1- مجالس الصدوق، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن الهيثم النهدي عن ابن محبوب عن داود بن كثير قال قال الصادق ع من شيع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره وكل الله عز و جل سبعين ألف ملك من المشيعين يشيعونه و يستغفرون له إذا خرج من قبره
2- و منه، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة عن ميسر قال سمعت أبا جعفر الباقر ع يقول من شيع جنازة امرئ مسلم أعطي يوم القيامة أربع شفاعات و لم يقل شيئا إلا قال الملك و لك مثل ذلك
بيان قوله ع أربع شفاعات أي تقبل شفاعته في أربعة من المذنبين أو في أربع حوائج من حوائجه قوله ع و لم يقل شيئا أي من الدعاء للميت بالمغفرة و غيرها إلا دعا له الملك بمثله و دعاؤه لا يرد
3- المجالس، عن حمزة العلوي عن عبد العزيز بن محمد الأبهري عن محمد بن زكريا الجوهري عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق ع عن آبائه قال نهى رسول الله ص عن الرنة عند المصيبة و نهى عن النياحة و الاستماع إليها و نهى عن اتباع النساء الجنائز و قال و من صلى على ميت صلى عليه سبعون ألف ملك و غفر الله له ما تقدم من ذنبه فإن أقام حتى يدفن و يحثى عليه التراب كان له بكل قدم نقلها قيراط من الأجر و القيراط مثل جبل أحد
بيان المشهور بين الأصحاب كراهة اتباع النساء الجنائز و الأخبار الدالة عليها لا تخلو من ضعف و وردت أخبار كثيرة بجواز صلاتهن على الجنازة فإن فاطمة صلوات الله عليها صلت على أختها و القيراط نصف عشر الدينار و المراد هنا قدر من الثواب و التشبيه بجبل أحد من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أي كان ذلك الثواب عظيما ممتازا بالنسبة إلى سائر المثوبات الأخروية كما أن جبل أحد مشهور ممتاز في العظمة بين الأجسام المحسوسة في الدنيا و يحتمل أن يكون المراد أن هذا العمل له هذا الثقل في ميزان عمله إما بناء على تجسم الأعمال كما ذهب إليه بعض أو تثقيل الدفتر المكتوب فيه العمل بقدر ما يستحقه ذلك العمل من الثواب كما ذهب إليه آخرون و قد سبق الكلام فيه
4- قرب الإسناد، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد عن الصادق عن أبيه ع قال قال رسول الله ص إذا دعيتم إلى العرسات فأبطئوا فإنها تذكر الدنيا و إذا دعيتم إلى الجنائز فأسرعوا
بيان يحتمل أن يكون الإبطاء و الإسراع محمولين على الحقيقة أو على التجوز كناية عن الاهتمام به و عدمه قال في الذكرى لو دعي إلى وليمة و جنازة قدم الجنازة لخبر إسماعيل بن أبي زياد عن الصادق عن أبيه عن النبي صلوات الله عليهم معللا بأن الجنازة تذكر الآخرة و الوليمة تذكر الدنيا
5- الخصال، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن الحسين بن عثمان و ابن أبي حمزة عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع قال قلت له ما أول ما يتحف به المؤمن قال يغفر لمن تبع جنازته
الهداية، مرسلا عنه ع مثله
6- و قال قال ع من شيع جنازة مؤمن حط عنه خمس و عشرون كبيرة فإن ربعها خرج من الذنوب
و روي أن المؤمن ينادي ألا إن أول حبائك الجنة و أول حباء من تبعك المغفرة
دعوات الراوندي، مثل الخبرين الأخيرين
7- مجالس ابن الشيخ، عن أبيه عن المفيد عن جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن عبد الله الحميري عن أبيه عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن شريف بن سابق عن الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال رسول الله ص أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول الناس فيه إن خيرا فخيرا و إن شرا فشرا و أول تحفة المؤمن أن يغفر الله له و لمن تبع جنازته
8- و منه، عن أبيه عن المفيد عن جعفر بن محمد بن قولويه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن عيسى عن بكر بن محمد عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول لخيثمة يا خيثمة أقرئ موالينا السلام و أوصهم بتقوى الله العظيم و أن يشهد أحياؤهم جنائز موتاهم و أن يتلاقوا في بيوتهم الخبر
9- و منه، عن أبيه عن محمد بن محمد بن مخلد عن عمر بن الحسن الشيباني عن موسى بن سهل عن إسماعيل بن علية عن ليث بن أبي قرة عن أبيه قال مروا بجنازة تمخض كما يمخض الزق فقال النبي ص عليكم بالسكينة عليكم بالقصد في المشي بجنائزكم
بيان قال في الذكرى نقل الشيخ الإجماع على كراهية الإسراع بالجنازة لقول النبي ص عليكم بالقصد في جنائزكم لما رأى جنازة تمخض مخضا و قال ابن عباس في جنازة ميمونة ارفقوا فإنها أمكم و لو خيف على الميت فالإسراع أولى قال المحقق أراد الشيخ كراهية ما زاد على المعتاد و قال الجعفي السعي بها أفضل و قال ابن الجنيد يمشي بها خببا ثم قال السعي العدو و الخبب ضرب منه فهما دالان على السرعة و روى الصدوق عن الصادق ع أن الميت إذا كان من أهل الجنة نادى عجلوا بي و إن كان من أهل النار نادى ردوني
10- قرب الإسناد، عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي ع قال قال رسول الله ص إذا لقيت جنازة مشرك فلا تستقبلها خذ عن يمينها و عن شمالها
بيان يدل على كراهة استقبال جنازة المشرك للعلة التي بها يكره المشي أمام جنازة المخالف و لم أر من تعرض له
11- الخصال، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد عن أحمد بن محمد بإسناده رفعه إلى أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص أميران و ليسا بأميرين ليس لمن تبع جنازة أن يرجع حتى تدفن أو يؤذن له و رجل يحج مع امرأة فليس له أن ينفر حتى تقضي نسكها
المقنع، مرسلا مثله بيان أميران أي يلزم إطاعتهما و قبول ما يأمران به و ليسا بأميرين منصوبين من قبل الإمام على الخصوص أو ليسا بأميرين عامين يلزم إطاعتهما في أكثر الأمور و هذا الخبر يدل على زوال الكراهة مع الإذن و لا يدل على عدم استحباب إتمام التشييع بعد الإذن بل يستحب لما سيأتي و لما رواه
