1- السرائر، نقلا من كتاب البزنطي عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر ع قال سألته عن الرجل به القرح لا يزال يدمي كيف يصنع قال يصلي و إن كانت الدماء تسيل
و منه عن البزنطي عن العلاء عن محمد بن مسلم قال قال إن صاحب القرحة التي لا يستطيع صاحبها ربطها و لا حبس دمها يصلي و لا يغسل ثوبه في اليوم أكثر من مرة
بيان لا خلاف في العفو عن دم القروح و الجروح في الجملة و اختلف في تعيين الحد الموجب للترخص فقيل بالعفو عنه مطلقا إلى أن يبرأ سواء شقت إزالته أم لا و سواء كانت له فترة ينقطع فيها أم لا و اختاره أكثر المحققين من المتأخرين و اعتبر بعضهم سيلان الدم دائما و بعضهم السيلان في جميع الوقت أو تعاقب الجريان على وجه لا تتسع فتراتها لأداء الفريضة و منهم من ناط العفو بحصول المشقة و أوجب في المنتهى إبدال الثوب مع الإمكان و الأول لا يخلو من قوة. و قوله ع و إن كانت الدماء تسيل ظاهر الدلالة على أولوية الحكم في صورة عدم السيلان و ربما يتوهم من قوله فلا يزال يدمي أن الحكم مفروض فيما هو دائم السيلان و رد بأنه ليس معنى لا يزال يدمي أن جريانها متصل دائما بل معناه أن الدم يتكرر خروجها منه و لو حينا بعد حين فإذا قيل فلان لا يزال يتكلم بكذا فكان معناه عرفا أنه يصدر منه ذلك وقتا بعد وقت لا أنه دائمي. و يستفاد من بعض الروايات أنه لا يجب إبدال الثوب و لا تخفيف النجاسة و لا عصب موضع الدم بحيث يمنعه من الخروج و ظاهر الشيخ في الخلاف أنه إجماعي بين الطائفة فما ورد في الخبر الثاني يمكن حمله على الاستحباب. ثم إنه ذكر العلامة في عدة من كتبه أنه يستحب لصاحب القروح و الجروح غسل ثوبه في كل يوم مرة كما يدل عليه هذا الخبر و يدل عليه أيضا رواية سماعة قال سألته عن الرجل به القروح أو الجروح فلا يستطيع أن يربطه و لا يغسل دمه قال يصلي و لا يغسل ثوبه إلا كل يوم مرة فإنه لا يستطيع أن يغسل ثوبه كل ساعة. و علل الاستحباب بضعف السند و غفلوا عن هذا الخبر الصحيح الذي نقله ابن إدريس من كتاب البزنطي و الأحوط العمل به
2- السرائر، نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع عن أبيه عن آبائه ع كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذك يكون في الثوب فيصلي فيه الرجل يعني دم السمك
توضيح و تنقيح اعلم أن الدم لا يخلو إما أن يكون دم ذي النفس أم لا فإن كان دم ذي النفس فلا يخلو إما أن يكون دما مسفوحا أي خارجا من العرق بقوة أم لا و على الثاني فلا يخلو إما أن يكون دما متخلفا في الذبيحة أم لا و الأول ينقسم بحسب أحوال المذبوح إلى مأكول اللحم و غيره و إن لم يكن دم ذي النفس فلا يخلو من أن يكون دم سمك أو غيره فهاهنا أقسام ستة. الأول الدم المسفوح و لا ريب في نجاسته. الثاني الدم المتخلف بعد الذبح في حيوان مأكول اللحم و الظاهر أنه حلال طاهر بغير خلاف يعرف. الثالث الدم المتخلف في حيوان غير مأكول اللحم و ظاهر الأصحاب الحكم بنجاسته لعدم استثنائهم له عن الدم المحكوم بالنجاسة قال صاحب المعالم و تردد في حكمه بعض من عاصرناه من مشايخنا و ينشأ التردد من إطلاق الأصحاب الحكم بنجاسة الدم مما له نفس مدعين الاتفاق عليه و هذا بعض أفراده و من ظاهر قوله تعالى أو دَماً مَسْفُوحاً حيث دل على حل غير