الآيات المائدة غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ قوله سبحانه وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا و قال تعالى يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ و قال عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ. تفسير قد مر تفسير بعض الآيات في كتاب الحج و مر بعضها في الأبواب السابقة وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ قالوا يحتمل أن يكون عطفا على الطيبات بأخذ ما موصولة و لكن بحذف مضاف أي مصيده أو صيده أي صيد الكلاب التي تصيدون بها بقرينة قوله مُكَلِّبِينَ فإنه مشتق من الكلب أي حال كونكم صاحبي الصيد بالكلاب أو أصحاب التعليم للكلاب فيلزم كون الجوارح كلابا فيحل ما ذبحه الكلب المعلم. و ذهب أكثر المخالفين إلى أن المراد بالجوارح كلاب الصيد على أهلها من الطيور و ذوات الأربع من السباع و إطلاق المكلبين باعتبار كون المعلم في الأغلب كلبا أو لأن كل سبع يسمى كلبا قال النبي ص في دعائه اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فسلط الله عليه الأسد لكنه خلاف الظاهر و ستأتي الأخبار الكثيرة في ذلك قال في مجمع البيان الجوارح هي الكلاب فقط عن ابن عمر و الضحاك و السدي. و المروي عن أئمتنا ع فإنهم قالوا هنا الكلب المعلم خاصة أحل الله صيدها إن أدركه صاحبه و قد قتل لقوله فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ. و قوله مُكَلِّبِينَ منصوب على الحال و قوله تُعَلِّمُونَهُنَّ حال ثانية أو استئناف مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ متعلق بتعلمونهن أي مما ألهمكم الله من الحيل و طرق التأديب فإن العلم به إلهام منه تعالى أو اكتساب بالعقل الذي هو عطية من الله تعالى أيضا و قيل أي مما عرفكم الله أن تعلموهن من اتباع الصيد بإرسال صاحبه و انزجاره بزجره و انصرافه بدعائه فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ متفرع على ما تقدم و يحتمل كونه جزاء لقوله وَ ما عَلَّمْتُمْ فتكون ما شرطية أي كلوا مما أمسكت الجوارح عليكم. قال البيضاوي و هو ما لم يأكل منه لقوله ص لعدي بن حاتم و إن أكل منه فلا تأكل إنما أمسك على نفسه فاشترط في حله أن يكون الكلب ما أكل منه فلو أكل حرم. ثم قال و إليه ذهب أكثر الفقهاء و قال بعضهم لا يشترط ذلك في سباع الطير لأن تأديبها إلى هذا الحد متعذر و قال آخرون لا يشترط مطلقا انتهى. وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ الضمير لما علمتم و المعنى سموا عليه عند إرساله أو لما أمسكن بمعنى سموا عليه إذا أدركتم ذكاته أو سموا عند أكله و الأول أظهر و أشهر كما سيأتي وَ اتَّقُوا اللَّهَ في أوامره و نواهيه فلا تخالفوها بوجه إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ لأنه لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ و إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ و العبد في مقام التقصير فيما دق و جل ففيه كمال التنبيه على كمال الغفلة و غاية الاهتمام بسرعة الامتثال فقد أعذر من أنذر كذا قيل ثم اعلم أنه يستفاد من الآيات
أحكام الأول تدل الآيات منطوقا و مفهوما على إباحة الصيد و المصيد في الجملة و ادعوا عليها إجماع الأمة و الروايات في ذلك مستفيضة من طرق الخاصة و العامة و استثني منها صيد البر في حال الإحرام على التفصيل المتقدم في كتاب الحج و ظاهر الأصحاب أن صيد اللهو فعله حرام لكن الظاهر أن مصيده لا يكون حراما لأن حرمة الفعل لا يستلزم تحريمه بل يمكن المناقشة في تحريم الفعل أيضا لأن عدم قصر الصلاة و الصوم لا يستلزم التحريم لكن الظاهر أنه لا خلاف بينهم فيه و في بعض الروايات إشعار به. الثاني ظاهر الآية اشتراط كون الجارح كلبا كما عرفت. قال الشهيد الثاني رحمه الله الاصطياد يطلق على معنيين أحدهما إثبات اليد على الحيوان الوحشي بالأصالة المحلل المزيل لامتناعه بآلة الاصطياد اللغوي و إن بقي بعد ذلك على الحياة و أمكن تذكيته بالذبح. و الثاني عقره المزهق لروحه بآلة الصيد على وجه يحل أكله فالصيد بالمعنى الأول جائز إجماعا بكل آلة يتوصل بها إليه من كلب و سبع و جارح و غيرها و إنما الكلام في الاصطياد بالمعنى الثاني و الإجماع واقع أيضا على تحققه بالكلب المعلم من جملة الحيوان بمعنى ما أخذه و جرحه و أدركه صاحبه ميتا أو في حركة المذبوح يحل أكله و يقوم إرسال الصائد و جرح الكلب في أي موضع كان مكان الذبح في المقدور عليه و اختلفوا في غيره من جوارح الطير و السباع فالمشهور بين الأصحاب بل ادعى عليه المرتضى إجماعهم على عدم وقوعه بها للآية فإن الجوارح و إن كانت عامة إلا أن الحال في قوله مُكَلِّبِينَ الواقع من ضمير عَلَّمْتُمْ خصص الجوارح بالكلاب فإن المكلب مؤدب الكلاب لأجل الصيد و ذهب الحسن بن أبي عقيل إلى حل صيد ما أشبه الكلب من الفهد و النمر و غيرهما لعموم الجوارح و لورود أخبار صحيحة و غيرها بأن الفهد كالكلب في ذلك و اختلف تأويل الشيخ لها فتارة خصها بموردها و جوز صيد الفهد كالكلب محتجا بأن الفهد يسمى كلبا في اللغة و تارة حملها على التقية و ثالثة على حال الضرورة و وردت أخبار بحل صيد غير الفهد أيضا و حملها على إحدى الأخيرتين. الثالث ظاهر الآية شمولها لكل الكلب سلوقيا كان أو غيره و لا خلاف فيه ظاهرا بيننا و سواء كان أسود أو غيره و هو أصح القولين و استثنى ابن الجنيد رحمه الله الكلب الأسود و قال لا يجوز الاصطياد به و هو مذهب أحمد و بعض الشافعية محتجا بالرواية عن أمير المؤمنين ع أنه لا يؤكل صيده و قال إن رسول الله ص أمر بقتله. الرابع يستفاد من الآية الكريمة أن الكلب الذي يحل مقتوله لا بد أن يكون معلما إذ التقدير و أحل لكم صيد ما علمتم من الجوارح فعلق حل صيدها على كونه معلما و اعتبروا في صيرورة الكلب معلما ثلاثة أمور أحدها أن يسترسل باسترسال صاحبه و إشارته و الثاني أن ينزجر بزجره و هكذا أطلق أكثرهم و قيده في الدروس بما إذا لم يكن بعد إرساله على الصيد لأنه لا يكاد أن ينفك حينئذ و استحسنه الشهيد الثاني رحمه الله و قريب منه في التحرير و هو غير بعيد. الثالث أن يمسك الصيد و لا يأكل منه و في هذا اعتبار وصفين أحدهما أن يحفظه و لا يخليه و الثاني أن لا يأكل منه و ذهب جماعة من الأصحاب منهم الصدوقان و الحسن إلى أن عدم الأكل ليس بشرط و به روايات كثيرة و لا يخلو من قوة فيحمل أخبار عدم الأكل على الكراهة أو التقية و هو أظهر
لصحيحة حكم بن حكيم قال قلت لأبي عبد الله ع ما تقول في الكلب يصيد الصيد فيقتله قال لا بأس كل قال قلت إنهم يقولون إذا أكل منه فإنما أمسك على نفسه فلا تأكله فقال كل أ و ليس قد جامعوكم على أن قتله ذكاته قال قلت بلى قال فما تقولون في شاة ذبحها رجل أ ذكاها قال قلت نعم قال فإن السبع جاء بعد ما ذكاها فأكل بعضها أ تؤكل البقية قلت نعم قال فإذا أجابوك إلى هذا فقل لهم كيف تقولون إذا ذكى ذلك فأكل منها لم تأكلوا و إذا ذكى هذا و أكل أكلتم
