الآيات البقرة وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ آل عمران يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ. تفسير القنوت يطلق في اللغة على خمسة معان الدعاء و الطاعة و السكون و القيام في الصلاة و الإمساك عن الكلام ذكره في القاموس و ذكر ابن الأثير معاني أخرى كالخشوع و الصلاة و العبادة و القيام و طول القيام و قال الجوهري القنوت الطاعة هذا هو الأصل و منه قوله تعالى الْقانِتِينَ وَ الْقانِتاتِ ثم سمى القيام في الصلاة قنوتا و قريب منه كلام ابن فارس و هو في اصطلاح الفقهاء الدعاء في أثناء الصلاة في محل معين سواء كان معه رفع اليدين أم لا و ربما يطلق على الدعاء مع رفع اليد. ثم إن المشهور بين الأصحاب استحبابه و قال الصدوق في الفقيه سنة واجبة من تركه عمدا أعاد و نقل عن ظاهر ابن أبي عقيل القول بوجوبه في الصلوات الجهرية و الأول لعله أقوى. و استدل بالآية الأولى على مذهب الصدوق و يرد عليه أن القنوت جاء في اللغة لمعان فيجوز أن يكون المراد به في الآية الطاعة أو غيرها من المعاني المتقدمة فلا يختص بالدعاء و لو سلم أن المراد به الدعاء فيمكن أن يراد به الدعاء الذي يتحقق في ضمن القراءة لأن الفاتحة مشتملة على الدعاء فلا دلالة في الآية على الدعاء المخصوص على أن الاختصاص بالصلاة الوسطى قائم كما مر في الخبر أيضا فيحتاج إلى التمسك بعدم القائل بالفصل و في إثباته عسر. و المفسرون أيضا اختلفوا في تفسيره قال في مجمع البيان قال ابن عباس معناه داعين و القنوت هو الدعاء في الصلاة حال القيام و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع و قيل طائعين و قيل خاشعين و قيل ساكنين و قال في الكشاف قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ذاكرين الله في قيامكم و القنوت أن تذكر الله قائما و عن عكرمة كانوا يتكلمون في الصلاة فنهوا و قال مجاهد هو الركود و كف الأيدي و البصر و روي أنه إذا قام أحدهم إلى الصلاة هاب الرحمن أن يمد بصره أو يلتفت أو يقلب الحصى أو يحدث نفسه بشيء من أمور الدنيا. و كذا الكلام في الآية الثانية و تزيد على الأولى بأنها متعلقة بالأمم السالفة قال الطبرسي ره اقْنُتِي لِرَبِّكِ أي اعبديه و أخلصي له العبادة عن ابن جبير و قيل معناه أديمي الطاعة له و قيل أطيلي القيام في الصلاة
1- العيون، و العلل، عن عبد الواحد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان في العلل التي رواها عن الرضا ع فإن قال فلم جعل الدعاء في الركعة الأولى قبل القراءة و لم جعل في الركعة الثانية القنوت بعد القراءة قيل لأنه أحب أن يفتح قيامه لربه و عبادته بالتحميد و التقديس و الرغبة و الرهبة و يختمه بمثل ذلك و يكون في القيام عند القنوت بعض الطول فأحرى أن يدرك المدرك الركوع فلا تفوته الركعتان في الجماعة
-2 العيون، بالإسناد المتقدم عن الفضل فيما كتب الرضا ع للمأمون من شرائع الدين قال ع و القنوت سنة واجبة في الغداة و الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة
3- الخصال، عن ستة من مشايخه رضي الله عنهم عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله عن تميم بن بهلول عن أبي معاوية عن الأعمش عن الصادق ع قال القنوت في جميع الصلوات سنة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع و بعد القراءة و قال فرائض الصلاة سبع الوقت و الطهور و التوجه و القبلة و الركوع و السجود و الدعاء
