الآيات المائدة الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ. تفسير المراد باليوم الآن لا اليوم المتعارف و الطيبات كل مستطاب من الأطعمة كما فهمه القوم أو كل ما فيه جهة حسن واقعي وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ قيل المراد بالطعام الذبائح و غيرها و قيل مخصوص بالذبائح و روي عن الصادق ع أنه مختص بالحبوب و ما لا يحتاج إلى التذكية وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ أي لأهل الكتاب فلا عليكم جناح أن تطعموهم. قال شيخنا البهائي ره في رسالته المعمولة لحكم ذبائح أهل الكتاب لا خلاف بين علماء الإسلام في تحريم ذبائح من عدا اليهود و النصارى و المجوس من أصناف الكفار و إنما الخلاف في الأصناف الثلاثة لا غير فذهب جمهور الإمامية كالشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان و الشيخ أبي جعفر الطوسي و السيد المرتضى علم الهدى و أبي الصلاح و ابن حمزة و ابن إدريس و العلامة جمال الدين و المحقق نجم الدين و الشيخ محمد بن مكي و سائر المتأخرين عطر الله مضاجعهم إلى أن ذبائحهم محرمة لا يجوز الأكل منها على حال من الأحوال سواء ذكر اسم الله تعالى عليها أم لا و وافقهم على ذلك الحنابلة و ذهب الحنفية و الشافعية و المالكية إلى إباحة ذبائح أهل الكتاب و إن لم يذكر اسم الله عليها و وافقهم الشاذ من علماء الإمامية كابن أبي عقيل. و قال محمد بن بابويه طاب ثراه إذا سمعنا اليهودي و النصراني و المجوسي يذكر اسم الله تعالى عند الذبح فإن ذبيحته تحل لنا و إلا فلا و إلحاق المجوسي باليهودي و النصراني لأن لهم شبهة كتاب. ثم اختلف علماء الأمة في ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية فذهب الحنابلة و داود الأصفهاني إلى تحريم أكلها سواء ترك التسمية عمدا أو سهوا و وافقهم صاحب الكشاف مع أنه حنفي الفروع حيث قال من حق ذي البصيرة في دينه أن لا يأكل مما لم يذكر اسم الله عليه كيف ما كان لما ترى في الآية من التشديد العظيم هذا كلامه. و ذهب الشافعية و المالكية إلى إباحة أكلها مطلقا و ذهب جماهير الإمامية إلى التفصيل بأنه إن تركها عمدا حرم أكلها و إن تركها سهوا لم يحرم و هو مذهب الحنفية فهذه هي المذاهب المشهورة. ثم قال احتج جمهور الإمامية على تحريم ذبائح أهل الكتاب بقوله تعالى وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ و أهل الكتاب لا يذكرون اسم الله على ذبائحهم فتكون محرمة بنص الكتاب و لو فرض أن النصراني تلفظ باسم الله عند الذبح فإنما يقصد الإله الذي يعتقد أنه أب المسيح و كذا اليهودي إنما يعني الإله الذي عزير ابنه فوجود اللفظ في الحقيقة كعدمه. و أما تأويل قوله سبحانه مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ بالميتة فظاهر البعد و قوله تعالى عقيب ذلك وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إلى قوله سبحانه إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ لا يدل عليه كما سنذكره و أبعد منه تأويل مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ بما ذكر غير اسم الله عليه. و أما وقوع مثل هذا التأويل في قوله تعالى وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ فإنما هو لعدم استقامة الكلام بدونه بخلاف ما نحن فيه على أن ارتكابه هنا لا يشفي العليل لما نقل أن النصارى يذكرون اسم المسيح عند الذبح. و احتج الإمامية أيضا بالروايات
عن أئمة أهل البيت كما رواه محمد بن مسلم عن الإمام محمد بن علي الباقر ع قال سألته عن النصارى أ تؤكل ذبائحهم فقال كان علي ع ينهى عن ذبائحهم و عن صيدهم و عن مناكحتهم
و كما رواه إسماعيل بن جابر عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ع أنه قال عند جريان ذكر أهل الكتاب لا تأكلوا ذبائحهم
و كما رواه سماعة بن مهران عن الإمام موسى الكاظم ع قال سألته عن ذبيحة اليهودي و النصراني قال لا تقربهما
و كما رواه زكريا بن آدم عن الإمام علي بن موسى الرضا ع أنه قال أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الدين الذي أنت عليه و أصحابك إلا عند الضرورة
و الروايات عنهم بذلك كثيرة كما تضمنه كتاب تهذيب الأخبار و كتاب الكافي و غيرهما من كتب الحديث و الروايات النافية لها لا تصلح لمعارضتها لأن هذه معتضدة عندنا بالشهرة المقاربة للإجماع. ثم قال ره احتج الحنفية و الشافعية و المالكية على إباحة ذبائح اليهود و النصارى بوجوه. الأول الأصل في الأشياء الحل حتى يتبين التحريم و لم يثبت. الثاني قوله تعالى وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ و الطعام يشمل اللحم و غيره و الآية ناطقة بجواز أكل ذبائحهم. و أما التنافي بينهما و بين قوله تعالى وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فيمكن دفعه بوجهين. الأول أن يحمل الموصول على الميتة كما رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس. و يدل عليه قوله تعالى في هذه الآية وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ فقد روي في تفسيرها أن الكفار كانوا يقولون للمسلمين إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله فما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتموه و وجه التأييد أنهم أرادوا بما قتل الله ما مات حتف أنفه فينبغي حمل الموصول في صدر الآية على ذلك أيضا ليتلاءم أجزاء الكلام و يخرج عن التنافر. الوجه الثاني أن يؤول الصلة بما ذكر غير اسم الله عليه حيث قال جل ثناؤه قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ الآية قرينة ظاهرة على أن المراد به في تلك الآية هذا المعنى لا غير فالواو في قوله سبحانه وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ واو الحال أي لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه حال كونه فسقا أي أهل به لغير الله و لا يستقيم كونها للعطف لما يلزم من عطف الخبر على الإنشاء. الثالث روي أن النبي ص أكل من الذراع المسموم الذي أهدته إليه اليهودية و كان مرض السم يعاوده في بعض الأوقات إلى أن مات ص من ذلك و أكله من ذلك اللحم يدل على حل ذبيحة اليهود. و احتج الحنابلة على تحريم ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية سواء تركها عمدا أو سهوا بظاهر الآية وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ و احتج المالكية و الشافعية على إباحتها مطلقا
بظاهر قوله ص ذبيحة المسلم حلال و إن لم يذكر اسم الله
و هذا الحديث لم يثبت عند الإمامية و حمله الحنفية على حالة النسيان لا العمد و أورد الشافعية عليهم أنه على هذا التقدير يلزم كون المسلم أسوأ حالا من اليهود و النصارى لأن المسلم التارك التسمية عمدا لا يجوز أكل ذبيحته و اليهود و النصراني التارك يجوز أكل ذبيحته و هذا الإيراد ليس بشيء لأن الأمور تعبدية لا مجال للبحث فيها. ثم قال ره و الجواب عن الاستدلال بآية وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ أنه لا ريب أن ظاهرها ينافي ظاهر آية وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ و لكن رفع التنافي ليس بمنحصر فيما ذكرتم ليتم كلامكم فإن رفعه بما قلنا و نقله محدثونا عن أئمة أهل البيت ع بتخصيص الطعام بما عدا اللحوم أولى و أحسن من حملكم و تأويلكم البعيد و تخصيص الطعام بالبر و التمر و نحوهما شائع.