المسفوح و هو يقتضي طهارته ثم ضعف الثاني بوجوه لا تخلو من قوة و قال عموم ما دل على تحريم الحيوان الذي هو دمه يتناوله و حل الدم مع حرمة اللحم أمر مستبعد جدا لا سيما مع ظهور الاتفاق بينهم على التحريم. الرابع ما عدا المذكورات من الدماء التي لا تخرج بقوة من عرق و لا لها كثرة و انصباب لكنه له نفس فظاهر الأصحاب الاتفاق على نجاسته و يستفاد ذلك أيضا من بعض الأخبار و ظاهر المعتبر و التذكرة نقل الإجماع عليه و يتوهم من عبارة بعض الأصحاب طهارته و هو ضعيف و لعل كلامهم مؤول. الخامس دم السمك و الظاهر أن طهارته إجماعي بين الأصحاب كما نقله جماعة كثيرة منهم و ربما فهم من كلام الشيخ في المبسوط نجاسته و عدم وجوب إزالته و لعل كلامه مؤول كما يفهم من سائر كتبه و هذا الخبر من جملة ما استدل به على طهارته و أما حل دم السمك فالمشهور حله و يظهر من عبارة بعض الأصحاب التوقف فيه و الحل أقوى. السادس دم غير السمك مما لا نفس له و قد نقل جماعة من الأصحاب الإجماع على طهارة دم كل حيوان لا نفس له و ربما فهم من كلام الشيخ و بعض الأصحاب النجاسة مع العفو عن إزالته و هو ضعيف و كلامهم قابل للتأويل
-3 الهداية، و أما الدم إذا أصاب الثوب فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن مقداره مقدار درهم واف و هو ما يكون وزنه درهما و ثلثا و ما كان دون الدرهم الوافي فقد يجب غسله و لا بأس بالصلاة فيه و دم الحيض إذا أصاب الثوب فلا تجوز الصلاة فيه قليلا كان أو كثيرا و لا بأس بدم السمك في الثوب أن يصلى فيه قليلا كان أو كثيرا
4- فقه الرضا ع، إن أصاب ثوبك دم فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن مقدار درهم واف و الوافي ما يكون وزنه درهما و ثلثا و ما كان دون الدرهم الوافي فلا يجب عليك غسله و لا بأس بالصلاة فيه و إن كان الدم حمصة فلا بأس بأن لا تغسله إلا أن يكون دم الحيض فاغسل ثوبك منه و من البول و المني قل أم كثر و أعد منه صلاتك علمت به أم لم تعلم و قد روي في المني إذا لم تعلم من قبل أن تصلي فلا إعادة عليك و لا بأس بدم السمك في الثوب أن تصلي فيه قليلا كان أم كثيرا
5- و أروي عن العالم ع أن قليل الدم و كثيره إذا كان مسفوحا سواء و ما كان رشحا أقل من مقدار درهم جازت الصلاة فيه و ما كان أكثر من درهم غسل
و روي في دم الدماميل يصيب الثوب و البدن أنه قال يجوز فيه الصلاة و أروي أنه لا يجوز
6- و أروي أنه لا بأس بدم البعوض و البراغيث و أروي ليس دمك مثل دم غيرك و نروي قليل البول و الغائط و الجنابة و كثيرها سواء لا بد من غسله إذا علم به فإذا لم يعلم به أصابه أم لم يصبه رش على موضع الشك الماء فإن تيقن أن في ثوبه نجاسة و لم يعلم في أي موضع من الثوب غسله كله
تحقيق و تفصيل اعلم أن العفو عما دون الدرهم نقل جماعة من الأصحاب عليه الإجماع إلا أنه يلوح من كلام ابن أبي عقيل نوع مخالفة فيه حيث حكى عنه في المختلف أنه قال إذا أصاب ثوبه دم فلم يره حتى صلى فيه ثم رآه بعد الصلاة و كان الدم على قدر الدينار غسل ثوبه و لم يعد الصلاة و إن كان أكثر من ذلك أعاد الصلاة و لو رآه قبل صلاته أو علم أن في ثوبه دما و لم يغسله حتى صلى غسل ثوبه قليلا كان الدم أو كثيرا و قد روي أنه لا إعادة عليه إلا أن يكون أكثر من مقدار