الآيات
إبراهيم )وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ(. و قال تعالى )أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ(. الإسراء )وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً(. تفسير )مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ..(. قال في مجمع البيان و هي كلمة الشرك و الكفر..، و قيل كلّ كلام في معصية اللّه... )كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ( غير زاكية، و هي شجرة الحنظل... و قيل إنّها شجرة هذه صفتها، و هو أنّه لا قرار لها في الأرض... و قيل إنّها الكشوث....
و روى أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام أنّ هذا مثل بني أميّة )اجْتُثَّتْ(.. أي قطعت و استؤصلت و اقتلعت جثّتها من الأرض )ما لَها مِنْ قَرارٍ(.. أي ما لتلك الشجرة من ثبات، فإنّ الريح تنسفها و تذهب بها...
و عن ابن عباس أنّها شجرة لم يخلقها اللّه بعد و إنّما هو مثل ضربه اللّه.
)أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ..(.. أي أ لم تر إلى هؤلاء الكفّار عرفوا نعمة اللّه بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله.. أي عرفوا محمّدا ثم كفروا به فبدّلوا مكان الشكر كفرا.
و عن الصادق عليه السلام، أنّه قال نحن و اللّه نعمة اللّه التي أنعم بها على عباده، و بنا يفوز من فاز..
أو المراد جميع نعم اللّه على العموم بدّلوها أقبح التبديل، إذ جعلوا مكان شكرها الكفر بها، و اختلف في المعني بالآية..
فروي عن أمير المؤمنين عليه السلام و ابن عباس و ابن جبير و مجاهد و الضحّاك، أنّهم كفّار قريش كذّبوا نبيّهم و نصبوا له الحرب و العداوة.
و سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام عن هذه الآية، فقال هما الأفجران من قريش بنو أميّة و بنو المغيرة، فأمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حين، و أمّا بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر.
و قيل إنّهم جبلة بن الأبهم و من تبعه من العرب تنصّروا و لحقوا بالروم. )و دارَ الْبَوارِ( دار الهلاك. )وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا( فيه أقوال أحدها أنّ المراد بالرؤيا رؤية العين، و هي الإسراء، و سمّاها فتنة للامتحان و شدّة التكليف.. و ثانيها أنّها رؤيا نوم رآها أنّه سيدخل مكة و هو بالمدينة، فقصدها قصده المشركون حتى دخلت على قوم منهم الشبهة...، ثم رجع فدخل في القابل و ظهر صدق الرؤيا. و ثالثها أنّ ذلك رؤيا رآها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ قرودا تصعد منبره و تنزل، فساءه ذلك و اغتمّ به، رواه سهل بن سعيد، عن أبيه... و هو المرويّ عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام، و قالوا على هذا التأويل أنّ الشجرة الملعونة هي بنو أميّة، أخبره اللّه بتغلّبهم على مقامه و قتلهم ذريّته... و قيل هي شجرة الزقّوم... و قيل هي اليهود... و تقدير الآية و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك و الشجرة الملعونة إلّا فتنة للناس.
الأخبار
نهج قال أمير المؤمنين عليه السلام إنّ لبني أميّة مرودا يجرون فيه، و لو قد اختلفوا فيما بينهم ثمّ كادتهم الضّباع لغلبتهم.
قال السيّد رضي اللّه عنه و المرود هاهنا مفعل من الإرواد، و هو من الإمهال و الإنظار، و هذا من أفصح الكلام و أغربه، فكأنّه عليه السّلام شبّه المهلة الّتي هم فيها بالمضمار الّذي يجرون فيه إلى الغاية، فإذا بلغوا أيّام منقطعها انتقض نظامهم بعدها.
ل ابن المتوكّل، عن محمد العطّار، عن الأشعري، عن ابن عيسى، عن أبي العباس جرير البجلي، عن محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال للكفر جناحان بنو أميّة و آل المهلّب.
توضيح آل المهلّب طائفة من الولاة منسوبون إلى المهلّب بن أبي صفرة الأزدي العثكي البصري، و كان رجلا شجاعا حمى البصرة من الخوارج، و له معهم وقائع مشهورة بالأهواز، و تقلّبت به الأحوال إلى أن ولّي خراسان من جهة الحجّاج، و لم يزل واليا بخراسان حتى أدركته الوفاة، فولّى ابنه يزيد و لم يزل، كانوا ولاة في زمن بني أميّة و بني العبّاس، و كانوا من أعوان خلفاء الجور، و لهم وقائع مشهورة مذكورة في التواريخ.
فس )الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً(، قال نزلت في بني أميّة، حيث خالفوهم على أن لا يردوا الأمر في بني هاشم، ثم قال يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ يعني القوّة. و قوله )وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ( قال آيات اللّه هم الأئمّة عليهم السلام.
فس )وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(، قال نزلت في بني أميّة، ثم قال )بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ(، قال من عداوة أمير المؤمنين عليه السلام )وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ(.
فس جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد ابن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله )إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ(، قال عليه السلام نزلت في بني أميّة، فهم أشرّ خلق اللّه، هم الَّذِينَ كَفَرُوا في باطن القرآن فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.
شي، ]تفسير العياشي[ عن جابر، عنه عليه السلام مثله.
فس )وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ( في رواية أبي الجارود، قال كذلك الكافرون لا تصعد أعمالهم إلى السماء، و بنو أميّة لا يذكرون اللّه في مجلس و لا في مسجد و لا تصعد أعمالهم إلى السماء إلّا قليل منهم.
فس أبي، عن ابن أبي عمير، عن عثمان بن عيسى، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ )أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً(، قال نزلت في الأفجرين من قريش بني أميّة و بني المغيرة، فأمّا بنو المغيرة فقطع اللّه دابرهم، و أمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حين. ثم قال و نحن و اللّه نعمة اللّه التي أنعم بها على عباده و بنا يفوز من فاز.
بيان روى الجزء الأول من الخبر إلى قوله )فمتّعوا إلى حين( الزمخشري و البيضاوي، عن عليّ عليه السلام.
فس )وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ( يعني ممّن هلكوا من بني أميّة )وَ تَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ( )وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ(، قال مكر بني فلان.
بيان المراد ببني فلان إمّا بنو العبّاس كما هو الظاهر، أو بنو أميّة، فيكون الخطاب للمتأخّرين من بني أميّة بتحذيرهم عمّا نزل على السابقين منهم في غزوة بدر و غيرها، أو الخطاب لبني العبّاس بتحذيرهم عمّا نزل ببني أميّة أوّلا و أخيرا، و على تقدير كون المراد بني العبّاس يكون قوله تعالى )وَ قَدْ مَكَرُوا..( على سبيل الالتفات، و على التقادير يحتمل أن يكو المراد أنّ قصّة هؤلاء نظير قصّة من نزلت الآية فيه، و القرآن لم ينزل لجماعة مخصوصة، بل نزل فيهم و في نظائرهم إلى يوم القيامة.
فس قال علي بن إبراهيم في قوله )وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ(، قال نزلت لمّا رأى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في نومه كأنّ قرودا تصعد منبره فساءه ذلك و غمّه غمّا شديدا فأنزل اللّه )وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ( لهم ليعمهوا فيها )وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ( كذلك نزلت، و هم بنو أميّة.
بيان أي كان في القرآن ليعمهوا فيها.
فس )فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ( في خبر هم بنو أميّة، و الغاوون بنو فلان )قالُوا وَ هُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ( يقولون لمن تبعوهم أطعناكم كما أطعنا اللّه فصرتم أربابا.
بيان بنو فلان بنو العبّاس، و قد مرّ أنّ كلّ من يطاع بغير أمره تعالى فهم الأصنام و من أطاعهم من المشركين في بطن القرآن، فلا ينافي كونها ظاهرا في الأصنام و عبدتهم مع أنّ ضمير )هم( أنسب بهذا التأويل.
فس محمد الحمير، عن أبيه، عن محمد بن الحسين و محمد بن عبد الجبّار معا، عن محمد بن يسار، عن المنخل بن خليل، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله )وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ( يعني بني أميّة.
كنز محمد بن العباس، عن ابن عقدة، عن الحسن بن القاسم، عن علي بن إبراهيم بن المعلّى، عن فضيل بن إسحاق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية، عن عليّ عليه السلام، قال قوله عزّ و جلّ )الم غُلِبَتِ الرُّومُ..( هي فينا و في بني أميّة.
كنز محمد بن العباس، عن الحسن بن محمد بن جمهور العمي، عن أبيه، عن جعفر بن بشير، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال سألته عن تفسير )الم غُلِبَتِ الرُّومُ..( قال هم بنو أميّة، و إنّما أنزلها اللّه )الم غُلِبَتِ الرُّومُ( بنو أميّة )فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ( عند قيام القائم عليه السلام.
