1- كشف، ]كشف الغمة[ في أول شهر رمضان سنة إحدى و مائتين كانت البيعة للرضا صلوات الله عليه
2- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن الوليد عن محمد بن زياد القلزمي عن محمد بن أبي زياد الجدي عن أحمد بن عبد الله العلوي عن القاسم بن أيوب العلوي أن المأمون لما أراد أن يستعمل الرضا ع جمع بني هاشم فقال إني أريد أن أستعمل الرضا ع على هذا الأمر من بعدي فحسده بنو هاشم و قالوا أ تولي رجلا جاهلا ليس له بصر بتدبير الخلافة فابعث إليه يأتنا فترى من جهله ما نستدل به عليه فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم يا أبا الحسن اصعد المنبر و انصب لنا علما نعبد الله عليه فصعد ع المنبر فقعد مليا لا يتكلم مطرقا ثم انتفض انتفاضة و استوى قائما و حمد الله و أثنى عليه و صلى على نبيه و أهل بيته ثم قال أول عبادة الله معرفته إلى آخر ما أوردته في كتاب التوحيد
3- ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ لي، ]الأمالي للصدوق[ الحسين بن إبراهيم بن تاتانة عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي الصلت الهروي قال إن المأمون قال للرضا علي بن موسى ع يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك و علمك و زهدك و ورعك و عبادتك و أراك أحق بالخلافة مني فقال الرضا ع بالعبودية لله عز و جل أفتخر و بالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا و بالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم و بالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عز و جل فقال له المأمون فإني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة و أجعلها لك و أبايعك فقال له الرضا ع إن كانت هذه الخلافة لك و جعلها الله لك فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسكه الله و تجعله لغيرك و إن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك فقال له المأمون يا ابن رسول الله لا بد لك من قبول هذا الأمر فقال لست أفعل ذلك طائعا أبدا فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله فقال له فإن لم تقبل الخلافة و لم تحب مبايعتي لك فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي فقال الرضا ع و الله لقد حدثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله ص أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما تبكي علي ملائكة السماء و ملائكة الأرض و أدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد فبكى المأمون ثم قال له يا ابن رسول الله و من الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك و أنا حي فقال الرضا ع أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت فقال المأمون يا ابن رسول الله إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك و دفع هذا الأمر عنك ليقول الناس أنك زاهد في الدنيا فقال الرضا ع و الله ما كذبت منذ خلقني ربي عز و جل و ما زهدت في الدنيا للدنيا و إني لأعلم ما تريد فقال المأمون و ما أريد قال الأمان على الصدق قال لك الأمان قال تريد بذلك أن يقول الناس إن علي بن موسى لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه أ لا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة فغضب المأمون ثم قال إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه و قد آمنت سطوتي فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد و إلا أجبرتك على ذلك فإن فعلت و إلا ضربت عنقك فقال الرضا ع قد نهاني الله عز و جل أن ألقي بيدي إلى التهلكة فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك و أنا أقبل ذلك على أني لا أولي أحدا و لا أعزل أحدا و لا أنقض رسما و لا سنة و أكون في الأمر من بعيد مشيرا فرضي منه بذلك و جعله ولي عهده على كراهة منه ع لذلك
4- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ لي، ]الأمالي للصدوق[ الهمداني عن علي عن أبيه عن الريان قال دخلت على علي بن موسى الرضا ع فقلت له يا ابن رسول الله إن الناس يقولون إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا فقال ع قد علم الله كراهتي لذلك فلما خيرت بين قبول ذلك و بين القتل اخترت القبول على القتل ويحهم أ ما علموا أن يوسف ع كان نبيا رسولا فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ و دفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه و إجبار بعد الإشراف على الهلاك على أني ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول خارج منه فإلى الله المشتكى و هو المستعان
5- لي، ]الأمالي للصدوق[ علي عن أبيه عن ياسر قال لما ولي الرضا ع العهد سمعته و قد رفع يديه إلى السماء و قال اللهم إنك تعلم أني مكره مضطر فلا تؤاخذني كما لم تؤاخذ عبدك و نبيك يوسف حين وقع إلى ولاية مصر
6- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ لي، ]الأمالي للصدوق[ الحسين بن أحمد البيهقي عن محمد بن يحيى الصولي عن الحسن بن الجهم عن أبيه قال صعد المأمون المنبر ليبايع علي بن موسى الرضا ع فقال أيها الناس جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع و الله لو قرأت هذه الأسماء على الصم و البكم لبرءوا بإذن الله عز و جل
-7 ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الطالقاني عن الحسن بن علي بن زكريا عن محمد بن خليلان قال حدثني أبي عن أبيه عن جده عن عتاب بن أسيد قال سمعت جماعة من أهل المدينة يقولون ولد الرضا علي بن موسى ع بالمدينة يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث و خمسين و مائة من الهجرة بعد وفاة أبي عبد الله ع بخمس سنين و توفي بطوس في قرية يقال لها سناباد من رستاق نوقان و دفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها هارون الرشيد إلى جانبه مما يلي القبلة و ذلك في شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعة سنة ثلاث و مائتين و قد تم عمره تسعا و أربعين سنة و ستة أشهر منها مع أبيه موسى بن جعفر ع تسعا و عشرين سنة و شهرين و بعد أبيه أيام إمامته عشرين سنة و أربعة أشهر و قام ع بالأمر و له تسع و عشرون سنة و شهران و كان في أيام إمامته ع بقية ملك الرشيد ثم ملك بعد الرشيد محمد المعروف بالأمين و هو ابن زبيدة ثلاث سنين و خمسة و عشرين