1- فس، ]تفسير القمي[ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ قال ذاك أمير المؤمنين ع و معنى يشري نفسه أي يبذل
2- كشف، ]كشف الغمة[ مما أخرجه شيخنا العز المحدث الحنبلي الموصلي في قوله تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ نزلت في مبيت علي على فراش رسول الله ص و رواه أبو بكر بن مردويه أيضا و ذكر ابن الأثير في كتابه كتاب الإنصاف الذي جمع فيه بين الكاشف و الكشاف أنها نزلت في علي ع و ذلك حين هاجر النبي ص و ترك عليا في بيته بمكة و أمره أن ينام على فراشه ليوصل إذا أصبح ودائع الناس إليهم و قال الله عز و جل لجبرئيل و ميكائيل إني قد آخيت بينكما و جعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر فأيكما يؤثر أخاه فاختار كل منهما الحياة فأوحى الله إليهما أ لا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه و بين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه و يؤثره بالحياة اهبطا إليه فاحفظاه من عدوه فنزلا إليه فحفظاه جبرئيل ع عند رأسه و ميكائيل ع عند رجليه و جبرئيل يقول بخ بخ يا ابن أبي طالب من مثلك و قد باهى الله بك الملائكة
يف، ]الطرائف[ مد، ]العمدة[ عن الثعلبي مثله
3- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عبيد بن كثير عن هشام بن يونس عن محمد بن فضيل عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ قال نزل في علي بن أبي طالب ع حين بات على فراش رسول الله ص حيث طلبه المشركون
أقول روى ابن بطريق في المستدرك عن أبي نعيم بإسناده عن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس مثله
4- يف، ]الطرائف[ أحمد في مسنده في حديث طويل يرويه عن عمر بن ميمون في قوله وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي الآية قال و شرى على نفسه لبس ثوب رسول الله ثم نام مكانه قال و كان المشركون يتوهمون أنه رسول الله ص ثم قال فيه و جعل علي يرمى بالحجارة كما يرمى نبي الله ص و هو يتضور قد لف رأسه بالثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف رأسه فقالوا لما كان صاحبك كلما نرميه بالحجارة فلا يتضور قد استنكرنا ذلك
مد، ]العمدة[ بإسناده عن عبد الله بن أحمد عن أبيه عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن أبي بلح عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس مثله
بيان قال الجزري فيه أنه دخل على امرأة و هي تتضور من شدة الحمى أي تتلوى و تصيح و تنقلب ظهر البطن و قيل تتضور تظهر الضور بمعنى الضر يقال ضاره يضوره و يضيره
5- مد، ]العمدة[ بإسناده عن الثعلبي عن محمد بن عبد الله بن محمد القائني عن محمد بن عثمان النصيبي عن محمد بن الحسين بن صالح السبيعي عن أحمد بن محمد بن سعيد عن محمد بن منصور عن أحمد بن عبد الرحمن عن الحسن بن محمد بن فرقد عن الحكم بن ظهير عن السدي في قوله عز و جل وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ قال قال ابن عباس نزلت في علي بن أبي طالب حين هرب النبي ص من المشركين إلى الغار مع أبي بكر و نام علي على فراشه
6- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ نزل قوله تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ في علي ع حين بات على فراش رسول الله