الكليني عن العدة عن سهل عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن زرارة قال كنت مع أبي جعفر ع في جنازة لبعض قرابته فلما أن صلى على الميت قال وليه لأبي جعفر ع ارجع يا أبا جعفر مأجورا و لا تعنى لأنك تضعف عن المشي فقلت أنا لأبي جعفر ع قد أذن لك في الرجوع فارجع و لي حاجة أريد أن أسألك عنها فقال لي أبو جعفر ع إنما هو فضل و أجر فبقدر ما يمشي مع الجنازة يؤجر الذي يتبعها فأما بإذنه فليس بإذنه جئنا و لا بإذنه نرجع
12- الخصال، عن محمد بن أحمد السناني عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبيه عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله ع قال ثلاثة لا يدرى أيهم أعظم جرما الذي يمشي خلف جنازة في مصيبة غيره بغير رداء أو الذي يضرب يده على فخذه عند المصيبة أو الذي يقول ارفقوا به و ترحموا عليه يرحمكم الله
13- و منه، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي ع قال قال رسول الله ص ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء أو الذي يقول ارفقوا به أو الذي يقول استغفروا له غفر الله لكم
بيان قوله مع الجنازة أي مع عدم كونه صاحب المصيبة كما مر في الخبر الأول و هو إما مكروه أو حرام كما سيأتي و أما قوله ارفقوا به فلتضمنه تحقير الميت و إهانته و في التهذيب أو الذي يقول قفوا و لعله تصحيف و على تقديره الذم لمنافاته لتعجيل التجهيز أو يكون الوقوف لإنشاد المراثي و ذكر أحوال الميت كما هو الشائع و هو مناف للتعزي و الصبر و الفقرة الثالثة أيضا لإشعارها بكونه مذنبا و ينبغي أن يذكر الموتى بخير و يمكن أن تحمل الفقرتان معا على ما إذا كان غرض القائل التحقير و الإشعار بالذنب و يحتمل أن يكون الضميران في الأخيرتين راجعين إلى الذي يمشي بغير رداء أي هو بسبب هذا التصنع لا يستحق أن يؤمر بالرفق به و لا الاستغفار له. و قال العلامة قدس سره في المنتهى كره أن يقال قفوا و استغفروا له غفر الله لكم لأنه خلاف المنقول بل ينبغي أن يقال ما نقل من أهل البيت ع و قال في المعتبر قال علي بن بابويه إياك أن تقول ارفقوا به و ترحموا عليه أو تضرب يدك على فخذك فيحبط أجرك فقال المحقق و به رواية نادرة و لا بأس بمتابعته تفصيا عن المكروه انتهى
14- فقه الرضا، قال ع إذا حضرت جنازة فامش خلفها و لا تمش أمامها و إنما يؤجر من تبعها لا من تبعته
و قد روى أبي عن أبي عبد الله ع أن المؤمن إذا أدخل قبره ينادي ألا إن أول حبائك الجنة و أول حباء من تبعك المغفرة و قال اتبعوا الجنازة و لا تتبعكم فإنه من عمل المجوس و أفضل المشي في اتباع الجنازة ما بين جنبي الجنازة و هو مشي الكرام الكاتبين و قال في موضع آخر ثم احمله على سريره و إياك أن تقول ارفقوا به و ترحموا عليه و قال ع إذا رأيت الجنازة فقل الله أكبر الله أكبر هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ هذا سبيل لا بد منه إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ تسليما لأمره و رضا بقضائه و احتسابا لحكمه و صبرا لما قد جرى علينا من حكمه اللهم اجعله لنا خير غائب ننتظره
بيان الحباء بكسر الحاء المهملة ممدودا العطاء بلا جزاء و لا من قوله ع ما بين جنبي الجنازة أي عن يمينها و شمالها كما رواه
في الكافي عن سدير عن أبي جعفر ع قال من أحب أن يمشي ممشى الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير و الكرام الكاتبون الملائكة الكاتبون للأعمال فإنهم في تلك الحال أيضا ملازمون لجنبي الميت كما كانوا كذلك في حياته كما يفهم من هذا الخبر و يدل على رجحان المشي جنبي السرير
15- ثواب الأعمال، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن سعدان بن مسلم عن سليمان بن صالح عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال من أخذ بقائمة السرير غفر الله له خمسا و عشرين كبيرة فإذا ربع خرج من الذنوب
16- و منه، عن محمد بن الحسن عن الصفار عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال فيما ناجى به موسى ربه أن قال يا رب ما لمن شيع جنازة قال أوكل به ملائكتي معهم رايات يشيعونهم من قبورهم إلى محشرهم
17- المقنع، إذا حضرت جنازة فامش خلفها و لا تمش أمامها فإنما يؤجر من يتبعها لا من تبعته فإنه روي اتبعوا الجنازة و لا تتبعكم فإنه من عمل المجوس و روي إذا كان الميت مؤمنا فلا بأس أن يمشي قدام جنازته فإن الرحمة تستقبله و الكافر لا يتقدم جنازته فإن اللعنة تستقبله
-18 تنبيه الخاطر، للورام قال قال النبي ص من ضحك على جنازة أهانه الله يوم القيامة على رءوس الأشهاد و لا يستجاب دعاؤه و من ضحك في المقبرة رجع و عليه من الوزر مثل جبل أحد و من ترحم عليهم نجا من النار
19- مجالس ابن الشيخ، عن أبيه عن محمد بن محمد بن مخلد عن عمر بن الحسين بن علي بن مالك عن إسماعيل بن علية عن ليث بن أبي بردة عن أبي موسى عن أبيه قال قال النبي ص عليكم بالسكينة عليكم بالقصد في المشي بجنازتكم
20- مجالس الشيخ، عن الحسين بن عبيد الله عن هارون بن موسى عن الحكيمي عن سفيان بن زياد عن عباد بن صهيب عن الصادق عن أبيه ع عن ابن الحنفية عن علي ع أن رسول الله ص خرج فرأى نسوة قعودا فقال ما أقعدكن هاهنا قلن لجنازة قال أ فتحملن مع من يحمل قلن لا قال أ تغسلن مع من يغسل قلن لا قال أ فتدلين فيمن يدلي قلن لا قال فارجعن مأزورات غير مأجورات
غرر الدرر، للسيد حيدر مرسلا مثله توضيح قال الجزري ارجعن مأجورات غير مأزورات أي غير آثمات و قياسه موزورات يقال وزر فهو موزور و إنما قال مأزورات للازدواج بمأجورات