بيان قد عرفت أنه لا يمكن الاستدلال بالسنة على الاستحباب و لا بالوجوب على المعنى المصطلح لشيوع استعمال الأول فيما ظهر من السنة واجبا كان أم ندبا و الثاني في السنن الأكيدة في الأخبار و قد يستدل بالجزء الأخير على وجوبه بحمل الدعاء على القنوت و قد عرفت احتمال كون المراد به قراءة الفاتحة لاشتمالها على الدعاء و لذا تسمى سورة الدعاء أيضا مع أنه يمكن حمل الفرض على ما يشمل السنة المؤكدة لوجود المعارض و الأحوط عدم الترك. ثم إن الخبر يدل على كون القنوت قبل الركوع كما هو المشهور بين الأصحاب و حكى العلامة في المنتهى اتفاق الأصحاب عليه و يظهر من المحقق في المعتبر الميل إلى التخيير بين فعله قبل الركوع و بعده و إن كان الأول أظهر
لما رواه الشيخ عن أبي جعفر ع قال القنوت قبل الركوع و إن شئت بعده
و في سند الرواية ضعف و المشهور أقوى و أحوط و الظاهر أن قنوت الوتر أيضا قبل الركوع و يستحب الدعاء أيضا بعده فيها لرواية وردت فيه و سماه في المعتبر قنوتا و العلامة في المنتهى جوز قنوت الوتر قبل الركوع و بعده و فيه نظر و الأولى إما الجمع بينهما أو الاكتفاء بما قبل الركوع و سيأتي حكم قنوت الجمعة
4- تحف العقول، عن الرضا ع فيما كتب للمأمون قال كل القنوت قبل الركوع و بعد القراءة
5- كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن رجل نسي القنوت حتى ركع ما حاله قال ع تمت صلاته و لا شيء عليه
بيان المشهور بين الأصحاب استحباب القنوت بعد الركوع لمن نسيه قبله و قال في المنتهى لا خلاف عندنا في استحباب الإتيان بالقنوت بعد الركوع مع نسيانه قبله و أما أنه هل هو أداء أو قضاء ففيه تردد ثم قرب كونه قضاء. و الظاهر أنه لا حاجة إلى نية الأداء و القضاء و هذا الخبر إنما يدل على عدم وجوب القضاء و لعله لم يقل به أحد و لا ينافي استحبابه مع ورود الأخبار الكثيرة به و لو لم يذكره بعد الركوع أيضا استحب قضاؤه بعد الصلاة كما ذكره الأكثر و دلت عليه الرواية و احتمال الأداء هنا ضعيف جدا
6- الإحتجاج، كتب الحميري إلى القائم ع يسأله عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه أن يرد يديه على وجهه و صدره للحديث الذي روي أن الله عز و جل أجل من أن يرد يدي عبده صفرا بل يملؤها من رحمته أم لا يجوز فإن بعض أصحابنا ذكر أنه عمل في الصلاة فأجاب ع رد اليدين من القنوت على الرأس و الوجه غير جائز في الفرائض و الذي عليه العمل فيه إذا رجع يده في قنوت الفريضة و فرغ من الدعاء أن يرد بطن راحتيه مع صدره تلقاء ركبتيه على تمهل و يكبر و يركع و الخبر صحيح و هو في نوافل النهار و الليل دون الفرائض و العمل به فيها أفضل
إيضاح هذا التفصيل لم أره في كلام الأصحاب بل قال الأكثر بعدم استحباب مسح الوجه بعده و قال بعضهم باستحبابه مطلقا قال في المنتهى هل يستحب أن يمسح وجهه بيديه عند الفراغ من الدعاء قيل نعم و لم يثبت و قال في الذكرى و يمسح وجهه بيديه و يمرهما على لحيته و صدره قاله الجعفي و هو مذهب بعض العامة انتهى و الأحوط تركه في المكتوبة للرواية من غير معارض
7- مجالس الصدوق، عن أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان عن أبي أيوب عن أبي بصير عن الصادق عن آبائه ع عن أبي ذر رحمه الله قال قال رسول الله ص أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف
ثواب الأعمال، عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري عن علي بن إسماعيل عن صفوان مثله
8- الخصال، عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن الأشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن ابن بزيع رفعه إلى أبي جعفر ع قال سبعة مواطن ليس فيها دعاء موقت الصلاة على الجنازة و القنوت و المستجار و الصفا و المروة و الوقوف بعرفات و ركعتي الطواف
الهداية، مرسلا مثله
