1- ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن محمد بن سهيل البحراني يرفعه إلى أبي عبد الله الصادق ع قال البكاءون خمسة آدم و يعقوب و يوسف و فاطمة بنت محمد و علي بن الحسين ع فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية و أما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره و حتى قيل له تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ و أما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن فقالوا له إما أن تبكي بالليل و تسكت بالنهار و إما أن تبكي بالنهار و تسكت بالليل فصالحهم على واحدة منهما و أما فاطمة فبكت على رسول الله ص حتى تأذى به أهل المدينة فقالوا لها قد آذيتينا بكثرة بكائك فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف و أما علي بن الحسين فبكى على الحسين ع عشرين سنة أو أربعين سنة ما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال له مولى له جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة
لي، ]الأمالي للصدوق[ الحسين بن أحمد بن إدريس عن أبيه عن ابن عيسى عن ابن معروف مثله
-2 ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الصدوق عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن عبد الله بن العباس قال لما حضرت رسول الله ص الوفاة بكى حتى بلت دموعه لحيته فقيل له يا رسول الله ما يبكيك فقال أبكي لذريتي و ما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي كأني بفاطمة بنتي و قد ظلمت بعدي و هي تنادي يا أبتاه فلا يعينها أحد من أمتي فسمعت ذلك فاطمة ع فبكت فقال رسول الله ص لا تبكين يا بنية فقالت لست أبكي لما يصنع بي من بعدك و لكني أبكي لفراقك يا رسول الله فقال لها أبشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي فإنك أول من يلحق بي من أهل بيتي
3- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن السناني عن الأسدي عن البرمكي عن جعفر بن سليمان عن عبد الله بن يحيى عن الأعمش عن عباية عن ابن عباس قال دخلت فاطمة على رسول الله ص في مرضه الذي توفي فيه قال نعيت إلى نفسي فبكت فاطمة فقال لها لا تبكين فإنك لا تمكثين من بعدي إلا اثنين و سبعين يوما و نصف يوم حتى تلحقي بي و لا تلحقي بي حتى تتحفي بثمار الجنة فضحكت فاطمة ع
4- يج، ]الخرائج و الجرائح[ قال أبو عبد الله ع إن فاطمة مكثت بعد رسول الله ص خمسة و سبعين يوما و كان دخلها حزن شديد على أبيها و كان جبرئيل يأتيها و يطيب نفسها و يخبرها عن أبيها و مكانه في الجنة و يخبرها ما يكون بعدها في ذريتها و كان علي يكتب ذلك
5- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ دخلت أم سلمة على فاطمة ع فقالت لها كيف أصبحت عن ليلتك يا بنت رسول الله ص قالت أصبحت بين كمد و كرب فقد النبي و ظلم الوصي هتك و الله حجابه من أصبحت إمامته مقبضة مقتضبة على غير ما شرع الله في التنزيل و سنها النبي ص في التأويل و لكنها أحقاد بدرية و ترات أحدية كانت عليها قلوب النفاق مكتمنة لإمكان الوشاة فلما استهدف الأمر أرسلت علينا شآبيب الآثار من مخيلة الشقاق فيقط وتر الإيمان من قسي صدورها و لبئس على ما وعد الله من حفظ الرسالة و كفالة المؤمنين أحرزوا عائدتهم غرور الدنيا بعد استنصار ممن فتك بآبائهم في مواطن الكرب و منازل الشهادات
كان الخبر في المأخوذ منه مصحفا محرفا و لم أجده في موضع آخر أصححه به فأوردته على ما وجدته
6- من بعض كتب المناقب، عن سعد بن عبد الله الهمداني عن سليمان بن إبراهيم عن أحمد بن موسى بن مردويه عن جعفر بن محمد بن مروان عن أبيه عن سعيد بن محمد الجرمي عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن حبه عن علي ع قال غسلت النبي ص في قميصه فكانت فاطمة تقول أرني القميص فإذا شمته غشي عليها فلما رأيت ذلك غيبته
7- يه، ]من لا يحضر الفقيه[ روي أنه لما قبض النبي ص امتنع بلال من الأذان قال لا أؤذن لأحد بعد رسول الله ص و إن فاطمة ع قالت ذات يوم إني أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي ع بالأذان فبلغ ذلك بلالا فأخذ في الأذان فلما قال الله أكبر الله أكبر ذكرت أباها و أيامه فلم تتمالك من البكاء فلما بلغ إلى قوله أشهد أن محمدا رسول الله شهقت فاطمة ع و سقطت لوجهها و غشي عليها فقال الناس لبلال أمسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول الله ص الدنيا و ظنوا أنها قد ماتت فقطع أذانه و لم يتمه فأفاقت فاطمة ع و سألته أن يتم الأذان فلم يفعل و قال لها يا سيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان فأعفته عن ذلك
-8 مع، ]معاني الأخبار[ حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني قال حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن حميد اللخمي قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن المهلبي قال حدثنا عبد الله بن محمد بن سليمان عن أبيه عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين ع قالت لما اشتدت علة فاطمة بنت رسول الله ص و غلبها اجتمع عندها نساء المهاجرين و الأنصار فقلن لها يا بنت رسول الله كيف أصبحت عن علتك فقالت ع أصبحت و الله عائفة لدنياكم قالية لرجالكم لفظتهم قبل أن عجمتهم و شنئتهم بعد أن سبرتهم فقبحا لفلول الحد و خور القناة و خطل الرأي و بئس ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ لا جرم لقد قلدتهم ربقتها و شننت عليهم غارها فجدعا و عقرا و سحقا للقوم الظالمين ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة و قواعد النبوة و مهبط الوحي الأمين و الطبين بأمر الدنيا و الدين أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ و ما نقموا من أبي الحسن نقموا و الله منه نكير سيفه و شدة وطئه و نكال وقعته و تنمره في ذات الله عز و جل و الله لو تكافوا عن زمام نبذه رسول الله ص إليه لاعتلقه و لسار بهم سيرا سجحا لا يكلم خشاشة و لا يتعتع راكبه و لأوردهم منهلا نميرا فضفاضا تطفح ضفتاه و لأصدرهم بطانا قد تحير بهم الري غير متحل منه بطائل إلا بغمر الماء و ردعه شرره الساغب و لفتحت عليهم بركات من السماء و الأرض و سيأخذهم الله بما كانوا يكسبون ألا هلم فاسمع و ما عشت أراك الدهر العجب و إن تعجب فقد أعجبك الحادث إلى أي سناد استندوا و بأي عروة تمسكوا استبدلوا الذنابى و الله بالقوادم و العجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أما لعمر إلهك لقد لقحت فنظرة ريث ما تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا و ذعافا ممقرا هنالك يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ و يعرف التالون غب ما سن الأولون ثم طيبوا عن أنفسكم أنفسا و طأمنوا للفتنة جأشا و أبشروا بسيف صارم و هرج شامل و استبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا و زرعكم حصيدا فيا حسرتى لكم و أنى بكم و قد عميت قلوبكم عليكم أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ
ثم قال و حدثنا بهذا الحديث أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن المعروف بابن مقبرة القزويني قال أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن حسن بن جعفر بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ع قال حدثنا محمد بن علي الهاشمي قال حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ع قال حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب ع قال لما حضرت فاطمة ع الوفاة دعتني فقال أ منفذ أنت وصيتي و عهدي قال قلت بلى أنفذها فأوصت إليه و قالت إذا أنا مت فادفني ليلا و لا تؤذنن رجلين ذكرتهما قال فلما اشتدت علتها اجتمع إليها نساء المهاجرين و الأنصار فقلن كيف أصبحت يا بنت رسول الله من علتك فقالت أصبحت و الله عائفة لدنياكم و ذكر الحديث نحوه
قال الصدوق رحمه الله سألت أبا أحمد الحسين بن عبد الله بن سعيد العسكري عن معنى هذا الحديث فقال أما قولها صلوات الله عليها عائفة إلى آخر ما ذكره و سنوردها في تضاعيف ما سنذكره في شرح الخطبة على اختلاف رواياتها
9- ج، ]الإحتجاج[ قال سويد بن غفلة لما مرضت فاطمة ع المرضة التي توفيت فيها اجتمع إليها نساء المهاجرين و الأنصار يعدنها فقلن لها كيف أصبحت من علتك يا ابنة رسول الله فحمدت الله و صلت على أبيها ص ثم قالت أصبحت و الله عائفة لدنياكن قالية لرجالكن لفظتهم بعد أن عجمتهم و شنأتهم بعد أن سبرتهم فقبحا لفلول الحد و اللعب بعد الجد و قرع الصفاة و صدع القناة و خطل الآراء و زلل الأهواء و بئس ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ لا جرم لقد قلدتهم ربقتها و حملتهم أوقتها و شننت عليهم غارها فجدعا و عقرا و بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ويحهم أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة و قواعد النبوة و الدلالة و مهبط الروح الأمين و الطبين بأمور الدنيا و الدين أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ و ما الذي نقموا من أبي الحسن نقموا منه و الله نكير سيفه و قلة مبالاته بحتفه و شدة وطأته و نكال وقعته و تنمره في ذات الله و تالله لو مالوا عن المحجة اللائحة و زالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم إليها و حملهم عليها و لسار بهم سيرا سجحا لا يكلم خشاشة و لا يكل سائره و لا يمل راكبه و لأوردهم منهلا نميرا صافيا رويا تطفح ضفتاه و لا يترنق جانباه و لأصدرهم بطانا و نصح لهم سرا و إعلانا و لم يكن يحلي من الغنى بطائل و لا يحظي من الدنيا بنائل غير ري الناهل و شبعة الكل و لبان لهم الزاهد من الراغب و الصادق من الكاذب وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ وَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَ ما هُمْ بِمُعْجِزِينَ ألا هلم فاستمع و ما عشت أراك الدهر عجبا وَ إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ ليت شعري إلى أي سناد استندوا و على أي عماد اعتمدوا و بأية عروة تمسكوا و على أية ذرية أقدموا و احتنكوا لَبِئْسَ الْمَوْلى وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ و بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا استبدلوا و الله الذنابى بالقوادم و العجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ ويحهم أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ثم احتلبوا ملء القعب دما عبيطا و ذعافا مبيدا هنالك يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ و يعرف التالون غب ما أسس الأولون ثم طيبوا عن دنياكم أنفسا و اطمئنوا للفتنة جأشا و أبشروا بسيف صارم و سطوة معتد غاشم و بهرج شامل و استبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا و جمعكم حصيدا فيا حسرة لكم و أنى بكم و قد عميت عليكم أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ قال سويد بن غفلة فأعادت النساء قولها ع على رجالهن فجاء إليها قوم من وجوه المهاجرين و الأنصار معتذرين و قالوا يا سيدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن نبرم العهد و نحكم العقد لما عدلنا عنه إلى غيره فقالت ع إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم و لا أمر بعد تقصيركم
10- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحفار عن إسماعيل بن علي الدعبلي عن أحمد بن علي الخزاز عن أبي سهل الدقاق عن عبد الرزاق و قال الدعبلي و حدثنا إسحاق بن إبراهيم الديري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال دخلن نسوة من المهاجرين و الأنصار على فاطمة بنت رسول الله ص يعدنها في علتها فقلن السلام عليك يا بنت رسول الله ص كيف أصبحت فقالت أصبحت و الله عائفة لدنياكن قالية لرجالكن لفظتهم بعد إذ عجمتهم و سئمتهم بعد أن سبرتهم فقبحا لأفون الرأي و خطل القول و خور القناة و لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ لا جرم و الله لقد قلدتهم ربقتها و شننت عليهم غارها فجدعا و رغما للقوم الظالمين ويحهم أنى زحزحوها عن أبي الحسن ما نقموا و الله منه إلا نكير سيفه و نكال وقعه و تنمره في ذات الله و تالله لو تكافوا عليه عن زمام نبذه إليه رسول الله ص لاعتلقه ثم لسار بهم سيرة سجحا فإنه قواعد الرسالة و رواسي النبوة و مهبط الروح الأمين و الطبين بأمر الدين و الدنيا و الآخرة ألا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ و الله لا يكتلم خشاشه و لا يتعتع راكبه و لأوردهم منهلا رويا فضفاضا تطفح ضفته و لأصدرهم بطانا قد خثر بهم الري غير متحل بطائل إلا تغمر الناهل و ردع سورة سغب و لفتحت عليهم بركات من السماء و الأرض و سيأخذهم الله بما كانوا يكسبون فهلم فاسمع فما عشت أراك الدهر عجبا و إن تعجب بعد الحادث فما بالهم بأي سند استندوا أم بأية عروة تمسكوا لَبِئْسَ الْمَوْلى وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ و بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا استبدلوا الذنابى بالقوادم و الحرون بالقاحم و العجز بالكاهل فتعسا لقوم يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ لقحت فنظرة ريث ما تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا و ذعافا ممضا هنالك يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ و يعرف التالون غب ما أسكن الأولون ثم طيبوا بعد ذلك عن أنفسكم لفتنها ثم اطمئنوا للفتنة جأشا و أبشروا بسيف صارم و هرج دائم شامل و استبداد من الظالمين فزرع فيئكم زهيدا و جمعكم حصيدا فيا حسرة لهم و قد عميت عليهم الأنباء أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ
بيان أقول روى صاحب كشف الغمة الروايتين اللتين أوردهما الصدوق عن كتاب السقيفة بحذف الإسناد و رواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن محمد بن زكريا عن محمد بن عبد الرحمن إلى آخر ما أورده الصدوق و إنما أوردتها مكررة للاختلاف الكثير بين رواياتها و شدة الاعتناء بشأنها و لنشرحها لاحتياج جل فقراتها إلى الشرح و البيان زيادة على ما أورده الصدوق و الله المستعان. قولها ع عائفة أي كارهة يقال عاف الرجل الطعام يعافه عيافا إذا كرهه و القالية المبغضة قال تعالى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى و لفظت الشيء من فمي أي رميته و طرحته و العجم العض تقول عجمت العود أعجمه بالضم إذا عضضته و شنأه كمنعه و سمعه أبغضه و سبرتهم أي اختبرتهم فعلى ما في أكثر الروايات المعنى طرحتهم و أبغضتهم بعد امتحانهم و مشاهدة سيرتهم و أطوارهم و على رواية الصدوق المعنى أني كنت عالمة بقبح سيرتهم و سوء سريرتهم فطرحتهم ثم لما اختبرتهم شنئتهم و أبغضتهم أي تأكد إنكاري بعد الاختبار و يحتمل أن يكون الأول إشارة إلى شناعة أطوارهم الظاهرة و الثاني إلى خبث سرائرهم الباطنة. قولها ع فقبحا لفلول الحد إلى قولها خالدون قبحا بالضم مصدر حذف فعله إما من قولهم قبحه الله قبحا أو من قبح بالضم قباحة فحرف الجر على الأول داخل على المفعول و على الثاني على الفاعل و الفلول بالضم جمع فل بالفتح و هو الثلمة و الكسر في حد السيف و حكى الخليل في العين أنه يكون مصدرا و لعله أنسب بالمقام و حد الشيء شباته و حد الرجل بأسه و الخور بالفتح و التحريك الضعف و القناة الرمح و الخطل بالتحريك المنطق الفاسد المضطرب و خطل الرأي فساده و اضطرابه. قولها ع اللعب بعد الجد أي أخذتم دينكم باللعب و الباطل بعد أن كنتم مجدين فيه آخذين بالحجة. قولها ع و قرع الصفاة الصفاة الحجر الأملس أي جعلتم أنفسكم مقرعا لخصامكم حتى قرعوا صفاتكم أيضا قال الجزري في حديث معاوية يضرب صفاتها بمعوله و هو تمثيل أي اجتهد عليه و بالغ في امتحانه و اختباره و منه الحديث لا يقرع لهم صفاة أي لا ينالهم أحد بسوء انتهى. أقول لا يبعد أن يكون كناية عن عدم تأثير حيلتهم بعد ذلك و فلول حدهم كما أن من يضرب السيف على الصفاة لا يؤثر فيها و يفل السيف. و صدع القناة شقها و السامة الملال و قال الجزري في حديث علي إياك و مشاورة النساء فإن رأيهن إلى أفن الأفن النقص و رجل أفن و مأفون أي ناقص العقل و قوله تعالى أَنْ سَخِطَ اللَّهُ هو المخصوص بالذم أو علة الذم و المخصوص محذوف أي لبئس شيئا ذلك لأن كسبهم السخط و الخلود.