و في حديث أبي سعيد الخدري كنا نخرج لصدقة الفطر على عهد رسول الله ص صاعا من طعام أو صاعا من شعير
و معلوم أن المراد بالطعام ما قلناه إذ لا يقال صاع من لحم و قد روي عن أئمة أهل البيت ع أن المراد بالطعام في هذه الآية الحبوب و ما شابهها و رواية ابن أبي حاتم لم تثبت عند كثير من محدثيكم فكيف عندنا. و لا دلالة في قوله تعالى وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ الآية على أن المراد بما لم يذكر اسم الله عليه الميتة فقط لأنه يشمل فردي ما مات حتف أنفه و ما ذبح من دون ذكر اسم الله عليه من ذبائح المسلمين و الكفار و حصول الجدال في الفرد الأول لأن تلبيسهم على المسلمين و إظهارهم الباطل في صورة الحق إنما يتمشى فيه فحكى سبحانه جدالهم فيما جادلوا فيه دون ما لم يجادلوا فيه و ذلك لا يوجب تنافر أجزاء الكلام بوجه من الوجوه كما لا يخفى و كذا لا دلالة في قوله وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ على تأويل مما لم يذكر اسم الله عليه فإن استعمال الفسق في الآية في غير معناه الحقيقي حيث أخرجه عن معناه المصدري لوجود الصارف فيها عن حمله عليه لا يدل على أنه في آية أخرى محمول على غير معناه الحقيقي و الحال أنه لا صارف عن حمله فيها على معناه الحقيقي. و الواو في قوله تعالى وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ لا يتعين كونها للحال كما لا يتعين عود الضمير إلى الموصول لاحتمال جعل الواو اعتراضية و احتمال عود الضمير إلى المصدر المدلول عليه بالفعل كما في الكشاف و غيره و الواو الاعتراضية كما تقع في أثناء الكلام تقع في آخره أيضا كما قالوه
في قول النبي ص أنا سيد ولد آدم و لا فخر
صرح بذلك في المطول و غيره أيضا فاحتمال كونها للعطف قائم و أما قولكم يلزم عطف الخبر على الإنشاء فجوابه أنه من قبيل عطف القصة على القصة فلا يحتاج فيه إلى تناسب الجملتين في الخبرية و الإنشائية. قال صاحب الكشاف عند تفسير قوله تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ و قصة المنافقين عن آخرها معطوفة على قصة الذين كفروا كما تعطف الجملة على الجملة انتهى. و قال صاحب الكشاف أراد أنه ليس من باب عطف جملة على جملة لتطلب مناسب الثانية مع السابقة بل من باب ضم الجملة مسوقة إلى أخرى. و قال صاحب الكشاف أيضا عند تفسير قوله تعالى وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فإن قلت علام عطف هذا الأمر و لم يسبق أمر و لا نهي ليصح عطفه عليه قلت ليس الذي يعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له شاكل من أمر أو نهي يعطف عليه إنما المعتمد بالعطف هو جملة وصف ثواب المؤمنين فهي معطوفة على جملة وصف عقاب الكافرين كما يقال زيد يعاقب بالقيد و الإزهاق و بشر عمرا بالعفو و الإطلاق انتهى. و قال السيد في شرح المفتاح بعد ما قررناه لا يشترط في عطف القصة على القصة تناسب الجملتين في الخبرية و الإنشائية فليكن ذلك على ذكر منك فإنه ينجيك من تكلفات باردة في مواضع شتى. و قد يقال في إبطال كون الواو هنا للحال أن التأكيد بإن و الأمر غير مناسب للجملة لأن الحال بمعنى الظرف كما نص عليه النحاة فالمعنى و الله أعلم و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه إذا كان فسقا فليس المقام حينئذ مقام التأكيد إذ ليس الغرض النهي عنه في وقت كون الحكم بكونه فسقا مؤكدا كما هو مقتضى رجوع النفي إلى القيد في نحو ما جاء زيد ماشيا و لا تضرب زيدا راكبا و لهذا لم يجعلوا جملة وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ بعد قوله جل شأنه فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ حالية و إنما حكموا بأنها معترضة بين القسم و جوابه لئلا يلزم ما قلنا هاهنا و عندي في هذا الكلام نظر إذ لا مانع من تقييد النهي عن كل ما لم يذكر اسم الله عليه بترتيب الحكم المؤكد بكون أكله فسقا و الجملة الحالية تؤكد كما ذكره نجم الأئمة الشيخ الرضي و مثل بقولنا لقيته و إن عليه جبة و عد من ذلك قوله تعالى في بحث الحروف المشبهة بالفعل وَ ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ. هذا و ظني أن وجه التأكيد في هاتين الجملتين أن كلا منهما كلام برأسه ملقى إلى المؤمنين فهو رائج عندهم متقبل لديهم كما ذكره صاحب الكشاف عند قوله تعالى وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا. و أما ما قيل من أن وجه التأكيد في الآية التي نحن فيها هو أن الكفار منكرون كون أكل ما لم يذكر اسم الله عليه فسقا فليس بشيء لأن المخاطب بالآية الكريمة المؤمنون و هم لا ينكرون كون أكل الميتة فسقا و المنكر لذلك هم غير المخاطبين بها فحينئذ تأكيد الكلام الملقى إلى غير المنكرين لكون غير المخاطبين منكرين اختراع لا يعرفه أحد من علماء المعاني. و الجواب عما روي من أكله ص من اللحم الذي أهدته اليهودية بأن الرواية لم تثبت صحتها عندنا و احتمال علمه ص بشراء تلك اليهودية ذلك اللحم من جزار مسلم إما بإخبار أحد من الصحابة أو بإلهام و نحوه قائم و التقريب لا يتم بدون بيان انتفائه. و أما ما اختاره ابن بابويه من إباحة ذبيحة اليهود و النصارى و المجوس إذا سمعنا منهم التسمية عند الذبح فقد استدل عنه ببعض الروايات و بقوله سبحانه فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ و هذا قد ذكر اسم الله عليه و ليس في الآية الكريمة تقييد الذاكر بكونه مسلما فتدخل الأصناف الثلاثة و أما غيرهم من الكفار فهم خارجون بإجماع المسلمين على تحريم ذبائحهم و لو لا أن قوله هذا مخالف للروايات المتضافرة و عمل جماهير علمائنا لكان العمل به غير بعيد عن الصواب إن ألحقنا المجوس بأهل الكتاب انتهى كلامه رفع الله مقامه.
