الآيات طه فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً الحجرات يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ تفسير أقول الآية الأولى تومئ إلى إكرام الروضات المقدسة و خلع النعلين فيها بل عند القرب منها لا سيما في الطف و الغري لما روي أن الشجرة كانت في كربلاء و أن الغري قطعة من الطور و الثانية تدل على لزوم خفض الصوت عند قبر النبي ص و عدم جهر الصوت لا بالزيارة و لا بغيرها. لما روي أن حرمتهم بعد موتهم كحرمتهم في حياتهم و كذا عند قبور سائر الأئمة ع لما ورد أن حرمتهم كحرمة النبي ص
1- و يؤيد ما ذكرنا ما رواه الكليني ره بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع في خبر طويل يذكر فيه وفاة الحسن بن علي صلوات الله عليهما قال فلما أن صلى عليه حمل فأدخل المسجد فلما أوقف على قبر رسول الله ص بلغ عائشة الخبر و قيل لها إنهم قد أقبلوا بالحسن ليدفن مع رسول الله ص فخرجت مبادرة على بغل بسرج فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجا فوقفت فقالت نحوا ابنكم عن بيتي فإنه لا يدفن فيه شيء و لا يهتك على رسول الله حجابه فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما قديما هتكت أنت و أبوك حجاب رسول الله ص و أدخلت بيته من لا يحب رسول الله ص قربه و إن الله سائلك عن ذلك يا عائشة إن أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله ص ليحدث به عهدا و اعلمي أن أخي أعلم الناس بالله و رسوله و أعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ص ستره لأن الله تبارك و تعالى يقول يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ و قد أدخلت أنت بيت رسول الله ص الرجال بغير إذنه و قد قال الله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ و لعمري لقد ضربت أنت لأبيك و فاروقه عند أذن رسول الله ص المعاول و قال الله عز و جل إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى و لعمري لقد أدخل أبوك و فاروقه على رسول الله ص بقربهما منه الأذى و ما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسوله ص أن الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء و تالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه ع جائزا فيما بيننا و بين الله لعلمت أنه سيدفن و إن رغم معطسك
أقول هذا الخبر يدل على أنه ينبغي أن يراعى في روضاتهم ما كان ينبغي أن يراعى في حياتهم من الآداب و التعظيم و الإكرام
2- ب، ]قرب الإسناد[ ابن سعد عن الأزدي قال خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله ع فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق من أزقة المدينة و هو جنب و نحن لا علم لنا حتى دخلنا على أبي عبد الله ع فسلمنا عليه فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال له يا أبا بصير أ ما تعلم أنه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت الأنبياء فرجع أبو بصير و دخلنا
3- ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال لا تشرب و أنت قائم و لا تطف بقبر و لا تبل في ماء نقيع فإنه من فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه و من فعل شيئا من ذلك لم يكن يفارقه إلا ما شاء الله
بيان يحتمل أن يكون النهي عن الطواف بالعدد المخصوص الذي يطاف بالبيت. و سيأتي في بعض الزيارات إلا أن نطوف حول مشاهدكم و في بعض الروايات قبل جوانب القبر
4- و روى الكليني عن محمد بن يحيى و أحمد بن محمد عن محمد بن الحسن عن أحمد بن الحسين عن محمد بن طيب عن عبد الوهاب بن منصور عن محمد بن أبي العلا قال سمعت يحيى بن أكثم قاضي سامراء بعد ما جهدت به و ناظرته و حاورته و واصلته و سألته عن علوم آل محمد قال بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله ص فرأيت محمد بن علي الرضا ع يطوف به فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إلي الخبر