تبيين كذا في النسخ غلبت الروم بنو أميّة، و لعلّه كان غلبت بنو أميّة فزاد النسّاخ لفظ الروم، و على ما في النسخ و ما في الخبر الأول من تفسير الروم ببني أميّة يكون التعبير عنهم بالروم إشارة إلى ما سيأتي من أنّ نسبهم ينتهي إلى عبد روميّ، و هذا بطن للآية و لا ينافي ما مرّ من تفسير الآية موافقا للمشهور. قوله عليه السلام عند قيام القائم عليه السلام.. لعلّه على هذا التأويل قوله يومئذ إشارة إلى قوله من بعد.
فس )إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا( يعني بني أميّة )يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ( يعني إلى ولاية عليّ عليه السلام )فَتَكْفُرُونَ(.
بيان يُنادَوْنَ.. أي يوم القيامة، فيقال لهم لَمَقْتُ اللَّهِ إيّاكم أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ الأمارة بالسوء إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ. قال البيضاوي ظرف لفعل دلّ عليه المقت الأول لا له، لأنّه أخبر عنه، و لا للثاني لأنّ مقت أنفسهم يوم القيامة حين عاينوا جزاء أعمالها الخبيثة.
ل عمّار بن الحسين الأسروشي رضي اللّه عنه، عن علي بن محمد بن عصمة، عن أحمد بن محمد الطبري، عن الحسن بن أبي شجاع البجلي، عن جعفر بن عبد اللّه الحنفي، عن يحيى بن هاشم، عن محمد بن جابر، عن صدقة بن سعيد، عن النضر بن مالك، قال قلت للحسين بن علي عليهما السلام يا أبا عبد اللّه حدّثني عن قول اللّه عزّ و جلّ )هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ(، قال نحن و بنو أميّة اختصمنا في اللّه عزّ و جلّ، قلنا صدق اللّه، و قالوا كذب اللّه، فنحن و إيّاهم الخصمان يوم القيامة.
بيان لا ينافي هذا التأويل ما مرّ من نزول الآية في ستة نفر تبارزوا في غزوة بدر، أمير المؤمنين عليه السلام قتل الوليد بن عتبة، و حمزة قتل عتبة، و عبيدة بن الحرث قتل شيبة، فإنّها تشمل كلّ طائفتين تخاصمتا في اللّه و إن كانت نزلت فيهم.
ل القطّان، عن ابن زكريّا، عن ابن حبيب، عن محمد بن عبيد اللّه، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن الفضيل الزرقي، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام، قال إنّ للنار سبعة أبواب باب يدخل منه فرعون و هامان و قارون، و باب يدخل منه المشركون و الكفّار ممّن لم يؤمن باللّه طرفة عين، و باب يدخل منه بنو أميّة هو لهم خاصّة لا يزاحمهم فيه أحد، و هو باب لظى، و هو باب سقر، و هو باب الهاوية تهوى بهم سبعين خريفا، فكلما هوي بهم سبعين خريفا فصار بهم فورة قذف بهم في أعلاها سبعين خريفا، ثم هوي بهم كذلك سبعين خريفا، فلا يزالون هكذا أبدا خالدين مخلّدين، و باب يدخل فيه مبغضونا و محاربونا و خاذلونا، و إنّه لأعظم الأبواب و أشدّها حرّا. قال محمد بن الفضيل الزرقي فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الباب الّذي ذكرت عن أبيك عن جدّك عليهما السلام أنّه يدخل منه بنو أميّة، يدخله من مات منهم على الشرك أو ممّن أدرك منهم الإسلام. فقال لا أمّ لك أ لم تسمعه يقول و باب يدخل منه المشركون و الكفّار، فهذا الباب يدخل فيه كلّ مشرك و كلّ كافر لا يؤمن بيوم الحساب، و هذا الباب الآخر الذي يدخل منه بنو أميّة إنّه هو لأبي سفيان و معاوية و آل مروان خاصّة يدخلون من ذلك الباب فتحطّمهم النار حطما لا تسمع لهم فيها واعية و لا يحيون فيها و لا يموتون.
بيان لعلّ السائل اعترض السؤال بين الكلام فلم يتمّ عليه السلام عدد الأبواب، أو يكون السبعة باعتبار الاسم، أو المراد أنّ بني أميّة يدخلون من أربعة أبواب، باب بعد باب، أو كلّ طائفة منهم من باب، فالمراد بالباب في الثالث الجنس، و الأول أظهر.
ما المفيد، عن الجعابي، عن الفضل بن الحبّاب، عن الحسين ابن عبد اللّه الأبلي، عن أبي خالد الأسدي، عن أبي بكر بن عيّاش، عن صدقة ابن سعيد الحنفي، عن جميع بن عمير، قال سمعت عبد اللّه بن عمر بن الخطاب يقول انتهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى العقبة، فقال لا يجاوزها أحد، فعوّج الحكم بن أبي العاص فمه مستهزئا به صلّى اللّه عليه و آله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار، فعوّج الحكم فمه فبصر به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فدعا عليه، فصرع شهرين ثم أفاق، فأخرجه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن المدينة طريدا و نفاه عنها.
ما المفيد، عن المراغي، عن العباس بن الوليد، عن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن هارون بن سعيد، قال صلّى بنا الوليد بن عقبة بالكوفة صلاة الغداة و كان سكرانا فتغنّى في الثانية منها، و زادنا ركعة أخرى، و نام في آخرها، فأخذ رجل من بكر بن وائل خاتمه من يده، فقال فيه علباء السدوسي
تكلّم في الصلاة و زاد فيها مجاهرة و عالن بالنفاقو فاح الخمر عن ستر المصلّي و نادى و الجميع إلى افتراقأزيدكم على أن تحمدوني فما لكم و ما لي من خلاق
ل ابن موسى، عن محمد بن موسى الدقّاق، عن أحمد بن محمد ابن داود الحنظلي، عن الحسين بن عبد اللّه الجعفي، عن الحكم بن مسكين، عن أبي الجارود، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن في كلّهنّ لا يستطيع إلّا أن يلعنه أوّلهنّ يوم لعنه اللّه و رسوله و هو خارج من مكة إلى المدينة مهاجرا و أبو سفيان جاء من الشام، فوقع فيه أبو سفيان يسبّه و يوعده، و همّ أن يبطش به فصرفه اللّه عن رسوله. و الثانية يوم العير، إذا طردها ليحرزها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فلعنه اللّه و رسوله. و الثالثة يوم أحد، قال أبو سفيان اعل هبل. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اللّه أعلى و أجلّ. فقال أبو سفيان لنا عزّى و لا عزّى لكم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله اللّه مولانا و لا مولى لكم. و الرابعة يوم الخندق، يوم جاء أبو سفيان في جمع قريش فردّهم اللّه بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً، و أنزل اللّه عزّ و جلّ في القرآن آيتين في سورة الأحزاب، فسمّى أبو سفيان و أصحابه كفّارا، و معاوية يومئذ مشرك عدوّ للّه و لرسوله. و الخامسة يوم الحديبية، و الهدي معكوفا أن يبلغ محلّه و صدّ مشركو قريش رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن المسجد الحرام و صدّوا بدنه أن تبلغ المنحر، فرجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يطف بالكعبة و لم يقض نسكه، فلعنه اللّه و رسوله. و السادسة يوم الأحزاب، يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش و عامر بن الطفيل بجمع هوازن، و عيينة بن حصين بغطفان، و واعدهم قريظة و النضير أن يأتوهم فلعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله القادة و الأتباع، و قال أمّا الأتباع فلا تصيب اللعنة مؤمنا، و أمّا القادة فليس فيهم مؤمن و لا نجيب و لا ناج. و السابعة يوم حملوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في العقبة، و هم اثنا عشر رجلا من بني أميّة و خمسة من سائر الناس، فلعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من على العقبة غير النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ناقته و سائقه و قائده.
قال الصدوق رحمه اللّه جاء هذا الخبر هكذا، و الصحيح أنّ أصحاب العقبة كانوا أربعة عشر.
بيان أقول سيأتي مثله في احتجاج الحسن عليه السلام على معاوية. قوله و الرابعة، يوم الخندق. أقول سيأتي في السادسة يوم الأحزاب و هما متّحدان، و لعلّ التكرار لتكرّر اللعن بجهتين، أو الأول لبيان لعن اللّه تعالى إيّاهم و تسميتهم كفّارا، و الثاني لبيان لعن الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و فيما سيأتي من احتجاج الحسن عليه السلام، و الرابعة يوم حنين، و هو بعيد من جهتين الأولى أنّ أبا سفيان في غزوة حنين كان مع عسكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. و الثانية أنّ الآية نزلت في الأحزاب، و لعلّه لتوهّم التكرار صحّفه الرواة و النسّاخ، و فيما سيأتي هكذا و السابعة يوم الثنية، يوم شدّ على رسول اللّه )ص( اثنا عشر رجلا سبعة منهم من بني أميّة و خمسة من سائر قريش، و لعلّه أقرب، و ما ذكره الصدوق رحمه اللّه يمكن أن يكون لإحدى العقبتين، فإنّ ظاهر الأخبار أنّ المنافقين كمنوا له صلّى اللّه عليه و آله في عقبة تبوك مرّة، و في عقبة الغدير عند الرجوع من حجّة الوداع أخرى، و اللّه يعلم.