و قال الشيخ السديد المفيد قدس الله نفسه الزكية في رسالة الذبائح اختلف أهل الصلاة في ذبائح أهل الكتاب فقال جمهور العامة بإباحتها و ذهب نفر من أوائلهم بحظرها و قال جمهور الشيعة بحظرها و ذهب نفر منهم إلى مذهب العامة في إباحتها و استدل الجمهور من الشيعة على حظرها بقول الله عز و جل وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ. قالوا فحظر الله سبحانه بتضمن هذه الآية أكل كل ما لم يذكر عليه اسمه من الذبائح دون ما لم يرده من غيرها الإجماع و الاتفاق فاعتبرنا المعنى بذكر التسمية أ هو اللفظ بها خاصة أم هو شيء ينضم إلى اللفظ و يقع لأجله على وجه يتميز به مما يعمه و إياه الصيغة من أمثاله في الكلام فبطل أن يكون المراد هو اللفظ بمجرده لاتفاق الجميع على حظر ذبيحة كثر ممن يتلفظ بالاسم عليها كالمرتد و إن سمى تجهلا و المرتد عن أصل من الشريعة مع إقراره بالتسمية و استعمالها و المشبه لله تعالى بخلقه لفظا و معنى و إن دان بفرضها عند الذبيحة متدينا و الثنوية و الديصانية و الصابئين و المجوس. قلت إن المعنى بذكرها هو الثاني من وقوعها على وجه يتخصص به من تسمية من عددناه و أمثالهم في الضلال فنظرنا في ذلك فأخرج لنا دليل الاعتبار أنها تسمية المتدين بفرضها على ما تقرر في شريعة الإسلام مع المعرفة بالمسمى المقصود بذكره عند الذبيحة إلى استباحتها دون من عداه بدلالة حصول الحظر مع التسمية ممن أنكر وجوب فرضها و تلفظ بها لغرض له دون التدين ممن سميناه و حصوله أيضا مع تسمية المتدين بفرضها إذا كان كافرا يجحد أصلا من الشريعة لشبهة عرضت له و إن كان مقرا بسائر ما سوى الأصل على ما بيناه و حظر ذبيحة المشبه و إن سمى و دان بفرضها كما ذكرناه. و إذا صح أن المراد بالتسمية عند الذكاة ما وصفناه من التدين بفرضها على شرط ملة الإسلام و المعرفة بمن سماه ثبت حظر ذبائح أهل الكتاب لعدم استحقاقهم من الوصف بما شرحناه و لحوقهم في المعنى الذي ذكرناه بشركائهم في الكفر من المجوس و الصابئين و غيرهما من أصناف المشركين و الكفار. سؤال فإن قال قائل فإن اليهود تعرف الله جل اسمه و تدين بالتوحيد و تقربه و تذكر اسمه على ذبائحها و هذا يوجب الحكم عليها بأنها حلال. الجواب قيل له ليس الأمر على ما ذكرت لا اليهود من أهل المعرفة بالله عز و جل حسب ما قدرت و لا هي مقرة بالتوحيد في الحقيقة و إن كان تدعي ذلك لأنفسها بدلالة كفرها بمرسل محمد ص و جحدها لربوبيته و إنكارها لإلهيته من حيث اعتقدت كذبه ص و دانت ببطلان نبوته و ليس يصح الإقرار بالله عز و جل في حالة الإنكار له و لا المعرفة به في حد الجهل بوجوده و قد قال الله تعالى لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ و قال وَ لَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ النَّبِيِّ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ و قال فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً. و لو كانت اليهود عارفة بالله تعالى و له موحدة لكانت به مؤمنة و في نفي القرآن عنها الإيمان دليل على بطلان ما تخيله الخصم. على أن ما يظهر اليهود من الإقرار بالله عز اسمه و توحيده قد يظهر من مستحل الخمر بالشبهة و يقترن إلى ذلك بإقراره بنبوة محمد ص و التدين بما جاء به في الجملة و قد أجمع علماء الأمة على أن ذبيحة هذا محرمة و أنه خارج من جملة من أباح الله تعالى أكل ذبيحته بالتسمية فاليهود أولى بأن يكون ذبائحهم محرمة
لزيادتهم عليه في الكفر و الضلال أضعافا مضاعفة. مع أنه لا شيء يوجب جهل المشبهة بالله عز و جل إلا و هو موجب جهل اليهود و النصارى بالله و لا معنى يحصل لهم الحكم بالمعرفة مع إنكارهم لإلهية مرسل محمد ص و كفرهم به إلا و هو يلزم صحة الحكم على المشبهة بالمعرفة و إن اعتقدوا أن ربهم على صورة الإنسان بعد أن يصفوه بما سوى ذلك من صفات الله عز و جل و هذا ما لا يذهب إليه أحد من أهل المعرفة و إن ذهب علمه على جميع المقلدة. على أنه ليس أحد من أهل الكتاب يوجب التسمية و لا يراها عند الذبيحة فرضا و إن استعملها منهم إنسان فلعادة مخالطة مع أن مخالفينا لا يفرقون بين ذبائح اليهود و النصارى و ليس في جهل النصارى بالله عز و جل و عدم معرفتهم به لقولهم بالأقانيم و الجوهر و الأب و الابن و الروح و الاتحاد شك و لا ريب و إذا ثبت حظر ذبائح النصارى بما وصفناه وجب حظر ذبائح اليهود للاتفاق على أنه لا فرق بينهما في الإباحة و التحريم. و شيء آخر و هو أنه متى ثبت لليهود و النصارى بالله عز و جل معرفة وجب بمثل ذلك أن للمجوس بالله تعالى معرفة و لعبدة الأصنام من قريش و من شاركهم في الإقرار بالله سبحانه و اعتقادهم بعبادة الأصنام القربة إليه عز اسمه فإن كان كفر اليهود و النصارى لا يمنع من استباحة ذبائحهم لإقرارهم في الجملة بالله تعالى فكفر من عددناه لا يمنع أيضا من ذلك و هذا خلاف للإجماع و ليس بينه و بين ما ذهب إليه الخصم فرق مع ما اعتمدنا من الاعتلال. و مما يدل أيضا على حظر ذبائح اليهود و أهل الكتاب و جميع الكفار أن الله جل اسمه جعل التسمية في الشريعة شرطا في استباحة الذبيحة و حظر