1- ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن البرقي عن ابن فضال عن ثعلبة عن عمر بن أبي نصر عن سدير قال قال أبو جعفر ع و معي ابني يا سدير اذكر لنا أمرك الذي أنت عليه فإن كان فيه إغراق كففناك عنه و إن كان مقصرا أرشدناك قال فذهبت أن أتكلم فقال أبو جعفر ع أمسك حتى أكفيك أن العلم الذي وضع رسول الله ص عند علي ع من عرفه كان مؤمنا و من جحده كان كافرا ثم كان من بعده الحسن ع قلت كيف يكون بتلك المنزلة و قد كان منه ما كان دفعها إلى معاوية فقال اسكت فإنه أعلم بما صنع لو لا ما صنع لكان أمر عظيم
2- ع، ]علل الشرائع[ حدثنا علي بن أحمد بن محمد عن محمد بن موسى بن داود الدقاق عن الحسن بن أحمد بن الليث عن محمد بن حميد عن يحيى بن أبي بكير قال حدثنا أبو العلاء الخفاف عن أبي سعيد عقيصا قال قلت للحسن بن علي بن أبي طالب ع يا ابن رسول الله لم داهنت معاوية و صالحته و قد علمت أن الحق لك دونه و أن معاوية ضال باغ فقال يا با سعيد أ لست حجة الله تعالى ذكره على خلقه و إماما عليهم بعد أبي ع قلت بلى قال أ لست الذي قال رسول الله ص لي و لأخي الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعدا قلت بلى قال فأنا إذن إمام لو قمت و أنا إمام إذا قعدت يا با سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله ص لبني ضمرة و بني أشجع و لأهل مكة حين انصرف من الحديبية أولئك كفار بالتنزيل و معاوية و أصحابه كفار بالتأويل يا با سعيد إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب أن يسفه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة و إن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا أ لا ترى الخضر ع لما خرق السفينة و قتل الغلام و أقام الجدار سخط موسى ع فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضي هكذا أنا سخطتم علي بجهلكم بوجه الحكمة فيه و لو لا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل
قال الصدوق رحمه الله قد ذكر محمد بن بحر الشيباني رضي الله عنه في كتابه المعروف بكتاب الفروق بين الأباطيل و الحقوق في معنى موادعة الحسن بن علي بن أبي طالب لمعاوية فذكر سؤال سائل عن تفسير حديث يوسف بن مازن الراسبي في هذا المعنى و الجواب عنه و هو الذي رواه أبو بكر محمد بن الحسن بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري قال حدثنا أبو طالب زيد بن أحزم قال حدثنا أبو داود قال حدثنا القاسم بن الفضل قال حدثنا يوسف بن مازن الراسبي قال بايع الحسن بن علي صلوات الله عليه معاوية على أن لا يسميه أمير المؤمنين و لا يقيم عنده شهادة و على أن لا يتعقب على شيعة علي ع شيئا و على أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل و أولاد من قتل مع أبيه بصفين ألف ألف درهم و أن يجعل ذلك من خراج دارابجرد. قال و ما ألطف حيلة الحسن الصلوات الله عليه في إسقاطه إياه عن إمرة المؤمنين قال يوسف فسمعت القاسم بن محيمة يقول ما وفى معاوية للحسن بن علي صلوات الله عليه بشيء عاهده عليه و إني قرأت كتاب الحسن ع إلى معاوية يعدد عليه ذنوبه إليه و إلى شيعة علي ع فبدأ بذكر عبد الله بن يحيى الحضرمي و من قتلهم معه. فنقول رحمك الله إن ما قال يوسف بن مازن من أمر الحسن ع و معاوية عند أهل التميز و التحصيل تسمى المهادنة و المعاهدة أ لا ترى كيف يقول ما وفى معاوية للحسن بن علي بشيء عاهده عليه و هادنه و لم يقل بشيء بايعه عليه و المبايعة على ما يدعيه المدعون على الشرائط التي ذكرناها ثم لم يف بها لم يلزم الحسن ع. و أشد ما هاهنا من الحجة على الخصوم معاهدته إياه على أن لا يسميه أمير المؤمنين و الحسن ع عند نفسه لا محالة مؤمن فعاهده على أن لا يكون عليه أميرا إذ الأمير هو الذي يأمر فيؤتمر له. فاحتال الحسن صلوات الله عليه لإسقاط الايتمار لمعاوية إذا أمره أمرا على نفسه و الأمير هو الذي أمره مأمور من فوقه فدل على أن الله عز و جل لم يؤمره عليه و لا رسوله ص أمره عليه
فقد قال النبي ص لا يلين مفاء على مفيء
يريد أن من حكمه حكم هوازن الذين صاروا فيئا للمهاجرين و الأنصار فهؤلاء طلقاء المهاجرين و الأنصار بحكم إسعافهم النبي فيئهم لموضع رضاعه و حكم قريش و أهل مكة حكم هوازن. فمن أمره رسول الله ص عليهم فهو التأمير من الله جل جلاله و رسوله ص. أو من الناس كما قالوا في غير معاوية إن الأمة اجتمعت فأمرت فلانا و فلانا و فلانا على أنفسهم فهو أيضا تأمير غير أنه من الناس لا من الله و لا من رسوله و هو إن لم يكن تأميرا من الله و من رسوله و لا تأميرا من المؤمنين فيكون أميرهم بتأميرهم فهو تأمير منه بنفسه. و الحسن صلوات الله عليه مؤمن من المؤمنين فلم يؤمر معاوية على نفسه بشرطه عليه ألا يسميه أمير المؤمنين فلم يلزمه ذلك الايتمار له في شيء أمره به و فرغ صلوات الله عليه إذ خلص بنفسه من الإيجاب عليها الايتمار له عن أن يتخذ على المؤمنين الذين هم على الحقيقة مؤمنون و هم الذين كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ. و لأن هذه الطبقة لم يعتقدوا إمارته و وجوب طاعته على أنفسهم و لأن الحسن ع أمير البررة و قاتل الفجرة
كما قال النبي ص لعلي ع علي أمير البررة و قاتل الفجرة