و حمل الشيخ هذه الأخبار على الأكل نادرا و هو بعيد و فرق ابن الجنيد بين أكله منه قبل موت الصيد و بعده و جعل الأول قادحا في التعليم دون الثاني و هذا أيضا وجه للجمع بين الأخبار و كأنه يومي إليه خبر ابن حكيم و العامة أيضا مختلفون في هذا الحكم بسبب اختلاف الأحاديث النبوية و إن كان الأشهر بينهم الاشتراط و قد يستدل على الاشتراط بقوله تعالى وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ و الظاهر أنه مخصص بقوله تعالى وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ بشهادة الأخبار الكثيرة و على القول باعتبار عدم الأكل لا يضر شرب الدم و الأمور المعتبرة في التعليم لا بد أن تتكرر مرة بعد أخرى ليغلب على الظن تأرب الكلب و لم يقدر أكثر الأصحاب عدد المرات و اكتفى بعضهم بالتكرار مرتين و اعتبر آخرون ثلاث مرات و كان الأقوى الرجوع في أمثاله إلى العرف لفقد النص على التحديد و حيث تحقق التعليم لو خالف في بعض الصفات مرة لم يقدح فيه فإن عاد ثانيا بني على أن التعلم هل يكفي فيه المرتان أم لا فإن اكتفينا بهما زال بهما و إن اعتبرنا الثلاث فكذلك هنا و كذا إن اعتبرنا العرف كذا ذكره الشهيد الثاني قدس الله روحه. الخامس الآية تومي إلى عدم حل صيد الكفار لأن الخطاب فيها متوجه إلى المسلمين فكأنه قيد الحل بما أمسك على المسلمين و لا خلاف في تحريم صيد غير أهل الكتاب من الكفار و أما أهل الكتاب فالخلاف فيهم هنا كالخلاف فيهم في ذبائحهم كما سيأتي. السادس المشهور بين الأصحاب أن الاعتبار في حل الصيد بالمرسل لا المعلم فإن كان المرسل مسلما فقتل حل و لو كان المعلم مجوسيا أو وثنيا و لو كان المرسل غير مسلم لم يحل و لو كان المعلم مسلما بل ادعى عليه الشيخ في الخلاف إجماع الفرقة و يدل عليه
صحيحة سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله ع كلب المجوسي يأخذه المسلم فيسمي حين يرسله يأكل مما أمسك عليه فقال نعم لأنه مكلب و ذكر اسم الله عليه
و قال في المبسوط لا يحل مقتول ما علمه المجوسي محتجا بقوله تعالى تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ و هذا لم يعلمه المسلم
و برواية عبد الرحمن بن سيابة قال سألت أبا عبد الله ع فقلت كلب مجوسي أستعيره فأصيد به قال لا تأكل من صيده إلا أن يكون علمه مسلم
و أجيب بأن الآية خرجت مخرج الغالب لا على وجه الاشتراط و النهي في الخبر محمولة على الكراهة جمعا مع أن الراوي مجهول و الشيخ في كتابي الأخبار جمع بينهما بحمل الأول على ما إذا علمه المسلم بعد أخذه و الثاني على ما إذا لم يعلمه و استشهد للجمع
برواية السكوني عن أبي عبد الله ع قال كلب المجوسي لا تأكل صيده إلا أن يأخذه المسلم فيعلمه و يرسله و كذلك البازي
و هذا يدل على أن مذهبه في كتابي الأخبار كمذهبه في المبسوط و الأحوط ذلك و إن كان الأظهر حمل أخبار المنع على التقية فإنه مذهب الحسن و الثوري و جماعة من العامة. السابع دلت الآية على وجوب التسمية و حملها على التسمية عند الأكل بعيد جدا و لا خلاف في وجوب التسمية و اشتراطها في حل ما يقتله الكلب و السهم عندنا و عند كل من أوجبها في الذبيحة و قد اشتركا في الدلالة من قوله تعالى وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ و اختص هذا المحل بتلك الآية و لا خلاف أيضا في إجزائها إذا وقعت عند الإرسال لانطباق جميع الأدلة عليه و لتصريحه ع في صحيحة أبي عبيدة و يسمي إذا سرحه لأن إذا ظرف زمان و فيها معنى الشرط غالبا و اختلفوا في إجزائها إذا وقعت في الوقت الذي بين الإرسال و عضة الكلب أو إصابة السهم و اختار أكثر المتأخرين الإجزاء لأن ضمير عَلَيْهِ راجع إلى القيد المضمر في قوله مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ و هو يصدق بذكر اسم الله في جميع الوقت المذكور و محل الخلاف ما إذا تعمد تأخيرها عن الإرسال أما لو نسي و ذكر في الأثناء فلا شبهة في اعتبارها حينئذ. إذا تقرر ذلك فلو ترك التسمية عمدا لم يحل للنهي عن أكله المقتضي للتحريم و لو نسي التسمية حل أكله كما سيأتي في الذبح إن شاء الله. و اختلف في الجاهل فمنهم من ألحقه بالناسي و منهم من ألحقه بالعامد. الثامن ذكر الأصحاب أن الحيوان المحلل لحمه المحرم ميتته إما أن يكون مقدورا على ذبحه أو ما في معناه أو غير مقدور بأن كان متنفرا متوحشا فالمقدور عليه لا يحل إلا بالذبح في الحلق أو اللبة على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى و لا فرق بين ما هو إنسي في الأصل و بين الوحشي إذا استأنس أو حصل الظفر به و المتوحش كالصيد جميع أجزائه مذبح ما دام على الوحشية حتى إذا رمى إليه سهما أو أرسل كلبا فأصاب شيئا من بدنه فمات حل و هو في الصيد الوحشي موضع وفاق بين المسلمين و في الإنسي إذا توحش كما إذا ند بعير موضع وفاق منا و أكثر العامة و خالف فيه مالك فقال لا يحل إلا بقطع الحلقوم كذا ذكره الشهيد الثاني قدس سره. أقول الإنسي كالوحش إذا لم يقدر على ذبحه أو نحره لا ريب في أنه يجوز صيده و قتله بالسيف و الرمح و أمثالهما لأخبار كثيرة دالة عليه و إن كان أكثرها في البعير و البقر و القتل بالسيف و الحربة لكن الظاهر شمول الحكم لغير البعير و الغنم و للسهم أيضا و إن استشكل المحقق الأردبيلي رحمه الله في السهم و أما اصطيادها بالكلب فمشكل إذ لم أر في الأخبار المعتبرة ما يدل عليه و يشكل الحكم بدخوله في الصيد المذكور في الآيات و ظاهر التذكية ما كان بلا واسطة مع أنه داخل فيما أكل السبع و الاستثناء غير معلوم
و ما روي عن جابر أن النبي ص قال كل إنسية توحشت فذكها ذكاة الوحشية
عامي و في دلالته أيضا نظر نعم سيأتي في خبر في باب التذكية و سنتكلم عليه إن شاء الله بل لم أر في قدماء الأصحاب ما يدل عليه أيضا بل إنما ذكروا العقر بالآلة قال الشيخ في الخلاف كل حيوان مقدور على ذكاته إذا لم يقدر عليه بأن يصير مثل الصيد أو يتردى في بئر فلا يقدر على موضع ذكاته كان عقره ذكاته في أي موضع وقع منه و به قال من الصحابة علي ع و ابن مسعود و ابن عمر و ابن عباس و من التابعين عطا و طاوس و الحسن و من الفقهاء الثوري و أبو حنيفة و أصحابه و الشافعي و ذهبت طائفة إلى أن ذكاته في الحلق و اللبة مثل المقدور عليه فإن عقره فقتله فإن كان في غيرهما لم يحل أكله. ذهب إليه سعيد بن المسيب و ربيعة و مالك و الليث بن سعد و دليلنا إجماع الفرقة و أخبارهم. ثم روى أخبارا من طريق العامة دالة على جواز القتل بالسهم و الطعن في الفخذ و نحوهما. و قال صاحب الجامع إن استعصى الثور أو اغتلم البعير أو تردى في بئر أخذ بالسيف و السهم كالصيد و نحوه ذكر الأكثر. التاسع ذهب الشيخ قدس سره في المبسوط و الخلاف إلى أن معض الكلب من الصيد طاهر لقوله تعالى فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ و لم يأمر بالغسل و هو مذهب بعض العامة و المشهور بين الأصحاب نجاسته لأن الكلب نجس و قد لاقى الصيد برطوبة