1- كش، ]رجال الكشي[ أحمد بن محمد الخالدي عن محمد بن همام عن إسحاق بن أحمد عن أبي حفص الحداد و غيره عن يونس بن عبد الرحمن قال كان يحيى بن خالد البرمكي قد وجد على هشام بن الحكم شيئا من طعنه على الفلاسفة و أحب أن يغري به هارون و نصرته على القتل قال و كان هارون لما بلغه عن هشام مال إليه و ذلك أن هشاما تكلم يوما بكلام عند يحيى بن خالد في إرث النبي ص فنقل إلى هارون فأعجبه و قد كان قبل ذلك يحيى يسترق أمره عند هارون و يرده عن أشياء كان يعزم عليها من أذاه فكان ميل هارون إلى هشام أحد ما غير قلب يحيى على هشام فشيعه عنده و قال له يا أمير المؤمنين إني قد استبطنت أمر هشام فإذا هو يزعم أن لله في أرضه إماما غيرك مفروض الطاعة قال سبحان الله قال نعم و يزعم أنه لو أمره بالخروج لخرج و إنما كنا نرى أنه ممن يرى الإلباد بالأرض فقال هارون ليحيى فاجمع عندك المتكلمين و أكون أنا من وراء الستر بيني و بينهم لئلا يفطنوا بي و لا يمتنع كل واحد منهم أن يأتي بأصله لهيبتي قال فوجه يحيى فأشحن المجلس من المتكلمين و كان فيهم ضرار بن عمرو و سليمان بن جرير و عبد الله بن يزيد الإباضي و مؤبد بن مؤبد و رأس الجالوت قال فتساءلوا فتكافئوا و تناظروا و تقاطعوا تناهوا إلى شاذ من مشاذ الكلام كل يقول لصاحبه لم تجب و يقول قد أجبت و كان ذلك عن يحيى حيلة على هشام إذ لم يعلم بذلك المجلس و اغتنم ذلك لعله كان أصابها هشام بن الحكم فلما تناهوا إلى هذا الموضع قال لهم يحيى بن خالد أ ترضون فيما بينكم هشاما حكما قالوا قد رضينا أيها الوزير فأنى لنا به و هو عليل فقال يحيى فأنا أوجه إليه فأرسله أن يتجشم المشي فوجه إليه فأخبره بحضورهم و أنه إنما منعه أن يحضروه أول المجلس إبقاء عليه من العلة و أن القوم قد اختلفوا في المسائل و الأجوبة و تراضوا بك حكما بينهم فإن رأيت أن تتفضل و تحمل على نفسك فافعل فلما صار الرسول إلى هشام قال لي يا يونس قلبي ينكر هذا القول و لست آمن أن يكون هاهنا أمرا لا أقف عليه لأن هذا الملعون يحيى بن خالد قد تغير علي لأمور شتى و قد كنت عزمت إن من الله علي بالخروج من هذه العلة أن أشخص إلى الكوفة و أحرم الكلام بتة و ألزم المسجد ليقطع عني مشاهدة هذا الملعون يعني يحيى بن خالد قال قلت جعلت فداك لا يكون إلا خيرا فتحرز ما أمكنك فقال لي يا يونس أ ترى التحرز عن أمر يريد الله إظهاره على لسانه أنى يكون ذلك و لكن قم بنا على حول الله و قوته فركب هشام بغلا كان مع رسوله و ركبت أنا حمارا كان لهشام قال فدخلنا المجلس فإذا هو مشحون بالمتكلمين قال فمضى هشام نحو يحيى فسلم عليه و سلم على القوم و جلس قريبا منه و جلست أنا حيث انتهى بي المجلس قال فأقبل يحيى على هشام بعد ساعة فقال إن القوم حضروا و كنا مع حضورهم نحب أن تحضر لا لأن تناظر بل لأن نأنس بحضورك إن كانت العلة تقطعك عن المناظرة و أنت بحمد الله صالح و ليست علتك بقاطعة من المناظرة و هؤلاء القوم قد تراضوا بك حكما بينهم قال فقال هشام ما الموضع الذي تناهت به المناظرة فأخبره كل فريق منهم بموضع مقطعة فكان من ذلك أن حكم لبعض على بعض فكان من المحكومين عليه سليمان بن جرير فحقدها على هشام قال ثم إن يحيى بن خالد قال لهشام إنا قد أعرضنا عن المناظرة و