يوما ثم خلع الأمين و أجلس عمه إبراهيم بن شكلة أربعة عشر يوما ثم أخرج محمد بن زبيدة من الحبس و بويع له ثانية و جلس في الملك سنة و ستة أشهر و ثلاث و عشرين ثم ملك عبد الله المأمون عشرين سنة و ثلاثة و عشرين يوما فأخذ البيعة في ملكه لعلي بن موسى الرضا ع بعهد المسلمين من غير رضاه و ذلك بعد أن تهدده بالقتل و ألح عليه مرة بعد أخرى في كلها يأبى عليه حتى أشرف من تأبيه على الهلاك فقال ع اللهم إنك قد نهيتني عن الإلقاء بيدي إلى التهلكة و قد أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لا أقبل ولاية عهده و قد أكرهت و اضطررت كما اضطر يوسف و دانيال ع إذ قبل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه اللهم لا عهد إلا عهدك و لا ولاية إلا من قبلك فوفقني لإقامة دينك و إحياء سنة نبيك فإنك أنت المولى و النصير و نعم المولى أنت و نعم النصير ثم قبل ع ولاية العهد من المأمون و هو باك حزين على أن لا يولي أحدا و لا يعزل أحدا و لا يغير رسما و لا سنة و أن يكون في الأمر مشيرا من بعيد فأخذ المأمون له البيعة على الناس الخاص منهم و العام فكان متى ما ظهر للمأمون من الرضا ع فضل و علم و حسن تدبير حسده على ذلك و حقده عليه حتى ضاق صدره منه فغدر به فقتله بالسم و مضى إلى رضوان الله و كرامته
8- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ البيهقي عن الصولي عن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال أشار الفضل بن سهل على المأمون أن يتقرب إلى الله عز و جل و إلى رسوله ص بصلة رحمه بالبيعة لعلي بن موسى ع ليمحو بذلك ما كان من أمر الرشيد فيهم و ما كان يقدر على خلافه في شيء فوجه من خراسان برجاء بن أبي الضحاك و ياسر الخادم ليشخصا إليه محمد بن جعفر بن محمد و علي بن موسى بن جعفر ع و ذلك في سنة مائتين فلما وصل علي بن موسى ع إلى المأمون و هو بمرو ولاه العهد من بعده و أمر للجند برزق سنة و كتب إلى الآفاق بذلك و سماه الرضا ع و ضرب الدراهم باسمه و أمر الناس بلبس الخضرة و ترك السواد و زوجه ابنته أم حبيبة و زوج ابنه محمد بن علي ع ابنته أم الفضل بنت المأمون و تزوج هو بتوران بنت الحسن بن سهل زوجه بها عمه الفضل و كل هذا في يوم واحد و ما كان يحب أن يتم العهد للرضا ع بعده قال الصولي و قد صح عندي ما حدثني به عبيد الله من جهات منها أن عون بن محمد حدثني عن الفضل بن أبي سهل النوبختي أو عن أخ له قال لما عزم المأمون على العقد للرضا ع بالعهد قلت و الله لأعتبرن ما في نفس المأمون من هذا الأمر أ يحب تمامه أو هو يتصنع به فكتبت إليه على يد خادم له كان يكاتبني بأسراره على يده قد عزم ذو الرئاستين على عقد العهد و الطالع السرطان و فيه المشتري و السرطان و إن كان شرف المشتري فهو برج منقلب لا يتم أمر يعقد فيه و مع هذا فإن المريخ في الميزان في بيت العاقبة و هذا يدل على نكبة المعقود له و عرفت أمير المؤمنين ذلك لئلا يعتب علي إذا وقف على هذا من غيري فكتب إلي إذا قرأت جوابي إليك فاردده إلي مع الخادم و نفسك أن يقف أحد على ما عرفتنيه و أن يرجع ذو الرئاستين عن عزمه لأنه إن فعل ذلك ألحقت الذنب بك و علمت أنك سببه قال فضاقت علي الدنيا و تمنيت أني ما كنت كتبت إليه ثم بلغني أن الفضل بن سهل ذا الرئاستين قد تنبه على الأمر و رجع عن عزمه و كان حسن العلم بالنجوم فخفت و الله على نفسي و ركبت إليه فقلت له أ تعلم في السماء نجما أسعد من المشتري قال لا قلت أ فتعلم أن في الكواكب نجما يكون في حال أسعد منها في شرفها قال لا فقلت فامض العزم على رأيك إذ كنت تعقده و سعد الفلك في أسعد حالاته فأمضى الأمر على ذلك فما علمت أني من أهل الدنيا حتى وقع العقد فزعا من المأمون
بيان قوله على خلافه أي خلاف الفضل قوله و نفسك أي احذر نفسك و احفظها
9- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الهمداني و المكتب و الوراق جميعا عن علي بن إبراهيم قال حدثني ياسر الخادم لما رجع من خراسان بعد وفاة أبي الحسن الرضا ع بطوس بأخباره كلها قال علي بن إبراهيم و حدثني الريان بن الصلت و كان من رجال الحسن بن سهل و حدثني أبي عن محمد بن عرفة و صالح بن سعيد الراشديين كل هؤلاء حدثوا بأخبار أبي الحسن ع و قالوا لما انقضى أمر المخلوع و استوى أمر المأمون كتب إلى الرضا ع يستقدمه إلى خراسان فاعتل عليه الرضا ع بعلل كثيرة فما زال المأمون يكاتبه و يسأله حتى علم الرضا ع أنه لا يكف عنه فخرج و أبو جعفر ع له سبع سنين فكتب إليه المأمون لا تأخذ على طريق الكوفة و قم فحمل على طريق البصرة و الأهواز و فارس حتى وافى مرو فلما وافى مرو عرض عليه المأمون أن يتقلد الإمرة و الخلافة فأبى الرضا ع في ذلك و جرت في هذا مخاطبات كثيرة و بقوا في ذلك نحوا من شهرين كل ذلك يأبى عليه أبو الحسن علي بن موسى ع أن يقبل ما يعرض عليه فلما أكثر الكلام و الخطاب في هذا قال المأمون فولاية العهد فأجابه إلى ذلك و قال له على شروط أسألكها فقال المأمون سل ما شئت قالوا فكتب الرضا ع إني أدخل في ولاية العهد على أن لا آمر و لا أنهى و لا أقضي و لا أغير شيئا مما هو قائم و تعفيني عن ذلك كله فأجابه المأمون إلى ذلك و قبلها على كل هذه الشروط و دعا المأمون القواد و القضاة و الشاكرية و ولد العباس إلى ذلك فاضطربوا عليه فأخرج أموالا كثيرة و أعطى القواد و أرضاهم إلا ثلاثة نفر من قواده أبوا ذلك أحدهم الجلودي و علي بن عمران و ابن مويس فإنهم أبوا أن يدخلوا في بيعة الرضا ع فحبسهم و بويع للرضا ع و كتب بذلك إلى البلدان و ضربت الدنانير و الدراهم باسمه و خطب له على المنابر و أنفق المأمون على ذلك أموالا كثيرة فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا ع يسأله أن يركب و يحضر العيد و يخطب لتطمئن قلوب الناس و يعرفوا فضله و تقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة فبعث إليه الرضا ع و قال قد علمت ما كان بيني و بينك من الشروط في دخولي في هذا الأمر فقال المأمون إنما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة و الجند و الشاكرية هذا الأمر فتطمئن قلوبهم و يقروا بما فضلك الله تعالى به فلم يزل يراده الكلام في ذلك
