1- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن علي عن أبيه عن إبراهيم بن رجا عن علي بن جابر عن عثمان بن داود الهاشمي عن محمد بن مسلم عن حمران بن أعين عن أبي محمد شيخ لأهل الكوفة قال لما قتل الحسين بن علي ع أسر من معسكره غلامان صغيران فأتي بهما عبيد الله بن زياد فدعا سجانا له فقال خذ هذين الغلامين إليك فمن طيب الطعام فلا تطعمهما و من البارد فلا تسقهما و ضيق عليهما سجنهما و كان الغلامان يصومان النهار فإذا جنهما الليل أتيا بقرصين من شعير و كوز من ماء القراح فلما طال بالغلامين المكث حتى صارا في السنة قال أحدهما لصاحبه يا أخي قد طال بنا مكثنا و يوشك أن تفنى أعمارنا و تبلى أبداننا فإذا جاء الشيخ فأعلمه مكاننا و تقرب إليه بمحمد ص لعله يوسع علينا في طعامنا و يزيدنا في شرابنا فلما جنهما الليل أقبل الشيخ إليهما بقرصين من شعير و كوز من ماء القراح فقال له الغلام الصغير يا شيخ أ تعرف محمدا قال فكيف لا أعرف محمدا و هو نبيي قال أ فتعرف جعفر بن أبي طالب قال و كيف لا أعرف جعفرا و قد أنبت الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء قال أ فتعرف علي بن أبي طالب قال و كيف لا أعرف عليا و هو ابن عم نبيي و أخو نبيي قال له يا شيخ فنحن من عترة نبيك محمد صلى الله عليه و آله و سلم و نحن من ولد مسلم بن عقيل بن أبي طالب بيدك أسارى نسألك من طيب الطعام فلا تطعمنا و من بارد الشراب فلا تسقينا و قد ضيقت علينا سجننا فانكب الشيخ على أقدامهما يقبلهما و يقول نفسي لنفسكما الفداء و وجهي لوجهكما الوقاء يا عترة نبي الله المصطفى هذا باب السجن بين يديكما مفتوح فخذا أي طريق شئتما فلما جنهما الليل أتاهما بقرصين من شعير و كوز من ماء القراح و وقفهما على الطريق و قال لهما سيرا يا حبيبي الليل و اكمنا النهار حتى يجعل الله عز و جل لكما من أمركما فرجا و مخرجا ففعل الغلامان ذلك فلما جنهما الليل انتهيا إلى عجوز على باب فقالا لها يا عجوز إنا غلامان صغيران غريبان حدثان غير خبيرين بالطريق و هذا الليل قد جننا أضيفينا سواد ليلتنا هذه فإذا أصبحنا لزمنا الطريق فقالت لهما فمن أنتما يا حبيبي فقد شممت الروائح كلها فما شممت رائحة هي أطيب من رائحتكما فقالا لها يا عجوز نحن من عترة نبيك محمد ص هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل قالت العجوز يا حبيبي إن لي ختنا فاسقا قد شهد الوقعة مع عبيد الله بن زياد أتخوف أن يصيبكما هاهنا فيقتلكما قالا سواد ليلتنا هذه فإذا أصبحنا لزمنا الطريق فقالت سآتيكما
بطعام ثم أتتهما بطعام فأكلا و شربا فلما ولجا الفراش قال الصغير للكبير يا أخي إنا نرجو أن نكون قد أمنا ليلتنا هذه فتعال حتى أعانقك و تعانقني و أشم رائحتك و تشم رائحتي قبل أن يفرق الموت بيننا ففعل الغلامان ذلك و اعتنقا و ناما فلما كان في بعض الليل أقبل ختن العجوز الفاسق حتى قرع الباب قرعا خفيفا فقالت العجوز من هذا قال أنا فلان قالت ما الذي أطرقك هذه الساعة و ليس هذا لك بوقت قال ويحك افتحي الباب قبل أن يطير