ل أحمد بن محمد بن الصقر، عن محمد بن جعفر الزعفراني، عن أبي الأحوص، عن أبي بكر بن شيبة، عن أبي غسّان، عن حميد بن عبد الرحمن، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن عبد اللّه بن الحرث، عن عبد اللّه بن مالك الزبيدي، عن عبد اللّه بن عمرو، أنّ أبا سفيان ركب بعيرا له و معاوية يقوده و يزيد يسوق به، فلعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الراكب و القائد و السائق.
ص بالإسناد إلى الصدوق، بإسناده إلى ابن عباس، قال دخل أبو سفيان إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوما، فقال يا رسول اللّه )ص( أريد أن أسألك عن شيء. فقال صلّى اللّه عليه و آله إن شئت أخبرتك قبل أن تسألني. قال افعل. قال أردت أن تسأل عن مبلغ عمري. فقال نعم يا رسول اللّه )ص(. فقال إنّي أعيش ثلاثا و ستين سنة. فقال أشهد أنّك صادق. فقال صلّى اللّه عليه و آله بلسانك دون قلبك. قال ابن عباس و اللّه ما كان إلّا منافقا، قال و لقد كنّا في محفل فيه أبو سفيان و قد كفّ بصره و فينا عليّ صلوات اللّه عليه فأذّن المؤذّن، فلمّا قال أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قال أبو سفيان هاهنا من يحتشم. قال واحد من القوم لا. فقال للّه درّ أخي بني هاشم، انظروا أين وضع اسمه. فقال عليّ عليه السلام أسخن اللّه عينك يا أبا سفيان، اللّه فعل ذلك بقوله عزّ من قائل )وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ(. فقال أبو سفيان أسخن اللّه عين من قال لي ليس هاهنا من يحتشم.
شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه )فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ...( قال لما تركوا ولاية عليّ عليه السلام و قد أمروا بها )أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ( قال نزلت في ولد العبّاس.
بيان لعلّ المعنى نزلت في استيلاء ولد العبّاس على بني أميّة ليوافق الخبر التالي، مع أنّه يحتمل نزولها فيهما و في أمثالهما، و يكون انطباقها على بني أميّة أظهر فلذا خصّت بهم في الخبر الثاني، و الحاصل أنّه ذكر في كلّ مقام ما يناسبه من مورد نزول الآية، و أكثر الأخبار الواردة في تأويل الآيات كذلك.
شي، ]تفسير العياشي[ عن منصور بن يونس، عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه )فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ...( إلى قوله )فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ( قال أخذ بني أميّة بغتة و يؤخذ بنو العبّاس جهرة.
شي، ]تفسير العياشي[ عن مسلم المشوف، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام في قوله )وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ(، قال هما الأفجران من قريش بنو أميّة و بنو المغيرة.
شي، ]تفسير العياشي[ عن جرير، عمّن سمع أبا جعفر عليه السلام )وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً( لهم ليعمهوا فيها )وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ( يعني بني أميّة.
شي، ]تفسير العياشي[ عن علي بن سعيد، قال كنت بمكة، فقدم علينا معروف ابن خربوذ، فقال قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام إنّ عليّا عليه السلام قال لعمر يا أبا حفص أ لا أخبرك بما نزل في بني أميّة. قال بلى. قال فإنّه نزل فيهم )وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ(. فغضب عمر، و قال كذبت، بنو أميّة خير منك و أوصل للرحم.
شي، ]تفسير العياشي[ عن الحلبي، عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، قالوا سألناه عن قوله )وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ...(، قال إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أري أنّ رجالا على المنابر و يردّون الناس ضلالا زريق و زفر، و قوله )وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ(. قال هم بنو أميّة.
و في رواية أخرى عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد رأى رجالا من نار على منابر و يردّون الناس على أعقابهم القهقرى، و لسنا نسمّي أحدا.
و في رواية سلام الجعفي، عنه أنّه قال إنّا لا نسمّي الرجال بأسمائهم و لكنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأى قوما على منبره يضلّون الناس بعده عن الصراط القهقرى.
شي، ]تفسير العياشي[ عن قاسم بن سليمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال أصبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما حاسرا حزينا، فقيل له مالك يا رسول اللّه. فقال إنّي رأيت الليلة صبيان بني أميّة يرقون على منبري هذا، فقلت يا ربّي معي. فقال لا، و لكن بعدك.
بيان قوله عليه السلام حاسرا.. أي كاشفا عن ذراعيه، أو من الحسرة و إن كان الغالب فيه الحسير، و الحاسر أيضا من لا مغفر له و لا درع و لا جنّة.
شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي الطفيل، قال كنت في مسجد الكوفة، فسمعت عليّا عليه السلام يقول و هو على المنبر و ناداه ابن الكوّاء و هو في مؤخّر المسجد، فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن قول اللّه )وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ(، فقال الأفجران من قريش و من بني أميّة.
بيان لعلّ المراد بالأفجرين هنا الأول و الثاني، فقوله و من بني أميّة.. أي و جماعة من بني أميّة، و يحتمل أن يكون كما مرّ، فصحّف.
شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله )وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ...(، قال أرى رجالا من بني تيم و عدي على المنابر يردّون الناس عن الصراط القهقرى. قلت )وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ(. قال هم بنو أميّة، يقول اللّه )وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً(.
شي، ]تفسير العياشي[ عن يونس، عن عبد الرحمن الأشل، قال سألته عن قول اللّه )وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ...( الآيات، فقال إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نام فرأى أنّ بني أميّة يصعدون المنابر، فكلّما صعد منهم رجل رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الذلّة و المسكنة، فاستيقظ جزوعا من ذلك، و كان الذين رآهم اثني عشر رجلا من بني أميّة، فأتاه جبرئيل عليه السلام بهذه الآية، ثم قال جبرئيل إنّ بني أميّة لا يملكون شيئا إلّا ملك أهل البيت ضعفيه.
بيان لعلّ التخصيص بالاثني عشر لعدم الاعتناء بشأن بعضهم ممّن كان ملكه قليلا، و كان أقلّ ضررا على المسلمين كمعاوية بن يزيد و مروان بن محمد لأنّهم كانوا أكثر من اثني عشر، إذ كان أوّل ملوكهم عثمان، ثم معاوية، ثم يزيد بن معاوية، ثم معاوية بن يزيد، ثم مروان بن الحكم، ثم عبد الملك بن مروان، ثم الوليد بن عبد الملك، ثم سليمان بن عبد الملك، ثم عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، ثم الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ثم يزيد بن الوليد الناقص، ثم إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، ثم مروان بن محمد.
شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة، قال كان يوسف بن الحجّاج صديقا لعليّ ابن الحسين عليهما السلام، و أنّه دخل على امرأته فأراد أن يضمّها أعني أمّ الحجّاج، قال فقالت له إنّما عهدك بذاك الساعة. قال فأتى عليّ بن الحسين عليه السلام فأخبره، فأمره أن يمسك عنها، فأمسك عنها، فولدت بالحجّاج و هو ابن شيطان ذي الردهة.
بيان إنّما عهدك بذلك.. أي بالجماع، و إنّما قالت ذلك لأنّ الشيطان كان قد أتاها قبل ذلك بصورة يوسف، و شيطان الردهة وقع في كلام أمير المؤمنين عليه السلام في مواضع.
قب حدّثني ابن كادش في تكذيب العصابة العلويّة في ادّعائهم الإمامة النبويّة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأى العباس في ثوبين أبيضين، فقال إنّه لأبيض الثوبين، و هذا جبرئيل يخبرني أنّ ولده يلبسون السواد.
عبد اللّه بن أحمد بن حنبل في كتاب صفّين أنّه نشر عمرو بن العاص في يوم صفّين راية سوداء.. الخبر.
و في أخبار دمشق عن أبي الحسين محمد بن عبد اللّه الرازي، قال ثوبان قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يكون لبني العباس رايتان مركزهما كفر و أعلاهما ضلالة، إن أدركتهما يا ثوبان فلا تستظلّ بظلّهما.
أبيّ بن كعب أوّل الرايات السود نصر، و أوسطها غدر، و آخرها كفر، فمن أعانهم كان كمن أعان فرعون على موسى.
تاريخ بغداد قال أبو هريرة قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق فإنّ أوّلها فتنة، و أوسطها هرج، و آخرها ضلالة.
أخبار دمشق عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أبو أمامة في خبر أوّلها منشور، و آخرها مثبور.