قولها ع لا جرم لقد قلدتهم ربقتها لا جرم كلمة تورد لتحقيق الشيء و الربقة في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها و يقال للحبل الذي تكون فيه الربقة ربق و تجمع على ربق و رباق و أرباق و الضمير في ربقتها راجع إلى الخلافة المدلول عليه بالمقام أو إلى فدك أو حقوق أهل البيت ع أي جعلت إثمها لازمة لرقابهم كالقلائد. قولها و شننت عليهم غارها الشن رش الماء رشا متفرقا و السن بالمهملة الصب المتصل و منه قولهم شنت عليهم الغارة إذا فرقت عليهم من كل وجه. قولها و حملتهم أوقتها قال الجوهري الأوق الثقل يقال ألقى عليه أوقه و قد أوقته تأويقا أي حملته المشقة و المكروه. قولها ع فجدعا و عقرا الجدع قطع الأنف أو الأذن أو الشفة و هو بالأنف أخص و يكون بمعنى الحبس و العقر بالفتح الجرح و يقال في الدعاء على الإنسان عقرا له و حلقا أي عقر الله جسده و أصابه بوجع في حلقه و أصل العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف ثم اتسع فيه فاستعمل في القتل و الهلاك و هذه المصادر يجب حذف الفعل منها و السحق بالضم البعد. قولها ع ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ويح كلمة تستعمل في الترحم و التوجع و التعجب و الزحزحة التنحية و التبعيد و الزعزعة التحريك و الرواسي من الجبال الثوابت الرواسخ و قواعد البيت أساسه. قولها ع و الطبين هو بالطاء المهملة و الباء الموحدة الفطن الحاذق. قولها ع و ما نقموا من أبي الحسن إلى قولها في ذات الله و في كشف الغمة و ما الذي نقموا من أبي الحسن يقال نقمت على الرجل كضربت و قال الكسائي كعلمت لغة أي عتبت عليه و كرهت شيئا منه و التنكير الإنكار و التنكر التغير عن حال يسرك إلى حال تكرهها و الاسم النكير و ما هنا يحتمل المعنيين و الأول أظهر أي إنكار سيفه فإنه ع كان لا يسل سيفه إلا لتغيير المنكرات و الوطأة الأخذة الشديدة و الضغطة و أصل الوطء الدوس بالقدم و يطلق على الغزو و القتل لأن من يطأ الشيء برجليه فقد استقصى في هلاكه و إهانته و النكال العقوبة التي تنكل الناس و الوقعة صدمة الحرب و تنمر فلان أي تغير و تنكر و أوعد لأن النمر لا تلقاه أبدا إلا متنكرا غضبان. قولها في ذات الله قال الطيبي ذات الشيء نفسه و حقيقته و المراد ما أضيف إليه و قال الطبرسي في قوله تعالى وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ كناية عن المنازعة و الخصومة و الذات هي الخلقة و البنية يقال فلان في ذاته صالح أي في خلقته و بنيته يعني أصلحوا نفس كل شيء بينكم أو أصلحوا حال كل نفس بينكم و قيل معناه و أصلحوا حقيقة وصلكم و كذلك معنى اللهم أصلح ذات البين أي أصلح الحال التي بها يجتمع المسلمون انتهى. أقول فالمراد بقولها في ذات الله أي في الله و لله بناء على أن المراد بالذات الحقيقة أو في الأمور و الأحوال التي تتعلق بالله من دينه و شرعه و غير ذلك كقوله تعالى إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي المضمرات التي في الصدور. قولها ع و تالله لو مالوا أي بعد أن مكنوه في الخلافة قولها ع و تالله لو تكافوا إلى قولها بما كانوا يكسبون التكاف تفاعل من الكف و هو الدفع و الصرف و الزمام ككتاب الخيط الذي يشد في البرة أو الخشاش ثم يشد في طرفه المقود و قد يسمى المقود زماما و نبذه أي طرحه و في الصحاح اعتلقه أي أحبه و لعله هنا بمعنى تعلق به و إن لم أجد فيما عندنا من كتب اللغة. و السجح بضمتين اللين السهل و الكلم الجرح و الخشاش بكسر الخاء المعجمة ما يجعل في أنف البعير من خشب و يشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده و تعتعت الرجل أي أقلقته و أزعجته. و المنهل المورد و هو عين ماء ترده الإبل في المراعي و تسمى المنازل التي في المفاوز على طرق السفار مناهل لأن فيها ماء قاله الجوهري و قال ماء نمير أي ناجع عذبا كان أو غيره و قال الصدوق نقلا عن الحسين بن عبد الله بن
سعيد العسكري النمير الماء النامي في الجسد و قال الجوهري الروي سحابة عظيمة القطر شديدة الوقع و يقال شربت شربا رويا و الفضفاض الواسع يقال ثوب فضفاض و عيش فضفاض و درع فضفاضة و ضفتا النهر بالكسر و قيل و بالفتح أيضا جانباه و تطفح أي تمتلئ حتى تفيض. و رنق الماء كفرح و نصر و ترنق كدر و صار الماء رونقة غلب الطين على الماء و الترنوق الطين الذي في الأنهار و المسيل فالظاهر أن المراد بقولها و لا يترنق جانباه أنه لا ينقص الماء حتى يظهر الطين و الحمأ من جانبي النهر و يتكدر الماء بذلك و بطن كعلم عظم بطنه من الشبع و منه الحديث تغدو خماصا و تروح بطانا و المراد عظم بطنهم من الشرب. و تحير الماء أي اجتمع و دار كالمتحير يرجع أقصاه إلى أدناه و يقال تحيرت الأرض بالماء إذا امتلأت و لعل الباء بمعنى في أي تحير فيهم الري أو للتعدية أي صاروا حيارى لكثرة الري و الري بالكسر و الفتح ضد العطش. و في رواية الشيخ قد خثر بالخاء المعجمة و الثاء المثلثة أي أثقلهم من قولك أصبح فلان خاثر النفس أي ثقيل النفس غير طيب و لا نشيط و حلي منه بخير كرضي أي أصاب خيرا و قال الجوهري قولهم لم يحل منها بطائل أي لم يستفد منها كثير فائدة و التحلي التزين و الطائل الغناء و المزية و السعة و الفضل و التغمر هو الشرب دون الري مأخوذ من الغمر بضم الغين المعجمة و فتح الميم و هو القدح الصغير. و الناهل العطشان و الريان و المراد هنا الأول و الردع الكف و الدفع و الردعة الدفعة منه و في جميع الروايات سوى معاني الأخبار سورة الساغب و فيه شررة الساغب و لعله من تصحيف النساخ و الشرر ما يتطاير من النار و لا يبعد أن يكون من الشره بمعنى الحرص. و سورة الشيء بالفتح حدته و شدته و السغب الجوع. و قال الفيروزآبادي الحظوة بالضم و الكسر و الحظة كعدة المكانة و الحظ من الرزق و حظي كل واحد من الزوجين عند صاحبه كرضي و النائل العطية و لعل فيه شبه القلب. و قال الفيروزآبادي الكافل العائل و الذي لا يأكل أو يصل الصيام و الضامن انتهى. أقول يمكن أن يكون هنا بكل من المعنيين الأولين و يحتمل أن يكون بمعنى كافل اليتيم فإنه لا يحل له الأكل إلا بقدر البلغة و حاصل المعنى أنه لو منع كل منهم الآخرين عن الزمام الذي نبذه رسول الله ص و هو تولي أمر الأمة لتعلق به أمير المؤمنين ع أو أخذه محبا له و لسلك بهم طريق الحق من غير أن يترك شيئا من أوامر الله أو يتعدى حدا من حدوده و من غير أن يشق على الأمة و يكلفهم فوق طاقتهم و وسعهم و لفازوا بالعيش الرغيد في الدنيا و الآخرة و لم يكن ينتفع من دنياهم و ما يتولى من أمرهم إلا بقدر البلغة و سد الخلة. قولها ع ألا هلم فاسمع في رواية ابن أبي الحديد ألا هلمن فاسمعن و ما عشتن أراكن الدهر عجبا إلى أي لجأ لجئوا و استندوا و بأي عروة تمسكوا لَبِئْسَ الْمَوْلى وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ و ل بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا قال الجوهري هلم يا رجل بفتح الميم بمعنى تعال يستوي فيه الواحد و الجمع و التأنيث في لغة أهل الحجاز و أهل نجد يصرفونها فيقولون للاثنين هلما و للجمع هلموا و للمرأة هلمي و للنساء هلممن و الأول أفصح و إذا أدخلت عليه النون الثقيلة قلت هلمن يا رجل و للمرأة هلمن بكسر الميم و في التثنية هلمان للمؤنث و المذكر جميعا و هلمن يا رجال بضم الميم و هلممنان يا نسوة انتهى و على الروايات الأخر الخطاب عام. قولها و ما عشتن أي أراكن الدهر شيئا عجيبا لا يذهب عجبه و غرابته
مدة حياتكن أو يتجدد لكن كل يوم أمر عجيب متفرع على هذا الحادث الغريب. و قال الجوهري شعرت بالشيء أشعر به شعرا أي فطنت له و منه قولهم ليت شعري أي ليتني علمت و اللجأ محركة الملاذ و المعقل كالملجأ و لجأت إلى فلان إذا استندت إليه و اعتضدت به و السناد ما يستند إليه. و قال الجوهري احتنك الجراد الأرض أي أكل ما عليها و أتى على نبتها و قوله تعالى حاكيا عن إبليس لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ قال الفراء يريد لأستولين عليهم و المراد بالذرية ذرية الرسول ص. و المولى الناصر و المحب و العشير الصاحب المخالط المعاشر و ل بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا أي بئس البدل من اختاروه على إمام العدل و هو أمير المؤمنين ع. قولها ع استبدلوا إلى قولها كيف تحكمون الذنابى بالضم ذنب الطائر و منبت الذنب و الذنابى في الطائر أكثر استعمالا من الذنب و في الفرس و البعير و نحوهما الذنب أكثر و في جناح الطائر أربع ذنابي بعد الخوافي و هي ما دون الريشات العشر من مقدم الجناح التي تسمى قوادم و الذنابى من الناس السفلة و الأتباع. و الحرون فرس لا ينقاد و إذا اشتدت به الجري وقف و قحم في الأمر قحوما رمى بنفسه فيه من غير روية استعير الأول للجبان و الجاهل و الثاني للشجاع و العالم بالأمور الذي يأتي بها من غير احتياج إلى ترو و تفكر و العجز كالعضد مؤخر الشيء يؤنث و يذكر و هو للرجل و المرأة جميعا و الكاهل الحارك و هو ما بين الكتفين و كاهل القوم عمدتهم في المهمات و عدتهم للشدائد و الملمات و رغما مثلثة مصدر رغم أنفه أي لصق بالرغام بالفتح و هو التراب و رغم الأنف يستعمل في الذل و العجز عن الانتصار و الانقياد على كره و المعاطس جمع معطس بالكسر و الفتح و هو الأنف و قرئ في الآية يهدي بفتح الهاء و كسرها و تشديد الدال فأصله يهتدي و بتخفيف الدال و سكون الهاء. قولها ع أما لعمر إلهك إلى آخر الخبر و في بعض نسخ ابن أبي الحديد أما لعمر الله و في بعضها أما لعمر إلهكن و العمر بالفتح و الضم بمعنى العيش الطويل و لا يستعمل في القسم إلا العمر بالفتح و رفعه بالابتداء أي عمر الله قسمي و معنى عمر الله بقاؤه و دوامه. و لقحت كعلمت أي حملت و الفاعل فعلتهم أو فعالهم أو الفتنة أو الأزمنة و النظرة بفتح النون و كسر الظاء التأخير و اسم يقوم مقام الإنظار و نظرة إما مرفوع بالخبرية و المبتدأ محذوف كما في قوله تعالى فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ أي فالواجب نظرة و نحو ذلك و إما منصوب بالمصدرية أي انتظروا أو انظروا نظرة قليلة و الأخير أظهر كما اختاره الصدوق. و ريثما تنتج أي قدر ما تنتج يقال نتجت الناقة على ما لم يسم فاعله تنتج نتاجا و قد نتجها أهلها نتجا و أنتجت الفرس إذا حان نتاجها. و القعب قدح من خشب يروي الرجل أو قدح ضخم و احتلاب طلاع القعب هو أن يمتلئ من اللبن حتى يطلع عنه و يسيل و العبيط الطري و الذعاف كغراب السم و المقر بكسر القاف الصبر و ربما يسكن و أمقر أي صار مرا و المبيد المهلك و أمضه الجرح أوجعه و غب كل شيء عاقبته و طاب نفس فلان بكذا أي رضي به من دون أن يكرهه عليه أحد و طاب نفسه عن كذا أي رضي ببذله. و نفسا منصوب على التميز و في كتاب ناظر عين الغريبين طمأنته سكنته فاطمأن و الجأش مهموزا النفس و القلب أي اجعلوا قلوبكم مطمئنة لنزول الفتنة و السيف الصارم القاطع و الغشم الظلم و الهرج الفتنة و الاختلاط و في رواية ابن أبي الحديد و قرح شامل فالمراد بشمول القرح إما للأفراد
أو للأعضاء. و الاستبداد بالشيء التفرد به و الضمير المرفوع في يدع راجع إلى الاستبداد و الفيء الغنيمة و الخراج و ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب و الزهيد القليل و الحصيد المحصود و على رواية زرعكم كناية عن أخذ أموالهم بغير حق و على رواية جمعكم يحتمل ذلك و أن يكون كناية عن قتلهم و استئصالهم. و أنى بكم أي و أنى تلحق الهداية بكم و عميت عليكم بالتخفيف أي خفيت و التبست و بالتشديد على صيغة المجهول أي لبست و قرئ في الآية بهما. و الضمائر فيها قيل هي راجعة إلى الرحمة المعبر عن النبوة بها و قيل إلى البينة و هي المعجزة أو اليقين و البصيرة في أمر الله و في المقام يحتمل رجوعها إلى رحمة الله الشاملة للإمامة و الاهتداء إلى الصراط المستقيم بطاعة إمام العدل أو إلى الإمامة الحقة و طاعة من اختاره الله و فرض طاعته أو إلى البصيرة في الدين و نحوها و إليكم عني أي كفوا و أمسكوا و قولها بعد تعذيركم أي تقصيركم و المعذر المظهر للعذر اعتلالا من غير حقيقة
11- كتاب دلائل الإمامة للطبري، عن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري عن أبيه عن محمد بن همام عن أحمد البرقي عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن ابن سنان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال قبضت فاطمة ع في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه سنة إحدى عشرة من الهجرة و كان سبب وفاتها أن قنفذا مولى عمر لكزها بنعل السيف بأمره فأسقطت محسنا و مرضت من ذلك مرضا شديدا و لم تدع أحدا ممن آذاها يدخل عليها و كان الرجلان من أصحاب النبي ص سألا أمير المؤمنين ص أن يشفع لهما إليها فسألها أمير المؤمنين ع فلما دخلا عليها قالا لها كيف أنت يا بنت رسول الله قالت بخير بحمد الله ثم قالت لهما ما سمعتما النبي يقول فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله قالا بلى قالت فو الله لقد آذيتماني قال فخرجا من عندها ع و هي ساخطة عليهما