و أجابوا عن الاستدلال بالآية بأن الإذن في الأكل من حيث إنه صيد لا ينافي المنع من أكله لمانع آخر كالنجاسة كما أن قوله تعالى فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ و كُلُوا وَ اشْرَبُوا و أمثالها لا ينافي المنع من الأكل من المأذون لعارض النجاسة و غيرها. و أقول إن استدل بالفاء بأنها للتعقيب بلا تراخ فالجواب أن الفاء هنا ليس للتعقيب بل للتفريع و لو سلم فلا ينافي التعقيب العرفي الفاصلة بالغسل كما أنه لا ينافي الفصل بالسلخ و القطع و الطبخ. العاشر إذا أرسل كلبه المعلم أو سلاحه من سهم و سيف و غيرهما فأصابه فعليه أن يسارع إليه بالمعتاد فإن لم يدركه حيا حل و إن أدركه حيا فإن لم يبق فيه حياة مستقرة بأن كان قد قطع حلقومه و مريه أو أجافه و خرق أمعاءه فتركه حتى مات حل و إن بقيت فيه حياة مستقرة وجبت المبادرة إلى ذبحه بالمعتاد فإن أدرك ذكاته حل و إن تعذر من غير تقصير الصائد حتى مات فهو كما لو لم يدركه حيا على المشهور و ذهب الشيخ في الخلاف و ابن إدريس و العلامة إلى تحريمه و الأول أقوى و إن لم يتعذر و تركه حتى مات فهو حرام كذا ذكره الأكثر. و قال في المسالك التفصيل باستقرار الحياة و عدمه هو المشهور بين الأصحاب و الأخبار خالية من قيد الاستقرار بل منها ما هو المطلق في أنه إذا أدرك ذكاته ذكاه و منها هو دال على الاكتفاء بكونه حيا و كلاهما لا يدل على الاستقرار و منها ما هو مصرح بالاكتفاء في إدراك تذكيته بأن يجده يركض برجله أو يطرف عينه أو يتحرك ذنبه قال الشيخ يحيى بن سعيد اعتبار استقرار الحياة ليس من المذهب و على هذا ينبغي أن يكون العمل ثم على تقدير إدراكه حيا و إمكان تذكيته لا يحل حتى يذكى و لا يعذر بعدم وجود الآلة لكن هنا قال الشيخ في النهاية إنه يترك الكلب حتى يقتله ثم ليأكل إن شاء و اختار جماعة منهم الصدوق و ابن الجنيد و العلامة في المختلف استنادا إلى عموم قوله تعالى فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ و خصوص
صحيحة جميل عن الصادق ع قال سألته عن الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه و لا يكون معه سكين فيذكيه بها أ فيدعه حتى يقتله و يأكل منه قال لا بأس قال الله تعالى فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ
و أجيب عن الآية بأنها لا تدل على العموم و إلا لجاز مع وجود آلة الذبح و عن الرواية بأنها لا تدل على المطلوب لأن الضمير المستكن في قوله فيأخذه راجع إلى الكلب لا إلى الصائد و البارز راجع إلى الصيد و التقدير فيأخذ الكلب الصيد و هذا لا يدل على إبطال امتناعه بل جاز أن يبقى امتناعه و الكلب ممسك له فإذا قتله حينئذ فقد قتل ما هو ممتنع فيحل بالقتل و فيه نظر لأن تخصيص الآية بعدم الجواز مع وجود آلة الذبح بالإجماع و الأدلة لا تدل على تخصيصها في محل النزاع لأن الاستدلال حينئذ بعمومها من جهة كون العام المخصوص حجة في الباقي فلا يبطل تخصيصها بالمتفق عليه دلالتها على غيره و الرواية ظاهرة في صيرورة الصيد غير ممتنع من جهات إحداها قوله و لا يكون معه سكين فإن مقتضاه أن المانع له من تذكيته عدم السكين لا عدم القدرة عليه لكونه ممتنعا و لو كان حينئذ ممتنعا لما كان لقوله و لا يكون معه سكين فائدة أصلا. و الثانية قوله فيذكيه بها ظاهر أيضا في أنه لو كان معه سكين لذكاه بها فيدل على إبطال امتناعه. و الثالثة قوله أ فيدعه حتى يقتله ظاهر أيضا في أنه قادر على أن لا يدعه يقتله و أنه إنما يترك تذكيته و يدع الكلب يقتله لعدم السكين
1- قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي ع قال ما أخذ البازي و الصقر فقتله فلا تأكل منه إلا ما أدركت ذكاته أنت و قال ع إذا رميت صيدا فتغيب عنك فوجدت سهمك فيه في موضع مقتل فكل و لا تأكل ما قتله الحجر و البندق و المعراض إلا ما ذكيت
بيان قال في القاموس الباز و البازي ضرب من الصقور و الجمع بواز و بزاة كأنه من بزا يبزو إذا تطاول و تأنس و الرجل قهره و بطش به كأبزى به. و قال الدميري البازي أفصح لغاته بازي مخففة الياء و الثانية باز و الثالثة بازي بتشديد الياء و هو مذكر و يقال في التثنية بازان و في الجمع بزاة كقاض و قضاة و يقال للبزاة و الشواهين و غيرها مما يصيد صقور و لفظه مشتق من البزوان و هو الوثب و قال في عجائب المخلوقات يقال أنه لا يكون إلا أنثى و ذكرها من أنواع أخر من الحدأة و الشواهين و لهذا اختلف أشكالها. و قال الصقر الطائر الذي يصاد به و قال ابن سيدة الصقر كل شيء يصيد من البزاة و الشواهين و الجمع أصقر و صقور و صقورة و صقار و صقارة. قال سيبويه جاءوا بالهاء في هذا الجمع توكيدا نحو فعولة و الأنثى صقرة و الصقر هو الأجدل و يقال له القطامي و هو أحد أنواع الجوارح الأربعة و هي الصقر و الشاهين و العقاب و البازي و العرب يسمي كل طائر يصيد صقرا ما خلا النسر و العقاب و تسمية الأكدر و الأجدل و هو من الجوارح بمنزلة البغال من الدواب لأنه أصبر على الشدة و أحمل لغليظ الغذاء و أحسن ألفا و أشد إقداما على جملة الطير من الكركي و غيره و لبرد مزاجه لا يشرب ماء و لو أقام دهرا انتهى. و اعلم أن الآلات التي يصاد بها و يحصل بها الحل قسمان حيوان و جماد و قد تقدم بعض الكلام في القسم الأول و الكلام هنا في الثاني و هو إما مشتمل على نصل كالسيف و الرمح و السهم أو خال عن النصل و لكنه محدد بشيء يصلح للخرق أو مثقل يقتل بثقله كالحجر و البندق و الخشبة غير المحددة و الأول يحل مقتوله سواء مات بجرحه أم لا كما لو أصاب معترضا و لا خلاف فيه بين أصحابنا صريحا و تدل عليه الأخبار الكثيرة. و قال سلار في المراسم العلية اعلم أن الصيد على ضربين أحدهما تؤخذ بمعلم الكلاب أو الفهد أو الصقر أو البازي أو النبل أو النشاب أو الرمح أو السيف أو المعراض أو الحبالة و الشبكة. و الآخر ما يصاد بالبندق و الحجارة و الخشب فالأول كله إذا لحق ذكاته حل إلا ما يقتله معلم الكلاب فإنه حل أيضا و إن أكل منه الكلب نادرا حل و إن اعتاد الأكل لم يحل منه إلا ما يذكى. و الثاني لا يؤكل منه إلا ما يلحق ذكاته و هو بخلاف الأول لأنه يكره و قد روي تحريم ما يصاد بقسي البندق و روي جواز أكل ما قتل بسهم أو سيف أو رمح إذا سمى القاتل انتهى. و ظاهره التوقف في حل ما قتله السهم و السيف و الرمح و هو ضعيف. و الثاني يحل مقتوله بشرط أن يخرقه بأن يدخل فيه و لو يسيرا و يموت بذلك فلو لم يخرق لم يحل. و الثالث لا يحل مقتوله مطلقا سواء خدش أو لم يخدش و سواء قطعت البندقة رأسها أم عضوا آخر منه كما يدل عليه هذا الخبر
و رووا عن النبي ص أنه قال لعدي بن حاتم و لا تأكل من البندق إلا ما ذكيت
و في حديث آخر عنه أنها لا تصيد صيدا و لا تنكأ عدوا و لكنها تكسر السن و تفقئ العين
و المعراض كمفتاح سهم لا ريش فيه ذكره في المصباح و في القاموس المعراض كمحراب سهم بلا ريش دقيق الطرفين غليظ الوسط يصيب بعرضه انتهى. و أقول هنا محمول على ما إذا أصاب بالعرض و لم يكن له نصل.