الاستباحة على الشك و الريب فوجب اختصاصها بذبيحة الدائن بالشريعة المقر بفرضها دون المكذب بها المنكر لواجباتها إذا كان غير مأمون على نبذها و التعمد لترك شروطها لموضع كفره بها و القربة بإفساد أصولها و هذا موضح عن حظر ذبائح كل من رغب عن ملة الإسلام و شيء آخر و هو أن القياس المستمر في السمعيات على مذاهب خصومنا يوجب حظر ذبائح أهل الكتاب من قبل أن الإجماع حاصل على حظر ذبائح كفار العرب و كانت العلة في ذلك كفرهم و إن كانوا مقرين بالله عز و جل فوجب حظر ذبائح اليهود و النصارى لمشاركتهم من ذكرناه في الكفر و إن كانوا مقرين لفظا بالله جل اسمه على ما بيناه. و شيء آخر و هو أنا و جمهور مخالفينا نرى إباحة من سها عن ذكر الله من المسلمين لما يعتقد عليه من النية من فرضها فوجب أن يكون ذبيحة من أبى فرض التسمية محظورة و إن تلفظ عليها بذكرها و هذا مما لا محيص عنه. فإن قالوا فما تصنعون في قول الله عز و جل الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ و هذا صريح في إباحة ذبائح أهل الكتاب. قيل له قد ذهب جماعة من أصحابنا إلى أن المعنى في هذه الآية من أهل الكتاب من أسلم منهم و انتقل إلى الإيمان دون من أقام على الكفر و الضلال و ذلك أن المسلمين تجنبوا ذبائحهم بعد الإسلام كما كانوا يتجنبونها قبله فأخبرهم الله تعالى بإباحتها لتغير أحوالهم عما كانت عليه من الضلال. قالوا و ليس بمنكر أن يسميهم الله أهل كتاب و إن دانوا بالإسلام كما سمى أمثالهم من المنتقلين عن الذمة إلى الإسلام حيث يقول وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ فأضافهم بالنسبة إلى الكتاب و إن كانوا على ملة الإسلام فهكذا تسمى من أباح ذبيحته من المنتقلين عما لزمه و إن كانوا على الحقيقة من أهل الإيمان و الإسلام.
و قال الباقون من أصحابنا إن ذكر طعام أهل الكتاب في هذه الآية يختص بحبوبهم و ألبانهم و ما شاكل ذلك دون ذبائحهم بما قدمنا ذكره من الدلائل و شرحناه من البرهان لاستحالة التضاد بين حجج الله تعالى و القرآن و وجوب خصوص الذكر بدلائل الاعتبار و هذا كاف لمن تأمله سؤال فإن قال قائل خبروني عما ذهبتم إليه من تحريم ذبائح أهل الكتاب أ هو شيء تأثرونه عن أئمتكم من آل محمد ع أم حجتكم فيه ما تقدم لكم من الاعتبار دون السماع الشياع من جهة النقل و الأخبار جواب قيل له عمدتنا في ذلك أقوال أئمتنا الصادقين من آل محمد ص و ما صح عندنا من حكمهم به و إن كان الاعتبار دليلا قاطعا عند ذوي العقول و الأديان فإنا لم نصر إليه من ذلك دون ما ذكرناه من الأثر و وصفناه. فإن قال فإنني لم أقف من قبل على شيء ورد من آل محمد ع في هذا الباب فاذكروا جملة من الروايات فيه لأضيف مفهومه إلى ما قد استقر عندي العلم به من دليل القرآن على ما رتبتموه من الاستدلال. قيل له أما إذا آثرت ذلك للبيان فإنا مثبتوه لك و الله الموفق للصواب. ثم قال
أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه و أبو جعفر بن بابويه عن محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن عمرو عن المفضل بن صالح عن زيد الشحام قال سئل الصادق جعفر بن محمد عن ذبيحة الذمي فقال لا تأكلها سمى أم لم يسم
و بالإسناد عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن الحسين الأحمسي عن أبي عبد الله ع قال قال له رجل أصلحك الله إن لنا جارا قصابا يجيء بيهودي فيذبح له حتى يشتري منه اليهود فقال لا تأكل ذبيحته و لا تشتر منه
أقول ثم أورد قدس الله روحه جملة من الأخبار من الكافي و غيره مما سيأتي بعضها ثم قال. فهذا جملة مما ورد عن أئمة آل محمد ص في تحريم ذبائح أهل الكتاب قد ورد من الطرق الواضحة بالأسانيد المشهورة و عن جماعة بمثلهم في الستر و الديانة و الثقة و الحفظ و الأمانة يجب العمل و بمثلهم في العدد يتواتر الخبر و يجب العمل لمن تأمل و نظر و إذا كان هذا هكذا ثبت ما قضينا به من ذبائح أهل الكتاب و الحمد لله فأما تعلق شذاذ أصحابنا في خلاف مذهبنا بما رواه أبو بصير و زرارة
عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن ذبيحة أهل الكتاب فأطلقها
فإن لذلك وجهين أحدهما التقية من السلطان و الإشفاق على شيعته من أهل الظلم و الطغيان إذ القول بتحريمها خلاف ما عليه جماعة الناصبية و ضد لما يفتي به سلطان الزمان و من قبله من القضاة و الحكام. و الثاني
ما رواه يونس بن عبد الرحمن عن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله ع عن ذبائح أهل الكتاب فقال لا بأس إذا ذكر اسم الله و إنما أعني منهم من يكون على أمر موسى و عيسى
