1- لي، ]الأمالي للصدوق[ الطالقاني عن الجلودي عن الجوهري عن شعيب بن واقد عن القاسم بن بهرام عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس و حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق عن عبد العزيز بن يحيى الجلودي عن الحسن بن مهران عن مسلمة بن خالد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه ع في قوله عز و جل يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قالا مرض الحسن و الحسين ع و هما صبيان صغيران فعادهما رسول الله ص و معه رجلان فقال أحدهما يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا إن الله عافاهما فقال أصوم ثلاثة أيام شكرا لله عز و جل و كذلك قالت فاطمة ع و قال الصبيان و نحن أيضا نصوم ثلاثة أيام و كذلك قالت جاريتهم فضة فألبسهما الله عافيته فأصبحوا صياما و ليس عندهم طعام فانطلق علي ع إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف فقال هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير قال نعم فأعطاه فجاء بالصوف و الشعير و أخبر فاطمة ع فقبلت و أطاعت ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصا و صلى علي ع مع النبي ص المغرب ثم أتى منزله فوضع الخوان و جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي ع إذا مسكين قد وقف بالباب فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة فوضع اللقمة من يده ثم قال
فاطم ذات المجد و اليقين يا بنت خير الناس أجمعين
أ ما ترين البائس المسكين جاء إلى الباب له حنينيشكو إلى الله و يستكين يشكو إلينا جائعا حزينكل امرئ بكسبه رهين من يفعل الخير يقف سمينموعده في جنة دهين حرمها الله على الضنينو صاحب البخل يقف حزين تهوي به النار إلى سجينشرابه الحميم و الغسلين
فأقبلت فاطمة ع تقول
أمرك سمع يا ابن عم و طاعة ما بي من لؤم و لا رضاعةغديت باللب و بالبراعة أرجو إذا أشبعت من مجاعةأن ألحق الأخيار و الجماعة و أدخل الجنة في شفاعة
و عمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين و باتوا جياعا و أصبحوا صياما لم يذوقوا إلا الماء القراح ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته ثم أخذت صاعا من الشعير و طحنته و عجنته و خبزت منه خمسة أقرصة لكل واحد قرصا و صلى علي المغرب مع النبي ص ثم أتى منزله فلما وضع الخوان بين يديه و جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي ع إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال السلام عليكم أهل بيت محمد أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة فوضع علي ع اللقمة من يده ثم قال
فاطم بنت السيد الكريم بنت نبي ليس بالزنيم
قد جاءنا الله بذا اليتيم من يرحم اليوم هو الرحيمموعده في جنة النعيم حرمها الله على اللئيمو صاحب البخل يقف ذميم تهوي به النار إلى الجحيمشرابه الصديد و الحميم
فأقبلت فاطمة ع و هي تقول
فسوف أعطيه و لا أبالي و أؤثر الله على عياليأمسوا جياعا و هم أشبالي أصغرهم يقتل في القتالبكربلاء يقتل باغتيال لقاتليه الويل مع وباليهوي به النار إلى سفال كبوله زادت على الأكبال
ثم عمدت فأعطته ع جميع ما على الخوان و باتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح و أصبحوا صياما و عمدت فاطمة ع فغزلت الثلث الباقي من الصوف و طحنت الصاع الباقي و عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصا و صلى علي ع المغرب مع النبي ص ثم أتى منزله فقرب إليه الخوان و جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي ع إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسروننا و تشدوننا و لا تطعموننا فوضع علي ع اللقمة من يده ثم قال
فاطم يا بنت النبي أحمد بنت نبي سيد مسودقد جاءك الأسير ليس يهتدي مكبلا في غله مقيديشكو إلينا الجوع قد تقدد من يطعم اليوم يجده في غدعند العلي الواحد الموحد ما يزرع الزارع سوف يحصدفأعطيه لا تجعليه ينكد
فأقبلت فاطمة ع و هي تقول
لم يبق مما كان غير صاع قد دبرت كفي مع الذراعشبلاي و الله هما جياع يا رب لا تتركهما ضياعأبوهما للخير ذو اصطناع عبل الذراعين طويل الباعو ما على رأسي من قناع إلا عبا نسجتها بصاع
و عمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه و باتوا جياعا و أصبحوا مفطرين و ليس عندهم شيء قال شعيب في حديثه و أقبل علي بالحسن و الحسين ع نحو رسول الله ص و هما يرتعشان كالفرخ من شدة الجوع فلما بصر بهم النبي ص قال يا أبا الحسن شد ما يسوؤني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة فانطلقوا إليها و هي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع و غارت عيناها فلما رآها رسول الله ص ضمها إليه و قال وا غوثاه بالله أنتم منذ ثلاث فيما أرى فهبط جبرئيل فقال يا محمد خذ ما هيأ الله لك في أهل بيتك قال و ما آخذ يا جبرئيل قال هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ حتى إذا بلغ إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً و قال الحسن بن مهران في حديثه فوثب النبي ص حتى دخل منزل فاطمة ع فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي و يقول أنتم منذ ثلاث فيما أرى و أنا غافل عنكم فهبط عليه جبرئيل بهذه الآيات إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً قال هي عين في دار النبي ص يفجر إلى دور الأنبياء و المؤمنين يُوفُونَ بِالنَّذْرِ يعني عليا و فاطمة و الحسن و الحسين ع و جاريتهم وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً يكون عابسا كلوحا وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ يقول على شهوتهم للطعام و إيثارهم له مِسْكِيناً من مساكين المسلمين وَ يَتِيماً من يتامى المسلمين وَ أَسِيراً من أسارى المشركين و يقولون إذا أطعموهم إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً قال و الله ما قالوا هذا لهم و لكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم يقولون لا نريد جزاء تكافوننا به و لا شكورا تثنون علينا به و لكن إنما أطعمناكم لوجه الله و طلب ثوابه قال الله تعالى ذكره فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً في الوجوه وَ سُرُوراً في القلوب وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً يسكنونها وَ حَرِيراً يفترشونه و يلبسونه مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ و الأريكة السرير عليه الحجلة لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً قال ابن عباس فبينا أهل الجنة في الجنة إذا رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان فيقول أهل الجنة يا رب إنك قلت في كتابك لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً فيرسل الله جل اسمه إليهم جبرئيل فيقول ليس هذه بشمس و لكن عليا و فاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما و نزلت هَلْ أَتى فيهم إلى قوله تعالى وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً
2- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ روى أبو صالح و مجاهد و الضحاك و الحسن و عطاء و قتادة و مقاتل و الليث و ابن عباس و ابن مسعود و ابن جبير و عمرو بن شعيب و الحسن بن مهران و النقاش و القشيري و الثعلبي و الواحدي في تفاسيرهم و صاحب أسباب النزول و الخطيب المكي في الأربعين و أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن في أمير المؤمنين و الأشنهي في اعتقاد أهل السنة و أبو بكر محمد بن أحمد بن الفضل النحوي في العروس في الزهد و روى أهل البيت عن الأصبغ بن نباتة و غيره عن الباقر ع و اللفظ له ثم ساق الحديث إلى قوله و أصبحوا مفطرين ليس عندهم شيء ثم قال فرآهم النبي ص جياعا فنزل جبرئيل و معه صحفة من الذهب مرصعة بالدر و الياقوت مملوءة من الثريد و عراق يفوح منه رائحة المسك و الكافور فجلسوا و أكلوا حتى شبعوا و لم تنقص منها لقمة واحدة و خرج الحسين ع و معه قطعة عراق فنادته امرأة يهودية يا أهل بيت الجوع من أين لكم هذا أطعمنيها فمد يده الحسين ليطعمها فهبط جبرئيل و أخذها من يده و رفع الصحفة إلى السماء فقال النبي ص لو لا ما أراد الحسين من إطعام الجارية تلك القصعة لبركت تلك الصحفة في أهل بيتي يأكلون منها إلى يوم القيامة لا تنقص لقمة و نزل يُوفُونَ بِالنَّذْرِ و كانت الصدقة في ليلة خمس و عشرين من ذي الحجة و نزل هل أتى في يوم الخامس و العشرين منه
