1- ل، ]الخصال[ الحسن بن محمد بن يحيى العلوي عن جده عن داود عن عيسى بن عبد الرحمن بن صالح عن أبي مالك الجهني عن عمر بن بشير قال قلت لأبي إسحاق متى ذل الناس قال حين قتل الحسين ع و ادعى زياد و قتل حجر بن عدي
2- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن البزنطي قال قال الرضا ع يا أحمد إن أمير المؤمنين أتى صعصعة بن صوحان يعوده في مرضه فافتخر على الناس بذلك فلا تذهبن نفسك إلى الفخر و تذلل لله عز و جل
و سيأتي الخبر بتمامه في باب معجزات الرضا ع
3- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الجعابي عن ابن عقدة عن أحمد بن عبد الحميد عن محمد بن عمرو بن عتبة عن الحسن بن مبارك عن العباس بن عامر عن مالك الأحمسي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال كنت أركع عند باب أمير المؤمنين ع و أنا أدعو الله إذ خرج أمير المؤمنين ع فقال يا أصبغ قلت لبيك قال أي شيء كنت تصنع قلت ركعت و أنا أدعو قال أ فلا أعلمك دعاء سمعته من رسول الله ص قلت بلى قال قل الحمد لله على ما كان و الحمد لله على كل حال ثم ضرب بيده اليمنى على منكبي الأيسر و قال يا أصبغ لئن ثبتت قدمك و تمت ولايتك و انبسطت يدك فالله أرحم بك من نفسك
4- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن عمر بن محمد الزيات عن علي بن العباس عن أحمد بن منصور عن عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمار الدهني قال سمعت أبا الطفيل يقول جاء المسيب بن نجية إلى أمير المؤمنين ع متلببا بعبد الله بن سبإ فقال له أمير المؤمنين ع ما شأنك فقال يكذب على الله و على رسوله فقال ما يقول قال فلم أسمع مقالة المسيب و سمعت أمير المؤمنين ع يقول هيهات هيهات الغضب و لكن يأتيكم راكب الدغيلة يشد حقوها بوضينها لم يقض تفثا من حج و لا عمرة فيقتلوه يريد بذلك الحسين بن علي ع
5- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن الصلت عن ابن عقدة عن عباد عن عمه عن أبيه عن مطرف عن الشعبي عن صعصعة بن صوحان قال عادني أمير المؤمنين ع في مرض ثم قال انظر فلا تجعلن عيادتي إياك فخرا على قومك الخبر
ب، ]قرب الإسناد[ ابن عيسى و ابن أبي الخطاب عن البزنطي عن الرضا ع مثله
6- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن الكميداني عن ابن عيسى عن ابن أبي نجران عن جعفر بن محمد الكوفي عن عبيد السمين عن ابن طريف عن ابن نباتة قال بينا أمير المؤمنين ع يخطب الناس و هو يقول سلوني قبل أن تفقدوني فو الله لا تسألوني عن شيء مضى و لا عن شيء يكون إلا نبأتكم به فقام إليه سعد بن أبي وقاص فقال يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي و لحيتي من شعرة فقال له أما و الله لقد سألتني عن مسألة حدثني خليلي رسول الله ص أنك ستسألني عنها و ما في رأسك و لحيتك من شعرة إلا و في أصلها شيطان جالس و إن في بيتك لسخلا يقتل الحسين ابني و عمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه
7- شا، ]الإرشاد[ يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال بذي قار و هو جالس لأخذ البيعة يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلا و لا ينقصون رجلا يبايعوني على الموت قال ابن عباس فجزعت لذلك و خفت أن ينقص القوم من العدد أو يزيدوا عليه فيفسد الأمر علينا و إني أحصي القوم فاستوفيت عددهم تسعمائة رجل و تسعة و تسعين رجلا ثم انقطع مجيء القوم فقلت إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ما ذا حمله على ما قال فبينما أنا مفكر في ذلك إذ رأيت شخصا قد أقبل حتى دنا و هو رجل عليه قباء صوف و معه سيف و ترس و إداوة فقرب من أمير المؤمنين ع فقال امدد يديك لأبايعك قال علي ع و على ما تبايعني قال على السمع و الطاعة و القتال بين يديك حتى أموت أو يفتح الله عليك فقال ما اسمك فقال أويس قال أنت أويس القرني قال نعم قال الله أكبر فإنه أخبرني حبيبي رسول الله ص أني أدرك رجلا من أمته يقال له أويس القرني يكون من حزب الله و رسوله يموت على الشهادة يدخل في شفاعته مثل ربيعة و مضر قال ابن عباس فسري عنا
8- يج، ]الخرائج و الجرائح[ من معجزاته ع أنه لما بلغه ما صنع بشر بن أرطاة باليمن قال ع اللهم إن بشرا باع دينه بالدنيا فاسلبه عقله فبقي بشر حتى اختلط فاتخذ له سيف من خشب يلعب به حتى مات و منها قوله ع لجويرية بن مسهر لتعتلن إلى العتل الزنيم و ليقطعن يدك و رجلك ثم ليصلبنك ثم مضى دهر حتى ولي زياد في أيام معاوية فقطع يده و رجله ثم صلبه
9- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روى طلحة بن عميرة قال نشد علي ع الناس في قول النبي ص من كنت مولاه فعلي مولاه فشهد اثنا عشر رجلا من الأنصار و أنس بن مالك حاضر لم يشهد فقال علي ع يا أنس ما منعك أن تشهد و قد سمعت ما سمعوا قال كبرت و نسيت فقال له ع اللهم إن كان كاذبا فاضربه ببياض أو بوضح لا تواريه العمامة قال أبو عميرة فأشهد بالله لقد رأيته بيضاء بين عينيه
10- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن زيد بن أرقم قال نشد علي ع الناس في المسجد فقال أنشد رجلا سمع من النبي ص يقول من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه فقام اثنا عشر بدريا ستة من الجانب الأيمن و ستة من الجانب الأيسر فشهدوا بذلك قال زيد و كنت فيمن سمع ذلك فكتمته فذهب الله ببصري و كان يتندم على ما فاته من الشهادة و يستغفر
11- شا، ]الإرشاد[ روى العلماء أن جويرية بن مسهر وقف على باب القصر فقال أين أمير المؤمنين فقيل له نائم فنادى أيها النائم استيقظ فو الذي نفسي بيده لتضربن ضربة على رأسك تخضب منها لحيتك كما أخبرتنا بذلك من قبل فسمعه أمير المؤمنين ع فنادى أقبل يا جويرية حتى أحدثك بحديثك فأقبل فقال أنت و الذي نفسي بيده لتعتلن إلى العتل الزنيم و ليقطعن يدك و رجلك ثم لتصلبن تحت جذع كافر فمضى على ذلك الدهر حتى ولي زياد في أيام معاوية فقطع يده و رجله ثم صلبه إلى جذع ابن معكبر و كان جذعا طويلا فكان تحته
12- شا، ]الإرشاد[ روى جرير عن المغيرة قال لما ولي الحجاج طلب كميل بن زياد فهرب منه فحرم قومه عطاهم فلما رأى كميل ذلك قال أنا شيخ كبير و قد نفد عمري لا ينبغي أن أحرم قومي عطاهم فخرج فدفع بيده إلى الحجاج فلما رآه قال له لقد كنت أحب أن أجد عليك سبيلا فقال له كميل لا تصرف علي أنيابك و لا تهدم علي فو الله ما بقي من عمري إلا مثل كواهل الغبار فاقض ما أنت قاض فإن الموعد لله و بعد القتل الحساب و لقد خبرني أمير المؤمنين ع أنك قاتلي فقال له حجاج الحجة عليك إذا فقال له كميل ذاك إذا كان القضاء إليك قال بلى قد كنت فيمن قتل عثمان بن عفان اضربوا عنقه فضربت عنقه
بيان الصريف صوت ناب البعير و تهدم عليه غضبا توعده و كواهل الغبار أوائله شبه عمره في سرعة انقضائه بالغبار و بقيته بأوائله فإن مقدم الغبار يحدث بعد مؤخره و يسكن بعده أو شبه بقية العمر في سرعة انقضائه بأول ما يحدث من الغبار فإنه يسكن قبل ما يحدث آخرا و الأول أبلغ و أكمل
13- شي، ]تفسير العياشي[ عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن رجل من الأنصار قال خرجت أنا و الأشعث الكندي و جرير البجلي حتى إذا كنا بظهر كوفة بالفرس مر بنا ضب فقال الأشعث و جرير السلام عليك يا أمير المؤمنين خلافا على علي بن أبي طالب ع فلما خرج الأنصاري قال لعلي ع فقال علي ع دعهما فهو أمامهما يوم القيامة أ ما تسمع إلى الله و هو يقول نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى
14- شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن أبي جعفر ع قال جاء رجل إلى أبي فقال ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت و فيمن نزلت قال فسله فيمن نزلت وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا و فيمن نزلت وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ و فيمن نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا فأتاه الرجل فغضب و قال وددت أن الذي أمر بهذا واجهني فأسائله و لكن سله ما العرش و متى خلق و كيف هو فانصرف الرجل إلى أبي فقال ما قال فقال و هل أجابك في الآيات قال لا قال لكني أجيبك فيها بنور و علم غير المدعي و لا المنتحل أما الأوليان فنزلتا فيه و في أبيه و أما الأخرى فنزلت في أبي و فينا و لم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد و سيكون من نسلنا المرابط و من نسله المرابط
15- كش، ]رجال الكشي[ جعفر بن معروف عن ابن يزيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر ع مثله و زاد في آخره بعد الجواب عن سؤال العرش على ما سيأتي أما إن في صلبه وديعة لقد ذرئت لنار جهنم سيخرجون أقواما من دين الله أفواجا كما دخلوا فيه و ستصبغ الأرض من دماء الفراخ من فراخ آل محمد ص تنهض تلك الفراخ في غير وقت و تطلب غير ما تدرك و يرابط الذين آمنوا و يصبرون لما يرون حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ
16- كش، ]رجال الكشي[ نصر بن الصباح عن ابن عيسى عن الأهوازي عن إسماعيل بن بزيع عن أبي الجارود قال قلت للأصبغ بن نباتة ما كان منزلة هذا الرجل فيكم قال ما أدري ما تقول إلا أن سيوفنا كانت على عواتقنا فمن أومأ إلينا ضربناه بها و كان يقول لنا تشرطوا فو الله ما اشتراطكم لذهب و لا فضة و ما اشتراطكم إلا للموت إن قوما من قبلكم من بني إسرائيل تشارطوا بينهم فما مات أحد منهم حتى كان نبي قومه أو نبي قريته أو نبي نفسه و إنكم لبمنزلتهم غير أنكم لستم بأنبياء
بيان قال الجزري شرط السلطان نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده و في حديث ابن مسعود و تشرط شرطة للموت لا يرجعون إلا غالبين الشرطة أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة و قال الفيروزآبادي الشرطة بالضم هم أول كتيبة تشهد الحرب و تتهيأ للموت و طائفة من أعوان الولاة سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها
17- كش، ]رجال الكشي[ محمد بن مسعود العياشي و أبو عمرو بن عبد العزيز قالا حدثنا محمد بن نصير عن محمد بن عيسى عن أبي الحسن الغزالي عن غياث الهمداني عن بشر بن عمرو الهمداني قال مر بنا أمير المؤمنين ع فقال البثوا في هذه الشرطة فو الله لا تلي بعدهم إلا شرطة النار إلا من عمل بمثل أعمالهم
18- كش، ]رجال الكشي[ روي عن أمير المؤمنين ع أنه قال لعبد الله بن يحيى الحضرمي يوم الجمل أبشر ابن يحيى فإنك و أبوك من شرطة الخميس حقا لقد أخبرني رسول الله ص باسمك و اسم أبيك في شرطة الخميس و الله سماكم شرطة الخميس على لسان نبيه ص و ذكر أن شرطة الخميس كانوا ستة آلاف رجل أو خمسة آلاف
بيان الخميس الجيش سمي به لأنه مقسوم بخمسة أقسام المقدمة و الساقة و الميمنة و الميسرة و القلب
19- كش، ]رجال الكشي[ ذكر هشام عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر ع قال كان علي بن أبي طالب ع عندكم بالعراق يقاتل عدوه و معه أصحابه و ما كان فيهم خمسون رجلا يعرفونه حق معرفته و حق معرفة إمامته
20- كش، ]رجال الكشي[ حمدويه و إبراهيم معا عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد عن سلام بن سعيد عن عبد الله بن عبد ياليل عن رجل من أهل الطائف قال أتينا ابن عباس رحمة الله عليهما نعوده في مرضه الذي مات فيه قال فأغمي عليه في البيت فأخرج إلى صحن الدار قال فأفاق فقال إن خليلي رسول الله ص قال إني سأهجر هجرتين و إني سأخرج من هجرتي فهاجرت هجرة مع رسول الله ص و هجرة مع علي ع و إني سأعمى فعميت و إني سأغرق فأصابني حكة فطرحني أهلي في البحر فغفلوا عني فغرقت ثم استخرجوني بعد و أمرني أن أبرأ من خمسة من الناكثين و هم أصحاب الجمل و من القاسطين و هم أصحاب الشام و من الخوارج و هم أهل النهروان و من القدرية و هم الذين ضاهوا النصارى في دينهم فقالوا لا قدر و من المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا الله أعلم قال ثم قال اللهم إني أحيا على ما حي عليه علي بن أبي طالب ع و أموت على ما مات عليه علي بن أبي طالب ع قال ثم مات فغسل و كفن ثم صلي على سريره قال فجاء طائران أبيضان فدخلا في كفنه فرأى الناس أنما هو فقهه فدفن
21- كش، ]رجال الكشي[ علي بن زياد الصائع عن عبد العزيز بن محمد عن خلف المخزومي عن سفيان بن سعيد عن الزهري قال سمعت الحارث يقول استعمل علي ع على البصرة عبد الله بن عباس فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة و لحق بمكة و ترك عليا و كان مبلغه ألفي ألف درهم فصعد علي ع المنبر حين بلغه ذلك فبكى فقال هذا ابن عم رسول الله ص في عمله و قدره يفعل مثل هذا فكيف يؤمن من كان دونه اللهم إني قد مللتهم فأرحني منهم و اقبضني إليك غير عاجز و لا ملول
قال الكشي شيخ من اليمامة يذكر عن معلى بن هلال عن الشعبي قال لما احتمل عبد الله بن عباس بيت مال البصرة و ذهب به إلى الحجاز كتب إليه علي بن أبي طالب ع من عبد الله علي بن أبي طالب إلى عبد الله بن عباس أما بعد فإني قد كنت أشركتك في أمانتي و لم يكن أحد من أهل بيتي في نفسي أوثق منك لمواساتي و مؤازرتي و أداء الأمانة إلي فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب و العدو عليه قد حرب و أمانة الناس قد عزت و هذه الأمور قد فشت قلبت لابن عمك ظهر المجن و فارقته مع المفارقين و خذلته أسوأ خذلان الخاذلين فكأنك لم تكن تريد الله بجهادك و كأنك لم تكن على بينة من ربك و كأنك إنما كنت تكيد أمة محمد ص على دنياهم و تنوي غرتهم فلما أمكنتك الشدة في خيانة أمة محمد ص أسرعت الوثبة و عجلت العدوة فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة كأنك لا أبا لك إنما جررت إلى أهلك تراثك من أبيك و أمك سبحان الله أ ما تؤمن بالمعاد أو ما تخاف من سوء الحساب أو ما يكبر عليك أن تشتري الإماء و تنكح النساء بأموال الأرامل و المهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد اردد إلى القوم أموالهم فو الله لئن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن الله فيك و الله فو الله لو أن حسنا و حسينا فعلا مثل الذي فعلت لما كان لهما عندي في ذلك هوادة و لا لواحد منهما عندي فيه رخصة حتى آخذ الحق و أزيح الجور عن مظلومها و السلام قال فكتب إليه عبد الله بن عباس أما بعد فقد أتاني كتابك تعظم علي إصابة المال الذي أخذته من بيت مال البصرة و لعمري إن لي في بيت مال الله أكثر مما أخذت و السلام قال فكتب إليه علي بن أبي طالب ع أما بعد فالعجب كل العجب من تزيين نفسك أن لك في بيت مال الله أكثر من مال رجل من المسلمين فقد أفلحت إن كان تمنيك الباطل و ادعاؤك ما لا يكون ينجيك من الإثم و يحل لك ما حرم الله عليك عمرك الله إنك لأنت العبد المهتدي إذن فقد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا و ضربت بها عطنا تشتري مولدات مكة و الطائف تختارهن على عينيك و تعطي فيهن مال غيرك و إني لأقسم بالله ربي و ربك رب العزة ما يسرني أن ما أخذت من أموالهم لي حلال أدعه لعقبي ميراثا فلا غرور أشد باغتباطك تأكله رويدا رويدا فكأن قدن بلغت المدى و عرضت على ربك المحل الذي يتمنى الرجعة المضيع للتوبة لذلك و ما ذلك و لات حين مناص و السلام قال فكتب إليه عبد الله بن عباس أما بعد فقد أكثرت علي فو الله لئن ألقى الله بجميع ما في الأرض من ذهبها و عقيانها أحب إلي من أن ألقى الله بدم رجل مسلم
