الآيات النحل وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ المؤمنون 31- وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها تفسير قال الرازي الفرث سرجين الكرش و روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال إذا استقر العلف في الكرش صار أسفله فرثا و أعلاه دما و أوسطه لبنا فيجري الدم في العروق و اللبن في الضرع و يبقى الفرث كما هو فذاك هو قوله تعالى مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً لا يشوبه الدم و لا الفرث. و لقائل أن يقول الدم و اللبن لا يتوالدان في الكرش البتة و الدليل عليه الحس فإن هذه الحيوان تذبح ذبحا متواليا و ما رأى أحد في كرشها لا دما و لا لبنا و لو كان تولد الدم و اللبن في الكرش لوجب أن يشاهد ذلك في بعض الأحوال و الشيء الذي دلت المشاهدة على فساده لم يجز المصير إليه. بل الحق أن الحيوان إذا تناول الغذاء وصل ذلك العلف إلى معدته و إلى كرشه إن كان من الأنعام و غيرها فإن طبخ و حصل الهضم الأول فيه فما كان منه صافيا انجذب إلى الكبد و ما كان كثيفا نزل إلى الأمعاء ثم ذلك الذي يحصل منه في الكبد ينطبخ فيها و يصير دما و ذلك هو الهضم الثاني و يكون ذلك الدم مخلوطا بالصفراء و السوداء و زيادة المائية أما الصفراء فتذهب إلى المرارة و السوداء إلى الطحال و المائية إلى الكلية و منها إلى المثانة و أما ذلك الدم فإنه يدخل في الأوردة و هي العروق النابتة من الكبد و هناك يحصل الهضم الثالث و بين الكبد و بين الضرع عروق كثيرة فينصب الدم في تلك العروق إلى الضرع و الضرع لحم غددي رخو أبيض فيقلب الله الدم عند انصبابه إلى ذلك اللحم الغددي الرخو الأبيض من صورة الدم إلى صورة اللبن فهذا هو القول الصحيح في كيفية تولد اللبن. فإن قيل فهذه المعاني حاصلة في الحيوان الذكر فلم لم يحصل منه اللبن قلنا الحكمة الإلهية اقتضت تدبير كل شيء على الوجه اللائق به الموافق لمصلحته فمزاج الذكر من كل حيوان أن يكون حارا يابسا و مزاج الأنثى يجب أن يكون باردا رطبا و الحكمة فيه أن الولد إنما يكون في داخل بدن الأنثى فوجب أن تكون الأنثى مختصة بمزيد الرطوبات لوجهين. الأول أن الولد إنما يتولد من الرطوبات فوجب أن يحصل في بدن الأنثى رطوبات كثيرة ليصير مادة لتولد الولد. و الثاني أن الولد إذا كبر وجب أن يكون بدن الأم قابلا للتمدد حتى يتسع لذلك الولد فإذا كانت الرطوبات غالبة على بدن الأم كانت بنيتها قابلا للتمدد و يتسع للولد فثبت بما ذكرناه أنه تعالى خص بدن الأنثى من كل حيوان بمزيد الرطوبات بهذه الحكمة. ثم إن تلك الرطوبات التي كانت تصير مادة لازدياد بدن الجنين حين كان في رحم الأم فعند انفصال الجنين تنصب إلى الثدي و الضرع و تصير مادة لغذاء ذلك
الطفل الصغير. إذا عرفت هذا فنقول ظهر أن السبب الذي لأجله يتولد اللبن من الدم في حق الأنثى غير حاصل في حق الذكر فظهر الفرق. و إذا عرفت هذا فنقول المفسرون قالوا المراد من قوله مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ هو أن هذه الثلاثة تتولد في موضع واحد فالفرث يكون في أسفل الكرش و الدم يكون في أعلاه و اللبن يكون في الوسط و قد دللنا على أن هذا القول على خلاف الحس و التجربة. و أما نحن فنقول المراد به من الآية