الدينار. و كذا نقلوا الإجماع على عدم العفو عما زاد على الدرهم و اختلفوا فيما كان بقدر الدرهم فذهب الأكثر إلى وجوب إزالته و نقل عن المرتضى و سلار القول بالعفو عنه و الإزالة أحوط مع أن إجمال معنى الدرهم و عدم انضباطه مما ينفي فائدة هذا الخلاف إذ لم يثبت حقيقة شرعية فيه و كلام الأصحاب مختلف في تفسيره و تحديده فالمشهور بينهم أن الدرهم الوافي المضروب من درهم و ثلث و بعضهم وصفه بالبغلي. و قال المحقق هو نسبة إلى قرية بالجامعين و ضبطه جماعة بفتح الغين و تشديد اللام و قال ابن إدريس شاهدت درهما من تلك الدراهم تقرب سعته من سعة أخمص الراحة و هو ما انخفض منها و قال في الذكرى هو بإسكان الغين منسوب إلى رأس البغل ضربه الثاني في ولايته بسكة كسروية وزنه ثمانية دوانيق و عن ابن الجنيد سعته كعقد الإبهام الأعلى. ثم إن المشهور بين الأصحاب عدم الفرق في العفو بين الثوب و البدن و ربما يستشكل في البدن لورود أكثر الروايات في الثوب و قوله و الوافي إلى قوله علمت به أم لم تعلم ذكره الصدوق في الفقيه و فيه و إن كان الدم دون حمصة و هو أظهر. و يحتمل أن يكون المراد في الأول السعة و هنا الوزن أو المراد بالأول ما إذا لطخ به الثوب أو البدن و بالثاني ما إذا اجتمع و ارتفع و حصل له حجم أو يراد بالأول الثوب و بالثاني الدم الخارج من البدن. و يؤيد الأخير بل الثاني أيضا ما رواه
الشيخ عن مثنى بن عبد السلام عن أبي عبد الله ع قال قلت له إني حككت جلدي فخرج منه دم فقال إذا اجتمع منه قدر حمصة فاغسله و إلا فلا
و الوجه الأول ذكره السيد في المدارك و قال الظاهر أن المراد بقدر الحمصة قدرها وزنا لا سعة و هو يقرب من سعة الدرهم و لا يخفى ما فيه إذ يمكن أن يلطخ بقدر الحمصة من الدم تمام الثوب و لا ندري أي شيء أراد بقربه من سعة الدرهم. و أما استثناء دم الحيض و أنه لا يعفى عن قليله و كثيره فهو مقطوع به في كلام الأصحاب و استندوا إلى رواية أبي سعيد عن أبي بصير قال لا تعاد الصلاة من دم لم تبصره إلا دم الحيض فإن قليله و كثيره إن رآه و إن لم يره سواء و قالوا ضعف سنده منجبر بعمل الأصحاب و ألحق الشيخ به دم الاستحاضة و النفاس و الراوندي دم نجس العين و في الجميع نظر. و أما الإعادة مع العلم و عدمه فهو بإطلاقه مخالف للمشهور و لسائر الأخبار و ظاهر الخبر اختصاص الحكم بدم الحيض و لم أر ذلك في كلامهم و سيأتي الكلام فيه و الفرق بين المسفوح و الرشح غير معهود في الروايات و لا يمكن إثباته بهذا الخبر. و قوله و أروي أنه لا يجوز لعله محمول على ما إذا لم تعسر إزالته و الفرق بين دمه و دم غيره أيضا مخالف للمشهور و يمكن أن يكون مبنيا على أنه جزء من حيوان لا يؤكل لحمه
7- كتاب المسائل، بالإسناد المتقدم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الدمل يسيل منه القيح كيف يصنع قال إن كان غليظا أو فيه خلط من دم فاغسله كل يوم مرتين غدوة و عشية و لا ينقض ذلك الوضوء و إن أصاب ثوبك قدر دينار من الدم فاغسله و لا تصل فيه حتى تغسله