المجادلة منذ اليوم و لكن إن رأيت أن تبين عن فساد اختيار الناس الإمام و أن الإمامة في آل بيت الرسول دون غيرهم قال هشام أيها الوزير العلة تقطعني عن ذلك و لعل معترضا يعترض فيكتسب المناظرة و الخصومة قال إن اعترض معترض قبل أن تبلغ مرادك و غرضك فليس ذلك له بل عليه أن يحفظ المواضع التي له فيها مطعن فيقفها إلى فراغك و لا يقطع عليك كلامك فبدأ هشام و ساق الذكر لذلك و أطال و اختصرنا منه موضع الحاجة فلما فرغ مما قد ابتدأ فيه من الكلام في فساد اختيار الناس الإمام قال يحيى لسليمان بن جرير سل أبا محمد عن شيء من هذا الباب قال سليمان لهاشم أخبرني عن علي بن أبي طالب ع مفروض الطاعة فقال هشام نعم قال فإن أمرك الذي بعده بالخروج بالسيف معه تفعل و تطيعه فقال هشام لا يأمرني قال و لم إذا كانت طاعته مفروضة عليك و عليك أن تطيعه فقال هشام عد عن هذا فقد تبين فيه الجواب قال سليمان فلم يأمرك في حال تطيعه و في حال لا تطيعه فقال هشام ويحك لم أقل لك إني لا أطيعه فتقول إن طاعته مفروضة إنما قلت لك لا يأمرني قال سليمان ليس أسألك إلا على سبيل سلطان الجدل ليس على الواجب أنه لا يأمرك فقال هشام كم تحول حول الحمى هل هو إلا أن أقول لك إن أمرني فعلت فتنقطع أقبح الانقطاع و لا يكون عندك زيادة و أنا أعلم بما يجب قولي و ما إليه يئول جوابي قال فتغير وجه هارون و قال هارون قد أفصح و قام الناس و اغتنمها هشام فخرج على وجهه إلى المدائن قال فبلغنا أن هارون قال ليحيى شد يدك بهذا و أصحابه و بعث إلى أبي الحسن موسى ع فحبسه فكان هذا سبب حبسه مع غيره من الأسباب و إنما أراد يحيى أن يهرب هشام فيموت مخفيا ما دام لهارون سلطان قال ثم صار هشام إلى الكوفة و هو يعقب عليه و مات في دار ابن شرف بالكوفة رحمه الله قال فبلغ هذا المجلس محمد بن سليمان النوفلي و ابن ميثم و هما في حبس هارون فقال النوفلي أرى هشاما ما استطاع أن يعتل فقال ابن ميثم بأي شيء يستطيع أن يعتل و قد أوجب أن طاعته مفروضة من الله قال يعتل بأن يقول الشرط علي في إمامته أن لا يدعو أحدا إلى الخروج حتى ينادي مناد من السماء فمن دعاني ممن يدعي الإمامة قبل ذلك الوقت علمت أنه ليس بإمام و طلبت من أهل هذا البيت من لا يقول إنه يخرج و لا يأمر بذلك حتى ينادي مناد من السماء فأعلم أنه صادق فقال ابن ميثم هذا من أخبث الخرافة و متى كان هذا في عقد الإمامة إنما يروى هذا في صفة القائم ع و هشام أجدل من أن يحتج بهذا على أنه لم يفصح بهذا الإفصاح الذي قد شرطته أنت إنما قال إن أمرني المفروض الطاعة بعد علي ع فعلت و لم يسم فلان دون فلان كما تقول إن قال لي طلبت غيره فلو قال هارون له و كان المناظر له من المفروض الطاعة فقال له أنت لم يكن أن يقول له فإن أمرتك بالخروج بالسيف تقاتل أعدائي تطلب غيري و تنتظر المنادي من السماء هذا لا يتكلم به مثل هذا لعلك لو كنت أنت تكلمت به قال ثم قال علي بن إسماعيل الميثمي إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ على ما يمضي من العلم إن قتل و لقد كان عضدنا و شيخنا و المنظور إليه فينا
بيان قوله فشيعه عنده أي نسب يحيى هشاما إلى التشيع عند هارون و الإلباد بالأرض الإلصاق بها كناية عن ترك الخروج و عدم الرضا به قوله إذ لم يعلمه بذلك أي لم يعلمه أولا و اغتنم تلك المناظرة و حيرتهم لتكون وسيلة إلى إحضار هشام بحيث لا يشعر بالحيلة قوله على ما يمضي من العلم إن قتل أي إن قتل يمضي مع علوم كثيرة