21- مجالس المفيد، عن أحمد بن محمد عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن علي بن حديد عن مرازم قال قال أبو عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهم عليكم بالصلاة في المساجد و حسن الجوار للناس و إقامة الشهادة و حضور الجنائز إنه لا بد لكم من الناس إن أحدا لا يستغني عن الناس بجنازته فأما نحن نأتي جنائزهم و إنما ينبغي لكم أن تصنعوا مثل ما يصنع من تأتمون به و الناس لا بد لبعضهم من بعض ما داموا على هذه الحال حتى يكون ذلك ثم ينقطع كل قوم إلى أهل أهوائهم ثم قال عليكم بحسن الصلاة و اعملوا لآخرتكم و اختاروا لأنفسكم فإن الرجل قد يكون كيسا في أمر الدنيا فيقال ما أكيس فلانا إنما الكيس كيس الآخرة
بيان حتى يكون ذلك أي ظهور دولة الحق و قيام القائم ع
22- نوادر الراوندي، عن عبد الواحد بن إسماعيل عن محمد بن الحسن البكري عن سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل عن أبيه عن جده موسى بن جعفر ع قال قال رسول الله ص سر سنتين بر والديك سر سنة صل رحمك سر ميلا عد مريضا سر ميلين شيع جنازة الخبر
23- دعوات الراوندي، قال النبي ص خصال ست ما من مسلم يموت في واحدة منهن إلا كان ضامنا على الله أن يدخله الجنة رجل خرج مجاهدا فإن مات في وجهه ذلك كان ضامنا على الله عز و جل رجل تبع جنازة فإن مات في وجهه كان ضامنا على الله و رجل توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى مسجد للصلاة فإن مات في وجهه كان ضامنا على الله و رجل نيته أن لا يغتاب مسلما فإن مات على ذلك كان ضامنا على الله
بيان سقط من الخبر اثنان و لعل أحدهما من عاد مريضا لأنه أورده في سياق أخباره و الضمير في كان راجع إلى النبي ص و لعله ص قال كنت فغير الراوندي أو غيره
-24 الدعوات، قال الصادق ع قال رسول الله ص عودوا المرضى و اتبعوا الجنائز يذكركم الآخرة و كان النبي ص إذا تبع جنازة غلبته كآبة و أكثر حديث النفس و أقل الكلام
و عن الصادق ع قال قال النبي ص من استقبل جنازة أو رآها فقال الله أكبر هذا ما وعدنا الله و رسوله و صدق الله و رسوله اللهم زدنا إيمانا و تسليما الحمد لله الذي تعزز بالقدرة و قهر العباد بالموت لم يبق في السماء ملك إلا بكى رحمة لصوته
و كان زين العابدين ع إذا رأى جنازة يقول الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم
بيان تعزز أي صار عزيزا غالبا بالقدرة الكاملة أو أظهر عزته بقدرته الجليلة بإيجاده الأشياء و إفنائها و إحياء الناس و إماتتهم و السواد يطلق على الشخص و على القرية و المخترم الهالك و المستأصل و الظاهر أن المراد هنا الجنس أي لم يجعلني من الجماعة الهالكين فيكون شكرا لنعمة الحياة و لا ينافي حب لقاء الله فإن معناه حب الموت و عدم الامتناع منه على تقدير رضا الله به فلا ينافي لزوم شكر نعمة الحياة و الرضا بقضاء الله في ذلك و قيل حب لقاء الله إنما يكون عند معاينة منزلته في الجنة كما ورد في الخبر. أو المراد بالمخترم الهالك بالهلاك المعنوي إما لأن غالب أهل زمانه ع كانوا منافقين فلما رأى جنازتهم و علم ما أصابهم من العذاب شكر الله على نعمة الهداية أو لأن عند معاينة الموتى ينبغي تذكر أحوال الآخرة فينبغي الشكر على ما هو العمدة في تحصيل السعادات الأخروية أعني الإيمان و على الأخير لا يختص بمشاهدة جنازة المنافق و إن كان المراد بالسواد القرية كان المراد بها القرية الهالكة أهلها بالهلاك المعنوي أي جعلني في بلاد المسلمين. و يمكن أن يراد بالسواد عامة الناس كما هو أحد معانيه اللغوية فالمعنى لم يجعلني من عامة الناس الذين يموتون على غير بصيرة و لا استعداد للموت قال في الذكرى السواد الشخص و المخترم الهالك أو المستأصل و المراد هنا الجنس و منه قولهم السواد الأعظم أي لم يجعلني من هذا القبيل. و لا ينافي هذا حب لقاء الله لأنه غير مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار و معاينة ما يحب
كما روينا عن الصادق ع و رووه في الصحاح عن النبي ص قال من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه فقيل له ص إنا لنكره الموت فقال ليس ذلك و لكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله و كرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله و أحب الله لقاءه و إن الكافر إذا حضره الموت بشر بعذاب الله فليس شيء أكره إليه مما أمامه كره لقاء الله فكره الله لقاءه و بقية عمر المؤمن نفيسة
و يجوز أن يكنى بالمخترم عن الكافر لأنه الهالك على الإطلاق بخلاف المؤمن أو يراد بالمخترم من مات دون أربعين سنة و إذا أريد به المستأصل فالجمع أظهر
25- الدعوات، عن الصادق ع يقول من يحمل الجنازة بسم الله صلى الله على محمد و آل محمد اللهم اغفر لي و للمؤمنين
و قال النبي ص شارب الخمر إن مرض فلا تعودوه و إن شهد فلا تقبلوه و إن ذكر فلا تزكوه و إن خطب فلا تزوجوه و إن حدث فلا تصدقوه و إن مات فلا تشهدوه
بيان لعل كراهة الشهود مختص بما إذا شهد جماعة و سقط عنه الوجوب إذ يجب الصلاة على المسلم و إن كان فاسقا
26- الدعوات، سئل النبي ص عن رجل يدعى إلى وليمة و إلى جنازة فأيهما أفضل و أيهما يجيب قال يجيب الجنازة فإنها تذكر الآخرة و ليدع الوليمة فإنها تذكر الدنيا الفانية
و قال أمير المؤمنين ع من تبع جنازة كتب له أربع قراريط قيراط باتباعه إياها و قيراط بالصلاة عليها و قيراط بالانتظار حتى يفرغ من دفنها و قيراط للتعزية
و قال أبو جعفر ع القيراط مثل جبل أحد
27- نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع و قد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال ع كأن الموت فيها على غيرنا كتب و كأن الحق فيها على غيرنا وجب و كأن الذي نرى من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نبوئهم أجداثهم و نأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم قد نسينا كل واعظ و واعظة و رمينا بكل جائحة طوبى لمن ذل في نفسه و طاب كسبه و صلحت سريرته و حسنت خليقته و أنفق الفضل من ماله و أمسك الفضل من لسانه و عزل عن الناس شره و وسعته السنة و لم ينسب إلى بدعة
قال السيد و من الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله ص
أقول و رواه الكراجكي في كنز الفوائد عن النبي ص و زاد بعد قوله كل جائحة طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب غيره و أنفق ما اكتسب في غير معصية و رحم أهل الضعف و المسكنة و خالط أهل العفة و الحكمة
بيان قوله ع كأن الموت فيها أي في الدنيا و الحق أوامر الله و نواهيه أو الموت و السفر بالفتح جمع مسافر و الأجداث القبور و التراث ما يخلفه الرجل لورثته كل واعظ و واعظة أي كل أمر و خصلة يوجب العبرة و الاتعاظ و قوله و رمينا يحتمل الحالية و قال في النهاية الجائحة هي الآفة التي تهلك الثمار و الأموال و تستأصلها و كل مصيبة عظيمة و فتنة مبيرة جائحة
-28 المحاسن، عن أبيه عن محسن بن أحمد عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع قال وضع رسول الله ص رداءه في جنازة سعد بن معاذ رحمه الله فسئل عن ذلك فقال إني رأيت الملائكة قد وضعت أرديتها فوضعت ردائي
29- مجالس الصدوق، عن الحسن بن علي بن شقير عن يعقوب بن الحارث عن إبراهيم الهمداني عن جعفر بن محمد بن يونس عن علي بن بزرج عن عمرو بن اليسع عن عبد الله بن اليسع عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع في حديث أن رسول الله ص أمر بغسل سعد بن معاذ حين مات ثم تبعه بلا حذاء و لا رداء فسئل عن ذلك فقال إن الملائكة كانت بلا حذاء و لا رداء فتأسيت بها
30- إكمال الدين، عن محمد بن الحسن عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن الحسين بن عمر عن رجل من بني هاشم قال لما مات إسماعيل بن أبي عبد الله ع خرج أبو عبد الله ع بلا حذاء و لا رداء
31- المحاسن، عن أبيه عن سعدان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال ينبغي لصاحب الجنازة أن يلقي رداءه حتى يعرف و ينبغي لجيرانه أن يطعموا عنه ثلاثة أيام
بيان تدل هذه الأخبار على أنه يستحب لصاحب المصيبة أن يكون بلا رداء بل بلا حذاء ليعرف و أما ترك الرداء لغير صاحب الجنازة فالمشهور الكراهة و يظهر من ابن حمزة تحريمه كما نسب إليه في الذكرى و قال أما صاحب الجنازة فيخلعه ليتميز عن غيره ذكره الجعفي و ابن حمزة و الفاضلان و ذكر ابن الجنيد أيضا التمييز بطرح بعض زيه بإرسال طرف العمامة أو أخذ مئزر من فوقها على الأب و الأخ و لا يجوز على غيرهما و ابن حمزة منع هنا مع تجويزه الامتياز فكأنه يخص التمييز في غير الأب و الأخ بهذا النوع من الامتياز و أنكر ابن إدريس الامتياز بهذين لعدم الدليل عليهما و زعم أنه من خصوصيات الشيخ و رده الفاضلان بأحاديث الامتياز و ظاهر أن الأخبار لا تتناوله ثم لم نقف على دليل الشيخ عليه و لا على اختصاص الأب و الأخ و قال أبو الصلاح يتحفى و يحل أزراره في جنازة أبيه و جده خاصة و يرده ما تقدم انتهى. و ما فعله النبي ص من خصائص تلك الواقعة و الخصوصية ظاهرة فيها فلا يتأسى فيه و ما ذكره الأصحاب من الامتياز بالرداء إذا لم يكن مع غيره رداء أو بعلامات أخر كما مر فللتعليل الوارد في خبر ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءه حتى يعلم الناس أنه صاحب المصيبة و لما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله ع قال ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس رداءه و أن يكون في قميص حتى يعرف
32- قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه ع أن الحسن بن علي ع كان جالسا و معه أصحاب له فمر بجنازة فقام بعض القوم و لم يقم الحسن فلما مضوا بها قال بعضهم أ لا قمت عافاك الله فقد كان رسول الله ص يقوم للجنازة إذا مروا بها فقال الحسن إنما قام رسول الله ص مرة واحدة و ذاك أنه مر بجنازة يهودي و كان المكان ضيقا فقام رسول الله ص و كره أن تعلو رأسه
بيان رواه في الكافي بسند فيه ضعف بسهل بن زياد عن مثنى الحناط عن أبي عبد الله ع و ذكر الحسين مكان الحسن و روي في الصحيح عن زرارة أن أبا جعفر ع لم يقم للجنازة و قال لا قام لها أحد منا و يدل الصحيح على عدم استحباب القيام عند مرور الجنازة مطلقا و هذا الخبر على عدم استحبابه عند مرور جنازة المسلم و استحبابه عند مرور جنازة اليهودي أو مطلق الكافر لاشتراك العلة مع إشرافها و ضيق الطريق و المشهور بين أصحابنا عدم استحباب القيام مطلقا. و هو المشهور بين المخالفين أيضا و ذهب بعضهم إلى الوجوب و بعضهم إلى الاستحباب و اختلفت أخبارهم في ذلك
قال الآبي في شرح صحيح مسلم قال النبي ص إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم أو توضع