فأوجب ع أنه ليس لبر من الأبرار أن يتأمر عليه و إن التأمير على أمير الأبرار ليس ببر هكذا يقتضي مراد رسول الله ص و لو لم يشترط الحسن بن علي ع على معاوية هذه الشروط و سماه أمير المؤمنين و قد قال النبي ص قريش أئمة الناس أبرارها لأبرارها و فجارها لفجارها. و كل من اعتقد من قريش أن معاوية إمامه بحقيقة الإمامة من الله عز و جل و اعتقد الايتمار له وجوبا عليه فقد اعتقد وجوب اتخاذ مال الله دولا و عباده خولا و دينه دخلا و ترك أمر الله إياه إن كان مؤمنا فقد أمر الله عز و جل المؤمنين بالتعاون على البر و التقوى فقال وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ. فإن كان اتخاذ مال الله دولا و عباده خولا و دين الله دخلا من البر و التقوى جاز على تأويلك من اتخذه إماما و أمره على نفسه كما ترون التأمير على العباد. و من اعتمد أن قهر مال الله على ما يقهر عليه و دين الله على ما يسأم و أهل دين الله على ما يسأمون هو بقهر من اتخذهم خولا و إن الله من قبله مديل في تخليص المال من الدول و الدين من الدخل و العباد من الخول علم و سلم و آمن و اتقى إن البر مقهور في يد الفاجر و الأبرار مقهورون في أيدي الفجار بتعاونهم مع الفاجر على الإثم و العدوان المزجور عنه المأمور بضده و خلافه و منافيه. و قد سئل الثوري السفيان عن العدوان ما هو فقال هو أن ينقل صدقة بانقيا إلى الحيرة فتفرق في أهل السهام بالحيرة و ببانقيا أهل السهام و أنا أقسم بالله قسما بارا أن حراسة سفيان و معاوية بن مرة و مالك بن معول و خيثمة بن عبد الرحمن خشبة زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع بكناس الكوفة بأمر هشام بن عبد الملك من العدوان الذي زجر الله عز و جل عنه و إن حراسه من سميتهم بخشبة زيد رضوان الله عليه الداعية بنقل صدقة بانقيا إلى الحيرة. فإن عذر عاذر عمن سميتهم بالعجز عن نصر البر الذي هو الإمام من قبل الله عز و جل الذي فرض طاعته على العباد على الفاجر الذي تأمر بإعانة الفجرة إياه قلنا لعمري إن العاجز معذور فيما عجز عنه و لكن ليس الجاهل بمعذور في ترك الطلب فيما فرض الله عز و جل عليه و إيجابه على نفسه فرض طاعته و طاعة رسوله ص و طاعة أولي الأمر و بأنه لا يجوز أن يكون سريرة ولاة الأمر بخلاف علانيتهم كما لم يجز أن يكون سريرة النبي ص الذي هم أصل ولاة الأمر و هم فرعه بخلاف علانيته. و إن الله عز و جل العالم بالسرائر و الضمائر و المطلع على ما في صدور العباد لم يكل علم ما لم يعلمه العباد إلى العباد جل و عز عن تكليف العباد ما ليس في وسعهم و طوقهم إذ ذاك ظلم من المكلف و عبث منه و إنه لا يجوز أن يجعل جل و تقدس اختيار من يستوي سريرته بعلانيته و من لا يجوز ارتكاب الكبائر الموبقة و الغضب و الظلم منه إلى من لا يعلم السرائر و الضمائر فلا يسع أحدا جهل هذه الأشياء. و إن وسع العاجز بعجزه ترك ما يعجز عنه فإنه لا يسعه الجهل بالإمام البر الذي هو إمام الأبرار و العاجز بعجزه معذور و الجاهل غير معذور فلا يجوز أن لا يكون للأبرار إمام و إن كان مقهورا في قهر الفاجر و الفجار فمتى
لم يكن للبر إمام بر قاهر أو مقهور فمات ميتة جاهلية إذا مات و ليس يعرف إمامه. فإن قيل فما تأويل عهد الحسن ع و شرطه على معاوية بأن لا يقيم عنده شهادة لإيجاب الله عليه عز و جل إقامة الشهادة بما علمه قبل شرطه على معاوية بأن لا يقيم عنده شهادة قيل إن لإقامة الشهادة من الشاهد شرائط و هي حدودها التي لا يجوز تعديها لأن من تعدى حدود الله عز و جل فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ و أوكد شرائطها إقامتها عند قاض فصل و حكم عدل ثم الثقة من الشاهد أن يقيمها عند من يجر بشهادته حقا و يميت بها أثره و يزيل بها ظلما فإذا لم يكن من يشهد عنده سقط عنه فرض إقامة الشهادة. و لم يكن معاوية عند الحسن ع أميرا أقامه الله عز و جل و رسوله ص أو حاكما من ولاة الحكم فلو كان حاكما من قبل الله و قبل رسوله ثم علم الحسن ع أن الحكم هو الأمير و الأمير هو الحكم و قد شرط عليه الحسن أن لا يؤمر حين شرط ألا يسميه أمير المؤمنين فكيف يقيم الشهادة عند من أزال عنه الإمرة بشرط أن لا يسميه أمير المؤمنين و إذا زال ذلك عنه بالشرط أزال عنه الحكم لأن الأمير هو الحاكم و هو المقيم للحاكم و من ليس له تأمير و لا تحاكم فحكمه هذر و لا تقام الشهادة عند من حكمه هذر. فإن قال فما تأويل عهد الحسن ع على معاوية و شرطه عليه أن لا يتعقب على شيعة علي ع شيئا قيل إن الحسن ع علم أن القوم جوزوا لأنفسهم التأويل و سوغوا في تأويلهم إراقة ما أرادوا إراقته من الدماء و إن كان الله عز و جل حقنه و حقن ما أرادوا حقنه و إن كان الله عز و جل أراقه في حكمه فأراد الحسن ع أن يبين أن تأويل معاوية على شيعة علي ع بتعقبه عليهم ما يتعقبه زائل مضمحل فاسد كما أنه أزال إمرته عنه و عن المؤمنين بشرط
أن لا يسميه أمير المؤمنين و إن إمرته زالت عنه و عنهم و أفسد حكمه عليه و عليهم. ثم سوغ الحسن ع بشرطه عليه أن لا يقيم عنده شهادة للمؤمنين القدوة منهم به في أن لا يقيموا عنده شهادة فتكون حينئذ داره دائرة و قدرته قائمة لغير الحسن و لغير المؤمنين فتكون داره كدار بختنصر و هو بمنزلة دانيال فيها و كدار العزيز و هو كيوسف فيها. فإن قال دانيال و يوسف ع كانا يحكمان لبخت نصر و العزيز قلنا لو أراد بختنصر دانيال و العزيز يوسف أن يريقا بشهادة عمار بن الوليد و عقبة بن أبي معيط و شهادة أبي بردة بن أبي موسى و شهادة عبد الرحمن بن أشعث بن قيس دم حجر بن عدي بن الأدبر و أصحابه رحمهم الله و أن يحكما له بأن زيادا أخوه و أن دم حجر و أصحابه مراقة بشهادة من ذكرت لما جاز أن يحكما لبخت نصر و العزيز و الحكم بالعدل يرمي الحاكم به في قدرة عدل أو جائر و مؤمن أو كافر لا سيما إذا كان الحاكم مضطر إلى أن يدين للجائر الكافر و المبطل و المحق بحكمه. فإن قال و لم خص الحسن ع عد الذنوب إليه و إلى شيعة علي ع و قدم أمامها قتله عبد الله بن يحيى الحضرمي و أصحابه و قد قتل حجرا و أصحابه و غيرهم قلنا لو قدم الحسن ع في عده على معاوية ذنوب حجر و أصحابه على عبد الله بن يحيى الحضرمي و أصحابه لكان سؤالك قائما فتقول لم قدم حجرا على عبد الله بن يحيى و أصحابه أهل الأخيار و الزهد في الدنيا و الإعراض عنها فأخبر معاوية بما كان عليه ابن يحيى و أصحابه من الخرق على أمير المؤمنين ع و شدة حبهم إياه و إفاضتهم في ذكره و فضله فجاء بهم و ضرب أعناقهم