و الأحوط أن لا يطوف إلا للإتيان بالأدعية و الأعمال المأثورة و إن أمكن تخصيص النهي بقبر غير المعصوم إن كان معارض صريح و يحتمل أن يكون المراد بالطواف المنفي هنا التغوط. قال في النهاية الطوف الحدث من الطعام و منه الحديث نهي عن متحدثين على طوفهما أي عند الغائط و يؤيد هذا الوجه
5- أنه روى الكليني بسند صحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال من تخلى عند قبر أو بال قائما أو بال في ماء قائم أو مشى في حذاء واحد أو شرب قائما أو خلى في بيت وحده أو بات على غمر فأصابه شيء من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء الله و أسرع ما يكون الشيطان إلى الإنسان و هو على بعض هذه الحالات
6- مع أنه روي أيضا بسند آخر فيه ضعف عن محمد بن مسلم راوي هذا الحديث عن أحدهما ع أنه قال لا تشرب و أنت قائم و لا تبل في ماء نقيع و لا تطف بقبر و لا تخل في بيت وحدك و لا تمش بنعل واحدة فإن الشيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على بعض هذه الحالات و قال إنه ما أصاب أحدا شيء على هذه الحال فكاد أن يفارقه إلا أن يشاء الله عز و جل
فإن كون كل ما في هذا الخبر موجودا في الخبر السابق سوى قوله لا تطف بقبر مع أن فيه مكانه من تخلى على قبر لا سيما مع اتحاد الراوي و اشتراك المفسدة المترتبة فيهما ما يورث ظنا قويا بكون الطوف هنا بمعنى التخلي و كذا اشتراك المفسدة و سائر الخصال بين خبر الحلبي و الخبر الأول يدل على أن الطوف فيه أيضا بهذا المعنى و لا أظنك ترتاب بعد التأمل الصادق في الأخبار الثلاثة في أن الأظهر ما ذكرنا
7- ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال قلت له الصلاة بين القبور قال صل بين خلالها و لا تتخذ شيئا منها قبلة فإن رسول الله ص نهى عن ذلك و قال لا تتخذوا قبري قبلة و لا مسجدا فإن الله عز و جل لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
8- ج، ]الإحتجاج[ كتب الحميري إلى الناحية المقدسة يسأل عن الرجل يزور قبور الأئمة ع هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا و هل يجوز لمن صلى عند بعض قبورهم ع أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة أم يقوم عند رأسه أو رجليه و هل يجوز أن يتقدم القبر و يصلي و يجعل القبر خلفه أم لا فأجاب ع أما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة و الذي عليه العمل أن يضع خده الأيمن على القبر و أما الصلاة فإنها خلفه و يجعل القبر أمامه و لا يجوز أن يصلي بين يديه و لا عن يمينه و لا عن يساره لأن الإمام صلى الله عليه لا يتقدم عليه و لا يساوى
بيان يمكن حمل الخبر السابق على التقية أو على أنه لا يجوز أن يجعل قبورهم بمنزلة الكعبة قبلة يتوجه إليها من كل جانب و من الأصحاب من حمل الخبر الأول على الصلاة جماعة و الخبر الثاني على الصلاة فرادى و سيأتي الأخبار المؤيدة للخبر الثاني في أبواب الزيارات
9- كف، ]المصباح للكفعمي[ يقول في أثناء غسل الزيارة ما ذكره ابن عياش في كتاب الأغسال اللهم طهرني من كل ذنب و نجني من كل كرب و ذلل لي كل صعب إنك نعم المولى و نعم الرب رب كل يابس و رطب و تقول أيضا ما روي في غسل الزيارة بسم الله و بالله اللهم اجعله لي نورا و طهورا و حرزا و شفاء من كل داء و آفة و عاهة اللهم طهر به قلبي و اشرح به صدري و سهل به أمري
10- مل، ]كامل الزيارات[ أبي عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن بزيع عن بعض أصحابه يرفعه إلى أبي عبد الله ع قال قلت نكون بمكة أو بالمدينة أو الحير أو المواضع التي يرجى فيها الفضل فربما يخرج الرجل يتوضأ فيجيء آخر فيصير مكانه قال من سبق إلى موضع فهو أحق به يومه و ليلته