و في رواية إذا رأى أحدكم الجنازة فليقم حين يراها حتى تخلفه و في رواية إذا تبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع و في رواية إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع و في رواية أنه ص و أصحابه قاموا لجنازة فقالوا يا رسول الله ص إنها يهودية فقال إن الموت فزع إذا رأيتم الجنازة فقوموا و في رواية قام النبي ص و أصحابه لجنازة يهودي حتى توارت و في رواية قيل إنه يهودي فقال أ ليست نفسا و في رواية علي ع قام رسول الله ص ثم قعد و في رواية رأينا رسول الله ص قام فقمنا و قعد فقعدنا. قال القاضي اختلف الناس في هذه المسألة فقال مالك و أبو حنيفة و الشافعي القيام منسوخ و قال أحمد و إسحاق و ابن حبيب و ابن الماجشون المالكيان هو مخير ثم قال و المشهور من مذهبنا أن القيام ليس مستحبا و قالوا هو منسوخ بحديث علي و اختار المتولي من أصحابنا أنه مستحب و هذا هو المختار فيكون الأمر به للندب و القعود بيان للجواز و لا يصح دعوى النسخ في مثل هذا لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث و لم يتعذر انتهى. و قال العلامة ره في المنتهى إذا مرت به جنازة لم يستحب تشييعها و به قال الفقهاء و ذهب جماعة من أصحابهم كأبي مسعود السدري و غيره إلى وجوب القيام لها و عن أحمد رواية بالاستحباب لنا ما رواه الجمهور عن النبي ص أنه كان آخر الأمرين من رسول الله ص ترك القيام لها و في حديث أن يهوديا رأى النبي ص قام للجنازة فقال يا محمد هكذا نصنع فترك النبي ص القيام لها و من طريق الخاصة رواه زرارة انتهى. و قال في الذكرى لا يستحب القيام لمن مرت عليه الجنازة لقول علي ع قام رسول الله ص ثم قعد و لخبر زرارة نعم لو كان الميت كافرا جاز القيام لخبر المثنى و قول النبي ص إذا رأيتم الجنازة فقوموا منسوخ انتهى. أقول لا يخفى ما في القول بالجواز مستدلا بهذا الخبر إلا أن يكون مراده الشرعية و الاستحباب. ثم اعلم أنه يظهر من هذا الخبر منشأ توهم العامة فيما رووه عن النبي ص في ذلك و أكثر أخبارهم كذلك و لذا قالوا ع أهل البيت أدرى بما في البيت و إنما أطنبت الكلام في ذلك لتعلم حقيقة أخبارهم و أحكامهم
33- العلل، عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله عن وهيب عن علي بن أبي حمزة قال سألت أبا عبد الله ع كيف أصنع إذا خرجت مع الجنازة أمشي أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها قال إن كان مخالفا فلا تمش أمامه فإن ملائكة العذاب يستقبلونه بألوان العذاب
المحاسن، عن وهيب بن حفص مثله تبيين اعلم أن المعروف من مذهب الأصحاب أن مشي المشيع وراء الجنازة أو أحد جانبيها أفضل من المشي أمامها قال في المنتهى يكره المشي أمام الجنائز للماشي و الراكب بل المستحب أن يمشي خلفها أو من أحد جانبيها و هو مذهب علمائنا أجمع و به قال الأوزاعي و أصحاب الرأي و إسحاق و قال الثوري الراكب خلفها و الماشي حيث شاء و قال أصحاب الظاهر الراكب خلفها أو بين جنبيها و الماشي أمامها و قال الشافعي و ابن أبي ليلى و مالك المشي أمامها أفضل للراكب و الراجل و به قال عمر و عثمان و أبو هريرة و القاسم بن محمد و ابن الزبير و أبو قتادة و شريح و سالم و الزهري انتهى. و نص في المعتبر على أن تقدمها ليس بمكروه بل هو مباح و حكى الشهيد في الذكرى عن كثير من الأصحاب أنه يرى كراهة المشي أمامها و قال ابن أبي عقيل يجب التأخر خلف جنازة المعادي لذي القربى لما ورد من استقبال ملائكة العذاب إياه و قال ابن الجنيد يمشي صاحب الجنازة بين يديها و الباقون وراءها لما روي من أن الصادق ع تقدم سرير ابنه إسماعيل بلا حذاء و لا رداء. أقول مقتضى الجمع بين الأخبار حمل أخبار النهي و المرجوحية على جنازة المخالف كما يدل عليه هذا الخبر و غيره لكن الأولى عدم المشي أمامها مطلقا لدعوى الإجماع و شهرة خلافه بين العامة حتى أنهم نسبوا القول بذلك إلى أهل البيت ع قال بعض شراح مسلم كون المشي وراء الجنازة أفضل من أمامها قول علي بن أبي طالب ع و مذهب الأوزاعي و أبي حنيفة و قال جمهور الصحابة و التابعين و مالك و الشافعي و جماهير العلماء المشي قدامها أفضل و قال الثوري و طائفة هما سواء
34- أربعين الشهيد، بإسناده عن الشيخ عن ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن عبد الله بن جعفر الحميري عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عن أبيه ع قال إن رسول الله ص أمرهم بسبع بعيادة المرضى و اتباع الجنائز و إبرار القسم و تسميت العاطس و نصرة المظلوم و إفشاء السلام و إجابة الداعي الخبر
35- السرائر، نقلا من جامع البزنطي عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال السنة أن تستقبل الجنازة من جانبها الأيمن و هو مما يلي يسارك ثم تصير إلى مؤخره و تدور عليه حتى ترجع إلى مقدمه
-36 فقه الرضا، قال ع لا تترك تشييع جنازة المؤمن فإن فيه فضلا كثيرا و ربع الجنازة فإن من ربع جنازة مؤمن حط عنه خمس و عشرون كبيرة فإذا أردت أن تربعها فابدأ بالشق الأيمن فخذه بيمينك ثم تدور إلى المؤخر فتأخذه بيمينك ثم تدور إلى المؤخر الثاني فتأخذه بيسارك ثم تدور إلى المقدم الأيسر فتأخذه بيسارك ثم تدور على الجنازة كدور كفي الرحى
إيضاح كدور كفي الرحى أي الكفين الآخذتين بخشبة الرحى. أقول تحقيق هذه المسألة يتوقف على إيراد الأخبار الواردة في كيفية التربيع و نقل الأقوال ثم بيان ما ترجح عندي منها. أما الأخبار فقد
روى الكليني ره بسند مرسل لا يقصر عن الحسن عن موسى بن جعفر ع قال سمعته يقول السنة في حمل الجنازة أن تستقبل جانب السرير بشقك الأيمن فتلزم الأيسر بكتفك الأيمن ثم تمر عليه إلى الجانب الآخر و تدور من خلفه إلى الجانب الثالث من السرير ثم تمر عليه إلى الجانب الرابع مما يلي يسارك
و بسند فيه ضعف على المشهور عن أبي جعفر ع قال السنة أن تحمل السرير من جوانبه الأربع و ما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع. و بسند فيه إرسال
عن الفضل بن يونس قال سألت أبا إبراهيم ع عن تربيع الجنازة قال إذا كنت في موضع تقية فابدأ باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم ارجع إلى مكانك إلى ميامن الميت لا تمر خلف رجليه البتة حتى تستقبل فتأخذ يده اليسرى ثم رجله اليسرى ثم ارجع من مكانك لا تمر خلف الجنازة البتة حتى تستقبلها تفعل كما فعلت أولا فإن لم تكن تتقي فيه فإن تربيع الجنازة التي جرت به السنة أن تبدأ باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم بالرجل اليسرى ثم باليد اليسرى حتى تدور حولها.