9- معاني الأخبار، و الخصال، في خبر أبي ذر رحمه الله أنه سأل النبي ص أي الصلاة أفضل قال طول القنوت
10- العيون، عن جعفر بن نعيم بن شاذان عن عمه محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان عن ابن بزيع قال سألت الرضا ع عن القنوت في الفجر و الوتر قال قبل الركوع
أقول قد مضى في خبر رجاء بن أبي الضحاك القنوت في الصلوات و قنوت الوتر و قال كان قنوت الرضا ع في جميع صلواته رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ و تجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأجل الأكرم
11- مجالس ابن الشيخ، عن ابن الصلت عن ابن عقدة عن القاسم بن جعفر بن أحمد عن عباد بن أحمد القزويني عن عمه عن أبيه عن جابر عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة عن عمر و أبي بكر و علي و عبد الله بن العباس قال كلهم قنت في الفجر و عثمان أيضا قنت في الفجر
و منه بالإسناد عن عباد عن عمه عن أبي المجالد عن زيد بن وهب عن أبي المنذر الجهني عن النبي ص قال لا تنسين الاستغفار في صلاتك فإنها ممحاة للخطايا بإذن الله
12- المحاسن، عن أبيه عن محمد بن إسماعيل رفعه إلى أبي عبد الله ع قال قال النبي ص لعلي ع عليك برفع يديك إلى ربك و كثرة تقلبهما
و منه عن أبيه عن أبي إسماعيل قال سأل رجل شريكا و نحن حضور فقال ما تقول في رجل على باب داره مسجد لا يقنت فيه و وراء ذلك المسجد مسجد يقنت فيه قال يأتي المسجد الذي يقنت فيه فقال ما تقول في رجل يرى القنوت فسها و لم يقنت قال يسجد سجدتي السهو فقال ما تقول في رجل لم ير القنوت فيها فقنت فضحك و قال هذا رجل سها فأصاب
13- فقه الرضا، قال ع اقنت في أربع صلوات الفجر و المغرب و العتمة و صلاة الجمعة و القنوت كلها قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة و أدنى القنوت ثلاث تسبيحات و سألت العالم ع عن القنوت يوم الجمعة إذا صليت وحدي أربعا فقال نعم في الركعة الثانية خلف القراءة فقلت أجهر فيها بالقراءة فقال نعم
14- العياشي، عن زرارة عن أبي جعفر ع في قوله قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ قال مطيعين راغبين
و منه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع في قوله قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ قال إقبال الرجل على صلاته و محافظته على وقتها
و في رواية سماعة قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ قال هو الدعاء
15- السرائر، نقلا من كتاب حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال القنوت كلها جهار
بيان قال في الذكرى يستحب الجهر في القنوت في الجهرية و الإخفاتية للرواية الصحيحة و قال الجعفي و المرتضى رحمهما الله أنه تابع للصلاة في الجهر و الإخفات لعموم صلاة النهار عجماء و صلاة الليل جهر قلنا الخاص مقدم و قال ابن الجنيد يستحب أن يجهر به الإمام ليؤمن من خلفه على دعائه فإن أراد لفظ آمين فسيأتي أنه مبطل و إن أراد الدعاء بالاستجابة فلا بأس و هل يسر به المأموم الأقرب نعم لعموم قول الصادق ع ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول و لا ينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا مما يقول انتهى. أقول بين الخبرين عموم من وجه فليس أحدهما أولى بالتخصيص من الآخر إلا أن يقال أخبار عدم إسماع المأموم أكثر و الله يعلم
16- السرائر، نقلا من نوادر محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي إسحاق ثعلبة عن عبد الله بن هلال قال قلت لأبي عبد الله ع إن حالنا قد تغيرت قال فادع في صلاتك الفريضة قلت أ يجوز في الفريضة فأسمي حاجتي للدين و الدنيا قال نعم فإن رسول الله ص قد قنت و دعا على قوم بأسمائهم و أسماء آبائهم و عشائرهم و فعله علي ع من بعده