فلما ألح عليه قال يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي و إن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول الله ص و كما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع قال المأمون اخرج كما تحب و أمر المأمون القواد و الناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن ع فقعد الناس لأبي الحسن ع في الطرقات و السطوح من الرجال و النساء و الصبيان و اجتمع القواد على باب الرضا ع فلما طلعت الشمس قام الرضا ع فاغتسل و تعمم بعمامة بيضاء من قطن و ألقى طرفا منها على صدره و طرفا بين كتفيه و تشمر ثم قال لجميع مواليه افعلوا مثل ما فعلت ثم أخذ بيده عكازة و خرج و نحن بين يديه و هو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق و عليه ثياب مشمرة فلما قام و مشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء و كبر أربع تكبيرات فخيل إلينا أن الهواء و الحيطان تجاوبه و القواد و الناس على الباب قد تزينوا و لبسوا السلاح و تهيئوا بأحسن هيئة فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة حفاة قد تشمرنا و طلع الرضا وقف وقفة على الباب و قال الله أكبر الله أكبر الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام و الحمد لله على ما أبلانا و رفع بذلك صوته و رفعنا أصواتنا فتزعزعت مرو من البكاء و الصياح فقالها ثلاث مرات فسقط القواد عن دوابهم و رموا بخفافهم لما نظروا إلى أبي الحسن ع و صارت مرو ضجة واحدة و لم يتمالك الناس من البكاء و الضجة فكان أبو الحسن ع يمشي و يقف في كل عشرة خطوات وقفة يكبر الله أربع مرات فيتخيل إلينا أن السماء و الأرض و الحيطان تجاوبه و بلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس فالرأي أن تسأله أن يرجع فبعث إليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبو الحسن ع بخفه فلبسه و رجع
شا، ]الإرشاد[ علي بن إبراهيم عن ياسر و الريان قال لما حضر العيد و ساق الحديث إلى آخره
بيان العكازة بضم العين و تشديد الكاف عصا في أسفلها حديدة و التزعزع التحرك الشديد
10- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن محمد بن نصير عن الحسن بن موسى قال روى أصحابنا عن الرضا ع أنه قال له رجل أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون و كأنه أنكر ذلك عليه فقال له أبو الحسن الرضا ع يا هذا أيهما أفضل النبي أو الوصي قال لا بل النبي قال فأيهما أفضل مسلم أو مشرك قال لا بل مسلم قال فإن العزيز عزيز مصر كان مشركا و كان يوسف نبيا و إن المأمون مسلم و أنا وصي و يوسف سأل العزيز أن يوليه حين قال اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ و أنا أجبرت على ذلك
شي، ]تفسير العياشي[ عن الحسن بن موسى مثله
11- شا، ]الإرشاد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الحسن بن محمد بن يحيى العلوي عن جده يحيى بن الحسن عن موسى بن سلمة قال كنت بخراسان مع محمد بن جعفر فسمعت أن ذا الرئاستين الفضل بن سهل خرج ذات يوم و هو يقول وا عجبا لقد رأيت عجبا سلوني ما رأيت فقالوا ما رأيت أصلحك الله قال رأيت أمير المؤمنين يقول لعلي بن موسى ع قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين و أفسخ ما في رقبتي و أجعله في رقبتك و رأيت علي بن موسى ع يقول له الله الله لا طاقة لي بذلك و لا قوة فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منها أمير المؤمنين يتفصى منها و يعرضها على علي بن موسى و علي بن موسى يرفضها و يأبى
-12 ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الهمداني عن علي بن إبراهيم عن الريان بن الصلت قال أكثر الناس في بيعة الرضا ع من القواد و العامة و من لا يحب ذلك و قالوا إن هذا من تدبير الفضل بن سهل ذي الرئاستين فبلغ المأمون ذلك فبعث إلي في جوف الليل فصرت إليه فقال يا ريان بلغني أن الناس يقولون إن بيعة الرضا ع كانت من تدبير الفضل بن سهل فقلت يا أمير المؤمنين يقولون هذا قال ويحك يا ريان أ يجسر أحد أن يجيء إلى خليفة قد استقامت له الرعية و القواد و استوت له الخلافة فيقول له ادفع الخلافة من يدك إلى غيرك أ يجوز هذا في العقل قلت له لا و الله يا أمير المؤمنين ما يجسر على هذا أحد قال لا و الله ما كان كما يقولون و لكن سأخبرك بسبب ذلك أنه لما كتب إلي محمد أخي يأمرني بالقدوم عليه فأبيت عليه عقد لعلي بن عيسى بن هامان و أمره أن يقيدني بقيد و يجعل الجامعة في عنقي فورد علي بذلك الخبر و بعثت هرثمة بن أعين إلى سجستان و كرمان و ما والاهما فأفسد علي أمري و انهزم هرثمة و خرج صاحب السرير و غلب على كور خراسان من ناحيته فورد علي هذا كله في أسبوع فلما ورد ذلك علي لم يكن لي قوة بذلك و لا كان لي مال أتقوى به و رأيت من قوادي و رجالي الفشل و الجبن أردت أن ألحق بملك كابل فقلت في نفسي ملك كابل رجل كافر و يبذل محمد له الأموال فيدفعني إلى يده فلم أجد وجها أفضل من أن أتوب إلى الله عز و جل من ذنوبي و أستعين به على هذه الأمور و أستجير بالله عز و جل فأمرت بهذا البيت و أشار إلى بيت تكنس و صببت علي الماء و لبست ثوبين أبيضين و صليت أربع ركعات قرأت فيها من القرآن ما حضرني و دعوت الله عز و جل و استجرت به و عاهدته عهدا وثيقا بنية صادقة إن أفضى الله بهذا الأمر إلي و كفاني عاديته و هذه الأمور الغليظة أن أضع هذا الأمر في موضعه الذي وضعه الله عز و جل فيه ثم قوى فيه قلبي فبعثت طاهرا إلى علي بن عيسى بن هامان فكان من أمره ما كان و رددت هرثمة إلى رافع بن أعين فظفر به و قتله و بعثت إلى صاحب السرير فهادنته و بذلت له شيئا حتى رجع فلم يزل أمري يقوى حتى كان من أمر محمد ما كان و أفضى الله إلي بهذا الأمر و استوى لي فلما وافى الله عز و جل لي بما عاهدته عليه أحببت أن أفي لله تعالى بما عاهدته فلم أر أحدا أحق بهذا الأمر من أبي الحسن الرضا ع فوضعتها فيه فلم يقبلها إلا على ما قد علمت فهذا كان سببها فقلت وفق الله أمير المؤمنين فقال يا ريان إذا كان غدا و حضر الناس فاقعد بين هؤلاء القواد و حدثهم بفضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فقلت يا أمير المؤمنين ما أحسن من الحديث شيئا إلا ما سمعته منك فقال سبحان الله ما أجد أحدا يعينني على هذا الأمر لقد هممت أن أجعل أهل قم شعاري و دثاري فقلت يا أمير المؤمنين أنا أحدث عنك بما سمعته منك من الأخبار فقال نعم حدث عني بما سمعته مني من الفضائل فلما كان من الغد قعدت بين القواد في الدار فقلت حدثني أمير المؤمنين عن أبيه عن آبائه أن رسول الله ص قال من كنت مولاه فعلي مولاه حدثني أمير المؤمنين عن أبيه عن آبائه قال قال رسول الله ص علي مني بمنزلة هارون من موسى و كنت أخلط الحديث بعضه ببعض لا أحفظه على وجهه و حدثت بحديث خيبر و بهذه الأحاديث المشهورة فقال لي عبد الله بن مالك الخزاعي رحم الله عليا كان رجلا صالحا و كان المأمون قد بعث غلاما إلى المجلس يسمع الكلام فيؤديه إليه قال الريان فبعث إلي المأمون فدخلت إليه فلما رآني قال يا ريان ما أرواك للأحاديث و أحفظك لها ثم قال قد بلغني ما قال اليهودي عبد الله بن مالك في قوله رحم الله عليا كان رجلا صالحا و الله لأقتلنه إن شاء الله