هو أن اللبن إنما يتولد من بعض أجزاء الدم و الدم إنما يتولد من الأجزاء اللطيفة التي في الفرث و هو الأشياء المأكولة الحاصلة في الكرش فهذا اللبن متولد من الأجزاء التي كانت حاصلة فيما بين الفرث أولا ثم كانت حاصلة فيما بين الدم ثانيا و صفاه الله تعالى عن تلك الأجزاء الكثيفة الغليظة و خلق فيها الصفات التي باعتبارها صارت لبنا يكون موافقا لبدن الطفل فهذا ما حصلناه في هذه المقام. ثم اعلم أن حدوث اللبن في الثدي و اتصافه بالصفات التي باعتبارها يكون موافقا لتغذية الصبي مشتمل على حكمة عجيبة و أسرار بديعة يشهد صريح العقل بأنها لا تحصل إلا بتدبير الفاعل الحكيم المدبر الرحيم و بيانه من وجوه الأول أنه تعالى خلق في أسفل المعدة منفذا يخرج منه ثفل الغذاء فإذا تناول الإنسان غذاء أو شربة رقيقة انطبق ذلك المنفذ انطباقا كليا لا يخرج منه شيء من ذلك المأكول و المشروب إلى أن يكمل انهضامه في المعدة و ينجذب ما صفي منه إلى الكبد و يبقى الثفل هناك فحينئذ ينفتح ذلك المنفذ و ينزل منه ذلك الثفل و هذا من العجائب التي لا يمكن حصولها إلا بتدبير الفاعل الحكيم لأنه متى كانت الحاجة إلى خروج ذلك الجسم عن المعدة انفتح و يحصل الانطباق تارة و الانفتاح أخرى بحسب الحاجة و بقدر المنفعة و هذا مما لا يتأتى إلا بتقدير الفاعل الحكيم. الثاني أنه تعالى أودع في الكبد قوة تجذب الأجزاء اللطيفة الحاصلة في ذلك المأكول و المشروب و لا تجذب الأجزاء الكثيفة و خلق في الأمعاء قوة تجذب تلك الأجزاء الكثيفة التي هي الثفل و لا تجذب الأجزاء اللطيفة البتة و لو كان الأمر بالعكس لاختلت مصلحة البدن و لفسد نظام هذا التركيب الثالث أنه تعالى أودع في الكبد قوة هاضمة طابخة حتى إن تلك الأجزاء اللطيفة لتنطبخ في الكبد و تنقلب دما ثم إنه تعالى أودع في المرارة قوة جاذبة للصفراء و في الطحال قوة جاذبة للسوداء و في الكلية قوة جاذبة لزيادة المائية حتى يبقى الدم الصافي الموافق لتغذية البدن و تخصيص كل واحد من هذه الأعضاء بتلك القوة الحاصلة لا يمكن إلا بتدبير الحكيم العليم. الرابع أن في الوقت الذي يكون الجنين في رحم الأم ينصب من ذلك نصيب وافر إليه حتى يصير مادة لنمو أعضاء ذلك الولد و ازدياده فإذا انفصل الجنين عن الرحم ينصب ذلك النصيب إلى جانب الثدي ليتولد منه اللبن الذي يكون غذاء له فإذا كبر لا ينصب ذلك النصيب لا إلى الرحم و لا إلى الثدي بل ينصب إلى جميع بدن المغتذي فانصباب ذلك الدم في كل وقت إلى عضو آخر انصبابا موافقا للمصلحة و الحكمة لا يتأتى إلا بتدبير الفاعل المختار الحكيم. الخامس أن عند تولد اللبن في الضرع أحدث تعالى في حلمة الثدي ثقبا صغيرة و مساما ضيقة و جعلها بحيث إذا اتصل المص و الحلب بتلك الحلمة انفصل اللبن عنها في تلك المسام الضيقة و لما كانت تلك المسام ضيقة جدا فحينئذ لا يخرج منها إلا ما كان في غاية الصفاء و اللطافة و أما الأجزاء الكثيفة فإنها لا يمكنها الخروج من تلك المنافذ الضيقة فيبقى في الداخل فما الحكمة في إحداث تلك الثقب الصغيرة و المنافذ الضيقة في رأس حلمة الثدي إلا أن تكون كالمصفاة فكل ما كان لطيفا خرج و كل ما كان كثيفا احتبس في الداخل و لم يخرج فبهذا الطريق يصير ذلك اللبن