17- رجال الكشي، عن محمد بن الحسن البراثي عن أبي علي الفارسي عن إبراهيم بن عقبة قال كتبت إلى العسكري ع جعلت فداك قد عرفت هؤلاء الممطورة فأقنت عليهم في الصلاة قال نعم اقنت عليهم في صلاتك
و منه عن حمدويه عن محمد بن عيسى عن إبراهيم مثله إيضاح قال في الذكرى يجوز الدعاء فيه للمؤمنين بأسمائهم و الدعاء على الكفرة و المنافقين لأن النبي ص دعا في قنوته لقوم بأعيانهم و على آخرين بأعيانهم كما روي أنه قال اللهم أنج الوليد بن الوليد و سلمة بن هشام و عياش بن ربيعة و المستضعفين من المؤمنين و اشدد وطأتك على مضر و رعل و ذكوان و قنت أمير المؤمنين ع في صلاة الغداة فدعا على أبي موسى و عمرو بن العاص و معاوية و أبي الأعور و أشياعهم قاله ابن أبي عقيل انتهى. و الممطورة هم الواقفية لقبوا بذلك لأنهم لكثرة ضررهم على الشيعة و افتتانهم بهم كانوا كالكلاب التي أصابها المطر و ابتلت و مشت بين الناس فلا محالة يتنجس الناس بها فكذلك هؤلاء في اختلاطهم بالإمامية و افتتانهم بهم
18- جامع البزنطي، نقلا من خط بعض الأفاضل عن جميل عن زرارة عن أبي جعفر ع قال تقول في القنوت اللهم اغفر لي و ارحمني و عافني إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
19- مجمع البيان، في تفسير قوله تعالى وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا
روي عن محمد بن مسلم و زرارة و حمران عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أن التبتل هنا رفع اليدين في الصلاة
و في رواية أبي بصير قال هو رفع يديك إلى الله و تضرعك إليه
20- الهداية، المواطن التي ليس فيها دعاء موقت الصلاة على الجنازة و القنوت و المستجار و الصفا و المروة و الوقوف بعرفات و ركعتي الطواف
21- أربعين الشهيد، بإسناده عن الصدوق عن المظفر العلوي عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه عن محمد بن نمير عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع في قول الله فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ قال التضرع رفع اليدين بالدعاء
بيان قال في الذكرى في آداب القنوت يستحب رفع اليدين به تلقاء وجهه مبسوطتين يستقبل ببطونهما السماء و بظهورهما الأرض قاله الأصحاب و
روى عبد الله بن سنان عن الصادق ع و ترفع يديك حيال وجهك و إن شئت تحت ثوبك و تتلقى بباطنهما السماء
و قال المفيد يرفع يديه حيال صدره و حكى في المعتبر قولا بجعل باطنهما إلى الأرض و تفرق الإبهام عن الأصابع قاله ابن إدريس و يستحب نظره إلى بطونهما ذكره الجماعة و يجوز ترك الرفع للتقية انتهى. و أقول
روي في الكافي هذا الخبر بسند آخر صحيح عن محمد بن مسلم هكذا قال الاستكانة هي الخضوع و التضرع رفع اليدين و التضرع بهما
و بسند آخر عن أبي عبد الله ع قال الرغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء و الرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء و قوله وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا قال الدعاء بإصبع واحدة تشير بها و التضرع تشير بإصبعيك و تحركهما و الابتهال رفع اليدين و تمدهما و ذلك عند الدمعة ثم ادع
و في رواية أخرى عنه ع قال ذكر الرغبة و أبرز باطن راحتيه إلى السماء و هكذا الرهبة و جعل ظهر كفيه إلى السماء و هكذا التضرع و حرك أصابعه يمينا و شمالا و هكذا التبتل و يرفع أصابعه مرة و يضعها مرة و هكذا الابتهال و مد يديه تلقاء وجهه إلى القبلة و لا يبتهل حتى تجري الدمعة