بيان قال الجوهري الجزة صوف شاة في السنة انتهى و قوله ع دهين كناية عن النضارة و الطراوة كأنه صب عليه الدهن و يقال قوم مدهنون عليهم آثار النعم و اللؤم بالضم مهموزا الشح و قال الجوهري قولهم لئيم راضع أصله زعموا رجل كان يرضع إبله أو غنمه و لا يحلبها لئلا يسمع صوت حلبه فيطلب منه ثم قالوا رضع الرجل بالضم كأنه كالشيء يطبع عليه و في بعض الروايات و لا ضراعة و هي الذل و الاستكانة و الضعف و الزنيم اللئيم الذي يعرف بلؤمه و الأشبال جمع الشبل و هو ولد الأسد و الكبل القيد و قال الجزري القديد اللحم المملوح المجفف في الشمس و في حديث الأوزاعي لا يسهم من الغنيمة للعبد و الأجير و لا القديديين قيل هو من التقدد التقطع و التفرق لأنهم يتفرقون في البلاد للحاجة و تمزق ثيابهم و قال الفيروزآبادي نكد عيشهم كفرح اشتد و عسر و البئر قل ماؤها و نكد الغراب كنصر استقصى في شحيجه و فلانا منعه ما سأله أقول فظهر أنه يمكن أن يقرأ على المعلوم و المجهول و إن كان الأول أظهر و الدبر الجرح الذي يكون في ظهر البعير يقال دبر البعير بالكسر و المراد هنا الجرح و صلابة اليد من العمل و رجل عبل الزارعين أي ضخمهما قوله يقول عابسا كلوحا الكلوح العبوس و لعله كان تفسير قوله تعالى يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فاشتبه على الراوي و يحتمل أن يكون المراد أن هذا اليوم هو ذلك اليوم الذي سيوصف بعد ذلك بالعبوس قوله على شهوتهم هذا أحد الوجهين اللذين ذكرهما المفسرون و الوجه الآخر أن يكون المعنى على حب الله و قيل على حب الإطعام و العراق بالفتح العظم الذي أخذ عنه معظم اللحم و الجمع عراق بالضم و هذا الجمع نادر و لعل المعنى هنا العضو الذي يصير بعد الأكل عراقا مجازا يقال عرقت اللحم و اعترقته و تعرقته إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك
3- فس، ]تفسير القمي[ قوله تعالى وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ حدثني أبي عن القداح عن أبي عبد الله ع قال كان عند فاطمة ع شعير فجعلوه عصيدة فلما أنضجوها و وضعوها بين أيديهم جاء مسكين فقال المسكين رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله فقام علي ع فأعطاه ثلثها و لم يلبث أن جاء يتيم فقال اليتيم رحمكم الله فقام علي ع فأعطاه ثلثها ثم جاء أسير فقال الأسير رحمكم الله فأعطاه علي ع الثلث الباقي و ما ذاقوها فأنزل الله فيهم هذه الآية إلى قوله وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً و هي جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك
4- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن الحسن و الحسين مرضا فنذر علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع صيام ثلاثة أيام فلما عافاهما الله و كان الزمان قحطا أخذ علي من يهودي ثلاث جزات صوفا لتغزلها فاطمة ع و ثلاثة أصواع شعيرا فصاموا و غزلت فاطمة جزة ثم طحنت صاعا من الشعير فخبزته فلما كان عند الإفطار أتى مسكين فأعطوه طعامهم و لم يذوقوا إلا الماء ثم غزلت جزة أخرى من الغد ثم طحنت صاعا فخبزته فلما كان عند المساء أتى يتيم فأعطوه و لم يذوقوا إلا الماء فلما كان من الغد غزلت الجزة الباقية ثم طحنت الصاع و خبزته و أتى أسير عند المساء فأعطوه و كان مضى على رسول الله أربعة أيام و الحجر على بطنه و قد علم بحالهم فخرج و دخل حديقة المقداد و لم يبق على نخلاتها ثمرة و معه علي فقال يا أبا الحسن خذ السلة و انطلق إلى النخلة و أشار إلى واحدة فقل لها قال رسول الله ص سألتك عن الله أطعمينا من ثمرك قال علي ع و لقد تطأطأت بحمل ما نظر المناظرون إلى مثلها و التقطت من أطايبها و حملت إلى رسول الله ص فأكل و أكلت فأطعم المقداد و جميع عياله و حمل إلى الحسن و الحسين و فاطمة ع ما كفاهم فلما بلغ المنزل إذا فاطمة ع يأخذها الصداع فقال ص أبشري و اصبري فلن تنالي ما عند الله إلا بالصبر فنزل جبرئيل بهل أتى