22- يل، ]الفضائل لابن شاذان[ فض، ]كتاب الروضة[ روي عن رسول الله ص أنه كان يقول تفوح روائح الجنة من قبل قرن وا شوقاه إليك يا أويس القرني ألا و من لقيه فليقرئه مني السلام فقيل يا رسول الله و من أويس القرني فقال ص إن غاب عنكم لم تفتقدوه و إن ظهر لكم لم تكترثوا به يدخل الجنة في شفاعته مثل ربيعة و مضر يؤمن بي و لا يراني و يقتل بين يدي خليفتي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع في صفين
23- يل، ]الفضائل لابن شاذان[ فض، ]كتاب الروضة[ بالإسناد يرفعه إلى سليم بن قيس أنه قال لقيت سعد بن أبي وقاص فقلت إني سمعت عليا ع يقول سمعت رسول الله ص يقول اتقوا فتنة الأخنس اتقوا فتنة سعد فإنه يدعو إلى خذلان الحق و أهله فقال سعد اللهم إني أعوذ بك أن أبغض عليا أو يبغضني أو أقاتل عليا أو يقاتلني أو أعادي عليا أو يعاديني إن عليا كان له خصال لم يكن لأحد من الناس مثلها إنه صاحب براءة حتى قال رسول الله ص لا يبلغ عني إلا رجل مني و قال له يوم تبوك أنت وصيي أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة و يوم أمر بسد الأبواب إلى المسجد و لم يبق غير بابه فسأل عمر أن يجعل له روزنة صغيرة قدر عينيه فأبى رسول الله قال فعند ذلك قال سددت أبوابنا و تركت باب علي فقال ما سددتها لكم أنا و لا فتحت بابه و لكن الله سدها و فتح بابه و يوم آخى رسول الله بين الصحابة كل رجل مع صاحبه و بقي هو فآخاه من نفسه و قال له أنت أخي و أنا أخوك في الدنيا و الآخرة و يوم خيبر حين انهزم أبو بكر و عمر فغضب رسول الله ص و قال ما بال قوم يلقون المشركين ثم يفرون لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله كرار غير فرار يفتح الله على يديه فلما كان من الغد قال رسول الله ص علي بعلي فجاءه أرمد العين فوضع كريمه في حجره و تفل في عينيه و عقد له راية و دعا له فما انثنى حتى فتح خيبرا و أتاه بصفية بنت حيي بن أخطب فأعتقها رسول الله ص ثم تزوجها و جعل عتقها صداقها و أعظم من ذلك يوم غدير خم أخذ رسول الله ص بيده و قال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب و الحر العبد
24- ضه، ]روضة الواعظين[ قال النبي ص ذات يوم لأصحابه أبشروا برجل من أمتي يقال له أويس القرني فإنه يشفع بمثل ربيعة و مضر ثم قال لعمر يا عمر إن أدركته فأقرئه مني السلام فبلغ عمر مكانه بالكوفة فجعل يطلبه في الموسم لعله أن يحج حتى وقع إليه هو و أصحابه و هو من أحسنهم هيئة و أرثهم حالا فلما سأل عنه أنكروا ذلك و قالوا يا أمير المؤمنين تسأل عن رجل لا يسأل عنه مثلك قال فلم قالوا لأنه عندنا مغمور في عقله و ربما عبث به الصبيان قال عمر ذلك أحب إلي ثم وقف عليه فقال يا أويس إن رسول الله ص أودعني إليك رسالة و هو يقرأ عليك السلام و قد أخبرني أنك تشفع بمثل ربيعة و مضر فخر أويس ساجدا و مكث طويلا ما ترقى له دمعه حتى ظنوا أنه مات و نادوه يا أويس هذا أمير المؤمنين فرفع رأسه ثم قال يا أمير المؤمنين أ فاعل ذلك قال نعم يا أويس فأدخلني في شفاعتك فأخذ الناس في طلبه و التمسح به فقال يا أمير المؤمنين شهرتني و أهلكتني و كان يقول كثيرا ما لقيت من عمر ثم قتل بصفين في الرجالة مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع
25- نبه، ]تنبيه الخاطر[ حكي أن مالك بن الأشتر رضي الله عنه كان مجتازا بسوق و عليه قميص خام و عمامة منه فرآه بعض السوقة فأزرى بزيه فرماه ببابه تهاونا به فمضى و لم يلتفت فقيل له ويلك تعرف لمن رميت فقال لا فقيل له هذا مالك صاحب أمير المؤمنين ع فارتعد الرجل و مضى ليعتذر إليه و قد دخل مسجدا و هو قائم يصلي فلما انفتل انكب الرجل على قدميه يقبلهما فقال ما هذا الأمر فقال أعتذر إليك مما صنعت فقال لا بأس عليك فو الله ما دخلت المسجد إلا لأستغفرن لك
26- نبه، ]تنبيه الخاطر[ الأحنف شكوت إلى عمي صعصعة وجعا في بطني فنهرني ثم قال يا ابن أخي إذا نزل بك شيء فلا تشكه إلى أحد فإن الناس رجلان صديق تسوؤه و عدو تسره و الذي بك لا تشكه إلى مخلوق مثلك لا يقدر على دفع مثله عن نفسه و لكن إلى من ابتلاك به فهو قادر أن يفرج عنك يا ابن أخي إحدى عيني هاتين ما أبصر بها سهلا و لا جبلا منذ أربعين سنة و ما اطلع على ذلك امرأتي و لا أحد من أهلي
-27 كا، ]الكافي[ محمد بن أبي عبد الله و محمد بن الحسن عن سهل و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن الحسن بن العباس عن أبي جعفر الثاني ع قال قال أبو عبد الله ع بينا أبي جالس ع و عنده نفر إذا استضحك حتى اغرورقت عيناه دموعا ثم قال هل تدرون ما أضحكني قال فقالوا لا قال زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فقلت هل رأيت الملائكة يا ابن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا و الآخرة مع الأمن من الخوف و الحزن قال فقال إن الله تبارك و تعالى يقول إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ و قد دخل في هذا جميع الأمة فاستضحكت ثم قلت صدقت يا ابن عباس أنشدك الله هل في حكم الله جل ذكره اختلاف قال فقال لا فقلت ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت ثم ذهب و أتى رجل آخر فأطار كفه فأتي به إليك و أنت قاض كيف أنت صانع به قال أقول لهذا القاطع أعطه دية كفه و أقول لهذا المقطوع صالحه على ما شئت و ابعث به إلى ذوي عدل قلت جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره و نقضت القول الأول أبى الله عز ذكره أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود فليس تفسيره في الأرض اقطع قاطع الكف أصلا ثم أعطه دية الأصابع هكذا حكم الله ليلة ينزل فيها أمره إن جحدتها بعد ما سمعت من رسول الله ص فأدخلك الله النار كما أعمى بصرك يوم جحدتها علي بن أبي طالب ع قال فلذلك عمي بصري قال و ما علمك بذلك فو الله إن عمي بصري إلا من صفقة جناح الملك قال فاستضحكت ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله ثم لقيته فقلت يا ابن عباس ما تكلمت بصدق مثل أمس قال لك علي بن أبي طالب ع إن ليلة القدر في كل سنة و إنه ينزل في تلك الليلة أمر تلك السنة و إن لذلك الأمر ولاة بعد رسول الله ص فقلت من هم فقال أنا و أحد عشر من صلبي أئمة محدثون فقلت لا أراها كانت إلا مع رسول الله فتبدى لك الملك الذي يحدثه فقال كذبت يا عبد الله رأت عيناي الذي حدثك به علي و لم تره عيناه و لكن وعى قلبه و وقر في سمعه ثم صفقك بجناحيه فعميت قال فقال ابن عباس ما اختلفنا في شيء فحكمه إلى الله فقلت له فهل حكم الله في حكم من حكمه بأمرين قال لا فقلت هاهنا هلكت و أهلكت
28- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال كبر رسول الله ص على حمزة سبعين تكبيرة و كبر علي ع عندكم على سهل بن حنيف خمسا و عشرين تكبيرة قال كبر خمسا خمسا كلما أدركه الناس قالوا يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل فيضعه فيكبر عليه خمسا حتى انتهى إلى قبره خمس مرات
29- كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد رفعه قال جاء أمير المؤمنين ع إلى الأشعث بن قيس يعزيه بأخ له يقال له عبد الرحمن فقال له أمير المؤمنين إن جزعت فحق الرحم أتيت و إن صبرت فحق الله أديت على أنك إن صبرت جرى عليك القضاء و أنت ممدوح و إن جزعت جرى عليك القضاء و أنت مذموم فقال له الأشعث إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فقال أمير المؤمنين ع أ تدري ما تأويلها فقال له الأشعث أنت غاية العلم و منتهاه فقال أما قولك إِنَّا لِلَّهِ فإقرار منك بالملك و أما قولك وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فإقرار منك بالهلاك
30- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن مرازم بن حكيم عمن رفعه إليه قال إن حارث الأعور أتى أمير المؤمنين ع فقال يا أمير المؤمنين أحب أن تكرمني بأن تأكل عندي فقال له أمير المؤمنين ع على أن لا تتكلف لي شيئا و دخل فأتاه الحارث بكسرة فجعل أمير المؤمنين ع يأكل فقال له الحارث إن معي دراهم و أظهرها و إذا هي في كمه فإن أذنت لي اشتريت لك فقال له أمير المؤمنين ع هذه مما في بيتك
31- كا، ]الكافي[ أحمد بن محمد العاصمي عن محمد بن أحمد النهدي عن محمد بن علي عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله ع قال أتت الموالي أمير المؤمنين ع فقالوا نشكو إليك هؤلاء العرب أن رسول الله ص كان يعطينا معهم العطايا بالسوية و زوج سلمان و بلال و صهيب و أبوا علينا هؤلاء و قالوا لا نفعل فذهب إليهم أمير المؤمنين ع فكلمهم فيهم فصاح الأعاريب أبينا ذلك يا أبا الحسن أبينا ذلك فخرج و هو مغضب يجر رداءه و هو يقول يا معشر الموالي إن هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود و النصارى يتزوجون إليكم و لا يزوجونكم و لا يعطونكم مثل ما يأخذون فاتجروا بارك الله لكم فإني سمعت رسول الله ص يقول الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التجارة و واحد في غيرها
32- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال أتى قوم أمير المؤمنين ع فقالوا السلام عليك يا ربنا فاستتابهم فلم يتوبوا فحفر لهم حفيرة و أوقد فيها نارا و حفر حفيرة إلى جانبها أخرى و أفضى بينهما فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة و أوقد في الحفيرة الأخرى حتى ماتوا
33- ختص، ]الإختصاص[ أحمد و عبد الله ابنا محمد بن عيسى و ابن أبي الخطاب جميعا عن ابن محبوب عن الثمالي عن سويد بن غفلة قال كنت أنا عند أمير المؤمنين ع إذ أتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين جئتك من وادي القرى و قد مات خالد بن عرفطة فقال أمير المؤمنين ع لم يمت فأعاد عليه الرجل فقال له لم يمت و أعرض بوجهه عنه فأعاد عليه الثالثة فقال سبحان الله أخبرك أنه قد مات و تقول لم يمت فقال علي ع و الذي نفسي بيده لا يموت حتى يقود جيش ضلالة يحمل رايته حبيب بن جماز قال فسمع حبيب فأتى أمير المؤمنين ع فقال له أنشدك الله في فإني لك شيعة و قد ذكرتني بأمر لا و الله لا أعرفه من نفسي فقال له علي ع و من أنت قال أنا حبيب بن جماز فقال له علي ع إن كنت حبيب بن جماز فلا يحملها غيرك أو فلتحملنها فولى عنه حبيب و أقبل أمير المؤمنين ع يقول إن كنت حبيبا لتحملنها قال أبو حمزة فو الله ما مات خالد بن عرفطة حتى بعث عمر بن سعد إلى الحسين ع و جعل خالد بن عرفطة على مقدمته و حبيب بن جماز صاحب رايته
قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة روى أنس بن عياض المدني قال حدثني جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده ع أن عليا ع كان يوما يؤم الناس و هو يجهر بالقراءة فجهر ابن الكواء من خلفه وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ فلما جهر ابن الكواء من خلفه بها سكت علي ع فلما أنهاها ابن الكواء عاد علي ع ليتم قراءته فلما شرع علي ع في القراءة أعاد ابن الكواء الجهر بتلك فسكت علي ع فلم يزالا كذلك يسكت هذا و يقرأ ذاك مرارا حتى قرأ علي ع فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ فسكت ابن الكواء و عاد علي ع إلى قراءته
و قال في موضع آخر أم محمد بن أبي بكر أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبي طالب و هاجرت معه إلى الحبشة فولدت له هناك عبد الله بن جعفر الجواد ثم قتل عنها يوم مؤتة فخلف عليها أبو بكر فأولدها محمدا ثم مات عنها فخلف عليها علي بن أبي طالب ع و كان محمد ربيبه و خريجه و جاريا عنده مجرى أولاده و رضيع الولاء و التشيع مذ زمن الصبا فنشأ عليه فلم يمكن يعرف أبا غير علي ع و لا يعتقد لأحد فضيلة غيره حتى قال ع محمد ابني من صلب أبي بكر و كان يكنى أبا القاسم في قول ابن قتيبة و قال غيره بل كان يكنى أبا عبد الرحمن و كان من نساك قريش و كان ممن أعان في يوم الدار و اختلف هل باشر قتل عثمان أو لا و من ولد محمد القاسم بن محمد بن أبي بكر فقيه أهل الحجاز و فاضلها و من ولد القاسم عبد الرحمن من فضلاء قريش و يكنى أبا محمد و من ولد القاسم أيضا أم فروة تزوجها الباقر أبو جعفر محمد بن علي صلوات الله عليهما. أقول قد أوردت قصة شهادته و فضائله في كتاب الفتن. و قال ابن عبد البر في كتاب الإستيعاب ولد محمد بن أبي بكر في عام حجة الوداع فسمته عائشة محمدا و كنته بعد ذلك أبا القاسم لما ولد له ولد سماه القاسم و لم تكن الصحابة ترى بذلك بأسا ثم كان في حجر علي ع و قتل بمصر و كان علي ع يثني عليه و يقرظه و يفضله و كان لمحمد رحمه الله عبادة و اجتهاد و كان ممن حصر عثمان و دخل عليه فقال له لو رآك أبوك لم يسره هذا المقام منك فخرج و تركه فدخل عليه بعده من قتله قال و يقال أنه أشار إلى من كان معه فقتلوه. و قال ابن أبي الحديد في وصف كميل هو كميل بن زياد بن نهيك بن هيثم بن سعد بن مالك بن حرب من صحابة علي ع و شيعته و خاصته و قتله الحجاج على المذهب فيمن قتل من الشيعة و كان كميل عامل علي ع على هيت و كان ضعيفا يمر عليه سرايا معاوية ينهب أطراف العراق فلا يردها و يحاول أن يجبر ما عنده من الضعف بأن يغير على أطراف أعمال معاوية مثل قرقيسياء و ما يجري مجراها من القرى التي على الفرات فأنكر أمير المؤمنين ع ذلك من فعله و قال إن من العجز الحاضر أن يهمل العامل ما وليه و يتكلف ما ليس من تكليفه. و قال روى المدائني قال بينا معاوية يوما جالسا و عنده عمرو بن العاص إذ قال الآذن قد جاء عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقال عمرو و الله لأسوءنه اليوم فقال معاوية لا تفعل يا با عبد الله فإنك لا تنصف منه و لعلك أن تظهر لنا من مغبته ما هو خفي عنا و ما لا يجب أن نعلمه منه و غشيهم عبد الله بن جعفر فأدناه معاوية و قربه فمال عمرو إلى بعض جلساء معاوية فنال من علي ع جهارا غير ساتر له و ثلبه ثلبا قبيحا فالتمع لون عبد الله بن جعفر و اعتراه أفكل حتى أرعدت خصائله ثم نزل عن السرير كالفنيق فقال له عمرو مه يا با جعفر فقال له عبد الله مه لا أم لك ثم قال
أظن الحلم ذل علي قومي و قد يتجهل الرجل الحليم
. ثم حسر عن ذراعيه و قال يا معاوية حتام نتجرع غيظك و إلى كم الصبر على مكروه قولك و سيئ أدبك و ذميم أخلاقك هبلتك الهبول و أ ما يزجرك ذمام المجالسة عن القدع لجليسك إذا لم يكن له حرمة من دينك ينهاك عما لا يجوز لك أما و الله لو عطفتك أواصر الأحلام أو حاميت على سهمك من الإسلام ما أرعيت بني الإماء المتك و العبيد السك أعراض قومك و ما يجهل موضع الصفوة إلا أهل الجزة و إنك لتعرف في رشاء قريش صفوة غرائرها فلا يدعونك تصويب ما فرط من خطائك في سفك دماء المسلمين و محاربة أمير المؤمنين ع إلى التمادي فيما قد وضح لك الصواب في خلافه فاقصد لمنهج الحق فقد طال عماك عن سبيل الرشد و خبطك في بحور ظلمة الغي فإن أبيت أن لا تتابعا في قبح اختيارك لنفسك فاعفنا عن سوء القالة فينا إذا ضمنا و إياك الندي و شأنك و ما تريد إذا خلوت و الله حسيبك فو الله لو لا ما جعل الله لنا في يديك لما آتيناك ثم قال إنك إن كلفتني ما لم أطق ساءك ما سرك مني خلق. فقال معاوية أبا جعفر لغير الخطاء أقسمت عليك لتجلس لعن الله من أخرج ضب صدرك من وجاره محمول لك ما قلت و لك عندنا ما أملت فلو لم يكن مجدك و منصبك لكان خلقك و خلقك شافعين لك إلينا و أنت