و بسند صحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول مر بي رجل و أنا أدعو في صلاتي بيساري فقال يا أبا عبد الله بيمينك فقلت يا عبد الله إن لله تبارك و تعالى حقا على هذه كحقه على هذه و قال الرغبة تبسط يديك و تظهر باطنهما و الرهبة تبسط يديك و تظهر ظهرهما و التضرع تحرك السبابة اليسرى ترفعها إلى السماء رسلا و تضعها و الابتهال تبسط يدك و ذراعك إلى السماء و الابتهال حين ترى أسباب البكاء
و في رواية أخرى عن أبي بصير عنه ع قال سألته عن الدعاء و رفع اليدين فقال على أربعة أوجه أما التعوذ فتستقبل القبلة بباطن كفيك و أما الدعاء في الرزق فتبسط كفيك و تفضي بباطنهما إلى السماء و أما التبتل فإيماؤك بإصبعك السبابة و أما الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك و دعاء التضرع أن تحرك إصبعك السبابة مما يلي وجهك و هو دعاء الخيفة
و أقول سيأتي سائر الأخبار في ذلك مع أسرار تلك الإشارات في كتاب الدعاء و الظاهر جواز إعمالها في قنوت الصلاة كما يدل عليه بعض الأخبار
22- الذكرى، قال روى علي بن إسماعيل الميثمي في كتابه بإسناده إلى الصادق ع صل يوم الجمعة الغداة بالجمعة و الإخلاص و اقنت في الثانية بقدر ما قمت في الركعة الأولى
و منه ورد عنهم ع أفضل الصلاة ما طال قنوتها
23- فلاح السائل، قال يقول في قنوته لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع و ما فيهن و ما بينهن و ما تحتهن و رب العرش العظيم وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
24- المقنعة، إذا فرغ من قراءة السورة بعد الحمد رفع يديه بالتكبير ثم قلبهما فجعل باطنهما إلى السماء و ظاهرهما إلى الأرض و قنت فقال لا إله إلا الله الحليم الكريم و ساق مثله إلا أنه أسقط الرب قبل الأرضين و ما تحتهن و زاد اللهم صل على محمد و آل محمد و عافني و اعف عني و آتني فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً و قني برحمتك عذاب النار و يدعو بما أحب
المهذب، لابن البراج مثله إلا أن فيه و عافني و اغفر لي و اعف بيان وردت كلمات الفرج بطرق مختلفة قد سبق بعضها في كتاب الجنائز و في رواية أبي بصير في قنوت الجمعة لا إله إلا الله رب السماوات مكان سبحان الله و كذا في المصباح أيضا و ليس في الرواية و في بعض نسخ المصباح و ما تحتهن و في بعض نسخه و هو رب العرش و ليس في الرواية و لا في المصباح وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ و الأحوط تركه و قد ورد النهي عن قوله في قنوت الجمعة عن أبي الحسن الثالث كما سيأتي في باب صلاة الجمعة إن شاء الله. و قال في الذكرى و يجوز أن يقول فيها هنا وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ذكر ذلك جماعة من الأصحاب منهم المفيد و ابن البراج و ابن زهرة و سئل عنه الشيخ نجم الدين في الفتاوي فجوزه لأنه بلفظ القرآن و لورود النقل انتهى. أقول قد عرفت خلو ما وصل إلينا من النصوص عنه ثم إن الأصحاب ذكروا أن أفضل القنوت كلمات الفرج و لم أره مرويا إلا في قنوت الجمعة و قنوت الوتر و نسبه بعضهم إلى الرواية. قال في الذكرى أفضل ما يقال فيه كلمات الفرج قال ابن إدريس و روي أنها أفضله و قد ذكره الأصحاب و في المبسوط و المصباح هي أفضل
و روى سعد بن أبي خلف عن الصادق ع قال يجزيك في القنوت اللهم اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنا في الدنيا و الآخرة إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
و في النهاية أدناه رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ و تجاوز عما تعلم إنك الأعز الأكرم
و عن أبي بصير قال سألته عن أدنى القنوت فقال خمس تسبيحات
و قال ابن أبي عقيل و الجعفي و الشيخ أقله ثلاث تسبيحات.