5- كشف، ]كشف الغمة[ روى الواحدي في تفسيره أن عليا ع آجر نفسه ليلة إلى الصبح يسقي نخلا بشيء من شعير فلما قبضه طحن ثلثه و اتخذوا منه طعاما فلما تم أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام و عملوا الثلث الثاني فأتاهم يتيم فأخرجوه إليه و عملوا الثلث الثالث فأتاهم أسير فأخرجوا الطعام إليه و طوى علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع و علم الله حسن مقصدهم و صدق نياتهم و أنهم إنما أرادوا بما فعلوه وجهه و طلبوا بما أتوا ما عنده و التمسوا الجزاء منه عز و جل فأنزل الله فيهم قرآنا و أولاهم من لدنه إحسانا و نشر لهم بين العالمين ديوانا و عوضهم عما بذلوا جنانا و حورا و ولدانا فقال وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً إلى آخرها و هذه منقبة لها عند الله محل كريم و جودهم بالطعام مع شدة الحاجة إليه أمر عظيم و لهذا تتابع فيها وعده سبحانه بفنون الألطاف و ضروب الأنعام و الأسعاف
و قيل إن الضمير في حُبِّهِ يعود إلى الله تعالى و هو الظاهر و قيل إلى الطعام
6- كشف، ]كشف الغمة[ من مناقب الخوارزمي عن ابن عباس و قد ذكره الثعلبي و غيره من مفسري القرآن المجيد في قوله تعالى يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً قال مرض الحسن و الحسين فعادهما جدهما رسول الله ص و معه أبو بكر و عمر و عادهما عامة العرب فقالوا يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا و كل نذر لا يكون له وفاء فليس بشيء فقال علي ع إن برئ ولداي مما بهما صمت ثلاثة أيام شكرا و قالت فاطمة ع إن برئ ولداي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام شكرا و قالت جارية يقال لها فضة إن برئ سيداي مما بهما صمت ثلاثة أيام شكرا فألبس الغلامان العافية و ليس عند آل محمد قليل و لا كثير فانطلق أمير المؤمنين إلى شمعون الخيبري و كان يهوديا فاستقرض منه ثلاثة أصواع من شعير
و في حديث المزني عن ابن مهران الباهلي فانطلق إلى جار له من اليهود يعالج الصوف يقال له شمعون بن حانا فقال هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك بنت محمد بثلاثة أصوع من شعير قال نعم فأعطاه فجاء بالصوف و الشعير فأخبر فاطمة بذلك فقبلت و أطاعت قالوا فقامت فاطمة ع إلى صاع فطحنته و اختبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص و صلى علي المغرب مع رسول الله ص ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب و قال السلام عليكم يا أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فسمعه علي ع فقال
فاطم ذات المجد و اليقين يا بنت خير الناس أجمعينأ ما ترين البائس المسكين قد قام بالباب له حنينيشكو إلى الله و يستكين يشكو إلينا جائعا حزينكل امرئ بكسبه رهين و فاعل الخيرات يستبينموعده جنة عليين حرمها الله على الضنينو للبخيل موقف مهين تهوي به النار إلى سجينشرابه الحميم و الغسلين
فقالت فاطمة ع
أمرك سمع يا ابن عم و طاعة ما بي من لؤم و لا ضراعة
و أعطوه الطعام و مكثوا ليلتهم لم يذوقوا إلا الماء فلما كان اليوم الثاني طحنت فاطمة ع صاعا و اختبزته و أتى علي ع من الصلاة و وضع الطعام بين يديه فأتاهم يتيم فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة فسمعه علي و فاطمة ع فأعطوه الطعام و مكثوا يومين و ليلتين لم يذوقوا إلا الماء القراح فلما كان في اليوم الثالث قامت فاطمة ع إلى الصاع الباقي فطحنته و اختبزته و صلى علي مع النبي ص المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم أسير فوقف بالباب فقال السلام عليك يا أهل بيت محمد تأسروننا و لا تطعموننا أطعموني فإني أسير محمد أطعمكم الله على موائد الجنة فسمعه علي ع فأتوه و آثروه و مكثوا ثلاثة أيام لم يذوقوا سوى الماء فلما كان في اليوم الرابع و قد قضوا نذرهم أخذ علي الحسن بيده اليمنى و الحسين باليسرى و أقبل نحو رسول الله ص و هم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر به النبي ص قال يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فانطلقوا إليها و هي في محرابها تصلي قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع و غارت عيناها فلما رآها النبي ص قال وا غوثاه بالله يا أهل بيت محمد تموتون جوعا فهبط جبرئيل و قال خذ يا محمد هنأك الله في أهل بيتك قال و ما آخذ يا جبرئيل فأقرأه هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ إلى قوله إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً إلى آخر السورة