خالصا موافقا لبدن الصبي سائِغاً لِلشَّارِبِينَ. السادس أنه تعالى ألهم ذلك الصبي إلى المص فإن الأم كلما ألقمت حلمة الثدي في فم الصبي فذلك الصبي في الحال يأخذ في المص و لو لا أن الفاعل المختار الرحيم ألهم ذلك الطفل الصغير ذلك العمل المخصوص لم يحصل بتخليق ذلك اللبن في ذلك الثدي فائدة. السابع أنا بينا أنه تعالى إنما خلق اللبن من فضلة الدم و إنما خلق الدم من الغذاء الذي تناوله الحيوان و الشاة لما تناولت العشب و الماء فالله تعالى خلق الدم من لطيف تلك الأجزاء ثم خلق اللبن من بعض أجزاء ذلك الدم ثم إن اللبن حصلت فيه أجزاء ثلاثة على طبائع متضادة فما فيه من الدهن يكون حارا رطبا و ما فيه من المائية يكون باردا رطبا و ما فيه من الجبنية يكون باردا يابسا و هذه الطبائع ما كانت حاصلة في العشب الذي تناوله الشاة. فظهر بهذين أن هذه الأجسام لا تزال تنقلب من صفة إلى صفة من حالة إلى حالة مع أنه لا يناسب بعضها بعضا و لا يشاكل بعضها بعضا و عند ذلك يظهر أن هذه الأحوال إنما تحدث بتدبير فاعل حكيم رحيم يدبر أحوال هذا العالم على وفق مصالح العباد فسبحان من شهد جميع ذرات العالم الأعلى و الأسفل بكمال قدرته و نهاية حكمته و رحمته لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ. أما قوله سائِغاً لِلشَّارِبِينَ فمعناه جاريا في حلوقهم لذيذا هنيئا يقال ساغ الشراب في الحلق و أساغه صاحبه و منه قوله وَ لا يَكادُ يُسِيغُهُ و قال أهل التحقيق اعتبار حدوث اللبن كما يدل على وجود الصانع المختار فكذلك يدل على إمكان الحشر و النشر و ذلك لأن هذا العشب الذي يأكله الحيوان إنما يتولد من الماء و الأرض فخالق العالم دبر تدبيرا آخر انقلب ذلك الدم لبنا ثم دبر تدبيرا آخر حدث من ذلك اللبن الدهن و الجبن فهذا الاستقراء يدل على أنه تعالى قادر على أن يقلب هذه الأجسام من صفة إلى صفة و من حالة إلى حالة فإذا كان كذلك لم يمنع أيضا أن يكون قادرا على أن يقلب أجزاء أبدان الأموات إلى صفة الحياة و العقل كما كانت قبل ذلك فهذا الاعتبار يدل من هذا الوجه على أن البعث و القيامة أمر ممكن غير ممتنع. و قال البيضاوي وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً دلالة يعبر بها من الجهل إلى العلم نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ استئناف لبيان العبرة و إنما ذكر الضمير و وحده هاهنا للفظ و أنثه في سورة المؤمنون للمعنى فإن الأنعام اسم جمع و لذلك عده سيبويه في المفردات المبنية على أفعال كأخلاق و أكياس و من قال إنه جمع نعم جعل الضمير للبعض فإن اللبن لبعضها دون جميعها أو لواحدة أوله على المعنى فإن المراد به الجنس و قرأ نافع و ابن عامر و أبو بكر و يعقوب نسقيكم بالفتح هنا و في المؤمنون مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً فإنه يخلق من بعض أجزاء الدم المتولد من الأجزاء اللطيفة التي في الفرث و هو الأشياء المأكولة المنهضمة بعد الانهضام في الكرش و حديث ابن عباس إن صح فالمراد أن أوسطه يكون مادة اللبن و أعلاه مادة الدم الذي يغذي البدن لأنهما لا يتكونان في الكرش. ثم ذكر مختصرا مما ذكره الرازي ثم قال خالِصاً صافيا لا يستصحبه لون الدم و لا رائحة الفرث أو مصفى عما يصحبه من الأجزاء الكثيفة بتضييق مخرجه سائِغاً لِلشَّارِبِينَ سهل المرور في حلقهم. و قال الطبرسي ره روى الكلبي عن ابن عباس قال إذا استقر العلف في الكرش صار أسفله فرثا و أعلاه دما و أوسطه لبنا فيجري الدم في العروق و اللبن في الضرع و يبقى الفرث كما هو فذلك قوله مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً لا يشوبه الدم و لا الفرث و الكبد مسلطة على هذه الأصناف فتقسمها على الوجه الذي اقتضاه التدبير الإلهي