رواه إبراهيم الثقفي و الفلكي الطوسي بالإسناد عن الحكم عن السدي و عن أبي مالك عن ابن عباس و رواه أبو المفضل الشيباني بإسناده عن زين العابدين ع و عن الحسن البصري عن أنس و عن أبي زيد الأنصاري عن أبي عمرو بن العلاء و رواه الثعلبي عن ابن عباس و السدي و معبد أنها نزلت في علي بين مكة و المدينة لما بات علي على فراش رسول الله ص
فضائل الصحابة عن عبد الملك العكبري و عن أبي المظفر السمعاني بإسنادهما عن علي بن الحسين ع قال أول من شرى نفسه لله علي بن أبي طالب ع كان المشركون يطلبون رسول الله ص فقام من فراشه و انطلق هو و أبو بكر و اضطجع علي ع على فراش رسول الله ص فجاء المشركون فوجدوا عليا ع و لم يجدوا رسول الله ص
الثعلبي في تفسيره و ابن عقب في ملحمته و أبو السعادات في فضائل العشرة و الغزالي في الإحياء و في كيمياء السعادة أيضا برواياتهم عن أبي اليقظان و جماعة من أصحابنا و من ينتمي إلينا نحو ابن بابويه و ابن شاذان و الكليني و الطوسي و ابن عقدة و البرقي و ابن فياض و العبدلي و الصفواني و الثقفي بأسانيدهم عن ابن عباس و أبي رافع و هند بن أبي هالة أنه قال رسول الله ص أوحى الله إلى جبرئيل و ميكائيل أني آخيت بينكما و جعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه فأيكما يؤثر أخاه فكلاهما كرها الموت فأوحى الله إليهما أ لا كنتما مثل وليي علي بن أبي طالب آخيت بينه و بين محمد نبيي فآثره بالحياة على نفسه ثم ظل أو رقد على فراشه يقيه بمهجته اهبطا إلى الأرض جميعا فاحفظاه من عدوه فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه و ميكائيل عند رجليه و جعل جبرئيل يقول بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب و الله يباهي بك الملائكة فأنزل الله وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ
7- الخصائص، للسيد الرضي رضي الله عنه بإسناده رفعه قال قال ابن الكواء لأمير المؤمنين ع أين كنت حيث ذكر الله نبيه و أبا بكر ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فقال أمير المؤمنين ع ويلك يا ابن الكواء كنت على فراش رسول الله ص و قد طرح علي برده فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها فلم يبصروا رسول الله ص حيث خرج فأقبلوا علي يضربوني بما في أيديهم فتنفط جسدي و صار مثل البيض ثم انطلقوا يريدون قتلي فقال بعضهم لا تقتلوه الليلة و لكن أخروه و اطلبوا محمدا قال فأوثقوني بالحديد و جعلوني في بيت و استوثقوا مني و من الباب بقفل فبينا أنا كذلك إذ سمعت صوتا من جانب البيت يقول يا علي فسكن الوجع الذي كنت أجده و ذهب الورم الذي كان في جسدي ثم سمعت صوتا آخر يقول يا علي فإذا الذي في رجلي قد تقطع ثم سمعت صوتا آخر يقول يا علي فإذا الباب قد تساقط ما عليه و فتح فقمت و خرجت و قد كانوا جاءوا بعجوز كمهاء لا تبصر و لا تنام تحرس الباب فخرجت عليها و هي لا تعقل من النوم
بيان قد مرت الأخبار في نزول تلك الآية في أمير المؤمنين ع في باب الهجرة و سيأتي في باب سبق هجرته ع أيضا. و روى العلامة في كشف الحق مثل ما رواه صاحب الإنصاف عن الثعلبي و وجدته في أصل تفسيره أيضا و روى الشيخ الطبرسي عن السدي عن ابن عباس مثله و روى الفخر الرازي و نظام الدين النيسابوري أنها نزلت في علي ع و قال الطبرسي رحمه الله و قال عكرمة نزلت في أبي ذر الغفاري و صهيب بن سنان لأن أهل أبي ذر أخذوا أبا ذر فانفلت منهم فقدم على النبي ص و أما صهيب فإنه أخذه المشركون من أهله فافتدى منهم بماله ثم خرج مهاجرا و روى الفخر و النيسابوري عن سعيد بن المسيب نزوله في