قال الخطيب الخوارزمي حاكيا عنه و عن البراوي و زادني ابن مهران الباهلي في هذا الحديث فوثب النبي ص حتى دخل على فاطمة ع فلما رأى ما بهم انكب عليهم يبكي و قال أنتم منذ ثلاث فيما أرى و أنا غافل عنكم فهبط جبرئيل بهذه الآيات إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً قال هي عين في دار النبي ص يفجر إلى دور الأنبياء و المؤمنين
و روى الخطيب في هذا رواية أخرى و قال في آخرها فنزل فيهم وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ أي على شدة شهوة مِسْكِيناً قرص ملة و الملة الرماد وَ يَتِيماً خزيرة وَ أَسِيراً حيسا إِنَّما نُطْعِمُكُمْ يخبر عن ضمائرهم لِوَجْهِ اللَّهِ يقول إرادة ما عند الله من الثواب لا نُرِيدُ مِنْكُمْ يعني في الدنيا جَزاءً ثوابا وَ لا شُكُوراً
بيان قال علي بن عيسى هذه السورة نزلت في هذه القضية بإجماع الأمة لا أعرف أحدا خالف فيها. أقول قوله قرص ملة أي قرص خبز في الملة و هي الرماد الحار و الخزيرة شبه عصيدة بلحم و الحيس تمر يخلط بسمن و إقط فيعجن شديدا ثم يندر منه نواة و ربما جعل فيه سويق
يف، ]الطرائف[ الثعلبي بإسناده إلى ابن عباس مثله إلى قوله إلى آخر السورة
و ترك فيها الأبيات ثم قال و زاد محمد بن علي الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف بالبلغة أنهم نزلت عليهم مائدة من السماء فأكلوا منها سبعة أيام قال و حديث المائدة و نزولها عليهم مذكور في سائر الكتب ثم قال السيد روى أخطب خوارزم حديث المائدة في كتابه و روى الواحدي حديث نزول السورة كما مر في تفسيره. أقول و روى الزمخشري أيضا في الكشاف نحوا من ذلك مع اختصار و كذا البيضاوي
و روى ابن بطريق في العمدة بإسناده عن الثعلبي عن الحسن بن أحمد الشيباني العدل عن أبي حامد أحمد بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب عن أحمد بن حماد المروزي عن محبوب بن حميد القصري عن القاسم بن مهران عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال و أخبرنا عبد الله بن حامد عن أحمد بن عبد الله المزني عن محمد بن أحمد الباهلي عن عبد الرحمن بن فهد بن هلال عن القاسم بن يحيى عن محمد بن الصائب عن أبي صالح عن ابن عباس قال أبو الحسن بن مهران و حدثني محمد بن زكريا البصري عن شعيب بن واقد المزني عن القاسم بن مهران عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس مثل ما مر إلى قوله ثم هبط جبرئيل بهذه الآيات
ثم قال و زاد محمد بن علي صاحب الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف بالبلغة أنهم نزل عليهم مائدة من السماء فأكلوا منها سبعة أيام و نزولها عليهم مذكور في سائر الكتب ثم ساق الحديث في تفسير الآيات إلى آخر ما مر في رواية الصدوق رحمه الله
7- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ أبو القاسم العلوي عن فرات بن إبراهيم معنعنا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ع قال مرض الحسن و الحسين ع مرضا شديدا فعادهما سيد ولد آدم محمد ص و عادهما أبو بكر و عمر فقال عمر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع يا أبا الحسن إن نذرت لله نذرا واجبا فإن كل نذر لا يكون لله فليس فيه وفاء فقال علي بن أبي طالب ع إن عافى الله ولدي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام متواليات و قالت الزهراء ع مثل ما قال زوجها و كانت لهما جارية بربرية تدعى فضة قالت إن عافى الله سيدي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام و ساق الحديث نحوا مما مر إلى أن قال و إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع أخذ بيد الغلامين و هما كالفرخين لا ريش لهما يرتعشان من الجوع فانطلق بهما إلى منزل النبي ص فلما نظر إليهما النبي ص اغرورقت عيناه بالدموع و أخذ بيد الغلامين فانطلق بهما إلى فاطمة الزهراء ع فلما نظر إليها رسول الله ص و قد تغير لونها و إذا بطنها لاصق بظهرها انكب عليها يقبل بين عينيها و نادته باكية وا غوثاه بالله ثم بك يا رسول الله من الجوع قال فرفع رأسه إلى السماء و هو يقول اللهم أشبع آل محمد فهبط جبرئيل فقال يا محمد اقرأ قال و ما أقرأ قال اقرأ إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً إلى آخر ثلاث آيات ثم إن أمير المؤمنين ع مضى من فوره ذلك حتى أتى أبا جبلة الأنصاري رضي الله عنه فقال له يا أبا جبلة هل من قرض دينار قال نعم يا أبا الحسن أشهد الله و ملائكته أن شطر مالي لك حلال من الله و من رسوله قال لا حاجة لي في شيء من ذلك إن يك قرضا قبلته قال فدفع إليه دينارا و مر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يتخرق أزقة المدينة ليبتاع بالدينار طعاما فإذا هو بمقداد بن الأسود الكندي قاعد على الطريق فدنا منه و سلم عليه و قال يا مقداد ما لي أراك في هذا الموضع كئيبا حزينا فقال أقول كما قال العبد الصالح موسى بن عمران عليه الصلاة و السلام رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ قال و منذ كم يا مقداد قال منذ أربع فرجع أمير المؤمنين ع مليا ثم قال الله أكبر الله أكبر آل محمد منذ ثلاث و أنت يا مقداد أربع أنت أحق بالدينار مني قال فدفع إليه الدينار و مضى حتى دخل على رسول الله ص رآه قد سجد فلما انفتل رسول الله ضرب بيده إلى كتفه ثم قال يا علي انهض بنا إلى منزلك لعلنا نصيب طعاما فقد بلغنا أخذك الدينار من أبي جبلة قال فمضى و
أمير المؤمنين مستحي من رسول الله ص و رسول الله ص رابط على بطنه حجرا من الجوع حتى قرعا على فاطمة الباب فلما نظرت فاطمة ع إلى رسول الله ص و قد أثر الجوع في وجهه ولت هاربة قالت وا سوأتاه من الله و من رسوله كأن أبا الحسن ما علم أن لم يكن عندنا شيء مذ ثلاث ثم دخل مخدعا لها فصلت ركعتين ثم نادت يا إله محمد هذا محمد نبيك و فاطمة بنت نبيك و علي ختن نبيك و ابن عمه و هذان الحسن و الحسين سبطا نبيك اللهم فإن بني إسرائيل سألوك أن تنزل عليهم مائدة من السماء فأنزلتها عليهم و كفروا بها اللهم فإن آل محمد لا يكفرون بها ثم التفتت مسلمة فإذا هي بصحفة مملوءة من ثريد و عراق فاحتملتها و وضعتها بين يدي رسول الله ص فأهوى بيده إلى الصحفة فسبحت الصحفة و الثريد و العراق فتلا النبي ص وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ثم قال يا علي كل من جوانب القصعة و لا تهدموا ذروتها فإن فيها البركة فأكل النبي و علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع و يأكل النبي ص و ينظر إلى علي ع متبسما و علي يأكل و ينظر إلى فاطمة متعجبا فقال له النبي ص كل يا علي و لا تسأل فاطمة الزهراء عن شيء الحمد لله الذي جعل مثلك و مثلها مثل مريم بنت عمران و زكريا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ يا علي هذا بالدينار الذي أقرضته لقد أعطاك الليلة خمسا و عشرين جزءا من المعروف فأما جزء واحد فجعل لك في دنياك أن أطعمك من جنته و أما أربعة و عشرون جزءا فذخرها لك لآخرتك
-8 فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ محمد بن إبراهيم معنعنا عن زيد بن ربيع قال كان رسول الله ص يشد على بطنه الحجر من الغرث يعني الجوع فظل يوما صائما ليس عنده شيء فأتى بيت فاطمة و الحسن و الحسين ع فلما أتى رسول الله تسلقا إلى منكبه و هما يقولان يا باباه قل لماماه تطعمنا ناناه فقال رسول الله ص لفاطمة أطعمي ابني قالت ما في بيتي شيء إلا بركة رسول الله قال فشغلهما رسول الله ص بريقه حتى شبعا و ناما فاقترضنا لرسول الله ثلاثة أقراص من شعير فلما أفطر رسول الله ص وضعناه بين يديه فجاء سائل و قال يا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة أطعموني مما رزقكم الله أطعمكم الله من موائد