تاريخ الطبري إنّ إبراهيم الإمام أنفذ إلى أبي مسلم لواء النصرة و ظلّ السحاب، و كان أبيض، طوله أربعة عشر ذراعا، مكتوب عليها بالحبر )أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ(، فأمر أبو مسلم غلامه أرقم أن يتحوّل بكلّ لون من الثياب، فلمّا لبس السواد قال معه هيبة، فاختاره خلافا لبني أميّة و هيبة للناظر، و كانوا يقولون هذا السواد حداد آل محمّد، و شهداء كربلاء، و زيد و يحيى.
ني علي بن أحمد، عن عبيد اللّه بن موسى، عن البرقي، عن إبراهيم بن محمد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن ابن عباس، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا بدّ من ويل لولدي من ولدك، و ويل لولدك من ولدي. فقال يا رسول اللّه أ فلا أجب نفسي. فقال لي علم اللّه قد مضى و الأمور بيد اللّه، و إنّ الأمر في ولدي.
ني محمد بن همام، عن أحمد بن ما بنداد، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن علي بن فضال، عن سفيان بن إبراهيم الحميري، عن أبيه، عن أبي صادق، عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنّه قال ملك بني العباس عسر عسر ليس فيه يسر، تمتدّ فيه دولتهم، لو اجتمع عليهم الترك و الديلم و السند و الهند لم يزيلوهم، و لا يزالون يتمرّغون و يتنعّمون في غضارة من ملكهم حتّى يشذّ عنهم مواليهم و أصحاب ألويتهم، و يسلّط اللّه عليهم علجا يخرج من حيث بدأ ملكهم، لا يمرّ بمدينة إلّا فتحها، و لا ترفع له راية إلّا هدّها، و لا نعمة إلّا أزالها، الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتى يظفر و يدفع إلى رجل من عترتي يقول بالحقّ و يعمل به.
قال النعماني يقول أهل اللغة العلج الكافر، و العلج الجافي في الخلقة، و العلج اللئيم، و العلج الشديد في أمره. و قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام لرجلين كانا عنده إنّكما علجان فعالجا عن دينكما، و كانا من العرب.
بيان قال في النهاية، في حديث عليّ )ع( »أنّه بعث رجلين في وجه و قال إنّكما علجان فعالجا عن دينكما«.
العلج الرّجل القويّ الضّخم، و عالجا.. أي مارسا العمل الّذي ندبتكما إليه و اعملا به. و قال العلج الرّجل من كفّار العجم و غيرهم. و في القاموس العلج بالكسر العير..، و حمار الوحش السّمين القويّ، و الرّغيف الغليظ الحرف و الرّجل من كفّار العجم.. و رجل علج ككتف و صرد و سكّر شديد صريع معالج للأمور. انتهى. و لعلّه رحمه اللّه إنّما ذكر هذه المعاني لاستبعاد أن يكون من يأخذ الحقّ منهم و يعطي صاحب الحقّ من الكفّار، و كان ذلك قبل انقراض دولتهم، و الآن ظهر أنّ من استأصلهم كان هلاكو، و كان من الكفّار. و أمّا قوله عليه السلام يدفع فعلى البناء للمجهول.. أي ثم يدفع إلى القائم عليه السلام و لو بعد حين، و يحتمل أن يكون من الأخبار البدائية.
كا العدّة، عن البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان رفعه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال إنّ اللّه عزّ و جلّ نزع الشهوة من رجال بني أميّة و جعلها في نسائهم و كذلك فعل بشيعتهم، و إنّ اللّه عزّ و جلّ نزع الشهوة من نساء بني هاشم و جعلها في رجالهم، و كذلك فعل بشيعتهم.
كا الحسين بن محمد، عن المعلّى، عن الوشاء، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من حجرته و مروان و أبوه يستمعان إلى حديثه، فقال له الوزغ بن الوزغ. قال أبو عبد اللّه عليه السلام فمن يومئذ يرون أنّ الوزغ يسمع الحديث.
كا بالإسناد المتقدّم، عن أبان، عن زرارة، قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول لما ولد مروان عرضوا به لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يدعو له، فأرسلوا به إلى عائشة ليدعو له، فلمّا قرّبته منه، قال أخرجوا عنّي الوزغ بن الوزغ. قال زرارة و لا أعلم إلّا أنّه قال و لعنه.
كا بالإسناد عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي العباس المكّي، قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول إنّ عمر لقي أمير المؤمنين عليه السلام، فقال أنت الذي تقرأ هذه الآية )بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ( تعرّضا بي و بصاحبي. قال أ فلا أخبرك بآية نزلت في بني أميّة )فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ(. فقال كذبت، بنو أميّة أوصل للرحم منك، و لكنّك أبيت إلّا عداوة لبني تيم و عديّ و بني أميّة.
كا محمد بن يحيى، عن أبي عيسى و أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار جميعا، عن علي بن حديد، عن جميل بن درّاج، عن زرارة، قال كان أبو جعفر عليه السلام في المسجد الحرام فذكر بني أميّة و دولتهم، فقال له بعض أصحابه إنّما نرجو أن تكون صاحبهم و أن يظهر اللّه عزّ و جلّ هذا الأمر على يدك. فقال ما أنا بصاحبهم و لا يسرّني أن أكون صاحبهم، إنّ أصحابهم أولاد الزنا، إنّ اللّه تبارك و تعالى لم يخلق منذ خلق السماوات و الأرض سنين و لا أيّاما أقصر من سنيهم و أيّامهم، إنّ اللّه عزّ و جلّ يأمر الملك الذي في يده الفلك فيطويه طيّا.
كا علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال ولد المرداس من تقرب منهم أكفروه، و من تباعد منهم أفقروه، و من ناواهم قتلوه، و من تحصّن منهم أنزلوه، و من هرب منهم أدركوه حتى ينقضي دولتهم.
بيان التعبير عن ولد العباس بولد مرداس كناية بعيدة لشدّة التقية لابن عباس ابن مرداس، من الصحابة، فروعي لاشتراك الاسم بين العبّاسين. أقول قد مرّت الأخبار الكثيرة في لعن بني أميّة في أبواب الآيات النازلة في الأئمّة عليهم السلام لا سيّما في باب تأويل الإيمان بهم عليهم السلام و الشرك بأعدائهم، و تأويل آية النور، و سيأتي في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام بعد البيعة و سائر أبواب هذا المجلد، و في باب احتجاج الحسن عليه السلام على معاوية.
مد من صحيح البخاري، عن موسى بن إسماعيل، عن عمر ابن يحيى بن سعيد، عن جدّه، قال كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه ]و آله[ بالمدينة و معنا مروان، قال أبو هريرة سمعت الصادق الصدّيق يقول هلاك أمّتي على يدي غلمة قريش. فقال مروان غلمة. فقال أبو هريرة لو شئت أن أقول بني فلان و بني فلان لفعلت، و كنت أخرج مع جدّي إلى بني مروان حين ملكوا الشام فإذا رآهم غلمان أحداثا، قال لنا عسى هؤلاء أن يكونوا منهم. قلت أنت أعلم.
و من صحيح مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن شعبة، عن أبي النباح، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه ]و آله[، قال يهلك أمّتي هذا الحيّ من قريش. قالوا فما تأمرنا. قال لو أنّ الناس اعتزلوهم.
و روي من الجمع بين الصحيحين مثله.
مد من تفسير الثعلبي، بإسناده عن سعيد بن المسيّب في قول اللّه عزّ و جلّ )وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ(، قال أري بني أميّة على المنابر فساءه ذلك، فقيل له إنّها الدنيا يعطونها، فنزل عليه )إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ(. قال بلاء للناس.
و بإسناده أيضا، عن المهلّبي، عن سهل بن سعد، عن أبيه، قال رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]و آله[ بني أميّة ينزون على منبره نزو القردة فساءه، فما استجمع ضاحكا حتى مات، فأنزل اللّه عزّ و جلّ في ذلك )وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ(.
بيان قوله فما استجمع ضاحكا.. أي لم يضحك ضحكا تامّا. قال الطّيبي في قوله مستجمعا ضاحكا المستجمع المستجدّ للشيء القاصد له، أي ضاحكا كلّ الضحك.
مد عن الثعلبي، بإسناده عن عمر بن الخطاب في قوله تعالى )... الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ(. قال هما الأفجران من قريش بنو المغيرة و بنو أميّة، فأمّا بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر، و أمّا بنو أميّة فمتّعوا إلى حين.
و قال الثعلبي أيضا في قوله تعالى )فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ( نزلت في بني أميّة و بني هاشم.
مد من مسند أحمد بن حنبل، بإسناده عن أبي ذرّ، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، قال إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين رجلا اتّخذوا مال اللّه دولا، و عباده خولا، و دينه دخلا.
و ذكر الزمخشري في الفائق في حديث أبي هريرة إذا بلغ بنو العاص ثلاثين رجلا كان مال اللّه دولا، و عباده خولا. و نشأ للحكم بن أبي العاص أحد و عشرون ابنا، و ولد لمروان بن الحكم تسعة بنين.