لما رواه أبو عبيدة في الصحيح عن أبي عبد الله ع قال إذا رميت بالمعراض فخرق فكل و إن لم يخرق و اعترض فلا تأكل
و رووا عن عدي بن حاتم قال سألت رسول الله ص عن صيد المعراض فقال إن قتل بحده فكل و إن قتل بثقله فلا تأكل
و روى الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله ع قال سألته عن الصيد يرميه الرجل بسهم فيصيبه متعرضا فيقتله و قد سمى حين رماه و لم تصبه الحديدة فقال إن كان السهم الذي أصابه هو الذي قتله فإن أراد فليأكله
و أقول في الاصطياد بالآلة المستحدثة التي حدثت في هذه الأعصار يقال له التفنگ إشكال و لا يبعد القول بالحل فيه لا سيما إذا جعل فيها مكان الرصاص القطعات المحددة الصغيرة من الحديد لعموم أدلة الحل و دخوله تحت عموم قول أبي جعفر ع من قتل صيدا بسلاح و أخبار البندقة مصروفة إلى المعروف في ذلك الزمان و يؤيده ما مر أنها لا تصيد صيدا إلخ و الأحوط الاجتناب ثم إن الأصحاب عدوا من الشروط المعتبرة في حل الصيد بالكلب و السهم أن يحصل موته بسبب الجرح فلو مات بصدمة أو افتراس سبع أو أعان ذلك الجرح غيره لم يحل و يتفرع على ذلك ما لو غاب الصيد و حياته مستقرة ثم وجده ميتا فإنه لا يحل لاحتمال أن يكون مات بسبب آخر و لا أثر لكون الكلب مضمخا بدمه فربما جرحه الكلب و أصابته آفة أخرى و لو انتهت به الجراحة إلى حالة حركة المذبوح حل و إن غاب و كذا لو فرض علمه بأنه مات من جراحته إلا أن الفرض لما كان بعيدا أطلقوا التحريم و المعتبر من العلم هنا الظن الغالب كما لو وجد الضربة في مقتل و ليس هناك سبب آخر صالح للموت كما يدل عليه هذا الخبر
و رووا عن عدي بن حاتم قال قلت يا رسول الله إنا أهل صيد و إن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلتين و الثلاث فيجده ميتا فقال رسول الله ص إذا وجدت فيه أثر سهمك و لم يكن فيه أثر سبع و علمت أن سهمك قتله فكل
2- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن ظبي أو حمار وحش أو طير صرعه رجل ثم رماه بعد ما صرعه قال كله ما لم يتغيب إذا سمى و رماه
بيان إذا سمى أي الثاني و يحتمل الأعم و التخصيص بالأول بعيد و يدل الخبر على أحكام الأول حل حمار الوحش الثاني اشتراط عدم الغيبة في حل المرمي و كأنه محمول على عدم العلم بأنه مات برميته كما مر الثالث أنه إذا صرعه و رماه غيره لم يحرم و يشكل بأن الأول إن صيره بالصرع في حكم المذبوح فاشتراط التسمية في الثاني لا فائدة فيه و لا يصير بترك التسمية حراما حينئذ كما هو المشهور إلا أن نخص التسمية بالأول و إن لم يصر كذلك و صار مثبتا فهو حيوان غير ممتنع لا بد من ذبحه فرميه يصير سببا لحرمته و ضمان الرامي للأول إلا أن يحمل على أنه بعد الصرع لم يصر مثبتا بل هو بعد ممتنع فيجوز رميه لكنه بعيد. قال في التحرير إذ رماه الأول فأثبته ثم رماه الثاني فإن كان الأول موجبا بأن أصاب مذبحه أو وقع في قلبه فالثاني لا ضمان عليه إلا أن ينقصه برميه شيئا فيضمن بعضه و يحل و إن كان الأول غير موج فالثاني إن وجاه حرم إلا أن يكون قد ذبحه و إن لم يوجه فإن ذكي بعد ذلك حل و إن لم يدرك ذكاته فإن الأول لم يقدر عليها فعلى الثاني كمال قيمته معيبا بالعيب الأول لأن جرحه هو الذي حرمه فكان الضمان عليه و إن قدر على ذكاته و أهمل حتى مات بالجرحين فعلى الثاني نصف قيمته معيبا للأول انتهى
3- العياشي، عن حريز عن أبي عبد الله ع قال سئل عن كلب المجوس يكلبه المسلم و يسمي و يرسله قال نعم إنه مكلب إذا ذكر اسم الله عليه فلا بأس
بيان في القاموس المكلب معلم الكلاب الصيد
4- العياشي، عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه ع عن علي ع قال الفهد من الجوارح و الكلاب الكردية إذا علمت فهي بمنزلة السلوقية
بيان في القاموس السلوق كصبور قرية باليمن تنسب إليه الدروع و الكلاب أو بلد بطرف أرمنية أو إنما نسبتا إلى سلقية محركة بلد للروم فغير للنسب انتهى. و الخبر بظاهره يدل على حل صيد الفهد و حمل على التقية كما عرفت و كون الراوي عاميا يؤيده و رواه في الكافي بإسناده إلى السكوني عنه ع قال الكلاب الكردية إلخ و ليس فيه ذكر الفهد و يحتمل كون الفقرة الأولى جملة برأسها و يكون الغرض أنه من الجوارح لكن ليس بمكلب و إن كان بعيدا و قال في المسالك لا فرق في الكلب بين السلوقي و غيره إجماعا
5- كتاب المسائل، لعلي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الرجال هل يصلح له أن يصيد حمام الحرم في الحل فيذبحه فيدخل الحرم فيأكله فقال لا يصلح أكل حمام الحرم على حال
بيان سيأتي حكمه في كتاب الحج إن شاء الله
-6 الدعائم، عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع قال الطير في وكره أمن بأمان الله فإذا طار فصيدوه إن شئتم
7- و قال جعفر بن محمد ع و لا يصاد من الصيد إلا ما أضاع التسبيح
8- و عن علي ع أنه قال الطير إذا ملك ثم طار ثم أخذ فهو حلال لمن أخذه قال جعفر بن محمد ع يعني البزاة و نحوها لأن أصلها مباح و نهى عن صيد الحمام في الأمصار و رخص في صيدها في القرى
9- و عن علي ع أنه قال الصيد لمن سبق إلى أخذه
بيان إذا أطلق الصيد من يده فإن لم ينو قطع ملكه عنه فلا خلاف في بقاء ملكه عليه و إن قطع نيته عن ملكه ففي خروجه عنه قولان أحدهما و هو الأشهر عدمه و الثاني أنه يخرج بذلك عن ملكه ذهب إليه الشيخ في المبسوط و احتجوا عليه بأن الأصل في الصيد انفكاك الملك عنه و إنما حصل ملكه باليد و قد زالت و لا يخفى وهنه و يتفرع على زوال ملكه عنه ملك من يصيده ثانيا له فليس للأول انتزاعه منه و على القول بعدمه هل تكون نية رفع ملكه عنه أو تصريحه بإباحته موجبا لإباحة أحد غيره له وجهان أحدهما العدم لبقاء الملك المانع من تصرف الغير فيه و أصحهما إباحته لغيره بمعنى أنه لا ضمان على من أكله و لكن يجوز للمالك الرجوع فيه ما دامت عينه موجودة كنثار العرس و الخبر على تقدير صحته يؤيد مختار المبسوط و كان النهي عن صيد الحمام في الأمصار لكون الغالب فيها الملك و يمكن أن يحمل على ما إذا كان عليها أثر الملك أو على الكراهة و في بعض النسخ مكان القرى العراء و هو الفضاء لا يستتر فيه بشيء و بالقصر الناحية و الجناب فالمراد به الصحاري