و كان هشام بن إبراهيم الراشدي الهمداني من أخص الناس عند الرضا ع من قبل أن يحمل و كان عالما أديبا لبيبا و كانت أمور الرضا ع تجري من عنده و على يده و يصير الأموال من النواحي كلها إليه قبل حمل أبي الحسن ع فلما حمل أبو الحسن ع اتصل هشام بن إبراهيم بذي الرئاستين فقربه ذو الرئاستين و أدناه فكان ينقل أخبار الرضا ع إلى ذي الرئاستين و المأمون فحظي بذلك عندهما و كان لا يخفي عليهما من أخباره شيئا فولاه المأمون حجابة الرضا ع و كان لا يصل إلى الرضا ع إلا من أحب و ضيق على الرضا ع فكان من يقصده من مواليه لا يصل إليه و كان لا يتكلم الرضا ع في داره بشيء إلا أورده هشام على المأمون و ذي الرئاستين و جعل المأمون العباس ابنه في حجر هشام و قال أدبه فسمي هشام العباسي لذلك قال و أظهر ذو الرئاستين عداوة شديدة لأبي الحسن ع و حسده على ما كان المأمون يفضله به فأول ما ظهر لذي الرئاستين من أبي الحسن ع أن ابنه عم المأمون كانت تحبه و كان يحبها و كان مفتح باب حجرتها إلى مجلس المأمون و كانت تميل إلى أبي الحسن ع و تحبه و تذكر ذا الرئاستين و تقع فيه فقال ذو الرئاستين حين بلغه ذكرها له لا ينبغي أن يكون باب دار النساء مشرعا إلى مجلسك فأمر المأمون بسده و كان المأمون يأتي الرضا ع يوما و الرضا ع يأتي المأمون يوما و كان منزل أبي الحسن ع بجنب منزل المأمون فلما دخل أبو الحسن ع إلى المأمون و نظر إلى الباب مسدودا قال يا أمير المؤمنين ما هذا الباب الذي سددته فقال رأى الفضل ذلك و كرهه فقال الرضا ع إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ما للفضل و الدخول بين أمير المؤمنين و حرمه قال فما ترى قال فتحه و الدخول على ابنة عمك و لا تقبل قول الفضل فيما لا يحل و لا يسع فأمر المأمون بهدمه و دخل على ابنة عمه فبلغ الفضل ذلك فغمه
13- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الهمداني عن علي بن إبراهيم عن ياسر الخادم قال كان الرضا ع إذا رجع يوم الجمعة من الجامع و قد أصابه العرق و الغبار رفع يديه و قال اللهم إن كان فرجي مما أنا فيه بالموت فعجل لي الساعة و لم يزل مغموما مكروبا إلى أن قبض صلوات الله عليه
14- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن محمد بن عرفة قال قلت للرضا ع يا ابن رسول الله ما حملك على الدخول في ولاية العهد فقال ما حمل جدي أمير المؤمنين ع على الدخول في الشورى
بيان أي لئلا ييأس الناس من خلافتنا و يعلموا بإقرار المخالف إن لنا في هذا الأمر نصيبا و يحتمل أن يكون التشبيه في أصل الاشتمال على المصالح الخفية
15- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الوراق عن علي عن أبيه عن الهروي قال و الله ما دخل الرضا ع في هذا الأمر طائعا و قد حمل إلى الكوفة مكرها ثم أشخص منها على طريق البصرة و فارس إلى مرو
16- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ البيهقي عن الصولي عن محمد بن يزيد النحوي عن ابن أبي عبدون عن أبيه قال لما بايع المأمون الرضا ع بالعهد أجلسه إلى جانبه فقام العباس الخطيب فتكلم فأحسن ثم ختم ذلك بأن أنشد لا بد للناس من شمس و من قمر فأنت شمس و هذا ذلك القمر
-17 ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ البيهقي عن الصولي عن أحمد بن محمد بن إسحاق عن أبيه قال لما بويع الرضا ع بالعهد اجتمع الناس إليه يهنئونه فأومأ إليهم فأنصتوا ثم قال بعد أن استمع كلامهم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الفعال لما يشاء لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ و لا راد لقضائه يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ و صلى الله على محمد في الأولين و الآخرين و على آله الطيبين أقول و أنا علي بن موسى بن جعفر إن أمير المؤمنين عضده الله بالسداد و وفقه للرشاد عرف من حقنا ما جهله غيره فوصل أرحاما قطعت و آمن أنفسا فزعت بل أحياها و قد تلفت و أغناها إذا افتقرت مبتغيا رضا رب العالمين لا يريد جزاء من غيره وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ و لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ و أنه جعل إلي عهده و الإمرة الكبرى إن بقيت بعده فمن حل عقدة أمر الله تعالى بشدها و فصم عروة أحب الله إيثاقها فقد أباح حريمه و أحل حرمه إذ كان بذلك زاريا على الإمام منهتكا حرمة الإسلام بذلك جرى السالف فصبر منه على الفلتات و لم يتعرض بعدها على العزمات خوفا من شتات الدين و اضطراب حمل المسلمين و لقرب أمر الجاهلية و رصد المنافقين فرصة تنتهز و بائقة تبتدر وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَ هُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ
بيان قوله ع زاريا أي عاتبا ساخطا غير راض و السالف أبو بكر أي جرى بنقض العهد و يحتمل أمير المؤمنين ع أي وقع عليه نقض بيعته و إنكار حقه فصبر أي أمير المؤمنين ع و يمكن أن يقرأ على المجهول و قال الجزري و منه حديث عمر إن بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها أراد بالفلتة الفجأة و الفلتة كل شيء فعل من غير روية و إنما بودر بها خوف انتشار الأمر انتهى. و الضمير في بعدها راجع إلى الفلتات و العزمات الحقوق الواجبة اللازمة له ع أو ما عزموا عليه بعد تلك الفلتة
-18 ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ البيهقي عن الصولي قال حدثني محمد بن أبي الموج أبو الحسين الرازي قال سمعت أبي يقول حدثني من سمع الرضا ع يقول الحمد لله الذي حفظ منا ما ضيع الناس و رفع منا ما وضعوه حتى قد لعنا على منابر الكفر ثمانين عاما و كتمت فضائلنا و بذلت الأموال في الكذب علينا و الله عز و جل يأبى لنا إلا أن يعلي ذكرنا و يبين فضلنا و الله ما هذا بنا و إنما هو برسول الله ص و قرابتنا منه حتى صار أمرنا و ما نروي عنه أنه سيكون بعدنا من أعظم آياته و دلالات نبوته