عقلي و تنشق مرارتي في جوفي جهد البلاء قد نزل بي قالت ويحك ما الذي نزل بك قال هرب غلامان صغيران من عسكر عبيد الله بن زياد فنادى الأمير في معسكره من جاء برأس واحد منهما فله ألف درهم و من جاء برأسهما فله ألفا درهم فقد أتعبت و تعبت و لم يصل في يدي شيء فقالت العجوز يا ختني احذر أن يكون محمد خصمك في القيامة قال لها ويحك إن الدنيا محرص عليها فقالت و ما تصنع بالدنيا و ليس معها آخره قال إني لأراك تحامين عنهما كان عندك من طلب الأمير شيء فقومي فإن الأمير يدعوك قالت و ما يصنع الأمير بي و إنما أنا عجوز في هذه البرية قال إنما لي الطلب افتحي لي الباب حتى أريح و أستريح فإذا أصبحت بكرت في أي الطريق آخذ في طلبهما ففتحت له الباب و أتته بطعام و شراب فأكل و شرب فلما كان في بعض الليل سمع غطيط الغلامين في جوف البيت فأقبل يهيج كما يهيج البعير الهائج و يخور كما يخور الثور و يلمس بكفه جدار البيت حتى وقعت يده على جنب الغلام الصغير فقال له من هذا قال أما أنا فصاحب المنزل فمن أنتما فأقبل الصغير يحرك الكبير و يقول قم يا حبيبي فقد و الله وقعنا فيما كنا نحاذره قال لهما من أنتما قالا له يا شيخ إن نحن صدقناك فلنا الأمان قال نعم قالا أمان الله و أمان رسوله و ذمة الله و ذمة رسوله ص قال نعم قالا و محمد بن عبد الله على ذلك من الشاهدين قال نعم قالا وَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ و شهيد قال نعم قالا له يا شيخ فنحن من عترة نبيك محمد ص هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل فقال لهما من الموت هربتما و إلى الموت وقعتما الحمد لله الذي أظفرني بكما فقام إلى الغلامين فشد أكتافهما فبات الغلامان ليلتهما مكتفين فلما انفجر عمود الصبح دعا غلاما له أسود يقال له فليح فقال له خذ هذين الغلامين فانطلق بهما إلى شاطئ الفرات و اضرب أعناقهما و ائتني برءوسهما لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد و آخذ جائزة ألفي درهم فحمل الغلام السيف و مشى أمام الغلامين فما مضى إلا غير بعيد حتى قال أحد الغلامين يا أسود ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول الله ص قال إن مولاي قد أمرني بقتلكما فمن أنتما قالا له يا أسود نحن من عترة نبيك محمد ص هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل أضافتنا عجوزكم هذه و يريد مولاك قتلنا فانكب الأسود على أقدامهما يقبلهما و يقول نفسي لنفسكما الفداء و وجهي لوجهكما الوقاء يا عترة نبي الله المصطفى و الله لا يكون محمد خصمي في القيامة ثم عدا فرمى بالسيف من يده ناحية و طرح نفسه في الفرات و عبر إلى الجانب الآخر فصاح به مولاه يا غلام عصيتني فقال يا مولاي إنما أطعتك ما دمت لا تعصي الله فإذا عصيت الله فأنا منك بريء في الدنيا و الآخرة فدعا ابنه فقال يا بني إنما أجمع الدنيا حلالها و حرامها لك و الدنيا محرص عليها فخذ هذين الغلامين إليك فانطلق بهما إلى شاطئ الفرات فاضرب أعناقهما و ائتني برءوسهما لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد و آخذ جائزة ألفي درهم فأخذ الغلام السيف و مشى أمام الغلامين فما مضيا إلا غير بعيد حتى قال أحد الغلامين يا شاب ما أخوفني على شبابك هذا من نار جهنم فقال يا حبيبي فمن أنتما قالا من عترة نبيك محمد ص يريد والدك قتلتا فانكب الغلام على أقدامهما يقبلهما و يقول لهما مقالة الأسود و رمى بالسيف ناحية و طرح نفسه في الفرات و عبر فصاح به أبوه يا بني عصيتني قال لأن أطيع الله أعصيك
أحب إلي من أن أعصي الله و أطيعك قال الشيخ لا يلي قتلكما أحد غيري أخذ السيف و مشى أمامهما فلما صار إلى شاطئ الفرات سل السيف عن جفنه فلما نظر الغلامان إلى السيف مسلولا اغرورقت أعينهما و قالا له يا شيخ انطلق بنا إلى السوق و استمتع بأثماننا و لا ترد أن يكون محمد خصمك في القيامة غدا فقال لا و لكن أقتلكما و أذهب برءوسكما إلى عبيد الله بن زياد و آخذ جائزة ألفين فقالا له يا شيخ أ ما تحفظ قرابتنا من رسول الله فقال ما لكما من رسول الله قرابة قالا له يا شيخ فأت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتى يحكم فينا بأمره قال ما إلى ذلك سبيل إلا التقرب إليه بدمكما قالا له يا شيخ أ ما ترحم صغر سننا قال ما جعل الله لكما في قلبي من الرحمة شيئا قالا يا شيخ إن كان و لا بد فدعنا نصلي ركعات قال فصليا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة فصلى الغلامان أربع ركعات ثم رفعا طرفيهما إلى السماء فناديا يا حي يا حليم يا أحكم الحاكمين احكم بيننا و بينه بالحق فقام إلى الأكبر فضرب عنقه و أخذ برأسه و وضعه في المخلاة و أقبل الغلام الصغير يتمرغ في دم أخيه و هو يقول حتى ألقى رسول الله و أنا مختضب بدم أخي فقال لا عليك سوف ألحقك بأخيك ثم قام إلى الغلام الصغير فضرب عنقه و أخذ رأسه و وضعه في المخلاة و رمى ببدنهما في الماء و هما يقطران دما و مر حتى أتى بهما عبيد الله بن زياد و هو قاعد على كرسي له و بيده قضيب خيزران فوضع الرأسين بين يديه فلما نظر إليهما قام ثم قعد ثم قام ثم قعد ثلاثا ثم قال الويل لك أين ظفرت بهما قال أضافتهما عجوز لنا قال فما عرفت لهما حق الضيافة قال لا قال فأي شيء قالا لك قال قالا يا شيخ اذهب بنا إلى السوق فبعنا فانتفع بأثماننا و لا ترد أن يكون محمد خصمك في القيامة قال فأي شيء قلت لهما قال قلت لا و لكن أقتلكما و أنطلق برءوسكما إلى عبيد الله بن زياد و آخذ جائزة ألفي درهم قال فأي شيء قالا لك قال قالا ائت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتى يحكم فينا بأمره قال فأي شيء قلت قال قلت ليس إلى ذلك سبيل إلا التقرب إليه بدمكما قال أ فلا جئتني بهما حيين فكنت أضعف لك الجائزة و أجعلها أربعة آلاف درهم قال ما رأيت إلى ذلك سبيلا إلا التقرب إليك بدمهما قال فأي شيء قالا لك أيضا قال قالا لي يا شيخ احفظ قرابتنا من رسول الله قال فأي شيء قلت لهما قال قلت لهما ما لكما من رسول الله قرابة قال ويلك فأي شيء قالا لك أيضا قال قالا يا شيخ ارحم صغر سننا قال فما رحمتهما قال قلت ما جعل الله لكما من