الآيات الحديد وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ
تفسير وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ قيل أي أنشأناه و أحدثناه و قيل أي هيانا من النزل و هو ما يتهيأ للضيف و عن ابن عباس أنه أنزل مع آدم من الحديد العلاة و هي السندان و الكلبتان و المطرقة فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ أي يمتنع به و يحارب به وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ يعني ما ينتفعون به في معاشهم مثل السكين و الفاس و الإبرة و غيرها مما يتخذ من الحديد من الآلات و فيه دلالة على طهارته إذ أكثر انتفاعاته موقوفة عليها
1- قرب الإسناد، بالإسناد المتقدم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن رجل أخذ من شعره و لم يمسحه بالماء ثم يقوم فيصلي قال ينصرف فيمسحه بالماء و لا يعيد صلاته تلك
توضيح ذكر جماعة من الأصحاب منهم الشيخ و العلامة أنه يستحب لمن قص أظفاره بالحديد أو أخذ من شعره أو حلق أن يمسح الموضع بالماء و أسندوا في ذلك إلى رواية
عمار عن أبي عبد الله ع في الرجل إذا قص أظفاره بالحديد أو جز من شعره أو حلق قفاه فإن عليه أن يمسحه بالماء قبل أن يصلي سئل فإن صلى و لم يمسح من ذلك بالماء قال يعيد الصلاة لأن الحديد نجس
و قال الشيخ في الإستبصار بعد إيراد هذه الرواية إنه خبر شاذ مخالف للأخبار الكثيرة و ما يجري هذا المجرى لا يعمل عليه و ذكر قبل ذلك أن الوجه حمله على ضرب من الاستحباب و يؤيد الاستحباب صحيحة زرارة عن أبي جعفر ع و صحيحة سعيد الأعرج عن أبي عبد الله ع الدالتان على عدم لزوم المسح بالماء
2- كتاب المسائل، بالإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الحائض قال يشرب من سؤرها و لا يتوضأ منها
3- السرائر، نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن عبد الله بن المغيرة عن رفاعة عن أبي عبد الله ع قال إن سؤر الحائض لا بأس به أن تتوضأ منه إذا كانت تغسل يديها
بيان اختلف الأصحاب في سؤر الحائض فقال الشيخ في النهاية يكره استعمال سؤر الحائض إذا كانت متهمة فإن كانت مأمونة فلا بأس و في المبسوط أطلق كراهة سؤرها و كذا المرتضى في المصباح و كذا ابن الجنيد و اختار الفاضلان و الشهيدان مختار النهاية و هو أظهر جمعا بين الأخبار. ثم ما ذكر في الرواية الأولى من الفرق بين الشرب و الوضوء ورد في كثير من الأخبار مثل ما رواه
في التهذيب عن الحسين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله ع عن الحائض يشرب من سؤرها قال نعم و لا يتوضأ منه
و عن أبي هلال قال قال أبو عبد الله ع المرأة الطامث اشرب من فضل شرابها و لا أحب أن تتوضأ منه
و عن عنبسة عن أبي عبد الله ع قال اشرب من سؤر الحائض و لا تتوضأ منه
و أكثر الأصحاب أطلقوا كراهة سؤر الحائض و قد عرفت مما أوردنا من الأخبار اختصاص الكراهة بالوضوء فالقول به لا يخلو من قوة كما اختاره بعض المحققين من المتأخرين و ألحق الشهيد في البيان بالحائض بناء على ما اختاره من التقييد بالتهمة كل متهم و استحسنه بعض من تأخر عنه و فيه نظر
4- علل الصدوق، عن ابن الوليد عن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عن أبيه ع أن عليا ع قال لبن الجارية و بولها يغسل منه الثوب قبل أن تطعم لأن لبنها يخرج من مثانة أمها و لبن الغلام لا يغسل منه الثوب و لا بوله قبل أن يطعم لأن لبن الغلام يخرج من المنكبين و العضدين
المقنع، و الهداية، مرسلا مثله
الراوندي في نوادره، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عن علي ع مثله و زاد في آخره فيجوز فيه الرش
فقه الرضا، روي عن أمير المؤمنين ع و ذكر مثله و قال إن عرقت في ثوبك و أنت جنب و كانت الجنابة من الحلال فتجوز الصلاة فيه و إن كانت حراما فلا تجوز الصلاة فيه حتى تغسل
5- المناقب، لابن شهرآشوب من كتاب المعتمد في الأصول للشيخ المفيد ره قال علي بن مهزيار وردت العسكر و أنا شاك في الإمامة فرأيت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم من الربيع إلا أنه صائف و الناس عليهم ثياب الصيف و على أبي الحسن لبادة و على فرسه تجفاف لبود و قد عقد ذنب الفرسة و الناس يتعجبون منه و يقولون أ لا ترون إلى هذه المدني و ما قد فعل بنفسه فقلت في نفسي لو كان إماما ما فعل هذا فلما خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا أن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد إلا ابتل حتى غرق بالمطر و عاد ع و هو سالم من جميعه فقلت في نفسي يوشك أن يكون هو الإمام ثم قلت أريد أن أسأله عن الجنب إذا عرق في الثوب فقلت في نفسي إن كشف وجهه فهو الإمام فلما قرب مني كشف وجهه ثم قال إن كان عرق الجنب في الثوب و جنابته من حرام لا تجوز الصلاة فيه و إن كان جنابته من حلال فلا بأس فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة
-6 و وجدت في كتاب عتيق من مؤلفات قدماء أصحابنا أظنه مجموع الدعوات لمحمد بن هارون بن موسى التلعكبري رواه عن أبي الفتح غازي بن محمد الطرائفي عن علي بن عبد الله الميموني عن محمد بن علي بن معمر عن علي بن يقطين بن موسى الأهوازي عنه ع مثله و قال إن كان من حلال فالصلاة في الثوب حلال و إن كان من حرام فالصلاة في الثوب حرام
بيان قال الفيروزآبادي كل شعر أو صوف متلبد لبد و لبدة و لبدة و الجمع ألباد و لبود و اللبادة كرمانة ما يلبس من اللبود للمطر و قال التجفاف بالكسر آلة للحرب يلبسه الفرس و الإنسان ليقيه في الحرب و لعل المراد هنا ما يلقى على السرج وقاية من المطر
7- الذكرى، روى محمد بن همام بإسناده إلى إدريس بن يزدان الكفرتوثي أنه كان يقول بالوقف فدخل سرمنرأى في عهد أبي الحسن ع فأراد أن يسأله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أ يصلى فيه فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره إذ حركه أبو الحسن ع بمقرعة و قال إن كان من حلال فصل فيه و إن كان من حرام فلا تصل فيه
8- دعائم الإسلام، رخصوا ع في عرق الجنب و الحائض يصيب الثوب و كذلك رخصوا في الثوب المبلول يلصق بجسد الجنب و الحائض
9- الهداية، لا بأس بالوضوء من فضل الحائض و الجنب
10- قرب الإسناد، عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي ع قال كان يغتسل من الجنابة ثم يستدفئ بامرأته و إنها لجنب
توضيح و تنقيح قال الفيروزآبادي الدفء بالكسر و قد يحرك نقيض حدة البرد و ظاهره طهارة عرق الجنب و لا خلاف في طهارة عرق الجنب من الحلال و إنما الخلاف في الجنب من الحرام. قال علي بن بابويه في رسالته إن عرقت في ثوبك و أنت جنب و كانت الجنابة من حلال فحلال الصلاة فيه و إن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه و نحوه ذكره ولده في الفقيه و ابن الجنيد في المختصر على ما نقل عنه و الشيخ في الخلاف و قال في النهاية لا بأس بعرق الحائض و الجنب في الثوب و اجتنابه أفضل إلا أن تكون الجنابة من حرام فإنه يجب غسل الثوب إذا عرق فيه. و ذهب ابن إدريس و أكثر المتأخرين إلى الطهارة مطلقا و الشيخ في التهذيب جمع بين الأخبار بحمل أخبار المنع على ما إذا كان من حرام و لم يذكر له شاهدا فلذا بالغ في الطعن عليه من تأخر عنه و قد ظهر مما أسلفنا من الأخبار عذر الشيخ في ذلك و مع ذلك فالمسألة لا تخلو من إشكال و الاحتياط في مثله مما لا يترك. و قال في المنتهى لا فرق يعني في الحكم بنجاسة العرق المذكور على القول بها بين أن يكون الجنب رجلا أو امرأة و لا بين أن تكون الجنابة من زنا أو لواط أو وطي بهيمة أو وطي ميتة و إن كانت زوجة و سواء كان مع الجماع إنزال أم لا و الاستمناء باليد كالزنا. أما لو وطئ في الحيض أو الصوم فالأقرب طهارة العرق فيه و في المظاهرة إشكال قال و لو وطئ الصغير أجنبية و ألحقنا به حكم الجنابة بالوطي ففي نجاسة عرقه إشكال ينشأ من عدم التحريم في حقه. أقول ما قربه في الوطي في الحيض و الصوم لا يخلو من نظر لشمول الأخبار لهما تذنيب نذكر فيه بعض ما اختلف الأصحاب في نجاسته. الأول قال في المعالم قال ابن الجنيد في المختصر بعد أن حكم بوجوب غسل الثوب من عرق الجنب من حرام و كذلك عندي الاحتياط إن كان جنبا من حلم ثم عرق في ثوبه قال و لا نعرف لهذا الكلام وجها و لا رأينا له فيه رفيقا. الثاني عزى الشيخ في المبسوط إلى بعض أصحابنا القول بنجاسة القيء و المشهور بين علمائنا طهارته و ورد في بعض الروايات الأمر بغسله و حمل على الاستحباب لورود الرواية بعدم البأس. الثالث اختلف الأصحاب في عرق الإبل الجلالة و المشهور الطهارة و ذهب المفيد في المقنعة و الشيخ في النهاية و ابن البراج و جماعة إلى أنه تجب إزالته و قد ورد في الصحيح و الحسن الأمر بالغسل و الأحوط عدم الترك و حملهما أكثر الأصحاب على الاستحباب من غير معارض. الرابع حكم السيد و ابن إدريس بنجاسة ولد الزنا و سؤره و الأشهر الطهارة. الخامس لبن الصبية و قد مر الكلام فيه. السادس ما يتولد في النجاسات كدود الحش و صراصره و احتمل بعضهم نجاسته و المشهور الطهارة. السابع ما لا تحله الحياة من نجس العين و المشهور النجاسة و يعزى إلى السيد القول بالطهارة و الأشهر أقوى.
الثامن نجاسة من عدا الشيعة الإمامية من فرق أهل الخلاف فالمشهور الطهارة و نسب إلى السيد القول بنجاسة غير المؤمن مطلقا و إلى ابن إدريس من لم يعتقد الحق عدا المستضعف. التاسع ذهب جماعة إلى نجاسة كلب الماء و ذهب الأكثر إلى الطهارة و لعله أقوى و يتفرع عليه طهارة الدواء المشهور بجند بيدستر و نجاسته إذ الظاهر أنه خصية كلب الماء و الأقوى عندي حرمته و طهارته و الاجتناب منه أحوط