبسهم بالصلاة حال سكرهم و ليس الخطاب متوجها إليهم حال سكرهم إذ السكران غير متأهل لهذا الخطاب. أو يكون جنبا إلا أن يكونوا مسافرين غير واجدين للماء فإنه يجوز لهم دخول الصلاة بالتيمم مع أنه لا يرفع به حدثهم فقد دخلوا في الصلاة مع الجنابة. و ثانيهما أن المراد بالصلاة هنا مواضعها تسمية للمحل باسم الحال أو على حذف المضاف و المعنى لا تقربوا المساجد في حالتين إحداهما حالة السكر فإن الأغلب أن الذي يأتي المسجد إنما يأتيه للصلاة و هي مشتملة على أذكار و أقوال يمنع السكر من الإتيان بها على وجهها و الحالة الثانية حالة الجنابة إلا اجتيازا كما مر تفصيله. و قيل وجه ثالث و هو أن يكون الصلاة في قوله سبحانه لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ على معناها الحقيقي و يراد بها عند قوله تعالى وَ لا جُنُباً مواضعها على طريقة الاستخدام و على التقادير يدل على المنع من إيقاع ما يوجب كون الصلاة حالة السكر و إن كان في الأول و الثالث أظهر فيشتمل من لم يشرب إذا علم أن بعد الشرب تقع صلاته مع السكر أو شرب و علم أنه إذا دخل في الصلاة يقع بعضها على السكر. و أما سكر النوم فإن بلغ إلى حد لا يعقل شيئا أصلا و يبطل سمعه فدخوله في الصلاة مع تلك الحالة يكون حراما و لو علم أنه لا يعقل عقلا كاملا و لا يكون قلبه حاضرا متنبها لما يقوله و يأتي به كما هو ظاهر الأخبار فالنهي على التنزيه و لو قيل بالتعميم كان محمولا على المنع المطلق أعم من التحريم و التنزيه كما هو مقتضى الجمع بين الأخبار و لو كان في أول الوقت نومان و إذا دخل في الصلاة لا يكون له حضور القلب فيها و إذا نام ليذهب عنه تلك الحالة يخرج وقت الفضيلة فأيهما أفضل الترجيح بينهما لا يخلو من إشكال و اختار بعض المتأخرين ترجيح
حضور القلب فإنه روح العبادة و لا يخلو من قوة و حتى في قوله سبحانه حَتَّى تَعْلَمُوا يحتمل أن يكون تعليلية كما في أسلمت حتى أدخل الجنة و أن يكون بمعنى إلى أن كما في أسير حتى تغيب الشمس. و استدل به على بطلان صلاة السكران لاقتضاء النهي في العبادة الفساد على بعض الوجوه و على منع السكران من دخول المسجد و في قوله جل شأنه حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ إشعار بأنه ينبغي للمصلي أن يعلم ما يقوله في الصلاة و يلاحظ معاني ما يقرؤه و يأتي به من الأدعية و الأذكار كما دل عليه ما مر من الأخبار. قوله سبحانه وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا أي بنوع من أنواع التحايا و التحية مشتقة من الحياة لأن المسلم إذا قال سلام عليكم فقد دعا للمخاطب بالسلامة من كل مكروه و الموت من أشد المكاره على أن كل مكروه منغص للحياة مكدر لها. و لنقدم مباحث ليظهر ما هو المقصود من نقل الآية الأول اختلف في التحية فقيل هي السلام لأنه تحية الإسلام و هو الظاهر من كلام أكثر اللغويين و المفسرين قال في القاموس التحية السلام و قال البيضاوي الجمهور على أنه السلام و قيل تشمل كل دعاء و تحية من القول قال في المغرب حياه بمعنى أحياه تحية كبقاه بمعنى أبقاه تبقية هذا أصلها ثم سمي ما يحيا به من سلام و نحوه تحية و قيل يشمل كل بر من الفعل و القول كما يظهر من علي بن إبراهيم في تفسيره حيث قال السلام و غيره من البر و إن احتمل أن يكون مراده البر من القول و قيل المراد بالتحية العطية و أوجب الثواب أو الرد على المتهب ذكره في الكشاف و هو ضعيف بل الظاهر أن المراد به السلام أو يشمله و غيره من التحية و الإكرام كما تدل عليه الأخبار عن الأئمة الكرام ع.
فقد روي في الخصال عن أمير المؤمنين ع إذا عطس أحدكم قولوا يرحمكم الله و يقول هو يغفر الله لكم و يرحمكم قال الله تعالى وَ إِذا حُيِّيتُمْ الآية
و في مناقب ابن شهرآشوب جاءت جارية للحسن ع بطاق ريحان فقال لها أنت حر لوجه الله فقيل له في ذلك فقال أدبنا الله تعالى فقال إِذا حُيِّيتُمْ الآية و كان أحسن منها إعتاقها
و في الكافي في الصحيح عن الصادق ع رد جواب الكتاب واجب كوجوب رد السلام
و قد مرت الأخبار في ذلك في محله. و قال في مجمع البيان التحية السلام يقال حيا تحية إذا سلم و قال في تفسير الآية أمر الله المسلمين برد السلام على المسلم بأحسن مما سلم إن كان مؤمنا و إلا فليقل و عليكم لا يزيد على ذلك فقوله بِأَحْسَنَ مِنْها للمسلمين خاصة و قوله أَوْ رُدُّوها لأهل الكتاب عن ابن عباس فإذا قال المسلم السلام عليكم فقلت و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته فقد حييته بأحسن منها و هذا منتهى السلام و قيل قوله أَوْ رُدُّوها للمسلمين أيضا قالوا إذا سلم عليك رد عليه بأحسن مما سلم عليك أو بمثل ما قال.
و هذا أقوى لما روي عن النبي ع قال إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا و عليكم
و ذكر الحسن أن رجلا دخل على النبي ص فقال السلام عليك فقال النبي ص و عليك السلام و رحمة الله فجاءه آخر فقال السلام عليك و رحمة الله فقال ص و عليك السلام و رحمة الله و بركاته فجاءه آخر فقال السلام عليك و رحمة الله و بركاته فقال النبي ص و عليك فقيل يا رسول الله زدت للأول و الثاني في التحية و لم تزد للثالث فقال إنه لم يبق لي من التحية شيئا فرددت عليه مثله
انتهى و بالجملة لا إشكال في شمول الآية للسلام و وجوب رده و أما سائر التحيات من الأقوال و الأفعال فشمول الآية لها مشكل و الأحوط ردها في غير الصلاة و أما فيها فسيأتي القول فيه. الثاني قال بعض الأصحاب لو قال السلام عليك أو عليكم السلام بتقديم الظرف فهو صحيح يوجب الرد و قال في التذكرة لو قال عليكم السلام لم يكن مسلما إنما هي صيغة جواب.
و يناسبه ما روى العامة عن النبي ص أنه قال لمن قال عليك السلام يا رسول الله لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى إذا سلمت فقل سلام عليك فيقول الراد عليك السلام
و كذا اختلفوا في سلام و سلاما و السلام و سلامي عليك و سلام الله عليك و ظاهر ابن إدريس عدم وجوب الرد في أمثالها و لا يبعد القول بالوجوب لعموم الآية و الخبر المتقدم عامي مع أنها ليس بصريح في عدم الرد بل قد روي أنه ص رد عليه السلام بعد ذلك. الثالث هل يتعين في غير الصلاة رده بعليكم السلام بتقديم عليكم ظاهر التذكرة ذلك حيث قال و صيغة الجواب و عليكم السلام و لو قال و عليك السلام للواحد جاز و لو ترك العطف و قال عليكم السلام فهو جواب خلافا لبعض الشافعية فلو تلاقى اثنان فسلم كل واحد منهما على الآخر وجب على كل واحد منهما جواب الآخر و لا يحصل الجواب بالسلام انتهى. و المستفاد من كلام ابن إدريس خلافه و لعله أقوى لما في حسنة إبراهيم بن هاشم فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا سلام عليكم فإذا سلم عليكم كافر فقولوا عليك. الرابع ظاهر أكثر الأصحاب عدم وجوب الرد بالأحسن لظاهر الآية و الأخبار المعتبرة و لا عبرة بما يوهمه بعض الأخبار العامية من وجوب الرد بالأحسن إذا كان المسلم مؤمنا. الخامس الرد واجب كفاية لا عينا و حكي عليه في التذكرة الإجماع و قد مرت الأخبار في ذلك و عموم الآية مخصص بالأخبار المؤيدة بالإجماع ثم الظاهر أنه إنما يسقط برد من كان داخلا في السلام عليهم فلا يسقط برد من لم يكن داخلا فيهم و هل يسقط برد الصبي المميز فيه إشكال و الأحوط بل الأقوى عدم الاكتفاء و لو كان المسلم صبيا مميزا ففي وجوب الرد عليه وجهان أظهرهما ذلك لعموم الآية. السادس المشهور أن وجوب الرد فوري لأنه المتبادر من الرد في مثل هذا المقام و للفاء الدالة على التعقيب بلا مهلة و ربما يمنع ذلك في الجزائية و التارك له فورا يأثم و قيل يبقى في ذمته مثل سائر الحقوق و فيه نظر. السابع صرح جماعة من الأصحاب بوجوب الإسماع تحقيقا أو تقديرا و لم أجد أحدا صرح بخلافه في غير حال الصلاة و قال في التذكرة و لو ناداه من وراء ستر أو حائط و قال السلام عليكم يا فلان أو كتب كتابا و سلم عليه فيه أو أرسل رسولا فقال سلم على فلان فبلغه الكتاب و الرسالة قال بعض الشافعية يجب عليه الجواب لأن تحية الغائب إنما تكون بالمناداة أو الكتاب أو الرسالة و قد قال تعالى وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ الآية و الوجه أنه إن سمع النداء وجب الجواب و إلا فلا و قال ره و ما يعتاده الناس من السلام عند القيام و مفارقة الجماعة دعاء لا تحية يستحب الجواب عنه و لا يجب انتهى و ما ذكره في المقام الأول موجه و في الثاني الأحوط بل الأظهر وجوب الجواب لعموم الآية. الثامن قيل يحرم سلام المرأة على الأجنبي لأن إسماع صوتها حرام و إن صوتها عورة و توقف فيه بعض المتأخرين و هو في محله إذ الظاهر من كثير من الأخبار عدم كون صوتها عورة كما سيأتي في محله نعم يفهم من بعض الأخبار كراهة السلام على الشابة منهن حذرا من الريبة و الشهوة. و على المشهور من التحريم هل يجب على الأجنبي الرد عليها يحتمل ذلك لعموم الدليل و العدم لكون المتبادر التحية المشروعة و هو مختار التذكرة حيث قال لو سلم رجل على امرأة أو بالعكس فإن كان بينهما زوجية أو محرمية أو كانت عجوزة خارجة عن مظنة الفتنة ثبت استحقاق الجواب و إلا فلا و في وجوب الرد عليها لو سلم عليها أجنبي وجهان فيحتمل الوجوب نظرا إلى عموم الآية فيجوز اختصاص تحريم الإسماع بغيره و يحتمل العدم كما اختاره العلامة و يحتمل وجوب الرد خفيا كما قيل.