صبرا. و من أنزل راهبا من صومعته فقتله بلا جناية منه إلى قاتله أعجب ممن يخرج قسا من ديره فيقتله لأن صاحب الدير أقرب إلى بسط اليد لتناول ما معه من صاحب الصومعة الذي هو بين السماء و الأرض فتقديم الحسن ع العباد على العباد و الزهاد على الزهاد و مصابيح البلاد على مصابيح البلاد لا يتعجب منه بل يتعجب لو قدم في الذكر مقصرا على مخبت و مقتصدا على مجتهد. فإن قال ما تأويل اختيار مال دارابجرد على سائر الأموال لما اشترط أن يجعله لأولاد من قتل مع أبيه صلوات الله عليهم يوم الجمل و بصفين قيل لدارابجرد خطب في شأن الحسن ع بخلاف جميع فارس. و قلنا إن المال مالان الفيء الذي ادعوا أنه موقوف على المصالح الداعية إلى قوام الملة و عمارتها من تجييش الجيوش للدفع عن البيضة و لأرزاق الأسارى و مال الصدقة الذي خص به أهل السهام و قد جرى في فتوح الأرضين بفارس و الأهواز و غيرهما من البلدان فيما فتح منها صلحا و ما فتح منها عنوة و ما أسلم أهلها عليها هنات و هنات و أسباب و أسباب. و قد كتب ابن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن زيد بن الخطاب و هو عامله على العراق أيدك الله هاش في السواد ما يركبون فيه البراذين و يتختمون بالذهب و يلبسون الطيالسة و خذ فضل ذلك فضعه في بيت المال. و كتب ابن الزبير إلى عامله جنبوا بيت مال المسلمين ما يؤخذ على المناظر و القناطر فإنه سحت فقصر المال عما كان فكتب إليهم ما للمال قد قصر فكتبوا إليه أن أمير المؤمنين نهانا عما يؤخذ على المناظر و القناطر فلذلك قصر المال فكتب إليهم عودوا إلى ما كنتم عليه هذا بعد قوله إنه سحت. و لا بد أن يكون أولاد من قتل من أصحاب علي صلوات الله عليه بالجمل و بصفين من أهل الفيء و مال المصلحة و من أهل الصدقة و السهام
و قد قال رسول الله ص في الصدقة قد أمرت أن آخذها من أغنيائكم و أردها في فقرائكم
بالكاف و الميم ضمير من وجبت عليهم في أموالهم الصدقة و من وجبت لهم الصدقة فخاف الحسن ع أن كثيرا منهم لا يرى لنفسه أخذ الصدقة من كثير منهم و لا أكل صدقة كثير منهم إذ كانت غسالة ذنوبهم و لم يكن للحسن ع في مال الصدقة سهم.
روى بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده أن رسول الله ص قال في كل أربعين من الإبل ابنة لبون و لا تفرق إبل عن حسابها من أتانا بها مؤتجرا فله أجرها و من منعناها أخذناها منه و شطر إبله عزمة من عزمات ربنا و ليس لمحمد و آل محمد فيها شيء و في كل غنيمة خمس أهل الخمس بكتاب الله عز و جل و إن منعوا
فخص الحسن ع ما لعله كان عنده أعف و أنظف من مال اردشيرخره و لأنها حوصرت سبع سنين حتى اتخذ المحاصرون لها في مدة حصارهم إياها مصانع و عمارات ثم ميزوها من جملة ما فتحوها بنوع من الحكم و بين الإصطخر الأول و الإصطخر الثاني هنات علمها الرباني الذي هو الحسن ع فاختار لهم أنظف ما عرف.
فقد روي عن النبي ص أنه قال في تفسير قوله عز و جل وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ أنه لا يجاوز قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن ثيابه فيما أبلاه و عمره فيما أفناه و عن ماله من أين جمعه و فيما أنفقه و عن حبنا أهل البيت و كان الحسن و الحسين ع يأخذان من معاوية الأموال فلا ينفقان من ذلك على أنفسهما و لا على عيالهما ما تحمله الذبابة بفيها
قال شيبة بن نعامة كان علي بن الحسين ع ينحل فلما مات نظروا فإذا هو يعول في المدينة أربعمائة بيت من حيث لم يقف الناس عليه. فإن قال فإن هذا محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري قال حدثنا أبو بشر الواسطي قال حدثنا خالد بن داود عن عامر قال بايع الحسن بن علي معاوية على أن يسالم من سالم و يحارب من حارب و لم يبايعه على أنه أمير المؤمنين. قلنا هذا حديث ينقض آخره أوله و أنه لم يؤمره و إذا لم يؤمره لم يلزمه الايتمار له إذا أمره و قد روينا من غير وجه ما ينقض قوله يسالم من سالم و يحارب من حارب فلا نعلم فرقة من الأمة أشد على معاوية من الخوارج و خرج على معاوية بالكوفة جويرية بن ذراع أو ابن وداع أو غيره من الخوارج فقال معاوية للحسن أخرج إليهم و قاتلهم فقال يأبى الله لي بذلك قال فلم أ ليس هم أعداؤك و أعدائي قال نعم يا معاوية و لكن ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فوجده فأسكت معاوية. و لو كان ما رواه أنه بايع على أن يسالم من سالم و يحارب من حارب لكان معاوية لا يسكت على ما حجه به الحسن ع و لأنه يقول له قد بايعتني على أن تحارب من حاربت كائنا من كان و تسالم من سالمت كائنا من كان و إذا قال عامر في حديثه و لم يبايعه على أنه أمير المؤمنين قد ناقض لأن الأمير هو الآمر و الزاجر و المأمور هو المؤتمر و المنزجر فأبى تصرف الأمر فقد أزال الحسن ع في موادعته معاوية الايتمار له فقد خرج من تحت أمره حين شرط أن لا يسميه أمير المؤمنين. و لو انتبه معاوية بحيلة الحسن ع بما احتال عليه لقال له يا با محمد أنت مؤمن و أنا أمير فإذا لم أكن أميرك لم أكن للمؤمنين أيضا أميرا و هذه حيلة منك تزيل أمري عنك و تدفع حكمي لك و عليك فلو كان قوله يحارب من حارب مطلقا و لم يكن شرطه إن قاتلك من هو شر منك قاتلته و إن قاتلك من هو مثلك في الشر و أنت أقرب منه إليه لم أقاتله و لأن شرط الله على الحسن و على جميع عباده التعاون على البر و التقوى و ترك التعاون على الإثم و العدوان و إن قتال من طلب الحق فأخطأه مع من طلب الباطل فوجده تعاون على الإثم و العدوان. فإن قال هذا حديث ابن سيرين يرويه محمد بن إسحاق بن خزيمة قال
حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن أنس بن سيرين قال حدثنا الحسن بن علي ع يوم كلم فقال ما بين جابرس و جابلق رجل جده نبي غيري و غير أخي و إني رأيت أن أصلح بين أمة محمد و كنت أحقهم بذلك فإنا بايعنا معاوية و لعله فتنة لكم و متاع إلى حين