الجنة فإني مسكين فقال رسول الله ص يا فاطمة بنت محمد قد جاءك المسكين فله حنين قم يا علي و أعطه قال فأخذت قرصا فقمت فأعطيته و رجعت قد حبس رسول الله يده ثم جاء ثان فقال يا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة إني يتيم فأطعموني مما رزقكم الله أطعمكم الله من موائد الجنة فقال رسول الله ص يا فاطمة بنت محمد قد جاءك اليتيم و له حنين قم يا علي و أعطه قال فأخذت قرصا و أعطيته ثم رجعت و قد حبس رسول الله ص يده قال فجاء ثالث و قال يا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة إني أسير فأطعموني مما رزقكم الله أطعمكم الله من موائد الجنة قال فقال رسول الله ص يا فاطمة بنت محمد قد جاءك الأسير و له حنين قم يا علي فأعطه قال فأخذت قرصا و أعطيته و بات رسول الله ص طاويا و بتنا طاوين مجهودين فنزلت هذه الآية وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً
9- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عن الحسين بن سعيد بإسناده عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال صنع حذيفة طعاما و دعا عليا فجاء و هو صائم فتحدث عنده ثم انصرف فبعث إليه حذيفة بنصف الثريدة فقسمها على أثلاث ثلث له و ثلث لفاطمة و ثلث لخادمهم ثم خرج علي بن أبي طالب أمير المؤمنين فلقيته امرأة معها يتامى فشكت الحاجة و ذكرت حال أيتامها فدخل و أعطاها ثلثه لأيتامها ثم فجأه سائل و شكا إليه الحاجة و الجوع فدخل على فاطمة و قال هل لك في الطعام و هو خير لك من هذا الطعام طعام الجنة على أن تعطيني حصتك من هذا الطعام قالت خذه فأخذه و دفعه إلى ذلك المسكين ثم مر به أسير يشكو إليه الحاجة و شدة حاله فدخل و قال لخادمته مثل الذي قال لفاطمة و سألها حصتها من ذلك الطعام قالت خذه فأخذه فدفعه إلى ذلك الأسير فأنزل الله فيهم هذه الآية وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً إلى قوله وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً
10- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عن جعفر بن محمد معنعنا عن ابن عباس رضي الله عنه قوله تعالى وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ قال نزلت في علي و فاطمة و جارية لها و ذلك أنهم زاروا رسول الله ص فأعطى كل إنسان منهم صاعا من الطعام فلما انصرفوا إلى منازلهم جاء سائل يسأل فأعطى علي صاعه ثم دخل عليه يتيم من الجيران فأعطته فاطمة الزهراء ع صاعها فقال لها علي ع إن رسول الله ص كان يقول قال الله و عزتي و جلالي لا يسكن بكاءه اليوم عبد إلا أسكنته من الجنة حيث يشاء ثم جاء أسير من أسراء أهل الشرك في أيدي المسلمين يستطعم فأمر علي السوداء خادمهم فأعطته صاعها فنزلت فيهم الآية وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً
11- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عن جعفر بن محمد معنعنا عن جعفر بن محمد ع قوله تعالى يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ قال أبو جعفر ع ولاية علي بن أبي طالب ع
12- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عن محمد بن أحمد بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و فاطمة ع أصبحا و عندهم ثلاثة أرغفة فأطعموا مسكينا و يتيما و أسيرا فباتوا جياعا فنزلت فيهم ع
13- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ في تفسير أهل البيت ع أن قوله هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ يعني به عليا ع و تقدير الكلام ما أتى على الإنسان زمان من الدهر إلا و كان فيه شيئا مذكورا و كيف لم يكن مذكورا و إن اسمه مكتوب على ساق العرش و على باب الجنة و الدليل على هذا القول قوله إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ و معلوم أن آدم ع لم يخلق من النطفة