إيضاح قال في النهاية في حديث أبي هريرة إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان مال اللّه دولا و دين اللّه دخلا و عباد اللّه خولا. قال الدّول جمع دولة بالضّمّ و هو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم. و الدّخل بالتحريك العيب و الغشّ و الفساد.. و حقيقته أن يدخلوا في الدّين أمورا لم تجر بها السّنّة. و قوله خولا.. أي خدما و عبيدا، يعني أنّهم يستخدمونهم و يستعبدونهم.
مد من كتاب الملاحم، تأليف أبي الحسن أحمد بن جعفر بن محمد بن عبد اللّه، بإسناده عن زيد بن وهب، أنّه كان عند معاوية و دخل عليه مروان في حوائجه، فقال اقض حوائجي يا أمير المؤمنين فإنّي أصبحت أبا عشرة و أخا عشرة، و قضى حوائجه ثم خرج، فلمّا أدبر قال معاوية لابن عباس و هو معه على الزبير أنشدك اللّه يا ابن عباس أ ما تعلم أنّ رسول اللّه )ص( قال ذات يوم إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين رجلا اتّخذوا مال اللّه بينهم دولا، و عباده خولا، و كتابه دخلا، فإذا بلغوا تسع و تسعين و أربعمائة كان هلاكهم أسرع من أوّل تمرة. فقال ابن عباس اللّهمّ نعم، ثم إنّ مروان ذكر حاجة لما حصل في بيته فوجّه ابنه عبد الملك إلى معاوية فكلّمه فيها فقضاها، فلمّا أدبر عبد الملك قال معاوية لابن عباس أنشدك اللّه يا ابن عباس أ ما تعلم أنّ رسول اللّه )ص( ذكر هذا، فقال هذا أبو الجبابرة الأربعة. فقال ابن عباس اللّهمّ نعم، فعند ذلك ادّعى معاوية زيادا.
و روى الطبري في تاريخه و الواقدي و كافّة رواة الحديث أنّ الحكم ابن أبي العاص كان سبب طرده و ولده مروان حين طردهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّ الحكم اطّلع على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما في داره من وراء الجدار و كان من سعف فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقوس ليرميه فهرب.
و في رواية، أنّه قال للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله في قسمة خبر اتّق اللّه يا محمّد. فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعنك اللّه و لعن ما في صلبك، أ تأمرني بالتقوى و أنا حبّ من اللّه تعالى، فلم يزالا طريدا حتى ملك عثمان فأدخلهما.
بيان الحبّ بالكسر المحبوب. أقول
قال السيوطي من مشاهير علماء المخالفين في الدرّ المنثور أخرج البخاري، عن يوسف بن هامان، قال كان مروان على الحجاز استعمله معاوية بن أبي سفيان، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا، فقال خذوه، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان إنّ هذا أنزل فيه )وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما(، فقالت عائشة من وراء الحجاب ما أنزل اللّه فينا شيئا من القرآن، إلّا أنّ اللّه أنزل عذري.
و أخرج عبد بن حميد و النسائي و ابن المنذر و الحاكم و صحّحه ابن مردويه، عن محمد بن زياد، قال لما بايع معاوية لابنه قال مروان سنّة أبي بكر و عمر. فقال عبد الرحمن سنّة هرقل و قيصر. فقال مروان هذا الذي أنزل اللّه فيه )وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما.. الآية(، فبلغ ذلك عائشة، فقالت كذب مروان.. كذب مروان، و اللّه ما هو به، و لو شئت أن أسمّي الذي أنزلت فيه لسمّيته و لكنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]و آله[ لعن أبا مروان و مروان في صلبه، فمروان فضفض من لعنة اللّه.
و أخرج ابن أبي حاتم و ابن مردويه، عن عبد اللّه، قال إنّي لفي المسجد حين خطب مروان، فقال إنّ اللّه قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيا حسنا و أن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر و عمر. فقال عبد الرحمن بن أبي بكر أ هرقلية إنّ أبا بكر و اللّه ما جعلها في أحد من ولده و لا أحد من أهل بيته، و لا جعلها معاوية إلّا رحمة و كرامة لولده. فقال مروان أ لست الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما. فقال عبد الرحمن أ لست ابن اللعين الذي لعن أباك رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]و آله[. قال و سمعتها عائشة، فقالت يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن.. كذا و كذا، كذبت و اللّه ما فيه نزلت، و لكن نزلت في فلان بن فلان.
و أخرج ابن جرير، عن ابن عباس في قوله )وَ الَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ..( الآية، قال هذا ابن لأبي بكر.
و أخرج ابن أبي حاتم، عن السدّي، قال نزلت هذه الآية في عبد الرحمن بن أبي بكر قال لأبويه و كانا قد أسلما و أبى هو أن يسلم فكانا يأمرانه بالإسلام و يردّ عليهما و يكذّبهما، فيقول فأين فلان.. و أين فلان.. يعني مشايخ قريش ممّن قد مات ثم أسلم بعد فحسن إسلامه فنزلت توبته في هذه الآية )وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا(.
تبيين أقول و روى ابن بطريق مضامين تلك الأخبار عن الثعلبي، و روى عنه، أنّه قال قال ابن عباس و أبو العالية و مجاهد و السدّي نزلت هذه الآية في عبد اللّه بن عمر، و قيل في عبد الرحمن بن أبي بكر. قال له أبواه أسلم و ألحا عليه في دعائه إلى الإيمان، فقال أحيوا لي عبد اللّه بن جذعان و عامر بن كعب و مشايخ من قريش حتى أسألهم عمّا تقولون.
و قال في النهاية في حديث عائشة »قالت لمروان إنّ اللّه لعن أباك و أنت فضض من لعنة اللّه«،..
أي قطعة و طائفة منها. و رواه بعضهم »فظاظة من لعنة اللّه« بظاءين من الفظيظة و هو ماء الكرش، و أنكره الخطّابي. و قال الزّمخشري »افتظظت الكرش اعتصرت ماءها، كأنّها عصارة من اللّعنة، أو فعالة من الفظيظ ماء الفحل.. أي نطفة من اللّعنة. و قال في القاموس الفضض محرّكة ما انتشر من الماء إذا تطهّر به،.. و كلّ متفرّق و منتشر، و منه قول عائشة لمروان فأنت فضض من لعنة اللّه، و يروى فضض كعنق و غراب.. أي قطعة منها. و ذكر فظاظة أيضا على وزن فعالة في بابه، و فسّره بماء الكرش يعتصر و يشرب في المفاوز.
فائدة قال صاحب الكامل البهائي أنّ أميّة كان غلاما روميّا لعبد الشمس، فلمّا ألقاه كيسا فطنا أعتقه و تبناه، فقيل أميّة بن عبد الشمس كما كانوا يقولون قبل نزول الآية زيد بن محمد، و لذا
روي عن الصادقين عليهما السلام في قوله تعالى )الم غُلِبَتِ الرُّومُ...( أنّهم بنو أميّة
و من هنا يظهر نسب عثمان و معاوية و حسبهما، و أنّهما لا يصلحان للخلافة
لقوله صلّى اللّه عليه و آله الأئمّة من قريش.
أقول ذكر ابن أبي الحديد في آخر المجلد الخامس عشر من شرحه على النهج فصلا طويلا في مفاخرة بني هاشم و بني أميّة و فيه مثالب كثيرة من بني أميّة لم نذكرها مخافة الإطناب و الخروج عن مقصود الكتاب. و قال مؤلّف كتاب إلزام النواصب أميّة لم يكن من صلب عبد شمس و إنّما هو من الروم فاستلحقه عبد شمس فنسب إليه، فبنو أميّة كلّهم ليس من صميم قريش، و إنّما هم يلحقون بهم، و يصدّق ذلك
قول أمير المؤمنين عليه السلام أنّ بني أميّة لصّاق و ليسوا صحيحي النسب إلى عبد مناف، و لم يستطع معاوية إنكار ذلك.
نهج من كلام له عليه السلام و اللّه لا يزالون حتّى لا يدعوا للّه محرّما إلّا استحلّوه، و لا عقدا إلّا حلّوه، و حتّى لا يبقى بيت مدر و لا وبر إلّا دخله ظلمهم، و نبا به سوء رعتهم حتّى يقوم الباكيان يبكيان باك يبكي لدينه، و باك يبكي لدنياه، و حتّى تكون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيّده، إذا شهد أطاعه و إذا غاب اغتابه، و حتّى يكون أعظمكم فيها غناء أحسنكم باللّه ظنّا، فإن أتاكم اللّه بعافية فاقبلوا، و إن ابتليتم فاصبروا، ف إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ.