2- كش، ]رجال الكشي[ روي عن عمر بن يزيد قال كان ابن أخي هشام يذهب في الدين مذهب الجهمية خبيثا فيهم فسألني أن أدخله على أبي عبد الله ع ليناظره فأعلمته أني لا أفعل ما لم أستأذنه فدخلت على أبي عبد الله فاستأذنته في إدخال هشام عليه فأذن لي فيه فقمت من عنده و خطوت خطوات فذكرت رداءته و خبثه فانصرفت إلى أبي عبد الله ع فحدثته رداءته و خبثه فقال لي أبو عبد الله ع يا عمر تتخوف علي فخجلت من قولي و علمت أني قد عثرت فخرجت مستحييا إلى هشام فسألته تأخير دخوله و أعلمته أنه قد أذن له بالدخول فبادر هشام فاستأذن و دخل فدخلت معه فلما تمكن في مجلسه سأله أبو عبد الله ع عن مسألة فحار فيها هشام و بقي فسأله هشام أن يؤجله فيها فأجله أبو عبد الله ع فذهب هشام فاضطرب في طلب الجواب أياما فلم يقف عليه فرجع إلى أبي عبد الله ع فأخبره أبو عبد الله ع بها و سأله عن مسائل أخرى فيها فساد أصله و عقد مذهبه فخرج هشام من عنده مغتما متحيرا قال فبقيت أياما لا أفيق من حيرتي قال عمر بن يزيد فسألني هشام أن أستأذن له على أبي عبد الله ع ثالثا فدخلت على أبي عبد الله فاستأذنت له فقال أبو عبد الله ع لينظرني في موضع سماه بالحيرة لألتقي معه فيه غدا إن شاء الله إذا راح إليها فقال عمر فخرجت إلى هشام فأخبرته بمقالته و أمره فسر بذلك هشام و استبشر و سبقه إلى الموضع الذي سماه ثم رأيت هشاما بعد ذلك فسألته عما بينهما فأخبرني أنه سبق أبا عبد الله ع إلى الموضع الذي كان سماه له فبينا هو إذا بأبي عبد الله ع قد أقبل على بغلة له فلما بصرت به و قرب مني هالني منظره و أرعبني حتى بقيت لا أجد شيئا أتفوه به و لا انطلق لساني لما أردت من مناطقته و وقف علي أبو عبد الله مليا ينتظر ما أكلمه و كان وقوفه علي لا يزيدني إلا تهيبا و تحيرا فلما رأى ذلك مني ضرب بغلته و سار حتى دخل بعض السكك في الحيرة و تيقنت أن ما أصابني من هيبته لم يكن إلا من قبل الله عز و جل من عظم موقعه و مكانه من الرب الجليل قال عمر فانصرف هشام إلى أبي عبد الله ع و ترك مذهبه و دان بدين الحق و فاق أصحاب أبي عبد الله ع كلهم و الحمد لله قال و اعتل هشام بن الحكم علته التي قبض فيها فامتنع من الاستعانة بالأطباء فسألوه أن يفعل ذلك فجاءوا بهم إليه فأدخل عليه جماعة من الأطباء فكان إذا دخل الطبيب عليه و أمره بشيء سأله فقال يا هذا هل وقفت على علتي فمن بين قائل يقول لا و من قائل يقول نعم فإن استوصف ممن يقول نعم وصفها فإذا أخبره كذبه و يقول علتي غير هذه فيسأل عن علته فيقول علتي فزع القلب مما أصابني من الخوف و قد كان قدم ليضرب عنقه ففزع قلبه لذلك حتى مات رحمه الله
3- كش، ]رجال الكشي[ محمد بن مسعود عن جبرئيل بن أحمد عن محمد بن عيسى العبيدي عن يونس قال قلت لهشام إنهم يزعمون أن أبا الحسن ع بعث إليك عبد الرحمن بن الحجاج يأمرك أن تسكت و لا تتكلم فأبيت أن تقبل رسالته فأخبرني كيف كان سبب هذا و هل أرسل إليك ينهاك عن الكلام أو لا و هل تكلمت بعد نهيه إياك فقال هشام إنه لما كان أيام المهدي شدد على أصحاب الأهواء و كتب له ابن المفضل صنوف الفرق صنفا صنفا ثم قرأ الكتاب على الناس فقال يونس قد سمعت الكتاب يقرأ على الناس على باب الذهب بالمدينة و مرة أخرى بمدينة الوضاح فقال إن ابن المفضل صنف لهم صنوف الفرق فرقة فرقة حتى قال في كتابه و فرقة يقال لهم الزرارية و فرقة يقال لهم العمارية أصحاب عمار الساباطي و فرقة يقال لهم اليعفورية و منهم فرقة أصحاب سليمان الأقطع و فرقة يقال لهم الجواليقية قال يونس و لم يذكر يومئذ هشام بن الحكم و لا أصحابه فزعم هشام ليونس أن أبا الحسن ع بعث إليه فقال له كف