التاسع قال في التذكرة و لا يسلم على أهل الذمة ابتداء و لو سلم عليه ذمي أو من لم يعرفه فبان ذميا رد بغير السلام بأن يقول هداك الله أو أنعم الله صباحك أو أطال الله بقاءك و لو رد بالسلام لم يزد في الجواب على قوله و عليك انتهى. و قد مرت الأخبار الدالة على المنع من ابتدائهم بالسلام و على الرد عليهم بعليك أو عليكم و هل الاقتصار على ما ذكر على الوجوب حتى لا يجوز المثل أو على الاستحباب فيه تردد و أما ما ذكره رحمه الله من الرد بغير السلام فلم أره في الأخبار و هل يجب عليهم الرد فيه إشكال و لعل العدم أقوى و إن كان الرد أحوط. العاشر قالوا يكره أن يخص طائفة من الجمع بالسلام و يستحب أن يسلم الراكب على الماشي و القائم على الجالس و الطائفة القليلة على الكثيرة و الصغير على الكبير و أصحاب الخيل على أصحاب البغال و هما على أصحاب الحمير و قد مر جميع ذلك و إنما ذكرناها هنا استطرادا. الحادي عشر إذا سلم عليه و هو في الصلاة وجب عليه الرد لفظا و الظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب و نسبه في التذكرة إلى علمائنا و قال في المنتهى و يجوز له أن يرد السلام إذا سلم عليه نطقا ذهب إليه علماؤنا أجمع و لعله أراد بالجواز نفي التحريم ردا لقول بعض العامة قال في الذكرى و ظاهر الأصحاب مجرد الجواز للخبرين و الظاهر أنهم أرادوا به شرعيته و يبقى الوجوب معلوما من القواعد الشرعية. قال و بالغ بعض الأصحاب في ذلك فقال يبطل الصلاة إذا اشتغل بالأذكار و لما يرد السلام و هو من مشرب اجتماع الأمر و النهي في الصلاة و الأصح عدم البطلان بترك رده انتهى و يدل على وجوب رد السلام في حال الصلاة الآية لعمومها و يدل على شرعيته في الصلاة روايات كثيرة سيأتي بعضها و كثير منها بلفظ الأمر الدال على الوجوب على المشهور. الثاني عشر المشهور بين الأصحاب أنه إذا سلم عليه في الصلاة بقوله سلام عليكم يجب أن يكون الجواب مثله و لا يجوز الجواب بعليكم السلام و نسبه المرتضى إلى الشيعة و قال المحقق هو مذهب الأصحاب قاله الشيخ و هو حسن و لم يخالف في ذلك ظاهرا إلا ابن إدريس حيث قال في السرائر إذا كان المسلم عليه قال له سلام عليكم أو السلام عليكم أو سلام عليك أو عليكم السلام فله أن يرد بأي هذه الألفاظ كان لأنه رد سلام مأمور به قال فإن سلم بغير ما بيناه فلا يجوز للمصلي الرد عليه انتهى و اتباع المشهور أولى. و لو غير عليكم بعليك ففي حصول الرد به تردد و لو أضاف في الجواب إلى عليكم السلام ما يوجب كونه أحسن ففي حصول القربة به تردد و رجح بعض المحققين ذلك نظرا إلى الولاية. و لو قال المسلم عليكم السلام فظاهر المحقق عدم جواز إجابته إلا إذا قصد الدعاء و كان مستحقا له و تردد فيه العلامة في المنتهى و على تقدير الجواز هل يجب فيه أيضا تردد للشك في دخوله تحت المراد في الآية و لعل الوجوب أقوى و على تقديره هل يتعين سلام عليكم أو يجوز الجواب بالمثل نقل ابن إدريس الأول عن بعض الأصحاب و اختار الثاني و استشكله العلامة في التذكرة و النهاية كما سيأتي و لا يبعد كون الجواب بالمثل أولى نظرا إلى الآية و صحيحة محمد بن مسلم الدالة على الجواب بالمثل و كذا صحيحة منصور بن حازم و إن عارضهما بعض الأخبار و لا يبعد القول بالتخيير أيضا. الثالث عشر لو سلم عليه بغير ما ذكر من الألفاظ فعند ابن إدريس و المحقق لا يجب إجابته و قال المحقق نعم لو دعا له و كان مستحقا و قصد الدعاء لا رد السلام لا أمنع منه و قال العلامة في التذكرة لو سلم بقوله سلام عليكم رد مثله و لا يقول و عليك السلام لأنه عكس القرآن
و لقول الصادق ع و قد سأله عثمان بن عيسى عن الرجل يسلم عليه في الصلاة يقول سلام عليكم و لا يقول و عليكم السلام فإن رسول الله ص كان قائما يصلي فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه فرد النبي ص هكذا
و لو سلم عليه بغير اللفظ المذكور فإن سمي تحية فالوجه جواز الرد به و بقوله سلام عليكم لعموم الآية و لو لم يسم تحية جاز إجابته بالدعاء له إذا كان مستحقا له و قصد الدعاء لا رد السلام. و لو سلم عليه بقوله عليك السلام ففي جواز إجابته بالصورة إشكال من النهي و من جواز رد مثل التحية انتهى و نحوه قال في النهاية و أوجب الرد في المختلف و قال في المنتهى لو حياه بغير السلام فعندي فيه تردد أقربه جواز رده لعموم الآية انتهى و المسألة في غاية الإشكال و إن كان جواز الرد بقصد الدعاء لا يخلو من قوة و في التحية بالألفاظ الفارسية أشد إشكالا و كذا التحيات الملحونة كقولهم سام إليك و أمثاله و لو أجاب في الأول بالتحية العربية و في الثاني بالسلام الصحيح بقصد الدعاء فيهما لم أبعد جوازه و إن كان الأحوط إعادة الصلاة لو وقع ذلك سواء أجاب أم لا. الرابع عشر يجب إسماعه تحقيقا أو تقديرا على المشهور بين الأصحاب و ظاهر اختيار المحقق في المعتبر خلافه و الأول أقوى و الأخبار الدالة على خلافه لعلها محمولة على التقية إذ المشهور بين العامة عدم وجوب الرد مطلقا و قال في التذكرة لو اتقى رد فيما بينه و بين نفسه تحصيلا لثواب الرد و تخليصا من الضرر. و قال في الذكرى يجب إسماعه تحقيقا أو تقديرا كما في سائر الموارد
و قد روى منصور بن حازم عن الصادق ع يرد عليه ردا خفيا
و روى عمار عنه ع رد عليه فيما بينك و بين نفسك و لا ترفع صوتك
و هما مشعران بعدم اشتراط إسماع المسلم و الأقرب اشتراط إسماعه لتحصيل قضاء حقه من السلام و لا تكفي الإشارة بالرد عن السلام لفظا ردا على الشافعي و لو كان في موضع تقية رد خفيا و أشار و عليه تحمل الروايتان السابقتان. الخامس عشر لو قام غيره بالواجب من الرد فهل يجوز للمصلي الرد أم لا قيل نعم لإطلاق الأمر و قيل لا لحصول الامتثال فيسقط الوجوب و لا دليل على الاستحباب و كذا الجواز إلا أن يقصد به الدعاء و كان مستحقا له فحينئذ لا يبعد الجواز كما اختاره بعض المتأخرين و يظهر من المحقق فيما اختاره في المسألة المتقدمة. السادس عشر لو ترك المصلي الرد و اشتغل بإتمام الصلاة يأثم و هل تبطل الصلاة قيل نعم للنهي المقتضي للفساد و قيل إن أتى بشيء من الأذكار في زمان الرد بطلت و قيل إن أتى بشيء من القراءة أو الأذكار في زمان وجوب الرد فلا يعتد بها بناء على أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده و النهي عن العبادة يستلزم الفساد لكن لا يستلزم بطلان الصلاة إذ لا دليل على أن الكلام الذي يكون من قبيل الذكر و الدعاء و القرآن يبطل الصلاة إن كان حراما. فإن استمر على ترك الرد و قلنا ببقائه في ذمته يلزم بطلان الصلاة لأنه لم يتدارك القراءة و الذكر على وجه صحيح و الحق أن الحكم بالبطلان موقوف على مقدمات أكثرها بل كلها في محل المنع لكن الاحتياط يقتضي إعادة مثل تلك الصلاة. ثم الظاهر أن الفورية المعتبرة في رد السلام إنما هو تعجيله بحيث لا يعد تاركا له عرفا و على هذا لا يضر إتمام كلمة أو كلام لو وقع السلام في أثنائهما. السابع عشر ذكر جماعة من الأصحاب منهم العلامة و الشهيدان أنه لا يكره التسليم على المصلي و الأخبار في ذلك مختلفة كما سيأتي بعضها و لعل أخبار المنع محمولة على التقية و سيأتي تمام القول فيها و إنما أطنبنا الكلام في هذه لكثرة الجدوى و عموم البلوى بها و الله يعلم حقائق الأحكام و حججه الكرام. قوله تعالى الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ قد مر تفسير الآية مفصلا في أبواب النصوص على أمير المؤمنين ع و بيان أنها نزلت فيه ع عند التصدق بخاتمه في الركوع بالأخبار المتواترة من طرق الخاصة و العامة فيدل على أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة و أن نية التصدق و الزكاة لا تحتاج إلى اللفظ و أنها في الصلاة جائزة لا تنافي التوجه إلى الصلاة و استدامة نيتها و أنه تصح نية الزكاة كذلك احتسابا على الفقير و صحة نية الصوم في الصلاة و كذا نية الوقوف بالعرفة و بالمشعر فيها هذا ما ذكره الأصحاب و يناسب هذا المقام. و أقول تدل على أن التوجه إلى قربة أخرى غير الصلاة لا ينافي كمال الصلاة و حضور القلب المطلوب فيها
1- كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يكون في صلاته في الصف هل يصلح له أن يتقدم إلى الثاني أو الثالث أو يتأخر وراءه في جانب الصف الآخر قال إذا رأى خللا فلا بأس
بيان حمل على عدم الاستدبار و يدل على أن المشي بأقدام كثيرة ليس من الفعل الكثير المبطل للصلاة كما سيأتي تحقيقه
2- المجازات النبوية، فيما رواه شداد بن الهاد قال سجد رسول الله ص سجدة أطال فيها فقال الناس عند انقضاء الصلاة يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه أتاك الوحي فقال ع كل ذلك لم يكن و لكن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته فكان الحسن أو الحسين ع قد جاء و النبي ص في سجدته فامتطى ظهره