11- مل، ]كامل الزيارات[ أبي عن سعد عن ابن عيسى مثله
12- يب، ]تهذيب الأحكام[ ابن عيسى مثله
بيان ظاهر الخبر بقاء حقه و إن لم يبق فيه رحله و حمله بعض الأصحاب على ما إذا بقي رحله فيه فالتقييد باليوم و الليلة إما مبني على الغالب من عدم بقاء الرجل في مثل ذلك المكان أزيد من هذا الزمان أو يقال بأن مع بقاء الرجل أيضا لا يبقى حقه أكثر من ذلك. قال الشهيد الثاني رحمة الله عليه لا خلاف في زوال ولايته مع انتقاله عنه بنية المفارقة أما مع خروجه عنه بنية العود إليه فإن كان رحله باقيا و هو شيء من أمتعته و إن قل فهو أحق به للنص على ذلك هنا. و قيده في الذكرى بأن لا يطول زمان المفارقة و إلا بطل حقه أيضا و إن لم يكن رحله باقيا فإن كان قيامه لغير ضرورة سقط حقه مطلقا في المشهور و إن كان قيامه لضرورة كتجديد طهارة و إزالة نجاسة و قضاء حاجة ففي بطلان حقه وجهان انتهى
13- مل، ]كامل الزيارات[ أبي و الكليني عن محمد بن يحيى و غيره عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن زياد بن أبي الحلال عن أبي عبد الله ع قال ما من نبي و لا وصي نبي يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيام حتى يرفع روحه و عظمه و لحمه إلى السماء فإنما تؤتى مواضع آثارهم لأنهم يبلغون من بعيد السلام و يسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب
14- يب، ]تهذيب الأحكام[ محمد بن أحمد بن داود القمي عن أبيه عن الصفار عن أحمد بن محمد مثله
15- صبا، ]مصباح الزائر[ عن الصادق ع قال من زار إماما مفترض الطاعة بعد وفاته و صلى عنده أربع ركعات كتبت له حجة و عمرة
16- كش، ]رجال الكشي[ حمدويه عن اليقطيني عن يونس عن أبي الحسن المكفوف عن رجل عن بكير قال لقيت أبا بصير المرادي فقلت أين تريد قال أريد مولاك قلت أنا أتبعك فمضى معي فدخلنا عليه و أحد النظر فقال هكذا تدخل بيوت الأنبياء و أنت جنب قال أعوذ بالله من غضب الله و غضبك فقال أستغفر الله و لا أعود روى ذلك أبو عبد الله البرقي عن بكير
بيان يفهم من هذا الخبر المنع من دخول الجنب في مشاهدهم لما دلت عليه الأخبار من أن حرمتهم بعد موتهم كحرمتهم في حياتهم و يؤيده العمومات الدالة على تكريمهم و تعظيمهم بل الأحوط عدم دخول الحائض و النفساء أيضا فيها
17- يب، ]تهذيب الأحكام[ المفيد عن محمد بن أحمد بن طاهر الموسوي عن ابن عقدة عن علي بن فضال عن أخيه أحمد عن العلا بن يحيى أخي مغلس عن عمرو بن زياد عن عطية الأبزاري قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لا تمكث جثة نبي و لا وصي نبي في الأرض أكثر من أربعين يوما
بيان يمكن الجمع بين هذا الخبر و ما سبق بأن يكون رفع الأكثر بعد الثلاثة و يمكث بعضهم إلى أربعين ثم يرفع أو بأنه يرفع كل منهم بعد الثلاثة ثم يرجع إلى قبره ثم يرفع بعد الأربعين. ثم إن في هذين الخبرين إشكالا من جهة منافاتهما لكثير من الأخبار الدالة على بقاء أبدانهم في الأرض كأخبار نقل عظام آدم ع و نقل عظام يوسف ع و بعض الآثار الواردة بأنهم نبشوا قبر الحسين ع فوجدوه في قبره و أنهم حفروا في الرصافة بئرا فوجدوا فيها شعيب بن صالح و أمثال تلك الأخبار كثيرة. فمنهم من حمل أخبار الرفع على أنهم يرفعون بعد الثلاثة ثم يرجعون إلى قبورهم كما ورد في بعض الأخبار أن كل وصي يموت يلحق بنبيه ثم يرجع إلى مكانه. و منهم من حملها على أنها صدرت لنوع من المصلحة تورية لقطع أطماع الخوارج و النواصب الذين كانوا يريدون نبش قبورهم و إخراجهم منها و قد عزموا على ذلك مرارا فلم يتيسر لهم. و يمكن حمل أخبار نقل العظام على أن المراد نقل الصندوق المتشرف بعظامهم و جسدهم في ثلاثة