و بسند فيه جهالة عن العلا بن سيابة عن أبي عبد الله ع قال تبدأ في حمل السرير من الجانب الأيمن ثم تمر عليه من خلفه إلى الجانب الآخر ثم تمر حتى ترجع إلى المقدم كذلك دوران الرحى عليه
و أما الأقوال فاعلم أن الأصحاب ذكروا أن حمل الميت واجب على الكفاية و أجمعوا على استحباب التربيع قال في الذكرى و أفضله أن يبدأ بمقدم السرير الأيمن ثم يمر عليه إلى مؤخره ثم بمؤخر السرير الأيسر و يمر عليه إلى مقدمه دور الرحى و كذلك ذكر الشيخ في المبسوط و النهاية و هو المشهور بين المتأخرين و قال في الخلاف يحمل بميامنه مقدم السرير الأيسر ثم يدور حوله حتى يرجع إلى المقدم و ادعى عليه الإجماع و هذا أقوى عندي إذ التيامن مطلوب في الأمور و رعاية يمين الميت أولى من رعاية يمين السرير مع أن أخذ يمين السرير باليمين لا يتيسر في أكثر الجنائز إلا بمشقة و المشي بالقهقرى. و لنرجع إلى الكلام في الأخبار أما خبر السرائر فلم يرد في هذا الباب خبر صحيح غيره و عندي أنه صحيح لأنه أخذه ابن إدريس من الجامع و كان الكتاب مشهورا متواترا و صاحبه ثقة و روي عن ابن أبي يعفور الثقة و أظن أنه لا ينافي ما اخترناه إذ كما أنه يحتمل أن يكون مما يلي يسارك بالنظر إلى الماشي في جانب السرير يحتمل أن يكون بالنظر إلى الماشي خلف السرير و إن حمل على حالة استقباله السرير فحينئذ و إن كان يمين الميت يحاذي يمينه إذا قابله لكن إذا جاوزه مائلا إلى يمين الميت ليأخذ السرير فيمين الميت يلي يساره. و كذا الشق الأيمن في الفقه يحتمل أيمن الميت و أيمن السرير بل لو كان صريحا في أيمن السرير يمكن أن يقال كما يمكن أن يعتبر السرير رجلا ماشيا و يعتبر يمينه و يساره بحسب ذلك التوهم كذلك يمكن أن يطلق اليمين و اليسار على جانبيه بحسب ما جاور من جانبي الميت بل يمكن أن يعتبر شخصا مستلقى على قفاه كالميت و الخبر الأول من أخبار الكافي كالصريح فيما اخترناه. و الخبر الثاني يدل على الاكتفاء بالأخذ بالجوانب الأربعة كيفما اتفق و لا ينافي كون الهيئة المخصوصة أفضل و الخبر يحتمل وجوها الأول أن السنة النبوية جرت بحمل الجنازة من أربعة جوانبها كيف اتفق و الزائد على الأربعة تطوع الثاني أن رعاية الهيئات المخصوصة في حملها تطوع الثالث أن يقال المعنى أن ما بعد ذلك كما و كيفا فهو تطوع الرابع أن يكون المراد بالحمل من جوانبه الأربعة الهيئة المخصوصة المسنونة و بقوله ما بعد ذلك الزائد عنه أو الأعم منه و من النقص و مخالفة الكيفية المسنونة الخامس أن يراد به أن السنة الأخذ بإحدى القوائم الأربع كيف اتفق و ما كان بعد ذلك من الزيادة في الكمية أو الرعاية في الكيفية فهو تطوع و لعل الأول أظهر. و روى الجمهور عن ابن مسعود أنه قال إذا تبع أحدكم الجنازة فليأخذ بجوانب السرير الأربعة ثم ليتطوع بعد أو ليذر فإنه من السنة. و اعلم أن السنة ما واظب عليه النبي ص و التطوع ما صدر عنه و عن أوصيائه ع على جهة الاستحباب و لم يواظب ص عليه رحمة للأمة و ليتميز ما هو المؤكد من المستحبات و ما ليس كذلك منها ليختار المكلف مع عدم القدرة على الإتيان بالجميع ما هو أفضل و آكد. ثم اعلم أن المشهور استحباب التربيع على الهيئة المخصوصة كما عرفت بل ظاهر بعضهم تحقق الإجماع على ذلك و قال ابن الجنيد يرفع الجنازة من أي جوانبها قدر عليه و استدل له بهذا الخبر و قد عرفت أنه لا يدل على نفي استحباب التربيع و وصف الجوانب بالأربع في الحديث لعله بتأويل الناحية و شبهها. و الخبر الثالث صريح فيما اخترناه إذ اليد اليمنى المراد بها يد الميت اليمنى الكائنة على أيسر السرير و قوله ع ثم ارجع من مكانك أي من موضع الرجل اليمنى إلى ميامن الميت أي الجانب الذي فرغت منه و عبر عنه بميامن الميت فهذا صريح في أن المراد يمين الميت لا يمين السرير و هذا الخبر يدل على أن الفرق بيننا و بين المخالفين إنما هو في الترتيب لا في الابتداء.