قال السيد هذا الحديث مشهور و هو حجة لمن يجوز انتظار الإمام بركوعه إذا سمع خفق النعال حتى يدخل الواردون معه في الصلاة و انتظاره ص ابنه حتى يقضي منه حاجته يدل على أن من فعل هذا الفعل و أشباهه لا يخرج به من الصلاة. و قوله ع ارتحلني استعارة و المراد أنه جعل ظهره كالراحلة له و المطية التي تحمله
3- السرائر، نقلا من جامع البزنطي قال سألت الرضا ع عن الرجل يمسح جبهته من التراب و هو في صلاته قبل أن يسلم قال لا بأس
4- قرب الإسناد، و كتاب المسائل، بإسنادهما عن علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن رجل يكون في صلاته فيعلم أن ريحا قد خرجت منه و لا يجد ريحا و لا يسمع صوتا قال يعيد الوضوء و الصلاة و لا يعتد بشيء مما صلى إذا علم ذلك يقينا
بيان اعلم أن الحدث الواقع في أثناء الصلاة إما أن يكون عمدا أو سهوا أو سبقه الحدث من غير اختيار ففي العمد نقل جماعة من الأصحاب الاتفاق على كونه مبطلا للصلاة و إن أوهم كلام الصدوق و ابن أبي عقيل خلافه و في السهو أيضا المشهور البطلان بل ادعى عليه في التذكرة الإجماع لكن المحقق في الشرائع و جماعة نقلوا الخلاف في السهو بأنه يتطهر و يبني و منهم من خص بالمتيمم المحدث ناسيا في أثناء الصلاة و قد مضى الكلام فيه. و أما إذا سبقه الحدث بغير اختياره فالمشهور أيضا الإبطال و حكي عن المرتضى و الشيخ أنه يتطهر و يبني على صلاته و ذهب الصدوق إلى أنه إن أحدث بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة يبني و يتم و يشمل ظاهر كلامه العمد أيضا و لا يخلو من قوة و هذا الخبر يدل على المشهور في الجميع في الجملة و الاحتياط في الجميع ظاهر متبع
5- الخصال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير و محمد بن مسلم عن الصادق ع عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع لا يقطع الصلاة التبسم و يقطعها القهقهة
و قال ع إذا غلبتك عينك و أنت في الصلاة فاقطع الصلاة و نم فإنك لا تدري تدعو لك أو على نفسك
و قال ع الالتفات الفاحش يقطع الصلاة و ينبغي لمن يفعل ذلك أن يبدأ الصلاة بالأذان و الإقامة و التكبير
و قال ع إذا أصاب أحدكم دابة و هو في صلاته فليدفنها و يتفل عليها أو يصيرها في ثوبه حتى ينصرف
بيان الخبر مشتمل على أحكام الأول عدم قطع الصلاة بالتبسم و لا خلاف فيه بين الأصحاب و نقل الإجماع عليه جماعة من الأصحاب و يدل عليه أخبار كثيرة نعم عده بعضهم من مكروهات الصلاة. الثاني القطع بالقهقهة و هو أيضا إجماعي على ما نقله الفاضلان و غيرهما و يدل عليه الأخبار المستفيضة و فسر الشهيدان و جماعة القهقهة بالضحك المشتمل على الصوت لوقوعها في الأخبار في مقابل التبسم و منهم من فسرها بمطلق الضحك ظنا منهم أن التبسم ليس بداخل فيه و يظهر من بعض الأخبار و كلام بعض أهل اللغة كونه من أفراد الضحك و أما المفهوم من كلام أهل اللغة في تفسير القهقهة ففي القاموس هي الترجيع في الضحك أو شدة الضحك و في الصحاح القهقهة في الضحك معروف و هو أن يقول قه قه انتهى. و قال الشهيد الثاني ره في الروضة هي الضحك المشتمل على الصوت و إن لم يكن فيه ترجيع و لا شدة و هو مشكل لكونه مخالفا لكلام أهل اللغة و التعويل على محض المقابلة الموهمة للحصر الواقعة في الخبر في إثبات ذلك غير موجه و الأحوط في عادمة الوضعين الترك و الإتمام و الإعادة مع الفعل ثم إن النصوص يشتمل السهو أيضا لكن نقل العلامة في التذكرة و الشهيد في الذكرى الإجماع على عدم الإبطال به و لو وقعت على وجه لا يمكن دفعه لمقابلة لاعب و نحوه فاستقرب الشهيد في الذكرى البطلان و إن لم يأثم لعموم الخبر و هو متجه بل يظهر من التذكرة أنه متفق عليه بين الأصحاب. الثالث جواز قطع الصلاة لغلبة النوم فلو كانت الغلبة على وجه لا يمكنه إتمام الصلاة و الإتيان بأفعالها أصلا فلا ريب في جوازه و لو لم تبلغ هذا الحد لكن لا يمكنه حضور القلب في الصلاة فقطع الصلاة به على طريقة الأصحاب مشكل لحكمهم بحرمة قطع الصلاة اختيارا إلا ما ثبت بدليل و لم يعد الأكثر هذه و نحوه منه لكن دلائلهم على أصل الحكم مدخولة و على تقدير ثبوته أمثال تلك الأخبار لعلها كافية في التخصيص. و قسم الشهيد في الذكرى قطع الصلاة إلى الأقسام الخمسة فقال قد يحرم و هو القطع بدون الضرورة و قد يجب كما في حفظ الصبي و المال المحترم عن التلف و إنقاذ الغريق و المحترق حيث يتعين عليه بأن لم يكن من يحصل به الكفاية أو كان و علم أنه لا يفعل فإن استمر حينئذ بطلت صلاته بناء على أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده و النهي في العبادة يستلزم الفساد و قد يستحب كالقطع لاستدراك الأذان و الإقامة و قراءة الجمعة و المنافقين في الظهر و الجمعة و الائتمام بإمام العصر و قد يباح كما في قتل الحية التي لا يغلب على الظن أذاها و إحراز المال الذي لا يضر فوته و قد يكره كإحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفواته و احتمل التحريم حينئذ و تبعه الشهيد الثاني قدس سره و قيد المال الذي لا يضر فوته باليسير. و بالجملة رد الأخبار الدالة على قطع الصلاة لاستدراك بعض المندوبات و الفضائل لا يتجه طرحها لتلك القاعدة التي لم تثبت كليتها و سينفعك ذلك في كثير من الأخبار الآتية. الرابع أن الالتفات الفاحش يقطع الصلاة و قد مر تفسير الفاحش و الاختلاف فيه في باب القبلة. الخامس أنه إذا بطلت الصلاة و وجبت إعادتها يستحب إعادة الأذان و الإقامة و التكبيرات الافتتاحية و يدل على ما سوى الأذان غيره و الأفضل إعادتها جميعا. السادس تجويز دفن الدابة و التفل عليها أو شدها في ثوبه و عدم تجويز قتلها و هو على الكراهة لما سيأتي من تجويز القتل أيضا
6- المعتبر، و المنتهى، نقلا من جامع البزنطي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إن عمارا سلم على رسول الله ص فرد عليه
7- السرائر، نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن غياث عن جعفر ع في رجل عطس في الصلاة فسمته رجل قال فسدت صلاة ذلك الرجل
بيان قال ابن إدريس عند إيراد الخبر التسميت الدعاء للعاطس بالسين و الشين معا و ليس على فسادها دليل لأن الدعاء لا يقطع الصلاة انتهى و قال الجوهري التسميت ذكر اسم الله على الشيء و تسميت العاطس أن يقول له يرحمك الله بالسين و الشين جميعا قال ثعلب الاختيار بالسين لأنه مأخوذ من السمت و هو القصد و الحجة و قال أبو عبيد الشين أعلى في كلامهم و أكثر و قال أيضا تشميت العاطس دعاء له و كل داع لأحد بخير فهو مشمت و مسمت و في النهاية التسميت بالسين و الشين الدعاء بالخير و البركة و المعجمة أعلاهما انتهى. أقول فظهر أن المراد به مطلق الدعاء للعاطس بأن يقول يرحمك الله و يغفر الله لك و ما أشبهه و جوازه بل استحبابه مشهور بين الأصحاب و تردد فيه المحقق في المعتبر ثم قال و الجواز أشبه بالمذهب و هو أظهر لعموم تجويز الدعاء و عموم استحباب الدعاء للمؤمنين و عموم الأخبار الدالة على أن من حق المؤمن على المؤمن التسميت له إذا عطس و لعل هذا الخبر محمول على التقية لأنه نسب إلى الشافعي و بعض العامة القول بالتحريم و يؤيده أن الراوي للخبر عامي و ظاهر المنتهى اشتراط كون العاطس مؤمنا و هو أحوط و إن ورد بعض الأخبار بلفظ المسلم الشامل للمخالفين أيضا
و في بعض الأخبار أن الصادق ع شمت رجلا نصرانيا فقال له يرحمك الله
و الأحوط ترك ذلك في الصلاة و في التذكرة أن استحباب التسميت على الكفاية و هو خلاف ظاهر الأخبار و ذكر فيه أيضا أنه إنما يستحب إذا قال العاطس الحمد لله و في بعض الأخبار اشتراط أن يصلي العاطس على النبي و آله و عمم الشهيد الثاني الحكم و لم يشترط شيئا منهما و لعل الشرطين للاستحباب أو لتأكده و يستحب للعاطس أن يدعو له بعد التسميت و يحتمل الوجوب لشمول التحية له على بعض الوجوه كما عرفت و الاحتياط لا يترك و قال في المنتهى بعد ذكره جواز التسميت قال بعض الجمهور يستحب إخفاؤه و لم يثبت عندي
8- السرائر، نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب عن الحسين عن الحسن عن زرعة عن سماعة قال سألت عن القلس و هي الجشاء فيرتفع الطعام من جوفه و هو صائم من غير أن يكون فيه قيء أو هو قائم في الصلاة قال لا ينقض وضوءه و لا يقطع صلاته و لا يفطر صيامه
بيان قال في النهاية القلس بالتحريك و قيل بالسكون ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه و ليس بقيء فإن قاء فهو القيء و في القاموس التجشؤ تنفس المعدة و الاسم كهمزة و ظاهر الأصحاب الاتفاق على عدم بطلان الصلاة بالقيء و القلس نعم لو كان القيء عمدا و اشتمل على فعل كثير يوجب البطلان عندهم لذلك