بيان لا يزالون.. أي بنو أميّة ظالمين، فحذف الخبر، و سدّت )حتى و ما بعدها( مسدّ الخبر. و يقال نبا به منزله إذا ضرّه و لم يوافقه. و سوء رعتهم.. أي سوء ورعهم و تقواهم، يقال ورع يرع بالكسر فيهما ورعا ورعة، و يروى سوء رعيهم. قوله عليه السلام نصرة أحدكم.. أي انتقامه من أحدهم بإضافة المصدر إلى الفاعل، و قيل المصدر مضاف إلى المفعول في الموضعين، و تقدير الكلام حتى يكون نصرة أحد هؤلاء الولاة لأحدكم، و )من( في الموضعين داخلة على محذوف تقديره من جانب أحدكم و من جانب سيّده و هو ضعيف، و لا حاجة إلى التقدير، بل هو معنى )من( الابتدائية.
نهج من خطبة له عليه السّلام أرسله على حين فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، و طول هجعة من الأمم، و انتقاض من المبرم، فجاءهم بتصديق الّذي بين يديه، و النّور المقتدى به، ذلك القرآن فاستنطقوه و لن ينطق، و لكن أخبركم عنه ألا إنّ فيه علم ما يأتي، و الحديث عن الماضي، و دواء دائكم، و نظم ما بينكم. منها فعند ذلك لا يبقى بيت مدر و لا وبر إلّا و أدخله الظّلمة ترحة، و أولجوا فيه نقمة فيومئذ لا يبقى لهم في السّماء عاذر و لا في الأرض ناصر، أصفيتم بالأمر غير أهله، و أوردتموه غير مورده و سينتقم اللّه ممّن ظلم، مأكلا بمأكل، و مشربا بمشرب من مطاعم العلقم و مشارب الصّبر و المقر، و لباس شعار الخوف، و دثار السّيف، و إنّما هم مطايا الخطيئات، و زوامل الآثام، فأقسم ثمّ أقسم لتنخمنّها أميّة من بعدي كما تلفظ النّخامة ثمّ لا تذوقها و لا تتطعّم بطعمها أبدا ما كرّ الجديدان.
توضيح قوله عليه السلام فعند ذلك.. إخبار عن ملك بني أميّة بعده و زوال أمرهم عند تفاقم فسادهم في الأرض. أصفيتم.. أي خصصتم بالأمر.. أي الخلافة. و أوردتموه غير وروده.. أي أنزلتموه عند غير مستحقّه. و المقر ككتف المرّاء و الصّبر أو شبيه به أو السّمّ. و الزّاملة الّتي تحمل عليها من الإبل و غيرها. قوله عليه السلام ثم لا تذوقها.. قال ابن أبي الحديد فإن قلت إنّهم قد ملكوا بعد الدولة الهاشميّة بالمغرب مدّة طويلة. قلت الاعتبار بملك العراق و الحجاز، و ما عداهما من الأقاليم النائية لا اعتداد به. أقول لعلّ المراد به انقطاع تلك الدولة المخصوصة و عدم العود إلى أصحابها، و مع ذلك لا بدّ من التخصيص بغير السفياني الموعود.
نهج من خطبة له عليه السلام حتّى يظنّ الظّانّ أنّ الدّنيا معقولة على بني أميّة، تمنحهم درّها، و توردهم صفوها، و لا يرفع عن هذه الأمّة سوطها و لا سيفها، و كذب الظّانّ لذلك، بل هي مجّة من لذيذ العيش يتطعّمونها برهة، ثمّ يلفظونها جملة.
بيان المنح العطاء. و الدّرّ في الأصل اللّبن، ثم استعمل في كلّ خير. و مجّ الشّراب قذفه من فيه، كنّى عليه السلام بكونها مطعومة لهم عن تلذّذهم بها مدّة ملكهم و بكونها ملفوظة من فيهم عن زوالها عنهم. و البرهة مدّة من الزّمان لها طول. ثم يلفظونها.. أي يرمونها.
نهج من خطبة له عليه السلام في ذكر الملاحم يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى، و يعطف الرّأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي. منها حتّى تقوم الحرب بكم على ساق باديا نواجذها، مملوءة أخلافها، حلوا رضاعها، علقما عاقبتها، ألا و في غد و سيأتي غد بما لا تعرفون يأخذ الوالي من غيرها عمّالها على مساوي أعمالها، و تخرج له الأرض أفاليذ كبدها، و تلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السّيرة، و يحيي ميّت الكتاب و السّنّة. منها كأنّي به قد نعق بالشّام و فحص براياته في ضواحي كوفان، فعطف عليها عطف الضّروس، و فرش الأرض بالرّءوس، قد فغرت فاغرته و ثقلت في الأرض وطأته، بعيد الجولة، عظيم الصّولة، و اللّه ليشرّدنّكم في أطراف الأرض حتّى لا يبقى منكم إلّا قليل كالكحل في العين، فلا تزالون كذلك حتّى تئوب إلى العرب عوازب أحلامها فالزموا السّنن القائمة و الآثار البيّنة، و العهد القريب الّذي عليه باقي النّبوّة، و اعلموا أنّ الشّيطان إنّما يسني لكم طرقه لتتّبعوا عقبه.
إيضاح لعلّ أوّل الكلام إشارة إلى ظهور القائم عليه السلام، و كذا قوله و سيأتي غد و ما قبله.. إلى الفترة التي تظهر قبل القائم عليه السلام. و قيام الحرب على ساق كناية عن شدّتها، و قيل الساق الشّدّة. و بدو نواجذها عن الضحك تهكّما.. عن بلوغ الحرب غايتها، كما أنّ غاية الضحك أن تبدو النواجذ. و الأخلاف للنّاقة حلمات الضّرع، و إنّما قال عليه السلام حلوا رضاعها لأنّ أهل النجدة في أوّل الحرب يقبلون عليها، و مرارة عاقبتها لأنّها القتل، و لأنّ مصير أكثرهم إلى النار، و المنصوبات الأربعة أحوال، و المرفوع بعد كلّ منها فاعل، و إنّما ارتفع عاقبتها بعد علقما مع أنّه اسم صريح لقيامه مقام اسم الفاعل كأنّه قال مريرة عاقبتها. قوله عليه السلام ألا و في غد.. قال ابن أبي الحديد تمامه. قوله عليه السلام يأخذ الوالي.. و بين الكلام جملة اعتراضيه قد كان تقدّم ذكر طائفة من الناس كانت ذات ملك وافرة فذكر عليه السلام أنّ الوالي يعني القائم عليه السلام يأخذ عمّال هذه الطائفة على سوء أعمالهم، و )على( هاهنا متعلقة بيأخذ، و هي بمعنى يؤاخذ. و الأفاليذ جمع أفلاذ، و هي جمع فلذة و هي القطعة من الكبد، كناية عن الكنوز الّتي تظهر للقائم عليه السلام، و قد فسّر قوله تعالى )وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها( بذلك في بعض التفاسير. و قوله عليه السلام سلما.. مصدر سدّ مسدّ الحال أو تمييز. قوله عليه السلام كأنّي به.. الظاهر أنّه إشارة إلى السفياني، و قال ابن أبي الحديد إخبار عن عبد الملك بن مروان و ظهوره بالشام و ملكه بعد ذلك العراق، و ما قتل من العرب فيها أيّام عبد الرحمن بن الأشعث، و قتله أيّام مصعب ابن الزبير. و قال مفعول فحص محذوف.. أي فحص الناس براياته، أي نحّاهم و قلّبهم يمينا و شمالا. و ضواحي كوفان.. ما قرب منها من القرى، و قد سار لقتال مصعب بعد أن قتل المصعب المختار، فالتقوا بأرض مسكن من نواحي الكوفة. قد فغرت فاغرته.. أي انفتح فوه، و يقال فغر فاه يتعدّى و لا يتعدّى. و ثقل وطائه.. كناية عن شدّة ظلمه و جوره. بعيد الجولة.. أي جولان خيوله و جيوشه في البلاد، فيكون كناية عن اتّساع ملكه، أو جولان رجاله في الحرب بحيث لا يتعقّبه السكون. و شرد البعير.. نفر و ذهب في الأرض. و عوازب أحلامها.. أي ما ذهب و غاب من عقولها. و قال ابن ميثم رحمه اللّه فإن قلت قوله عليه السلام حتى تئوب.. يدلّ على انقطاع تلك الدولة بظهور العرب، و عبد الملك مات و قام بعده بنوه بالدولة. قلت الغاية ليست غاية لدولة عبد الملك بل غاية لكونهم لا يزالون مشرّدين في البلاد مقهورين، و ذلك الانقهار و إن كان أصله من عبد الملك إلّا أنّه استمرّ في زمان أولاده إلى حين انقضاء دولتهم. و قال بعض الشارحين إنّ ملك أولاده ملكه. و هذا جواب من لم يتدبّر في كلامه عليه السلام. و العرب هاهنا هم بنو العباس و من معهم من العرب أيّام ظهور دولتهم كقحطبة بن شبيب البطائي و ابنيه حميد و الحسن، و كبني رزيق منهم طاهر بن الحسين و إسحاق بن إبراهيم و غيرهم من العرب. و قيل إنّ أبا مسلم أصله عربي. قوله عليه السلام و العهد القريب.. قال ابن أبي الحديد.. أي عهده و أيّامه عليه السلام، و كأنّه دفع لما عساه يتوهّمونه من أنّه إذا آبت إلى العرب عوازب أحلامها فيجب عليهم اتّباع الدولة الجديدة في كل ما تفعله، فوصّاهم بأنّه إذا تبدّلت الدولة فالزموا الكتاب و السنّة و العهد الذي فارقتكم عليه. قوله عليه السلام إنّما يسنّي.. أي يسهّل.