بيان قوله ع ما هذا بنا أي استخفافهم أو رفعه تعالى أو هما معا
19- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ قد ذكر قوم أن الفضل بن سهل أشار على المأمون بأن يجعل علي بن موسى الرضا ع ولي عهده منهم أبو علي الحسين بن أحمد السلامي فإنه ذكر ذلك في كتابه الذي صنفه في أخبار خراسان قال فكان الفضل بن سهل ذو الرئاستين وزير المأمون و مدبر أموره و كان مجوسيا فأسلم على يدي يحيى بن خالد البرمكي و صحبه و قيل بل أسلم سهل والد الفضل على يدي المهدي و إن الفضل اختاره يحيى بن خالد البرمكي لخدمة المأمون و ضمه إليه فتغلب عليه و استبد بالأمر دونه و إنما لقب بذي الرئاستين لأنه تقلد الوزارة و رئاسة الجند فقال الفضل حين استخلف المأمون يوما لبعض من كان يعاشره أين يقع فعلي فيما أتيته من فعل أبي مسلم فيما أتاه فقال إن أبا مسلم حولها من قبيلة إلى قبيلة و أنت حولتها من أخ إلى أخ و بين الحالتين ما تعلمه قال الفضل فإني أحولها من قبيلة إلى قبيلة ثم أشار على المأمون بأن يجعل علي بن موسى الرضا ع ولي عهده فبايعه و أسقط بيعة المؤتمن أخيه و كان علي بن موسى الرضا ع ورد على المأمون و هو بخراسان سنة مائتين على طريق البصرة و فارس مع رجاء بن أبي الضحاك و كان الرضا ع متزوجا بابنة المأمون فلما بلغ خبره العباسيين ببغداد ساءهم ذلك فأخرجوا إبراهيم بن المهدي و بايعوه بالخلافة ففيه يقول دعبل الخزاعي
يا معشر الأجناد لا تقنطوا خذوا عطاياكم و لا تسخطوافسوف يعطيكم حنينية يلذها الأمرد و الأشمطو المعبديات لقوادكم لا تدخل الكيس و لا تربطو هكذا يرزق أصحابه خليفة مصحفه البربط
و ذلك أن إبراهيم المهدي كان مولعا بضرب العود منهمكا بالشراب فلما بلغ المأمون خبر إبراهيم علم أن الفضل بن سهل أخطأ عليه و أشار بغير الصواب فخرج من مرو منصرفا إلى العراق و احتال على الفضل بن سهل حتى قتله غالب خال المأمون في الحمام بسرخس مغافصة في شعبان سنة ثلاث و مائتين و احتال على علي بن موسى الرضا ع حتى سم في علة كانت أصابته فمات و أمر بدفنه بسناباد من طوس بجنب قبر الرشيد و ذلك في صفر ثلاث و مائتين و كان ابن اثنتين و خمسين سنة و قيل ابن خمس و خمسين سنة هذا ما حكاه أبو علي الحسين بن أحمد السلامي في كتابه و الصحيح عندي أن المأمون إنما ولاه العهد و بايع له للنذر الذي قد تقدم ذكره و أن الفضل بن سهل لم يزل معاديا و مبغضا له و كارها لأمره لأنه كان من صنائع آل برمك و مبلغ سن الرضا ع تسع و أربعون سنة و ستة أشهر و كانت وفاته في سنة ثلاث و مائتين كما قد أسندته في هذا الكتاب
بيان قوله حنينية أي نغمة حنينية من الحنين بمعنى الشوق و الطرب. و في بعض النسخ حبيبية بالباءين الموحدتين و على التقديرين إشارة إلى نغمة من النغمات و الأظهر أنه حسينية كما في بعض النسخ و هي نغمة معروفة و الشمط بياض الرأس يخالطه سواد. و المعبديات نغمة معروفة و غافصه فاجأه و أخذه على غرة
-20 ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن معاوية بن حكيم عن معمر بن خلاد قال قال لي أبو الحسن الرضا ع قال لي المأمون يا أبا الحسن انظر بعض من تثق به توليه هذه البلدان التي قد فسدت علينا فقلت له تفي لي و أفي لك فإني إنما دخلت فيما دخلت على أن لا آمر فيه و لا أنهى و لا أعزل و لا أولي و لا أسير حتى يقدمني الله قبلك فو الله إن الخلافة لشيء ما حدثت به نفسي و لقد كنت بالمدينة أتردد في طرقها على دابتي و إن أهلها و غيرهم يسألوني الحوائج فأقضيها لهم فيصيرون كالأعمام لي و إن كتبي لنافذة في الأمصار و ما زدتني في نعمة هي علي من ربي فقال أفي لك
21- ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الحسين بن أحمد الرازي عن علي بن محمد ماجيلويه عن البرقي عن أبيه قال أخبرني الريان بن شبيب خال المعتصم أخو ماردة أن المأمون لما أراد أن يأخذ البيعة لنفسه بإمرة المؤمنين و للرضا ع بولاية العهد و للفضل بن سهل بالوزارة أمر بثلاثة كراسي فنصبت لهم فلما قعدوا عليها أذن للناس فدخلوا يبايعون فكانوا يصفقون بأيمانهم على أيمان الثلاثة من أعلى الإبهام إلى الخنصر و يخرجون حتى بايع في آخر الناس فتى من الأنصار فصفق بيمينه من الخنصر إلى أعلى الإبهام فتبسم أبو الحسن الرضا ع ثم قال كل من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتى فإنه بايعنا بعقدها فقال المأمون و ما فسخ البيعة من عقدها قال أبو الحسن ع عقد البيعة هو من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام و فسخها من أعلى الإبهام إلى أعلى الخنصر قال فماج الناس في ذلك و أمر المأمون بإعادة الناس إلى البيعة على ما وصفه أبو الحسن ع و قال الناس كيف يستحق الإمامة من لا يعرف عقد البيعة إن من علم لأولى بها ممن لا يعلم قال فحمله ذلك على ما فعله من سمه
-22 غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ روى محمد بن عبد الله الأفطس قال دخلت على المأمون فقربني و حياني ثم قال رحم الله الرضا ع ما كان أعلمه لقد أخبرني بعجب سألته ليلة و قد بايع له الناس فقلت جعلت فداك أرى لك أن تمضي إلى العراق و أكون خليفتك بخراسان فتبسم ثم قال لا لعمري و لكنه من دون خراسان تدرجات إن لنا هنا مكثا و لست ببارح حتى يأتيني الموت و منها المحشر لا محالة فقلت له جعلت فداك و ما علمك بذلك فقال علمي بمكاني كعلمي بمكانك قلت و أين مكاني أصلحك الله فقال لقد بعدت الشقة بيني و بينك أموت في المشرق و تموت بالمغرب فقلت صدقت و الله و رسوله أعلم و آل محمد فجهدت الجهد كله و أطمعته في الخلافة و ما سواها فما أطمعني في نفسه
بيان لعل التدرجات من قولهم أدرجه في أكفانه و قد مضى في باب المعجزات