فاشترط عليه الاسم و قد بينا أن ذلك لا يكون من كافر لا يعرف المسمى و من سمى فإنه يقصد به إلى غير الله جل و عز ثم إنه اشترط أيضا فيه اتباع موسى و عيسى و ذلك لا يكون إلا لمن آمن بمحمد ص و اتبع موسى و عيسى ع في القبول منه و الاعتقاد لنبوته و هذا ضد ما توهمه المستضعف من الشذوذ و الله الموفق للصواب انتهى كلامه ضاعف الله إكرامه. و أقول جملة القول في ذلك أنه اتفق الأصحاب بل المسلمون على تحريم ذبيحة غير أهل الكتاب من أصناف الكفار سواء في ذلك الوثني و عابد النار و المرتد و كافر المسلمين كالغلاة و غيرهم. و اختلف الأصحاب في حكم ذبيحة أهل الكتاب فذهب الأكثر إلى تحريمها و ذهب جماعة منهم ابن أبي عقيل و ابن جنيد و الصدوق ره إلى الحل لكن شرط الصدوق سماع تسميتهم عليها و ساوى بينهم و بين المجوس في ذلك و صرح ابن أبي عقيل بتحريم ذبيحة المجوس و خص الحكم باليهود و النصارى و لم يقيدهم بكونهم أهل ذمة و كذلك الآخران. و منشأ الاختلاف اختلاف الروايات في ذلك و هي كثيرة من الطرفين. فالمحرمون حملوا أخبار الحل على التقية لاشتهاره بين المخالفين و عليه عملهم في الأعصار و الأمصار و اعترض عليه بأن أحدا من العامة لا يشترط في حل ذبائحهم أن يسمعهم يذكر اسم الله عليها و الأخبار الصحيحة التي دلت على حلها على هذا التقدير لا يمكن حملها على التقية. و أقول يحتمل أن تكون مماشاة معهم إذ يمكن أن تحصل التقية بهذا القدر. و المحللون حملوا أخبار التحريم و المنع على الكراهة و الصدوق حملها على عدم سماع التسمية و قال الشهيد الثاني و هذا أيضا راجع إلى حل ذبيحتهم لأن الكلام في حلها من حيث إن الذابح كتابي لا من حيث إنه سمى أو لم يسم فإن المسلم لو لم يسم لو تؤكل ذبيحته اللهم إلا أن يفرق بأن الكتابي يعتبر سماع تسميته و المسلم يعتبر فيه عدم العلم بعدم تسميته و فيه سؤال الفرق فقد صرح في صحيحة جميل بأكل ما لم يعلم عدم تسميتهم كالمسلم انتهى. و اختلفوا أيضا في اشتراط إيمان الذابح زيادة على الإسلام فذهب الأكثر إلى عدم اعتباره و الاكتفاء في الحل بإظهار الشهادتين على وجه يتحقق معه الإسلام بشرط أن لا يعتقد ما يخرجه عنه كالناصبي و بالغ القاضي فمنع من ذبيحة غير أهل الحق و قصر ابن إدريس الحل على المؤمن و المستضعف الذي لا منا و لا من مخالفينا و استثنى أبو الصلاح من المخالف جاحد النص فمنع من ذبيحته و أجاز العلامة ذباحة المخالف غير الناصبي مطلقا بشرط اعتقاده وجوب التسمية و استشكل بعض المتأخرين حكم الناصب لاختلاف الروايات و الظاهر حمل أخبار الجواز على التقية أو على المخالف غير الناصب و المستضعف فإن إطلاق الناصب على غير المستضعف شائع في عرف الأخبار بل يظهر من كثير من الروايات أن المخالفين في حكم المشركين و الكفار في جميع الأحكام لكن أجرى الله في زمان الهدنة حكم المسلمين عليهم في الدنيا رحمة للشيعة لعلمه باستيلاء المخالفين و احتياج الشيعة إلى معاشرتهم و مناكحتهم و مؤاكلتهم فإذا ظهر القائم ع أجرى عليهم حكم المشركين و الكفار في جميع الأمور و به يجمع بين كثير من الأخبار المتعارضة في هذا الباب و بعد التتبع التام لا يخفى ما ذكرنا على أولي الألباب
5- و أقول روى الشيخ المفيد ره في الرسالة المذكورة و السيد المرتضى في جواب المسائل الطرابلسيات عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن شعيب العقرقوفي قال كنت عند أبي عبد الله ع و معنا أبو بصير و أناس من أهل الجبل يسألونه عن ذبائح أهل الكتاب فقال لهم أبو عبد الله ع قد سمعتم ما قال الله عز و جل في كتابه فقالوا له نحب أن تخبرنا أنت فقال لا تأكلوها قال فلما خرجنا من عنده قال لي أبو بصير كلها فقد سمعته و أباه جميعا يأمران بأكلها فرجعنا إليه فقال لي أبو بصير سله فقلت جعلت فداك ما تقول في ذبائح أهل الكتاب فقال أ ليس قد شهدتنا اليوم بالغداة و سمعت قلت بلى قال لا تأكلها فقال لي أبو بصير كلها و هو في عنقي ثم قال سله ثانية فسألته فقال لي مثل مقالته الأولى لا تأكلها فقال لي أبو بصير سله ثالثة فقلت لا أسأله بعد مرتين
بيان رواه الشيخ في التهذيب عن الحسين بن سعيد بهذا الإسناد و قوله قد سمعتم ما قال الله يحتمل أن يكون إشارة إلى قوله تعالى وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ و يمكن أن يكون إشارة إلى قوله وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ تقية لمصلحة يقتضي الإلحاح في السؤال ترك رعايتها
6- و عن الرسالة المذكورة و الطرابلسيات بالإسناد المتقدم عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن حنان بن سدير عن الحسين بن المنذر قال قلت لأبي عبد الله ع إنا قوم نختلف إلى الجبل و الطريق بعيد بيننا و بين الجبل فراسخ فنشتري القطيع و الاثنين و الثلاثة فيكون في القطيع ألف و خمسمائة و ألف و ستمائة و ألف و سبعمائة شاة فتقع الشاة و الاثنتان و الثلاثة فنسأل الرعاة الذين يجيئون بها عن أديانهم فيقولون نصارى فأي شيء قولك في ذبائح اليهود و النصارى فقال لي يا حسين هي الذبيحة و الاسم لا يؤمن عليه إلا أهل التوحيد ثم إن حنانا لقي أبا عبد الله ع فقال إن الحسين بن منذر روى عنك أنك قلت إن الذبيحة لا يؤمن عليها إلا أهلها فقال ع إنهم أحدثوا فيها شيئا قال حنان فسألت نصرانيا فقلت أي شيء تقولون إذا ذبحتم فقال نقول باسم المسيح
تبيان رواه في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل إلى قوله يا حسين الذبيحة بالاسم و لا يؤمن عليها إلا أهل التوحيد
و عنه عن حنان قال قلت لأبي عبد الله ع إن الحسين بن المنذر إلى قوله إنهم أحدثوا فيها شيئا لا أشتهيه و في بعض النسخ لا أسميه إلى آخر الخبر