9- السرائر، من كتاب النوادر المذكور عن محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي إسحاق ثعلبة عن عبد الله بن هلال قال قلت لأبي عبد الله ع إن حالنا قد تغيرت قال فادع في صلاتك الفريضة قلت أ يجوز في الفريضة فأسمي حاجتي للدين و الدنيا قال نعم فإن رسول الله ص قد قنت و دعا على قوم بأسمائهم و أسماء آبائهم و عشائرهم و فعله علي ع من بعده
10- قرب الإسناد، عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد ع قال كنت أسمع أبي يقول إذا دخلت المسجد الحرام و القوم يصلون فلا تسلم عليهم و سلم على النبي ص ثم أقبل على صلاتك و إذا دخلت على قوم جلوس فسلم عليهم
و منه عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل و هو في وقت صلاة الزوال أ يقطعه بكلام قال لا بأس
بيان ظاهره جواز قطع النافلة بالكلام و يمكن حمله على الضرورة أو على الكلام بعد التسليم من كل ركعتين و الأخير أظهر
11- السرائر، نقلا من نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن علي عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يخطو أمامه في الصلاة خطوتين أو ثلاثة قال نعم لا بأس و عن الرجل يقرب نعله بيده أو رجله في الصلاة قال نعم
تحقيق أنيق
اعلم أنه حكى الفاضلان و غيرهما الإجماع على أن الفعل الكثير الخارج من الصلاة مما لم يكن من جنسها عامدا مبطل قال في المنتهى و يجب عليه ترك الفعل الكثير الخارج عن أفعال الصلاة فلو فعله عامدا بطلت صلاته و هو قول أهل العلم كافة لأنه يخرج به عن كونه مصليا و القليل لا يبطل الصلاة بالإجماع قال و لم يحد الشارع القلة و الكثرة فالمرجع في ذلك إلى العادة و كل ما ثبت أن النبي و الأئمة ع فعلوه في الصلاة أو أمروا به فهو من القليل كقتل البرغوث و الحية و العقرب و كما روى الجمهور عن النبي ص أنه كان يحمل أمامة بنت أبي العاص فكان إذا سجد وضعها فإذا قام رفعها انتهى. و للأصحاب في تحديده اختلاف شديد فمنهم من حدده بما سمي كثيرا عرفا و منهم من قال ما يخرج به فاعله عن كونه مصليا عرفا و في السرائر ما سمي في العادة كثيرا مثل الأكل و الشرب و اللبس و غير ذلك مما إذا فعله الإنسان لا يسمى مصليا بل يسمى آكلا و شاربا و لا يسمى فاعله في العادة مصليا. و قال العلامة في التذكرة اختلف العلماء في حد الكثرة و الذي عول عليه علماؤنا البناء على العادة فما يسمى في العادة كثيرا فهو كثير و إلا فلا لأن عادة الشرع رد الناس فيما لم ينص عليه إلى عرفهم و به قال بعض الشافعية. و قال بعضهم القليل ما لا يسع زمانه لفعل ركعة من الصلاة و الكثير ما اتسع و قال بعضهم ما لا يحتاج إلى فعل اليدين معا كرفع العمامة و حل الأزرار فهو قليل و ما يحتاج إليهما معا كتكوير العمامة و عقد السراويل فهو كثير و قال بعضهم القليل ما لا يظن الناظر إلى فاعله أنه ليس في الصلاة و الكثير ما يظن به الناظر إلى فاعله الإعراض عن الصلاة انتهى. أقول ما ذكره إنما يتجه إذا ورد هذا اللفظ في نص و لم يعلم له حقيقة شرعية و الحقيقة اللغوية لم تكن معلومة أو كان معلوما أنه ليس بمراد فيرجع فيه إلى العرف و لم أر هذا اللفظ في نص و إنما ذكره القوم و ادعوا عليه الإجماع فكل ما ثبت تحقق الإجماع فيه يكون مبطلا. نعم ورد في بعض الروايات منافاة بعض الأفعال للصلاة
كموثقة سماعة قال سألته عن الرجل يكون قائما في الصلاة الفريضة فينسى كيسه أو متاعا يتخوف ضيعته و هلاكه قال يقطع صلاته و يحرز متاعه ثم يستقبل الصلاة قلت فيكون في الفريضة فتغلب عليه دابة أو تفلت دابته فيخاف أن تذهب أو يصيب فيها عنت فقال لا بأس بأن يقطع صلاته و يتحرز و يعود إلى صلاته
و موثقة عمار عن أبي عبد الله ع أنه سأله عن الرجل يكون في الصلاة فيرى حية بحياله هل يجوز له أن يتناولها و يقتلها قال إن كان بينها و بينه خطوة واحدة فليخط و ليقتلها و إلا فلا
و رواية حريز عن أبي عبد الله ع قال إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريق لك عليه مال أو حية تتخوفها على نفسك فاقطع الصلاة و اتبع غلامك أو غريمك و اقتل الحية
و بإزائهما روايات كثيرة دالة على تجويز أفعال كثيرة في الصلاة سيأتي بعضها في هذا الباب كالخروج عن المسجد و إزالة النجاسة و العود إليه و البناء و لا أرى معنى للخروج عن كونه مصليا عرفا فإن الصلاة إنما تعرف بالشرع لا بالعرف فكل ما حكم الشارع بأنه مخرج عن الصلاة فهو ينافيها و إلا فلا. و أيضا المراد بالعرف إن كان عرف العوام فكثير من الأفعال التي وردت الأخبار بجوازها في الصلاة و قال بها أكثر الأصحاب يعدونها منافية للصلاة و يحكمون بأن فاعلها غير مصل و إن كان المراد عرف العلماء فحكمهم بذلك من دليل فليرجع إلى دليلهم و لما كان العمدة في هذا الحكم الإجماع فلنذكر ما جوزه بعض الأصحاب من الأعمال ليعلم عدم تحقق الإجماع فيها ثم لنورد الأخبار الواردة في ذلك. فأما أقوال العلماء فقال العلامة الخطوة الواحدة و الضربة قليل و الثلاث كثيرة و في الفعلين للشافعي وجهان أحدهما أنه كثير لتكرره و الأصح خلافه لأن النبي ص خلع نعليه في الصلاة و هما فعلان و في كون الثلاثة كثيرة مبطلة تأمل و ذكر أيضا أن الثلاثة المبطلة يراد بها الخطوات المتباعدة أما الحركات الخفيفة كتحريك الأصابع في مسبحة أو حكة فالأقرب منع الإبطال بها فهي الكثرة بمثابة الفعل القليل و يحتمل الإبطال للكثرة. و قال في المنتهى لا بأس أن يعد الرجل عدد ركعاته بأصابعه أو بشيء يكون معه من الحصى و شبهه و عليه علماؤنا أجمع بشرط أن لا يتلفظ بل يعقده في ضميره و ليس مكروها و به قال أهل العلم كافة إلا أبا حنيفة فإنه كرهه و كذلك الشافعي انتهى. و قال في التذكرة الفعلة الواحدة لا تبطل فإن تفاحشت فإشكال كالوثبة الفاحشة فإنها لإفراطها و بعدها من حال المصلي يوجب البطلان و ذكر أيضا أن الكثرة إذا توالى أبطل أما مع التفرق ففيه إشكال ينشأ من صدق الكثرة عليه و عدمه للتفرق فإن النبي ص كان يضع أمامة و يرفعها و لو خطا خطوة ثم بعد زمان خطوة أخرى لم تبطل صلاته و قال بعض الشافعية ينبغي أن يقع بين الأولى و الثانية قدر ركعة. ثم إن جماعة من الأصحاب صرحوا بجواز أشياء في الصلاة لم يخالف فيه و حصر ابن حمزة العمل القليل في ثمانية مثل الإيماء و قتل المؤذيات من الحية و العقرب و التصفيق و ضرب الحائط تنبيها على الحاجة و ما لا يمكن التحرز منه كازدراد ما يخرج من خلل الأسنان و قتل القمل و البرغوث و غسل ما أصاب الثوب من الرعاف ما لم ينحرف عن القبلة أو يتكلم و حمد الله تعالى على العطاس و رد السلام بمثله. و زاد في الذكرى عد الركعات و التسبيح بالأصابع و الإشارة باليد و التنحنح و ضرب المرأة على فخذها و رمي الغير بحصاة طلبا لإقباله و ضم الجارية إليه و
إرضاع الصبي حال التشهد و رفع القلنسوة من الأرض و وضعها على الرأس و لبس العمامة و الرداء و مسح الجبهة و ستطلع في الأخبار الآتية على ما يجوز فعله في الصلاة من الأفعال الكثيرة و خبر سماعة و حريز يمكن حملهما على ما إذا احتاج إلى الاستدبار أو الكلام و خبر عمار مع ضعفه يمكن حمله على الكراهة و الاحتياط ترك غير ما ورد في الأخبار بل ترك بعض ما ورد فيها مع عدم صحة أسانيدها أو معارضتها بأخبار أخرى. ثم المشهور أن إبطال الفعل الكثير مخصوص بصورة العمد كما صرح به الأكثر و نسبه في التذكرة إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الإجماع و نسبه في الذكرى إلى الإجماع و قال الشهيد الثاني رحمه الله لو استلزم الفعل الكثير ناسيا انمحاء صورة الصلاة رأسا توجه البطلان أيضا لكن الأصحاب أطلقوا الحكم بعدم البطلان
12- الخصال، عن أحمد بن الحسن القطان عن الحسن بن علي السكري عن محمد بن زكريا الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جابر الجعفي عن الباقر ع قال إذا أرادت المرأة الحاجة و هي في صلاتها صفقت بيديها و الرجل يومئ برأسه و هو في صلاته و يشير بيده و يسبح
إيضاح قال في الذكرى يجوز الإيماء بالرأس و الإشارة باليد و التسبيح للرجل و التصفيق للمرأة عند إرادة الحاجة
رواه الحلبي عن الصادق ع و روى عنه حنان بن سدير أن النبي ص أومأ برأسه في الصلاة
و روى عنه عمار التنحنح ليسمع من عنده فيشير إليه و التسبيح للرجل و المرأة و ضرب المرأة على فخذها. و قال في التذكرة يجوز التنبيه على الحاجة إما بالتصفيق أو بتلاوة القرآن أو بتسبيح أو تهليل ثم قال و لا فرق بين الرجل و المرأة في ذلك و به قال مالك
و قال الشافعي يسبح الرجل و تصفق المرأة لقوله ص إذا نابكم شيء في الصلاة فالتسبيح للرجال و التصفيق للنساء
و لو خالفا فسبحت المرأة و صفق الرجل لم تبطل الصلاة عنده بل خالفا السنة. ثم قال لو صفقت المرأة أو الرجل على وجه اللعب لا للإعلام بطلت صلاتهما لأن اللعب ينافي الصلاة و يحتمل ذلك مع الكثرة خاصة انتهى و اشتهار تخصيص التسبيح بالرجال و التصفيق بالنساء بين المخالفين مما يوهم التقية فيه