23- شا، ]الإرشاد[ ذكر جماعة من أصحاب الأخبار و رواه السير من أيام الخلفاء أن المأمون لما أراد العقد للرضا علي بن موسى ع و حدث نفسه بذلك أحضر الفضل بن سهل و أعلمه بما قد عزم عليه من ذلك و أمره بالاجتماع مع أخيه الحسن بن سهل على ذلك ففعل و اجتمعا بحضرته فجعل الحسن يعظم ذلك عليه و يعرفه ما في إخراج الأمر من أهله عليه فقال له المأمون إني عاهدت الله أنني إن ظفرت بالمخلوع أخرجت الخلافة إلى أفضل آل أبي طالب و ما أعلم أحدا أفضل من هذا الرجل على وجه الأرض فلما رأى الفضل و الحسن عزيمته على ذلك أمسكا عن معارضته فأرسلهما إلى الرضا ع فعرضا عليه ذلك فامتنع منه فلم يزالا به حتى أجاب فرجعا إلى المأمون فعرفاه إجابته فسر بذلك و جلس للخاصة في يوم خميس و خرج الفضل بن سهل و أعلم الناس برأي المأمون في علي بن موسى و أنه قد ولاه عهده و سماه الرضا و أمرهم بلبس الخضرة و العود لبيعته في الخميس على أن يأخذوا رزق سنة فلما كان ذلك اليوم ركب الناس على طبقاتهم من القواد و الحجاب و القضاة و غيرهم في الحضرة و جلس المأمون و وضع للرضا ع وسادتين عظيمتين حتى لحق بمجلسه و فرشه و أجلس الرضا ع عليهما في الخضرة و عليه عمامة و سيف ثم أمر ابنه العباس بن المأمون أن يبايع له أول الناس فرفع الرضا يده فتلقى بظهرها وجه نفسه و ببطنها وجوههم فقال له المأمون ابسط يدك للبيعة و قال له الرضا ع إن رسول الله ص هكذا كان يبايع فبايعه الناس و يده فوق أيديهم و وضعت البدر و قامت الخطباء و الشعراء فجعلوا يذكرون فضل الرضا ع و ما كان مع المأمون في أمره ثم دعا أبو عباد بالعباس بن المأمون فوثب فدنا من أبيه فقبل يده و أمره بالجلوس ثم نودي محمد بن جعفر بن محمد فقال له الفضل بن سهل قم فقام و مشى حتى قرب من المأمون و وقف و لم يقبل يده فقيل له امض فخذ جائزتك و ناداه المأمون ارجع يا أبا جعفر إلى مجلسك فرجع ثم جعل أبو عباد يدعو بعلوي و عباسي فيقبضان جوائزهما حتى نفدت الأموال ثم قال المأمون للرضا ع اخطب الناس و تكلم فيهم فحمد الله و أثنى عليه و قال لنا عليكم حق برسول الله ص و لكم علينا حق به فإذا أنتم أديتم إلينا ذلك وجب علينا الحق لكم و لا يذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس و أمر المأمون فضربت الدراهم فطبع عليها اسم الرضا و زوج إسحاق بن موسى بن جعفر بنت عمه إسحاق بن جعفر بن محمد و أمره فحج بالناس و خطب للرضا ع في بلده بولاية العهد
و روى أحمد بن محمد بن سعيد عن يحيى بن الحسن العلوي قال حدثني من سمع عبد الحميد بن سعيد يخطب في تلك السنة على منبر رسول الله ص بالمدينة فقال له في الدعاء له ولي عهد المسلمين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع
ستة آباء هم من هم أفضل من يشرب صوب الغمام
و ذكر المدائني عن رجاله قال لما جلس الرضا ع في الخلع بولاية العهد فأقام بين يديه الخطباء و الشعراء و خفقت الألوية على رأسه فذكر عن بعض من حضر ممن كان يختص بالرضا ع أنه قال كنت بين يديه في ذلك اليوم فنظر إلي و أنا مستبشر بما جرى فأومأ إلي أن ادن فدنوت منه فقال لي من حيث لا يسمعه غيري لا تشغل قلبك بهذا الأمر و لا تستبشر له فإنه شيء لا يتم و كان فيمن ورد عليه من الشعراء دعبل بن علي الخزاعي فلما دخل عليه قال إني قد قلت قصيدة فجعلت على نفسي أن لا أنشدها على أحد قبلك فأمره بالجلوس حتى خف مجلسه ثم قال له هاتها قال فأنشده قصيدته التي أولها
مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات
حتى أتى على آخرها فلما فرغ من إنشادها قام الرضا ع فدخل إلى حجرته و بعث إليه خادما بخرقة خز فيها ستمائة دينار و قال لخادمه قل له استعن بهذه في سفرك و أعذرنا فقال له دعبل لا و الله ما هذا أردت و لا له خرجت و لكن قل له اكسني ثوبا من أثوابك و ردها عليه فردها الرضا ع فقال له خذها و بعث إليه بجبة من ثيابه فخرج دعبل حتى ورد قم فلما رأوا الجبة معه أعطوه فيها ألف دينار فأبى عليهم فقال لا و الله و لا خرقة منها بألف دينار ثم خرج من قم فاتبعوه فقطعوا عليه الطريق و أخذوا الجبة و رجع إلى قم فكلمهم فيها فقالوا ليس إليها سبيل و لكن إن شئت فهذه ألف دينار و قال لهم و خرقة منها فأعطوه ألف دينار و خرقة منها
بيان الخلع بكسر الخاء و فتح اللام جمع الخلعة و خفق الألوية تحركها و اضطرابها
-24 قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ذكر أخبار البيعة نحوا مما مر و ذكر صورة خط الرضا ع على كتاب العهد نحوا مما سيأتي ثم قال و قال ابن المعتز
و أعطاكم المأمون حق خلافة لنا حقها لكنه جاد بالدنيافمات الرضا من بعد ما قد علمتم و لاذت بنا من بعده مرة أخرى
و كان دخل عليه الشعراء فأنشد دعبل
مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات
و أنشد إبراهيم بن العباس
أزالت عزاء القلب بعد التجلد مصارع أولاد النبي محمد
و أنشد أبو نواس
مطهرون نقيات جيوبهم تتلى الصلاة عليهم أينما ذكروامن لم يكن علويا حين تنسبه فما له في قديم الدهر مفتخرو الله لما برا خلقا فأتقنه صفاكم و اصطفاكم أيها البشرفأنتم الملأ الأعلى و عندكم علم الكتاب و ما جاءت به السور
فقال الرضا ع قد جئتنا بأبيات ما سبقك أحد إليها يا غلام هل معك من نفقتنا شيء فقال ثلاثمائة دينار فقال أعطها إياه ثم قال يا غلام سق إليه البغلة
25- كشف، ]كشف الغمة[ قال الفقير إلى الله تعالى علي بن عيسى أثابه الله و في سنة سبعين و ستمائة وصل من مشهده الشريف أحد قوامه و معه العهد الذي كتبه له المأمون بخط يده و بين سطوره و في ظهره بخط الإمام ع ما هو مسطور فقبلت مواقع أقلامه و سرحت طرفي في رياض كلامه و عددت الوقوف عليه من منن الله و إنعامه و نقلته حرفا فحرفا و هو بخط المأمون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هذا كتاب كتبه عبد الله بن هارون الرشيد أمير المؤمنين لعلي بن موسى بن جعفر ولي عهده أما بعد فإن الله عز و جل اصطفى الإسلام دينا و اصطفى له من عباده رسلا دالين و هادين إليه يبشر أولهم بآخرهم و يصدق تاليهم ماضيهم حتى انتهت نبوة الله إلى محمد ص على فترة من الرسل و دروس من العلم و انقطاع من الوحي و اقتراب من الساعة فختم الله به النبيين و جعله شاهدا لهم و مهيمنا عليهم و أنزل عليه كتابه العزيز الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ بما أحل و حرم و وعد و أوعد و حذر و أنذر و أمر به و نهى عنه ليكون له الحجة البالغة على خلقه لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ فبلغ عن الله رسالته و دعا إلى سبيله بما أمره به من الحكمة و الموعظة الحسنة و المجادلة بالتي هي أحسن ثم بالجهاد و الغلظة حتى قبضه الله إليه و اختار له ما عنده فلما انقضت النبوة و ختم الله بمحمد ص الوحي و الرسالة جعل قوام الدين و نظام أمر المسلمين بالخلافة و إتمامها و عزها و القيام بحق الله تعالى فيها بالطاعة التي بها يقام فرائض الله و حدوده و شرائع الإسلام و سننه و يجاهد لها عدوه فعلى خلفاء الله طاعته فيما استحفظهم و استرعاهم من دينه و عباده و على المسلمين طاعة خلفائهم و معاونتهم على إقامة حق الله و عدله و أمن السبيل و حقن الدماء و صلاح ذات البين و جمع الألفة و في خلاف ذلك اضطراب حبل المسلمين و اختلالهم و اختلاف ملتهم و قهر دينهم و استعلاء عدوهم و تفرق الكلمة و خسران الدنيا و الآخرة فحق على من استخلفه الله في أرضه و ائتمنه على خلقه أن يجهد لله نفسه و يؤثر ما فيه رضا الله و طاعته و يعتد لما الله موافقه عليه و مسائله عنه و يحكم بالحق و يعمل بالعدل فيما حمله الله و قلده فإن الله عز و جل يقول لنبيه داود ع يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ
و قال الله عز و جل فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ و بلغنا أن عمر بن الخطاب قال لو ضاعت سخلة بشاطئ الفرات لتخوفت أن يسألني الله عنها و ايم الله إن المسئول عن خاصة نفسه الموقوف على عمله فيما بين الله و بينه ليعرض على أمر كبير و على خطر عظيم فكيف بالمسئول عن رعاية الأمة و بالله الثقة و إليه المفزع و الرغبة في التوفيق و العصمة و التسديد و الهداية إلى ما فيه ثبوت الحجة و الفوز من الله بالرضوان و الرحمة و أنظر الأمة لنفسه و أنصحهم لله في دينه و عباده من خلائقه في أرضه من عمل بطاعة الله و كتابه و سنة نبيه ص في مدة أيامه و بعدها و أجهد رأيه و نظره فيمن يوليه عهده و يختاره لإمامة المسلمين و رعايتهم بعده و ينصبه علما لهم و مفزعا في جمع ألفتهم و لم شعثهم و حقن دمائهم و الأمن بإذن الله من فرقتهم و فساد ذات بينهم و اختلافهم و رفع نزغ الشيطان و كيده عنهم فإن الله عز و جل جعل العهد بعد الخلافة من تمام أمر الإسلام و كماله و عزه و صلاح أهله و ألهم خلفاءه من توكيده لمن يختارونه له من بعدهم ما عظمت به النعمة و شملت فيه العافية و نقض الله بذلك مكر أهل الشقاق و العداوة و السعي في الفرقة و التربص للفتنة و لم يزل أمير المؤمنين منذ أفضت إليه الخلافة فاختبر بشاعة مذاقها و ثقل محملها و شدة مئونتها و ما يجب على من تقلدها من ارتباط طاعة الله و مراقبته فيما حمله منها فأنصب بدنه و أسهر عينه و أطال فكره فيما فيه عز الدين و قمع المشركين و صلاح الأمة و نشر العدل و إقامة الكتاب و السنة و منعه ذلك من الخفض و الدعة و مهنإ العيش علما بما الله سائله عنه و محبة أن يلقى الله مناصحا له في دينه و عباده و مختارا لولاية عهده و رعاية الأمة من بعده أفضل من يقدر عليه في دينه و ورعه و علمه و أرجاهم للقيام في أمر الله و حقه مناجيا الله بالاستخارة في ذلك و مسألته الهامة ما فيه رضاه و طاعته في آناء ليله و نهاره معملا في طلبه و التماسه في أهل بيته من ولد عبد الله بن العباس و علي بن أبي طالب فكره و نظره مقتصرا ممن علم حاله و مذهبه منهم على علمه و بالغا في المسألة عمن خفي عليه أمره جهده و طاقته حتى استقصى أمورهم معرفة و ابتلى أخبارهم مشاهدة و استبرأ أحوالهم معاينة و كشف ما عندهم مساءلة فكانت خيرته بعد استخارته لله و إجهاده نفسه في قضاء حقه في عباده و بلاده في البيتين جميعا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لما رأى من فضله البارع و علمه النافع و ورعه الظاهر و زهده الخالص و تخليه من الدنيا و تسلمه من الناس و قد استبان له ما لم تزل الأخبار عليه متواطئة و الألسن عليه متفقة و الكلمة فيه جامعة و لما لم يزل يعرفه به من الفضل يافعا و ناشئا و حدثا و مكتهلا فعقد له بالعقد و الخلافة من بعده واثقا بخيرة الله في ذلك إذ علم الله أنه فعله إيثارا له و للدين و نظرا للإسلام و المسلمين و طلبا للسلامة و ثبات الحجة و النجاة في اليوم الذي يَقُومُ النَّاسُ فيه لِرَبِّ الْعالَمِينَ و دعا أمير المؤمنين ولده و أهل بيته و خاصته و قواده و خدمه فبايعوا مسارعين مسرورين عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعة الله على الهوى في ولده و غيرهم ممن هو أشبك منه رحما و أقرب قرابة و سماه الرضا إذ كان رضا عند أمير المؤمنين فبايعوا معشر أهل بيت أمير المؤمنين و من بالمدينة المحروسة من قواده و جنده و عامة المسلمين لأمير المؤمنين و للرضا من بعده علي بن موسى على اسم الله و بركته و حسن قضائه لدينه و عباده بيعة مبسوطة إليها أيديكم منشرحة لها صدوركم عالمين بما أراد أمير المؤمنين بها و آثر طاعة الله و النظر لنفسه و لكم فيها شاكرين لله على ما ألهم أمير المؤمنين من قضاء حقه في رعايتكم و حرصه على رشدكم و صلاحكم راجين عائدة ذلك في جمع ألفتكم و حقن دمائكم و لم
شعثكم و سد ثغوركم و قوة دينكم و وقم عدوكم و استقامة أموركم و سارعوا إلى طاعة الله و طاعة أمير المؤمنين فإنه الأمن إن سارعتم إليه و حمدتم الله عليه و عرفتم الحظ فيه إن شاء الله و كتب بيده في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى و مائتين صورة ما كان على ظهر العهد بخط الإمام علي بن موسى الرضا ع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الفعال لما يشاء لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ و لا راد لقضائه يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ و صلى الله على نبيه محمد خاتم النبيين و آله الطيبين الطاهرين أقول و أنا علي بن موسى بن جعفر إن أمير المؤمنين عضده الله بالسداد و وفقه للرشاد عرف من حقنا ما جهله غيره فوصل أرحاما قطعت و آمن نفوسا فزعت بل أحياها و قد تلفت و أغناها إذ افتقرت مبتغيا رضا رب العالمين لا يريد جزاء من غيره وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ و لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ و إنه جعل إلي عهده و الإمرة الكبرى إن بقيت بعده فمن حل عقدة أمر الله بشدها و قصم عروة أحب الله إيثاقها فقد أباح حريمه و أحل محرمه إذ كان بذلك زاريا على الإمام منتهكا حرمة الإسلام بذلك جرى السالف فصبر منه على الفلتات و لم يعترض بعدها على العزمات خوفا على شتات الدين و اضطراب حبل المسلمين و لقرب أمر الجاهلية و رصد فرصة تنتهز و بائقة تبتدر و قد جعلت لله على نفسي إن استرعاني أمر المسلمين و قلدني خلافته العمل فيهم عامة و في بني العباس بن عبد المطلب خاصة بطاعته و طاعة رسوله ص و أن لا أسفك دما حراما و لا أبيح فرجا و لا مالا إلا ما