ثم قال في الرسالة و أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بمثل معنى الحديث الأول
7- الرسالة، و الطرابلسيات، بالإسناد الأول عن الحسين سعيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن الحسين بن عبد الله قال اصطحب المعلى بن خنيس و عبد الله بن أبي يعفور فأكل أحدهما ذبيحة اليهود و النصارى و امتنع الآخر عن أكلها فلما اجتمعا عند أبي عبد الله ع أخبراه بذلك فقال ع أيكما الذي أبى قال المعلى أنا فقال أحسنت
8- و من الرسالة، و الطرابلسيات، بالإسناد المتقدم عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله ع قال أتاني رجلان أظنهما من أهل الجبل فسألني أحدهما عن الذبيحة يعني ذبيحة أهل الذمة فقلت في نفسي و الله لا أبرد لكما على ظهري لا تأكل قال محمد بن يحيى فسألت أنا أبا عبد الله ع عن ذبيحة اليهود و النصارى فقال لا تأكل
تبيان هذا الخبر مروي في التهذيب عن الحسين بن سعيد بهذا السند و ليس فيه يعني ذبيحة أهل الذمة و هو المراد و كأنه من كلام المفيد و السيد رحمهما الله و فيه لا برد لكما على ظهري و في بعض النسخ عن ظهري و هو من معظلات الأخبار و يمكن أن يوجه بوجوه الأول و هو أظهرها أن يكون المعنى على نسخة المفيد لا أثبت لكما على ظهري وزرا بأن أجيبكما موافقا لما سمعتم من فقهاء العامة لعدم الحاجة إلى التقية فالخطاب بقوله لا تأكل لأحدهما و هو السائل و على نسخة التهذيب أيضا يستقيم ذلك بأن يقرأ على صيغة الماضي بأن يكون بمعنى المضارع أو يكون المعنى ما ثبت لكما علي حق التقية حتى أجيبكما بما يوافق رأيكما. قال في النهاية برد على فلان حق أي ثبت انتهى
و يؤيده ما رواه في أوائل روضة الكافي أن أمير المؤمنين ع كتب إلى رجل من أصحابه ذهب إلى معاوية فإنما أنت جامع لأحد رجلين إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت و إما رجل عمل فيه بمعصية الله فشقي بما جمعت له فليس من هذين أحد أهل أن تؤثره على نفسك و لا تبرد له على ظهرك
الثاني أن يكون برد بهذا المعنى أيضا و يكون المعنى ما ثبت لكما على ظهري حق الجواب بقولي لا تأكل فيكون لا تأكل فاعلا لقوله برد بتأويل أو المعنى أنه لما كان المقام موضع تقية لا يلزمني جوابكما فيكون لا تأكل خطابا لمحمد أو لأحدهما تبرعا بناء على أنهم مختارون في بعض الموارد في البيان و عدمه كما مرت الأخبار الكثيرة في تأويل قوله سبحانه هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ فيكون سؤال محمد ثانيا لمزيد الاطمئنان تأكيدا مع أنه على ما في التهذيب يحتمل أن يكون السؤال أولا عن ذبائح النصاب و المخالفين و يمكن توجيه نسخة المفيد على بعض الوجوه بتكلف كما لا يخفى على المتأمل. الثالث ما ذكره بعض الأفاضل على نسخة التهذيب حيث قرأ لأبرد من الإبراد بمعنى التهني و إزالة التعب يعني لأتحمل لكما على ظهري المشقة و أرفعها عنكما فأفتيكما بمر الحق مأخوذ من قولهم عيش بارد أي هنيء و في النهاية و في الحديث الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة أي لا تعب فيه و لا مشقة و كل محبوب عندهم بارد. الرابع أن تكون على ما في التهذيب لا نافية للجنس و البرد بضم الباء اسما للثوب المخصوص أي لا برد و لا رداء منكما على عاتقي و على ظهري حتى يلزمني أن أقول ما يوافق رأيكما فيكون كلاما جاريا على المتعارف بين الناس أي إني لست من العلماء الذين يأخذون البرود و الأموال من الناس ليفتوهم على ما يوافق شهواتهم. الخامس أن يقرأ لا يرد بالياء المثناة التحتانية و تشديد الدال كما قرأ به المحدث الأسترآبادي على نسخة عن و قال كأن المراد لا يرد لكما عن ظهري قول لا تأكل يعني لا تعملان بقولي فإن المراد بأهل الجبل الأكراد انتهى و يمكن أن يقرأ حينئذ بتخفيف الدال من ورد يرد أي لا يرد لكما على ظهري وزر بقول خلاف الحق من غير ضرورة و تقية. و يمكن أن يوجه بوجوه أخر أبعد مما ذكرنا لا طائل في ذكرها و الله يعلم مرادهم ع
9- الطرابلسيات، روى أبو بصير و زرارة عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن ذبيحة أهل الكتاب فأطلقها
10- الهداية، ذبيحة اليهود و النصراني لا تؤكل إلا إذا سمعوهم يذكرون اسم الله عليها
تبيين قال الشيخ ره في التهذيب بعد إيراد بعض الأخبار الدالة على حل ذبائح أهل الكتاب فأول ما في هذه الأخبار أنها لا تقابل تلك لأنها أكثر و لا يجوز العدول عن الأكثر إلى الأقل لما قد بين في غير موضع و لأن من روى هذه الأخبار قد روى أحاديث الحظر التي قدمناها ثم لو سلمت من هذا كله لاحتملت وجهين. أحدهما أن الإباحة فيها إنما تضمنت حال الضرورة دون حال الاختيار و عند الضرورة تحل الميتة فكيف ذبيحة من خالف الإسلام.
و الذي يدل على ذلك ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن حمزة القمي عن زكريا بن آدم قال قال أبو الحسن ع إني أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف ما أنت عليه و أصحابك إلا في وقت الضرورة إليه
و الوجه الثاني أن تكون هذه الأخبار وردت للتقية لأن من خالفنا يجيز أكل ذبيحة من خالف الإسلام من أهل الذمة.