كا أحمد بن محمد الكوفي، عن جعفر بن عبد اللّه المحمّدي، عن أبي روح فرج بن قرّة، عن جعفر بن عبد اللّه، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام بالمدينة فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على النبيّ و آله، ثم قال أمّا بعد، فإنّ اللّه تبارك و تعالى لم يقصم جبّاري دهر إلّا من بعد تمهيل و رخاء، و لم يجبر كسر عظم من الأمم إلّا بعد أزل و بلاء. أيّها الناس في دون ما استقبلتم من خطب و استدبرتم من خطب معتبر، و ما كلّ ذي قلب بلبيب، و لا كلّ ذي سمع بسميع، و لا كلّ ذي ناظر عين ببصير. عباد اللّه أحسنوا فيما يعينكم النظر فيه، ثم انظروا إلى عرصات من قد أفاده اللّه بعلمه كانوا على سنّة من آل فرعون أهل جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ، ثم انظروا بما ختم اللّه لهم بعد النضرة و السرور، و الأمر و النهي و لمن صبر منكم العافية في الجنان و اللّه مخلّدون وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ، فيا عجبا و ما لي لا أعجب من خطإ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها لا يقتفون أثر نبيّ و لا يقتدون بعمل وصيّ، و لا يؤمنون بغيب، و لا يعفون عن عيب، المعروف فيهم ما عرفوا و المنكر عندهم ما أنكروا، و كلّ امرئ منهم إمام نفسه أخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات و أسباب محكمات، فلا يزالون بجور و لن يزدادوا إلّا خطأ، لا ينالون تقرّبا و لن يزدادوا إلّا بعدا من اللّه عزّ و جلّ، أنس بعضهم ببعض، و تصديق بعضهم لبعض، كلّ ذلك وحشة ممّا ورث النبيّ الأمّي صلّى اللّه عليه و آله و نفورا ممّا أدّى إليهم من أخبار فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، أهل حسرات، و كهوف شبهات، و أهل عشوات و ضلالة و ريبة، من و كله اللّه إلى نفسه و رأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتّهم عند من لا يعرفه، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها، و وا أسفى من فعلات شيعتي من بعد قرب مودّتها اليوم، كيف يستذلّ بعدي بعضها بعضا، و كيف يقتل بعضها بعضا، المتشتّتة غدا عن الأصل النازلة بالفرع، المؤمّلة الفتح من غير جهته، كلّ حزب منهم أخذ منه بغصن أينما مال الغصن مال معه، مع أنّ اللّه و له الحمد يستجمع هؤلاء لشرّ يوم لبني أميّة كما يجمع قزع الخريف يؤلّف اللّه بينهم ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستشارهم كسيل الجنّتين سيل العرم حيث بعث عليه فأرة فلم تثبت عليه أكمة و لم يردّ سننه رصّ طور يذعذعهم اللّه في بطون أودية ثم يسلكهم يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ يأخذ بهم من قوم حقوق قوم و يمكّن من قوم لديار قوم تشريدا لبني أميّة و لكيلا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع اللّه بهم ركنا، و ينقض بهم طيّ الجنادل من إرم، و يملأ منهم بطنان الزيتون، فو الذي فلق الحبّة و برأ النسمة ليكوننّ ذلك، و كأنّي أسمع صهيل خيلهم، و طمطمة رجالهم، و ايم اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ و التمكّن في البلاد كما تذوب الألية على النار، من مات منهم مات ضالا، و إلى اللّه عزّ و جلّ يفضي منهم من درج، و يتوب اللّه عزّ و جلّ على من تاب، و لعلّ اللّه يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرّ يوم لهؤلاء، و ليس لأحد على اللّه عزّ ذكره الخيرة، بل للّه الخيرة و الأمر جميعا. أيّها الناس إنّ المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير، و لو لم تخاذلوا عن مرّ الحقّ و لم تهنوا عن توهين الباطل لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم، و لم يقومنّ قويّ عليكم و على هضم الطاعة و إزوائها عن أهلها، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى عليه السلام، و لعمري أيضا غفر عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل، و لعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدّة سلطان بني أميّة لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة، و أحييتم الباطل، و خلّفتم الحقّ وراء ظهوركم، و قطعتم الأدنى من أهل بدر، و وصلتم
الأبعد من أبناء الحرب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء، و قرب الوعد، و انقضت المدّة، و بدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق و لاح لكم القمر المنير، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة، و اعلموا أنّكم إن اتّبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلّى اللّه عليه و آله فتداويتم من العمى و الصمم و البكم، و كفيتم مئونة الطلب و التعسّف، و نبذتم الثقل القادح عن الأعناق، و لا يبعد اللّه إلّا من أبى و ظلم و اعتسف و أخذ ما ليس له، وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.
توضيح في دون ما استقبلتم.. الظاهر أنّ هذه الخطبة كانت بعد قتل عثمان و انعقاد البيعة له عليه السلام، و حدوث بعض مبادي الفتن، فالمراد بما استدبروه استيلاء خلفاء الجور و تمكّنهم ثم زوال دولتهم، و بما استقبلوه ما حدث من الفتن بعد خلافته عليه السلام، فإنّ التدبّر فيها يورث العلم بأنّ بناء الدنيا على الباطل، و أنّ الحقّ لا يستقيم فيها، و أنّ الحقّ و الباطل كليهما إلى فناء و انقضاء، أو المراد بما استدبروه ما وقع في زمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله أوّلا و آخرا، و بما استقبلوه ما كان بعده صلّى اللّه عليه و آله مطابقا للأحوال السابقة من غلبة الباطل أوّلا ثم مغلوبيّته ثانيا، و يحتمل أن يكون المراد بما يستقبل و ما يستدبر شيئا واحدا فإنّ ما يستقبل قبل وروده يستدبر بعد مضيّه، أو المراد بما يستقبلونه ما أمامهم من أحوال البرزخ و القيامة، و بما استدبروه ما مضى من أيّام عمرهم، و لا يخفى بعده. فيما يعينكم بالمهملة.. أي يهمّكم أو بالمعجمة. و قوله عليه السلام النظر فيه.. بدل اشتمال لقوله فيما يعينكم أو فاعل لقوله يعينكم، بتقدير الظرف. من قد أقاده اللّه.. أي جعله قائدا و مكّنه من الملك أو من القود. و في الإرشاد أباده اللّه بعمله.. و هو أظهر. بما ختم اللّه لهم.. الظرف صلة للختم قدم عليه.. أي انظروا بأيّ شيء ختم لهم، أو الباء بمعنى في، أو إلى، أو زائدة. و اللّه مخلّدون.. خبر محذوف و الجملة مبنيّة و مؤكّدة للسابقة أو استئنافيّة، كأنّه سأل عن عاقبتهم فقيل هم و اللّه مخلّدون. وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ.. أي مرجعها إلى حكمه، أو عاقبة الملك و الدولة و العزّة للّه و لمن طلب رضاه. فيا عجبا بغير تنوين و أصله يا عجبي، أو بالتّنوين.. أي يا قوم اعجبوا عجبا، و الأوّل أظهر. في دينها.. متعلّق بالاختلاف، أو بالخطإ، أو بهما على التنازع. و المراد بالحجج المذاهب و الطرق أو الدلائل عليها. و لا يعفّون بالتشديد و كسر العين من العفّة، أو بالتخفيف و السكون من العفو. المعروف فيهم ما عرفوا.. أي المعروف و المنكر تابعان لآرائهم و إن