و روى مسلم في صحيحه عن النبي ص ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه و أما التصفيق للنساء
و فسر بعض العامة التصفيق بأن يضرب بظهور أصابع اليمنى صفحة الكف اليسرى أو بإصبعين من يمينها على كفها اليسرى لئلا يشبه اللهو و لا وجه له لأن الضرب على وجه اللهو ممتاز عن الضرب لغيره في الكيفية و لا يجوز تخصيص النص من غير مخصص مع أن منافاة مطلق اللعب للصلاة غير ثابت و قد وردت أخبار في حصر مبطلات الصلاة في أشياء ليس اللعب منها. و قال العلامة رحمه الله أيضا في النهاية إذا صفقت ضربت بطن كفها الأيمن على ظهر الكف الأيسر أو بطن الأصابع على ظهر الأصابع الأخرى و لا ينبغي أن يضرب البطن على البطن لأنه لعب و لو فعلته على وجه اللعب بطلت صلاتها مع الكثرة و في القلة إشكال ينشأ من تسويغ القليل و من منافاة اللعب الصلاة انتهى
13- الاحتجاج، كتب الحميري إلى القائم ع هل يجوز للرجل إذا صلى الفريضة أو النافلة و بيده السبحة أن يديرها و هو في الصلاة فأجاب ع يجوز ذلك إذا خاف السهو و الغلط
14- قرب الإسناد، عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن الصادق عن أبيه ع أن عليا ع كان في الصلاة يتقي بثوبه حر الأرض و بردها و قال إن عليا ع كان يقول لا يقطع الصلاة الرعاف و لا القيء و لا الأز
بيان الرعاف محمول على ما إذا لم يزد على الدرهم أو يمكنه إزالته بدون الاستدبار و الكلام و الفعل الكثير أيضا على طريقة الأصحاب و في القاموس الأز ضربان العرق و وجع في خراج و نحوه و في الصحاح الأزيز صوت الرعد و صوت غليان القدر و قد أزت القدر تؤز أزيزا غلت و الأز التهييج و الإغراء انتهى و الظاهر أن المراد هنا قراقر البطن
15- قرب الإسناد، عن محمد بن الوليد عن ابن بكير قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل أعار رجلا ثوبا فصلى فيه و هو لا يصلي فيه قال فلا يعلمه قلت فإن أعلمه قال يعيد
بيان الظاهر أن عدم الصلاة لأجل النجاسة لأنه مما يخفى غالبا و يحتمل الأعم و على التقادير الظاهر أن الإعادة محمول على الاستحباب كما عرفت
16- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن الرجل يكون راكعا أو ساجدا فيحكه بعض جسده هل يصلح له أن يرفع يده من ركوعه أو سجوده فيحطه مما حكه قال لا بأس إذا شق عليه أن يحكه و الصبر إلى أن يفرغ أفضل و سألته عن الرجل يحرك بعض أسنانه و هو في الصلاة هل يصلح له أن ينزعها و يطرحها قال إن كان لا يجد دما فلينزعه و ليرم به و إن كان دمي فلينصرف و سألته عن الرجل يكون له الثؤلول أو الجرح هل يصلح له و هو في صلاته أن يقطع رأس الثؤلول أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح و يطرحه قال إن لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس و إن تخوف أن يسيل الدم فلا يفعل و إن فعل فقد نقض من ذلك الصلاة و لا ينقض الوضوء و سألته عن الرجل يكون في الصلاة فرماه رجل فشجه فسال الدم فانصرف فغسله و لم يتكلم حتى رجع إلى المسجد هل يعتد بما صلى أو يستقبل الصلاة قال يستقبل الصلاة و لا يعتد بما صلى و سألته عن رجل كان في صلاته فرماه رجل فشجه فسال الدم هل ينقض ذلك وضوءه فقال لا ينقض الوضوء و لكنه يقطع الصلاة و سألته عن الرجل هل يصلح له أن يمسح بعض أسنانه أو داخل فيه بثوبه و هو في الصلاة قال إن كان شيئا يؤذيه أو يجد طعمه فلا بأس و سألته عن الرجل يشتكي بطنه أو شيئا من جسده هل يصلح له أن يضع يده عليه أو يغمزه في الصلاة قال لا بأس و سألته عن رجل يقرض أظافيره أو لحيته بأسنانه و هو في صلاته و ما عليه إن فعل ذلك متعمدا قال إن كان ناسيا فلا بأس و إن كان متعمدا فلا يصلح له و سألته عن الرجل يقرض لحيته و يعض عليها و هو في الصلاة ما عليه قال ذلك الولع فلا يفعل و إن فعل فلا شيء عليه و لكن لا يتعوده و سألته عن الرجل هل يصلح له أن ينظر في نقش خاتمه و هو في الصلاة كأنه يريد قراءته أو في مصحف أو في كتاب في القبلة قال ذلك نقص في الصلاة و ليس يقطعها و سألته عن الرجل يكون في صلاته فينظر إلى ثوبه قد انخرق أو أصابه شيء هل يصلح له أن ينظر فيه أو يفتشه قال إن كان في مقدم ثوبه أو جانبه فلا بأس و إن كان في مؤخره فلا يلتفت فإنه لا يصلح له و سألته عن الرجل يرى في ثوبه خرء الحمام أو غيره هل يصلح له أن يحكه و هو في صلاته قال لا بأس و سألته عن الرجل يكون في صلاته فيستفتح الرجل الآية هل يفتح عليه و هل يقطع ذلك الصلاة قال لا يصلح أن يفتح عليه و سألته عن الرجل يقول في صلاته اللهم رد إلي مالي و ولدي هل يقطع ذلك صلاته قال لا يفعل ذلك أحب إلي و سألته عن الرجل يمسح جبهته من التراب و هو في الصلاة قبل أن يسلم قال لا بأس و سألته عن الرجل و المرأة يضع المصحف أمامه ينظر فيه و يقرأ و يصلي قال لا يعتد بتلك الصلاة و سألته عن رجل ذكر و هو في صلاته أنه لم يستنج من الخلاء قال ينصرف و يستنجي من الخلاء و يعيد الصلاة و إن ذكر و قد فرغ أجزأه ذلك و لا إعادة عليه و سألته عن رجل بال ثم تمسح فأجاد التمسح ثم توضأ و قام فصلى قال يعيد الوضوء فيمسك ذكره و يتوضأ و يعيد صلاته و لا يعتد بشيء مما صلى و سألته عن رجل أخذ من شعره و لم يمسحه بالماء ثم يقوم فيصلي قال ينصرف فيمسحه بالماء و لا يعتد بصلاته تلك و سألته عن رجل يكون في صلاته و إلى جانبه رجل راقد فيريد أن يوقظه
فيسبح و يرفع صوته لا يريد إلا ليستيقظ الرجل أ يقطع ذلك صلاته أو ما عليه قال لا يقطع ذلك صلاته و لا شيء عليه و سألته عن الرجل يكون في صلاته فيستأذن إنسان على الباب فيسبح و يرفع صوته ليسمع خادمه فتأتيه فيريها بيده أن على الباب إنسانا أ يقطع ذلك صلاته أو ما ذا عليه قال لا بأس و سألته عن الرجل هل يصلح له أن يغمض عينه في الصلاة متعمدا قال لا بأس و سألته عن الرجل هل يصلح أن يرفع طرفه إلى السماء و هو في صلاته قال لا بأس و سألته عن الرجل يكون في الصلاة فيستمع الكلام أو غيره فينصت ليسمعه ما عليه إن فعل ذلك قال هو نقص و ليس عليه شيء و سألته عن الرجل يكون في صلاته فيرمي الكلب و غيره بالحجر ما عليه قال ليس عليه شيء و لا يقطع ذلك صلاته و سألته عن الرجل هل يصلح له و هو في صلاته أن يقتل القملة أو النملة أو الفأرة أو الحلمة أو شبه ذلك قال أما القملة فلا يصلح له و لكن يرمي بها خارجا من المسجد أو يدفنها تحت رجليه و سألته عن الرجل يكون في الصلاة فيسلم عليه الرجل هل يصلح له أن يرد قال نعم يقول السلام عليك فيشير عليه بإصبعه و سألته عن رجل رعف و هو في صلاته و خلفه ماء هل يصلح أن ينكص على عقبيه حتى يتناول الماء فيغسل الدم قال إذا لم يلتفت فلا بأس و سألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته قال إذا كانت الفريضة و التفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى و لا يعتد به و إن كانت نافلة لم يقطع ذلك صلاته و لكن لا يعود و سألته عن المرأة تكون في صلاة الفريضة و ولدها إلى جنبها فيبكي و هي قاعدة هل يصلح لها أن تتناوله فتقعده في حجرها و تسكته و ترضعه قال ع لا بأس
كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عنه ع مثل الجميع
بيان قوله فيحطه أي اليد بتأويل العضو و في بعض النسخ فيحك ما حكه و هو أظهر و إن كان دمي فلينصرف أي يترك الصلاة و لا يدل على الاستئناف لكنه أظهر و قد مر القول فيه يستقبل الصلاة يحتمل أن يكون للاستدبار لا للفعل الكثير أو داخل فيه بثوبه أي يدخل طرف ثوبه لإخراجه أو يجد طعمه إما لتحقق الأكل حينئذ أو لشغل الخاطر به فيشكل الاستدلال به على تحريم الأكل و إن كان متعمدا فلا يصلح له فيه إشعار بالفرق في الفعل الكثير بين الناسي و المتعمد لكن الظاهر أن لا يصلح له أريد به الكراهة و ليس الفعل بكثير لما تقدم و لما سيأتي و الولع بالتحريك الحرص في الشيء و اعتياده. فيستفتح الرجل أي ينسى آية فيسأله ليبينها له و لعل عدم الصلوح على الكراهة لئلا تسقط أعماله و قراءته عن التوالي أو يوجب سهوه فيها أو يحمل على ما إذا تكلم بجزء ناقص لا يطلق عليه القرآن أحب إلي يدل على كراهة الدعاء للأمور الدنيوية في الصلاة و هو خلاف المشهور قال في الذكرى الدعاء كلام فمباحه مباح و حرامه حرام. و قال رحمه الله يجوز أن يمسح جبهته إذا لصق بها التراب لرواية الحلبي و في الفقيه يكره ذلك في الصلاة و يكره أن يتركه بعد ما صلى انتهى و عد في النفلية من المكروهات مسح التراب عن الجبهة إلا بعد الصلاة. أقول الكراهة غير معلومة و قد دلت أخبار صحيحة على الجواز و على أنهم ع كانوا يفعلون ذلك و سيأتي بعضها. قوله لا يعتد بتلك الصلاة عمل به جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في الخلاف و المبسوط حيث قالوا بعدم جواز القراءة من المصحف مع الإمكان. و ذهب الفاضلان و جماعة إلى جواز القراءة من المصحف مطلقا