و الذي يدل على ذلك ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن سهل بن زياد عن أحمد بن بشير عن ابن أبي عقيلة الحسن بن أيوب عن داود بن كثير الرقي عن بشر بن أبي غيلان الشيباني قال سألت أبا عبد الله ع عن ذبائح اليهود و النصارى و النصاب قال فلوى شدقه و قال كلها إلى يوما ما
انتهى. و أقول كان مراده بالضرورة ضرورة التقية و المسالمة فالوجهان متقاربان و يؤيدان ما حققنا سابقا و الخبر الأخير كالصريح في ذلك
11- تفسير علي بن إبراهيم، قوله وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ قال يعني الصادق ع عنى بطعامهم هاهنا الحبوب و الفاكهة غير الذبائح التي يذبحونها فإنهم لا يذكرون اسم الله خالصا على ذبائحهم ثم قال و الله ما استحلوا ذبائحكم فكيف تستحلون ذبائحهم
12- قرب الإسناد، عن سعد بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه أن عليا ع كان يقول كلوا طعام المجوس كله ما خلا ذبائحهم فإنها لا تحل و إن ذكر اسم الله عليها
13- و منه، بالإسناد المتقدم أن عليا ع كان يأمر مناديه بالكوفة أيام الأضحى أن لا يذبح نسائككم يعني نسككم اليهود و لا النصارى و لا يذبحها إلا المسلمون
بيان النسائك جمع النسيكة في القاموس النسك بالضم و بضمتين و كسفينة الذبيحة أو النسك الدم و النسيكة الذبح
14- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن ذبيحة اليهود و النصارى هل تحل قال كل ما ذكر اسم الله عليه و سألته عن ذبائح نصارى العرب قال ليس هم بأهل كتاب فلا تحل ذبائحهم
بيان روى الشيخ في التهذيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال لا تأكل ذبيحة نصارى تغلب فإنهم مشركو العرب
و روي في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله ع عن ذبائح نصارى العرب هل يؤكل فقال كان علي ع ينهاهم عن أكل ذبائحهم و صيدهم
و التخصيص بنصارى العرب إما لأنهم كانوا صابئين فهم ملاحدة النصارى قال البيضاوي في قوله تعالى وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ الآية هم اليهود و النصارى و استثنى علي ع نصارى بني تغلب و قال ليسوا على النصرانية و لم يأخذوا منها إلا شرب الخمر انتهى أو لأنهم كانوا لا يعملون بشرائط الذمة كما روي أن عمر ضاعف عليهم العشر و رفع عنهم الجزية أو لأنهم تنصروا في الإسلام فهم مرتدون كما ذكره الشهيد الثاني ره و قال الشيخ في الخلاف إذا قلنا ذبائح أهل الكتاب و من خالف الإسلام لا يجوز فقد دخل في جملتهم ذبائح نصارى تغلب و وافقنا على نصارى تغلب الشافعي و قال أبو حنيفة يحل ذبائحهم دليلنا ما قدمنا من الأدلة و أيضا فقد قال بتحريم ذبائحهم علي ع و عمر و لا مخالف لهما و عن ابن عباس روايتان انتهى. و الذي يظهر من كلام الشافعية في هذا الباب هو أنهم قالوا في الكتابية التي يجوز للمسلم نكاحها بزعمهم لا تخلو أن لا تكون من أولاد بني إسرائيل أو تكون منهم فإن لم تكن من بني إسرائيل و كانت من قوم يعلم دخولهم في ذلك الدين قبل تطرق التحريف و النسخ إليه ففي جواز نكاحها قولان بينهم و الأكثر على الجواز و إن كانت من قوم يعلم دخولهم في ذلك الدين بعد التحريف و قبل النسخ فإن تمسكوا بالحق و تجنبوا المحرف فكما لو دخلوا فيه قبل التحريف و إن دخلوا في المحرف ففيه قولان و الأشهر عندهم المنع لكنهم يقرون على الجزية. و إن كانت من قوم يعلم دخولهم في ذلك بعد التحريف و النسخ فلا تنكح فالمتهودون و المتنصرون بعد بعثة نبينا ص لا يناكحون و في المتهودين بعد بعثة عيسى ع المشهور بينهم أنهم لا ينكح منهم و لا يقرون على الجزية أيضا. و إن كانت من قوم لا يعلم أنهم دخلوا في هذا الدين قبل التحريف أو بعده أو قبل النسخ أو بعده فيؤخذ نكاحها بالأغلظ و يجوز تقريرهم بالجزية تغليبا للحقن قالوا و به حكمت الصحابة في نصارى العرب و هم بهرا و تنوخ و تغلب و إن كانت إسرائيلية فالذي أطلقوه جواز نكاحها من غير نظر إلى آبائها أنهم متى دخلوا في هذا الدين قبل التحريف أو بعده و أما إذا دخلوا فيه بعد النسخ و بعثة نبينا محمد ص فلا تفارق فيه الإسرائيلية غيرها. هذا ما ذكره الشافعية في ذلك و إنما أوردته هنا شرحا لكلام الشيخ رحمه الله و توضيحا لما ورد في الأخبار من نصارى العرب و تغلب و ليظهر لك سبب تخصيص الحكم بهم و هو إما الوجوه التي ذكروها أو موافقتهم في ذلك تقية فتدبر
15- المحاسن، عن أبيه و غيره عن محمد بن سنان عن أبي الجارود قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ قال الحبوب و البقول
16- و منه، عن أبيه عن محمد بن سنان عن مروان عن سماعة قال سألت أبا عبد الله ع عن طعام أهل الكتاب ما يحل منه قال الحبوب
و منه عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله ع مثله بيان كان ذكر الحبوب على المثال و المراد مطلق ما لم يشترط فيه التذكية
17- المحاسن، عن أبيه عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر و عبد الله بن طلحة قالا قال أبو عبد الله عليه السلام لا تأكل من ذبيحة اليهودي و لا تأكل في آنيتهم
18- العياشي، عن قتيبة الأعشى قال سأل الحسن بن المنذر أبا عبد الله ع أن الرجل يبعث في غنمه رجلا أمينا يكون فيها نصرانيا أو يهوديا فتقع العارضة فيذبحها و يبيعها فقال أبو عبد الله ع لا تأكلها و لا تدخلها في مالك فإنما هو الاسم و لا يؤمن عليه إلا المسلم فقال رجل لأبي عبد الله ع و أنا أسمع فأين قول الله وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ فقال أبو عبد الله ع كان أبي يقول إنما ذلك الحبوب و أشباهه
19- و منه، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع في قول الله تبارك و تعالى وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ قال العدس و الحبوب و أشباه ذلك يعني من أهل الكتاب
20- و منه، عن عمر بن حنظلة في قول الله تبارك و تعالى فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أما المجوس فلا فليسوا من أهل الكتاب و أما اليهود و النصارى فلا بأس إذا سموا
21- و منه، عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال سألته عن ذبيحة المرأة و الغلام هل يؤكل قال نعم إذا كانت المرأة مسلمة و ذكرت اسم الله حلت ذبيحتها و إذا كان الغلام قويا على الذبح و ذكر اسم الله حلت ذبيحته و إن كان الرجل مسلما فنسي أن يسمي فلا بأس بأكله إذا لم تتهمه
بيان إذا لم تتهمه أي بأنه ترك التسمية عمدا لعدم اعتقاده وجوبه و ادعى النسيان للمصلحة فيدل على عدم الاعتماد على ذبح من لم يوجب التسمية و كأنه محمول على الاستحباب.