سفكته حدوده و إباحته فرائضه و أن أتخير الكفاة جهدي و طاقتي و جعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا يسألني الله عنه فإنه عز و جل يقول وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا و إن أحدثت أو غيرت أو بدلت كنت للغير مستحقا و للنكال متعرضا و أعوذ بالله من سخطه و إليه أرغب في التوفيق لطاعته و الحول بيني و بين معصيته في عافية لي و للمسلمين و الجامعة و الجفر يدلان على ضد ذلك وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يقضي بالحق وَ هُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ لكني امتثلت أمر أمير المؤمنين و آثرت رضاه و الله يعصمني و إياه و أشهدت الله على نفسي بذلك وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً و كتبت بخطي بحضرة أمير المؤمنين أطال الله بقاءه و الفضل بن سهل و سهل بن الفضل و يحيى بن أكثم و عبد الله بن طاهر و ثمامة بن أشرس و بشر بن المعتمر و حماد بن النعمان في شهر رمضان سنة إحدى و مائتين الشهود على الجانب الأيمن شهد يحيى بن أكثم على مضمون هذا المكتوب ظهره و بطنه و هو يسأل الله أن يعرف أمير المؤمنين و كافة المسلمين بركة هذا العهد و الميثاق و كتب بخطه في التأريخ المبين فيه عبد الله بن طاهر بن الحسين أثبت شهادته فيه بتاريخه شهد حماد بن النعمان بمضمونه ظهره و بطنه و كتب بيده في تاريخه بشر بن المعتمر يشهد بمثل ذلك الشهود على الجانب الأيسر رسم أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قراءة هذه الصحيفة التي هي صحيفة الميثاق نرجو أن نجوز بها الصراط ظهرها و بطنها بحرم سيدنا رسول الله ص بين الروضة و المنبر على رءوس الأشهاد بمرأى و مسمع من وجوه بني هاشم و سائر الأولياء و الأحفاد بعد استيفاء شروط البيعة عليه بما أوجب أمير المؤمنين الحجة به على جميع المسلمين و لتبطل الشبهة التي كانت اعترضت آراء الجاهلين و ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ و كتب الفضل بن سهل بأمر أمير المؤمنين بالتأريخ فيه
بيان أقول أخذنا أخبار كشف الغمة من نسخة قديمة مصححة كانت عليها إجازات العلماء الكرام و كان مكتوبا عليها في هذا الموضع على الهامش أشياء نذكرها و هي هذه و كتب بقلمه الشريف تحت قوله و الخلافة من بعده جعلت فداك و كتب تحت ذكر اسمه ع وصلتك رحم و جزيت خيرا و كتب عند تسميته بالرضا رضي الله عنك و أرضاك و أحسن في الدارين جزاك و كتب بقلمه الشريف تحت الثناء عليه أثنى الله عليك فأجمل و أجزل لديك الثواب فأكمل. ثم كان على الهامش بعد ذلك العبد الفقير إلى الله تعالى الفضل بن يحيى عفا الله عنه قابلت المكتوب الذي كتبه الإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه و على آله الطاهرين مقابلة بالذي كتبه الإمام المذكور ع حرفا فحرفا و ألحقت ما فات منه و ذكرت أنه من خطه ع و ذلك في يوم الثلاثاء مستهل المحرم من سنة تسع و تسعين و ستمائة الهلالية بواسط و الحمد لله على ذلك و له المنة انتهى. قوله ع أن أتخير الكفاة أي أختار لكفاية أمور الخلق و إمارتهم من يصلح لذلك قوله للغير هو بكسر الغين و فتح الياء اسم للتغيير قوله رسم أي كتب و أمر أن يقرأ هذه الصحيفة في حرم الرسول ص
26- كشف، ]كشف الغمة[ رأيت خطه ع في واسط سنة سبع و سبعين و ستمائة جوابا عما كتبه إليه المأمون و هو بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وصل كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه يذكر ما ثبت من الروايات و رسم أن أكتب له ما صح عندي من حال هذه الشعرة الواحدة و الخشبة التي لرحى اليد لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليها و على أبيها و زوجها و بنيها فهذه الشعرة الواحدة شعرة من شعر رسول الله ص لا شبهة و لا شك و هذه الخشبة المذكورة لفاطمة ع لا ريب و لا شبهة و أنا قد تفحصت و تحديت و كتبت إليك فاقبل قولي فقد أعظم الله لك في هذا الفحص أجرا عظيما و بالله التوفيق و كتب علي بن موسى بن جعفر و علي سنة إحدى و مائتين من هجرة صاحب التنزيل جدي ص
27- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن معمر بن خلاد قال قال لي أبو الحسن الرضا ع قال لي المأمون يا أبا الحسن لو كتبت إلى بعض من يطيعك في هذه النواحي التي قد فسدت علينا قال قلت له يا أمير المؤمنين إن وفيت لي وفيت لك إنما دخلت في هذا الأمر الذي دخلت فيه على أن لا آمر و لا أنهى و لا أولي و لا أعزل و ما زادني هذا الأمر الذي دخلت فيه في النعمة عندي شيئا و لقد كنت بالمدينة و كتابي ينفذ في المشرق و المغرب و لقد كنت أركب حماري و أمر في سكك المدينة و ما بها أعز مني و ما كان بها أحد يسألني حاجة يمكنني قضاؤها له إلا قضيتها له فقال لي أفي بذلك
28- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ البيهقي عن الصولي عن المغيرة بن محمد عن هارون القزويني قال لما جاءتنا بيعة المأمون للرضا ع بالعهد إلى المدينة خطب بها الناس عبد الجبار بن سعيد بن سليمان المساحقي فقال في آخر خطبته أ تدرون من ولي عهدكم هذا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع
سبعة آباؤهم من هم أخير من يشرب صوب الغمام
تذييل
قال السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب تنزيه الأنبياء. فإن قيل كيف تولى ع العهد للمأمون و تلك جهة لا يستحق الإمامة منها أ و ليس هذا إيهاما فيما يتعلق بالدين. قلنا قد مضى من الكلام في سبب دخول أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الشورى ما هو أصل لهذا الباب و جملته أن ذا الحق له أن يتوصل إليه من كل جهة و سبب لا سيما إذا كان يتعلق بذلك الحق تكليف عليه فإنه يصير واجبا عليه التوصل و التمحل بالتصرف فالإمامة يستحقه الرضا ع بالنص من آبائه عليهم السلام عليه فإذا دفع عن ذلك و جعل إليه من وجه آخر أن يتصرف وجب عليه أن يجيب إلى ذلك الوجه ليصل منه إلى حقه. و ليس في هذا إيهاما لأن الأدلة الدالة على استحقاقه ع للإمامة بنفسه يمنع من دخول الشبهة بذلك و إن كان فيه بعض الإيهام يحسنه دفع الضرورة إليه كما حملته و آباءه ع على إظهار مبايعة الظالمين و القول بإمامتهم و لعله ع أجاب إلى ولاية العهد للتقية و الخوف لأنه لم يؤثر الامتناع على من ألزمه ذلك و حمله عليه فيفضي الأمر إلى المجاهرة و المباينة و الحال لا يقتضيها و هذا بين