أيام أو أربعين يوما أو أن الله تعالى ردهم إليها لتلك المصلحة و على هذا الأخير يحمل الأخبار الأخر و الله يعلم. و قال الشيخ أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد إنا لا نشك في موت الأنبياء ع غير أن الخبر قد ورد بأن الله تعالى يرفعهم بعد مماتهم إلى سمائه و أنهم يكونون فيها أحياء منعمين إلى يوم القيامة و ليس ذلك بمستحيل في قدرة الله تعالى و قد ورد عن النبي ص أنه قال أنا أكرم على الله من أن يدعني في الأرض أكثر من ثلاث و هكذا عندنا حكم الأئمة ع قال النبي ص لو مات نبي بالمشرق و مات وصيه بالمغرب لجمع الله بينهما و ليست زيارتنا لمشاهدهم على أنهم بها و لكن لشرف الموضع فكانت غيبة الأجسام فيها و لعبادة أيضا ندبنا إليها إلى آخر ما قال رحمه الله و الله يعلم
-18 كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عثمان بن عيسى عن عدة من أصحابنا قال لما قبض أبو جعفر ع أمر أبو عبد الله ع بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد الله ثم أمر أبو الحسن ع بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله ع حتى خرج به إلى العراق ثم لا أدري ما كان
19- يب، ]تهذيب الأحكام[ محمد بن أبي عمير عن حفص بن البختري قال من خرج من مكة أو المدينة أو مسجد الكوفة أو حائر الحسين صلوات الله عليه قبل أن ينتظر الجمعة نادته الملائكة أين تذهب لا ردك الله
20- يب، ]تهذيب الأحكام[ محمد بن أحمد بن داود القمي عن الحسين بن أحمد بن إدريس عن أبيه عن الحسن بن علي الدقاق عن إبراهيم بن الزيات عن محمد بن سليمان زرقان عن علي بن محمد العسكري ع قال قال لي يا زرقان إن تربتنا كانت واحدة فلما كان أيام الطوفان افترقت التربة فصارت قبورنا شتى و التربة واحدة
21- يب، ]تهذيب الأحكام[ محمد بن أحمد بن داود عن محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن يحيى عن رجل عن الزبير بن عقبة عن فضال بن موسى النهدي عن العلاء بن سيابة عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قال الغسل عند لقاء كل إمام
22- يب، ]تهذيب الأحكام[ محمد بن أحمد بن داود عن أبي بشر بن إبراهيم القمي عن أبي محمد الحسن بن علي الزعفراني عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال كان أبو عبد الله ع يقول في غسل الزيارة إذا فرغ من الغسل اللهم اجعله لي نورا و طهورا و حرزا و كافيا من كل داء و سقم و من كل آفة و عاهة و طهر به قلبي و جوارحي و عظامي و لحمي و دمي و شعري و بشري و مخي و عصبي و ما أقلت الأرض مني و اجعله لي شاهدا يوم القيامة يوم حاجتي و فقري و فاقتي
بيان الزيارة في هذا الخبر يحتمل أن يكون المراد بها طواف الزيارة بل هو الأكثر في إطلاق الأخبار لكن الشيخ ره أورده في باب غسل زيارة الأئمة ع فلعله اطلع على ما يؤيد هذا المعنى و قد وردت أخبار كثيرة بهذه اللفظة في تعداد الأغسال قد مر بعضها في كتاب الطهارة و استدل بعض الأصحاب بإطلاقها و عمومها على استحباب الغسل لزيارتهم ع للقريب و البعيد و ما ذكرنا من الاحتمال جار فيها و قد مر الكلام فيها في أبواب الأغسال فتذكر
23- يب، ]تهذيب الأحكام[ موسى بن القاسم عن محمد بن عذافر عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله ع قال من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل في كل موضع يجب فيه الغسل و من اغتسل ليلا كفاه غسله إلى طلوع الفجر
بيان هذا الخبر الصحيح يدل بعمومه على أن غسل الزيارة إذ أتي به في اليوم يكتفى به إلى الليل و كذا إن فعل في الليل كفى إلى الفجر إذ الظاهر أن المراد بالوجوب هنا اللزوم و الاستحباب المؤكد إذ الأغسال التي هذا حكمها مستحبة على الأشهر و الأظهر فلا يبطل الغسل الحدث الأصغر من النوم و غيره و الأخبار الواردة في إعادة الغسل إنما هي في غسل الإحرام و ليس فيها عموم و يؤيده أن بعض الأخبار التي استدل القوم بها لاستحباب غسل الزيارة ورد بهذا اللفظ و يوم الزيارة كما مر و قد سبق الكلام فيه