10- الدعائم، عن جعفر بن محمد عن آبائه ع عن علي بن أبي طالب ع أنه سئل عن قول الله عز و جل وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ قال هي الكلاب و الجارح الكاسب و منه قول الله عز و جل وَ يَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ أي كسبتم
11- و عنه ع أنه قال ما أمسكت الكلاب المعلمة أكل و إن قتلته و ما قتلت الكلاب غير المعلمة فلا يؤكل يعني إذا سمى الله عند إرساله و لا بأس بأكله إذا نسي التسمية
12- و عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أنهما رخصا في أكل ما أمسكه الكلب المعلم و إن قتله و أكل منه و لم يرخصا فيما أكل منه الطير
13- و عن أبي جعفر ع قال الصقور و البزاة من الجوارح
14- و عن جعفر بن محمد ع أنه قال الفهد المعلم كالكلب يؤكل ما أمسك
15- و عن رسول الله ص أنه نهى عن صيد الكلب الأسود و أمر بقتله و هذا خصوص إذا كان بهيما كله
16- و عن جعفر بن محمد ع أنه قال الكلاب كلها بمنزلة واحد إذا علم الكردي فهو كالسلوقي
17- و عنه ع أنه قال من أرسل كلبا و لم يسم فلا يأكل يعني ما قتل من الصيد إذا ترك التسمية عمدا فإن نسي ذلك أو جهله فليأكل
18- و عنه ع أنه قال في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل حيا ثم يموت يعني في المكان من فعل الكلب قال كل يقول الله عز و جل فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ فأما إن أخذه الصائد حيا فتوانى في ذبحه أو ذهب به إلى منزله فمات أو لم يكن الكلب الذي قتله معلم لم يجز أكله
19- و عن علي ع أنه قال في كلب المجوسي لا يؤكل صيده إلا أن يأخذه مسلم فيقلده و يعلمه و يرسله قال و إن أرسله المسلم جاز أكل ما أمسك و إن لم يكن علمه
20- و عن جعفر بن محمد ع أنه قال إذا ضرب الرجل الصيد بالسيف أو طعنه بالرمح أو رماه بالسهم فقتله و قد سمى الله حين فعل ذلك لا بأس بأكله و قال في الرجل يرمي الصيد فيقصر عنه فيبتدر القوم فيقطعونه بينهم يعني بضربهم إياه بسيوفهم من قبل أخذه قال حلال أكله
21- و سئل ع عن ثور وحشي ابتدره قوم بأسيافهم و قد سموا فقطعوه بينهم فقال ذكاة وحية و لحم حلال
22- و عنه ع أنه قال في الرجل يرمي الصيد فيتحامل و السهم فيه أو الرمح أو يتحامل بشدة الضربة فيغيب عنه ثم يجده من الغد ميتا و فيه سهمه أو يكون ضربه أو أصابه بسهم في مقتل علم أنه مات من فعله لا من فعل غيره فحلال أكله فقد روينا عن رسول الله ص أنه قال ما أصميت فكل و ما أنميت فلا تأكل فالإصماء أن يصيب الرمية فيموت مكانها و الإنماء أن يصيبها يتوارى عنه ثم يموت و هذا قول مجمل قد يكون نهي تأديب أو يكون في شك مما أنمى هل قتله بضربته أم لا و الذي ذكرناه عن جعفر بن محمد ع هو مفسر و ما لا شبهة فيه أنه إذا علم أنه قتله فحلال أكله
23- و عن علي و عن أبي عبد الله ع أنهما قالا في الصيد يضربه الصائد فيتحامل فيقع في ماء أو نار أو يتردى من موضع عال فيموت قال لا يؤكل إلا أن تدرك ذكاته
24- و عن أبي جعفر ع أنه قال ما قتل بالحجر و البندق و أشباه ذلك لم يؤكل إلا أن يدرك ذكاته
25- و عن جعفر بن محمد ع أنه كره ما قتل من الصيد بالمعراض إلا أن لا يكون له سهم غيره
و المعراض سهم لا ريش فيه يرمى فيمضي بالعرض
-26 و عن رسول الله ص أنه نهى عن صيد المجوس و عن ذبائحهم يعني بصيدهم هذا ما قتلوه من قبل أن تدرك ذكاته أو قتلته كلابهم التي أرسلوها
27- و عن علي ع أنه قال ما أخذت الحبالة فمات فيها فهي ميتة و ما أدرك حيا ذكي فأكل
بيان قوله و الجارح كأنه من كلام المؤلف و كذا قوله يعني في المواضع و قوله و هذا خصوص و البهمة غاية السواد و البهيم الخالص الذي لا يخالط لونه لون و القيد مأخوذ
عما رواه الكليني و الشيخ بإسنادهما عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع الكلب الأسود البهيم لا تأكل صيده لأن رسول الله ع أمر بقتله
قوله قال و إن أرسله الظاهر أنه مضمون حديث آخر كما مر ذكاة وحية قال في المصباح الوحا السرعة يمد و يقصر و موت وحي مثل سريع وزنا و معنى فعيل بمعنى فاعل و ذكاة وحية أي سريعة و نحوه قال في المغرب و قال القتل بالسيف أوحى أي أسرع و في أكثر نسخ التهذيب وجيئة بالجيم مهموز من وجأته بالسكين ضربته بها و كأنه تصحيف. و قال في النهاية فيه كل ما أصميت و دع ما أنميت الإصماء أن تقتل الصيد مكانه و معناه سرعة إزهاق الروح من قولهم للمسرع صميان و الإنماء أن تصيب إصابة غير قاتلة في الحال يقال أنميت الرمية و نمت بنفسها و معناه إذا صدت بكلب أو سهم أو غيرهما فمات و أنت تراه غير غائب عنك فكل منه و ما أصبته ثم غاب عنك فمات بعد ذلك فدعه لأنك لا تدري أ مات بصيدك أم بعرض آخر انتهى. قوله ع إلا أن لا يكون إلخ ظاهره أن صيد المعراض إنما يحل مع الاضطرار و فقدان آلة غيره
و قد روى الكليني و الشيخ في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله ع أنه سئل عما صرع المعراض من الصيد فقال إن لم يكن له نبل غير المعراض و ذكر اسم الله عليه فليأكل مما قتل و إن كانت له نبل غيره فلا
و في رواية أخرى رويا عن أبي جعفر ع لا بأس إذا كان هو مرماتك أو صنعته لذلك
و لم يقل بهذه التفاصيل ظاهرا أحد لأنه إن كان له نصل قالوا يحل مقتولة مطلقا و إن لم يكن له نصل لا يحل مطلقا عندهم كما عرفت و يمكن حملها على الاستحباب و على كونه ذا حديد أو يكون بعضها كناية عن كونه ذا حديد و الأحوط عدم الاكتفاء بالمعراض إذا لم يخرق من غيره ضرورة.
