1- ع، ]علل الشرائع[ أحمد بن محمد بن إسحاق عن أحمد بن يحيى بن زهير عن يوسف بن موسى عن مالك بن إسماعيل عن منصور بن أبي الأسود عن كثير أبي إسماعيل عن جميع بن عمر قال صليت في المسجد الجامع فرأيت ابن عمر جالسا فجلست إليه فقلت حدثني عن علي فقال بعث رسول الله ص أبا بكر ببراءة فلما أتى به ذا الحليفة أتبعه عليا فأخذها منه قال أبو بكر يا علي ما لي أ نزل في شيء قال لا و لكن رسول الله قال لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي قال فرجع إلى رسول الله ص فقال يا رسول الله أ نزل في شيء قال لا و لكن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي قال كثير قلت لجميع تشهد على ابن عمر بهذا قال نعم ثلاثا
2- ع، ]علل الشرائع[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله ص بعث أبا بكر ببراءة ثم أتبعه عليا فأخذها منه فقال أبو بكر يا رسول الله حيف في شيء قال لا إلا أنه لا يؤدي عني إلا أنا أو علي و كان الذي بعث به علي ع لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة و لا يحج بعد هذا العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريان و من كان بينه و بين رسول الله عهد فهو إلى مدته
3- ع، ]علل الشرائع[ الطالقاني عن محمد بن جرير الطبري عن سليم بن عبد الجبار عن علي بن قادم عن إسرائيل عن عبد الله بن شريك عن الحارث بن مالك قال خرجت إلى مكة فلقيت سعد بن مالك فقلت له هل سمعت لعلي ع منقبة قال قد شهدت له أربعة لأن يكون لي إحداهن أحب إلي من الدنيا أعمر فيها عمر نوح أحدها أن رسول الله ص بعث أبا بكر ببراءة إلى مشركي قريش فسار بها يوما و ليلة ثم قال لعلي اتبع أبا بكر فبلغها و رد أبا بكر فقال يا رسول الله أ نزل في شيء قال لا إلا أنه لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني
-4 ع، ]علل الشرائع[ أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز عن أحمد بن منصور عن أبي سلمة عن حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن أنس أن النبي ص بعث ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر فبعث عليا ع و قال لا يبلغها إلا رجل من أهل بيتي
5- ل، ]الخصال[ فيما أجاب به أمير المؤمنين ع اليهودي السائل من خصال الأوصياء قال و أما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله ص لما توجه لفتح مكة أحب أن يعذر إليهم و يدعوهم إلى الله عز و جل آخرا كما دعاهم أولا فكتب إليهم كتابا يحذرهم فيه و ينذرهم عذاب الله و يعدهم الصفح و يمنيهم مغفرة ربهم و نسخ لهم في آخره سورة براءة لتقرأ عليهم ثم عرض على جميع أصحابه المضي به إليهم فكلهم يرى التثاقل فيهم فلما رأى ذلك ندب منهم رجلا فوجهه به فأتاه جبرئيل ع فقال يا محمد لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك فأنبأني رسول الله ص بذلك و وجهني بكتابه و رسالته إلى مكة فأتيت مكة و أهلها من قد عرفتم ليس منهم أحد إلا و لو قدر أن يضع على كل جبل مني إربا لفعل و لو أن يبذل في ذلك نفسه و أهله و ولده و ماله فبلغتهم رسالة النبي ص و قرأت عليهم كتابه فكلهم يلقاني بالتهدد و الوعيد و يبدي لي البغضاء و يظهر الشحناء من رجالهم و نسائهم فكان مني في ذلك ما قد رأيتم ثم التفت إلى أصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين
6- قل، ]إقبال الأعمال[ قال جدي أبو جعفر الطوسي في أول يوم من ذي الحجة بعث النبي ص سورة براءة حين أنزلت عليه مع أبي بكر ثم نزل على النبي ص أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك فأنفذ النبي ص عليا حتى لحق أبا بكر فأخذها منه و رده بالروحاء يوم الثالث منه ثم أداها عنه إلى الناس يوم عرفة و يوم النحر فقرأها عليهم في الموسم
و روى حسن بن أشناس عن ابن أبي الثلج الكاتب عن جعفر بن محمد العلوي عن علي بن عبدك الصوفي عن طريف مولى محمد بن إسماعيل بن موسى و عبيد بن يسار عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الهمداني و عن جابر عن أبي جعفر عن محمد بن الحنفية عن علي صلوات الله عليه أن رسول الله ص لما فتح مكة أحب أن يعذر إليهم و ساق الحديث نحوا مما مر
ثم قال و أقول و روى الطبري في تاريخه في حوادث سنة ست من هجرة النبي ص لما أراد النبي القصد لمكة و منعه أهلها أن عمر بن الخطاب كان قد أمره النبي ص أن يمضي إلى مكة فلم يفعل و اعتذر فقال الطبري ما هذا لفظه ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما حاله فقال يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي
أقول فانظر حال مولانا علي ع من حال من تقدم عليه كيف كان يفدي رسول الله ص بنفسه في كل ما يشير به إليه و كيف كان غيره يؤثر عليه نفسه
و من ذلك شرح أبسط مما ذكرناه رواه حسن بن أشناس في كتابه أيضا عن أحمد بن محمد عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن مالك بن إبراهيم النخعي عن الحسين بن زيد قال حدثني جعفر بن محمد عن أبيه ع قال لما سرح رسول الله ص أبا بكر بأول سورة براءة إلى أهل مكة أتاه جبرئيل ع فقال يا محمد إن الله يأمرك أن لا تبعث هذا و أن تبعث علي بن أبي طالب و أنه لا يؤديها عنك غيره فأمر النبي ص علي بن أبي طالب ع فلحقه فأخذ منه الصحيفة و قال ارجع إلى النبي فقال أبو بكر هل حدث في شيء فقال سيخبرك رسول الله فرجع أبو بكر إلى النبي فقال يا رسول الله ما كنت ترى أني مؤد عنك هذه الرسالة فقال له النبي ص أبي الله أن يؤديها إلا علي بن أبي طالب ع فأكثر أبو بكر عليه من الكلام فقال له النبي ص كيف تؤديها و أنت صاحبي في الغار قال فانطلق علي ع حتى قدم مكة ثم وافى عرفات ثم رجع إلى جمع ثم إلى منى ثم ذبح و حلق و صعد على الجبل المشرف المعروف بالشعب فأذن ثلاث مرات أ لا تسمعون يا أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم ثم قال بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَ أَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إلى قوله إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تسع آيات من أولها ثم لمع بسيفه فأسمع الناس و كررها فقال الناس من هذا الذي ينادي في الناس فقالوا علي بن أبي طالب و قال من عرفه من الناس هذا ابن عم محمد و ما كان ليجترئ على هذا غير عشيرة محمد فأقام أيام التشريق ثلاثة ينادي بذلك و يقرأ على الناس غدوة و عشية فناداه الناس من المشركين أبلغ ابن عمك أن ليس له عندنا إلا ضربا بالسيف و طعنا بالرماح ثم انصرف علي ع إلى النبي ص يقصد في السير و أبطئ الوحي عن رسول الله ص في أمر علي ع و ما كان منه فاغتم النبي ص لذلك غما شديدا حتى رئي ذلك في وجهه و كف عن النساء من الهم و الغم فقال بعضهم لبعض لعله قد نعيت إليه نفسه أو عرض له مرض فقالوا لأبي ذر قد نعلم منزلتك من رسول الله و قد ترى