24- سر، ]السرائر[ جميل عن حسين الخراساني عن أحدهما ع أنه سمعه يقول غسل يومك يجزيك لليلتك و غسل ليلتك يجزيك ليومك
بيان هذا الخبر الذي أخرجه ابن إدريس من كتاب جميل الذي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه يدل على ما هو أوسع من الخبر المتقدم و أنه إذا اغتسل في أول اليوم يجزيه إلى آخر الليل أو بالعكس. ثم أقول سيأتي في الزيارة الكبيرة للحسين ع برواية الثمالي عن الصادق ع أنه قال في سياق كيفية زياراته ع
و صل عند رأسه ركعتين تقرأ في الأولى الحمد و يس و في الثانية الحمد و الرحمن و إن شئت صليت خلف القبر و عند رأسه أفضل فإذا فرغت فصل ما أحببت إلا أن ركعتي الزيارة لا بد منهما عند كل قبر
انتهى. أقول لعل هذا الخبر مستند القوم في ذكر هاتين الصورتين في كيفية كل من زيارات الأئمة ع و سيأتي أيضا في تلك الزيارة كيفية الاستئذان و أن الرقة علامة الإذن فلا تغفل. قال الشهيد رحمة الله عليه في الدروس للزيارة آداب أحدها الغسل قبل دخول المشهد و الكون على طهارة فلو أحدث أعاد الغسل قاله المفيد ره و إتيانه بخضوع و خشوع في ثياب طاهرة نظيفة جدد. و ثانيها الوقوف على بابه و الدعاء و الاستئذان بالمأثور فإن وجد خشوعا و رقة دخل و إلا فالأفضل له تحري زمان الرقة لأن الغرض الأهم حضور القلب ليلقى الرحمة النازلة من الرب فإذا دخل قدم رجله اليمنى و إذا خرج فباليسرى. و ثالثها الوقوف على الضريح ملاصقا له أو غير ملاصق و توهم أن البعد أدب وهم فقد نص على الاتكاء على الضريح و تقبيله. و رابعها استقبال وجه المزور و استدبار القبلة حال الزيارة ثم يضع عليه خده الأيمن عند الفراغ من الزيارة و يدعو متضرعا ثم يضع خده الأيسر و يدعو سائلا من الله تعالى بحقه و حق صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته و يبالغ في الدعاء و الإلحاح ثم ينصرف إلى ما يلي الرأس ثم يستقبل القبلة و يدعو. و خامسها الزيارة بالمأثور و يكفي السلام و الحضور. و سادسها صلاة ركعتين للزيارة عند الفراغ فإن كان زائرا للنبي ص ففي الروضة و إن كان لأحد الأئمة صلى الله عليهم فعند رأسه و لو صلاهما بمسجد المكان جاز و رويت رخصة في صلاتهما إلى القبر و لو استدبر القبلة و صلى جاز و إن كان غير مستحسن إلا مع البعد. و سابعها الدعاء بعد الركعتين بما نقل و إلا فبما سنح له في أمور دينه و دنياه و ليعمم الدعاء فإنه أقرب إلى الإجابة. و ثامنها تلاوة شيء من القرآن عند الضريح و إهداؤه إلى المزور و المنتفع بذلك الزائر و فيه تعظيم للمزور. و تاسعها إحضار القلب في جميع أحواله مهما استطاع و التوبة من الذنب و الاستغفار و الإقلاع. و عاشرها التصدق على السدنة و الحفظة للمشهد بإكرامهم و إعظامهم فإن فيه إكرام صاحب المشهد عليه الصلاة و السلام و ينبغي لهؤلاء أن يكونوا من أهل الخير و الصلاح و الدين و المروة و الاحتمال و الصبر و كظم الغيظ خالين من الغلظة على الزائرين قائمين بحوائج المحتاجين مرشدين ضال الغرباء و الواردين و ليتعهد أحوالهم الناظر فيه فإن وجد من أحد منهم تقصيرا نبهه عليه فإن أصر زجره فإن كان من المحرم جاز ردعه بالضرب إن لم يجد التعنيف من باب النهي عن المنكر. و حادي عشرها أنه إذا انصرف من الزيارة إلى منزله استحب له العود إليها ما دام مقيما فإذا حان الخروج ودع وداعا بالمأثور و سأل الله تعالى العود إليه. و ثاني عشرها أن يكون الزائر بعد الزيارة خيرا منه قبلها فإنها تحط الأوزار إذا صادفت القبول. و ثالث عشرها تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة لتعظم الحرمة و يشتد الشوق و روي أن الخارج يمشي القهقرى حتى يتوارى. و رابع عشرها الصدقة على المحاويج بتلك البقعة فإن الصدقة مضاعفة