و روى الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله ع قال إذا رميت بالمعراض فخرق فكل و إن لم يخرق و اعترض فلا تأكل
أقول في رواياتنا و المضبوط في كتب أصحابنا بالخاء المعجمة و الراء المهملة و في روايات العامة بالزاي قال في النهاية في حديث عدي قلت يا رسول الله إنا نرمي بالمعراض فقال كل ما خزق و ما أصاب بعرضه فلا تأكل خزق السهم و خسق إذا أصاب الرمية و نفذ فيها و سهم خازق و خاسق انتهى. و لا خلاف في أن ما قتله الحبالة و الشبكة أو قطعته من الصيد حرام
28- الخلاف للشيخ، روى عدي بن حاتم أن النبي ص قال ما علمت من كلب ثم أرسلته و ذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك قلت فإن قتل قال إذ قتله و لم يأكل منه شيئا فإنما أمسك عليك قلت يا رسول الله ص إني أرسلت كلبي فقال إذا أرسلت كلبك و ذكرت اسم الله فكل و إلا فلا تأكل قلت فإني أرسلت كلبي و أجد عليه كلبا فقال لا تأكل إنك إنما سميت على كلبك قال قلت يا رسول الله إنا نصيد و إن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلتين و الثلاث فيجده ميتا و فيه سهمه فقال إذا وجدت فيه أثر سهمك و لم يكن فيه أثر سبع و علمت أن سهمك قتله فكل و قال سألت رسول الله ص عن الصيد فقال إذا رميت الصيد و ذكرت اسم الله فقتل فكل و إن وقع في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك
أقول إنما أوردت هذا الخبر مع كونه عاميا لأن راويه و هو عدي كان من خواص أصحاب أمير المؤمنين ع و كان معه في غزواته و قال الفضل بن شاذان إنه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين ع و لاشتماله على أحكام كثيرة مفهوما و منطوقا و أكثرها مما عمل به الأصحاب و مؤيدة بأخبار كثيرة من طرقنا و بيناها فيما مضى و سيأتي
29- الشهاب، قال رسول الله ص من اتبع الصيد غفل
الضوء، ]ضوء الشهاب[ معناه و الله أعلم أن الذي يتبع الصيد و ينقطع إليه بنفسه وراءه يصده عن العبادات الواجبة عليه و لا شك أن للصيد ضراوة و حرصا و شهوة تصده عن جميع المهمات و تصدف عن العبادات و يجوز أن يكون الصيد كناية عن طلب الدنيا فيقول ع من اتبع الصيد أي الدنيا غفل أي من حبس نفسه على الحطام و جعله من أهم الأمور فكأنه يصيد صيدا
30- صحيفة الرضا، بالإسناد عنه ع بإسناده إلى جعفر ع قال مر جعفر بصياد فقال يا صياد أي شيء أكثر ما يقع في شبكتك قال الطير الزاق قال فمر و هو يقول هلك صاحب العيال
بيان الزاق الذي له فرخ يزقه و زق الطائر إطعامه فرخه
31- قرب الإسناد، عن هارون بن مسلم عن مسعد بن زياد قال سئل جعفر عن صيد الكلاب و البزاة و الرمي فقال ع أما ما صاده الكلب المعلم و قد ذكر اسم الله عليه فكله و إن كان قد قتله و أكل منه و قال في الذي يرمي بالسيف و الحجر و النشاب و المعراض لا يؤكل إلا ما ذكي منه و كذا ما صاد البازي و الصقورة و غيرهما من الطير لا تأكل إلا ما ذكي منه
بيان قوله و الرمي كذا في أكثر النسخ و كأنه تصحيف و على تقديره أعرض ع عن جوابه و يمكن أن يقرأ الرمي كغني و هو سحابة عظيمة القطر فالمراد به ما سقط بالصاعقة و الرمي كما لو صوت الحجر يرمي به الصبي و هو أيضا مناسب أو هو بالفتح و المراد بالبنادق و الجلاهق و في القاموس النشاب بالضم النبل الواحدة بهاء و بالفتح متخذة و أقول قد تقدم الكلام فيه
-32 قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي ع أنه قال إذا أخذ الكلب المعلم الصيد فكله أكل منه أو لم يأكل قتل أو لم يقتل
33- الخصال، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس يرفعه إلى أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص يا علي ثلاث يقسين القلب استماع اللهو و طلب الصيد و إتيان باب السلطان الخبر
34- و منه، عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد الأشعري قال روي عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن موسى المروزي عن أبي الحسن ع قال قال رسول الله ص أربع يفسدن القلب و ينبتن النفاق في القلب كما ينبت الماء الشجر استماع اللهو و البذاء و إتيان باب السلطان و طلب الصيد
بيان البذاء الفحش و الكلام القبيح
35- مجالس ابن الشيخ، عن أبيه عن عبد الواحد بن محمد عن ابن عقدة عن أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن عن أبيه عن الحسن بن الحكم عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار عن أبي هريرة عن النبي ص قال من بدا جفا و من تبع الصيد غفل و من لزم السلطان افتتن و ما يزداد من السلطان قربا إلا زاد من الله تعالى بعدا
توضيح في النهاية من بدا جفا أي من نزال البادية صار فيه جفاء الأعراب و قال من اتبع الصيد غفل أي يشتغل به قلبه و يستولي عليه حتى يصير فيه غفلة. و في الفائق بدوت أبدو إذا أتيت البدو جفا أي صار فيه جفاء الأعراب لتوحشه و انفراده عن الناس غفل أي شغل الصيد قلبه و ألهاه حتى صارت فيه غفلة و ليس الغرض ما تزعمه جهلة الناس أن الوحش نعم الجن فمن تعرض لها خبلته و غفلته انتهى. و قال الطيبي من اعتاده للهو و الطرب غفل لأنهما يصدران من القلب الميت و من اصطاد للقوت جاز انتهى. و أقول يحتمل أن يكون المعنى أنه لولوعه بالصيد يغفل عن المهالك في المسالك فيخاطر بنفسه
36- العلل، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد الأشعري عن البرقي عن رجل عن ابن أسباط عن عمه رفع الحديث إلى علي ع قال قال رسول الله ص لا تتبعوا الصيد فإنكم على غرة الخبر
بيان على غرة بالكسر أي على غفلة في تلك الحالة عما يعرض لكم من المهالك كما ذكرنا في الخبر السابق و كأن المراد اتباع الصيد إلى حيث يذهب من المسافات البعيدة أو هي من الغرر بمعنى الهلاك أي أنتم بمعرض هلاك و في بعض النسخ على غيره و كأنه تصحيف
37- معاني الأخبار، روي أن العادي اللص و الباغي الذي يبغي الصيد لا يجوز لهما التقصير في السفر و لا أكل الميتة في حال الاضطرار
38- قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن رجل لحق حمارا أو ظبيا فضربه بالسيف فقطعه نصفين هل يحل أكله قال نعم إذا سمى و سألت عن رجل لحق حمارا أو ظبيا فضربه بالسيف فصرعه أ يؤكل قال إذا أدرك ذكاته أكل و إن مات قبل أن يغيب عنه أكله