و قال في شرح السنة من تأليفات العامة حمل الجنازة من الجوانب الأربع فيبدأ بياسرة السرير المتقدمة فيضعها على عاتقه الأيمن ثم بياسرته المؤخرة ثم بيامنته المتقدمة فيضعها على عاتقه الأيسر ثم بيامنته المؤخرة انتهى. و قال الشيخ في الخلاف صفة التربيع أن يبدأ بيسرة الجنازة و يأخذها بيمينه و يتركها على عاتقه و يربع الجنازة و يمشي إلى رجليها و يدور دور الرحى إلى أن يرجع إلى يمنة الجنازة فيأخذ ميامن الميت بمياسره و به قال سعيد بن جبير و الثوري و إسحاق و قال الشافعي و أبو حنيفة يبدأ بمياسر مقدم السرير فيضعها على عاتقه الأيمن ثم يتأخر فيأخذ مياسر مؤخره فيضعها على عاتقه الأيمن ثم يعود إلى مقدمه فيأخذ ميامن مقدمه فيضعها على عاتقه الأيسر ثم يتأخر فيأخذ ميسرة مؤخره فيضعها على عاتقه الأيسر و أما الرابع فتوجيهه قريب مما ذكرنا في خبر الفقه. فظهر بما قررنا أن ما اختاره الشيخ و ادعى عليه الإجماع هو أقوى و أظهر من الأخبار إذ الأخبار الدالة عليه صريحة و ما دل على خلافه على تقدير تسليم الظهور فيه قابلة لتأويل غير بعيد فينبغي حملها عليه لرفع التنافي بين الأخبار و ما استدل به الشهيد ره في الذكرى بقوله ع في الخبر الأخير دوران الرحى و أنه لا يتصور إلا على البدء بمقدم السرير الأيمن و الختم بمقدمه الأيسر فلا يخفى وهنه إذ ظاهر أن التشبيه لمجرد الدوران و عدم الرجوع كما تفعله العامة و قد أشار الشيخ في الخلاف إلى ذلك و يمكن حمل كلام الشيخ في الكتابين على ما ذكره في الخلاف لئلا يكون فيهما مخالفا لإجماع ادعاه و إن كان ذلك منه قدس سره غير عزيز لأنه ذكر في الكتابين عبارة هذا الخبر و يمكن تأويله على نحو ما ذكرنا في تأويل الخبر. و يظهر من العلامة في المنتهى أنه أول الخبر و كلام الشيخ بما ذكرنا لأنه لم يتعرض فيه لخلاف بل قال المستحب عندنا أن يبدأ الحامل بمقدم السرير ثم يمر معه و يدور من خلفه إلى الجانب الأيسر فيأخذ رجله اليسرى و يمر معه إلى أن يرجع إلى المقدم كذلك دور الرحى. و حاصل ما ذكرناه أن يبدأ فيضع قائمة السرير التي تلي اليد اليمنى للميت فيضعها على كتفه الأيسر ثم ينتقل فيضع القائمة التي تلي رجله اليمنى على كتفه الأيسر ثم ينتقل فيضع القائمة التي تلي رجله اليسرى على كتفه الأيمن ثم ينتقل فيضع القائمة التي تلي يده اليسرى على كتفه الأيمن و هكذا انتهى. و لقد أحسن في التعبير لكن كان الأحسن أن يقول كتفه الأيمن مكان كتفه الأيسر و بالعكس كما عرفت و كذا يدل على ما ذكرنا ما نقله الشهيد ره عن الراوندي أنه حكى كلام النهاية و الخلاف و قال معناهما لا يتغير و إن جعله الشهيد مؤيدا لما اختاره و مع ذلك كله لا يبعد القول بالتخيير بين الوجهين لظهور بعض الأخبار في الجملة فيما اختاره المتأخرون و الله يعلم و حججه الكرام ع حقائق الأحكام
37- دعوات الراوندي، خرج النبي ص في جنازة ماشيا قيل أ لا تركب يا رسول الله فقال إني أكره أن أركب و الملائكة يمشون فأبى أن يركب
توضيح رواه الشيخ في الصحيح على الظاهر عن أبي عبد الله ع و ظاهره عدم اختصاص الحكم به ص و لا بالجنازة المخصوصة بل يعم التعليل و يؤيده
ما رواه العامة عن ثوبان قال خرجنا مع النبي ص في جنازة فرأى ناسا ركبانا فقال أ لا تستحيون إن ملائكة الله على أقدامهم و أنتم على ظهور الدواب
و قال في المنتهى يستحب المشي مع الجنازة و يكره الركوب و هو قول العلماء كافة
38- دعوات الراوندي، عن زرارة قال حضر أبو جعفر ع جنازة رجل من قريش و أنا معه و كان عطا فيها فصرخت صارخة فقال عطا لتسكتن أو لنرجعن قال فلم تسكت فرجع عطا قال قلت لأبي جعفر ع إن عطا قد رجع قال و لم قلت كان كذا و كذا قال امض بنا فلو أنا إذا رأينا شيئا من الباطل تركنا الحق لم نقض حق مسلم فلما صلى على الجنازة قال وليها لأبي جعفر ع انصرف مأجورا رحمك الله فإنك لا تقدر على المشي فأبى أن يرجع قال فقلت قد أذن لك في الرجوع و لي حاجة أريد أن أسألك عنها فقال امضه فليس بإذنه جئنا و لا بإذنه نرجع إنما هو فضل طلبناه فبقدر ما يتبع الرجل يؤجر على ذلك