قال محمد بن همام و روي أنها قبضت لعشر بقين من جمادى الآخرة و قد كمل عمرها يوم قبضت ثماني عشرة سنة و خمسا و ثمانين يوما بعد وفاة أبيها فغسلها أمير المؤمنين ع و لم يحضرها غيره و الحسن و الحسين و زينب و أم كلثوم و فضة جاريتها و أسماء بنت عميس و أخرجها إلى البقيع في الليل و معه الحسن و الحسين و صلى عليها و لم يعلم بها و لا حضر وفاتها و لا صلى عليها أحد من سائر الناس غيرهم و دفنها بالروضة و عمي موضع قبرها و أصبح البقيع ليلة دفنت و فيه أربعون قبرا جددا و إن المسلمين لما علموا وفاتها جاءوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور فضج الناس و لام بعضهم بعضا و قالوا لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة تموت و تدفن و لم تحضروا وفاتها و الصلاة عليها و لا تعرفوا قبرها ثم قال ولاة الأمر منهم هاتم من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها و نزور قبرها فبلغ ذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه فخرج مغضبا قد احمرت عيناه و درت أوداجه و عليه قباه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة و هو متوكئ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع فسار إلى الناس النذير و قالوا هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابر الآخر فتلقاه عمر و من معه من أصحابه و قال له ما لك يا أبا الحسن و الله لننبشن قبرها و لنصلين عليها فضرب علي ع بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ثم ضرب به الأرض و قال له يا ابن السوداء أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم و أما قبر فاطمة فو الذي نفس علي بيده لئن رمت و أصحابك شيئا من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم فإن شئت فأعرض يا عمر فتلقاه أبو بكر فقال يا أبا الحسن بحق رسول الله و بحق من فوق العرش إلا خليت عنه فإنا غير فاعلين شيئا تكرهه قال فخلى عنه و تفرق الناس و لم يعودوا إلى ذلك
12- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن حمويه عن أبي الحسين عن أبي خليفة عن العباس بن الفضل عن محمد بن أبي رجاء عن إبراهيم عن سعد عن أبي إسحاق عن عبد الله بن علي بن أبي رافع عن أبيه عن سلمى امرأة أبي رافع قالت مرضت فاطمة فلما كان اليوم الذي ماتت فيه قالت هيئي لي ماء فصببت لها فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل ثم قالت ائتيني بثياب جدد فلبستها ثم أتت البيت الذي كانت فيه فقالت افرشي لي في وسطه ثم اضطجعت و استقبلت القبلة و وضعت يدها تحت خدها و قالت إني مقبوضة الآن فلا أكشفن فإني قد اغتسلت قالت و ماتت فلما جاء علي أخبرته فقال لا تكشف فحملها يغسلها ع
بيان لعلها ع إنما نهت عن كشف العورة و الجسد للتنظيف و لم تنه عن الغسل
13- لي، ]الأمالي للصدوق[ الدقاق عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن ابن البطائني عن أبيه عن ابن جبير عن ابن عباس في خبر طويل قد أثبتناه في باب ما أخبر النبي ص بظلم أهل البيت قال ص و أما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين و هي بضعة مني و هي نور عيني و هي ثمرة فؤادي و هي روحي التي بين جنبي و هي الحوراء الإنسية متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض و يقول الله عز و جل لملائكته يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي و قد أقبلت بقلبها على عبادتي أشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار و إني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها و قد دخل الذل بيتها و انتهكت حرمتها و غصبت حقها و منعت إرثها و كسر جنبها و أسقطت جنينها و هي تنادي يا محمداه فلا تجاب و تستغيث فلا تغاث فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة و تتذكر فراقي أخرى و تستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول يا فاطمة إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ يا فاطمة اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض فيبعث الله عز و جل إليها مريم بنت عمران تمرضها و تؤنسها في علتها فتقول عند ذلك يا رب إني قد سئمت الحياة و تبرمت بأهل الدنيا فألحقني بأبي فيلحقها الله عز و جل بي فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي فتقدم علي محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة فأقول عند ذلك اللهم العن من ظلمها و عاقب من غصبها و ذلل من أذلها و خلد في نارك من ضرب جنبيها حتى ألقت ولدها فتقول الملائكة عند ذلك آمين
14- لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن المتوكل عن محمد العطار عن ابن أبي الخطاب عن حماد بن عيسى عن الصادق عن أبيه ع قال قال جابر بن عبد الله سمعت رسول الله ص يقول لعلي بن أبي طالب ع قبل موته بثلاث سلام عليك يا أبا الريحانتين أوصيك بريحانتي من الدنيا فعن قليل ينهد ركناك و الله خليفتي عليك فلما قبض رسول الله ص قال علي ع هذا أحد ركني الذي قال لي رسول الله ص فلما ماتت فاطمة ع قال علي هذا الركن الثاني الذي قال رسول الله ص
مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن محمد بن يونس عن حماد مثله
-15 أقول وجدت في بعض الكتب خبرا في وفاتها ع فأحببت إيراده و إن لم آخذه من أصل يعول عليه روى ورقة بن عبد الله الأزدي قال خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام راجيا لثواب الله رب العالمين فبينما أنا أطوف و إذا أنا بجارية سمراء و مليحة الوجه عذبة الكلام و هي تنادي بفصاحة منطقها و هي تقول اللهم رب الكعبة الحرام و الحفظة الكرام و زمزم و المقام و المشاعر العظام و رب محمد خير الأنام صلى الله عليه و آله البررة الكرام أسألك أن تحشرني مع ساداتي الطاهرين و أبنائهم الغر المحجلين الميامين ألا فاشهدوا يا جماعة الحجاج و المعتمرين إن موالي خيرة الأخيار و صفوة الأبرار و الذين علا قدرهم على الأقدار و ارتفع ذكرهم في سائر الأمصار المرتدين بالفخار قال ورقة بن عبد الله فقلت يا جارية إني لأظنك من موالي أهل البيت ع فقالت أجل قلت لها و من أنت من مواليهم قالت أنا فضة أمة فاطمة الزهراء ابنة محمد المصطفى صلى الله عليها و على أبيها و بعلها و بنيها فقلت لها مرحبا بك و أهلا و سهلا فلقد كنت مشتاقا إلى كلامك و منطقك فأريد منك الساعة أن تجيبيني من مسألة أسألك فإذا أنت فرغت من الطواف قفي لي عند سوق الطعام حتى آتيك و أنت مثابة مأجورة فافترقنا فلما فرغت من الطواف و أردت الرجوع إلى منزلي جعلت طريقي على سوق الطعام و إذا أنا بها جالسة في معزل عن الناس فأقبلت عليها و اعتزلت بها و أهديت إليها هدية و لم أعتقد أنها صدقة ثم قلت لها يا فضة أخبريني عن مولاتك فاطمة الزهراء ع و ما الذي رأيت منها عند وفاتها بعد موت أبيها محمد ص قال ورقة فلما سمعت كلامي تغرغرت عيناها بالدموع ثم انتحبت نادبه و قالت يا ورقة بن عبد الله هيجت علي حزنا ساكنا و أشجانا في فؤادي كانت كامنة فاسمع الآن ما شاهدت منها ع اعلم أنه لما قبض رسول الله افتجع له الصغير و الكبير و كثر عليه البكاء و قل العزاء و عظم رزؤه على الأقرباء و الأصحاب و الأولياء و الأحباب و الغرباء و الأنساب و لم تلق إلا كل باك و باكية و نادب و نادبة و لم يكن في أهل الأرض و الأصحاب و الأقرباء و الأحباب أشد حزنا و أعظم بكاء و انتحابا من مولاتي فاطمة الزهراء ع و كان حزنها يتجدد و يزيد و بكاؤها يشتد فجلست سبعة أيام لا يهدأ لها أنين و لا يسكن منها الحنين كل يوم جاء كان بكاؤها أكثر من اليوم الأول فلما في اليوم الثامن أبدت ما كتمت من الحزن فلم تطق صبرا إذ خرجت و صرخت فكأنها من فم رسول الله ص تنطق فتبادرت النسوان و خرجت الولائد و الولدان و ضج الناس بالبكاء و النحيب و جاء الناس من كل مكان و أطفئت المصابيح لكيلا تتبين صفحات النساء و خيل إلى النسوان أن رسول الله ص قد قام من قبره و صارت الناس في دهشة و حيرة لما قد رهقهم و هي ع تنادي و تندب أباه وا أبتاه وا صفيا وا محمداه وا أبا القاسماه وا ربيع الأرامل و اليتامى من للقبلة و المصلى و من لابنتك الوالهة الثكلى ثم أقبلت تعثر في أذيالها و هي لا تبصر شيئا من عبرتها و من تواتر دمعتها حتى دنت من قبر أبيها محمد ص فلما نظرت إلى الحجرة وقع طرفها على المأذنة فقصرت خطاها و دام نحيبها و بكاها إلى أن أغمي عليها فتبادرت النسوان إليها فنضحن الماء عليها و على صدرها و جبينها حتى أفاقت فلما أفاقت من غشيتها قامت و هي تقول رفعت قوتي و خانني جلدي و شمت بي عدوي و الكمد قاتلي يا أبتاه بقيت والهة وحيدة و حيرانة فريدة فقد انخمد صوتي و انقطع ظهري و تنغص عيشي و تكدر دهري فما أجد يا أبتاه بعدك أنيسا لوحشتي و لا رادا لدمعتي و لا معينا لضعفي فقد فني بعدك محكم التنزيل و مهبط جبرئيل و محل ميكائيل انقلبت بعدك يا أبتاه الأسباب و تغلقت دوني الأبواب فأنا للدنيا بعدك قالية و عليك ما ترددت أنفاسي باكية لا ينفد شوقي إليك و لا حزني عليك ثم نادت يا أبتاه وا لباه ثم قالت
إن حزني عليك حزن جديد و فؤادي و الله صب عنيدكل يوم يزيد فيه شجوني و اكتيابي عليك ليس يبيدجل خطبي فبان عني عزائي فبكائي كل وقت جديدإن قلبا عليك يألف صبرا أو عزاء فإنه لجليد
ثم نادت يا أبتاه انقطعت بك الدنيا بأنوارها و زوت زهرتها و كانت ببهجتك زاهرة فقد اسود نهارها فصار يحكي حنادسها رطبها و يابسها يا أبتاه لا زلت آسفة عليك إلى التلاق يا أبتاه زال غمضي منذ حق الفراق يا أبتاه من للأرامل و المساكين و من للأمة إلى يوم الدين يا أبتاه أمسينا بعدك من المستضعفين يا أبتاه أصبحت الناس عنا معرضين و لقد كنا بك معظمين في الناس غير مستضعفين فأي دمعة لفراقك لا تنهمل و أي حزن بعدك عليك لا يتصل و أي جفن بعدك بالنوم يكتحل و أنت ربيع الدين و نور النبيين فكيف للجبال لا تمور و للبحار بعدك لا تغور و الأرض كيف لم تتزلزل رميت يا أبتاه بالخطب الجليل و لم تكن الرزية بالقليل و طرقت يا أبتاه بالمصاب العظيم و بالفادح المهول بكتك يا أبتاه الأملاك و وقفت الأفلاك فمنبرك بعدك مستوحش و محرابك خال من مناجاتك و قبرك فرح بمواراتك و الجنة مشتاقة إليك و إلى دعائك و صلاتك يا أبتاه ما أعظم ظلمة مجالسك فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلا عليك و أثكل أبو الحسن المؤتمن أبو ولديك الحسن و الحسين و أخوك و وليك و حبيبك و من ربيته صغيرا و واخيته كبيرا و أحلى أحبابك و أصحابك إليك من كان منهم سابقا و مهاجرا و ناصرا و الثكل شاملنا و البكاء قاتلنا و الأسى لازمنا ثم زفرت زفرة و أنت أنة كادت روحها أن تخرج ثم قالت
قل صبري و بان عني عزائي بعد فقدي لخاتم الأنبياءعين يا عين اسكبي الدمع سحا ويك لا تبخلي بفيض الدماءيا رسول الإله يا خيرة الله و كهف الأيتام و الضعفاءقد بكتك الجبال و الوحش جمعا و الطير و الأرض بعد بكي السماءو بكاك الحجون و الركن و المشعر يا سيدي مع البطحاءو بكاك المحراب و الدرس للقرآن في الصبح معلنا و المساءو بكاك الإسلام إذ صار في الناس غريبا من سائر الغرباءلو ترى المنبر الذي كنت تعلوه علاه الظلام بعد الضياءيا إلهي عجل وفاتي سريعا فلقد تنغصت الحياة يا مولائي
قالت ثم رجعت إلى منزلها و أخذت بالبكاء و العويل ليلها و نهارها و هي لا ترقأ دمعتها و لا تهدأ زفرتها و اجتمع شيوخ أهل المدينة و أقبلوا إلى أمير المؤمنين ع فقالوا له يا أبا الحسن إن فاطمة ع تبكي الليل و النهار فلا أحد منا يتهنأ بالنوم في الليل على فرشنا و لا بالنهار لنا قرار على أشغالنا و طلب معايشنا و إنا نخبرك أن تسألها إما أن تبكي ليلا أو نهارا فقال ع حبا و كرامة فأقبل أمير المؤمنين ع حتى دخل على فاطمة ع و هي لا تفيق من البكاء و لا ينفع فيها العزاء فلما رأته سكنت هنيئة له فقال لها يا بنت رسول الله ص إن شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك إما أن تبكين أباك ليلا و إما نهارا فقالت يا أبا الحسن ما أقل مكثي بينهم و ما أقرب مغيبي من بين أظهرهم فو الله لا أسكت ليلا و لا نهارا أو ألحق بأبي رسول الله ص فقال لها علي ع افعلي يا بنت رسول الله ما بدا لك ثم إنه بنى لها بيتا في البقيع نازحا عن المدينة يسمى بيت الأحزان و كانت إذا أصبحت قدمت الحسن و الحسين ع أمامها و خرجت إلى البقيع باكية فلا تزال بين القبور باكية فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين ع إليها و ساقها بين يديه إلى منزلها و لم تزل على ذلك إلى أن مضى لها بعد موت أبيها سبعة و عشرون يوما و اعتلت العلة التي توفيت فيها فبقيت إلى يوم الأربعين و قد صلى أمير المؤمنين ع صلاة الظهر و أقبل يريد المنزل إذا استقبلته الجواري باكيات حزينات فقال لهن ما الخبر و ما لي أراكن متغيرات الوجوه و الصور فقلن يا أمير المؤمنين أدرك ابنة عمك الزهراء ع و ما نظنك تدركها فأقبل أمير المؤمنين ع مسرعا حتى دخل عليها و إذا بها ملقاة على فراشها و هو من قباطي مصر و هي تقبض يمينا و تمد شمالا فألقى الرداء عن عاتقه و العمامة عن رأسه و حل أزراره و أقبل حتى أخذ رأسها و تركه في حجره و ناداها يا زهراء فلم تكلمه فناداها يا بنت محمد المصطفى فلم تكلمه فناداها يا بنت من حمل الزكاة في طرف ردائه و بذلها على الفقراء فلم تكلمه فناداها يا ابنة من صلى بالملائكة في السماء مثنى مثنى فلم تكلمه فناداها يا فاطمة كلميني فأنا ابن عمك علي بن أبي طالب قال ففتحت عينيها في وجهه و نظرت إليه و بكت و بكى و قال ما الذي تجدينه فأنا ابن عمك علي بن أبي طالب فقالت يا ابن العم إني أجد الموت الذي لا بد منه و لا محيص عنه و أنا أعلم أنك بعدي لا تصبر على قلة التزويج فإن أنت تزوجت امرأة اجعل لها يوما و ليلة و اجعل لأولادي يوما و ليلة يا أبا الحسن و لا تصح في وجوههما فيصبحان يتيمين غريبين منكسرين فإنهما بالأمس فقدا جدهما و اليوم يفقدان أمهما فالويل لأمة تقتلهما و تبغضهما ثم أنشأت تقول
أبكني إن بكيت يا خير هادي و أسبل الدمع فهو يوم الفراقيا قرين البتول أوصيك بالنسل فقد أصبحا حليف اشتياقأبكني و أبك لليتامى و لا تنس قتيل العدي بطف العراق
فارقوا فأصبحوا يتامى حيارى يحلف الله فهو يوم الفراق