ابن ذي الجناحين و سيد بني هاشم فقال عبد الله كلا بل سيد بني هاشم حسن و حسين لا ينازعهما في ذلك أحد فقال أبا جعفر أقسمت عليك ما ذكرت حاجة لك إلا قضيتها كائنة ما كانت و لو ذهب بجميع ما أملك فقال أما في هذا المجلس فلا ثم انصرف فأتبعه معاوية بصرة و قال و الله لكأنه رسول الله مشيه و خلقه و خلقه و إنه لمن مشكاته و لوددت أنه أخي بنفيس ما أملك ثم التفت إلى عمرو فقال أبا عبد الله ما تراه منعه من الكلام معك قال ما لا خفاء به عنك قال أظنك تقول إنه هاب جوابك لا و الله و لكنه ازدراك و استحقرك و لم يرك للكلام أهلا ما رأيت إقباله علي دونك ذاهبا نفسه عنك فقال عمرو فهل لك أن تسمع ما أعددته لجوابه قال معاوية اذهب إليك أبا عبد الله فلا حين جواب سائر اليوم و نهض معاوية و تفرق الناس. و روى المدائني أيضا قال وفد عبد الله بن عباس على معاوية مرة فقال معاوية لابنه يزيد و لزياد ابن سمية و عتبة بن أبي سفيان و مروان بن الحكم و عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و سعيد بن العاص و عبد الرحمن ابن أم الحكم إنه قد طال العهد لعبد الله بن عباس و ما كان شجر بيننا و بينه و بين ابن عمه و لقد كان نصبه للتحكيم فدفع عنه فحركوه على الكلام لنبلغ حقيقة صفته و نقف على كنه معرفته و نعرف ما صرف عنا من شبا حده و زوى عنا من دهاء رأيه فربما وصف المرء بغير ما هو فيه و أعطي من النعت و الاسم ما لا يستحقه ثم أرسل إلى عبد الله بن عباس فلما دخل و استقر به المجلس ابتدأه ابن أبي سفيان فقال يا ابن عباس ما منع عليا أن يوجه بك حكما فقال أما و الله لو فعل لقرن عمرا بصعبة من الإبل يوجع كتفيه مراسها و لأذهلت عقله و أجرضته بريقه و قدحت في سويداء قلبه فلم يبرم أمرا و لم ينقض رأيا إلا كنت منه بمرأى و مسمع فإن نكبة أدمت قواه و إن أدمة قصمت عراه بعضب مصقول لا يفل حده و أصالة رأي كمناخ الأجل لا ورز منه أصدع به أديمه و أفل به شبا حده و أستجد به عزائم المتقين و أزيح به شبه الشاكين. فقال عمرو بن العاص هذا و الله يا أمير المؤمنين نجوم أول الشر و أفول آخر الخير و في حسمه قطع مادته فبادره بالجملة و انتهز منه الفرصة و اردع
بالتنكيل به غيره و شرد به من خلفه فقال ابن عباس يا ابن النابغة ضل و الله عقلك و سفه حلمك و نطق الشيطان على لسانك هلا توليت ذلك بنفسك يوم صفين حين دعيت إلى النزال و تكافح الأبطال و كثرت الجراح و تقصفت الرماح و برزت إلى أمير المؤمنين مصاولا فانكفأ نحوك بالسيف حاملا فلما رأيت الكر آثر من الفر و قد أعددت حيلة السلامة قبل لقائه و الانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحت رجاء النجاة عورتك و كشفت له خوف بأسه سوأتك حذر أن يصطلمك بسطوته أو يلتهمك بحملته ثم أشرت إلى معاوية كالناصح له بمبارزته و حسنت له التعريض لمكافحته رجاء أن تكفى مئونته و تعدم صولته فعلم غل صدرك و ما ألحت عليه من النفاق أصلعك و عرف مقر سهمك في غرضك فاكفف عضب لسانك و اقمع عوراء لفظك فإنك لمن أسد خادر و بحر زاخر إن برزت للأسد افترسك و إن عمت في البحر قمسك. فقال مروان بن الحكم يا ابن عباس إنك لتصرف بنابك و توري نارك كأنك ترجو الغلبة و تؤمل العافية و لو لا حلم أمير المؤمنين عنكم لناولكم بأقصر أنامله فأوردكم منهلا بعيدا صدره و لعمري لئن سطا بكم ليأخذن بعض حقه منكم و لئن عفا عن جرائركم فقديما ما نسب إلى ذلك فقال ابن عباس و إنك لتقول ذلك يا عدو الله و طريد رسول الله و المباح دمه و الداخل بين عثمان و رعيته بما حملهم على قطع أوداجه و ركوب أنتاجه أما و الله لو طلب معاوية ثاره لأخذك به و لو نظر في أمر عثمان لوجدك أوله و آخره و أما قولك لي إنك لتصرف بنابك و توري نارك فسل معاوية و عمرا يخبراك ليلة الهرير كيف ثباتنا للمثلات و استخفافنا بالمعضلات و صدق جلادنا عند المصاولة و صبرنا على اللأواء و المطاولة و مصافحتنا بجباهنا السيوف المرهفة و مباشرتنا بنحورنا حد الأسنة هل خمنا عن كرائم تلك المواقف أم لم نبذل مهجنا للمتالف و ليس لك إذ ذاك فيها مقام محمود و لا يوم مشهود و لا أثر معدود و إنهما شهدا ما لو شهدت لأقلقك فاربع على ظلعك و لا تعرض لما ليس لك فإنك كالمغرور في صفقة لا يهبط برجل و لا يرقى بيد. فقال زياد يا ابن عباس إني لأعلم ما منع حسنا و حسينا من الوفود معك على أمير المؤمنين إلا ما سولت لهما أنفسهما و غرهما به من هو عند البأساء سلمهما و ايم الله لو وليتهما لأدأبا في الرحلة إلى أمير المؤمنين أنفسهما و يقل بمكانهما لبثهما فقال ابن عباس إذا و الله يقصر دونهما باعك و يضيق بهما ذراعك و لو رمت ذلك لوجدت من دونهما فئة صدقا صبرا على البلاء لا يخيمون عن اللقاء فلعركوك بكلاكلهم و وطئوك بمناسمهم و أوجروك مشق رماحهم و شفار سيوفهم و وخز أسنتهم حتى تشهد بسوء ما آتيت و تتبين ضياع الحزم فيما جنيت فحذار حذار من سوء النية فتكافأ برد الأمنية و تكون سببا لفساد هذين الحيين بعد صلاحهما و ساعيا في اختلافهما بعد ائتلافهما حيث لا يضرهما التباسك و لا يغني عنهما إيناسك. فقال عبد الرحمن ابن أم الحكم لله در ابن ملجم فقد بلغ الأجل و أمن الوجل و أحد الشفرة و ألان المهرة و أدرك الثار و نفى العار و فاز بالمنزلة العليا و رقا الدرجة القصوى فقال ابن عباس أما و الله لقد كرع كأس حتفه بيده و عجل الله إلى النار بروحه و لو أبدى لأمير المؤمنين صفحته لخالطه الفحل القطم و السيف الخذم و لألعقه صابا و سقاه سماما و ألحقه بالوليد و عتبة و حنظلة فكلهم كان أشد منه شكيمة و أمضى عزيمة ففرى بالسيف هامهم و رملهم بدمائهم و فرى الذئاب أشلاءهم و فرق بينهم و بين أحبائهم أولئك حصب جهنم هم لها واردون ف هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً و لا غرو و إن ختل و لا وصمة إن قتل فإنا لكما قال دريد بن الصمة شعر
فإنا للحم السيف غير مكره و نلحمه طورا و ليس بذي مكريغار علينا واترين فيشتفى بنا إن أصبنا أو نغير على وتر
. فقال المغيرة بن شعبة أما و الله لقد أشرت على علي بالنصيحة فآثر رأيه و مضى على غلوائه فكانت العاقبة عليه لا له و إني لأحسب أن خلقه يعتدون لمنهجه و قال ابن عباس كان و الله أمير المؤمنين أعلم بوجوه الرأي و معاقد الحزم و تصريف الأمور من أن يقبل مشورتك فيما نهى الله عنه و عنف عليه قال سبحانه لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إلى آخر الآية و لقد وقفك على ذكر متين و آية متلوة قوله تعالى وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً و هل كان يسوغ له أن يحكم في دماء المسلمين و في المؤمنين من ليس بمأمون عنده و لا موثوق به في نفسه هيهات هيهات هو أعلم بفرض الله و سنة رسوله أن يبطن خلاف ما يظهر إلا للتقية و لات حين تقية مع وضوح الحق و ثبوت الجنان و كثرة الأنصار يمضي كالسيف المصلت في أمر الله مؤثرا لطاعة ربه و التقوى على آراء أهل الدنيا. فقال يزيد بن معاوية يا ابن عباس إنك لتنطق بلسان طلق تنبئ عن مكنون قلب حرق فاطو ما أنت عليه كشحا فقد محا ضوء حقنا ظلمة باطلكم فقال ابن عباس مهلا يزيد فو الله ما صفت القلوب لكم منذ تكدرت عليكم و لا دنت بالمحبة لكم مذ بات بالبغضاء عنكم و لا رضيت اليوم منكم ما سخطت الأمس من أفعالكم و إن بذل الأيام يستقضي ما صد عنا و يسترجع ما ابتز منا كيلا بكيل و وزنا بوزن و إن تكن الأخرى فكفى بالله وليا لنا و وكيلا على المعتدين علينا. فقال معاوية إن في نفسي منكم لحرارات بني هاشم و إن الخليق إن أدرك فيكم الثأر و أنفي العار فإن دماءنا قبلكم و ظلامتنا فيكم فقال ابن عباس و الله إن رمت ذلك يا معاوية لتثيرن عليك أسدا مخدرة و أفاعي مطرقة لا يفثؤها كثرة السلاح و لا يقصها نكاية الجراح يضعون أسيافهم على عواتقهم يضربون قدما قدما من ناواهم يهون عليهم نباح الكلاب و عواء الذئاب لا يفاقون بوتر و لا يسبقون إلى كر ثم ذكر قد وطنوا على الموت أنفسهم و سمت بهم إلى العلياء هممهم كما قالت الأزدية