تبيان قال في المسالك إذا رمى الصيد بآلة كالسيف فقطع منه قطعة كعضو منه فإن بقي الباقي مقدورا عليه و حياته مستقرة فلا إشكال في تحريم ما قطع منه لأنه قطعة أبينت من حي قبل تذكيته و إن لم يبق حياة الباقي مستقرة فمقتضى قواعد الصيد حل الجميع لأنه مقتول به فكان بجملته حلالا و لو قطعه نصفين أي قطعتين و إن كانا مختلفتين في المقدار فإن لم يتحركا فهما حلالان و كذا لو تحركا حركة المذبوح سواء خرج منها دم معتدل أم من أحدهما أم لا و كذا لو تحرك أحدهما حركة المذبوح دون الآخر و سواء في ذلك النصف الذي فيه الرأس و غيره و إن تحرك أحدهما حركة مستقر الحياة و ذلك لا يكون إلا في النصف الذي فيه الرأس فإن كان قد أثبته بالجراحة الأولى فقد صار مقدورا عليه فتعين الذبح و لا تجزي سائر الجراحات و تحل تلك القطعة دون المبانة و إن لم يثبته بها و لا أدركه و ذبحه بل جرحه جرحا آخر مدنفا حل الصيد دون تلك القطعة و إن مات بهما ففي حلها وجهان أجودهما العدم و إن مات بالجراحة الأولى بعد مضي زمان و لم يتمكن من الذبح حل باقي البدن و في القطعة السابقة الوجهان و أولى بالحل هنا لو قيل به ثمة و الأصح التحريم هذا هو الذي تقتضيه قواعد أحكام الصيد مع قطع النظر عن الروايات الشاذة و في المسألة أقوال منتشرة مستندة إلى اعتبارات أو روايات شاذة مشتملة على ضعف و قطع و إرسال منها أنه مع تحرك أحد النصفين دون الآخر فالحلال هو المتحرك خاصة و أن حلهما معا مشروط بحركتهما أو عدم حركتهما معا مع خروج الدم و هو قول الشيخ في النهاية. و منها أن حلهما مشروط بتساويهما و مع تفاوتهما يؤكل ما فيه الرأس إذا كان أكبر و لم يشترط الحركة و لا خروج الدم و هو قول الشيخ أيضا في كتابي الفروع. و منها اشتراط الحركة و خروج الدم في كل واحد من النصفين و متى انفرد أحدهما بالشرط أكل و ترك ما لا يجمعها فلو لم يتحرك واحد منهما حرم و هو قول القاضي و منها أنه مع تساويهما يشترط في حلهما خروج الدم منهما و إن لم يخرج دم فإن كان أحد الشقين أكثر و معه الرأس حل ذلك الشق فإن تحرك أحدهما حل المتحرك و هو قول ابن حمزة و اختار المحقق و جماعة حلهما مطلقا إن لم يكن في المتحرك حياة مستقرة و هو الأقوى انتهى. و بالجملة المسألة في غاية الإشكال و صحيحة الحلبي تدل على الحل مطلقا و كذا هذا الخبر و سائر الأخبار مقتضى الجميع بينها أنه إذا قده بنصفين عرفا بأن لا يكون بينهما تفاوت كثير يحلان مطلقا إلا إذا تحرك أحدهما و لم يتحرك الآخر فيحل المتحرك حسب و لو كان بينهما تفاوت كثير يحل الأكبر إذا كان من جانب الرأس دون الأصغر و لو كان بالعكس يحلان و به يمكن الجمع بينها و الله يعلم و يدل الحديث على جواز الاصطياد بالسيف و على حل حمار الوحش. قوله إذا أدرك ذكاته أي أدركه حيا و ذكاه
39- تفسير علي بن إبراهيم، يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ و هو صيد الكلاب المعلمة خاصة أحلها الله إذا أدركته و قد قتله لقوله فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ
و أخبرني أبي عن فضالة بن أيوب عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله ع قال سألته عن صيد البزاة و الصقور و الفهود و الكلاب قال لا تأكلوا إلا ما ذكيتم إلا الكلاب قلت فإن قتلته قال كل فإن الله يقول وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ثم قال كل شيء من السباع تمسك الصيد على نفسها إلا أكلاب المعلمة فإنها تمسك على صاحبها و قال إذا أرسلت الكلب المعلم فاذكر الله عليه فهو ذكاته
-40 القصص، قال أبو عبد الله ع كان ورشان يفرخ في شجرة و كان رجل يأتيه إذا أدرك الفرخان فيأخذ الفرخين فشكا ذلك الورشان إلى الله تعالى فقال إني سأكفيكه قال فأفرخ الورشان و جاء الرجل و معه رغيفان فصعد الشجرة و عرض له سائل فأعطاه أحد الرغيفين ثم سعد فأخذ الفرخين و نزل بهما فسلمه الله لما تصدق به
بيان كأن فيه إيماء إلى كراهة أخذ الفراخ من الأوكار كما ذكره الأصحاب و وردت به الروايات قال في الدروس يكره صيد الطير و الوحش ليلا و أخذ الفراخ من أعشاشها
41- المحاسن، محمد بن عيسى اليقطيني عن أبي عاصم عن هاشم بن ماهويه المداري عن الوليد بن أبان الرازي قال كتب ابن زاذان فروخ إلى أبي جعفر الثاني ع يسأله عن الرجل يركض في الصيد لا يريد بذلك طلب الصيد و إنما يريد بذلك التصحيح قال لا بأس بذلك إلا اللهو
بيان الركض تحريك الرجل و الدفع و استحثاث الفرس للعدو و العدو كذا في القاموس و الفعل كنصر قوله لا يريد بذلك طلب الصيد يحتمل وجهين الأول أنه لا يصيد لكنه يركض خلف الصيد و الثاني أنه يصيد ليس غرضه اللهو بالصيد و لا الصيد في نفسه و إنما غرضه طلب صحة البدن و ما يوجبها كهضم الطعام و دفع فضول الرطوبات عن البدن و الأخير أظهر معنى و الأول لفظا و لا يبعد جواز هذا النوع من الصيد من فحاوي كلام الأصحاب فإنهم حكموا بحرمة الصيد لهوا و بطرا و بحل الصيد للقوت و للتجارة و دلائلهم على تحريم الأول و جواز الأخيرين يقتضي جواز هذا و أمثاله قال في التذكرة اللاهي بسفره كالمتنزه بصيده بطرا و لهوا لا يقصر عند علمائنا لأن اللهو حرام فالسفر له معصية و لو كان الصيد لقوته و قوت عياله وجب القصر لأنه فعل مباح و لو كان للتجارة فالوجه القصر في الصلاة و الصوم لأنه مباح انتهى و كون هذا المقصود مباحا ظاهر
42- فقه الرضا، قال ع اعلم يرحمك الله أن الطير إذا ملك جناحه فهو لمن أخذه إلا أن يعرف صاحبه فيرد عليه و لا يصلح أخذ الفراخ من أوكارها في جبل أو بئر أو أجمة حتى ينهض و إذا أردت أن ترسل الكلب على الصيد فسم الله عليه فإن أدركته حيا فاذبحه أنت و إن أدركته و قد قتله كلبك فكل منه و إن أكل بعضه لقوله فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ و إن لم يكن معك حديد تذبحه فدع الكلب على الصيد و سميت عليه حتى يقتل ثم تأكل منه و إن أرسلت على الصيد كلبك فشاركه كلب آخر فلا تأكله إلا أن تدرك ذكاته و إن رميت و سميت و أدركته و قد مات فكله إذا كان في السهم زج حديد و إن وجدته من الغد و كان سهمك فيه فلا بأس بأكله إذا علمت أن سهمك قتله و إن رميت و هو على جبل فأصابه سهمك و وقع في الماء و مات فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء و إن كان رأسه في الماء فلا تأكله و لا تأكل ما اصطدت بباز أو صقر أو فهد أو عقاب أو غير ذلك إلا ما أدركت ذكاته إلا الكلب المعلم فلا بأس بأكل ما قتلته إذا كنت سميت عليه
تبيين أكثر هذا الفصل أورده الصدوق في الفقيه. قوله إذا ملك جناحه أي استقل بالطيران فالتقييد لكراهة الصيد قبل الطيران و هو بعيد أو المراد عدم كونه مقصوصا فإنه علامة سبق الملك فلا يملكه الآخذ إلا بعد التعريف و كذا إذا كان معقورا و ظاهره أن الأصل في الطير الإباحة بعد الطيران و إن علم أنه كان له مالك إلا أن يعرف المالك بعينه فيرده عليه لكن لم أر قائلا به و قيل المراد بملك الجناحين نهوضه من الوكر فالمراد أنه لا يجوز اصطياده بالرمي و نحوه فإنه غير ممتنع و لا يخفى بعده قوله و سميت عليه حال بتقدير قد أي و قد سميت عليه حين إرسال الكلب فلا تحتاج إلى تسمية أخرى فشاركه كلب آخر أي غير معلم أو غير مسمى عليه و علم أن إزهاق الروح بهما أو لم يعلم أنه بهما أو بأيهما و إذا علم أنه بالمعلم المسمى عليه لم يضر
و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله ع حيث قال إن وجد معه كلبا غير معلم فلا يأكل منه
و عن أبي بصير عنه ع قال سألته عن قوم أرسلوا كلابهم و هي معلمة كلها و قد سموا عليها فلما أن مضت الكلاب دخل فيها كلب غريب لا يعرفون لها صاحبا فاشتركت جميعها في الصيد فقال لا يؤكل منه لأنك لا تدري أخذه معلم أم لا
قوله ع إذا كان في السهم إلخ محمول على ما إذا لم يخرق بحده كما مر. قوله و إن رميت في الفقيه إن رميته و هو على جبل فسقط و مات فلا تأكله و إن رميته و أصابه سهمك و وقع في الماء فمات فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء و إن كان رأسه في الماء فلا تأكله. و المشهور بين الأصحاب أنه لا يحل إذا تردى من جبل أو وقع في ماء فمات نعم لو صير حياته غير مستقرة حل.