الرحمة في قلبي شيئا قال ويلك فأي شيء قالا لك أيضا قال قالا دعنا نصلي ركعات فقلت فصليا ما شئتما أن نفعتكما الصلاة فصلى الغلامان أربع ركعات قال فأي شيء قالا في آخر صلاتهما قال رفعا طرفيهما إلى السماء و قالا يا حي يا حليم يا أحكم الحاكمين احكم بيننا و بينه بالحق قال عبيد الله بن زياد فإن أحكم الحاكمين قد حكم بينكم من للفاسق قال فانتدب له رجل من أهل الشام فقال أنا له قال فانطلق به إلى الموضع الذي قتل فيه الغلامين فاضرب عنقه و لا تترك أن يختلط دمه بدمهما و عجل برأسه ففعل الرجل ذلك و جاء برأسه فنصبه على قناة فجعل الصبيان يرمونه بالنبل و الحجارة و هم يقولون هذا قاتل ذرية رسول الله ص
بيان غطيط النائم و المخنوق نخيرهما
أقول روي في المناقب القديم هذه القصة مع تغيير قال أخبرنا سعد الأئمة سعيد بن محمد بن بكر الفقيمي عن محمد بن عبد الله السرختكي عن أحمد بن يعقوب عن طاهر بن محمد الحدادي عن محمد بن علي بن نعيم عن محمد بن الحسين بن علي عن محمد بن يحيى الذهلي قال لما قتل الحسين بن علي ع بكربلاء هرب غلامان من عسكر عبيد الله بن زياد أحدهما يقال له إبراهيم و الآخر يقال له محمد و كانا من ولد جعفر الطيار فإذا هما بامرأة تستقي فنظرت إلى الغلامين و إلى حسنهما و جمالهما فقالت لهما من أنتما فقالا نحن من ولد جعفر الطيار في الجنة هربنا من عسكر عبيد الله بن زياد فقالت المرأة إن زوجي في عسكر عبيد الله بن زياد و لو لا أني أخشى أن يجيء الليلة و إلا ضيفتكما و أحسنت ضيافتكما فقالا لها أيتها المرأة انطلقي بنا فنرجو أن لا يأتينا زوجك الليلة فانطلقت المرأة و الغلامان حتى انتهيا إلى منزلها فأتتهما بطعام فقالا ما لنا في الطعام من حاجة ائتنا بمصلى نقضي فوائتنا فصليا فانطلقا إلى مضجعهما فقال الأصغر للأكبر يا أخي و يا ابن أمي التزمني و استنشق من رائحتي فإني أظن أنها آخر ليلتي لا نصبح بعدها و ساق الحديث نحوا مما مر إلى أن قال ثم هز السيف و ضرب عنق الأكبر و رمى ببدنه الفرات فقال الأصغر سألتك بالله أن تتركني حتى أتمرغ بدم أخي ساعة قال و ما ينفعك ذلك قال هكذا أحب فتمرغ بدم أخيه إبراهيم ساعة ثم قال له قم فلم يقم فوضع السيف على قفاه فضرب عنقه من قبل القفا و رمى ببدنه إلى الفرات فكان بدن الأول على وجه الفرات ساعة حتى قذف الثاني فأقبل بدن الأول راجعا يشق الماء شقا حتى التزم بدن أخيه و مضيا في الماء و سمع هذا الملعون صوتا من بينهما و هما في الماء رب تعلم و ترى ما فعل بنا هذا الملعون فاستوف لنا حقنا منه يوم القيامة ثم قال فدعا عبيد الله بغلام له أسود يقال له نادر فقال له يا نادر دونك هذا الشيخ شد كتفيه فانطلق به الموضع الذي قتل الغلامين فيه فاضرب عنقه و سلبه لك و لك عشرة آلاف درهم و أنت حر لوجه الله فانطلق الغلام به إلى الموضع الذي ضرب أعناقهما فيه فقال له يا نادر لا بد لك من قتلي قال فضرب عنقه فرمى بجيفته إلى الماء فلم يقبله الماء و رمى به إلى الشط و أمر عبيد الله بن زياد أن يحرق بالنار ففعل به ذلك و صار إلى عذاب الله