هذه الأيام عن الكلام فإن الأمر شديد قال هشام فكففت عن الكلام حتى مات المهدي و سكن الأمر فهذا الأمر الذي كان من أمره و انتهائي إلى قوله و بهذا الإسناد عن يونس قال كنت مع هشام بن الحكم في مسجده بالعشاء حيث أتاه مسلم صاحب بيت الحكم فقال له إن يحيى بن خالد يقول قد أفسدت على الرفضة دينهم لأنهم يزعمون أن الدين لا يقوم إلا بإمام حي و هم لا يدرون إمامهم اليوم حي أو ميت فقال هشام عند ذلك إنما علينا أن ندين بحياة الإمام أنه حي حاضرا عندنا أو متواريا عنا حتى يأتينا موته فما لم يأتنا موته فنحن مقيمون على حياته و مثل مثالا فقال الرجل إذا جامع أهله و سافر إلى مكة أو توارى عنه ببعض الحيطان فعلينا أن نقيم على حياته حتى يأتينا خلاف ذلك فانصرف سالم ابن عم يونس بهذا الكلام فقصه على يحيى بن خالد فقال يحيى ما ترى ما صنعنا شيئا فدخل يحيى على هارون فأخبره فأرسل من الغد فطلبه فطلب في منزله فلم يوجد و بلغه الخبر فلم يلبث إلا شهرين أو أكثر حتى مات في منزل محمد و حسين الحناطين فهذا تفسير أمر هشام و زعم يونس أن دخول هشام على يحيى بن خالد و كلامه مع سليمان بن جرير بعد أن أخذ أبو الحسن ع بدهر إذ كان في زمن المهدي و دخوله إلى يحيى بن خالد في زمن الرشيد
4- ب، ]قرب الإسناد[ ابن أبي الخطاب عن البزنطي عن الرضا ع قال أ ما كان لكم في أبي الحسن ص عظة ما ترى حال هشام هو الذي صنع بأبي الحسن ع ما صنع و قال لهم و أخبرهم أ ترى الله يغفر له ما ركب منا
5- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن أحمد عن حيدر بن محمد بن نعيم عن محمد بن عمر عن محمد بن مسعود عن جعفر بن معروف عن العمركي عن الحسن بن أبي لبابة عن أبي هاشم الجعفري قال قلت لأبي جعفر محمد بن علي الثاني ع ما تقول جعلت فداك في هشام بن الحكم فقال رحمه الله ما كان أذبه عن هذه الناحية
6- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ يد، ]التوحيد[ ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن الصقر بن دلف قال سألت الرضا ع عن التوحيد و قلت له إني أقول بقول هشام بن الحكم فغضب ع ثم قال ما لكم و لقول هشام إنه ليس منا من زعم أن الله عز و جل جسم و نحن منه براء في الدنيا و الآخرة
7- ك، ]إكمال الدين[ الهمداني و ابن ناتانة معا عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي الأسواري قال كان ليحيى بن خالد مجلس في داره يحضره المتكلمون من كل فرقة و ملة يوم الأحد فيتناظرون في أديانهم و يحتج بعضهم على بعض فبلغ ذلك الرشيد فقال ليحيى بن خالد يا عباسي ما هذا المجلس الذي بلغني في منزلك يحضره المتكلمون فقال يا أمير المؤمنين ما شيء مما رفعني به أمير المؤمنين و بلغ من الكرامة و الرفعة أحسن موقعا عندي من هذا المجلس فإنه يحضره كل قوم مع اختلاف مذاهبهم فيحتج بعضهم على بعض و يعرف المحق منهم و يتبين لنا فساد كل مذهب من مذاهبهم قال له الرشيد فأنا أحب أن أحضر هذا المجلس و أسمع كلامهم من غير أن يعلموا بحضوري فيحتشمون و لا يظهرون مذاهبهم قال ذلك إلى أمير المؤمنين متى شاء قال فضع يدك على رأسي و لا تعلمهم بحضوري ففعل و بلغ الخبر المعتزلة فتشاوروا فيما بينهم و عزموا أن لا يكلموا هشاما إلا في الإمامة لعلمهم بمذهب الرشيد و إنكاره على من قال بالإمامة قال فحضروا و حضر هشام و حضر عبد الله بن يزيد الإباضي و كان من أصدق الناس لهشام بن الحكم و كان يشاركه في التجارة فلما دخل هشام