قلنا أ لا ترى إلى قول أنس كيف يقول يوم كلم الحسن و لم يقل يوم بايع إذ لم يكن عنده بيعة حقيقة و إنما كانت مهادنة كما يكون بين أولياء الله و أعدائه لا مبايعة تكون بين أوليائه و أوليائه فرأى الحسن ع رفع السيف مع العجز بينه و بين معاوية كما رأى رسول الله ص رفع السيف بينه و بين أبي سفيان و سهيل بن عمرو و لو لم يكن رسول الله مضطرا إلى تلك المصالحة و الموادعة لما فعل. فإن قال قد ضرب رسول الله ص بينه و بين سهيل و أبي سفيان مدة و لم يجعل الحسن بينه و بين معاوية مدة قلنا بل ضرب الحسن ع أيضا بينه و بين معاوية مدة و إن جهلناها و لم نعلمها و هي ارتفاع الفتنة و انتهاء مدتها و هو مَتاعٌ إِلى حِينٍ. فإن قال فإن الحسن قال لجبير بن نفير حين قال له إن الناس يقولون إنك تريد الخلافة فقال قد كان جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت و يسالمون من سالمت تركتها ابتغاء وجه الله و حقن دماء أمة محمد ثم أثيرها يا تياس أهل الحجاز. قلنا إن جبيرا كان دسيسا إلى الحسن ع دسه معاوية إليه ليختبره هل في نفسه الإثارة و كان جبير يعلم أن الموادعة التي وادع معاوية غير مانعة من الإثارة التي اتهمه بها و لو لم يجز للحسن ع مع المهادنة التي هادن أن يطلب الخلافة لكان جبير يعلم ذلك فلا يسأله لأنه يعلم أن الحسن ع لا يطلب ما ليس له طلبه فلما اتهمه بطلب ما له طلبه دس إليه دسيسة هذا ليستبرئ برأيه و علم أنه الصادق و ابن الصادق و أنه إذا أعطاه بلسانه أنه لا يثيرها بعد تسكينه إياها فإنه وفى بوعده صادق في عهده. فلما مقته قول جبير قال له يا تياس أهل الحجاز و التياس بياع عسب الفحل الذي هو حرام و أما قوله بيدي جماجم العرب فقد صدق ع و لكن كان من تلك الجماجم الأشعث بن قيس في عشرين ألفا و يزهدونهم. قال الأشعث يوم رفع المصاحف و وقع تلك المكيدة إن لم تجب إلى ما دعيت إليه لم يرم معك غدا يمانيان بسهم و لم يطعن يمانيان برمح و لا يضرب يمانيان بسيف و أومأ بيده إلى أصحابه أبناء الطمع و كان في تلك الجماجم شبث بن ربعي تابع كل ناعق و مثير كل فتنة و عمرو بن حريث الذي ظهر على
علي صلوات عليه و بايع ضبة احتوشها مع الأشعث و المنذر بن الجارود الطاغي الباغي. و صدق الحسن صلوات الله عليه أنه كان بيده هذه الجماجم يحاربون من حارب و لكن محاربة منهم للطمع و يسالمون من سالم لذلك و كان من حارب لله جل و عز و ابتغى القربة إليه و الحظوة منه قليلا و ليس فيهم عدد يتكافى أهل الحرب لله و النزاع لأولياء الله و استمداد كل مدد و كل عدد و كل شدة على حجج الله عز و جل. بيان قوله ص قاما أو قعدا أي سواء قاما بأمر الإمامة أم قعدا عنه للمصلحة و التقية و يقال سفهه أي نسبه إلى السفه و تعقبه أي أخذه بذنب كان منه. قوله و المبايعة على ما يدعيه المدعون المبايعة مبتدأ و لم يلزم خبره أي لو كانت مبايعة على سبيل التنزل فهي كانت على شروط و لم تتحقق تلك الشروط فلم تقع المبايعة و يحتمل أن يكون نتيجة لما سبق أي فعلى ما ذكرنا لم تقع المبايعة على هذا الوجه أيضا. قوله على نفسه لعله متعلق بالإسقاط بأن يكون على بمعنى عن قوله هو الذي أمره مأمور الظاهر زيادة لفظ مأمور و على تقديره يصح أيضا إذ في العرف لا يطلق الأمير على النبي ص فيكون كل من نصب أميرا مأمورا. قوله يريد أن من حكمه لعل خبر أن محذوف بقرينة المقام و الإسعاف الإعانة و قضاء الحاجة. قوله لمن أمره رسول الله عليهم أي على هوازن أو على أهل مكة و المعنى كما أن هوازن لا يكونون أمراء على الذين أمرهم رسول الله ص على هوازن كذلك قريش و أهل مكة بالنسبة إلى من أمرهم الله عليهم و بعثهم لقتالهم. قوله فهو أي التأمير مطلقا أو تأمير معاوية قوله أن يتخذ أي عن أن يتخذ و هو متعلق بقوله فرغ أي لما خلص ع نفسه عن البيعة فرغ عن أن يتخذ بيعة الشقي على المؤمنين لأن بيعتهم كان تابعا لبيعته و لم يبايعوا أنفسهم بيعة على حدة و إليه أشار بقوله لأن هذه الطبقة و قوله و لأن الحسن دليل آخر على عدم تأميره على الحسن ع و قوله فقد اعتقد جزاء للشرط في قوله و لو لم يشترط. و قال الجزري و في حديث أبي هريرة إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين اتخذوا عباد الله خولا بالتحريك أي خدما و عبدا يعني أنهم يستخدمونهم و يستعبدونهم و قال الدخل بالتحريك الغش و العيب و الفساد و منه الحديث إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان دين الله دخلا و حقيقته أن يدخلوا في الدين أمورا لم تجر به السنة انتهى. و الدول بضم الدال و فتح الواو جمع دولة بالضم و هو ما يتداولونه بينهم يكون مرة لهذا و مرة لهذا قوله من اتخذه أي اتخاذ من اتخذه و هو فاعل جاز و قوله من اعتمد مبتدأ و قوله علم و سلم خبره. و يقال سأمه سوء العذاب أي حمله عليه قوله إن البر كأنه استئناف أو اللام فيه مقدر أي لأن البر مقهور و يمكن أن يكون اتقى تصحيف أتقن أو أيقن. و بانقيا قرية بالكوفة و الحيرة بلدة قرب الكوفة و الكناسة بالضم موضع بالكوفة. قوله الداعية هي خبر أن أي أمثال تلك المعاونات على الظلم صارت أسبابا لتغيير أحكام الله التي من جملتها نقل صدقة بانقيا إلى الحيرة. و الأثرة الاستبداد بالشيء و التفرد به و الهذر بالتحريك الهذيان و بالدال المهملة البطلان. قوله و من أنزل راهبا حاصله أن عبد الله كان من المترهبين المتعبدين