قوم إذا شهدوا الهياج فلا ضرب ينهنههم و لا زجرو كأنهم آساد غينة غرست و بل متونها القطر
. فلتكونن منهم بحيث أعددت ليلة الهرير للهرب فرسك و كان أكبر همك سلامة حشاشة نفسك و لو لا طغام من أهل الشام وقوك بأنفسهم و بذلوا دونك مهجهم حتى إذا ذاقوا و خز الشفار و أيقنوا بحلول الدمار رفعوا المصاحف مستجيرين بها و عائذين بعصمتها لكنت شلوا مطروحا بالعراء تسفى عليك رياحها و يعتورك ذئابها و ما أقول هذا أريد صرفك عن عزيمتك و لا أزالتك عن معقود نيتك لكن الرحم التي تعطف عليك و الأوامر التي توجب صرف النصيحة إليك فقال معاوية لله درك يا ابن عباس ما يكشف الأيام منك إلا عن سيف صقيل و رأي أصيل و بالله لو لم يلد هاشم غيرك لما نقص عددهم و لو لم يكن لأهلك سواك لكان الله قد كثرهم ثم نهض فقام ابن عباس و انصرف. توضيح قال الفيروزآبادي الخصيلة القطعة من اللحم أو لحم الفخذين و العضدين و الذراعين أو كل عصبة فيها لحم غليظ و الجمع خصيل و خصائل و الفنيق الفحل المكرم لا يؤذى لكرامته على أهله و لا يركب و قدعه كمنعه كفه و فرسه كبحه و الفحل ضرب أنفه بالرمح و الأواصر جمع الأوصر و هو المرتفع من الأرض و يحتمل أن يكون تصحيف الأقاصر جمع الأقصر أي الأحلام القصيرة فكيف طوالها و المتك بالضم جمع المتكاء و هي المفضاة أو الطويلة ما بين إسكتي فرجها و السك لعله من قولهم سكه إذا اصطلم أذنيه و في بعض النسخ المسك يقال رجل مسكة كهمزة أي بخيل أو هو الذي لا يعلق بشيء فيتخلص منه و الجمع مسك بضم الميم و فتح السين و لعل المراد بأهل الجزة الذين يجزون أصواف الحيوانات و هم أداني الناس و الرشاء الحبل و الغرائر جمع الغرارة التي تكون للتبن. و يقال جرض بريقه أي ابتلعه على هم و حزن و نكب الإناء أماله و كبه و أدم بينهما أصلح و ألف و التهمه ابتلعه و أسد خادر أي داخل الخدر و هو الستر و الكلاكل الصدور و الجماعات و من الفرس ما بين محزمه إلى ما مس الأرض منه و المناسم أخفاف البعير و المشق سرعة في الطعن و الضرب و الطول مع الرقة و الوخز الطعن بالرمح و المهرة بالضم واحد المهر كصرد و هي مفاصل متلاحكة في الصدر أو غراضيف الضلوع و اللحم القطع
34- نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع في ذكر خباب بن الأرت يرحم الله خبابا فلقد أسلم راغبا و هاجر طائعا و عاش مجاهدا و قال ع و قد جاءه نعي الأشتر مالك و ما مالك لو كان جبلا لكان فندا لا يرتقيه الحافر و لا يرقى عليه الطائر
قوله ع الفند هو المنفرد من الجبال. بيان قال الجزري الفند من الجبل أنفه الخارج منه.
أقول قال عبد الحميد بن أبي الحديد الذي رويته عن الشيوخ و رأيته بخط عبد الله بن أحمد بن الخشاب أن الربيع بن زياد الحارثي أصابته نشابة في جبينه فكانت تتنقض عينيه في كل عام فأتاه علي ع عائدا فقال كيف تجدك أبا عبد الرحمن قال أجدني يا أمير المؤمنين لو كان لا يذهب ما بي إلا بذهاب بصري لتمنيت ذهابه فقال و ما قيمة بصرك عندك قال لو كانت لي الدنيا لفديته بها قال لا جرم ليعطينك الله على قدر ذلك إن الله تعالى يعطي على قدر الألم و المصيبة و عنده تضعيف كثير قال الربيع يا أمير المؤمنين أ لا أشكو إليك عاصم بن زياد أخي قال ما له قال لبس العباء و ترك الملاء و غم أهله و حزن ولده فقال ع ادعوا لي عاصما فلما أتاه عبس في وجهه و قال ويحك يا عاصم أ ترى الله أباح لك اللذات و هو يكره ما أخذت منها لأنت أهون على الله من ذلك أ و ما سمعته يقول مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ثم قال يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ و قال وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها أما و الله ابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال و قد سمعتم الله يقول وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ و قوله مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ إن الله خاطب المؤمنين بما خاطب به المرسلين فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ و قال يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً و قال رسول الله ص لبعض نسائه ما لي أراك شعثاء مرهاء سلتاء قال عاصم فلم اقتصرت يا أمير المؤمنين على لبس الخشن و أكل الجشب قال إن الله تعالى افترض على أئمة العدل أن يقدروا لأنفسهم بالقوام كيلا يتبيغ بالفقير فقره فما قام علي ع حتى نزع عاصم العباء و لبس ملاءة
و كتب زياد ابن أبيه إلى الربيع بن زياد و هو على قطعة من خراسان أن أمير المؤمنين معاوية كتب إلي يأمرك أن تحرز الصفراء و البيضاء و تقسم الخرثي و ما أشبهه على أهل الحروب فقال له الربيع إني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير المؤمنين ثم نادى في الناس أن اغدوا على غنائمكم فأخذ الخمس و قسم الباقي على المسلمين ثم دعا الله أن يميته فما جمع حتى مات و قال في أحوال شريح القاضي هو شريح بن الحارث بن المنتجع الكندي و قيل اسم أبيه معاوية و قيل هاني و قيل شراحيل و يكنى أبا أمية استعمله عمر بن الخطاب على القضاء بالكوفة فلم يزل قاضيا ستين سنة لم يتعطل فيها إلا ثلاث سنين في فتنة ابن الزبير امتنع من القضاء ثم استعفى الحجاج من العمل فأعفاه فلزم منزله إلى أن مات و عمر عمرا طويلا قيل إنه عاش مائة و ثمان سنين و قيل مائة سنة و توفي سنة سبع و ثمانين و كان خفيف الروح مزاحا فقدم إليه رجلان فأقر أحدهما بما ادعى به خصمه و هو لا يعلم فقضى عليه فقال لشريح من شهد عندك بهذا قال ابن أخت خالك و قيل إنه جاءته امرأة تبكي و تتظلم على خصمها فما رق لها حتى قال له إنسان كان بحضرته أ لا تنظر أيها القاضي إلى بكائها فقال إن إخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء يبكون و أقر علي ع شريحا على القضاء مع مخالفته له في مسائل كثيرة من الفقه مذكورة في كتب الفقهاء و سخط علي ع مرة عليه فطرده عن الكوفة و لم يعزله عن القضاء و أمره بالمقام ببانقيا و كانت قرية قريبة من الكوفة أكثر ساكنيها اليهود فأقام بها مدة حتى رضي عنه و أعاده إلى الكوفة و قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب الإستيعاب أدرك شريح الجاهلية و لا يعد من الصحابة بل من التابعين و كان شاعرا محسنا و كان سناطا لا شعر في وجهه
35- نهج، ]نهج البلاغة[ من كتاب له إلى أميرين من أمراء جيشه و قد أمرت عليكما و على من في حيزكما مالك بن الحارث الأشتر فاسمعا له و أطيعا و اجعلاه درعا و مجنا فإنه ممن لا يخاف وهنه و لا سقطته و لا بطؤه عما الإسراع إليه أحزم و لا إسراعه إلى ما البطوء عنه أمثل
قال ابن أبي الحديد في شرح هذا الكلام هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن سلمة بن ربيعة بن حذيمة بن سعد بن مالك بن النخع بن عمرو بن غلة بن خالد بن مالك بن داود و كان حارسا شجاعا رئيسا من أكابر الشيعة و عظمائها شديد التحقق بولاء أمير المؤمنين ع و نصره و قال فيه بعد موته يرحم الله مالكا فلقد كان لي كما كنت لرسول الله ص و لما قنت علي ع على خمسة و لعنهم و هم معاوية و عمرو بن العاص و أبو الأعور السلمي و حبيب بن مسلمة و بسر بن أرطاة قنت معاوية على خمسة و هم علي و الحسن و الحسين و عبد الله بن العباس و الأشتر و لعنهم