سلم على عبد الله بن يزيد من بينهم فقال يحيى بن خالد لعبد الله بن يزيد يا عبد الله كلم هشاما فيما اختلفتم فيه من الإمامة فقال هشام أيها الوزير ليس لهم علينا جواب و لا مسألة هؤلاء قوم كانوا مجتمعين معنا على إمامة رجل ثم فارقونا بلا علم و لا معرفة فلا حين كانوا معنا عرفوا الحق و لا حين فارقونا علموا على ما فارقونا فليس لهم علينا مسألة و لا جواب فقال بيان و كان من الحرورية أنا أسألك يا هشام أخبرني عن أصحاب علي يوم حكموا الحكمين أ كانوا مؤمنين أم كافرين قال هشام كانوا ثلاثة أصناف صنف مؤمنون و صنف مشركون و صنف ضلال فأما المؤمنون فمن قال مثل قولي الذين قالوا إن عليا إمام من عند الله و معاوية لا يصلح لها فآمنوا بما قال الله عز و جل في علي و أقروا به و أما المشركون فقوم قالوا علي إمام و معاوية يصلح لها فأشركوا إذ أدخلوا معاوية مع علي و أما الضلال فقوم خرجوا على الحمية و العصبية للقبائل و العشائر لم يعرفوا شيئا من هذا و هم جهال قال و أصحاب معاوية ما كانوا قال كانوا ثلاثة أصناف صنف كافرون و صنف مشركون و صنف ضلال فأما الكافرون فالذين قالوا إن معاوية إمام و علي لا يصلح لها فكفروا من جهتين أن جحدوا إماما من الله و نصبوا إماما ليس من الله و أما المشركون فقوم قالوا معاوية إمام و علي يصلح لها فأشركوا معاوية مع علي ع و أما الضلال فعلى سبيل أولئك خرجوا للحمية و العصبية للقبائل و العشائر فانقطع بيان عند ذلك فقال ضرار فأنا أسألك يا هشام في هذا فقال هشام أخطأت قال و لم قال لأنكم مجتمعون على دفع إمامة صاحبي و قد سألني هذا عن مسألة و ليس لكم أن تثنوا بالمسألة علي حتى أسألك يا ضرار عن مذهب في هذا الباب قال ضرار فسل قال أ تقول إن الله عدل لا يجور قال نعم هو عدل لا يجور تبارك و تعالى قال فلو كلف الله المقعد المشي إلى المساجد و الجهاد في سبيل الله و كلف الأعمى قراءة المصاحف و الكتب أ تراه كان عادلا أم جائرا قال ضرار ما كان الله ليفعل ذلك قال هشام قد علمنا أن الله لا يفعل ذلك و لكن على سبيل الجدل و الخصومة أن لو فعل ذلك أ ليس كان في فعله جائرا و كلفه تكليفا لا يكون له السبيل إلى إقامته و أدائه قال لو فعل ذلك لكان جائرا قال فأخبرني عن الله عز و جل كلف العباد دينا واحدا لا اختلاف فيه لا يقبل منهم إلا أن يأتوا به كما كلفهم قال بلى قال فجعل لهم دليلا على وجود ذلك الدين أو كلفهم ما لا دليل على وجوده فيكون بمنزلة من كلف الأعمى قراءة الكتب و المقعد المشي إلى المساجد و الجهاد قال فسكت ضرار ساعة ثم قال لا بد من دليل و ليس بصاحبك قال فضحك هشام و قال تشيع شطرك و صرت إلى الحق ضرورة و لا خلاف بيني و بينك إلا في التسمية قال ضرار فإني أرجع إليك في هذا القول قال هات قال ضرار
كيف تعقد الإمامة قال هشام كما عقد الله النبوة قال فإذا هو نبي قال هشام لا لأن النبوة يعقدها أهل السماء و الإمامة يعقدها أهل الأرض فعقد النبوة بالملائكة و عقد الإمامة بالنبي و العقدان جميعا بإذن الله عز و جل قال فما الدليل على ذلك قال هشام الاضطرار في هذا قال ضرار و كيف ذلك قال هشام لا يخلو الكلام في هذا من أحد ثلاثة وجوه إما أن يكون الله عز و جل رفع التكليف عن الخلق بعد الرسول ص فلم يكلفهم و لم يأمرهم و لم ينههم و صاروا بمنزلة السباع و البهائم التي لا تكليف عليها أ فتقول هذا يا ضرار إن التكليف عن الناس مرفوع بعد رسول الله ص قال لا أقول هذا قال هشام فالوجه