و اختار ابن أبي عقيل الدعاء بما روي عن أمير المؤمنين ع في القنوت اللهم إليك شخصت الأبصار و نقلت الأقدام و رفعت الأيدي و مدت الأعناق و أنت دعيت بالألسن و إليك سرهم و نجواهم في الأعمال رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا و قلة عددنا و كثرة عدونا و تظاهر الأعداء علينا و وقوع الفتن بنا ففرج ذلك اللهم بعدل تظهره و إمام حق تعرفه إله الحق آمين رب العالمين
قال و بلغني أن الصادق ع كان يأمر شيعته أن يقنتوا بهذا بعد كلمات الفرج قال ابن الجنيد و أدناه رب اغفر و ارحم و تجاوز عما تعلم قال و الذي استحب فيه ما يكون فيه حمد الله و ثناء عليه و الصلاة على رسول الله ص و الأئمة صلوات الله عليهم و أن يتخير لنفسه من الدعاء و للمسلمين ما هو مباح له انتهى. و أقول ليس آمين في هذا الدعاء في سائر الروايات كما سيأتي و الأحوط تركه لما عرفت ثم اعلم أنه منع سعد بن عبد الله من الدعاء في القنوت بالفارسية و جوزه الصفار و اختاره ابن بابويه و الشيخ في النهاية و غيرهما و الأحوط عدم الإتيان به بغير العربية و إن كان الجواز لا يخلو من قوة
25- العيون، تميم بن عبد الله القرشي عن أبيه عن أحمد بن علي الأنصاري عن رجاء بن أبي الضحاك فيما ذكر من عمل الرضا ع في طريق خراسان قال كان ع إذا زالت الشمس قام فصلى ست ركعات و يسلم في كل ركعتين و يقنت فيهما في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة إلى أن قال ثم يقيم و يصلي الظهر إلى أن قال ثم سجد سجدة الشكر فإذا رفع رأسه قام فصلى ست ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد و قل هو الله أحد و يسلم في كل ركعتين و يقنت في ثانية كل ركعتين قبل الركوع و بعد القراءة ثم يؤذن ثم يصلي ركعتين و يقنت في الثانية إلى قوله فإذا غابت الشمس توضأ و صلى المغرب ثلاثا بأذان و إقامة و يقنت في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة إلى قوله فيصلي أربع ركعات بتسليمتين يقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة إلى قوله ثم قام إلى صلاة الليل فيصلي ثمان ركعات يقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع ثم يقوم فيصلي ركعتي الشفع و يقنت في الثانية قبل الركوع و بعد القراءة فإذا سلم قام و صلى ركعة الوتر و يقنت فيها قبل الركوع و بعد القراءة إلى قوله و كان قنوته في جميع صلواته رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ و تجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم
توفيق هذا الخبر صريح في استحباب القنوت في صلاة الشفع و قد شملها عموم الأخبار الصحيحة الصريحة الواردة بأن القنوت في كل صلاة في الثانية قبل الركوع
و روى الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال القنوت في المغرب في الركعة الثانية و في العشاء و الغداة مثل ذلك و في الوتر في الركعة الثالثة
و لهذا الخبر مال بعض المتأخرين في العصر السابق إلى سقوط القنوت في الشفع مع أنه لا دلالة فيه إلا بالمفهوم و المنطوق مقدم و لم يستثنها أحد من قدماء الأصحاب. فيمكن حمل الخبر على أن القنوت المؤكد الذي يستحب إطالته إنما هو في الثالثة و يمكن حمله على التقية أيضا لأن أكثر المخالفين يعدون الشفع و الوتر صلاة واحدة و يقنتون في الثالثة
26- دعائم الإسلام، روينا عن أهل البيت ع في الدعاء في قنوت الفجر وجوها كثيرة منها اللهم عذب الكافرين بك و المنافقين و الجاحدين لأوليائك الأئمة من أهل بيت نبيك الطاهرين اللهم اغفر لي و للمؤمنين و المؤمنات و أصلح ذات بينهم و ألف كلمتهم و ثبت في قلوبهم الإيمان و الحكمة و ثبتهم على ملة نبيك و انصرهم على عدوك و عدوهم اللهم اهدني فيمن هديت و عافني فيمن عافيت و قني شر ما قضيت إنك تقضي و لا يقضى عليك و لا يذل من واليت تباركت ربنا و تعاليت لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك و أسألك يا رب فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً و أسألك أن تقينا عذاب النار
27- الفقيه، عن زرارة عن أبي جعفر ع قال تقول في قنوت الفريضة في الأيام كلها إلا في الجمعة اللهم إني أسألك لي و لوالدي و لولدي و أهل بيتي و إخواني فيك اليقين و العفو و المعافاة و الرحمة و العافية في الدنيا و الآخرة
28- التذكرة، عن الحسن بن علي ع قال علمني رسول الله كلمات في القنوت أقولهن اللهم اهدني فيمن هديت و عافني فيمن عافيت و تولني فيمن توليت و بارك لي فيما أعطيت و قني شر ما قضيت إنك تقضي و لا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت ربنا و تعاليت
29- كتاب محمد بن المثنى، عن جعفر بن محمد بن شريح عن ذريح المحاربي قال قال الحرث بن المغيرة النضري لأبي عبد الله ع أن أبا معقل المزني حدثني عن أمير المؤمنين ع أنه صلى بالناس المغرب فقنت في الركعة الثانية و لعن معاوية و عمرو بن العاص و أبا موسى الأشعري و أبا الأعور السلمي قال ع الشيخ صدق فالعنهم