و في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن رجل يرمي صيدا و هو على جبل أو حائط فيخرق فيه السهم فيموت فقال كله منه و إن وقع في الماء من رميتك فمات فلا تأكل منه
و روي نحوه بسند موثق عن سماعة و عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن ع قال لا تأكل من الصيد إذا وقع في الماء فمات
و قال في المسالك هذا أي عدم الحل إذا علم استناد موته إليهما أو إلى غير الرمية أو شك في الحال و لو علم استناد موته إلى الرمية عادة حل لوجود المقتضي و انتفاء المانع و إن أفاد الماء في التردي تعجيلا و قيد الصدوقان الحل بأن يموت و رأسه خارج الماء و لا بأس به لأنه أمارة على قتله بالسهم إن لم يظهر خلاف ذلك
43- السرائر، نقلا من كتاب موسى بن بكر عن أبي عبد الله ع قال إذا رميت بسهمك فوجدته و ليس به أثر غير أثر سهمك و ترى أنه لم يقتله غير سهمك فكل تغيب عنك أو لم يتغيب عنك
44- العياشي، عن أبي بكر الحضرمي قال سألت أبا عبد الله ع عن صيد البزاة و الصقور و الفهود و الكلاب فقال لا تأكل من صيد شيء منها إلا الكلاب قلت فإنه قتله قال كل فإن الله يقول وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ
-45 و منه، عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله ع عن الرجل سرح الكلب المعلم و يسمي إذا سرحه قال يأكل مما أمسك عليه و إن أدركه و قتله و إن وجد معه كلب غير معلم فلا يأكل منه قلت و الصقر و العقاب و البازي قال إن أدركت ذكاته فكل منه و إن لم تدرك ذكاته فلا تأكل منه قلت فالفهد ليس بمنزلة الكلب قال فقال لا ليس شيء مكلب إلا الكلب
46- و منه، عن سماعة عن أبي عبد الله ع قال كان أبي يفتي و كنا نفتي و نحن نخاف في صيد البازي و الصقور فأما الآن فإنا لا نخاف و لا يحل صيدهما إلا أن يدرك ذكاته و إنه لفي كتاب علي ع أن الله قال ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ فهي الكلاب
بيان فهي الكلاب أي الجوارح المذكورة في الآية المراد بها الكلاب لقوله مُكَلِّبِينَ و قال المحدث الأسترآبادي رحمه الله يعني أن المراد من المكلبين الكلاب. و في تفسير علي بن إبراهيم رواية أخرى يؤيد ذلك فعلم من ذلك أن قراءة علي بفتح اللام و القراءة الشائعة بين العامة بكسر اللام انتهى. و أقول لا ضرورة إلى هذا التكلف و تغيير القراءة المشهورة
47- العياشي، عن زرارة عن أبي عبد الله ع قال ما خلا الكلاب مما يصيد الفهود و الصقور و أشباه ذلك فلا تأكلن من صيده إلا ما أدركت ذكاته لأن الله قال مُكَلِّبِينَ فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل إلا أن تدرك ذكاته
48- و منه، عن الحلبي عن أبي عبد الله ع أن في كتاب علي ع قال الله إلا ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فهي الكلاب
49- و منه، عن جميل عن أبي عبد الله ع سئل عن الصيد يأخذه الكلب فيتركه الرجل حتى يموت قال نعم كل أن الله يقول فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ
بيان هذا مختصر من صحيحة جميل المتقدمة في الحكم التاسع و قد مر الكلام فيه
50- العياشي، عن أبي جميلة عن أبي حنظلة عنه ع في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل فيأخذه ثم يموت في يده أ يأكل قال نعم إن الله يقول فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ
بيان كأنه محمول على عدم استقرار الحياة على طريقة القوم أو عدم إمكان الذبح لقصر الزمان أو فقد الآلة على قول أو قتل الكلب له مع بعد على قول
51- العياشي، عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قول الله وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ قال لا بأس بأكل ما أمسك الكلب مما لم يأكل الكلب منه فإذا أكل الكلب منه قبل أن تدركه فلا تأكله
52- و منه، عن رفاعة عن أبي عبد الله قال الفهد مما قال الله مكلبين
53- و منه، عن أبان بن تغلب قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كل ما أمسك عليك الكلب و إن بقي ثلثه
54- الهداية، كل كل ما صاد الكلب المعلم و إن قتله و أكل منه و لم يبق منه إلا بضعة واحدة و لا تأكل ما صيد بباز أو صقر أو فهد أو عقاب إلا ما أدركت ذكاته و من أرسل كلبه و لم يسم تعمدا فأصاب صيدا لم يحل أكله لأن الله عز و جل يقول وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ و إن نسي فليسم حين يأكل و كذلك في الذبيحة و لا بأس بأكل لحم الحمر الوحشية و لا بأس بأكل ما صيد بالليل و لا يجوز صيد الحمام بالأمصار و لا يجوز أخذ الفراخ من أوكارها في جبل أو بئر أو أجمة حتى ينهض
بيان فليسم حين يأكل محمول على الاستحباب و لا بأس بأكل أي ليس الفعل بحرام أو المعنى أن كراهة الفعل لا يسري إلى الأكل و لا يجوز ظاهره الحرمة و لم أر قائلا بها غيره و كذا ذكره في المقنع أيضا و حمله على الاصطياد بالكلب و السهم و أمثاله بعيدة نعم يمكن حمل عدم الجواز في كلامه على الكراهة الشديدة قال في المختلف يكره أخذ الفراخ من أعشاشهن. و قال الصدوق و أبوه لا يجوز أخذ الفراخ من أوكارها في جبل أو بئر أو أجمة حتى ينهض فإن قصد التحريم صارت المسألة خلافية لنا الأصل عدم التحريم
55- السرائر، نقلا من كتاب جميل بن دراج عن زرارة عن أبي عبد الله ع في رجل صاد حماما أهليا قال إذا ملك جناحه فهو لمن أخذه
56- و منه، نقلا من جامع البزنطي عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله ع الطير يقع في الدار فنصيده و حولنا حمام لبعضهم فقال إذا ملك جناحه فهو لمن أخذه قال قلت يقع علينا فنأخذه و قد نعلم لمن هو قال إذا عرفته فرده على صاحبه
بيان قال في الروضة لا يملك الصيد المقصوص أو ما عليه أثر الملك لدلالة القص و الأثر على مالك سابق و الأصل بقاؤه و يشكل بأن مطلق الأثر إنما يدل على المؤثر أما المالك فلا لجواز وقوعه من غير مالك أو ممن لا يصلح للتملك أو ممن لا يحترم ماله فكيف يحكم بمجرد الأثر بمالك محترم مع أنه أعم و العام لا يدل على الخاص و على المشهور يكون مع الأثر لقطة و مع عدم الأثر فهو لصائده و إن كان أهليها كالحمام للأصل إلا أن يعرف مالكه فيدفعه إليه
57- المختلف، نقلا من كتاب عمار الساباطي عن الصادق ع خرء الخطاف لا بأس به و هو مما يحل أكله و لكن كره أكله لأنه استجار بك و أوى في منزلك كل طير يستجير بك فأجره
بيان يدل على كراهة صيد كل ما عشش في دار الإنسان أو هرب من سبع و غيره و أوى إليه