الثاني ينبغي أن يكون الناس المكلفون قد استحالوا بعد الرسول علماء في مثل حد الرسول في العلم حتى لا يحتاج أحد إلى أحد فيكونوا كلهم قد استغنوا بأنفسهم و أصابوا الحق الذي لا اختلاف فيه أ فتقول هذا أن الناس قد استحالوا علماء حتى صاروا في مثل حد الرسول في العلم حتى لا يحتاج أحد إلى أحد مستغنين بأنفسهم عن غيرهم في إصابة الحق قال لا أقول هذا و لكنهم يحتاجون إلى غيرهم قال فبقي الوجه الثالث لأنه لا بد لهم من علم يقيمه الرسول لهم لا يسهو و لا يغلط و لا يحيف معصوم من الذنوب مبرأ من الخطايا يحتاج إليه و لا يحتاج إلى أحد قال فما الدليل عليه قال هشام ثمان دلالات أربع في نعت نسبه و أربع في نعت نفسه فأما الأربع التي في نعت نسبه بأن يكون معروف الجنس معروف القبيلة معروف البيت و أن يكون من صاحب الملة و الدعوة إليه إشارة فلم ير جنس من هذا الخلق أشهر من جنس العرب الذين منهم صاحب الملة و الدعوة الذي ينادى باسمه في كل يوم خمس مرات على الصوامع أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فتصل دعوته إلى كل بر و فاجر و عالم و جاهل و مقر و منكر في شرق الأرض و غربها و لو جاز أن يكون الحجة من الله على هذا الخلق في غير هذا الجنس لأتى على الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده و لو جاز أن يطلبه في أجناس هذا الخلق من العجم و غيرهم لكان من حيث أراد الله أن يكون صلاحا يكون فسادا و لا يجوز هذا في حكم الله تبارك و تعالى و عدله أن يفرض على الناس فريضة لا توجد فلما لم يجز ذلك لم يجز إلا أن يكون إلا في هذا الجنس لاتصاله بصاحب الملة و الدعوة و لم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لقرب نسبها من صاحب الملة و هي قريش و لما لم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لم يجز أن يكون من هذه القبيلة إلا في هذا البيت لقرب نسبه من صاحب الملة و الدعوة و لما كثر أهل هذا البيت و تشاجروا في الإمامة لعلوها و شرفها ادعاها كل واحد منهم فلم يجز إلا أن يكون من صاحب الملة و الدعوة إليه إشارة بعينه و اسمه و نسبه لئلا يطمع فيها غيره و أما الأربع التي في نعت نفسه أن يكون أعلم الناس كلهم بفرائض الله و سننه و أحكامه حتى لا يخفى عليه منها دقيق و لا جليل و أن يكون معصوما من الذنوب كلها و أن يكون أشجع الناس و أن يكون أسخى الناس قال من أين قلت إنه أعلم الناس قال لأنه إن لم يكن عالما بجميع حدود الله و أحكامه و شرائعه و سننه لم يؤمن عليه أن يقلب الحدود فمن وجب عليه القطع حده و من وجب عليه الحد قطعه فلا يقيم لله حدا على ما أمر به فيكون من حيث أراد الله صلاحا يقع فسادا قال فمن أين قلت إنه معصوم من الذنوب قال لأنه إن لم يكن معصوما من الذنوب دخل في الخطإ فلا يؤمن أن يكتم على نفسه و يكتم على حميمه و قريبه و لا يحتج الله عز و جل بمثل هذا على خلقه قال فمن أين قلت إنه أشجع الناس قال لأنه فئة للمسلمين الذين