1- الخصال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير و محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع حسو اللبن شفاء من كل داء إلا الموت
و قال ع لحوم البقر داء و ألبانها دواء و أسمانها شفاء
بيان في القاموس حسا زيد المرق شربه شيئا بعد شيء كتحساه و احتساه و اسم ما يحتسى الحسية و الحسا و يمد و الحسو كدلو و الحسو كعدو
2- طب الأئمة، عن إبراهيم بن رياح عن فضالة عن العلا عن عبد الله بن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله ع عن ألبان الأتن للدواء يشربها الرجل قال لا بأس به
بيان قال في الدروس يكره لبن الأتن جامدا و مائعا انتهى و كأنهم حكموا بالكراهة لكراهة لحمها و فيه نظر و لم أر في الأخبار ما يدل عليها و إن كان في بعضها التقييد بالدواء لكن في أكثره في كلام السائل و بالجملة الحكم بالكراهة مشكل
3- الطب، ]طب الأئمة عليهم السلام[ عن الجارود بن محمد عن محمد بن عيسى عن كامل قال سمعت موسى بن عبد الله بن الحسن يقول سمعت أشياخنا يقولون ألبان اللقاح شفاء من كل داء و عاهة في الجسد
و عن أبي عبد الله ع أنه قال مثل ذلك إلا أنه زاد فيه و هو ينقي البدن و يخرج درنه و يغسله غسلا
بيان اللقاح ككتاب الإبل و اللقوح كصبور واحدتها و الناقة الحلوب و قال الدرن محركة الوسخ أو تلطخه
4- المحاسن، عن أبيه عن خلف بن حماد عن يحيى بن عبد الله قال كنا عند أبي عبد الله ع فأتينا بسكرجات فأشار بيده نحو واحدة منهن و قال هذا شيراز الأتن لعليل عندنا فمن شاء فليأكل و من شاء فليدع
المكارم، عن يحيى بن عبد الله مثله بيان قال في النهاية فيه لا آكل في سكرجة هي بضم السين و الكاف و الراء و التشديد إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم و هي فارسية و أكثر ما يوضع فيه الكواميخ و نحوها و في القاموس الشيراز اللبن الرائب المستخرج ماؤه و في بحر الجواهر هو صبغ يعمل من اللبن كالحسو الغليظ و الجمع شواريز. و أقول الظاهر أن المراد بالرائب الذي اشتد و غلظ سواء حمض كالماست أو لم يحمض كالجبن الرطب و إن كان الثاني أظهر
5- المكارم، عن أبي عبد الله ع و ذكر لحم البقر قال ألبانها دواء و شحومها شفاء و لحومها داء
6- المحاسن، عن علي بن حديد عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال إن التلبين يجلو القلب الحزين كما يجلو الأصابع العرق من الجبين
7- و منه، عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال رسول الله ص لو أغنى عن الموت شيء لأغنت التلبينة قيل يا رسول الله و ما التلبينة قال الحسو باللبن