14- قل، ]إقبال الأعمال[ في ليلة خمس و عشرين من ذي الحجة تصدق أمير المؤمنين و فاطمة ع و في اليوم الخامس و العشرين منه نزلت فيهما و في الحسن و الحسين ع سورة هل أتى ثم ساق الحديث نحوا مما مر في خبر علي بن عيسى ثم روى نزول المائدة عن الثعلبي و الخوارزمي ثم قال و ذكر حديث نزول المائدة الزمخشري في الكشاف و لكنه لم يذكر نزولها في الوقت الذي ذكرناه قال عن النبي ص أنه جاع في قحط فأهدت له فاطمة ع رغيفين و بضعة لحم آثرته بها فرجع بها إليها فقال هلمي يا بنية و كشفت عن الطبق فإذا هو مملوء خبزا و لحما فبهتت و علمت أنها نزلت من عند الله فقال ص لها أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ فقال ص الحمد لله الذي جعلك شبيه سيدة نساء بني إسرائيل ثم جمع رسول الله ص علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين و جميع أهل بيته ع حتى شبعوا و بقي الطعام كما هو و أوسعت فاطمة ع على جيرانها
15- كشف، ]كشف الغمة[ أبو بكر بن مردويه قوله تعالى وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ نزل في علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع
بيان أقول بعد ما عرفت من إجماع المفسرين و المحدثين على نزول هذه السورة في أصحاب الكساء ع علمت أنه لا يريب أريب و لا لبيب في أن مثل هذا الإيثار لا يتأتى إلا من الأئمة الأخيار و أن نزول هذه السورة مع المائدة عليهم يدل على جلالتهم و رفعتهم و مكرمتهم لدى العزيز الجبار و أن اختصاصهم بتلك المكرمة مع سائر المكارم التي اختصوا بها يوجب قبح تقديم غيرهم عليهم ممن ليس لهم مكرمة واحدة يبدونها عند الفخار و أما تشكيك بعض النواصب بأن هذه السورة مكية فكيف نزلت عند وقوع القضية التي وقعت في المدينة فمدفوع بما ذكره الشيخ أمين الدين الطبرسي قدس الله روحه بعد أن روى القصة بطولها و نزول الآية فيها عن ابن عباس و مجاهد و أبي صالح حيث يقول. قال أبو حمزة الثمالي في تفسيره
حدثني الحسن بن الحسن أبو عبد الله بن الحسن أنها مدنية نزلت في علي و فاطمة ع السورة كلها
ثم قال حدثنا أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني القائني عن عبيد الله بن عبد الله الحسكاني عن أبي نصر المفسر عن عمه أبي حامد عن يعقوب بن محمد المقري عن محمد بن يزيد السلمي عن زيد بن أبي موسى عن عمرو بن هارون عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال أول ما أنزل بمكة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثم ذكر السور المكية بتمامها خمسا و ثمانين سورة قال ثم أنزلت بالمدينة البقرة ثم الأنفال ثم آل عمران ثم الأحزاب ثم الممتحنة ثم النساء ثم إذا زلزلت ثم الحديد ثم سورة محمد ص ثم الرعد ثم سورة الرحمن ثم هل أتى ثم الطلاق ثم لم يكن ثم الحشر ثم إذا جاء نصر الله ثم النور ثم الحج ثم المنافقون ثم المجادلة ثم الحجرات ثم التحريم ثم الجمعة ثم التغابن ثم سورة الصف ثم الفتح ثم المائدة ثم سورة التوبة فهذه ثماني و عشرون سورة
و قد رواه الأستاذ أحمد الزاهد بإسناده عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس في كتاب الإيضاح و زاد فيه و كانت نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ثم يزيد الله فيها ما يشاء بالمدينة
و بإسناده عن عكرمة و الحسن بن أبي الحسن البصري أنهما عدا هل أتى فيما نزلت بالمدينة بعد أربع عشرة سورة
و بإسناده عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب ع أنه قال سألت النبي ص عن ثواب القرآن فأخبرني بثواب سورة سورة على نحو ما نزلت من السماء و ساق الحديث إلى أن عد سورة هل أتى في السور المدنية بعد إحدى عشرة سورة
انتهى. و أما ما ذكره معاند آخر خذله الله بأنه هل يجوز أن يبالغ الإنسان في الصدقة إلى هذا الحد و يجوع نفسه و أهله حتى يشرف على الهلاك فقد بالغ في النصب و العناد و فضح نفسه و سيفضحه الله على رءوس الأشهاد أ لم يقرأ قوله تعالى وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ أ و لم تكف هذه الأخبار المتواترة في نزول هذه السورة الكريمة دليلا على كون ما صدر عنهم فضيلة لا يساويها فضل و أما ما يعارضها من ظواهر الآيات فسيأتي عن الصادق ع وجه الجمع بينها حيث قال ما معناه كان صدور مثل ذلك الإيثار و نزول تلك الآيات في صدر الإسلام ثم نسخت بآيات آخر و سيأتي بسط القول في ذلك في كتاب مكارم الأخلاق