صهيب أيضا. و لا يخفى على المنصف أن بعد نقل أعاظم المفسرين و المحدثين من الإمامية و المخالفين أنها نزلت في علي ع لا عبرة بإخفاء حثالة من متعصبي المتأخرين كالزمخشري و البيضاوي و اقتصارهم على رواية نزولها في صهيب و تركهم أبا ذر أيضا لحبه لأمير المؤمنين ع مع أنهم فسروا الشراء بالبيع و إعطاء المال فدية ليس بيعا للنفس بل اشتراء لها و الشراء بمعنى البيع أكثر استعمالا لا سيما في القرآن بل لم يرد فيه إلا بهذا المعنى كقوله تعالى وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ و قوله تعالى لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ و قوله عز و جل فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ و أيضا الأنسب بمقام المدح بيع النفس و بذلها في طلب رضا الله تعالى لا اشتراؤها و استنقاذها و استخلاصها فإن ذلك يفعله كل أحد مع أن راويها عكرمة و هو من الخوارج و سعيد بن المسيب و كان منحرفا عن أهل البيت ع حتى أنه لم يصل على علي بن الحسين ع كما سيأتي فلا عبرة بروايتهما سيما فيما إذا عارضت الأخبار الكثيرة المعتبرة ثم إنه استدل بها على إمامته ع لأن هذه الخلة الحميدة فضيلة جزيلة عظيمة لا يساويها فضل لأن بذل النفس في رضا الله تعالى أعلى درجات الكمال و قد مدح الله تعالى ذبيحه بتسلمه للقتل بيد خليله ع و هذا علي قد استسلم للقتل تحت مائة سيف من سيوف الأعادي و ليس لسائر الصحابة مثل تلك الفضيلة فهو أحق بالإمامة لأن تفضيل المفضول قبيح عقلا و أيضا يدل عليها قول جبرئيل ع له من مثلك فإنه يدل على انتفاء مثل له في العالم و لا أقل في أصحاب النبي ص فإذا ثبت فضله عليهم ثبتت إمامته بما مر من التقرير.
فائدة قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب الفصول لما أراد رسول الله ص الاختفاء من قريش و الهرب منهم إلى الشعب لخوفه على نفسه استشار أبا طالب رحمه الله فأشار به عليه ثم تقدم أبو طالب إلى أمير المؤمنين ع أن يضطجع على فراش رسول الله ص ليوقيه بنفسه فأجابه إلى ذلك فلما نامت العيون جاء أبو طالب و معه أمير المؤمنين ع فأقام رسول الله ص و اضطجع أمير المؤمنين ع مكانه فقال أمير المؤمنين يا أبتاه إني مقتول فقال أبو طالب
اصبرن يا بني فالصبر أحجى كل حي مصيره لشعوبقد بذلناك و البلاء شديد لفداء النجيب و ابن النجيبلفداء الأعز ذي الحسب الثاقب و الباع و الفناء الرحيبإن تصبك المنون فالنبل تترى فمصيب منها و غير مصيبكل حي و إن تملى بعيش آخذ من سهامها بنصيب
قال فقال أمير المؤمنين ع
أ تأمرني بالصبر في نصر أحمد فو الله ما قلت الذي قلت جازعاو لكنني أحببت أن تر نصرتي و تعلم أني لم أزل لك طائعاو سعيي لوجه الله في نصر أحمد نبي الهدى المحمود طفلا و يافعا
و قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعد تسليمه ذلك
وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى و من طاف بالبيت العتيق و بالحجررسول إله الخلق إذ مكروا به فنجاه ذو الطول الكريم من المكرو بت أراعيهم و هم يثبتونني و قد صبرت نفسي على القتل و الأسرو بات رسول الله في الشعب آمنا و ذلك في حفظ الإله و في ستر
أردت به نصر الإله تبتلا و أضمرته حتى أوسد في قبري