توضيح رواه في الكافي مرسلا إلى قوله الحسو باللبن الحسو باللبن يكررها ثلاثا و فيه التلبينة في الموضعين و هو أظهر قال في النهاية فيه التلبينة مجمة لفؤاد المريض التلبينة و التلبين حساء يعمل من دقيق أو نخالة و ربما جعل فيها عسل سميت تشبيها باللبن لبياضها و رقتها و هي تسمية بالمرة من التلبين مصدر لبن القوم إذا سقاهم اللبن. و في القاموس التلبين و بهاء حساء من نخالة و لبن و عسل أو من نخالة فقط و قال حسا زيد المرق شربه شيئا بعد شيء كتحساه و احتساه و اسم ما يحتسى الحسية و الحسا و يمد و الحسو كدلو و الحسو كعدو
8- طب الأئمة، عن محمد بن موسى السريعي عن ابن محبوب و هارون بن أبي الجهم عن السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه ع أن رسول الله ص قال شكا نوح إلى ربه عز و جل ضعف بدنه فأوحى الله تعالى إليه أن اطبخ اللحم باللبن فكلها فإني جعلت القوة و البركة فيهما
9- المكارم، عن أبي عبد الله ع قال في مرق لحم البقر يذهب بالبياض
و عن أبي جعفر ع قال إن بني إسرائيل شكوا إلى موسى ع ما يلقون من البرص فشكا ذلك إلى الله عز و جل فأوحى الله إليه مرهم فليأكلوا لحم البقر بالسلق
10- المحاسن، عن محمد بن علي عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن محمد بن أبي حمزة عن أبي بصير قال أكلنا مع أبي عبد الله ع فأتانا بلحم جزور و ظننت أنه من بدنته فأكلنا ثم أتينا بعس من لبن فشرب منه ثم قال لي اشرب يا أبا محمد فذقته فقلت أيش جعلت فداك قال إنها الفطرة ثم أتانا بتمرة فأكلنا
الكافي، عن العدة عن أحمد بن أبي عبد الله مثله و فيه محمد بن علي بن أبي حمزة و ما في المحاسن كأنه أظهر و فيه مكان أيش لبن و مكان أتانا أتينا. بيان العس بالضم القدح العظيم و أقول.
روى مسلم في صحيحه أن النبي ص أتي ليلة أسري به بإيليا بقدحين من خمر و لبن فنظر إليهما فأخذ اللبن فقال له جبرئيل ع الحمد لله الذي هداك للفطرة لو أخذت الخمر غوت أمتك
و قال بعض شراحه إيليا بالمد و قد يقصر بيت المقدس و في الرواية محذوف تقديره أتي بقدحين فقيل له اختر أيهما شئت فألهمه الله تعالى اختيار اللبن لما أراد سبحانه من توفيق هذه الأمة و قول جبرئيل ع أصبت الفطرة قيل في معناه أقوال المختار منها أن الله تعالى أعلم جبرئيل أن النبي ص إن اختار اللبن كان كذا و إن اختار الخمر كان كذا و أما الفطرة فالمراد بها هنا الإسلام و الاستقامة و معناه و الله يعلم اخترت علامة الإسلام و الاستقامة و جعل اللبن علامة ذلك لكونها سهلا طيبا طاهرا سائِغاً لِلشَّارِبِينَ سليم العاقبة و أما الخمر فإنها أم الخبائث و جالبة لأنواع الشر في الحال و المال انتهى. و قال الطيبي للفطرة أي الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها فإن منها الإعراض عما فيه غائلة و فساد كالخمر المخلة بالعقل الداعي إلى كل خير و الرادع عن كل شر و الميل إلى ما فيه نفع خال عن المضرة كاللبن انتهى. أقول فعلى هذه الوجوه المعنى أن اللبن شيء مبارك كان اختيار النبي ص إياه علامة الفطرة فيكون إشارة إلى تلك القصة لعلم الراوي بها و أقول يحتمل هذا الخبر وجوها أخر. الأول أنه مما اغتذى الإنسان به في أول ما رغب إلى الغذاء عند خروجه من بطن أمه و نشأ عليه فكأنه فطر عليه و خلق منه. الثاني أن يكون المراد بها ما يستحب أن يفطر عليه لورود الأخبار باستحباب إفطار الصائم به. الثالث أن يكون الغرض مدح ذلك اللبن المخصوص بأنه قريب العهد بالحلب قال الفيروزآبادي الفطر بالضم و بضمتين شيء من فضل اللبن يحلب ساعتئذ و قال قد سئل عن المذي قال هو الفطر قيل شبه المذي في قلته بما يحتلب بالفطر و روي بالضم و أصله ما يظهر من اللبن على إحليل الضرع انتهى و قيل الفطرة الطري القريب الحديث بالعمل. أقول الأول أظهر الوجوه ثم هي مرتبة في القرب و البعد