إيضاح رواه في الكافي بسند حسن و عطا هو ابن أبي رباح و كان بنو أمية يعظمونه جدا حتى أمروا المنادي ينادي لا يفتي الناس إلا عطا و إن لم يكن فعبد الله بن أبي نجيح و كان عطا أعور أفطس أعرج شديد السواد ذكره ابن الجوزي في تاريخه و في القاموس الصرخة الصيحة الشديدة و كغراب الصوت أو شديدة و الصارخ المغيث و المستغيث ضد انتهى أي صاحت بالنوح و الجزع امرأة و قال الشيخ البهائي قدس الله روحه يستفاد من هذا الحديث أمور الأول تأكد كراهة الصراخ على الميت حيث جعله ع من الباطل و لعل ذلك بالنسبة إلى المرأة إذا سمع صوتها الأجانب إن لم نجعل مطلق إسماع المرأة صوتها الأجانب محرما بل مع خوف الفتنة لا بدونه كما ذكره بعض علمائنا. الثاني أن رؤية الأمور الباطلة و سماعها لا ينهض عذرا في التقاعد عن قضاء حقوق الإخوان. الثالث أن موافقتهم بامتثال ما يستدعونه من الاقتصار على اليسير من الإكرام و تأدية الحقوق ليس أفضل من مخالفتهم في ذلك بل الأمر بالعكس. الرابع أن تعجيل قضاء حاجة المؤمن ليس أهم من تشييع الجنازة بل الأمر بالعكس و لعل عدم سؤال زرارة حاجته من الإمام ع في ذلك المجمع و إرادته أن يرجع ليسأله عنها لأنها كانت مسألة دينية لا يمكنه إظهارها في ذلك الوقت لحضور جماعة من المخالفين فأراد أن يرجع ع ليخلو به و يسأله عنها انتهى كلامه رفع مقامه. و قال العلامة في المنتهى لو رأى منكرا مع الجنازة أو سمعه فإن قدر على إنكاره و إزالته فعل و أزاله و إن لم يقدر على إزالته استحب له التشييع و لا يرجع لذلك خلافا لأحمد
39- المسلسلات، للشيخ جعفر بن أحمد القمي قال حدثنا إسماعيل بن عباد بن العباس الوزير قال حدثني سليمان بن أحمد عن أحمد بن أبي يحيى الحضرمي عن محمد بن داود بن أبي ناجية عن سفيان بن عيينة قال الزهري حدثنيه و معمر أثبتنيه أخذته من فلق فيه يعيده و يبديه عن سالم عن أبيه أن النبي ص و أبا بكر و عمر كانوا يمشون أمام السرير
40- دعائم الإسلام، روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه ع أن رسول الله ص أسر إلى فاطمة ع أنها أولى من يلحق به من أهل بيته فلما قبض و نالها من القوم ما نالها لزمت الفراش و نحل جسمها و ذاب لحمها و صارت كالخيال و عاشت بعد رسول الله صلوات الله عليهما سبعين يوما فلما احتضرت قالت لأسماء بنت عميس كيف أحمل على رقاب الرجال مكشوفة و قد صرت كالخيال و جف جلدي على عظمي قالت أسماء يا بنت رسول الله إن قضى الله عليك بأمر فسوف أصنع لك شيئا رأيته في بلد الحبشة قالت و ما هو قالت النعش يجعلونه من فوق السرير على الميت يستره قالت لها افعلي فلما قبضت صلوات الله عليها صنعته لها أسماء فكان أول نعش عمل للنساء في الإسلام
و عن علي ع أن رسول الله ص نهى أن يوضع الحنوط على النعش
و عنه ع أنه نظر إلى نعش ربطت عليه حلتان حمراء و صفراء زين بهما فأمر ع بهما فنزعتا و قال سمعت رسول الله ص يقول أول عدل الآخرة القبور لا يعرف فيها غني من فقير
و عنه ع أنه نظر إلى قوم مرت بهم جنازة فقاموا قياما على أقدامهم فأشار إليهم أن اجلسوا
و عن الحسن بن علي ع أنه مشى مع جنازة فمر على قوم فذهبوا ليقوموا فنهاهم فلما انتهى إلى القبر وقف يتحدث مع أبي هريرة و ابن الزبير حتى وضعت الجنازة فلما وضعت جلس و جلسوا
و عن علي ع أنه سمع رسول الله ص يقول في جنازة ما أدري أيهم أعظم ذنبا الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء أم الذي يقول ارفقوا رفق الله بكم أم الذي يقول استغفروا له غفر الله لكم
و عن علي صلوات الله عليه أنه قال أسرعوا بالجنائز و لا تدبوا بها
و عنه ع أنه سئل عن حمل الجنازة أ واجب هو على من شهدها قال لا و لكنه خير من شاء أخذ و من شاء ترك
و عنه ع أنه رخص في حمل الجنازة على الدابة هذا إذا لم يوجد من يحملها أو من عذر فأما السنة أن يحملها الرجال
و عنه ع أنه كان يستحب لمن بدا له أن يعين في حمل الجنازة أن يبدأ بياسرة السرير فيأخذها ممن هي في يديه بيمينه ثم يدور بالجوانب الأربعة
و عنه ع أنه قال قال رسول الله ص اتبعوا الجنازة و لا تتبعكم خالفوا أهل الكتاب و إن رجلا قال له كيف أصبحت يا رسول الله قال خير من رجل لم يمش وراء جنازة و لم يعد مريضا
و عن علي ع أن أبا سعيد الخدري سأله عن المشي مع الجنازة أي ذلك أفضل أمامها أم خلفها فقال ع له مثلك يسأل عن هذا قال إي و الله لمثلي يسأل عنه قال علي إن فضل الماشي خلفها على الماشي أمامها كفضل صلاة المكتوبة على التطوع فقال أبو سعيد أ عن نفسك تقول هذا أم سمعته من رسول الله ص قال بل سمعت رسول الله ص يقوله
و عنه صلوات الله عليه أنه كان يمشي خلف الجنازة حافيا يبتغي بذلك الفضل
و عنه أن رسول الله ص مشى مع جنازة فنظر إلى امرأة تتبعها فوقف و قال ردوا المرأة فردت و وقف حتى قيل قد توارت بجدر المدينة يا رسول الله فمضى ص
و عن جعفر بن محمد عن آبائه ع أن رسول الله ص قال إذا دعيتم إلى الجنائز فأسرعوا فإنها تذكركم الآخرة
و عن أبي جعفر ع أنه سئل عن الرجل يدعى إلى جنازة و وليمة أيهما يجيب قال يجيب الجنازة فإن حضور الجنازة يذكر الموت و الآخرة و حضور الولائم يلهي عن ذلك
بيان قال في القاموس الخيال و الخيالة ما تشبه لك في اليقظة و الحلم من صورة و كساء أسود ينصب على عود يخيل به للبهائم و الطير فيظنه إنسانا