و كان أقل ضررا بالنسبة إليهم من حجر و أصحابه فكان قتله أشنع فلذا قدمه و الإخبات الخشوع و التواضع قوله هنات و هنات أي شرور و فساد و ظلم. و قال الفيروزآبادي الهوشة الفتنة و الهيج و الاضطراب و الاختلاط و الهواشات بالضم الجماعات من الناس و الإبل و الأموال الحرام و المهاوش ما غصب و سرق و قال الهيش الإفساد و التحريك و الهيج و الحلب الرويد و الجمع. قوله مؤتجرا أي طالبا للأجر و الثواب و قال الجزري في حديث مانع الزكاة أنا آخذها و شطر ماله عزمة من عزمات الله أي حق من حقوق الله و واجب من واجباته. قال الحربي غلط الراوي في لفظ الرواية إنما هو شطر ماله أي يجعل ماله شطرين و يتخير عليه المصدق فيأخذ الصدقة من خير النصفين عقوبة لمنعه الزكاة فأما ما لا يلزمه فلا و قال الخطابي في قول الحربي لا أعرف هذا الوجه و قيل معناه أن الحق مستوفى منه غير متروك عليه و إن ترك شطر ماله كرجل كان له ألف شاة مثلا فتلفت حتى لم يبق إلا عشرون فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الألف و هو شطر ماله الباقي و هذا أيضا بعيد لأنه قال أنا آخذها و شطر ماله و لم يقل أنا آخذ و أشطر ماله. و قيل إنه كان في صدر الإسلام يقع بعض العقوبات في الأموال ثم نسخ كقوله في الثمر المعلق من خرج بشيء فله غرامة مثليه و العقوبة و كقوله في ضالة الإبل المكتومة غرامتها و مثلها معها و كان عمر يحكم به و قد أخذ أحمد بشيء من هذا و عمل به. و قال الشافعي في القديم من منع زكاة ماله أخذت منه و أخذ شطر ماله عقوبة على منعه و استدل بهذا الحديث و قال في الجديد لا يؤخذ منه إلا الزكاة لا غير و جعل هذا الحديث منسوخا انتهى. قوله ينحل من النحلة بمعنى العطية أو النحول بمعنى الهزال و الثاني بعيد قوله ع ليس من طلب الحق المعنى أن هؤلاء الخوارج مع غاية كفرهم خير من معاوية و أصحابه لأن للخوارج شبهة و كان غرضهم طلب الحق فأخطئوا بخلاف معاوية و أصحابه فإنهم طلبوا الباطل معاندين فأصابوه لعنة الله عليهم أجمعين. قوله إليه أي إلى الشر و الجماجم جمع الجمجمة جمجمة الرأس و يكنى بها عن السادات و القبائل التي تنسب إليها البطون. و قال الفيروزآبادي التيس ذكر الظباء و المعز و التياس ممسكة و العسب ضراب الفحل أو ماؤه أو نسله و احتوش القوم على فلان جعلوه في وسطهم
3- ج، ]الإحتجاج[ عن حنان بن سدير عن أبيه سدير بن حكيم عن أبيه عن أبي سعيد عقيصا قال لما صالح الحسن بن علي بن أبي طالب ع معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته فقال الحسن ع ويحكم ما تدرون ما عملت و الله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت أ لا تعلمون أني إمامكم و مفترض الطاعة عليكم و أحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من رسول الله ص علي قالوا بلى قال أ ما علمتم أن الخضر لما خرق السفينة و أقام الجدار و قتل الغلام كان ذلك سخطا لموسى بن عمران ع إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك و كان ذلك عند الله تعالى ذكره حكمة و صوابا أ ما علمتم أنه ما منا أحد إلا و يقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلي خلفه روح الله عيسى ابن مريم ع فإن الله عز و جل يخفي ولادته و يغيب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج ذاك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الإماء يطيل الله عمره في غيبته ثم يظهره بقدرته في صورة شاب ابن دون الأربعين سنة ذلك ليعلم أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ك، ]إكمال الدين[ المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر البغدادي عن الحسن بن محمد الصيرفي عن حنان بن سدير مثله
4- ج، ]الإحتجاج[ عن زيد بن وهب الجهني قال لما طعن الحسن بن علي ع بالمدائن أتيته و هو متوجع فقلت ما ترى يا ابن رسول الله فإن الناس متحيرون فقال أرى و الله معاوية خيرا لي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي و انتهبوا ثقلي و أخذوا مالي و الله لأن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي و آمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي و أهلي و الله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما فو الله لأن أسالمه و أنا عزيز خير من أن يقتلني و أنا أسيره أو يمن علي فتكون سبة على بني هاشم إلى آخر الدهر و معاوية لا يزال يمن بها و عقبه على الحي منا و الميت قال قلت تترك يا ابن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لهم راع قال و ما أصنع يا أخا جهينة إني و الله أعلم بأمر قد أدى به إلي عن ثقاته أن أمير المؤمنين ع قال لي ذات يوم و قد رآني فرحا يا حسن أ تفرح كيف بك إذا رأيت أباك قتيلا أم كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو أمية و أميرها الرحب البلعوم الواسع الأعفاج يأكل و لا يشبع يموت و ليس له في السماء ناصر و لا في الأرض عاذر ثم يستولي على غربها و شرقها تدين له العباد و يطول ملكه يستن بسنن البدع و الضلال و يميت الحق و سنة رسول الله ص يقسم المال في أهل ولايته و يمنعه من هو أحق به و يذل في ملكه المؤمن و يقوى في سلطانه الفاسق و يجعل المال بين أنصاره دولا و يتخذ عباد الله خولا و يدرس في سلطانه الحق و يظهر الباطل و يلعن الصالحون و يقتل من ناواه على الحق و يدين من والاه على الباطل فكذلك حتى يبعث الله رجلا في آخر الزمان و كلب من الدهر و جهل من الناس يؤيده الله بملائكته و يعصم أنصاره و ينصره بآياته و يظهره على الأرض حتى يدينوا طوعا و كرها يملأ الأرض عدلا و قسطا و نورا و برهانا يدين له عرض البلاد و طولها حتى لا يبقى كافر إلا آمن و لا طالح إلا صلح و تصطلح في ملكه السباع و تخرج الأرض نبتها و تنزل السماء بركتها و تظهر له الكنوز يملك ما بين الخافقين أربعين عاما فطوبى لمن أدرك أيامه و سمع كلامه
إيضاح يقال صار هذا الأمر سبة عليه بضم السين و تشديد الباء أي عارا يسب به قوله عن ثقاته لعل الضمير راجع إلى الأمر أو إلى الله و كل منهما لا يخلو من تكلف و قال الجوهري الرحب بالضم السعة تقول منه فلان رحب الصدر و الرحب بالفتح الواسع و البلعوم بالضم مجرى الطعام في الحلق و هو المريء و الأعفاج من الناس و من الحافر و السباع كلها ما يصير الطعام إليه بعد المعدة و هو مثل المصارين لذوات الخف و الظلف. و دانه أي أذله و استعبده و دان له أي أطاعه و دينت الرجل وكلته إلى دينه و الكلب بالتحريك الشدة و الطالح خلاف الصالح و الخافقان أفقا المشرق و المغرب