يرجعون إليه في الحروب و قال الله عز و جل وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ فإن لم يكن شجاعا فر فيبوء بغضب من الله فلا يجوز أن يكون من يبوء بغضب من الله حجة لله على خلقه قال فمن أين قلت إنه أسخى الناس قال لأنه خازن المسلمين فإن لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم فأخذها فكان خائنا و لا يجوز أن يحتج الله على خلقه بخائن فقال عند ذلك ضرار فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت فقال صاحب العصر أمير المؤمنين و كان هارون الرشيد قد سمع الكلام كله فقال عند ذلك أعطانا و الله من جراب النورة ويحك يا جعفر و كان جعفر بن يحيى جالسا معه في الستر من يعني بهذا قال يا أمير المؤمنين يعني موسى بن جعفر قال ما عنى بها غير أهلها ثم عض على شفته و قال مثل هذا حي و يبقى لي ملكي ساعة واحدة فو الله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف و علم يحيى أن هشاما قد أتى فدخل الستر فقال ويحك يا عباسي من هذا الرجل فقال يا أمير المؤمنين تكفى تكفى ثم خرج إلى هشام فغمزه فعلم هشام أنه قد أتى فقام يريهم أنه يبول أو يقضي حاجة فلبس نعليه و انسل و مر ببنيه و أمرهم بالتواري و هرب و مر من فوره نحو الكوفة و نزل على بشير النبال و كان من حملة الحديث من أصحاب أبي عبد الله ع فأخبره الخبر ثم اعتل علة شديدة فقال له بشير آتيك بطبيب قال لا أنا ميت فلما حضره الموت قال لبشير إذا فرغت من جهازي فاحملني في جوف الليل و ضعني بالكناسة و اكتب رقعة و قل هذا هشام بن الحكم الذي طلبه أمير المؤمنين مات حتف أنفه و كان هارون قد بعث إلى إخوانه و أصحابه فأخذ الخلق به فلما أصبح أهل الكوفة رأوه و حضر القاضي و صاحب المعونة و العامل و المعدلون بالكوفة و كتب إلى الرشيد بذلك فقال الحمد لله الذي كفانا أمره فخلى عمن كان أخذ به
بيان قد أتى على المجهول أي هلك من قولهم أتى عليه أي أهلكه و قوله تكفى على المجهول أي تكفى شره و نقتله
7- عم، ]إعلام الورى[ شا، ]الإرشاد[ ابن قولويه عن الكليني عن علي عن أبيه عن جماعة من رجاله عن يونس بن يعقوب قال كنت عند أبي عبد الله ع فورد عليه رجل من أهل الشام فقال له إني رجل صاحب كلام و فقه و فرائض و قد جئت لمناظرة أصحابك فقال له أبو عبد الله ع كلامك هذا من كلام رسول الله أو من عندك فقال من كلام رسول الله ص بعضه و من عندي بعضه فقال له أبو عبد الله ع فأنت إذا شريك رسول الله ص قال لا قال فسمعت الوحي عن الله تعالى قال لا قال فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله ص قال لا قال فالتفت أبو عبد الله ع إلي و قال لي يا يونس بن يعقوب هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم قال يا يونس لو كنت تحسن الكلام لكلمته قال يونس فيا لها من حسرة فقلت جعلت فداك سمعتك تنهى عن الكلام و تقول ويل لأصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد و هذا لا ينقاد و هذا ينساق و هذا لا ينساق و هذا نعقله و هذا لا نعقله فقال أبو عبد الله ع إنما قلت ويل لقوم تركوا قولي و ذهبوا إلى ما يريدون ثم قال اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله قال فخرجت فوجدت حمران بن أعين و كان يحسن الكلام و محمد بن النعمان الأحول و كان متكلما و هشام بن سالم و قيس الماصر و كانا متكلمين فأدخلتهم عليه فلما استقر بنا المجلس و كنا في خيمة لأبي عبد الله ع على طرف جبل في طرف الحرم و ذلك قبل الحج بأيام أخرج أبو عبد الله ع رأسه من الخيمة فإذا هو ببعير يخب فقال هشام و رب الكعبة فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة لأبي عبد الله ع فإذا هشام بن الحكم قد ورد و هو أول ما اختطت لحيته و ليس فينا إلا من هو أكبر منه سنا قال فوسع إليه أبو عبد الله ع و قال ناصرنا بقلبه و لسانه و يده ثم قال لحمران كلم الرجل يعني الشامي فتكلم حمران فظهر عليه ثم قال يا طاقي كلمه