قالت فقال لها علي ع من أين لك يا بنت رسول الله هذا الخبر و الوحي قد انقطع عنا فقالت يا أبا الحسن رقدت الساعة فرأيت حبيبي رسول الله ص في قصر من الدر الأبيض فلما رآني قال هلمي إلي يا بنية فإني إليك مشتاق فقلت و الله إني لأشد شوقا منك إلى لقائك فقال أنت الليلة عندي و هو الصادق لما وعد و الموفي لما عاهد فإذا أنت قرأت يس فاعلم أني قد قضيت نحبي فغسلني و لا تكشف عني فإني طاهرة مطهرة و ليصل علي معك من أهلي الأدنى فالأدنى و من رزق أجري و ادفني ليلا في قبري بهذا أخبرني حبيبي رسول الله ص فقال علي و الله لقد أخذت في أمرها و غسلتها في قميصها و لم أكشفه عنها فو الله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهرة ثم حنطتها من فضلة حنوط رسول الله ص و كفنتها و أدرجتها في أكفانها فلما هممت أن أعقد الرداء ناديت يا أم كلثوم يا زينب يا سكينة يا فضة يا حسن يا حسين هلموا تزودوا من أمكم فهذا الفراق و اللقاء في الجنة فأقبل الحسن و الحسين ع و هما يناديان وا حسرتى لا تنطفئ أبدا من فقد جدنا محمد المصطفى و أمنا فاطمة الزهراء يا أم الحسن يا أم الحسين إذا لقيت جدنا محمد المصطفى فأقرئيه منا السلام و قولي له إنا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا فقال أمير المؤمنين ع إني أشهد الله أنها قد حنت و أنت و مدت يديها و ضمتهما إلى صدرها مليا و إذا بهاتف من السماء ينادي يا أبا الحسن ارفعهما عنها فلقد أبكيا و الله ملائكة السماوات فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب قال فرفعتهما عن صدرها و جعلت أعقد الرداء و أنا أنشد بهذه الأبيات
فراقك أعظم الأشياء عندي و فقدك فاطم أدهى الثكولسأبكي حسرة و أنوح شجوا على خل مضى أسنى سبيل
ألا يا عين جودي و أسعديني فحزني دائم أبكي خليلي
ثم حملها على يده و أقبل بها إلى قبر أبيها و نادى السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا نور الله السلام عليك يا صفوة الله مني السلام عليك و التحية واصلة مني إليك و لديك و من ابنتك النازلة عليك بفنائك و إن الوديعة قد استردت و الرهينة قد أخذت فوا حزناه على الرسول ثم من بعده على البتول و لقد اسودت علي الغبراء و بعدت عني الخضراء فوا حزناه ثم وا أسفاه ثم عدل بها على الروضة فصلى عليه في أهله و أصحابه و مواليه و أحبائه و طائفة من المهاجرين و الأنصار فلما واراها و ألحدها في لحدها أنشأ بهذه الأبيات يقول
أرى علل الدنيا علي كثيرة و صاحبها حتى الممات عليللكل اجتماع من خليلين فرقة و إن بقائي عندكم لقليلو إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل على أن لا يدوم خليل
16- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ قبض النبي ص و لها يومئذ ثماني عشرة سنة و سبعة أشهر و عاشت بعده اثنين و سبعين يوما و يقال خمسة و سبعين يوما و قيل أربعة أشهر و قال القرباني قد قيل أربعين يوما و هو أصح و توفيت ع ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة من الهجرة و مشهدها بالبقيع و قالوا إنها دفنت في بيتها و قالوا قبرها بين قبر رسول الله ص و منبره
السمعاني في الرسالة و أبو نعيم في الحلية و أحمد في فضائل الصحابة و النطنزي في الخصائص و ابن مردويه في فضائل أمير المؤمنين ع و الزمخشري في الفائق عن جابر قال رسول الله ص لعلي قبل موته السلام عليك أبا الريحانتين أوصيك بريحانتي من الدنيا فعن قليل ينهد ركناك عليك قال فلما قبض رسول الله ص قال علي هذا أحد الركنين فلما ماتت فاطمة قال علي هذا هو الركن الثاني
البخاري و مسلم و الحلية و مسند أحمد بن حنبل روت عائشة أن النبي ص دعا فاطمة في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشيء فبكت ثم دعاها فسارها فضحك فسألت عن ذلك فقالت أخبرني النبي ص أنه مقبوض فبكيت ثم أخبرني أني أول أهله لحوقا به فضحكت
كتاب ابن شاهين قالت أم سلمة و عائشة إنها لما سئلت عن بكائها و ضحكها قالت أخبرني النبي ص أنه مقبوض ثم أخبر أن بني سيصيبهم بعدي شدة فبكيت ثم أخبرني أني أول أهله لحوقا به فضحكت
و في رواية أبي بكر الجعابي و أبي نعيم الفضل بن دكين و الشعبي عن مسروق و في السنن عن القزويني و الإبانة عن العكبري و المسند عن الموصلي و الفضائل عن أحمد بأسانيدهم عن عروة عن مسروق قالت عائشة أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله ص فقال رسول الله ص مرحبا بابنتي فأجلسها عن يمينه و أسر إليها حديثا فبكت ثم أسر إليها حديثا فضحكت فسألتها عن ذلك فقالت ما أفشي سر رسول الله ص حتى إذا قبض سألتها فقالت إنه أسر إلي فقال إن جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة و إنه عارضني به العام مرتين و لا أراني إلا و قد حضر أجلي و إنك لأول أهل بيتي لحوقا بي و نعم السلف أنا لك بكيت لذلك ثم قال أ لا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين فضحكت لذلك
و روي أنها ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس ناحلة الجسم منهدة الركن باكية العين محترقة القلب يغشى عليها ساعة بعد ساعة و تقول لولديها أين أبوكما الذي كان يكرمكما و يحملكما مرة بعد مرة أين أبوكما الذي كان أشد الناس شفقة عليكما فلا يدعكما تمشيان على الأرض و لا أراه يفتح هذا الباب أبدا و لا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما ثم مرضت و مكثت أربعين ليلة ثم دعت أم أيمن و أسماء بنت عميس و عليا ع و أوصت إلى علي بثلاث أن يتزوج بابنة أختها أمامة لحبها أولادها و أن يتخذ نعشا لأنها كانت رأت الملائكة تصوروا صورته و وصفته له و أن لا يشهد أحد جنازتها ممن ظلمها و أن لا يترك أن يصلي عليها أحد منهم
و ذكر مسلم عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة و في حديث الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة في خبر طويل يذكر فيه أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأل ميراثها من رسول الله القصة قال فهجرته و لم تكلمه حتى توفيت و لم يؤذن بها أبو بكر يصلي عليها
الواقدي إن فاطمة لما حضرتها الوفاة أوصت عليا أن لا يصلي عليها أبو بكر و عمر فعمل بوصيتها
عيسى بن مهران عن مخول بن إبراهيم عن عمر بن ثابت عن أبي إسحاق عن ابن جبير عن ابن عباس قال أوصت فاطمة أن لا يعلم إذا ماتت أبو بكر و لا عمر و لا يصليا عليها قال فدفنها علي ع ليلا و لم يعلمهما بذلك
تاريخ أبي بكر بن كامل قالت عائشة عاشت فاطمة بعد رسول الله ص ستة أشهر فلما توفيت دفنها علي ليلا و صلى عليها علي
و روي فيه عن سفيان بن عيينة و عن الحسن بن محمد و عبد الله بن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد القطان عن معمر عن الزهري أن فاطمة ع دفنت ليلا و عنه في هذا الكتاب أن أمير المؤمنين و الحسن و الحسين ع دفنوها ليلا و غيبوا قبرها
تاريخ الطبري إن فاطمة دفنت ليلا و لم يحضرها إلا العباس و علي و المقداد و الزبير و في رواياتنا أنه صلى عليها أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و عقيل و سلمان و أبو ذر و المقداد و عمار و بريدة و في رواية و العباس و ابنه الفضل و في رواية و حذيفة و ابن مسعود
الأصبغ بن نباتة أنه سأل أمير المؤمنين ع عن دفنها ليلا فقال إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها و حرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها
و روي أنه سوى قبرها مع الأرض مستويا و قالوا سوى حواليها قبورا مزورة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها
و روي أنه رش أربعين قبرا حتى لا يبين قبرها من غيره من القبور فيصلوا عليها
أبو عبد الله حمويه بن علي البصري و أحمد بن حنبل و أبو عبد الله بن بطة بأسانيدهم قالت أم سلمى امرأة أبي رافع اشتكت فاطمة شكواها التي قبضت فيها و كنت أمرضها فأصبحت يوما أسكن ما كانت فخرج علي إلى بعض حوائجه فقالت اسكبي لي غسلا فسكبت فقامت و اغتسلت أحسن ما يكون من الغسل ثم لبست أثوابها الجدد ثم قالت افرشي فراشي وسط البيت ثم استقبلت القبلة و نامت و قالت أنا مقبوضة و قد اغتسلت فلا يكشفني أحد ثم وضعت خدها على يدها و ماتت و قالت أسماء بنت عميس
أوصت إلي فاطمة أن لا يغسلها إذا ماتت إلا أنا و علي فأعنت عليا على غسلها
كتاب البلاذري أن أمير المؤمنين ع غسلها من معقد الإزار و إن أسماء بنت عميس غسلتها من أسفل ذلك
أبو الحسن الخزاز القمي في الأحكام الشرعية سئل أبو عبد الله ع عن فاطمة من غسلها فقال غسلها أمير المؤمنين لأنها كانت صديقة و لم يكن ليغسلها إلا صديق
و روي أن أمير المؤمنين ع قال عند دفنها السلام عليك إلى آخر ما سيأتي نقلا من الكافي
و روي أنه لما صار بها إلى القبر المبارك خرجت يد فتناولتها و انصرف
عبد الرحمن الهمداني و حميد الطويل أنه ع أنشأ على شفير قبرها
ذكرت أبا ودي فبت كأنني برد الهموم الماضيات وكيللكل اجتماع من خليلين فرقة و كل الذي دون الفراق قليلو إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل على أن لا يدوم خليل
فأجاب هاتف
يريد الفتى أن لا يموت خليله و ليس له إلا الممات سبيلفلا بد من موت و لا بد من بلى و إن بقائي بعدكم لقليلإذا انقطعت يوما من العيش مدتي فإن بكاء الباكيات قليلستعرض عن ذكري و تنسى مودتي و يحدث بعدي للخليل بديل
بيان أبا ودي أي من كان يلازم ودي و حبي و الحاصل أني ذكرت محبوبي فبت كأنني لشدة همومي ضامن لرد كل هم و حزن كان لي قبل ذلك و قوله فلا بد من موت لعله من تتمة أبياته ع لا كلام الهاتف و لو كان من كلام الهاتف فلعله ألقاه على وجه التلقين
17- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ قال أبو جعفر الطوسي الأصوب أنها مدفونة في دارها أو في الروضة يؤيد قوله قول النبي ص إن بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة و في البخاري بين بيتي و منبري و في الموطأ و الحلية و الترمذي و مسند أحمد بن حنبل ما بين بيتي و منبري
و قال ص منبري على ترعة من ترع الجنة و قالوا حد الروضة ما بين القبر إلى المنبر إلى الأساطين التي تلي صحن المسجد
أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسن ع عن قبر فاطمة فقال دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد
يزيد بن عبد الملك عن أبيه عن جده قال دخلت على فاطمة ع فبدأتني بالسلام ثم قالت ما غدا بك قلت طلب البركة قالت أخبرني أبي و هو ذا من سلم عليه أو على ثلاثة أيام أوجب الله له الجنة قلت لها في حياته و حياتك قالت نعم و بعد موتنا
18- كشف، ]كشف الغمة[ روي أن أبا جعفر ع أخرج سفطا أو حقا و أخرج منه كتابا فقرأه و فيه وصية فاطمة ع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد ص أوصت بحوائطها السبعة إلى علي بن أبي طالب فإن مضى فإلى الحسن فإن مضى فإلى الحسين فإن مضى فإلى الأكابر من ولدي شهد المقداد بن الأسود و الزبير بن العوام و كتب علي بن أبي طالب
و عن أسماء بنت عميس قالت أوصتني فاطمة ع أن لا يغسلها إذا ماتت إلا أنا و علي فغسلتها أنا و علي ع
و قيل قالت فاطمة ع لأسماء بنت عميس حين توضأت وضوءها للصلاة هاتي طيبي الذي أتطيب به و هاتي ثيابي التي أصلي فيها فتوضأت ثم وضعت رأسها فقالت لها اجلسي عند رأسي فإذا جاء وقت الصلاة فأقيميني فإن قمت و إلا فأرسلي إلى علي فلما جاء وقت الصلاة قالت الصلاة يا بنت رسول الله فإذا هي قد قبضت فجاء علي فقالت له قد قبضت ابنة رسول الله قال على متى قالت حين أرسلت إليك قال فأمر أسماء فغسلتها و أمر الحسن و الحسين ع يدخلان الماء و دفنها ليلا و سوى قبرها فعوتب على ذلك فقال بذلك أمرتني
و روي أنها بقيت بعد أبيها أربعين صباحا و لما حضرتها الوفاة قالت لأسماء إن جبرئيل أتى النبي ص لما حضرته الوفاة بكافور من الجنة فقسمه أثلاثا ثلثا لنفسه و ثلثا لعلي و ثلثا لي و كان أربعين درهما فقالت يا أسماء ائتيني ببقية حنوط والدي من موضع كذا و كذا فضعيه عند رأسي فوضعته ثم تسجت بثوبها و قالت انتظريني هنيهة و ادعيني فإن أجبتك و إلا فاعلمي أني قد قدمت على أبي ص فانتظرتها هنيهة ثم نادتها فلم تجبها فنادت يا بنت محمد المصطفى يا بنت أكرم من حملته النساء يا بنت خير من وطئ الحصا يا بنت من كان من ربه قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى قال فلم تجبها فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا فوقعت عليها تقبلها و هي تقول فاطمة إذا قدمت على أبيك رسول الله فأقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام فبينا هي كذلك إذ دخل الحسن و الحسين فقالا يا أسماء ما ينيم أمنا في هذه الساعة قالت يا ابني رسول الله ليست أمكما نائمة قد فارقت الدنيا فوقع عليها الحسن يقبلها مرة و يقول يا أماه كلميني قبل أن تفارق روحي بدني قالت و أقبل الحسين يقبل رجلها و يقول يا أماه أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن يتصدع قلبي فأموت قالت لهما أسماء يا ابني رسول الله انطلقا إلى أبيكما علي فأخبراه بموت أمكما فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء فابتدرهما جميع الصحابة فقالوا ما يبكيكما يا ابني رسول الله لا أبكى الله أعينكما لعلكما نظرتما إلى موقف جدكما فبكيتما شوقا إليه فقالا لا أ و ليس قد ماتت أمنا فاطمة صلوات الله عليها قال فوقع علي ع على وجهه يقول بمن العزاء يا بنت محمد كنت بك أتعزى ففيم العزاء من بعدك ثم قال
لكل اجتماع من خليلين فرقة و كل الذي دون الفراق قليلو إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل على أن لا يدوم خليل
ثم قال ع يا أسماء غسليها و حنطيها و كفنيها قال فغسلوها و كفنوها و حنطوها و صلوا عليها ليلا و دفنوها بالبقيع و ماتت بعد العصر
و قال ابن بابويه رحمه الله جاء هذا الخبر كذا و الصحيح عندي أنها دفنت في بيتها فلما زاد بنو أمية في المسجد صارت في المسجد. قلت الظاهر و المشهور مما نقله الناس و أرباب التواريخ و السير أنها ع دفنت بالبقيع كما تقدم
