الآيات التكاثر ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ تفسير قال الطبرسي رحمه الله قال مقاتل يعني كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير و النعمة فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه إذا لم يشكروا رب النعيم حيث عبدوا غيره و أشركوا به ثم يعذبون على ترك الشكر و هذا قول الحسن قال لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار و قال الأكثرون إن المعنى ثم لتسألن يا معاشر المكلفين عن النعيم قال قتادة إن الله مسائل كل ذي نعمة عما أنعم عليه و قيل عن النعيم في المأكل و المشرب و غيرهما من الملاذ عن ابن جبير و قيل النعيم الصحة و الفراغ عن عكرمة و يعضده ما رواه ابن عباس
عن النبي ص قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة و الفراغ
و قيل هو الأمن و الصحة عن ابن مسعود و مجاهد و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع و قيل يسأل عن كل نعيم إلا ما خصه الحديث و هو
قوله ع ثلاثة لا يسأل عنها العبد خرقة يواري بها عورته أو كسرة يسد بها جوعته أو بيت يكنه من الحر و البرد
و روي أن بعض الصحابة أضاف النبي ص مع جماعة من أصحابه فوجدوا عنده تمرا و ماء باردا فأكلوا فلما خرجوا قال هذا من النعيم الذي يسألون عنه
و روى العياشي بإسناده في حديث طويل قال سأل أبو حنيفة أبا عبد الله ع عن هذه الآية فقال له ما النعيم عندك يا نعمان قال القوت من الطعام و الماء البارد فقال لئن أوقفك الله بين يديه يوم القيامة حتى يسألك عن أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه قال فما النعيم جعلت فداك قال نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد و بنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين و بنا ألف الله بين قلوبهم و جعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء و بنا هداهم الله للإسلام و هي النعمة التي لا تنقطع و الله سائلهم عن حق النعيم الذي أنعم به عليهم و هو النبي ص و عترته ع انتهى
و أقول قد مضت سائر الآيات المتعلقة بهذا الباب في باب جوامع ما يحل و ما يحرم مع تفسيرها
1- الدعائم، عن جعفر بن محمد ع أنه قال ليس في الطعام سرف و قال في قول الله عز و جل ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ الله أكرم من أن يطعمكم طعاما فيسألكم عنه و لكنكم مسئولون عن نعمة الله عليكم بنا هل عرفتموها و قمتم بحقها
و عنه ع أنه سئل عن المسك و العنبر و غيره من الطيب يجعل في الطعام قال لا بأس بذلك
2- كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه ع مثله
3- العيون، عن الحسين بن أحمد البيهقي عن محمد بن يحيى الصولي عن القاسم بن إسماعيل عن إبراهيم بن العباس الصولي عن الرضا ع أنه قال ليس في الدنيا نعيم حقيقي فقيل له فقول الله تعالى ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ما هذا النعيم في الدنيا أ هو الماء البارد فقال الرضا ع و علا صوته و كذا فسرتموه أنتم و جعلتموه على ضروب فقالت طائفة هو الماء البارد و قال غيرهم هو الطعام الطيب و قال آخرون هو النوم الطيب و لقد حدثني أبي عن أبيه الصادق ع أن أقوالكم هذه ذكرت عنده في قول الله عز و جل ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ فغضب و قال إن الله لا يسأل عباده عما تفضل به عليهم و لا يمن بذلك عليهم و الامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق ما لا يرضى المخلوقون به و لكن النعيم حبنا أهل البيت و موالاتنا يسأل الله عنه عباده بعد التوحيد و النبوة لأن العبد إذا وافاه بذلك أداه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول الخبر
4- المحاسن، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن شهاب بن عبد ربه قال قال أبو عبد الله ع اعمل طعاما و تنوق فيه و ادع عليه أصحابك
بيان في القاموس تنيق في مطعمه و ملبسه تجود و بالغ كتنوق
5- الكافي، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال ما عذب الله عز و جل قوما قط و هم يأكلون و إن الله عز و جل أكرم من أن يرزقهم شيئا ثم يعذبهم عليه حتى يفرغوا منه
6- المكارم، روي عن العالم ع ثلاثة لا يحاسب عليها المؤمن طعام يأكله و ثوب يلبسه و زوجة صالحة تعاونه و يحرز بها دينه
7- الخصال، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن الحسن بن علي بن أبي زياد عن الحلبي قال قال أبو عبد الله ع ثلاثة أشياء لا يحاسب الله عليها المؤمن طعام يأكله و ثوب يلبسه و زوجة صالحة تعاونه و تحصن فرجه
المحاسن، عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن الحلبي مثله
8- و منه، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن شهاب بن عبد ربه قال قال أبو عبد الله ع ليس في الطعام سرف
بيان كأنه محمول على ما إذا كان له سعة و كان غرضه إكرام المؤمنين لا الرياء و السمعة و سائر الأغراض الباطلة
9- المحاسن، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله ع في قوله ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال إن الله أكرم من أن يسأل مؤمنا عن أكله و شربه
10- و منه، عن أبيه عن القاسم بن محمد عن الحرث بن حريز عن سدير الصيرفي عن أبي خالد الكابلي قال دخلت على أبي جعفر ع فدعا بالغداء فأكلت معه طعاما ما أكلت طعاما قط أنظف منه و لا أطيب منه فلما فرغنا من الطعام قال يا أبا خالد كيف رأيت طعامنا قلت جعلت فداك ما رأيت أنظف منه قط و لا أطيب و لكني ذكرت الآية التي في كتاب الله لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ فقال أبو جعفر لا إنما تسألون عما أنتم عليه من الحق
11- و منه، عن عثمان بن عيسى عن أبي سعيد عن أبي حمزة قال كنا عند أبي عبد الله ع جماعة فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة و طيبا حتى تملينا و أتينا بتمر ينظر فيه إلى وجوهنا من صفائه و حسنه فقال رجل لتسألن يومئذ غدا عن هذا النعيم الذي تنعمتم عند ابن رسول الله ص فقال أبو عبد الله ع الله أكرم و أجل أن يطعمكم فيسوغكموه ثم يسألكم عنه و لكنه يسألكم عما أنعم به عليكم بمحمد و آل محمد
قال و رواه محمد بن علي عن عيسى بن هشام عن أبي خالد القماط عن أبي حمزة مثله بيان قال الجوهري امتلأ الشيء و تملأ بمعنى يقال تملأت من الطعام و الشراب
12- المحاسن، عن أبيه عن ابن فضال عن ابن بكير عن بعض أصحابه قال كان أبو عبد الله ع ربما أطعمنا الفراني و الأخبصة ثم يطعم الخبز و الزيت فقيل له لو دبرت أمرك حتى يعتدل فقال إنما تدبيرنا من الله إذا أوسع علينا وسعنا و إذا قتر علينا قترنا
تبيان في القاموس الفرن بالضم المخبز يخبز فيه الفرني لخبز غليظ مستدير أو خبزة مصنعبة مضمومة الجوانب إلى الوسط تشوى ثم تروى سمنا و لبنا و سكرا و الصنعبة الانقباض.
المحاسن، عن محمد بن علي عن يونس بن يعقوب عن عبد الأعلى قال أكلت مع أبي عبد الله ع فدعا و أتي بدجاجة محشوة و بخبيص فقال أبو عبد الله ع هذه أهديت لفاطمة ثم قال يا جارية ائتنا بطعامنا المعروف فجاء بثريد خل و زيت