لما رواه الشيخ عن الحسن الصيقل قال قلت لأبي عبد الله ع ما تقول في الرجل يصلي و هو ينظر في المصحف ليقرأ فيه يضع السراج قريبا منه فقال لا بأس بذلك
و فصل الشهيد الثاني و جماعة فمنعوه في الفريضة و جوزوه في النافلة و هذا وجه جمع بين الخبرين و إن لم يذكر الأصحاب خبر علي بن جعفر و تمسكوا في المنع بوجوه ضعيفة و يمكن جمع الخبرين بالضرورة و عدمها و الأحوط عدم القراءة في المصحف في الفريضة إلا عند الضرورة و إن كان الجواز مطلقا لا يخلو من قوة و قد مر الكلام في ناسي الاستنجاء. فيمسك ذكره أي للاستنجاء و يتوضأ أي يستنجي و الوضوء الأول الظاهر أنه وضوء الصلاة و إعادته موافقة لمذهب الصدوق و حمل على الاستحباب و إعادة الصلاة لعدم المسح بالماء للحديث خلاف المشهور و الحمل على الاستحباب أيضا مشكل و قد مر الكلام فيه و نفي البأس في التغميض و النظر إلى السماء لا ينافي الكراهة فيهما كما مر. قوله ع هو نقص يدل على أن السكوت في أثناء الصلاة غير مبطل و حمل على القليل إذ المشهور أن الطويل الذي يخرج به عن كونه مصليا مبطل للصلاة عمدا و احتمل بعضهم كالشهيدين بطلان الصلاة به سهوا أيضا إذا أدى إلى إمحاء صورة الصلاة مطلقا كمن سكت ساعة أو ساعتين أو معظم اليوم و الكلام فيه كالكلام في الفعل الكثير. قوله ع أما القملة التعرض لحكم القملة و السكوت عن سائرها لأنها التي تؤذي الإنسان فلا بد له من دفعها فأمره بالإلقاء و الدفن دون القتل فيدل على كراهة قتلها كما ذكره الأصحاب و دلت عليه أخبار كثيرة. و أما سائرها فحكمها عدم التعرض لها أو جواز قتلها و يحتمل أن يكون المراد القملة و شبهها ليشمل الحلمة و النملة
كما روي في الفقيه بإسناده عن محمد بن مسلم أنه سأل أبا جعفر ع عن الرجل تؤذيه الدابة و هو يصلي قال يلقيها عنه إن شاء أو يدفنها في الحصى
و قد روي تجويز قتلها في الصحيح عن الحلبي أنه سأل أبا عبد الله ع عن الرجل يقتل البقة و البرغوث و القملة و الذباب في الصلاة أ ينقض ذلك صلاته و وضوءه قال لا
قوله ع يقول السلام عليك أي إن قال السلام عليك كما هو الشائع أو مطلقا كما مر و أما الإشارة بالإصبع فإما لخفائه و عدم سماع المسلم فيكون محمولا على التقية أو مع السماع أيضا تعبدا على سبيل الاستحباب و الأول أظهر
فقد روى شارح السنة من علماء العامة عن عبد الله قال كنت أسلم على رسول الله ص و هو في الصلاة فيرد علينا فلما قدمنا من عند النجاشي سلمنا فلم يرد فقيل له فقال إن في الصلاة لشغلا
ثم قال اختلف أهل العلم في رد السلام في الصلاة روي عن أبي هريرة أنه كان إذا سلم عليه في الصلاة رده حتى يسمع و عن جابر نحو ذلك و هو قول سعيد بن المسيب و الحسن و قتادة كانوا لا يرون به بأسا و أكثر الفقهاء على أنه لا يرد فلو رد بالسلام بطلت صلاته و يشير بيده
روي عن صهيب قال مررت برسول الله ص و هو يصلي فسلمت عليه فرد علي إشارة بإصبعه
و عن أبي عمر قال قلت لبلال كيف كان النبي ص يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه و هو في الصلاة قال كان يشير بيده و قال ابن عمر إنه يرد إشارة و قال أبو حنيفة لا يرد السلام و لا يشير و قال عطاء و النخعي و سفيان الثوري إذا انصرف من الصلاة رد السلام قال الخطابي و رد السلام بعد الخروج سنة و قد رد النبي ص على ابن مسعود بعد الفراغ من صلاته السلام و الإشارة حسنة انتهى. و العجب أن الشهيد قدس سره في النفلية عد الإشارة بإصبعه عند رد السلام من السنن و قال الشهيد الثاني في شرحه المستند ما روي أن النبي ص كان إذا سلم عليه أشار بيده و حمل على جواز الجمع بينهما مع إخفاء اللفظ لتكون الإشارة مؤذنة به انتهى و لا يخفى ما فيه بعد ما عرفت. قوله و تسكته أي بغير الكلام إما بالإرضاع فقط أو بالتحريك و شبهه أيضا
17- الخصال، عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عن أبيه قال لا تسلموا على المصلي لأن المصلي لا يستطيع أن يرد السلام لأن التسليم من المسلم تطوع و الرد فريضة
بيان الظاهر أن النهي عن التسليم محمول على التقية بقرينة التعليل فإنه أيضا محمول عليها كما عرفت و الحكمان مشهوران عندهم و يؤيده أيضا أن الراوي عامي
18- العيون، عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال رأيت الرضا ع إذا سجد يحرك ثلاث أصابع من أصابعه واحدة بعد واحدة تحريكا خفيفا كأنه يعد التسبيح ثم يرفع رأسه
بيان لعل العد للتعليم لا لاحتياجه ع إلى ذلك كما علمنا بذلك جوازه
19- معاني الأخبار، بإسناده عن أبي هريرة أن النبي ص أمر بقتل الأسودين في الصلاة قال معمر قلت ليحيى و ما معنى الأسودين قال الحية و العقرب
بيان الأسودان على التغليب كالعمرين قال في النهاية الأسود أخبث الحيات و أعظمها و هي من الصفة الغالبة حتى استعمل استعمال الأسماء و جمع جمعها و منه الحديث أمر بقتل الأسودين أي الحية و العقرب
20- قرب الإسناد، عن محمد بن خالد الطيالسي عن إسماعيل بن عبد الخالق قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يكون في الجماعة مع القوم يصلي المكتوبة فيعرض له رعاف كيف يصنع قال يخرج فإن وجد ماء قبل أن يتكلم فليغسل الرعاف ثم ليعد فليبن على صلاته
إيضاح قال في المنتهى لا يقطع الصلاة رعاف و لا قيء و لو جاءه الرعاف أزاله و أتم الصلاة ما لم يفعل ما ينافي الصلاة ذهب إليه علماؤنا لأنه ليس بناقض للطهارة على ما بيناه و الإزالة من مصلحة الصلاة فلا يبطلها لأن التقدير عدم الفعل الكثير ثم ذكر أخبارا كثيرة دالة عليه و ذكر خبرين معارضين حملهما على فعل المنافي أو الاحتياج إلى فعل كثير أو على الاستحباب
-21 المحاسن، عن إدريس بن الحسن عن يوسف بن عبد الرحمن قال قال أبو عبد الله ع من تأمل خلف امرأة فلا صلاة له قال يونس إذا كان في الصلاة
بيان حمل على نفي الكمال
22- المحاسن، عن أبيه عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي عبد الله ع قال سئل عن رجل صلى الفريضة فلما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الرابعة أحدث فقال أما صلاته فقد مضت و أما التشهد فسنة في الصلاة فليتوضأ و ليعد إلى مجلسه أو مكان نظيف فيتشهد
بيان يدل على مذهب الصدوق و مخالف للمشهور كما مر
23- المحاسن، عن محمد بن عيسى اليقطيني عن عبيد الله الدهقان عن درست عن ابن أذينة عن أبي جعفر ع قال لدغت رسول الله ص عقرب و هو يصلي بالناس فأخذ النعل فضربها ثم قال بعد ما انصرف لعنك الله فما تدعين برا و لا فاجرا إلا آذيتيه قال ثم دعا بملح جريش فدلك به موضع اللدغة ثم قال لو علم الناس ما في الملح الجريش ما احتاجوا معه إلى ترياق و لا إلى غيره
24- فقه الرضا، قال ع إن عطست و أنت في الصلاة أو سمعت عطسة فاحمد الله على أي حالة تكون و صل على النبي ص
تأييد قال في المنتهى يجوز للمصلي أن يحمد الله إذا عطس و يصلي على نبيه ص و أن يفعل ذلك إذا عطس غيره و هو مذهب أهل البيت ع و به قال الشافعي و أبو يوسف و أحمد و قال أبو حنيفة تبطل صلاته ثم قال و يجوز أن يحمد الله على كل نعمة
25- السرائر، نقلا من جامع البزنطي قال سألت الرضا ع عن الرجل يمسح جبهته من التراب و هو في صلاته قبل أن يسلم قال لا بأس قال و سألته عن رجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته قال إذا كانت الفريضة و التفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى و لا يعتد به و إن كانت نافلة فلا يقطع ذلك صلاته و لكن لا يعود
26- السرائر، نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن حسين بن عثمان عن ابن مسكان قال محمد بن إدريس و اسم ابن مسكان الحسين و هو ابن أخي جابر الجعفي غريق في الولاية لأهل البيت ع عن محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يسلم على القوم في الصلاة فقال إذا سلم عليك مسلم و أنت في الصلاة فسلم عليه تقول السلام عليك و أشر إليه بإصبعك
27- كتاب المسائل، عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل يكون في إصبعه أو في شيء من يده الشيء ليصلحه له أن يبله ببصاقه و يمسحه في صلاته قال لا بأس قال فسألته عن المرأة تكون في صلاتها قائمة يبكي ابنها إلى جنبها هل يصلح لها أن تتناوله و تحمله و هي قائمة قال لا تحمل و هي قائمة قال و سألته عن رجل وجد ريحا في بطنه فوضع يده على أنفه فخرج من المسجد متعمدا حتى خرجت الريح من بطنه ثم عاد إلى المسجد فصلى و لم يتوضأ أ يجزيه ذلك قال لا يجزيه ذلك حتى يتوضأ و لا يعتد بشيء مما صلى
بيان لا تحمل و هي قائمة يمكن أن يكون ذلك لاستلزام زيادة الركوع بناء على عدم اشتراط النية في ذلك و ظاهر بعض الأصحاب اشتراطها قال في الذكرى يجب أن يقصد بهويه الركوع فلو هوى بسجدة العزيمة أو غيرها في النافلة أو هوى لقتل حية أو لقضاء حاجة فلما انتهى إلى حد الراكع أراد أن يجعله ركوعا لم يجزه فيجب عليه الانتصاب ثم الهوي للركوع و لا يكون ذلك زيادة ركوع انتهى.