و روى مرفوعا إلى سلمى أم بني رافع قالت كنت عند فاطمة بنت محمد ص في شكواها التي ماتت فيها قالت فلما كان في بعض الأيام و هي أخف ما نراها فغدا علي بن أبي طالب في حاجته و هو يرى يومئذ أنها أمثل ما كانت فقالت يا أمة اسكبي لي غسلا ففعلت فاغتسلت كأشد ما رأيتها ثم قالت لي أعطيني ثيابي الجدد فأعطيتها فلبست ثم قالت ضعي فراشي و استقبليني ثم قالت إني قد فرغت من نفسي فلا أكشفن إني مقبوضة الآن ثم توسدت يدها اليمنى و استقبلت القبلة فقبضت فجاء علي ع و نحن نصيح فسأل عنها فأخبرته فقال إذا و الله لا تكشف فاحتملت في ثيابها فغيبت
أقول إن هذا الحديث قد رواه ابن بابويه رحمه الله كما ترى و قد روى أحمد بن حنبل في مسنده عن أم سلمى قالت اشتكت فاطمة ع شكواها التي قبضت فيه فكنت أمرضها فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها في شكواها ذلك قالت و خرج علي ع لبعض حاجته فقالت يا أماه اسكبي لي غسلا فسكبت لها غسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت يا أماه أعطيني ثيابي الجدد فأعطيتها فلبستها ثم قالت يا أماه قدمي لي فراشي وسط البيت ففعلت فاضطجعت و استقبلت القبلة و جعلت يدها تحت خدها ثم قالت يا أماه إني مقبوضة الآن و قد تطهرت فلا يكشفني أحد فقبضت مكانها قالت فجاء علي ع فأخبرته
و اتفاقهما من طرق الشيعة و السنة على نقله مع كون الحكم على خلافه عجيب فإن الفقهاء من الطريقين لا يجيزون الدفن إلا بعد الغسل إلا في مواضع ليس هذا منه فكيف رويا هذا الحديث و لم يعللاه و لا ذكرا فقهه و لا نبها على الجواز و لا المنع و لعل هذا أمر يخصها ع و إنما استدل الفقهاء على أنه يجوز للرجل أن يغسل زوجته بأن عليا غسل فاطمة ع و هو المشهور
و روى ابن بابويه مرفوعا إلى الحسن بن علي ع أن عليا غسل فاطمة ع و عن علي أنه صلى على فاطمة و كبر عليها خمسا و دفنها ليلا
و عن محمد بن علي ع أن فاطمة ع دفنت ليلا
بيان قد بينا في كتاب المزار أن الأصح أنها مدفونة في بيتها و أما ما ذكره من ترك غسلها فالأولى أن يأول بما ذكرنا سابقا من عدم كشف بدنها للتنظيف فلا تنافي للأخبار الكثيرة الدالة على أن عليا ع غسلها و يؤيد ما ذكرنا من التأويل ما مر في رواية ورقة فلا تغفل
19- كشف، ]كشف الغمة[ و نقلت من كتاب الذرية الطاهرة للدولابي في وفاتها ع ما نقله من رجاله قال لبثت فاطمة بعد النبي ص ثلاثة أشهر و قال ابن شهاب ستة أشهر و قال الزهري ستة أشهر و مثله عن عائشة و مثله عن عروة بن الزبير و عن أبي جعفر محمد بن علي ع خمسا و تسعين ليلة في سنة إحدى عشرة و قال ابن قتيبة في معارفه مائة يوم و قيل ماتت في سنة إحدى عشرة ليلة الثلاثاء لثلاث ليال من شهر رمضان و هي بنت تسع و عشرين سنة أو نحوها
و قيل دخل العباس على علي بن أبي طالب و فاطمة بنت رسول الله ص و أحدهما يقول لصاحبه أينا أكبر فقال العباس ولدت يا علي قبل بناء قريش البيت بسنوات و ولدت ابنتي و قريش تبني البيت و رسول الله ص ابن خمس و ثلاثين سنة قبل النبوة بخمس سنين
و روي أنها أوصت عليا ع و أسماء بنت عميس أن يغسلاها
و عن ابن عباس قال مرضت فاطمة مرضا شديدا فقالت لأسماء بنت عميس أ لا ترين إلى ما بلغت فلا تحمليني على سرير ظاهر فقالت لا لعمري و لكن أصنع نعشا كما رأيت يصنع بالحبشة قالت فأرينيه فأرسلت إلى جرائد رطبة فقطعت من الأسواق ثم جعلت على السرير نعشا و هو أول ما كان النعش فتبسمت و ما رئيت متبسمة إلا يومئذ ثم حملناها فدفناها ليلا و صلى عليها العباس بن عبد المطلب و نزل في حفرتها هو و علي و الفضل بن عباس
و عن أسماء بنت عميس أن فاطمة بنت رسول الله ص قالت لأسماء إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى فقالت أسماء يا بنت رسول الله أنا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة قال فدعت بجريدة رطبة فحسنتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة ع ما أحسن هذا و أجمله لا تعرف به المرأة من الرجل قال قالت فاطمة فإذا مت فاغسليني أنت و لا يدخلن علي أحد فلما توفيت فاطمة ع جاءت عائشة تدخل عليها فقالت أسماء لا تدخلي فكلمت عائشة أبا بكر فقالت إن هذه الخثعمية تحول بيننا و بين ابنة رسول الله ص و قد جعلت لها مثل هودج العروس فقالت أسماء لأبي بكر أمرتني أن لا يدخل عليها أحد و أريتها هذا الذي صنعت و هي حية فأمرتني أن أصنع لها ذلك فقال أبو بكر اصنعي ما أمرتك فانصرف و غسلها علي ع و أسماء
و روى الدولابي حديث الغسل الذي اغتسلته قبل وفاتها و كونها دفنت به و لم تكشف و قد تقدم ذكره و روي من غير هذا أن أبا بكر و عمر عاتبا عليا ع كونه لم يؤذنهما بالصلاة عليها فاعتذر أنها أوصته بذلك و حلف لهما فصدقاه و عذراه و قال علي ع عند دفن فاطمة ع كالمناجي بذلك رسول الله ص عند قبره السلام عليك يا رسول الله عني و عن ابنتك النازلة في جوارك إلى آخر ما سيأتي ثم قال علي بن عيسى الحديث ذو شجون أنشدني بعض الأصحاب للقاضي أبي بكر بن أبي قريعة
يا من يسائل ذائبا عن كل معضلة سخيفةلا تكشفن مغطى فلربما كشفت جيفةو لرب مستور بدا كالطبل من تحت القطيفةإن الجواب لحاضر لكنني أخفيه خيفةلو لا اعتداء رعية ألقي سياستها الخليفةو سيوف أعداء بها هاماتنا أبدا نقيفةلنشرت من أسرار آل محمد جملا طريفةتغنيكم عما رواه ما لك و أبو حنيفةو أريتكم أن الحسين أصيب في يوم السقيفةو لأي حال لحدت بالليل فاطمة الشريفةو لما حمت شيخيكم عن وطء حجرتها المنيفةأوه لبنت محمد ماتت بغصتها أسيفة
و قد ورد من كلامها ع في مرض موتها ما يدل على شدة تألمها و عظم موجدتها و فرط شكايتها ممن ظلمها و منعها حقها أعرضت عن ذكره و ألغيت القول فيه و نكبت عن إيراده لأن غرضي من هذا الكتاب نعت مناقبهم و مزاياهم و تنبيه الغافل عن موالاتهم فربما تنبه و والاهم و وصف ما خصهم الله به من الفضائل التي ليست لأحد سواهم فأما ذكر الغير و البحث عن الشر و الخير فليس من غرض هذا الكتاب و هو موكول إلى يوم الحساب و إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ. بيان النقف كسر الهامة عن الدماغ أو ضربها أشد ضرب أو برمح أو عصا
20- ضه، ]روضة الواعظين[ مرضت فاطمة ع مرضا شديدا و مكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت صلوات الله عليها فلما نعيت إليها نفسها دعت أم أيمن و أسماء بنت عميس و وجهت خلف علي و أحضرته فقالت يا ابن عم إنه قد نعيت إلي نفسي و إني لا أرى ما بي إلا أنني لاحق بأبي ساعة بعد ساعة و أنا أوصيك بأشياء في قلبي قال لها علي ع أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله فجلس عند رأسها و أخرج من كان في البيت ثم قالت يا ابن عم ما عهدتني كاذبة و لا خائنة و لا خالفتك منذ عاشرتني فقال ع معاذ الله أنت أعلم بالله و أبر و أتقى و أكرم و أشد خوفا من الله من أن أوبخك بمخالفتي قد عز علي مفارقتك و تفقدك إلا أنه أمر لا بد منه و الله جددت على مصيبة رسول الله ص و قد عظمت وفاتك و فقدك ف إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ من مصيبة ما أفجعها و آلمها و أمضها و أحزنها هذه و الله مصيبة لا عزاء لها و رزية لا خلف لها ثم بكيا جميعا ساعة و أخذ على رأسها و ضمها إلى صدره ثم قال أوصيني بما شئت فإنك تجدني فيها أمضي كما أمرتني به و أختار أمرك على أمري ثم قالت جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم رسول الله أوصيك أولا أن تتزوج بعدي بابنة أختي أمامة فإنها تكون لولدي مثلي فإن الرجال لا بد لهم من النساء قال فمن أجل ذلك قال أمير المؤمنين ع أربع ليس لي إلى فراقه سبيل بنت أبي العاص أمامة أوصتني بها فاطمة بنت محمد ص ثم قالت أوصيك يا ابن عم أن تتخذ لي نعشا فقد رأيت الملائكة صوروا صورته فقال لها صفية لي فوصفته فاتخذه لها فأول نعش عمل على وجه الأرض ذاك و ما رأى أحد قبله و لا عمل أحد ثم قالت أوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني و أخذوا حقي فإنهم عدوي و عدو رسول الله ص و لا تترك أن يصلي على أحد منهم و لا من أتباعهم و ادفني في الليل إذا هدأت العيون و نامت الأبصار ثم توفيت صلوات الله عليها و على أبيها و بعلها و بنيها فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة و اجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخوا صرخة واحدة كادت المدينة أن تتزعزع من صراخهن و هن يقلن يا سيدتاه يا بنت رسول الله و أقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي ع و هو جالس و الحسن و الحسين ع بين يديه يبكيان فبكى الناس لبكائهما و خرجت أم كلثوم و عليها برقعة و تجر ذيلها متجللة برداء عليها تسبجها و هي تقول يا أبتاه يا رسول الله الآن حقا فقدناك فقدا لا لقاء بعده أبدا و اجتمع الناس فجلسوا و هم يضجون و ينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلون عليها و خرج أبو ذر و قال انصرفوا فإن ابنة رسول الله ص قد أخر إخراجها في هذه العشية فقام الناس و انصرفوا فلما أن هدأت العيون و مضى شطر من الليل أخرجها علي و الحسن و الحسين ع و عمار و المقداد و عقيل و الزبير و أبو ذر و سلمان و بريدة و نفر من بني هاشم و خواصه صلوا عليها و دفنوها في جوف الليل و سوى علي ع حواليها قبورا مزورة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها و قال بعضهم من الخواص قبرها سوى مع الأرض مستويا فمسح مسحا سواء مع الأرض حتى لا يعرف موضعه
21- كا، ]الكافي[ أحمد بن مهران رحمه الله رفعه و أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار الشيباني قال حدثني القاسم بن محمد الرازي قال حدثني علي بن محمد الهرمزاني عن أبي عبد الله الحسين بن علي ع قال لما قبضت فاطمة ع دفنها أمير المؤمنين ع سرا و عفا على موضع قبرها ثم قام فحول وجهه إلى قبر رسول الله ص ثم قال السلام عليك يا رسول الله عني و السلام عليك عن ابنتك و زائرتك و البائتة في الثرى ببقعتك و المختار الله لها سرعة اللحاق بك قل يا رسول الله عن صفيتك صبري و عفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي إلا أن في التأسي لي بسنتك في فرقتك موضع تعز فلقد وسدتك في ملحودة قبرك و فاضت نفسك بين نحري و صدري بلى و في كتاب الله لي أنعم القبول إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ قد استرجعت الوديعة و أخذت الرهينة و أخلست الزهراء فما أقبح الخضراء و الغبراء يا رسول الله أما حزني فسرمد و أما ليلي فمسهد و هم لا يبرح من قلبي أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم كمد مقيح و هم مهيج سرعان ما فرق بيننا و إلى الله أشكو و ستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها فأحفها السؤال و استخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا و ستقول و يحكم الله وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ و السلام عليكما سلام مودع لا قال و لا سئم فإن انصرف فلا عن ملالة و إن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين واها واها و الصبر أيمن و أجمل و لو لا غلبة المستولين لجعلت المقام و اللبث لزاما معكوفا و لأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية فبعين الله تدفن ابنتك سرا و تهضم حقها و يمنع إرثها و لم يتباعد العهد و لم يخلق منك الذكر و إلى الله يا رسول الله المشتكى و فيك يا رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك و عليها السلام و الرضوان
بيان العفو المحو و الانمحاء و التجلد القوة قوله ع إلا أن في التأسي لي بسنتك أي بسنة فرقتك و المعنى أن المصيبة بفراقك كانت أعظم فكما صبرت على تلك مع كونها أشد فلأن أصبر على هذه أولى و التأسي الاقتداء بالصبر في هذه المصيبة كالصبر في تلك و فاضت نفسه خرجت روحه. قوله ع في كتاب الله أنعم القبول أي فيه ما يصير سببا لقبول المصائب أنعم القبول و استعار ع لفظ الوديعة و الرهينة لتلك النفس الكريمة لأن الأرواح كالوديعة و الرهن في الأبدان أو لأن النساء كالودائع و الرهائن عند الأزواج و يمكن أن يقرأ استرجعت و قرائنه على بناء المعلوم و المجهول. و التخالس التسالب و السهود قلة النوم أو يختار أي إلى أن يختار و الكمد بالفتح و بالتحريك الحزن الشديد و مرض القلب منه و هو إما خبر لقوله هم أو كل منهما خبر مبتدأ محذوف و الهضم الظلم و الإحفاء المبالغة في السؤال و الغليل حرارة الجوف و اعتلجت الأمواج التطمت و في نهج البلاغة و كشف الغمة و السلام عليكما سلام مودع. و عكفه يعكفه حبسه و الإعوال رفع الصوت بالبكاء و الصياح قوله فبعين الله أي تدفن ابنتك سرا متلبسا بعلم من الله و حضوره و شهوده قوله ع و فيك أي في إطاعة أمرك
22- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي عبيدة قال سأل أبا عبد الله ع بعض أصحابنا عن الجفر فقال هو جلد ثور مملوء علما قال له فالجامعة قال تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج فيها كل ما يحتاج الناس إليه و ليس من قضية إلا و هي فيها حتى أرش الخدش قال فمصحف فاطمة ع قال فسكت طويلا ثم قال إنكم لتبحثون عما تريدون و عما لا تريدون إن فاطمة مكثت بعد رسول الله ص خمسة سبعين يوما و كان دخلها حزن شديد على أبيها و كان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها و يطيب نفسها و يخبرها عن أبيها و مكانه و يخبرها بما يكون بعدها في ذريتها و كان علي ع يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة ع
23- كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن القاسم عن جده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع إن أسقاطكم إذا لقوكم يوم القيامة و لم تسموهم يقول السقط لأبيه ألا سميتني و قد سمى رسول الله ص محسنا قبل أن يولد
بيان يحتمل أن يكون و قد سمى كلام السقط
24- كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول عاشت فاطمة بعد رسول الله ص خمسة و سبعين يوما لم تر كاشرة و لا ضاحكة تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين الإثنين و الخميس فتقول ع هاهنا كان رسول الله و هاهنا كان المشركون