5- أعلام الدين للديلمي، قال خطب الحسن بن علي ع بعد وفاة أبيه فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أ ما و الله ما ثنانا عن قتال أهل الشام ذلة و لا قلة و لكن كنا نقاتلهم بالسلامة و الصبر فشيب السلامة بالعداوة و الصبر بالجزع و كنتم تتوجهون معنا و دينكم أمام دنياكم و قد أصبحتم الآن و دنياكم أمام دينكم و كنا لكم و كنتم لنا و قد صرتم اليوم علينا ثم أصبحتم تصدون قتيلين قتيلا بصفين تبكون عليهم و قتيلا بالنهروان تطلبون بثأرهم فأما الباكي فخاذل و أما الطالب فثائر و إن معاوية قد دعا إلى أمر ليس فيه عز و لا نصفه فإن أردتم الحياة قبلناه منه و أغضضنا على القذى و إن أردتم الموت بذلناه في ذات الله و حاكمناه إلى الله فنادى القوم بأجمعهم بل البقية و الحياة
6- ج، ]الإحتجاج[ د، ]العدد القوية[ عن سليم بن قيس قال قام الحسن بن علي بن أبي طالب ع على المنبر حين اجتمع مع معاوية فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إن معاوية زعم أني رأيته للخلافة أهلا و لم أر نفسي لها أهلا و كذب معاوية أنا أولى الناس بالناس في كتاب الله و على لسان نبي الله فأقسم بالله لو أن الناس بايعوني و أطاعوني و نصروني لأعطتهم السماء قطرها و الأرض بركتها و لما طمعت فيها يا معاوية و قد قال رسول الله ص ما ولت أمة أمرها رجلا قط و فيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل و قد ترك بنو إسرائيل هارون و اعتكفوا على العجل و هم يعلمون أن هارون خليفة موسى و قد تركت الأمة عليا ع و قد سمعوا رسول الله ص يقول لعلي ع أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة فلا نبي بعدي و قد هرب رسول الله ص من قومه و هو يدعوهم إلى الله حتى فر إلى الغار و لو وجد عليهم أعوانا ما هرب منهم و لو وجدت أنا أعوانا ما بايعتك يا معاوية و قد جعل الله هارون في سعة حين استضعفوه و كادوا يقتلونه و لم يجد عليهم أعوانا و قد جعل الله النبي ص في سعة حين فر من قومه لما لم يجد أعوانا عليهم و كذلك أنا و أبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة و بايعت غيرنا و لم نجد أعوانا و إنما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا أيها الناس إنكم لو التمستم فيما بين المشرق و المغرب لم تجدوا رجلا من ولد نبي غيري و غير أخي
7- كش، ]رجال الكشي[ روي عن علي بن الحسن الطويل عن علي بن النعمان عن عبد الله بن مسكان عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع قال جاء رجل من أصحاب الحسن ع يقال له سفيان بن ليلى و هو على راحلة له فدخل على الحسن و هو محتب في فناء داره فقال له السلام عليك يا مذل المؤمنين فقال له الحسن انزل و لا تعجل فنزل فعقل راحلته في الدار و أقبل يمشي حتى انتهى إليه قال فقال له الحسن ما قلت قال قلت السلام عليك يا مذل المؤمنين قال و ما علمك بذلك قال عمدت إلى أمر الأمة فخلعته من عنقك و قلدته هذا الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله قال فقال له الحسن ع سأخبرك لم فعلت ذلك قال سمعت أبي ع يقول قال رسول الله ص لن تذهب الأيام و الليالي حتى يلي أمر هذه الأمة رجل واسع البلعوم رحب الصدر يأكل و لا يشبع و هو معاوية فلذلك فعلت ما جاء بك قال حبك قال الله قال الله فقال الحسن ع و الله لا يحبنا عبد أبدا و لو كان أسيرا في الديلم إلا نفعه حبنا و إن حبنا ليساقط الذنوب من بني آدم كما يساقط الريح الورق من الشجر
ختص، ]الإختصاص[ جعفر بن الحسين المؤمن و جماعة مشايخنا عن محمد بن الحسين بن أحمد عن الصفار عن ابن عيسى عن علي بن النعمان مثله
8- كشف، ]كشف الغمة[ روى الدولابي مرفوعا إلى جبير بن نفير عن أبيه قال قدمت المدينة فقال الحسن بن علي ع كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت و يحاربون من حاربت فتركتها ابتغاء وجه الله و حقن دماء المسلمين
و روي أن رسول الله ص أبصر الحسن بن علي ع مقبلا فقال اللهم سلمه و سلم منه
9- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبي الصباح بن عبد الحميد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال و الله الذي صنعه الحسن بن علي ع كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس و و الله لقد نزلت هذه الآية أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ إنما هي طاعة الإمام و لكنهم طلبوا القتال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع الحسين ع قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ أرادوا تأخير ذلك إلى القائم ع
توضيح قوله ع إنما هي طاعة الإمام أي المقصود في الآية طاعة الإمام الذي ينهى عن القتال لعدم كونه مأمورا به و يأمر بالصلاة و الزكاة و سائر أبواب البر و الحاصل أن أصحاب الحسن ع كانوا بهذه الآية مأمورين بطاعة إمامهم في ترك القتال فلم يرضوا به و طلبوا القتال فلما كتب عليهم القتال مع الحسين ع قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لو لا أخرتنا إلى أجل قريب أي قيام القائم ع. ثم اعلم أن هذه الآية كما ورد في الخبر ليست في القرآن ففي سورة النساء أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ و في سورة إبراهيم فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ فلعله ع وصل آخر الآية بالآية السابقة لكونهما لبيان حال هذه الطائفة أو أضاف قوله نُجِبْ دَعْوَتَكَ بتلك الآية على وجه التفسير و البيان أي كان غرضهم أنه إن أخرتنا إلى ذلك نجب دعوتك و نتبع و يحتمل أن يكون في مصحفهم ع هكذا. أقول سيأتي بعض الأخبار المناسبة لهذا الباب في باب شهادته ع.