و روى الشيخ و الصدوق عن زكريا الأعور قال رأيت أبا الحسن ع يصلي قائما و إلى جانبه رجل كبير يريد أن يقوم و معه عصا له فأراد أن يتناولها فانحط أبو الحسن ع و هو قائم في صلاته فناول الرجل العصا ثم عاد إلى صلاته
و هذا يدل على الجواز و على الاشتراط المذكور و ذكر العلامة و الشهيد و غيرهما مضمون الرواية من غير رد. و يمكن الجمع بينهما بحمل هذا الخبر على الفريضة أو الكراهة و خبر الأعور على النافلة أو على الجواز و الأول أظهر و وضع اليد على الأنف لإيهام أنه خرج منه الدم لئلا يطلع الناس على خروج الريح منه فيفتضح بذلك و يمكن أن يستدل به على أنه لا يحسن إظهار المعايب و ليس إخفاؤها من الرياء المذموم و قد ورد هذا في طرق المخالفين و قال بعضهم هو نوع من الأدب في إخفاء القبيح و التورية بالأحسن عن الأقبح لا من الكذب و الرياء بل من التجمل و الحياء
-28 قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي و في كمه شيء من الطير قال إن خاف عليه ذهابا فلا بأس و سألته عن الرجل هل يصلح له أن يستدخل الدواء و يصلي و هو معه و هل ينقض الوضوء قال لا تنقض الوضوء و لا يصلي حتى يطرحه و سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي و في فيه الخرز و اللؤلؤ قال إن كان يمنعه من قراءته فلا و إن كان لا يمنعه فلا بأس قال و سألته عن الرجل يخطئ في التشهد و القنوت هل يصلح له أن يردده حتى يتذكر أو ينصت ساعة و يتذكر قال لا بأس أن يردد و ينصت ساعة حتى يتذكر و ليس في القنوت سهو و لا التشهد قال و سألته عن الرجل يخطئ في قراءته هل يصلح له أن ينصت ساعة و يتذكر قال لا بأس
بيان الظاهر أن المنع عن الصلاة مع الدواء لاحتمال فجأة الحدث أو لمنعه حضور القلب لا لكونه حاملا للنجاسة كما توهم فإن النجاسة في الباطن لا يخل بصحة الصلاة و أما الخرز فالظاهر أنه مع عدم منافاة القراءة لا خلاف في جواز كونه في الفم قال في التذكرة لو كان في فمه شيء لا يذوب صحت صلاته إن لم يمنع القراءة و أما اللؤلؤ فيدل على جواز الصلاة معه ردا لمن توهم كونه جزء من الحيوان الذي لا يؤكل لحمه و قد مر الكلام فيه و يدل على جواز تكرير القراءة و الأذكار لتذكر ما بعده و استشكل في القراءة لتوهم القرآن و سيأتي أن مثل ذلك ليس بداخل في القرآن المنهي عنه و قد مر تكرير بعض الآيات من بعضهم ع و كذا يدل تجويز الصمت في أثناء القراءة و الذكر و حمل على ما إذا لم يخرج من كونه قارئا أو مصليا و قد تقدم القول فيه
29- العياشي، عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن ع في قول الله لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى قال هذا قبل أن يحرم الخمر
30- أربعين الشهيد، بإسناده عن الشيخ عن ابن أبي حميد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر ع قال سلم عمار على رسول الله ص في الصلاة فرد عليه ثم قال أبو جعفر ع إن السلام اسم من أسماء الله عز و جل
بيان ظاهره أن السلام الداخل في التسليم يراد به اسمه تعالى و قد دل عليه غيره من الأخبار أيضا قال في النهاية التسليم مشتق من السلام اسم الله تعالى لسلامته من العيب و النقص و قيل معناه أن الله مطلع عليكم فلا تغفلوا و قيل معناه اسم السلام عليكم أي اسم الله عليكم إذ كان اسم الله تعالى يذكر على الأعمال توقعا لاجتماع معاني الخيرات فيه و انتفاء عوارض الفساد عنه و قيل معناه سلمت مني فاجعلني أسلم منك من السلامة بمعنى السلام انتهى و الغرض من ذلك إما أنه ذكر الله تعالى لاشتماله على الاسم أو أنه دعاء لذلك
31- الذكرى، قال روى البزنطي عن الباقر ع قال إذا دخلت المسجد و الناس يصلون فسلم عليهم و إذا سلم عليك فاردد فإني أفعله فإن عمار بن ياسر مر على رسول الله ص و هو يصلي فقال السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته فرد عليه السلام
32- كتاب مثنى بن الوليد، قال كنت جالسا عند أبي عبد الله ع فقال له ناجية أبو حبيب الطحان أصلحك الله إني أكون أصلي بالليل النافلة فأسمع من الرغاء ما أعلم أن الغلام قد نام عنها فأضرب الحائط لأوقظه قال نعم و ما بأس بذلك أنت رجل في طاعة ربك تطلب رزقك إن الفضل بن عباس صلى بقوم و سمع رجلا خلفه يفرقع إصبعه فلم يزل يغيظ حتى انفتل فلما انفتل قال أيكم عبث بإصبعه قال صاحبها أنا فقال قال له سبحان الله أ لا كففت عن إصبعك فإن صاحب الصلاة إذا كان قائما فيها كان كمودع لها لا تعد إلى مثلها أبدا صل صلاة مودع لا ترجع إلى مثلها أبدا أ تدري من تناجي لا تعد إلى مثل ذلك
33- دعائم الإسلام، عن علي صلوات الله عليه قال من تكلم في صلاته أعاد
و عنه ع قال كنت إذا جئت النبي ص استأذنت فإن كان يصلي سبح فعلمت فدخلت و إن لم يكن يصلي أذن لي فدخلت
و عن جعفر بن محمد ع أنه سئل عن الرجل يريد الحاجة و هو في الصلاة قال يسبح
و عنه ع قال الضحك في الصلاة يقطع الصلاة فأما التبسم فلا يقطعها
و عنه ع قال في الرجل يريد الحاجة و هو في الصلاة يسبح أو يشير أو يومئ برأسه و لا يلتفت و إذا أرادت المرأة الحاجة و هي في الصلاة صفقت بيديها
و عن رسول الله ص أنه نهى عن النفخ في الصلاة
و عن جعفر بن محمد ع أنه نهى أن ينفخ الرجل في موضع سجوده في الصلاة
و عن علي ع قال إذا تنخم أحدكم فليحفر لها و يدفنها تحت رجليه يعني إذا وقف على الحصى أو على الرمل أو ما أشبه ذلك
و عن رسول الله ص أنه نهى عن النخامة في القبلة و إنه ص نظر إلى نخامة في قبلة المسجد فلعن صاحبها و كان غائبا فبلغ ذلك امرأته فأتت فحكت النخامة و جعلت مكانها خلوقا فأثنى رسول الله ص عليها خيرا لما حفظت من أمر زوجها
و عن جعفر بن محمد ع في الرجل تؤذيه الدابة و هو يصلي قال يلقيها عنه و يدفنها في الحصى و سئل عن الرجل يرى العقرب أو الحية و هو في الصلاة قال يقتلها
و عن علي ع أنه قال نهاني رسول الله ص عن أربع عن تقليب الحصى في الصلاة و أن أصلي و أنا عاقص رأسي من خلفي و أن أحتجم و أنا صائم و أن أخص يوم الجمعة بالصوم
بيان عقص الشعر جمعه في وسط الرأس و ظفره و ليه كما ذكره الأصحاب و في النهاية أصل العقص اللي و إدخال أطراف الشعر في أصوله و منه حديث ابن عباس الذي يصلي و رأسه معقوص كالذي يصلي و هو مكتوف أراد أنه إذا كان شعره منثورا سقط على الأرض عند السجود فيعطى صاحبه ثواب السجود به و إذا كان معقوصا صار في معنى ما لم يسجد و شبهه بالمكتوف و هو المشدود اليدين لأنهما لا يقعان على الأرض في السجود انتهى. و اختلف الأصحاب في حكمه فذهب الشيخ و جماعة من الأصحاب إلى التحريم و استدل عليه بإجماع الفرقة
و برواية مصادف عن أبي عبد الله ع في رجل صلى صلاة فريضة و هو معقوص الشعر قال يعيد صلاته
و هو استدلال ضعيف لمنع الإجماع و ضعف الرواية و لا يبعد حملها على التقية و ذهب المحقق و أكثر الأصحاب إلى الكراهة و هو أقوى و على التقديرين الحكم مختص بالرجال و أما النساء فلا كراهة و لا تحريم في حقهن إجماعا و أما صوم يوم الجمعة فسيأتي الكلام فيه
34- الدعائم، عن جعفر بن محمد ع أنه سئل عن الرجل يعد الآي في الصلاة قال ذلك أحصى للقرآن