. ثم قال الشيخ رحمه الله و أكثر الأخبار جاءت بمبيت أمير المؤمنين ع على فراش رسول الله في ليلة مضى رسول الله إلى الغار و هذا الخبر وجدته في ليلة مضيه إلى الشعب و يمكن أن يكون قد بات ع مرتين على فراش الرسول و في مبيته ع حجج على أهل الخلاف من وجوه شتى. أحدها قولهم إن أمير المؤمنين ع آمن برسول الله ص و هو ابن خمس سنين أو سبع سنين أو تسع سنين ليبطلوا بذلك فضيلة إيمانه و يقولوا إنه وقع منه على سبيل التلقين دون المعرفة و اليقين إذ لو كانت سنه عند دعوة رسول الله ص على ما ذكروا له لم يكن أمره يلتبس عند مبيته على الفراش و يشتبه برسول الله حتى يتوهم القوم أنه هو يترصدونه إلى وقت السحر لأن جسم الطفل لا يلتبس بجسم الرجل الكامل فلما التبس على قريش الأمر في ذلك حتى ظنوا أن عليا ع رسول الله ص بائتا على حاله في مكانه و كان هذا أول الدعوة و ابتداءها و عند مضيه إلى الشعب دل على أن أمير المؤمنين عليا ع كان عند إجابته للرسول بالغا كاملا في صورة الرجال و مثلهم في الجسم أو يقاربهم و إن كانت الحجج على صحة إيمانه و فضيلته و أنه لم يقع إلا بالمعرفة لا يفتقر إلى ذكر هذا و إنما أوردناه استظهارا. و منها أن الله تعالى قص علينا في محكم كتابه قصة إسماعيل ع في تعبده بالصبر على ذبح أبيه إبراهيم ع ثم مدحه بذلك و عظمه و قال إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ
و قال رسول الله ص في افتخاره بآبائه أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل و عبد الله
و لعبد الله في الذبح قصة مشهورة يطول شرحها يعرفها أهل السير و إن أباه عبد المطلب فداه بمائة ناقة حمراء و إذا كان ما خبر الله به من محنة إسماعيل بالذبح يدل على أجل فضيلة و أفخر منقبة احتجنا أن ننظر في حال مبيت أمير المؤمنين ع على الفراش و هل يقارب ذلك أو يساويه فوجدناه يزيد في الظاهر عليه و ذلك أن إبراهيم ع قال لابنه إسماعيل إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فاستسلم لهذه المحنة مع علمه بإشفاق الوالد على الولد و رأفته به و رحمته له و أن هذا الفعل لا يكاد يقع من الوالد بولده بل لم يقع فيما مضى و لم يتوهم فيما يستقبل و كان هذا الأمر يقوى في ظن إسماعيل أن المقال من أبيه خرج مخرج الامتحان له في الطاعة دون تحقيق العزم على إيقاع الفعل فيزول كثير من الخوف معه و ترجى السلامة عنده و أمير المؤمنين ع دعاه أبو طالب إلى المبيت على فراش الرسول ص و فدائه بنفسه و ليس له من الطاعة عليه ما للأنبياء ع على البشر و لم يأمره بذلك عن وحي من الله عز و جل كما أمر إبراهيم ع ابنه و أسند أمره إلى الوحي. و مع علم أمير المؤمنين ع أن قريشا أغلظ الناس على رسول الله ص و أقساهم قلبا و ما يعرفه كل عاقل من الفرق بين الاستسلام للعدو المناصب و المبغض المعاند الذي يريد أن يشفي نفسه و لا يبلغ الغاية في شفائها إلا بنهاية التنكيل و غاية الأذى بضروب الآلام و بين الاستسلام للولي المحب و الوالد المشفق الذي يغلب في الظن أن إشفاقه يحول بينه و بين إيقاعه الضرر بولده إما مع الطاعة لله عز و جل بالمسألة و المراجعة أو بارتكاب المعصية ممن يجوز عليه ارتكاب المعاصي أو يحمل ذلك منه على ما قدمناه من الاختبار و التورية في الكلام ليصح له مطلوبه من الامتحان و إذا كان محنة أمير المؤمنين ع أعظم من محنة إسماعيل بما كشفناه ثبت أن الفضيلة التي حصل بها أمير المؤمنين ع ترجح على كل فضيلة لأحد من الصحابة و أهل البيت ع و بطل قول من رام المفاضلة بينه و بين أبي بكر من العامة و المعتزلة الناصبة له ع إذ قد حصل له ع فضل يزيد على الفضل الحاصل للأنبياء ع. و لعل قائلا يقول عند سماع هذا فكيف