ما به فنحن نحب أن تعلم لنا أمره فسأل أبو ذر النبي ص عن ذلك فقال النبي ص ما نعيت إلي نفسي و إني لميت و ما وجدت في أمتي إلا خيرا و ما بي من مرض و لكن من شدة وجدي بعلي بن أبي طالب ع و إبطاء الوحي عني في أمره فإن الله عز و جل قد أعطاني في علي ع تسع خصال ثلاثة لدنياي و اثنتان لآخرتي و اثنتان أنا منهما آمن و اثنتان أنا منهما خائف و قد كان رسول الله ص إذا صلى الغداة و استقبل القبلة بوجهه إلى طلوع الشمس يذكر الله عز و جل و يتقدم علي بن أبي طالب ع خلف النبي ص و يستقبل الناس بوجهه فيستأذنون في حوائجهم و بذلك أمرهم رسول الله ص فلما توجه علي ع إلى ذلك الوجه لم يجعل رسول الله ص مكان علي لأحد و كان رسول الله ص إذا صلى و سلم استقبل الناس بوجهه فأذن للناس فقام أبو ذر فقال يا رسول الله لي حاجة قال انطلق في حاجتك فخرج أبو ذر من المدينة يستقبل علي بن أبي طالب ع فلما كان ببعض الطريق إذا هو براكب مقبل على ناقته فإذا هو علي ع فاستقبله و التزمه و قبله و قال بأبي أنت و أمي اقصد في مسيرك حتى أكون أنا الذي أبشر رسول الله ص فإن رسول الله من أمرك في غم شديد و هم فقال له علي ع نعم فانطلق أبو ذر مسرعا حتى أتى النبي ص فقال البشرى قال و ما بشراك يا أبا ذر قال قدم علي بن أبي طالب ع فقال له لك بذلك الجنة ثم ركب النبي ص و ركب معه الناس فلما رآه أناخ ناقته و نزل رسول الله ص فتلقاه و التزمه و عانقه و وضع خده على منكب علي و بكى النبي ص فرحا بقدومه و بكى علي ع معه ثم قال له رسول الله ص ما صنعت بأبي أنت و أمي فإن الوحي أبطئ علي في أمرك فأخبره بما صنع فقال رسول الله ص كان الله عز و جل أعلم بك مني حين أمرني بإرسالك
و من كتاب ابن أشناس البزاز من طريق رجال أهل الخلاف في حديث آخر أنه لما وصل مولانا علي ع إلى المشركين بآيات براءة لقيه خراش بن عبد الله أخو عمرو بن عبد الله و هو الذي قتله علي ع مبارزة يوم الخندق و شعبة بن عبد الله أخوه فقال لعلي ع على ما تسيرنا يا علي أربعة أشهر بل برئنا منك و من ابن عمك إن شئت إلا من الطعن و الضرب و قال شعبة ليس بيننا و بين ابن عمك إلا السيف و الرمح و إن شئت بدأنا بك فقال علي ع أجل أجل إن شئت فهلموا
و في حديث آخر من الكتاب قال و كان علي ع ينادي في المشركين بأربع لا يدخل مكة مشرك بعد مأمنه و لا يطوف بالبيت عريان و لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة و من كان بينه و بين رسول الله عهد فعهدته إلى مدته
و قال في حديث آخر و كانت العرب في الجاهلية تطوف بالبيت عراة و يقولون لا يكون علينا ثوب حرام و لا ثوب خالطه إثم و لا نطوف إلا كما ولدتنا أمهاتنا و قال بعض نقلة هذا الحديث إن قول النبي ص في الحديث الثاني لأبي بكر أنت صاحبي في الغار لما اعتذر عن إنفاذه إلى الكفار و معناه أنك كنت معي في الغار فجزعت ذلك الجزع حتى أنني سكنتك و قلت لك لا تحزن و ما كان قد دنا شر لقاء المشركين و ما كان لك أسوة بنفسي فكيف تقوى على لقاء الكفار بسورة براءة و ما أنا معك و أنت وحدك و لم يكن النبي ص ممن يخاف على أبي بكر من الكفار أكثر من خوفه على علي ع لأن أبا بكر ما كان جرى منه أكثر من الهرب منهم و لم يعرف له قتيل فيهم و لا جريح و إنما كان علي ع هو الذي يحتمل في المبيت على الفراش حتى سلم النبي منهم و هو الذي قتل منهم في كل حرب فكان الخوف على علي ع من القتل أقرب إلى العقل
-7 فس، ]تفسير القمي[ أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله ع قال نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله ص من غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة قال و كان رسول الله ص لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة و كان سنة من العرب في الحج أنه من دخل مكة و طاف بالبيت في ثيابه لم يحل له إمساكها و كانوا يتصدقون بها و لا يلبسونها بعد الطواف فكان من وافى مكة يستعير ثوبا و يطوف فيه ثم يرده و من لم يجد عارية اكترى ثيابا و من لم يجد عارية و لا كرى و لم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة فطلبت ثوبا عارية أو كرى فلم تجده فقالوا لها إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدقي بها فقالت و كيف أتصدق و ليس لي غيرها فطافت بالبيت عريانة و أشرف لها الناس فوضعت إحدى يديها على قبلها و الآخر على دبرها و قالت مرتجزة
اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله
فلما فرغت من الطواف خطبها جماعة فقالت إن لي زوجا و كانت سيرة رسول الله قبل نزول سورة براءة أن لا يقتل إلا من قتله و لا يحارب إلا من حاربه و أراده و قد كان نزل عليه في ذلك من الله عز و جل فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا فكان رسول الله ص لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه و اعتزله حتى نزلت عليه سورة براءة و أمره بقتل المشركين من اعتزله و من لم يعتزله إلا الذين قد كان عاهدهم رسول الله ص يوم فتح مكة إلى مدة منهم صفوان بن أمية و سهيل بن عمرو فقال الله عز و جل بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثم يقتلون حيث ما وجدوا فهذه أشهر السياحة عشرين من ذي الحجة و المحرم و صفر و شهر ربيع الأول و عشرا من شهر ربيع الآخر فلما نزلت الآيات من أولى براءة دفعها رسول الله ص إلى أبي بكر و أمره أن يخرج إلى مكة و يقرأها على الناس بمنى يوم النحر فلما خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول الله ص فقال يا محمد لا يؤدي عنك إلا رجل منك فبعث رسول الله ص أمير المؤمنين ع في طلبه فلحقه بالروحاء فأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول الله ص فقال يا رسول الله أ نزل في شيء قال أمرني ربي أن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني
قال و حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا ع قال قال أمير المؤمنين ع إن رسول الله ص أمرني عن الله أن لا يطوف بالبيت عريان و لا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام و قرأ عليهم بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فأجل الله للمشركين الذين حجوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم ثم يقتلون حيث ما وجدوا
قال و حدثني أبي عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن حكيم بن جبير عن علي بن الحسين ع في قوله وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ قال الأذان أمير المؤمنين ع و في حديث آخر قال أمير المؤمنين ع كنت أنا الأذان في الناس
8- مع، ]معاني الأخبار[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن سيف بن عميرة عن الحارث بن مغيرة النصري عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله عز و جل وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فقال اسم نحله الله عز و جل عليا صلوات الله عليه من السماء لأنه هو الذي أدى عن رسول الله براءة و قد كان بعث بها مع أبي بكر أولا فنزل عليه جبرئيل ع و قال يا محمد إن الله يقول لك إنه لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك فبعث رسول الله ص عند ذلك عليا ع فلحق أبا بكر و أخذ الصحيفة من يده و مضى بها إلى مكة فسماه الله تعالى أذانا من الله إنه اسم نحله الله من السماء لعلي ع
9- ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن القاشاني عن الأصبهاني عن المنقري عن حفص قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فقال قال أمير المؤمنين ع كنت أنا الأذان قلت فما معنى هذه اللفظة الحج الأكبر قال إنما سمي الأكبر لأنها كانت سنة حج فيه المسلمون و المشركون و لم يحج المشركون بعد تلك السنة
10- مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن أبان عن أبي الجارود عن حكيم بن جبير عن علي بن الحسين ع في قول الله عز و جل وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ قال الأذان علي ع
شي، ]تفسير العياشي[ عن حكيم مثله
بيان الأذان الإعلان و يحتمل أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل أو يكون المعنى أن المؤذن بذلك الأذان كان عليا ع
11- فس، ]تفسير القمي[ قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها أي كسبتموها لما أذن أمير المؤمنين ع بمكة أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام جزعت قريش جزعا شديدا و قالوا ذهبت تجارتنا و ضاعت عيالنا و خربت دورنا فأنزل الله عز و جل في ذلك قُلْ يا محمد إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ إلى قوله وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ
12- ير، ]بصائر الدرجات[ علي بن محمد عن حمدان بن سليمان عن عبد الله محمد اليماني عن منيع عن يونس عن علي بن أعين عن أخيه عن جده عن أبي رافع قال لما بعث رسول الله ص ببراءة مع أبي بكر أنزل الله عليه تترك من ناجيته غير مرة و تبعث من لم أناجه فأرسل رسول الله ص فأخذ براءة منه و دفعها إلى علي ع فقال له علي أوصني يا رسول الله فقال له إن الله يوصيك و يناجيك قال فناجاه يوم براءة قبل صلاة الأولى إلى صلاة العصر
13- شي، ]تفسير العياشي[ عن جابر عن محمد بن علي ع قال لما وجه النبي ص أمير المؤمنين ع و عمار بن ياسر إلى أهل مكة قالوا بعث هذا الصبي و لو بعث غيره إلى أهل مكة و في مكة صناديد قريش و رجالها و الله الكفر أولى بنا مما نحن فيه فساروا و قالوا لهما و خوفوهما بأهل مكة و غلظوا عليهما الأمر فقال علي ع حسبنا الله و نعم الوكيل فمضيا و لما دخلا مكة أخبر الله نبيه بقولهم لعلي و بقول علي لهم فأنزل الله بأسمائهم في كتابه و ذلك قول الله تعالى الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ و إنما نزلت أ لم تر إلى فلان و فلان لقوا عليا و عمارا فقالا إن أبا سفيان و عبد الله بن عامر و أهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل
14- شي، ]تفسير العياشي[ عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله ع قال كان الفتح في سنة ثمان و براءة في سنة تسعة و حجة الوداع في سنة عشر
-15 شي، ]تفسير العياشي[ عن حريز عن أبي عبد الله ع قال إن رسول الله بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس فنزل جبرئيل فقال لا يبلغ عنك إلا علي ع فدعا رسول الله ص عليا فأمره أن يركب ناقته العضباء و أمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة و يقرأه على الناس بمكة فقال أبو بكر أ سخطة فقال لا إلا أنه أنزل عليه أنه لا يبلغ إلا رجل منك فلما قدم علي ع مكة و كان يوم النحر بعد الظهر و هو يوم الحج الأكبر قام ثم قال إني رسول رسول الله إليكم فقرأها عليهم بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عشرين من ذي الحجة و المحرم و صفر و شهر ربيع الأول و عشر من ربيع الآخر و قال لا يطوف بالبيت عريان و لا عريانة و لا مشرك ألا من كان له عهد عند رسول الله فمدته إلى هذه الأربعة الأشهر
و في خبر محمد بن مسلم فقال يا علي هل نزل في شيء منذ فارقت رسول الله قال لا و لكن أبى الله أن يبلغ عن محمد إلا رجل منه فوافى الموسم فبلغ عن الله و عن رسوله بعرفة و المزدلفة و يوم النحر عند الجمار و في أيام التشريق كلها ينادي بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و لا يطوفن بالبيت عريان
16- شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة قال سمعت أبا جعفر ع يقول لا و الله ما بعث رسول الله ص أبا بكر ببراءة لهوا كان يبعث بها معه ثم يأخذها منه و لكنه استعمله على الموسم و بعث بها عليا ع بعد ما فصل أبو بكر عن الموسم فقال لعلي حين بعثه إنه لا يؤدي عني إلا أنا و أنت
-17 شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال خطب على الناس و اخترط سيفه و قال لا يطوفن بالبيت عريان و لا يحجن بالبيت مشرك و لا مشركة و من كانت له مدة فهو إلى مدته و من لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر و كان خطب يوم النحر و كانت عشرين من ذي الحجة و المحرم و صفر و شهر ربيع الأول و عشرا من شهر ربيع الآخر و قال يوم النحر يوم الحج الأكبر
و في خبر أبي الصباح عنه ع فبلغ عن الله و عن رسوله بعرفة و المزدلفة و عند الجمار في أيام الموسم كلها ينادي بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لا يطوفن عريان و لا يقربن المسجد الحرام بعد عامنا هذا مشرك
18- شي، ]تفسير العياشي[ عن حسن عن علي ع أن النبي ص حين بعثه ببراءة قال يا نبي الله إني لست بلسن و لا بخطيب قال إما أن أذهب بها أو تذهب بها أنت قال فإن كان لا بد فسأذهب أنا قال فانطلق فإن الله يثبت لسانك و يهدي قلبك ثم وضع يده على فمه و قال انطلق فاقرأها على الناس و قال الناس سيتقاضون إليك فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتى تسمع الآخر فإنه أجدر أن تعلم الحق
19- شي، ]تفسير العياشي[ عن حكيم بن الحسين عن علي بن الحسين ع قال و الله إن لعلي لاسما في القرآن ما يعرفه الناس قال قلت و أي شيء تقول جعلت فداك فقال لي وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ قال فبعث رسول الله ص أمير المؤمنين ع و كان علي ع هو و الله المؤذن فأذن بإذن الله و رسوله يوم الحج الأكبر من المواقف كلها فكان ما نادى به أن لا يطوف بعد هذا العام عريان و لا يقرب المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك
20- شي، ]تفسير العياشي[ عن حريز عن أبي عبد الله ع قال في الأذان هو اسم في كتاب الله لا يعلم ذلك أحد غيري
21- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ بعث رسول الله عشر آيات من سورة براءة مع أبي بكر بن أبي قحافة فيها ذكر نبذ العهد إلى الكافرين و تحريم قرب مكة على المشركين و أمر أبا بكر على الحج ليحج بمن ضمه الموسم و يقرأ عليهم الآيات فلما صدر عنه أبو بكر جاءه المطوق بالنور جبرئيل ع فقال يا محمد إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام و يقول لك يا محمد لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك فابعث عليا ليتناول الآيات فيكون هو الذي ينبذ العهود و يقرأ الآيات و قال جبرئيل يا محمد ما أمرك ربك بدفعها إلى علي و نزعها من أبي بكر سهوا و لا شكا و لا استدراكا على نفسه غلطا و لكن أراد أن يبين لضعفاء المسلمين أن المقام الذي يقومه أخوك علي ع لن يقومه غيره سواك يا محمد و إن جلت في عيون هؤلاء الضعفاء من أمتك مرتبته و شرفت عندهم منزلته فلما انتزع علي ع الآيات من يده لقي أبو بكر بعد ذلك رسول الله ص فقال بأبي أنت و أمي لموجدة كان نزع هذه الآيات مني فقال رسول الله ص لا و لكن العلي العظيم أمرني أن لا ينوب عني إلا من هو مني و أما أنت فقد عوضك الله بما حملك من آياته و كلفك من طاعاته الدرجات الرفيعة و المراتب الشريفة أما إنك إن دمت على موالاتنا و وافيتنا في عرصات القيامة وفيا بما أخذنا به عليك من العهود و المواثيق فأنت من خيار شيعتنا و كرام أهل مودتنا فسرى بذلك عن أبي بكر قال فمضى علي ع لأمر الله و نبذ العهود إلى أعداء الله و أيس المشركون من الدخول بعد عامهم ذلك إلى حرم الله و كانوا عددا كثيرا و جما غفيرا غشاهم الله نوره و كساه فيهم هيبة و جلالا لم يجسروا معها على إظهار خلاف و لا قصد بسوء قال و ذلك قوله وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ في مساجد خيار المؤمنين بمكة لما منعوهم من التعبد فيها بأن ألجئوا رسول الله ص إلى الخروج عن مكة وَ سَعى فِي خَرابِها خراب تلك المساجد لئلا يقام فيها بطاعة الله قال الله تعالى أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ أن يدخلوا بقاع تلك المساجد في الحرم إلا خائفين من عذابه و حكمه النافذ عليهم أن يدخلوها كافرين بسيوفه و سياطه لَهُمْ لهؤلاء المشركين فِي الدُّنْيا خِزْيٌ و هو طرده إياهم عن الحرم و منعهم أن يعودوا إليه وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ
22- كشف، ]كشف الغمة[ من مسند أحمد بن حنبل مرفوعا إلى أبي بكر إن النبي ص بعث ببراءة إلى أهل مكة لا يحج بعد العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريان و لا تدخل الجنة إلا نفس مسلمة و من كان بينه و بين رسول الله مدة فأجله إلى مدته و الله بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ قال فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي ألحقه فرد علي أبا بكر و بلغها أنت قال ففعل قال فلما قدم على النبي ص أبو بكر بكى فقال يا رسول الله حدث في شيء قال ما حدث فيك شيء و لكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني
أقول و روي عن أبي بكر بن مردويه مثله
23- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ علي بن حمدون معنعنا عن علي بن الحسين ع قال إن لعلي بن أبي طالب ع في كتاب الله اسما و لكن لا يعرفونه قال قلت ما هو قال أ لم تسمع إلى قوله تعالى وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ هو و الله كان الأذان
24- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ علي بن محمد بن علي بن عمر الزهري معنعنا عن عيسى بن عبد الله قال سمعت أبا عبد الله جعفر الصادق ع أن رسول الله ص بعث أبا بكر ببراءة فسار حتى بلغ الجحفة فبعث رسول الله ص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع في طلبه فأدركه فقال أبو بكر لعلي ع أ نزل في شيء قال لا و لكن لا يؤديه إلا نبيه أو رجل منه و أخذ علي ع الصحيفة و أتى الموسم و كان يطوف على الناس و معه السيف و يقول بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فلا يطوف بالبيت عريان بعد عامه هذا و لا مشرك فمن فعل فإن معاتبتنا إياه بالسيف قال و كان يبعثه إلى الأصنام فيكسرها و يقول لا يؤدي عني إلا أنا و أنت فقال له يوم لحقه علي ع بالخندق في غزوة تبوك فقال له رسول الله ص يا علي أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي و أنت خليفتي في أهلي و أنه لا يصلح لها إلا أنا و أنت
25- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ علي بن العباس البجلي معنعنا عن ابن عباس قوله تعالى بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يقول بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ من العهد إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ غير أربعة أشهر فلما كان بين النبي ص و بين المشركين ولث من عقود فأمر الله رسوله أن ينبذ إلى كل ذي عهد عهدهم إلا من أقام الصلاة و آتى الزكاة فلما كانت غزوة تبوك و دخلت سنة تسع في شهر ذي الحجة الحرام من مهاجرة رسول الله ص نزلت هذه الآيات و كان رسول الله ص حين فتح مكة لم يؤمر أن يمنع المشركين أن يحجوا و كان المشركون يحجون مع المسلمين على سنتهم في الجاهلية و على أمورهم التي كانوا عليها في طوافهم بالبيت عراة و تحريمهم الشهور الحرم و القلائد و وقوفهم بالمزدلفة فأراد الحج فكره أن يسمع تلبية العرب لغير الله و الطواف بالبيت عراة فبعث النبي ص أبا بكر إلى الموسم و بعث معه بهؤلاء الآيات من براءة و أمره أن يقرأها على الناس يوم الحج الأكبر و أمره أن يرفع الحمس من قريش و كنانة و خزاعة إلى عرفات فسار أبو بكر حتى نزل بذي الحليفة فنزل جبرئيل ع على النبي ص فقال إن الله يقول إنه لن يؤدي عني غيرك أو رجل منك يعني علي بن أبي طالب ع فبعث النبي عليا في أثر أبي بكر ليدفع إليه هؤلاء الآيات من براءة و أمره أن ينادي بهن يوم الحج الأكبر و هو يوم النحر و أن يبرئ ذمة الله و رسوله من كل أهل عهد و حمله على ناقته العضباء فسار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع على ناقة رسول الله ص فأدركه بذي الحليفة فلما رآه أبو بكر قال أمير أو مأمور فقال علي ع بعثني النبي ص لتدفع إلي براءة قال فدفعها إليه و انصرف أبو بكر إلى رسول الله فقال يا رسول الله ما لي نزعت مني براءة أ نزل في شيء فقال النبي ص إن جبرئيل نزل علي فأخبرني أن الله يأمرني أنه لن يؤدي عني غيري أو رجل مني فأنا و علي من شجرة واحدة و الناس من شجر شتى أ ما ترضى يا أبا بكر أنك صاحبي في الغار قال بلى يا رسول الله فلما كان يوم الحج الأكبر و فرغ الناس من رمي الجمرة الكبرى قام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع عند الجمرة فنادى في الناس فاجتمعوا إليه فقرأ عليهم الصحيفة بهؤلاء الآيات بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إلى قوله فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ثم نادى ألا لا يطوف بالبيت عريان و لا يحجن مشرك بعد عامه هذا و إن لكل ذي عهد عهده إلى مدته و إن الله لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما و إن أجلكم أربعة أشهر إلى أن تبلغوا بلدانكم فهو قوله تعالى فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و أذن الناس كلهم بالقتال إن لم يؤمنوا فهو قوله وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ قال إلى أهل العهد خزاعة و بني مدلج و من كان له عهد غيرهم يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ قال فالأذان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع النداء الذي نادى به قال فلما قال فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ قالوا و على ما تسيرنا أربعة أشهر فقد برئنا منك و من ابن عمك إن شئت الآن الطعن و الضرب ثم استثنى الله منهم فقال إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فقال العهد من كان بينه و بين النبي ص ولث من عقود على الموادعة من خزاعة و غيرهم و أما قوله فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لكي يتفرقوا عن مكة و تجارتها فيبلغوا إلى أهلهم ثم إن لقوهم بعد ذلك قتلوهم و الأربعة الأشهر التي حرم الله فيها دماءهم عشرون من ذي الحجة و المحرم و صفر و
ربيع الأول و عشر من ربيع الآخر فهذه أربعة أشهر المسيحات من يوم قراءة الصحيفة التي قرأها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع ثم قال وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَ أَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ يا نبي الله قال فيظهر نبيه عليه و آله الصلاة و السلام قال ثم استثنى فنسخ منها فقال إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ هؤلاء بنو ضمرة و بنو مدلج حيان من بني كنانة كانوا حلفاء النبي في غزوة بني العشيرة من بطن ينبع ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً يقول لم ينقضوا عهدهم بغدر وَ لَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً قال لم يظاهروا عدوكم عليكم فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ يقول أجلهم الذي شرطتم لهم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ قال الذين يتقون الله فيما حرم عليهم و يوفون بالعهد قال فلم يعاهد النبي ص بعد هؤلاء الآيات أحدا قال ثم نسخ ذلك فأنزل فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ قال هذا الذي ذكرنا منذ يوم قرأ علي بن أبي طالب ع عليهم الصحيفة يقول فإذا مضت الأربعة الأشهر قاتلوا الذين انقضى عهدهم في الحل و الحرم حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ إلى آخر الآية قال ثم استثنى فنسخ منهم فقال وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ قال من بعث إليك من أهل الشرك يسألك لتؤمنه حتى يلقاك فيسمع ما تقول و يسمع ما أنزل إليك فهو آمن فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ و هو كلامك بالقرآن ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ يقول حتى يبلغ مأمنه من بلاده ثم قال كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ إلى آخر الآية فقال هما بطنان بنو ضمرة و بنو مدلج فأنزل الله هذا فيهم حين غدروا ثم قال تعالى كَيْفَ وَ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَ لا ذِمَّةً إلى ثلاث آيات قال هم قريش نكثوا عهد النبي ص يوم الحديبية و كانوا رءوس العرب في كفرهم ثم قال فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إلى يَنْتَهُونَ
بيان الولث العهد الغير الأكيد و في القاموس الحمس الأمكنة الصلبة جمع أحمس و به لقب قريش و كنانة و جديلة و من تابعهم في الجاهلية لتحمسهم في دينهم أو لالتجائهم بالحمساء و هي الكعبة لأن حجرها أبيض إلى السواد و الإل بالكسر العهد و تفسير الآيات مذكور في مظانه لا نطيل الكلام بذكره لخروجه عن مقصودنا
26- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ولاه رسول الله في أداء سورة براءة و عزل به أبا بكر بإجماع المفسرين و نقلة الأخبار و رواه الطبري و البلاذري و الترمذي و الواقدي و الشعبي و السدي و الثعلبي و الواحدي و القرظي و القشيري و السمعاني و أحمد بن حنبل و ابن بطة و محمد بن إسحاق و أبو يعلى الموصلي و الأعمش و سماك بن حرب في كتبهم عن عروة بن الزبير و أبي هريرة و أنس و أبي رافع و زيد بن نقيع و ابن عمر و ابن عباس و اللفظ له أنه لما نزل بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إلى تسع آيات أنفذ النبي ص أبا بكر إلى مكة لأدائها فنزل جبرئيل ع فقال إنه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك فقال النبي ص لأمير المؤمنين اركب ناقتي العضباء و الحق أبا بكر و خذ براءة من يده قال و لما رجع أبو بكر إلى النبي ص جزع و قال يا رسول الله إنك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه فلما توجهت له رددتني عنه فقال الأمين هبط إلي عن الله عز و جل أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك و علي مني و لا يؤدي عني إلا علي
و في خبر أن عليا قال له إنك خطيب و أنا حديث السن فقال لا بد من أن تذهب بها أو أذهب بها قال أما إذا كان كذلك فأنا أذهب يا رسول الله قال اذهب فسوف يثبت الله لسانك و يهدي قلبك
أبو بصير عن أبي جعفر ع قال خطب علي الناس فاخترط سيفه و قال لا يطوفن بالبيت عريان و لا يحجن البيت مشرك و من كان له مدة فهو إلى مدته و من لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر زيادة في مسند الموصلي و لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة و هذا هو الذي أمر الله تعالى به إبراهيم حين قال وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْقائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ فكان الله تعالى أمر إبراهيم الخليل بالنداء أولا قوله وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ و أمر الولي بالنداء آخرا قوله وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ قال السدي و أبو مالك و ابن عباس و زين العابدين ع الأذان علي بن أبي طالب الذي نادى به
تفسير القشيري إن رجلا قال لعلي بن أبي طالب فمن أراد منا أن يلقى رسول الله في بعض الأمر بعد انقضاء الأربعة فليس له عهد قال علي ع بلى لأن الله تعالى قال وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ إلى آخر الآيات
و في الحديث عن الباقرين ع قالا قام خداش و سعيد أخوا عمرو بن عبد ود فقالا و على ما تسيرنا أربعة أشهر بل برئنا منك و من ابن عمك و ليس بيننا و بين ابن عمك إلا السيف و الرمح و إن شئت بدأنا بك فقال علي ع هلم ثم قال فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ إلى قوله إِلى مُدَّتِهِمْ
تفسير الثعلبي قال المشركون نحن نبرأ من عهدك و عهد ابن عمك إلا من الطعن و الضرب و طفقوا يقولون اللهم إنا منعنا أن نبرك
و في رواية عن النسابة بن الصوفي أن النبي ص قال في خبر طويل إن أخي موسى ناجى ربه على جبل طور سيناء فقال في آخر الكلام امض إلى فرعون و قومه القبط و أنا معك لا تخف فكان جوابه ما ذكره الله تعالى إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ و هذا علي قد أنفذته ليسترجع براءة و يقرأها على أهل مكة و قد قتل منهم خلقا عظيما فما خاف و لا توقف و لم تأخذه في الله لومة لائم
و في رواية فكان أهل الموسم يتلهفون عليه و ما فيهم إلا من قتل أباه أو أخاه أو حميمه فصدهم الله عنه و عاد إلى المدينة وحده سالما و كان ع أنفذه أول يوم من ذي الحجة سنة تسع من الهجرة و أداها إلى الناس يوم عرفة و يوم النحر و أما قول الجاحظ إنه كان عادة العرب في عقد الحلف و حل العقد أنه كان لا يتولى ذلك إلا السيد منهم أو رجل من رهطه فإنه أراد أن يذمه فمدحه
27- يف، ]الطرائف[ روى أحمد بن حنبل في مسنده من طرق جماعة فمنها عن أنس بن مالك أن رسول الله ص بعث ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكة فلما بلغ إلى ذي الحليفة بعث إليه فرده فقال لا يذهب بها إلا رجل من أهل بيتي فبعث عليا
و من مسند أحمد بن حنبل عن سماك عن حبيش يرفعه قال لما نزلت عشر آيات من سورة براءة على النبي ص دعا النبي ص أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ثم دعا النبي ص عليا ع فقال له أدرك أبا بكر فحيث ما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكة و اقرأه عليهم قال فلحقه بالجحفة فأخذ الكتاب منه فرجع أبو بكر إلى النبي ص و قال يا رسول الله أ نزل في شيء قال لا و لكن جبرئيل ع جاءني فقال لم يكن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك
أقول روى ابن بطريق في المستدرك عن الحافظ أبي نعيم بإسناده عن محمد بن جابر عن حبش عن علي ع مثله
و بالإسناد عن أنس قال أرسل رسول الله ص أبا بكر ببراءة يقرؤها على أهل مكة فنزل جبرئيل على محمد فقال يا محمد لا يبلغ عن الله تعالى إلا أنت أو رجل منك فلحقه علي ع فأخذها منه
أقول و روى ابن بطريق في الكتاب المذكور ما يؤدي هذا المعنى من أربعة طرق من كتاب فضائل الصحابة للسمعاني و كتاب المغازي لمحمد بن إسحاق و من خمسة طرق من كتاب أحمد بن حنبل و من طريق من صحيح البخاري و طريقين من تفسير الثعلبي و طريقين من الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري و طريق من سنن أبي داود و طريق من صحيح الترمذي
28- يف، ]الطرائف[ و روى البخاري في صحيحه في نصف الجزء الخامس في باب وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ حديث سورة براءة و زاد فيه فأذن علي في أهل منى يوم النحر ألا لا يحج بعد العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريان
و رواه أيضا في الجمع بين الصحاح الستة في الجزء الثاني في تفسير سورة براءة من صحيح أبي داود و صحيح الترمذي في حديث يرفعونه إلى عبد الله بن عباس قال بعث رسول الله ص أبا بكر و أمره أن ينادي في الموسم ببراءة ثم أردفه عليا فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله ص العضباء فقام أبو بكر فزعا فظن أنه حدث أمر فدفع إليه علي كتابا من رسول الله ص أن عليا ينادي بهؤلاء الكلمات فإنه لا ينبغي أن يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي فانطلقا فقام علي أيام التشريق ينادي ذمة الله و رسوله بريئة من كل مشرك فسيحوا في الأرض أربعة أشهر و لا يحجن بعد هذا العام مشرك و لا يطوف بالبيت بعد العام عريان و لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة
و رواه الثعلبي في تفسيره في تفسير سورة براءة و شرح الثعلبي كيف نقض المشركون العهد الذي عاهدهم النبي ص في الحديبية ثم قال الثعلبي في أواخر حديثه ما هذا لفظه فبعث رسول الله ص أبا بكر في تلك السنة على الموسم ليقيم للناس الحج و بعث معه أربعين آية من صدر براءة ليقرأها على أهل الموسم فلما سار دعا رسول الله ص عليا ص فقال اخرج بهذه القصة و اقرأ عليهم من صدر براءة و أذن بذلك في الناس إذا اجتمعوا فخرج علي ع على ناقة رسول الله ص العضباء حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة فأخذها منه فرجع أبو بكر إلى النبي ص فقال يا رسول الله بأبي أنت و أمي أ نزل في شأني شيء فقال لا و لكن لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني ثم ذكر الثعلبي صورة نداء علي ع و إبلاغه لما أمره الله به و رسوله
أقول روى ابن بطريق ما رواه السيد و غيره من صحاحهم و تفاسيرهم في العمدة بأسانيده لا نطيل الكلام بإيرادها
روى السيوطي في الدر المنثور قال أخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند و أبو الشيخ و ابن مردويه عن علي ع قال لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي ص و ساق الحديث نحو ما مر من رواية سماك
ثم قال و أخرج ابن أبي شيبة و أحمد و الترمذي و أبو الشيخ و ابن مردويه عن أنس قال بعث النبي ص ببراءة مع أبي بكر ثم دعا فقال لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي فدعا عليا فأعطاه إياه
و أخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله ص بعث أبا بكر ببراءة إلى أهل مكة ثم بعث عليا ع على أثره فأخذها منه فقال أبو بكر وجد في نفسه فقال النبي ص يا أبا بكر إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني
و أخرج أحمد و النسائي و ابن المنذر و ابن مردويه عن أبي هريرة قال كنت مع علي حين بعثه رسول الله ص إلى مكة ببراءة فكان ينادي أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن و لا يطوف بالبيت عريان و من كان بينه و بين رسول الله ص عهد فإن أجله إلى أربعة أشهر فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله بريء من المشركين و رسوله و لا يحج هذا البيت بعد العام مشرك
و أخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي ص بعث أبا بكر بسورة التوبة و بعث عليا ع على أثره فقال أبو بكر لعل الله أمر نبيه سخطا علي فقال علي لا إن نبي الله قال لا ينبغي أن يبلغ عني إلا رجل مني
و أخرج ابن حيان و ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري و ذكر بعث علي ع على أثر أبي بكر و رده و في آخره لا يبلغ غيري أو رجل مني
و أخرج ابن مردويه عن أبي رافع قال بعث رسول الله ص أبا بكر ببراءة إلى الموسم فأتى جبرئيل فقال له إنه لا يؤديها عنك إلا أنت أو رجل منك فبعث عليا في أثره حتى لحقه بين مكة و المدينة فأخذها فقرأ على الناس في الموسم
و أخرج ابن أبي حاتم عن حكيم بن حميد قال قال لي علي بن الحسين ع إن لعلي في كتاب الله اسما و لكن لا تعرفونه قلت و ما هو قال أ لم تسمع قول الله وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ هو و الله الأذان انتهى ما نقلناه عن السيوطي
و قال صاحب الصراط المستقيم في ذكر فضائل أمير المؤمنين ع منها توليته ص على أداء سورة براءة بعد بعث النبي ص أبا بكر بها فلحقه بالجحفة و أخذها منه و نادى في الموسم بها ذكر ذلك أحمد بن حنبل في مواضع من مسنده و الثعلبي في تفسيره و الترمذي في صحيحه و أبو داود في سننه و مقاتل في تفسيره و الفراء في مصابيحه و الجوزي في تفسيره و الزمخشري في كشافه و ذكره البخاري في الجزء الأول من صحيحه في باب ما يستر العورة و في الجزء الخامس في باب أذان من الله و رسوله و ذكر الطبري و البلاذري و الواقدي و الشعبي و السدي و الواحدي و القرطي و القشيري و السمعاني و الموصلي و ابن بطة و ابن إسحاق و الأعمش و ابن سماك في كتبهم انتهى
و ذكر ابن الأثير في الكامل في أحداث سنة تسع من الهجرة أن فيها حج أبو بكر بالناس و معه عشرون بدنة لرسول الله ص و لنفسه خمس بدنات و كان في ثلاثمائة رجل فلما كان بذي الحليفة أرسل رسول الله ص في أثره عليا ع و أمره بقراءة سورة براءة على المشركين فعاد أبو بكر و قال يا رسول الله أ نزل في شيء قال لا و لكن لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني انتهى
و روى صاحب جامع الأصول بإسناده عن أنس قال بعث النبي ص ببراءة مع أبي بكر ثم دعاه فقال لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي فدعا عليا ع فأعطاه إياه ثم قال و زاد رزين و هو العبدري فإنه لا ينبغي أن يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي ثم اتفقا و انطلقا انتهى
أقول و روى نحوا مما أوردنا من الأخبار الطبرسي رحمه الله و غيره و فيما أوردته غنى عما تركته. تتميم أقول بعد ما أحطت علما بما تلوت عليك من أخبار الخاص و العام فاعلم أن أصحابنا رضوان الله عليهم استدلوا بها على خلافة مولانا أمير المؤمنين ع و عدم استحقاق أبي بكر لها فقالوا إن النبي ص لم يول أبا بكر شيئا من الأعمال مع أنه كان يوليها غيره و لما أنفذه لأداء سورة براءة إلى أهل مكة عزله و بعث عليا ع ليأخذها منه و يقرأها على الناس فمن لم يستصلح لأداء سورة واحدة إلى بلده كيف يستصلح للرئاسة العامة المتضمنة لأداء جميع الأحكام إلى عموم الرعايا في سائر البلاد. و بعبارة أخرى نقول لا يخلو إما أن يكون بعث أبي بكر أولا بأمر الله تعالى كما هو الظاهر لقوله تعالى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى أو بعثة الرسول بغير وحي منه تعالى فعلى الأول نقول لا ريب في أنه تعالى منزه عن العبث و الجهل فلا يكون بعثه و عزله قبل وصوله إلا لبيان رفعة شأن أمير المؤمنين ع و فضله و أنه خاصة يصلح للتبليغ عن الرسول ص دون غيره و أن المعزول لا يصلح لهذا و لا لما هو أعلى منه من الخلافة و الرئاسة العامة و لو كان دفع براءة أولا إلى علي ع لجاز أن يجول بخواطر الناس أن في الجماعة غير علي من يصلح لذلك. و على الثاني فنقول إن الرسول ص إما أن يكون لم يتغير علمه حين بعث أبا بكر أولا و حين عزله ثانيا بحال أبي بكر و ما هو المصلحة في تلك الواقعة أو تغير علمه فعلى الأول عاد الكلام الأول بتمامه و على الثاني فنقول لا يريب عاقل في أن الأمر المستور أولا لا يجوز أن يكون شيئا من العادات و المصالح الظاهرة لاستحالة أن يكون خفي على الرسول ص مع وفور علمه و على جميع الصحابة مثل ذلك فلا بد أن يكون أمرا مستورا لا يطلع عليه إلا بالوحي الإلهي من سوء سريرة أبي بكر و نفاقه أو ما علم الله من أنه سيدعي الخلافة ظلما فيكون هذا حجة و برهانا على كذبه و أنه لا يصلح لذلك و لو فرضنا في الشاهد أن سلطانا من السلاطين بعث رجلا لأمر ثم أرجعه من الطريق و بعث غيره مكانه لا يخطر ببال العقلاء في ذلك إلا احتمالان إما أن يكون أولا جاهلا بحال ذلك الشخص و عدم صلاحيته لذلك ثم بعد العلم بدا له في ذلك أو كان عالما و كان غرضه الإشارة بكمال الثاني و حط منزلة الأول. و نقول أيضا قد عرفت مرارا أنه إذا اتفقت أخبار الفريقين في شيء و تفرد بعض أخبارهم بما يضاده فالتعويل إنما هو على ما توافقت فيه الروايتان و لا يخفى أنك إذا لاحظت المشترك بين أخبارنا و أخبارهم عرفت أنها دالة بصراحتها على أن الباعث على عزل أبي بكر لم يكن إلا نقصه و حط مرتبته عن مثل ذلك و لم يكن السبب لبعث أمير المؤمنين ع ثانيا إلا كماله و كون استيهال التبليغ عن الله و رسوله و نيابة الرسول ص و خلافته في الأمور منحصرا فيه و لا أظنك بعد اطلاعك على ما قدمناه تحتاج إلى إعادتها و الاستدلال بخصوص كل خبر على ما ذكرنا. و أما إنكار بعض متعصبيهم عزل أبي بكر و أنه كان أميرا للحاج و ذهب إلى ما أمر به فلا ترتاب بعد ما قرع سمعك من الأخبار أن ليس الداعي إلى ذلك إلا الكفر و العصبية و العناد و قد اعترف قاضي القضاة في المغني ببطلان ذلك الإنكار و قال ابن أبي الحديد روى طائفة عظيمة من المحدثين أنه لم يدفعها إلى أبي بكر لكن الأظهر الأكثر أنه دفعها إليه ثم أتبعه بعلي ع فانتزعها منه انتهى. أقول ليت شعري لم لم يذكر أحدا من تلك الطائفة العظيمة ليدفع عن نفسه ظن العصبية و الكذب. و أما ما تمسك به بعضهم من لزوم النسخ قبل الفعل فعلى تقدير عدم جوازه له نظائر كثيرة فكل ما يجري فيها من التأويل فهو جار هاهنا و أما اعتذار الجبائي و الزمخشري و البيضاوي و الرازي و شارح التجريد و غيرهم بأنه كان من عادة العرب أن سيدا من سادات قبائلهم إذا عقد عهدا لقوم فإن ذلك العقد لا ينحل إلا أن يحله هو أو بعض سادات قومه فعدل رسول الله ص عن أبي بكر إلى علي ع حذرا من أن لا يعتبروا نبذ العهد من
أبي بكر لبعده في النسب فمردود بأن ذلك كذب صريح و افتراء على أهل الجاهلية و العرب و لم يعرف في زمان من الأزمنة أن يكون الرسول سيما لنبذ العهد من سادات القوم و أقارب العاقد و إنما المعتبر فيه أن يكون موثوقا به و لو بانضمام القرائن و لم ينقل هذه العادة أحد من أرباب السير و لو كانت موجودة في رواية أو كتاب لعينوا موضعها كما هو المعهود في مقام الاحتجاج و قد اعترف ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة بأن ذلك غير معروف من عادة العرب و أنه إنما هو تأويل تعول به متعصبو أبي بكر لانتزاع البراءة منه و ليس بشيء و قد أشرنا في تقرير الدليل إلى بطلان ذلك إذ لو كان إرجاعه لهذه العلة كان لم يخف هذا على الرسول و جميع الحاضرين في أول الأمر مع أن كثيرا من الأخبار صريحة في خلاف ذلك. فأما جواب بعضهم عما ذكره الأصحاب من أن الرسول ص لم يوله شيئا من الأمور بأن عدم توليته الأعمال كان لحاجة الرسول ص إليه و إلى عمر في الآراء و التدابير كما ذكره قاضي القضاة فأجاب السيد المرتضى في الشافي عنه بأنا قد علمنا من العادة أن من يرشح لكبار الأمور لا بد من أن يدرج إليها بصغارها لأن من يريد بعض الملوك تأهيله للأمر بعده لا بد من أن ينبه عليه بكل قول و فعل يدل على ترشيحه لتلك المنزلة و يستكفيه من أموره و ولاياته ما يعلم عنده أو يغلب في الظن صلاحه لما يريده له و أن من يرى الملك مع حضوره و امتداد الزمان و تطاوله لا يستكفيه شيئا من الولايات و متى ولاه عزله و إنما يولي غيره و يستكفي سواه لا بد أن يغلب في الظن أنه ليس بأهل للولاية و إن جوزنا أنه لم يوله بأسباب كثيرة سواه و أما من يدعي أنه لم يوله لافتقاره إليه بحضرته و حاجته إلى تدبيره و رأيه ففيه أن النبي لا يستشير أحدا لحاجة منه إلى رأيه و فقر إلى تعليمه و توقيفه لأنه ص الكامل الراجح المعصوم المؤيد بالملائكة و إنما كانت مشاورته أصحابه ليعلمهم كيف يعملون في أمورهم و قد قيل كان يستخرج بذلك دخائلهم و ضمائرهم و بعد فكيف استمرت هذه الحاجة و اتصلت منه إليهما حتى لم يستغن في زمان من الأزمان عن حضورهما فيوليهما و هل هذا إلا قدح في رأي رسول الله ص و نسبة له إلى أنه كان ممن يحتاج إلى أن يلقن و يوقف على كل شيء و قد نزهه الله تعالى عن ذلك. انتهى ما أردنا إيراده من كلامه قدس الله روحه و لنقتصر على ذلك في توضيح المرام في هذا المقام و من أراد زيادة الاستبصار فليرجع إلى ما ألفه في ذلك و أشباهه علماؤنا الأخيار فإنا محترزون في كتابنا هذا عن زيادة الإكثار في غير نقل الأخبار