11- العيون، بالأسانيد الثلاثة المتقدمة عن الرضا عن آبائه ع قال قال الحسين بن علي ع كان النبي ص إذا أكل طعاما يقول اللهم بارك لنا فيه و ارزقنا خيرا منه و إذا أكل لبنا أو شربه يقول اللهم بارك لنا فيه و ارزقنا منه
صحيفة الرضا، بالإسناد عنه ع مثله بيان قوله أو شربه كأنه ترديد من الراوي أو الأكل للمنعقد منه و الشرب لغيره
12- قرب الإسناد، عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه ع عن جابر بن عبد الله قال قيل يا رسول الله أ نتداوى فقال نعم فتداووا فإن الله تبارك و تعالى لم ينزل داء إلا و قد أنزل له دواء عليكم بألبان البقر فإنها ترد من الشجر
توضيح فإنها ترد بالتخفيف مضمنا معنى الأخذ أو بالتشديد بمعنى الصدور و في بعض النسخ ترق و كأن المعنى تأكل ورق كل شجر لكن لم أجد في اللغة هذا الوزن بهذا المعنى بل قالوا تورقت الناقة أكلت الورق و في الكافي في حديث زرارة فإنها تخلط من كل الشجر كما سيأتي و على أي حال المعنى أنها تأكل من كل حشيش و ورق فتحصل في لبنه منافع كلها
13- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن ألبان الأتن تشرب للدواء أو تجعل في الدواء قال لا بأس
كتاب المسائل لعلي بن جعفر مثله
14- المحاسن، عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال كان النبي ص يحب من الشراب اللبن
15- و منه، عن علي بن الحكم عن الربيع بن محمد المسلي عن عبد الله بن سليمان عن أبي جعفر ع قال لم يكن رسول الله ص يأكل طعاما و لا يشرب شرابا إلا قال اللهم بارك لنا فيه و أبدلنا به خيرا منه إلا اللبن فإنه كان يقول اللهم بارك لنا فيه و زدنا منه
16- و منه، عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن ع قال كان النبي ص إذا شرب اللبن قال اللهم بارك لنا فيه و زدنا منه
17- الطب، ]طب الأئمة عليهم السلام[ عن إبراهيم بن حزام الحريري عن محمد بن أبي نصر عن ثعلبة عن عبد الرحيم بن عبد المجيد القصير عن جعفر بن محمد الصادق ع قال من أصابه ضعف في قلبه أو بدنه فليأكل لحم الضأن باللبن فإنه يخرج من أوصاله كل داء و غائلة و يقوى جسمه و يشد متنه
18- المحاسن، عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن ع قال كان النبي ص إذا شرب اللبن قال اللهم بارك لنا فيه و زدنا منه
19- و منه، عن أبيه عن عثمان بن عيسى عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله ع قال اللبن من طعام المرسلين
و منه، عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد الله ع عن أبيه عن آبائه ع مثله
20- و منه، عن أبيه و ابن بزيع عن محمد بن يحيى الخزاز عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن آبائه ع أن عليا ع كان يستحب أن يفطر على اللبن
21- و منه، عن بعض أصحابه عن ابن أخت الأوزاعي عن مسعدة بن اليسع الباهلي عن جعفر عن أبيه ع قال كان علي ع يعجبه أن يفطر على اللبن