و قد روي أنه قال لما ولى علي ع بني العباس على الحجاز و اليمن و العراق فلما ذا قتلنا الشيخ بالأمس و إن عليا ع لما بلغته هذه الكلمة أحضره و لاطفه و اعتذر إليه و قال له فهل وليت حسنا أو حسينا أو أحدا من ولد جعفر أخي أو عقيلا أو أحدا من ولده و إنما وليت ولد عمي العباس لأني سمعت العباس يطلب من رسول الله ص الإمارة مرارا فقال له رسول الله ص يا عم إن الإمارة إن طلبتها وكلت إليها و إن طلبتك أعنت عليها و رأيت بنيه في أيام عمر و عثمان يجدون في أنفسهم أن ولي غيرهم من أبناء الطلقاء و لم يول أحد منهم فأحببت أن أصل رحمهم و أزيل ما كان في أنفسهم و بعد فإن علمت أحدا هو خير منهم فأتني به فخرج الأشتر و قد زال ما في نفسه و قد روى المحدثون حديثا يدل على فضيلة عظيمة للأشتر و هي شهادة قاطعة من النبي ص بأنه مؤتمن
روى هذا الحديث أبو عمر بن عبد البر في كتاب الإستيعاب في حرف الجيم في باب جندب قال أبو عمر لما حضرت أبا ذر الوفاة و هو بالربذة بكت زوجته أم ذر قالت فقال لي ما يبكيك فقالت ما لي لا أبكي و أنت تموت بفلاة من الأرض و ليس عندي ثوب يسعك كفنا و لا بد لي من القيام بجهازك فقال أبشري و لا تبكي فإني سمعت رسول الله ص يقول لا يموت بين امرءين مسلمين ولدان أو ثلاث فيصبران و يحتسبان فيريان النار أبدا و قد مات لنا ثلاثة من الولد و سمعت أيضا رسول الله ص يقول لنفر أنا فيهم ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين و ليس من أولئك النفر أحد إلا و قد مات في قرية و جماعة فأنا لا أشك أني ذلك الرجل و الله ما كذبت و لا كذبت فانظري الطريق قالت أم ذر فقلت أنى و قد ذهب الحاج و تقطعت الطرق فقال اذهبي فتبصري قالت فكنت أشتد إلى الكثيب فأصعد فأنظر ثم أرجع إليه فأمرضه فبينا أنا و هو على هذه الحالة إذا أنا برجال على ركابهم كأنهم الرخم تخب بهم رواحلهم فأسرعوا إلي حتى وقفوا علي و قالوا يا أمة الله ما لك فقلت امرؤ من المسلمين يموت تكفنونه قالوا و من هو قلت أبو ذر قالوا صاحب رسول الله ص قلت نعم ففدوه بآبائهم و أمهاتهم و أسرعوا إليه حتى دخلوا عليه فقال لهم أبشروا فإني سمعت رسول الله ص يقول لنفر أنا فيهم ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين و ليس من أولئك النفر أحد إلا و قد هلك في قرية و جماعة و الله ما كذبتم و لا كذبتم و لو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي لم أكفن إلا في ثوب لي أو لها و إني أنشدكم الله أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا قالت و ليس في أولئك النفر أحد إلا و قد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار قال له أنا أكفنك يا عم في ردائي هذا و في ثوبين معي في عيبتي من غزل أمي فقال أبو ذر أنت تكفنني فمات فكفنه الأنصاري و غسله في النفر الذين حضروه و قاموا عليه و دفنوه في نفر كلهم يمان
قال أبو عمر بن عبد البر قبل أن يروي هذا الحديث في أول باب جندب كان النفر الذين حضروا موت أبي ذر بالربذة مصادفة جماعة منهم حجر بن الأبرد هو حجر بن عدي الذي قتله معاوية و هو من أعلام الشيعة و عظمائها و أما الأشتر فهو أشهر في الشيعة من أبي الهذيل في المعتزلة و قرئ كتاب الإستيعاب على شيخنا عبد الوهاب بن سكينة المحدث و أنا حاضر فلما انتهى القارئ إلى هذا الخبر قال أستاذي عمر بن عبد الله الدباس و كان يحضر معه سماع الحديث لتقل الشيعة بعد هذا ما شاءت فما قال المرتضى و المفيد إلا بعض ما كان حجر و الأشتر يعتقدانه في عثمان و من تقدمه فأشار الشيخ إليه بالسكوت فسكت. و قد ذكرنا آثار الأشتر و مقاماته بصفين فيما سبق و الأشتر هو الذي عانق عبد الله بن الزبير يوم الجمل فاصطرعا على ظهر فرسيهما حتى وقعا على الأرض فجعل عبد الله يصرخ من تحته اقتلوني و مالكا فلم يعلم من الذي يعنيه لشدة الاختلاط و ثوران النقع فلو قال اقتلوني و الأشتر لقتلا جميعا فلما افترقا قال الأشتر.
أ عائش لو لا أنني كنت طاويا ثلاثا لألفيت ابن أختك هالكاغداة ينادي و الرماح تنوشه كوقع الصياصي اقتلوني و مالكافنجاه مني شبعه و شبابه و إني شيخ لم أكن متماسكا
. و يقال إن عائشة فقدت عبد الله فسألت عنه فقيل لها عهدنا به و هو معانق للأشتر فقالت وا ثكل أسماء و مات الأشتر في سنة تسع و ثلاثين متوجها إلى مصر واليا عليها لعلي ع قيل سقي سما و قيل إنه لم يصح ذلك و إنما مات حتف أنفه فأما ثناء أمير المؤمنين ع في هذا الفصل فقد بلغ فيه مع اختصاره ما لا يبلغ بالكلام الطويل و لعمري لقد كان الأشتر أهلا لذلك كان شديد البأس جوادا رئيسا حليما فصيحا شاعرا و كان يجمع بين اللين و العنف فيسطو في موضع السطوة و يرفق في موضع الرفق. أقول و قال ابن أبي الحديد في شرح وصايا أوصى أمير المؤمنين ع إلى الحارث الهمداني هو الحارث بن عبد الله بن كعب بن أسد بن مخلد بن حارث بن سبيع بن معاوية الهمداني كان أحد الفقهاء و صاحب علي ع و إليه تنسب الشيعة الخطاب الذي خاطب به في قوله ع
يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن أو منافق قبلا
. أقول رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا روي أنه دخل أبو أمامة الباهلي على معاوية فقربه و أدناه ثم دعا بالطعام فجعل يطعم أبا أمامة بيده ثم أوسع رأسه و لحيته طيبا بيده و أمر له ببدرة من دنانير فدفعها إليه ثم قال يا أبا أمامة بالله أنا خير أم علي بن أبي طالب فقال أبو أمامة نعم و لا كذب و لو بغير الله سألتني لصدقت علي و الله خير منك و أكرم و أقدم إسلاما و أقرب إلى رسول الله قرابة و أشد في المشركين نكاية و أعظم عند الأمة غناء أ تدري من علي يا معاوية ابن عم رسول الله ص و زوج ابنته سيدة نساء العالمين و أبو الحسن و الحسين سيدي شباب أهل الجنة و ابن أخي حمزة سيد الشهداء و أخو جعفر ذي الجناحين فأين تقع أنت من هذا يا معاوية أ ظننت أني ساخيرك على علي بألطافك و طعامك و عطائك فأدخل إليك مؤمنا و أخرج منك كافرا بئس ما سولت لك نفسك يا معاوية ثم نهض و خرج من عنده فأتبعه بالمال فقال لا و الله لا أقبل منك دينارا واحدا
36- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كتابه عبيد الله بن أبي رافع و سعيد بن نمران الهمداني و عبد الله بن جعفر و عبيد الله بن عبد الله بن مسعود و كان بوابه سلمان سلمان و مؤذنه جويرية بن مسهر العبدي و ابن النباح و همدان الذي قتله الحجاج و خدامه أبو نيرز من أبناء ملوك العجم رغب في الإسلام و هو صغير فأتى رسول الله ص فأسلم و كان معه فلما توفي ص صار مع فاطمة و ولديها ع و كان عبد الله ابن مسعود في سبي فزارة فوهبه النبي ص لفاطمة ع فكان بعد ذلك مع معاوية و كان له ألف نسمة منهم قنبر و ميثم قتلهما الحجاج و سعد و نصر قتلا مع الحسين ع و أحمر قتل في صفين و منهم غزوان و ثبيت و ميمون و خادمته فضة و زبرا و سلافة
37- ختص، ]الإختصاص[ ابن قولويه عن العياشي عن أبيه عن علي بن الحسين عن مروك بن عبيد عن إبراهيم بن أبي البلاد عن رجل عن الأصبغ قال قلت له كيف سميتهم شرطة الخميس يا أصبغ فقال إنا ضمنا له الذبح و ضمن لنا الفتح
38- ختص، ]الإختصاص[ جعفر بن الحسين المؤمن و أحمد بن هارون الفامي و جماعة من مشايخنا عن ابن الوليد عن الصفار عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن الحارث بن المغيرة قال قال لي أبو عبد الله ع أي شيء تقولون أنتم فقال نقول هلك الناس إلا ثلاثة فقال أبو عبد الله ع فأين ابن ليلى و شتير فسألت حماد بن عيسى عنهما قال كانا موليين أسودين لعلي بن أبي طالب ع
39- ختص، ]الإختصاص[ جعفر بن الحسين عن ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن ذريح المحاربي عن أبي عبد الله ع و عن ابن جريح و غيره من ثقيف أن ابن عباس لما مات و أخرج به خرج من تحت كفنه طير أبيض ينظرون إليه يطير نحو السماء حتى غاب عنهم
و قال أبو عبد الله ع كان أبي يحبه حبا شديدا و كان أبي ع و هو غلام يلبسه أمه ثيابه فينطلق في غلمان بني عبد المطلب قال فأتاه فقال من أنت بعد ما أصيب بصره فقال أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي فقال حسبك من لم يعرفك فلا عرفك
40- نهج، ]نهج البلاغة[ و من كتاب له إلى عبد الله بن العباس أما بعد فإني كنت أشركتك في أمانتي و جعلتك شعاري و بطانتي و لم يكن في أهلي رجل أوثق منك في نفسي لمواساتي و مؤازرتي و أداء الأمانة إلي فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب و العدو قد حرب و أمانة الناس قد خزيت و هذه الأمة قد فتكت و شغرت قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع المفارقين و خذلته مع الخاذلين و خنته مع الخائنين فلا ابن عمك آسيت و لا الأمانة أديت و كأنك لم تكن الله تريد بجهادك و كأنك لم تكن على بينة من ربك و كأنك إنما كنت تكيد هذه الأمة عن دنياهم و تنوي غرتهم عن فيئهم فلما أمكنتك الشدة في خيانة الأمة أسرعت الكرة و عاجلت الوثبة و اختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم و أيتامهم اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله غير متأثم من أخذه كأنك لا أبا لغيرك حدرت على أهلك تراثك من أبيك و أمك فسبحان الله أ ما تؤمن بالمعاد أو ما تخاف نقاش الحساب أيها المعدود كان عندنا من ذوي الألباب كيف تسيغ شرابا و طعاما و أنت تعلم أنك تأكل حراما و تشرب حراما و تبتاع الإماء و تنكح النساء من مال اليتامى و المساكين و المؤمنين و المجاهدين الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال و أحرز بهم هذه البلاد فاتق الله و اردد إلى هؤلاء القوم أموالهم فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن إلى الله فيك و لأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار و الله لو أن الحسن و الحسين ع فعلا مثل الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة و لا ظفرا مني بإرادة حتى آخذ الحق منهما و أزيح الباطل من مظلمتها و أقسم بالله رب العالمين ما يسرني أن ما أخذته من أموالهم حلال لي أتركه ميراثا لمن بعدي فضح رويدا فكأنك قد بلغت المدى و دفنت تحت الثرى و عرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي الظالم فيه بالحسرة و يتمنى المضيع الرجعة وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ و السلام
توضيح قوله ع و كنت أشركتك في أمانتي أي في الخلافة التي ائتمنني الله عليها حيث جعلتك واليا و بطانة الرجل صاحب سره الذي يشاوره في أحواله و المواساة المشاركة و المساهمة قوله قد كلب بكسر اللام أي اشتد يقال كلب الدهر على أهله إذا ألح عليهم و اشتد قاله الجزري و قال قد حرب أي غضب و الفتك أن يأتي الرجل صاحبه و هو غار غافل حتى يشد عليه فيقتله قوله ع و شغرت أي خلت من الخير قال الجوهري شغر البلد أي خلا من الناس. قوله ع قلبت لابن عمك أي كنت معه فصرت عليه و أصل ذلك أن الجيش إذا لقوا العدو كانت ظهور مجانهم إلى وجه العدو و بطونها إلى عسكرهم فإذا فارقوا رئيسهم عكسوا قوله ع فلما أمكنتك الشدة من قولهم شد عليه في الحرب إذا حمل. و قال الجزري الأزل في الأصل الصغير العجز و هو في صفات الذئب الخفيف و قيل هو من قولهم زل زليلا إذا عدا و خص الدامية لأن من طبع الذئب محبة الدم حتى أنه يرى ذئبا داميا فيثب عليه ليأكله. و تأثم أي تحرج عنه و كف قوله ع لا أبا لغيرك استعمل ذلك في مقام لا أبا لك تكرمة له و شفقة عليه و ما قيل من أن لا أبا لك لما كان يستعمل كثيرا في معرض المدح أي لا كافي لك غير نفسك فيحتمل أن يكون ذما له بمدح غيره فلا يخفى بعده و يقال حدرت السفينة إذا أرسلتها إلى أسفل. و قال الجزري فيه من نوقش في الحساب عذب أي من استقصي في محاسبته و حوقق و منه حديث علي لنقاش الحساب و هو مصدر منه و أصل المناقشة من نقش الشوكة إذا استخرجها من جسمه. قوله ع أيها المعدود كان عندنا أدخل ع لفظة كان تنبيها على أنه لم يبق كذلك قيل و لعله عدل عن أن يقول يا من كان عندنا من ذوي الألباب إشعارا بأنه معدود في الحال أيضا عند الناس منهم و أعذر أبدى عذرا و الهوادة الرخصة و السكون و المحاباة قوله بإرادة أي بمراد و الإزاحة الإزالة و الإبعاد و قال الجزري إن العرب كان يسيرون في ظعنهم فإذا مروا ببقعة من الأرض فيه كلأ و عشب قال قائلهم ألا ضحوا رويدا أي ارفقوا بالإبل حتى تتضحى أي تنال من هذا المرعى و منه كتاب علي ع إلى ابن عباس ألا ضح رويدا فقد بلغت المدى أي اصبر قليلا. و قال البيضاوي في قوله تعالى وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ أي ليس الحين حين مناص و لا هي المشبهة بليس زيدت عليه تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب و ثم و خصت بلزوم الأحيان و حذف أحد المعمولين و قيل هي النافية للجنس أي و لا حين مناص لهم و قيل للفعل و النصب بإضماره أي و لا أرى حين مناص إلى آخر ما حقق في ذلك و المناص المنجى.
أقول قال عبد الحميد بن أبي الحديد اختلف الناس في المكتوب إليه هذا الكتاب فقال الأكثرون إنه عبد الله بن العباس كما تدل عليه عبارات الكتاب و قد روى أرباب هذا القول أن عبد الله بن العباس كتب إلى علي ع جوابا عن هذا الكتاب قالوا و كان جوابه أما بعد فقد أتاني كتابك تعظم علي ما أصبت من بيت مال البصرة و لعمري إن حقي في بيت المال لأكثر مما أخذت و السلام قالوا فكتب إليه علي ع أما بعد فإن من العجب أن تزين لك نفسك أن لك في بيت مال المسلمين من الحق أكثر مما لرجل من المسلمين فقد أفلحت لقد كان تمنيك الباطل و ادعاؤك ما لا يكون ينجيك عن المأثم و يحل لك المحرم إنك لأنت المهتدي السعيد إذا و قد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا و ضربت بها عطنا تشتري بها مولدات مكة و المدينة و الطائف تختارهن على عينك و تعطي فيهن مال غيرك فارجع هداك الله إلى رشدك و تب إلى الله ربك و اخرج إلى المسلمين من أموالهم فعما قليل تفارق من ألفت و تترك ما جمعت و تغيب في صدع من الأرض غير موسد و لا ممهد قد فارقت الأحباب و سكنت التراب و واجهت الحساب غنيا عما خلفت فقيرا إلى ما قدمت و السلام قالوا فكتب إليه عبد الله بن العباس أما بعد فإنك قد أكثرت علي و و الله لئن ألقى الله قد احتويت على كنوز الأرض كلها من ذهبها و عقيانها و لجينها أحب إلي من أن ألقاه بدم امرئ مسلم و السلام
أقول قد أثبتنا في باب علة قعوده و قيامه ع من كتاب الفتن كفر الأشعث بن قيس و في باب سلوني كفر ابن الكواء و غيره و في باب احتجاجات الحسن ع على معاوية و أصحابه حال جماعة و كذا في باب احتجاج الحسين ع على معاوية مدح حجر بن عدي و عمرو بن الحمق و في باب احتجاجات الباقر ع و أبواب أحوال الخوارج ذم نافع و غيره و في باب أحوال الصحابة و باب أحوال السلمان و باب فضائله مدح جماعة من أصحابه ع و ذم جماعة و في باب عبادته ع مدح أبي الدرداء و في جواب أسئلة اليهودي المشتمل على خصال الأوصياء حال جماعة و في باب إخباره بالمغيبات و باب علمه ع كفر عمرو بن حريث و كذا في باب أنهم المتوسمون و في باب حبهم ع مدح الحارث الأعور و كذا في باب ما ينفع حبهم فيه من المواطن و في باب غصب الخلافة ذم ابن عباس و أيضا في باب الإخبار بالمغيبات كفر الأشعث و كذا في باب جوامع مكارمه ع و في باب أحوال أولاده ع مكاتبة ابن الحنفية و ابن عباس و في باب إخباره بالمغيبات أحوال كثير منهم و قد أوردنا بابا آخر في كتاب الفتن و يتضمن أحوال أصحابه صلوات الله عليه مفصلا