يسوغ لكم ما ادعيتموه في هذه المحنة و هو تعظيمها على محنة إسماعيل ع و ذاك نبي و هذا عندكم وصي و ليس يجوز أن يكون من ليس بنبي أفضل من أحد من الأنبياء ع فإنه يقال له ليس في تفضيلنا هذه المحنة على محنة إسماعيل ع تفضيل لأمير المؤمنين ع على أحد من الأنبياء و ذلك أن عليا و إن حصل له فضل لم يحزه نبي فيما مضى فإن الذي حاز به الأنبياء ع من الفضل الذي لم يحصل منه شيء لأمير المؤمنين ع يوجب فضلهم عليه و يمنع من المساواة بينه و بينهم أو تفضيله عليهم كما بيناه و بعد فإن الحجة إذا قامت على فضل أمير المؤمنين ع على نبي من الأنبياء و لاح على ذلك البرهان وجب علينا القول به و ترك الخلاف فيه و لم يوحشنا منه خلاف العامة الجهال و ليس في تفضيل سيد الوصيين و إمام المتقين و أخي رسول رب العالمين سيد المرسلين و نفسه بحكم التنزيل و ناصره في الدين و أبي ذريته الأئمة الراشدين الميامين على بعض الأنبياء المتقدمين أمر يحيله العقل و لا يمنع منه السنة و لا يرده القياس و لا يبطله الإجماع إذ عليه جمهور شيعته و قد نقلوا ذلك عن الأئمة من ذريته و إذا لم يكن فيه إلا خلاف الناصبة له أو المستضعفين ممن يتولاه لم يمنع من القول به. فإن قال قائل إن محنة إسماعيل أجل قدرا من محنة أمير المؤمنين ع و ذلك أن أمير المؤمنين قد كان عالما بأن قريشا إنما تريد غيره و ليس غرضها قتله و إنما قصدها
لرسول الله ص دونه فكان على ثقة من السلامة و إسماعيل ع كان متحققا لحلول الذبح به من حيث امتثل الأمر الذي نزل به الوحي فشتان بين الأمرين. قيل له إن أمير المؤمنين ع و إن كان عالما بأن قريشا إنما تقصد رسول الله دونه فقد كان يعلم بظاهر الحال و ما يوجب غالب الظن من العادة الجارية بشدة غيظ قريش على من فوتهم غرضهم في مطلبهم و من حال بينهم و بين مرادهم من عدوهم و من لبس عليهم الأمر حتى ضلت حيلتهم و خابت آمالهم إنهم يعاملونه بأضعاف ما كان في أنفسهم أن يعاملوا به صاحبه لتزايد حنقهم و حقدهم و اعتراء الغضب لهم فكان الخوف منهم عند هذه الحال أشد من خوف الرسول ص و اليأس من رجوعهم عن إيقاع الضرر به أقوى من يأس النبي ص و هذا هو المعروف الذي لا يختلف فيه اثنان لأنه قد كان يجوز منهم عند ظفرهم بالنبي ص أن تلين قلوبهم له و يتعطفوا بالنسب و الرحم التي بينهم و بينه و يلحقهم من الرقة عليه ما يلحق الظافر بالمظفور به فتبرد قلوبهم و يقل غيظهم و تسكن نفوسهم و إذا فقدوا المأمول من الظفر به و عرفوا وجه الحيلة عليهم في فوتهم غرضهم و علموا أنه بعلي ع تم ذلك ازدادت الدواعي لهم إلى الإضرار به و توفرت عليه فكانت البلية أعظم على ما شرحناه. و على أن إسماعيل ع قد كان يعلم أن قتل الوالد لولده لم تجر به عادة من الأنبياء و الصالحين و لا وردت به فيما مضى عبادة فكان يقوى في نفسه أنه على ما قدمناه من الاختبار و لو لم يقع له ذلك لجوز نسخه لغرض توجبه الحكمة أو كان يجوز أن يكون في باطن الكلام خلاف ما في ظاهره أو يكون تفسير المنام بضد حقيقته أو يحول الله تعالى بين أبيه و بين مراده بالاخترام أو شغل يعوقه عنه و لا محالة أنه قد خطر بباله ما فعله الله تعالى من فدائه و إعفائه من الذبح و لو لم يخطر ذلك بباله لكان مجوزا عنده إذ لو لم يجز في عقله لما وقع من الحكيم سبحانه
و على أنه متى تيقن الفعل تيقنه من مشفق رحيم و إذا تيقنه أمير المؤمنين ع تيقنه من عدو قاس حقود فكان الفصل بين الأمرين لا خفاء به على ذوي العقول