و عن علي ع قال إذا عطس أحدكم في الصلاة فليعطس كعطاس الهر رويدا
و عن جعفر بن محمد ع أنه قال من عطس في الصلاة فليحمد الله و ليصل على النبي سرا في نفسه
و عنه ع أنه رخص في مسح الجبهة من التراب في الصلاة و نهى أن يغمض المصلي عينيه و هو في الصلاة و أن يتورك في الصلاة و هو أن يجعل المصلي يديه على وركيه
و عنه ع أنه سئل عن سكران صلى و هو سكران قال يعيد الصلاة
35- مشكاة الأنوار، عن الباقر ع قال لا تسلموا على اليهود و النصارى و لا على المجوس و لا على عبدة الأوثان و لا على موائد شراب الخمر و لا على صاحب الشطرنج و النرد و لا على المخنث و لا على الشاعر الذي يقذف المحصنات و لا على المصلي و ذلك أن المصلي لا يستطيع أن يرد السلام لأن التسليم من المسلم تطوع و الرد عليه فريضة و لا على آكل الربا و لا على رجل جالس على غائط و لا على الذي في الحمام و لا على الفاسق المعلن بفسقه
36- مجمع الدعوات، عن إسحاق بن محمد بن مروان الكوفي عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن خالد بن سعيد عن عامر الشعبي عن عدي بن حاتم قال دخلت على أمير المؤمنين ع فوجدته قائما يصلي متغيرا لونه فلم أر مصليا بعد رسول الله ص أتم ركوعا و لا سجودا منه فسعيت نحوه فلما سمع بحسي أشار إلي بيده فوقفت حتى صلى ركعتين أوجزهما و أكملهما ثم سلم ثم سجد سجدة أطالها الخبر
37- كتاب عاصم بن حميد، عن أبي بصير و محمد بن مسلم قالا سألنا أبي جعفر ع عن الرجل يدخل المسجد فيسلم و الناس في الصلاة قال يردون ع قال ثم قال إن عمار بن ياسر دخل على رسول الله ص و هو في الصلاة فسلم فرد رسول الله ص عليه
تكملة
ذكر الأصحاب بعض مبطلات الصلاة منها ما ذكر في ضمن الأخبار و منها ما لم يذكر فمنها التكلم بحرفين فصاعدا و نقل الإجماع عليه و قد ظهر من كثير من الأخبار السابقة بعضها صريحا و بعضها تلويحا حيث جوزوا الأفعال لإعلام الغير و لو كان الكلام جائزا لم يحتج إلى ذلك و كان أولى. و أجمعوا ظاهرا على عدم البطلان بالحرف الواحد غير المفهم و إن شمله بعض الإطلاقات و الأحوط الترك و أما الواحد المفهم كع و ق فالأكثر على إبطاله كما هو الأظهر و استشكل العلامة في التذكرة فيه. و أما التنحنح فالظاهر عدم كونه مبطلا كما صرح به جماعة لعدم صدق التكلم عليه لغة و عرفا و يدل على جوازه موثقة عمار و قال في المنتهى لو تنحنح بحرفين و سمي كلاما بطل صلاته و هذا الفرض مستبعد بل يمكن ادعاء استحالته إلا أن ينضم إليه كلام آخر. و كذا الكلام في التأوه بحرفين و حكم الأكثر فيه بالإبطال و هو محل نظر إلا أن يصدق عليه الكلام عرفا و لو تأوه كذلك خوفا من النار ففي البطلان وجهان و اختار المحقق في المعتبر عدمه استنادا إلى أن ذلك منقول عن كثير من الصلحاء في الصلاة قال و وصف إبراهيم بذلك يؤذن بجوازه و كذا الأنين بحرفين مبطل على المشهور و يدل عليه رواية طلحة بن زيد و لا فرق عند الأصحاب في الإبطال بين كون الكلام لمصلحة الصلاة أو لمصلحة أخرى و يفهم من المعتبر و المنتهى كونه إجماعيا و ذكر العلامة في النهاية عدم الإبطال و هو نادر و إشارة الأخرس غير مبطل لأنها ليست بكلام و فيه وجه ضعيف بالبطلان. ثم اعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في أن الكلام إنما يبطل إذا كان عمدا فلو تكلم سهوا لم يبطل و يلزم سجدتا السهو كما سيأتي و لو ظن إتمام الصلاة فتكلم لم تفسد صلاته على المشهور بين الأصحاب و ذهب الشيخ في النهاية إلى البطلان و الأول أقرب لدلالة الأخبار الكثيرة عليه و لو تكلم مكرها فالظاهر البطلان و تردد في المنتهى ثم اختار الإبطال. و منها الأكل و الشرب و ذهب جماعة منهم الشيخ في الخلاف و المبسوط إلى الإبطال و منعه المحقق في المعتبر و طالبه بالدليل على ذلك و استقرب عدم البطلان إلا مع الكثرة و اختاره جماعة من المتأخرين و لا يخلو من قوة قال في المنتهى و لو ترك في فيه شيئا يذوب كالسكر فذاب فابتلعه لم يفسد صلاته عندنا و عند الجمهور لأنه ليس أكلا أما لو بقي بين أسنانه شيء من بقايا الغذاء فابتلعه في الصلاة لم تفسد صلاته قولا واحدا لأنه لا يمكن التحرز عنه و كذا لو كان في فيه لقمة و لم يبلعها إلا في الصلاة لأنه فعل قليل انتهى. و لو وضع في فيه لقمة و مضغها و ابتلعها أو تناول قلة فشرب منها فقال العلامة في التذكرة و النهاية إنه مبطل و نقل في المنتهى إجماع الأصحاب على عدم بطلان الصلاة بالأكل و الشرب ناسيا. و استثنى القائلون بالمنع الشرب في صلاة الوتر لمريد الصوم و خائف العطش فيه.
لرواية سعيد الأعرج قال قلت لأبي عبد الله ع إني أبيت و أريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدعاء و أشرب و أكره أن أصبح و أنا عطشان و أمامي قلة بيني و بينها خطوتين أو ثلاثة قال ع تسعى إليها و تشرب منها حاجتك و تعود إلى الدعاء
و استقرب في المنتهى اعتبار القلة هاهنا و حمل الرواية عليها و يفهم منه أن الفعل الكثير قادح في النوافل أيضا و هو ظاهر إطلاقاتهم و قد تردد فيه بعض المتأخرين نظرا إلى ما دل على اختلاف حكم الفريضة و النافلة و وقوع المساهلة التامة فيها مثل فعلها جالسا و راكبا و ماشيا إلى غير القبلة و بدون السورة و الأحوط عدم إيقاع ما لم يرد فيه نص بالخصوص. و منها البكاء للأمور الدنيوية كذهاب مال أو فوت محبوب ذهب الشيخان و جماعة إلى بطلان الصلاة به و لا يعلم فيه مخالف من القدماء و توقف فيه بعض المتأخرين لضعف مستنده و أجيب أن ضعفه منجبر بالشهرة و الأحوط الاجتناب و هذا إذا كان البكاء لأمور الدنيا و أما البكاء خشية من الله تعالى أو حبا له أو ندامة على ما صدر منه من الزلات فهو من أعظم القربات كما يدل عليه الروايات. ثم اعلم أن الأصحاب أطلقوا البكاء للأمور الدنيوية و هو يشتمل ما إذا كان لطلبها أيضا و الظاهر أنه أيضا من الطاعات كما يظهر من الأخبار فالأصوب تخصيصه بالبكاء لفقدها
كما ورد في الخبر حيث قال سألت أبا عبد الله ع عن البكاء في الصلاة أ يقطع الصلاة قال إن بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال في الصلاة و إن كان لذكر ميت له فصلاته فاسدة
حيث خص البطلان بما هو من قبيل فقد شيء. فإن قيل مفهوم الجزء الأول من الخبر يدل على أن ما لم يكن من الأمور الأخروية يكون مبطلا قلت مفهومه يدل على أن ما لم يكن كذلك ليس أفضل الأعمال و عدم كونه كذلك لا يستلزم الإبطال. و قال الشهيد الثاني ره اعلم أن البكاء المبطل للصلاة هو المشتمل على الصوت لا مجرد خروج الدمع مع احتمال الاكتفاء به في البطلان و وجه الاحتمالين اختلاف معنى البكاء مقصورا و ممدودا و الشك في إرادة أيهما من الأخبار قال الجوهري البكاء يمد و يقصر فإذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء و إذا قصرت أردت الدموع و خروجها انتهى. و هذا الفرق لا يظهر من كلام غيره من اللغويين و العرف لا يفرق بينهما و الظاهر من كلام الأصحاب الأعم فالأحوط تركهما و لو عرض بغير اختيار فالأحوط الإتمام ثم الإعادة و الله تعالى يعلم و حججه حقائق الأحكام