22- و منه، عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال رسول الله ص ليس أحد يغص بشرب اللبن لأن الله تبارك و تعالى يقول لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ
بيان في القاموس الغصة بالضم الشجا و ما اعترض في الحلق فأشرق غصصت بالكسر و بالفتح تغص بالفتح غصصا و في الصحاح غصصت بالماء إذا وقف في حلقك فلم تكد تسيغه
23- المحاسن، عن أبيه عن القاسم بن محمد عن أبي الحسن الأصفهاني قال كنت عند أبي عبد الله ع فقال له رجل و أنا أسمع جعلت فداك إني أجد الضعف في بدني فقال عليك باللبن فإنه ينبت اللحم و يشد العظم
24- و منه، عن نوح بن شعيب عمن ذكره عن أبي الحسن ع قال من تغير عليه ماء الظهر ينفع له اللبن الحليب و العسل
25- و منه، عن ابن أبي همام عن كامل بن محمد بن إبراهيم الجعفي عن أبيه قال قال أبو عبد الله ع اللبن الحليب لمن تغير عليه ماء الظهر
بيان في القاموس الحليب اللبن المحلوب أو الحليب ما لم يتغير طعمه انتهى و تغير ماء الظهر كناية عن عدم انعقاد الولد منه
26- المحاسن، عن السياري عن عبيد الله بن أبي عبد الله الفارسي عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال قال له رجل إني أكلت لبنا فضرني فقال أبو عبد الله ع لا و الله ما ضر شيئا قط و لكنك أكلته مع غيره فضرك الذي أكلته معه فظننت أن ذلك من اللبن
27- و منه، عن أبي علي أحمد بن إسحاق عن عبد صالح ع قال من أكل اللبن فقال اللهم إني آكله على شهوة رسول الله ص إياه لم يضره
28- و منه، عن نوح بن شعيب عن بعض أصحابه عن موسى بن عبد الله بن الحسن قال سمعت أشياخنا يقولون إن ألبان اللقاح شفاء من كل داء و عاهة
29- و منه، عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن زرارة عن أحدهما ع قال قال رسول الله ص عليكم بألبان البقر فإنها تخلط من كل شجرة
-30 و منه، عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي ع قال لبن البقر شفاء
31- و منه، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جده قال شكوت إلى أبي جعفر ع ذرب معدتي فقال ما يمنعك من شرب ألبان البقر فقال لي شربتها قط فقلت مرارا قال فكيف وجدتها تدبغ المعدة و تكسو الكليتين الشحم و تشهي الطعام فقال لو كانت أيامه خرجت أنا و أنت إلى ينبع حتى نشربه
بيان قال الجوهري ذربت معدته تذرب ذربا فسدت و ينبع كينصر حصن له عيون و نخيل و زروع بطريق حاج مصر ذكره الفيروزآبادي
32- المحاسن، عن أبيه عن محمد بن عيسى عن صفوان عن عيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله ع عن شرب ألبان الأتن فقال اشربها
33- و منه، عن أبيه عن الحسين بن المبارك عن أبي مريم الأنصاري قال سألت أبا جعفر ع عن شرب ألبان الأتن فقال لا بأس بها
34- و منه، عن أبيه عن صفوان عن العيص عن أبي عبد الله ع قال تغديت معه فقال هذا شيراز الأتن اتخذناه لمريض لنا فإن أحببت أن تأكل منه فكل
35- المكارم، إن رسول الله ص قال ذانك الأطيبان التمر و اللبن إن رسول الله ص كلما شرب لبنا تمضمض و قال إن له لدسما
و في رواية قال ع إذا شربتم اللبن فتمضمضوا فإن لها دسما
عن أمير المؤمنين ع قال ألبان البقر دواء
عن الجعفري قال سمعت أبا الحسن ع يقول أبوال الإبل خير من ألبانها و يجعل الله الشفاء في ألبانها