و روى الصدوق في الفقيه بإسناده عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال سئل عن الرجل يذبح فينسى أن يسمي أ تؤكل ذبيحته قال نعم إن كان لا يتهم و يحسن الذبح قبل ذلك و لم أر في كلام الأصحاب التقييد بعدم التهمة و الأحوط رعايته
22- العياشي عن حمران قال سمعت أبا عبد الله ع يقول في ذبيحة الناصب و اليهودي قال لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله أ ما سمعت قول الله وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ
23- السرائر، عن محمد بن عبد الله بن هلال عن عبد الله بن بكير عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول من سمعته يسمي فكل ذبيحته
24- الكشي، عن حمدويه بن نصير عن محمد بن عيسى و محمد بن مسعود عن محمد بن نصير عن محمد بن عيسى عن سعيد بن جناح عن عدة من أصحابنا و قال العبيدي حدثني به أيضا عن ابن أبي عمير أن ابن أبي يعفور و معلى بن خنيس كانا بالنيل على عهد أبي عبد الله ع فاختلفا في ذبائح اليهود فأكل معلى و لم يأكل ابن أبي يعفور فلما صارا إلى أبي عبد الله ع أخبراه فرضي بفعل ابن أبي يعفور و خطأ المعلى في أكله إياه
بيان هذا بعكس ما رواه المفيد و السيد و أحدهما من اشتباه الرواة و في الكافي و التهذيب في الرواية المتقدمة ليس ذكر المعلى في آخر الخبر بل فيهما فقال أيكما الذي أبى فقال أنا قال أحسنت فلا ينافي هذه الرواية
25- الكفاية في النصوص، لعلي بن محمد الخزاز عن علي بن الحسين عن هارون بن موسى عن محمد بن همام عن الحميري عن عمر بن علي العبدي عن داود الرقي عن يونس بن ظبيان عن الصادق ع قال يا يونس من زعم أن لله وجها كالوجوه فقد أشرك و من زعم أن لله جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله فلا تقبلوا شهادته و لا تأكلوا ذبيحته
26- الخرائج، عن أحمد بن أبي روح قال خرجت إلى بغداد في مال لأبي الحسن الخضر بن محمد لأوصله و أمرني أن أدفعه إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري فأبى أن يأخذ المال و قال صر إلى أبي جعفر محمد بن أحمد فإنه أمره بأن يأخذه و قد خرج الذي طلبت فجئت إلى أبي جعفر فأوصلته إليه فأخرج إلي رقعة فيها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و ساق الكتاب إلى أن قال و الفراء متاع الغنم ما لم يذبح بأرمنية تذبحه النصارى على الصليب فجائز لك أن تلبسه إذا ذبحه أخ لك أو مخالف تثق به
بيان كأن المراد بقوله ع تثق به تعتمد عليه في التسمية بأن يرى وجوبها فيكون مؤيدا لمذهب العلامة ره قال في الدروس لو تركها يعني التسمية عمدا فهو ميتة إذا كان معتقدا لوجوبها و في غير المعتقد نظر و ظاهر الأصحاب التحريم و لكنه يشكل بحكمهم بحل ذبيحة المخالف على الإطلاق ما لم يكن ناصبيا و لا ريب أن بعضهم لا يعتقد وجوبها و يحلل الذبيحة و إن تركها عمدا و لو سمى غير المعتقد للوجوب فالظاهر الحل و يحتمل عدمه لأنه كغير القاصد للتسمية
27- البصائر، عن الحسن بن محمد عن أبيه محمد بن علي بن شريف عن علي بن أسباط عن إسماعيل بن عباد عن عامر بن علي الجامعي قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك إنا نأكل ذبائح أهل الكتاب و لا ندري يسمون عليها أم لا فقال إذا سمعتم قد سموا فكلوا أ تدري ما يقولون على ذبائحهم فقلت لا فقرأ كأنه يشبه بيهودي قد هذها ثم قال بهذا أمروا فقلت جعلت فداك إن رأيت أن نكتبها قال اكتب نوح ايوا ادينوار يلهين مالحوا اشرسوا اورضوا بنوامو ستود عال اسحطوا
بيان الهذ سرعة القراءة بهذا أمروا أي من الله و أقول العبارة العبرانية هكذا وجدتها في نسخ البصائر و فيه تصحيفات كثيرة من الرواة لعدم معرفتهم بتلك اللغة و الذي سمعت من بعض المستبصرين العارف بلغتهم و كان من علمائهم أن الدعاء الذي يتلوه اليهود عند الذبح هكذا أوردناه مع شرحه. باروخ تباركت أتا أنت ادوناى الله ألوهنو إلهنا ملخ هاعولام ملك العالمين أشر الذي قدشانوا قدسنا بميصوتا و بأوامره وصيوانو و أمرنا عل على هشحيطا الذبح
28- الدعائم، عن جعفر بن محمد ع أنه رخص في طعام أهل الكتاب و غيرهم من الفرق إذا كان الطعام ليس فيه ذبيحة
و عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنه قال إذا علم ذلك لم يؤكل
بيان ذلك إشارة إلى كون الذبيحة فيه و الأول محمول على ما إذا لم يعلم ملاقاتهم له برطوبة
29- الدعائم، عن أبي جعفر ع أنه سئل عن ذبيحة اليهودي و النصراني و المجوسي و ذبائح أهل الخلاف فتلا قول الله عز و جل فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ و قال إذا سمعتموهم يذكرون اسم الله عليه فكلوه و ما لم يذكروا اسم الله فلا تأكلوه و من كان متهما بترك التسمية يرى استحلال ذلك لم يجب أكل ذبيحته إلا أن يشاهد في حين ذبحها و يذبحها على السنة و يذكر اسم الله عليها فإن ذبحها بحيث لم تشاهد لم تؤكل
و روينا عن أبي جعفر ع أنه قال ذبيحة اليهودي و النصارى و المجوسي و ذبائح أهل الخلاف ذبيحتهم حرام
و الرواية الأولى شاذة لم يعمل عليها
و عن جعفر بن محمد ع أنه سئل عن اللحم يبتاع في الأسواق و لا يدرى كيف ذبحه القصابون فلم ير به بأسا إذا لم يطلع منهم على الذبح بخلاف السنة
و عنه ع أنه كره ذبائح نصارى العرب
و عن علي ع قال لا يذبح أضحية المسلم إلا مسلم و يقول عند ذبحها بسم الله و الله أكبر وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين