م قوله عزّ و جلّ )مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ(. قال الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام مثل هؤلاء المنافقين كمثل الذي استوقد نارا أبصر بها ما حوله، فلمّا أبصر ذهب اللّه بنورها بريح أرسلها عليها فأطفأها أو بمطر، كذلك مثل هؤلاء المنافقين الناكثين لما أخذ اللّه تعالى عليهم من البيعة لعليّ بن أبي طالب عليه السلام أعطوا ظاهرا شهادة أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا عبده و رسوله و أنّ عليّا وليّه و وصيّه و وارثه و خليفته في أمّته، و قاضي ديونه، و منجز عداته، و القائم بسياسة عباد اللّه مقامه، فورث مواريث المسلمين بها، و والوه من أجلها، و أحسنوا عنه الدفاع بسببها، و اتّخذوه أخا يصونونه ممّا يصونون عنه أنفسهم بسماعهم منه لها، فلمّا جاء الموت وقع في حكم ربّ العالمين العالم بالأسرار الذي لا يخفى عليه خافية، فأخذهم بعذاب باطن كفرهم فذلك حين ذهب نورهم و صاروا في ظلمات عذاب اللّه، ظلمات أحكام الآخرة لا يرون منها خروجا و لا يجدون عنها محيصا. ثم قال صمّ.. يعني يصمّون في الآخرة في عذابها، بكم.. يبكمون بين أطباق نيرانها، عمي.. يعمون هناك. و ذلك نظير قوله )وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَ بُكْماً وَ صُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً(. قال العالم عليه السلام، عن أبيه، عن جدّه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال ما من عبد و لا أمة أعطى بيعة أمير المؤمنين عليه السلام في الظاهر و نكثها في الباطن، و أقام على نفاقه إلّا و إذا جاءه ملك الموت لقبض روحه تمثّل له إبليس و أعوانه و تمثّل له النيران و أصناف عقاربها لعينيه و قلبه و معاقده من مضايقها، و يمثّل له أيضا الجنان و منازله فيها لو كان بقي على إيمانه و وفى ببيعته، فيقول له ملك الموت انظر فتلك الجنان لا يقادر قدرها سرائها و بهجتها و سرورها إلّا اللّه ربّ العالمين، كانت معدّة لك، فلو كنت بقيت على ولايتك لأخي محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يكون إليها مصيرك يوم فصل القضاء، لكنّك نكثت و خالفت فتلك النيران و أصناف عذابها و زبانيتها بمرزباتها و أفاعيها الفاغرة أفواهها، و عقاربها الناصبة أذنابها، و سباعها الشائلة مخالبها، و سائر أصناف عذابها هو لك و إليها مصيرك، فعند ذلك يقول )يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا(، فقبلت ما أمرني به و التزمت من موالاة علي )ع( ما ألزمني، قوله عزّ و جلّ )أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَ اللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(. قال العالم عليه السلام ثم ضرب اللّه للمنافقين مثلا آخر، فقال
مثل ما خوطبوا به من هذا القرآن الّذي أنزلنا عليك يا محمّد مشتملا على بيان توحيدي و إيضاح حجّة نبوّتك، و الدليل الباهر على استحقاق أخيك عليّ للموقف الذي وقفته، و المحلّ الذي أحللته، و الرتبة التي رفعته إليها، و السياسة التي قلّدته إيّاها فيه، فهي كصيّب من السماء فيه ظلمات و رعد و برق. قال يا محمّد كما أنّ في هذا المطر هذه الأشياء و من ابتلي به خاف فكذلك هؤلاء في ردّهم بيعة عليّ )ع( و خوفهم أن تعثر أنت يا محمّد على نفاقهم كمن هو في هذا المطر و الرعد و البرق يخاف أن يخلع الرعد فؤاده، أو ينزل البرق بالصاعقة عليه، فكذلك هؤلاء يخافون أن تعثر على كفرهم فتوجب قتلهم و استيصالهم )يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ( كما يجعل هؤلاء المبتلون بهذا الرعد و البرق أصابعهم في آذانهم لئلّا يخلع صوت الرعد أفئدتهم، فكذلك يجعلون أصابعهم في آذانهم إذا سمعوا لعنك لمن نكث البيعة، و وعيدك لهم إذا علمت أحوالهم. )يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ( لئلّا يسمعوا لعنك و لا وعيدك فتغيّر ألوانهم فيستدلّ أصحابك أنّهم المعنيون باللعن و الوعيد، لما قد ظهر من التغيير و الاضطراب عليهم فيتقوّى التهمة عليهم فلا يأمنون هلاكهم بذلك على يدك و حكمك. ثم قال )وَ اللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ( مقتدر عليهم و لو شاء أظهر لك نفاق منافقيهم، و أبدى لك أسرارهم، و أمرك بقتلهم، ثم قال )يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ(، و هذا مثل قوم ابتلوا ببرق فلم يغضّوا عنه أبصارهم و لم يستروا عنه وجوههم لتسلم عيونهم من تلألؤه، و لم ينظروا إلى الطريق الذي يريدون أن يتخلّصوا فيه بضوء البرق و لكنهم نظروا إلى نفس البرق فكاد يخطف أبصارهم، فكذلك هؤلاء المنافقون يكاد ما في القرآن من الآيات المحكمة الدالّة على نبوّتك الموضحة عن صدقك في نصب عليّ أخيك إماما، و يكاد ما يشاهدونه منك يا محمّد )ص( و من أخيك عليّ )ع( من المعجزات الدالّات على أنّ أمرك و أمره هو الحقّ الذي لا ريب فيه، ثم هم مع ذلك لا ينظرون في دلائل ما يشاهدون من آيات القرآن و آياتك و آيات أخيك عليّ بن أبي طالب عليه السلام، يكاد ذهابهم عن الحقّ في حججك يبطل عليهم سائر ما قد علموا من الأشياء الّتي يعرفونها، لأنّ من جحد حقّا واحدا أراه ذلك الجحود إلى أن يجحد كلّ حقّ فصار جاحده في بطلان سائر الحقوق عليه كالناظر إلى جرم الشمس في ذهاب نور بصره. ثم قال )كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ( إذا ظهر ما اعتقدوا أنّه هو الحجّة » مَشَوْا فِيهِ« ثبتوا عليه، و هؤلاء كانوا إذا نتجت خيلهم الإناث، و نساؤهم الذكور، و حملت نخيلهم، و زكت زروعهم، و نمت تجارتهم، و كثرت الألبان في ضروعهم، قالوا يوشك أن يكون هذا ببركة بيعتنا لعليّ )ع( أنّه منجوت مدال ينبغي أن نعطيه ظاهرا الطاعة لنعيش في دولته. )وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا(.. أي و إذا أنتجت خيولهم، الذكور و نساؤهم الإناث و لم يربحوا في تجاراتهم، و لا حملت نخيلهم و لا زكت زروعهم، وقفوا و قالوا هذا بشؤم هذه البيعة التي بايعناها عليّا، و التصديق الذي صدّقنا محمّدا، و هو نظير ما قال اللّه عزّ و جلّ يا محمّد )إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ(، قال اللّه )قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ( بحكمه النافذ و قضائه ليس ذلك لشؤمي و لا ليمني، ثم قال اللّه عزّ و جلّ )وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ( حتّى لا يتهيّأ لهم الاحتراز من أن تقف على كفرهم أنت و أصحابك المؤمنون توجب قتلهم، )إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( لا يعجزه شيء.
إيضاح قوله عليه السلام بسماعهم منه لها.. الضمير في منه راجع إلى أمير المؤمنين، و في )لها( إلى الأنفس.. أي بأنّهم كانوا يسمعون منه عليه السلام ما ينفع أنفسهم من المعارف و الأحكام و المواعظ، أو ضمير سماعهم راجع إلى المسلمين و ضمير منه إلى المنافق، و ضمير لها إلى الشهادة.. أي اتّخاذهم له أخا بسبب أنّهم سمعوا منه الشهادة. و الشّائلة المرتفعة.
شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و عن أبي عبد اللّه عليهما السلام في قوله تعالى )الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ( قال هم قريش.
بيان قال الطبرسي جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ.. أي فرّقوه و جعلوه أعضاء كأعضاء الجزور، فآمنوا ببعضه و كفروا ببعضه. و عن ابن عباس جعلوه جزءا جزءا، فقالوا سِحْرٌ، و قالوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ، و قالوا مُفْتَرىً.
3- قب الباقر عليه السلام في قوله )وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ( يعني إنكارهم ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.
الشوهاني بإسناده، سأل عبد اللّه بن عطاء المكّي الباقر عليه السلام عن قوله )رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ( قال ينادي مناد يوم القيامة يسمع الخلائق ألا إنّه لا يدخل الجنّة إلّا مسلم، فيومئذ )يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ( لولاية أمير المؤمنين عليه السلام. و قال عليه السلام نزلت هذه الآية على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هكذا، و قال )الظّالمون( آل محمّد حقّهم )لما رأوا العذاب( و عليّ هو العذاب، )هل إلى مردّ من سبيل(، يقولون نردّ فنتولّى عليّا )ع(، قال اللّه )وَ تَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها(.. يعني أرواحهم تعرض على النار )خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ( إلى عليّ )مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ( ف )قالَ الَّذِينَ آمَنُوا( بآل محمّد )إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ( لآل محمّد حقّهم )فِي عَذابٍ( أليم.
الحسكاني في شواهد التنزيل بإسناده عن ابن المسيّب، عن ابن عباس، أنّه لما نزلت قوله )وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً( قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من ظلم عليّا مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنّما جحد نبوّتي و نبوّة الأنبياء قبلي.
أقول روى السيوطي في الدرّ المنثور، عن عبد بن حميد و ابن جرير، عن قتادة )فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ( الآية. قال كيف رأيتم القوم حين تولّوا عن كتاب اللّه، أ لم يسفكوا الدم الحرام، و قطعوا الأرحام، و عصوا الرحمن.
فس أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال )وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ( يا عليّ )فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً( هكذا نزلت، ثم قال )فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ( يا عليّ )فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ( يعني فيما تعاهدوا و تعاقدوا عليه بينهم من خلافك و غصبك )ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ( عليهم يا محمّد على لسانك من ولايته )وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً( لعليّ عليه السلام.
فس )وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ( يعني ما بعث اللّه نبيّا إلّا و في أمّته شياطين الإنس و الجنّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ، أي يقول بعضهم لبعض لا تؤمنوا ب )زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً( فهذا وحي كذب.
بيان المشهور في التفسير أنّ زخرف القول و الغرور صفة لكلامهم الذي يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ، أي يقول بعضهم إلى بعض، أي يوسوس و يلقي خفية بعضهم إلى بعض كلاما مموّها مزيّنا يستحسن ظاهره و لا حقيقة له، غُرُوراً.. أي يغرونهم بذلك غرورا، أي ليغروهم، و على ما في تفسير علي بن إبراهيم المعنى يلقي بعضهم إلى بعض الكلام الذي يقولونه في شأن القرآن، و هو أنّه زخرف القول غرورا، و لا يخلو من بعد لكن لا يأبى عن الاستقامة.
فس )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً( قال نزلت في الذين آمنوا برسول اللّه إقرارا لا تصديقا ثم كفروا لما كتبوا الكتاب فيما بينهم أن لا يردّوا الأمر في أهل بيته أبدا، فلمّا نزلت الولاية و أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الميثاق عليهم لأمير المؤمنين آمنوا إقرارا لا تصديقا، فلمّا مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كفروا فازدادوا كفرا )لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ(.
فس )يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ( قال هو مخاطبة لأصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الذين غصبوا آل محمّد حقّهم و ارتدّوا عن دين اللّه فسوف يأتي اللّه بقوم يحبّهم و يحبّونه نزل في القائم عليه السلام و أصحابه الذين يجاهدون في سبيل اللّه )وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ(.
فس أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله )قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ( قال بيت مكرهم.. أي ماتوا فألقاهم اللّه في النار، و هو مثل لأعداء آل محمّد عليه و عليهم السلام.
بيان قوله بيت مكرهم.. أي المراد بالبنيان بيت مكرهم الذي بنوه مجازا. قال في مجمع البيان قيل إنّ هذا مثل ضربه اللّه لاستئصالهم، و المعنى فأتى اللّه مكرهم من أصله.. أي عاد ضرر المكر إليهم.
فس )الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ( قال كفروا بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و صدّوا عن أمير المؤمنين عليه السلام زدناهم عذابا فوق العذاب )بِما كانُوا يُفْسِدُونَ(.
فس )وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ( قال نزلت في الذين غيّروا دين اللّه و خالفوا أمر اللّه، هل رأيتم شاعرا يتبعه أحد إنّما عنى بذلك الذين وضعوا دينا بآرائهم فتبعهم الناس على ذلك، و يؤكّده قوله )أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ( يعني يناظرون بالأباطيل و يجادلون بالحجج المضلّة، و في كلّ مذهب يذهبون )وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ( بردّهم. قال يعظون الناس و لا يتّعظون، و ينهون عن المنكر و لا ينتهون، و يأمرون بالمعروف و لا يعلمون و هم الذين غصبوا آل محمّد حقّهم، ثم ذكر آل محمّد عليهم السلام و شيعتهم المهتدين، فقال )إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا( ثم ذكر أعداءهم و من ظلمهم، فقال )وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا( آل محمّد حقّهم )أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ( هكذا و اللّه نزلت.
فس )احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا( قال الذين ظلموا آل محمّد حقّهم )وَ أَزْواجَهُمْ( قال و أشباههم.
فس في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله )الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا...( إلى قوله )كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ( فقد سمّاهم اللّه كافرين مشركين بأن كذبوا بالكتاب و قد أرسل اللّه رسله بالكتاب و بتأويله فمن كذّب بالكتاب أو كذّب بما أرسل به رسله من تأويل الكتاب فهو مشرك كافر.
فس )وَ لكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ الظَّالِمُونَ( لآل محمّد حقّهم )ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ(. )وَ لَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ( قال الكلمة الإمام، و الدليل على ذلك قوله )وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ( يعني الإمامة، ثم قال )وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ( يعني الذين ظلموا هذه الكلمة )لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ(، ثم قال )تَرَى الظَّالِمِينَ( يعني الذين ظلموا آل محمّد حقّهم )مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا(.. أي خائفين ممّا ارتكبوا و عملوا )وَ هُوَ واقِعٌ بِهِمْ(.. ما يخافونه، ثم ذكر اللّه الذين آمنوا بالكلمة و اتّبعوها، فقال )وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ...( إلى قوله )ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ( )ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا( بهذه الكلمة )وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ( ممّا أمروا به. ثم قال )وَ تَرَى الظَّالِمِينَ( آل محمّد حقّهم )لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ(.. أي إلى الدنيا.
فس )وَ تَرَى الظَّالِمِينَ( آل محمّد حقّهم )لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ( و عليّ هو العذاب في هذا الوجه )يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ( فنوالي عليّا )وَ تَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ(... أي لعليّ )يَنْظُرُونَ( إلى عليّ )مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَ قالَ الَّذِينَ آمَنُوا( يعني آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و شيعتهم )إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ( آل محمّد حقّهم )فِي عَذابٍ مُقِيمٍ(. قال و اللّه يعني النصّاب الذين نصبوا العداوة لأمير المؤمنين عليه السلام و ذريّته و المكذّبين )وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ(.
بيان قوله يعني النصّاب.. حال من فاعل قال، و قوله و ما كان.. مفعول قال، و في بعض النسخ قال و اللّه.. فالواو للقسم.
فس )وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَ تَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ...( إلى قوله )ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ( قال نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر.
حدّثني العباس بن محمد، عن الحسن بن سهل، بإسناد رفعه إلى جابر ابن زيد، عن جابر بن عبد اللّه، قال ثم أتبع اللّه جلّ ذكره مدح الحسين بن عليّ عليهما السلام بذمّ عبد الرحمن بن أبي بكر.
بيان روت العامّة أيضا أنّ الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، و يمكن أن يكون قول الوالدين له، لظاهر الأمر للمصلحة لا على وجه الاعتقاد، و يظهر من بعض الأخبار أنّ المراد بالوالدين رسول اللّه و أمير المؤمنين عليهما السلام، و من بعضها أنّ المراد بهما هنا الحسنان عليهما السلام.
قال علي بن إبراهيم قبل ذلك قوله )وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً( قال الإحسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قوله بِوالِدَيْهِ إنّما عني الحسن و الحسين عليهما السلام، ثم عطف على الحسين عليه السلام، فقال )حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً...( و ساق الكلام إلى قوله )وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما...(
إلى آخر ما أوردنا، فيظهر منه أنّ المراد بالوالدين على هذا التأويل الحسنان، و قد تكلّمنا في الخبر في مجلد الإمامة.
فس )يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ( مخاطبة لأصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الذين وعدوه أن ينصروه و لا يخالفوا أمره و لا ينقضوا عهده في أمير المؤمنين عليه السلام، فعلم اللّه أنّهم لا يفون بما يقولون، فقال )لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ...( الآية، و قد سمّاهم اللّه مؤمنين بإقرارهم و إن لم يصدّقوا.
فس )فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا( قال إذا كان يوم القيامة و نظر أعداء أمير المؤمنين ما أعطاه اللّه من المنزلة الشريفة العظيمة و بيده لواء الحمد و هو على الحوض يسقي و يمنع يسود وجوه أعدائه، فيقال لهم )هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ( منزله و موضعه و اسمه.
ير أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن منصور، قال سألته عن قول اللّه تعالى )وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها، قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ( فقال رأيت أحدا يزعم أنّ اللّه أمر بالزنا و شرب الخمر أو بشيء من هذه المحارم. فقلت لا. فقال ما هذه الفاحشة التي يدّعون أنّ اللّه أمر بها. فقلت اللّه أعلم و وليّه. قال فإنّ هذه في أئمّة الجور ادّعوا أنّ اللّه أمرهم بالائتمام بقوم لم يأمر اللّه بالائتمام بهم، فردّ اللّه ذلك عليهم، و أخبرنا أنّهم قد قالوا عليه الكذب فسمّى اللّه ذلك منهم فاحشة.
شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن منصور، عن عبد صالح، قال سألته.. و ذكر مثله.
شي، ]تفسير العياشي[ عن كليب الصيداوي، قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه )إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً( للّه عليه يقرؤها فارقوا دينهم، قال فارق و اللّه القوم دينهم.
بيان قال الطبرسي رحمه اللّه قرأ حمزة و الكسائي فارقوا بالألف و هو المرويّ عن عليّ عليه السلام و الباقون فَرَّقُوا بالتشديد. ثم قال قال أبو علي من قرأ » فَرَّقُوا« فتقديره يؤمنون ببعض و يكفرون ببعض.. و من قرأ »فارقوا دينهم« فالمعنى باينوه و خرجوا عنه... و قال اختلف في المعنيين بهذه الآية على أقوال أحدها أنّهم الكفّار و أصناف المشركين.. و ثانيها أنّهم اليهود و النصارى، لأنّه يكفّر بعضهم بعضا... و ثالثها أنّهم أهل الضلالة و أصحاب الشبهات و البدع من هذه الأمّة. رواه أبو هريرة و عائشة مرفوعا، و هو المرويّ عن الباقر عليه السلام جعلوا دين اللّه أديانا لإكفار بعضهم بعضا و صاروا أحزابا و فرقا. و تتمّة الآية )لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ(. قيل المعنى أنّك لا تجتمع معهم في شيء من مذاهبهم الباطلة. و قيل أي لست من مخالطتهم في شيء. و قيل أي لست من قتالهم في شيء. ثم نسختها آية القتال )إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ...(. و قيل في مجازاتهم على سوء أفعالهم، أو في الإنظار و الاستئصال، أو الحكم بينهم في اختلافهم إلى اللّه.