و في رواية أبان عمن أخبره عن أبي عبد الله ع أنها كانت تصلي هناك و تدعو حتى ماتت ع
كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام مثله
25- كا، ]الكافي[ حميد عن ابن سماعة عن أحمد بن الحسن عن أبان عن محمد بن المفضل قال سمعت أبا عبد الله ع يقول جاءت فاطمة ع إلى سارية في المسجد و هي تقول و تخاطب النبي ص
قد كان بعدك أنباء و هنبثة لو كنت شاهدها لم يكثر الخطبإنا فقدناك فقد الأرض وابلها و اختل قومك فأشهدهم و لا تغب
بيان قال الجزري الهنبثة واحدة الهنابث و هي الأمور الشداد المختلفة و الهنبثة الاختلاط في القول و الشهود الحضور و الخطب بالفتح الأمر الذي تقع فيه المخاطبة و الشأن و الحال و الوابل المطر الشديد
26- قل، ]إقبال الأعمال[ روينا عن جماعة من أصحابنا ذكرناهم في كتاب التعريف للمولد الشريف أن وفاة فاطمة ع صارت يوم ثالث جمادى الآخرة
27- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أنشدت الزهراء ع بعد وفاة أبيها ص
و قد رزئنا به محضا خليقته صافي الضرائب و الأعراق و النسبو كنت بدرا و نورا يستضاء به عليك تنزل من ذي العزة الكتبو كان جبرئيل روح القدس زائرنا فغاب عنا و كل الخير محتجبفليت قبلك كان الموت صادفنا لما مضيت و حالت دونك الحجبإنا رزئنا بما لم يرز ذو شجن من البرية لا عجم و لا عربضاقت علي بلاد بعد ما رحبت و سيم سبطاك خسفا فيه لي نصبفأنت و الله خير الخلق كلهم و أصدق الناس حيث الصدق و الكذبفسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت منا العيون بتهمال لها سكب
عمرو بن دينار عن الباقر ع قال ما رئيت فاطمة ع ضاحكة قط منذ قبض رسول الله ص حتى قبضت
بيان الرزء بالضم و الهمزة المصيبة بفقد الأعزة و رزئنا على صيغة المجهول أي أصبنا و أسقطت الهمزة للتخفيف و قوله محضا خليقته مفعول ثان لرزئنا على التجريد كقولهم لقيت بزيد أسدا أي رزئت به بشخص محض الخليقة لا يشوبها كدر و سوء و الضريبة الطبيعة و السجية و الأعراق جمع عرق بالكسر و هو الأصل من كل شيء و الشجن بالتحريك الهم و الحزن و العجم بالضم و بالتحريك خلاف العرب و قال الجزري الخسف النقصان و الهوان و سيم كلف و ألزم و هملت عينه فاضت
28- ج، ]الإحتجاج[ فيما احتج به الحسن ع على معاوية و أصحابه أنه قال لمغيرة بن شعبة أنت ضربت فاطمة بنت رسول الله ص حتى أدميتها و ألقت ما في بطنها استذلالا منك لرسول الله ص و مخالفة منك لأمره و انتهاكا لحرمته و قد قال رسول الله ص أنت سيدة نساء أهل الجنة و الله مصيرك إلى النار
29- أقول، وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلالي برواية أبان بن أبي عياش عنه عن سلمان و عبد الله بن العباس قالا توفي رسول الله ص يوم توفي فلم يوضع في حفرته حتى نكث الناس و ارتدوا و أجمعوا على الخلاف و اشتغل علي ع برسول الله ص حتى فرغ من غسله و تكفينه و تحنيطه و وضعه في حفرته ثم أقبل على تأليف القرآن و شغل عنهم بوصية رسول الله ص فقال عمر لأبي بكر يا هذا إن الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل و أهل بيته فابعث إليه فبعث إليه ابن عم لعمر يقال له قنفذ فقال له يا قنفذ انطلق إلى علي فقل له أجب خليفة رسول الله فبعثا مرارا و أبي علي ع أن يأتيهم فوثب عمر غضبان و نادى خالد بن الوليد و قنفذا فأمرهما أن يحملا حطبا و نارا ثم أقبل حتى انتهى إلى باب علي و فاطمة صلوات الله عليهما و فاطمة قاعدة خلف الباب قد عصبت رأسها و نحل جسمها في وفاة رسول الله ص فأقبل عمر حتى ضرب الباب ثم نادى يا ابن أبي طالب افتح الباب فقال فاطمة يا عمر ما لنا و لك لا تدعنا و ما نحن فيه قال افتحي الباب و إلا أحرقنا عليكم فقالت يا عمر أ ما تتقي الله عز و جل تدخل على بيتي و تهجم على داري فأبى أن ينصرف ثم دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب فأحرق الباب ثم دفعه عمر فاستقبلته فاطمة ع و صاحت يا أبتاه يا رسول الله فرفع السيف و هو في غمده فوجا به جنبها فصرخت فرفع السوط فضرب به ذراعها فصاحت يا أبتاه فوثب علي بن أبي طالب ع فأخذ بتلابيب عمر ثم هزه فصرعه و وجأ أنفه و رقبته و هم بقتله فذكر قول رسول الله ص و ما أوصاه به من الصبر و الطاعة فقال و الذي كرم محمدا بالنبوة يا ابن صهاك لو لا كتاب من الله سبق لعلمت أنك لا تدخل بيتي فأرسل عمر يستغيث فأقبل الناس حتى دخلوا الدار فكاثروه و ألقوا في عنقه حبلا فحالت بينهم و بينه فاطمة عند باب البيت فضربها قنفذ الملعون بالسوط فماتت حين ماتت و إن في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله فألجأها إلى عضادة بيتها و دفعها فكسر ضلعها من جنبها فألقت جنينا من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت صلى الله عليها من ذلك شهيدة و ساق الحديث الطويل في الداهية العظمى و المصيبة الكبرى إلى أن قال ابن عباس ثم إن فاطمة ع بلغها أن أبا بكر قبض فدكا فخرجت في نساء بني هاشم حتى دخلت على أبي بكر فقالت يا أبا بكر تريد أن تأخذ مني أرضا جعلها لي رسول الله ص فدعا أبو بكر بدواة ليكتب به لها فدخل عمر فقال يا خليفة رسول الله لا تكتب لها حتى تقيم البينة بما تدعي فقالت فاطمة ع علي و أم أيمن يشهدان بذلك فقال عمر لا تقبل شهادة امرأة أعجمية لا تفصح و أما علي فيجر النار إلى قرصته فرجعت فاطمة مغتاظة فمرضت و كان علي يصلي في المسجد الصلوات الخمس فلما صلى قال له أبو بكر و عمر كيف بنت رسول الله إلى أن ثقلت فسألا عنها و قالا قد كان بيننا و بينها ما قد علمت فإن رأيت أن تأذن لنا لنعتذر إليها من ذنبنا قال ذاك إليكما فقاما فجلسا بالباب و دخل علي ع على فاطمة ع فقال لها أيتها الحرة فلان و فلان بالباب يريدان أن يسلما عليك فما تريدين قالت البيت بيتك و الحرة زوجتك افعل ما تشاء فقال سدي قناعك فسدت قناعها و حولت وجهها
إلى الحائط فدخلا و سلما و قالا ارضي عنا رضي الله عنك فقالت ما دعا إلى هذا فقالا اعترفنا بالإساءة و رجونا أن تعفي عنا فقالت إن كنتما صادقين فأخبراني عما أسألكما عنه فإني لا أسألكما عن أمر إلا و أنا عارفة بأنكما تعلمانه فإن صدقتما علمت أنكما صادقان في مجيئكما قالا سلي عما بدا لك قالت نشدتكما بالله هل سمعتما رسول الله ص يقول فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني قالا نعم فرفعت يدها إلى السماء فقالت اللهم إنهما قد آذياني فأنا أشكوهما إليك و إلى رسولك لا و الله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبي رسول الله ص و أخبره بما صنعتما فيكون هو الحاكم فيكما قال فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل و الثبور و جزع جزعا شديدا فقال عمر تجزع يا خليفة رسول الله من قول امرأة قال فبقيت فاطمة ع بعد وفاة أبيها ع أربعين ليلة فلما اشتد بها الأمر دعت عليا ع و قالت يا ابن عم ما أراني إلا لما بي و أنا أوصيك أن تتزوج بأمامة بنت أختي زينب تكون لولدي مثلي و اتخذ لي نعشا فإني رأيت الملائكة يصفونه لي و أن لا يشهد أحد من أعداء الله جنازتي و لا دفني و لا الصلاة علي قال ابن عباس فقبضت فاطمة ع من يومها فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال و النساء و دهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله ص فأقبل أبو بكر و عمر يعزيان عليا ع و يقولان له يا أبا الحسن لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله فلما كان الليل دعا علي ع العباس و الفضل و المقداد و سلمان و أبا ذر و عمارا فقدم العباس فصلى عليها و دفنوها فلما أصبح الناس أقبل أبو بكر و عمر و الناس يريدون الصلاة على فاطمة ع فقال المقداد قد دفنا فاطمة البارحة فالتفت عمر إلى أبي بكر فقال لم أقل لك إنهم سيفعلون قال العباس إنها أوصت أن لا تصليا عليها فقال عمر لا تتركون يا بني هاشم حسدكم القديم لنا أبدا إن هذه الضغائن التي في صدوركم لن تذهب و الله لقد هممت أن أنبشها فأصلي عليها فقال علي ع و الله لو رمت ذاك يا ابن صهاك لا رجعت إليك يمينك لئن سللت سيفي لا غمدته دون إزهاق نفسك فانكسر عمر و سكت و علم أن عليا ع إذا حلف صدق ثم قال علي ع يا عمر أ لست الذي هم بك رسول الله ص و أرسل إلي فجئت متقلدا سيفي ثم أقبلت نحوك لأقتلك فأنزل الله عز و جل فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا
أقول تمام الخبر مع الأخبار الأخر المشتملة على ما وقع عليها من الظلم أوردتها في كتاب الفتن
30- مصباح الأنوار، عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال ماتت فاطمة ع ما بين المغرب و العشاء
و عن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده ع أن فاطمة بنت رسول الله ص لما احتضرت نظرت نظرا حادا ثم قالت السلام على جبرئيل السلام على رسول الله اللهم مع رسولك اللهم في رضوانك و جوارك و دارك دار السلام ثم قالت أ ترون ما أرى فقيل لها ما ترى قالت هذه مواكب أهل السماوات و هذا جبرئيل و هذا رسول الله و يقول يا بنية اقدمي فما أمامك خير لك
و عن زيد بن علي ع أن فاطمة ع لما احتضرت سلمت على جبرئيل و على النبي ص و سلمت على ملك الموت و سمعوا حس الملائكة و وجدوا رائحة طيبة كأطيب ما يكون من الطيب
و عن أبي جعفر ع قال إن فاطمة عاشت بعد رسول الله ص ستة أشهر
و عن أبي جعفر ع قال مكثت فاطمة ع في مرضها خمسة عشر يوما و توفيت
و عن جعفر بن محمد ع قال شهد دفنها سلمان الفارسي و المقداد بن الأسود و أبو ذر الغفاري و ابن مسعود و العباس بن عبد المطلب و الزبير بن العوام
و عن أبي جعفر عن آبائه ع أن فاطمة بنت رسول الله ص عاشت بعد النبي ص ستة أشهر ما رئيت ضاحكة و عنه ع أن فاطمة كفنت في سبعة أثواب
و عن حسين بن علوان عن سعد بن طريف عن أبي جعفر ع قال بدو مرض فاطمة بعد خمسين ليلة من وفاة رسول الله ص فعلمت أنها الوفاة فاجتمعت لذلك تأمر عليا بأمرها و توصيه بوصيتها و تعهد إليه عهودها و أمير المؤمنين ع يجزع لذلك و يطيعها في جميع ما تأمره فقالت يا أبا الحسن إن رسول الله ص عهد إلي و حدثني أني أول أهله لحوقا به و لا بد مما لا بد منه فاصبر لأمر الله تعالى و ارض بقضائه قال و أوصته بغسلها و جهازها و دفنها ليلا ففعل قال و أوصته بصدقتها و تركتها قال فلما فرغ أمير المؤمنين من دفنها لقيه الرجلان فقالا له ما حملك على ما صنعت قال وصيتها و عهدها
31- ع، ]علل الشرائع[ حدثنا علي بن أحمد قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى عن عمرو بن أبي المقدام و زياد بن عبد الله قالا أتى رجل أبا عبد الله ع فقال له يرحمك الله هل تشيع الجنازة بنار و يمشي معها بمجمرة و قنديل أو غير ذلك مما يضاء به قال فتغير لون أبي عبد الله ع من ذلك و استوى جالسا ثم قال إنه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة بنت محمد ص فقال لها أ ما علمت أن عليا قد خطب بنت أبي جهل فقالت حقا ما تقول فقال حقا ما أقول ثلاث مرات فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها و ذلك أن الله تبارك و تعالى كتب على النساء غيرة و كتب على الرجال جهادا و جعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله قال فاشتد غم فاطمة ع من ذلك و بقيت متفكرة هي حتى أمست و جاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن و الحسين على عاتقها الأيسر و أخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت إلى حجرة أبيها فجاء علي ع فدخل في حجرته فلم ير فاطمة ع فاشتد لذلك غمه و عظم عليه و لم يعلم القصة ما هي فاستحيا أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد فصلى فيه ما شاء الله ثم جمع شيئا من كثيب المسجد و اتكأ عليه فلما رأى النبي ص ما بفاطمة من الحزن أفاض عليه الماء ثم لبس ثوبه و دخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع و ساجد و كلما صلى ركعتين دعا الله أن يذهب ما بفاطمة من الحزن و الغم و ذلك أنه خرج من عندها و هي تتقلب و تتنفس الصعداء فلما رآها النبي ص أنها لا يهنؤها النوم و ليس لها قرار قال لها قومي يا بنية فقامت فحمل النبي ص الحسن و حملت فاطمة الحسين و أخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي ع و هو نائم فوضع النبي رجله على رجل علي فغمزه و قال قم يا أبا تراب فكم ساكن أزعجته ادع لي أبا بكر من داره و عمر من مجلسه و طلحة فخرج علي ع فاستخرجهما من منزلهما و اجتمعوا عند رسول الله فقال رسول الله ص يا علي أ ما علمت أن فاطمة بضعة مني و أنا منها فمن آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله و من آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي و من آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي قال فقال علي بلى يا رسول الله قال فقال فما دعاك إلى ما صنعت فقال علي و الذي بعثك بالحق نبيا ما كان مني مما بلغها شيء و لا حدثت بها نفسي فقال النبي ص صدقت و صدقت ففرحت فاطمة ع بذلك و تبسمت حتى رئي ثغرها فقال أحدهما لصاحبه إنه لعجب لحينه ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة قال ثم أخذ النبي ص بيد علي ع فشبك أصابعه بأصابعه فحمل النبي ص الحسن و حمل الحسين علي ع و حملت فاطمة ع أم كلثوم و أدخلهم النبي ص بيتهم و وضع عليهم قطيفة و استودعهم الله ثم خرج و صلى بقية الليل فلما مرضت فاطمة ع مرضها الذي ماتت فيه أتياها عائدين و استأذنا عليها فأبت أن تأذن لهما فلما رأى ذلك أبو بكر أعطى الله عهدا لا يظله سقف