تذييل
قال السيد المرتضى في كتاب تنزيه الأنبياء فإن قال قائل ما العذر له ع في خلع نفسه من الإمامة و تسليمها إلى معاوية مع ظهور فجوره و بعده عن أسباب الإمامة و تعريه من صفات مستحقها ثم في بيعته و أخذ عطائه و صلاته و إظهار موالاته و القول بإمامته هذا مع توفر أنصاره و اجتماع أصحابه و مبايعة من كان يبذل عنه دمه و ماله حتى سموه مذل المؤمنين و عابوه في وجهه ع. الجواب قلنا قد ثبت أنه ع الإمام المعصوم المؤيد الموفق بالحجج الظاهرة و الأدلة القاهرة فلا بد من التسليم لجميع أفعاله و حملها على الصحة و إن كان فيها ما لا يعرف وجهه على التفصيل أو كان له ظاهر ربما نفرت النفس عنه و قد مضى تلخيص هذه الجملة و تقريرها في مواضع من كتابنا هذا. و بعد فإن الذي جرى منه ع كان السبب فيه ظاهرا و الحامل عليه بينا جليا لأن المجتمعين له من الأصحاب و إن كانوا كثيري العدد فقد كانت قلوب أكثرهم نغلة غير صافية و قد كانوا صبوا إلى دنيا معاوية من غير مراقبة و لا مساترة فأظهروا له ع النصرة و حملوه على المحاربة و الاستعداد لها طمعا في أن يورطوه و يسلموه فأحس بهذا منهم قبل التولج و التلبس فتخلى من الأمر و تحرز من المكيدة التي كادت تتم عليه في سعة من الوقت. و قد صرح بهذه الجملة و بكثير من تفصيلها في مواقف كثيرة و بألفاظ مختلفة و قال ع إنما هادنت حقنا للدماء و ضنا بها و إشفاقا على نفسي و أهلي و المخلصين من أصحابي فكيف لا يخاف أصحابه و يتهمهم على نفسه و أهله. و هو ع لما كتب إلى معاوية يعلمه أن الناس قد بايعوه بعد أبيه ع و يدعوه إلى طاعته فأجابه معاوية بالجواب المعروف المتضمن للمغالطة منه و الموارية و قال له فيه لو كنت أعلم أنك أقوم بالأمر و أضبط للناس و أكيد للعدو و أقوى على جميع الأمور مني لبايعتك لأنني أراك لكل خير أهلا و قال في كتابه إن أمري و أمرك شبيه بأمر أبي بكر و أمركم بعد وفاة رسول الله ص. فدعاه ذلك إلى أن خطب أصحابه بالكوفة يحضهم على الجهاد و يعرفهم فضله و ما في الصبر عليه من الأجر و أمرهم أن يخرجوا إلى معسكرهم فما أجابه أحد فقال لهم عدي بن حاتم سبحان الله أ لا تجيبون إمامكم أين خطباء المصر فقام قيس بن سعد و فلان و فلان فبذلوا الجهاد و أحسنوا القول و نحن نعلم أن من يضن بكلامه أولى أن يضن بفعاله. أ و ليس أحدهم جلس له في مظلم ساباط و طعنه بمعول كان معه أصاب فخذه و شقه حتى وصل إلى العظم و انتزع من يده و حمل ع إلى المدائن و عليها سعد بن مسعود عم المختار و كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه ولاه إياها فأدخل منزله فأشار المختار على عمه أن يوثقه و يسير به إلى معاوية على أن يطعمه خراج جوحى سنة فأبى عليه و قال للمختار قبح الله رأيك أنا عامل أبيه و قد ائتمنني و شرفني و هبني بلاء أبيه أ أنسى رسول الله ص و لا أحفظه في ابن ابنته و حبيبته. ثم إن سعد بن مسعود أتاه ع بطبيب و قام عليه حتى برأ و حوله إلى بيض المدائن فمن الذي يرجو السلامة بالمقام بين أظهر هؤلاء القوم فضلا على النصرة و المعونة و قد أجاب ع حجر بن عدي الكندي لما قال له سودت
وجوه المؤمنين فقال ع ما كل أحد يحب ما تحب و لا رأيه كرأيك و إنما فعلت ما فعلت إبقاء عليكم. و روى عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف عن أبي الكنود عبد الرحمن بن عبيد قال لما بايع الحسن ع معاوية أقبلت الشيعة تتلاقى بإظهار الأسف و الحسرة على ترك القتال فخرجوا إليه بعد سنتين من يوم بايع معاوية فقال له سليمان بن صرد الخزاعي ما ينقضي تعجبنا من بيعتك معاوية و معك أربعون ألف مقاتل من أهل الكوفة كلهم يأخذ العطاء و هم على أبواب منازلهم و معهم مثلهم من أبنائهم و أتباعهم سوى شيعتك من أهل البصرة و الحجاز. ثم لم تأخذ لنفسك ثقة في العقد و لا حظا من العطية فلو كنت إذ فعلت ما فعلت أشهدت على معاوية وجوه أهل المشرق و المغرب و كتبت عليه كتابا بأن الأمر لك بعده كان الأمر علينا أيسر و لكنه أعطاك شيئا بينك و بينه لم يف به ثم لم يلبث أن قال على رءوس الأشهاد إني كنت شرطت شروطا و وعدت عداة إرادة لإطفاء نار الحرب و مداراة لقطع الفتنة فلما أن جمع الله لنا الكلم و الألفة فإن ذلك تحت قدمي و الله ما عنى بذلك غيرك و ما أراد إلا ما كان بينك و بينه و قد نقض. فإذا شئت فأعد الحرب خدعة و ائذن لي في تقدمك إلى الكوفة فأخرج عنها عامله و أظهر خلعه و تنبذ إليه على سواء إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ و تكلم الباقون بمثل كلام سليمان. فقال الحسن ع أنتم شيعتنا و أهل مودتنا فلو كنت بالحزم في أمر الدنيا أعمل و لسلطانها أركض و أنصب ما كان معاوية بأبأس مني بأسا و لا أشد شكيمة و لا أمضى عزيمة و لكني أرى غير ما رأيتم و ما أردت بما فعلت إلا حقن الدماء فارضوا بقضاء الله و سلموا لأمره و الزموا بيوتكم و أمسكوا. أو قال كفوا أيديكم حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر و هذا كلام منه ع يشفي الصدور و يذهب بكل شبهة في هذا الباب. و قد روي أنه ع لما طالبه معاوية بأن يتكلم على الناس و يعلمهم ما عنده في هذا الباب قام فحمد الله تعالى و أثنى عليه ثم قال إن أكيس الكيس التقى و أحمق الحمق الفجور أيها الناس إنكم لو طلبتم بين جابلق و جابرس رجلا جده رسول الله ص ما وجدتموه غيري و غير أخي الحسين و إن الله قد هداكم بأولياء محمد ص و إن معاوية نازعني حقا هو لي فتركته لصلاح الأمة و حقن دمائها و قد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت فقد رأيت أن أسالمه و رأيت أن ما حقن الدماء خير مما سفكها و أردت صلاحكم و أن يكون ما صنعت حجة على من كان يتمنى هذا الأمر و إن أدري لعله فتنة لكم و متاع إلى حين. و كلامه ع في هذا الباب الذي يصرح في جميعه بأنه مغلوب مقهور ملجأ إلى التسليم و دافع بالمسالمة الضرر العظيم عن الدين و المسلمين أشهر من الشمس و أجلى من الصبح فأما قول السائل إنه خلع نفسه من الإمامة فمعاذ الله لأن الإمامة بعد حصولها للإمام لا يخرج عنه بقوله و عند أكثر مخالفينا أيضا في الإمامة أن خلع الإمام نفسه لا يؤثر في خروجه من الإمامة و إنما ينخلع من الإمامة عندهم بالأحداث و الكبائر و لو كان خلعه في نفسه مؤثرا لكان إنما يؤثر إذا وقع اختيارا فأما مع الإلجاء و الإكراه فلا تأثير له و لو كان مؤثرا في موضع
من المواضع. و لم يسلم أيضا الأمر إلى معاوية بل كف عن المحاربة و المغالبة لفقد الأعوان و عوز الأنصار و تلاقي الفتنة على ما ذكرناه فيغلب عليه معاوية بالقهر و السلطان مع ما أنه كان متغلبا على أكثره و لو أظهر ع له التسليم قولا لما كان فيه شيء إذا كان عن إكراه و اضطهاد. فأما البيعة فإن أريد بها الصفقة و إظهار الرضا و الكف عن المنازعة فقد كان ذلك لكنا قد بينا جهة وقوعه و الأسباب المحوجة إليه و لا حجة في ذلك عليه صلوات الله عليه كما لم يكن في مثله حجة على أبيه صلوات الله عليهما لما بايع المتقدمين عليه و كف عن نزاعهم و أمسك عن غلابهم. و إن أريد بالبيعة الرضا و طيب النفس فالحال شاهد بخلاف ذلك و كلامه المشهور كله يدل على أنه أحوج و أحرج و أن الأمر له و هو أحق الناس به و إنما كف عن المنازعة فيه للغلبة و القهر و الخوف على الدين و المسلمين. فأما أخذ العطاء فقد بينا في هذا الكتاب عند الكلام فيما فعله أمير المؤمنين صلوات الله عليه من ذلك أن أخذه من يد الجابر الظالم المتغلب جائز و أنه لا لؤم فيه على الأخذ و لا حرج و أما أخذ الصلات فسائغ بل واجب لأن كل مال في يد الغالب الجابر المتغلب على أمر الأمة يجب على الإمام و على جميع المسلمين انتزاعه من يده كيف ما أمكن بالطوع أو الإكراه و وضعه في مواضعه. فإذا لم يتمكن ع من انتزاع جميع ما في يد معاوية من أموال الله تعالى و أخرج هو شيئا منها إليه على سبيل الصلة فواجب عليه أن يتناوله من يده و يأخذ منه حقه و يقسمه على مستحقه لأن التصرف في ذلك المال بحق الولاية عليه لم يكن في تلك الحال إلا له ع. و ليس لأحد أن يقول إن الصلات التي كان يقبلها من معاوية أنه كان ينفقها على نفسه و عياله و لا يخرجها إلى غيره و ذلك أن هذا مما لا يمكن أن يدعي العلم به و القطع عليه و لا شك أنه ع كان ينفق منها لأن فيها حقه و حق
عياله و أهله و لا بد من أن يكون قد أخرج منها إلى المستحقين حقوقهم و كيف يظهر ذلك و هو ع كان قاصدا إلى إخفائه و ستره لمكان التقية و المحوج له ع إلى قبول تلك الأموال على سبيل الصلة هو المحوج له إلى ستر إخراجها أو إخراج بعضها إلى مستحقيها من المسلمين و قد كان عليه و آله السلام يتصدق بكثير من أمواله و يواسي الفقراء و يصل المحتاجين و لعل في جملة ذلك هذه الحقوق. فأما إظهار موالاته فما أظهر ع من ذلك شيئا كما لم يبطنه و كلامه ع فيه بمشهد معاوية و مغيبه معروف ظاهر و لو فعل ذلك خوفا و استصلاحا و تلافيا للشر العظيم لكان واجبا فقد فعل أبوه صلوات الله عليه و آله مثله مع المتقدمين عليه. و أعجب من هذا كله دعوى القول بإمامته و معلوم ضرورة منه ع خلاف ذلك فإنه كان يعتقد و يصرح بأن معاوية لا يصلح أن يكون بعض ولاة الإمام و أتباعه فضلا عن الإمامة نفسها. و ليس يظن مثل هذه الأمور إلا عامي حشوي قد قعد به التقليد و ما سبق إلى اعتقاده من تصويب القوم كلهم عن التأمل و سماع الأخبار المأثورة في هذا الباب فهو لا يسمع إلا ما يوافقه و إذا سمع لم يصدق إلا بما أعجبه وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ انتهى كلامه رفع الله مقامه. و أقول بعد ما أسسناه في كتاب الإمامة بالدلائل العقلية و النقلية أنهم ع لا يفعلون شيئا إلا بما وصل إليهم من الله تعالى و بعد ما قرع سمعك في تلك الأبواب من الأخبار الدالة على وجه الحكمة في خصوص ما فعله ع لا أظنك تحتاج إلى بسط القول في ذلك وَ اللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