الآيات المائدة ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ وَ لكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. تفسير ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ قال الطبرسي رحمه الله يريد ما حرمها على ما حرمها أهل الجاهلية و لا أمر بها و البحيرة هي الناقة التي كانت إذا نتجت خمسة أبطن و كان آخرها ذكرا بحروا أذنها و امتنعوا من ركوبها و نحرها و لا تطرد عن ماء و لا تمنع من مرعى فإذا لقيها المعيي لم يركبها عن الزجاج و قيل إنهم كانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن نظروا في البطن الخامس فإن كان ذكرا نحروه فأكله الرجال و النساء جميعا و إن كانت أنثى شقوا أذنها فتلك البحيرة ثم لا يجز لها وبر و لا يذكر عليها اسم الله إن ذكيت و لا يحمل عليها و حرم على النساء أن يذقن من لبنها شيئا و لا أن ينتفعن بها و كان لبنها و منافعها للرجال خاصة دون النساء حتى تموت فإذا ماتت اشترك الرجال و النساء في أكلها عن ابن عباس و قيل إن البحيرة بنت السائبة عن محمد بن إسحاق وَ لا سائِبَةٍ و هي ما كانوا يسيبونها فإن الرجل إذا نذر لقدوم من سفر أو لبرء من علة و ما أشبه ذلك فقال ناقتي سائبة فكانت كالبحيرة في أن لا ينتفع بها و أن لا تخلأ عن ماء و لا تمنع من رعى عن الزجاج و علقمة. و قيل هي التي تسيب للأصنام أي تعتق لها و كان الرجل يسيب من ماله ما يشاء فيجيء به إلى السدنة و هم خدمة آلهتهم فيطعمون من لبنها أبناء السبيل و نحو ذلك عن ابن عباس و ابن مسعود و قيل إن السائبة هي الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس فيهن ذكر سيبت فلم يركبوها و لم يجزوا وبرها و لا يشرب لبنها إلا ضيف فما نتجت بعد ذلك من أنثى شق أذنها ثم يخلى سبيلها مع أمها و هي البحيرة عن محمد بن إسحاق وَ لا وَصِيلَةٍ و هي في الغنم كانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم و إذا ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم فإن ولدت ذكرا و أنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم عن الزجاج و قيل كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن فإن كان السابع جديا ذبحوه لآلهتهم و لحمه للرجال دون النساء و إن كان عناقا استحيوها و كانت من عرض الغنم و إن ولدت في البطن السابع جديا و عناقا قالوا إن الأخت وصلت أخاها محرمة علينا فحرما جميعا و كانت المنفعة و اللبن للرجال دون النساء عن ابن مسعود و مقاتل و قيل الوصيلة الشاة إذا أتأمت عشر إناث في خمسة أبطن ليس فيها ذكر جعلت وصيلة فقالوا قد وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور دون الإناث عن محمد بن إسحاق وَ لا حامٍ و هو الذكر من الإبل كانت العرب إذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا قد حمى ظهره فلا يحمل عليه و لا يمنع من ماء و لا من مرعى عن ابن عباس و ابن مسعود و غيرهما و قيل إنه الفحل إذا لقح ولد ولده قيل حمى ظهره فلا يركب عن الفراء. أعلم الله أنه لم يحرم من هذه الأشياء شيئا قال المفسرون
روى ابن عباس عن النبي ص أن عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف كان قد ملك مكة و كان أول من غير دين إسماعيل فاتخذ الأصنام و نصب الأوثان و بحر البحيرة و سيب السائبة و وصل الوصيلة و حمى الحامي
قال رسول الله ص فلقد رأيته في النار تؤذي أهل النار ريح قصبه
و يروى يجر قصبه في النار وَ لكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ أي يكذبون على الله بادعائهم أن هذه الأشياء من فعل الله أو أمره وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ خص الأكثر بأنهم لا يعقلون لأنهم أتباع فهم لا يعقلون أن ذلك كذب و افتراء كما يعقله الرؤساء و قيل إن معناه أن أكثرهم لا يعقلون ما حرم عليهم و ما حلل لهم يعني أن المعاند هو الأقل منهم
1- معاني الأخبار، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى عن العباس بن معروف عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ قال إن أهل الجاهلية كان إذا ولدت الناقة ولدين في بطن واحد قالوا وصلت فلا يستحلون ذبحها و لا أكلها و إذا ولدت عشرا جعلوها سائبة و لا يستحلون ظهرها و أكلها و الحام فحل الإبل لم يكونوا يستحلونه فأنزل الله عز و جل أنه لم يكن يحرم شيئا من ذا
العياشي، عن محمد بن مسلم مثله
-2 المعاني، و قد روي أن البحيرة الناقة إذا نتجت خمسة أبطن فإن كان الخامس ذكرا نحروه فأكله الرجال و النساء و إن كان الخامس أنثى بحروا أذنها أي شقوه و كانت حراما على النساء و الرجال لحمها و لبنها فإذا ماتت حلت للنساء و السائبة البعيرة يسيب بنذر يكون على الرجال إن سلمه الله عز و جل من مرض أو بلغه منزله أن يفعل ذلك و الوصيلة من الغنم كان إذا ولدت الشاة سبعة أبطن فإن كان السابع ذكرا ذبح و أكل منه الرجال و النساء و إن كانت أنثى تركت في الغنم و إن كان ذكرا و أنثى قالوا وصلت أخاها فلم تذبح و كان لحومها حراما على النساء إلا أن يكون يموت منها شيء فيحل أكلها للرجال و النساء و الحام الفحل إذا ركب ولد ولده قالوا حمى ظهره و قد يروى أن الحام هو من الإبل إذا نتج عشرة أبطن قالوا قد حمى ظهره فلا يركب و لا يمنع من كلأ و لا ماء
3- العياشي، عن عمار بن أبي الأحوص قال قال أبو عبد الله ع البحيرة إذا ولدت ولد ولدها بحرت
4- تفسير علي بن إبراهيم، و أما قوله ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ فإن البحيرة كانت إذا وضعت الشاة خمسة أبطن ففي السادسة قالت العرب قد بحرت فجعلوها للصنم و لا تمنع ماء و لا مرعى و الوصيلة إذا وضعت الشاة خمسة أبطن ثم وضعت في السادسة جديا و عناقا في بطن واحد جعلوا الأنثى للصنم و قالوا وصلت أخاها و حرموا لحمها على النساء و الحام كان إذا كان الفحل من الإبل جد الجد قالوا حمى ظهره و سموه حام فلا يركب و لا يمنع ماء و لا مرعى و لا يحمل عليه شيء فرد الله عليهم فقال ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ إلى قوله وَ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