بيت حتى يدخل على فاطمة ع و يتراضاها فبات ليلة في الصقيع ما أظله شيء ثم إن عمر أتى عليا ع فقال له إن أبا بكر شيخ رقيق القلب و قد كان مع رسول الله ص في الغار فله صحبة و قد أتيناها غير هذه المرة مرارا نريد الإذن عليها و هي تأبى أن تأذن لنا حتى ندخل عليها فنتراضى فإن رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل قال نعم فدخل علي على فاطمة ع فقال يا بنت رسول الله قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت و قد ترددا مرارا كثيرة و رددتهما و لم تأذني لهما و قد سألاني أن أستأذن لهما عليك فقالت و الله لا آذن لهما و لا أكلمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبي فأشكوهما إليه بما صنعاه و ارتكباه مني قال علي ع فإني ضمنت لهما ذلك قالت إن كنت قد ضمنت لهما شيئا فالبيت بيتك و النساء تتبع الرجال لا أخالف عليك شيء فأذن لمن أحببت فخرج علي ع فأذن لهما فلما وقع بصرهما على فاطمة ع سلما عليها فلم ترد عليهما و حولت وجهها عنهما فتحولا و استقبلا وجهها حتى فعلت مرارا و قالت يا علي جاف الثوب و قالت لنسوة حولها حولن وجهي فلما حولن وجهها حولا إليها فقال أبو بكر يا بنت رسول الله إنما أتيناك ابتغاء مرضاتك و اجتناب سخطك نسألك أن تغفري لنا و تصفحي عما كان منا إليك قالت لا أكلمكما من رأسي كلمة واحدة حتى ألقى أبي و أشكوكما إليه و أشكو صنعكما و فعالكما و ما ارتكبتما مني قالا إنا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك فاغفري و اصفحي عنا و لا تؤاخذينا بما كان منا فالتفتت إلى علي ع و قالت إني لا أكلمهما من رأسي كلمة حتى أسألهما عن شيء سمعاه من رسول الله ص فإن صدقاني رأيت رأيي قالا اللهم ذلك لها و إنا لا نقول إلا حقا و لا نشهد إلا صدقا فقالت أنشدكما بالله أ تذكران أن رسول الله ص استخرجكما في جوف الليل بشيء كان حدث من أمر علي فقالا اللهم نعم فقالت أنشدكما بالله هل سمعتما النبي ص يقول فاطمة بضعة مني و أنا منها من آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله و من آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي و من آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي قالا اللهم نعم فقالت الحمد لله ثم قالت اللهم إني أشهدك فاشهدوا يا من حضرني أنهما قد آذياني في حياتي و عند موتي و الله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فأشكوكما إليه بما صنعتما به و بي و ارتكبتما مني فدعا أبو بكر بالويل و الثبور و قال ليت أمي لم تلدني فقال عمر عجبا للناس كيف ولوك أمورهم و أنت شيخ قد خرفت تجزع لغضب امرأة و تفرح برضاها و ما لمن أغضب امرأة و قاما و خرجا قال فلما نعي إلى فاطمة ع نفسها أرسلت إلى أم أيمن و كانت أوثق نسائها عندها و في نفسها فقالت يا أم أيمن إن نفسي نعيت إلي فادعي لي عليا فدعته لها فلما دخل عليها قالت له يا ابن العم أريد أن أوصيك بأشياء فاحفظها علي فقال لها قولي ما أحببت قالت له تزوج فلانة تكون مربية لولدي من بعدي مثلي و أعمل نعشا رأيت الملائكة قد صورته لي فقال لها علي أريني كيف صورته فأرته ذلك كما وصفت له و كما أمرت به ثم قالت فإذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك أي ساعة كانت من ليل أو نهار و لا يحضرن من أعداء الله و أعداء رسوله للصلاة علي قال علي ع أفعل فلما قضت نحبها صلى الله عليها و هم في ذلك في جوف الليل أخذ علي ع في جهازها من ساعته كما أوصته فلما فرغ من جهازها أخرج علي الجنازة و أشعل النار في جريد النخل و مشى مع الجنازة بالنار حتى صلى عليها و دفنها ليلا فلما أصبح أبو بكر و عمر عاودا عائدين لفاطمة فلقيا رجلا من قريش فقالا له من أين أقبلت قال عزيت عليا بفاطمة قالا و قد ماتت قال نعم و دفنت في جوف الليل فجزعا جزعا شديدا ثم أقبلا إلى علي ع فلقياه فقالا له و الله
ما تركت شيئا من غوائلنا و مساءتنا و ما هذا إلا من شيء في صدرك علينا هل هذا إلا كما غسلت رسول الله ص دوننا و لم تدخلنا معك و كما علمت ابنك أن يصيح بأبي بكر أن انزل عن منبر أبي فقال لهما علي ع أ تصدقاني إن حلفت لكما قالا نعم فحلف فأدخلهما على المسجد قال إن رسول الله ص لقد أوصاني و قد تقدم إلي أنه لا يطلع على عورته أحد إلا ابن عمه فكنت أغسله و الملائكة تقلبه و الفضل بن العباس يناولني الماء و هو مربوط العينين بالخرقة و لقد أردت أن أنزع القميص فصاح بي صائح من البيت سمعت الصوت و لم أر الصورة لا تنزع قميص رسول الله ص و لقد سمعت الصوت يكرره علي فأدخلت يدي من بين القميص فغسلته ثم قدم إلى الكفن فكفنته ثم نزعت القميص بعد ما كفنته و أما الحسن ابني فقد تعلمان و يعلم أهل المدينة أنه كان يتخطى الصفوف حتى يأتي النبي ص و هو ساجد فيركب ظهره فيقوم النبي ص و يده على ظهر الحسن و الأخرى على ركبته حتى يتم الصلاة قالا نعم قد علمنا ذلك ثم قال تعلمان و يعلم أهل المدينة أن الحسن كان يسعى إلى النبي ص و يركب على رقبته و يدلي الحسن رجليه على صدر النبي ص حتى يرى بريق خلخاليه من أقصى المسجد و النبي ص يخطب و لا يزال على رقبته حتى يفرغ النبي ص من خطبته و الحسن على رقبته فلما رأى الصبي على منبر أبيه غيره شق عليه ذلك و الله ما أمرته بذلك و لا فعله عن أمري و أما فاطمة فهي المرأة التي استأذنت لكما عليها فقد رأيتما ما كان من كلامها لكما و الله لقد أوصتني أن لا تحضرا جنازتها و لا الصلاة عليها و ما كنت الذي أخالف أمرها و وصيتها إلي فيكما فقال عمر دع عنك هذه الهمهمة أنا أمضي إلى المقابر فأنبشها حتى أصلي عليها فقال له علي ع و الله لو ذهبت تروم من ذلك شيئا و علمت أنك لا تصل إلى ذلك حتى يندر عنك الذي فيه عيناك فإني كنت لا أعاملك إلا بالسيف قبل أن تصل إلى شيء من ذلك فوقع بين علي ع و عمر كلام حتى تلاحيا و استبسل و اجتمع المهاجرون و الأنصار فقالوا و الله ما نرضى بهذا أن يقال في ابن عم رسول الله و أخيه و وصيه و كادت أن تقع فتنة فتفرقا
بيان الصعداء بالمد تنفس ممدود قوله ص و صدقت إما تأكيد للأول أو على بناء المجهول من المخاطب أو على الغيبة أي صدقت فاطمة ع لأنها لم تذكر إلا ما سمعت و الصقيع الذي يسقط من السماء بالليل شبيه بالثلج و يقال أجفيت السرج من ظهر الفرس إذا رفعته عنه و جافاه عنه أي أبعده و لعل المعنى خذ الثوب و ارفعه قليلا حتى أتحول من جانب إلى جانب و الهمهمة تنويم المرأة الطفل بصوتها و ندر الشيء يندر ندرا سقط و شذ و الملاحاة المنازعة و المباسلة المصاولة في الحرب و المستبسل الذي يوطن نفسه على الموت و استبسل أي طرح نفسه في الحرب و هو يريد أن يقتل لا محالة
32- ع، ]علل الشرائع[ أبي عن أحمد بن إدريس عن ابن عيسى عن البزنطي عن عبد الرحمن بن سالم عن المفضل قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك من غسل فاطمة قال ذاك أمير المؤمنين ع قال فكأني استعظمت ذلك من قوله فقال كأنك ضقت مما أخبرتك به قلت قد كان ذلك جعلت فداك قال لا تضيقن فإنها صديقة لا يغسلها إلا صديق أ ما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسى ع
كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن عبد الرحمن بن سالم مثله
33- ب، ]قرب الإسناد[ ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه ع أن عليا ع غسل امرأته فاطمة ع بنت رسول الله ص
34- ع، ]علل الشرائع[ علي بن أحمد بن محمد عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن ابن البطائني عن أبيه قال سألت أبا عبد الله ع لأي علة دفنت فاطمة ع بالليل و لم تدفن بالنهار قال لأنها أوصت أن لا يصلي عليها الرجلان الأعرابيان
بيان الأعرابيان الكافران لقوله تعالى الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً
35- ع، ]علل الشرائع[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن موسى عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن محمد بن عبيد الله و عبد الله بن الصلت الجحدري قالا حدثنا ابن عائشة عن عبد الله بن عبد الرحمن الهمداني عن أبيه قال لما دفن علي بن أبي طالب ع فاطمة ع قام على شفير القبر و ذلك في جوف الليل لأنه كان دفنها ليلا ثم أنشأ يقول
لكل اجتماع من خليلين فرقة و كل الذي دون الممات قليلو إن افتقادي واحدا بعد واحد دليل على أن لا يدوم خليلستعرض عن ذكري و تنسى مودتي و يحدث بعدي للخليل خليل
36- كتاب الدلائل للطبري، عن أحمد بن محمد الخشاب عن زكريا بن يحيى عن ابن أبي زائدة عن أبيه عن محمد بن الحسن عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال لما قبض رسول الله ص ما ترك إلا الثقلين كتاب الله و عترته أهل بيته و كان قد أسر إلى فاطمة صلوات الله عليها أنها لاحقة به أول أهل بيته لحوقا قالت بينا أني بين النائمة و اليقظانة بعد وفاة أبي بأيام إذ رأيت كأن أبي قد أشرف علي فلما رأيته لم أملك نفسي أن ناديت يا أبتاه انقطع عنا خبر السماء فبينا أنا كذلك إذ أتتني الملائكة صفوفا يقدمها ملكان حتى أخذاني فصعدا بي إلى السماء فرفعت رأسي فإذا أنا بقصور مشيدة و بساتين و أنهار تطرد و قصر بعد قصر و بستان بعد بستان و إذا قد اطلع علي من تلك القصور جواري كأنهن اللعب فهن يتباشرن و يضحكن إلي و يقلن مرحبا بمن خلقت الجنة و خلقنا من أجل أبيها فلم تزل الملائكة تصعد بي حتى أدخلوني إلى دار فيها قصور في كل قصر من البيوت ما لا عين رأت و فيها من السندس و الإستبرق على أسرة و عليها ألحاف من ألوان الحرير و الديباج و آنية الذهب و الفضة و فيها موائد عليها من ألوان الطعام و في تلك الجنان نهر مطرد أشد بياضا من اللبن و أطيب رائحة من المسك الأذفر فقلت لمن هذه الدار و ما هذا النهر فقالوا هذه الدار الفردوس الأعلى الذي ليس بعده جنة و هي دار أبيك و من معه من النبيين و من أحب الله قلت فما هذا النهر قالوا هذا الكوثر الذي وعده أن يعطيه إياه فقلت فأين أبي قالوا الساعة يدخل عليك فبينا أنا كذلك إذ برزت لي قصور هي أشد بياضا و أنور من تلك و فرش هي أحسن من تلك الفرش و إذا بفرش مرتفعة على أسرة و إذا أبي ص جالس على تلك الفرش و معه جماعة فلما رآني أخذني فضمني و قبل ما بين عيني و قال مرحبا بابنتي و أخذني و أقعدني في حجره ثم قال لي يا حبيبتي أ ما ترين ما أعد الله لك و ما تقدمين عليه فأراني قصورا مشرقات فيها ألوان الطرائف و الحلي و الحلل و قال هذه مسكنك و مسكن زوجك و ولديك و من أحبك و أحبهما فطيبي نفسا فإنك قادمة علي إلى أيام قالت فطار قلبي و اشتد شوقي و انتبهت من رقدتي مرعوبة قال أبو عبد الله قال أمير المؤمنين ع فلما انتبهت من مرقدها صاحت بي فأتيتها فقلت لها ما تشتكين فخبرتني بخبر الرؤيا ثم أخذت على عهد الله و رسوله أنها إذا توفت لا أعلم أحدا إلا أم سلمة زوج رسول الله ص و أم أيمن و فضة و من الرجال ابنيها و عبد الله بن عباس و سلمان الفارسي و عمار بن ياسر و المقداد و أبو ذر و حذيفة و قالت إني أحللتك من أن تراني بعد موتي فكن مع النسوة فيمن يغسلني و لا تدفني إلا ليلا و لا تعلم أحدا قبري فلما كانت الليلة التي أراد الله أن يكرمها و يقبضها إليه أقبلت تقول و عليكم السلام و هي تقول لي يا ابن عم قد أتاني جبرئيل مسلما و قال لي السلام يقرأ عليك السلام يا حبيبة حبيب الله و ثمرة فؤاده اليوم تلحقين بالرفيع الأعلى و جنة المأوى ثم انصرف عني ثم سمعناها ثانية تقول و عليكم السلام فقالت يا ابن عم هذا و الله ميكائيل و قال لي كقول صاحبه ثم تقول و عليكم السلام و رأيناها قد فتحت عينيها فتحا شديدا ثم قالت يا ابن عم هذا و الله الحق و هذا عزرائيل قد نشر جناحه بالمشرق و المغرب و قد وصفه لي أبي و هذه صفته فسمعناها تقول و عليك السلام يا قابض الأرواح عجل بي و لا تعذبني ثم سمعناها تقول إليك ربي لا إلى النار ثم غمضت عينيها و مدت يديها و رجليها كأنها لم تكن حية قط
37- المكتب عن العلوي عن الفزاري عن محمد بن الحسين الزيات عن سليمان بن حفص المروزي عن ابن طريف عن ابن نباتة قال سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول الله ص ليلا فقال إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها و حرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها
38- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن محمد بن أحمد المنصوري عن سلمان بن سهل عن عيسى بن إسحاق القرشي عن حمدان بن علي الخفاف عن ابن حميد عن الثمالي عن أبي جعفر الباقر عن أبيه ع عن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال لما مرضت فاطمة بنت رسول الله ص مرضتها التي توفيت فيها و ثقلت جاءها العباس بن عبد المطلب عائدا فقيل له إنها ثقيلة و ليس يدخل عليها أحد فانصرف إلى داره و أرسل إلى علي ع فقال لرسوله قل له يا ابن أخ عمك يقرئك السلام و يقول لك لله قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله ص و قرة عينيه و عيني فاطمة ما هدني و إني لأظنها أولنا لحوقا برسول الله ص يختار لها و يحبوها و يزلفها لربه فإن كان من أمرها ما لا بد منه فأجمع أنا لك الفداء المهاجرين و الأنصار حتى يصيبوا الأجر في حضورها و الصلاة عليها و في ذلك جمال للدين فقال علي ع لرسوله و أنا حاضر عنده أبلغ عمي السلام و قل لا عدمت أشفاقك و تحيتك و قد عرفت مشورتك و لرأيك فضله إن فاطمة بنت رسول الله ص لم تزل مظلومة من حقها ممنوعة و عن ميراثها مدفوعة لم تحفظ فيها وصية رسول الله ص و لا رعي فيها حقه و لا حق الله عز و جل و كفى بالله حاكما و من الظالمين منتقما و أنا أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به فإنها وصتني بستر أمرها قال فلما أتى العباس رسوله بما قال علي ع قال يغفر الله لابن أخي فإنه لمغفور له إن رأى ابن أخي لا يطعن فيه إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلا النبي ص إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة و أعلمهم بكل فضيلة و أشجعهم في الكريهة و أشدهم جهادا للأعداء في نصرة الحنيفية و أول من آمن بالله و رسوله ص
39- ل، ]الخصال[ محمد بن عمير البغدادي عن أحمد بن الحسن بن عبد الكريم عن عباد بن صهيب عن عيسى بن عبد الله العمري عن أبيه عن جده عن علي ع قال خلقت الأرض لسبعة بهم يرزقون و بهم يمطرون و بهم ينصرون أبو ذر و سلمان و المقداد و عمار و حذيفة و عبد الله بن مسعود قال علي ع و أنا إمامهم و هم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة
كش، ]رجال الكشي[ جبرئيل بن أحمد عن الحسين بن خرزاد عن ابن فضال عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفر عن أبيه عن جده ع مثله
40- جا، ]المجالس للمفيد[ ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الصدوق عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن القاسم بن محمد الرازي عن علي بن محمد الهرمرازي عن علي بن الحسين عن أبيه الحسين ع قال لما مرضت فاطمة بنت رسول الله ص وصت إلى علي بن أبي طالب ع أن يكتم أمرها و يخفي خبرها و لا يؤذن أحدا بمرضها ففعل ذلك و كان يمرضها بنفسه و تعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله على استسرار بذلك كما وصت به فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين ع أن يتولى أمرها و يدفنها ليلا و يعفي قبرها فتولى ذلك أمير المؤمنين ع و دفنها و عفى موضع قبرها فلما نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن فأرسل دموعه على خديه و حول وجهه إلى قبر رسول الله ص فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك من ابنتك و حبيبتك و قرة عينك و زائرتك و البائتة في الثرى ببقيعك المختار الله لها سرعة اللحاق بك قل يا رسول الله عن صفيتك صبري و ضعف عن سيدة النساء تجلدي إلا أن في التأسي لي بسنتك و الحزن الذي حل بي لفراقك موضع التعزي و لقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري و غمضتك بيدي و توليت أمرك بنفسي نعم و في كتاب الله أنعم القبول إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ قد استرجعت الوديعة و أخذت الرهينة و اختلست الزهراء فما أقبح الخضراء و الغبراء يا رسول الله أما حزني فسرمد و أما ليلي فمسهد لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم كمد مقيح و هم مهيج سرعان ما فرق الله بيننا و إلى الله أشكو و ستنبئك ابنتك بتظاهر أمتك علي و على هضمها حقها فاستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا و ستقول و يحكم الله و هو خير الحاكمين سلام عليك يا رسول الله سلام مودع لا سئم و لا قال فإن انصرف فلا عن ملالة و إن أقم فلا عن سوء ظني بما وعد الله الصابرين الصبر أيمن و أجمل و لو لا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما و التلبث عنده معكوفا و لأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية فبعين الله تدفن بنتك سرا و يهتضم حقها قهرا و يمنع إرثها جهرا و لم يطل العهد و لم يخلق منك الذكر فإلى الله يا رسول الله المشتكى و فيك أجمل العزاء فصلوات الله عليها و عليك و رحمة الله و بركاته
41- عيون المعجزات، للسيد المرتضى رحمه الله روي أن فاطمة ع توفيت و لها ثمان عشرة سنة و شهران و أقامت بعد النبي ص خمسة و سبعين يوما و روي أربعين يوما و تولى غسلها و تكفينها أمير المؤمنين ع و أخرجها و معه الحسن و الحسين في الليل و صلوا عليها و لم يعلم بها أحد و دفنها في البقيع و جدد أربعين قبرا فاستشكل على الناس قبرها فأصبح الناس و لام بعضهم بعضا و قالوا إن نبينا ص خلف بنتا و لم نحضر وفاتها و الصلاة عليها و دفنها و لا نعرف قبرها فنزورها فقال من تولى الأمر هاتوا من نساء المسلمين من تنبش هذه القبور حتى نجد فاطمة ع فنصلي عليها و نزور قبرها فبلغ ذلك أمير المؤمنين ع فخرج مغضبا قد احمرت عيناه و قد تقلد سيفه ذا الفقار حتى بلغ البقيع و قد اجتمعوا فيه فقال ع لو نبشتم قبرا من هذه القبور لوضعت السيف فيكم فتولى القوم عن البقيع
42- يب، ]تهذيب الأحكام[ سلمة بن الخطاب عن موسى بن عمر بن يزيد عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله ع قال سألته عن أول من جعل له النعش فقال فاطمة بنت رسول الله ص
43- يب، ]تهذيب الأحكام[ سلمة بن الخطاب عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن أبيه عن حميد بن المثنى عن أبي عبد الرحمن الحذاء عن أبي عبد الله ع قال أول نعش أحدث في الإسلام نعش فاطمة إنها اشتكت شكوتها التي قبضت فيها و قالت لأسماء إني نحلت و ذهب لحمي أ لا تجعلين لي شيئا يسترني قالت أسماء إني إذ كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا أ فلا أصنع لك فإن أعجبك أصنع لك قالت نعم فدعت بسرير فأكبته لوجهه ثم دعت بجرائد فشددته على قوائمه ثم جللته ثوبا فقالت هكذا رأيتهم يصنعون فقالت اصنعي لي مثله استريني سترك الله من النار
44- من بعض كتب المناقب القديمة، اختلف الروايات في وقت وفاتها ففي رواية أنها بقيت بعد رسول الله ص شهرين و في رواية ثلاثة أشهر و في رواية مائة يوم و في رواية ثمانية أشهر
و عن علي بن أحمد العاصمي بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع عن علي ع أن فاطمة لما توفي رسول الله ص كانت تقول وا أبتاه من ربه ما أدناه وا أبتاه جنان الخلد مثواه وا أبتاه يكرمه ربه إذا أتاه يا أبتاه الرب و الرسل تسلم عليه حين تلقاه فلما ماتت فاطمة ع قال علي بن أبي طالب يرثيها
لكل اجتماع من خليلين فرقة
الأبيات و ذكر الحاكم أن فاطمة لما ماتت أنشأ علي ع
نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها خرجت مع الزفراتلا خير بعدك في الحياة و إنما أبكي مخافة أن تطول حياتي
و عن سيد الحفاظ أبي منصور الديلمي بإسناده أن عبد الله بن الحسن دخل على هشام بن عبد الملك و عنده الكلبي فقال هشام لعبد الله بن الحسن يا أبا محمد كم بلغت فاطمة بنت رسول الله من السن فقال بلغت ثلاثين فقال للكلبي ما تقول قال بلغت خمسا و ثلاثين فقال هشام لعبد الله أ لا تسمع ما يقول الكلبي فقال عبد الله يا أمير المؤمنين سلني عن أمي فأنا أعلم بها و سل الكلبي عن أمه فهو أعلم بها
و عن العاصمي بإسناده عن محمد بن عمر قال توفيت فاطمة بنت محمد ص لثلاث ليال خلون من شهر رمضان و هي بنت تسع و عشرين أو نحوها
و ذكر أبو عبد الله بن مندة الأصفهاني في كتاب المعرفة أن عليا تزوج فاطمة بالمدينة بعد سنة من الهجرة و بنى بها بعد ذلك بنحو من سنة و ولدت لعلي الحسن و الحسين و المحسن و أم كلثوم الكبرى و زينب الكبرى
و قال محمد بن إسحاق توفيت و لها ثمان و عشرون سنة و قيل سبع و عشرون سنة و في رواية أنها ولدت على رأس سنة إحدى و أربعين من مولد النبي ص فيكون سنها على هذا ثلاثا و عشرين و الأكثر على أنها كانت بنت تسع و عشرين أو ثلاثين ع
و ذكر وهب بن منبه عن ابن عباس أنها بقيت أربعين يوما بعده و في رواية ستة أشهر و ساق ابن عباس الحديث إلى أن قال لما توفيت ع شقت أسماء جيبها و خرجت فتلقاها الحسن و الحسين فقالا أين أمنا فسكتت فدخلا البيت فإذا هي ممتدة فحركها الحسين فإذا هي ميتة فقال يا أخاه آجرك الله في الوالدة و خرجا يناديان يا محمدا يا أحمداه اليوم جدد لنا موتك إذ ماتت أمنا ثم أخبرا عليا و هو في المسجد فغشي عليه حتى رش عليه الماء ثم أفاق فحملهما حتى أدخلهما بيت فاطمة و عند رأسها أسماء تبكي و تقول وا يتامى محمد كنا نتعزى فاطمة بعد موت جدكما فيمن نتعزى بعدها فكشف علي عن وجهها فإذا برقعة عند رأسها فنظر فيها فإذا فيها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله ص أوصت و هي تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنة حق و النار حق وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ يا علي أنا فاطمة بنت محمد زوجني الله منك لأكون لك في الدنيا و الآخرة أنت أولى بي من غيري حنطني و غسلني و كفني بالليل و صل علي و ادفني بالليل و لا تعلم أحدا و أستودعك الله و أقرأ على ولدي السلام إلى يوم القيامة فلما جن الليل غسلها علي و وضعها على السرير و قال للحسن ادع لي أبا ذر فدعاه فحملاه إلى المصلى فصلى عليها ثم صلى ركعتين و رفع يديه إلى السماء فنادى هذه بنت نبيك فاطمة أخرجتها من الظلمات إلى النور فأضاءت الأرض ميلا في ميل فلما أرادوا أن يدفنوها نودوا من بقعة من البقيع إلي إلي فقد رفع تربتها مني فنظروا فإذا هي بقبر محفور فحملوا السرير إليها فدفنوها فجلس علي على شفير القبر فقال يا أرض استودعتك وديعتي هذه بنت رسول الله فنودي منها يا علي أنا أرفق بها منك فارجع و لا تهتم فرجع و انسد القبر و استوى بالأرض فلم يعلم أين كان إلى يوم القيامة
45- أقول قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين، كانت وفاة فاطمة ع بعد وفاة النبي ص بمدة يختلف في مبلغها فالمكثر يقول ثمانية أشهر و المقلل يقول أربعين يوما إلا أن الثبت في ذلك ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنها توفيت بعده بثلاثة أشهر حدثني بذلك الحسن بن علي عن الحارث عن ابن سعد عن الواقدي عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر محمد بن علي ع
46- كف، ]المصباح للكفعمي[ مصبا، ]المصباحين[ في الثالث من جمادى الآخرة كان وفاة فاطمة ع سنة إحدى عشرة
47- مصبا، ]المصباحين[ في اليوم الحادي و العشرين من رجب كانت وفاة الطاهرة فاطمة ع في قول ابن عباس
بيان أقول لا يمكن التطبيق بين أكثر التواريخ الولادة و الوفاة و مدة عمرها الشريف و لا بين تواريخ الوفاة و بين ما مر في الخبر الصحيح أنها ع عاشت بعد أبيها خمسة و سبعين يوما إذ لو كان وفاة الرسول ص في الثامن و العشرين من صفر كان على هذا وفاتها في أواسط جمادى الأولى و لو كان في ثاني عشر ربيع الأول كما ترويه العامة كان وفاتها في أواخر جمادى الأولى و ما رواه أبو الفرج عن الباقر ع من كون مكثها بعده ص ثلاثة أشهر يمكن تطبيقه على ما هو المشهور من كون وفاتها في ثالث جمادى الآخرة و يدل عليه أيضا ما مر من خبر أبي بصير عن أبي عبد الله ع برواية الطبري بأن يكون ع لم يتعرض للأيام الزائدة لقلتها و الله يعلم
48- أقول في الديوان المنسوب إليه ع، أنه أنشد بعد وفاة فاطمة ع
ألا هل إلى طول الحياة سبيل و أنى و هذا الموت ليس يحولو إني و إن أصبحت بالموت موقنا فلي أمل من دون ذاك طويلو للدهر ألوان تروح و تغتدي و إن نفوسا بينهن تسيلو منزل حق لا معرج دونه لكل امرئ منها إليه سبيلقطعت بأيام التعزز ذكره و كل عزيز ما هناك ذليلأرى علل الدنيا علي كثيرة و صاحبها حتى الممات عليلو إني لمشتاق إلى من أحبه فهل لي إلى من قد هويت سبيلو إني و إن شطت بي الدار نازحا و قد مات قبلي بالفراق جميلفقد قال في الأمثال في البين قائل أضر به يوم الفراق رحيللكل اجتماع من خليلين فرقة و كل الذي دون الفراق قليلو إن افتقادي فاطما بعد أحمد دليل على أن لا يدوم خليلو كيف هنأك العيش من بعد فقدهم لعمرك شيء ما إليه سبيلسيعرض عن ذكري و تنسى مودتي و يظهر بعدي للخيل عديلو ليس خليلي بالملول و لا الذي إذا غبت يرضاه سواي بديلو لكن خليلي من يدوم وصاله و يحفظ سري قلبه و دخيلإذا انقطعت يوما من العيش مدتي فإن بكاء الباكيات قليليريد الفتى أن لا يموت حبيبه و ليس إلى ما يبتغيه سبيلو ليس جليلا رزء مال و فقده و لكن رزء الأكرمين جليللذلك جنبي لا يؤاتيه مضجع و في القلب من حر الفراق غليل
بيان خبر إني محذوف و منزل عطف على ألوان و المعرج محل الإقامة و شطت الدار و نزحت بعدت و الباء للتعدية و التضريب مبالغة في الضرب و البين الفراق أي أضرب المثل الذي قاله القائل في يوم الفراق الذي هو رحيل و المثل قوله لكل اجتماع و فاطم مرخم فاطمة لضرورة الشعر و البديل البدل و دخيل الرجل الذي يداخله في أموره و يختص به لا يؤاتيه أي لا يوافقه و الغليل العطش
و منه، قوله ع عند رحلتها ع
حبيب ليس يعدله حبيب و ما لسواه في قلبي نصيبحبيب غاب عن عيني و جسمي و عن قلبي حبيبي لا يغيب
بيان حبيب في الموضعين خبر مبتدأ محذوف أو الثاني خبر الأول
و منه، مخاطبا لها بعد وفاتها
ما لي وقفت على القبور مسلما قبر الحبيب فلم يرد جوابيأ حبيب مالك لا ترد جوابنا أ نسيت بعدي خلة الأحباب
و منه، مجيبا لنفسه من قبلها ع
قال الحبيب و كيف لي بجوابكم و أنا رهين جنادل و ترابأكل التراب محاسني فنسيتكم و حجبت عن أهلي و عن أترابيفعليكم مني السلام تقطعت عني و عنكم خلة الأحباب
بيان الجنادل الأحجار و التراب الموافق في السن. و في شرح الديوان روي أن الأبيات الأخيرة سمعت من هاتف
49- مصباح الأنوار، عن أبي جعفر ع قال إن فاطمة بنت رسول الله ص مكثت بعد رسول الله ص ستين يوما ثم مرضت فاشتدت عليها فكان من دعائها في شكواها يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث فأغثني اللهم زحزحني عن النار و أدخلني الجنة و ألحقني بأبي محمد ص فكان أمير المؤمنين ع يقول لها يعافيك الله و يبقيك فتقول يا أبا الحسن ما أسرع اللحاق بالله و أوصت بصدقتها و متاع البيت و أوصته أن يتزوج أمامة بنت أبي العاص و قالت بنت أختي و تحنن على ولدي قال و دفنها ليلا
و عن ابن عباس قال رأت فاطمة في منامها النبي ص قالت فشكوت إليه ما نالنا من بعده قالت فقال لي رسول الله ص لكم الآخرة التي أعدت للمتقين و إنك قادمة علي عن قريب
و عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال لما حضرت فاطمة الوفاة بكت فقال لها أمير المؤمنين يا سيدتي ما يبكيك قالت أبكي لما تلقى بعدي فقال لها لا تبكي فو الله إن ذلك لصغير عندي في ذات الله قال و أوصته أن لا يؤذن بها الشيخين ففعل
50- كتاب الدلائل للطبري، عن أبي إسحاق الباقرجي عن فلايجة عن أبي عبد الله عن أبي أحمد عن محمد بن بغدان عن محمد بن الصلت عن عبد الله بن سعيد عن أبي جريح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن فاطمة ع أنها أوصت لأزواج النبي ص لكل واحدة منهن باثنتي عشرة أوقية و لنساء بني هاشم مثل ذلك و أوصت لأمامة بنت أبي العاص بشيء
و بإسناد آخر عن عبد الله بن حسن عن زيد بن علي أن فاطمة ع تصدقت بمالها على بني هاشم و بني عبد المطلب و أن عليا ع تصدق عليهم و أدخل معهم غيرهم