هنالك و خصوصا على الذرية الطاهرة كما تقدم بالمدينة. و يستحب الزيارة في المواسم المشهورة قصدا و قصد الإمام الرضا في رجب فإنه من أفضل الأعمال. و لا كراهة في تقبيل الضرائح بل هو سنة عندنا و لو كان هناك تقية فتركه أولى. و أما تقبيل الأعتاب فلم نقف فيه على نص نعتد به و لكن عليه الإمامية و لو سجد الزائر و نوى بالسجدة الشكر لله تعالى على بلوغه تلك البقعة كان أولى و إذا أدرك الجمعة فلا يخرج قبل الصلاة. و من دخل المشهد و الإمام يصلي بدأ بالصلاة قبل الزيارة و كذلك لو كان قد حضر وقتها و إلا فالبدأة بالزيارة أولى لأنها غاية مقصده و لو أقيمت الصلاة استحب للزائرين قطع الزيارة و الإقبال على الصلاة و يكره تركه و على الناظر أمرهم بذلك و إذا إزار النساء فليكن منفردات عن الرجال و لو كان ليلا فهو أولى و ليكن متنكرات مستترات و لو زرن بين الرجال جاز و إن كره و ينبغي مع كثرة الزائرين أن يخفف السابقون إلى الضريح الزيارة و ينصرفوا ليحضر من بعدهم فيفوزوا من القرب إلى الضريح بما فاز أولئك. و قال ره و يستحب لمن حضر مزارا أن يزور عن والديه و أحبائه و عن جميع المؤمنين فيقول السلام عليك يا مولاي من فلان بن فلان أتيتك زائرا عنه فاشفع له عند ربك و تدعو له و لو قال السلام عليك يا نبي الله من أبي و أمي و زوجتي و ولدي و حامتي و جميع إخواني من المؤمنين أجزأ و جاز له أن يقول لكل واحد قد أقرأت رسول الله عنك السلام و كذا باقي الأنبياء و الأئمة. و قال رحمه الله قد بينا في كتاب الذكرى استحباب بناء قبور الأئمة عليهم ع و تعاهدها. و لنذكر هنا نبذا من أحكام المشاهد المقدسة لم يذكرها الأصحاب قد جمع المشهد بين المسجدية و الرباط فله حكمهما فمن سبق إلى منزل منه فهو أولى ما دام رحله باقيا و لو استبق اثنان و لم يمكن الجمع أقرع و لا فرق بين من يعتاد منزلا منه و بين غيره و الوقف على المشاهد يتبع شرط الواقف و لو فضل شيء من المصالح ادخر له إما عينا أو مشغولا في عقار يرجع نفعه عليه و لو فضل عن ذلك كله فالأقرب جواز صرفه في مشهد آخر أو مسجد و أمر مصالحة العامة إلى الحاكم الشرعي و يجوز انتفاع الزائر بالآلات المعدة فإذا انصرف سلمها إلى الناظر فيه و لو نقلت فرشه إلى مكان آخر للزائر جاز و إن خرج عن خطه المشهد و في جواز صرف أوقافه و نذوره إلى مصالح الزائرين مع استغنائهم عنها نظر أما مع الحاجة فيجوز كالمنقطع به عن أهله. و قال رحمه الله في الذكرى من الصلوات المستحبة صلاة الزيارة للنبي ص و أحد الأئمة ع و هي ركعتان بعد الفراغ من الزيارة يصلي عند الرأس و إذا زار أمير المؤمنين ع صلى ست ركعات لأن معه آدم و نوح على ما ورد في الأخبار. و قال ابن زهرة رحمه الله من زار و هو مقيم في بلده قدم الصلاة ثم زار عقيبها
25- أقول وجدت بخط الشيخ حسين بن عبد الصمد ره ما هذا لفظه ذكر الشيخ أبو الطيب الحسين بن أحمد الفقيه من زار الرضا ع أو واحدا من الأئمة ع فصلى عنده صلاة جعفر فإنه يكتب له بكل ركعة ثواب من حج ألف حجة و اعتمر ألف عمرة و أعتق ألف رقبة و وقف ألف وقفة في سبيل الله مع نبي مرسل و له بكل خطوة ثواب مائة حجة و مائة عمرة و عتق مائة رقبة في سبيل الله و كتب له مائة حسنة و حط منه مائة سيئة
و سيأتي في باب زيارة النبي من البعيد برواية أبي الدنيا عن النبي ص أنه قال لا تتخذوا قبري مسجدا
26- كتاب محمد بن المثنى عن جعفر بن محمد بن شريح عن ذريح المحاربي قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل يزور القبر كيف الصلاة على صاحب القبر قال يصلي على النبي ص و على صاحب القبر و ليس فيه شيء موقت