إيضاح ما ذكره من غسل القيح الغليظ لعله محمول على الاستحباب بل ما فيه خلط من الدم أيضا كما عرفت و حكى المحقق عن الشيخ أنه حكم بطهارة الصديد و القيح ثم قال و عندي في الصديد تردد أشبهه النجاسة لأنه ماء الجرح يخالطه يسير دم و لو خلا من ذلك لم يكن نجسا و خلافنا مع الشيخ يئول إلى العبارة لأنه يوافق على هذا التفصيل. ثم قال أما القيح فإن مازجه دم نجس بالممازج و إن خلا من الدم كان طاهرا لا يقال هو مستحيل عن الدم لأنا نقول لا نسلم أن كل مستحيل عن الدم لا يكون طاهرا كاللحم و اللبن انتهى و أما تقدير المعفو من الدم بالدينار فهو موافق لما حكيناه سابقا عن ابن أبي عقيل و الدرهم و الدينار متقاربان سعة
8- كتاب المسائل، بالإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن قدر فيها ألف رطل ماء فطبخ فيها لحم و وقع فيها وقية دم هل يصلح أكله قال إذا طبخ فكل فلا بأس
بيان ذهب الشيخ في النهاية إلى أنه إذا وقع قليل من دم كالأوقية فما دون في القدر و هي تغلي على النار حل مرقها إذا ذهب الدم بالغليان و نحوه قال المفيد إلا أنه لم يقيد الدم بالقليل و استند إلى صحيحة
سعيد الأعرج عن الصادق ع قال سألته عن قدر فيها جزور وقع فيها قدر أوقية من دم أ يؤكل قال نعم قال النار تأكل الدم
و مثله روى زكريا بن آدم عن الرضا ع. و ذهب ابن إدريس و المتأخرون إلى بقاء المرق على نجاسته و في المختلف حمل الدم على ما ليس بنجس كدم السمك و شبهه و أورد عليه أن التعليل بأن الدم تأكله النار يأبى عن ذلك إذ لو كان طاهرا لعل بطهارته و لو قيل بأن الدم الطاهر يحرم أكله فتعليله بأكل النار ليذهب التحريم و إن لم يكن نجسا ففيه أن استهلاكه في المرق إن كفى في حله لم يتوقف على النار و إلا لم تؤثر النار في حله انتهى. أقول يمكن أن يحمل التقييد بالغليان على الاستحباب لرفع استقذار النفس و إن كان القول بالحل مطلقا لا يخلو من قوة
9- دعائم الإسلام، عن الباقر ع و الصادق ع أنهما قالا في الدم يصيب الثوب يغسل كما تغسل النجاسات و رخصا في النضح اليسير منه و من سائر النجاسات مثل دم البراغيث و أشباهه قالا فإذا تفاحش غسل
إيضاح اختلف الأصحاب في وجوب إزالة الدم المتفرق على الثوب أو البدن إذا كان بحيث لو جمع بلغ الدرهم فقال ابن إدريس الأحوط للعبادة وجوب إزالته و الأقوى و الأظهر في المذهب عدم الوجوب و نحوه قال في المبسوط و الشرائع و النافع و قال في النهاية لا تجب إزالته ما لم يتفاحش و هو خيرة المعتبر و قال سلار و ابن حمزة تجب إزالته و اختاره العلامة في جملة من كتبه و الأول أقوى. و قال في المعتبر ليس للتفاحش تقدير شرعي و قد اختلف أقوال الفقهاء فيه فبعض قدره بالشبر و بعض بما يفحش في القلب و قدره أبو حنيفة بربع الثوب و الوجه أن المرجع فيه إلى العادة لأنها كالأمارة الدالة على المراد باللفظ إذا لم يكن له تقدير انتهى. ثم اعلم أن الرواية تدل على أن الرشح من غير الدم أيضا معفو كما قال به بعض الأصحاب و هو خلاف المشهور و الأحوط الإزالة قال في المختلف قال ابن إدريس قال بعض أصحابنا إذا ترشش على الثوب أو البدن مثل رءوس الإبر من النجاسات فلا بأس بذلك و الصحيح وجوب إزالتها قليلة كانت أو كثيرة و هو الأقوى عندي. ثم قال و قال السيد المرتضى في جواب المسائل الناصرية نجاسة الخمر أغلظ من سائر النجاسات لأن الدم و إن كان نجسا فقد أبيح لنا أن نصلي في ثوب إذا كان فيه دون قدر الدرهم و البول قد عفي عنه فيما ترشش عند الاستنجاء كرءوس الإبر و الخمر لم يعف عنه في موضع أصلا