خالفت الواقع أو لشهواتهم، و لا يبالون بعدم موافقة الشريعة. و كهوف شبهات.. أي تأوي إليهم. و العشوة أن يركب أمرا على غير بيان. من وكله اللّه إلى نفسه.. أي بسبب إعراضه عن الحقّ، و هو مبتدأ. و قوله فهو مأمون خبره، و لعلّ المراد بالموصول أئمّة من قد ذمّهم سابقا لا أنفسهم. من فعلات شيعتي.. أي من يتّبعني اليوم ظاهرا. كلّ حزب منهم أخذ بغصن.. أي لتفرّقهم عن أئمّة الحقّ صاروا شعبا شتّى كلّ منهم أخذ بغصن من أغصان شجرة الحقّ بزعمهم ممّن يدّعي الانتساب إلى أهل البيت عليهم السلام مع تركهم الأصل. يستجمع هؤلاء.. إشارة إلى اجتماعهم على أبي مسلم لدفع بني أميّة، لكن دفعوا الفاسد بالأفسد. كما يجمع قزع الخريف.. أي قطع السّحاب المتفرّقة، و إنّما خصّ الخريف لأنّه أوّل الشّتاء، و السّحاب يكون فيه متفرّقا غير متراكم و لا مطبق ثمّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك. و الرّكام السّحاب المتراكم بعضه فوق بعض، و نسبة هذا التأليف إليه تعالى مع أنّه لم يكن برضاه على المجاز الشائع في الآيات و الأخبار. ثم يفتح لهم أبوابا.. فتح الأبواب كناية عمّا هيّأ لهم من الأسباب استدراجا، و المستشار موضع ثوراتهم و هيجانهم، و شبّه عليه السلام تسلّط هذا الجيش عليهم بسوء أعمالهم بما سلّط اللّه على أهل سبإ بعد إتمام النعمة عليهم لكفرانهم، كما قال تعالى )لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَ اشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ وَ شَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ(. قوله عليه السلام حيث بعث عليه فأرة.. هذا مؤيّد لما قيل أنّ العرم الفأرة، و أضيف السيل إليه لأنّه نقب لهم سكرا ضربت لهم بلقيس. و في النهج كسيل الجنّتين حيث لم تسلم عليه فارة و لم تثبت له أكمة، و الفارة الجبل الصّغير، و الأكمة التّلّ. و الحاصل بيان شدّة الشبه به بأنّه أحاط بالجبال و ذهب بالتلال و لم يمنعه شيء. و لم يرد سننه رصّ طود.. السّنن الطّريق، و الرّصّ التصاق الأجزاء بعضها ببعض، و الطّود الجبل، أي لم يرد طريقه طود مرصوص. و في النهج بعده و لا حداب أرض. و لما فرغ عليه السلام من بيان شدّة المشبّه به أخذ في بيان شدّة المشبّه، فقال يذعذعهم اللّه في بطون أودية. الذّعذعة التّفريق.. أي يفرّقهم اللّه في السبل متوجّهين إلى البلاد. ثم يسلكهم يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ هي من ألفاظ القرآن.. أي كما أنّ اللّه تعالى ينزّل الماء من السماء فيستكنّ في أعماق الأرض ثم يظهر ينابيع إلى ظاهرها، كذلك هؤلاء يفرّقهم اللّه في بطون الأودية و غوامض الأغوار ثم يظهرهم بعد الاختفاء، كذا ذكره ابن أبي الحديد. و يحتمل أن يكون بيانا لاستيلائهم على البلاد و تفرّقهم فيها و ظهورهم في كلّ البلاد و تيسير أعوانهم من سائر العباد، فكما أنّ مياه الأنهار و وفورها توجب وفور مياه العيون و الآبار فكذلك يظهر أثر هؤلاء في كلّ البلاد و تكثر أعوانهم في جميع الأقطار، و كلّ ذلك ترشيح لما سبق من التشبيه. من قوم.. أي بني أميّة. حقوق قوم.. أي أهل البيت عليهم السلام للانتقام من أعدائهم و إن لم يصل الحقّ إليهم. و يمكّن من قوم.. أي بني العباس. لديار قوم.. أي بني أميّة، و في بعض النسخ و يمكّن بهم قوما في ديار قوم، و في النهج و يمكّن لقوم في ديار قوم.. و هما أظهر. تشريدا لبني أميّة.. أي ليس الغرض إلّا تفريق بني أميّة و رفع ظلمهم. يضعضع اللّه بهم ركنا.. ضعضعه هدمه حتّى الأرض.. أي يهدم اللّه بهم ركنا وثيقا هو أساس دولة بني أميّة. و ينقض بهم طيّ الجنادل من إرم.. الجنادل جمع جندل و هو ما يقلّه الرّجل من الحجارة.. أي ينقض اللّه الأبنية التي طويت و بنيت بالجنادل. من بلاد إرم.. و هي دمشق و الشام، إذ كان مستقرّ ملكهم في أكثر الأزمان
تلك البلاد، و في بعض النسخ على الجنادل. و يملأ منهم بطنان الزيتون.. بطنان الشيء وسطه و دواخله. و قال الفيروزآبادي الزّيتون مسجد دمشق، أو جبال الشّام، و بلد بالصّين، و الغرض استيلاؤهم على وسط بلاد بني أميّة. و الصّهيل كأمير صوت الفرس. و قال الفيروزآبادي رجل طمطم و طمطميّ بكسرهما و طمطمانيّ بالضّمّ في لسانه عجمة. انتهى. و أشار عليه السلام بذلك إلى أنّ أكثر عسكرهم من العجم كما كان إذ عسكر أبي مسلم كان أكثرهم من خراسان. ليذوبنّ ما في أيديهم.. أي بني أميّة. و يحتمل أن يكون إشارة إلى انقراض هؤلاء الغالبين من بني العباس. و إلى اللّه عزّ و جلّ يقضي منهم من درج.. في بعض النسخ يفضي بالفاء. أي يوصل، و في بعضها بالقاف بمعنى المحاكمة أو الإنهاء و الإيصال. و درج الرّجل.. أي مشى، و درج أيضا مات، و درج القوم انقرضوا، و الظاهر أنّ المراد به هنا الموت. أي من رأت منهم مات ضالا و أمره إلى اللّه يعذّبه كيف يشاء، و على الأول المعنى من بقي منهم فعاقبته الفناء و اللّه يقضي فيه بعلمه. و لعلّ اللّه يجمع شيعتي.. إشارة إلى ظهور القائم عليه السلام و لا يلزم اتّصاله بملكهم، لأنّه شرّ لهم، كما سيأتي في الأخبار على كلّ حال. عن مرّ الحقّ.. أي الحقّ الذي هو مرّ، أو خالص الحقّ، فإنّه أمرّ. و في النهج عن نصر الحقّ. و على هضم الطاعة.. أي كسرها و إزوائها، يقال زوى الشيء عنه أي صرفه و نحّاه، و لم أظفر بهذا البناء. لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل.. في خارج المصر أربعين سنة في الأرض بسبب عصيانهم و ترك الجهاد فكذا أصحابه عليه السلام تحيّروا في أديانهم و أعمالهم لما لم ينصروه على عدوّه. و في النهج و لكنّكم تهتم متاه بني إسرائيل أضعاف ما تاهت.. أي بحسب الشدّة أو بحسب الزمان. و الداعي إلى الضلالة.. داعي بني العباس. و خلفتم الحقّ.. أي متابعة أهل البيت عليهم السلام. و قطعتم الأدنى.. أي الأدنين إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله نسبا، الناصرين له في غزوة بدر، يعني نفسه و أولاده عليهم السلام. و وصلتم الأبعد.. أي أولاد العباس فإنّهم كانوا أبعد نسبا من أهل البيت عليهم السلام، و كان جدّهم العباس ممّن حارب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في غزوة بدر. أن لو قد ذاب ما في أيديهم.. أي ذهب ملك بني العباس. لذي التمحيص للجزاء.. أي قرب قيام القائم عليه السلام. و فيه التمحيص و الابتلاء ليجزي الكافرين و يعذّبهم في الدنيا أو القيامة. و قرب الوعد.. أي وعد الفرج. و انقضت المدّة.. أي قرب انقضاء مدّة أهل الباطل. و النجم ذو الذنب، من علامات ظهور القائم عليه السلام. و المراد بالقمر المنير.. القائم عليه السلام، و كذا طالع المشرق إذ مكة شرقيّة بالنسبة إلى المدينة أو لأنّ اجتماع العساكر عليه و توجّهه إلى فتح البلاد من الكوفة و هي كالشرقيّة بالنسبة إلى الحرمين، و لا يبعد أن يكون ذكر المشرق ترشيحا للاستعارة أي القمر الطالع من مشرقه، و يحتمل أن يكون إشارة إلى ظهور السلطان إسماعيل أنار اللّه برهانه. و التّعسّف الظّلم. و الثّقل الفادح الديون المثقلة و المظالم أو بيعة أهل الجور و طاعتهم و ظلمهم. إلّا من أبى.. أي عن طاعة القائم عليه السلام أو الربّ تعالى. و اعتسف.. أي مال عن طريق الحقّ إلى غيره، أو ظلم على غيره.
ما الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن وهبان، عن علي بن حبشي، عن العباس بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان و جعفر بن عيسى، عن الحسين بن أبي غندر، عن أبي بصير، قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول اتّقوا اللّه و عليكم بالطاعة لأئمّتكم، قولوا ما يقولون و اصمتوا عمّا صمتوا، فإنّكم في سلطان من قال اللّه تعالى )وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ( يعني بذلك ولد العباس، فاتّقوا اللّه فإنّكم في هدنة، صلوا في عشائرهم، و اشهدوا جنائزهم، و أدّوا الأمانة إليهم..