فكلمه فظهر عليه محمد بن النعمان ثم قال يا هشام بن سالم كلمه فتعارفا ثم قال لقيس الماصر كلمه فكلمه و أقبل أبو عبد الله ع فتبسم من كلامهما و قد استخذل الشامي في يده ثم قال للشامي كلم هذا الغلام يعني هشام بن الحكم فقال نعم ثم قال الشامي لهشام يا غلام سلني في إمامة هذا يعني أبا عبد الله ع فغضب هشام حتى ارتعد ثم قال أخبرني يا هذا أ ربك أنظر لخلقه أم هم لأنفسهم فقال الشامي بل ربي أنظر لخلقه قال ففعل بنظره لهم في دينهم ما ذا قال كلفهم و أقام لهم حجة و دليلا على ما كلفهم و أزاح في ذلك عللهم فقال له هشام فما هذا الدليل الذي نصبه لهم قال الشامي هو رسول الله ص قال هشام فبعد رسول الله ص من قال الكتاب و السنة قال هشام فهل نفعنا اليوم الكتاب و السنة فيما اختلفنا فيه حتى رفع عنا الاختلاف و مكننا من الاتفاق قال الشامي نعم فقال له هشام فلم اختلفنا نحن و أنت و جئت لنا من الشام تخالفنا و تزعم أن الرأي طريق الدين و أنت مقر بأن الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين فسكت الشامي كالمفكر فقال له أبو عبد الله ع ما لك لا تتكلم قال إن قلت إنا ما اختلفنا كابرت و إن قلت إن الكتاب و السنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت لأنهما يحتملان الوجوه لكن لي عليه مثل ذلك فقال له أبو عبد الله ع سله تجده مليا فقال الشامي لهشام من أنظر للخلق ربهم أم أنفسهم فقال هشام بل ربهم
أنظر لهم فقال الشامي فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم و يرفع اختلافهم و يبين لهم حقهم من باطلهم قال هشام نعم قال الشامي من هو قال هشام أما في ابتداء الشريعة فرسول الله و أما بعد النبي فغيره فقال الشامي و من هو غير النبي القائم مقامه في حجته قال هشام في وقتنا هذا أم قبله قال الشامي بل في وقتنا هذا قال هشام هذا الجالس يعني أبا عبد الله ع الذي تشد إليه الرحال و يخبرنا بأخبار السماء وراثة عن أب عن جد فقال الشامي و كيف لي بعلم ذلك قال هشام سله عما بدا لك قال الشامي قطعت عذري فعلي السؤال فقال له أبو عبد الله ع أنا أكفيك المسألة يا شامي أخبرك عن مسيرك و سفرك خرجت في يوم كذا و كذا و كان طريقك من كذا و مررت على كذا و مر بك كذا فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول صدقت و الله ثم قال له الشامي أسلمت لله الساعة فقال له أبو عبد الله ع بل آمنت بالله الساعة إن الإسلام قبل الإيمان و عليه يتوارثون و يتناكحون و الإيمان عليه يثابون قال الشامي صدقت فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ص و أنك وصي الأنبياء قال فأقبل أبو عبد الله ع على حمران بن أعين فقال يا حمران تجري الكلام على الأثر فتصيب و التفت إلى هشام بن سالم فقال تريد الأثر و لا تعرف ثم التفت إلى الأحول فقال قياس رواغ تكسر باطلا بباطل لكن باطلك أظهر ثم التفت إلى قيس الماصر فقال يتكلم و أقرب ما يكون من الخبر عن الرسول ع أبعد ما يكون منه يمزج الحق بالباطل و قليل الحق يكفي عن كثير الباطل أنت و الأحول قفازان حاذقان قال يونس بن يعقوب و ظننت و الله أنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما فقال يا هشام لا تكاد تقع تلوي رجليك إذا هممت بالأرض طرت مثلك فليكلم الناس اتق الزلة و الشفاعة من ورائك
أقول إنما أوردنا أحوال هشام في أبواب أحواله ع لاشتمالها على بعض أحواله ع و قد مضى كثير من احتجاجات هشام في كتاب الاحتجاجات